إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق13%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219932 / تحميل: 6913
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

والقرآن الكريم يقرر هذه الإتجاهات الثلاث في المسيحية، قال تعالى:

- وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ (سورة المائدة الآية ٧٢).

- لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ (سورة المائدة الآية ٧٣).

- مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (سورة المائدة ٧٥).

- مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ (سورة المائدة ١٧).

- وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ * وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ (سورة المائدة ٤٨ - ٤٩).

ومن أجل هذا كان نقل المسيحية من الوحدانية إلى التثليث، ونقل عيسى من رسول إلى إله، والقول بأن المسيحية رسالة عامة، والقول بأن عيسى ابن الله نزل ليضحي بنفسه للتكفير عن خطيئة البشر، وأنه عاد مرة أخرى إلى السماء ليجلس على يمين أبيه، كان هذا كله عملاً جديداً على المسيحية التي جاء بها عيسى.

كيف انتقلت المسيحية من حال إلى حال، ومن الذي قام بذلك ومتى؟ هذا ما سنحاول إبرازه فيما يلي:

ترتبط هذه الأمور بشخصية مهمة في المسيحية، هي شخصية شاؤول (بولس) ولذلك يرى الباحثون الغربيون أن المسيحية الحالية بهذه العناصر الجديدة من صنع هذا الرجل، ويقول إن بولس هو في الحقيقة مؤسس المسيحية، ويقول إن كثيراً من الثقات العصريين يعدونه المؤسس الحقيقي للمسيحية.

وبولس كما يقول عن نفسه (يهودي فريسي ابن فريسي على رجاء قيامة الأموات - أعمال الرسل ٢٣: ٦) وكان عدواً للمسيحيين، وهو في ذلك يقول (سمعتم بسيرتي قبلاً في الديانة اليهودية، إني كنت أضطهد كنيسة الله بإفراط وأتلفها، وكنت أتقدم في الديانة اليهودية على كثيرين من أترابي في جنسي، إذ كنت أوفر غيرة في تقليدات آبائي (غلاطية ١: ١٣ ١٤).

٢٠١

ويبدو أنه كان من وسائل بولس لتدمير المسيحية أن يحطم معتقداتها واتجاهاتها المقدسة، ووضع لذلك طريقة تكفل له الوقوف في وجه معارضيه عندما يظهر بأفكاره الجديدة، فادعى شاؤول أن السيد المسيح بعد نهايته على الأرض ظهر له وصاح فيه وهو فى طريقه إلى دمشق: لماذا تضطهدني فخاف شاؤول وصرخ: من أنت يا سيد؟ قال: أنا يسوع الذي تضطهده. قال شاؤول: ماذا تريد أن أفعل؟ قال يسوع: قم وكرز بالمسيحية. ويقول لوقا في ختام هذه القصة جملة ذات بال غيرت وجه التاريخ هي: وللوقت جعل يكرز فى المجامع بالمسيح أنه ابن الله (أعمال ٩: ٣ - ٣٠) انتهى.

- وقال أبو رية في أضواء على السنة المحمدية ص ١٨٩:

يعتقد المسيحيون أن المسيحعليه‌السلام قد ارتفع بجسمه بعد صلبه وأنه يجلس هناك مع أبيه. وعند الكاتوليكية الرومانية عقيدة جوهرية تقضي بأن أمه مريم العذراء قد ارتفعت هي الأخرى بجسدها إلى السماء وأنها لم تمت. ومنذ سبع عشرة سنة انعقد مجمع ديني مقدس برياسة البابا بيوس الثاني عشر بميدان القديس بطرس اشترك فيه ٣٥ كردينالاً ونحو ٥٠٠ بطريركا من جميع أنحاء العالم واحتشد له مليون مسيحي وقرر هذا المجمع هذه العقيدة الدينية، وقال إنها لا تقبل الجدل أو المناقشة ومن يناقشها أو يشك فيها يعتبر من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية ملحداً أو كافراً (يراجع جريدة الوفد المصري في ٣١ / ١٠، و١ و٢ و٣ /١١/١٩٥٠)

والأقباط المصريون جميعاً يؤمنون بهذه العقيدة وتحتفل كل طوائفهم في يوم ١٦ مسري من كل سنة، بعيد انتقال السيدة مريم بجسدها إلى السماء، ويطلقون على هذا الإحتفال اسم: عيد العذراء الكبير، وليس لأحد أن يعترض على هذه العقيدة أو يماري فيها، إذ مادام المسيحعليه‌السلام قد ارتفع إلى السماء وجلس بجوار أبيه، فإنه لا مانع من أن تصعد إليه أمه من بعده لتقيم وإياه مع الله في السماء، ويحيون جميعاً حياة طيبة في هناء وصفاء!

٢٠٢

وإليك هذه الكلمة الصغيرة ننقلها من كتاب العقيدة والشريعة للمستشرق الكبير جولد تسيهر ص ٤٢ و٤٣:

وهناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد، وأقوال للربانيين، أو مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية وأقوال من حكم الفرس والهنود، كل ذلك أخذ في الإسلام عن طريق (الحديث) حتى لفظ (أبونا) لم يعدم مكانه في الحديث المعترف به، وبهذا أصبحت ملكاً خالصاً للإسلام بطريق مباشر أو غير مباشر! وقد تسرب إلى الإسلام كنز (....) كبير من القصص الدينية حتى إذا ما نظرنا إلى المواد المعدودة في الحديث ونظرنا إلى الأدب الديني اليهودي، فإننا نستطيع أن نعثر على قسم كبير دخل الأدب الديني الإسلامي من هذه المصادر اليهودية. ولا نستقصي كل ما دخل الإسلام من المسيحيات. انتهى.

أول قنوات التشبيه والتجسيم والرؤية من اليهودية إلى الإسلام

ينبغي أن نعرف أن نظرة العرب في الجاهلية والإسلام إلى ثقافة اليهود كانت نظرة إيجابية، وأن الخليفة عمر قد تبنى سياسة الإنفتاح على هذه الثقافة، فسبب ذلك تأثيراً واسعاً على ثقافة الإسلام وعقائده.. لذلك نمهد للموضوع ببعض ما كتبناه في (تدوين القرآن) ص ٤٠٩ تحت عنوان (احترام عرب الجاهلية للثقافة اليهودية):

(كان اعتداد العرب بقوميتهم ووثنيتهم في الجاهلية اعتداداً قوياً إلى حد التعصب، ولم يكونوا يحترمون اليهود كأمة ولكنهم كانوا يحترمون علماءهم وثقافتهم، ويرجعون إليهم في العديد من مسائل التاريخ والتنبؤ بالمستقبل والأمور الروحية. بل كان الكثير من عرب الجاهلية يعيشون حالة الإنهزام أمام الثقافة اليهودية لأن اليهود أصحاب كتاب سماوي وعلماء وأنبياء، والعرب أميون وثنيون، وإن بقيت عندهم بقايا من دين إبراهيم....

والشواهد على ذلك من مصادر التاريخ والتفسير والحديث والفقه كثيرة، نكتفي

٢٠٣

منها بالنص التالي الذي يدل على أن تأثيرات الثقافة اليهودية بقيت حتى بعد بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وحتى على ذهن زوجته عائشة وأبيها الخليفة أبي بكر!

روى مالك في الموطأ ج ٢ ص ٥٠٢ (عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية ترقيها! فقال أبو بكر: إرقيها بكتاب الله).

وقال في كتاب الأم للشافعي ج ٧ ص ٢٤١ (باب ما جاء في الرقية. سألت الشافعي عن الرقية؟

فقال: لا بأس أن يرقى الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله.

قلت: أيرقي أهل الكتاب المسلمين؟

فقال: نعم، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله.

فقلت: وما الحجة في ذلك؟

قال: غير حجة، فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكاً أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر إرقيها بكتاب الله.

فقلت للشافعي: فإنا نكره رقية أهل الكتاب.

فقال: ولم وأنتم تروون هذا عن أبي بكر، ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه. وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساءهم، وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا، أو أخف). انتهى.

ورواه البيهقي في سننه ج ٩ ص ٣٤٧، كما روى أن امرأة عبد الله بن مسعود كانت تذهب بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يهودي لرقية عينها.

وقال النووي في المجموع ج ٩ ص ٦٤ (فرع في جواز الرقية بكتاب الله تعالى وبما يعرف من ذكر الله.... وروى البيهقي بإسناده الصحيح عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: دخل أبو بكررضي‌الله‌عنه عليها وعندها يهودية ترقيها فقال: إرقيها

٢٠٤

بكتاب الله عز وجل. وبإسناده الصحيح عن الربيع بن سليمان قال سألت الشافعي عن الرقية....). انتهى.

يلاحظ على هذه الفتوى المجمع عليها عند إخواننا السنيين، أن الخليفة أبا بكر لم ينه عائشة عن هذا العمل، وإنما طلب من المرأة اليهودية باحترام أن ترقيها ببعض آيات القرآن، باعتبار أن ذلك أفضل من الأدعية التي تقرؤها من عندها، أو أراد منها أن تضم إلى أدعيتها آيات من القرآن ليكون ذلك أرجى لشفائها ابنته.. هذا إذا كان مقصوده بكتاب الله: القرآن، وإلا فيكون قصده: إرقيها بنص من التوراة، لا بدعاء من عندك!

وبذلك يتضح أن الشرط الذي شرطه الشافعي وغيره لما يجب أن يقرأه اليهودي أو النصراني في رقية المسلم لا أساس له في الرواية. وغاية ما يمكن استفادته منها أن الأحسن للمسلم أن يطلب من الكتابي أن يقرأ على مريضه شيئاً من القرآن.. خاصة أن الذي يكلف أحداً أن يرقي مريضه لا يملي عليه ماذا يقرأ عليه، لأنه لا يكلفه بالرقية إلا وهو يعتقد بأنه عبد صالح قريب إلى الله تعالى، فهو أعرف بما يقرأ عليه!

كما يلاحظ استغراب السائل لهذه الرواية والفتوى! فأجابه الشافعي بأن الرواية صحيحة ولم يصل إلينا إنكار أحد من الصحابة لعمل عائشة وإقرار أبي بكر. والقاعدة عند إخواننا أنه إذا فعل الصحابي شيئاً فهو جائز وحجة على غيره، إلا إذا عارضه صحابي آخر، ويشترط أن يكون الصحابي المعارض من الصحابة الذين تؤثر معارضتهم عند الإخوة السنيين.. فبعض الصحابة عندهم لا تضر معارضتهم مثل علي المظلوم، وبعضهم تضر!

... إن معرفة هذا الجو في الجزيرة من التأثر العام بثقافة اليهود، تمكننا من تفسير مواقف الخليفة عمر تجاه الثقافة اليهودية.. فقد كان من نشأته في مكة يحترم هذه الثقافة كثيراً قبل بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتدل عدة نصوص على أنه استمر على احترامها حتى وهو إلى جانب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم عندما صار خليفة.

٢٠٥

وبهذا نفهم سبب احترامه لكعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام.. وأمثالهم من اليهود الذين أعلنوا دخولهم في الإسلام.. وتميم الداري وأمثاله من النصارى الذين دخلوا في الإسلام.. وكذا ثقته بما عند علماء اليهود والنصارى من كتب وتاريخ وتنبؤات واستنتاجات عن المستقبل!

وينبغي للباحث في هذا الموضوع أن يعرف المقومات الأساسية لشخصية الخليفة عمر.. فهو أولاً، عربي معتز بقوميته إلى حد أنه يرى أن المخاطب بقوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..) هم العرب خاصة! قال السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٩٨ (وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب إن هذه الآية في الحجرات. إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، هي مكية وهي للعرب خاصة. الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب؟ وقوله: إن أكرمكم عندالله أتقاكم، قال: أتقاكم للشرك).

وعلى تفسير الخليفة فإن الآية لا تساوي بين العرب وغيرهم كما فهم منها المسلمون. ولعله لذلك أفتى بأنه لا ملك على عربي وبأن العرب لهم أن يتزوجوا من الأمم الأخرى ولكن ليس لهم أن يزوجوهم، لأن العربية لا كفؤ لها إلا العربي.. إلى آخر فتاواه وقراراته في هذا المجال.

وهو ثانياً: قرشي يحب قريش ويعتز بها اعتزازاً شديداً.. حتى بالطلقاء وقادة الأحزاب بعد انهزامهم وإسلامهم.. فيقول عن معاوية: كسرى العرب، وعن أبي سفيان: سيد العرب! بل يثقل عليه يوم فتح مكة أن يدخل أنصاري براية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتحدى قادة الأحزاب من قريش.. فقد روى البيهقي في سننه ج ١٠ ص ٢٢٨.... عن أنس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فقام أهلها سماطين ينظرون إلى رسول الله وإلى أصحابه، قال وابن رواحة يمشي بين يدي رسول الله، فقال ابن رواحة:

خلوا بني الكفار عن سبيله

فاليوم نضربكم على تنزيله

ضرباً يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

يا ربّ إني مؤمن بقيله

٢٠٦

فقال عمررضي‌الله‌عنه : يابن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله تقول الشعر!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه هذا أشد عليهم من وقع النبل! وروى نحوه الترمذي في سننه ج ٤ ص ٢١٧، وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٣٥

وعلى هذا الأساس يجب أن نعرف أن إعجاب الخليفة عمر بالثقافة اليهودية لا يتنافى في نظره مع عروبته وقرشيته بل يخدمهما.. وقد كان تقريبه لكعب الأحبار وتميم الداري وغيرهما، مشروطاً بأن يحترموا العرب وخاصة قريش.. فإن شعر منهم انتقاصاً للعرب أو قريش لم يتردد في اتخاذ الموقف الحاسم منهم.. وقد عنف كعب الأحبار وتميماً الداري أكثر من مرة.

إنها نظرة مركبة إلى اليهود من عناصر متعددة في ذهنية الخليفة، وقد نتجت عنها هذه السياسة المركبة مع اليهود، ومع أن فيها مواقف مضادة لهم، لكنها على العموم كانت ترضيهم.

وقد روت المصادر - المحبة للخليفة - مواقفه الدالة على هذه السياسة، وروت أن بعض مواقفه جاء على شكل اندفاع خطير منه لإدخال الثقافة اليهودية في الإسلام، فنهاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مرات متعددة عن ذلك.. ثم ذات يوم غضب غضباً شديداً ودعا المسلمين إلى اجتماع طارىَ ليحذرهم من خطورة ما يريده عمر وأصحابه.... إلى آخر ما ذكرناه هناك.

من أفكار كعب الأحبار في الرؤية والتشبيه والتجسيم

- وروى الطبري في تفسيره ج ٢٥ ص ٦

فقال كعب:.... سألت أين ربنا، وهو على العرش العظيم متكئ واضع إحدى رجليه على الأخرى، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة، ومن الأرض إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنه وكثافتها.... ثم قال: إقرؤوا إن شئتم: تكاد السموات يتفطرن من فوقهن!

٢٠٧

- وروى البغوي في معالم التنزيل ج ٤ ص ٤٦٠: قال كعب الأحبار: عليين هو قائمة العرش اليمين.

- وقال الصنعاني في تفسيره ج ٢ ص ٣٧: عن قتادة في قوله: قد أفلح المؤمنون، قال قال كعب: إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة: خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس الجنة بيده.... الخ.

- وقال الطبري في تفسيره ج ٧ ص ١٠٠: قال محمد لكعب: ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه فقال: كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد..

- فتح القدير للشوكاني ج ٤ ص ٥٦٠: عن ابن عمر قال: خلق الله أربعاً بيده: العرش وجنة عدن والقلم وآدم....

- وقال الطبري في تفسيره ج ١٨ ص ٢: عن ميسرة قال: لم يخلق الله شيئاً غير أربعة أشياء: خلق آدم بيده، وكتب الألواح بيده، والتوراة بيده، وغرس عدناً بيده.

- وقال البغوي في معالم التنزيل ٤ ص ٢٣٦: .... وكتاب مسطور، قال الكلبي: هو ما كتب الله بيده لموسى من التوراة، وموسى يسمع صرير القلم.

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٦: وأخرج ابن جرير عن أبي المخارق زهير بن سالم، قال قال عمر لكعب: ما أول شيء ابتدأه الله من خلقه فقال كعب: كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد، ولكن كتب بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا الله لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي.

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ١٢٠

وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال: خلق الله آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، ثم قال لسائر الأشياء كن فكان.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: كتب الله التوراة لموسى بيده، وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم في ألواح من زمرد، ليس بينه وبينه إلا الحجاب.

٢٠٨

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: إن الله لم يمس شيئاً إلا ثلاثة: خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: كتبت التوراة بأقلام من ذهب.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن المنذر عن حكيم بن جابر: قال أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئاً إلا ثلاثة أشياء: غرس الجنة بيده، وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة لموسى بيده.

وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال: خلق الله آدم بيده، وخلق جبريل بيده، وخلق القلم بيده، وخلق عرشه بيده، وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده، وكتب التوراة بيده.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن وكتبها بيده، بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور، وكتب به الألواح.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانوا يقولون كانت الألواح من ياقوتة، وأنا أقول إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب، كتبها الله بيده فسمع أهل السموات صريف القلم.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: كانت الألواح من زمرد أخضر، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.

وأخرج عبد بن حميد عن مغيث الشامي قال بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء: الجنة غرسها بيده، وآدم خلقه بيده، والتوراة كتبها بيده.

٢٠٩

كعب يدعي أن جنة عدن مسكن الله والأنبياء والخلفاء!

- روى السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٥٧

عن الحسن البصري أن عمر قال لكعب: ما عدن؟ قال: هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم عدل.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهدرضي‌الله‌عنه قال: قرأ عمررضي‌الله‌عنه على المنبر: جنات عدن، فقال: أيها الناس هل تدرون ما جنات عدن؟ قصر في الجنة له عشرة آلاف باب، على كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد.

- وروى في كنز العمّال ج ١٢ ص ٥٦٠ و٥٧٣

عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: حدثني يا كعب عن جنات عدن. قال: نعم يا أمير المؤمنين، قصور في الجنة لا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم عدل. فقال عمر: أما النبوة فقد مضت لأهلها، وأما الصديقون فقد صدقت الله ورسوله: وأما الحكم العدل فإني أرجو الله أن لا أحكم بشيء إلا لم آل فيه عدلاً، وأما الشهادة فأنى لعمر بالشهادة؟ ابن المبارك وأبو ذر الهروي في الجامع.

... عن كعب أن عمر بن الخطاب قال: أنشدك بالله يا كعب، أتجدني خليفة أم ملكاً؟ قال: بل خليفة. فاستحلفه، فقال كعب: خليفة والله، من خير الخلفاء، وزمانك خير زمان.

- وروى في الدر المنثور ج ٥ ص ٣٤٧

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادةرضي‌الله‌عنه .... في قوله تعالى: وأدخلهم جنات عدن، قال: إن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه قال: يا كعب ما عدن؟ قال: قصور من ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل.

- وروى في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٥٧

... فقال عمر بن الخطاب عند ذلك: ألا تسمع يا كعب ما يحدثنا به ابن أم عبد

٢١٠

عن أدنى أهل الجنة، ماله فكيف بأعلاهم؟! قال: يا أمير المؤمنين مالا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله كان فوق العرش والماء فخلق لنفسه داراً بيده فزينها بما شاء، وجعل فيها ما شاء من الثمرات والشراب، ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها، جبريل ولا غيره من الملائكة، ثم قرأ كعب: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين.. الآية، وخلق دون ذلك جنتين فزينهما بما شاء وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والإستبرق، وأراهما من شاء من خلقه من الملائكة، فمن كان كتابه في عليين نزل تلك الدار، فإذا ركب الرجل من أهل عليين في ملكه لم يبق خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه حتى أنهم ليستنشقون ريحه ويقولون واهاً هذه الريح الطيبة، ويقولون لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين.

فقال عمر: ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها! فقال كعب: ياأمير المؤمنين إن لجهنم زفرة ما من ملك ولانبي إلا يخر لركبتيه، حتى يقول إبراهيم خليل الله: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبياً إلى عملك لظننت أن لن تنجو منها!

- قال في معجم ما استعجم ج ٢ ص ٧٤

(الحثمة) بفتح أوله وإسكان ثانيه: صخرات بأسفل مكة، بها ربع عمر بن الخطاب، روى عنه مجاهد (أي عن عمر) أنه قرأ على المنبر (جنات عدن) فقال: أيها الناس، أتدرون ما جنات عدن؟ قصر في الجنة له خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين، لا يدخله إلا نبي، وهنيئاً لصاحب القبر، وأشار إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو صديق وهنيئاً لأبي بكر وأشار إلى قبره، أو شهيد، وأنى لعمر بالشهادة؟ وإن الذي أخرجني من منزلي بالحثمة قادر أن يسوقها إليّ. انتهى.

هذا، وقد ضعف الذهبي في ميزان الإعتدال ج ٢ ص ٩٨ زياد بن محمد الأنصاري أحد رواة هذا الحديث ولكن تضعيف هذا السند لا يعني تضعيفهم

٢١١

للحديث، لأنه روي عندهم بطرق أخرى ومضمونه عندهم صحيح. وقد تقدم توثيق الهيثمي لرواية السيوطي الثانية، وفي مشابهاتها صحيح عندهم. وسوف نذكر بقيتها في تفسير قوله تعالى (على العرش استوى) إن شاء الله. وقد تقدمت أحاديثهم في أن الفردوس هو مسكن الله تعالى وبعض الخلفاء....

- وروى الطبري في تفسيره ج ١٥ ص ٩٤

- عن أبي الدرداء، قال قال رسول الله (ص): إن الله يفتح الذكر في ثلاث ساعات بقين من الليل في الساعة الأولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظر فيه أحد غيره فيمحو ما يشاء ويثبت، ثم ينزل في الساعة الثانية إلى جنة عدن وهي داره التي لم ترها عين.. وهي مسكنه، ولا يسكن معه من بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء.. ثم ينزل في الساعة الثالثة إلى السماء الدنيا بروحه وملائكته. الخ.

- وروى السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٢٥٤

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحكم وصححه عن أبي أمامة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سلوا الله الفردوس فإنها سرة الجنة، وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش.

وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سألتم الله فاسألوه الفرودس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن.

- وقال عبد الرزاق في تفسيره ج ٢ ص ٣٧

عن قتادة في قوله: قد أفلح المؤمنون، قال قال كعب: إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة: خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس الجنة بيده، ثم قال للجنة تكلمي فقالت: قد أفلح المؤمنون، لما علمت فيها من كرامة الله لأهلها. انتهى. ورواه الطبري في تفسيره ج ١٨ ص ٦

٢١٢

وفي مصادر اخواننا روايات كثيرة عن صحابة وتابعين مثل أبي هريرة وأبي الدرداء وقتادة وغيرهم، وأصلها كلها عن كعب ووهب وأمثالهما من اليهود.

نموذج من علم كعب بالله تعالى

- الدر المنثور ج ٤ ص ٢٩٣

سأل عمر كعباً عن آيات أول سورة الحديد فقال: معناها إن علمه بالأول كعلمه بالآخر وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن. انتهى.

وهذا يدل على أن فكر كعب الأحبار سطحي وحشوي، لأن الآيات المسؤول عنها هي قوله تعالى(سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد: ١ ٣، وقد فسر كعب قوله تعالى(هو الأوّل والآخر....) بأنه يعلم الأول والآخر!

وقال كعب وعمر: يفضل من ربّه أو من عرشه أربع أصابع

- مجمع الزوائد ج ١ ص ٨٣

عن عمررضي‌الله‌عنه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: أدع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب تبارك وتعالى وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

- وقال في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ١٥٩: رواه أبو يعلى في الكبير ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن خليفة الهمذاني وهو ثقة.

- ورواه في كنز العمّال ج ١٠ ص ٣٧٣، وقال: (ع، وابن أبي عاصم، وابن خزيمة، قط في الصفات، طب في السنة، وابن مردويه، ص).

- ونحوه في كنز العمّال ج ٢ ص ٤٦٦، وقال: ابن مردويه خط ص. ونحوه في ج ٦ ص١٥٢ وقال الخطيب من طريق أبي إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة الهمداني.

٢١٣

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ٣٢٨

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي عاصم في السنة والبزار وأبويعلى وابن جرير وأبوالشيخ والطبراني وابن مردويه والضياء المقدسي في المختارة عن عمر أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أدع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب تبارك وتعالى وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله، ما يفضل منه أربع أصابع.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ٨٦

- عمر بن الخطاب: على العرش استوى، حتى يسمع له أطيط كأطيط الرحل.

- تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٩٥

... عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: على العرش استوى، قال: حتى يسمع أطيط كأطيط الرحل.

- وقال ابن الأثير في النهاية ج ١ ص ٥٤

الأطيط: صوت الأقتاب. وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها.... أي أنه ليعجز عن حمله وعظمته، إذ كان معلوماً أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله.

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ١ ص ٢١٩

ابن عمر: إن الله عز وجل ملأ عرشه يفضل منه كما يدور العرش أربعة أصابع بأصابع الرحمن عز وجل. انتهى.

ويلاحظ أنه جعل العرش أكبر من حجم الله تعالى بأربع أصابع مرة، وجعل الله تعالى أكبر من كرسيه بأربع أصابع بأصابع الرحمن مرة أخرى، وبما أن آدم في رواياتهم مخلوق على صورة الله تعالى وطوله ستون ذراعاً وفي بعضها سبعون ذراعاً، فتكون إصبع الرحمن أكثر من متر! سبحانه وتعالى عما يصفون، ونبرأ إليه وإلى رسوله من هذه المقولات، وقد تقدم أكثر منها في فصل بازار الأحاديث....

٢١٤

وقالوا: نبي الله داود يمسك بقدم الله تعالى وهو أعبد من جميع الأنبياء

- كنز العمّال ج ٢ ص ٤٨٨

من مسند عمررضي‌الله‌عنه . عن عمر قال: ذكر النبي صلي الله عليه وسلم: يوم القيامة فعظم شأنه وشدته، قال ويقول الرحمن لداودعليه‌السلام : مر بين يدي، فيقول داود: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي، فيقول: مر خلفي، فيقول: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي، فيقول خذ بقدمي، فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر، قال: فتلك الزلفى التي قال الله تعالى:وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ! انتهى. ورواه في كنز العمّال ج ٢ ص ٤٨٨ ورواه الشوكاني في فتح القدير ج ٤ ص ٥٨٣ والسيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ٣٠٥ عن ابن مردويه

- الدر المنثور ج ٥ ص ٢٩٧

وأخرج الديلمي عن عمررضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود.

- الدر المنثور ج ٥ ص ٣٠٥

وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيي قال حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد، فينادي المنادي داود فيسقى على رؤوس العالمين، فهو الذي ذكر الله:وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب !

وقالوا: عمر أفضل من داود لأنّه يصافح الله ويعانقه

- روى ابن ماجة في ج ١ ص ٣٨

... عن سعيد بن المسيب، عن (أبي بن) كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه، وأول من يأخذ بيده فيدخله الجنة! انتهى. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ٨٣

٢١٥

عبد الله بن عمر يؤكّد أحاديث أبيه

- سنن ابن ماجه ج ١ ص ٦٥: قال ابن عمر: سمعت رسول الله (ص) يقول: يدني المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع عليه كتفه.

- تفسير الطبري ج ١٢ ص ١٤: عبد الله بن عمر: قال سمعت نبي الله (ص) يقول يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كتفه..

- تفسير الطبري ج ٢٣ ص ١١٩: عن ابن عمر قال: خلق الله أربعة بيده: العرش وعدن والقلم وآدم..

- مصابيح البغوي ج ٣ ص ٤٩٧: عن ابن عمر أنه قال: قام رسول الله (ص) ثم ذكر الدجال. تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور.

- البعث والنشور للبيهقي ص ٢٥١: .... سمعت ابن عمر يحدث رفع الحديث إلى النبي (ص).... وأكرمهم على الله عز وجل من ينظر إلى وجه غدوةً وعشية.

- كنز العمّال ج ١٤ ص ٤٩٣: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ: وجوه يومئذ ناضرة ت، طب عن ابن عمر.

- العقد الفريد ج ٦ ص ٢٠٨: ومن حديث عبد الله بن عمر قال: العرش مطوق بحية والوحي ينزل في السلاسل.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ١ ص ٢١٤: ابن عمر: إن الله عز وجل كلم موسى بمائة ألف وعشرين ألفاً وثلاثمائة وثلاث عشر كلمة، فكان الكلام من الله والإستماع من موسى فقال: أي رب أنت الذي تكلمني أم غيرك؟ قال الله عز وجل: يا موسى أنا أكلمك لا رسول بيني وبينك.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٣ ص ٨٥: ابن عمر: عسى الله أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، يجلسني معه على السرير.

٢١٦

-فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ١٦٥: ابن عمر: لا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ١٢٨: ابن عمر: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، من البهاء والحسن ناظرة في وجه الله تعالى.

- وقال المنذري في الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٥٠٧: روي عن ابن عمر: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشياً. وروى نحوه في ج ٤ ص ٥٣٩ وص ٥٥١ وص ٥٥٢ وص ٥٥٣ وص ٥٥٦ ورواه الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٨٦ وص ١٢٥ وص ١٢٨

- وقال الديلمي في ج ٣ ص ٤٧٣: ابن عمر: لما كان في الليلة التي ولد فيها أبو بكر الصديق أقبل ربكم عز وجل على جنات عدن فقال: وعزتي وجلالي لا أدخلك إلا من أحب هذا المولود.

من روايات أبي موسى الأشعري وابنه

- قال السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ٢٥٤

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الفردوس مقصورة الرحمن، فيها خيار الأنهار والأثمار.

- وقال في الدر المنثور ج ١ ص ٣٢٧

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبوالشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال: الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل.

- تفسير الطبري ج ٣ ص ٧

وسع كرسيه السموات والأرض.... عن أبي موسى: قال الكرسي موضع القدمين. وعن السدي: والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه.

٢١٧

- صحيح البخاري ج ٨ جزء ٦ ص ١٨٥

عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه (أبي موسى الأشعري) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن. انتهى. ورواه البخاري في ج ٣ جزء ٦ ص ٥٦، وفي ج ٤ ص ٨٦، وفي ج ٨ ص ١٨٥ ومسلم ج ١ ص ١١٢ والدارمي ج ٢ ص ٣٣٣ ورواه أحمد ج ٤ ص ٤١١ كما في مسلم وكذا ابن ماجة ج ١ ص ٦٦ والحاكم ج ٢ ص ٣٩٢ والذهبي في سيره ج ٨ ص ٣٧٠

- ورواه أحمد في ج ٤ ص ٤١٦٢ وفيه (في جنة عدن وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن ثم تصدع بعد ذلك أنهاراً).

- وروى في ج ٤ ص ٤٠٠ وص ٤١١

عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الأشعري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً، في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون، ورباً قال عفان لكل زاوية. انتهى. يعني بالرب المسؤول عن أهله في كل زاوية من زوايا الخيمة!

- وروى أحمد رواية تدل على أن المقصود كثرة النساء في تلك الدرة الكروية الهائلة! قال في ج ٤ ص ٤١١: عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة، عرضها ستون ميلاً، في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم (عليهن) المؤمن.

- وروى أحمد روايات أخرى غير معقولة عن أبي موسى الأشعري في تجسيم الله تعالى والتكفير عن المسلمين المستحقين لدخول النار بغيرهم! قال في ج ٤ ص ٤٠٨: عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجمع الله عز وجل الأمم في صعيد يوم القيامة، فإذا بدا لله عز وجل أن يصدع بين

٢١٨

خلقه، مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون، فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار، ثم يأتينا ربنا عز وجل ونحن على مكان رفيع فيقول: من أنتم؟ فنقول: نحن المسلمون. فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا عز وجل. قال فيقول: وهل تعرفونه إن رأيتموه؟

فيقولون: نعم. فيقول: كيف تعرفونه ولم تروه؟! فيقولون: نعم إنه لا عدل له.

فيتجلى لنا ضاحكاً فيقول: أبشروا أيها المسلمون فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً!

وقال في ج ٤ ص ٤١٠ وص ٤١١ وص ٤١٨

عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة دفع إلى كل مؤمن رجل من أهل الملل، فقال له هذا فداؤك من النار!

عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب! إنما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل! قال أبو النضر بالزلازل والقتل والفتن!

- وروى أحمد عن أبي موسى في ج ٤ ص ٤١٤

عن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الميت يعذب ببكاء الحي عليه، إذا قالت النائحة واعضداه واناصراه واكاسباه، جبذ الميت وقيل له: أنت عضدها أنت ناصرها أنت كاسبها؟ فقلت: سبحان الله يقول الله عز وجل:ولا تزر وازرة وزر أخرى ! فقال: ويحك، أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا فينا كذب؟! فوالله ما كذبت على أبي موسى، ولا كذب أبو موسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم!

- وقال الديلمي في فردوس الأخبار ج ٥ ص ٣٦٨

أبو موسى: يتجلى ربنا ضاحكاً يوم القيامة حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجداً فيقول: إرفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة.

٢١٩

- البعث والنشور للبيهقي ص ٢٦٢

سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصره يقول: إن الله عز وجل يبعث يوم القيامة ملكاً إلى أهل الجنة فيقول.... قد بقي شيء إن الله يقول: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال ألا إن الحسنى الجنة، وزياده: النظر إلى وجه الله.

وقال الجرجاني وغيره: أطيط العرش فكرة يهودية

- شرح المواقف للجرجاني ص ١٩

المقصد الأول: أنه تعالى ليس في جهة من الجهات ولا في مكان من الأمكنة، وخالف فيه المشبهة وخصصوه بجهة الفوق اتفاقاً، ثم اختلفوا فيما بينهم فذهب أبو عبد الله محمد بن كرام إلى أن كونه في الجهة ككون الأجسام فيها، وهو أن يكون بحيث يشار إليه أنه هاهنا أو هناك، قال: وهو مماس للصفحة العليا من العرش ويجوز عليه الحركة والإنتقال وتبدل الجهات، وعليه اليهود حتى قالوا العرش يئط من تحته أطيط الرحل الجديد تحت الركب الثقيل، وقالوا إنه يفضل على العرش من كل جهة أربعة أصابع، وزاد بعض المشبهة كمضر وكهمس وأحمد الهجيمي أن المخلصين من المؤمنين يعانقونه في الدنيا والآخرة! ومنهم من قال هو محاذ للعرش غير مماس له، فقيل بعده عنه بمسافة متناهية، وقيل بمسافة غير متناهية!!....

التجسيم في مصادر إخواننا من روايات الحاخامات

من أقدم النصوص وأوسعها انتشاراً في مصادر إخواننا قصة الحاخام اليهودي التي رواها أهل الصحاح بروايات عديدة عن عبد الله بن عمر، ومفادها أن هذا الحاخام جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرض عليه عقيدة التجسيم، فصدق النبي قوله وضحك له حتى بدت نواجذهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقدروى البخاري في صحيحه ج ٦ ص ٣٣:

... عن عبد اللهرضي‌الله‌عنه قال جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

إبراز العضلات والضرب بالصمصام ، فلذلك لم يكن بدّاً لأمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ الصبر أمام هذا الانحراف والتنازل عن الحقّ ، مادام في ذلك حفظ بيضة الإسلام ، وبقاء كلمة لا إله إلاّ الله على رؤوس الأشهاد ، ولمدى الأجيال.

والإمام عليعليه‌السلام هو ربيب البيت النبوي ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ربيب ربّه ، إذ الله الذي قام بتربيته وتأديبه ، فعلي ينتهي أدبه وتعليمه إلى الله تعالى ، وحاشاه أن يجبن أو يضعف ، لكن الظروف حكمته ، والمجتمع المنحرف خان به ، فلذلك لم يكن له طريق غير الصبر ، كما أشار إليه في خطبته الشقشقية : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

فالمسألة تحتاج قبل الحكم عليها إلى تأمّل ودراسة ، ولا يكفي الجلوس خلف المنضدة وقراءة كتاب أو كرّاس ، ثمّ الحكم على وقائع تاريخية مرّ عليها أربعة عشر قرناً ، فإنّ العاقل الباحث لا يفعل ذلك ، بل التأمّل ودراسة الأحداث بموضوعية هو الحلّ الوحيد.

فهناك مجتمع فتي في أوّل نشأته وأوّل ظهوره بعد جاهلية عمياء طالت قروناً من الزمن ، وهذا المجتمع الناشئ فيه الكثير من المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، ومن حوله من الأعداء الذين يتربّصون به السوء ، وعليعليه‌السلام لا ترتضيه قريش والقبائل الحليفة بها ، لأنّه ضرب خراطيمهم حتّى اسلموا ، وهو الذي أذلّهم بعد عزّتهم ، وهو الذي قتل فرسانهم ورجالاتهم ، ففي أنفسهم عليه الأحقاد ، كما أشار عمر بن الخطّاب إلى ذلك ، فعلى ذلك لا مفرّ من ركوب أمرين لا ثالث لهما.

إمّا أن يقاتلعليه‌السلام على حقّه الشرعي ، وفي ذلك تحطيم للمجتمع الذي جهد النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لبنائه طيلة(١) ( ٢٣ ) سنة ، لأنّ المنافقين وممّن حول المدينة سيجدون في اضطراب أهل المدينة الفرصة لتحقيق أهدافهم ، التي يصبون إليها

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٤٠١

منذ سنين ، وبالتالي سيؤدّي ذلك إلى ذهاب الإسلام ، وذهاب الحقّ الشرعي العلوي معه.

وإمّا أن يصبر على الظلم ، ويكون بذلك حقّق شيئاً وخسر شيئاً ، حقّق بقاء الإسلام ، وأغلق الباب أمام المنافقين للانقلاب على المجتمع الإسلامي ، وخسر خلافته ومنصبه الإلهي الذي كان به يحمل الناس على طاعة الله تعالى.

فالطريق الثاني ـ وهو الصبر ـ أولى ، لأنّ فيه بقاء الإسلام الذي نافح وكافح عليعليه‌السلام طيلة حياته في تشييد دعائمه وإقامة أركانه ، خلافاً للطريق الأوّل ـ وهو القيام والمطالبة بالحقّ ـ فإنّ في ذلك هدم الإسلام ، وفتح الباب للمنافقين وغيرهم لضرب المجتمع الإسلامي ، وهذا ما يكون فيه الوبال على الإسلام والمسلمين ، الذين منهم عليعليه‌السلام ، فلذلك قال : «فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى »(١) ، أي الصبر على غصب الخلافة ، وتحمّل الظلم أرجح عقلياً ، وأشدّ صواباً.

( سامي عبد الله ، اليمن ـ زيدي ـ ٢٠ سنة ـ طالب دراسات عليا )

بحديث صحيح السند :

س : إذا كان هناك نصّاً من النبيّ على الاثني عشر بأسمائهم فأعطونيه ، ولو من كتبكم ، ولو نصّاً واحداً ، بشرط أن يكون من الكتب والمصادر التي كتبت قبل عصر الغيبة ، وشكراً.

ج : قد صنّف غير واحد من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام كتاباً في الأئمّة ، وفي خصوص الثاني عشر المهدي وغيبته ـ على أساس الروايات والأخبار الواردة ـ وقد وصلنا بعض تلك الكتب ، ومنها كتاب الفضل بن شاذان النيسابوري من أصحاب الإمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام ، واسمه كتاب الغيبة ، وإليك نصّ روايةٍ واحدةٍ من رواياته الصحيحة :

الفضل بن شاذان ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩.

٤٠٢

وعن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لما عرج بي إلى السماء بلغت سدرة المنتهى ناداني ربّي جلّ جلاله فقال : يا محمّد ، فقلت : لبيك لبيك يا ربّ.

قال : ما أرسلت رسولاً فانقضت أيّامه إلاّ أقام بالأمر بعده وصيّه ، فأنا جعلت علي بن أبي طالب خليفتك وإمام أُمّتك ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ الحجّة بن الحسن.

يا محمّد ، ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، فإذا بأنوار علي والحسن والحسين ، وتسعة أولاد الحسين ، والحجّة في وسطهم يتلألأ كأنّه كوكب درّي.

فقال الله تعالى : يا محمّد ، هؤلاء خلفائي وحججي في الأرض ، وخلفاؤك وأوصياؤك من بعدك ، فطوبى لمن أحبّهم ، والويل لمن أبغضهم ».

( عبد الله أحمد حمادي ـ اليمن ـ )

إشكالات حوله وردّها :

س : هناك بعض الإشكالات آملاً منكم الردّ عليها ، وهي كالتالي :

١ ـ مع وجود نصّ مشهور ينصّ على أسماء الأئمّة ، لماذا وكيف كان أصحاب الإمام من الخواص يسألونه من بعدك؟ فيجيبهم باسم الذي بعده؟

٢ ـ كيف جهلت الشيعة وأبو الأديان خادم الحسن العسكري ، والنفر الذين قدموا من قم ، أنّ جعفر ليس هو الإمام ، إذ أنّهم عزّوه وهنّأوه بالإمامة ، ثمّ عرفوا عدم استحقاقه فيها بعد ، مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة ، وعلى اسم الإمام الذي بعد الحسن العسكري؟

٣ ـ لماذا يدعو الإمام شهوداً ليعرفوا إلى من أوصى؟ مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة؟ ومع أنّ الإمام الذي بعده يستطيع أن يقيم معجزته أو يظهر علم الغيب ، إذا ما أحد أنكر إمامته ، أو يثبت له تواتر الحديث الذي ينصّ على أسماء الأئمّة؟

٤٠٣

ج : إنّ الأئمّةعليهم‌السلام لا يكتفون في الاستدلال على إمامتهم بطريق واحد ، بل يلجأون إلى كُلّ طريقة تنفع لإثبات حقّهم ، من اشهاد الشهود ، أو الاستدلال بالأحاديث التي وردت عن آبائهم المعصومين ، أو إظهار المعجزة إن اضطرّه الموقف لذلك ، وهذا يختلف باختلاف الناس ومراتبهم وعلمهم ، فهم يكلّمون الناس على قدر عقولهم.

أمّا النصوص الوارد بأسماء الأئمّة جميعاً ، فهي نصوص كانت تتداول عند مجموعة من الرواة ، ولا يخفى ما يتعرّض له الراوي عن الأئمّة من الخوف والمطاردة والمحاسبة من قبل حكّام تلك العصور ، وحتّى لو كان هؤلاء الرواة يسعون إلى نشرها ، فإنّها لا يمكن أن تصل إلى أكثر من مجموعة قليلة من الناس ، بحسب الظروف في ذلك الزمان ، وتبقى الفئة الكبيرة من الناس تطلب معرفة الإمام من الإمام الذي قبله.

كما إنّ كثيراً من رواة الحديث كانوا يعرضون ما عندهم من الروايات عن إمام سابق على الإمام اللاحق ، ويسألونه عن روايات هي موجودة عندهم ، وذلك ليتأكّدوا من صحّتها أو عدم حصول البداء فيها.

أمّا ما يتعلّق بالشهود ، فهو بالإضافة إلى ما ذكر من أنّه طريق لزيادة بصيرة ومعرفة الناس بالإمام ، هو لإتمام الحجّة على الناس ، لأنّ الإمام يعلم أنّ بعضهم سوف ينحرف عن الحقّ.

فقد روى الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده عن الحسن بن عليعليهما‌السلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله عزّ وجلّ »(١) ، وليس هذا بالغريب ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع كثرة النصوص التي قالها في حقّ الإمام عليعليه‌السلام تراه يُشهد الأُمّة كاملة في يوم الغدير بالنصّ على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

__________________

١ ـ ثواب الأعمال وعقابها : ٩٠.

٤٠٤

النصب والنواصب :

( ـ ـ )

معنى الناصبي :

س : من أنكر حقّ من حقوق أمير المؤمنين عليه‌السلام ، هل يعتبر ناصبياً؟ حتّى وإن لم يكن من المعلنين لعداوة أهل البيت عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الناصبي هو من ثبت عداؤه لأهل البيتعليهم‌السلام بالقول أو الفعل ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، أمّا من ودّهم ولم يتّبع طريقتهم الفقهية والعقائدية ، ولكن لا يظهر لهم العداء ، لا يعتبر ناصبيّاً بالاصطلاح.

ولكن ربّ إنسان يدّعي المودّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن يحارب منهجهم وطريقتهم وأتباعهم ، فهذا ناصبي وإن ادّعى المودّة لهم.

( محمّد علي الشحي ـ الإمارات ـ سنّي ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

معنى العامّة ومعنى النواصب :

س : هناك فئة من الناس تسمّونهم العامّة أو النواصب ، فمن هؤلاء؟

ج : إنّ العامّة الذين يطلق عليهم هذا المصطلح هم من يتعاملون مع الأُمور دون عمق ، وبشكل سطحي ساذج ، أي غير عميقين في تفكيرهم ، وغير دقيقين في معرفتهم للواقع ، ويتعاملون مع كثيرٍ من المعطيات بشكل بسيط غير واقعي ولا حصيف ، مع أنّ الواقع أمامهم غير خفي ، والشواهد كثيرة غير قليلة ، ومع

٤٠٥

ذلك فهم يتعاملون مع هذه الأُمور بشكل بسيط لا يوصلهم إلى حقائق الأُمور ووقائعها ، ويأخذون كُلّ ما قيل ويقال دون تحكّم العقل والبرهان.

أمّا النواصب : فهم الذين ينصبون العداء لآل محمّدعليهم‌السلام ، أي يبغضون علي ابن أبي طالب وأولاده ، ويحاولون أن يتربّصوا بهم وبشيعتهم كُلّ سوء ، وهذا لا ينطبق على مسلم يقرّ لله بالوحدانية وللنبي بالشهادة ، وهو مع ذلك يبغض آل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

أعاذنا الله وإيّاكم من هؤلاء الذين نصبوا العداء لله ولرسوله ، ولآل بيت النبيّ الأطهارعليهم‌السلام ، ووفّقنا وإيّاكم لحبّهم والالتزام بنهجهم.

( نجيب العجمي ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

النواصب كفّار وإن صلّوا وصاموا :

س : عندي استفسار عن مدى صحّة الروايات التالية :

١ ـ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوّار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عشية عرفة » ، قال : قلت : قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال : « نعم » , قلت : وكيف ذاك؟ قال : « لأنّ في أُولئك أولاد زنى ، وليس في هؤلاء أولاد الزنا »(١) ، سبحان الله كُلّ الناس أولاد زنا؟

٢ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا »(٢) .

٣ ـ جاء في الأنوار النعمانية : روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ علامة النواصب تقديم غير علي عليه » ويؤيّد هذا المعنى : أنّ الأئمّة عليهم‌السلام وخواصّهم أطلقوا لفظ

__________________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٨٥.

٢ ـ الأنوار النعمانية ٢ / ٣٠٧.

٤٠٦

الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله ، مع أنّ أبا حنيفة لم يكن ممّن نصب العدواة لأهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان له انقطاع إليهم ، وكان يظهر لهم التودّد

الثاني : في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ـ يعني بالنواصب أهل السنّة ـ(١) .

٤ ـ جاء في نور البراهين : وأمّا طوائف أهل الخلاف على هذه الفرقة الإمامية ، فالنصوص متضافرة في الدلالة على أنّهم مخلّدون في النار

وروى المحقّق الحلّي في آخر السرائر مسنداً إلى محمّد بن عيسى قال : « كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت ، واعتقاد إمامتهما؟ ـ والمقصود بالجبت والطاغوت هما أبا بكر وعمر ـ فرجع ج : من كان على هذا فهو ناصب »(٢) .

الجواب : فقد ذكرت أربعة كتب رأيت فيها ما استفزّك حين أشكل عليك أمر ما رأيت ، ولعلّك ظننت أنّ كُلّ كتاب ما ضمّ بين دفتيه هو حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وليس الأمر كذلك ، فكُلّ كتاب تراه لشيعي أو سنّي أو غيرهما ، يُؤخذ منه ويُقبل ما فيه إذا لم يعارض كتاب الله وسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولمّا كان كتاب الله تعالى ثابتاً بالتواتر عند جميع المسلمين ، فلسنا بحاجة إلى بحث ثبوته ، ولكن سنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ترد كذلك ، بل نقلت أحاديثها عن طريق الإسناد ، وفي رجاله ربما كان من لا تُقبل روايته ، لجهة من جهات الرفض المذكورة في كتب الدراية وغيرها ، لذلك يلزمنا النظر في رجال السند أوّلاً ، فإن سلّم نظرنا إلى المتن لئلا يكون معارضاً لما صحّ وثبت من كتاب الله تعالى ، أو لضروري من ضروريات العقيدة الإسلامية ، ممّا أجمع عليه المسلمون ، لأنّ الحديث النبوي الشريف تعرّض لدخيل فيه أباطيل ، وكذلك ما ورد عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

لذلك كان الشيعة أقوم قيلاً حين أخضعوا جميع الأحاديث والأخبار للنظر سنداً ومتناً ، بخلاف أهل السنّة الذين أطّروا بعض الكتب الحديثية ـ كصحيح

__________________

١ ـ نور البراهين ١ / ٥٧.

٢ ـ مقدّمة فتح الباري : ٩.

٤٠٧

البخاري ومسلم وغيرهما ـ بما جاوز الحدّ ، حتّى غلوا في صحيح البخاري ، فقالوا : أنّه أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، وأنّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ، ونحو ذلك في غيره من كتب الصحاح عندهم ، وهذا ما جعلهم في حيرة حين وجدوا في البخاري ومسلم ـ فضلاً عن غيرهما ـ رجالاً ليسوا بأهل للرواية عنهم.

وعليك أن تراجع مقدّمة فتح الباري لابن حجر لتجد أنّ المتكلّم فيه بالضعف من رجال البخاري ثمانون رجلاً ، والمتكلّم فيه بالضعف من رجال مسلم مئة وستّون رجلاً(١) .

أمّا الشيعة فقد قالوا : سائر الكتب ـ ما عدا القرآن الكريم ـ تخضع للفحص ، فما وافق كتاب الله تعالى فهو حقّ ، وما خالف فهو زخرف يضرب به عرض الجدار ، فإذا عرفت فلنذكر لك ما اشتبه عليك علمه ، وغلب عليك وهمه.

١ ـ ما ذكرته عن علي بن أسباط ، ففي سنده انقطاع ، وهو ما يسمّى بالمعضَل ، وجهالة الرواة فيما بين علي بن أسباط وبين أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهذا كاف في ردّه وعدم حجّيته ، ومع الإغماض عمّا في سنده ، فالمراد أُولئك الذين لم يأتوا بواجبات الحجّ كاملاً ، لأنّ من واجباته طواف النساء ، ومن لم يأت به حرمت عليه النساء ، وبعض المذاهب لا يرون للحجّاج الإتيان به ، لذلك كانت مباشرتهم لنسائهم حرام ، ومن ولد من نكاح حرام فهو ولد زنا ، فهذا معنى قولهعليه‌السلام على تقدير صحّة الرواية سنداً.

وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام ، أنّ لعلي بن أسباط كتاب نوادر ، وكتبالنوادر أقلّ مرتبة في القبول من غيرها ، لأنّ ما يذكر في أبواب النوادر لا يعتمد عليه كما سيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الأجوبة ، وأخيراً لاحظ كتاب الخلاف للطوسيقدس‌سره حول طواف النساء ووجوبه عندنا.

__________________

١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢.

٤٠٨

٢ ـ ما ذكرته عن أبي حمزة ففي سنده مجهولان ، وهما : علي بن العباس والحسن بن عبد الرحمن ، وهذا يكفي في سقوط الاستدلال بالخبر ، ولو أغمضنا عن ذلك ورجعنا إلى المتن لوجدنا بقية الخبر ولم تذكره ، فيه بيان وتفسير لما استنكرت ، والخبر بنصّه كما في المصدر.

عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا » ، قلت : كيف لي بالمخرج من هذا؟

فقال لي : « يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدلّ عليه ، أنّ الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ، ثمّ قال عزّ وجلّ :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ، فنحن أصحاب الخمس والفيء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

والله يا أبا حمزة ، ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلاّ كان حراماً على من يصيبه فرجاً كان أو مالاً ، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد ، حتّى أنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه ، فلا يصل إلى شيء من ذلك ، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة ».

٣ ـ وما ذكرته عن الأنوار النعمانية ، فأوّل ما فيه أنّ النبوي المذكور مرسل ، فلا ندري من رواه ، وعمّن رواه ، لنعرف الحال في أُولئك الرجال ، والذي ذكره بعده فهو من اجتهاد المؤلّف ، فلا يعبّر إلاّ عن رأيه الشخصي ، ولا يلزمنا ذلك بشيء ، إذ لسنا مقلّدين له ، ورأيه كآراء غيره من الناس فمن ارتضاه قبله ، ومن لم يقبله رفضه.

٤ ـ وما ذكرته عن نور البراهين ، فإنّ مؤلّفه هو مؤلّف الأنوار النعمانية ، وللرجل اجتهادات شخصية لسنا ملزمين بها ، وما نقله عن المحقّق الحلّي في آخر

٤٠٩

السرائر ، فإنّ آخر السرائر هو باب النوادر ، ممّا استطرفه من كتب الآخرين ، فهو لا يعني التزامه بصحّة ما فيه كما صرّح بذلك في كتاب السرائر ، وإنّ ما يوجد في باب النوادر لا يعمل به.

هذا باختصار جواب ما ذكرته عن تلك الكتب ، والآن لزيادة الإيضاح والإفصاح كيلا تستوحش من وصف النواصب بالكفر ، أذكر لك جملة أحاديث نبوية مذكورة في مصادرها السنّية :

١ ـ أخرج الهيثمي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته وهو يقول : «أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً » ، فقلت : يا رسول الله وإن صام وصلّى؟

قال : «وإن صلّى وصام ، وزعم أنّه مسلم ، احتجر بذلك من سفك دمه ، وأن يؤدّي الجزية عن يد وهم صاغرون ، مثل لي أمّتي في الطين ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته » رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : من لم أعرفهم(١) .

أقول : لماذا لم يذكرهم؟ لئلا يوجد من يعرفهم.

٢ ـ أخرج الحاكم بإسناده عن ابن عباس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يا بني عبد المطلب ، إنّي سألت الله لكم ثلاثاً ، أن يثبّت قائمكم ، وأن يهدي ضالّكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، وسألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء ، فلو أنّ رجلاً صفن بين الركن والمقام فصلّى وصام ، ثمّ لقى الله وهو مبغض لأهل بيت محمّد دخل النار » ، هذا حديث حسن صحيح على شرط مسلم(٢) .

ورواه الطبري في ذخائر العقبى ، وابن أبي عاصم في كتاب السنّة ، والطبراني في المعجم الكبير ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال وغيرهم.

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٤٨.

٢ ـ الكشف والبيان ٨ / ٢١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٢٣ ، تفسير الثعالبي ٥ / ١٥٧ ، التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٢١٩.

٤١٠

٣ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكراً ونكيراً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة »(١) .

قال الفخر الرازي : « آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكُلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولاشكّ أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل »(٢) .

فبعد هذا عليك أن تميّز بين المحبّ لهم والمبغض لهم ، فالمحبّ مؤمن والمبغض كافر كما مرّ في الحديث ، فعلى هذا كان عدّ النواصب كفّاراً ، وإن صلّوا وصاموا كما مرّ في الحديث الأوّل ، ولو راجعت معاجم اللغة تجد تعريفهم بأنّهم قوم يبغضون الإمام عليعليه‌السلام .

قال الفيروز آبادي الشافعي : « والنواصب والناصبية وأهل النصب : المتدينون ببغضة علي ، لأنّهم نصبوا له ، أي عادوه ».

إذاً ، فالميزان هو بغض الإمام في علامة النصب ، فأينما مبغض فهو ناصبي ، وهو كافر بنصّ ما سبق في الحديث : «ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥.

٢ ـ القاموس المحيط ١ / ١٢٣.

٤١١

كافراً » ، مضافاً إلى ما ورد من أحاديث نبوية في علي خاصّة ، نحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني »(١) .

ونحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يحبّ علياً إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٢) ، إلى غير ذلك ممّا يطول بيانه.

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧٠ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٣٦٠ ، الجوهرة : ٦٦ ، الوافي بالوفيات ٢١ / ١٧٩ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٣.

٢ ـ المعجم الكبير ٢٣ / ٣٧٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٢ ، تهذيب الكمال ١٥ / ٢٣٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٥ و ٢٧٤.

٤١٢

النكاح :

( عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس )

جواز التمتّع بالزوجة الرضيعة :

س : أسألكم عن فتوى الإمام الخميني حول جواز التمتّع بالرضيعة؟

ج : لابأس أن نذكر بعض النقاط لها صلة بالجواب :

١ ـ لا مجال للعقل باستقلاله عن الشرع أن يكون ميزاناً لمعرفة الأحكام الشرعية ، فكم من حكم شرعي لا يتطابق ـ ظاهراً وفي بدو النظر ـ مع الحكم العقلي ، فهل ينتفي الحكم الشرعي بمجرّد هذا التباين الظاهري؟!

٢ ـ إنّ كلام القائل في المقام هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ، ولو أنّه أجاز سائر الاستمتاعات ؛ وعليه فتنويع الاستمتاعات لا يدلّ على تجويزها في كافّة الموارد ، بل إنّ الأمر يدور مدار المورد ونوع الاستمتاع ، فمثلاً : اللّمس والضمّ قد يكون جائزاً بالنسبة حتّى للرضيعة ، وأمّا التفخيذ فيكون مثالاً للاستمتاع بالصغيرة التي تكون قريبة عن البلوغ ، وقابلةً لهذه الكيفية من الاستمتاع.

٣ ـ الأحكام الفرعية تكون دائماً قابلة للأخذ والردّ ولا حرج فيه ، وهذا لا يعني المساس بالعقيدة وأصل المذهب ـ إلاّ عند أهل العقد والأهواء ـ خصوصاً إذا كان حكماً يختصّ بشخصٍ دون آخر ، فهذا لا يعني إجماع الطائفة عليه حتّى يكون مورداً للإشكال والنقض كما هو الحال في المقام ، إذ أنّ للعلماء آراء أُخر تطلب من رسائلهم العملية.

٤١٣

٤ ـ لابأس في هذا المجال أن يراجع إلى فتاوى أهل السنّة ، فإنّ لبعضهم في هذه المسألة أحكاماً تفوق رأي ذلك القائل ؛ وفي سبيل المثال نذكر في هذه العجالة بعض ما ذكروه : فإن كانت صغيرة جاز للأب تزويجها بغير إذنها بغير خلاف(١) ، وذكر موضوع مسألة اعتداد الصغيرة(٢) ، فما سبب عدّة الصغيرة غير الدخول؟!

ويصرّح في مقام آخر بموضوع : وقت زفاف الصغيرة المزوّجة والدخول بها قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة : حدّ ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهنّ ، ولا يضبط بسنّ ، وهذا هو الصحيح(٣) .

فنرى أنّ الشافعي ومالك وأبا حنيفة يعلّقون الاستمتاع في المسألة ـ وهو الجماع ـ على حالة طاقتها ، ثمّ ما المانع عقلاً من اطّراد هذه الكيفية من الاستدلال في سائر الاستمتاعات في مطلق الصغيرة حتّى الرضيعة؟!

( علي الهندي ـ ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

مسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتّفق عليها بين الشيعة والسنّة ، إلاّ بعض السنّة وهم : ابن شبرمة وأبو بكر الأصم ، وعثمان البتّي ، وهذا ما نبيّنه لك ضمن نقطتين هما :

الأُولى : في تعريف الزواج شرعاً : هو عقد يتضمّن إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل والضمّ وغير ذلك ، إذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع أو صهر.

ملاحظة : لم يؤخذ في التعريف قيد البلوغ.

__________________

١ ـ المجموع شرح المهذّب ١٦ / ١٦٨.

٢ ـ المصدر السابق ١٩ / ٣٣٠.

٣ ـ شرح مسلم ٩ / ٢٠٦.

٤١٤

أو هو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة ، وحلّ استمتاع المرأة بالرجل.

وعرّفه الحنفية بقولهم : عقد يفيد ملك المتعة قصداً ، أي حلّ استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع في نكاحها مانع شرعي بالقصد المباشر ، فخرج بكلمة المرأة الذكر والخنثى المشكل لجواز ذكوريته ، وخرج بقوله : لم يمنع من نكاحها مانع شرعي ، المرأة الوثنية والمحارم والجنّية وإنسان الماء لاختلاف الجنس.

ملاحظة : هنا أيضاً لم يلاحظ من المستثنيات الصغيرة.

قال الدكتور وهبة الزحيلي : « والنكاح عند الفقهاء ومنهم مشايخ المذاهب الأربعة : حقيقة في العقد مجاز في الوطء ، لأنّه المشهور في القرآن والأخبار ، وقد قال الزمخشري ـ وهو من علماء الحنفية ـ : ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلاّ قوله تعالى :( حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (١) لخبر الصحيحين حتّى تذوقي عسيلته ، فالمراد به العقد ، والوطء مستفاد من هذا الخبر »(٢) .

من هذه المقدّمة نفهم : أنّ العقد يبيح للرجل جميع الاستمتاعات خرج منها : الدخول بالمرأة لدليل خاصّ به ، فتبقى جميع الاستمتاعات تحت عموم جواز الاستمتاع ، وهذا الأمر لا يختلف فيه الفقهاء من الشيعة والسنّة كما قلت.

يبقى السؤال التالي : هل يجوز زواج الصغيرة؟ أو العقد على غير البالغة؟ هذا ما نبحثه في النقطة الثانية.

لقد عقد الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه « الفقه الإسلامي » تحت عنوان : الأهلية والولاية والوكالة في الزواج ، وفيه مباحث ثلاثة :

المبحث الأوّل : أهلية الزوجين : يرى ابن شبرمة وأبو بكر وعثمان البتّي أنّه لا يزوّج الصغير والصغيرة حتّى يبلغا لقوله تعالى :( حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ) (٣) ،فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة ، ولأنّه لا حاجة بهما إلى

__________________

١ ـ البقرة : ٢٣٠.

٢ ـ أُنظر : الفقه الإسلامي وأدلّته ٧ / ٣٠.

٣ ـ النساء : ٦.

٤١٥

النكاح ، ورأى ابن حزم أنّه يجوز تزويج الصغيرة عملاً بالآثار المروية في ذلك (١) .

ولم يشترط جمهور الفقهاء لانعقاد الزواج : البلوغ والعقل ، وقالوا بصحّة الزواج الصغير والمجنون.

الصغر : أمّا الصغر ، فقال الجمهور ـ منهم أئمّة المذاهب الأربعة ـ : بل ادعى ابن المنذر الإجماع على جواز تزويج الصغيرة من كفء ، واستدلّوا عليه بما يأتي(٢) :

١ ـ بيان عدّة الصغيرة : وهي ثلاثة أشهر في قوله تعالى :( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) (٣) ، فإنّه تعالى حدّد عدّة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر كاليائسة ، ولا تكون العدّة إلاّ بعد زواج وفراق ، فدلّ النصّ على أنّها تزوّج وتطلّق ولا إذن لها.

٢ ـ الأمر بنكاح الإناث في قوله تعالى :( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ ) (٥) ، والأيم : الأنثى التي لا زوج لها ، صغيرة كانت أو كبيرة.

٣ ـ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعائشة وهي صغيرة ، فإنّها قالت : تزوّجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا ابنة ست ودخل بي وأنا ابنة تسع (٦) ، وفي رواية : تزوّجها وهي بنت سبع سنين ، وزفّت إليه وهي بنت تسع سنين (٧) .

٤ ـ آثار عن الصحابة : فقد زوّج علي ابنته أُمّ كلثوم وهي صغيرة من عروق بن الزبير ، وزوّج عروة بن الزبير بنت أخيه من ابن أخيه وهما صغيران ، ووهب رجل ابنته الصغيرة لعبد الله بن الحسن بن علي ، فأجاز ذلك علي ، وزوّجت امرأة ابن

__________________

١ ـ المحلّى ٩ / ٤٥٨.

٢ ـ أُنظر : المبسوط للسرخسي ٤ / ٢١٢ ، بدائع الصنائع ٢ / ٢٤٠ ، مغني المحتاج ٣ / ١٦٨.

٣ ـ الطلاق : ٤.

٤ ـ النور : ٣٢.

٥ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٣٩ ، مسند أحمد ٦ / ١١٨. السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٤٨.

٦ ـ أُنظر : مسند أحمد ٦ / ٢٨٠ ، سنن أبي داود ١ / ٤٧١ و ٢ / ٤٦٣ ، مسند أبي يعلى ٨ / ٧٤ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٢١.

٤١٦

مسعود بنتاً لها صغيرة لابن المسيّب بن نخبة ، فأجاز ذلك زوّجها عبد الله بن مسعود.

٥ ـ قد تكون هناك مصلحة بتزويج الصغار ، ويجد الأب الكف‏ء فلا يفوت إلى وقت البلوغ.

من الذي يزوّج الصغار؟ وأُختلف الجمهور القائلون بجواز تزويج الصغار فيمن يزوّجهم؟

فقال المالكية والحنابلة(١) : ليس لغير الأب أو وصيّه أو الحاكم تزويج الصغار ، لتوافر شفقة الأب وصدق رغبته في تحقيق مصلحة ولده ، والحاكم ووصي الأب كالأب ، لأنّه لا نظر لغير هؤلاء في مال الصغار ومصالحهم المتعلّقة بهم ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تستأمر اليتيمة في نفسها ، وإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت فلا جواز عليها »(٢) .

وروي عن ابن عمر أن قدامة بن مظعون زوّج ابن عمر ابنة أخيه عثمان ، فرفع ذلك إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « هي يتيمة ولا تنكح إلاّ بإذنها » (٣) .

واليتيمة : هي الصغيرة التي مات أبوها لحديث : « لا يتم بعد احتلام »(٤) ، فدلّ الحديث على أنّ الأب وحده هو الذي يملك تزويج الصغار.

وقالت الحنفية(٥) : يجوز للأب والجدّ ولغيرهما من العصبات تزويج الصغير والصغيرة لقوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ) (٦) أي في نكاح اليتامى ، أي إذا كان خوف من ظلم اليتامى ، فالآية تأمر الأولياء بتزويج اليتامى.

وأجاز أبو حنيفة في رواية عنه خلافاً للصاحبين لغير العصبات من قرابة الرحم كالأُم والأُخت والخالة تزويج الصغار أن لم يكن ثمّة عصبة ، ودليله عموم

__________________

١ ـ أُنظر : المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٥٩ و ٤٧٥ ، سنن أبي داود ١ / ٤٦٥ ، الجامع الكبير ٢ / ٢٨٨.

٣ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١١٣ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٠.

٤ ـ سنن أبي داود ١ / ٦٥٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٥٧.

٥ ـ المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢ ، سبل السلام ٣ / ١٢٠.

٦ ـ النساء : ٣.

٤١٧

قوله تعالى : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ ) من غير تفرقة بين العصبات وغيرهم.

وقالت الشافعية(١) : ليس لغير الأب والجدّ تزويج الصغير والصغيرة في حقّ الأب للآثار المروية فيه ، فبقي ما سواه على أصل القياس ، والحنابلة رأوا أنّ الأحاديث مقصورة على الأب ، والشافعية استدلوا بالأحاديث ، لكنّهم قاسوا الجدّ على الأب ، والحنفية أخذوا بعموم الآيات القرآنية التي تأمر الأولياء بتزويج اليتامى ، أو بتزويجهن من غيرهم.

وقد أشترط أبو يوسف ومحمّد في تزويج الصغار الكفاءة ومهر المثل ، لأنّ الولاية للمصلحة ، ولا مصلحة في التزويج من غير كف‏ء ولا مهر مثل ، وكذلك اشترط الشافعية في تزويج الأب الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها شروطاً سبعة ، وهي :

الأوّل : ألا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة.

الثاني : أن يزوّجها من كف‏ء.

الثالث : أن يزوّجها بمهر مثلها.

الرابع : أن يكون من نقد البلد.

الخامس : ألا يكون الزوج معسراً بالمهر.

السادس : ألا يزوّجها بمن تتضرّر بمعاشرته كأعمى وشيخ هرم.

السابع : ألا يكون قد وجب عليها الحجّ ، فإنّ الزوج قد يمنعها لكون الحجّ على التراخي ، ولها عوض في تعجيل براءتها ، ويجوز أن يزوّج الصغير أكثر من واحدة.

وأجاز المالكية للأب تزويج البكر الصغيرة ، ولو بدون صداق المثل ، ولو لأقلّ حال منها ، أو لقبيح منظر ، وتزوّج البالغ بإذنها ، إلاّ اليتيمة الصغيرة التي بلغت عشر سنين ، فتزوّج بعد استشارة القاضي على أن يكون الزواج بكف‏ء وبمهر المثل.

__________________

١ ـ مغني المحتاج ٣ / ١٤٩.

٤١٨

ورأى الحنابلة : أن يزوّج الأب ابنه الصغير أو المجنون بمهر المثل وغيره ولو كرهاً ، لأنّ للأب تزويج ابنته البكر بدون صداق مثلها ، وهذا مثله ، فإنّه قد يرى المصلحة في تزويجه ، فجاز له بذل المال فيه كمداواته فهذا أولى ، وإذا زوّج الأب ابنه الصغير ، فيزوجه بامرأة واحدة لحصول الغرض بها ، وله تزويجه بأكثر من واحدة إن رأى فيه مصلحة.

وضعّف بعض الحنابلة هذا ، إذ ليس فيه مصلحة بل مفسدة ، وصوّب أنّه لا يزوّجه أكثر من واحدة ، أمّا الوصي لا يزوّجه أكثر بلا خلاف لأنّه تزويج لحاجة ، والكفاية تحصل به ، إلاّ أن تكون غائبة أو صغيرة أو طفلة وبه حاجة ، فيجوز أن يزوّجه ثانية.

وهذه بعض المستندات الروائية وغيرها عندنا نحن الإمامية : ففي الحديث قال عبد الله بن الصلت : سألت أبا الحسن عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ألها أمر إذا بلغت؟ قال : « لا ليس لها من أبيها أمر »(١) .

وسأل محمّد بن إسماعيل بن بزيع الرضاعليه‌السلام عن الصبية يزوّجها أبوها ثمّ يموت وهي صغيرة ، ثمّ تكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، أيجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال : « يجوز عليها تزويج أبيها »(٢) .

وجواز النكاح مشروطاً بإذن أبيها متّفق بين الفقهاء ، إلاّ أنّهم اختلفوا في جوازه بإذن الجدّ للأب ، وفي جواز ردّها وفسخها بعد البلوغ ، فيقول الشيخ الطوسيقدس‌سره : « يجوز للرجل أن يعقد على بنته إذا كانت صغيرة لم تبلغ مبلغ النساء من غير استيذان لها ، ومتى عقد عليها لم يكن لها خيار وإن بلغت »(٣) .

ويقول ابن زهرةقدس‌سره : « والولاية التي يجوز معها تزويج غير البالغ ـ سواء كانت بكراً أو قد ذهبت بكارتها بزوج أو غيره ـ مختصة بأبيها وجدّها له في حياته » (٤) .

__________________

١ ـ الكافي ٥ / ٣٩٤.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٥.

٣ ـ النهاية للشيخ الطوسي : ٤٦٤.

٤ ـ غنية النزوع : ٣٤٢.

٤١٩

وقال ابن حمزةقدس‌سره : « الذي بيده عقدة النكاح أربعة : والأب والجدّ مع وجود الأب إذا كانت طفلة ، أو بالغة غير رشيدة ومن يعقد عليها : حرّة وأمة ، والحرّة بالغة ، وطفل ، والبالغة رشيدة »(١) .

وقال المحقّق الحلّيقدس‌سره : « وتثبت ولاية الأب والجدّ للأب على الصغيرة ، وإن ذهبت بكارتها بوطء أو غيره »(٢) .

فهل بعد هذا البيان يبقى مجال للاستغراب والتساؤل عن مسألة الزواج من الصغيرة؟!

وفي الختام نقول : على فرض أنّ أهل السنّة لم يقولوا بجواز ذلك ، فهذا لا يعني أنّنا أيضاً نمنع ذلك ، وذلك لأنّنا نتّبع الدليل ، فإذا ثبت عندنا الدليل الشرعي على جواز الزواج من الصغيرة نأخذ به ، حتّى لو خالفنا جميع الناس ، لأنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع.

( غانم النصّار ـ الكويت ـ )

كيفية الاستمتاع بالزوجة الرضيعة :

السؤال : لقد قرأت فتوى للسيّد الخمينيقدس‌سره أنّه يجيز التمتّع بالرضيعة ، أو بمعنى أصح التفخيذ ، فما هو المقصود من هذا الكلام؟ هل هو ما نحن نفهمه أن يتمتّع الرجل البالغ برضيعة ويفخذها؟ أم أنّ القصد شيء آخر؟ إفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : نشير إلى رؤوس مواضيع تفيدكم في إجابتها :

١ ـ إنّ الأحكام الشرعية والفقهية لها موازينها في الإثبات ؛ فالعقل بالاستقلال لا دخل له في إثبات أو نفي الحكم الشرعي ، إلاّ إذا عيّنه الشرع في إطار محدّدٍ.

٢ ـ إنّ هذا الكلام المنقول هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ـ أي قبل إكمال تسع سنين ـ(٣) .

__________________

١ ـ الوسيلة : ٢٩٩.

٢ ـ شرائع الإسلام ٢ / ٥٠٢.

٣ ـ تحرير الوسيلة ٢ / ٢٤١.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434