إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق13%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219933 / تحميل: 6913
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وورد عن إسحاق أن بعض المتكلمين قال له: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء. فقال: آمنت برب يفعل ما يشاء....

- وقال في سيره ج ١٤ ص ٣٩٦

أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه، أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك، أخبرنا أبو روح بهراة، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليجي، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من يسألني فأعطيه، فهو زنديق كافر، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين....

وصار ابن عقيل شيخ الحنابلة

- سير أعلام النبلاء ج ١٩ ص ٤٤٣

ابن عقيل. الإمام العلامة البحر شيخ الحنابلة، أبوالوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل بن عبد الله البغدادي الظفري الحنبلي المتكلم، صاحب التصانيف، كان يسكن الظفرية، ومسجده بها مشهور.

ولد سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة وسمع أبا بكر بن بشران، وأبا الفتح بن شيطا، وأبا محمد الجوهري، والحسن بن غالب المقريء، والقاضي أبا يعلى بن الفراء، وتفقه عليه، وتلا بالعشر على أبي الفتح بن شيطا، وأخذ العربية عن أبي القاسم بن برهان، وأخذ علم العقليات عن شيخي الإعتزال أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبان صاحبي أبوالحسين البصري، فانحرف عن السنة.

وكان يتوقد ذكاء، وكان بحر معارف وكنز فضائل، لم يكن له في زمانه نظير على بدعته، وعلق كتاب الفنون، وهو أزيد من أربع مئة مجلد، حشد فيه كل ما كان

٢٦١

يجري له مع الفضلاء والتلامذة، وما يسنح له من الدقائق والغوامض، وما يسمعه من العجائب والحوادث....

قال المبارك بن كامل: صلى على شيخنا بجامع القصر فأمهم ابن شافع، وكان الجمع ما لا يحصى، وحمل إلى جامع المنصور فصلي عليه، وجرت فتنة وتجارحوا، ونال الشيخ تقطيع كفن، ودفن قريباً من الإمام أحمد....

وفي تاريخ ابن الأثير قال: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على ابن الوليد، فأراد الحنابلة قتله فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة.

وقال ابن عقيل في الفنون: الأصلح لإعتقاد العوام ظواهر الآي لأنهم يأنسون بالإثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم زالت الحشمة. قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي فلا طمع ولا مخافة في النفي. ومن تدبر الشريعة رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أو يضحك ربنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم. فلم يكفهر لقوله، وتركه وما وقع له....

من عقائد الدولة: إطاعة الحاكم الجائر والتجسيم والرؤية

- سير أعلام النبلاء ج ١٢ ص ٦٧

وعن يحيى بن عون: قال: دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض فقال: ما هذا القلق؟ قال له: الموت والقدوم على الله. قال له سحنون: ألست مصدقاً بالرسل والبعث والحساب، والجنة والنار، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر، ثم عمر، والقرآن كلام الله غير مخلوق، وأن الله يرى يوم القيامة، وأنه على العرش استوى، ولا تخرج على الأئمة بالسيف وإن جاروا؟ قال: إي والله، فقال: مت إذا شئت، مت إذا شئت!!

٢٦٢

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ٢٩ ص ٧٣

محمود السلطان كان صادق النية في إعلاء كلمة الله.. وقبره بغزنة يدعى عنده.. دخل ابن فورك على السلطان محمود فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقيه لأنه يلزمك أن تصفه بالتحتيه.. فقال السلطان: هو وصف نفسه!

هجمة الحنابلة على الطبري

- قال الحموي في معجم الأدباء ج ٩ جزء ١٨ ص ٥٧ في ترجمة الطبري:

فلما قدم إلى بغداد من طبرستان بعد رجوعه إليها تعصب عليه أبو عبد الله الجصاص وجعفر بن عرفة والبياضي. وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة، وعن حديث الجلوس على العرش، فقال أبو جعفر: أما أحمد بن حنبل فلا يعد خلافه. فقالوا له: فقد ذكره العلماء في الإختلاف، فقال: ما رأيته روي عنه ولا رأيت له أصحاباً يعول عليهم. وأما حديث الجلوس على العرش فمحال ثم أنشد:

سبحان من ليس له أنيس

ولا له في عرشه جليس

فلما سمع ذلك الحنابلة منه وأصحاب الحديث وثبوا ورموه بمحابرهم وقيل كانت ألوفاً، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صار على بابه كالتل العظيم! وركب نازوك صاحب الشرطة في ألوف من الجند يمنع عنه العامة ، ووقف على بابه يوماً إلى الليل وأمر برفع الحجارة عنه. وكان قد كتب على بابه: سبحان من ليس له أنيس ولا له في عرشه جليس، فأمر نازوك بمحو ذلك، وكتب مكانه بعض أصحاب الحديث:

لأحمد منزل لا شك عالٍ

إذا وافى إلى الرحمن وافد

فيدنيه ويقعده كريماً

على رغم لهم في أنف حاسد

على عرشٍ يغلفه بطيبٍ

على الأكباد من باغ وعاند

له هذا المقام الفرد حقّاً

كذاك رواه ليثٌ عن مجاهد

٢٦٣

فخلا في داره وعمل كتابه المشهور في الإعتذار إليهم، وذكر مذهبه واعتقاده وجرح من ظن فيه غير ذلك، وقرأ الكتاب عليهم وفضل أحمد بن حنبل، وذكر مذهبه وتصويب اعتقاده ولم يزل في ذكره إلى أن مات، ولم يخرج كتابه في الإختلاف حتى مات فوجدوه مدفوناً في التراب، فأخرجوه ونسخوه أعني اختلاف الفقهاء، هكذا سمعت من جماعة منهم أبيرحمه‌الله !

- وقال ابن قيم الجوزية في بدائع الفوائد ج ٤ ص ٣٩

قال القاضي: صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه إقعاده على العرش، وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم.... وعبد الله بن الإمام أحمد.... إلخ. ثم قال ابن قيم: قلت وهو قول ابن جرير الطبري، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير. انتهى.

ولم يذكر ابن القيم عمن أخذه مجاهد، ولم يذكر تهديد الحنابلة للطبري وإجبارهم إياه على القول بذلك حتى صار ليناً هينا مع التجسيم وأهله.

ولكن جولد تسيهر اليهودي قال في مذاهب التفسير الاسلامي ص ١١٨:

وهو (الطبري) يعارض أشد صرامة وعنفاً فهم التجسيد في عبارات التشبيه المضافة الى الله والذهاب إلى أن مثل هذه العبارات دالة على صفات الله الحقيقية.. فقد اختلف أهل الجدل.. في تأويل قوله (بل يداه مبسوطتان) فقال بعضهم.. عنى باليد النعمة أو القدرة أو الملك. وقال آخرون: بل يد الله صفة من صفاته، هي يد غير أنها ليست بجارحة.. والطبري يجزم بالرأي الثاني..

هجمة الحنابلة على ابن حبّان

- المجروحين لابن حبان ج ١ مقدمة

قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد.... قال سألت يحيى بن عمار عن ابن حبان، قلت رأيته؟ قال: وكيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان، لأنه أنكر الحد لله!

٢٦٤

وقال السبكي تعليقاً على ذلك: من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدوداً، أو من ينزهه عن الجسمية....

- وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٥ ص ١١٣

وقد بدت من ابن حبان هفوة فطعنوا فيه بها. قال أبو إسمعيل الأنصاري شيخ الإسلام: سألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان فقال: رأيته ونحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير ولم يكن له كبير دين، قدم علينا فأنكر الحد لله فأخرجناه.

قلت: إنكاره الحد وإثباتكم للحد نوع من فضول الكلام، والسكوت من الطرفين أولى إذ لم يأت نص بنفي ذلك ولا إثباته، والله تعالى ليس كمثله شيء، فمن أثبته قال له خصمه جعلت لله حداً برأيك ولا نص معك بالحد، والمحدود مخلوق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وقال هو للنافي ساويت ربك بالشيء المعدوم، إذ المعدوم لا حد له. فمن نزه الله وسكت سلم وتابع السلف.

- وقال الذهبي في سيره ج ١٦ ص ٩٤

وقال أبو بكر الخطيب: كان ابن حبان ثقة نبيلاً فهماً. وقال أبو عمرو بن الصلاح في طبقات الشافعية: غلط ابن حبان الغلط الفاحش في تصرفاته. قال ابن حبان في أثناء كتاب الأنواع: لعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ.

قلت: كذا فلتكن الهمم، هذا مع ما كان عليه من الفقه والعربية والفضائل الباهرة وكثرة التصانيف....

وقال أبو إسماعيل الأنصاري: سمعت يحيى بن عمار الواعظ، وقد سألته عن ابن حبان، فقال: نحن أخرجناه من سجستان، كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله، فأخرجناه!

قلت: إنكاركم عليه بدعة أيضاً، والخوض في ذلك مما لم يأذن به الله، ولا أتى

٢٦٥

نص بإثبات ذلك ولا بنفيه. ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه. وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. انتهى.

وهكذا مدح الذهبي ابن حبان وأظهر إعجابه بعلو همته، ولكنه خطَّأه في إنكاره الحد لله تعالى وحكم بأنه صاحب بدعة، فهو يستحق الطرد من سجستان، بل قد يستحق الإعدام إن لم يتب!

ومن عجب الزمان أن يكون الجو الحاكم في بعض مناطق المسلمين في أواخر القرن الثالث أن الذي يقول إن الله تعالى غير محدود بمكان ولا زمان، يعتبر مبدعاً في الإسلام، وكأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد بلغ الأمة بأن ربكم محدود بالمكان والزمان، ومن أنكر ذلك فقد أبدع!

ولا تغتر بتخطئة الذهبي للذين طردوا ابن حبان من سجستان، فإنه لم يخطئهم لطرده على بدعته، بل خطَّأهم لمجادلته حتى أظهر بدعته، ولأنه كان الواجب عليهم أن يسكتوا عن لوازم التجسيم في نزول الله تعالى وجلوسه على العرش، كما هو مذهبه!!

من تكفيرات المجسّمين لمن خالفهم

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٧٠

قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: من زعم أن الله لا يتكلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يرضى ولا يغضب، فهو كافر، إن رأيتموه واقفاً على بئر فألقوه فيها، بهذا أدين الله عز وجل!

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٣٠٢

حدثنا أحمد بن جعفر الإصطخري قال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: هذا مذهب أهل العلم والأثر، فمن خالف شيئاً من ذلك أو عاب قائلها، فهو مبتدع.

٢٦٦

وكان قولهم: إن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص، ومن زعم أن الإيمان قول والأعمال شرائع فهو جهمي، ومن لم ير الإستثناء في الإيمان فهو مرجيء، والزنى والسرقة وقتل النفس والشرك كلها بقضاء وقدر من غير أن يكون لأحد على الله حجة. إلى أن قال: والجنة والنار خلقتنا ثم خلق الخلق لهما لا تفنيان، ولا يفنى ما فيهما أبداً. إلى أن قال: والله تعالى على العرش، والكرسي موضع قدميه. إلى أن قال: وللعرش حملة. ومن زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله، فهو جهمي. ومن لم يكفره فهو مثله. وكلم الله موسى تكليماً من فيه! إلى أن ذكر أشياء من هذا الأنموذج المنكر، والأشياء التي والله ما قالها الإمام. فقاتل الله واضعها. ومن أسمج مافيها قوله: ومن زعم أنه لا يرى التقليد ولا يقلد دينه أحداً فهذا قول فاسق عدو لله. فانظر إلى جهل المحدثين كيف يروون هذه الخرافة ويسكتون عنها. انتهى.

ومع أن الذهبي وصف الأنموذج بأنه منكر وخرافة، فهو يتبنى أكثر عقائده!

- التحفة اللطيفة للسخاوي ج ٢ ص ٢٨٥

علي بن عبد الله.. قال قبل أن يموت بشهرين.. من زعم أن الله لا يرى فهو كافر، ومن زعم أن الله لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر. انتهى.

وقصدهم أن الله تعالى كلم موسى من فمه، ولم يخلق الصوت في شيء مخلوق، وقد نصت على ذلك أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام وقال به أكثر المسلمين.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ١٧ ص ٣٨٦

هارون بن معروف.... وقال هارون الجبال: سمعت هارون بن معروف يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فكأنما عبد اللات والعزى! وروى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن هارون بن معروف قال: من زعم أن الله لا يتكلم فهو يعبد الأصنام! انتهى. وقصده أن الله تعالى يتكلم من فمه! وأن الذي يعتقد بأن الله لافم له فقد جعله صنماً! والذي يقول له فم، فقد نزهه عن الصنمية!!

٢٦٧

- سير أعلام النبلاء ج ١٧ ص ٢٥٥

قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح في فتاوىه: وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسررحمه‌الله أنه قال: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. قلت: واغوثاه! واغربتاه!.

- سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ٤٠٣

حدثنا أحمد بن يونس، سمعت ابن المبارك قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: من زعم أن هذا مخلوق، فقد كفر بالله العظيم.

- سير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ١٨

الحاكم: سمعت أبا سعيد بن أبي عثمان، سمعت الحسن ابن صاحب الشاشي، سمعت الربيع، سمعت الشافعي وسئل عن القرآن فقال: أف أف، القرآن كلام الله، من قال: مخلوق، فقد كفر. هذا إسناد صحيح.

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ٥٨

ابن مخلد العطار: حدثنا محمد بن عثمان، سمعت علي بن المديني، يقول قبل أن يموت بشهرين: القرآن كلام الله غير مخلوق. ومن قال مخلوق، فهو كافر. وقال عثمان بن سعيد الدارمي، سمعت علي بن المديني يقول: هو كفر، يعني من قال: القرآن مخلوق.

ملحد (سنّي) يحبّه المجسّمة لأنّه يلعن من خالفهم

- مروج الذهب للمسعودي ج ٣ ص ٤٣،٤٤

كان رجل في أيام هارون الرشيد ببغداد، وإنه كان دهرياً من أهل السنة والجماعة! ويلعن أهل البدع.... ويعرف بالسني، تنقاد له العامة فكان يجتمع إليه خلق من الناس، وإذا اجتمعوا وثب قائماً على قدمه فقال: يا معشر المسلمين قلتم لا ضار ولا نافع إلا الله، فلأي شيء مصيركم إليَّ تسألوني عن مضاركم ومنافعكم؟ إلجؤوا الى ربكم وتوكلوا على بارئكم..

٢٦٨

من الفتن التي حدثت بسبب التجسيم

في القرن الثاني انتقل ثقل التشبيه والتجسيم من الشام إلى بغداد، وأرخ المؤرخون لفتن متعددة حدثت في بغداد ذكرنا بعضها في الفصل الخامس، ونشير منها هنا إلى الفتنة التي ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام ج ٢٣ ص ٣٨٤ بسبب تفسير آية: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، قالت الحنابلة معناه أن يقعده على عرشه كما فسره مجاهد. وقال غيرهم: بل هي الشفاعة العظمى. وقد تقدم أن ابن خلدون يرى أن الفتن بين الحنابلة ومخالفيهم كانت أحد الأسباب في خراب بغداد.

- سير أعلام النبلاء ج ١٨ ص ٨٩

القاضي أبو يعلى الإمام العلامة، شيخ الحنابلة، القاضي أبويعلى، محمد بن الحسين ابن محمد بن خلف بن أحمد البغدادي، الحنبلي، ابن الفراء، صاحب التعليقة الكبرى، والتصانيف المفيدة في المذهب. ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مئة.... أفتى ودرس، وتخرج من الأصحاب، وانتهت إليه الإمامة في الفقه، وكان عالم العراق في زمانه، مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره، والنظر والأصول، وكان أبوه من أعيان الحنفية، ومن شهود الحضرة، فمات ولأبي يعلى عشرة أعوام، فلقنه مقرئه العبادات من مختصر الخرقي، فلذ له الفقه، وتحول إلى حلقة أبي عبد الله بن حامد، شيخ الحنابلة، فصحبه أعواماً، وبرع في الفقه عنده، وتصدر بأمره للإفادة سنة اثنتين وأربع مئة، وأول سماعه من علي بن معروف في سنة ٣٨٥.

وقد سمع بمكة ودمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر، وبحلب، وجمع كتاب إبطال تأويل الصفات، فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع، فخرج إلى العلماء من القادر بالله المعتقد الذي جمعه، وحمل إلى القادر كتاب إبطال التأويل، فأعجبه، وجرت أمور وفتن نسأل الله العافية ثم أصلح بين الفريقين الوزير علي بن المسلمة، وقال في الملا: القرآن كلام الله، وأخبار الصفات تمر كما جاءت. ثم ولي أبو يعلى القضاء بدار الخلافة والحريم، مع قضاء حران حلوان..

٢٦٩

وواجه بعض الخلفاء تطرّف المجسّمين

- نشوار المحاضرة للتنوخي ج ٣ ص ١٤٤

وكانت العامة قد هاجت في أيام وزارته وعظمت الفتنة وكثر كلام القصاص في المساجد ورؤساء الصوفية.... فاتفق أن بديء برجل من رؤساء الصوفية يعرف بإسحاق بن ثابت أحد الربانيين عند أصحابه، فقال له: بلغني أنك تقول في دعائك: يا واحدي بالتحقيق يا جاري اللصيق، فمن لا يعلم بأن الله لا يجوز أن يوصف أنه لصيق على الحقيقة فهو كافر، لأن الملاصقة من صفات الأجسام. إنكم تهذون وتوهمون الناس على أنكم ربانيين.... وكتب إليه أن لا يتكلم على الناس.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ٣٢ ص ١٧١،١٧٢

أبو بكر الواعظ البكري.... قدم إلى بغداد وجلس للوعظ وذكر ما يلطخ به الحنابلة من التجسيم.... وضربه جماعة من الهاشميين (يقصد العبّاسيين) بالحصى وهم من أصحاب أحمد، فأخذهم النقيب وعاقبهم.

وقتل خلفاء شرعيّون إماماً مجسّماً طمع بالحكم

- تهذيب الكمال ج ١ ص ٥٠٧

... حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: وقُتِل أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي سنة إحدى وثلاثين ومئتين. قال الحافظ أبو بكر: وكان قتله في خلافة الواثق لامتناعه عن القول بخلق القرآن. وبه حدثني القاضي أبوعبد الله الصيمري، حدثنا محمد ابن عمران المرزباني، أخبرني محمد بن يحيى الصولي قال: كان أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي من أهل الحديث، وكان جده من رؤساء نقباء بني العباس، وكان أحمد وسهل بن سلامة، حين كان المأمون بخراسان، بايعا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن دخل المأمون بغداد، فرفق بسهل حتى لبس السواد، وأخذ الأرزاق ولزم أحمد بيته، ثم إن أمره تحرك ببغداد

٢٧٠

في آخر أيام الواثق، واجتمع إليه خلق من الناس، يأمرون بالمعروف، إلى أن ملكوا بغداد، وتعدى رجلان من أصحابه يقال لأحدهما: طالب في الجانب الغربي، ويقال للآخر أبو هارون في الجانب الشرقي، وكانا موسرين فبذلا مالاً، وعزما على الوثوب ببغداد في شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين، فنم عليهم قوم إلى إسحاق بن إبراهيم فأخذ جماعة فيهم أحمد بن نصر، وأخذ صاحبيه طالباً وأبا هارون فقيدهما، ووجد في منزل أحدهما أعلاماً، وضرب خادماً لأحمد بن نصر فأقر أن هؤلاء كانوا يصيرون إليه ليلاً فيعرفونه ما عملوا، فحملهم إسحاق مقيدين إلى سر من رأى، فجلس لهم الواثق وقال لأحمد بن نصر: دع ما أخذت له، ما تقول في القرآن قال: كلام الله. قال: أفمخلوق هو قال: كلام الله. قال: أفترى ربك في القيامة قال: كذا جاءت الرواية، قال: ويحك، يرى كما يرى المحدود المتجسم ويحويه مكان ويحصره الناظر، أنا أكفر برب هذه صفته، ما تقولون فيه؟ فقال عبدالرحمان بن إسحاق، وكان قاضياً على الجانب الغربي ببغداد فعزل: هو حلال الدم، وقال جماعة من الفقهاء كما قال، فأظهر ابن أبي دؤاد أنه كاره لقتله، فقال للواثق: يا أميرالمؤمنين شيخ مختل لعل به عاهة أو تغير عقله يؤخر أمره ويستتاب. فقال الواثق: ما أراه إلا مؤدياً لكفره قائماً بما يعتقده منه. ودعا الواثق بالصمصامة وقال: إذا قمت إليه فلا يقومن أحد معي، فإني أحتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد رباً لا نعبده ولا نعرفه بالصفة التي وصفه بها، ثم أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيد وأمر بشد رأسه بحبل، وأمرهم أن يمدوه، ومشى إليه حتى ضرب عنقه، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد فنصب بالجانب الشرقي أياماً، وفي الجانب الغربي أياماً، وتتبع رؤساء أصحابه فوضعوا في الحبوس!. انتهى. ورواه الذهبي أيضاً في ج ١٧ ص ٥٦

- سير أعلام النبلاء ج ١١ ص ١٦٥

قال الحسن بن محمد الحربي: سمعت جعفر بن محمد الصائغ، يقول: رأيت أحمد بن نصر حين قتل قال رأسه: لا إله إلا الله. قال المروذي: سمعت أحمد ذكر

٢٧١

أحمد بن نصر فقالرحمه‌الله : لقد جاد بنفسه. وعلق في أذن أحمد بن نصر ورقة فيها: هذا رأس أحمد بن نصر، دعاه الإمام هارون إلى القول بخلق القرآن ونفي التشبيه، فأبى إلا المعاندة فعجله الله إلى ناره. وكتب محمد بن عبد الملك.

- تاريخ الإسلام للذهبي ج ١٧ ص ٥٨

قال: رأى بعض أصحابنا أحمد بن نصر في النوم فقال: ما فعل ربك؟ قال: ما كانت إلا غفوه حتى لقيت الله فضحك لي.... وقال غضبت له فأباحني النظر إلى وجهه!

وكان التجسيم منتشراً في عصر ابن الجوزي والسبكي

- كشف الظنون ج ١ ص ٢١٨

للشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة ٥٩٧ سبع وتسعين وخمسمائة، مختصر صنف في تأييد مذهبه والرد على الحنابلة المجسمة. انتهى.

وله ايضاً كتاب دفع شبهة التشبيه بأكف التنزيه، حققه في عصرنا ونشره الباحث السيد حسن السقاف، وتجد في ترجمة ابن الجوزي وكتبه قصة محنته مع الحناابلة المجسمين في عصره!

- كشف الظنون ج ١ ص ٨٧٩

رسالة الغفران من المكث بحران، مختصر لبعض العلماء، أولها الحمد لله على كل حال الخ. ألفها سنة ٦٢٧ سبع وعشرين وستمائة رد فيها على حنبلي مجسم منكر، على قواعد علم الكلام.

- وقد ذكر السبكي في طبقات الشافعية وغيره نماذج عديدة للمجسّمة العلنيين والسرّيين، قال في ج ٢ ص ١٩: وقد وصل حال بعض المجسمه في زماننا إلى أن كتب شرح صحيح مسلم للشيخ محي الدين النووي وحذف من كلام النووي ما تكلم به على أحاديث الصفات، فإن النووي أشعري العقيدة، فلم تحمل قوى هذا الكاتب أن

٢٧٢

يكتب الكتاب على الوضع الذي صنفه مصنفه! انتهى.

ووصل الحال في عصرنا إلى أن بعض الوهابيين ينشرون كتب النووي وغيره ويحذفون منها كل مايخالف مذهبهم حتى أنهم حذفوا فضل زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أحد كتبه. وهذا غيض من فيض فإن دور نشرهم في عدة بلدان تعمل مناشيرها وسكاكينها في كتب الثراث الاسلامي، ومستأجريهم ينفذون تعليماتهم بحذف كل ما لا يليق لهم!

هذا مضافاً الى نشرهم كتب المشبهة والمجسمة وتكبير شخصياتهم وإشاعة تعظيمهم وتقدسيهم، وتكفير مخالفيهم من سلف الأمة ومعاصريها!

وانتقل التجسيم من بغداد إلى مصر

- سير أعلام النبلاء ج ١٥ ص ٤٢٩

أبو إسحاق المروزي الإمام الكبير، شيخ الشافعية وفقيه بغداد، أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، صاحب أبي العباس بن سريج وأكبر تلامذته، اشتغل ببغداد دهراً وصنف التصانيف وتخرج به أئمة كأبي زيد المروزي، والقاضي أبي حامد أحمد بن بشر المروروذي مفتي البصرة، وعدة.

شرح المذهب ولخصه، وانتهت إليه رئاسة المذهب. ثم إنه في أواخر عمره تحول إلى مصر فتوفي بها في رجب في تاسعه، وقيل في حادي عشرة سنة أربعين وثلاث مئة، ودفن عند ضريح الإمام الشافعي ولعله قارب سبعين سنة..... صنف المروزي كتاباً في السنة، وقرأه بجامع مصر، وحضره آلاف فجرت فتنة، فطلبه كافور فاختفى، ثم أدخل إلى كافور، فقال: أما أرسلت إليك أن لا تشهر هذا الكتاب فلا تظهره. وكان فيه ذكر الإستواء، فأنكرته المعتزلة. انتهى. يقصد أنه كان في الكتاب ذكر القعود الحسي لله تعالى على عرشه، فأنكره علماء مصر. ولكن الحاكم كافوراً الإخشيدي كان يميل إلى التجسيم فطلب منه أن لا ينشر كتابه فقط!

٢٧٣

الإمام العبدري المغربي المجسّم

- تذكرة الحفّاظ ج ٤ ص ٧٢

العبدري: الإمام الحافظ العلاّمة أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي القرشي العبدري الميورقي الأندلسي نزيل بغداد، وكان من أعيان الحفاظ ومن فقهاء الظاهرية، سمع أبا عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ورزق الله التميمي وأبا الفضل ابن خيرون وطراد بن محمد الزينبي ويحيى بن أحمد السيبي وأبا عبد الله الحميدي وطبقتهم، قال القاضي أبو بكر بن العربي في معجمه: أبوعامر العبدري هو أنبل من لقيته. وقال ابن ناصر: كان فهماً عالماً متعففاً وكان يذهب إلى أن المناولة كالسماع. وقال السلفي في معجمه: كان من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرفاً في فنون من العلوم أدباً ونحواً ومعرفة بالأنساب، وكان داودي المذهب قرشي النسب، كتب عني وكتبت عنه، مولده بقرطبة. وقال أحمد بن أبي بكر البندنيجي: لما دفنوا أبا عامر العبدري قال ابن ناصر: خلا لك الجو فبيضي واصفري. مات أبوعامر حافظ حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شاء فليقل ما شاء.

قال الحافظ ابن عساكر: كان أبو عامر داودياً وكان أحفظ شيخ لقيته.... ذكر أنه دخل دمشق، سمعته يقول جرى ذكر الإمام مالك فقال: جلف جاف ضرب هشام بالدرة.... بلغني أنه قال في: يوم يكشف عن ساق، وضرب على ساقه فقال: ساق كساقي هذه. قلت: هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما أعتقد أن بلغ بالعبدري هذا. ثم قال: وبلغني أنه قال إن أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: ليس كمثله شيء، أي في الإلهية أما في الصورة فهو مثلي ومثلك.... قال ثم تلا قوله تعالى: يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن، أي في الحرمة!!

- وترجم له ترجمة مفصلة في تاريخ الإسلام ج ٣٦ ص ١٠٣

٢٧٤

التجسيم ينتشر في المغرب فيقاومه المهدي بن تومرت

- تاريخ ابن خلدون ج ٧ ص ٢٢٥

الخبر عن مبدأ أمر المهدي ودعوته وما كان للموحدين القائمين بها على يدى بني عبد المؤمن من السلطان والدولة بالعدوتين وإفريقية.... وكانت وفاة المهدي لأربعة أشهر بعدها، وكان يسمى أصحابه بالموحدين، تعريضاً بلمتونة في أخذهم بالعدول عن التأويل وميلهم إلى التجسيم. وكان حصوراً لا يأتي النساء، وكان يلبس العباءة المرقعة، وله قدم في التقشف والعبادة، ولم تحفظ عنه فلتة في البدعة، إلا ما كان من وفاقه الإمامية من الشيعة في القول بالإمام المعصوم، والله تعالى أعلم. انتهى. يستكثر علينا إخواننا السنة أن نقول بعصمة أهل البيت وهم الأئمة الإثني عشر والصديقة الزهراءعليهم‌السلام اللذين نص عليهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ونص الله تعالى على طهارتهم، وأوجب محبتهم وجعل بغضهم نفاقاً، وجعل الصلاة عليهم فى صلاة المسلمين اليومية.. ثم نراهم يقولون بعصمة الخليفة عمر وأبي بكر وعثمان، بل وعصمة كل الصحابة وعدالتهم. فهل يريدون بذلك استثناء أهل البيت فقط من عشرة آلاف صحابي. واذا أجابوا بأنا لانقول بعصمة الصحابة طالبناهم بأن يذكروا أخطاء الذين يقدسونهم منهم.

- تاريخ ابن خلدون ج ٧ ص ٢٦٦

هذا العهد لما دعا المهدي إلى أمره في قومه من المصامدة بجبال درن، وكان أصل دعوته نفي التجسيم الذى آل إليه مذهب أهل المغرب باعتمادهم ترك التأويل في المتشابه من الشريعة، وصرح بتكفير من أبى ذلك، أخذاً بمذهب التكفير بالمآل، فسمى لذلك دعوته بدعوة التوحيد وأتباعه بالموحدين، نعياً على الملثمين فإن مذاهبهم إلى اعتقاد الجسمية.

٢٧٥

- وقال الدكتور حسن إبراهيم في تاريخ الإسلام ج ٤ ص ٣٦٨

صرف ابن تومرت الناس عن اتباع مذهب السلف الذي قد يجر معتنقيه إلى التشبيه والتجسيم. وابن تومرت في هذا الميدان العلمي يعتبر من الشخصيات العلمية البارزة في التاريخ الإسلامي.

وكثر الحشوية والْمُخَلِّطُونَ في العالم الإسلامي

قال العلامة الأرموي في منهاج الكرامة ص ٦: وقالت جماعة الحشوية والمشبهة: إن الله تعالى جسم له طول وعرض وعمق، وإنه يجوز عليه المصافحة، وإن الصالحين من المسلمين يعانقونه في الدنيا، وحكى الكعبي عن بعضهم أنه كان يجوز رؤيته في الدنيا وأنه يزورهم ويزورونه، وحكى عن داود الظاهري أنه قال: أعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك، وقال: إن معبودهم له جسم ولحم ودم وله جوارح وأعضاء كيد ورجل ولسان وعينين وأذنين، وحكى أنه قال: هو أجوف من أعلاه إلى صدره مصمت ما سوى ذلك، وله شعر قطط. حتى قالوا: اشتكت عيناه فعادته الملائكة، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه، وأنه يفضل من العرش من كل جانب أربع أصابع. وذهب بعضهم إلى أنه تعالى ينزل في كل ليلة جمعة على شكل أمرد حسن الوجه راكباً على حمار، حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفاً يضع كل ليلة جمعة فيه شعيراً وتبناً لتجويز أن ينزل الله على حماره على ذلك السطح فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء، ويقول: هل من تائب هل من مستغفر، تعالى الله عن مثل ذلك.

... وحكى عن بعض المنقطعين التاركين من شيوخ الحشوية أنه اجتاز عليه في بعض الأيام نفاط ومعه أمرد حسن الوجه قطط الشعر على الصفات التي يصفون ربهم بها، فألح الشيخ بالنظر إليه وكرره وأكثر تصويبه إليه، فتوهم فيه النفاط فجاء إليه ليلاً فقال: أيها الشيخ رأيتك تلح بالنظر إلى هذا الغلام وقد أتيتك به فإن كان لك فيه

٢٧٦

نية فأنت الحاكم، فرد الشيخ عليه وقال: إنما كررت النظر إليه لأن مذهبي أن الله تعالى ينزل على صورة هذا الغلام، فتوهمت أنه الله تعالى! فقال له النفاط: ما أنا عليه من النفاطة أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة....

وأضاف الأرموي: أقول: لا يسع المقام أكثر من ذلك وإلا لنقلنا أضعاف ما ذكرنا. وقال الطبراني: حدثنا على بن سعيد الرازي حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الضحاك عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه عز وجل في صورة شاب أمرد وبه قال ابن جريج.. عن صفوان بن سليم عن عائشة قالت: رأى النبي ربه على صورة شاب جالس على كرسي رجله في خضرة من لؤلؤ يتلألأ!

* *

٢٧٧

الفصل السابع

كلّ الناس مبرّؤون.... والشيعة متّهمون

المنطق الحاكم في كتب العقائد عند إخواننا، هو منطق الدولة الذي يصدر الأحكام ولا يقبل الإعتراض، وأحكامه هنا تقول:

أولاً: السنة هم المسلمون الموحدون، حتى لو كانت مصادرهم تنادي بالتشبيه والتجسيم بأحاديث صحيحة عندهم!

والشيعة هم المجسمون والمعطلون، وإن كانت مصادرهم تنادي بالتنزيه ونفي التشبيه بأحاديث صحيحة عندهم!

ثانياً: يحرم قراءة أي كلام والخوض في أي بحث يوجب اتهام السنة بالتجسيم! كما يحرم قراءة كتب الشيعة وأحاديثهم في العقائد، لأنهم يجسمون الله تعالى ويؤلهون الأئمة من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا هو حكم أكثر الكتاب والمؤلفين في العقائد، ودليلهم أن التاريخ عامل الشيعة بهذه الأحكام، فصارت هي الجو العام الذي نشأوا فيه، فكتبوا كما قرؤوا وكما سمعوا.

٢٧٨

لقد استطاع كثير من المظلومين في التاريخ، أن يرفعوا أيديهم أو أصواتهم ويسجلوا (آخهم) من ظالميهم. أما نحن الشيعة فلم نستطع إلى الآن أن نسجل ( آخنا) من التاريخ.

يكفيك أن تلقي نظرة على مصادر التاريخ والعقائد وما كتبوه عن الفرق والملل والنحل، وما يكتبه خصوم الشيعة وأهل البيت في عصرنا.. لتراها تكرر ادعاء أن الشيعة أخذوا عقائدهم من اليهود والفرس والهندوس، فهم المجسمون الذين يعبدون إلهاً مادياً له طول وعرض وأعضاء، ولذا فهم يعبدون صنماً ولا يعبدون الله تعالى!

أما السنة فهم المسلمون الأصيلون الذين أخذوا عقائدهم من منبع الإسلام الصافي، من الكتاب والسنة، عن طريق الصحابة الأبرار بدون أي تأثر باليهود ولا بغيرهم، فهم الموحدون المنزهون لله تعالى عما افتراه عليه اليهود والنصارى والمجوس والشيعة!

إن مشكلتنا نحن شيعة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن الكتب التي اتهمتنا قد كتبت بحبر حكام الجور وأقلام موظفيهم! وأن الذين أنصفونا ومدحونا، كتبوا ذلك وهم على وجل من غضب السلاطين!

ولكن ذلك من مفاخرنا أيضاً!

محاولات الدولة والمشبّهين إلصاق التشبيه بالنبي وآله

يدل النص التالي على أن تهمة التشبيه والتجسيم للشيعة كانت موجودة في القرن الثاني، أي منذ أن راج التشبيه والتجسيم وطفح كيله فمجه الناس، فاتهمت به السلطة معارضيها من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام .

وفي نفس الوقت عمد المشبهون والمجسمون إلى نسبة مذهبهم إلى النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم، ليثبتوا شرعية فريتهم! وهو اسلوب مزدوج في ترويج التهمة في الناس، بنسبتها الى أهل البيتعليهم‌السلام ، ثم رمي أهل البيت وشيعتهم بها!!

٢٧٩

- روى النيسابوري في روضة الواعظين ص ٣٣

قال الحسن بن خالد: قلت للرضاعليه‌السلام : يابن رسول الله إن الناس ينسبونا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي في الأخبار في ذلك عن آبائكعليهم‌السلام !

فقال: يابن خالد أخبرني عن الأخبار التي رويت عن آبائيعليهم‌السلام في التشبيه أكثر، أم الأخبار التي رويت عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك؟

فقلت: بل ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر.

فقال: فليقولوا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول بالتشبيه إذن!!

فقلت له: إنهم يقولون إن رسول الله لم يقل من ذلك شيئاً، وإنما روي عليه.

قال: قولوا في آبائيعليهم‌السلام إنهم لم يقولوا من ذلك شيئاً وإنما روي عليهم.

ثم قالعليه‌السلام : من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك، ونحن منه براء في الدنيا والآخرة. يابن خالد: إنما وضع الأخبار عنا في التشبيه الغلاة الذين صغروا عظمة الله جل جلاله، فمن أحبهم فقد أبغضنا.. إلى آخر الخبر.

- وقال الشيخ الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ في مقدمة كتابه التوحيد ص ١٧:

إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني وجدت قوماً من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ولم يعرفوا معانيها ووضعوها في غير موضعها، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا، ولبسوا عليهم طريقتنا، وصدوا الناس عن دين الله، وحملوهم على جحود حجج الله، فتقربت إلى الله تعالى ذكره بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر، مستعيناً به ومتوكلاً عليه.

بغض أهل البيت وشيعتهم إرث غير شرعي

إن التهم لأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وشيعتهم موروثة إرثاً (غير شرعي) وقد كانت بدايتها يوم فارق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحياة وتركوا جنازته لأهل بيته، وأعلنوا ولادة حكومة

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

إبراز العضلات والضرب بالصمصام ، فلذلك لم يكن بدّاً لأمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ الصبر أمام هذا الانحراف والتنازل عن الحقّ ، مادام في ذلك حفظ بيضة الإسلام ، وبقاء كلمة لا إله إلاّ الله على رؤوس الأشهاد ، ولمدى الأجيال.

والإمام عليعليه‌السلام هو ربيب البيت النبوي ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ربيب ربّه ، إذ الله الذي قام بتربيته وتأديبه ، فعلي ينتهي أدبه وتعليمه إلى الله تعالى ، وحاشاه أن يجبن أو يضعف ، لكن الظروف حكمته ، والمجتمع المنحرف خان به ، فلذلك لم يكن له طريق غير الصبر ، كما أشار إليه في خطبته الشقشقية : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

فالمسألة تحتاج قبل الحكم عليها إلى تأمّل ودراسة ، ولا يكفي الجلوس خلف المنضدة وقراءة كتاب أو كرّاس ، ثمّ الحكم على وقائع تاريخية مرّ عليها أربعة عشر قرناً ، فإنّ العاقل الباحث لا يفعل ذلك ، بل التأمّل ودراسة الأحداث بموضوعية هو الحلّ الوحيد.

فهناك مجتمع فتي في أوّل نشأته وأوّل ظهوره بعد جاهلية عمياء طالت قروناً من الزمن ، وهذا المجتمع الناشئ فيه الكثير من المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، ومن حوله من الأعداء الذين يتربّصون به السوء ، وعليعليه‌السلام لا ترتضيه قريش والقبائل الحليفة بها ، لأنّه ضرب خراطيمهم حتّى اسلموا ، وهو الذي أذلّهم بعد عزّتهم ، وهو الذي قتل فرسانهم ورجالاتهم ، ففي أنفسهم عليه الأحقاد ، كما أشار عمر بن الخطّاب إلى ذلك ، فعلى ذلك لا مفرّ من ركوب أمرين لا ثالث لهما.

إمّا أن يقاتلعليه‌السلام على حقّه الشرعي ، وفي ذلك تحطيم للمجتمع الذي جهد النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لبنائه طيلة(١) ( ٢٣ ) سنة ، لأنّ المنافقين وممّن حول المدينة سيجدون في اضطراب أهل المدينة الفرصة لتحقيق أهدافهم ، التي يصبون إليها

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٤٠١

منذ سنين ، وبالتالي سيؤدّي ذلك إلى ذهاب الإسلام ، وذهاب الحقّ الشرعي العلوي معه.

وإمّا أن يصبر على الظلم ، ويكون بذلك حقّق شيئاً وخسر شيئاً ، حقّق بقاء الإسلام ، وأغلق الباب أمام المنافقين للانقلاب على المجتمع الإسلامي ، وخسر خلافته ومنصبه الإلهي الذي كان به يحمل الناس على طاعة الله تعالى.

فالطريق الثاني ـ وهو الصبر ـ أولى ، لأنّ فيه بقاء الإسلام الذي نافح وكافح عليعليه‌السلام طيلة حياته في تشييد دعائمه وإقامة أركانه ، خلافاً للطريق الأوّل ـ وهو القيام والمطالبة بالحقّ ـ فإنّ في ذلك هدم الإسلام ، وفتح الباب للمنافقين وغيرهم لضرب المجتمع الإسلامي ، وهذا ما يكون فيه الوبال على الإسلام والمسلمين ، الذين منهم عليعليه‌السلام ، فلذلك قال : «فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى »(١) ، أي الصبر على غصب الخلافة ، وتحمّل الظلم أرجح عقلياً ، وأشدّ صواباً.

( سامي عبد الله ، اليمن ـ زيدي ـ ٢٠ سنة ـ طالب دراسات عليا )

بحديث صحيح السند :

س : إذا كان هناك نصّاً من النبيّ على الاثني عشر بأسمائهم فأعطونيه ، ولو من كتبكم ، ولو نصّاً واحداً ، بشرط أن يكون من الكتب والمصادر التي كتبت قبل عصر الغيبة ، وشكراً.

ج : قد صنّف غير واحد من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام كتاباً في الأئمّة ، وفي خصوص الثاني عشر المهدي وغيبته ـ على أساس الروايات والأخبار الواردة ـ وقد وصلنا بعض تلك الكتب ، ومنها كتاب الفضل بن شاذان النيسابوري من أصحاب الإمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام ، واسمه كتاب الغيبة ، وإليك نصّ روايةٍ واحدةٍ من رواياته الصحيحة :

الفضل بن شاذان ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩.

٤٠٢

وعن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لما عرج بي إلى السماء بلغت سدرة المنتهى ناداني ربّي جلّ جلاله فقال : يا محمّد ، فقلت : لبيك لبيك يا ربّ.

قال : ما أرسلت رسولاً فانقضت أيّامه إلاّ أقام بالأمر بعده وصيّه ، فأنا جعلت علي بن أبي طالب خليفتك وإمام أُمّتك ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ علي بن الحسين ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ علي بن موسى الرضا ، ثمّ محمّد بن علي ، ثمّ علي بن محمّد ، ثمّ الحسن بن علي ، ثمّ الحجّة بن الحسن.

يا محمّد ، ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، فإذا بأنوار علي والحسن والحسين ، وتسعة أولاد الحسين ، والحجّة في وسطهم يتلألأ كأنّه كوكب درّي.

فقال الله تعالى : يا محمّد ، هؤلاء خلفائي وحججي في الأرض ، وخلفاؤك وأوصياؤك من بعدك ، فطوبى لمن أحبّهم ، والويل لمن أبغضهم ».

( عبد الله أحمد حمادي ـ اليمن ـ )

إشكالات حوله وردّها :

س : هناك بعض الإشكالات آملاً منكم الردّ عليها ، وهي كالتالي :

١ ـ مع وجود نصّ مشهور ينصّ على أسماء الأئمّة ، لماذا وكيف كان أصحاب الإمام من الخواص يسألونه من بعدك؟ فيجيبهم باسم الذي بعده؟

٢ ـ كيف جهلت الشيعة وأبو الأديان خادم الحسن العسكري ، والنفر الذين قدموا من قم ، أنّ جعفر ليس هو الإمام ، إذ أنّهم عزّوه وهنّأوه بالإمامة ، ثمّ عرفوا عدم استحقاقه فيها بعد ، مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة ، وعلى اسم الإمام الذي بعد الحسن العسكري؟

٣ ـ لماذا يدعو الإمام شهوداً ليعرفوا إلى من أوصى؟ مع وجود نصوص تنصّ على أسماء الأئمّة؟ ومع أنّ الإمام الذي بعده يستطيع أن يقيم معجزته أو يظهر علم الغيب ، إذا ما أحد أنكر إمامته ، أو يثبت له تواتر الحديث الذي ينصّ على أسماء الأئمّة؟

٤٠٣

ج : إنّ الأئمّةعليهم‌السلام لا يكتفون في الاستدلال على إمامتهم بطريق واحد ، بل يلجأون إلى كُلّ طريقة تنفع لإثبات حقّهم ، من اشهاد الشهود ، أو الاستدلال بالأحاديث التي وردت عن آبائهم المعصومين ، أو إظهار المعجزة إن اضطرّه الموقف لذلك ، وهذا يختلف باختلاف الناس ومراتبهم وعلمهم ، فهم يكلّمون الناس على قدر عقولهم.

أمّا النصوص الوارد بأسماء الأئمّة جميعاً ، فهي نصوص كانت تتداول عند مجموعة من الرواة ، ولا يخفى ما يتعرّض له الراوي عن الأئمّة من الخوف والمطاردة والمحاسبة من قبل حكّام تلك العصور ، وحتّى لو كان هؤلاء الرواة يسعون إلى نشرها ، فإنّها لا يمكن أن تصل إلى أكثر من مجموعة قليلة من الناس ، بحسب الظروف في ذلك الزمان ، وتبقى الفئة الكبيرة من الناس تطلب معرفة الإمام من الإمام الذي قبله.

كما إنّ كثيراً من رواة الحديث كانوا يعرضون ما عندهم من الروايات عن إمام سابق على الإمام اللاحق ، ويسألونه عن روايات هي موجودة عندهم ، وذلك ليتأكّدوا من صحّتها أو عدم حصول البداء فيها.

أمّا ما يتعلّق بالشهود ، فهو بالإضافة إلى ما ذكر من أنّه طريق لزيادة بصيرة ومعرفة الناس بالإمام ، هو لإتمام الحجّة على الناس ، لأنّ الإمام يعلم أنّ بعضهم سوف ينحرف عن الحقّ.

فقد روى الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده عن الحسن بن عليعليهما‌السلام يقول : « كأنّي بكم وقد اختلفتم بعدي في الخلف منّي ، أما إنّ لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلاّ من عصمه الله عزّ وجلّ »(١) ، وليس هذا بالغريب ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع كثرة النصوص التي قالها في حقّ الإمام عليعليه‌السلام تراه يُشهد الأُمّة كاملة في يوم الغدير بالنصّ على ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

__________________

١ ـ ثواب الأعمال وعقابها : ٩٠.

٤٠٤

النصب والنواصب :

( ـ ـ )

معنى الناصبي :

س : من أنكر حقّ من حقوق أمير المؤمنين عليه‌السلام ، هل يعتبر ناصبياً؟ حتّى وإن لم يكن من المعلنين لعداوة أهل البيت عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الناصبي هو من ثبت عداؤه لأهل البيتعليهم‌السلام بالقول أو الفعل ، بشكل مباشر أو غير مباشر ، أمّا من ودّهم ولم يتّبع طريقتهم الفقهية والعقائدية ، ولكن لا يظهر لهم العداء ، لا يعتبر ناصبيّاً بالاصطلاح.

ولكن ربّ إنسان يدّعي المودّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن يحارب منهجهم وطريقتهم وأتباعهم ، فهذا ناصبي وإن ادّعى المودّة لهم.

( محمّد علي الشحي ـ الإمارات ـ سنّي ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

معنى العامّة ومعنى النواصب :

س : هناك فئة من الناس تسمّونهم العامّة أو النواصب ، فمن هؤلاء؟

ج : إنّ العامّة الذين يطلق عليهم هذا المصطلح هم من يتعاملون مع الأُمور دون عمق ، وبشكل سطحي ساذج ، أي غير عميقين في تفكيرهم ، وغير دقيقين في معرفتهم للواقع ، ويتعاملون مع كثيرٍ من المعطيات بشكل بسيط غير واقعي ولا حصيف ، مع أنّ الواقع أمامهم غير خفي ، والشواهد كثيرة غير قليلة ، ومع

٤٠٥

ذلك فهم يتعاملون مع هذه الأُمور بشكل بسيط لا يوصلهم إلى حقائق الأُمور ووقائعها ، ويأخذون كُلّ ما قيل ويقال دون تحكّم العقل والبرهان.

أمّا النواصب : فهم الذين ينصبون العداء لآل محمّدعليهم‌السلام ، أي يبغضون علي ابن أبي طالب وأولاده ، ويحاولون أن يتربّصوا بهم وبشيعتهم كُلّ سوء ، وهذا لا ينطبق على مسلم يقرّ لله بالوحدانية وللنبي بالشهادة ، وهو مع ذلك يبغض آل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

أعاذنا الله وإيّاكم من هؤلاء الذين نصبوا العداء لله ولرسوله ، ولآل بيت النبيّ الأطهارعليهم‌السلام ، ووفّقنا وإيّاكم لحبّهم والالتزام بنهجهم.

( نجيب العجمي ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

النواصب كفّار وإن صلّوا وصاموا :

س : عندي استفسار عن مدى صحّة الروايات التالية :

١ ـ عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « إنّ الله تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوّار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عشية عرفة » ، قال : قلت : قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال : « نعم » , قلت : وكيف ذاك؟ قال : « لأنّ في أُولئك أولاد زنى ، وليس في هؤلاء أولاد الزنا »(١) ، سبحان الله كُلّ الناس أولاد زنا؟

٢ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا »(٢) .

٣ ـ جاء في الأنوار النعمانية : روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنّ علامة النواصب تقديم غير علي عليه » ويؤيّد هذا المعنى : أنّ الأئمّة عليهم‌السلام وخواصّهم أطلقوا لفظ

__________________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٨٥.

٢ ـ الأنوار النعمانية ٢ / ٣٠٧.

٤٠٦

الناصبي على أبي حنيفة وأمثاله ، مع أنّ أبا حنيفة لم يكن ممّن نصب العدواة لأهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان له انقطاع إليهم ، وكان يظهر لهم التودّد

الثاني : في جواز قتلهم واستباحة أموالهم ـ يعني بالنواصب أهل السنّة ـ(١) .

٤ ـ جاء في نور البراهين : وأمّا طوائف أهل الخلاف على هذه الفرقة الإمامية ، فالنصوص متضافرة في الدلالة على أنّهم مخلّدون في النار

وروى المحقّق الحلّي في آخر السرائر مسنداً إلى محمّد بن عيسى قال : « كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت ، واعتقاد إمامتهما؟ ـ والمقصود بالجبت والطاغوت هما أبا بكر وعمر ـ فرجع ج : من كان على هذا فهو ناصب »(٢) .

الجواب : فقد ذكرت أربعة كتب رأيت فيها ما استفزّك حين أشكل عليك أمر ما رأيت ، ولعلّك ظننت أنّ كُلّ كتاب ما ضمّ بين دفتيه هو حقّ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وليس الأمر كذلك ، فكُلّ كتاب تراه لشيعي أو سنّي أو غيرهما ، يُؤخذ منه ويُقبل ما فيه إذا لم يعارض كتاب الله وسنّة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولمّا كان كتاب الله تعالى ثابتاً بالتواتر عند جميع المسلمين ، فلسنا بحاجة إلى بحث ثبوته ، ولكن سنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ترد كذلك ، بل نقلت أحاديثها عن طريق الإسناد ، وفي رجاله ربما كان من لا تُقبل روايته ، لجهة من جهات الرفض المذكورة في كتب الدراية وغيرها ، لذلك يلزمنا النظر في رجال السند أوّلاً ، فإن سلّم نظرنا إلى المتن لئلا يكون معارضاً لما صحّ وثبت من كتاب الله تعالى ، أو لضروري من ضروريات العقيدة الإسلامية ، ممّا أجمع عليه المسلمون ، لأنّ الحديث النبوي الشريف تعرّض لدخيل فيه أباطيل ، وكذلك ما ورد عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

لذلك كان الشيعة أقوم قيلاً حين أخضعوا جميع الأحاديث والأخبار للنظر سنداً ومتناً ، بخلاف أهل السنّة الذين أطّروا بعض الكتب الحديثية ـ كصحيح

__________________

١ ـ نور البراهين ١ / ٥٧.

٢ ـ مقدّمة فتح الباري : ٩.

٤٠٧

البخاري ومسلم وغيرهما ـ بما جاوز الحدّ ، حتّى غلوا في صحيح البخاري ، فقالوا : أنّه أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، وأنّ من روى عنه البخاري فقد جاز القنطرة ، ونحو ذلك في غيره من كتب الصحاح عندهم ، وهذا ما جعلهم في حيرة حين وجدوا في البخاري ومسلم ـ فضلاً عن غيرهما ـ رجالاً ليسوا بأهل للرواية عنهم.

وعليك أن تراجع مقدّمة فتح الباري لابن حجر لتجد أنّ المتكلّم فيه بالضعف من رجال البخاري ثمانون رجلاً ، والمتكلّم فيه بالضعف من رجال مسلم مئة وستّون رجلاً(١) .

أمّا الشيعة فقد قالوا : سائر الكتب ـ ما عدا القرآن الكريم ـ تخضع للفحص ، فما وافق كتاب الله تعالى فهو حقّ ، وما خالف فهو زخرف يضرب به عرض الجدار ، فإذا عرفت فلنذكر لك ما اشتبه عليك علمه ، وغلب عليك وهمه.

١ ـ ما ذكرته عن علي بن أسباط ، ففي سنده انقطاع ، وهو ما يسمّى بالمعضَل ، وجهالة الرواة فيما بين علي بن أسباط وبين أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وهذا كاف في ردّه وعدم حجّيته ، ومع الإغماض عمّا في سنده ، فالمراد أُولئك الذين لم يأتوا بواجبات الحجّ كاملاً ، لأنّ من واجباته طواف النساء ، ومن لم يأت به حرمت عليه النساء ، وبعض المذاهب لا يرون للحجّاج الإتيان به ، لذلك كانت مباشرتهم لنسائهم حرام ، ومن ولد من نكاح حرام فهو ولد زنا ، فهذا معنى قولهعليه‌السلام على تقدير صحّة الرواية سنداً.

وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام ، أنّ لعلي بن أسباط كتاب نوادر ، وكتبالنوادر أقلّ مرتبة في القبول من غيرها ، لأنّ ما يذكر في أبواب النوادر لا يعتمد عليه كما سيأتي مزيد بيان عن ذلك في آخر الأجوبة ، وأخيراً لاحظ كتاب الخلاف للطوسيقدس‌سره حول طواف النساء ووجوبه عندنا.

__________________

١ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٧٢.

٤٠٨

٢ ـ ما ذكرته عن أبي حمزة ففي سنده مجهولان ، وهما : علي بن العباس والحسن بن عبد الرحمن ، وهذا يكفي في سقوط الاستدلال بالخبر ، ولو أغمضنا عن ذلك ورجعنا إلى المتن لوجدنا بقية الخبر ولم تذكره ، فيه بيان وتفسير لما استنكرت ، والخبر بنصّه كما في المصدر.

عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم؟ فقال لي : « الكفّ عنهم أجمل » ، ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة ، إنّ الناس كُلّهم أولاد بغايا ما خلا شعيتنا » ، قلت : كيف لي بالمخرج من هذا؟

فقال لي : « يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدلّ عليه ، أنّ الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاماً ثلاثة في جميع الفيء ، ثمّ قال عزّ وجلّ :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ، فنحن أصحاب الخمس والفيء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا.

والله يا أبا حمزة ، ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلاّ كان حراماً على من يصيبه فرجاً كان أو مالاً ، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد ، حتّى أنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه ، فلا يصل إلى شيء من ذلك ، وقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة ».

٣ ـ وما ذكرته عن الأنوار النعمانية ، فأوّل ما فيه أنّ النبوي المذكور مرسل ، فلا ندري من رواه ، وعمّن رواه ، لنعرف الحال في أُولئك الرجال ، والذي ذكره بعده فهو من اجتهاد المؤلّف ، فلا يعبّر إلاّ عن رأيه الشخصي ، ولا يلزمنا ذلك بشيء ، إذ لسنا مقلّدين له ، ورأيه كآراء غيره من الناس فمن ارتضاه قبله ، ومن لم يقبله رفضه.

٤ ـ وما ذكرته عن نور البراهين ، فإنّ مؤلّفه هو مؤلّف الأنوار النعمانية ، وللرجل اجتهادات شخصية لسنا ملزمين بها ، وما نقله عن المحقّق الحلّي في آخر

٤٠٩

السرائر ، فإنّ آخر السرائر هو باب النوادر ، ممّا استطرفه من كتب الآخرين ، فهو لا يعني التزامه بصحّة ما فيه كما صرّح بذلك في كتاب السرائر ، وإنّ ما يوجد في باب النوادر لا يعمل به.

هذا باختصار جواب ما ذكرته عن تلك الكتب ، والآن لزيادة الإيضاح والإفصاح كيلا تستوحش من وصف النواصب بالكفر ، أذكر لك جملة أحاديث نبوية مذكورة في مصادرها السنّية :

١ ـ أخرج الهيثمي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته وهو يقول : «أيّها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً » ، فقلت : يا رسول الله وإن صام وصلّى؟

قال : «وإن صلّى وصام ، وزعم أنّه مسلم ، احتجر بذلك من سفك دمه ، وأن يؤدّي الجزية عن يد وهم صاغرون ، مثل لي أمّتي في الطين ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته » رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه : من لم أعرفهم(١) .

أقول : لماذا لم يذكرهم؟ لئلا يوجد من يعرفهم.

٢ ـ أخرج الحاكم بإسناده عن ابن عباس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يا بني عبد المطلب ، إنّي سألت الله لكم ثلاثاً ، أن يثبّت قائمكم ، وأن يهدي ضالّكم ، وأن يعلّم جاهلكم ، وسألت الله أن يجعلكم جوداء نجداء رحماء ، فلو أنّ رجلاً صفن بين الركن والمقام فصلّى وصام ، ثمّ لقى الله وهو مبغض لأهل بيت محمّد دخل النار » ، هذا حديث حسن صحيح على شرط مسلم(٢) .

ورواه الطبري في ذخائر العقبى ، وابن أبي عاصم في كتاب السنّة ، والطبراني في المعجم الكبير ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال وغيرهم.

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٤٨.

٢ ـ الكشف والبيان ٨ / ٢١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٢٣ ، تفسير الثعالبي ٥ / ١٥٧ ، التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٢١٩.

٤١٠

٣ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنّة ، ثمّ منكراً ونكيراً ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله زوّار قبره ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات كافراً ، ألا ومن مات على بغض آل محمّد لم يشم رائحة الجنّة »(١) .

قال الفخر الرازي : « آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكُلّ من كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولاشكّ أنّ فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشدّ التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل »(٢) .

فبعد هذا عليك أن تميّز بين المحبّ لهم والمبغض لهم ، فالمحبّ مؤمن والمبغض كافر كما مرّ في الحديث ، فعلى هذا كان عدّ النواصب كفّاراً ، وإن صلّوا وصاموا كما مرّ في الحديث الأوّل ، ولو راجعت معاجم اللغة تجد تعريفهم بأنّهم قوم يبغضون الإمام عليعليه‌السلام .

قال الفيروز آبادي الشافعي : « والنواصب والناصبية وأهل النصب : المتدينون ببغضة علي ، لأنّهم نصبوا له ، أي عادوه ».

إذاً ، فالميزان هو بغض الإمام في علامة النصب ، فأينما مبغض فهو ناصبي ، وهو كافر بنصّ ما سبق في الحديث : «ألا ومن مات على بغض آل محمّد مات

__________________

١ ـ التفسير الكبير ٩ / ٥٩٥.

٢ ـ القاموس المحيط ١ / ١٢٣.

٤١١

كافراً » ، مضافاً إلى ما ورد من أحاديث نبوية في علي خاصّة ، نحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني »(١) .

ونحو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يحبّ علياً إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٢) ، إلى غير ذلك ممّا يطول بيانه.

__________________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٥ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٢ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٨٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٥٤ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧٠ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٣٦٠ ، الجوهرة : ٦٦ ، الوافي بالوفيات ٢١ / ١٧٩ ، جواهر المطالب ١ / ٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٣.

٢ ـ المعجم الكبير ٢٣ / ٣٧٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٢ ، تهذيب الكمال ١٥ / ٢٣٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٥ و ٢٧٤.

٤١٢

النكاح :

( عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس )

جواز التمتّع بالزوجة الرضيعة :

س : أسألكم عن فتوى الإمام الخميني حول جواز التمتّع بالرضيعة؟

ج : لابأس أن نذكر بعض النقاط لها صلة بالجواب :

١ ـ لا مجال للعقل باستقلاله عن الشرع أن يكون ميزاناً لمعرفة الأحكام الشرعية ، فكم من حكم شرعي لا يتطابق ـ ظاهراً وفي بدو النظر ـ مع الحكم العقلي ، فهل ينتفي الحكم الشرعي بمجرّد هذا التباين الظاهري؟!

٢ ـ إنّ كلام القائل في المقام هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ، ولو أنّه أجاز سائر الاستمتاعات ؛ وعليه فتنويع الاستمتاعات لا يدلّ على تجويزها في كافّة الموارد ، بل إنّ الأمر يدور مدار المورد ونوع الاستمتاع ، فمثلاً : اللّمس والضمّ قد يكون جائزاً بالنسبة حتّى للرضيعة ، وأمّا التفخيذ فيكون مثالاً للاستمتاع بالصغيرة التي تكون قريبة عن البلوغ ، وقابلةً لهذه الكيفية من الاستمتاع.

٣ ـ الأحكام الفرعية تكون دائماً قابلة للأخذ والردّ ولا حرج فيه ، وهذا لا يعني المساس بالعقيدة وأصل المذهب ـ إلاّ عند أهل العقد والأهواء ـ خصوصاً إذا كان حكماً يختصّ بشخصٍ دون آخر ، فهذا لا يعني إجماع الطائفة عليه حتّى يكون مورداً للإشكال والنقض كما هو الحال في المقام ، إذ أنّ للعلماء آراء أُخر تطلب من رسائلهم العملية.

٤١٣

٤ ـ لابأس في هذا المجال أن يراجع إلى فتاوى أهل السنّة ، فإنّ لبعضهم في هذه المسألة أحكاماً تفوق رأي ذلك القائل ؛ وفي سبيل المثال نذكر في هذه العجالة بعض ما ذكروه : فإن كانت صغيرة جاز للأب تزويجها بغير إذنها بغير خلاف(١) ، وذكر موضوع مسألة اعتداد الصغيرة(٢) ، فما سبب عدّة الصغيرة غير الدخول؟!

ويصرّح في مقام آخر بموضوع : وقت زفاف الصغيرة المزوّجة والدخول بها قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة : حدّ ذلك أن تطيق الجماع ، ويختلف ذلك باختلافهنّ ، ولا يضبط بسنّ ، وهذا هو الصحيح(٣) .

فنرى أنّ الشافعي ومالك وأبا حنيفة يعلّقون الاستمتاع في المسألة ـ وهو الجماع ـ على حالة طاقتها ، ثمّ ما المانع عقلاً من اطّراد هذه الكيفية من الاستدلال في سائر الاستمتاعات في مطلق الصغيرة حتّى الرضيعة؟!

( علي الهندي ـ ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

مسألة جواز الزواج من الصغيرة من المسائل المتّفق عليها بين الشيعة والسنّة ، إلاّ بعض السنّة وهم : ابن شبرمة وأبو بكر الأصم ، وعثمان البتّي ، وهذا ما نبيّنه لك ضمن نقطتين هما :

الأُولى : في تعريف الزواج شرعاً : هو عقد يتضمّن إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل والضمّ وغير ذلك ، إذا كانت المرأة غير محرم بنسب أو رضاع أو صهر.

ملاحظة : لم يؤخذ في التعريف قيد البلوغ.

__________________

١ ـ المجموع شرح المهذّب ١٦ / ١٦٨.

٢ ـ المصدر السابق ١٩ / ٣٣٠.

٣ ـ شرح مسلم ٩ / ٢٠٦.

٤١٤

أو هو عقد وضعه الشارع ليفيد ملك استمتاع الرجل بالمرأة ، وحلّ استمتاع المرأة بالرجل.

وعرّفه الحنفية بقولهم : عقد يفيد ملك المتعة قصداً ، أي حلّ استمتاع الرجل من امرأة لم يمنع في نكاحها مانع شرعي بالقصد المباشر ، فخرج بكلمة المرأة الذكر والخنثى المشكل لجواز ذكوريته ، وخرج بقوله : لم يمنع من نكاحها مانع شرعي ، المرأة الوثنية والمحارم والجنّية وإنسان الماء لاختلاف الجنس.

ملاحظة : هنا أيضاً لم يلاحظ من المستثنيات الصغيرة.

قال الدكتور وهبة الزحيلي : « والنكاح عند الفقهاء ومنهم مشايخ المذاهب الأربعة : حقيقة في العقد مجاز في الوطء ، لأنّه المشهور في القرآن والأخبار ، وقد قال الزمخشري ـ وهو من علماء الحنفية ـ : ليس في الكتاب لفظ النكاح بمعنى الوطء إلاّ قوله تعالى :( حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) (١) لخبر الصحيحين حتّى تذوقي عسيلته ، فالمراد به العقد ، والوطء مستفاد من هذا الخبر »(٢) .

من هذه المقدّمة نفهم : أنّ العقد يبيح للرجل جميع الاستمتاعات خرج منها : الدخول بالمرأة لدليل خاصّ به ، فتبقى جميع الاستمتاعات تحت عموم جواز الاستمتاع ، وهذا الأمر لا يختلف فيه الفقهاء من الشيعة والسنّة كما قلت.

يبقى السؤال التالي : هل يجوز زواج الصغيرة؟ أو العقد على غير البالغة؟ هذا ما نبحثه في النقطة الثانية.

لقد عقد الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه « الفقه الإسلامي » تحت عنوان : الأهلية والولاية والوكالة في الزواج ، وفيه مباحث ثلاثة :

المبحث الأوّل : أهلية الزوجين : يرى ابن شبرمة وأبو بكر وعثمان البتّي أنّه لا يزوّج الصغير والصغيرة حتّى يبلغا لقوله تعالى :( حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ ) (٣) ،فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة ، ولأنّه لا حاجة بهما إلى

__________________

١ ـ البقرة : ٢٣٠.

٢ ـ أُنظر : الفقه الإسلامي وأدلّته ٧ / ٣٠.

٣ ـ النساء : ٦.

٤١٥

النكاح ، ورأى ابن حزم أنّه يجوز تزويج الصغيرة عملاً بالآثار المروية في ذلك (١) .

ولم يشترط جمهور الفقهاء لانعقاد الزواج : البلوغ والعقل ، وقالوا بصحّة الزواج الصغير والمجنون.

الصغر : أمّا الصغر ، فقال الجمهور ـ منهم أئمّة المذاهب الأربعة ـ : بل ادعى ابن المنذر الإجماع على جواز تزويج الصغيرة من كفء ، واستدلّوا عليه بما يأتي(٢) :

١ ـ بيان عدّة الصغيرة : وهي ثلاثة أشهر في قوله تعالى :( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) (٣) ، فإنّه تعالى حدّد عدّة الصغيرة التي لم تحض بثلاثة أشهر كاليائسة ، ولا تكون العدّة إلاّ بعد زواج وفراق ، فدلّ النصّ على أنّها تزوّج وتطلّق ولا إذن لها.

٢ ـ الأمر بنكاح الإناث في قوله تعالى :( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ ) (٥) ، والأيم : الأنثى التي لا زوج لها ، صغيرة كانت أو كبيرة.

٣ ـ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعائشة وهي صغيرة ، فإنّها قالت : تزوّجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا ابنة ست ودخل بي وأنا ابنة تسع (٦) ، وفي رواية : تزوّجها وهي بنت سبع سنين ، وزفّت إليه وهي بنت تسع سنين (٧) .

٤ ـ آثار عن الصحابة : فقد زوّج علي ابنته أُمّ كلثوم وهي صغيرة من عروق بن الزبير ، وزوّج عروة بن الزبير بنت أخيه من ابن أخيه وهما صغيران ، ووهب رجل ابنته الصغيرة لعبد الله بن الحسن بن علي ، فأجاز ذلك علي ، وزوّجت امرأة ابن

__________________

١ ـ المحلّى ٩ / ٤٥٨.

٢ ـ أُنظر : المبسوط للسرخسي ٤ / ٢١٢ ، بدائع الصنائع ٢ / ٢٤٠ ، مغني المحتاج ٣ / ١٦٨.

٣ ـ الطلاق : ٤.

٤ ـ النور : ٣٢.

٥ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٣٩ ، مسند أحمد ٦ / ١١٨. السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٤٨.

٦ ـ أُنظر : مسند أحمد ٦ / ٢٨٠ ، سنن أبي داود ١ / ٤٧١ و ٢ / ٤٦٣ ، مسند أبي يعلى ٨ / ٧٤ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٢١.

٤١٦

مسعود بنتاً لها صغيرة لابن المسيّب بن نخبة ، فأجاز ذلك زوّجها عبد الله بن مسعود.

٥ ـ قد تكون هناك مصلحة بتزويج الصغار ، ويجد الأب الكف‏ء فلا يفوت إلى وقت البلوغ.

من الذي يزوّج الصغار؟ وأُختلف الجمهور القائلون بجواز تزويج الصغار فيمن يزوّجهم؟

فقال المالكية والحنابلة(١) : ليس لغير الأب أو وصيّه أو الحاكم تزويج الصغار ، لتوافر شفقة الأب وصدق رغبته في تحقيق مصلحة ولده ، والحاكم ووصي الأب كالأب ، لأنّه لا نظر لغير هؤلاء في مال الصغار ومصالحهم المتعلّقة بهم ، ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تستأمر اليتيمة في نفسها ، وإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت فلا جواز عليها »(٢) .

وروي عن ابن عمر أن قدامة بن مظعون زوّج ابن عمر ابنة أخيه عثمان ، فرفع ذلك إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « هي يتيمة ولا تنكح إلاّ بإذنها » (٣) .

واليتيمة : هي الصغيرة التي مات أبوها لحديث : « لا يتم بعد احتلام »(٤) ، فدلّ الحديث على أنّ الأب وحده هو الذي يملك تزويج الصغار.

وقالت الحنفية(٥) : يجوز للأب والجدّ ولغيرهما من العصبات تزويج الصغير والصغيرة لقوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى ) (٦) أي في نكاح اليتامى ، أي إذا كان خوف من ظلم اليتامى ، فالآية تأمر الأولياء بتزويج اليتامى.

وأجاز أبو حنيفة في رواية عنه خلافاً للصاحبين لغير العصبات من قرابة الرحم كالأُم والأُخت والخالة تزويج الصغار أن لم يكن ثمّة عصبة ، ودليله عموم

__________________

١ ـ أُنظر : المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٥٩ و ٤٧٥ ، سنن أبي داود ١ / ٤٦٥ ، الجامع الكبير ٢ / ٢٨٨.

٣ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١١٣ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٠.

٤ ـ سنن أبي داود ١ / ٦٥٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٦ / ٥٧.

٥ ـ المغني لابن قدامة ٧ / ٣٨٢ ، سبل السلام ٣ / ١٢٠.

٦ ـ النساء : ٣.

٤١٧

قوله تعالى : ( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ ) من غير تفرقة بين العصبات وغيرهم.

وقالت الشافعية(١) : ليس لغير الأب والجدّ تزويج الصغير والصغيرة في حقّ الأب للآثار المروية فيه ، فبقي ما سواه على أصل القياس ، والحنابلة رأوا أنّ الأحاديث مقصورة على الأب ، والشافعية استدلوا بالأحاديث ، لكنّهم قاسوا الجدّ على الأب ، والحنفية أخذوا بعموم الآيات القرآنية التي تأمر الأولياء بتزويج اليتامى ، أو بتزويجهن من غيرهم.

وقد أشترط أبو يوسف ومحمّد في تزويج الصغار الكفاءة ومهر المثل ، لأنّ الولاية للمصلحة ، ولا مصلحة في التزويج من غير كف‏ء ولا مهر مثل ، وكذلك اشترط الشافعية في تزويج الأب الصغيرة أو الكبيرة بغير إذنها شروطاً سبعة ، وهي :

الأوّل : ألا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة.

الثاني : أن يزوّجها من كف‏ء.

الثالث : أن يزوّجها بمهر مثلها.

الرابع : أن يكون من نقد البلد.

الخامس : ألا يكون الزوج معسراً بالمهر.

السادس : ألا يزوّجها بمن تتضرّر بمعاشرته كأعمى وشيخ هرم.

السابع : ألا يكون قد وجب عليها الحجّ ، فإنّ الزوج قد يمنعها لكون الحجّ على التراخي ، ولها عوض في تعجيل براءتها ، ويجوز أن يزوّج الصغير أكثر من واحدة.

وأجاز المالكية للأب تزويج البكر الصغيرة ، ولو بدون صداق المثل ، ولو لأقلّ حال منها ، أو لقبيح منظر ، وتزوّج البالغ بإذنها ، إلاّ اليتيمة الصغيرة التي بلغت عشر سنين ، فتزوّج بعد استشارة القاضي على أن يكون الزواج بكف‏ء وبمهر المثل.

__________________

١ ـ مغني المحتاج ٣ / ١٤٩.

٤١٨

ورأى الحنابلة : أن يزوّج الأب ابنه الصغير أو المجنون بمهر المثل وغيره ولو كرهاً ، لأنّ للأب تزويج ابنته البكر بدون صداق مثلها ، وهذا مثله ، فإنّه قد يرى المصلحة في تزويجه ، فجاز له بذل المال فيه كمداواته فهذا أولى ، وإذا زوّج الأب ابنه الصغير ، فيزوجه بامرأة واحدة لحصول الغرض بها ، وله تزويجه بأكثر من واحدة إن رأى فيه مصلحة.

وضعّف بعض الحنابلة هذا ، إذ ليس فيه مصلحة بل مفسدة ، وصوّب أنّه لا يزوّجه أكثر من واحدة ، أمّا الوصي لا يزوّجه أكثر بلا خلاف لأنّه تزويج لحاجة ، والكفاية تحصل به ، إلاّ أن تكون غائبة أو صغيرة أو طفلة وبه حاجة ، فيجوز أن يزوّجه ثانية.

وهذه بعض المستندات الروائية وغيرها عندنا نحن الإمامية : ففي الحديث قال عبد الله بن الصلت : سألت أبا الحسن عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ألها أمر إذا بلغت؟ قال : « لا ليس لها من أبيها أمر »(١) .

وسأل محمّد بن إسماعيل بن بزيع الرضاعليه‌السلام عن الصبية يزوّجها أبوها ثمّ يموت وهي صغيرة ، ثمّ تكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، أيجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال : « يجوز عليها تزويج أبيها »(٢) .

وجواز النكاح مشروطاً بإذن أبيها متّفق بين الفقهاء ، إلاّ أنّهم اختلفوا في جوازه بإذن الجدّ للأب ، وفي جواز ردّها وفسخها بعد البلوغ ، فيقول الشيخ الطوسيقدس‌سره : « يجوز للرجل أن يعقد على بنته إذا كانت صغيرة لم تبلغ مبلغ النساء من غير استيذان لها ، ومتى عقد عليها لم يكن لها خيار وإن بلغت »(٣) .

ويقول ابن زهرةقدس‌سره : « والولاية التي يجوز معها تزويج غير البالغ ـ سواء كانت بكراً أو قد ذهبت بكارتها بزوج أو غيره ـ مختصة بأبيها وجدّها له في حياته » (٤) .

__________________

١ ـ الكافي ٥ / ٣٩٤.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ٣ / ٣٩٥.

٣ ـ النهاية للشيخ الطوسي : ٤٦٤.

٤ ـ غنية النزوع : ٣٤٢.

٤١٩

وقال ابن حمزةقدس‌سره : « الذي بيده عقدة النكاح أربعة : والأب والجدّ مع وجود الأب إذا كانت طفلة ، أو بالغة غير رشيدة ومن يعقد عليها : حرّة وأمة ، والحرّة بالغة ، وطفل ، والبالغة رشيدة »(١) .

وقال المحقّق الحلّيقدس‌سره : « وتثبت ولاية الأب والجدّ للأب على الصغيرة ، وإن ذهبت بكارتها بوطء أو غيره »(٢) .

فهل بعد هذا البيان يبقى مجال للاستغراب والتساؤل عن مسألة الزواج من الصغيرة؟!

وفي الختام نقول : على فرض أنّ أهل السنّة لم يقولوا بجواز ذلك ، فهذا لا يعني أنّنا أيضاً نمنع ذلك ، وذلك لأنّنا نتّبع الدليل ، فإذا ثبت عندنا الدليل الشرعي على جواز الزواج من الصغيرة نأخذ به ، حتّى لو خالفنا جميع الناس ، لأنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع.

( غانم النصّار ـ الكويت ـ )

كيفية الاستمتاع بالزوجة الرضيعة :

السؤال : لقد قرأت فتوى للسيّد الخمينيقدس‌سره أنّه يجيز التمتّع بالرضيعة ، أو بمعنى أصح التفخيذ ، فما هو المقصود من هذا الكلام؟ هل هو ما نحن نفهمه أن يتمتّع الرجل البالغ برضيعة ويفخذها؟ أم أنّ القصد شيء آخر؟ إفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : نشير إلى رؤوس مواضيع تفيدكم في إجابتها :

١ ـ إنّ الأحكام الشرعية والفقهية لها موازينها في الإثبات ؛ فالعقل بالاستقلال لا دخل له في إثبات أو نفي الحكم الشرعي ، إلاّ إذا عيّنه الشرع في إطار محدّدٍ.

٢ ـ إنّ هذا الكلام المنقول هو بصدد نفي المواقعة مع الزوجة الصغيرة ـ أي قبل إكمال تسع سنين ـ(٣) .

__________________

١ ـ الوسيلة : ٢٩٩.

٢ ـ شرائع الإسلام ٢ / ٥٠٢.

٣ ـ تحرير الوسيلة ٢ / ٢٤١.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434