إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق18%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219842 / تحميل: 6909
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أنّهم يتزوّجون من مسيحيات ، ممّا يجعلهم يختلطون معهم في حفلات مختلطة ، وغناء ورقص وغير ذلك.

وأنا ـ كسنّي ـ فهمت بأنّ زواج المتعة حلال ، وله أدلّته كالزواج الدائم ، كما ذكر السيّد السيستاني وغيره من العلماء والمراجع ، يحفظهم الله أجمعين ، ولكن لماذا يحلّل بعض العلماء الزواج المؤقت من الزانية والمشهورة بالزنى؟ أو ليس هناك آية صريحة يقول فيها الله :( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) (١) ، أو ليس هذا اجتهاد صريح مقابل النصّ؟! أرجو التوضيح.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم اذكره أجد فيه غرابة ، واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التامّ للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إنشاء الله تعالى.

ج : مسألة التمتّع بالزانية محلّ خلاف عند فقهاء الشيعة ، فمنهم من يرى الكراهة ، ومنهم من لا يجوّزها خصوصاً في المشهورة بالزنا ، ويعتمد كُلّ منهم على نصوص وأحاديث ـ كما هو مقرّر في محلّه ـ ولكن بنحو الإجمال نشير إلى أنّ الآية التي ذكرتموها( وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ ) ، قد يحتمل فيها وجه آخر وهو : أنّ الزاني والزانية بعد توبتهما يصبحان كمن لا ذنب له ، والآية ـ على هذا الاحتمال ـ في مجال ذكر حكمهما قبل التوبة.

وعلى فرض التنزّل ، فالمسألة محلّ خلاف حتّى عند السنّة أيضاً ، وفي هذا المجال لابأس أن يراجع إلى المجموع للنووي(٢) ، اعتماداً على حديث «لا يحرّم

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢١٩.

٢٢١

الحرام الحلال »(١) ؛ فالمسألة هي محلّ بحث ونقاش عند الفريقين ، وليس بالأمر المسلّم حتّى يعتمد عليه.

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها ، نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق :

س : السلام عليكم يا اتباع الحقّ.

في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

( حسام ـ ـ سنّي )

التطبيق العملي لها :

السؤال : الإخوة الأفاضل في مركز الأبحاث العقائدية.

__________________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ١٦٨ ، سنن الدارقطني ٣ / ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٤٩.

٢٢٢

أُحبّ أن أشكركم على الكتب التي أرسلتموها لي في الفترة الماضية ، والحقيقة تقال : أنّ لديكم علماء ذوي أقدام راسخة في العلم ، وللأسف نحن أهل السنّة لا نعرفهم ، وهذا من باب إغلاق العقول وللأسف ، ولكنّني لست ممّن يغلق عقله ، بل على العكس أُحبّ الانفتاح على الفرق المخالفة لأهل السنّة ، بل لي كثير من الأفكار التي تخالفهم ، والحقيقة أنّني أقرأ كتبكم بحبّ وشوق ، وأنا حريص على الحقيقة.

ولكن عندي تساؤل وهو : إذا قلنا بالمتعة وجوازها بناء على الأدلّة ، كيف سيتمّ تطبيق ذلك عملياً ، ومقصدي : أنّ المرأة حينما تتزوّج بطريق المتعة عدّة مرّات ، ألا يعتبر ذلك عيباً في حقّها ، حتّى أنّ الأمر قد يصل إلى أن تفتح النساء مجالاً لأن تتزوّج بالمتعة ، فهل هذه التطبيقات العملية تكون مجدية أم لا يعتبر ذلك من العيوب؟ فيصير الأمر كأنّه شبيه ببيوت الدعارة؟ أرجو الإفادة في هذه النقطة.

ج : نسأل الله تعالى أن يوفّقكم لكُلّ خير ، ويبارك في جهودكم ويسدّد خطاكم ، ونلفت انتباهكم إلى عدّة أُمور :

١ ـ المتعة كالزواج الدائم في وجوب العدّة ، فكما يجب على المرأة المطلّقة في الزواج الدائم أن تعتدّ ، فكذا يجب على المرأة في المتعة أن تعتدّ بعد أن تنقضي المدّة المقرّرة ، وبناء على هذا الأصل لا يرد ما ذكرتموه.

ويكون حال المتمتعة كحال المرأة التي تطلّق عدّة مرّات ثمّ تتزوّج ، وما أكثر أمثال هذه الموارد في عصرنا الحاضر ، بالأخص في الخليج ، حيث أنّ الطلاق عندهم كثير جدّاً ، والمرأة تطلّق وتتزوّج عدّة مرّات.

٢ ـ أنّ المتعة بُنيت على الكتمان ، كما ورد في الحديث.

٣ ـ أنّ المتعة من المسائل التي جعلها الإسلام لحلّ المسألة الجنسية والاحتياج الجنسي في المجتمع ، وذلك بصورة منتظمة ، وذلك لئلاّ يقع الناس في حرج

٢٢٣

ويرتكبوا المحرّم ، حتّى أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام صرّح : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(١) .

وعن ابن عباس : « ما كانت المتعة إلاّ رحمة رحم الله بها هذه الأُمّة ، ولولا نهي عمر بن الخطّاب عنها ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

وكُلّ ما ذكرتموه من اشكالات وتصوّرات ترتابها الشكوك عن الواقع العملي للمتعة ، إنّما ينشأ لعدم أُلفة مجتمعاتنا لهذه المسألة ، ولم يكن تحريماً بسيطاً كسائر التحريمات ، وإنّما تحريم وعقاب ، تحريم مع تهديد بالرجم ، مع التشديد في العقوبة.

ففي المبسوط للسرخسي قال عمر : « لا أُوتي برجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ رجمته ، ولو أدركته ميّتاً لرجمتُ قبره »(٣) .

وإنّ تحريم عمر للمتعة وتغليظه في التحريم ، ممّا جعل هذه المسألة تكون غير مألوفة في المجتمعات الإسلامية ، وإلاّ فإنّها كانت في غاية البساطة ، حتّى أنّ عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٤) .

وروي عن ابنة أبي خثيمة : « أنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج ، فأخبر عن ذلك عمر بن الخطّاب ،

__________________

١ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٢٦ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٦ ، التمهيد ١٠ / ١١٤ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨٦ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٣ ـ المبسوط للسرخي ٥ / ١٥٣.

٤ ـ المائدة : ٨٧ ، وأُنظر : مسند أحمد ١ / ٤٣٢ ، صحيح البخاري ٦ / ١١٩ ، صحيح مسلم ٤ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٧٩ و ٢٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٧١ و ٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٣٧ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٢٦٠ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٤٩.

٢٢٤

فأرسل إليّ فسألني : أحقّ ما حدّثت؟ قلت : نعم ، قال : ما حملك على الذي فعلته؟

قال : فعلته مع رسول الله ثمّ لم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهاها عنه حتّى قبضه الله ، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهياً ، فقال عمر : أما والذي نفسي بيده ، لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك »(١) .

فمن هذا يتبيّن : أنّ المسألة كانت في غاية السهولة من ناحية الدافع العملي ، ولو كانت مجتمعاتنا قد رضيت بهذه المسألة وطبّقتها عملياً ، لكانت مجتمعاتنا مجتمعات صالحة يسودها كُلّ خير ، ولما اضطرّت إلى اختراع زواج المسيار!!

هذا ، وإنّ الأحكام الشرعية تعبّدية ، ليس لنا أن نرفضها لمجرّد بعض الفرضيات ، ولو فتحنا هكذا باب لرفضنا الكثير من الأحكام الشرعية ، أمثال مسألة الرضاع التي ربما سبّبت بعض المشاكل.

( إبراهيم عبد الكريم ـ النيجر ـ سنّي )

الشيعة تحلّلها :

س : بعد التحية الطيّبة ، أسأل الله أن يهدينا إلى الحقّ ، ويثبّتنا عليه بفضله وكرمه ، سؤالي هو : إنّ الشيعة يحلّلون زواج أكثر من أربع نساء.

ج : إنّ طلب الحقّ أمر ممدوح ، وعدم الاعتماد على الخصم في فهم التشيّع ، والاعتماد على كتب علماء الشيعة ، هو الطريق الوحيد لفهم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

الشيعة لا تحلّل الزواج أكثر من أربع نساء ، نعم تحلّل الزواج المؤقت ، وله شروط منها : أن لا تكون البنت بكراً ، فلو كانت بكراً توقّف الجواز على إذن أبيها ، وتعيين الوقت والمهر ، والعدّة بعد انقضاء المدّة.

__________________

١ ـ كنز العمّال ١٦ / ٥٢٢.

٢٢٥

وزواج المتعة اتفق المسلمون على أنّه كان حلالاً زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي بكر ، وبعض خلافة عمر ، حتّى حرّمه عمر بقوله : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »(١) .

( أحمد منصور ـ البحرين )

التمتّع بالصغيرة ليست من مختصّات الشيعة :

س : أودّ في بداية هذه الرسالة أن أشكركم على جهودكم لتبيين كلمة الحقّ ، ودحض الحجج الواهية لأعداء مذهب الحقّ ، ممّا يأخذه بعضهم علينا مسألة التمتّع بالصغيرة أو الرضيعة ، وضّحوا لنا هذه المسألة ، جزاكم الله خيراً ، وكتبه في ميزان أعمالكم.

ج : أكثر علمائنا يشترط في التمتّع بالبنت بلوغها سنّاً يصدق عليه عرفاً إمكان التمتّع بها ، وهذا غير العقد على الصغيرة ، فالعقد شيء والتمتّع شيء آخر.

وهذه الشبهة ممّا أُثيرت مؤخّراً ضدّ الشيعة ، مع أنّها ليست من مختصّات فقه الشيعة ، بل يشترك فيها الكثير من علماء مذاهب أهل السنّة ، فهذا النووي يذكر في كتابه المجموع الكثير من الآراء لفقهاء المذاهب الإسلامية ، وفي أبواب مختلفة من كتابه تصبّ مصبّ التمتّع بالصغيرة(٢) .

__________________

١ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٥ ، الاستذكار ٤ / ٦٥ و ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ٨ / ٣٥٥ و ١٠ / ١١٣ و ٢٣ / ٣٥٧ و ٣٦٥ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، شرح معاني الآثار ٢ / ١٤٦ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٤ و ٣ / ٣١٢ ، التفسير الكبير ٤ / ٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٢ ـ المجموع ١٦ / ٢٧ و ٤٠ و ١٦٨ و ١٧٢ و ١٩٦ و ٣٣٠ و ٣٤٠ و ٣٧٤ و ٤٠٨ و ١٧ / ٩ و ٥١ و ٧٤ و ١٥٤ و ١٦٩ و ٣٠٨ و ٣٩٥.

٢٢٦

( ـ الجزائر ـ )

حلّ من الحلول للزانية :

س : في اعتقادنا أنّ الزانية أصلح ما يكون لها هو زواج المتعة بعد استتابتها ، لأنّه أحفظ لها من الضياع المطلق ، والفساد الأكيد الذي يحرق الأخضر واليابس ، فالزانية أخطر على الأُمّة من الأسلحة الفتّاكة ، لأنّ الزنا يفسد الحرث والنسل ، ولو دقّقتم في الأمر ، وتتبّعتم التسلسل القرآني لوجدتم ما أشرنا له.

ج : نعم ، الزانية يمكن أن يكون زواج المتعة حلّ من الحلول لها بعد استتابتها ، ولكن لا يمكن لنا أن نحصر فلسفة زواج المتعة بهذا المنظار الضيّق ، ولا أنّ الحلّ للزانية التائبة بزواج المتعة.

وعلى كُلّ حال ، فما ذكرتموه بعمومه جيّد.

( ـ السعودية ـ سنّي )

تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع :

س : بالنسبة لزواج المتعة لدي سؤال واحد فقط : هل ترضى أن تزوّج أُختك أو ابنتك زواج متعة؟ يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر ، هذا هو البلاء وعدم الاستقرار ، وهضم كامل لحقوق المرأة ، وبه أصبحت المرأة مجرّد سلعة رخيصة يلهو بها الرجال بين الحين والآخر ، يأكلون منها يوماً ويتركونها يوماً ، وبزواج المتعة ليس هناك حفظ للنسل ، ولا لحقوق المرأة ، فأيّ زواج هذا الذي تصبح به المرأة مجرّد شهوة وقتية يقضي به الرجل شهوته ثمّ يتركها؟ وألا تعتقد أنّ هذا الزواج قريب جدّاً من الزنا؟

ج : تارة نبحث عن أصل المشروعية له ، وما ذكر حوله في القرآن والسنّة ، وأنّه كان ثابتاً قطعاً ، فهل نسخ؟! وكما هو المعلوم النسخ لابدّ أن يأتي متواتراً ، وإذا كان قد نسخ ، لماذا قال عمر بن الخطّاب : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما »؟! ولماذا كان ابن عباس

٢٢٧

يفتي بالمتعة إلى آخر حياته؟! وهل يصدّق بأنّ ابن عباس لم يصل إليه النسخ؟! تساؤلات علينا أن نبحث فيها.

وتارة نبحث أترضى كذا وكذا ، فهل هذا بحث علمي ، أم هو من كلام العاجزين عن الدليل الذين يهذون بهذه الترهات.

فإذا استطعنا أن نثبت أصل الحكم الشرعي ، لا يمكن أن نورد هكذا خزعبلات ، وإذا فتحنا الباب أمام هذه المغالطات ، فإنّها ستجري على جميع الأحكام الشرعية.

فلو كانت أُختك أو ابنتك قد طلّقت ، وتزوّجت ثانية ، وطلّقت ، وأرادت الزواج مرّة أُخرى ، فكيف ترضى أن يتمتّع بها الرجال بين الحين والآخر؟!

وكما هو معلوم لدى أهل التحقيق : أنّ المتعة لها شروط منها : أن لا تكون بكراً ، فإذا كانت بكراً يشترط في زواجها متعة إذن الولي ، ومنها : العدّة ، فإذا انقضت المدّة وأرادت أن تتمتّع بآخر لا يمكن لها إلاّ بعد العدّة.

فالمتعة حقيقة ثابتة ، تعتبر من الحلول الأساسية للمجتمع ، وذلك إذا طبّقت بشرطها وشروطها.

( كنان حداد ـ ـ )

تساؤلات حول المتعة :

س : وجزاكم الله كُلّ خير ، أرجو إجابتكم المفصّلة عن هذه الأسئلة التي طالما أرقتني وأضاقت صدري ، وأشعلت الشكوك في نفسي :

١ ـ هل تمتّع الأئمّةعليهم‌السلام أو نساء أهل البيت؟ ـ مع الدليل ـ وإذا لم يفعلوها ، فلماذا نفعل ما لم يفعلوه؟

٢ ـ لماذا لم يعد الإمام عليعليه‌السلام العمل بالمتعة عند خلافته ، وإذا أعادها فما الدليل؟

٣ ـ كيف يمكن التوفيق بين شرط العدل بين الزوجات وبين زواج المتعة؟

٤ ـ كيف يمكن التوفيق بين أبغض الحلال عند الله الطلاق ، وبين استحباب التمتّع ، بل وأكثر من مرّة؟

٢٢٨

٥ ـ كيف تكون المستمتع بها مستأجرة وهو عقد بين طرفين؟

ج : نجيب على أسئلتكم بالترتيب كما يلي :

١ ـ إنّ الكلام في موضوع المتعة هو الكلام في جوازه لا في وجوبه حتّى يلتزم كُلّ مسلم بإتيانه ، فنحن نثبت جواز هذا العمل في السنّة النبوية ، ومن ثمّ تفسيق من حرّمه.

هذا ، وقد يستفاد من بعض النصوص أنّ المعصومينعليهم‌السلام قد أتوا بهذه السنّة في بعض الأحيان(١) .

ثمّ إنّ هذا العمل أساسه على الكتمان والتستّر ، خصوصاً بعد أن عرفنا أنّ السلطات آنذاك كانت تطارد المجوّزين ، وتصرّ على الحرمة.

٢ ـ من الطبيعي أن لا تكون الإعادة بالإشهار ، فهل يعقل أنّ الإمامعليه‌السلام يعلن الجواز على رؤوس الإشهاد؟ وما هي المصلحة من وراء ذلك؟ بل الطريق المتعارف هو عدم الردع عن العمل من جهة ، والإشارة إلى شناعة اجتهاد عمر في المسألة من جهة أُخرى ، وهذا ما صدر عنهعليه‌السلام إذ قال : «لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

٣ ـ لا علاقة بين المسألتين ، فإنّ المتعة لا تعارض حقوق الزوجات ، فللرجل أن يجمع بين الجهات المذكورة ، وأمّا إن فرضنا أنّ رجلاً لا يتمكّن من الجمع المذكور ، فهذا أمر يخصّه ، ولا يرتبط بمبدأ تشريع الحكم.

٤ ـ الفرق واضح بين المقامين : فإنّ حكمة الزواج الدائم تأسيس كيان في المجتمع ـ العائلة ـ بناؤه على الدوام والاستمرار ، وحينئذٍ فانقطاعه في الحقيقة يحدث تضعضعاً في نظام المجتمع والأُسرة ، فهو حدث غير مرغوب فيه على شذوذه وندرته بخلاف زواج المتعة ، إذ هو عقد منقطع ومؤقت إلى أجل معلوم ، فلم يؤخذ فيه الاستمرارية حتّى نصطدم بانقضاء المدّة ، أي أن انتهاء الأجل في

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٠ و ١٣.

٢ ـ المصنّف للصنعاني ٧ / ٥٠٠ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٤١ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥.

٢٢٩

الزواج المنقطع هو فرض قد أُخذ في العقد ، والطرفان على علم مسبق به ، ولكنّ الطلاق في الزواج الدائم هو أمر غير متوقّع في الأصل ، بل هو حلّ لحالات استثنائية وطارئة.

٥ ـ نعم ، زواج المتعة عقد بين الطرفين ، ولا ينافي ذلك أن يكون عقد إجارة ، والمقصود من عقد الإجارة في المقام هو التنظير بين المسألتين في الحكم من حيث اعتبار المدّة والأجل والأجرة في مشروعية العمل في كلا الموردين.

( أبو هادي ـ فلسطين ـ سنّي ـ بكالوريوس تجارة )

صحيحة عقلاً وشرعاً :

س : أودّ أن أسأل عن زواج المتعة وحكمه؟ مع الاسترشاد بالأحاديث أو الآيات القرآنية الكريمة.

ج : هو حلّ معقول وجذري للمشكلة الجنسية في ظروف عدم التمكّن من الزواج الدائم ، أو موارد حرجة أُخرى ، هذا بحسب العقل.

وأمّا من جهة النصوص ، فلا خلاف في ثبوت تشريع المتعة عند علماء المذاهب الإسلامية بأجمعهم ، معتمدين في ذلك على آية( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) ، حتّى أن بعضهم قد قرأها بالشكل التالي :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى ) (٢) ، وهذا صريح في إرادة الزواج المؤقت.

وعلى أيّ حال ، فالكُلّ متّفقون على إباحة المتعة بالكتاب والسنّة(٣) .

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ المستدرك ٢ / ٣٠٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، المعجم الكبير ١٠ / ٣٢٠ ، الاستذكار ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ١٠ / ١١٣ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن ٢ / ٦١ ، أحكام القرآن للجصّاص ، الكشف والبيان ٣ / ٢٨٦ ، معالم التنزيل ١ / ٤١٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، تفسير البحر المحيط ٣ / ٢٢٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠.

٣ ـ أُنظر : جامع البيان ٥ / ١٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٠ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦.

٢٣٠

ثمّ إنّ المخالفين للجواز يدّعون ورود النسخ لهذه الآية بآيات أظهرها من حيث الدلالة هي :( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ) (١) بتوهّم حصر الزواج الشرعي في الدائم ، وملك اليمين ، ولكن من الواضح أنّ هذه الآية مكّية ، وآية المتعة مدنية ، ولا يعقل تقدّم الناسخ على المنسوخ ، على أنّ الآية المذكورة لا تنفي مشروعية المتعة ، إذ أنّها زواج شرعي ـ استناداً إلى الأدلّة التي ذكرناها ـ فتدخل ضمن( أَزْوَاجِهِمْ ) في الآية.

وأيضاً قد اعتمدوا في إثبات الناسخ بروايات وأحاديث قد يوهم بعضها النسخ ، ولكن يردّه ـ مع غضّ النظر عن أسانيدها ـ بأنّها مختلفة فيما بينها في محلّ ورود النسخ ، حتّى أُشير إلى ستّة مواطن : خيبر ، عمرة القضاء ، عام الفتح ، أوطاس ، تبوك ، حجّة الوداع ، حنين(٢) ، ممّا يوجب الاضطراب في مفادها ومضامينها ، ومن ثمّ عدم الركون إليها ، خصوصاً أنّها أخبار آحاد ، لا تصلح لنسخ الكتاب ـ على مبناهم ـ.

ومع التنزّل فإنّ هذه الأخبار متعارضة مع الأحاديث الدالّة على الجواز ، والتي هي صحاح تصل إلى حدّ الاستفاضة ، فإن قلنا بتساقط الطرفين في المعارضة ، أو ترجيح طرف الجواز لموافقتها لآية المتعة ـ كما هو المقرّر في علم الأُصول في حلّ التعارض بين الأخبار ـ تثبت نظرية الشيعة في التمسّك بالجواز في المقام.

وهنا لابأس أن نشير بورود بعض الروايات التي تدلّ بصراحة على أنّ المنع لم يشرّع في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّه كان باجتهاد خاصّ من قبل عمر!(٣) حتّى أنّ بعضهم صرّح بأنّ عمر أسند النهي والمنع عن المتعة إلى نفسه ، لا إلى تشريع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

__________________

١ ـ المؤمنون : ٥ ـ ٦ ، المعارج : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ فتح الباري ٩ / ١٣٨.

٣ ـ فتح الباري ٣ / ٣٣٩ و ٩ / ١٤١ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٢٣ ، جامع البيان ٥ / ١٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، مسند أحمد ٣ / ٣٨٠.

٤ ـ شرح تجريد العقائد : ٣٧٤.

٢٣١

( محمود أحمد عباس ـ العراق )

النهي عنها محمول على التقية :

س : وجدت حديثاً في كتاب وسائل الشيعة عن المتعة ، والحديث يقول : عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليه‌السلام قال : « حرّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة » (١) ، فهذا الحديث يدلّ على أنّ النبيّ قد حرّم المتعة؟

ج : عند مراجعة سند الحديث نجد فيه : الحسين بن علوان : لم ينصّ على توثيقه ، بعكس أخيه ، ونسبه البعض إلى العامّة أو الزيدية ، وهو إلى الزيدية أقرب ، بدلالة من يروي عنهم.

وعمرو بن خالد : نُسب إلى العامّية ، وذكروا أنّه بتري زيدي ، بل من رؤسائهم ، وهو الأقرب(٢) .

وعلّق على الحديث الحرّ العاملي في الوسائل : حمله الشيخ وغيره على التقية ـ يعني في الرواية ـ لأنّ إباحة المتعة من ضروريات مذهب الإمامية.

فهذه الرواية لا تنهض حجّة على تحريم المتعة ، وذلك : لما مرّ آنفاً ما في سندها من وهن ، مع معارضتها لظاهر القرآن ، والروايات الصحيحة الكثيرة في حلّية المتعة ، وبعدها فهي محمولة على التقية.

( عبد السلام ـ المغرب ـ )

التمتّع بملك اليمين :

س : الإخوة الأفاضل القائمين على هذا الموقع : حكم التمتّع بالأمة ملك اليمين؟ هل لازال هذا الحكم قائماً؟ وجزاكم الله خيراً.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٢.

٢ ـ أُنظر : منتهى المطلب ٤ / ٢٥٥ ، رجال الطوسي : ١٤٢ ، رجال ابن داود : ٢٦٤ ، نقد الرجال ٣ / ٣٣١ ، طرائف المقال ٢ / ٣٣ ، معجم رجال الحديث ١٤ / ١٠٢ ، وغيرها.

٢٣٢

ج : ملك اليمين والعبيد والإماء في عصرنا الحاضر ليس لهم وجود ، وفي زمان وجودهم كُلّ من كان يملك أمة فيحقّ له أن يتمتّع بها بملكها ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين جميع المسلمين.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

تكره مع المشهورة بالزنا :

س : لا أعرف ردّ هذه الشبهة ، فالرجاء المساعدة ـ وجدتها في بعض المنتديات ـ الخميني يجيز التمتّع بالزانية ، يقول في كتابه « تحرير الوسيلة » : مسألة ١٨ : يجوز التمتّع بالزانية على كراهية ، خصوصاً لو كانت من العواهر والمشهورات بالزنا ، وإن فعل فليمنعها من الفجور. تحرير الوسيلة ٢ / ٢٩٢.

ج : هذه الفتوى لم ينفرد بها السيّد الخميني ، بل هي قول الكثير من علمائنا ، بل المشهور جوازه بلا كراهة ما لم تكن مشهورة بالزنا ، فيكون السيّد أشدّ من غيره ، وأكثر احتياطاً بقوله بالكراهة مع وجوب منعها حينئذ من الزنا فلا مؤاخذة عليه.

وأمّا الآية الكريمة :( الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢) .

فسوف لن أقول لك راجع التفاسير وكتب الفقه لمذهبك ، وأُنظر الاختلاف في فهمها منذ الرعيل الأوّل من الصحابة ، وثمّ التابعين ، ثمّ المذاهب الفقهية الأربعة وغيرها ، ولكنّني سوف أردّ ردّاً واحداً وبسيطاً وهو : لو كانت الآية على ظاهرها للزم جواز زواج الزاني المسلم من المشركة ، والزانية المسلمة من المشرك ، وهذا لا يقول به مسلم ، وانعقد الإجماع على خلاف ذلك وعدم جوازه ، وبالتالي نقول : أنّ الآية صحيح أنّ ظاهرها يقتضي تحريم الزواج من الزانية ، ولكنّ الظاهر إذا اصطدم بإجماع أو نصّ ـ كما قدّمنا آنفاً ـ فحينئذ لا يكون الظاهر حجّة.

__________________

١ ـ النور : ٣.

٢٣٣

( أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة )

ليست مسألة سائبة لا ضوابط فيها :

س : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : لو سألت هذا السؤال : هل يجوز لأيّ رجل أن يدخل أيّة أُنثى أيّ مكان ليفعل بها ما يشاء متى شاء ، ثمّ يدعها لينصرف إلى غيرها بمجرّد أن يتبادلا التلفّظ ببضع كلمات عن الثمن والمدّة أو عدد المرّات ، ومتّعتك نفسي وبلا حاجة إلى ولي أو شهود؟ ولا داعي للسؤال عمّا إذا كانت المرأة ذات زوج أو أنّها من الزانيات؟

لجاء الجواب ومن أوثق المصادر : بسمه تعالى يجوز ذلك!! أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً.

ج : إنّ النكاح المنقطع ـ أو زواج المتعة كما يسمّى ـ هو زواج شرعي دلّت عليه النصوص القرآنية والنبوية الشريفة بما لا غبار عليه ، ودعوى نسخه دعوى باطلة لم يرد بها كتاب أو سنّة ، ومن أجل الوقوف التفصيلي على أدلّة هذا الزواج ومشروعيته وضوابطه انصح السائل أو المستشكل بالعودة إلى بعض البحوث المهمّة التي تناولت هذا الزواج بالشرح والتحقيق ككتاب « مسائل فقهية » للسيّد عبد الحسين شرف الدينقدس‌سره .

وكذلك كتاب « المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي » للأستاذ توفيق الفكيكي ، ليقف المرء على شروط وضوابط هذا الزواج الشرعي الصحيح ، وأنّه متى تحتاج المرأة إلى إذن وليّها في هذا الزواج ومتى لا تحتاجه ، وأيضاً ليتعرّف على الصفات التي يحثّ الشرع على توفّرها في المرأة المتمتّع بها.

فالمسألة ليست كما يتوهّم البعض أنّها مسألة سائبة لا ضوابط فيها ، كي تكون محلاً للترهات والأقوال الجاهلة ، وبالعودة إلى تلك المصادر وقراءتها بتمعّن وتدبّر يزداد المرء فهماً وعلماً بدينه وأحكام شريعته.

٢٣٤

المسح على الرجلين :

( سارة حسين ـ الكويت ـ )

في قوله( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

س : بالنسبة لآية الوضوء الواردة في سورة المائدة ، هل صحيح أنّ ( وَأَرْجُلَكُمْ ) معطوفة على اغسلوا ، حيث أنّ الآية تقول : ( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (١) ، ولستُ ضالعة بقواعد اللغة العربية ، فهي معطوفة على من؟ أرجو إفادتي بأقرب وقت ممكن ، وجزاكم الله خيراً.

ج : في قوله تعالى :( وَأَرْجُلَكُمْ ) ثلاث قراءات :

القراءة بالرفع ، ووصفت هذه القراءة بالشذوذ ، والوجه بالرفع قالوا : بأنّ الرفع هذا على الابتداء ، وكُلّ مبتدأ يحتاج إلى خبر ، فقال بعضهم : الخبر مغسولة ، يعني : وأرجلكم مغسولة.

قال الآلوسي : « وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين ، إذ لكُلّ أن يقدّر ما شاء ، ومن هنا قال الزمخشري فيها : إنّها على معنى وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة »(٢) .

وأمّا القراءة بالجر ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة : تعطف الأرجل على الرؤوس ، والرؤوس ممسوحة فتكون الأرجل أيضاً ممسوحة.

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ روح المعاني ٣ / ٢٥١.

٢٣٥

وأمّا القراءة بالنصب ، ووجه هذه القراءة واضح ، لأنّ الواو عاطفة على محلّ الجار والمجرور ، يعني : على محلّ كلمة :( بِرُؤُوسِكُمْ ) ، ومحلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) منصوب ، والعطف على المحلّ مذهب مشهور في النحو ، ولا خلاف في هذا على المشهور بين علماء النحو ، فيكون حكم الأرجل المسح كما هو في الرأس ، بناءً على العطف على محلّ( بِرُؤُوسِكُمْ ) .

وتجدون الاعتراف من كبار علماء أهل السنّة على أنّ قراءة الجر والنصب على وجوب المسح دون الغسل(١) .

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

القرآن صريح في وجوبه :

س : دخلت بعض المنتديات ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ الشيعة يمسحون على أرجلهم ولا يغسلونها ، مع أنّه هناك من هو كثير العرق ، والذي رائحة رجله مؤذية

ج : إنّ الأحكام الشرعية توقيفية ، بمعنى أنّ الشارع يحدّدها ، فإذا ثبت حكم ما أنّ الشارع أثبته ، فلا يحقّ لنا إعمال ما تشتهيه أنفسنا ، ولماذا كذا؟ أو هل إذا كان كذا كان كذا.

فالقرآن صريح في وجوب المسح على الرجلين ، لأنّ قوله تعالى :( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) (٢) إذا قرأت بالنصب أو الجرّ فإنّها معطوفة على برؤوسكم ، أو على محلّ برؤوسكم ، فيكون حكم الأرجل المسح ، فالشارع يوجب المسح ، ومن شاء بعد المسح أن يغسل فإنّه ليس من الوضوء ، بل أمر آخر خارج عن الوضوء.

__________________

١ ـ أُنظر : المبسوط للسرخي ١ / ٨ ، المغني لابن قدامة ١ / ١٢٠ ، التفسير الكبير ٤ / ٣٠٥.

٢ ـ المائدة : ٦.

٢٣٦

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

معنى الكعب في قوله( إِلَى الْكَعْبَينِ ) :

س : إنّ سؤالي بسيط جدّاً ، وهو عن موضوع مسح الرجلين في الوضوء : إنّي قرأت الكثير من الكتب في هذا المجال من السنّة والشيعة ، وكُلّ له دلائله ، ولكن سؤالي هو : لماذا ذكرت الآية القرآنية( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ، ونحن كشيعة لا نصل إلى الكعبين مطلقاً؟

نعم ، نحن نمسح كما في الآية المباركة ، ولكنّنا كما قلت أنّنا لا نصل إلى الكعبين ، وهم ـ أي أهل السنّة ـ يصلون إلى الكعبين ولكنّهم يغسلون ، لماذا توجد كلمة في القرآن ونحن لا نطبّقها ، أعني بذلك كلمة الكعبين؟

أرجو المعذرة ، ولكنّي فعلاً لا أستطيع أن أُجيب أيّ أحد ، وهل هي مجرّد زيادة في القرآن والعياذ بالله؟ عندما يقول لي : إنّ الآية قالت : إلى الكعبين ، فلماذا لا نصل للكعبين؟

ج : إنّ الكعبين لا تعنيان أسفل القدم كما ربما يتوهّمه البعض ، بل المقصود من الكعبين هو قبّة القدم ، أي : أعلاه ، بمعنى : الارتفاع الظاهر فوق القدم ، هذا هو تعريف الكعبين.

ولا يمكن الاعتماد على قول أهل اللغة هنا لتحديد مفهوم الكعبين ، لاختلافهم في تعريفهما ، والرجوع إلى روايات أهل البيتعليهم‌السلام في تحديد مفهوم الكعبين هو الأهم في هذا المقام.

ففي صحيحة أحمد بن محمّد البزنطي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال : « سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفّه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم »(١) .

وهذا ظاهر أنّ المراد من الكعبين هو : العظم الناتي من قبّة القدم ، وليس شيئاً آخر ، وذلك بقرينة قولهعليه‌السلام : «إلى الكعبين إلى ظاهر القدم » ، وقوله : «ظاهر القدم » بيان لمعنى الكعبين.

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٣٠ ، الاستبصار ١ / ٦٢.

٢٣٧

وما ورد عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال : «ألا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »؟ ثمّ أخذ كفّاً من ماء فصبّها على وجهه ثمّ مسح رأسه وقدميه ، ثمّ وضع يده على ظهر القدم ، ثمّ قال : «هذا هو الكعب » ، وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ، ثمّ قال : «إنّ هذا هو الظنبوب »(١) .

فالظنبوب هو : منتهى العرقوب إلى أسفل ، أي سفل القدم من مؤخّره ، وقد اشتبه على أهل السنّة بأنّ هذا هو الكعب ، لذا فقوله تعالى :( إِلَى الْكَعْبَينِ ) ليس كلاماً زائداً بل حكيماً ، ولا اشتباه فيما التزمه الشيعة من المسح على هذه المنطقة ، فالمسح أوفق في تحديدنا هذا بالكعب.

ولا يصلح الغسل بعد ذلك ، إذ كيف يمكنك غسل هذه المنطقة دون التعدّي إلى ما خلف الكعبين ، لذا فمسح الكعبين هو ما ذهب إليه الشيعة وهو ما ذكرناه لك.

__________________

١ ـ تهذيب الأحكام ١ / ٧٥.

٢٣٨

مصحف فاطمة عليها‌السلام :

( أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية )

عند الإمام المهدي :

س : هل ينزل الوحي بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وما صحّة الرواية أنّ الوحي نزل على فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، ليوحي لها بمصحف فاطمة؟ وهل مصحف فاطمة لا يزال موجوداً؟ وهل هو نفس المصحف الذي نراه عند بعض الإيرانيين في البقيع ، والذي يكتب عليه مصحف فاطمة؟

ج : وردت أحاديث ـ فيهّن صحاح ـ على وجود مصحف لفاطمةعليها‌السلام ، من إملائها أو إملاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخطّ عليعليه‌السلام ، وفي بعضها أنّ ملكاً أو جبرائيل كان يحدثّها ، ثمّ هي تملي على أمير المؤمنينعليه‌السلام ليخطّه(١) ، ولكن هذا ليس بمعنى نزول الوحي بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّ الوحي هو نزول جبرائيل بالرسالة النبوية ومتطلّباتها.

والحال أنّ المصادر التي أثبتت وجود المصحف المذكور أكّدت في نفس الوقت بعدم علاقته بالتشريع ، بل فيه إخبارات عن التكوين ، وإنباءات عن المستقبل ، وبين المقامين بون شاسع كما ترى.

ثمّ الذي ينبغي أن يقال هو : إنّ هذا المصحف لم يكن موجوداً في متناول أيدينا ، بل هو عند إمام العصر المهديعليه‌السلام ، وعليه لا معنى للظفر عليه عند بعض الشيعة!!

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٠ ، بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٣٩

( عبد الله ـ السعودية )

ليس هو قرآن الشيعة :

س : أُريد أن أعرف هل صحيح أنّ للشيعة قرآناً غير هذا القرآن الموجود في البلاد الإسلامية؟ ويسمّونه بمصحف فاطمة.

ج : لقد أثار مصحف فاطمةعليها‌السلام حفيظة العديد من الكتّاب ، واتخذوا منه وسيلة للطعن والتشنيع على أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، باستغلال اسمه باعتبار أنّه يطلق عليه مصحف ، وجعله باباً لاتهام الشيعة بأنّهم لا يعترفون بالقرآن الموجود بين الدفتين ، والمتداول بين المسلمين قاطبة ، فيوقعون الناس في وهم : بأنّ مصحف فاطمة المذكور هو القرآن الذي يعتقده الشيعة.

وهنا لابدّ من معالجة هذه الشبهة التي أُثيرت حول مصحف فاطمةعليها‌السلام ، والضجّة المفتعلة التي يطلقها هؤلاء الكتّاب ، الذين ينقصهم الاطلاع الكافي والدقّة العلمية إن أحسنّا الظنّ بهم ، أو تنقصهم الأمانة والإنصاف ، فنقول :

أنّ الشيعة تعتقد بأنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام ليس قرآناً ، بل القرآن هو ذلك الكتاب المنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمتداول الآن بين يدي المسلمين.

وأمّا مصحف فاطمةعليها‌السلام فهو مجرّد كتاب كتبه الإمام عليعليه‌السلام ، ذكر فيه أخبار ما كان وما يكون التي نقلتها له فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وليس فيه آية من آيات القرآن الكريم ، كما صرّحت بذلك الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، نذكر منها :

١ ـ عن أبي عبيدة عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوماً ، وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها ، وكان علي عليه‌السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها‌السلام »(١) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ١٧٣.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

النبي (ص) قلت: لا، قال النبي (ص): فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي.. فعلمت ما في السموات والأرض....!!

- وروى ابن حبان في المجروحين ج ٣ - ١٣٥

عن أنس أن الرسول (ص) قال: أتاه ربه في المنام في أحسن صورة، حتى وضع يده بين كتفه فوجد بردها بين ثديية.

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٥ ص ٣١٩

وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبانرضي‌الله‌عنه .... وفي بعض روايات السيوطي أنه رآه بقلبه، وفي بعضها (فعلمت في منامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى).

تفسير آية: وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربّها ناظرة

كَلاّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ . القيامة ٢٠ - ٢٥

تفسير أهل البيتعليهم‌السلام وفقهاء مذهبهم

- تفسير القمّي ج ٢ ص ٣٩٧

وجوه يومئذ ناضرة: أي مشرقة. إلى ربها ناظرة: قال ينظرون إلى وجه الله أي إلى رحمة الله ونعمته. ووجوه يومئذ باسرة: أي ذليلة. انتهى. ورواه في الإحتجاج ج ٢ ص١٩١ وفي تفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٤٦٤ وقال: وفي مجمع البيان، وقال: وروي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك، وهو المروي عن عليعليه‌السلام .

- أمالي المرتضى ج ١ ص ٢٨

مسألة: إعلم أن أصحابنا قد اعتمدوا في إبطال ما ظنه أصحاب الرؤية في قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، على وجوه معروفة، لأنهم بينوا أن النظر

٣٤١

ليس يفيد الرؤية ولا الرؤية من أحد محتملاته، ودلوا على أن النظر ينقسم إلى أقسام كثيرة، منها تقليب الحدقة الصحيحة في جهة المرئي طلباً لرؤيته، ومنها النظر الذي هو الإنتظار، ومنها النظر الذي هو التعطف والمرحمة، ومنها النظر الذي هو الفكر والتأمل، وقالوا إذا لم يكن قي أقسام النظر الرؤية لم يكن للقوم بظاهرها تعلق واحتجنا جميعاً إلى طلب تأويل الآية من غير جهة الرؤية.

وتأولها بعضهم على الإنتظار للثواب وإن كان المنتظر في الحقيقة محذوفاً والمنتظر منه مذكوراً، على عادة للعرب معروفة.

وسلم بعضهم أن النظر يكون الرؤية بالبصر وحمل الآية على رؤية أهل الجنة لنعم الله تعالى عليهم، على سبيل حذف المرئي في الحقيقة وهذا كلام مشروح في مواضعه، وقد بينا ما يرد عليه وما يجاب به عن الشبهة المعترضة في مواضع كثيرة. وهاهنا وجه غريب في الآية حكي عن بعض المتأخرين لا يفتقر معتمده إلى العدول عن الظاهر أو إلى تقدير محذوف ولا يحتاج إلى منازعتهم في أن النظر يحتمل الرؤية أو لا يحتملها، بل يصح الإعتماد عليه سواء كان النظر المذكور في الآية هو الإنتظار بالقلب أم الرؤية بالعين، وهو أن يحمل قوله تعالى إلى ربها إلى أنه أراد نعمة ربها لأن الآلاء النعم وفي واحدها أربع لغات: ألا مثل قفا، وألى مثل رمى، وألي مثل معي، وألَّى مثل حتَّى، قال أعشى بكر بن وائل:

أبيض لا يرهب الهزال ولا

يقطع رحماً ولا يخون إلى

أراد أنه لا يخون نعمة، وأراد تعالى إلى ربها فأسقط التنوين للإضافة.

فإن قيل: فأي فرق بين هذا الوجه وبين تأويل من حمل الآية على أنه أراد به إلى ثواب ربها ناظرة بمعنى رائية لنعمه وثوابه.

قلنا: ذلك الوجه يفتقر إلى محذوف لأنه إذا جعل إلى حرفاً ولم يعلقها بالرب تعالى فلا بد من تقدير محذوف، وفي الجواب الذي ذكرناه لا يفتقر إلى تقدير محذوف، لأن إلى فيه اسم يتعلق به الرؤية ولا يحتاج إلى تقدير غيره، والله أعلم بالصواب.

٣٤٢

- بحار الأنوار ج ٤ ص ٢٨

لي: علي بن أحمد بن موسى، عن الصوفي، عن الروياني، عن عبد العظيم الحسني، عن إبراهيم بن أبي محمود قال قال علي بن موسى الرضاعليه‌السلام في قول الله عز وجل: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة: يعني مشرفة تنتظر ثواب ربها.

بيان: إعلم أن للفرقة المحقة في الجواب عن الإستدلال بتلك الآية على جواز الرؤية وجوها:

الأول: ما ذكرهعليه‌السلام في هذا الخبر من أن المراد بالناظرة المنتظرة كقوله تعالى: فناظرة بم يرجع المرسلون. روي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك، وهو المروي عن عليعليه‌السلام ، واعترض عليه بأن النظر بمعنى الإنتظار لا يتعدى بإلى، وأجيب بأن تعديته بهذا المعنى بإلى كثيرة، كما قال الشاعر:

إني إليك لما وعدت لناظر

نظرالفقير إلى الغني الموسر

وقال آخر:

ويوم بذي قار رأيت وجوههم

إلى الموت من وقع السيوف نواظر

والشواهد عليه كثيرة مذكورة في مظانه، ويحكى عن الخليل أنه قال: يقال: نظرت إلى فلان بمعنى انتظرته، وعن ابن عباس أنه قال: العرب تقول إنما أنظر إلى الله ثم إلى فلان، وهذا يعم الأعمى والبصير، فيقولون: عيني شاخصة إلى فلان وطامحة إليك، ونظري إلى الله وإليك....

الثاني: أن يكون فيه حذف مضاف أي إلى ثواب ربها، أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالاً بعد حال، فيزداد بذلك سرورها، وذكر الوجوه والمراد به أصحاب الوجوه، روي ذلك عن جماعة من علماء المفسرين من الصحابة والتابعين وغيرهم.

الثالث: أن تكون إلى بمعنى عند، وهو معنى معروف عند النحاة وله شواهد، كقول الشاعر:

فهل لكم فيما إلي فإنني

طبيب أعيي النطاسي حذيما

أي فيما عندي، وعلى هذا يحتمل تعلق الظرف بناضرة وبناظرة. والأول أظهر.

٣٤٣

الرابع: أن يكون النظر إلى الرب كناية عن حصول غاية المعرفة بكشف العلائق الجسمانية، فكأنها ناظرة إليه تعالى كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعبد الله كأنك تراه.

- وقال السيد شرف الدين في كتاب أبو هريرة ج ١ ص ٦١

اما رؤية الله عز وجل بالعين الباصرة فقد أجمع الجمهور على إمكانها في الدنيا والآخرة، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة وأن المؤمنين والمؤمنات سيرونه يوم القيامة بأبصارهم، وأن الكافرين والكافرات لا يرونه أبداً. وأكثر هؤلاء على أن الرؤية لا تقع في الدنيا، وربما قال بعضهم بوقوعها أيضاً.

ثم أن المجسمة يرونه ماثلاً أمامهم فينظرون إليه كما ينظر بعضهم إلى بعض، لا يمارون فيه كما لا يمارون في الشمس والقمر ليس دونهما سحاب، على ما يقتضيه حديث أبي هريرة. وقد خالف هؤلاء حكم العقل والنقل، وخرقوا إجماع الأمة بأسرها، وخرجوا عليها ومرقوا من الدين، وخالفوا ما علم منه بحكم الضرورة الإسلامية، فلا كلام لنا معهم.

وأما غيرهم من الجمهور وهم المنزهون من الأشعرية فقد قالوا بأن الرؤية قوة سيجعلها الله تعالى يوم القيامة بأبصار المؤمنين والمؤمنات خاصة، لا تكون باتصال الأشعة، ولا بمقابلة المرئي ولا بتحيزه ولا بتكيفه، ولا، ولا، فهي على غير الرؤية المعهودة للناس، بل هي رؤية خاصة تقع من أبصار المؤمنين والمؤمنات على الله عز وجل لا كيف فيها ولا جهة من الجهات الست.

وهذا محال لا يعقل، ولا يمكن أن يتصوره متصور إلا إذا اختص الله المؤمنين في الدار الآخرة ببصر آخر لا تكون فيه خواص الأبصار المعهودة في الحياة الدنيا على وجه تكون فيه الرؤية البصرية كالرؤية القلبية، وهذا خروج عن محل النزاع في ظاهر الحال. ولعل النزاع بيننا وبينهم في الواقع ونفس الأمر لفظي. انتهى.

وقد بيننا في تفسير لا تدركه الأبصار، أن محاولة جعل الرؤية بحاسة أخرى كالعين خروج عن الموضوع، وأن روايات إخواننا تأبى ذلك لأنها ظاهرة في الرؤية بالعين المتعارفة.

٣٤٤

رؤية العارفين بقلوبهم أرقى من الرؤية البصرية

- روى الصدوق في التوحيد ص ١١٧

حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق؛ قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟ قال: نعم، وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متى؟ قال: حين قال لهم: ألست بربكم قالوا بلى، ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقتك هذا؟ قال أبو بصير فقلت له: جعلت فداك فأحدث بهذا عنك؟ فقال لا، فإنك إذا حدثت به فأنكر منكر جاهل بمعنى ما تقوله، ثم قدَّر أن ذلك تشبيه كفر. وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون. ورواه المجلسي في بحار الأنوار ج ٤ ص ٤٤

- التحفة السنية ص ٨٤

ومن ثمة كان العلم الحاصل من الرؤية ألذ من العلم الحاصل من غيرها لازدياد الكشف فيها بسبب حضور نفس المعلوم عند الحس وصورته عند الذهن، فاللذة الزايدة إنما هي باعتبار هذا الإنكشاف الزايد من تصور معشوقه في خياله، فإنه يلتذ بتصوره لا محالة.

لكن لا نسبة لهذه اللذة إلى اللذة الحاصلة من مشاهدته رأي العين، وحيث أنها أقوى طرق الإنكشاف ربما يعبر عن مطلق الإنكشاف التام بأي طريق حصل بالرؤية والنظر كما في قوله سبحانه: إلى ربها ناظرة، وما ورد من بعض الطرق: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربه ليلة المعراج ونحو ذلك، لتطابق العقل والنقل على امتناع الرؤية الحسية في حقه تعالى، لاشتراطها بالوضع والجهة وكثافة المرئي وغير ذلك.

٣٤٥

فالمراد بها أينما أطلقت في كلمات من يعتنى بتصحيح كلامهم: غاية الإنكشاف التام الذي لا يكون ما فوقه مجازاً مقبولاً لوجود العلاقة البينة، إن ثبت كون اللفظ حقيقة في خصوص البصرية، وإلا فمن استعمال المشترك في معناه الآخر حقيقة اعتماداً على وضوح القرينة وهي اشتراط الحسية بما يمتنع في حقه سبحانه.

وأحسن ما ينكشف به هذا المطلب ما سبقت روايته عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من قوله: لم أعبد رباً لم أره، لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقايق الإيمان، حيث أثبتعليه‌السلام الرؤية أولاً، ثم استدرك ذلك بصرفها من العينية لأنها المتبادر، إلى القلبية.

- شرح الأسماء الحسنى ج ١ ص ١٨٥ - ١٩١

... ومنها قوله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، وجه الإحتجاج: أن النظر في اللغة جاء بمعنى الإنتظار ويتعدى بنفسه، وبمعنى التفكر ويستعمل بفي، وبمعنى الرأفة ويستعمل باللام، وبمعنى الرؤية ويستعمل بإلى كما في الآية، فوجب حمله على الرؤية كما قيل.

ويظهر من صاحب القاموس أن النظر المتعدي بنفسه يجيء بمعنى الرؤية أيضاً، وجعله من باب الحذف والإيصال خلاف الأصل، وأنه جاء بمعنى الحكم ويستعمل بكلمة بين فقال: نظره كضربه وسمعه، وإليه نظراً ومنظراً ونظراناً ومنظرة وتنظاراً: تأمله بعينه كتنظره، والأرض أرت العين نباتها، ولهم: أعانهم، وبينهم: حكم.انتهى.

واعترض على هذا الدليل أيضاً بأن النظر لا يدل على الرؤية، فإن النظر تقليب الحدقة نحو المرئي. بل ادعى بعضهم أن النظر المستعمل بإلى موضوع لذلك ولتحققه بدونها، يقال نظرت إلى الهلال فما رأيته، ولو كان بمعنى الرؤية لكان تناقضاً، ولم أزل أنظر إلى الهلال حتى رأيته، ولو حمل على الرؤية لكان الشيء غاية لنفسه.

٣٤٦

أقول: يمكن جعله من باب الإكتفاء بالمراد عن الإرادة، كقوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم، وهذا باب واسع كما في المغني وغيره، فمعنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رأيته أردت رؤية الهلال فما رأيته، وهكذا في الآخر، بل في كل موضع يقال إنه لتقليب الحدقة، فالنظر محمول على معناه الحقيقي وهو الرؤية المرادة بتلك الإرادة، بل إذا نظرت المعاني المستعمل فيها النظر وجدت روح جلها لو لم يكن كلها، الرؤية. وأجيب أيضاً: بأن معنى قولهم نظرت إلى الهلال فما رأيته ونحوه، نظرت إلى مطلع الهلال.

واعترض أيضاً على هذا الدليل بأنا لا نسلم أن لفظة إلى صلة للنظر، بل واحدة الآلاء ومفعول به للنظر بمعنى الإنتظار، أي نعمة ربها منتظرة، ولو سلم فالنظر الموصول بإلى قد جاء للإنتظار قال الشاعر:

وشعث ينظرون إلى هلال

كما نظر الظما حب الغمام

والجواب: أما عن الثاني فبمثل ما ذكر عن حديث التقليب وكون النظر المستعمل بإلى بمعنى الإنتظار مما لم يثبت عند البلغاء، وأما عن الأول فبأن انتظار النعمة غم، بل قيل الإنتظار موت أحمر، والآية مسوقة لبيان النعم.

وهذا الجواب زيف، لأن الآية دالة على أن الحالة التى عبر عنها بقوله سبحانه: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، سابقة على حالة استقرار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، بقرينة المقابلة لقوله تعالى: وجوه يومئذ باسره تظن أن يفعل بها فاقرة، أي تظن أن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته داهية فاقرة تقصم فقار الظهر، ولم يفعل بها بعد، وحينئذ كان انتظار النعمة بعد البشارة بها سروراً يستتبع نضارة الوجه، كما أن انتظار إكرام الملك لا يكون موجباً للغم إذا تيقن وصوله إليه.

بل الحق في الجواب أن كون إلى في الآية بمعنى النعمة لا يخفى بعده وغرابته وإخلاله بالفهم عند تعلق النظر به، ولهذا لم يحمل الآية عليه أحد من أئمة التفسير.

٣٤٧

تفسيرهم الموافق لمذهبنا

- أورد السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٠ - أكثر من ثلاثين رواية وقولاً في تفسير قوله تعالى: إلى ربها ناظرة، منها روايتان توافقان مذهبنا وهما:

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي صالحرضي‌الله‌عنه في قوله وجوه يومئذ ناضرة، قال: حسنة، إلى ربها ناظرة: قال: تنتظر الثواب من ربها.... وأخرج ابن جرير عن مجاهدرضي‌الله‌عنه في قوله: إلى ربها ناظرة، قال: تنتظر منه الثواب. انتهى.

وستأتي بقية رواياته التي فيها تجسيم. وقد تقدم عدد من رواياتهم النافية لإمكان الرؤية بالعين في تفسير لا تدركه الأبصار، كرواية أبي سعيد الخدري في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٧ وغيرها.

- قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ٥٨٣

وأما في الآخرة فذهب جمهور أهل السنة إلى إثبات رؤية الله تعالى للمؤمنين في الجنة، واحتجوا بقوله تعالى:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، وبقوله تعالى عن الكافرين:كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، وبحديث: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر، وفي رواية: كما ترون الشمس في رابعة النهار ليس دونها سحاب، وهو في البخاري ومسلم.

وخالفهم في ذلك جماعة من أهل السنة والجماعة وغيرهم كالسيدة عائشةرضي‌الله‌عنها ومجاهد وأبي صالح السمان وعكرمة وغيرهم، وكذا المعتزلة والأباضية والزيدية، واحتجوا بقول الله تعالى:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وأوَّلوا الآيات التي احتج بها جمهور أهل السنة بأن المراد بالآية هو: وجوه ناضرة مسرورة لأنها تنظر ثواب ربها وعطاءه وجنته وإنعامه، كما أنه هناك بالمقابل وجوه يومئذ باسرة عابسة تظن أن يفعل بها فاقرة أي مصابة بداهية كبيرة، وهذا الكلام هو بيان ما يكون في أرض المحشر، وحال المؤمنين والكافرين يومئذ، والرؤيا إنما تكون في الجنة.

٣٤٨

قالوا: فالمقام هنا مقام مقابلة بين وجوه تنتظر الثواب ووجوه تنتظر العقاب، ورؤية الله تعالى غير مرادة هنا وخصوصاً أن الكلام يتعلق بالموقف قبل الدخول للجنة والنار، وأنتم - يا جمهور أهل السنة والجماعة - تقولون بأن الرؤية إنما تتم في الجنة لا في أرض المحشر، وهذا الكلام يتعلق في أرض المحشر.

ورد هؤلاء على من قال من أهل السنة بأن لفظ (ناظرة) لا تأتي عربية بمعنى منتظرة، فقالوا: إن ذلك ليس صحيحاً، بل قد ورد القرآن الكريم بإثبات أن معنى ناظرة منتظرة! من ذلك قوله تعالى عن بلقيس:وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بهم يرجع المرسلون . النمل: ٣٥، أي منتظرة بم يرجع المرسلون، وهو واضح ظاهر.

كذلك قالوا بأن المراد بقوله تعالى:كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ، أي عن ثواب ربهم وإكرامه وإنعامه، والحجاب أيضاً هو عن كلامه لا عن رؤيته، لأن الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين:ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم . البقرة: ١٧٤

- ثم قال في آخر بحثه ص ٥٩٠ فتبين من هذا كله أن هذه الآيات لا يصح الإستدلال بها في مسألة إثبات الرؤية، والله تعالى الموفق. انتهى.

ونؤكد هنا على ضرورة ملاحظة قوله تعالى(ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة) الذي يدل على أن هذا المشهد أحد مشاهد المحشر قبل دخول الجنة والنار كما روي عن عليعليه‌السلام . وهذا قرينة على أن (ناظرة) بمعنى منتظرة. ودليل على أن الذين فسروها بالنظر إلى الله تعالى في الجنة لم يلتفتوا إلى بقية الآيات!

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

- صحيح البخاري ج ٨ ص ١٧٨

باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.... عن جرير قال كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا.

٣٤٩

- سنن الترمذي ج ٤ ص ٩٣

عن إسرائيل، عن ثوير، قال سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مسير ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة . وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر مرفوعاً. ورواه عبدالملك بن أبجر عن ثوير، عن ابن عمر موقوفاً. ورواه عبيد الله الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه.

- سنن الترمذي ج ٥ ص ١٠٣

عن إسرائيل عن ثوير قال سمعت ابن عمر يقول.... الخ. هذا حديث غريب، وقد روى غير واحد عن إسرائيل مثل هذا مرفوعاً، وروى عبد الملك بن الجبر عن ثوير، عن ابن عمر قوله ولم يرفعه. وروى الأشجعي عن سفيان عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله ولم يرفعه، ولا نعلم أحداً ذكر فيه عن مجاهد غير الثوري. انتهى. ورواه أحمد في ج ٢ ص ٦٤ ورواه الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٥٠٩، ولكن فيه (ألفي سنة) بدل ألف سنة، قال: عن ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمررضي‌الله‌عنهما قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل ينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر في أزواجه وخدمه وسرره.

- وقال السيوطي في الدرالمنثور ج ٣ ص ٣٧

وأخرج أبوالشيخ والبيهقي في كتاب الرؤية عن الحسن في قوله: لا تدركه الأبصار، قال: في الدنيا، وقال الحسن: يراه أهل الجنة في الجنة، يقول الله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، قال ينظر إلى وجه الله.

- وقد استعرض السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٢٩٠ ، أكثر رواياتهم وأقوالهم في تفسير الآية، وقد تقدم منها ما يوافق مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، ونورد فيما يلي بقيتها،

٣٥٠

ونلاحظ أن أكثرها غير مسند إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل هو أقوال مفسرين، وأكثرهم علماء سلطة أو معادون لأهل البيتعليهم‌السلام .

قال السيوطي في ج ٦ ص ٢٩٠:

وأخرج ابن المنذر والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس في قوله: وجوه يومئذ ناضرة، قال يعني حسنها، إلى ربها ناظرة، قال: نظرت إلى الخالق.

وأخرج ابن المنذر والآجري عن محمد بن كعب القرظي في قوله:وجوه يومئذ ناضرة ، قال نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه.

وأخرج ابن المنذر والآجري واللالكائي والبيهقي عن عكرمة:وجوه يومئذ ناضرة ، قال: ناضرة من النعيم،إلى ربها ناظرة ، قال: تنظر إلى الله نظراً.

وأخرج الدار قطني والآجري واللالكائي والبيهقي عن الحسن في الآية قال: النضرة الحسن، نظرت إلى ربها فنضرت بنوره.

وأخرج ابن جرير عن الحسن، وجوه يومئذ ناضرة: يقول حسنة، إلى ربها ناظرة، قال: تنظر إلى الخالق.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله: وجوه يومئذ ناضرة، قال مسرورة. إلى ربها ناظرة، قال أنظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن لو جعل نور أعين جميع خلق الله من الإنس والجن والدواب وكل شيء خلق الله فجعل نور أعينهم في عينى عبد من عباده ثم كشف عن الشمس ستراً واحداً ودونها سبعون ستراً ما قدر على أن ينظر إلى الشمس، والشمس جزء من سبعين جزء من نور الكرسي، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزء من نور الستر. قال عكرمة: أنظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن نظر إلى وجه الرب الكريم عياناً.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، قال: تنظر إلى وجه ربها.

٣٥١

وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة قال: ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة. (وهل لهذا معنى مفهوم غير النظر بالقلب؟!)

وأخرج الدارقطني والخطيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه هذه الآية: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، قال: والله ما نسخها منذ أنزلها، يزورون ربهم تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويتطيبون ويحلون، ويرفع الحجاب بينه وبينهم فينظرون إليه وينظر إليهم عز وجل، وذلك قوله عز وجل: لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا.

وأخرج أبوالشيخ عن الحسنرضي‌الله‌عنه قال: أول من ينظر إلى الله تبارك وتعالى الأعمى.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبوالشيخ عن موسى بن صالح بن الصباح قال: إذا كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله فيقومون بين يديه ثلاثة أصناف، فيؤتى برجل من الصنف الأول فيقول عبدي لماذا عملت؟ فيقول: يا رب خلقت الجنة وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لأهل طاعتك فيها فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليها.... ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول عبدي لماذا عملت؟ فيقول ربي حباً لك وشوقاً إليك وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقاً إليك وحباً لك، فيقول الله عبدي إنما عملت شوقاً إلي وحباً لي، فيتجلى له الرب فيقول ها أنا ذا أنظر إليَّ! ثم يقول فضلي عليك أن أعتقك من النار وأبيحك جنتي وأزيرك ملائكتي وأسلم عليك بنفسي، فيدخل هو ومن معه الجنة.

- الجواهر الحسان للثعالبي ج ٣ ص ٤١٦

قوله تعالى:إلى ربها ناظرة ، حمل جميع أهل السنه هذه الآية على أنها متضمنة رؤية المؤمنين لله عز وجل بلا تكييف ولا تحديد.انتهى. ولكن هل ذلك نظراًبالعين!

٣٥٢

- تفسير الطبري ج ٢٩ ص ١١٩

عن مجاهد في:وجوه يومئذ ناضرة ، قال مسرورة.إلى ربها ناظرة ، قال: إلى ربها نظراً.

- وقال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ٣٣

مسألة: وأن الله تعالى يراه المسلمون يوم القيامة بقوة غير هذه القوة. قال عز وجل: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.... ولو كانت هذه القوة لكانت لا تقع إلا على الألوان، تعالى الله عن ذلك. وأما الكفار فإن الله عز وجل قال:إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون . انتهى. وقد اضطر ابن حزم أن يجعل الرؤية غير بصرية وأن يوافق أهل البيتعليهم‌السلام .

- وقال القسطلاني في إرشاد الساري ج ١٠ ص ٣٩٨

- قوله تعالى(إلى ربها ناظرة) بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة. وقال القاضي: تراه مستغرقة في مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه. انتهى. وهي رؤية غير بصرية كما ترى.

- وقال الألباني في فتاوىه ص ١٤٣

إن عقيدة رؤية الله لم ترد في السنة فقط حتى تشككوا فيها، إن هذه العقيدة أيضاً قد جاءت في القرآن الكريم المتواتر روايته عن رسول الله.... إن قوله تعالى:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، هي وجوه المؤمنين قطعاً إلى ربها ناظرة.... المعتزلة والشيعة جاءوا بفلسفه ففسروا: وجوه إلى ربها ناظرة، أي إلى نعيم ربها ناظرة، أعطوا دلالة الآية ورفضوا التفسير الثاني للذين أحسنوا، وهذه الفلسفة معول هدام للسنة الصحيحة. انتهى.

وبذلك كشف الشيخ الألباني حقيقة موقف القائلين بالرؤية، فقد اعترف بأن تفسير (ناظرة) بالنظر المعنوي يحقق الإنسجام والتوافق بين الآيات المحكمات

٣٥٣

مثل:لا تدركه الأبصار ، وبين هذه الآية. ولكن الخطر كل الخطر منه على (السنة الشريفة) أن يهدمها معول تأويل هذه الآية!

فلماذا يا ترى يهتمون بالمحافظة على روايات الرؤية ويخافون أن تهدم، ولا يهتمون بالآيات المحكمات النافية للرؤية ولايخافون أن تهدم!

ثم إن أحاديث السنة عند إخواننا منها ما ينفي الرؤية بالعين مطلقاً ومنها ما يثبتها صراحة، وجميعها في البخاري، الكتاب المعصوم بزعمهم من الجلد إلى الجلد، فكيف صار بعض البخاري سنة يجب أن يحفظ من خطر الهدم، وبعضه سنة لا مانع أن يهدم، وتهدم معه آيات محكمات!

لعل جوابهم: أن الذين رووا أحاديث نفي الرؤية عن النبي هم عائشة وعدد من الصحابة وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بينما الذين رووا أحاديث الرؤية الخليفة عمر والمقربون منه، وعند التعارض يجب أن نحافظ على روايات عمر ولا نسمح لأحد أن يهدمها أو يمسها، ويجب أن نعمل معول التأويل أو الهدم في آيات نفي الرؤية وأحاديثها لكي تخضع لما قاله كعب الأحبار والخليفة عمر ومن وافقهما!

بل الظاهر أنه لا مانع عند إخواننا من أن ترد أقوال كل الصحابة وأن تهدم عصمة البخاري برد بعض أحاديثه، لأنهم إنما يريدون عصمة البخاري من أجل عصمة المولى عمر! إنهم يقولون: الخليفة قال برؤية الله بالعين، والقول ما قاله عمر، وانتهى الكلام.

وإذا وصل الأمر إلى هذا، فعلى المسلم أن يسكت كما سكت نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على فراش الموت عندما صاحوا في وجهه (القول ما قاله عمر) عندما كرروا شعارهم في وجهه قال لهم: قوموا عني! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

* *

٣٥٤

تفسير آيات التجلّي لموسىعليه‌السلام

قال اللّه تعالى:وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ . الأعراف - ١٤٣

قال أهل البيتعليهم‌السلام : تجلّى بنوره الذي خلقه، لا بذاته

الإمام الرضا يدفع التهم عن الأنبياءعليهم‌السلام

- روى الصدوق في كتابه التوحيد ص ١١٨ - ١٢٢

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان، عن محمد بن السائب، عن أبي الصالح، عن عبد الله بن عباس في قوله عز وجل: فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، قال يقول: سبحانك تبت إليك من أن أسألك الرؤية، وأنا أول المؤمنين بأنك لا ترى.

قال محمد بن علي بن الحسين مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : إن موسىعليه‌السلام علم أن الله عز وجل لا يجوز عليه الرؤية، وإنما سأل الله عز وجل أن يريه ينظر إليه عن قومه حين ألحوا عليه في ذلك، فسأل موسى ربه ذلك من غير أن يستأذنه فقال: رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه، في حال تدكدكه فسوف تراني. ومعناه أنك لا تراني أبداً، لأن الجبل لا يكون ساكناً متحركاً في حال أبداً، وهذا مثل قوله عز وجل: ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، ومعناه أنهم لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يلج الجمل في سم الخياط أبداً.

٣٥٥

فلما تجلى ربه للجبل: أي ظهر بآية من آياته، وتلك الآية نور من الأنوار التي خلقها ألقى منها على ذلك الجبل، فجعله دكا وخر موسى صعقا، من هول تدكدك ذلك الجبل على عظمه وكبره، فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك، أي رجعت إلى معرفتي بك عادلاً عما حملني عليه قومي من سؤالك الرؤية، ولم تكن هذه التوبة من ذنبه لأن الأنبياء لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً، ولم يكن الإستيذان قبل السؤال بواجب عليه، لكنه كان أدباً أن يستعمله ويأخذ به نفسه متى أراد أن يسأله.

على أنه قد روى قوم أنه قد استأذن في ذلك فأذن له ليعلم قومه بذلك أن الرؤية لا تجوز على الله عز وجل.

وقوله: وأنا أول المؤمنين، يقول أنا أول المؤمنين من القوم الذين كانوا معه وسألوه أن يسأل ربه أن يريه ينظر إليه، بأنك لا ترى.

والأخبار التي رويت في هذا المعنى وأخرجها مشايخنارضي‌الله‌عنهم في مصنفاتهم عندي صحيحة، وإنما تركت إيرادها في هذا الباب خشية أن يقرأها جاهل بمعانيها فيكذب بها فيكفر بالله عز وجل وهو لا يعلم....

ومعنى الرؤية الواردة في الأخبار العلم، وذلك أن الدنيا دار شكوك وارتياب وخطرات، فإذا كان يوم القيامة كشف للعباد من آيات الله وأموره في ثوابه وعقابه ما تزول به الشكوك، وتعلم به حقيقة قدرة الله عز وجل.

وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد، فمعنى ما روي في الحديث أنه عز وجل يرى أي يعلم علماً يقينياً، كقوله عز وجل: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل. وقوله: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه، وقوله: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت: وقوله: ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، وأشباه ذلك من رؤية القلب وليست من رؤية العين.

وأما قول الله عز وجل: فلما تجلى ربه للجبل، فمعناه: لما ظهر عز وجل للجبل

٣٥٦

بآية من آيات الآخرة التي تكون بها الجبال سراباً، والذي ينسف بها الجبال نسفاً، تدكدك الجبل فصار تراباً، لأنه لم يطق حمل تلك الآية، وقد قيل إنه بدا له نور العرش....

وتصديق ما ذكرته ما حدثنا به تميم القرشي، عن أبيه، عن حمدان بن سليمان، عن علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك: إن الأنبياء معصومون قال: بلى، فسأله عن آيات من القرآن فكان فيما سأل أن قال له: فما معنى قول الله عز وجل: ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني، الآية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمرانعليه‌السلام لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله عن هذا السؤال.

فقال الرضاعليه‌السلام : إن كليم الله موسى بن عمرانعليه‌السلام علم أن الله تعالى عن أن يرى بالأبصار، ولكنه لما كلمه الله عز وجل وقربه نجياً رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز وجل كلمه وقربه وناجاه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفاً، ثم اختار منهم سبعة آلاف، ثم اختار منهم سبعمائة، ثم اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربه، فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل، وصعد موسىعليه‌السلام إلى الطور، وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام، لأن الله عز وجل أحدثه في الشجرة ثم جعله منبعثاً منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عز وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقاً فيما ادعيت من مناجاة الله، إياك فأحياهم الله وبعثهم معه فقالوا: إنك لو

٣٥٧

سألت الله أن يريك تنطر إليه لأجابك، وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته! فقال موسىعليه‌السلام : يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه. فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسىعليه‌السلام : يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله جل جلاله إليه: يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسىعليه‌السلام : رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه، وهو يهوي، فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل بآياته جعله دكاً وخر موسى صعقا، فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك، يقول: رجعت إلي معرفتي بك عن جهل قومي، وأنا أول المؤمنين، منهم بأنك لا ترى.

فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.... الخبر....

ولو أوردت الأخبار التي رويت في معنى الرؤية لطال الكتاب بذكرها وشرحها وإثبات صحتها، ومن وفقه الله تعالى ذكره للرشاد آمن بجميع ما يرد عن الأئمةعليهم‌السلام بالأسانيد الصحيحة وسلم لهم، ورد الأمر فيما اشتبه عليه إليهم، إذ كان قولهم قول الله وأمرهم أمره، وهم أقرب الخلق إلى الله عز وجل وأعلمهم به، صلوات الله عليهم أجمعين.

- وقال في علل الشرائع ج ٢ ص ٤٩٧

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى العلوي الحسينيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أسباط قال حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان قال: حدثني أبوالطيب أحمد بن محمد بن عبد الله قال حدثني عيسى بن جعفر العلوي العمري عن آبائه عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنه سئل مم خلق الله الذر الذي يدخل في كوة البيت؟ فقال: إن موسىعليه‌السلام : لما قال: ربي أرني أنظر إليك، قال الله تعالى: إن استقر الجبل لنوري فإنك ستقوى على أن تنظر إليّ، وإن لم يستقر فلا تطيق إبصاري لضعفك، فلما تجلى الله تبارك وتعالى للجبل تقطع ثلاث قطع،

٣٥٨

فقطعة ارتفعت في السماء، وقطعة غاصت تحت الأرض، وقطعة تفتت فهذا الذر من ذلك الغبار، غبار الجبل.

- تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٦

عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام قال: لما سأل موسى ربه تبارك وتعالى: قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، قال: فلما صعد موسى على الجبل فتحت أبواب السماء وأقبلت الملائكة أفواجاً في أيديهم العمد وفي رأسها النور، يمرون به فوجاً بعد فوج يقولون: يابن عمران أثبت فقد سألت عظيماً، قال: فلم يزل موسى واقفاً حتى تجلى ربنا جل جلاله، فجعل الجبل دكاً وخر موسى صعقاً، فلما أن رد الله إليه روحه أفاق قال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين.

قال ابن أبي عمير: وحدثني عدة من أصحابنا أن النار أحاطت به، حتى لا يهرب من هول ما رأى.

- وقال الشريف المرتضى في أماليه ج ٤ ص ١٢٥

فإن قيل: كيف يجوز منه عليه الصلاة والسلام مع علمه باستحالة الرؤية عليه تعالى أن يسأل فيها لقومه، ولئن جاز ذلك ليجوزن أن يسأل لقومه سائر ما يستحيل عليه تعالى من كونه جسماً وما أشبهه متى شكوا فيه.

قلنا: إنما صح ما ذكرناه في الرؤية ولم يصح فيما سألت عنه لأنه مع الشك في جواز الرؤية التي لا يقتضي كونه جسماً يمكن معرفة السمع وأنه تعالى حكيم صادق في إخباره، فيصح أن يعرفوا بالجواب الوارد من جهته تعالى استحالة ما شكوا في صحته وجوازه، ومع الشك في كونه جسماً لا يصح معرفة السمع فلا يقع بجوابه انتفاع ولا علم..

وقد قال بعض من تكلم في هذه الآية قد كان جائزاً أن يسأل موسىعليه‌السلام لقومه ما يعلم استحالته وإن كانت دلالة السمع لا تثبت قبل معرفته متى كان المعلوم أن في

٣٥٩

ذلك صلاحاً للمكلفين في الدين، وإن ورود الجواب يكون لطفاً لهم في النظر في الأدلة وإصابة الحق منها، غير أن من أجاب بذلك شرط أن يتبين في مسألة علمه باستحالة ما سأل عنه وأن غرضه في السؤال ورود الجواب ليكون لطفاً..

والجواب الثاني في الآية أن يكون موسىعليه‌السلام إنما سأل ربه أن يعلمه نفسه ضرورةً بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة فتزول عنه الدواعي والشكوك والشبهات ويستغني عن الإستدلال فتخف المحنة عليه بذلك، كما سأل إبراهيمعليه‌السلام ربه تعالى أن يريه كيف يحيى الموتى طلباً للتخفيف عليه بذلك، وإن كان قد عرف ذلك قبل أن يراه، والسؤال إن وقع بلفظ الرؤية فإن الرؤية تفيد العلم كما تفيد الإدراك بالبصر، وذلك أظهر من أن يستدل عليه أو يستشهد به، فقال له جل وعز: لن تراني، أي لن تعلمني على هذا الوجه الذي التمسته مني، ثم أكد تعالى ذلك بأن أظهر في الجبل من آياته وعجائبه ما دل به على أن إظهار ما تقوم به المعرفة الضرورية في الدنيا مع التكليف وبيانه لا يجوز، وأن الحكمة تمنع منه.

والوجه الأول أولى لما ذكرناه من الوجوه ولأنه لا يخلو موسىعليه‌السلام من أن يكون شاكاً في أن المعرفة ضرورية لا يصح حصولها في الدنيا أو عالماً بذلك، فإن كان شاكاً فهذا مما لا يجوز على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأن الشك فيما يرجع إلى أصول الديانات وقواعد التكليف لا يجوز عليهم سلام الله عليهم، لا سيما وقد يجوز أن يعلم ذلك على الحقيقة بعض أمتهم فيزيد عليهم في المعرفة، وهذا أبلغ في التنفير عنهم من كل شيء يمنع منه فيهم. وإن كان عالماً فلا وجه لسؤاله إلا أن يقال إنه سأل لقومه، فيعود إلى معنى الجواب الأول.

والجواب الثالث في الآية، ما حكي عن بعض من تكلم في هذه الآية من أهل التوحيد وهو أن قال: يجوز أن يكون موسىعليه‌السلام في وقت مسألته ذلك كان شاكاً في جواز الرؤية على الله تعالى فسأل ذلك ليعلم هل يجوز عليه أم لا، قال وليس شكه في ذلك بمانع من أن يعرف الله تعالى بصفاته بل يجري مجرى شكه في جواز الرؤية على بعض ما لا يرى من الأعراض في أنه غير مخل بما يحتاج إليه في معرفته تعالى.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434