إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق9%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219845 / تحميل: 6909
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

في الحقيقة أنا أحاور في كُلّ الأُمور ومع الجميع ، حيث أحاور الشيعة على التمسّك بخطّهم ، وخصوصاً من له ميل للعلمانية ، وحوار مثل هؤلاء أشدّ من غيرهم ، وأحاور أهل السنّة لأثبت لهم أنّ منهج الحقّ ليس منهجهم ، كما وأحاور النصارى ، وأنا دارس جيّد لكتابهم بعهديه القديم والجديد ، كما وأحاور غيرهم ، وبأساليب مختلفة ، كُلّ حسب طريقته أو الطريقة التي تنفع معه.

سادتي الكرام ، يقول تعالى ـ وهو يتحدّث عن الحوار مع إبليس اللعين ـ :( قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (١) ، وقد وعده الله سبحانه بذلك.

وحسب علمي البسيط أنّ يوم البعث بعد الممات ، أي يوم القيامة ،( ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) (٢) ، ونحن نعلم من الروايات بأنّه يوم القيامة ـ أي يوم البعث ـ يكون بعد أن يموت الكُلّ ، ولا يبقى إلاّ وجهه الكريم ، ومن بعد ذلك أوّل من يحيه الله إسرافيلعليه‌السلام حيث ينفخ في الصور.

ما استشكل عليّ هو :

أ ـ أمّا بقاء إبليس اللعين إلى يوم البعث حسب ظاهر الآية ، وبالتالي يبقى هو مع الله ، ونحن نعلم بعد البعث الحساب والكتاب والخلود ، إمّا في الجنّة أو في النار ، ومعنى ذلك أنّ إبليس اللعين سيكون من الخالدين ، ولم يمر بمرحلة الموت! وهذا مخالف لما نؤمن به.

ب ـ وأمّا أن يبقى إلى يوم البعث ثمّ يموت بمفرده ، كخصوصية له حيث لا موت بعد البعث ، وقد أعطاه الله ما وعده ، وبالتالي يكون قد انتهى كمخلوق! وهنا استشكال أكبر حيث سوف لن يعاقب ولن يكون في جهنّم خالداً فيها ، كما خبّرنا بذلك.

سادتي الكرام : قد يكون الموضوع ليس موضوع ابتلاء ، ولكن قد ابتلاني الله بحبّ المعرفة ، والتأكّد من كُلّ شيء لأزداد علماً.

__________________

١ ـ الأعراف : ١٤.

٢ ـ المؤمنون : ١٦.

٢٦١

أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم ، هذا وتقبّلوا فائق التقدير والاحترام.

ج : إنّ السؤال ذو جهتين : أصل الإمهال ، وغاية الإمهال ، أي أنّ الشيطان كان يريد الحياة إلى يوم القيامة ، ولكن الله تعالى ووفقاً لحكمته أجابه على أصل الإمهال ، ولم يجبه من جهة غايته ، إذ قال تعالى في جوابه :( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) (١) ، والوقت المعلوم ـ كما في بعض الأحاديث ـ يوم ظهور القائمعليه‌السلام ، أو رجعة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام .

وبهذا التفسير يندفع كافّة الإشكالات المذكورة كما هو واضح.

وهناك بعض الروايات تشير إلى أنّ إبليس يموت في النفخة الأُولى ، وفي بعضها الآخر أنّ موته بين النفختين الأُولى والثانية ؛ فحتّى على هذين الاحتمالين يذوق الموت لا محالة.

والأصل في هذا المقام ونظائره هو :( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (٢) فلا يشذّ من هذه القاعدة أحد من الإنس والجنّ والملائكة.

( مؤيّد الشمّري ـ العراق ـ ٢٦ سنة ـ بكالوريوس الهندسة الكهربائية )

نوع الأكل يوم الحشر :

س : ندعو لكم بالتسديد الموفّق ، ونرجو الإجابة عن السؤال التالي :

ورد في الروايات : إنّ الخلائق يوم الحشر يبعثون عراة ، ينتظرون الحساب ـ وبفرض الانتظار أكثر من يوم ـ فعلى ماذا يتغذّون هناك؟ وإذا قلنا بالأكل هناك ، كيف يكون توابع الأكل من التخلّي وغيره؟ نسأل الله أن تشملنا وإيّاكم شفاعة محمّد وآل محمّد.

__________________

١ ـ ص : ٧٩ ـ ٨٠.

٢ ـ العنكبوت : ٥٧.

٢٦٢

ج : سأل زرارة الإمام الباقرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ ) (١) قال : «تبدّل خبزة نقية يأكل منها الناس حتّى يفرغوا من الحساب »(٢) ، ويمكن أن يكون ذلك الطعام على نحوٍ لا يحوجهم إلى توابع الأكل ـ من التخلّي وغيره ـ على نحو ما نشاهده في الجنين في بطن أُمّه ، وورد ذلك في أهل الجنّة أيضاً.

( حبيب عباس راضي ـ البحرين ـ ١٤ سنة ـ طالب إعدادية )

حساب عرب الجاهلية :

س : كان العرب أيّام الجاهلية لا يعرفون الإسلام ، بل يعبدون الأصنام ، فهل يخلّدون في النار رغم أنّهم كانوا لا يعرفون النار؟

ج : إنّ الله سبحانه لا يعذّب قوماً حتّى يقيم الحجّة عليهم ، كما قال تعالى :( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (٣) ، وقد وردت بعض الروايات التي تفيد بأنّ الكفّار القاصرين الذين لم تصل إليهم الأدلّة ـ أي أدلّة التوحيد ومعرفة الله وما يجب عليهم القيام به من تكاليف في زمانهم ، إذ لكُلّ زمان نبي وشريعة كما نعرف من الروايات ـ فإنّ هؤلاء موكولون في الحكم عليهم في الآخرة إلى الله سبحانه ، وعبّرت عنهم هذه الروايات بالمستضعفين والمرجوّين لشمول رحمة الباري لهم.

ومن هنا علينا أن نعرف حال أهل الجاهلية ، فلا يمكن أن نجزم بأنّهم لم يعرفوا الجنّة ولا النار ، ولا الحساب ولا العقاب ، كيف وقد كان فيهم من الموحّدين من آباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا على الإبراهيمية أو الحنفية ، الأمر

__________________

١ ـ إبراهيم : ٤٨.

٢ ـ الكافي ٦ / ٢٨٦.

٣ ـ الإسراء : ١٥.

٢٦٣

الذي يجعلنا نشكّ في عدم معرفتهم وجهلهم بأحكام التوحيد ، وعلى أيّة حال فالتفصيل السابق الذي أوردناه هو الجواب لهذا السؤال.

( عيسى سلمان ـ البحرين ـ ٣٦ سنة ـ خرّيج ثانوية )

حشر الوحوش فيه :

س : كيف الوحوش تحشر يوم القيامة؟

ج : قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير قوله تعالى :( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) (١) : « الوحوش جمع وحش ، وهو من الحيوان ما لا يتأنس بالإنسان كالسباع وغيرها.

وظاهر الآية من حيث وقوعها في سياق الآيات الواصفة ليوم القيامة ، أنّ الوحوش محشورة كالإنسان ، ويؤيّده قوله تعالى :( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (٢) .

وأمّا تفصيل حالها بعد الحشر وما يؤول إليه أمرها فلم يرد في كلامه تعالى ، ولا فيما يعتمد عليه من الأخبار ما يكشف عن ذلك ، نعم ربما استفيد من قوله في آية الأنعام :( أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ) ، وقوله :( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) بعض ما يتّضح به الحال في الجملة ، لا يخفى على الناقد المتدبّر ، وربما قيل : إنّ حشر الوحوش من أشراط الساعة لا ممّا يقع يوم القيامة ، والمراد به خروجها من غاباتها وأكنانها »(٣) .

وقال الشيخ الطوسي في تفسير قوله تعالى :( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) : « قال عكرمة : حشرها موتها ، وغيره قال : معناه تغيّرت الأُمور ، بأن صارت الوحوش التي تشرد في البلاد تجتمع مع الناس ، وذلك أنّ الله تعالى يحشر

__________________

١ ـ التكوير : ٥.

٢ ـ الأنعام : ٣٨.

٣ ـ الميزان في تفسير القرآن ٢٠ / ٢١٣.

٢٦٤

الوحوش ليوصل إليها ما تستحقه من الأعواض على الآلام التي دخلت عليها ، وينتصف لبعضها من بعض ، فإذا عوّضها الله تعالى ، فمن قال : العوض دائم ، قال تبقى منعّمة على الأبد ، ومن قال : العوض يستحق منقطعاً ، اختلفوا فمنهم من قال : يديمها الله تفضّلاً لئلا يدخل على العوض غم بانقطاعه ، ومنهم من قال : إذا فعل بها ما تستحقه من الأعواض جعلها تراباً »(١) ، والله العالم بحقائق الأُمور.

__________________

١ ـ التبيان ١٠ / ٢٨١.

٢٦٥
٢٦٦

معاوية بن أبي سفيان :

( محمّد علي ـ أمريكا ـ )

بعض مثالبه :

س : جزاكم الله خيراً على مجهودكم هذا ، وبارك الله فيكم.

إذا أمكن ذكر بعض الشيء حول معاوية ، من الأحاديث والروايات من كتب أهل السنّة ، التي تبيّن بعض حقائق كاتب الوحي هذا؟ ونسألكم الدعاء.

ج : نذكر بعض الروايات الواردة في كتب أهل السنّة :

١ ـ عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتواريت خلف باب ، قال : فجاء فحطأني حطأة وقال : اذهب وادع لي معاوية ، قال : جئت فقلت : هو يأكل ، قال : ثمّ قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا أشبع الله بطنه »(١) .

٢ ـ عن ابن عباس قال : سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صوت رجلين يغنّيان فسأل عنهما ، فقيل : معاوية وعمرو بن العاص ، فقال : «اللهم أركسهما في الفتنة ركساً ، ودعهما إلى النار دعّاً »(٢) .

٣ ـ عن الإمام الحسنعليه‌السلام قال : «بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لعن الله السائق والراكب ، أحدهما فلان » ـ أي معاوية ـ قالا : اللهم نعم بلى(٣) .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧ ، مسند أبي داود : ٣٥٩.

٢ ـ المعجم الكبير ١١ / ٣٢.

٣ ـ المصدر السابق ٣ / ٧٢ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٧.

٢٦٧

هذا مضافاً إلى ما ورد من أخبار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين ، وأنّ عمّار تقتله الفئة الباغية.

( أسد ـ أمريكا ـ سنّي )

كان يسبّ علياً :

س : ما هو دليلكم على أنّ معاوية كان يشتم علياً ( كرّم الله وجهه )؟

ج : إنّ مصادر التاريخ والسير مليئة بإثبات هذا المطلب ، حتّى كادت أن تكون متواترة ، ولا ينكر هذا المطلب إلاّ مكابر ، ونحن هنا نقتصر على ذكر روايتين ، علّنا في المستقبل نوفّق لأن نذكر بحثاً مختصراً يجمع أهم مصادر هذا البحث :

١ ـ عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه قال : « أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً ، فقال : ما منعك أن تسبّ أبا التراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلن أسبه »(١) .

٢ ـ عن سهل بن سعد قال : « استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً ، قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب »(٢) .

( منتظر ـ ـ )

من الطائفة الباغية :

س : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، أفضل الصلاة وأزكى التسليم على خير الخلائق أجمعين ، محمّد وآله الطاهرين ، واللعن الدائم المؤبّد على أعدائهم أجمعين ، إلى قيام يوم الدين.

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٠١ ، المستدرك ٣ / ١٠٨ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١١١ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٥ ، الإصابة ٤ / ٤٦٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٦.

٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٢٦٨

إخوتي الأعزاء : لقد وقع نقاش بيني وبين أحد الوهّابيين فقلت له : ارجع إلى حديث الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله الخاصّ بالصحابي الجليل عمّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية »(١) ، وهذا ما حصل في معركة صفّين.

فقال لي : ارجع إلى كتاب الله ما معنى البغي :( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (٢) .

ومن هنا يكتشف لدينا : أنّ معاوية وأصحابه من المؤمنين ، واستدلّ بقول الإمام عليعليه‌السلام : ( إخواننا بغوا علينا ) ، ما هو الردّ على هذا الإشكال؟ مع الشكر.

ج : نود توضيح بعض النقاط تتوقّف إجابة السؤال عليها :

١ ـ إنّ صفة المؤمنين مفهوم كُلّي ينطبق على مصاديق وأفراد كثيرة ، ولا يندرج فرداً أو مصداقاً تحت هذا المفهوم إلاّ بدليل قطعي ، ولا يكفي في دخوله مجرّد الشكّ ، وعليه فلابدّ من وجود دليل على كون معاوية وبعض من حوله من المؤمنين ، حتّى يدخل تحت هذه الآية ، ولا يكفي الشكّ في كونهم مؤمنين ، وهذا واضح.

٢ ـ إذا ادّعى مدّعٍ : أنّ معاوية قد أسلم ظاهراً ، وهذا يكفي لإطلاق صفة الإيمان عليه ، نقول : إنّ الإسلام غير الإيمان ، فلا يخرج إثبات إيمانه عن احتياجه لدليل ، بل الأدلّة الكثيرة قائمة على عدم إيمانه ونفاقه ، وهي لا تخفى عليكم ، حيث أنّ الإيمان عمل قلبي لا يعرفه إلاّ الله والشخص المعني ، وإنّما نستدلّ عليه من تطابق أعمال الفرد مع المعايير الإسلامية ، ومعاوية بعيد عنها كُلّ البعد ، والأمثلة كثيرة.

٣ ـ قد نثبت لمعاوية الإسلام الظاهري مع النفاق فهو منافق ، فيمكن أن يدخل في الآية من هذه الجهة ، لأنّ القرآن سمّى أُناساً كانوا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ١٦١ و ٣ / ٥ و ٥ / ٣٠٦ و ٦ / ٣٠٠ و ٣١١ ، صحيح مسلم ٨ / ١٨٦ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٣٣.

٢ ـ الحجرات : ٩.

٢٦٩

مؤمنين ، مع أنّ أفعالهم أفعال المنافقين ، فهذا الإطلاق في القرآن إطلاق عام يشمل المؤمنين حقيقة والمنافقين ، قال تعالى :( وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ) (١) .

قال الشيخ الطوسي : « وهذه صفة المنافقين بلا خلاف »(٢) .

٤ ـ يجب التنبيه هنا على شيء مهمّ ، وهو التفريق في الكلام بين معاوية بخصوصه مع بعض من اتبعه ـ كمروان وعمرو بن العاص ـ وبين جماعة أهل الشام الذين معه ، فإنّ الغالبية العظمى من أتباعه جهّال خدعوا وهم مسلمون ، قد يكون منهم مخلصون في الدفاع عن الإسلام ، ولكن داءهم الجهل ، وهذا أمر عرفي واضح.

فإذا كان الكلام عن الجماعة ككل ، فلا مانع من أن تصفهم بأنّهم مسلمون ، أو مؤمنون بالمعنى العام المشار إليه ، أو حتّى مؤمنون جهّال وغير منافقين ، إذ كانوا يظنّون أنّهم يمثّلون الإسلام الحقيقي ، بما مارسه معاوية عليهم من كذب وإشاعات.

فإذا كان الكلام بخصوص معاوية وهؤلاء البعض من أعوانه ، فإنّ الأمر يختلف ، إذ أنّا يمكن أن ننسب إليهم النفاق والكفر بالمعنى الخاصّ ـ المقابل للإيمان ـ وإن كانوا غير كافرين بالمعنى العام ـ أي مجاهرين بالكفر ـ إذ هم مسلمون على الظاهر.

وهذا أمر واضح ، فإنّ الجماعة ـ كجماعة ـ يمكن أن تضم بينها المسلم والمؤمن والمنافق ، ولكن عند الخطاب يطلق عليها الصفة التي تنطبق عليها بالظاهر العام ، ولا تنفي هذه الصفة حقيقة الفرد المنضوي تحتها ، وهذا الأمر أيضاً ينطبق على جيش أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنّ فيهم الخوارج والمنافقين ، وهذا أمر واضح.

__________________

١ ـ الأنفال : ٥ ـ ٦.

٢ ـ المبسوط للشيخ الطوسي ٧ / ٢٦٢.

٢٧٠

فيجب التفريق في الكلام على الجماعة بما هم جماعة ، وعلى الأفراد بما هم أفراد ، ومن هنا نفهم كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إخواننا بغوا علينا »(١) ، نعم هم إخوان بالإسلام بما هم جماعة ككل ، وأحكامهم تختلف عن الكفّار المجاهرين بالكفر.

٥ ـ إنّ الآية قد أطلقت صفة المؤمنين بالمعنى العام السابق على الطائفتين ، ثمّ قالت :( فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ) ، وقد حدّد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطائفة الباغية ، التي تأمرنا الآية بقتالها.

فالمقتول في طائفة الحقّ في الجنّة كعمّار ، والمقتول في طائفة البغي في النار ، فعند حدوث البغي حصل التفريق بين الطائفتين وبين موقفيهما ، وهو واضح من الآية ، فما معنى إطلاق لفظة المؤمنين على البغاة بعد ذلك؟ إذ النزاع ليس لفظي ، مع أنّه يخالف المفهوم من الآية ، وجهة المقابلة الموجودة فيها بين الطائفتين.

ثمّ إنّ هذه المفاهيم ـ كالإسلام والإيمان ـ وضعت واستعملت للإشارة إلى حقائق أُخروية ، ونحن نستعملها كذلك ، فعندما نطلق على شخص أنّه مؤمن ، أي أنّه مصنّف في الناجين يوم القيامة ، فإذا ثبت لنا أنّه في النار ، فلا يكون إطلاق صفة الإيمان عليه إلاّ سفسطة.

ونزاعنا مع القوم ليس بالألفاظ ، وإنّما في المآل الأخروي الذي تدلّ عليه الألفاظ ، وإلاّ فما فائدة أن نطلق عليه مؤمن وهو في النار؟ إلاّ التلاعب بالألفاظ.

٦ ـ ليكن من الواضح : أنّا عندما نطلق على معاوية أنّه كافر ، نريد به إمّا أنّه كافر بالمعنى الخاصّ المقابل للإيمان الخاصّ ، الذي هو الإيمان بالإمامة ، وهو غير الكافر بالمعنى العام ، أي المجاهر بالكفر المقابل للمسلم ، أو نريد به المنافق ، بل الأصح أنّا نريد به المنافق الذي يعامل معاملة المظهر للإسلام باللسان ، فهو كافر بالباطن.

__________________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ١٧٣.

٢٧١

أمّا الفئة العظمى من جيشه ، فإنّا نطلق عليهم مسلمين غير مؤمنين بالإمامة ، فهم ليسوا كفّاراً مجاهرين ، ولكن إذا أُطلق عليهم الكفر يراد به الكافر الخاصّ ، المقابل للإيمان الخاصّ ، ويمكن أن يطلق عليهم مؤمنين بالمعنى العام المشار إليه سابقاً ، الذي يساوي الإسلام العام.

٧ ـ إنّ اختلاف جماعتين ربما يكون في شيء لا يخرج عن الإيمان أو الإسلام ، وربما يختلفان في شيء يخرج عنهما ، والآية عامّة شاملة لكلا الحالين.

ويبقى علينا التشخيص في تحديد الأمر المختلف عليه ، إذ بعد وقوع القتال وحصول التمايز بينهما بالبغي وعدمه ، نرجع في تحديد صفة كُلّ طائفة بما تعتقد به ، وتخالف الأُخرى عليه ، فإذا كانت طائفة تقاتل وتخالف الأُخرى على شيء يخرج عن الإسلام أو الإيمان ، نسبنا تلك الطائفة بما يناسبها من ذلك ، وهو ما حصل بين طائفة عليعليه‌السلام وطائفة معاوية ، فالخروج على إمام الزمان موبقة تخرج عن الإسلام أو الإيمان على الخلاف ، فلاحظ.

( الموسوي ـ العراق ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

مسلم في الظاهر :

س : قد طرح عليّ هذا السؤال : هل معاوية كان مؤمناً قبل الفتنة على الأقل في نظرك أنت؟ أُريد الجواب للتأصيل فقط لا غير ، وبعدها أنا سأكمل ، فأجبته : بنعم ، فأجابني الزميل المخالف بهذا ج : سيّدنا عليرضي‌الله‌عنه يقول : نعم ، حتّى في وقت الحرب ، وكما وعدتك من كتبك.

الأوّل : عن جعفر عن أبيه أنّ علياًعليه‌السلام كان يقول لأهل حربه : « إنّا لم نقاتلهم على التكفير لهم ، ولم نقاتلهم على التكفير لنا ، ولكنّا رأينا أنّا على حقّ ، ورأوا أنّهم على حقّ »(١) .

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٩٣.

٢٧٢

الثاني : قال علي عليه‌السلام : « وكان بدء أمرنا أنّا التقينا بالقوم من أهل الشام ، والظاهر أنّ ربّنا واحد ، ونبيّنا واحد ، ودعوتنا في الإسلام واحدة ، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا ، والأمر واحد إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان ، ونحن منه براء »(١) .

الثالث : عن جعفر عن أبيه : « أنّ علياً عليه‌السلام لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ، ولكنّه كان يقول : هم إخواننا بغوا علينا » (٢) .

الرابع : قال علي عليه‌السلام : « إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين ، ولكنّكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم كان أصوب في القول ، وأبلغ في العذر ، وقلتم مكان سبّكم إيّاهم : اللهم أحقن دماءنا ودماءهم ، وأصلح ذات بيننا وبينهم »(٣) .

أذكرك بقوله تعالى :( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (٤) .

وبالإضافة للآية يكفيك الأحاديث المذكورة ، فما ردّي؟ هل هذه حجّة علينا أنّ الإمام عليعليه‌السلام شهد لمعاوية عليه من الله ما يستحق بأنّه مسلم ، فسؤالي هل معاوية كان مسلماً؟

أرجو الإفادة والمساعدة ، بارك الله بكم ، وجزاكم الله ألف خير في الدفاع عن هذا الإسلام المحمّدي الأصيل.

الجواب : الإسلام الظاهري لا ننفيه عن أيّ أحد يدّعي الإسلام ، ويتشهّد الشهادتين ، إلاّ أن يأتي بكفر بواح ، أو أنكر معلوماً من الدين بالضرورة عناداً للحقّ ، وتكذيباً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فنحن لا ننفي إسلام معاوية أو غيره في هذه الدنيا ، وإنّما نعتقد بأنّ من يخالف الحقّ ، ولم يتولّ أهل البيتعليهم‌السلام فهو ليس بمؤمن بالمعنى الأخص في

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٤١.

٢ ـ قرب الإسناد : ٩٤.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١.

٤ ـ الحجرات : ٩.

٢٧٣

الدنيا ، وليس بمسلم حقيقي عند الله في الواقع ، وهو يستحقّ النار في الآخرة.

ودليلنا على ذلك حديث الافتراق ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كُلّها في النار إلاّ واحدة »(١) ، فبيّن النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ جميع الفرق هي أُمّته الإسلامية ، وتنتسب ظاهراً ـ وفي هذه الدنيا ـ إلى الإسلام ، ولكن الفرقة الناجية منها هي واحدة فقط ، فهي المسلمة حقّاً ، وهي المتبعة للحقّ وتستحقّ الجنّة.

فهؤلاء المحاربين لأمير المؤمنينعليه‌السلام لا نخرجهم عن الإسلام في هذه الدنيا ، فنجري عليهم حكم الإسلام والمسلمين ، ودليلنا ما ورد من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله »(٢) ، وقال عن إسناده ابن حجر : «ورجاله رجال الصحيح »(٣) .

وأمّا ما أوردت من نصوص عن أئمّتناعليهم‌السلام فهي تدلّ على ما قدّمنا من إثبات إسلامهم الظاهري ، ولكن لم يثبت نجاتهم في الآخرة أبداً.

وأمّا الأحاديث والآية التي ذكرتها لإثبات إسلامهم ، فقد أثبتنا نحن أيضاً الإسلام الظاهر ، ولا تدلّ على أكثر من ذلك ، وكذلك وصف الإمامعليه‌السلام لهم بأنّهم إخواننا بغوا علينا ، أو أنّهم رأوا أنّهم على حقّ ، فهذه الأوصاف ليست كُلّية ، وتشمل كُلّ فرد فرد ، وإنّما فيهم المنافق وفيهم الفاسق ، وفيهم المعاند وفيهم الجاهل الخ.

وخصوصاً قول الإمامعليه‌السلام : « والظاهر أنّ ربّنا واحد » ، فإنّ الإمامعليه‌السلام يبيّن أيضاً بأنّهم مسلمون ظاهراً ، بل هي تدلّ على بغيهم ، ولو تأمّلت بالآية الكريمة

__________________

١ ـ سنن الدارمي ٢ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢٢ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٩٠ ، الجامع الكبير ٤ / ١٣٥ ، المستدرك ١ / ١٢٨ ، المعجم الكبير ٨ / ٢٧٣.

٢ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٣ و ٨٢ ، المستدرك ٣ / ١٢٣ ، مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦ و ٦ / ٢٤٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٥٤ ، خصائص أمير المؤمنين : ١٣١ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٣٤١ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٣٨٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٥١ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٢.

٣ ـ مجمع الزوائد ٥ / ١٨٦.

٢٧٤

لما وجدتها تثبت ذلك لهم بعد البغي( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) ، فالآية غير متعرّضة بالمرّة لمن لا يفئ إلى أمر الله ، فلا تستطيع إثبات الإيمان لمن أصرّ وبقي على بغيه من خلال هذه الآية ، فهي عليك لا لك.

ويكفينا لحكمنا هذا بالتفريق بين حالهم في الدنيا وحالهم في الآخرة ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمّار ـ في أوّل أيّام الهجرة النبوية الشريفة ، عندما كانوا يبنون المسجد النبوي الشريف ـ : «ويح عمّار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنّة ، ويدعونه إلى النار »(١) .

فانظر يا أخي هداك الله كيف تجهد نفسك ، وتجعلها في صفّ مَن يدعو إلى النار وتتولاّه ، وتدافع عنه بهذه القوّة ، وتأتي بأحاديث وتقول : وكما وعدتك من كتبك

اتق الله يا أخي ، ودافع وجاهد عن الحقّ ، وعن الدعاة إلى الجنّة ، وكن معهم ، وجاهد وعاند الدعاة إلى النار ، وكن ضدّهم وتبرأ منهم.

( عيسى الشيباني ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ الثانوية العامّة )

لم يبك على علي عند شهادته :

س : عداء معاوية لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام كان معروفاً من عدّة روايات من كلا الفريقين , فأهل السنّة يقولون حين جاء خبر مقتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام لمعاوية بكى ، فكيف لنا أن نوافق ما بين العداء الذي كان يحمله معاوية للإمام , والبكاء الذي ذرف من عينيه بعد سماعه مقتله؟

كيف لنا أن نقيم الحجّة على القوم؟ وخاصّة في حال وجود التضارب في الأقوال في مثل هذه الحالة؟ مع المتيقّن منه العداء للإمام ، فما مدى صحّة القول الثاني؟

__________________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ٩١ ، صحيح البخاري ١ / ١١٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٣ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٥٥٤ ، المعجم الكبير ١٢ / ٣٠١ ، صحيح مسلم ٨ / ١٨٦.

٢٧٥

ج : الخبر المذكور نقله ابن عساكر بسند متّصل إلى مغيرة ، ومغيرة هذا هو ابن مقسم الضبي ، وهو بعيد بكثير عن حادثة شهادة الإمام عليعليه‌السلام ، فالخبر إذاً مقطوع السند ، ثمّ أنّ هناك كلام في المغيرة ، فمنهم من وثّقة ، ومنهم من قال : أنّه يدلّس(١) .

والخبر الذي نقله هو : « جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية ، وهو نائم مع امرأته فاخته بنت قرظة ، فقعد باكياً مسترجعاً ، فقالت له فاخته : أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكي عليه ، فقال : ويحك أنا أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه »(٢) .

ولو غضضنا النظر عن السند ، وبحثنا في دلالته لتوصّلنا إلى ما يأتي :

١ ـ اعتراف معاوية للإمام عليعليه‌السلام بالحلم والعلم.

٢ ـ استنكار امرأة معاوية من التناقض في سلوك معاوية من قتاله والبكاء عليه ، ومعنى كلامها أنّ عدائك للإمام عليهعليه‌السلام شديد ، حتّى وصل إلى القتال ، فما معنى بكاءك؟ فيردّ عليها : أنّ الذي عند الإمام عليعليه‌السلام من الحلم والعلم يجعل الأعداء تبكي عليه.

٣ ـ احتياج الناس إلى الإمامعليه‌السلام ، وافتقارهم له عند موته.

٤ ـ إقرار معاوية بقتاله لعليعليه‌السلام .

٥ ـ بكاء معاوية كان إشفاقاً على الناس لفقدهم الإمامعليه‌السلام حسب تعليله هو.

وبملاحظة هذه الأُمور ، فإنّ هذا الخبر لا يعطي أيّ دلالة على عدم وجود العداء بين الإمامعليه‌السلام ومعاوية ، بل على العكس من ذلك ، فهو يؤكّد وجود ذلك العداء ، ويظهر فضائل الإمامعليه‌السلام ، ويؤكّد الحجّة على معاوية.

__________________

١ ـ الثقات : ٤٦٤ ، التبيين لأسماء المدلّسين : ٥٦.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٨٢.

٢٧٦

( أُمّ محمّد ـ الكويت ـ ٤٠ سنة ـ خرّيجة جامعة )

وصيته ليزيد إن ظفر بالحسين :

س : ورد في رواياتنا وصية معاوية لابنه يزيد ، وكان فيها إشارة إلى معرفة معاوية لحقّ الحسينعليه‌السلام : « وأمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول الله , وهو من لحم رسول الله ودمه , وقد علمت لا محالة أنّ أهل العراق سيخرجونه إليهم ، ثمّ يخذلونه ويضيّعونه , فإن ظفرت به فاعرف حقّه ومنزلته من رسول الله , ولا تؤاخذه بفعله , ومع ذلك فإنّ لنا به خلطة ورحماً , وإيّاك أن تناله بسوء , أو يرى منك مكروهاً ».

فهل يعقل ذلك أم في الروايات مآخذ؟

ج : الحديث نقله من أصحابنا الشيخ الصدوققدس‌سره (١) ، وفي السند الذي ذكره أفراد مجهولون ، فلهذا لا يمكن الوثوق بصحّة مثل هكذا حديث.

ولو سلّمنا بصحّة السند ، فهو يدلّ على مدى الوقاحة لدى يزيد أن أقدم على قتل الحسينعليه‌السلام ، وهو عارف بحقّه ، ويدلّ أيضاً على مدى الدهاء الذي يتمتّع به معاوية الغاصب للخلافة ، والمحارب لأبي الحسينعليهما‌السلام ، العارف بحقّهما وقربهما من رسول الله ، والذي يجيز لابنه الظفر بالحسينعليه‌السلام ، ولا يجيز له أن يناله مكروه ، لأنّه يعلم أنّ إلحاق الأذى بالحسينعليه‌السلام سوف يزلزل ملك ابنه ، فهو معلّم لابنه أُسلوباً من أساليب الدهاء ، التي لم يجد الابن ممارستها.

وبالتمحيص في شخصية معاوية لا يبدو غريباً أن يصدر منه مثل هكذا وصيّه ، فقد عُرف بالمكر والخداع والدهاء ، وصدور مثل هكذا وصيّة من معاوية لا يعدّ فضيلة له ، بل فيها أكبر إدانة له ، حيث يعلّم ابنه الأساليب المناسبة للتسلّط على المسلمين ، وكبح جماح المعارضين ، وفي تسلّط يزيد

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢١٦.

٢٧٧

الفاسق الفاجر على المسلمين أكبر ظلامة وقعت على الإسلام والمسلمين ، والتي يتحمّل جزءً كبيراً منها معاوية ، وذلك بتمهيد الطريق أمام ابنه للتسلّط على رقاب المسلمين ، وهذا ما ذكره معاوية في تلك الوصية في غير تلك الأسطر التي ذكرتها.

٢٧٨

المعجزة :

( السيّد علي ـ البحرين ـ )

شروطها :

س : ما هي شروط المعجزة؟

ج : ننقل لك نصّ عبارة الشيخ الطوسيقدس‌سره حول شروط المعجز : « والمعجز يدلّ على ما قلناه بشروط : أوّلها : أن يكون خارقاً للعادة ، والثاني : أن يكون من فعل الله تعالى أو جارياً مجرى فعله ، والثالث : أن يتعذّر على الخلق جنسه أو صفته المخصوصة ، والرابع : أن يتعلّق بالمدّعي على وجه التصديق لدعواه.

وإّنما اعتبرنا كونه خارقاً للعادة لأنّه لو لم يكن كذلك لم يعلم أنّه فعل للتصديق دون أن يكون فعل بمجرى العادة ، ألا ترى أنّه لا يمكن أن يستدلّ بطلوع الشمس من مشرقها على صدق الصادق ، ويمكن بطلوعها من مغربها وذلك لما فيه من خارق العادة.

واعتبرنا كونه من فعل الله لأنّ المدّعي إذا ادّعى أنّ الله يصدّقه بما يفعله ، فيجب أن يكون الفعل الذي قام مقام التصديق من فعل من طلب منه التصديق ، وإلاّ لم يكن دالاً عليه ، وفعل المدّعي كفعل غيره من العباد ، لأنّه لا يدلّ على التصديق ، وإنّما يدلّ فعل من أدّعى عليه التصديق

وإنّما اعتبرنا أن يكون متعذّراً في جنسه أو صفته ، لأنّا متى لم نعلمه كذلك لم نأمن أن يكون من فعل غير الله ، وقد بيّنا لابدّ أن يكون من فعله »(١) .

__________________

١ ـ الاقتصاد : ١٥٥.

٢٧٩

( عبد الله ـ أمريكا ـ )

التمييز بين معجزة النبيّ وغيره :

س : كيف نفرّق بين معاجز الأنبياء وبين بعض الظواهر الغريبة الصادرة من السحرة ، والمرتاضين ، وأصحاب التنويم المغناطيسي؟

ج : يمكننا تمييز النبيّ بمعجزته عن غيره ـ من الذين تظهر منهم بعض الظواهر الخارقة للعادة ـ بعدّة نقاط :

الأُولى : أنّ النبيّ لا يحتاج في إظهار معجزته إلى تعليم أو تمرين ، بينما يحتاج غيره إلى ذلك ، حتّى يظهر ما هو خارق للعادة.

الثانية : ظاهرة المعجزة لا يمكن لغير النبيّ من الإتيان بمثلها ، بينما ظاهرة السحر والشعوذة ، والتنويم المغناطيسي ، ورياضة المرتاض يسهل على الغير تكرارها.

فبإمكان كُلّ إنسان أن يحوّل من الحبال أشكالاً وهمية تشبه الأفاعي ، حينما يسحر أعين الناس ، إلاّ أنّه يعجز عن أن يلقي عصاه ـ كما فعل النبيّ موسىعليه‌السلام ـ لتكون أفعى تلقف ما يؤفك من السحر.

الثالثة : ليس من عادة غير الأنبياء إعلان تحدّيهم للغير في الإتيان بمثل ما أتوا به ، بينما نلاحظ الأنبياء قد قرنوا معجزتهم بالتحدّي على الإتيان بمثل ما أتوا به ، كما تحدّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المشركين حينما أظهر معجزة القرآن :( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (١) .

الرابعة : أنّ الساحر والمشعوذ والمرتاض وغيرهم يكون ما يظهر على أيديهم محدّداً بحدود خاصّة ـ تبعاً لطريقة التمرين والرياضة التي تعلّموها ـ بينما كان الأنبياء يلبّون طلب الناس في إظهار أيّ معجزة ، ومن دون سابق إعلان في تحديد

__________________

١ ـ الإسراء : ٨٨.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

- إرشاد الساري ج ١٠ ص ٤٢٠

قوله تعالى:ثم استوى على العرش ، وتفسير العرش بالسرير والإستواء بالإستقرار كما يقول المشبه باطل، لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان، وهو الآن كما كان، والتغير من صفات الأكوان.

- الجواهر الحسان للثعالبي ج ٢ ص ١٧٩

قوله سبحانه:ثم استوى على العرش ، إنه سبحانه مستوى على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى الذي أراده، استواء منزهاً عن المماسة والإستقرار والتمكن والحلول والإنتقال.

- نهاية الإرب للنويري ج ١ ص ٣٢

روي أن أبا ذر قال يا رسول الله (ص) أي آية أنزلت عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي، ثم قال: يا أبا ذر أتدري ما الكرسي قلت لا، فقال ما السماوات والأرض في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في فلاة.ونحوه في الجواهر الحسان للثعالبي ج ١ ص١٩٦ ونحوه في فتح القدير للشوكاني ج ١ ص ٣٤٧

- لسان الميزان ج ١ ص ٧٨

إبراهيم بن عبدالصمد، عن عبدالوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما في قوله: الرحمن على العرش استوى، على جميع بريته فلا يخلو منه مكان، وعنه عبد الله بن داود الواسطي بهذا. أورده ابن عبد البر في التمهيد وقال لا يصح، وعبد الله وعبدالوهاب ضعيفان، وإبراهيم مجهول لا يعرف.

- حياة الحيوان للدميري ج ١ ص ٣٨٢

سئل إمام الحرمين: هل الباري تعالى في جهة؟ فقال: هو متعال عن ذلك.

- الفرق بين الفرق للنوبختي ص ٢٩٢

وقد قال أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه : إن الله خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته. وقال أيضاً: قد كان ولا مكان، وهو الآن على ما كان.

٤٠١

- معالم السنن للخطابي ج ٤ ص ٣٠٢

قال الشيخ: هذا الكلام (أتدري ما الله إن عرشه على سماواته وقال بأصابعه مثل القبه..) إذا جرى على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، والكيفية عن الله وصفاته منفية.

- تفسير المنار لرشيد رضا ج ١٢ ص ١٦

أما عرش الرحمن عز وجل فهو من عالم الغيب الذي لا ندركه بحواسنا، ولا نستطيع تصويره بأفكارنا، فأجدر بنا أن لا نعلم كنه استوائه عليه.... إن بعض المتكلمين تكلفوا تفسير السموات السبع والكرسي والعرش العظيم، أو تأويلهن بالأفلاك التسعة عند فلاسفة اليونان المخالف للقرآن....

- خزانة الأدب للحموي ج ١ ص ٢٤٠

قال الزمخشري:.... قوله تعالى: الرحمن على العرش استوى.. الإستواء على معنيين، أحدهما الإستقرار في المكان وهو المعنى القريب المورى به الذي هو غير مقصود، لأن الحق تعالى وتقدس منزه عن ذلك.

- وقد طعن المستشرق اليهودي جولد تسيهر في تفسير الإستواء على العرش بغير القعود المادي، تأييداً لمذهبه في التجسيم، فقال في مذاهب التفسير الإسلامي ص١٦٩: وجاء ذكر كرسي الله سبحانه في آية الكرسي.... ويقول الزمخشري في ذلك: وما هو إلا تصوير لعظمته وتخييل فقط. ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد. انتهى. وقد كذب هذا اليهودي على الزمخشري ليشنع عليه، لأنه خالف مذهبه في التجسيم.

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

قالوا إن الله جالس على كرسيّه كما قال اليهود

- تاريخ بغداد ج ١ ص ٢٩٥

محمد بن أحمد بن خالد بن شيرزاذ.. أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال قرىَ عليَّ أبي الحسين بن مظفر وأنا أسمع، حدثكم أبو بكر محمد بن أحمد بن خالد

٤٠٢

القاضي، قال نا سعيد بن محمد، قال نا سلم بن قتيبة، قال نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: على العرش استوى، قال: حتى يسمع أطيط كأطيط الرحل. انتهى. ونحوه في فردوس الأخبار ج ١ ص٢٢٠ وفتح القدير ج ١ ص ٣٤٧

- مسند احمد ج ١ ص ٢٩٥

عن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس على هذا المنبر منبر البصرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يكن نبي إلا له دعوة تنجزها في الدنيا، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي. قال: ويطول يوم القيامة على الناس.... قال ثم آتي باب الجنة فآخذ بحلقة باب الجنة فأقرع الباب فيقال من أنت فأقول محمد فيفتح لي فأرى ربي عز وجل وهو على كرسيه أو سريره، فأخر له ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي، فيقال: إرفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع.

قال فأرفع رأسي فأقول: أي رب أمتي أمتي، فيقال لي: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم، ثم أعود فأخر ساجداً وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي، فيقال لي: إرفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أي رب أمتي أمتي، فيقال: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا فأخرجهم، قال وقال في الثالثة مثل هذا أيضاً! انتهى.

وهذه الرواية مضافاً إلى ما فيها من تجسيم فهي واحدة من روايات توسيع الشفاعة لتشمل جميع الأمة برها وفاجرها وظالمها ومظلومها، وقاتلها ومقتولها، بل لتشمل كل الكفار تقريباً كما سترى في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى. ولم يستثن إخواننا من هذه الشفاعة الموسعة المجانية إلا أهل بيت النبي وشيعتهم!!

٤٠٣

- مجمع الزوائد ج ١ ص ١٢٦

وعن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لفصل عباده: إني لم أجعل علمي وحلمي فيكم، إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي. رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون.

- سير أعلام النبلاء ج ١٧ ص ٦٥٦

قال أبونصر السجزي في كتاب الأبانة: وأئمتنا كسفيان، ومالك، والحمادين، وابن عيينة، والفضيل، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، متفقون على أن الله سبحانه فوق العرش، وعلمه بكل مكان، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا، وأنه يغضب ويرضى، ويتكلم بما شاء!

- دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٨١

يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه. انتهى.

وقد أوردنا في الفصلين الثالث والخامس عدداً آخر من رواياتهم في جلوس الله تعالى على عرشه وأطيط العرش من ثقله بزعمهم، وأثبتنا أن أول من فتح القول بالتجسيم في الإسلام هو كعب الأحبار والخليفة عمر.

وتناقضت رواياتهم في العرش والكرسي

- فردوس الأخبار للديلمي ج ١ ص ٢١٩

ابن عمر: إن الله عز وجل ملأ عرشه، يفضل منه كما يدور العرش أربعة أصابع بأصابع الرحمن عز وجل.

- تفسير الطبري ج ٣ ص ٨

- عن عبد الله بن خليفة أتت امرأة النبي فقال أدع الله أن يدخلني الجنه.. ثم قال (ص) إن كرسيه وسع السموات والأرض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع.

٤٠٤

- تفسير الطبري ج ٣ ص ٧

عن الربيع:وسع كرسيه السموات والأرض ، قال لما نزلت.. قال أصحاب النبي: يا رسول الله هذا الكرسي وسع السموات والأرض فكيف العرش؟ فأنزل الله تعالى وما قدروا الله حق قدره.... عن أبي موسى: قال الكرسي موضع القدمين. وعن السدي: والكرسي بين يدي العرش وهو موضع قدميه.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ١٢٨

ابن عباس:وسع كرسيه السموات والأرض ، كرسيه موضع قدمه، والعرش لا يقدر قدره. ونحوه في تاريخ بغداد ج ٩ ص ٢٥١ وفي تفسير الصنعاني ج ٢ ص ٢٠٣ وفي فردوس الأخبار ج ٥ ص ١٢٨

- مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٣٤٣

وعن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يجمع الأمم يوم القيامة ثم ينزل من عرشه إلى كرسيه، وكرسيه وسع السموات والأرض.

- سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٩

قال ابن بشار في حديثه: إن الله فوق عرشه، وعرشه فوق سمواته. وساق الحديث.

- إرشاد الساري للقسطلاني ج ٥ ص ٢٤٩

عن بعض السلف أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهه.

- إرشاد الساري للقسطلاني ج ٧ ص ٤٢

قال قوم هو (أي الكرسي) جسم بين يدي العرش.... وزعم بعض أهل الهيئة من الإسلاميين أن الكرسي هو الفلك الثامن.... وهو الأطلس.

- إرشاد الساري للقسطلاني ج ٧ ص ٣١٢

قال ابن كثير: والعرش فوق العالم مما يلي رؤس الناس.

٤٠٥

وقالوا عرش الله كرسي متحرّك

- مجمع الزوائد ج ١٠ ص ١٥٤

وعن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل فيقول.... فيكون كذلك حتى يصبح الصبح ثم يعلو عز وجل على كرسيه. رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه.... ويحيى بن إسحاق لم يسمع من عبادة ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة، وبقية رجال الكبير رجال الصحيح.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦٠

عبادة بن الصامت: ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا فلا يزال كذلك حتى يصلي الصبح، ثم يعلو ربنا عز وجل على كرسيه.

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦١

ينزل ربنا عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة، ويضع عرشه حيث يشاء من الأرض.

وقالوا العرش غير الكرسي، وقالوا العرش هو الكرسي!

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٥ ص ٣٦٥

ينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي.

- معالم التنزيل للبغوي ج ١ ص ٢٣٩

أبو هريرة: الكرسي هو العرش.

- وروى السيوطي في ج ١ ص ٣٢٤

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال كان الحسن يقول الكرسي هو العرش.... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.... وسع كرسيه السموات والأرض، فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد.ورواه في كنز العمّال ج ١٤ ص ٦٣٦

٤٠٦

تفسير قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً

قال اللّه تعالى:أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا . الإسراء ٧٨ - ٧٩

وقالوا يجلس الله على عرشه ويُجْلس النبي إلى جانبه

- روى الدارمي في سننه ج ٢ ص ٣٢٥

عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل له ما المقام المحمود؟ قال: ذاك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه يئط كما يئط الرحل الجديد من تضايقه به، وهو كسعة ما بين السماء والأرض، ويجاء بكم حفاة عراة غزلاً، فيكون أول من يكسى إبراهيم، يقول الله تعالى أكسوا خليلي، فيؤتي بريطتين بيضاوين من رياط الجنة، ثم أكسى على أثره ثم أقوم عن يمين الله مقاماً يغبطني الأولون والآخرون. ورواه الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٣٦٤ والبغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٥٥٢ والهندي في كنز العمّال ج ١٤ ص ٤١٢ والسيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٨٤

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ١ ص ٣٤ وص ٣٢٨ وص ٣٢٤

وأخرج ابن المنذر وأبوالشيخ عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله ما المقام المحمود؟ قال: ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط منه كما يئط الرحل الجديد من تضايقه، وهو كسعة ما بين السماء والأرض. ورواه في كنز العمّال ج ١٤ ص ٦٣٦

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٤ ص ١٩٨

وأخرج الطبراني عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما في قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا، قال: يجلسه بينه وبين جبريلعليه‌السلام ويشفع لأمته، فذلك المقام المحمود.

٤٠٧

- وروى البيهقي في دلائل النبوة ج ٥ ص ٤٨١

يأتي رسول الله (ص) يوم القيامة إلى الله وهو جالس على كرسيه.

- دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٨٦

عن عبد الله بن سلام:.. وينجو النبي (ص) والصالحون معه وتتلقاهم الملائكة يرونهم منازلهم.. حتى ينتهي إلى الله عز وجل فيلقى له كرسي.

- وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ٨٥

ابن عمر: عسى الله أن يبعثك ربك مقاماً محموداً، يجلسني معه على السرير.

- وفي فردوس الأخبار ج ٤ ص ٢٩٨

أنس بن مالك: من كرامتي على ربي عز وجل قعودي على العرش.

- وقال الشوكاني في فتح القدير ج ٣ ص ٣١٦

إن المقام المحمود هو أن الله سبحانه يجلس محمداً (ص) معه على كرسيه، حكاه ابن جرير.... وقد ورد في ذلك حديث.

- تاريخ بغداد ج ٣ ص ٢٢

أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي، أخبرنا يحيى بن وصيف الخواص، حدثنا أحمد بن علي الخراز، حدثنا المعيطي وغير واحد قالوا: حدثنا محمد بن فضيل عن ليث بن مجاهد في قوله: عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا، قال: يقعده معه على العرش..

- تاريخ بغداد ج ٨ ص ٥٢

عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد!

٤٠٨

قال أبو بكر المروذي قال لي أبو علي الحسين بن شبيب قال لي أبو بكر بن سلم العابد حين قدمنا إلى بغداد: أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة فكتبه أبو بكر بن سلم بخطه وسمعناه جميعاً، وقال أبو بكر بن سلم: إن الموضع الذي يفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليجلسه عليه. قال أبو بكر الصيدلاني: من رد هذا فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروذي، وعلى أبي بكر بن سلم العابد....

ونفى الفكرة بعض علماء السنّة

- صحيح شرح العقيدة الطحاوية ج ١ ص ٥٧٠

قال الإمام الطحاويرحمه‌الله : والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الأخبار، ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم ونخاف عليهم، ولا نقنطهم.

الشرح: لقد ثبتت الشفاعة منطوقاً ومفهوماً في القرآن الكريم وخاصة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن تلك الآيات قوله تعالى:ولسوف يعطيك ربك فترضى ، الضحى ٣، وقال تعالى:عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا . الإسراء ٧٩، وتفسير المقام المحمود بالشفاعة ثابت في الصحيحين وغيرهما (٣٣٨). وقال الله تعالى:يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً . طه ٩ - ١٠. وقال تعالى:ما من شفيع إلا من بعد إذنه . يونس - ٣. وفي شفاعة الملائكة قوله تعالى:بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشيءتِهِ مُشْفِقُونَ .الأنبياء: ٧٨.

وقال في هامشه: (٣٣٨) أنظر البخاري ٣ - ٣٣٨ و ٨ - ٣٩٩ و ١٣ - ٤٢٢ ومسلم ١ - ١٧٩. ومن الغريب العجيب أن يعرض المجسمة والمشبهة عن هذا الوارد الثابت في الصحيحين، ويفسروا المقام المحمود بجلوس سيدنا محمد على العرش بجنب

٤٠٩

الله!! تعالى الله عن إفكهم وكذبهم علواً كبيراً، وهم يعتمدون على ذلك على ما يروى عن مجاهد بسند ضعيف من أنه قال ما ذكرناه من التفسير المنكر المستشنع، وتكفل الخلال في كتابه السنة ١ - ٢٠٩ بنصرة التفسير المخطئ المستبشع، وقد نطق بما هو مستنشع عند جميع العقلاء!

وقال المستشرقون إنها فكرة مسيحيّة

- مذاهب التفسير الإسلامي لجولد شهر ص ١٢٢ - ١٢٣

... سجلت فتنة ببغداد، أثارها نزاع على مسألة من التفسير ذلك هو تفسير الآية ٧٩ من سورة الإسراء:ومن الليل فتهجد به نافلة عسى أن يبعثك ربك مقاماً محمودا . ما المراد من المقام المحمود؟ ذهب الحنابلة.... إلى أن الذي يفهم من ذلك هو أن الله سبحانه يقعد النبي معه على العرش.... ربما كان هذا متأثراً بما جاء في إنجيل مرقص ١٦، ١٩، وآخرون ذهبوا إلى أن المقام المحمود.. هو مرتبة الشفاعة التي يرفع اليها النبي.

واعترفوا بأنّ بعض هذه الأحاديث موضوع

- ميزان الإعتدال ج ٤ ص ١٧٤

أنبأني جماعة عن عين الشمس الثقفية، أخبرنا محمد ابن أبي ذر سنة ست وعشرين وخمسمائة، أخبرنا أبوطاهر عبدالرحيم، أخبرنا عبد الله بن محمد القباب، أخبرنا أحمد بن الحسن بن هارون الأشعري، حدثنا على بن محمد القادسي بعكبرا سنة ست وخمسين ومائتين، حدثنا محمد بن حماد، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين حبيب الله فيتخطى صفوف الملائكة حتى يصير إلى العرش، حتى يجلسه معه على العرش، حتى يمس ركبته. فهذا لعله وضعه أحد هؤلاء أصحاب مقاتل أو القادسي.

٤١٠

وقالوا يجلس صاحب أحمد بن حنبل على سجّاد العرش

- تاريخ بغداد ج ١٢ ص ١١٢

حدثنا أحمد بن عبد الله الحفار، قال رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت: يا أبا عبد الله ما صنع الله بك؟ قال: حباني وأعطاني وقربني وأدناني. قال قلت: الشيخ الزمن علي بن الموفق ما صنع الله به؟ قال: الساعة تركته على زلالي، يريد العرش. انتهى. وقال في هامشه: الزلية: بكسر الزاي واللام البساط، والجمع زلالي. عن القاموس.

وقالوا يُجْلس أبا بكر على كرسي عند العرش

- تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٨٦

عن ابن أبي ذئب، عن معن بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة نصب لإبراهيم منبر أمام العرش ونصب لي منبر أمام العرش، ونصب لأبي بكر كرسي، فنجلس عليها وينادي مناد يالك من صديق بين خليل وحبيب.!!

تفسير قوله تعالى: فلما آسفونا انتقمنا منهم

قال تعالى عن فرعون:فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ * فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ . الزخرف ٥٤ - ٥٥

قال أهل البيتعليهم‌السلام : إن الله لا يأسف كأسفنا

- الكافي ج ١ ص ١٤٤

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل: فلما آسفونا انتقمنا منهم، فقال: إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون

٤١١

ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، وليس أن ذلك يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال: من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها، وقال:من يطع الرسول فقد أطاع الله . وقال:إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم . فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك.

ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما، لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوماً ما، لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علواً كبيرا، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى. انتهى.

أقول: ومما يؤيد تفسير آسفونا في الآية بأنهم آسفوا الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، أنه تعالى قال (آسفونا) بجمع المتكلم ولم يقل آسفوني بالمفرد، وقد فسرها الإمامعليه‌السلام بأن الله تعالى نسب الفعل إلى نفسه لأنهم آسفوا عباده الخاصين، لأن إغضابهم إغضاب له تعالى.

وهذا يفتح لنا باباً لفهم نسبة الفعل الإلهي وقانونها في القرآن، ومتى يسند الفعل إلى الله تعالى بصيغة المفرد المتكلم، ومتى يسند بصيغة الجمع، أو بصيغة الغائب. فإن دراسة الأفعال المسندة إلى الله تعالى في القرآن، عن طريق إحصائها وتقسيمها وتحليلها، سيعطينا فوائد متعددة في معرفة أنواع الفعل الإلهي ووسائله. ففي كل نوع من صيغ نسبته إلى الله تعالى هدف، ووراءه قاعدة..

فبعض الأفعال أسندها عز وجل إلى نفسه بصيغة المفرد المتكلم وجمع المتكلم والمفرد الغائب، مثل: أوحيت، أوحينا، نوحي، أوحي.... وبعضها أسندها

٤١٢

بصيغة جمع المتكلم والغائب فقط ولم يسندها بصيغة المفرد مثل: بشرنا، أرسلنا، صورنا، رزقنا، بينا.. الخ. ولم يقل بشرت أو رزقت.... الخ.

إن كلمات القرآن وحروفه موضوعة في مواضعها بموجب علوم إلهية عميقة وحسابات ربانية دقيقة، كما وضعت النجوم في مواضعها ومداراتها في الكون(فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) . وإن كشف أصل وجود القاعدة في نسبة الفعل الإلهي في القرآن بحد ذاته أمر مهم. ولكن معادلتها وتطبيقاتها ستبقى على الأرجح ظناً وتخميناً، لأننا محرومون من الذي عنده علم الكتاب روحي فداه!

روى في الإحتجاج أن شخصاً جاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال له: لولا ما في القرآن من الإختلاف والتناقص لدخلت في دينكم! فقال لهعليه‌السلام : وما هو فقال:.... أجد الله يقول: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، وفي موضع آخر يقول: الله يتوفى الأنفس حين موتها، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين، وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة.... فقال أمير المؤمنين: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، تبارك وتعالى، هو الحي الدائم، القائم على كل نفس بما كسبت، هات أيضاً ما شككت فيه:

قال: حسبي ما ذكرت..... قالعليه‌السلام : فأما قوله: الله يتوفى الأنفس حين موتها، وقوله: يتوفاكم ملك الموت، وتوفته رسلنا، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين، والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.... فهو تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلاً وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال فيهم: الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس.. فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره، وفعلهم فعله، وكل ما

٤١٣

يأتون به منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل الله لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء، وإن فعل أمنائه فعله. انتهى.

- التوحيد للصدوق ص ١٦٨

باب معنى رضاه عزّ وجل وسخطه.

حدثنا أبيرحمه‌الله قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد عيسى اليقطيني، عن المشرقي، عن حمزة بن الربيع، عمن ذكره قال: كنت في مجلس أبي جعفرعليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى، ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو، إنه من زعم أن الله عز وجل زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، إن الله عز وجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

وبهذا الإسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله: -.... كما في رواية الكافي المتقدمة.

حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم أن رجلاً سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ فقال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أن الرضا والغضب دَخَال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال (لأن المخلوق أجوف) معتمل مركب، للأشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه، واحد أحدي الذات واحدي المعنى، فرضاه ثوابه، وسخطه عقابه، من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال، فإن ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز الذي لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعاً محتاجون إليه، إنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب، اختراعاً وابتداعاً.

٤١٤

حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت له: يابن رسول الله أخبرني عن الله عز وجل هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

- بحار الأنوار ج ٤ ص ٦٣

روى حديث توحيد الصدوق الثالث، وقال:

بيان: في الكافي هكذا: فينقله من حال إلى حال لأن المخلوق أجوف معتمل. وهو الظاهر. والحاصل أن عروض تلك الأحوال والتغيرات إنما يكون لمخلوق أجوف له قابلية ما يحصل فيه ويدخله، معتمل يعمل بأعمال صفاته وآلاته، مركب من أمور مختلفة وجهات مختلفة للأشياء من الصفات والجهات والآلات فيه مدخل، وخالقنا تبارك اسمه لا مدخل للأشياء فيه لاستحالة التركيب في ذاته، فإنه أحدي الذات واحدي المعنى، فإذن لا كثرة فيه لا في ذاته ولا في صفاته الحقيقية، وإنما الإختلاف في الفعل فيثيب عند الرضا ويعاقب عند السخط. قال السيد الدامادرحمه‌الله : المخلوق أجوف لما قد برهن واستبان في حكمة ما فوق الطبيعة أن كل ممكن زوج تركيبي، وكل مركب مروج الحقيقة فإنه أجوف الذات لا محالة، فما لا جوف لذاته على الحقيقة هو الأحد الحق سبحانه لا غير، فإذن الصمد الحق ليس هو إلا الذات الأحدية الحقة من كل جهة، فقد تصحح من هذا الحديث الشريف تأويل الصمد بما لا جوف له وما لا مدخل لمفهوم من المفهومات وشيء من الأشياء في ذاته أصلاً.

الاحتجاج: عن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق عن الصادقعليه‌السلام . فقال: فلم يزل صانع العالم عالماً بالأحداث التي أحدثها قبل أن يحدثها؟ قال: لم يزل يعلم فخلق. قال: أمختلف هو أم مؤتلف؟ قال: لا يليق به الإختلاف ولا الايتلاف، إنما يختلف المتجزي ويأتلف المتبعض، فلا يقال له: مؤتلف ولا مختلف.

٤١٥

قال: فكيف هو الله الواحد؟

قال: واحد في ذاته فلا واحد كواحد، لأن ما سواه من الواحد متجزئ، وهو تبارك وتعالى واحد لا متجزئ، ولا يقع عليه العد.

تفسير إخواننا الموافق لمذهبنا

- إرشاد الساري ج ٤ ص ٢٣٥

الغضب من المخلوقين شيء يداخل قلوبهم، ولا يليق أن يوصف الباري تعالى بذلك، فيؤول ذلك على ما يليق به تعالى، فيحمل على آثاره ولوازمه.وفي ج ٥ ص ٢٢٩ والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال الشر إلى المغضوب عليه.وفي ج ٦ ص ١٥٦ نسبة الضحك والتعجب إلى الباري جل وعلا مجازية، والمراد بهما الرضا بصنيعهما.

- شرح مسلم للنووي ج ٢ جزء ٣ ص ٦٨

المراد بغضب الله تعالى ما يظهر من انتقامه فيمن عصاه.. لأن الله تعالى يستحيل في حقه التغير في الغضب.

تفسيرهم الذي فيه تجسيم

- تفسير الصنعاني ج ٢ ص ١٦٦

حدثنا عبد الرزاق قال: سمعت ابن جريج يقول: وغضب في شيء فقيل له: أتغضب يا أبا خالد! فقال: قد غضب خالق الأحلام، إن الله تعالى يقول لما آسفونا، أغضبونا.

عن سماك بن الفضل قال: كنت عند عروة بن محمد جالساً وعنده وهب بن منبه فأتى بعامل لعروة.. فقالوا فعل وفعل، وثبت عليه البينة، قال فلم يملك وهب بن منبه نفسه فضربه على قرنه بعصا وقال: أفي زمن عمر بن عبد العزيز يصنع مثل هذا

٤١٦

قال: فاشتهاها عروة.... وقال: يعيب علينا أبو عبد الله الغضب وهو يغضب! قال وهب: قد غضب خالق الأحلام، إن الله يقول: فلما أسفونا انتقمنا منهم، يقول أغضبونا. انتهى. وقد ذكرنا في فصل مكانة المشبهين والمجسمين في مصادر إخواننا: أن وهباً استند في الظاهر إلى الآية ليثبت أن الغضب الإلهي كغضب البشر، ولكن أصل الغضب الإلهي في ثقافته هو الغضب التلمودي الذي قال عنه الدكتور أحمد شلبي في مقارنة الأديان ج ١ ص ٢٦٧: يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. انتهى. والمصيبة أن اخواننا أخذوا نسبة الغضب البشري إلى الله تعالى من وهب وأمثاله من اليهود وجعلوها من عقائد الإسلام، ثم قعدوا يبكون من خطر الاسرائيليات على الإسلام والمسلمين!

- الدر المنثور ج ٦ ص ١٩

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة: فلما آسفونا، قال أغضبونا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: فلما آسفونا، قال أغضبونا. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: فلما آسفونا، قال أغضبونا.

- دلائل النبوة للبيهقي ج ٥ ص ٤٧٧

عن أبي هريرة قال:.... فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله.. إشفع لنا عند ربك.. فيقول لهم موسى: إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله، وإني قتلت نفساً لم أومر بقتلها.. نفسي نفسي، إذهبوا إلى عيسى.... قال: فيأتون عيسى

٤١٧

فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله إشفع لنا عند ربك.... فيقول لهم عيسى: إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله، ولم يذكر ذنباً، نفسي نفسي، إذهبوا إلى غيري، إذهبوا إلى محمد (ص).

- مقالات الإسلاميين للاشعري ج ١ ص ٢١١

واختلف الناس في حملة العرش ما الذي يحمله؟ فقال قائلون الحملة تحمل الباري وأنه إذا غضب ثقل على كواهلهم، وإذا رضي خف!.. وقال بعضهم الحملة ثمانية أملاك. وقال بعضهم ثمانية أصناف. وقال قائلون: إنه على العرش.

- الإيمان لابن تيمية ص ٤٢٤

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة: يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله.... عن النبي: لله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة.. وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول أتسخر بي وأنت رب العالمين.... وكل هذا في الصحيح..

- فتاوى ابن باز ج ٢ ص ٩٦

وهكذا القول في باقي الصفات، من السمع، والبصر، والرضى، والغضب، واليد، والقدم، والأصابع، والكلام، والإرادة، وغير ذلك، كلها يقال إنها معلومة من حيث اللغة العربية! فالإيمان بها واجب والكيف مجهول لنا لا يعلمه إلا الله... انتهى.

وإذا كان الكيف مجهولاً كما يقول المفتي ابن باز فلماذا يصر على تفسيره بالظاهر الحسي ولماذا لا يكون مفوضاً مثل مفوضة السلف، اللذين أوكلوا هذه الصفات إلى الله تعالى؟!

٤١٨

تفسير آيات أُخرى تتعلّق بالموضوع

- قال الصدوق في التوحيد ص ١٥٩

باب تفسير قول الله عزّ وجل: (نسوا الله فنسيهم)

حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكلينيرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان قال: حدثنا أبوحامد عمران بن موسى بن إبراهيم، عن الحسن بن القاسم الرقام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: سألت الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام عن قول الله عز وجل:نسوا الله فنسيهم ، فقال: إن الله تبارك وتعالى لا ينسى ولا يسهو، وإنما ينسى ويسهو المخلوق المحدث، ألا تسمعه عز وجل يقول:وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ، وإنما يجازي من نسيه ونسي لقاء يومه بأن ينسيهم أنفسهم، كما قال عز وجل:وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ . وقوله عز وجل:فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا . أي نتركهم كما تركوا الإستعداد للقاء يومهم هذا.

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : قوله: نتركهم أي لا نجعل لهم ثواب من كان يرجو لقاء يومه، لأن الترك لا يجوز على الله عز وجل.

وأما قول الله عز وجل:وتركهم في ظلمات لا يبصرون ، أي لم يعاجلهم بالعقوبة وأمهلهم ليتوبوا.

باب تفسير قوله عزوجل:(وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) .

حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكلينيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان الكليني قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكريعليهما‌السلام عن قول الله عز

٤١٩

وجل: والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه، فقال: ذلك تعبير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه قال: وما قدروا الله حق قدره، ومعناه إذ قالوا: إن الأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه، كما قال عز وجل: وما قدروا الله حق قدره، إذ قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء، ثم نزه عز وجل نفسه عن القبضة واليمين فقال: سبحانه وتعالى عما يشركون.

حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجليرحمه‌الله قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل: والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة، فقال: يعني ملكه لا يملكها معه أحد، والقبض من الله تبارك وتعالى في موضع آخر المنع، والبسط منه الإعطاء والتوسيع، كما قال عز وجل: والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون، يعني يعطي ويوسع ويمنع ويضيق، والقبض منه عز وجل في وجه آخر الأخذ في وجه القبول منه كما قال: ويأخذ الصدقات، أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها.

قلت: فقوله عز وجل: والسموات مطويات بيمينه قال: اليمين اليد، واليد القدرة والقوة، يقول عز وجل: السماوات مطويات بقدرته وقوته، سبحانه وتعالى عما يشركون.

باب تفسير قول الله عزّ وجل: (كلا إنّهم عن ربّهم يومئذٍ لمحجوبون)

حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام عن قول الله عز وجل: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، فقال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده، ولكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم لمحجوبون.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434