كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١١

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 279

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 33798
تحميل: 4288


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33798 / تحميل: 4288
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 11

مؤلف:
العربية

فقال بئس ما صنعت إنه منذ كذا و كذا سنة يعاملني بالزائف و أصبر عليه و ألقيها في بئر كي لا يغر غيري بها و قيل الخلق السيئ هو أن يضيق قلب الإنسان عن أن يتسع لغير ما تحبه النفس و تؤثره كالمكان الضيق لا يسع غير صاحبه.و كان يقال من سوء الخلق أن تقف على سوء خلق غيرك و تعيبه به.

قيل لرسول الله ادع الله على المشركين فقال إنما بعثت رحمة و لم أبعث عذابا

دعا علي ع غلاما له مرارا و هو لا يجيبه فقام إليه فقال أ لا تسمع يا غلام قال بلى قال فما حملك على ترك الجواب قال أمني لعقوبتك قال اذهب فأنت حر.و منها الكتمان

قال رسول الله ص استعينوا على أموركم بالكتمان.و قال السري علامة الحب الصبر و الكتمان و من باح بسرنا فليس منا.و قال الشاعر:

كتمت حبك حتى منك تكرمة

ثم استوى فيك إسراري و إعلاني

كأنه غاض حتى فاض عن جسدي

فصار سقمي به في جسم كتماني

و هذا ضد ما يذهب إليه القوم من الكتمان و هو عذر لأصحاب السر و الإعلان و كان يقال المحبة فاضحة و الدمع نمام.و قال الشاعر:

لا جزى الله دمع عيني خيرا

و جزى الله كل خير لساني

٢٢١

فاض دمعي فليس يكتم شيئا

و وجدت اللسان ذا كتمان

يقال إن بعض العارفين أوصى تلميذه بكتمان ما يطلع عليه من الحال فلما شاهد الأمر غلب فكان يطلع في بئر في موضع خال فيحدثها بما يشاهد فنبتت في تلك البئر شجرة سمع منها صوت يحكي كلام ذلك التلميذ كما يحكي الصدا كلام المتكلم فأسقط بذلك من ديوان الأولياء.و أنشدوا :

أبدا تحن إليكم الأرواح

و وصالكم ريحانها و الراح

و قلوب أهل ودادكم تشتاقكم

و إلى لقاء جمالكم ترتاح

وا رحمة للعاشقين تحملوا

ثقل المحبة و الهوى فضاح

بالسر إن باحوا تباح دماؤهم

و كذا دماء البائحين تباح

و قال الحسين بن منصور الحلاج:

إني لأكتم من علمي جواهره

كي لا يرى العلم ذو جهل فيفتننا

و قد تقدمني فيه أبو حسن

إلى الحسين و أوصى قبله الحسنا

يا رب مكنون علم لو أبوح به

لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا

و لاستحل رجال صالحون دمي

يرون أقبح ما يأتونه حسنا

و منها الجود و السخاء و الإيثار قال الله تعالى( وَ يُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) و قال النبي ص السخي قريب من الله قريب من الناس

٢٢٢

و البخيل بعيد من الله بعيد من الناس و أن الجاهل السخي أحب إلى الله من العابد البخيل.قالوا لا فرق بين الجود و السخاء في اصطلاح أهل العربية إلا أن الباري سبحانه لا يوصف بالسخاء لأنه يشعر بسماح النفس عقيب التردد في ذلك و أما في اصطلاح أرباب هذه الطريقة فالسخاء هو الرتبة الأولى و الجود بعده ثم الإيثار فمن أعطى البعض و أبقى البعض فهو صاحب السخاء و من أعطى الأكثر و أبقى لنفسه شيئا فهو صاحب الجود و الذي قاسى الضراء و آثر غيره بالبلغة فهو صاحب الإيثار.قال أسماء بن خارجة الفزاري ما أحب أن أرد أحدا عن حاجة طلبها إن كان كريما صنت عرضه عن الناس و إن كان لئيما صنت عنه عرضي.كان مؤرق العجلي يتلطف في بر إخوانه يضع عندهم ألف درهم و يقول أمسكوها حتى أعود إليكم ثم يرسل إليهم أنتم منها في حل.و كان يقال الجود إجابة الخاطر الأول.و كان أبو الحسن البوشنجي في الخلاء فدعا تلميذا له فقال انزع عني هذا القميص و ادفعه إلى فلان فقيل له هلا صبرت فقال لم آمن على نفسي أن تغير علي ما وقع لي من التخلق معه بالقميص.

رئي علي ع يوما باكيا فقيل له لم تبكي فقال لم يأتني ضيف منذ سبعة أيام أخاف أن يكون الله قد أهانني.أضاف عبد الله بن عامر رجلا فأحسن قراه فلما أراد أن يرتحل لم يعنه غلمانه فسئل عن ذلك فقال إنهم إنما يعينون من نزل علينا لا من ارتحل عنا.و منها الغيرة قال رسول الله ص لا أحد أغير من الله إنما حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن لغيرته

٢٢٣

و في حديث أبي هريرة أن الله ليغار و أن المؤمن ليغار قال و الغيرة هي كراهية المشاركة فيما هو حقك.و قيل الغيرة الأنفة و الحمية.و حكي عن السري أنه قرئ بين يديه وَ إِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً فقال لأصحابه أ تدرون ما هذا الحجاب هذا حجاب الغيرة و لا أحد أغير من الله.قالوا و معنى حجاب الغيرة أنه لما أصر الكافرون على الجحود عاقبهم بأن لم يجعلهم أهلا لمعرفة أسرار القرآن.و قال أبو علي الدقاق إن أصحاب الكسل عن عبادته هم الذين ربط الحق بأقدامهم مثقلة الخذلان فاختار لهم البعد و أخرهم عن محل القرب و لذلك تأخروا.و في معناه أنشدوا فقالوا:

أنا صب بمن هويت و لكن

ما احتيالي في سوء رأي الموالي

و في معناه قالوا سقيم لا يعاد و مريد لا يراد.و كان أبو علي الدقاق إذا وقع شي‏ء في خلال المجلس يشوش قلوب الحاضرين يقول هذا من غيرة الحق يريد به ألا يتم ما أملناه من صفاء هذا الوقت.و أنشدوا في معناه:

همت بإتياننا حتى إذا نظرت

إلى المرأة نهانا وجهها الحسن

و قيل لبعضهم أ تريد أن تراه قال لا قيل لم قال أنزه ذلك الجمال عن نظر مثلي و في معناه أنشدوا:

إني لأحسد ناظري عليك

حتى أغض إذا نظرت إليك

٢٢٤

و أراك تخطر في شمائلك التي

هي فتنتي فأغار منك عليكا

و سئل الشبلي متى تستريح قال إذا لم أر له ذاكرا.و قال أبو علي الدقاق في قول النبي ص عند مبايعته فرسا من أعرابي و أنه استقاله فأقاله فقال الأعرابي عمرك الله فمن أنت قال ص أنا امرؤ من قريش فقال بعض الصحابة من الحاضرين للأعرابي كفاك جفاء ألا تعرف نبيك فكان أبو علي يقول إنما قال امرؤ من قريش غيرة و نوعا من الأنفة و إلا فقد كان الواجب عليه أن يتعرف لكل أحد أنه من هو لكن الله سبحانه أجرى على لسان ذلك الصحابي التعريف للأعرابي بقوله كفاك جفاء ألا تعرف نبيك.و قال أصحاب الطريقة مساكنة أحد من الخلق للحق في قلبك توجب الغيرة منه تعالى.أذن الشبلي مرة فلما انتهى إلى الشهادتين قال و حقك لو لا أنك أمرتني ما ذكرت معك غيرك.و سمع رجل رجلا يقول جل الله فقال أحب أن تجله عن هذا.و كان بعض العارفين يقول لا إله إلا الله من داخل القلب محمد رسول الله من قرط الأذن.و قيل لأبي الفتوح السهروردي و قد أخذ بحلب ليصلب على خشبة ما الذي أباحهم هذا منك قال إن هؤلاء دعوني إلى أن أجعل محمدا شريكا لله في الربوبية فلم أفعل فقتلوني.

٢٢٥

و منها التفويض قال الله تعالى( وَ عَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسى‏ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اَللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فاستوقف من عقل أمره عن الاقتراح عليه و أفهمه ما يرضاه به من التفويض إليه فالعاقل تارك للاقتراح على العالم بالصلاح.و قال تعالى( فَعَسى‏ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اَللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً فبعث على تأكيد الرجاء بقوله خَيْراً كَثِيراً ) .و لما فوض مؤمن آل فرعون أمره إلى الله( فَوَقاهُ اَللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ اَلْعَذابِ ) كما ورد في الكتاب العزيز.و حقيقة التفويض هي التسليم لأحكام الحق سبحانه و إلى ذلك وقعت الإشارة بقوله تعالى( قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اَللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَ عَلَى اَللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ ) فأس التفويض و الباعث عليه هو اعتقاد العجز عن مغالبة القدر و أنه لا يكون في الخير و الشر أعني الرخص و الصحة و سعة الرزق و البلايا و الأمراض و العلل و ضيق الرزق إلا ما أراد الله تعالى كونه و لا يصح التفويض ممن لم يعتقد ذلك و لم يعلمه علم اليقين.و قد بالغ النبي ص في التصريح به و النص عليه

بقوله لعبد الله بن مسعود ليقل همك ما قدر أتاك و ما لم يقدر لم يأتك و لو جهد الخلق أن ينفعوك بشي‏ء لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه و لو جهدوا أن يضروك بشي‏ء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك

٢٢٦

و في صحيح مسلم بن الحجاج أنه قال لأبي هريرة في كلام له فإن أصابك شي‏ء فلا تقل لو فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان و لكن قل ما قدر الله و ما شاء فعل و في صحيح مسلم أيضا عن البراء بن عازب إذا أخذت مضجعك فقل كذا إلى أن قال وجهت وجهي إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا منجى و لا ملجأ منك إلا إليك.و كان يقال معارضة المريض طبيبه توجب تعذيبه و كان يقال إنما الكيس الماهر من أمسى في قبضة القاهر.و كان يقال إذا كانت مغالبة القدر مستحيلة فما من أعوان تقوده إلى الحيلة.و كان يقال إذا التبست المصادر ففوض إلى القادر.و كان يقال من الدلالة على أن الإنسان مصرف مغلوب و مدبر مربوب أن يتبلد رأيه في بعض الخطوب و يعمى عليه الصواب المطلوب.و إذا كان كذلك فربما كان تدميره في تدبيره و اغتياله من احتياله و هلكته من حركته.و في ذلك أنشدوا:

أيا من يعول في المشكلات

على ما رآه و ما دبره

إذا أعضل الأمر فافزع به

إلى من يرى منه ما لم تره

تكن بين عطف يقيل الخطوب

و لطف يهون ما قدره

إذا كنت تجهل عقبى الأمور

و ما لك حول و لا مقدره

فلم ذا العنا و علام الأسى

و مم الحذار و فيم الشره

٢٢٧

و أنشدوا في هذا المعنى:

يا رب مغتبط و مغبوط

بأمر فيه هلكه

و منافس في ملك ما

يشقيه في الدارين ملكه

علم العواقب دونه

ستر و ليس يرام هتكه

و معارض الأقدار بالآراء

سيئ الحال ضنكه

فكن امرأ محض اليقين

و زيف الشبهات سبكه

تفويضه توحيده

و عناده المقدار شركه

و منها الولاية و المعرفة و قد تقدم القول فيهما.و منها الدعاء و المناجاة قال الله تعالى( اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) و في الحديث المرفوع الدعاء مخ العبادة.و قد اختلف أرباب هذا الشأن في الدعاء فقال قوم الدعاء مفتاح الحاجة و مستروح أصحاب الفاقات و ملجأ المضطرين و متنفس ذوي المآرب.و قد ذم الله تعالى قوما فقال( وَ يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) فسروه و قالوا لا يمدونها إليه في السؤال.و قال سهل بن عبد الله التستري خلق الله الخلق و قال تاجروا في فإن لم تفعلوا فاسمعوا مني فإن لم تفعلوا فكونوا ببابي فإن لم تفعلوا فأنزلوا حاجاتكم بي.قالوا و قد أثنى الله على نفسه فقال( أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ) قالوا الدعاء إظهار فاقة العبودية.

٢٢٨

و قال أبو حاتم الأعرج لأن أحرم الدعاء أشد علي من أن أحرم الإجابة.و قال قوم بل السكوت و الخمود تحت جريان الحكم و الرضا بما سبق من اختيار الحكيم العالم بالمصالح أولى و لهذا قال الواسطي اختيار ما جرى لك في الأزل خير لك من معارضة الوقت.و قال النبي ص إخبارا عن الله تعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.و قال قوم يجب أن يكون العبد صاحب دعاء بلسانه و صاحب رضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعا.و قال قوم إن الأوقات تختلف ففي بعض الأحوال يكون الدعاء أفضل من السكوت و في بعض الأحوال يكون بالعكس و إنما يعرف هذا في الوقت لأن علم الوقت يحصل في الوقت فإذا وجد في قلبه الإشارة إلى الدعاء فالدعاء أولى و إن وجد بقلبه الإشارة إلى السكوت فالسكوت له أتم و أولى.و جاء في الخبر أن الله يبغض العبد فيسرع إجابته بغضا لسماع صوته و أنه يحب العبد فيؤخر إجابته حبا لسماع صوته.و من أدب الدعاء حضور القلب فقد روي عنه ص أن الله لا يستجيب دعاء قلب لاه.و من شروط الإجابة طيب الطعمة و حل المكسب قال ص لسعد بن أبي وقاص أطب كسبك تستجب دعوتك.

٢٢٩

و ينبغي أن يكون الدعاء بعد المعرفة

قيل لجعفر بن محمد الصادق ع ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا قال لأنكم تدعون من لا تعرفونه.كان صالح المري يقول كثيرا ادعوا فمن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له فقالت له رابعة العدوية ما ذا تقول أغلق هذا الباب حتى يستفتح فقال صالح شيخ جهل و امرأة علمت.و قيل فائدة الدعاء إظهار الفاقة من الخلق و إلا فالرب يفعل ما يشاء.و قيل دعاء العامة بالأقوال و دعاء العابد بالأفعال و دعاء العارف بالأحوال.و قيل خير الدعاء ما هيجه الأحزان و الوجد.و قيل أقرب الدعاء إلى الإجابة دعاء الاضطرار لقوله تعالى( أَمَّنْ يُجِيبُ اَلْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ) .قال أصحاب هذه الطريقة ألسنة المبتدءين أرباب الإرادة منطلقة بالدعاء و ألسنة المحققين الواصلين قد خرست عن ذلك.و كان عبد الله بن المبارك يقول ما دعوته منذ خمسين سنة و لا أريد أن يدعو لي أحد.و قيل الدعاء سلم المذنبين.و قال من قال بنقيض هذا الدعاء مراسلة و ما دامت المراسلة باقية فالأمر جميل بعد.و قالوا ألسنة المذنبين دموعهم.و كان أبو علي الدقاق يقول إذا بكى المذنب فقد راسل الله.و في معناه أنشدوا:

دموع الفتى عما يجن تترجم

و أنفاسه تبدين ما القلب يكتم

٢٣٠

و قال بعضهم لبعض العارفين ادع لي فقال كفاك من الإجابة ألا تجعل بينك و بينه واسطة.و منها التأسي قال سبحانه لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اَللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي في مصابه و ما نيل منه في نفسه و في أهله يوم أحد فلا تجزعوا أن أصيب بعضكم.و جاء في الحديث المرفوع لا تنظروا إلى من فوقكم و انظروا إلى من دونكم فإنه أجدر ألا تزدروا نعم الله عليكم.و قالت الخنساء ترثى أخاها:

و لو لا كثرة الباكين حولي

على إخوانهم لقتلت نفسي

و ما يبكون مثل أخي و لكن

أعزي النفس عنه بالتأسي

و حقيقة التأسي تهوين المصائب و النوائب على النفس بالنظر إلى ما أصاب أمثالك و من هو أرفع محلا منك.و قد فسر العلماء قوله تعالى( وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ اَلْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي اَلْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ) قال إنه لا يهون على أحد من أهل النار عذابه و إن تأسى بغيره من المعذبين لأن الله تعالى جعل لهم التأسي نافعا في الدنيا و لم يجعله نافعا لأهل النار مبالغة في تعذيبهم و نفيا لراحة تصل إليهم.

٢٣١

و منها الفقر و هو شعار الصالحين

قال رسول الله ص اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني مع المساكين.قال لعلي ع إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بأحسن منها وهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا و يرضون بك إماما.و جاء في الخبر المرفوع الفقراء الصبر جلساء الله يوم القيامة.و سئل يحيى بن معاذ عن الفقر فقال ألا تستغني إلا بالله.و قال أبو الدرداء لأن أقع من فوق قصر فأتحطم أحب إلي من مجالسة الغني لأني سمعت رسول الله ص يقول إياكم و مجالسة الموتى فقيل له و ما الموتى قال الأغنياء.قيل للربيع بن خثيم قد غلا السعر قال نحن أهون على الله من أن يجيعنا إنما يجيع أولياءه.و قيل ليحيى بن معاذ ما الفقر قال خوف الفقر.و قال الشبلي أدنى علامات الفقير أن لو كانت الدنيا بأسرها لواحد فأنفقها في يوم واحد ثم خطر بباله لو أمسكت منها قوت يوم آخر لم يصدق في فقره.سئل ابن الجلاء عن الفقر فسكت ثم ذهب قليلا و عاد فقال كانت عندي أربعة دوانيق فضة فاستحييت من الله أن أتكلم في الفقر و هي عندي فذهبت فأخرجتها ثم قعد فتكلم في الفقر.و قال أبو علي الدقاق في تفسير

قوله ص من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه إن المرء بقلبه و لسانه و جوارحه فمن تواضع لغني بلسانه و جوارحه ذهب ثلثا دينه فإن تواضع له مع ذلك بقلبه ذهب دينه كله.

٢٣٢

و منها الأدب قالوا في تفسير قوله تعالى ما( زاغَ اَلْبَصَرُ وَ ما طَغى‏ ) حفظ أدب الحضرة.قيل إنه ع لم يمد نظره فوق المقام الذي أوصل إليه ليلة شاهد السدرة و هي أقصى ما يمكن أن ينتهي إليه البشريون.و في الحديث المرفوع أدبني ربي فأحسن تأديبي و قيل إن الجنيد لم يمد رجله في الخلوة عشرين سنة و كان يقول الأدب مع الله أولى من الأدب مع الخلق.و قال أبو علي الدقاق من صاحب الملوك بغير أدب أسلمه الجهل إلى القتل.و من كلامه ع ترك الأدب يوجب الطرد فمن أساء الأدب على البساط رد إلى الباب و من أساء الأدب على الباب رد إلى ساحة الدواب.و قال عبد الله بن المبارك قد أكثر الناس في الأدب و عندي أن الأدب معرفة الإنسان بنفسه.و قال الثوري من لم يتأدب للوقت فوقته مقت.و قال أبو علي الدقاق في قوله تعالى حكاية عن أيوب( إِذْ نادى‏ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ اَلضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرَّاحِمِينَ ) قال لم يقل فارحمني لأنه حفظ آداب الخطاب و كذلك قال في قول عيسى( إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ) قال لم يقل لم أقل رعاية لأدب الحضرة.

٢٣٣

و منها المحبة و هي مقام جليل قالوا المحبة أن تهب كلك لمن أحببت فلا يبقى لك منك شي‏ء.قيل لبعض العرب ما وجدت من حب فلانة قال أرى القمر على جدارها أحسن منه على جدران الناس.و قال أبو عبد الرحمن السلمي المحبة أن تغار على محبوبك أن يحبه غيرك.و قال النصرآباذي المحبة نوعان نوع يوجب حقن الدماء و نوع يوجب سفك الدماء.و قال يحيى بن معاذ المحبة الخالصة ألا تنقص بالجفاء و لا تزيد بالبر.و قيل للنصرآباذي كيف حالك في المحبة قال عدمت وصال المحبين و رزقت حسراتهم فهو ذا أنا أحترق فيها ثم قال المحبة مجانبة السلو على كل حال.و أنشدوا:

و من كان في طول الهوى ذاق سلوة

فإني من ليلى لها غير ذائق

و أكثر شي‏ء نلته من وصالها

أماني لم تصدق كلمحة بارق

و جاء في الحديث المرفوع المرء مع من أحب و لما سمع سمنون هذا الخبر قال فاز المحبون بشرف الدنيا و الآخرة لأنهم مع الله تعالى.و في الحديث المرفوع لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله و هذا يتجاوز حد الجلالة و الشرف.و كان يقال الحب أوله ختل و آخره قتل.قيل كتب يحيى بن معاذ إلى أبي يزيد سكرت من كثرة ما شربت من محبته فكتب إليه أبو زيد غيرك شرب بحور السموات و الأرض و ما روي بعد و لسانه خارج و هو يقول هل من مزيد.

٢٣٤

و أنشد:

عجبت لمن يقول ذكرت حبي

و هل أنسى فأذكر ما نسيت

شربت الحب كأسا بعد كأس

فما نفد الشراب و لا رويت

و قيل المحبة سكر لا يصحو صاحبه إلا بمشاهدة محبوبه ثم السكر الذي يحصل عند المشاهدة لا يوصف.و أنشدوا:

فأسكر القوم دور كأس

و كان سكري من المدير

و منها الشوق

جاء في الخبر المرفوع أن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي و سلمان و عمار.الشوق مرتبة من مراتب القوم و مقام من مقاماتهم سئل ابن عطاء الشوق أعلى أم المحبة فقال المحبة لأن الشوق منها يتولد.و من الأدعية النبوية المأثورة الدعاء الذي كان يدعو به عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه اللهم بعلمك بالغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني ما كانت الوفاة خيرا لي اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة و أسألك كلمة الحق في الرضا و الغضب و أسألك القصد في الغنى و الفقر و أسألك نعيما لا يبيد و قرة عين لا تنقطع و أسألك الرضا بعد القضاء و برد العيش بعد الموت و أسألك النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة اللهم زينا بزينة الإيمان و اجعلنا هداة مهتدين.قالوا الشوق احتياج القلب إلى لقاء المحبوب و على قدر المحبة يكون الشوق و علامة الشوق حب الموت.

٢٣٥

و هذا هو السر في قوله تعالى( فَتَمَنَّوُا اَلْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) أي أن من كان صاحب محبة يتمنى لقاء محبوبه فمن لا يتمنى ذلك لا يكون صادق المحبة.قيل لبعض الصوفية هل تشتاق إليه فقال إنما الشوق إلى غائب و هو حاضر لا يغيب.و قالوا في قوله تعالى مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اَللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اَللَّهِ لَآتٍ إنه تطيب لقلوب المشتاقين.و يقال إنه مكتوب في بعض كتب النبوات القديمة شوقناكم فلم تشتاقوا و زمرنا لكم فلم ترقصوا و خوفناكم فلم ترهبوا و نحنا لكم فلم تحزنوا و قيل إن شعيبا بكى حتى عمي فرد الله إليه بصره ثم بكى حتى عمي فرد عليه بصره ثم كذلك ثلاثا فقال الله تعالى إن كان هذا البكاء شوقا إلى الجنة فقد أبحتها لك و إن كان خوفا من النار فقد أجرتك منها فقال و حقك لا هذا و لا هذا و لكن شوقا إليك فقال له لأجل ذلك أخدمتك نبيي و كليمي عشر سنين.و منها الزهد و رفض الدنيا قال سبحانه( وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا ) و جاء في الخبر أن يوسف ع كان يجوع في سني الجدب فقيل له أ تجوع و أنت على خزائن مصر فقال أخاف أن أشبع فأنسى الجياع و كذلك

قال علي ع و قد قيل له أ هذا لباسك و هذا مأكولك و أنت أمير

٢٣٦

المؤمنين فقال نعم إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم كضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره.و منع عمر بن الخطاب نفسه عام الرمادة الدسم و قال لا آكله حتى يصيبه المسلمون جميعا.و كان عمر بن عبد العزيز من أكثر الناس تنعما قبل أن يلي الخلافة قومت ثيابه حينئذ بألف دينار و قومت و هو يخطب الناس أيام خلافته بثلاثة دراهم.و اعلم أن بعض هذه المراتب و المقامات التي ذكرناها للقوم قد يكون متداخلا في الظاهر و له في الباطن عندهم فرق يعرفه من يأنس بكتبهم و قد أتينا في تقسيم مراتبهم و تفصيل مقاماتهم في هذا الفصل بما فيه كفاية

٢٣٧

218 و من كلام له ع قاله عند تلاوته

يا أَيُّهَا اَلْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ اَلْكَرِيمِ أَدْحَضُ مَسْئُولٍ حُجَّةً وَ أَقْطَعُ مُغْتَرٍّ مَعْذِرَةً لَقَدْ أَبْرَحَ جَهَالَةً بِنَفْسِهِ يَا أَيُّهَا اَلْإِنْسَانُ مَا جَرَّأَكَ عَلَى ذَنْبِكَ وَ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ وَ مَا أَنَّسَكَ بِهَلَكَةِ نَفْسِكَ أَ مَا مِنْ دَائِكَ بُلُولٌ أَمْ لَيْسَ مِنْ نَوْمَتِكَ نَوْمِكَ يَقَظَةٌ أَ مَا تَرْحَمُ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَرْحَمُ مِنْ غَيْرِكَ فَلَرُبَّمَا تَرَى اَلضَّاحِيَ مِنْ حَرِّ اَلشَّمْسِ فَتُظِلُّهُ أَوْ تَرَى اَلْمُبْتَلَى بِأَلَمٍ يُمِضُّ جَسَدَهُ فَتَبْكِي رَحْمَةً لَهُ فَمَا صَبَّرَكَ عَلَى دَائِكَ وَ جَلَّدَكَ عَلَى مُصَابِكَ وَ عَزَّاكَ عَنِ اَلْبُكَاءِ عَلَى نَفْسِكَ وَ هِيَ أَعَزُّ اَلْأَنْفُسِ عَلَيْكَ وَ كَيْفَ لاَ يُوقِظُكَ خَوْفُ بَيَاتِ نِقْمَةٍ وَ قَدْ تَوَرَّطْتَ بِمَعَاصِيهِ مَدَارِجَ سَطَوَاتِهِ فَتَدَاوَ مِنْ دَاءِ اَلْفَتْرَةِ فِي قَلْبِكَ بِعَزِيمَةٍ وَ مِنْ كَرَى اَلْغَفْلَةِ فِي نَاظِرِكَ بِيَقَظَةٍ وَ كُنْ لِلَّهِ مُطِيعاً وَ بِذِكْرِهِ آنِساً وَ تَمَثَّلْ فِي حَالِ تَوَلِّيكَ عَنْهُ إِقْبَالَهُ عَلَيْكَ يَدْعُوكَ إِلَى عَفْوِهِ وَ يَتَغَمَّدُكَ بِفَضْلِهِ وَ أَنْتَ مُتَوَلٍّ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ

٢٣٨

فَتَعَالَى مِنْ قَوِيٍّ مَا أَكْرَمَهُ وَ تَوَاضَعْتَ مِنْ ضَعِيفٍ مَا أَجْرَأَكَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَ أَنْتَ فِي كَنَفِ سِتْرِهِ مُقِيمٌ وَ فِي سَعَةِ فَضْلِهِ مُتَقَلِّبٌ فَلَمْ يَمْنَعْكَ فَضْلَهُ وَ لَمْ يَهْتِكْ عَنْكَ سِتْرَهُ بَلْ لَمْ تَخْلُ مِنْ لُطْفِهِ مَطْرَفَ عَيْنٍ فِي نِعْمَةٍ يُحْدِثُهَا لَكَ أَوْ سَيِّئَةٍ يَسْتُرُهَا عَلَيْكَ أَوْ بَلِيَّةٍ يَصْرِفُهَا عَنْكَ فَمَا ظَنُّكَ بِهِ لَوْ أَطَعْتَهُ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَوْ أَنَّ هَذِهِ اَلصِّفَةَ كَانَتْ فِي مُتَّفِقَيْنِ فِي اَلْقُوَّةِ مُتَوَازِيَيْنِ فِي اَلْقُدْرَةِ لَكُنْتَ أَوَّلَ حَاكِمٍ عَلَى نَفْسِكَ بِذَمِيمِ اَلْأَخْلاَقِ وَ مَسَاوِئِ اَلْأَعْمَالِ وَ حَقّاً أَقُولُ مَا اَلدُّنْيَا غَرَّتْكَ وَ لَكِنْ بِهَا اِغْتَرَرْتَ وَ لَقَدْ كَاشَفَتْكَ اَلْعِظَاتِ وَ آذَنَتْكَ عَلَى سَوَاءٍ وَ لَهِيَ بِمَا تَعِدُكَ مِنْ نُزُولِ اَلْبَلاَءِ بِجِسْمِكَ وَ اَلنَّقْضِ اَلنَّقْصِ فِي قُوَّتِكَ أَصْدَقُ وَ أَوْفَى مِنْ أَنْ تَكْذِبَكَ أَوْ تَغُرَّكَ وَ لَرُبَّ نَاصِحٍ لَهَا عِنْدَكَ مُتَّهَمٌ وَ صَادِقٍ مِنْ خَبَرِهَا مُكَذَّبٌ وَ لَئِنْ تَعَرَّفْتَهَا فِي اَلدِّيَارِ اَلْخَاوِيَةِ وَ اَلرُّبُوعِ اَلْخَالِيَةِ لَتَجِدَنَّهَا مِنْ حُسْنِ تَذْكِيرِكَ وَ بَلاَغِ مَوْعِظَتِكَ بِمَحَلَّةِ اَلشَّفِيقِ عَلَيْكَ وَ اَلشَّحِيحِ بِكَ وَ لَنِعْمَ دَارُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا دَاراً وَ مَحَلُّ مَنْ لَمْ يُوَطِّنْهَا مَحَلاًّ وَ إِنَّ اَلسُّعَدَاءَ بِالدُّنْيَا غَداً هُمُ اَلْهَارِبُونَ مِنْهَا اَلْيَوْمَ إِذَا رَجَفَتِ اَلرَّاجِفَةُ وَ حَقَّتْ بِجَلاَئِلِهَا اَلْقِيَامَةُ وَ لَحِقَ بِكُلِّ مَنْسَكٍ أَهْلُهُ وَ بِكُلِّ مَعْبُودٍ عَبَدَتُهُ وَ بِكُلِّ مُطَاعٍ أَهْلُ طَاعَتِهِ فَلَمْ يَجْرِ يُجْزَ فِي عَدْلِهِ وَ قِسْطِهِ يَوْمَئِذٍ خَرْقُ بَصَرٍ فِي اَلْهَوَاءِ وَ لاَ هَمْسُ قَدَمٍ فِي اَلْأَرْضِ إِلاَّ بِحَقِّهِ فَكَمْ حُجَّةٍ يَوْمَ ذَاكَ دَاحِضَةٌ وَ عَلاَئِقِ عُذْرٍ مُنْقَطِعَةٌ فَتَحَرَّ مِنْ أَمْرِكَ مَا يَقُومُ بِهِ عُذْرُكَ وَ تَثْبُتُ بِهِ حُجَّتُكَ وَ خُذْ مَا يَبْقَى لَكَ مِمَّا لاَ تَبْقَى لَهُ وَ تَيَسَّرْ لِسَفَرِكَ وَ شِمْ بَرْقَ اَلنَّجَاةِ وَ اِرْحَلْ مَطَايَا اَلتَّشْمِيرِ

٢٣٩

لقائل أن يقول لو قال ما غرك بربك العزيز أو المنتقم أو نحو ذلك لكان أولى لأن للإنسان المعاتب أن يقول غرني كرمك الذي وصفت به نفسك.و جواب هذا أن يقال إن مجموع الصفات صار كشي‏ء واحد و هو الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صوره ما شاء ركبك و المعنى ما غرك برب هذه صفته و هذا شأنه و هو قادر على أن يجعلك في أي صوره شاء فما الذي يؤمنك من أن يمسخك في صورة القردة و الخنازير و نحوها من الحيوانات العجم و معنى الكريم هاهنا الفياض على المواد بالصور و من هذه صفته ينبغي أن يخاف منه تبديل الصورة.قال ع أدحض مسئول حجة المبتدأ محذوف و الحجة الداحضة الباطلة.و المعذرة بكسر الذال العذر.و يقال لقد أبرح فلان جهالة و أبرح لؤما و أبرح شجاعة و أتى بالبرح من ذلك أي بالشديد العظيم و يقال هذا الأمر أبرح من هذا أي أشد و قتلوه أبرح قتل و جهالة منصوب على التمييز.و قال القطب الراوندي مفعول به قال معناه جلب جهالة إلى نفسه و ليس بصحيح و أبرح لا يتعدى هاهنا و إنما يتعدى أبرح في موضعين أحدهما أبرحه الأمر أي أعجبه و الآخر أبرح زيد عمرا أي أكرمه و عظمه.قوله ما جرأك بالهمزة و فلان جري‏ء القوم أي مقدمهم.و ما أنسك بالتشديد و روي ما آنسك بالمد و كلاهما من أصل واحد و تأنست

٢٤٠