كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٢

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 290

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 290
المشاهدات: 23831
تحميل: 4561


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23831 / تحميل: 4561
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 12

مؤلف:
العربية

و قالت بنو تميم للحجاج أقبرنا صالحا يعنون صالح بن عبد الرحمن و كان قتله و صلبه فسألوه أن يمكنهم من دفنه.و في حديثه أنه ذكر عنده التمر و الزبيب أيهما أفضل و يروى أنه قال لرجل من أهل الطائف الحبلة أفضل أم النخلة فأرسل إلى أبي حثمة الأنصاري فقال إن هؤلاء اختلفوا في التمر و الزبيب أيهما أفضل.و في رواية أخرى و جاء أبو عمرة عبد الرحمن بن محصن الأنصاري فقال أبو حثمة ليس الصقر في رءوس الرقل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل تعلة الصبي و قرى الضيف و به يحترش الضب في الأرض الصلعاء كزبيب إن أكلته ضرست و إن تركته غرثت.و في الرواية الأخرى فقال أبو عمرة الزبيب إن آكله أضرس و إن أتركه أغرث ليس كالصقر في رءوس الرقل الراسخات في الوحل و المطعمات في المحل خرفة الصائم و تحفة الكبير و صمتة الصغير و خرسة مريم و يحترش به الضباب من الصلعاء.قال الحبلة بفتح الحاء و تسكين الباء الأصل من الكرم و في الحديث أن نوحا لما خرج من السفينة غرس الحبلة و كانت لأنس بن مالك حبلة تحمل كذا و كان يسميها أم العيال فأما الحبلة بالضم فثمر العضاه.و منه الحديث كنا نغزو مع رسول الله ص و ما لنا طعام إلا الحبلة و ورق السمر و الحبلة بالضم أيضا ضرب من الحلي يجعل في القلائد شبه بورق العضاه لأنه يصاغ على صورته.و أغرث أجوع و الغرث الجوع.

١٦١

و الصقر عسل الرطب.و الرقل جمع رقلة و هي النخلة الطويلة.و قوله خرفة الصائم اسم لما يخترف أي يجتنى و نسبها إلى الصائم لأنهم كانوا يحبون أن يفطروا على التمر.و قوله و صمتة الصغير لأن الصغير كان إذا بكى عندهم سكتوه به و تعلة الصبي نحوه من التعليل.و خرسة مريم الخرسة ما تطعمه النفساء عند ولادتها أشار إلى قوله تعالى( وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا ) فأما الخرس بغير هاء فهو الطعام الذي يصنع لأجل الولادة كالإعذار للختان و النقيعة للقادم و الوكيرة للبناء.و يحترش به الضب أي يصطاده يقال إن الضب يعجب بالتمر و الحارش صائد الضباب.و الصلعاء الصحراء التي لا نبات بها كرأس الأصلع.و في حديثه أنه قال للسائب ورع عني بالدرهم و الدرهمين.قال أي كف الخصوم عني في قدر الدرهم و الدرهمين بأن تنظر في ذلك و تقضي فيه بينهم و تنوب عني و كل من كففته فقد ورعته و منه الورع في الدين إنما هو الكف عن المعاصي و منه حديث عمر لا تنظروا إلى صلاة الرجل و صيامه و لكن من إذا حدث صدق و إذا اؤتمن أدى و إذا أشفى ورع أي إذا أشرف على المعصية كف عنها.

١٦٢

و في حديثه أنه خطب الناس فقال أيها الناس لينكح الرجل منكم لمته من النساء و لتنكح المرأة لمتها من الرجال قال لمة الرجل من النساء مثله في السن و منه ما روي أن فاطمة ع خرجت في لمة من نسائها تتوطأ ذيلها حتى دخلت على أبي بكر.و أراد عمر بن الخطاب لا تنكح الشابة الشيخ الكبير و لا ينكح الشاب العجوز و كان سبب هذه الخطبة أن شابة زوجها أهلها شيخا فقتلته.و في حديثه أن رجلا أتاه يشكو إليه النقرس فقال كذبتك الظهائر.قال الظهائر جمع ظهيرة و هي الهاجرة و وقت زوال الشمس.و كذبتك أي عليك بها و هي كلمة معناها الإغراء يقولون كذبك كذا أي عليك به.و منه الحديث المرفوع الحجامة على الريق فيها شفاء و بركة فمن احتجم في يوم الخميس و يوم الأحد كذباك.أي عليك بهما و إنما أمر عمر صاحب النقرس أن يبرز للحر في الهاجرة و يمشي حافيا و يبتذل نفسه لأن ذلك يذهب النقرس.و في حديثه أنه قال من يدلني على نسيج وحده فقال أبو موسى ما نعلمه غيرك فقال ما هي إلا إبل موقع ظهورها.قال معنى قوله نسيج وحده أي لا عيب فيه و لا نظير له أصله من الثوب النفيس لا ينسج على منواله غيره.

١٦٣

و البعير الموقع الذي يكثر آثار الدبر بظهره لكثرة ما يركب و أراد عمر أنا كلنا مثل ذلك في العيب.و في حديثه أن الطبيب الأنصاري سقاه لبنا حين طعن فخرج من الطعنة أبيض يصلد.قال أي يبرق و لم يتغير لونه و في حديثه أن نادبة عمر قالت وا عمراه أقام الأود و شفى العمد فقال علي ع أما و الله ما قالته و لكن قولته.و العمد ورم و دبر يكون في ظهر البعير و أراد علي ع أنه كأنما ألقي هذا الكلام على لسانها لصحته و صدقه.و في حديثه أنه استعمل رجلا على اليمن فوفد إليه و عليه حلة مشتهرة و هو مرجل دهين فقال أ هكذا بعثناك ثم أمر بالحلة فنزعت عنه و ألبس جبة صوف ثم سأل عن ولايته فلم يذكر إلا خيرا فرده على عمله ثم وفد إليه بعد ذلك فإذا أشعث مغبر عليه أطلاس فقال و لا كل هذا إن عاملنا ليس بالشعث و لا العافي كلوا و اشربوا و ادهنوا إنكم لتعلمون الذي أكره من أمركم.قال ثياب أطلاس أي وسخة و منه قيل للذئب أطلس.

١٦٤

و العافي الطويل الشعر يقال عفى وبر البعير إذا طال و منه الحديث المرفوع أمر أن تعفى اللحى و تحفى الشوارب.و في حديثه أنه قال للرجل أ ما تراني لو شئت أمرت بشاة فتية سمينة أو قنية فألقي عنها صوفها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل منه خبز مرقق و أمرت بصاع من زبيب فجعل في سعن حتى يكون كدم الغزال.قال السعن قربة أو إداوة ينتبذ فيها و تعلق بجذع.و في حديثه أنه رأى رجلا يأنح ببطنه فقال ما هذا قال بركة من الله قال بل هو عذاب من الله يعذبك به.قال يأنح يصوت و هو ما يعتري الإنسان السمين من البهر إذا مشى أنح يأنح أنوحا.و في حديثه أنه لما دنا من الشام و لقيه الناس جعلوا يتراطنون فأشكعه ذلك و قال لأسلم مولاه إنهم لم يروا على صاحبك بزة قوم غضب الله عليهم.قال أشكعه أغضبه قال أراد أنهم لم يتحاموا عنه اللغط و الكلام بالفارسية و النبطية بحضرته لأنهم لم يروه بعين الإمارة و السلطان كما يرون أمراءهم لأنهم لم يروا عليه بزة الأمراء و زيهم.

١٦٥

و في حديثه أن عاملا على الطائف كتب إليه أن رجالا منهم كلموني في خلايا لهم أسلموا عليها و سألوني أن أحميها لهم فكتب إليه عمر أنها ذباب غيث فإن أدوا زكاته فاحمه لهم.قال الخلايا موضع النحل التي تعسل الواحدة خلية و أراد بقوله إنها ذباب غيث أنها تعيش بالمطر لأنها تأكل ما ينبت عنه فإذا لم يكن غيث فقدت ما تأكل فشبهها بالسائم من النعم لا مئونة على صاحبها منها و أوجب فيها الزكاة.و في حديثه أن سعد بن الأخرم قال كان بين الحي و بين عدي بن حاتم تشاجر فأرسلوني إلى عمر فأتيته و هو يطعم الناس من كسور إبل و هو قائم متوكئ على عصا مؤتزر إلى أنصاف ساقيه خدب من الرجال كأنه راعي غنم و علي حلة ابتعتها بخمسمائة درهم فسلمت عليه فنظر إلي بذنب عينه و قال لي أ ما لك معوز قلت بلى قال فألقها فألقيتها و أخذت معوزا ثم لقيته فسلمت فرد علي السلام.قال كسور الإبل أعضاؤها.و الخدب العظيم الجافي و كأنه راعي غنم يريد في الجفاء و البذاذة و خشونة الهيئة و اللبسة.و المعوز الثوب الخلق و الميم مكسورة و إنما ترك رد السلام عليه أولا لأنه أشهر الحلة فأدبه بترك رد السلام فلما خلعها و لبس المعوز رده عليه.

١٦٦

و في حديثه أنه ذكر فتيان قريش و سرفهم في الإنفاق فقال لحرفة أحدهم أشد علي من عيلته.قال الحرفة هاهنا أن يكون الرجل لا يتجر و لا يلتمس الرزق فيكون محدودا لا يرزق إذا طلب و منه قيل فلان محارف و العيلة الفقر.و في حديثه أنه قال لرجل ما مالك قال أقرن لي و آدمة في المنيئة قال قومها و زكها.قال الأقرن جمع قرن و هي جعبة من جلود تكون للصيادين يشق منها جانب ليدخلها الريح فلا يفسد الريش.و آدمة جمع أديم كجريب و أجربة.و المنيئة الدباغ و إنما أمره بتزكيتها لأنها كانت للتجارة.و في حديثه أن أبا وجزة السعدي قال شهدته يستقي فجعل يستغفر فأقول أ لا يأخذ فيما خرج له و لا أشعر أن الاستسقاء هو الاستغفار فقلدتنا السماء قلدا كل خمس عشرة ليلة حتى رأيت الأرنبة يأكلها صغار الإبل من وراء حقاق العرفط.قال فقلدتنا مطرتنا لوقت معين و منه قلد الحمى و قلد الزرع سقيه لوقت و هو وقت الحاجة.و قال رأيت الأرنب يحتملها السيل حتى تتعلق بالعرفط و هو شجر ذو شوك و زاد في الأرنب هاء كما قالوا عقرب و عقربة و حقاق العرفط صغارها و قيل الأرنب

١٦٧

ضرب من النبت لا يكاد يطول فأراد أنه طال بهذا المطر حتى أكلته صغار الإبل من وراء شجر العرفط.و في حديثه أنه قال ما ولي أحد إلا حامى على قرابته و قرى في عيبته و لن يلي الناس قرشي عض على ناجذه.قال حامى عليهم عطف عليهم و قرى في عيبته أي اختان و أصل قرى جمع.و في حديثه لن تخور قوى ما كان صاحبها ينزع و ينزو.يخور يضعف و النزع في القوس و النزو على الخيل.و روي أن عمر كان يأخذ بيده اليمنى أذنه اليسرى ثم يجمع جراميزه و يثب فكأنما خلق على ظهر فرسه.و في حديثه تعلموا السنة و الفرائض و اللحن كما تتعلمون القرآن.قال اللحن هاهنا اللغة و النحو.و في حديثه أنه مر على راع فقال يا راعي عليك بالظلف من الأرض لا ترمض فإنك راع و كل راع مسئول.قال الظلف المواضع الصلبة أمره أن يرعى غنمه فيها و نهاه أن يرمض و هو أن يرعى غنمه في الرمضاء و هي تشتد جدا في الدهاس و الرمل و تخف في الأرض الصلبة.

١٦٨

و في حديثه أن رجلا قرأ عليه حرفا فأنكره فقال من أقرأك هذا قال أبو موسى فقال إن أبا موسى لم يكن من أهل البهش.قال البهش المقل الرطب فإذا يبس فهو الخشل و أراد أن أبا موسى ليس من أهل الحجاز لأن المقل بالحجاز نبت و القرآن نزل بلغة الحجاز.و في حديثه أن عقبة بن أبي معيط لما قال للنبي ص أ أقتل من بين قريش فقال عمر حن قدح ليس منها.قال هذا مثل يضرب للرجل يدخل نفسه في القوم و ليس منهم و القدح أحد قداح الميسر و كانوا يستعيرون القدح يدخلونه في قداحهم يتيمنون به و يثقون بفوزه.و في حديثه أن أهل الكوفة لما أوفدوا العلباء بن الهيثم السدوسي إليه فرأى عمر هيئته رثة و أعجبه كلامه و عمله قال لكل أناس في حميلهم خير.قال هذا مثل و المراد أنهم سودوه على معرفة منهم بما فيه من الخلال المحمودة و المعنى أن خبره فوق منظره.و في حديثه أنه أخذ من القطنية الزكاة.قال هي الحبوب كالعدس و الحمص و في أخذ الزكاة منها خلاف بين الفقهاء.

١٦٩

و في حديثه أنه كان يقول للخارص إذا وجدت قوما قد خرفوا في حائطهم فانظر قدر ما ترى أنهم يأكلونه فلا تخرصه.قال خرفوا فيه أي نزلوا فيه أيام اختراف الثمرة.و في حديثه إذا أجريت الماء على الماء جزى عنك.قال يريد صب الماء على البول في الأرض فإنه يطهر المكان و لا حاجة إلى غسله و جزى قضى و أغنى من قوله تعالى( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) فإن أدخلت الألف قلت أجزأك و همزت و معناه كفاك.و في حديثه أنه قال لا يعطى من المغانم شي‏ء حتى تقسم إلا لراع و الدليل غير موليه.قال الراعي هاهنا الطليعة لأنه يرعى القوم أي يحفظهم.و قوله غير موليه أي غير معطيه شيئا لا يستحقه.و في حديثه أن من الناس من يقاتل رياء و سمعة و منهم من يقاتل و هو ينوي الدنيا و منهم من ألجمه القتال فلم يجد بدا و منهم من يقاتل صابرا محتسبا أولئك هم الشهداء قال ألجمه القتال أي رهقه و غشيه فلم يجد مخلصا.

١٧٠

و في حديثه أنه أرسل إلى أبي عبيدة رسولا فقال له حين رجع فكيف رأيت أبا عبيدة قال رأيت بللا من عيش فقصر من رزقه ثم أرسل إليه و قال للرسول حين قدم كيف رأيته قال رأيته حفوفا قال رحم الله أبا عبيد بسطنا له فبسط و قبضنا له فقبض.قال الحفوف و الحفف واحد و هو ضيق العيس و شدته يقال ما عليهم حفف و لا ضفف أي ما عليهم أثر عوز و الشظف مثل الحفف.و في حديثه أنه رئي في المنام فسئل عن حاله فقال ثل عرشي لو لا أني صادفت ربي رحيما.قال ثل عرشه أي هدم.و في حديثه أنه قال لأبي مريم الحنفي لأنا أشد بغضا لك من الأرض للدم قالوا كان عمر عليه غليظا كان قاتل زيد بن الخطاب أخيه فقال أ ينقصني ذلك من حقي شيئا قال لا قال فلا ضير.قال هذا مثل لأن الأرض لا يغوص فيها الدم كما يغوص الماء فهذا بغض الأرض له و يقال إن دم البعير تنشفه الأرض وحده و في حديثه أن اللبن يشبه عليه.

١٧١

قال معناه أن الطفل ربما نزع به الشبه إلى الظئر من أجل لبنها فلا تسترضعوا إلا من ترضون أخلاقها.و في حديثه اغزوا و الغزو حلو خضر قبل أن يكون ثماما ثم يكون رماما ثم يكون حطاما.قال هذا مثل و الثمام نبت ضعيف.و الرمام بالضم و الرميم واحد مثل طوال و طويل.و الحطام يبس النبت إذا تكسر و معنى الكلام أنه أمرهم بالغزو حين عزائمهم قوية و بواعثهم إليه شديدة فإن مع ذلك يكون الظفر قبل أن يهي و يضعف فيكون كالثمام الضعيف ثم كالرميم ثم يكون حطاما فيذهب.و في حديثه إذا انتاطت المغازي و اشتدت العزائم و منعت الغنائم أنفسها فخير غزوكم الرباط.قال انتاطت بعدت و النطي‏ء البعيد.و اشتدت العزائم صعبت و منعت الغنائم أنفسها فخير غزوكم الرباط في سبيل الله.و في حديثه أنه وضع يده في كشية ضب و قال إن النبي ص لم يحرمه و لكن قذره.قال كشية الضب شحم بطنه.

١٧٢

و قوله وضع أي أكل منه.و في حديثه لا أوتى بأحد انتقص من سبل المسلمين إلى مثاباته شيئا إلا فعلت به كذا.قال المثابات هاهنا المنازل يثوب أهلها إليها أي يرجعون و المراد من اقتطع شيئا من طريق المسلمين و أدخله في داره.و في حديثه أنه كره النير.قال هو علم الثوب و أظنه كرهه إذا كان حريرا.و في حديثه أنه انكسرت قلوص من إبل الصدقة فجفنها.قال اتخذ منها جفنة من طعام و أجمع عليه.و في حديثه عجبت لتاجر هجر و راكب البحر.قال عجب كيف يختلف إلى هجر مع شدة وبائها و كيف يركب البحر مع الخطار بالنفس.و في حديثه أنه قال ليلة لابن عباس في مسير له أنشدنا لشاعر الشعراء قال و من

١٧٣

هو قال الذي لم يعاظل بين القول و لم يتبع حوشي الكلام قال و من هو قال زهير فجعل ينشد إلى أن برق الصبح.قال هو مأخوذ من تعاظل الجراد إذا ركب بعضه بعضا.و حوشي الكلام وحشيه.و في حديثه أن نائلا مولى عثمان قال سافرت مع مولاي و عمر في حج أو عمرة فكان عمر و عثمان و ابن عمر لفا و كنت أنا و ابن الزبير في شببة معنا لفا فكنا نتمازح و نترامى بالحنظل فما يزيدنا عمر على أن يقول لنا كذاك لا تذعروا علينا فقلنا لرياح بن العترف لو نصبت لنا نصب العرب فقال أقول مع عمر فقلنا افعل و إن نهاك فانته ففعل و لم يقل عمر شيئا حتى إذا كان في وجه السحر ناداه يا رياح إنها اكفف فإنها ساعة ذكر.قال لفا أي حزبا و فرقة.و شببة جمع شاب مثل كاتب و كتبة و كاذب و كذبة و كافر و كفرة.و قوله كذاك أي حسبكم.و قوله لا تذعروا علينا أي لا تنفروا إبلنا.و نصب العرب غناء لهم يشبه الحداء إلا أنه أرق منه.و في حديثه أنه كتب في الصدقة إلى بعض عماله كتابا فيه و لا تحبس الناس أولهم على آخرهم فإن الرجن للماشية عليها شديد و لها مهلك و إذا وقف الرجل عليك غنمه فلا تعتم من غنمه و لا تأخذ من أدناها و خذ الصدقة من أوسطها و إذا وجب على

١٧٤

الرجل سن لم تجدها في إبله فلا تأخذ إلا تلك السن من شروى إبله أو قيمة عدل و انظر ذوات الدر و الماخض فتنكب عنها فإنها ثمال حاضريهم.قال الرجن الحبس رجن بالمكان أقام به و مثله دجن بالدال.و لا تعتم لا تختر اعتام اعتياما أي اختار.من شروى إبله أي من مثلها.و ذوات الدر ذوات اللبن.و الماخض الحامل.و ثمال حاضريهم عصمتهم و غياثهم و حاضريهم من يسكن الحضر.و في حديثه أنه كان يلقط النوى من الطريق و النكث فإذا مر بدار قوم ألقاها فيها و قال ليأكل هذا داجنتكم و انتفعوا بباقيه.قال الداجنة ما يعلفه الناس في منازلهم من الشاة و الدجاج و الطير.و النكث الخيوط الخلق من صوف أو شعر أو وبر.و في حديثه ثلاث من الفواقر جار مقامة إن رأى حسنة دفنها و إن رأى سيئة أذاعها و امرأة إن دخلت عليها لسنتك و إن غبت عنها لم تأمنها و إمام إن أحسنت لم يرض عنك و إن أسأت قتلك.

١٧٥

قال الفواقر الدواهي واحدتها فاقرة لأنها تكسر فقار الظهر.و لسنتك أخذتك بلسانها.و في حديثه في خطبة له من أتى هذا البيت لا ينهره إليه غيره رجع و قد غفر له.قال ينهره يدفعه يريد من حج لا ينوي بالحج إلا الطاعة غفر له.و في حديثه اللبن لا يموت.قال قيل في معناه أن اللبن إذا أخذ من ميتة لم يحرم و كل شي‏ء أخذ من الحي فلم يحرم فإنه إن أخذ من الميت لم يحرم.و قيل في معناه إن رضع الطفل من امرأة ميتة حرم عليه من أولادها و قرابتها من يحرم عليها منها لو كانت حية.و قيل معناه أن اللبن إذا انفصل من الضرع فأوجر به الصبي أو أدم به أو ديف له في دواء و سقيه فإنه إن لم يسم في اللغة رضاعا إلا أنه يحرم به ما يحرم بالرضاع فقال اللبن لا يموت أي لا يبطل عمله بمفارقة الثدي.و في حديثه من حظ المرء نفاق أيمه و موضع خفه.قال الأيم التي لا بعل لها و الخف الإبل كما تسمى الحمر و البغال حافرا و البقر و الغنم ظلفا يريد من حظ الإنسان أن يخطب إليه و يتزوج بناته و أخواته و أشباههن فلا يبرن

١٧٦

و من حظه أيضا أن ينفق إبله حتى ينتابه التجار و غيرهم فيبتاعوها في مواضعها يستطرقونه لا يحتاج أن يعرضها عليهم.و في حديثه أن العباس بن عبد المطلب سأله عن الشعراء فقال إمرؤ القيس سابقهم خسف لهم عين الشعر فافتقر عن معان عور أصح بصر.قال خسف لهم من الخسيف و هي البئر تحفر في حجارة فيخرج منها ماء كثير و جمعها خسف.و قوله افتقر أي فتح و هو من الفقير و الفقير فم القناة.و قوله عن معان عور يريد أن إمرأ القيس من اليمن و اليمن ليست لهم فصاحة نزار فجعل معانيهم عورا و فتح إمرؤ القيس عنها أصح بصر

ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر

فأما الحديث الوارد في فضل عمر فمنه ما هو مذكور في الصحاح و منه ما هو غير مذكور فيها فمما ذكر في المسانيد الصحيحة من ذلك

ما روت عائشة أن رسول الله ص قال كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر أخرجاه في الصحيحين و روى سعد بن أبي وقاص قال استأذن عمر على رسول الله ص و عنده نساء من قريش يكلمنه عالية أصواتهن فلما استأذن قمن يبتدرن الحجاب فدخل و رسول الله ص يضحك قال أضحك الله سنك يا رسول الله قال عجبت من هؤلاء اللواتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب فقال عمر أنت

١٧٧

أحق أن يهبن ثم قال أي عدوات أنفسهن أ تهبنني و لا تهبن رسول الله ص قلن نعم أنت أغلظ و أفظ فقال رسول الله ص و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك أخرجاه في الصحيحين و قد روي في فضله من غير الصحاح أحاديث

منها إن السكينة لتنطق على لسان عمر و منها إن الله تعالى ضرب بالحق على لسان عمر و قلبه و منها إن بين عيني عمر ملكا يسدده و يوفقه و منها لو لم أبعث فيكم لبعث عمر و منها لو كان بعدي نبي لكان عمر و منها لو نزل إلى الأرض عذاب لما نجا منه إلا عمر و منها ما أبطأ عني جبريل إلا ظننت أنه بعث إلى عمر و منها سراج أهل الجنة عمر و منها إن شاعرا أنشد النبي ص شعرا فدخل عمر فأشار النبي ص إلى الشاعر أن اسكت فلما خرج عمر قال له عد فعاد فدخل عمر فأشار النبي ص بالسكوت مرة ثانية فلما خرج عمر سأل الشاعر رسول الله ص عن الرجل فقال هذا عمر بن الخطاب و هو رجل لا يحب الباطل و منها إن النبي ص قال وزنت بأمتي فرجحت و وزن أبو بكر بها فرجح و وزن عمر بها فرجح ثم رجح ثم رجح.

١٧٨

و قد رووا في فضله حديثا كثيرا غير هذا و لكنا ذكرنا الأشهر و قد طعن أعداؤه و مبغضوه في هذه الأحاديث فقالوا لو كان محدثا و ملهما لما اختار معاوية الفاسق لولاية الشام و لكن الله تعالى قد ألهمه و حدثه بما يواقع من القبائح و المنكرات و البغي و التغلب على الخلافة و الاستئثار بمال الفي‏ء و غير ذلك من المعاصي الظاهرة قالوا و كيف لا يزال الشيطان يسلك فجا غير فجه و قد فر مرارا من الزحف في أحد و حنين و خيبر و الفرار من الزحف من عمل الشيطان و إحدى الكبائر الموبقة.قالوا و كيف يدعى له أن السكينة تنطق على لسانه أ ترى كانت السكينة تلاحي رسول الله ص يوم الحديبية حتى أغضبه.قالوا و لو كان ينطق على لسانه ملك أو بين عينيه ملك يسدده و يوفقه أو ضرب الله بالحق على لسانه و قلبه لكان نظيرا لرسول الله ص بل كان أفضل منه لأنه ص كان يؤدي الرسالة إلى الأمة عن ملك من الملائكة و عمر قد كان ينطق على لسانه ملك و زيد ملكا آخر بين عينيه يسدده و يوفقه فهذا الملك الثاني مما قد فضل به على رسول الله ص و قد كان حكم في أشياء فيخطئ فيها حتى يفهمه إياها علي بن أبي طالب و معاذ بن جبل و غيرهما حتى قال لو لا علي لهلك عمر و لو لا معاذ لهلك عمر و كان يشكل عليه الحكم فيقول لابن عباس غص يا غواص فيفرج عنه فأين كان الملك الثاني المسدد له و أين الحق الذي ضرب به على لسان عمر و معلوم أن رسول الله ص كان ينتظر في الوقائع نزول الوحي و عمر على مقتضى هذه الأخبار لا حاجة به إلى نزول ملك عليه لأن الملكين معه في كل وقت و كل حال ملك ينطق على لسانه و ملك آخر بين عينيه يسدده و يوفقه و قد عززا بثالث و هي السكينة فهو إذا أفضل من رسول الله ص.

١٧٩

و قالوا و الحديث الذي مضمونه لو لم أبعث فيكم لبعث عمر فيلزم أن يكون رسول الله ص عذابا على عمر و أذى شديدا له لأنه لو لم يبعث لبعث عمر نبيا و رسولا و لم تعلم رتبة أجل من رتبة الرسالة فالمزيل لعمر عن هذه الرتبة التي ليس وراءها رتبة ينبغي ألا يكون في الأرض أحد أبغض إليه منه.قالوا و أما كونه سراج أهل الجنة فيقتضي أنه لو لم يكن تجلى عمر لكانت الجنة مظلمة لا سراج لها.قالوا و كيف يجوز أن يقال لو نزل العذاب لم ينج منه إلا عمر و الله تعالى يقول( وَ ما كانَ اَللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ ) .قالوا و كيف يجوز أن يقال إن النبي ص كان يسمع الباطل و يحبه و يشهده و عمر لا يسمع الباطل و لا يشهده و لا يحبه أ ليس هذا تنزيها لعمر عما لم ينزه عنه رسول الله ص.قالوا و من العجب أن يكون النبي ص أرجح من الأمة يسيرا و كذلك أبو بكر و يكون عمر أرجح منهما كثيرا فإن هذا يقتضي أن يكون فضله أبين و أظهر من فضل أبي بكر و من فضل رسول الله ص.و الجواب أنه ليس يجب فيمن كان محدثا ملهما أن يكون محدثا ملهما في كل شي‏ء بل الاعتبار بأكثر أفعاله و ظنونه و آرائه و لقد كان عمر كثير التوفيق مصيب الرأي في جمهور أمره و من تأمل سيرته علم صحة ذلك و لا يقدح في ذلك أن يختلف ظنه في القليل من الأمور.و أما الفرار من الزحف فإنه لم يفر إلا متحيزا إلى فئة و قد استثنى الله تعالى ذلك فخرج به عن الإثم.

١٨٠