أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين0%

أعلام الدين في صفات المؤمنين مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب متنوعة
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531

أعلام الدين في صفات المؤمنين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ الجليل الحسن بن ابي الحسن الديلمي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531
المشاهدات: 114099
تحميل: 8456

توضيحات:

أعلام الدين في صفات المؤمنين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114099 / تحميل: 8456
الحجم الحجم الحجم
أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين

مؤلف:
ISBN: 4-5503-75-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أعلام الدين في صفات المؤمنين

١

أعلام الدين في صفات المؤمنين

المؤلف: الشيخ الحسن بن أبي الحسن الديلمي

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥
٦

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، محمدوآله الطيبين الطاهرين.

وبعد :

فإن الاسلام دين اللّه الخاتم ، وشريعته الأخيرة للبشرية جمعاء في كافة أقطارها ، على مدى عصورها وأزمانها ، وقد جاء هذا الدين لينقذ البشرية من الجهل ، ويُخرجها من ظلماته إلى نور العلم والهدى ، فكان الحثُ على العلم وبيان قيمة العلماء من المعالم البارزة في القرآن الكريم وكلام أئمة الدين.

وقد ورد في القرآن الكريم ما يزيد على 750 اية في العلم ومشتقّاته ، من مدح العلماء ، وحثٌ على طلب العلم ، وبيانٍ لأهمية العلم في حياة الانسان ، ويكفيك منها قوله تعالى : «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ » (1) وقوله تعالى : «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ »(2) أما ما أثِر عن النبي الأكرم وأهل بيته الطاهرين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ في هذا الباب فهو أكثرمن أن يُحصر ، وما على طالبه إلاّ أن يمدّ يده إلى أقرب كتاب حديثي إليه فسيجد

__________________

(1) الزمر 39 : 9.

(2) فاطر 35 : 28.

٧

فيه فصلاً بل فصولاً في الاشادة بالعلم والعلماء ، وسيمرّ عليك في أثناء هذا الكتاب من ذلك الشيء الكثير.

هذا في اهتمام قادة الاسلام بالعلم بجميع شعبه وفنونه.

أمَا علم الحديث الشريف فهو علم إسلامي بحت نشأ ونما وآتى اُكله ليحفظ لنا أقوال المعصومينعليهم‌السلام التي هي بيان وتفسير للقران الكريم ، وهدى إلى سعادة الدنيا والاخرة ، فيها جميع ما يحتاجه الانسان لتكميل نفسه وعمارة دنياه وسعادة أخراه.

ولهذا العلم الشريف. في المكتبة الآسلامية سهم كبير ومكان عال ، فالعلوم الاُخرى من تفسير وفقه وعقائد و تعتمد عليه وتستمدّ منه ، فهو الصدر الأول للمفسر والفقيه والمتكلّم والعارف ...

وهوعلم تتميز به الاُمة الاسلامية عن بقيَة الأمم ، حيث حفظ هذا العلم الشريف جميع كلام النبي الأكرم وآل بيته الطاهرين وإخبارهم عن الله تعالى وما يتعلق بسيرهم وحياتهم ، وحفظ لنا ـ إضافة إلى هذا ـ الصحيح من كلام الأنبياء السابقينعليهم‌السلام مما لا نجده عند أتباع الديانات الاخرى.

وقد أتعب علماء المسلمين أنفسهم في نقل الحديث الشريف وحفظ أسانيده ، ووضعوا له علماً مستقلاً يضبط أصوله وفروعه أسموه علم دراية الحديث.

وكان أن نبغ عباقرة ثقات حفظوا هذا العلم للأمة ، وكان منهم من يحفظ مئات الألوف من الأحاديث بأسانيدها ، ودونوا الكتب المهمَة الضخمة فيه ، فوصلت إلينا مكتبة فاخرة من كتب الحديث الشريف.

من هذه الكتب التي وصلت إلى أيدينا كتاب « أعلام الدين » وهوكتاب جامع في طائفة مفيدة قيمة من الحديث الشريف ، وقد بناه مؤ لفه على أبواب وفصول ، ذكر في كل باب وفصل منها مجموعة من الأحاديث الشريفة.

وأليك عرضاً موجزاً للكتاب ، وهو عرض مختصر لا يغني عن مطالعة الكتاب والاستفادة من غرر أحاديثه الكريمة.

بدأ المؤلف كتابه بفصل في المؤمن وما خصه الله وحباه من كريم لطفه

٨

وجزيل مننه وإحسانه ، وأن التارك للدنيا الزاهد فيها مثله كمثل الشمعة التي تحرق نفسها لتضيء الدرب للآخرين.

وأتبعه بفصل عن الدليل على حدوث الانسان وإثبات محدثه ، استدل فيه بدليل الخلقة وغيره من الأدلة على إثبات الخالق تعالى ، وفَرع عليه وجوب الشكرعلى النعمة ، وفسر الشكر بانه الاعتراف بالنعمة مع تعظيم منعمها ، ومن أولى من الله تعالى بالشكرعلى نعمه الوافرة؟!

ثم ساق لنا كتاب (البراهان على ثبوت الايمان) لأبي الصلاح التقي بن نجم بن عبيدالله الحلي ، وهذا من مميزات الكتاب حيث حفظ لنا نسخة من هذا الكتاب الذي تخلو فهارس المكتبات المخطوطة ـ في حدود اطلاعنا ـ عن نسخة منه.

وأتبعه بالخطبة الخالية من الألف المنقولة عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام .

وعقبها بفصل في فضل العلم والعلماء ، يذكر فيه نصيحة الامام أميرالمؤمنينعليه‌السلام الطويلة لكميل التي يقول في فقرة منها :

« يا كميل ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق ، وصنيع المال يزول بزواله ».

ثم يتحدث عن أهمية القرآن في حياة المسلمين فيذكر : قولهعليه‌السلام : « قراءة القران أفضل من الذكر ، والذكر أفضل من الصدقة ، والصدقة أفضل من الصيام ، والصوم جُنة من النار ».

ثم يتطرق إلى صفات المؤمن وخلاله الحسنة فيذكرأحاديث منها :

قال أبوعبداللّهعليه‌السلام : « من سرته حسنته ، وساءته سيئته فهو مؤمن ».

وفي الكتاب من المواعظ والحكم الشيء الكثير ، والتذكير بما حرم الله ، والأمر بغض الأبصار ، والخضوع في العبادة والتواضع.

وفيه ذكر صفات المؤمنين وكيف أنّ قلوبهم خاشعة وأبدانهم طيّعة في عبادة رب العالمين.

وذكر أوصاف شيعة علي المرتضى ، وكيف أن شفاههم ذابلة ، ووجوهم

٩

مصفرة من خشية الله ، وألوانهم متغيرة ، وبطونهم خميصة « اتخذوا الأرض فراشاً ، والتراب بساطاً ، والماء طيباً ، والقرآن شعاراً ، والدعاء دثاراُ ».

وأتبعه بفصل من الأدب والخلق الرفيع ومكارم الأخلاق ، ولم ينس الغنى والفقر والأرزاق ، فعقد لها فصولاً.

أعقبها بفصل في ذكر الموت والقتل ، والفرق بينهما.

وجاء بعده بفصل في كلام أميرالمؤمنينعليه‌السلام في الاخوان وآداب الاخوة في الايمان.

وفصل مما ورد في ذكر الظلم.

وذكر وصية النبي لأبي ذر ، وهي وصية مفصلة مطوَلة ، وفيما أنزل الله على عيسى بن مريمعليه‌السلام من الوعظ. وهما من نوادر النصوص التى تستحق التدبر والاعتبار بها.

ورجع فذكر فصلاً مفصّلاً في ذكر حقوق الاخوان من أحاديثه.

ولم يهمل العبادة التي فيها تهذيب النفس وتكميلها وتحليتها بالفضائل ، فعقد فصلاً في قيام الليل والترغيب فيه.

ولم يهمل المؤلف أقوال الحكماء والمؤمنين الصادقين ، ومواقفهم البطولية في مجابهة طواغيت زمانهم ، فقد روى لنا من حكمة لقمان وصيته لولده تلك الوصيّة الخالدة المعروفة.

وروى لنا موقف خالد بن معمر لما سأله معاوية : على ما أحببت علياً؟قال : على ثلاث خصال : على حلمه إذا غضب ، وعلى صدقه إذا قال ، وعلى عدله إذا ولي.

وكانت للشعر الحكمي والعرفاني عند الديلمي منزلة سامية ، فقد ذكر المؤلف من هذه الأشعار مجموعة طريفة.

وذكر مواعظ بعض العلماء للحكام ، كما روى لنا كتاب الحسن البصرى إلى عمر بن عبدالعزيز.

ويذكر مآل المؤمنين الصالحين إلى الجنة والسعادة الأخروية حيث الحور

١٠

والولدان المخلدون ، والأنهار الجارية ، ومنابر الياقوت الأحمر في خيام اللؤلؤ الرطب ...

ويعقبه بقول أميرالمؤمنينعليه‌السلام : « فيا عجباً لمن يطلب الدنيا بذل النفوس والتعب ، ولا يطلب الآخرة بعز النفوس والراحة؟! »

ويعقد بابأ مهشاً في حسن الظن باللّه تعالى جاء فيه الحديث القدسي الشريف : « أنا عند ظن عبدي بي ، فلا يظن بي إلآ خيراً ».

ويعرج على قول النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من حفظ عنّي أربعين حديثاً حشره الله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ».

ويستطرد بذكر الأربعين حديثاً المعروفة بالأربعين الودعانية لابن ودعان الموصلي.

وللأسماء الالهية الحسنى مكانها الشامخ في الكتاب ، استهلّها المؤلف بالحديث النبويَ الشريف : « إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها ودعا بها دخل الجنة ».

ثمَ يذكر فضائل قراءة القرآن الكريم وثواب تلاَوته ، ويستطرد في فضائل السور الكريمة سورة سورة.

ولآل البيتعليهم‌السلام النصيب الأوفر ، حيث روى المؤلف عدة أحاديث في فضلهم ومكانتهم العليا عند الله تعالى.

وذكر المؤلف الخواتيم والفصوص فعقد لها فصلا ذكرفيه فضل التختّم بالفيروزج والياقوت والعقيق وأشباه ذلك.

وعقد فصلا لذكر الموت وما بعد الموت ، ساق فيه الأحاديث المبشرة للمؤمن والرادعة عن المعاصي ، والتي فيها أوصاف أهوال الموت والقبروالحساب ...

وذكر الدعاء وأهميته في الدين الاسلامي وكونه من العبادة ، فذكرأحاديث كثيرة منها ، قولهعليه‌السلام : « ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة ، وإعلموا

١١

أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل ».

وختم كتابه بنصائح قيمة للقارئ اللبيب ، وهي خلاصة معاناة المؤَلف في حياة زاهدة تقية مؤمنة.

ومن ميزات الكتاب انفراده بأحاديث لم يعثر عليها في الكتب الروائية الموجودة ، نقلها صاحب البحار عن كتابنا هذا.

ترجمة المؤلف

إسمه واسم أبيه :

إتَفقت المصادر المترجمة له على أنَ اسمِه (الحسن) ولكنّها اختلفت اختلافاً شديداً في اسم أبيه ، قال صاحب أعيان الشيعة في ترجمته : اقتصر بعضهم في اسم أبيه على أبي الحسن ، وبعضهم سماه محمداً ولم يذكر أبا الحسن ، وبعض قال : الحسن بن أبي الحسن محمّد ، فجعل كنية أبيه أبا الحسن واسمه محمداً ، وبعضهم قال : الحسن بن أبي الحسن بن محمد.

وعنونه في الرياض مرّة الحسن بن أبي الحسن محمد ، واُخرى الحسن بن أبي الحسن بن محمد.

وعنونه صاحب أمل الامل : الحسن بن محمد الديلمي.

قال صاحب الرياض : لعله كان في نسخة صاحب الأمل لفظة (ابن) بعد أبي الحسن ساقطة فظن أن أبا الحسن كنية والده محمد ، فأسقط الكنية رأساً ، ولعله سهو.

وأقول : هذا تخرص على الغيب.

وقال السيد الأمين أيضاً : وفي صدر نسخ إرشاده ، وكذا في بعض المواضع منه : الحسن بن محمد الديلمي.

أقول : الصواب أنه الحسن بن أبي الحسن محمد ، وأبوالحسن كنية أبيه واسم أبيه محمد. أما محمد بن أبي الحسن بن محمد فزيادة (ابن) قبل محمد من سهو النساخ ، ومثله يقع كثيراً ، فحين يرى الناظر الحسن بن أبي الحسن محمد ،

١٢

يسبق إلى ذهنه زيادة ابن قبل محمد.

انتهى ما ذكره السيد الامين في ج 5 : 250 من أعيان الشيعة.

وعاد في ج 4 : 629 قائلاً : الحسن بن أبي الحسن الديلمي يأتي بعنوان الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي.

وكرره في 4 : 629 أيضاً قائلاً : الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي يأتي في ترجمة الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، احتمال أن يكون أبوالحسن كنية والده واسمه ، وأن يكون محمد اسم جده ، فراجع.

هذا مجمل القول في اختلافهم في اسم أبيه.

والذي نطمئنَ إليه ما جاء في أعلام الدين نفسه ص 97 حيث يقول ما نصٌه : « يقول العبد الفقير إلى رحمه اللّه وعفوه ، الحسن بن علي بن محمد بن الديلمي تغمَده اللّه برحمته ومسامحته وغفرانه ، جامع هذا المجموع »

وهذا ما يحل المشكلة في اسم أبيه ، حيث صرَح بأن اسم والده « علي » وعلي يكنى أبا الحسن كما هو معروف ، فيكون محمد جداً له.

فالمحصل أن مؤلفنا هو الحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الديلمي.

القول في طبقته وعصره

ينقسم العلماء في تحديد طبقة المترجم له إلى قسمين :

الأول : يرى أنه من المتقدّمين على الشيخ المفيد أو من معاصريه ، وهو ما ذهب إليه صاحب الرياض(1) ، ونقله عنه السيد الأمين في الأعيان(2) ، ويستند هذا الرأي إلى ما يلي :

1 ـ إن الكراجكي في كنز الفوائد ، وشرف الدين النجفي في تأويل الايات الباهرة ، نسبا كتاب التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، ونقلا عنه بعض الأخبار(3) ، وبما أن الكراجكي قد تُوفي سنة 449 هـ ، فمن الطبيعي أن يكون من

__________________

(1) رياض العلماء 1 : 338.

(2) أعيان الشيعة : 250.

(3) رياض العلماء 1 : 339.

١٣

نقل عنه الكراجكي متقدما طبقة عليه.

2 ـ قول صاحب الرياض بأنَه رأى « في كتب من تقدم على العلاّمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن الديلمي ، ومنهم ابن شهرآشوب في المناقب ، وابن جني في البحث »(1) .

ومع هذا فإنَ صاحب الرياض لا يخفي تردده حول هذا الرأي ، لقوّة أدلة الرأي الاخر(2) الذيَ سنذكره بعد قليل ، مع العلم أن ما ذكر صاحب الرياض أوجدَ حيرة بدتْ واضحة في كلام من بحث حول طبقة المترجم له ، حتَى ان السيد الأمين صرَح في الأعيان قائلاً : « ومع ذلك فالظاهر انه لا يرتفع الاشكال ، فإن تأريخ (673) لا يكاد يجتمع مع تاريخ (841) وكذلك تأريخ (413) لا يكاد يجتمع مع تأريخ (588) إلا أن يُلتزم بأن معاصرته لبعض من ذكر غير صواب ، والله أعلم »(3)

وقبل أن نتطرق إلى أدلة القائلين بالرأي الآخر ـ الذين لم يتطرقوا للجواب على ما ذكره صاحب الرياض ـ نرى لزاما علينا أن نبيَن بعض الحقائق حول كلام صاحب الرياض ، لعلها تكون بمثابة الخطوة الاُولى في الطريق الموصل إلى ما نركن إليه من َرأي ، مستهدفين بذلك الحقيقة في طرح الإشكال والجواب عليه ، فنقول :

1 ـ لم نعثر في كتاب « كنز الفوائد » للكراجكي ـ وعندنا منه نسخة مطبوعة على الحجر مقابلة مع نسخة مخطوطة ثمينة ، كتبت سنة 677 هـ ، موجودة في مكتبة الإمام الرضاعليه‌السلام في مشهد المقدسة ـ على أيّ أثر للحسن بن أبي الحسن الديلمي أو أحد كتبه!

2 ـ إذن ، كيف ذكر صاحب الرياض ذلك؟! وهل يوجد تبرير مقنع يمكننها من خلال تبنيه حلّ الاشكال؟ وللجواب على هذه الأسئلة وغيرها نطرح ما يلي :

__________________

(1) رياض العلماء 1 : 340.

(2) رياض العلماء 1 : 340.

(3) أعيان الشيعة 5 : 250.

١٤

ليس من شك أن كتاب « بحارألأنوار » لشيخ الإسلام العلامة المجلسي (ت 1110 هـ) يعتبر من أهم الموسوعات ألحديثية التي جمعت التراث الروائي ، فصانته بذلك من الضياع ، وحفظته من التلف ، فكان أن اعتمد العلامة المجلسي ـ رضوان الله عليه ـ على مجموعة كبيرة من كتب الرواية والحديث ذكرها في مقدمة كتابه الكبير ، وقد استخدم طريقة الرموز في الاشارة للكتب التي نقل عنها ، فرمز لكتاب الخصال بـ « ل » وللكافي بـ « كا » ولأمالي إلمفيد بـ « جا » وهكذا ، ولم يذكر لطائفة صغيرهّ من الكتب رمزاً ما ، بل صرح بأسمائها حين نقل عنها.

ومن الكتب التي اعتمدها المجلسي ونقل عنها ، كتاباً « كنز جامع الفوائد » و « تأويل الآيات الظاهرة » ، ورمز لهما معا بـ « كنز » لكون أحدهما مأخوذاً عن الآخر(1) .

وكتاب « تأويل الآيات الظاهر في فضائل العترة الطاهرة » للسيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي الغروي تلميذ المحقق الكركي الذيَ توفي سنة 940 هـ ، جمع فيه تأويل الآيات التي تتضمن مدح أهل البيتعليهم‌السلام ومدح أوليائهم وذم أعدائهم من طرقنا وطرق أهل السنة(2) وينقل فيه عن عدة مصادر ، منها مارواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي(3) .

وكتاب « كنز جامع الفوائد ودافع المعاند » ، هو للشيخ علم بن سيف بن منصور النجفي الحلّي ، انتخبه واختصر في سنة 937 هـ من كتاب « تأويل الايات ألظاهرة » الانف ألذكر. ولذا فقد أشار العلآمة المجلسي لهما برمز « كنز » ، باعتبار أن أحدهما منقول عن الآخر.

ولعل هناك من يتوهم أن رمز « كنز » هو لكتاب « كنز الفوائد » للكراجكي ، فينقل النصوص عن كتاب بحار الأنوار وينسبها لكتاب « كنزألفوائد » كما حصل لبعض علمائنا رضوان اللّه عليهم ، فلعل ما ذكره صاحب

__________________

(1) بحارالأنوار 1 : 47.

(2) الذ ريعة 3 : 304 / 1130.

(3) اُنظر تأويل الآيات : 92 ب ، 101 أ ، 115 ب ، 118 ب.

١٥

الرياض من قوله : « نسب الكراجكي في كنز الفوائد وصاحب كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة كتاب التفسير إلى الحسن بن أبي الحسن الديلمي ويروي عنه بعض الأخبار في أواخر كتابه »(1) هو من هذا القبيل ، أي أنه رأى ما نقله العلآمة المجلسي عن هذين الكتابين برمز « كنز » فتبادر إلى ذهنه أن هذه النصوص منقولة عن كتاب « كنز الفوائد » للكراجكي.

ويدعم هذا الاحتمال ذكر صاحب الرياض لكتاب « تأويل الايات » بضميمة كتاب « كنزالفوائد » ، ممَا يؤكد أنه ـ رضوان الله عليه ـ استند في كلامه هذا على ما راه في كتاب « بحارالأنوار ». والله العالم.

وعلى هذا نكون قد دفعنا إشكال صاحب الرياض ، وأزلنا بذلك عقبة كأداء أمام تعيين طبقة المترجم له ، إذ لا ضيرأن يكون قد نقل عنه أمثال الشيخ شرف الدين النجفي ، وهو تلميذ المحقق الكركي المتوفى سنة 940 هـ.

3 ـ وأما تعقيبنا على كلام صاحب الرياض بأنه رأى « في كتب من تقدم على العلآمة بكثير روايته عن كتاب حسن بن أبي الحسن الديلمي ، ومنهم ابن شهرآشرب في المناقب ، وابن جني في البحث » هو أننا لم نجد في كتاب « مناقب آل أبي طالب » لابن شهرآشوب المازندراني أي إشارة لكتاب الحسن بن أبي الحسن الديلمي هذا! هذا من جهة ، ومن جهة اُخرى فمن البعيد أن ينقل ابن جني ـ وهو العالم اللغوي النحوي ـ عن الحسن بن أبي الحسن الديلمي ـ على فرض كونه متقدماً عليه ـ وهو رجل الحكمة والموعظة والحديث(2) .

وبعد هذا العرض الموجز لأدلة القائلين بالرأي الاول والتعقيب عليها نتطرق الآن للرأي الثاني.

الرأي الثاني : يرى القائلون به أنَ المترجم له كان معاصراً للعلآمة الحلي

__________________

(1) رياض العلماء 1 : 339.

(2) اُنظر ترجمة ابن جني وذكر تصانيفه في إنباه الرواة على أنباه النحاة 2 : 335 ـ 340.

١٦

( 726 هـ ) ، أو الشهيد الأول (786 هـ) أو متأخراً عنهما بقليل ، وأنه معاصر لفخر المحققين ابن العلاٌمة الحلي المتوفى سنة (771 هـ) أي إنّه من أعلام المائة الثامنة ، وهو ما ذهب اليه السيد الخوانساري(1) والشيخ آقا بزرك الطهراني(2) ، وحاجي خليفة(3) .

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى ما يلي :

1 ـ إن الديلمي نقل في الجزء الأول من إرشاد القلوب عن كتاب ورّام(4) ، فهو متأخر عن الشيخ ورام المتوفى سنة 605 هـ قطعاً.

2 ـ أنّه نقل في الجزء الثاني من إرشاد القلوب عن كتاب « الألفين » للعلامة(5) المتوفّى سنة 726 هـ ، فيكون متأخراً عنه أيضاً ، أو معاصراً له.

3 ـ إن المترجم له قال في كتابه « غرر الأخبار » ما لفظه : « وفي كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد وقال بعد ذكرما جرى من بني اُمية ثمّ من بني العباس على المسلمين ، بتأثير اختلاف ملوك المسلمين شرقاً وغرباً في ضعف الاسلام وتقوية الكفّار ـ إلى قوله ـ فالكفار اليوم دون المائة سنة قد أباحوا المسلمين قتلا ونهبا »(6) .

فيظهر من هذا النص أنه ألف كتابه المذكور بعد أَنقراض دولة بني العباس في سنة 656 هـ بما يقرب من مائة سنة ، أي في أواسط المائة الثامنة.

4 ـ إنّ الشيخ ابن فهد الحلّي المتوفّى سنة 841 نقل في كتابه عدة الداعي عن المترجم له بعنوان الحسن بن أبي الحسن الديلمي ، فهو متقدم عليه قطعا.

وعلى هذا يمكن حصر طبقة المترجم له ، والفترة التي عاش فيها من ما بعد سنة 726 هـ إلى ما قبل سنة 841 هـ تقريبا ، وهذا الاحتمال أقرب للواقع ـ كما

__________________

(1) روضات الجنات 291 : 2.

(2) الذريعة 16 : 56 / 256.

(3) هدية العارفين 5 : 387 ، وهو الوحيد الذي صرح بأن الديلمي « كان حياً في حدود سنة 760 هـ ».

(4) إرشاد القلوب 1 : 173.

(5) إرشاد القلوب 2 : 251.

(6) الذريعة 11 : 9 / 256.

١٧

نرى ـ من خلال ما تقدّم.

أقوال العلماء فيه :

1 ـ الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل 2 : 77 / 211 : « كان فاضلاً محدثا صالحاً ».

2 ـ العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار 1 : 16 بعد ذكر مؤّلفاته : « كلّها للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي ».

وفي ج 1 : 33 ، بعد ذكر كتابي أعلام الدين ، وغرر الأخبار : « وإن كان يظهر من الجميع ونقل الأكابر عنهما جلالة مؤلفهما ».

3 ـ الميرزا عبداللّه أفندي في رياض العلماء 1 : 338 : « الشيخ العارف أبومحمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي قدس اللّه سره : العالم المحدّث الجليل المعروف بالديلمي ».

4 ـ السيد الخوانساري في روضات الجنات 2 : 291 : « العالم العارف الوجيه أبو محمد الحسن بن أبي الحسن محمد الديلمي ، الواعظ المعروف الذي هو بكلّ جميل موصوف وبالجملة فهذا الشيخ من كبراء أصحابنا المحدّثين ».

5 ـ السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة 5 : 250 : « هو عالم عارف عامل محدّث كامل وجيه ، من كبار أصحابنا الفضلاء في الفقه والحديث والعرفان ، والمغازي والسير ».

6 ـ الشيخ عباس القمّي في الكنى وألألقاب 2 : 212 : « أبومحمد الحسن ابن أبي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدّث الوجيه النبيه ».

وقال في هدية الأحباب ص 137 : « الديلمي شيخ محدّث وجيه نبيه ».

7 ـ حاجي خليفة في هدية العارفين 287 : 5 : « الديلمي ـ حسن بن أبي الحسن محمد الديلمي الشيعي ، أبومحمد الواعظ ، كان حياً في حدود سنة 760 هـ ».

8 ـ إسماعيل باشا في إيضاح المكنون 3 : 62 ، بعد ذكر كتاب الارشاد :

١٨

 « للشيخ أبي محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي الواعظ الشيعي ».

الديلمي والغربة :

سيرى القارئ في (منهجيّة المؤلف) أنّ الديلميرحمه‌الله مضطرب النفس في كتابه أعلام الدين ، يعتمد على ذإكرته في نقل الأحاديث ، قليل الكتب حيث ينقل النصوص المضبوطة عن كتابين أو ثلاثة منها مجموعة ورام.

هذه الظاهرة سببها ـ فيما يظهر أبتلاؤه بالغربة والوحدة وضيق ذات اليد ، وهي حالة يبتلى بها العارفون المخلصون الزاهدون في الدنيا ، العاملون في سبيل عمارة اُخراهم ولو أضرّ ذلك بدنياهم.

وقد تنبأ له والده بهذا المستقبل.

قال المؤلفرحمه‌الله في أعلام الدين ص 326 بعد ذكر عدّة آيات قرآنية في الموالاة في اللّه والمعاداة فيه عزّوجل :

« يقسم باللّه ـ جلّ جلاله ـ مملي هذا الكتاب : إنّ أوثق وأنجح ما توخيته فيما بيني وبين الله عزّ وجل ، بعد المعرفة والولاية هذا المعنى ، ولقد فعل الله تعالى معي به كلّ خير ، وإن كان أكسبني العداوة من الناس ، فقد ألبسني ثوب الولاية للّه تعالى ، لأنّ اللّه تعالى علِمَ منّي مراعاة هذا الأمر صغيراً وكبيراً ، وما عرفني به معرفة صحيحة غير والديرحمه‌الله فإنّه قال لي يوماً من الأيّام : يا ولدي ، أنت تريد الأشياء بيضاء نقية خالية من الغش من كلّ الناس ، وهذا أمر ما صحّ منهم للّه ولا لرسوله ، ولا لأمير المؤمنين ، ولا لأولاده الأئمةعليهم‌السلام ، فإذاً تعيش فريداً وحيداً غريباً فقيراً ، وكان الأمر كما قال ، ولست بحمداللّه بندمان على مافات ، حيث كان في ذلك حفاظ جنب اللّه تعالى ، وكفى به حسيبا ونصيراً ».

وقد صدقت نبوءة والده فيه ، فإنّه لما خبر الناس والمجتمعات التي يحكمها الطواغيت وعرفها عن كثب ، وجدها تجمّعات لذئاب في أبدان بشريّة لا يرعون لعهد ـ إلهي ولا إنساني ـ إلاّ « ولا ذمّة ؛ فآثر وحشة الانزواء وغربة الانطواء على الذات على مخالطة تلك الذئاب الكاسرة خوفاً على ما حصّله من تزكية نفسه

١٩

وتكميلها.

فعاش فريدا وحيدا غريباً فقيرا كما تنبأ له والده ، وكما أخبرنا هو في أول صفحة من كتابه حيث قال :

« إنّني حيث بليت بدار الغربة ، وفقد الأنيس الصالح في الوحشة ، وحملتني معرفة الناس على الوحدة ، خفت على ما عساه حفظته من الاداب الدينيّة والعلوم العلوية ـ وهو قليل من كثير ويسير من كبير أن يشذ عن خاطري ، ويزول عن ناظري ـ لعدم المذاكر ـ أثبت ماسنح لي إيراده ».

ساعد اللّه العارفين على ما يلقونه من أقوامهم ، وآنس وحشة غربتهم في ديارهم ، وكان اللّه لهم ...

شعره :

لمؤلفنا شعر يتسم بالنصيحة والوعظ والارشاد على طريقة شعر الزهاد والعارفين ، من هذا الشعر ما عثرنا عليه في مؤلفاته التي اطّلعنا عليها.

قال في أعلام الدين ص 332 بعد أن روى حديثاً عن خليفة بن حصين ، شعراً في معناه :

تخيٌر قرينآ من فعالِكَ صالحاً

يُنعِتكَ على هول القيامةِ والقّبرِ

ويسعى به نوراً لديك ورحمة

تعمٌكَ يومَ الروعِ في عرصةِ الحشرِِ

وتأتي به يوم التغابُن آمنآَ

أمانك في يمناكَ من روعةِ النشرِِ

فمَا يصحب الانسانَ من جل ماله

سوى صالح الأعمال أو خالص البرّ

بهذا أتى ألتنزيلُ في كلِّ سورة

يفصّلُها ربُّ الخلائق في الذكرِِ

وفي سُنَّة المبعوث للناسِ رحمة

سلامٌ عليه بالعشيِ وفي الفجرِ

حديثٌ رواه ابنُ الحصينِ خليفةٌ

يحدثه قيس بنُ عاصم ذو الوفرِ

* * *

وفي إرشاد القلوب ص 113 ، قال المصنف :

لا تنسوا الموتَ في غمٍّ ولا فرح

والأرضُ ذئبٌ وعزرائيلُ قصّاب

 * * *

٢٠