أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين0%

أعلام الدين في صفات المؤمنين مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب متنوعة
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531

أعلام الدين في صفات المؤمنين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ الجليل الحسن بن ابي الحسن الديلمي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531
المشاهدات: 115189
تحميل: 8539

توضيحات:

أعلام الدين في صفات المؤمنين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115189 / تحميل: 8539
الحجم الحجم الحجم
أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين

مؤلف:
ISBN: 4-5503-75-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أحسن الحديث ، واقتدوا بهدي نبيكم ، فإنه أفضل الهديَ ، وأستنّوا بسنّته ، فإنها أفضل السنن ، وتعلموا كتاب الله ، واستضيئوا بنوره ، فإنّه أشفى لما في الصدور ، واسمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ».

وجاء في الحديث عن محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام أنه قال : « قراء ألقرآن ثلاثة : رجل قرأ القرآن ، فاتخذه بضاعة ، واستدر به الملوك ، واستطال به على الناس ، ورجل قرأ القرآن ، فحفظ حروفه وضيع حدوده ، وأقامه مقام القدح ، فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن. ورجل قرأ القران ، فوضع دواء القرآن على داء قلبه ، فسهر ليله ، وظمىء به نهاره ، وقام به في مساجده ، وتجافى به عن فراشه ، فذاك من الذين يدفع العزيز الجبار بلاءهم ، ويزيل أعداءهم ، وأولئك ينزل الله عزوجل الغيث عليهم من سمائه.

ثم قال : إذا قرأتم القرآن فبيّنوه تبياناَ ، ولا تهذوه هذّاً كهذّ(1) الشعر ، ولاتنثروه نثر الرمل ، ولكن افرغوا له القلوب القاسية. ولا يكن همّ أحد كَم آخرالسورة ، واقرؤوه بألحان العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الكبائر ، واعربوا به فإنه عربي ولاتقرؤوه هذرمة ، وإذا مررتم بآية فيها ذكرالجنة ، فقفوا عندها واسألوا الله الجنة ، وإذا مررتم بآية فيها لا ذكر النار ، فقفوا عندها وتعوذوا بالله من النار ، وحسنوه بأصواتكم ، فإن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام : إذا وقفت بين يديًٌ فقف موقف الذليل الفقير ، وإذا قرأت التوراة فاسمعنيها بصوت حزين.

ولقد كان علي بن الحسينعليهما‌السلام يقرأ القرآن فربما مر عليه المار فيصعق من حسن صوته.

واقرؤوه في المصحف ، فإنه من قرأه في المصحف متع ببصره ، وخفف عن والديه وأنه ليعجبني في أن يكون في البيت مصحف ، وأن البقعة التي يقرأ فيها القرآن ويذكر الله تعالى فيها ، تكثر بركتها ، وتحضرها الملائكة ، ويهجرها الشيطان ، وتضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وأن البيت الذي لايقرأ فيه القرآن ولا يذكر فيه الله تعالى ، تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، ويحضره الشيطان. ومن قرأ القران وهو شاب مؤمن ، اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيرا(3) عنه يوم القيامة ».

__________________

1 ـ ألهَذ : سرعة القطع والقراءة. (القاموس المحيط ـ هذذ ـ 1 : 360).

3 ـ الحجر : المنع ، والمراد من الحديث أن القرآن يمنع النارعن قارئه.

١٠١

وقالعليه‌السلام « لقارئ القرآن بكلّ َ حرف يقرؤوه في الصلاة قائماً مائةَ حسنة ، وقاعداً خمسون حسنة ، ومتطهراً في غير الصلاة خمس وعشرين حسنة ، وغير متطهر عشر حسنات أما أني لا أقول المر [ حرف ](1) بل له بالألف عشر ، وباللام عشر ، وبالميم عشر ، وبالراء عشر ».

وقالعليه‌السلام : « قراءة القرآن أفضل من والذكر أفضل من الصدقة ، والصدقة أفضل من الصيام ، والصوم جنة من النار ».

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فإذا التبست عليكم الامور كقطع الليل المظلم ، فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، من جعله أمامه قاده إلى الجنة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو أوضح دليل ، إلى خير سبيل ، من قالبه صدق ، وْمن عمل به وفق ، ومن حكم به عدل ، ومن أخذ به أجر ».

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ، ولاتكشف الظلمات إلاّ به ».

وقالعليه‌السلام ـ عقيب كلام ذكرفيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصفه ثم قال ـ : « قبضه الله إليه كريماًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخلف فيكم ما خلفت الأنبياءفي أممها ، إذ لم يتركوهم هملاً بغير طريق واضح ولا علم قائم ، كتاب ربكم ، مبيناً حلاله وحرامه ، وعامه وعِبَرَه وأمثاله ، ومرسله وحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، ومفسراً جمله ، مبيناً غوامضه ، بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على ، العباد في جُمَله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، معلوم في السنة نسخه ، وواجب في السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه ، وبين واجب بوقته ، ونايل في مستقبله ، ومباين بين محارمه ، من كبير أوعد عليه نيرانه ، وصغير أرصد له غفرانه ، وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه ».

وقالعليه‌السلام : « القرآن آمر وزاجر ، صامت ناطق ، حجة الله على خلقه ، أخذ عليهم ميثاقه ، وارتهن عليه أنفسهم ، أتم نوره ، وأكرم به دينه ، وقبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد فرغ إلى الخلق من أحكام الهدى به ، فعظموا منه ـ سبحانه ـ ما عظم من نفسه ، فإنه لم يخف عنكم شيئاً من دينه ، ولم يترك شيئاً رضيه أوكرهه ، إلاّ وجعل له علماً بادياً ، وآَية محكمة ، تزجرعنه أو تدعو إليه ، فرضاه فيما مضى واحد ،

__________________

1 ـ أثبتناه في البحار 92 : 201.

١٠٢

وسخطه فيما بقي واحد.

واعلموا أنه لن يرضى عنكم بشيء سخطه على من كان قبلكم ، ولن يسخط عليكم بشيء رضيه ممن كان قبلكم ، وإنما تسيرون في اثرين ، وتتكلمون برجع قول قد قاله الرجال من قبلكم ».

وقالعليه‌السلام ـ في بعض خطبه ـ « فانظر ـ أيها السائل ـ فما دلّك القرآن عليه من صفته ، فائتم به ، واستضيء بنور هدايته ، وما كلفك الشيطان علمه ، مما ليس في الكتاب عليك فرضه ، ولا في سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمة الهدى اثره(1) ، فكل علمه(2) إلى الله تعالى ، فإن ذلك منتهى حق الله عليك.

واعلم أن الراسخين في العلم ، هم الذين اغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فمدح الله تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول مالم يحيطوا به علماً ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا ، فاقتصرْ على ذلك ، ولا تقدر عظمة الله سبحانه على قدرعقلك فتكون من الهالكين »(3) .

وقالعليه‌السلام : « وكتاب الله بين أظهركم ، ناطق لايعيى لسانه ، وبيت لاتهدم أركانه ، وعز لايهزم أعوانه ».

وقالعليه‌السلام ـ في نهج البلاغة ـ في التحكيم : « انا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القران ، وهذا القران إنما هو خط مسطور بين الدفتين ، لاينطق بلسان ولا بدَّلهمن ترجمان ، وإنما ينطق عنه الرجال ، ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القران ، لم نكن الفريق المتولي عن القرآن ـ كتاب الله تعالى ـ ، و [ قد ](4) قال الله سبحانه( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) (5) فرده إلى الله أن نحكم بكتابه ، ورده إلى الرسول أن نأخذ بسنته ، فإذا حكم بالصدق في كتاب الله فنحن أحق الناس به ، وإن حكم بسنة رسول الله فنحن أولاهم به »(6) .

__________________

1 ـ في الأصل : أتوه ، وما أثبتناه من النهج.

2 ـ في الأصل : بكل علم ، وما أثبتناه من النهج.

3 ـ نهج البلاغة 1 : 160.

4 ـ أثبتناه من النهج.

5 ـ النساء 4 : 59.

6 ـ نهج البلاغة 2 : 7 / 121.

١٠٣

وقالعليه‌السلام : « فإن أطعتموني حملتكم ـ إن شاء ألله ـ على سبيل الجنة ، وإن كان ذا مشقة شديدة ، ومذاقة مريرة.

وسبيل أبلج المنهاج أنور السراج ، بالإيمان يستدل على الصالحات ، وبالصالحات يستدل على الإيمان ، وبالإيمان يعمر العلم ، وبالعلم يرهب الموت ، وبالموت تختم الدنيا ، وبالدنيا تحرز الآخرة ، وإن الخلق لامقصر لهم عن القيامة ، مرقين(1) في مضمارها إلى الغاية ألقصوى.

قد شخصوا من(2) مستقر الأجداث ، وصاروا إلى مضائق الغايات ، لكل دار أهل لايستبدلون بها ، ولا ينفكون عنها ، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لخلقان من خلق الله ، وانهما لايقربان من أجل ، ولا ينقصان من رزق ، وعليكم بكتاب اللهّ ، فإنه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، والري الناقع ، والعصمة للمستمسك بها ، والنجاة للمتعلق به ، لايعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، لاتخلقه كثرة ألرد وولوج ألسمع ، من قال به صدق ومن عمل به سبق ».

فقام إليه رجل فقال : أخبرنا عن الفتنة.

فقال : « لمّا انزل الله تعالى قوله( الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ) (3) علمت أن الفتنة لاتنزل بنا ورسول الله بين أظهرنا ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال : يا علي ، إن امتي سيفتنون من بعدي ، فقلت : يا رسول الله أو ليس قلت لي في يوم احد ، حيث استشهد من استشهد من المسلمين ، وحيزت الشهادة عني فشق ذلك علي ، فقلت لي : ابشر ، فإن الشهادة من ورائك؟ فقال لي : إن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً؟ فقلت : يا رسول الله ، ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والشكر. فقال يا : يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم ، ويمنون. بدينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية ، فيستحلون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع. فقلت : يا رسول الله ، فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك ، أبمنزلة ردة ، أم بمنزلة فتنة؟ فقال :

__________________

1 ـ أرقل في سيره : أسرع « الصحاح ـ رقل ـ 4 : 1712 ».

2 ـ في الأصل : في ، وما اثبتناه من المصدر.

3 ـ العنكبوت 29 : 1 ، 2.

١٠٤

بمنزلة فتنة »(1) .

وقالعليه‌السلام : « يأتي على الناس زمان ، يبايع فيه المضطرون ، وقد نهى رسول الله عن بيع المضطرين »(2) .

وقالعليه‌السلام ـ في خطبة له يذكر فيها فضل القرآن وشيئاً من مواعظه ـ : « انتفعوا ببيان الله ، واتعظوا بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله ، فإن الله قد أعذر إليكم بالجليلة ، واتخذ عليكم الحجة ، وبين لكم محابّهُ من الأعمال ومكارهه منها ؛لتبغوا هذه وتتجنٌبوا هذه ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : إن الجنة حفت(3) بالمكارة ، وان النار حفت بالشهوات.

واعلموا ، أنه مامن طاعة الله شيء إلا يأتي في كره ، ومامن معصية الله [ شئ ](4) إلا يأتي في شهوة ، فرحم الله رجلاً نزع عن شهوته ، وقمع هوى نفسه ، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعاً ، وإنّها لاتزال تنزع إلى المعصية في هوى.

واعلموا ـ عباد الله ـ أنّ المؤمن لايصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون(5) عنده ، فلا يزال زارياَ عليها ، ومستزيداً لها ، فكونوا كالسابقين قبلكم والماضين أمامكم ، قوضوا(6) من الدنيا تقويض الراحل ، وطووها طي المنازل.

واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لايغش ، والهادي الذي لايضل ، والمحدّث الذي لايكذب ، وما جالس هذا القران أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى ، ونقصان من عمى.

واعلموا أنه ليس على أحد بعد القران من فاقة ، ولا لأحد قبل القران من غنى ، فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ، فإن فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفرو النفاق ، والغي والضلال ، واسألوا الله به ، وتوجهوا إليه بحبه ، ولا تسألوا به خلقه ، فإنه ما توجه العباد إلى الله بمثله.

__________________

1 ـ نهج البلاغة 2 : 62 / 151 ، من كلام لهعليه‌السلام خاطب به أهل البصرة.

2 ـ نهج البلاغة 3 : 264 / 468.

3 ـ في الأصل : حجبت ، وما أثبتناه من النهج.

4 ـ أثبتناه من النهج.

5 ـ الظنون : التي يظن فيها الظنون ، يعني انها متهمة عنده. اُنظر « الصحاح ـ ظن ـ 6 : 2160 »

6 ـ تقوضت الصفوف : تفرقت « الصحاح ـ قوض ـ 3 : 1103 ».

١٠٥

واعلموا أنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، وأنه من شفع له القران يوم القيامة شفع فيه ، ومن محل(1) به القران يوم القيامة صدق عليه ، وانه ينادي مناد يوم القيامة : ألا إن كل حارث مبتلىً في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن ، فكونوا من حراثه وأتباعه ، واستدلّوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم ، العمل (العمل ثم النهاية النهاية ، والإستقامة الإستقامة ، ثم الصبر الصبر ، والورع الورع)(2) .

إن لكم نهاية فانتهوا إليها ، وإن لكم علماً فاهتدوا بعلمكم ، وإن للأسلام غاية فانتهوا إلى غايته ، واخرجوا إلى الله مما افترض عليكم من حقه ، وبين لكم من وظائفه ، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم ، ألا وإن القدر السابق قد وقع ، والقضاء الماضي قد تورد ، وإني متكلم بعِدَةِ الله وحجته ، قال الله تعالى :( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم المَلائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) (3) وقد قلتم : ربنا الله ، فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته ، ولا تمرقوا منها ، ولا تبدعوا فيها ، ولاتخالفوا عنها ، فإن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة.

ثم إياكم وتهزيع(4) الاخلاق وتصريفها ، واجعلوا اللسا ن واحداً ، وليخزن الرجل لسانه ، فإن هذا اللسان جموح المصاحبة ، والله ما أرى أحداً يتقي تقوىً تنفعه حتى يختزن لسانه ، فإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب المنافق من وراء لسانه ، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فإن كان خيراً أبداه ، وإن كان شراً واراه ، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه ، لايدري ماذا عليه مما له ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع منكم أن يلقى اللهّ ـ سبحانه ـ وهو نقي الراحة من دم المسلمين وأموالهم ، سليم اللسان من أعراضهم ، فليفعل.

واعلموا ـ عباد الله ـ أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول ، ويحرّم

__________________

1 ـ محل به : كاده ، ورفع أمره إلى السلطان « الصحاح ـ محل ـ 5 : 1817 » ».

2 ـ في الأصل : العمل به الاستقامة الاستقامة ثم الصبر والورع ، وما أثبتناه من النهج.

3 ـ فصلت 41 : 30.

4 ـ ألتهزيع : التكسير والدق.

« الصحاح ـ هزع ـ 3 : 1356 ».

١٠٦

العام ما حرّم عاماً أول ، وإن أول ما أحدث الناس البدع ، ولا يحل لكم شيء مما حُرّم عليكم ، ولكن الحلال ما أحلّ الله ، والحرام ما حرّم الله ، فقد جربتم الاُمور وصرفتموها ، ووعضتم بمن كان قبلكم ، وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمر الواضح ، فلا يصم عن ذلك إلأّ أصم ، ولا يعمى عنه إلاّ أعمى ، ومن لم ينفعه الله تعالى بالبلاء والتجارب ، لم ينتفع بشيء من العظة ، وأتاه التقصيرمن أمامه ، حتى يعرف ما أنكر ، وينكر ما عرف ، وإنما الناس رجلان : متّبع شرعة ، ومبتدع بدعة ، ليسّ معه من الله سبحانه برهان سنة ، ولاضياء حجة ، وان الله ـ سبحانه ـ لم يعظ أحداً بمثل هذا القران ، فإنه حبل الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وما للقلب جلاء غيره ، مع أنه قد ذهب المتذكرون ، وبقي المتناسون والناسون ، فإذا رأيتم خيراً فأعينوا عليه ، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول : يا ابن ادم ، اعمل الخير ، ودع الشر ، فإذا أنت جواد قاصد.

ألا وإن الظلم ثلاثة : فظلم لايغفر ، وظلم لايترك ، وظلم مغفور لايطلب. فأما الظلم الذي لايغفر ، فالشرك باللهّ تعالى ، قال الله تعالى :( إن الله لايغفر أن يشرك به ) (1) وأما الظلم الذي لايترك ، فظلم العباد بعض لبعض. وأما الظلم الذي يغفر ، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات(2) .

القصاص هناك شديد ، ليس هو جرحاً بالمدى ، ولاضرباً بالسياط ، لكنه ما يستصغر ذلك معه ، فإياكم والتلون في دين الله ، فإن جماعة فيما تكرهون من الحق ، خيرمن فرقة فيما تحبون من الباطل ، وإن الله سبحانه لم يعط أحداَ بفرقة خيراً ، ممن مضى ولافيمن بقي.

يا أيها الناس ، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وطولا لمن لزم بيته ، وأكل قوته ، واشتغل بطاعة الله ، وبكى على خطيئته ، فكان من نفسه في شغل ، والناس منه في راحة »(3) .

وقالعليه‌السلام لبعض أصحابه : « واعلم أن الدنيا دار بلية ، لم يفرغ صاحبها

__________________

1 ـ النساء 4 : 48.

2 ـ الهنات : جمع هنة وهي الشيء اليسير. والمراد ألمظالم الصغيرة لنفسه. أنظر (القاموس المحيط ـ هنو 404 : 4).

3 ـ نهج البلاغة 2 : 109 / 171.

١٠٧

ساعة قط ، إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة »(1) .

وقالعليه‌السلام : « العلم وراثة كريمة ، والاداب حلل مجددة ، والفكر مرآة صافية ، وصدر العاقل صندوق سره ، والبشاشة حبالة المودة ، والاحتمال ينفي العيوب »(2) .

وقالعليه‌السلام : « اليقين على أربع شعب : على تبصرة الفطنة ، وتأول الحكمة ، وموعظة العبرة ، وسنة الأولين ، فمن تبصر في الفطنة ثبتت له الحكمة ، ومن ثبتت له الحكمة عرف العبرة ، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين.

والعدل على أربع شعب : على غائص الفهم ، وغور العلم ، وزهرة الحكم ، ورساخة الحلم ، فمن فهم علم غورالعلم ، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم ، ومن حلم لم يفرط في أمره ، وعاش في الناس »(3) .

* * *

__________________

1 ـ نهج البلاغة 3 : 127 / 59 ، من كتاب لهعليه‌السلام إلى الاسود بن قطيبة صاحب جندحلوان.

2 ـ نهج البلاغة 3 : 152 / 4 ، 5.

3 ـ نهج البلاغة 3 : 157 / 30.

١٠٨

باب صفة المؤمن

من كتاب المجالس للبرقي : عن عبد الله بن يونس(1) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال : وقور في الهزاهز ، صبور عند البلاء ، شكور عند الرخاء ، قانع بما رزقه اللهّ ، لايظلم الأعداء ، ولا يتحامل للاصدقاء ، بدنه منه في نصب ، والناس منه في راحة ، إن العلم خليل المؤمن ، والحلم وزيره ، والصبر أمير جنوده ، والرفق أخوه ، واللين والده »(2) .

وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : « المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليعلم ،(3) لايحدث أمانته الأصدقاء ، ولا يكتم شهادته من البعداء ، ولا يعمل شيئاً من الخير رياءً ، ولا يتركه حياءً ، إن زكي خاف مما يقولون ، ويستغفر الله مما لا يعلمون ، لايغره قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله »(4) .

وعن أحمد بن خالد ، عن بعض من رفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « المؤمن له قوة في دين ، وحزم في لين ، وإيمان في يقين ، وحرص في فقه ، ونشاط فيهدى ، وبرّ في استقامة ، وعلم في حلم ، وكيس في رفق ، وسخاء في حق ، وقصد في غنى ، وتجمل في فاقة ، وعفوفي قدرة ، وطاعة لله في نصيحة ، وانتهاء في شهوة ، وورع فيرغبة ، وحرص في جهاد ، وصلاة في شغل ، وصبرفي شدة ، وفي الهزاهز وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء شكور ، لايغتاب ، ولا يتكبر ، ولا يقطع الرحم ، وليس بواهن ، ولا فظ ولاغليظ ، ولايسبقه بصره ، ولا يفضحه بطنه ، ولا يغلبه فرجه ، ولا يحسد الناس ، ولا يغمز ، ولا يعير ، ولا يسرف ، ينصر المظلوم ، ويرم(5) المسكين ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، لا يرغب في عز الدنيا ، ولايجزع من ذلها ، للناس همّ قد أقبلوا عليه ، وله همّ قد شغله ، لايُرى في حلمه(6) نقص ، ولا في رأيه وهن ، ولا في دينه

__________________

1 ـ في الكافي والخصال : « عبد الله بن غالب » ، والظاهر هوالصواب.

2 ـ الكافي 2 : 181 / 2 ، الخصال : 406 / 1.

3 ـ في الكافي : ليغنم.

4 ـ الكافي 2 : 182 / 3.

5 ـ في الكافي : يرحم ، ورممت الشيء أرمه : إذا أصلحته « الصحاح ـ رمم ـ 5 : 1936 ».

6 ـ في الكافي : حكمه.

١٠٩

ضياع ، يرشد من استرشده ، وينصح من استشاره ، ويساعد من يساعده ، ويكيع(1) عن الخنا والجهل »(2) .

عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن عروة ، عن أبي العباس ، قال أبوعبداللهعليه‌السلام : « من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن »(3) .

وعن أبي البختري رفعه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « المؤمنون هينون لينون ، كالجمل الألوف ، إذاقيد انقاد(4) وإن اُنيخ(5) استناخ »(6) .

وبهذا الإسناد عن رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « المؤمن كمثل شجرة لاينحات ورقها في شتاء ولاصيف ، قالوا : يا رسول الله ، وماهي؟ قال : النخلة »(7) .

وعن إبراهيم العجمي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « المؤمن حليم لايجهل ، وإن جهل عليه يحلم ، ولا يظلم ، وإن ظُلِم غفر ، ولا يبخل ، وإن بُخل عليه صبر »(8) .

وعن أبي الحسن اللؤلؤي ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « المؤمن من طاب كسبه ، وحسنت خليقته ، وصحت سريرته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، وكفى الناس شره ، وأنصف الناس من نفسه »(9) .

وعن سليمان بن خالد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا اُنبئكم بالمؤمن؟ المؤمن من ائتمنه الناس على أنفسهم وأموالهم. ألا اُنبئكم بالمسلم؟ المسلم من سلم الناس من يده ، والمهاجر من هجر السيئات ، وترك ماحرم الله ، والمؤمن حرام على المؤمن أن يظلمه ، أو يخذله ، أو يغتابه ، أو يدفعه عن

__________________

1 ـ كع عن الشيء : حبس نفسه عنه. انظر (الصحاح ـ كعع ـ 3 : 1277).

2 ـ الكافي 2 : 182 / 4.

3 ـ الكافي 2 : 183 / 6.

4 ـ في الأصل : ان قيد استقاد ، وما أثبتناه من الكافي.

5 ـ في الكافي زيادة : على صخرة.

6 ـ الكافي 2 : 184 / 14.

7 ـ الكافي 2 : 184 / 16 ، وفيه : علي بن ابراهيم عن أبيه ، عن ألنوفلي ، عن ألسكوني عن أبي عبداللهقال : قال رسول الله.

8 ـ الكافي 2 : 184 / 17. وفيه : عن أبي إبراهيم الأعجمي.

9 ـ الكافي 2 : 184 / 18.

١١٠

حقه »(1) .

وعن عبدالله بن سنان ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « صلى أمير المؤمنينعليه‌السلام بالناس الصبح بالعراق ، ثم انصرف فوعظهم ، فبكى وأبكى من خوف الله تعالى ، ثم قال : أما والله ، لقد عهدت أقواماً على عهد خليلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنهم ليصبحون ويمسون شعثاً غبراً خمصاً ، بين أعينهم كركب المعزى ، يبيتون لربهم سجداً وقياماً يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، يناجون ربهم ، ويسألونه فكاك رقابهم من النار ، والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون وجلون مشفقون »(2) .

وعن أبي حمزة ، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : « صلى أميرالمؤمنين الفجر ، ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قدر رمح ، وأقبل على الناسب وجهه فقال : والله لقد أدركت أقواماً يبيتون لربهم سجداً وقياماَ ، يخالفون بين جباههم وركبهم ، كأنّ زفير النار في اذانهم ، إذا ذكرالله تعالى عندهم مادوا كما تميد الشجر ، كأن القوم باتوا غافلين. ثم قام فما رؤي ضاحكاً حتى قضى نحبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(3) .

وعن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « لايؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ، ولا يكون المؤمن جباناً ولاحريصاً ولاشحيحاً »(4) .

وقالعليه‌السلام : « لايكون المؤمن مؤمناً ، حتى تكون فيه ثلاث خصال : سنة من ربه ، وسنة من نبيه ، وسنة من إمامه ، فأما الذي من ربه فكتمان(5) سره ، قال اللهّ عزوجل :( فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ) (6) وأما سنة نبيه فمداراة الناس ، قال الله تعالى :( خذ العفو واْمُربالعرف واعرض عن الجاهلين ) (7) وأما السنة من

__________________

1 ـ الكافي 2 : 184 / 19.

2 ـ الكافي 2 : 185 / 21.

3 ـ الكافي 2 : 185 / 22.

4 ـ الخصال : 82 / 8.

5 ـ في الأصل : كتمان ، وما أثبتناه من الكافي.

6 ـ الجن 72 : 26 ، 27.

7 ـ الاعراف 7 : 199.

١١١

إمامه فالصبر(1) في البأساء والضراء وحين البأس »(2) .

وقال رجل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : أخبرنا عن الأخوان. قال : « الإخوان صنفان : إخوان الثقة وأخوان المكاشرة(3) ، فأما أخوان الثقة ، فهم الكف والجناح والأهل والمال ، فإذا كنت من أخيك على أحد الثقة ، فابذل له مالك وبدنك ، وصاف من صافاه ، وعاد من عاداه ، واكتم سره وعيبه ، واظهر منه الحسن ، واعلم ـ أيها السائل ـ انهم أقل من الكبريت الأحمر.

وأما إخوان المكاشرة ، فأنك تصيب منهم لذتك ، فلا تقطعن ذلك منهم ، ولاتطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذللهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان »(4) .

وعن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « اذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك ووجل قلبك ، فدونك دونك ، فقد قصدت قصدك »(5) .

وعن عمرو بن أبي المقدام ، عن ابيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ، المتحابون(6) في مودتنا ، المتزاورون في أحياء أمرنا ، إن غضبوا لم يظلموا ، وإن رضوا لم يسرفوا بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا »(7) .

وعن عيسى بن النهريري ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من عرف الله وعظمته ، منع فاه من الكلام ، وبطنه من الطعام ، وعزّ(8) نفسه بالصيام والقيام. فقالوا : بآبائنا وامهاتنا أنت يارسول الله [ هؤلاء أولياء الله؟ ](9) فقال :

__________________

1 ـ في الاصل : الصبر ، وما أثبتناه من الكافي.

2 ـ الكافي 2 : 189 / 39.

3 ـ أخوان المكاشرة : من كاشره : إذا تبسم في وجهه وانبسط معه « مجمع البحرين ـ كشر ـ 3 : 474 ».

4 ـ الخصال : 49 / 56.

5 ـ الخصال : 81 / 6.

6 ـ في الأصل : المتحاوبون ، وما أثبتناه من الكافي.

7 ـ الكافي 2 : 185 / 24.

8 ـ في المصدر : وعفى ، ولعل الصواب : وعنٌي.

9 ـ أثبتناه من الكافي.

١١٢

إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكراً ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الاجال التي كتبت لهم ، لمتقرَّ أرواحهم في أجسادهم ، خوفاً من العذاب ، وشوقا إلى الثواب »(1) .

وعنه يرفعه قال : خطب الحسن بن عليعليهما‌السلام فقال : « أيها الناس ، أنا اُخبركم عن أخ كان لي ، وكان من أعظم الناس في عيني ، وكان رأس ما عظم به في عيني ، صغر الدنيا في عينه ، وكان خارجاً عن سلطان الجهالة ، فلا يمد يده إلاّ على ثقة ، وكان لايَتَشَهّى ولا يَسخط ولا يَتَبَرَّمُ وكان أكثر دهره صامتاً ، فإذا قال بذّ القائلين ونقع غليل السائلين ، وكان لايدخل في مراء ، ولا يشارك في دعوى ، ولا يدلي بحجة حتى يأتي قاضياً ، وكان لايغفل عن إخوانه ، ولايخص نفسه بشيء دونهم ، وكان ضعيفاً مستضعفاً ، فإذا جاء الجد كان ليثاً عادياً ، وكان لايلوم أحداً فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذاره ، وكان يقول ما يفعل ، ولا يقول مالا يفعل ، وكان إذا اعتراه أمران ، نظر أيّهما كان أقرب إلى الهوى فخالفه ، وكان لايشكو وجعاً إلا عند من يرجو عنده البرء ، وكان لايستشير إلاّ عند من يرجو عنده النصيحة ، وكان لايتبرم ولا يتسخط ، ولايتشكى ، ولا يتشهى ، ولا ينتقم ، ولا يغفل عن العدو. فعليكم بهذه الخلائق الكريمة إن اطقتموها ، وإن لم تطيقوها كلها ، فأخذ القليل خيرمن ترك الكثير ، ولاحول ولاقوة إلاّ بالله »(2) .

وعن مهزم الاسدي قال : قال أبوعبداللهعليه‌السلام : « شيعتنا من لايعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ، ولا يتمدح بنا معلناً ولا يجالس لنا عائباَ ، ولا يخاصم لنا قالياً ، إن لقي مؤمناً أكرمه ، وإن لقي جاهلاً هجره ».

فقلت : جعلت فداك ، فكيف أصنع بهؤلاء المشبهة؟

قال : « فيهم(3) التمييز ، وفيهم(4) التبديل ، وفيهم التمحيص ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم ، شيعتنا [ من ](5) لايهر هرير الكلاب ، ولايطمع طمع الغراب ، ولايسأل عدونا وان مات جوعا ».

__________________

1 ـ الكافي 2 : 186 / 25.

2 ـ الكافي 2 : 186 / 26 ، وفيه : وعنه ، عن بعض أصحابه العراقيين ، رفعه قال :

3 ، 4 ـ في الأصل : منهم ، وما أثبتناه من الكافي.

5 ـ أثبتناه من الكافي.

١١٣

قلت : [ جعلت ](1) فداك ، فأين أطلب هؤلاء؟

قال : « في أطراف الأرض ، اُولئك الخفيض عيشهم ، المنتّقلة ديارهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، ومن الموت لايجزعون ، وفي قبورهم يتزاورون ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة رحموه ، لن(2) تختلف قلوبهم وإن اختلفت بهم الدار ».

ثم قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا المدينة وعلي الباب ، وكذبمن زعم أنه يدخل المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً »(3) .

وعن سماعة بن مهران قال : قال أبوعبداللهعليه‌السلام : « قال(4) رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، كان ممن حرمت غيبته ، وكملت مروءته ، وظهرت عدالته ، ووجبت اُخوته »(5) .

وعن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث خصال من كن فيه استكمل الإيمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، واذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق ، وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له »(6) .

وبإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن خياركم اولو النهى ، قيل : يا رسول الله ، ومن اولو النهى؟ قال : هم اُولو الأخلاق الحسنة ، والأحلام الرزينة ، وصلة الأرحام ، والبررة بالآباء والاُمهات ، والمتعاهدون الفقراء والجيران واليتامى ، ويطعمون الطعام ، ويفشون السلام في العالم ، ويصلّون والناس نيام غافلون »(7) .

__________________

1 ـ أثبتناه من الكافي.

2 ـ في الأصل : ان ، وما أثبتناه من الكافي.

3 ـ الكافي 2 : 186 / 27.

4 ـ في الأصل زيادة : قال.

5 ـ الكافي 2 : 187 / 28.

6 ـ الكافي 2 : 187 / 29 ، وفيه : عن أبي حمزة الثمالي ، عن عبدالله بن الحسن ، عن اُمه فاطمة بنتالحسين بن علي قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

7 ـ الكافي 2 : 188 / 32 ، وفيه : عن اسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن سليمان بن

١١٤

وعن أبي حمزة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « من زار أخاه لله ـ لالشيء غيره ـ بل التماس موعد الله ، وتنجزما عنده ، وكل الله به سبعين الف ملكاً ينادونه : ألا طبت ، وطابت لك الجنة »(1) .

وعن محمد بن قيس ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « إن لله جنة لايدخلها إلاّ ثلاثة : رجل حكم على نفسه بالحق ، ورجل زار أخاه في الله ، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله »(2) .

وعن كتاب المجالس للبرقي ، عن عبداللهّ بن يونس ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « قام رجل إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ـ وهو يخطب ـ فقال : يا أميرالمؤمنين ، صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه ، فقالعليه‌السلام : المؤمن هو الكيس الفطن ، بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شيء صدراً ، وأذل شيءلقاء ، زاجر نفسه عن كل باب ، خائض الغمرات على كل خير ، لاحقود ، ولا حسود ، ولا وثّاب ، ولاسبّاب ، ولاعيّاب ، ولا مغتاب ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ، طويل الغم ، بعيد الهم ، كثير الصمت ، ذكور ، وقور ، صبور ، شكور ، مغموم بذكره ، مسرور بفقره ، سهل الخليقة ، لين العريكة ، رصين الوفاء ، قليل الأذى ، لامتأفِّك ولامتهتك ، إنضحك لم يُخْتَرق ، وان غضب لم ينزق ، ضحكه تبسماً ، واستفهامه تعلّماً ، ومراجعته تفهماً ، كثير علمه ، عظيم حلمه ، كثير الرحمة ، لايبخل ، ولايعجل ، ولا يضجر ، ولايبطر ، ولايحيف في حكمه ، ولايجور في علمه ، نفسه أصلب من الصلد ، ومكادحته أحلى من الشهد ، لاجشع ، ولا هلع ، ولا عنت ، ولاصلف ، ولا متكلف ، ولا متعمق ، جميل المسارعة ، كريم المراجعة ، عدل إن غضب ، رفيق إن طلب ، لامتهور ، ولامتهتك ، ولامتجبر ، خالص الود ، وثيق العهد ، وفيّ العقد ، شفيق وصول ، حليم خمول ، قليل الفضول ، راض عن الله عزوجل ، مخالف لهواه لايغلظ على من يؤذيه ، ولا يخوض في ما لايعنيه ، ناصر للدين ، محام عن المؤمنين ، وكنف للمسلمين ، لايخرق الثناء سمعه(3) ،

__________________

عمر والنخعي ، قال : وحدثني الحسين بن سيف ، عن أخيه علي ، عن سليمان ، عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليه‌السلام .

1 ـ الكافي 2 : 140 / 1.

2 ـ الكافي 2 : 142 / 11 ، وفيه : عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام .

3 ـ في الأصل : سمطه ، وما أثبتناه من الكافي.

١١٥

ولاينكأ الطمع قلبه ، ولا يصرف اللعب حكمه ، ولا يطلع الجاهل علمه ، قَؤول عمّال ، عالم حازم ، لافحاش ولاطياش ، وصول في غيرعنف ، بذول في غير سرف ، لاحكّار ولاغدّار ، ولا يقتفي أثراً ، ولا يحيف بشراً ، رفيق بالخلق ، ساع في الارض ، عون للضعيف ، غوث للملهوف ، لايهتك ستراً ولا يكشف سراً ، كثير البلوى ، قليل الشكوى.

إن رأى خيراً ذكره ، وإن عاين شراً ستره ، يستر العيب ، ويحفظ الغيب ، ويقيل العثرة ، ويغفر الزلة لايطلع على نصح فيذر ، ولا على فحش فيتهم ، أمين رصين ، تقيّ نقيّ زكيّ ، وفيّ رضيّ ، يقبل العذر ، ويجمل الذكر ، ويحسن بالناس الظن ، ويتهم على الغيب نفسه.

يجب في الله بفقه وعلم ، ويقطع في الله بحزم وعزم ، لايخرق به فرح ، ولايطيشبه مرح ، مذكّر العالم ، معلّم الجاهل ، لايتوقع له بائقة ، ولايخاف منه غائلة ، كل سعي أخلص عنده من سعيه ، وكل نفس أصلح عنده من نفسه ، عالم بعيبه ، متشاغل بغمّه ، لايثق بغير ربه ، غريب وحيد فريد ، يحب في الله ، ويجاهد في الله ، ليتبع رضاه ، ولاينتقم لنفسه بنفسه ، ولا يؤاتي في سخط ربه.

مجالس لأهل الفقر ، مصادق لأهل الصدق ، مؤازر لأهل الحق ، عون للغريب ، أب لليتيم ، بعل للأرملة ، حفيّ بأهل المسكنة ، مرجو لكل كريمة ، مأمول لكل شدة ، هشاش بشاش ، ليس بعبّاس ولا بجسّاس ، صليب كظّام بسام ، دقيق النظر ، عظيم الحذر ، لايبخل وإن بُخل عليه صبر ، عقل فاستحيى وقنع فاستغنى ، حياؤه يعلو شهوته ، ووده يعلو حسده ، وعفوه يعلوحقده ، لاينطق بغيرصواب.

لبسه الاقتصاد ، ومشيه التواضع خاشع لربه بطاعته ، راض عنه في كل حالاته ، نيته خالصة ، أعماله ليس فيها غش ولا خديعة ، نظره عبرة ، وسكوته فكرة ، وكلامه حكمة ، مناصحاً متباذلاً متآخياً ناصراً في السر والعلانية ، لايهجر أخاه ، ولايمكر به ، ولا يغتابه ، ولا يأسف على مافاته ، ولا يحزن على ما أصابه ، ولايرجو ما لا يجوز له الرجا ، ولا يفشل عند اللقاء للعدو ، ولايقنط عند البلاء ، ولايبطر في الرخاء ، يمزج الحلم بالعلم ، والعقل بالصبر.

تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زللـه ، متوقعاً أجله ، خاشعاً قلبه ، ذاكراً ربه ، قانعة نفسه ، نزراً أكله ، منفياً نومه ، سهلاً أمره ، حزيناً لدينه ، ميتة شهوته ، كظوماً غيظه ، صافياً خلقه ، آمناً جاره ، ضعيفاً كبره ، قانعاً بالذي قدّر له ، متيناً

١١٦

صبره ، محكماً أمره ، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتجر ليغنم ، لاينصت للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبرعلى من سواه(1) ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لاخرته ، وأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبراً ولاعظمة ، ولا دنوه خديعة ولا مكرآَ ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن بعده من أهل البر »(2) .

ومن كتاب المجالس أيضا ، عن البرقي ، ويرفعه إلى أحدهمعليهم‌السلام ، قال : « مر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم ، صافية ألوانهم ، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مربهم بأصابعهم. ثم مرّ بمسجد الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام. فتعجب أمير المؤمنينعليه‌السلام منهم ، ثم دخل على رسول اللهّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت بمجلس لآل فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع مؤمنون!فأخبرني ـ يا رسول الله ـ بصفة المؤمن؟

فنكس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين ـ يا علي ـ الحاضرون الصلاة ، والمسارعون إلى الزكاة ، [ والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهررمضان ](3) والمطعمون المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم(4) ، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوالم يخونوا ، وإن تكلموا صدقوا ، رهبان الليل ، واُسود النهار ، وصائمون النهار ، وقائمون الليل ، لايؤذون جاراً ، ولا يتأذّى بهم جار ، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز ، جعلنا الله وإياكم من المتقين »(5)

__________________

1 ـ كذا في الأصل ، وفي الكافي : ولايتكلم ليتجبّربه على من سواه.

2 ـ الكافي 2 : 179 / 1 ، باختلاف يسير.

3 ـ أثبتناه من أمالي الصدوق.

4 ـ في الكافي : أطمارهم.

5 ـ رواه الكليني في الكافي 2 : 182 / 5 ، بسنده عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا

١١٧

ومن كتاب الفرائد والعوائد : عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « من اداب المؤمن حفظ الأمانة ، والمناصحة ، والتفكر ، والتقية ، والبر ، وحسن الخلق ، وحسن الظن ، والصبر ، والحجاء ، والسخاء ، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والرضا ، وصلة الرحم ، والصمت ، والستر ، والعفة ، والرحمة ، والمغفرة ، والمواسا ة ، والتكريم ، والتسليم ، وطلبالعلم ، والقناعة ، والصدق ، والوفاء ، وترك الاعتلام(1) ، وترك الاحتشمام ، والرحم ، والنصفة ، والتواضع ، والمشاورة ، والاستقالة ، والشكر ، والحياء ، والوقار ».

ثم ذكرعليه‌السلام الخصال التي يجب على المؤمن تجنّبها ، فقال : « البغي ، والبخل ، والدناءة ، والخيانة ، والغش ، والحقد ، والظلم ، والشره ، والخرق ، والعجب ، والكبر ، والحسد ، والغدر الفاشي ، والكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والمكايدة ، وسوء الظن ، ويمين البوار ، والنفاق ، والمنّه ، وجحود الإحسان ، والعجز ، والحرص ، واللعب ، والإصرار ، والقطيعه ، والمزاح ، والسفه ، والفحش ، والغفلة عن الواجب ، وإذاعة السر ».

وعن ابن مسكان ، عن الصادقعليه‌السلام قال : « إن الله خص رسله بمكارم الأخلاق ، وطبعهم عليها ، فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم ، فاحمدوا الله عز وجل ، واعلموا أن ذلك من خير ، وإن لم تكن فيكم ، فاسألوا الله تعالى التوفيق لها ، واجتهدوا ».

وقالعليه‌السلام : « مكارم الأخلاق عشرة : اليقين ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء والمروءة ، والغيرة ، والشجاعة »(2) .

ثم قالعليه‌السلام : « هذه العشرة خصال من صفات المؤمنين ، فمن كانت فيه ، فليعلم ذلك من خير أراده الله تعالى به ».

وزاد عليها فقال : « والبر ، والصدق ، واداء الأمانة ، والحياء ».

وروى ابن بكير(3) عنهعليه‌السلام أنه قال : « انا لنحب من كان عاقلاً ، فهماً ، فقيهاً ، عليماً ، مدارياً ، صبوراً ، صدوقاً ، وفياً ، إن الله تعالى خص الأنبياء عليهم

__________________

رفعه عن أحدهماعليهما‌السلام ، والكراجكي في كنز الفوائد : 29 عن المحاسن للبرقي ، ورواه باختصار الصدوقفي أماليه : 439 / 16.

1 ـ كذا ، ولعل الصواب : الإغتلام.

2 ـ الكافي 2 : 46 / 2 ، والخصال : 431 / 12 ، ومشكاة الأنوار : 238 ، باختلاف يسير.

3 ـ في الاصل : أبوبكير ، وما أثبتناه هو الصواب ، وهو عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن ، منأصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، أنظر « رجال الشيخ 229 / 58 وفهرسته : 106 / 452 ، وتنقيح المقال 3 : 42 فصل الكنى ».

١١٨

السلام بمكارم الأخلاق ، فمن كان فيه شيء من مكارم الأخلاق فليحمد الله تعالى ، ومن لم يكن فيه فليتضرع الى الله عز وجل وليسأله إياها ».

قال : وذكر هذه الخصال وزادها. وصدق الحديث(1) .

وعن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا اخبركم بأشبهكم بي خلقاً؟ فقيل : بلى ، يا رسول الله ، فقال : أعظمكم حلماً ، وأكثركم علماً ، وأبركم بقرابته ، وأشدكم حباً لاخوانه في دينه ، وأصبركم على الرضا والغضب ».

وروي عنهعليه‌السلام أنه قال : « إن الله تعالى ارتضى لكم الإسلام ، فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق »(2) .

وعن المفضل بن عمر ، عن الكاظمعليه‌السلام قال : « لم ينزل من السماء أعز ولا أقل من ثلاثة أشياء : التسليم ، والبر ، واليقين »(3) .

وروي عنهعليه‌السلام ، أنه قال : « ألا اُخبركم بمكارم الأخلاق؟ قالوا : بلى ، يابن رسول الله ، فقال : الصفح عن الناس ، ومواساة الأخ المؤمن في الله تعالى ، من المال ـ قل أو كثر ـ وذكر الله تعالى كثيراً ».

وقيل لهعليه‌السلام : من أكرم الخلق على الله تعالى؟ فقال : « من إذا اُعطي شكر ، واذا ابتلي صبر ، وإذا اُسيء إليه غفر ».

وعن يحيى بن اُم الطويل ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال : « طوبى لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيته ، وحسنت علانيته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، وأنصف الناس من نفسه ».

وروي عنهعليه‌السلام أنه قال : « لاتعب أخاك المؤمن بعيب هو فيك حتى تصلحه من نفسك ، فإذا أصلحته بدا لك عيب غيره ، وكفا بالمرء شغلاً بنفسه ».

وقالعليه‌السلام : « أنفق ولا تخف فقراً ، وأنصف الناس ».

وعن محمد بن أبي زينب ، عن الصادقعليه‌السلام قال : « الدعاء عند الكرب ، والاستغفار عند الذنب ، والشكر عند النعمة ، من أخلاق المؤمنين ».

__________________

1 ـ الكافي 2 : 46 / 3 ، ومشكاة الأنوار : 238.

2 ـ الكافي 2 : 46 / 4 ، روضة الواعظين : 384 ، مشكاة الأنوار : 221.

3 ـ مشكا ة الانوار : 27 ، وفيه : عن كتاب المحاسن عن أبي عبداللهّعليه‌السلام .

١١٩

وقالعليه‌السلام : « البر وحسن الخلق ، يعمران الديار ، ويزيدان في الأعمار. وصنائع المعروف وحسن البشر ، يكسبان المحبة ، ويدخلان الجنة. والبخل وعبوس الوجه ، يبعدان من الله تعالى ذكره ، ويدخلان النار ».

وعنهعليه‌السلام قال : « وجدت في ذؤابة ذي الفقار صحيفة ، فيها : صل منقطعك ، واعط من حرمك ، وقل الحق ولو على نفسك ».

وعن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال : « لاعز إلاّ لمن تذلل لله ، ولا رفعة إلاّ لمن تواضع لله ، ولا أمن إلاّ لمن خاف الله ، ولا ربح إلاّ لمن باع اللهّ نفسه ».

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « ثلاثة لايطيقهن الناس : الصفح عن الناس ، ومواساة الرجل أخاه المؤمن ، وذكر الله تعالى كثيراً »(1) .

وقالعليه‌السلام : « ما ابتلي الناس بشيء أشد من إخراج الدرهم ، لا الصلاة ولا الصيام ولا الحج ، فإن الله تعالى يقول :( ولايسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ) (2) ثم قال :( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء ) (3) ».

وقالعليه‌السلام (4) : « إن أحب الخلائق إلى الله تعالى شاب حدث السن ، في صورة حسنة ، جعل شبابه وجماله في طاعة اللهّ تعالى ، ذاك الذي يباهي اللهّ تعالى به ملائكته فيقول : هذا عبدي حقاً ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال : « شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كفه عن أعراض الناس ، واستغناؤه عما في أيديهم ».

وعنهعليه‌السلام قال : « من أخرجه الله تعالى من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، أغناه الله بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، وآنسه بلا أنيس. ومن خاف الله تعالى ، أخاف الله منه كل شيء ، ومن لم يخف اللهّ ، خَوَّفه الله من كل شيء. ومن رضي من الله تعالى باليسير من المعاش ، رضي الله منه باليسيرمن العمل ، ومن لم يستحي من طلب الحلال وقنع به ، خفّت مؤنته ، ونعم أهله. ومن زهد في الدنيا ، أثبت الله الحكمة في

__________________

1 ـ الزهد : 17 / 38 ، مشكاة الأنوار : 57.

2 ـ محمد 47 : 36 ، 37.

3 ـ محمد 47 : 38.

4 ـ في الاصل زيادة : قال.

١٢٠