أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين0%

أعلام الدين في صفات المؤمنين مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب متنوعة
ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531

أعلام الدين في صفات المؤمنين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ الجليل الحسن بن ابي الحسن الديلمي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 4-5503-75-2
الصفحات: 531
المشاهدات: 115167
تحميل: 8539

توضيحات:

أعلام الدين في صفات المؤمنين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 531 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115167 / تحميل: 8539
الحجم الحجم الحجم
أعلام الدين في صفات المؤمنين

أعلام الدين في صفات المؤمنين

مؤلف:
ISBN: 4-5503-75-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عليكم.

وقال الكاظمعليه‌السلام : « أهينوا الدنيا وتهاونوا بها ، فإنها ما أهانها قوم إلا هنأ هم الله العيش ، وما أعزْها قوم إلا تعبوا وذلّوا ».

وروى أنس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل على شاب ـ وهو يجود بنفسه ـ فقال : « كيف تجدك؟ فقال : أرجو الله وأخاف ذنوبي ، فقال : لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن ، إلا بلغه الله ما يرجوا ، وأمنه مما يخاف ».

وقال أنس : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : « ما أحدث الله تعالى إخاءً بين المؤمنين ، إلا أحدث لكل واحد منهما درجة ».

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني لأعرف أقواماً هم عند الله تعالى بمنزلتي يوم القيامة ، ما هم بأنبياء ولا شهداء ، تغبطهم الأنبياء والشهداء بمنزلتهم ، فقيل : من هم يا رسول الله؟ فيقول : ناس تآخوا في روح الله ، على غير مال ولا سبب قريب ، والذي نفسي بيده إن لوجوههم نوراً ، وإنهم لعلى نور ، لا يحزنون إذا حزن الناس ، ولايفزعون إذا فزعوا ، ثم تلا قوله تعالى :( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (1) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إن الملائكة يمرون على حلق الذكر ، فيقفون على رؤوسهم ، ويبكون لبكائهم ، ويؤمّنون على دعائهم ، فإذا صعدوا إلى السماء يقول الله تعالى : يا ملائكتي ، أين كنتم؟ وهو أعلم بهم ، فيقولون : يا ربنا ، حضرنا مجلساً من مجالس الذكر ، فرأينا أقواماً يسبحونك ويمجّدونك ويقدّسونك ، فيقول اللهسبحانه : يا ملائكتي ، ما يريدون؟ فيقولون : يخافون نارك ، فيقول سبحانه : ازووها عنهم ، واُشهدكم اني قد غفرت لهم ، وآمنتهم مما يخافون ، فيقولون : ربنا ، إن فيهم فلاناً وإنه لم يذكرك ، فيقول الله سبحانه : يا ملائكتي ، قد غفرت له بمجالسته لهم ، فإنالذاكرين لا يشقى بهم جليسهم ».

وروى ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : « إن لله تعالى أرضاً بيضاء ، مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوماً ، هي مثل أيام الدنيا ثلاثون مرة ، مشحونة خلقاً لا يعلمون أن الله عزّ وجل يعصى في الأرض ، ولا يعلمون أن الله تعالى خلق آدم وإبليس ».

__________________

1 ـ يونس 10 : 62.

٢٨١

وروي عن بعض الصالحين أنه قال : نمت ليلة فسمعت هاتفاً يقول : أتنام عن حضرة الرحمان؟ وهو يقسم جوائز الرضوان ، بين الأحبة والخلان! فمن أراد منا المزيد ، فلا ينامن من ليله الطويل ، ولا يقنع من نفسه بالقليل.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يجيء يوم القيامة أطفال ألمؤمنين ، عند عرض الخلائق للحساب ، فيقول الله تعالى لجبرئيلعليه‌السلام : إذهب بهؤلاء إلى الجنة ، فيقفون على أبواب الجنة ويسألون عن آبائهم وأمهاتهم ، فيقول لهم الخزنة : آباؤكموأمهاتكم ليسوا كأمثالكم ، لهم ذنوب وسيئات يطالبون بها ، فيصيحون صيحهّ باكين ، فيقول الله تعالى : ياجبرئيل ، ما هذه الصيحة؟ فيقول اللهم أنت أعلم ، هؤلاء أطفال المؤمنين يقولون : لا ندخل الجنة حتى يدخل آباؤنا واُمهاتنا ، فقول الله سبحانه وتعالى : يا جبرئيل ، تخلل الجمع وخذ بيد آبائهم واُمهاتهم فأدخلهم معهم الجنة برحمتي »(1) .

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه : « ينادي مناد يوم القيامة تحت العرش : يا اُمة محمد ، ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم ، وقد بقيت التبعات بينكم ، فتواهبوا وادخلوا الجنة برحمتي ».

وقال بعض الصالحين : إذا لقيت الله تعالى بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه ، كان أهون من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تزال هذه الاُمة بخير تحت يد الله وفي كفه(2) ، ما لم يمالئ(3) قراؤها أمراءها ، ولم يزل صلحاؤها فجارها ، ولم يمالئ أخيارها أشرارها ، فإذا فعلوا ذلك رفع الله تعالى يده عنهم ، ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ، وضربهم بالفاقة والفقر ، وملأ قلوبكم رعباً ».

قال ابن شهاب(4) : بعث سليمان بن داودعليه‌السلام بعض عفاريته ، وبعث

__________________

1 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82 : 23 / 15 عن أعلام الدين.

2 ـ كذا في الأصل ، والظاهر أنه تصحيف ، صحته : كنفه ، يقال كنفت الشيء : حطُته وصنته ، والكنف : الجانب « الصحاح ـ كنف ـ 4 : 1424 ».

3 ـ ما لأه : ساعده وعاونه وشايعه « الصحاح ـ ملأ ـ 1 : 73 ».

4 ـ هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبدالله بن شهاب بن عبد الله الزهري ، أحد الفقهاء والمحدثين والاعلام التابعين بالمدينة ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد والصادقعليهما‌السلام ، ولد سنة 52 هـ وتوفي سنة 124 ، وقيل : 123 أو 125. اُنظر « رجال الشيخ : 101 / 5 و 299 / 316 ، وفيات

٢٨٢

معه نفراً من أصحابه فقال : إذهبوا معه فانظروا ماذا يقول ، فمرّوا به في السوق ، فرفع رأسه إلى السماء ، ونظر إلى الناس فهز رأسه ، ومرّوا به على بيت يبكون على ميت لهم فضحك ومروا به على الثوم يكال كيلاً وعلى الفلفل يوزن وزناً فضحك ، ومروا به على قوم يذكرون الله تعالى وآخرين في باطل فهز رأسه.

ثم ردوه إلى سليمان فأخبروه بما رأوا منه ، فسأله سليمان : أرأيت إذ مروا بك في السوق ، لم رفعت رأسك إلى السماء ونظرت إلى الأرض والناس؟ قال : عجبت من الملائكة على رؤوس الناس ، ما أسرع ما يكتبون! ومن الناس ما أسرع ما يملون!

قال : ومررت على أهل بيت يبكون على ميت لهم ، وقد أدخله الله الجنة ، فضحكت.

قال : ومررت على الثوم يكال كيلاً ومنه الترياق ، وعلى الفلفلِ يوزن وزناً وهو الداء ، فتعجبت. ونظرت إلى قوم يذكرون الله ، وآخرين في باطل ، فتعجبت وضحكت(1) .

وروي أن عمر بن عبد العزيز كان يوماً في المسجد ، فدخل عليه رجل فأسمعه مكروهاً ونال منه ، فقيل له : ما يمنعك من الانتصار منه؟ قال : التقيُّ مُلْجَم.

ودخل على امرأته فقال لها : عندك درهم نشتري به عنباً ، فقالت : لا ، فقال : فثمنه من الفلوس نشتري به ، قالت : لا ، أنت خليفة المسلمين ، يجبى إليك فيؤها ، ولاتقدر على درهم! فقال : هذا أهون علينا من معالجة أغلال نار جهنم.

وقال بعضهم لآخر : لا تطلبن حاجتك عند من لا يحب نجاحها ، ولا تتهاون بالخلق فيهلكك الله ، ولا تصحبنّ فاجراً فتتعلم من فجوره ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك ، ولا تأمن إلاّ من خشي الله ، واخشع عند القبور ، وذل عند المعصية ، واعتصم بالله منها ، وسارع في الطاعات ، واستشر في أمرك النصيح ، وآخ في الله أهل التقوى ، ولا تجعل كلامك في غير الله ، ولا تقله إلا عند من يشتهيه ويتخذه غنيمة.

وكان قيس بن سعد يقول : اللهم ارزقني حمداً ومجداً ، فإنه لا حمد إلا بفعل ، ولا مجد إلا بمال.

__________________

الأعيان 4 : 177 ، تهذيب التهذيب 9 : 445 ، معجم رجال الحديث 16 : 181 و 17 : 257 ».

1 ـ أخرجه المجلسي في بحارالأنوار 14 : 22 / 79 عن أعلام الدين.

٢٨٣

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من سره أن ينفس الله كربته فَلْيُيَسِّر على مؤمن معسر وليدعُ له ، فإن الله تعالى يحب إغاثة الملهوف ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « استكثروا من الشيء الذي لاتسمه النار ، قالوا : وما هو؟ يا نبي الله ، قال : المعروف ».

وتقول العرب : كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل إذا كثر غلا.

وقيل لتميم الداري(1) : ما السؤود؟ قال : العقل ، وقد سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « سألت جبرئيلعليه‌السلام : ما السؤود في الناس؟ فقال : العقل ».

وروى وهب بن منبه أن موسىعليه‌السلام قال : يا رب ، أخبرني عن آية رضاك عن عبدك. فأوحى الله تعالى إليه : إذا رأيتني اُهيئ عبدي لطاعتي ، وأصرفه عن معصيتي فذلك آية رضاي.

وفي رواية أخرى : إذا رأيت نفسك تحب المساكين ، وتبغض الجبارين ، فذلك آية رضاي(3) .

وقال المفضل بن عمرو للصادقعليه‌السلام : أحب أن أعرف علامة قبولي عند الله ، فقال له : « علامه قبول العبد عند الله أن يصيب بمعروفه مواضعه ، فإن لم يكن كذلك فليس كذلك ».

وروي أن حرقة ابنة النعمان استدعاها سعد بن أبي وقاص لما كان أميراً في العراق ، فحضرت في لمة من نسائها كلهن عليهن زيّها فقال : أيتكن حرقة ابنة النعمان؟فقالت : وما استنكارك إياي يا سعد ، والله لقد أمسينا دواءً فأصبحنا داءً ، ولقد كنا نملك هذا المصر ، يطيعنا أهله ، ويجبى إلينا دخله.

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا

إذا نحن فيهم سوقة نتنصف

 __________________

1 ـ في الأصل : الدارمي ، وهو تصحيف ، صحته ما أثبتناه في المتن ، وهو تميم بن أوس بن خارجة بنسود بن خزيمة بن ذراع بن عدي بن الدار ، المكنى أبو رقية الداري ، مشهور في الصحابة ، كان نصرانياً وقدم المدينة فأسلم سنة تسع ، وهو أول من قصّ ، وكان كثير التهجد ، وهو أول من أسرج السراج في المسجد ، إنتقل إلى الشام بعد مقتل عثمان ، ونزل بالبيت المقدس ، توفي بالشام وقبره ببيت جبرين من بلاد فلسطين ، قيل : وجد على قبره انه مات سنة 40 هـ ، اُنظر « رجال الشيخ : 10 / 2 ، اسد الغابة 1 : 215 ، الإصابة 1 : 183 ، الاستيعاب 1 : 184 ، تهذيب التهذيب 1 : 511 ، الأنساب 5 : 252 ، تنقيح المقال 1 : 186 ».

2 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 70 : 26 / 29.

٢٨٤

فافٍّ لدنياً لا يدوم نعيمها

تقلب بنا تاراتها(1) وتصرف

 ثم بكت ، فبكى لبكائها وقال :

إن للدهر دولة فاحذرنّها

لا تبيتين قد أمنت الدهورا

قد يبيت الفتى معافىً فيودي(2)

ولقد كان امناً مسروراً

 ثم قال : اذكري حاجتك يا سيدة العرب.

فقالت : بنو النعمان وأهله أجرهم على عوائدهم.

فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك.

فقالت : خدم النعمان وعبيده وجواريه أجرِهم على عوائدهم.

فقال لها : اذكري حاجتك لنفسك خاصة.

فقالت له : يد الأمير بالعطية أطلق من لساني بالمسألة.

فأعطاها وأجزل ، فقالت له : شكرتك يد افتقرت بعد غنى ، ولا ملكتك يداستغنت بعد فقر ، ولا جعل الله لك إلى لئيم حاجة ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، ولا أخذ الله من كريم نعمة إلا وجعلك السبب في ردّها إليه.

فقال : اكتبوها في ديوان الحكمة.

فقالت : اكتبوها في ديوان الحكمة ، فإني رأيت قطع الأواخر يمنع شكر الأوائل.

وقال الصادقعليه‌السلام : « ما توسل أحد اليّ بوسيلة ، أحب إليّ من إذكاري بنعمة سلفت مني إليه أعيدها إليه ».

ولقد صدقعليه‌السلام ، فإن من أحسن خصال المعروف تربيته بإعادة الإفضال به ، وأعلم بأن أهل الفضل والشرف والرئاسة ، يرون أن معروفهم ديناً عليهم ، تتقاضاهم أبداً نفوسهم الشريفة الزكية بإعادته. وأهل الرذالة والنذالة والخساسة ، يرون معروفهم ديناً لهم ، تتقاضاهم نفوسهم الخبيثة بإعادته. وذاك أن أفعال الناس على قدر جواهرهم ، ولقد أحسن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله :

إذا شئت تعلم خير الفتى

أدر لحظ طرفك في منظره

فإن لم يبن لك في ذا وذا

فلا تطلبن سوى محضره

بيان الرجال بأفواهها

بها يعرف النذل من خيره

 __________________

1 ـ التارات : جمع تارة وهي المرة ( الصحاح ـ تير ـ 2 : 603).

2 ـ يودي : يهلك (الصحاح ـ ودى ـ 6 : 2521).

٢٨٥

وتحظى الرجال بطيب الكلام

وكل يعود إلى عنصره

 وفي قوله تعالى :( كل يعمل على شاكلته ) (1) كفاية.

وروي أنه لما نزل قوله تعالى :( كل يعمل على شاكلته ) (2) بان السرور بين عينيأبي الدرداء ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما هذا السرور يا أبا الدرداء؟ » فقال : نجونا ورب العزة يا رسول الله. قال : « وكيف ذلك يا أبا الدرداء؟ » قال : إذا كان كل يعمل على شاكلته ، فشاكلتنا الذنب والعصيان ، وشاكلته العفوِ والغفران ، فسر المسلمون حينئذ سروراً عظيماً.

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « يأتي على أمتي زمان ، يكون أمراؤهم على الجور ، وعلماؤهم على الطمع وقلة الورع ، وعبّادهم على الرياء ، وتجّارهم على أكل الربا وكتمان العيب في البيع والشرا ، ونساؤهم على زينة الدنيا ، فعند ذلك يسلّط عليهم أشرارهم ، فيدعو خيارهم فلا يستجاب لهم »(3) .

وقال الصادق صلى الله عليه : عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إن الله تعالى يبتلي عباده عند ظهور الأعمال السيئة ، بنقص الثمرات ، وحبس البركات ، وإغلاق خزائن الخيرات ، ليتوب تائب ، ويقلع مقلع ، ويتذكر متذكر ، ويزدجر مزدجر ، وقدجعل الله تعالى الاستغفار سبباً لدرور الرزق ، ورحمة الخلق ، فقال سبحانه :( استغفروا ربكم إنه كان غفاراً *يرسل السماء عليكم مدرارا *ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) (4) .

فرحم الله عبداً قدّم توبته ، واستقال عثرته ، وذكر خطيئته ، وحذر منيّته ، فإن أجله مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان موكّل به يزيّن له المعصية ليركبها ، ويمنيهالتوبة ليسوفها(5) ، حتى تهجم عليه منيّته أغفل ما يكون عنها ، فيالها حسرة على ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجة ، وأن تؤدّيه أيامه إلى شقوة ، نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإيّاكم ممن لا تبطره نعمة ، ولا تحلّ به بعد الموت ندامة ولا نقمة »(6) .

__________________

1 ، 2 ـ الإسراء 17 : 84.

3 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 103 : 82 / 10 عن اُعلام الدين.

4 ـ نوح 71 : 10 ـ 12.

5 ـ في الأمل : ليوسفها ، وما أثبتناه من البحار. وقال الشيخ المجلسي « قده » في بيانه حول الحديث : « والتسويف أن يقول في نفسه سوف أفعل ، واكثر ما يستعمل في الوعد الذي لا انجاز له ».

6 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 91 : 336 / 20 عن أعلام الدين.

٢٨٦

وقالعليه‌السلام في وصيته لابنه الحسنعليه‌السلام : « واحذر أن يدركك الموت وأنت على(1) حال سيئة ، قد كنت تحدث نفسك منها بالتوبة ، فيحول بينك وبين ذلك فإذا(2) أنت قد أهلكت نفسك.

يا بني ، أكثر من ذكر الموت ، وما تهجم عليه وتصير إليه بعد الموت ، حتى يأتيك وقد أخذت منه حذرك ، وشددت له أزرك ، ولا يأتيك بغتة فيبهرك ، وإياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهل الدنيا إليها ، وتكالبهم عليها ، فقد نبأك الله عنها ، ونعت هي نفسها لك ، وتكشفت على مساوئها ، فإنما أهلها كلاب عاوية وسباع ضارية ، يهرّ بعضها على بعض ، يأكل عزيزها ذليلها ، ويقهر كبيرها صغيرها ، نعم مُعقَّلَة(3) وأُخرى مهملة ، قد أضلّت عقولها ، وركبت مجهولها ، ليس لها راع يقيمها ، ولا مسيم يسيمها ، ركبت بهم سبيل العمى ، وأخذت بأبصارهم عن منار الهدى ، فتاهوا في حيرتها ، وغرقوا في نعمتها ، واتخذوها رباً ، فلعبت بهم ولعبوا بها ، رويداً يسفر الظلام فكأن قد وردت الأظعان ، يوشك من أسرع أن يَلْحق.

واعلم أن من كانت مطيته الليل والنهار ، فإنه يُسار به وإن كان واقفاً ، ويقطع المسافة وإن كان مقيماً وادعاً.

واعلم يقيناً أنك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك ، وأنك في سبيل من كان قبلك ، فَخَفِّض في الطلب ، وأجمل في المكتسب ، فرب طلب قد جرّ إلى حَرَب(4) ، فما كل طالب بمرزوق ، ولا كل مجمل بمحروم ، فأكرم نفسك عن كل دنية ، وإن ساقتك إلى الرغائب ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً ، وما خيرُ خير لا يوجد إلا بشرّ ، ويسر لا ينال إلا بعسر.

وإياك أن توجف بك مطايا الطمع ، فتوردك موارد الهلكة ، وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فإنك مدرك قسمك ، وآخذ سهمك ، وإن اليسير من الله ، أكبر وأعظم من الكثير من خلقه ، وإن كان كل منه.

وتلافيك ما فرط من صمتك ، أيسرمن إدراكك ما فات من منطقك ، وحِفْظ

__________________

1 ـ في الأصل زيادة : كل.

2 ـ في الأصل زيادة : إذن.

3 ـ معقلة : من عقلت البعير بالعقال إذا شددته به ، وهو رباطه. « الصحاح ـ عقل ـ 5 : 1769 ».

4 ـ الحَرَب : سلب المال « القاموس المحيط ـ حرب ـ 1 : 53 »

٢٨٧

ما في الوعاء بشد الوكاء ، وحفظ ما في يديك أحب إليّ من طلب ما في يد غيرك ، ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس ، والحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور ، والمرءأحفظ لسرّه ، ورب ساع فيما يضره ، من أكثر أهجر ، ومن تفكر أبصر ، قارِب أهل الخيرتكن منهم ، وباين أهل الشرِ تبنْ عنهم ، بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف أفحش الظلم. إذا كان الرفق خرقاً كَان الخرق رفقاً. وربما كان الدواء داءً والداء دواءً ، وربما نصح غير الناصح وغش المستنصح.

وإياك والإتكال على المنى ، فإنها بضائع النوكى(1) . والعقل حفظ التجارب. وخير ما جربت ما وعضك. بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. ليس كل طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب ، ومن الفساد إضاعة الزاد ومفسدة المعاد ، ولكل أمر عاقبة ، سوف يأتيك ما قُدّر لك ، التاجر مخاطر ، ورب يسير أنمى من كثير ، لا خير في معين مهين ، ولا في صديق ظنين. ساهل الدهر ما ذل لك قعوده(2) ، ولا تخاطر بشيء رجاءَ اكثر منه ، وإياكأن تجمح بك مطية اللجاج.

احمل نفسك من أخيك عند صرمه على(3) الصلة ، وعند صدوده على اللطف والمقاربة ، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدنو ، وعند شدته على اللين ، وعند جرمه على العذر ، حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك ، وإياك أن تضع ذلك في غيرموضعه ، أو أن تفعله بغير أهله. لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك ، وامحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، وتجرّع الغيظ ، فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا ألذّ مغبّة ، ولنْ لمن غالظك ، فإنه يوشك أن يلين لك ، وخذ على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين ، وإن أردت قطيعة أخيك ، فاستبق له من نفسك بقيةً يرجع اليها إن بدا له ذلك يوماً ما ، ومن ظنّ بك خيراً فصدّق ظنه ، ولا تضيعنّ حق أخيك اتكالاً على ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من(4) أضعت حقه ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبنّ فيمن زهد فيك ، ولا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا يكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان ، ولا يكبرنّ عليك ظلم من

__________________

1 ـ النوكى : جمع أنوك ، وهو الأحمق « الصحاح ـ نوك ـ 4 : 1612 ».

2 ـ القَعود من الإبل : البكر حين يمكن ظهره من الركوب. « الصحاح ـ قعد ـ 2 : 525 ».

3 ـ في الأصل : عن ، وما أثبتناه من نهج البلاغة.

4 ـ في الأصل زيادة : لك.

٢٨٨

ظلمك ، فإنّه يسعى في مضرّته ونفعك ، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه.

واعلم ـ يا بني ـ « أنّ الرزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن أنت لم تأته أتاك. ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغنى! إنما لك من دنياك ، ما أصلحت به مثواك ، وإن جزعت على ما تفلّت من يدك ، فاجزع [ على ](1) كل مالم يصل إليك. استدل على مالم يكن بما قد كان ، فإن الامور أشباه ، ولا تكونن ممن لا تنفعه(2) العظة ، إلا إذا بالغت في إيلامه ، فإن العاقل يتعظ بالأدب ، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب. إطرح عنك واردات الأُمور(3) بعزائم الصبر وحسن اليقين. من ترك ألقصد جار. الصاحب مناسب ، والصديق من صدق غيبه ، والهوى شريك العمى. ربّ بعيد أقرب من قريب ، وقريب أبعد من بعيد ، والغريب من لم يكن له حبيب. من تعدى الحق ضاق مذهبه ، ومن أقتصر على قدره كان أبقى له ، وأوثق سبب أخذت به سبببينك وبين الله سبحانه ، ومن لم يبالك فهو عدوك. قد يكون اليأس إدراكاً ، إذا كان الطمع هلاكاً. ليس كل عورة تظهر ، ولا كل فرصة تصاب ، وربما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأعمى رشده.

أخِّر الشر ، فإنك إذا شئت تعجّلته. وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل. من أمن الزمان خانه ، ومن أعظمه أهانه. ليس كل من رمى أصاب. إذا تغير السلطان تغير الزمان. سل عن الرفيق قبل الطريق ، وعن الجار قبل الدار. إياك أن تذكر من الكلام ما كان مضحكاً ، وإن حكيت ذلك عن غيرك.

وإياك ومشاورة النساء ، فإن رأيهن إلى أفن ، وعزمهن إلى وهن ، واكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن ، فإنّ شدة الحجاب أبقى عليهن ، وليس خروجهن أشد من إدخالك من لا يوثق به عليهن ، وإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل ، ولاتُملّك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة ، ولا تعد بكرامتها نفسها ، ولا تطمعها أن تشفع لغيرها ، وإياك والتغاير في غير موضع غيرة ، فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى السقم ، والبريئة إلى الريب.

__________________

1 ـ أثبتناه من نهج البلاغة.

2 ـ في الأصل زيادة : في.

3 ـ في نهج البلاغة : الهموم.

٢٨٩

واجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به ، فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك ، وأكرم عشيرتك ، فإنهم جناحك الذي به تطير ، وأصلك الذي إليه تصير ، ويدك التي(1) بها تصول.

أستودع الله دينك ودنياك ، وأسئله خير القضاء لك ، في الآجلة والعاجلة والدنيا والاخرة »(2) .

وروي عن الحسن بن يقطين(3) ، عن أبيه ، عن جده قال : ولي علينا الأهواز رجل من كتاب يحيى بن خالد ، وكان عليَّ من بقايا خراج كان فيها زوال نعمتي وخروج من ملكي ، فقيل لي : إنه ينتحل هذا الأمر ، فخشيت أن ألقاه مخافة ألا يكون ما بلغني حقاً ، فيكون فيه خروجي من ملكي وزوال نعمتي ، فهربت منه إلى الله تعالى ، وأتيت الصادق(4) عليه‌السلام مستجيراً ، فكتب إليه رقعة صغيرة فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم : إن لله في ظلّ عرشه ظلاً لا يسكنه إلا من نفّس عن أخيه كربة ، أو أعانه بنفسه ، أو صنع إليه معروفاً ، ولو بشق تمرة. وهذا أخوك والسلام.

ثم ختمها ودفعها إليَّ وأمرني أن اُوصلها إليه ، فلما رجعت إلى بلدي ، صرت إلى منزله فاستأذنت عليه ، وقلت : رسول الصادقعليه‌السلام بالباب ، فإذا أنا به وقد خرج إليَّ حافياً ، فأبصرني وسلّم عليَّ وقبّل ما بين عينيّ ، ثم قال لي : يا سيدي أنت رسول مولاي؟ فقلت : نعم ، فقال : قد أعتقتني من النار إن كنت صادقاً ، فأخذ بيدي وأدخلني منزله ، وأجلسني في مجلسه ، وقعد بين يديَّ ، ثم قال : يا سيدي كيف خلّفت مولاي؟ فقلت : بخير ، فقال : الله الله؟ قلت : الله ، حتى أعادها ثلاثاً ، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبّلها ووضعها على عينيه ، ثم قال : يا أخي مُر بأمرك ، فقلت : في جريدتك عليَّ كذا وكذا ألف ألف درهم ، وفيه عطبي وهلاكي ، فدعا الجريدة فمحا عنّي كل ما

__________________

1 ـ في الأصل : الذي ، وما أثبتناه من نهج البلاغة.

2 ـ نهج البلاغة 3 : 55.

3 ـ في البحار 47 : 207 / 49 : الحسن بن علي بن يقطين.

4 ـ في قضاء حقوق المؤمنين : الصابرعليه‌السلام أي موسى بن جعفر ، وقال المجلسي بعد ذكر الحديث عن كتاب قضاء الحقوق : رواه في عدة الداعي عن الحسن بن يقطين عن أبيه ، عن جده وذكر فيه الصادق مكان الكاظم وما هنا أظهر.

٢٩٠

كان فيها ، وأعطاني براءة منها ، ثم دعا بصناديق ماله فناصفني عليها ، ثم دعا بدوابه فجعل يأخذ دابة ويعطيني دابة ، ثم دعا بغلمان ، فجعل يعطيني غلاماً ويأخذ غلاماً ، ثم دعا بكسوته فجعل يأخذ ثوباً ويعطيني ثوباً ، حتى شاطرني جميع ملكه ويقول : هل سررتك؟ فأقول : إي والله وزدت على السرور.

فلما كان في الموسم قلت : والله لا كان [ جزاء ](1) هذا الفرح بشيء أحب الى الله ورسوله ، من الخروج إلى الحج ، والدعاء له ، والمصير إلى مولاي وسيدي الصادقعليه‌السلام وشكره عنده ، وأسأله الدعاء له ، فخرجت إلى مكة وجعلت طريقي إلى مولايعليه‌السلام ، فلما دخلت عليه رأيته والسرور في وجهه ، وقال لي : « يا فلان ، ما كان من خبرك مع الرجل؟ » فجعلت أورد عليه خبري ، وجعل يتهلل وجهه ويسر السرور ، فقلت : يا سيدي ، هل سررت بما كان منه إليّ؟ سرّه الله تعالى في جميع اُموره ، فقال : « إي والله سرني ، والله لقد سرّ آبائي ، والله لقد سر أمير المؤمنين ، والله لقد سرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله لقد سرّ الله في عرشه »(2) .

تم الحديث والحمد لله رب العالمين.

روي أن رجلاً كتب إلى رجل من ولاة العراق ، يشفع في الفرزدق وقد طلبه فهرب منه :

أما بعد ، فإن هذا البطن من قريش ، قد غرسوا شجرة الحلم فتفرعت أغصانها عن الكرم والعلم والصدق والوفاء ، ثم اجتنى كل منهم من ذلك على عظم قدر وعلو همته ، وإنك أطولهم باعاً ، وأحسنهم عموداً ، وأجزلهم وفوداً ، ولو قلت : ان لك ثلثي ذلك الفضل لكان ، بل لك ذلك كله ، لأنك أهله ومعدنه ، وفيه غرس أصلك ، وعليه تفرع فرعك ، وعليه تهدلت غصونه.

وبعد ، فلولا عظم جرم الفرزدق لم يضق عنه حلمك على عظمه ، وسعة صدرك ، وكبر صبرك ، وكظم غيظك ، لكنّي حسبك أردت بإخافته تأديب رعيتك ، كيما لا يجتروا على ارتكاب ذنب طمعاً في العفو ، ولنعم مؤدب ألرعية وسائسها أنت ، وإنما يذهب الغيظ الظفر ، والحقد الحلم ، ويطيب النفس الرغبة في ثواب ذلك ، وقد

__________________

1 ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من البحار 47 : 207 / 49 4.

2 ـ رواه ابن فهد في عدة الداعي : 179 والصوري في قضاء حقوق المؤمنين : ح 24. وعنهما في البحار 48 : 174 / 16 و 74 : / 313 ، وأخرجه المجلسي في البحار 47 : 207 / 49 عن أعلام الدين أيضاً.

٢٩١

قال الله سبحانه :( وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) (1) وقال سبحانه :( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) (2) وقد ظفرت به ، وذل لك مطلبه ، وأستخذى(3) إليك طمعاً في عفوك ، ورجاءً لحلمك ، والحلم والكرم والعفو والصفح خلق قرشي ، وسجال هاشمي ، وحلة يلبسها البر الكريم جميلة ، وقد أوطأته ربعك الفسيح ، وجنابك السميح ، وضمنت له عليك الوفاء ، حتى يرد كتابك بذلك إن شاء الله تعالى.

فلما قرأه كتب إليه : أما ما ذكرت حسن وخير وجميل ، ووصفت من كرم ، فأنعث ألمقدم فيه والسابق إليه ، بل أنت أصله ، وبك يصح معناه ، وما ذكرت من أمر الرعية ، فإنه كذلك لأنّ الليث لا يفرق إن لم يفترس ، وبالمهابة يمكّن الجموح من عنانه ، ولقد أحسن لنفسه الصنيعة إذ لجأ إليك ، وإنما هرب ليعلم أنه خطر بالبال ، وقد أردت أن يبين طريداً شريداً ، لا يطعم الغمض ، ولا يأمن من الخوف ، حتى ورد كتابك شافعاً فيه ، فأمانك أماني ، وعفوك عفوي ، وأمرك أمري ، فإني لا اُخيف من آمنته ، ولا أرهب من أجرته منتك في الطلب ألينا ألعفو عنه ، أفضل وأعظم من منّتنا بإسعافك بالإجابة إلى ما سألت ، أدام الله نعمتك وسلامتك.

وروي عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : يأتي على الناس زمان إذا سمعت باسم رجل خير من أن تلقاه ، فإذا لقيته خير من أن تجربه ، ولو جربته أظهر لك أحوالاً ، دينهم دراهمهم ، وهمتهم بطونهم ، وقبلتهم نساؤهم ، يركعون للرغيف ، ويسجدون للدرهم ، حيارى سكارى لا مسلمين ولا نصارى »(4) .

من كلام العباس بن عبد المطلبرحمه‌الله وقد جاءه أبو سفيان والزبير ، فعرضا عليه النصرة بعد موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لهما : قد سمعنا مقالتكما ، فلا لقلة نستعين بكما ، ولا لظنة نترك رأيكما ، لكن لالتماس الحق ، فامهلانا نراجع الفكر ، فإن

__________________

1 ـ النور 24 : 22.

2 ـ آل عمران 3 : 134.

3 ـ استخذى : خضع. « الصحاح ـ خذا ـ 6 : 2326 ».

4 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 74 : 166 / 31 عن أعلام الدين.

٢٩٢

يكن لنا من الأثم مخرج ، يصّر بنا وبهم الأمر صرير الجندب(1) ، ونمد أكفاً إلى المجد لا نقبضها أو تبلغ المدى ، وإن تكن الاُخرى ، فلا لقلة في العدد ، ولا لوهن في العضد ، والله لولا أن الإسلام قيد الفتك ، لتدكدكت منا أليكم جنادل صخر يسمع اصطكاكها من محل الاُثيل(2) .

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الكلمة أسيرة في وثاق صاحبها ، فإذا تكلم بها صار أسيراً في وثاقها »

وقالعليه‌السلام : « من كمال المرء تركه ما لا يجمل به ، ومن حيائه أن لا يلقي أحداً بما يكره ، ومن عقله حسن رفقه ، ومن أدبه علمه بما لا بدّله منه ، ومن ورعه عفة بصره وعفة بطنه ، ومن حسن خلقه كف أذاه ، ومن سخائه بره بمن يجب حقه ، ومن كرمه إيثاره على نفسه ، ومن صبره قلة شكواه ، ومن عدله إنصافه من نفسه ، وتركه الغضب عند مخالفته ، وقبوله للحق إذا بان له ، ومن نصحه نهيه له عن غيبتك ، ومن حفظه جواره ستره لعيوب جيرانه ، وتركه توبيخهم عند إساءتهم إليه ، ومن رفقه تركه المواقفة على الذنب بين يدي من يكبر المذنب وقوفه عليه ، ومن حسن صحبته إسقاطه عن صاحبه مؤونة أذاه ، ومن صداقته كثرة موافقته ، ومن صلاحه شدة خوفه ، ومن شكره معرفته بإحسان من أحسن إليه ، ومن تواضعه معرفته بقدره ، ومن حكمته معرفته بذاته ، ومن مخافته ذكره الاخرة بقلبه ولسانه ، ومن سلامته قلة تحفظه لعيوب غيره ، وعنايته بإصلاح نفسه من عيوبه ».

قال الصادقعليه‌السلام : « لا تتبع أخاك بعد القطيعة وقيعة فيه ، فتسد عليه طريق الرجوع إليك ، فلعل التجارب ترده عليك »(3) .

من كلام الحسن بن عليعليهما‌السلام لأصحابه بعد وفاة أبيه ، وقد خطبعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه [ ثم قال ](4) :

« أما والله ماثنانا عن قتال أهل الشام ذلّة ولا قلّة ، ولكن كنّا نقاتلهم بالسلامة والصبر ، فشيبت السلامة بالعداوة ، والصبر بالجزع ، وكنتم تتوجهون معنا

__________________

1 ـ الجندب : ضرب من الجراد ، وقيل : ذكر الجراد ، والجمع جنادب « حياة الحيوان 1 : 203 ».

2 ـ الاُثيل : موضع قرب المدينة. « معجم البلدان 1 : 94 ».

3 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 74 : 166 عن أعلام الدين.

4 ـ أثبتناه من البحار.

٢٩٣

ودينكم أمام دنياكم ، وقد أصبحتم ألآن ودنياكم أمام دينكَم ، فكنا لكم وكنتم لنا ، وقد صرتم اليوم علينا ، ثم أصبحتم تعدون قتيلين : قتيلاً بصفين تبكون عليه ، وقتيلاً بالنهروان تطلبون بثأره ، فأما الباكي فخاذل ، وأما الطالب فثائر.

وإن معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه عزّ ولا نصفة ، فإن أردتم ألحياة قبلناه منه ، واغضضنا على القذى ، وإن أردتم الموت بذلناه في ذات الله وحاكمناه [ إلى ](1) الله ».

فنادى ألقوم بأجمعهم : بل البقية والحياة(2) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « المجالس ثلاثة : غانم ، وسالم ، وشاحب ، فأما الغانم فالذي يذكر الله تعالى فيه ، وأما السالم فالساكت ، وأما الشاحب فالذي يخوض في الباطل ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الجليس الصالح خير من الوحدة ، والوحدة خير من جليس السوء ».

وقالعليه‌السلام : « أن الله تعالى يحب النظر النافذ عند مجيء الشبهات ».

وقالعليه‌السلام : « المهاجر من هجر الخطايا والذنوب ».

وقالعليه‌السلام : « من أخرجه الله تعالى من ذل المعاصي إلى عز التقوى ، أغناه الله بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، آنسه بلا شرف ، ومن زهد في الدنيا أنبت الله تعالى الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصره داءها ودواءها وعيوبها ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تلتمسوا الرزق ممن أكتسبه من ألسنة الموازين ورؤوس المكاييل ، ولكن من عند من فتحت عليه الدنيا »(3) .

وقالعليه‌السلام : « لا عيش إلا لرجلين : عالم ناطق ، ومتعلم واع ».

وقالعليه‌السلام : « أن للقلوب صدءاً كصدأ النحاس ، فاجلوها بالاستغفار ، وتلاوة القرآن ».

وقالعليه‌السلام : « الزهد ليس بتحريم الحلال ، ولكن أن يكون بما في يدي الله أوثق منه بما في يديه ».

__________________

1 ـ أثبتناه من البحار.

2 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 44 : 21 / 5 عن أعلام الدين.

3 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 103 : 86 / 22 عن أعلام الدين.

٢٩٤

وقال : « خلتان(1) لا تجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الظن بالرزق ».

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أكثر الاستغفار ، جعل الله له من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ورزقه من حيث لا يحتسب ».

وقالعليه‌السلام : « كلمة الحكمة يسمعها المؤمن ، خير من عبادة سنة »(2) .

وقال : « خمس من أتى الله بهن ـ أو بواحدة منهن ـ وجبت له الجنة : من سقى هامة صادية ، أو حمل قدماً حافية ، أو أطعم كبداً جائعة ، أو كسا جلدة عارية ، أو أعتق رقبة عانية »(3) .

وقال : « صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ، وتدفع ميتة السوء ، وتنفي الفقر ، وتزيد في العمر ، ومن كفّ غضبه ، وبسط رضاه ، وبذل معروفه ، ووصل رحمه ، وأدّى أمانته ، أدخله الله تعالى في النور الأعظم ، ومن لم يتعزّ بعزاء الله ، تقطعت نفسه حسرات ، ومن لم ير أن لله عنده نعمة إلا في مطعم ومشرب ، قلّ علمه وكثر(4) جهله ، ومن نظر إلى ما في أيدي ألناس ، طال حزنه ودام أسفه ».

وقال : « حسن الخلق ، وصلة الأرحام ، وبرّ القرابة ، تزيد في الأعمار ، وتعمر الديار ، ولو كان القوم فجاراً ».

وقال : « إن الله يحب الأتقياء الأخفياء ، الذين إذا حضروا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفقدوا قلوبهم مصابيح الهدى ، ينجون(5) من كل غبراء مظلمة ».

وقال : الوحدة خير من قرين السوء ، والحزم أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره ».

وقال : « جاملوا الأشرار بأخلاقكم تسلموا من غوائلهم ، وباينوهم بأعمالكم كيلا تكونوا منهم ».

وقال : « ولو أن المؤمن أقوم من قدح ، لكان له من الناس غامز ، واعلموا أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ».

__________________

1 ـ في البحار : خصلتان.

2 ـ البحار 77 : 182 / 8 عن أعلام الدين ، من قوله (ص) : « لا عيش إلا لرجلين ».

3 ـ نقله المجلسي في البحار 74 : 369 / 59 و 104 : 195 / 16.

4 ـ في البحار : وكبر.

5 ـ في البحار : منجون.

٢٩٥

وقال : « ما من أحد ولي شيئاً من أمور المسلمين ، فأراد الله به خيراً ، إلا جعل الله له وزيراً صالحاً ، إن نسي ذكّره ، وإن ذكر أعانه ، وإن همَّ بشر كفّه وزجره ».

وقال : « إن الله يبغض البخيل في حياته ، والسخي بعد وفاته ».

وقال : « ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلب غافل ».

وقال : « الأمل رحمة لأمتي ، ولولا الأمل ما رضعت والدة ولدها ، ولا غرس غارس شجراً ».

وقال : « إذا أشار عليك العاقل(1) الناصح فاقبل ، وإياك والخلاف عليهم فإنّ فيه الهلاك ».

وعادصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً من الأنصار فقال : « جعل الله ما مضى كفارة وأجراً ، وما بقي عافية وشكراً ».

وقال : « خلتان لا تجتمعان(2) في مؤمن : الشح ، وسوء الخلق ».

وقال : « ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين ، يلبسون للناس جلود الضأن من لين ألسنتهم ، كلامهم أحلى من العسل ، وقلوبهم قلوب الذئاب ، يقول الله تعالى : أبي يغترّون! أم علي يجترون! فوعزتي وجلالي ، لأبعثن عليهم فتنة تذر الحليم منهم حيران ».

وكتبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بعض أصحابه يعزيه : « أما بعد ، فعظم الله ـ جل اسمه ـ لك الأجر ، وألهمك الصبر ، ورزقنا وإياك الشكر ، إن أنفسنا وأموالنا وأهلينا مواهب الله ألهنيئة وعواريه المستردّة ، نمتع بها إلى أجل معدود ، ويقبضها لوقت معلوم ، وقد جعل الله تعالى علينا الشكر إذا أعطى ، والصبر إذا ابتلى ، وقد كان ابنك من مواهب الله تعالى ، متعك به في غبطة وسرور ، وقبضه منك بأجر مذخور ، إن صبرت واحتسبت ، فلا تجمعن(3) أن يحبط جزعك أجرك ، وأن تندم غداً على ثواب مصيبتك ، وإنك لو قدمت على ثوابها علمت أن المصيبة قد قصرت عنها ، واعلم أن الجزع لا يرد فائتاً

__________________

1 ـ في الأصل : الغافل ، وما أثبتناه من البحار.

2 ـ في البحار : خلقان لا يجتمعان.

3 ـ في البحار : فلا تجزعن.

٢٩٦

ولا يدفع الحزن قضاءً ، فليذهب أسفك ما هو نازل بك مكان ابنك ، والسلام »(1)

وقالعليه‌السلام : « الشهوة داء ، وعصيانها دواء ».

وقالعليه‌السلام : « من أحسن عبادة الله في شبيبته ، لقاه الله الحكمة عند شيبته ، قال الله تعالى :( ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما ) ثم قال تعالى :( وكذلك نجزي المحسنين ) (2) ».

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام يعزي قوماً : « عليكم بالصبر ، فإن به يأخذ الحازم ، وإليه يرجع الجازع ».

وقالعليه‌السلام : « أفضل رداء تردى به الحلم ، فإن لم تكن حليماً فتحلم ، فإنه من تشبّه بقوم أوشك أن يكون منهم ».

وقالعليه‌السلام : « الناس في الدنيا عاملان : عامل في الدنيا للدنيا ، قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى على من يخلف الفقر ، ويأمنه على نفسه ، فيفني عمره في منفعة غيره. وآخر عمل في الدنيا لما بعدها ، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمله ، فأصبح ملكاً لا يسأل الله تعالى شيئاً فيمنعه ».

وقالعليه‌السلام : « عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر الذي منه هرب ، وفاته الغنى الذي إياه طلب ، يعيش في الدنيا عيش الفقراء ، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء.

وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة وهو غداً جيفة ، وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله ، وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى من يموت ، وعجبت لمن أنكر النشأة الاخرة وهو يرى النشأة الأولى ، وعجبت لعامر الدنيا ـ دار الفناء ـ وهو نازل دار البقاء ».

وقالعليه‌السلام : « الفقيه كل الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله ، ولا يؤمنهم من مكر الله ، ولا يؤيسهم من روح الله ، ولا يرخص لهم في معاصي الله ».

__________________

1 ـ البحار 77 : 172 عن أعلام الدين ، من : وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « صنائع المعروف تقي مصارع السوء ».

2 ـ القصص 28 : 14.

٢٩٧

من كلام الامام الزكيّ أبي محمد الحسن عليعليهم‌السلام

قال : « المصائب مفاتيح الأجر ».

وقالعليه‌السلام : « تجهل النعم ما أقامت ، فإذا ولّت عرفت ».

وقال : « إذا سمعت أحداً يتناول أعراض الناس ، فاجهد أن لا يعرفك ، فإن أشق الناس به معارفه ».

وقال : « عليكم بالفكر ، فإنه حياة قلب البصير ، ومفاتيح أبواب الحكمة ».

وقال : « أوسع ما يكون الكريم بالمغفرة إذا ضاقت بالمذنب المعذرة ».

وقيل لهعليه‌السلام : فيك عظمة ، قال : « لا ، بل فيَّ عزة ، قال الله تعالى :( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) (1) ».

وقال : « صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به ».

وكان يقول : « ابن آدم ، إنّك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمك ، فخذ ممّا في يديك لما بين يديك ، فإن المؤمن يتزود ، والكافر يتمتع ، وكان يتلو(2) مع هذه الموعظة :( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) »(3) (4) .

* * *

__________________

1 ـ المنافقون 63 : 8.

2 ـ في البحار : ينادي.

3 ـ البقرة 2 : 197.

4 ـ البحار 78 : 115 / 12 عن أعلام الدين وفيه من قولهعليه‌السلام : « المصائب مفاتيح الأجر ».

٢٩٨

ومن كلام الحسين عليه السلام

قالعليه‌السلام : « اعلموا أن حوائج الناس إليكم ، من نعم الله عليكم ، فلا تملّوا النعم فتتحول إلى غيركم ، واعلموا أن المعروف مكسب حمداً ، ومعقب أجراً ، فلو رأيتم المعروف رجلاً لرأيتموه حسناً جميلاً ، يسر الناظرين ويفوق العالمين ، ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجاً(1) قبيحاً مشوماً(2) ، تنفر منه القلوب ، وتغضّ دونه الأبصار ، ومن نفس كربة مؤمن فرّج الله تعالى عنه كرب الدنيا والاخرة ، ومن أحسن أحسن الله إليه ، والله يحب المحسنين ».

وتذاكروا العقل عند معاوية ، فقال الحسينعليه‌السلام : « لا يكل العقل إلا باتباع الحق ».

فقال معاوية : ما في صدوركم إلا شيء واحد.

وقالعليه‌السلام : « لاتصفنّ لملك دواءً ، فإن نفعه لم يحمدك ، وإن ضره اتهمك ».

وقالعليه‌السلام : « ربَّ ذنب أحسن من الاعتذار منه ».

وقال : « مالك إن يكن لك كنت له منفقاً ، فلا تبقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك ، وتكون أنت المطالب به المأخوذ بحسابه واعلم أنك لا تبقى له ، ولا يبقى عليك ، فكله قبل أن يأكلك ».

وكانعليه‌السلام يرتجز يوم قُتل ويقول :

الموتُ خير من ركوب العارِ

والعارُ خيرٌ من دخولِ النارِ

 وَالله ما هذا وهذا جاري

وقال : « العلم لقاح المعرفة ، وطول التجارب زيادة في العقل ، والشرف التقوى ، والقنوع راحة اللأبدان ، ومن أحبك نهاك ، ومن أبغضك أغراك ».

وقال : « من أحجم عن الرأي وعييت به الحيل ، كان الرفق مفتاحه »(3) .

__________________

1 ـ في الأصل : شمخاً ، وما أثبتناه من البحار ، وسمج الشي سماجة : قبح « مجمع البحرين ـ سمج ـ 2 : 310 ».

2 ـ في البحار : مشوهاً.

3 ـ البحار 78 : 127 / 11 عن أعلام الدين ، من قولهعليه‌السلام : « أعلموا أن حوائج الناس ».

٢٩٩

من كلام علي بن الحسين عليه السلام

« لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال : شهادة ألاّ إله إلا الله وحده لا شْريك له ، وِشفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسعة رحمة الله ».

وقالعليه‌السلام : « خف الله تعالى لقدرته عليك ، واستحي منه لقربه منك »

وقالعليه‌السلام : « لا تعادين أحداً وإن ظننت بأنه لا يضرك ، ولا تزهدن في صداقة أحد وإن ظننت أنه لا ينفعك ، فإنه لا تدري متى تخاف عدوك ، ومتى ترجو صديقك ».

« وإذا صليت فصلّ صلاة مودع ».

وقالعليه‌السلام [ في ](1) جواب من قال : إن معاوية يسكته الحلم وينطقه العلم ، فقال : « بل كان يسكته الحصر(2) وينطقه البطر ».

وقالعليه‌السلام : « لكل شيء فاكهة ، وفاكهة السمع الكلاَم الحسن ».

وقالعليه‌السلام : « من رمى الناس بما فيهم ، رموه بما ليس فيه ، ومن لم يعرف دأءه أفسده دواءه ».

وقالعليه‌السلام : « سبب الرفعة التواضع ».

وقد قيل : التواضع مصائد الشرف.

وقالعليه‌السلام لولده محمد الباقرعليه‌السلام : « كفّ الأذى ، وافض الندى(3) ، واستعن على الكلام بالسكوت ، فإنّ للقول حالات تضر ، فاحذر الأحمق ».

وقال : « لا تمتنع من ترك القبيح وإن كنت قد عرفت به ، ولا تزهد في مراجعة الجميل(4) وإن كنت قد شهرت بخلافه ، وإياك والرضا بالذنب ، فإنه أعظم من ركوبه ، والشرف في التواضع ، والغنى في القناعة ».

__________________

1 ـ أثبتناه من البحار.

2 ـ الحصر : العي عن الكلام « الصحاح ـ حصر ـ 2 : 631 ».

3 ـ في البحار : رفض البذاء.

4 ـ في البحار : الجهل.

٣٠٠