كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٥

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 297

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 297
المشاهدات: 42532
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 297 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42532 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 15

مؤلف:
العربية

و قال الشعبي لو ولد لي مائة ابن لسميتهم كلهم عبد الرحمن للذي رأيت في قريش من أصحاب هذا الاسم ثم عد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص فأما عبد الرحمن بن عتاب فإنه صاحب الخيل يوم الجمل و هو صاحب الكف و الخاتم و هو الذي مر به علي و هو قتيل فقال لهفي عليك يعسوب قريش هذا اللباب المحض من بني عبد مناف فقال له قائل لشد ما أتيته اليوم يا أمير المؤمنين قال إنه قام عني و عنه نسوة لم يقمن عنك.قالوا و لنا من الخطباء معاوية بن أبي سفيان أخطب الناس قائما و قاعدا و على منبر و في خطبة نكاح و قال عمر بن الخطاب ما يتصعدني شي‏ء من الكلام كما يتصعدني خطبة النكاح و قد يكون خطيبا من ليس عنده في حديثه و وصفه للشي‏ء احتجاجه في الأمر لسان بارع و كان معاوية يجري مع ذلك كله.قالوا و من خطبائنا يزيد بن معاوية كان أعرابي اللسان بدوي اللهجة قال معاوية و خطب عنده خطيب فأجاد لأرمينه بالخطيب الأشدق يريد يزيد بن معاوية.و من خطبائنا سعيد بن العاص لم يوجد كتحبيره تحبير و لا كارتجاله ارتجال.و منا عمرو بن سعيد الأشدق لقب بذلك لأنه حيث دخل على معاوية و هو غلام بعد وفاة أبيه فسمع كلامه فقال إن ابن سعيد هذا الأشدق.و قال له معاوية إلى من أوصى بك أبوك قال إن أبي أوصى إلي و لم يوص بي قال فبم أوصى إليك قال ألا يفقد إخوانه منه إلا وجهه.قالوا و منا سعيد بن عمرو بن سعيد خطيب ابن خطيب ابن خطيب تكلم الناس عند عبد الملك قياما و تكلم قاعدا قال عبد الملك فتكلم و أنا و الله أحب عثرته و إسكاته فأحسن حتى استنطقته و استزدته و كان عبد الملك خطيبا خطب

٢٦١

الناس مرة فقال ما أنصفتمونا معشر رعيتنا طلبتم منا أن نسير فيكم و في أنفسنا سيرة أبي بكر و عمر في أنفسهما و رعيتهما و لم تسيروا فينا و لا في أنفسكم سيرة رعية أبي بكر و عمر فيهما و في أنفسهما و لكل من النصفة نصيب قالوا فكانت خطبته نافعة.قالوا و لنا زياد و عبيد الله بن زياد و كانا غنيين في صحة المعاني و جودة اللفظ و لهما كلام كثير محفوظ قالوا و من خطبائنا سليمان بن عبد الملك و الوليد بن يزيد بن عبد الملك.و من خطبائنا و نساكنا يزيد بن الوليد الناقص قال عيسى بن حاضر قلت لعمرو بن عبيد ما قولك في عمر بن عبد العزيز فكلح ثم صرف وجهه عني قلت فما قولك في يزيد الناقص فقال أو الكامل قال بالعدل و عمل بالعدل و بذل نفسه و قتل ابن عمه في طاعة ربه و كان نكالا لأهله و نقص من أعطياتهم ما زادته الجبابرة و أظهر البراءة من آبائه و جعل في عهده شرطا و لم يجعله جزما لا و الله لكأنه ينطق عن لسان أبي سعيد يريد الحسن البصري قال و كان الحسن من أنطق الناس.قالوا و قد قرئ في الكتب القديمة يا مبذر الكنوز يا ساجدا بالأسحار كانت ولايتك رحمة بهم و حجة عليهم قالوا هو يزيد بن الوليد.و من خطبائنا ثم من ولد سعيد بن العاص عمرو بن خولة كان ناسبا فصيحا خطيبا.و قال ابن عائشة الأكبر ما شهد خطيبا قط إلا و لجلج هيبة له و معرفة بانتقاده.و من خطبائنا عبد الله بن عامر و عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر و كانا من أكرم الناس و أبين الناس كان مسلمة بن عبد الملك يقول إني لأنحي كور عمامتي على أذني لأسمع كلام عبد الأعلى.

٢٦٢

و كانوا يقولون أشبه قريش نعمة و جهارة و اقتدارا و بيانا بعمرو بن سعيد عبد الأعلى بن عبد الله.قالوا و من خطبائنا و رجالنا الوليد بن عبد الملك و هو الذي كان يقال له فحل بني مروان كان يركب معه ستون رجلا لصلبه.و من ذوي آدابنا و علمائنا و أصحاب الأخبار و رواية الأشعار و الأنساب بشر بن مروان أمير العراق.قالوا و نحن أكثر نساكا منكم منا معاوية بن يزيد بن معاوية و هو الذي قيل له في مرضه الذي مات فيه لو أقمت للناس ولي عهد قال و من جعل لي هذا العهد في أعناق الناس و الله لو لا خوفي الفتنة لما أقمت عليها طرفة عين و الله لا أذهب بمرارتها و تذهبون بحلاوتها فقالت له أمه لوددت أنك حيضة قال أنا و الله وددت ذلك.قالوا و منا سليمان بن عبد الملك الذي هدم الديماس و رد المسيرين و أخرج المسجونين و ترك القريب و اختار عمر بن عبد العزيز و كان سليمان جوادا خطيبا جميلا صاحب سلامة و دعة و حب للعافية و قرب من الناس حتى سمي المهدي و قيلت الأشعار في ذلك.قالوا و لنا عمر بن عبد العزيز شبه عمر بن الخطاب قد ولده عمر و باسمه سمي و هو أشج قريش المذكور في الآثار المنقولة في الكتب العدل في أشد الزمان و ظلف نفسه بعد اعتياد النعم حتى صار مثلا و مفخرا و قيل للحسن أ ما رويت

أن رسول الله ص قال لا يزداد الزمان إلا شدة و الناس إلا شحا و لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق قال بلى قيل فما بال عمر بن عبد العزيز و عدله

٢٦٣

و سيرته فقال لا بد للناس من متنفس و كان مذكورا مع الخطباء و مع النساك و مع الفقهاء قالوا و لنا ابنه عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز كان ناسكا زكيا طاهرا و كان من أتقى الناس و أحسنهم معونة لأبيه و كان كثيرا ما يعظ أباه و ينهاه.قالوا و لنا من لا نظير له في جميع أموره و هو صاحب الأعوص إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص و هو الذي قال فيه عمر بن عبد العزيز لو كان إلي من الأمر شي‏ء لجعلتها شورى بين القاسم بن محمد و سالم بن عبد الله و صاحب الأعوص.قالوا و من نساكنا أبو حراب من بني أمية الصغرى أ داود بن علي و من نساكنا يزيد بن محمد بن مروان كان لا يهدب ثوبا و لا يصبغه و لا يتخلق بخلوق و لا اختار طعاما على طعام ما أطعم أكله و كان يكره التكلف و ينهى عنه.قالوا و من نساكنا أبو بكر بن عبد العزيز بن مروان أراد عمر أخوه أن يجعله ولي عهده لما رأى من فضله و زهده فسما فيهما جميعا.و من نساكنا عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان كان يصلي كل يوم ألف ركعة و كان كثير الصدقة و كان إذا تصدق بصدقة قال اللهم إن هذا لوجهك فخفف عني الموت فانطلق حاجا ثم تصبح بالنوم فذهبوا ينبهونه للرحيل فوجدوه ميتا فأقاموا عليه المأتم بالمدينة و جاء أشعب فدخل إلى المأتم و على رأسه كبة من طين فالتدم مع النساء و كان إليه محسنا.و من نساكنا عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

٢٦٤

قالوا فنحن نعد من الصلاح و الفضل ما سمعتموه و ما لم نذكره أكثر و أنتم تقولون أمية هي الشجرة الملعونة في القرآن و زعمتم أن الشجرة الخبيثة لا تثمر الطيب كما أن الطيب لا يثمر الخبيث فإن كان الأمر كما تقولون فعثمان بن عفان ثمرة خبيثة.و ينبغي أن يكون النبي ص دفع ابنتيه إلى خبيث و كذلك يزيد بن أبي سفيان صاحب مقدمة أبي بكر الصديق على جيوش الشام و ينبغي لأبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله ص أن يكون كذلك و ينبغي لمحمد بن عبد الله المدبج أن يكون كذلك و إن ولدته فاطمة ع لأنه من بني أمية و كذلك عبد الله بن عثمان بن عفان سبط رسول الله ص الذي مات بعد أن شدن و نقر الديك عينه فمات لأنه من بني أمية و كذلك ينبغي أن يكون عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية و إن كان النبي ص ولاه مكة أم القرى و قبلة الإسلام مع

قوله ع فتيان أضن بهما عن النار عتاب ابن أسيد و جبير بن مطعم و كذلك ينبغي أن يكون عمر بن عبد العزيز شبيه عمر بن الخطاب كذلك و كذلك معاوية بن يزيد بن معاوية و كذلك يزيد الناقص و ينبغي ألا يكون النبي ص عد عثمان في العشرة الذين بشرهم بالجنة و ينبغي أن يكون خالد بن سعيد بن العاص شهيد يوم مرج الصفر و الحبيس في سبيل الله و والي النبي ص على اليمن و والي أبي بكر على جميع أجناد الشام و رابع أربعة في الإسلام و المهاجر إلى أرض الحبشة كذلك و كذلك أبان بن سعيد بن العاص المهاجر إلى المدينة و القديم في الإسلام و الحبيس على الجهاد و يجب أن يكون ملعونا خبيثا و كذلك أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة و هو بدري من المهاجرين الأولين و كذلك أمامة بنت أبي العاص بن الربيع و أمها زينب بنت

٢٦٥

رسول الله ص و كذلك أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط و كان النبي ص يخرجها من المغازي و يضرب لها بسهم و يصافحها و كذلك فاطمة بنت أبي معيط و هي من مهاجرة الحبشة.قالوا و مما نفخر به و ليس لبني هاشم مثله إن منا رجلا ولي أربعين سنة منها عشرون سنة خليفة و هو معاوية بن أبي سفيان و لنا أربعة إخوة خلفاء الوليد و سليمان و هشام بنو عبد الملك و ليس لكم و يزيد إلا ثلاثة إخوة محمد و عبد الله و أبي إسحاق أولاد هارون.قالوا و منا رجل ولد سبعة من الخلفاء و هو عبد الله بن يزيد بن عبد الملك بن مروان أبوه يزيد بن عاتكة خليفة و جده عبد الملك خليفة و أبو جده مروان الحكم خليفة و جده من قبل عاتكة ابنة يزيد بن معاوية أبوها يزيد بن معاوية و هو خليفة و معاوية بن أبي سفيان و هو خليفة فهؤلاء خمسة و أم عبد الله هذا عاتكة بنت عبد الله بن عثمان بن عفان و حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب فهذان خليفتان فهذه سبعة من الخلفاء ولدوا هذا الرجل.قالوا و منا امرأة أبوها خليفة و جدها خليفة و ابنها خليفة و أخوها خليفة و بعلها خليفة فهؤلاء خمسة و هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أبوها يزيد بن معاوية خليفة و جدها معاوية بن أبي سفيان خليفة و ابنها يزيد بن عبد الملك بن مروان خليفة و أخوها معاوية بن يزيد خليفة و بعلها عبد الملك بن مروان خليفة.قالوا و من ولد المدبج محمد بن عبد الله الأصغر امرأة ولدها النبي ص و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير و هي عائشة بنت محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان و أمها خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير و أم عروة أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر الصديق و أم محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان و هو

٢٦٦

المدبج فاطمة بنت الحسين بن علي ع و أم الحسين بن علي ع فاطمة بنت رسول الله ص و أم فاطمة بنت الحسين بن علي ع أم إسحاق بنت طلحة بن عبد الله و أم عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ابنة عبد الله بن عمر بن الخطاب.قالوا و لنا في الجمال و الحسن ما ليس لكم منا المدبج و الديباج قيل ذلك لجماله.و منا المطرف و منا الأرجوان فالمطرف و هو عبد الله بن عمرو بن عثمان سمي المطرف لجماله و فيه يقول الفرزدق:

نما الفاروق أنك و ابن أروى

أبوك فأنت منصدع النهار

و المدبج هو الديباج كان أطول الناس قياما في الصلاة و هلك في سجن المنصور.قالوا و منا ابن الخلائف الأربعة دعي بذلك و شهر به و هو المؤمل بن العباس بن الوليد بن عبد الملك كان هو و أخوه الحارث ابني العباس بن الوليد من الفجاءة بنت قطري بن الفجاءة إمام الخوارج و كانت سبيت فوقعت إليه فلما قام عمر بن عبد العزيز أتت وجوه بني مازن و فيهم حاجب بن ذبيان المازني الشاعر فقال حاجب:

أتيناك زوارا و وفدا إلى التي

أضاءت فلا يخفى على الناس نورها

أبوها عميد الحي جمعا و أمها

من الحنظليات الكرام حجورها

فإن تك صارت حين صارت فإنها

إلى نسب زاك كرام نفيرها

فبعث عمر بن عبد العزيز إلى العباس بن الوليد إما أن تردها إلى أهلها و إما أن تزوجها فقال قائل ذات يوم للمؤمل يا ابن الخلائف الأربعة قال ويلك من الرابع

٢٦٧

قال قطري فأما الثلاثة فالوليد و عبد الملك و مروان و أما قطري فبويع بالخلافة و فيه يقول الشاعر

و أبو نعامة سيد الكفار

قالوا و من أين صار محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أحق بالدعوة و الخلافة من سائر إخوته و من أين كان له أن يضعها في بيته دون إخوته و كيف صار بنو الأخ أحق بها من الأعمام.و قالوا إن يكن هذا الأمر إنما يستحق بالميراث فالأقرب إلى العباس أحق و إن كان بالسن و التجربة فالعمومة بذلك أولى.قالوا فقد ذكرنا جملا من حال رجالنا في الإسلام و أما الجاهلية فلنا الأعياص و العنابس.و لنا ذو العصابة أبو أحيحة سعيد بن العاص كان إذا اعتم لم يعتم بمكة أحد و لنا حرب بن أمية رئيس يوم الفجار و لنا أبو سفيان بن حرب رئيس أحد و الخندق و سيد قريش كلها في زمانه.و قال أبو الجهم بن حذيفة العدوي لعمر حين رأى العباس و أبا سفيان على فراشه دون الناس ما نرانا نستريح من بني عبد مناف على حال قال عمر بئس أخو العشيرة أنت هذا عم رسول الله ص و هذا سيد قريش.

٢٦٨

قالوا و لنا عتبة بن ربيعة ساد مملقا و لا يكون السيد إلا مترفا لو لا ما رأوا عنده من البراعة و النبل و الكمال و هو الذي لما تحاكمت بجيلة و كلب في منافرة جرير و الفرافصة و تراهنوا بسوق عكاظ و صنعوا الرهن على يده دون جميع من شهد على ذلك المشهد و قال رسول الله ص و نظر إلى قريش مقبلة يوم بدر إن يكن منهم عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر و ما ظنك بشيخ طلبوا له من جميع العسكر عند المبارزة بيضة فلم يقدروا على بيضة يدخل رأسه فيها و قد قال الشاعر

و إنا أناس يملأ البيض هامنا

قالوا و أمية الأكبر صنفان الأعياص و العنابس قال الشاعر:

من الأعياص أو من آل حرب

أغر كغرة الفرس الجواد

سموا بذلك في حرب الفجار حين حفروا لأرجلهم الحفائر و ثبتوا فيها و قالوا نموت جميعا أو نظفر و إنما سموا بالعنابس لأنها أسماء الأسود و إنما سموا الأعياص لأنها أسماء الأصول فالعنابس حرب و سفيان و أبو سفيان و عمرو و الأعياص العيص و أبو العيص و العاص و أبو العاص و أبو عمرو و لم يعقب من العنابس إلا حرب و ما عقب الأعياص إلا العيص و لذلك كان معاوية يشكو القلة.قالوا و ليس لبني هاشم و المطلب مثل هذه القسمة و لا مثل هذا اللقب المشهور و هذا ما قالته أمية عن نفسها

٢٦٩

ذكر الجواب عما فخرت به بنو أمية

و نحن نذكر ما أجاب به أبو عثمان عن كلامهم و نضيف إليه من قبلنا أمورا لم يذكرها فنقول قالت هاشم أما ذكرتم من الدهاء و المكر فإن ذلك من أسماء فجار العقلاء و ليس من أسماء أهل الصواب في الرأي من العقلاء و الأبرار و قد بلغ أبو بكر و عمر من التدبير و صواب الرأي و الخبرة بالأمور العامة و ليس من أوصافهما و لا من أسمائهما أن يقال كانا داهيين و لا كانا مكيرين و ما عامل معاوية و عمرو بن العاص عليا ع قط بمعاملة إلا و كان علي ع أعلم بها منهما و لكن الرجل الذي يحارب و لا يستعمل إلا ما يجل له أقل مذاهب في وجوه الحيل و التدبير من الرجل الذي يستعمل ما يحل و ما لا يحل و كذلك من حدث و أخبر أ لا ترى أن الكذاب ليس لكذبه غاية و لا لما يولد و يصنع نهاية و الصدوق إنما يحدث عن شي‏ء معروف و معنى محدود و يدل على ما قلنا أنكم عددتم أربعة في الدهاء و ليس واحد منهم عند المسلمين في طريق المتقين و لو كان الدهاء مرتبة و المكر منزلة لكان تقدم هؤلاء الجميع السابقين الأولين عيبا شديدا في السابقين الأولين و لو أن إنسانا أراد أن يمدح أبا بكر و عمر و عثمان و عليا ثم قال الدهاة أربعة و عدهم لكان قد قال قولا مرغوبا عنه لأن الدهاء و المكر ليس من صفات الصالحين و إن علموا من غامض الأمور ما يجهله جميع العقلاء أ لا ترى أنه قد يحسن أن يقال كان رسول الله ص أكرم الناس و أحلم الناس و أجود الناس و أشجع الناس و لا يجوز أن يقال كان أمكر الناس و أدهى الناس و إن علمنا أن علمه قد أحاط بكل مكر و خديعة و بكل أدب و مكيدة.و أما ما ذكرتم من جود سعيد بن العاص و عبد الله بن عامر فأين أنتم من عبد الله بن جعفر و عبيد الله بن العباس و الحسن بن علي و أين أنتم من جود خلفاء بني

٢٧٠

العباس كمحمد المهدي و هارون و محمد بن زبيدة و عبد الله المأمون و جعفر المقتدر بل لعل جود بعض صنائع هؤلاء كبني برمك و بني الفرات أعظم من جود الرجلين اللذين ذكرتموهما بل من جميع ما جاء به خلفاء بني أمية.و أما ما ذكرتم من حلم معاوية فلو شئنا أن نجعل جميع ساداتنا حلماء لكانوا محتملين لذلك و لكن الوجه في هذا ألا يشتق للرجل اسم إلا من أشرف أعماله و أكرم أخلاقه و إلا أن يتبين بذلك عند أصحابه حتى يصير بذلك اسما يسمى و يصير معروفا به كما عرف الأحنف بالحلم و كما عرف حاتم بالجود و كذلك هرم قالوا هرم الجواد و لو قلتم كان أبو العاص بن أمية أحلم الناس لقلنا و لعله يكون قد كان حليما و لكن ليس كل حلم يكون صاحبه به مذكورا و من إشكاله بائنا و إنكم لتظلمون خصومكم في تسميتكم معاوية بالحلم فكيف من دونه لأن العرب تقول أحلم الحلمين ألا يتعرض ثم يحلم و لم يكن في الأرض رجل أكثر تعرضا من معاوية و التعرض هو السفه فإن ادعيتم أن الأخبار التي جاءت في تعرضه كلها باطلة فإن لقائل أن يقول و كل خبر رويتموه في حلمه باطل و لقد شهر الأحنف بالحلم و لكنه تكلم بكلام كثير يجرح في الحلم و يثلم في العرض و لا يستطيع أحد أن يحكي عن العباس بن عبد المطلب و لا عن الحسن بن علي بن أبي طالب لفظا فاحشا و لا كلمة ساقطة و لا حرفا واحدا مما يحكى عن الأحنف و معاوية.و كان المأمون أحلم الناس و كان عبد الله السفاح أحلم الناس و بعد فمن يستطيع أن يصف هاشما أو عبد المطلب بالحلم دون غيره من الأخلاق و الأفعال حتى يسميه بذلك و يخص به دون كل شي‏ء فيه من الفضل و كيف و أخلاقهم متساوية و كلها في الغاية و لو أن رجلا كان أظهر الناس زهدا و أصدقهم للعدو لقاء و أصدق الناس لسانا

٢٧١

و أجود الناس كفا و أفصحهم منطقا و كان بكل ذلك مشهورا لمنع بعض ذلك من بعض و لما كان له اسم السيد المقدم و الكامل المعظم و لم يكن الجواد أغلب على اسمه و لا البيان و لا النجدة.و أما ما ذكرتم من الخطابة و الفصاحة و السؤدد و العلم بالأدب و النسب فقد علم الناس أن بني هاشم في الجملة أرق ألسنة من بني أمية كان أبو طالب و الزبير شاعرين و كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شاعرا و لم يكن من أولاد أمية بن عبد شمس لصلبه شاعر و لم يكن في أولاد أمية إلا أن تعدوا في الإسلام العرجي من ولد عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن الحكم فنعد نحن الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب و عبد الله بن معاوية بن جعفر و لنا من المتأخرين محمد بن الحسين بن موسى المعروف بالرضي و أخوه أبو القاسم و لنا الحماني و علي بن محمد صاحب الزنج و كان إبراهيم بن الحسن صاحب باخمرى أديبا شاعرا فاضلا و لنا محمد بن علي بن صالح الذي خرج في أيام المتوكل.قال أبو الفرج الأصفهاني كان من فتيان آل أبي طالب و فتاكهم و شجعانهم و ظرافهم و شعرائهم و إن عددتم الخطابة و البيان و الفصاحة لم تعدوا كعلي بن أبي طالب ع و لا كعبد الله بن العباس و لنا من الخطباء زيد بن علي بن الحسين و عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر و جعفر بن الحسين بن الحسن و داود بن علي بن عبد الله بن العباس و داود و سليمان ابنا جعفر بن سليمان.قالوا كان جعفر بن الحسين بن الحسن ينازع زيد بن علي بن الحسين في الوصية

٢٧٢

و كان الناس يجتمعون ليستمعوا محاورتهما و كان سليمان بن جعفر بن سليمان بن علي والي مكة فكان أهل مكة يقولون لم يرد علينا أمير إلا و سليمان أبين منه قاعدا و أخطب منه قائما و كان داود إذا خطب اسحنفر فلم يرده شي‏ء.قالوا و لنا عبد الملك بن صالح بن علي كان خطيبا بليغا و سأله الرشيد و سليمان بن أبي جعفر و عيسى بن جعفر حاضران فقال له كيف رأيت أرض كذا قال مسافي ريح و منابت شيح قال فأرض كذا قال هضبات حمر و ربوات عفر حتى أتى على جميع ما سأله عنه فقال عيسى لسليمان و الله ما ينبغي لنا أن نرضى لأنفسنا بالدون من الكلام.قالوا و أما ما ذكرتم من نساك الملوك فلنا علي بن أبي طالب ع و بزهده و بدينه يضرب المثل و لنا محمد بن الواثق من خلفاء بني العباس و هو الملقب بالمهتدي كان يقول إني لآنف لبني العباس ألا يكون منهم مثل عمر بن عبد العزيز فكان مثله و فوقه و لنا القادر أبو العباس بن إسحاق بن المقتدر و لنا القائم عبد الله بن القادر كانا على قدم عظيمة من الزهد و الدين و النسك و إن عددتم النساك من غير الملوك فأين أنتم عن علي بن الحسين زين العابدين و أين أنتم عن علي بن عبد الله بن العباس و أين أنتم عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع الذي كان يقال له علي الخير و علي الأغر و علي العابد و ما أقسم على الله بشي‏ء إلا و أبر قسمه و أين أنتم عن موسى بن جعفر بن محمد و أين أنتم عن علي بن محمد الرضا لابس الصوف طول عمره مع سعة أمواله و كثرة ضياعه و غلاته.

٢٧٣

و أما ما ذكرتم من الفتوح فلنا الفتوح المعتصمية التي سارت بها الركبان و ضربت بها الأمثال و لنا فتوح الرشيد و لنا الآثار الشريفة في قتل بابك الخرمي بعد أن دامت فتنته في دار الإسلام نحو ثلاثين سنة و إن شئت أن تعد فتوح الطالبيين بإفريقية و مصر و ما ملكوه من مدن الروم و الفرنج و الجلالقة في سني ملكهم عددت الكثير الجم الذي يخرج عن الحصر و يحتاج إلى تاريخ مفرد يشتمل على جلود كثيرة.فأما الفقه و العلم و التفسير و التأويل فإن ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد و كان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب ع و عبد الله بن العباس و زيد بن علي و محمد بن علي ابني علي بن الحسين بن علي و جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه و فقهه و يقال إن أبا حنيفة من تلامذته و كذلك سفيان الثوري و حسبك بهما في هذا الباب و لذلك نسب سفيان إلى أنه زيدي المذهب و كذلك أبو حنيفة.و من مثل علي بن الحسين زين العابدين و قال الشافعي في الرسالة في إثبات خبر الواحد وجدت علي بن الحسين و هو أفقه أهل المدينة يعول على أخبار الآحاد.و من مثل محمد بن الحنفية و ابنه أبي هاشم الذي قرر علوم التوحيد و العدل و قالت المعتزلة غلبنا الناس كلهم بأبي هاشم الأول و أبي هاشم الثاني.و إن ذكرتم النجدة و البسالة و الشجاعة فمن مثل علي بن أبي طالب ع و قد وقع اتفاق أوليائه و أعدائه على أنه أشجع البشر.و من مثل حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله و من مثل الحسين بن علي ع قالوا يوم الطف ما رأينا مكثورا قد أفرد من إخوته و أهله و أنصاره أشجع منه كان كالليث المحرب يحطم الفرسان حطما و ما ظنك برجل أبت نفسه الدنية و أن يعطي

٢٧٤

بيده فقاتل حتى قتل هو و بنوه و إخوته و بنو عمه بعد بذل الأمان لهم و التوثقة بالأيمان المغلظة و هو الذي سن للعرب الإباء و اقتدى بعده أبناء الزبير و بنو المهلب و غيرهم.و من لكم مثل محمد و إبراهيم بن عبد الله و من لكم كزيد بن علي و قد علمتم كلمته التي قالها حيث خرج من عند هشام ما أحب الحياة إلا من ذل فلما بلغت هشاما قال خارج و رب الكعبة فخرج بالسيف و نهى عن المنكر و دعا إلى إقامة شعائر الله حتى قتل صابرا محتسبا.و قد بلغتكم شجاعة أبي إسحاق المعتصم و وقوفه في مشاهد الحرب بنفسه حتى فتح الفتوح الجليلة و بلغتكم شجاعة عبد الله بن علي و هو الذي أزال ملك بني مروان و شهد الحروب بنفسه و كذلك صالح بن علي و هو الذي اتبع مروان بن محمد إلى مصر حتى قتله.قالوا و إن كان الفضل و الفخر في تواضع الشريف و إنصاف السيد و سجاحة الخلق و لين الجانب للعشيرة و الموالي فليس لأحد من ذلك ما لبني العباس و لقد سألنا طارق بن المبارك و هو مولى لبني أمية و صنيعة من صنائعهم فقلنا أي القبيلتين أشد نخوة و أعظم كبرياء و جبرية أ بنو مروان أم بنو العباس فقال و الله لبنو مروان في غير دولتهم أعظم كبرياء من بني العباس في دولتهم و قد كان أدرك الدولتين و لذلك قال شاعرهم:

إذا نابه من عبد شمس رأيته

يتيه فرشحه لكل عظيم

٢٧٥

و إن تاه تياه سواهم فإنما

يتيه لنوك أو يتيه للوم

و من كلامهم من لم يكن من بني أمية تياها فهو دعي قالوا و إن كان الكبر مفخرا يمدح به الرجال و يعد من خصال الشرف و الفضل فمولانا عمارة بن حمزة أعظم كبرا من كل أموي كان و يكون في الدنيا و أخباره في كبره و تيهه مشهورة متعالمة.قالوا و إن كان الشرف و الفخر في الجمال و في الكمال و في البسطة في الجسم و تمام القوام فمن كان كالعباس بن عبد المطلب.قالوا رأينا العباس يطوف بالبيت و كأنه فسطاط أبيض.و من مثل علي بن عبد الله بن العباس و ولده و كان كل واحد منهم إذا قام إلى جنب أبيه كان رأسه عند شحمة أذنه و كانوا من أطول الناس و إنك لتجد ميراث ذلك اليوم في أولادهم.ثم الذي رواه أصحاب الأخبار و حمال الآثار في عبد المطلب من التمام و القوام و الجمال و البهاء و ما كان من لقب هاشم بالقمر لجماله و لأنهم يستضيئون برأيه و كما رواه الناس أن عبد المطلب ولد عشرة كان الرجل منهم يأكل في المجلس الجذعة و يشرب الفرق و ترد آنفهم قبل شفاههم و إن عامر بن مالك لما رآهم يطوفون بالبيت كأنهم جمال جون قال بهؤلاء تمنع مكة و تشرف مكة.و قد سمعتم ما ذكره الناس من جمال السفاح و حسنه و كذلك المهدي و ابنه هارون الرشيد و ابنه محمد بن زبيدة و كذلك هارون الواثق و محمد المنتصر و الزبير المعتز.

٢٧٦

قالوا ما رئي في العرب و لا في العجم أحسن صورة منه و كان المكتفي علي بن المعتضد بارع الجمال و لذلك قال الشاعر يضرب المثل به:

و الله لا كلمته و لو أنه

كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي

فجعله ثالث القمرين و كان الحسن بن علي ع أصبح الناس وجها كان يشبه برسول الله ص و كذلك عبد الله بن الحسن المحض.قالوا و لنا ثلاثة في عصر بنو عم كلهم يسمى عليا و كلهم كان يصلح للخلافة بالفقه و النسك و المركب و الرأي و التجربة و الحال الرفيعة بين الناس علي بن الحسين بن علي و علي بن عبد الله بن العباس و علي بن عبد الله بن جعفر كل هؤلاء كان تاما كاملا بارعا جامعا و كانت لبابة بنت عبد الله بن العباس عند علي بن عبد الله بن جعفر قالت ما رأيته ضاحكا قط و لا قاطبا و لا قال شيئا احتاج إلى أن يعتذر منه و لا ضرب عبدا قط و لا ملكه أكثر من سنة.قالوا و بعد هؤلاء ثلاثة بنو عم و هم بنو هؤلاء الثلاثة و كلهم يسمى محمدا كما أن كل واحد من أولئك يسمى عليا و كلهم يصلح للخلافة بكرم النسب و شرف الخصال محمد بن علي بن الحسين بن علي و محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر.قالوا كان محمد بن علي بن الحسين لا يسمع المبتلى الاستعاذة و كان ينهى الجارية و الغلام أن يقولا للمسكين يا سائل و هو سيد فقهاء الحجاز و منه و من ابنه جعفر تعلم الناس الفقه و هو الملقب بالباقر باقر العلم لقبه به رسول الله ص و لم يخلق بعد و بشر به و وعد جابر بن عبد الله برؤيته و قال ستراه طفلا فإذا رأيته فأبلغه عني السلام فعاش جابر حتى رآه و قال له ما وصى به.

٢٧٧

و توعد خالد بن عبد الله القسري هشام بن عبد الملك في رسالة له إليه و قال و الله إني لأعرف رجلا حجازي الأصل شامي الدار عراقي الهوى يريد محمد بن علي بن عبد الله بن العباس.قالوا و أما ما ذكرتم من أمر عاتكة بنت يزيد بن معاوية فإنا نذكر فاطمة بنت رسول الله ص و هي سيدة نساء العالمين و أمها خديجة سيدة نساء العالمين و بعلها علي بن أبي طالب سيد المسلمين كافة و ابن عمها جعفر ذو الجناحين و ذو الهجرتين و ابناها الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة و جدهما أبو طالب بن عبد المطلب أشد الناس عارضة و شكيمة و أجودهم رأيا و أشهمهم نفسا و أمنعهم لما وراء ظهره منع النبي ص من جميع قريش ثم بني هاشم و بني المطلب ثم منع بني إخوانه من بني أخواته من بني مخزوم الذين أسلموا و هو أحد الذين سادوا مع الإقلال و هو مع هذا شاعر خطيب و من يطيق أن يفاخر بني أبي طالب و أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم و هي أول هاشمية ولدت لهاشمي و هي التي ربي رسول الله في حجرها و كان يدعوها أمي و نزل في قبرها و كان يوجب حقها كما يوجب حق الأم من يستطيع أن يسامي رجالا ولدهم هاشم مرتين من قبل أبيهم و من قبل أمهم قالوا و من العجائب أنها ولدت أربعة كل منهم أسن من الآخر بعشر سنين طالب و عقيل و جعفر و علي.و من الذي يعد من قريش أو من غيرهم ما يعده الطالبيون عشرة في نسق كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاك فمنهم خلفاء و منهم مرشحون ابن ابن ابن ابن هكذا إلى عشرة و هم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ع و هذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب و لا من بيوت العجم.

٢٧٨

قالوا فإن فخرتم بأن منكم اثنتين من أمهات المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان و زينب بنت جحش و فزينب امرأة من بني أسد بن خزيمة ادعيتموه بالحلف لا بالولادة و فينا رجل ولدته أمان من أمهات المؤمنين محمد بن عبد الله بن الحسن المحض ولدته خديجة أم المؤمنين و أم سلمة أم المؤمنين و ولدته مع ذلك فاطمة بنت الحسين بن علي و فاطمة سيدة نساء العالمين ابنة رسول الله ص و فاطمة بنت أسد بن هاشم و كان يقال خير النساء الفواطم و العواتك و هن أمهاته.قالوا و نحن إذا ذكرنا إنسانا فقبل أن نعد من ولده نأتي به شريفا في نفسه مذكورا بما فيه دون ما في غيره قلتم لنا عاتكة بنت يزيد و عاتكة في نفسها كامرأة من عرض قريش ليس فيها في نفسها خاصة أمر تستوجب به المفاخرة و نحن نقول منا فاطمة و فاطمة سيدة نساء العالمين و كذلك أمها خديجة الكبرى و إنما تذكران مع مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم اللتين ذكرهما النبي ص و ذكر إحداهما القرآن و هن المذكورات من جميع نساء العالم من العرب و العجم.و قلتم لنا عبد الله بن يزيد بن عبد الملك بن مروان ولده سبعة من الخلفاء و عبد الله هذا في نفسه ليس هناك و نحن نقول منا محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم كلهم سيد و أمه العالية بنت عبيد الله بن العباس و إخوته داود و صالح و سليمان و عبد الله رجال كلهم أغر محجل ثم ولدت الرؤساء إبراهيم الإمام و أخويه أبا العباس و أبا جعفر و من جاء بعدهما من خلفاء بني العباس.و قلتم منا عبد الله بن يزيد و قلنا منا الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة

٢٧٩

و أولى الناس بكل مكرمة و أطهرهم طهارة مع النجدة و البصيرة و الفقه و الصبر و الحلم و الأنف و أخوه الحسن سيد شباب أهل الجنة و أرفع الناس درجة و أشبههم برسول الله خلقا و خلقا و أبوهما علي بن أبي طالب قال شيخنا أبو عثمان و هو الذي ترك وصفه أبلغ في وصفه إذ كان هذا الكتاب يعجز عنه و يحتاج إلى كتاب يفرد له و عمهما ذو الجناحين و أمهما فاطمة و جدتهما خديجة و أخوالهما القاسم و عبد الله و إبراهيم و خالاتهما زينب و رقية و أم كلثوم و جدتاهما آمنة بنت وهب والدة رسول الله ص و فاطمة بنت أسد بن هاشم و جدهما رسول الله ص المخرس لكل فاخر و الغالب لكل منافر قل ما شئت و اذكر أي باب شئت من الفضل فإنك تجدهم قد حووه.و قالت أمية نحن لا ننكر فخر بني هاشم و فضلهم في الإسلام و لكن لا فرق بيننا في الجاهلية إذ كان الناس في ذلك الدهر لا يقولون هاشم و عبد شمس و لا هاشم و أمية بل يقولون كانوا لا يزيدون في الجميع على عبد مناف حتى كان أيام تميزهم في أمر علي و عثمان في الشورى ثم ما كان في أيام تحزبهم و حربهم مع علي و معاوية.و من تأمل الأخبار و الآثار علم أنه ما كان يذكر فرق بين البيتين و إنما يقال بنو عبد مناف أ لا ترى أن أبا قحافة سمع رجة شديدة و أصواتا مرتفعة و هو يومئذ شيخ كبير مكفوف فقال ما هذا قالوا قبض رسول الله ص قال فما صنعت قريش قالوا ولوا الأمر ابنك قال و رضيت بذلك بنو عبد مناف قالوا نعم قال و رضي بذلك بنو المغيرة قالوا نعم قال فلا مانع لما أعطى الله و لا معطي

٢٨٠