كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٥

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 297

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 297
المشاهدات: 42531
تحميل: 4293


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 297 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 42531 / تحميل: 4293
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 15

مؤلف:
العربية

الخزاعية سلمت على قبر حمزة يوما و معي أخت لي فسمعنا من القبر قائلا يقول و عليكما السلام ورحمه‌الله قالت و لم يكن قربنا أحد من الناس

قال الواقدي فلما فرغ رسول الله ص من دفنهم دعا بفرسه فركبه و خرج المسلمون حوله عامتهم جرحى و لا مثل بني سلمة و بني عبد الأشهل فلما كانوا بأصل الحرة قال اصطفوا فاصطفت الرجال صفين و خلفهم النساء و عدتهن أربع عشرة امرأة فرفع يديه فدعا فقال اللهم لك الحمد كله اللهم لا قابض لما بسطت و لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت و لا هادي لمن أضللت و لا مضل لمن هديت و لا مقرب لما باعدت و لا مباعد لما قربت اللهم إني أسألك من بركتك و رحمتك و فضلك و عافيتك اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول و لا يزول اللهم إني أسألك الأمن يوم الخوف و الغناء يوم الفاقة عائذا بك اللهم من شر ما أعطيت و من شر ما منعت اللهم توفنا مسلمين اللهم حبب إلينا الإيمان و زينه في قلوبنا و كره إلينا الكفر و الفسوق و العصيان و اجعلنا من الراشدين اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك و يصدون عن سبيلك اللهم أنزل عليهم رجسك و عذابك إله الحق آمين.قال الواقدي و أقبل حتى نزل ببني حارثة يمينا حتى طلع على بني عبد الأشهل و هم يبكون على قتلاهم فقال لكن حمزة لا بواكي له فخرج النساء ينظرن إلى سلامة رسول الله ص فخرجت إليه أم عامر الأشهلية و تركت النوح فنظرت إليه و عليه الدرع كما هي فقالت كل مصيبة بعدك جلل و خرجت كبشة بنت عتبة بن معاوية بن بلحارث بن الخزرج تعدو نحو رسول الله ص و هو واقف على فرسه و سعد بن معاذ آخذ بعنان فرسه فقال سعد يا رسول الله أمي فقال مرحبا بها فدنت حتى تأملته و قالت إذ رأيتك سالما فقد شفت المصيبة فعزاها بعمرو

٤١

بن معاذ ثم قال يا أم سعد أبشري و بشري أهليهم أن قتلاهم قد ترافقوا في الجنة جميعا و هم اثنا عشر رجلا و قد شفعوا في أهليهم فقالت رضينا يا رسول الله و من يبكي عليهم بعد هذا ثم قالت يا رسول الله ادع لمن خلفوا فقال اللهم أذهب حزن قلوبهم و آجر مصيبتهم و أحسن الخلف على من خلفوا ثم قال لسعد بن معاذ حل أبا عمرو الدابة فحل الفرس و تبعه الناس فقال يا أبا عمرو إن الجراح في أهل دارك فاشية و ليس منهم مجروح إلا يأتي يوم القيامة جرحه كأغزر ما كان اللون لون دم و الريح ريح مسك فمن كان مجروحا فليقر في داره و ليداو جرحه و لا تبلغ معي بيتي عزمة مني فنادى فيهم سعد عزمة من رسول الله ص ألا يتبعه جريح من بني عبد الأشهل فتخلف كل مجروح و باتوا يوقدون النيران و يداوون الجراح و إن فيهم لثلاثين جريحا و مضى سعد بن معاذ مع رسول الله ص إلى بيته ثم رجع إلى نسائه فساقهن فلم تبق امرأة إلا جاء بها إلى بيت رسول الله ص فبكين بين المغرب و العشاء و قام رسول الله ص حين فرغ من النوم لثلث الليل فسمع البكاء فقال ما هذا قيل نساء الأنصار يبكين على حمزة فقال رضي الله تعالى عنكن و عن أولادكن و أمر النساء أن يرجعن إلى منازلهن قالت أم سعد بن معاذ فرجعنا إلى بيوتنا بعد ليل و معنا رجالنا فما بكت منا امرأة قط إلا بدأت بحمزة إلى يومنا هذا و يقال إن معاذ بن جبل جاء بنساء بني سلمة و جاء عبد الله بن رواحة بنساء بلحارث بن الخزرج فقال رسول الله ص ما أردت هذا و نهاهن الغد عن النوح أشد النهي.قال الواقدي و جعل ابن أبي و المنافقون معه يشمتون و يسرون بما أصاب المسلمين و يظهرون أقبح القول و رجع عبد الله بن أبي إلى ابنه و هو جريح فبات يكوي الجراحة بالنار حتى ذهب عامة الليل و أبوه يقول ما كان خروجك مع محمد إلى هذا

٤٢

الوجه برأيي عصاني محمد و أطاع الولدان و الله لكأني كنت أنظر إلى هذا فقال ابنه الذي صنع الله لرسوله و للمسلمين خير إن شاء الله قال و أظهرت اليهود القول السيئ و قالوا ما محمد إلا طالب ملك ما أصيب هكذا نبي قط في بدنه و أصيب في أصحابه و جعل المنافقون يخذلون عن رسول الله ص و أصحابه و يأمرونهم بالتفرق عنه و قالوا لأصحاب النبي ص لو كان من قتل منكم عندنا ما قتل حتى سمع عمر بن الخطاب ذلك في أماكن فمشى إلى رسول الله ص يستأذنه في قتل من سمع ذلك منهم من اليهود و المنافقين فقال له يا عمر إن الله مظهر دينه و معز نبيه و لليهود ذمة فلا أقتلهم قال فهؤلاء المنافقون يا رسول الله يقولون فقال أ ليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله قال بلى و إنما يفعلون تعوذا من السيف و قد بان لنا أمرهم و أبدى الله أضغانهم عند هذه النكبة فقال إني نهيت عن قتل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله يا ابن الخطاب إن قريشا لن ينالوا ما نالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن.و روى ابن عباس أن النبي ص قال إخوانكم لما أصيبوا بأحد جعلت أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة فتأكل من ثمارها و تأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مطعمهم و مشربهم و رأوا حسن منقلبهم قالوا ليت إخواننا يعلمون بما أكرمنا الله و بما نحن فيه لئلا يزهدوا في الجهاد و يكلوا عند الحرب فقال لهم الله تعالى أنا أبلغهم عنكم فأنزل( وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )

٤٣

القول فيما جرى للمشركين بعد انصرافهم إلى مكة

قال الواقدي حدثني موسى بن شيبة عن قطن بن وهيب الليثي قال لما تحاجز الفريقان و وجه قريش إلى مكة و امتطوا الإبل و جنبوا الخيل سار وحشي عبد جبير بن مطعم على راحلته أربعا فقدم مكة يبشر قريشا بمصاب المسلمين فانتهى إلى الثنية التي تطلع على الحجون فنادى بأعلى صوته يا معشر قريش مرارا حتى ثاب الناس إليه و هم خائفون أن يأتيهم بما يكرهون فلما رضي منهم قال أبشروا فقد قتلنا من أصحاب محمد مقتلة لم نقتل مثلها في زحف قط و جرحنا محمدا فأثبتناه بالجراح و قتلنا رأس الكتيبة حمزة بن عبد المطلب فتفرق الناس عنه في كل وجه بالشماتة بقتل أصحاب النبي ص و إظهار السرور و خلا جبير بن مطعم بوحشي فقال أنظر ما تقول قال وحشي قد و الله صدقت قال قتلت حمزة قال إي و الله و لقد زرقته بالمزراق في بطنه فخرج من بين فخذيه ثم نودي فلم يجب فأخذت كبده و حملتها إليك لتراها فقال أذهبت حزن نسائنا و بردت حر قلوبنا فأمر يومئذ نساءه بمراجعة الطيب و الدهن.قال الواقدي و قد كان عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي لما انكشف المشركون بأحد في أول الأمر خرج هاربا على وجهه و كره أن يقدم مكة فقدم الطائف فأخبر ثقيفا أن أصحاب محمد قد ظفروا و انهزمنا و كنت أول من قدم عليكم ثم جاءهم الخبر بعد أن قريشا ظفرت و عادت الدولة لها.قال الواقدي فسارت قريش قافلة إلى مكة فدخلتها ظافرة فكان ما دخل على قلوبهم من السرور يومئذ نظير ما دخل عليهم من الكئابة و الحزن يوم بدر و كان ما دخل

٤٤

على قلوب المسلمين من الغيظ و الحزن يومئذ نظير ما دخل عليهم من السرور و الجذل يوم بدر كما قال الله تعالى( وَ تِلْكَ اَلْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ اَلنَّاسِ ) و قال سبحانه( أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) قال يعني إنكم يوم بدر قتلتم من قريش سبعين و أسرتم سبعين و أما يوم أحد فقتل منكم سبعون و لم يؤسر منكم أحد فقد أصبتم قريشا بمثلي ما أصابوكم يوم أحد و قوله( أَنَّى هذا ) أي كيف هذا و نحن موعودون بالنصر و نزول الملائكة و فينا نبي ينزل عليه الوحي من السماء فقال لهم في الجواب( هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) يعني الرماة الذين خالفوا الأمر و عصوا الرسول و إنما كان النصر و نزول الملائكة مشروطا بالطاعة و إلا يعصى أمر الرسول أ لا ترى إلى قوله( بَلى‏ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا وَ يَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ اَلْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ) فعلقه على الشرط

القول في مقتل أبي عزة الجمحي و معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

قال الواقدي أما أبو عزة و اسمه عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح فإن رسول الله ص أخذه أسيرا يوم أحد و لم يؤخذ يوم أحد أسير غيره فقال يا محمد من علي

فقال رسول الله ص إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين لا ترجع إلى مكة تمسح عارضيك فتقول سخرت بمحمد مرتين ثم أمر عاصم بن ثابت فضرب عنقه.

٤٥

قال الواقدي و قد سمعنا في أسره غير هذا حدثني بكير بن مسمار قال لما انصرف المشركون عن أحد نزلوا بحمراء الأسد في أول الليل ساعة ثم رحلوا و تركوا أبا عزة مكانه حتى ارتفع النهار فلحقه المسلمون و هو مستنبه يتلدد و كان الذي أخذه عاصم بن ثابت فأمره النبي ص فضرب عنقه.قلت و هذه الرواية هي الصحيحة عندي لأن المسلمين لم تكن حالهم يوم أحد حال من يتهيأ له أسر أحد من المشركين في المعركة لما أصابهم من الوهن.فأما معاوية بن المغيرة فروى البلاذري أنه هو الذي جدع أنف حمزة و مثل به و أنه انهزم يوم أحد فمضى على وجهه فبات قريبا من المدينة فلما أصبح دخل المدينة فأتى منزل عثمان بن عفان بن أبي العاص و هو ابن عمه لحا فضرب بابه فقالت أم كلثوم زوجته و هي ابنة رسول الله ص ليس هو هاهنا فقال ابعثي إليه فإن له عندي ثمن بعير ابتعته منه عام أول و قد جئته به فإن لم يجئ ذهبت فأرسلت إليه و هو عند رسول الله ص فلما جاء قال لمعاوية أهلكتني و أهلكت نفسك ما جاء بك قال يا ابن عم لم يكن أحد أقرب إلي و لا أمس رحما بي منك فجئتك لتجيرني فادخله عثمان داره و صيره في ناحية منها ثم خرج إلى النبي ص ليأخذ له منه أمانا فسمع رسول الله ص يقول إن معاوية في المدينة و قد أصبح بها فاطلبوه فقال بعضهم ما كان ليعدو منزل عثمان فاطلبوه به فدخلوا منزل عثمان فأشارت أم كلثوم إلى الموضع الذي صيره فيه فاستخرجوه من تحت خمارة لهم فانطلقوا به إلى النبي ص فقال عثمان حين رآه و الذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأطلب له الأمان فهبه لي فوهبه له و أجله ثلاثا

٤٦

و أقسم لئن وجده بعدها يمشي في أرض المدينة و ما حولها ليقتلنه و خرج عثمان فجهزه و اشترى له بعيرا ثم قال ارتحل و سار رسول الله ص إلى حمراء الأسد و أقام معاوية إلى اليوم الثالث ليعرف أخبار النبي ص و يأتي بها قريشا فلما كان في اليوم الرابع قال رسول الله ص إن معاوية أصبح قريبا لم ينفذ فاطلبوه فأصابوه و قد أخطأ الطريق فأدركوه و كان اللذان أسرعا في طلبه زيد بن حارثة و عمار بن ياسر فوجداه بالجماء فضربه زيد بالسيف و قال عمار إن لي فيه حقا فرمياه بسهم فقتلاه ثم انصرفا إلى المدينة بخبره و يقال إنه أدرك على ثمانية أميال من المدينة فلم يزل زيد و عمار يرميانه بالنبل حتى مات.قال و معاوية هذا أبو عائشة بنت معاوية أم عبد الملك بن مروان.قال و ذكر الواقدي في كتابه مثل هذه الرواية سواء.قال البلاذري و قال ابن الكلبي إن معاوية بن المغيرة جدع أنف حمزة يوم أحد و هو قتيل فأخذ بقرب أحد فقتل على أحد بعد انصراف قريش بثلاث و لا عقب له إلا عائشة أم عبد الملك بن مروان قال و يقال إن عليا ع هو الذي قتل معاوية بن المغيرة.قلت و رواية ابن الكلبي عندي أصح لأن هزيمة المشركين كانت في الصدمة الأولى عقيب قتل بني عبد الدار أصحاب الألوية و كان قتل حمزة بعد ذلك لما كر خالد بن الوليد الخيل من وراء المسلمين فاختلطوا و انتقض صفهم و قتل بعضهم بعضا فكيف يصح إن يجتمع لمعاوية كونه قد جدع أنف حمزة و كونه قد انهزم مع المشركين في الصدمة الأولى هذا متناقض لأنه إذا كان قد انهزم في أول الحرب استحال أن يكون

٤٧

حاضرا عند حمزة حين قتل و الصحيح ما ذكره ابن الكلبي من أنه شهد الحرب كلها و جدع أنف حمزة ثم حصل في أيدي المسلمين بعد انصراف قريش لأنه تأخر عنهم لعارض عرض له فأدركه حينه فقتل

القول في مقتل المجذر

بن زياد البلوي و الحارث بن يزيد بن الصامت

قال الواقدي كان المجذر بن زياد البلوي حليف بني عوف بن الخزرج ممن شهد بدرا مع رسول الله ص و كانت له قصة في الجاهلية قبل قدوم النبي ص المدينة و ذلك أن حضير الكتائب والد أسيد بن حضير جاء إلى بني عمرو بن عوف فكلم سويد بن الصامت و خوات بن جبير و أبا لبابة بن عبد المنذر و يقال سهل بن حنيف فقال هل لكم إن تزوروني فأسقيكم شرابا و أنحر لكم و تقيمون عندي أياما قالوا نعم نحن نأتيك يوم كذا فلما كان ذلك اليوم جاءوه فنحر لهم جزورا و سقاهم خمرا و أقاموا عنده ثلاثة أيام حتى تغير اللحم و كان سويد بن الصامت يومئذ شيخا كبيرا فلما مضت الأيام الثلاثة قالوا ما نرانا إلا راجعين إلى أهلنا فقال حضير ما أحببتم إن أحببتم فأقيموا و إن أحببتم فانصرفوا فخرج الفتيان بسويد بن الصامت يحملانه على جمل من الثمل فمروا لاصقين بالحرة حتى كانوا قريبا من بني عيينة فجلس سويد يبول و هو ثمل سكرا فبصر به إنسان من الخزرج فخرج حتى أتى المجذر بن زياد فقال هل لك في الغنيمة الباردة قال ما هي قال سويد بن الصامت أعزل لا سلاح معه ثمل فخرج المجذر بن زياد بالسيف مصلتا فلما رآه الفتيان و هما أعزلان لا سلاح معهما وليا و العداوة بين الأوس

٤٨

و الخزرج شديدة فانصرفا مسرعين و ثبت الشيخ و لا حراك به فوقف المجذر بن زياد فقال قد أمكن الله منك قال ما تريد بي قال قتلك قال فارفع عن الطعام و اخفض عن الدماغ فإذا رجعت إلى أمك فقل إني قتلت سويد بن الصامت فقتله فكان قتله هو الذي هيج وقعة بعاث فلما قدم رسول الله ص المدينة أسلم الحارث بن سويد بن الصامت و أسلم المجذر فشهدا بدرا فجعل الحارث بن سويد يطلب المجذر في المعركة ليقتله بأبيه فلا يقدر عليه يومئذ فلما كان يوم أحد و جال المسلمون تلك الجولة أتاه الحارث من خلفه فضرب عنقه فرجع رسول الله ص إلى المدينة ثم خرج إلى حمراء الأسد فلما رجع من حمراء الأسد أتاه جبرائيل ع فأخبره أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة و أمره بقتله فركب رسول الله ص إلى قباء في اليوم الذي أخبره جبرائيل في يوم حار و كان ذلك يوما لا يركب فيه رسول الله ص إلى قباء إنما كانت الأيام التي يأتي فيها رسول الله ص قباء يوم السبت و يوم الإثنين فلما دخل رسول الله ص مسجد قباء صلى فيه ما شاء الله أن يصلي و سمعت الأنصار فجاءوا يسلمون عليه و أنكروا إتيانه تلك الساعة في ذلك اليوم فجلس ع يتحدث و يتصفح الناس حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورسة فلما رآه رسول الله ص دعا عويم بن ساعدة فقال له قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن زياد فإنه قتله يوم أحد فأخذه عويم فقال الحارث دعني أكلم رسول الله و رسول الله ص يريد أن يركب و دعا بحماره إلى باب المسجد فجعل الحارث يقول قد و الله قتلته يا رسول الله و ما كان قتلي إياه رجوعا عن الإسلام

٤٩

و لا ارتيابا فيه و لكنه حمية الشيطان و أمر وكلت فيه إلى نفسي و إني أتوب إلى الله و إلى رسوله مما عملت و أخرج ديته و أصوم شهرين متتابعين و أعتق رقبة و أطعم ستين مسكينا إني أتوب إلى الله يا رسول الله و جعل يمسك بركاب رسول الله ص و بنو المجذر حضور لا يقول لهم رسول الله ص شيئا حتى إذا استوعب كلامه قال قدمه يا عويم فاضرب عنقه و ركب رسول الله ص فقدمه عويم بن ساعدة على باب المسجد فضرب عنقه.قال الواقدي و يقال إن الذي أعلم رسول الله قتل الحارث المجذر يوم أحد حبيب بن يساف نظر إليه حين قتله فجاء إلى النبي ص فأخبره فركب رسول الله ص يتفحص عن هذا الأمر فبينا هو على حماره نزل جبرائيل ع فخبره بذلك فأمر رسول الله ص عويما فضرب عنقه ففي ذلك قال حسان:

يا حار في سنة من نوم أولكم

أم كنت ويحك مغترا بجبريل

فأما البلاذري فإنه ذكر هذا و قال و يقال إن الجلاس بن سويد بن الصامت هو الذي قتل المجذر يوم أحد غيلة إلا أن شعر حسان يدل على أنه الحارث.قال الواقدي و البلاذري و كان سويد بن الصامت حين ضربه المجذر بقي قليلا ثم مات فقال قبل أن يموت يخاطب أولاده:

أبلغ جلاسا و عبد الله مالكه

و إن دعيت فلا تخذلهما حار

٥٠

اقتل جذارة إذ ما كنت لاقيهم

و الحي عوفا على عرف و إنكار

قال البلاذري جذرة و جذارة أخوان و هما ابنا عوف بن الحارث بن الخزرج.قلت هذه الروايات كما ترى و قد ذكر ابن ماكولا في الإكمال أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة يوم أحد ثم التحق بمكة كافرا ذكره في حرف الميم من هذا الكتاب و هذا هو الأشبه عندي

القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة

قال الواقدي ذكر سعيد بن المسيب و أبو سعيد الخدري أنه قتل من الأنصار خاصة أحد و سبعون و بمثله قال مجاهد.قال فأربعة من قريش و هم حمزة بن عبد المطلب قتله وحشي و عبد الله بن جحش بن رئاب قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق و شماس بن عثمان بن الشريد من بني مخزوم قتله أبي بن خلف و مصعب بن عمير قتله ابن قميئة.قال و قد زاد قوم خامسا و هو سعد مولى حاطب من بني أسد بن عبد العزى و قال قوم أيضا إن أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي جرح يوم أحد و مات من تلك الجراحة بعد أيام.قال الواقدي و قال قوم قتل ابنا الهبيب من بني سعد بن ليث و هما عبد الله

٥١

و عبد الرحمن و رجلان من بني مزينة و هما وهب بن قابوس و ابن أخيه الحارث بن عتبة بن قابوس فيكون جميع من قتل من المسلمين ذلك اليوم نحو أحد و ثمانين رجلا فأما تفصيل أسماء الأنصار فمذكور في كتب المحدثين و ليس هذا الموضع مكان ذكره

القول فيمن قتل من المشركين بأحد

قال الواقدي قتل من بني عبد الدار طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء قريش قتله علي بن أبي طالب ع مبارزة و عثمان بن أبي طلحة قتله حمزة بن عبد المطلب و أبو سعيد بن أبي طلحة قتله سعد بن أبي وقاص و مسافع بن طلحة بن أبي طلحة قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح و كلاب بن طلحة بن أبي طلحة قتله الزبير بن العوام و الحارث بن طلحة بن أبي طلحة قتله عاصم بن ثابت و الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة قتله طلحة بن عبيد الله و أرطاة بن عبد شرحبيل قتله علي بن أبي طالب ع و قارظ بن شريح بن عثمان بن عبد الدار و يروى قاسط بالسين و الطاء المهملتين قال الواقدي لا يدرى من قتله و قال البلاذري قتله علي بن أبي طالب ع و صواب مولاهم قتله علي بن أبي طالب ع و قيل قتله قزمان و أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير قتله قزمان فهؤلاء أحد عشر.و من بني أسد بن عبد العزى عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد قتله أبو دجانة في رواية الواقدي و في رواية محمد بن إسحاق قتله علي بن أبي طالب ع و قال البلاذري قال ابن الكلبي إن عبد الله بن حميد قتل يوم بدر

٥٢

و من بني زهرة أبو الحكم بن الأخنس بن شريق قتله علي بن أبي طالب ع و سباع بن عبد العزى الخزاعي و اسم عبد العزى عمر بن نضله بن عباس بن سليم و هو ابن أم أنمار الحجامة بمكة قتله حمزة بن عبد المطلب فهذان رجلان.و من بني مخزوم أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتله علي ع و هشام بن أبي أمية بن المغيرة قتله قزمان و الوليد بن العاص بن هشام قتله قزمان و خالد بن أعلم العقيلي قتله قزمان و عثمان بن عبد الله بن المغيرة قتله الحارث بن الصمة فهؤلاء خمسة.و من بني عامر بن لؤي عبيد بن حاجز قتله أبو دجانة و شيبة بن مالك بن المضرب قتله طلحة بن عبيد الله و هذان اثنان.و من بني جمح أبي بن خلف قتله رسول الله ص بيده و أبو عزة قتله عاصم بن ثابت صبرا بأمر رسول الله ص فهذان اثنان.و من بني عبد مناة بن كنانة خالد بن سفيان بن عويف و أبو الشعثاء بن سفيان بن عويف و أبو الحمراء بن سفيان بن عويف و غراب بن سفيان بن عويف هؤلاء الإخوة الأربعة قتلهم علي بن أبي طالب ع في رواية محمد بن حبيب.فأما الواقدي فلم يذكر في باب من قتل من المشركين بأحد لهم قاتلا معينا و لكنه ذكر في كلام آخر قبل هذا الباب أن أبا سبرة بن الحارث بن علقمة قتل أحد بني سفيان بن عويف و أن رشيدا الفارسي مولى بني معاوية لقي آخر من بني سفيان بن عويف مقنعا في الحديد و هو يقول أنا ابن عويف فيعرض له سعد مولى حاطب فضربه ابن

٥٣

عويف ضربة جزله باثنتين فأقبل رشيد على ابن عويف فضربه على عاتقه فقطع الدرع حتى جزله اثنتين و قال خذها و أنا الغلام الفارسي فقال رسول الله ص و هو يراه و يسمعه أ لا قلت أنا الغلام الأنصاري قال فيعرض لرشيد أخ للمقتول أحد بني سفيان بن عويف أيضا و أقبل يعدو نحوه كأنه كلب يقول أنا ابن عويف و يضربه رشيد أيضا على رأسه و عليه المغفر ففلق رأسه و قال خذها و أنا الغلام الأنصاري فتبسم رسول الله ص و قال أحسنت يا أبا عبد الله فكناه رسول الله ص يومئذ و لا ولد له.قلت فأما البلاذري فلم يذكر لهم قاتلا و لكنه عدهم في جملة من قتل من المشركين بأحد و كذلك ابن إسحاق لم يذكر من قتلهم فإن صحت رواية الواقدي فعلي ع لم يكن قد قتل منهم إلا واحدا و إن كانت رواية ابن حبيب صحيحة فالأربعة من قتلاه ع و قد رأيت في بعض كتب أبي الحسن المدائني أيضا أن عليا ع هو الذي قتل بني سفيان بن عويف يوم أحد و روى له شعرا في ذلك.و من بني عبد شمس معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتله علي ع في إحدى الروايات و قيل قتله زيد بن حارثة و عمار بن ياسر.فجميع من قتل من المشركين يوم أحد ثمانية و عشرون قتل علي ع منهم ما اتفق عليه و ما اختلف فيه اثني عشر و هو إلى جملة القتلى كعدة من قتل يوم بدر إلى جملة القتلى يومئذ و هو قريب من النصف

٥٤

القول في خروج النبي ص و بعد انصرافه من أحد

إلى المشركين ليوقع بهم على ما هو به من الوهن

قال الواقدي بلغ رسول الله ص أن المشركين قد عزموا أن يردوا إلى المدينة فينهبوها فأحب أن يريهم قوة فصلى الصبح يوم الأحد لثمان خلون من شوال و معه وجوه الأوس و الخزرج و كانوا باتوا تلك الليلة في بابه يحرسونه من البيات فيهم سعد بن عبادة و سعد بن معاذ و الحباب بن المنذر و أوس بن خولي و قتادة بن النعمان في عدة منهم فلما انصرف من صلاة الصبح أمر بلالا أن ينادي في الناس أن رسول الله ص يأمركم بطلب عدوكم و لا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس فخرج سعد بن معاذ راجعا إلى قومه يأمرهم بالمسير و الجراح في الناس فاشية عامة بني عبد الأشهل جريح بل كلها فجاء سعد بن معاذ فقال إن رسول الله ص يأمركم أن تطلبوا عدوكم قال يقول أسيد بن حضير و به سبع جراحات و هو يريد أن يداويها سمعا و طاعة لله و لرسوله فأخذ سلاحه و لم يعرج على دواء جراحة و لحق برسول الله ص و جاء سعد بن عبادة قومه بني ساعدة فأمرهم بالمسير فلبسوا و لحقوا و جاء أبو قتادة أهل خربا و هم يداوون الجراح فقال هذا منادي رسول الله ص يأمركم بطلب العدو فوثبوا إلى سلاحهم و لم يعرجوا على جراحاتهم فخرج من بني سلمة أربعون جريحا بالطفيل بن النعمان ثلاثة عشر جرحا و بخراش بن الصمة عشر جراحات و بكعب بن مالك بضعة عشر جرحا و بقطبة بن عامر بن خديج بيده تسع جراحات حتى وافوا النبي ص بقبر أبي عتبة و عليهم السلاح

٥٥

و قد صفوا لرسول الله ص فلما نظر إليهم و الجراح فيهم فاشية قال اللهم ارحم بني سلمة.قال الواقدي و حدثني عتبة بن جبيرة عن رجال من قومه أن عبد الله بن سهل و رافع بن سهل من بني عبد الأشهل رجعا من أحد و بهما جراح كثيرة و عبد الله أثقلهما جرحا فلما أصبحا و جاء سعد بن معاذ قومه يخبرهم أن رسول الله ص يأمرهم بطلب العدو قال أحدهما لصاحبه و الله إن تركنا غزاة مع رسول الله ص لغبن و الله ما عندنا دابة نركبها و لا ندري كيف نصنع قال عبد الله انطلق بنا قال رافع لا و الله ما بي مشي قال أخوه انطلق بنا نقصد و نجوز و خرجا يزحفان فضعف رافع فكان عبد الله يحمله على ظهره عقبه و يمشي الآخر عقبه حتى أتوا رسول الله ص عند العشاء و هم يوقدون النيران فأتي بهما رسول الله ص و على حرسه تلك الليلة عباد بن بشر فقال رسول الله ص لهما ما حبسكما فأخبراه بعلتهما فدعا لهما بخير و قال إن طالت لكما مدة كانت لكما مراكب من خيل و بغال و إبل و ليس ذلك بخير لكما.قال الواقدي و قال جابر بن عبد الله يا رسول الله إن مناديا نادى ألا يخرج معنا إلا من حضر القتال بالأمس و قد كنت حريصا بالأمس على الحضور و لكن أبي خلفني على أخوات لي و قال يا بني لا ينبغي لك أن تدعهن و لا رجل معهن و أخاف عليهن و هن نسيات ضعاف و أنا خارج مع رسول الله ص لعل الله يرزقني الشهادة فتخلفت عليهن فاستأثر علي بالشهادة و كنت رجوتها فأذن لي يا رسول الله أن أسير معك فأذن له رسول الله ص قال جابر فلم يخرج معه أحد لم يشهد القتال بالأمس غيري و استأذنه رجال لم يحضروا القتال فأبى ذلك

٥٦

عليهم فدعا رسول الله ص بلواءه و هو معقود لم يحل من أمس فدفعه إلى علي ع و يقال دفعه إلى أبي بكر فخرج رسول الله ص و هو مجروح في وجهه أثر الحلقتين و مشجوج في جبهته في أصول الشعر و رباعيته قد شظيت و شفته قد كلمت من باطنها و منكبه الأيمن موهن بضربة ابن قميئة و ركبتاه مجحوشتان فدخل المسجد فصلى ركعتين و الناس قد حشدوا و نزل أهل العوالي حيث جاءهم الصريخ و دعا بفرسه على باب المسجد و تلقاه طلحة بن عبيد الله و قد سمع المنادي فخرج ينظر متى يسير رسول الله ص فإذا هو و عليه الدرع و المغفر لا يرى منه إلا عيناه فقال يا طلحة سلاحك قال قريبا قال طلحة فأخرج و أعدو فألبس درعي و آخذ سيفي و أطرح درقتي في صدري و إن بي لتسع جراحات و لأنا أهتم بجراح رسول الله ص مني بجراحي فأقبل رسول الله ص على طلحة فقال أين ترى القوم الآن قال هم بالسيالة فقال رسول الله ص ذلك الذي ظننت أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثل أمس حتى يفتح الله مكة علينا قال و بعث رسول الله ص ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم فانقطع أحدهم و انقطع قبال نعل الآخر و لحق الثالث بقريش و هم بحمراء الأسد و لهم زجل يأتمرون في الرجوع إلى المدينة و صفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك و لحق الذي انقطع قبال نعله بصاحبه فبصرت قريش بالرجلين فعطفت عليهما فأصابوهما و انتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد فقبرهما رسول الله ص في قبر واحد فهما القرينان.

٥٧

قال الواقدي اسماهما سليط و نعمان.قال الواقدي قال جابر بن عبد الله كانت عامة أزوادنا ذلك اليوم التمر و حمل سعد بن عبادة ثلاثين بعيرا تمرا حتى وافت حمراء الأسد و ساق جزرا فنحروا في يوم ثنتين و في يوم ثلاثا و أمرهم رسول الله ص بجمع الحطب فإذا أمسوا أمرهم أن يوقدوا النيران فيوقد كل رجل نارا فلقد كنا تلك الليلة نوقد خمسمائة نار حتى نرى من المكان البعيد و ذهب ذكر معسكرنا و نيراننا في كل وجه و كان ذلك مما كبت الله به عدونا.قال الواقدي و جاء معبد بن أبي معبد الخزاعي و هو يومئذ مشرك إلى النبي ص و كانت خزاعة سلما للنبي ص فقال يا محمد عز علينا ما أصابك في نفسك و ما أصابك في أصحابك و لوددنا أن الله تعالى أعلى كعبك و أن المصيبة كانت بغيرك ثم مضى معبد حتى يجد أبا سفيان و قريشا بالروحاء و هم يقولون لا محمدا أصبتم و لا الكواعب أردفتم فبئسما صنعتم و هم مجمعون على الرجوع إلى المدينة و يقول قائلهم فيما بينهم ما صنعنا شيئا أصبنا أشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم و قبل أن يكون لهم وفر و كان المتكلم بهذا عكرمة بن أبي جهل فلما جاء معبد إلى أبي سفيان قال هذا معبد و عنده الخبر ما وراءك يا معبد قال تركت محمدا و أصحابه خلفي يتحرقون عليكم بمثل النيران و قد اجتمع معه من تخلف عنه بالأمس من الأوس و الخزرج و تعاهدوا ألا يرجعوا حتى يلحقوكم فيثأروا منكم و قد غضبوا لقومهم غضبا شديدا و لمن أصبتم من أشرافهم قالوا ويحك ما تقول قال و الله ما أرى

٥٨

أن ترتحلوا حتى تروا نواصي الخيل و لقد حملني ما رأيت منهم أن قلت أبياتا قالوا و ما هي فأنشدهم هذا الشعر:

كادت تهد من الأصوات راحلتي

إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل

تعدو بأسد ضراء لا تنابلة

عند اللقاء و لا ميل معازيل

فقلت ويل ابن حرب من لقائهم

إذا تغطمطت البطحاء بالجيل

و قد كان صفوان بن أمية رد القوم بكلامه قبل أن يطلع معبد و قال لهم صفوان يا قوم لا تفعلوا فإن القوم قد حربوا و أخشى أن يجمعوا عليكم من تخلف من الخزرج فارجعوا و الدولة لكم فإني لا آمن إن رجعتم إليهم أن تكون الدولة عليكم قال فلذلك

قال رسول الله ص أرشدهم صفوان و ما كان برشيد ثم قال و الذي نفسي بيده لقد سومت لهم الحجارة و لو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب قال فانصرف القوم سراعا خائفين من الطلب لهم و مر بأبي سفيان قوم من عبد القيس يريدون المدينة فقال لهم هل أنتم مبلغو محمد و أصحابه ما أرسلكم به على أن أوقر لكم أباعركم زبيبا غدا بعكاظ إن أنتم جئتموني قالوا نعم قال حيثما

٥٩

لقيتم محمدا و أصحابه فأخبروهم أنا قد أجمعنا الرجعة إليهم و أنا آثاركم و انطلق أبو سفيان إلى مكة و قدم الركب على النبي ص و أصحابه بالحمراء فأخبروهم بالذي أمرهم أبو سفيان فقالوا حسبنا الله و نعم الوكيل فأنزل ذلك في القرآن و أرسل معبد رجلا من خزاعة إلى رسول الله ص يعلمه أنه قد انصرف أبو سفيان و أصحابه خائفين وجلين فانصرف رسول الله ص بعد ثلاث إلى المدينة

٦٠