• البداية
  • السابق
  • 401 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13160 / تحميل: 4869
الحجم الحجم الحجم
قوانين الاصول

قوانين الاصول

مؤلف:
العربية

شرعيا فانه يؤل إلى الخروج عن كلام الشارع رأسا وفي العمل باحدهما عمل بكلامه في الجملة فلا بدان يكون مراد القوم من الاولوية اما مطلق الرجحان او الوجوب فيما يمكن جمع يوافق طريقة متفاهم اهل اللسان كالتخصيص وغيره ويكون غيره داخلا في غير الممكن فالمراد من الامكان ما يعم الامكان بملاحظة العرف ثم ان مجرد ظهور القرينة من نفس المتعارضين او غيرهما على مجازية احدهما او كليهما لايوجب الذهاب إلى الاعتماد عليها واعمالها الا اذا لم يوجب ترجيح المرجوح فان حمل اللفظ على المجاز في الحقيقة خروج من مقتضى الدليل لدليل اخر وهو لايصح الا اذا تساويا او ترجح القرينة على مقتضى حقيقة اللفظ فلا بد من ملاحظة الترجيحات في مقام الارجاع ايضا كما تريهم يعتبرون ذلك في القانون الاتي وغيره ايضا ويظهر بذلك ضعف ما ذكره العضدي وغيره من لزوم الجمع بين الدليلين وان كان بارجاع الاقوى إلى الاضعف واما ظاهر كلام ابن الجمهور فنمنع ما ادعاه من الاجماع بظاهره اذ عندنا ما هو اقوى في العمل من ذلك الاجماع المنقول من دلالة العقل على قبح ترجيح المرجوح مع ان الرواية صريحة في ارادة المتناقضين اللذين لايمكن الجمع بينهما وسؤال الراوي فيها انما هو عنهما والسبب ليس مخصصا للجواب ولايمنع الرجوع في غير المتناقضين ايضا إلى الترجيحات قانون لا ريب في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب ولا بالاجماع ولا بالخبر المتواتر ووجهها ظاهر واختلفوا في جوازه بخبر الواحد على اقوال ثالثها بالتفصيل فيجوز ان يخصص قبله بدليل قطعي ورابعها التفصيل ايضا بتخصيصه بما خص قبل بمنفصل قطعيا كان او ظنيا وخامسها التوقف وقد ينسب إلى المحققرحمه‌الله نظرا إلى انه قال الدليل على العمل بخبر الواحد هوالاجماع على استعماله فيما لايوجد عليه دلالة ومع وجود الدلالة القرآنية يسقط وجوب العمل به وهذا ليس معنى التوقف بل هو نفى للتخصيص كما لايخفى والاظهر الجواز كما هو مذهب اكثر المحققين واحتجوا عليه بانهما دليلان تعارضا بإعمالهما ولو من وجه اولى ولا ريب ان ذلك لايحصل الا مع العمل بالخاص اذ لو عمل بالعام بطل الخاص ولغى بالمرة وبعدما حققنا لك سابقا يظهر ما فيه لان العام كما انه يخرج عن حقيقته بالتخصيص بسبب كونه مجازا حينئذ و مع ذلك فنقول أنه قد عمل به فكذلك الخاص إن أريد به معنى مجازي أيضا بحيث لا يوجب ترك ظاهر العام وحقيقته فمحض كونه جمعا بين الدليلين لا يوجب القول بالتخصيص مع ما عرفت من أنه ليس جمعا بين الدليلين بل هو إلغاء لاحدهما إذ المعارضة انما هو بين ما دل عليه العام من أفراد الخاص وهو ملغى بأجمعه حينئذ فلا بد من بيان وجه التخصيص وإختياره

٢٤١

فالاولى أن يقال دليلان تعارضا وتساويا وأحدهما عام والاخر خاص وفهم العرف وشيوع التخصيص وكونه أقل إستلزاما لمخالفة المراد في نفس الامر كلها مرجحة لاختيار تخصيص العام بالخاص وأما وجه التساوي فستعرف احتج المانع بأن الكتاب قطعي وخبر الواحد ظني و الظن لا يعارض القطع لعدم مقاومته له فيلغى وبأن التخصيص به لو جاز لجاز النسخ وهو باطل أما الملازمة فلانه تخصيص في الازمان فهو من أفراد التخصيص أو أن العلة في التخصى هو أولوية تخصيص العام من إلغاء الخاص وهو موجود في النسخ وأما بطلان التالي فبالاتفاق و الجواب عن الاول ان الكتاب وإن كان قطعي الصدور ولكنه ظني الدلالة وخاص الخبر و إن كان ظني الصدور ولكنه قطعي الدلالة فصار لكل قوة من وجه فتساويا فتعارضا فوجب الجمع بينهما هكذا ذكروه وأنت خبير بأن الخاص أيضا ليس بقطعي الدلالة سيما إذا كان عاما بالنسبة إلى ما تحته لاحتمال مجاز آخر غير التخصيص من أنواع المجاز مضافا إلى إحتمال التخصيص فيما كان عاما أيضا نعم هو نص بالاضافة إلى العام وقطعي بهذا المعنى وهو لا يستلزم قطعيته مطلقا وقد مر توضيح ذلك في مبحث المفهوم والمنطوق فالتحقيق في الجواب هو أنهما ظنان تعارضا و تساويا ولاجل أن التخصيص أرجح أنواع المجاز والفهم العرفي رجحنا التخصيص وأما التساوي فلان المعيار في الاستدلال هو اللفظ من حيث الدلالة من حيث هو والذي نقطع بصدوره هو لفظ العام وأما أن المراد منه هل هو معناه الحقيقي أم لا فهو غير مقطوع به فالذي هو قطعي الصدور هو لفظ العام لا الحكم عليه بعنوان العموم فكون الحكم على العموم مراد الشارع مظنون وكذلك الحكم في الخاص على الخصوص مظنون والقول بأن الخطاب بما له ظاهر وإرادة غيره قبيح فثبت وجوب العمل بظاهر القرآن مع قطعية المخاطبة به إنما يتم بالنسبة إلى من يوجهه الخطاب والخطابات الشفاهية وما في منزلتها مخصوصة بالحاضرين كما تقدم وربما كانت مقترنة بقرائن تخرجها عن الظاهر قد إختفى علينا كما ظهر في مواضع كثيرة ووجوده في غير ما ظهر أيضا محتمل فلم يبق القطع بالمراد فيما لم يظهر وخبر الواحدالمخالف لظاهره يمكن أن يكون من جملة تلك القرائن وعدم إقتران القرينة باللفظ لا يوجب تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ ربما كانت مقترنة بها من جهة الحال لا من جهة المقال أو كانت مقترنة بالقول منفصلة عن ظاهر القرآن أو لم تكن مقترنة بها ولم يكن حينئذ وقت الحاجة ونحو ذلك وشركتنا للحاضرين في التكليف إنما هو فيما علم المراد منها أو ظن فإذا لم يمكن العلم بالمراد وان تكليف الحاضرين

٢٤٢

اي شئ كان فلا ريب في الاكتفاء بما ظن أنه مراد فأين العلم ومما ذكرنا يظهر النقض بحصول العلم بمدلول خبر الواحد أيضا لكونه خطابا بما له ظاهر لمخاطبه فيحصل من ذلك قوة أخرى في الخبر أيضا مع أن جواز العمل بظاهر الكتاب من المسائل الاجتهادية قد خالف فيه الاخباريون والتمسك في حجيته وإثبات جواز العمل به بالاخبار إلى دفع الاخبار المعارضة وبالاجماع مدفوع بمنعه في موضع النزاع فظهر بطلان كلام المحقق أيضا بالمعارضة بالقلب فكما أن الاجماع لم يعلم إنعقاده على جواز العمل بخبر الواحد فيما كان هناك عام من الكتاب فلم يعلم إنعقاد الاجماع على حجية ظاهر الكتاب وعامه فيما يثبت من الاخبار الخاصة ما يعارضه سيما والقائلون بجواز التخصيص جماعة كثيرون وعدم الاعتناء بمخالفتهم مشكل مع أن في كون العام حقيقة في العموم كلاما وهو أيضا من المسائل الاجتهادية وقد مر وكذلك العام المخصص بل سد باب تخصيص الكتاب بخبر الواحد يوجب المنع من العمل بخبر الواحد إذ قل ما وجد خبر لم يكن مخالفا لظاهر من عمومات الكتاب فلا أقل من مخالفته لاصل البرائة الثابتة بنص الكتاب مثل لا يكلف الله نفسا إلا ما اتيها ونحو ذلك مضافا إلى ما يظهر ذلك من تتبع أحوال السلف من العلماء و الصحابة والتابعين كما أشار إليه بعض الافاضل وبالجملة مع ملاحظة ما ذكر وأضعاف ما ذكر مما لم يذكر من المضعفات لظاهر الكتاب لا يبقى إلا مجرد دعوى حصول ظن من ظاهر الكتاب بمراد الله تعالى ولا ريب أن خبر الواحد الجامع لشرائط العمل أيضا يورث ذلك الظن فإن قلت أن الاخبار الكثيرة وردت بأن الخبر المخالف لكتاب الله يجب طرحه وضربه على الجدار ونحو ذلك فكيف يصح الخروج عن ظاهر الكتاب بخبر الواحد قلت تلك الاخبار مختلفة متعارضة معارضة بمثلها أو بأقوى منها من تقديم العرض على مذهب العامة والاخذ بما خالفهم ونحو ذلك فهي على إطلاقها غير معمول بها مع أن الظاهر من المخالفة هو رفع حكم الكتاب كليا وإن كان يتحقق بسلب البعض ايضا سلمنا لكنها مخصصة بذلك لمعارضتها بما هو أقوى منها من الادلة الدالة على حجية خبر الواحد مطلقا وما دل على جواز تخصيص الكتاب به من الادلة أيضا إذ قد عرفت أن الخاص إنما يقدم على العام مع المقاومة مع أن من جملة ادلة حجية خبر الواحد هو قوله تعالى إن جائكم فاسق إلخ وآية النفر وما اتيكم الرسول فخذوه والعمل بهذه الاخبار يوجب تخصيصها وهو كر على ما فررت منه ومما ذكرنا يظهر بطلان ما قيل في هذا المقام أيضا من أن تخصيص الكتاب بخبر الواحد يستلزم تخصيص أدلة خبر الواحد بهذه الاخبار فيلزم عدم جواز تخصيص الكتاب

٢٤٣

بخبر الواحد لان ما يستلزم ثبوته إنتفائه فهو باطل وذلك لما عرفت من ضعف الاستدلال بهذه الاخبار فالقول بتخصيص الكتاب بخبر الواحد مخصوص بغير هذه الاخبار في المخالفة الخاصة فإنها إما مهجورة أو مخصوصة بصورة المناقصة والمنافاة رأسا وأما الجواب عن الثاني فعن الشق الاول من الترديد بأن المسلم من التخصيص والذي ندعيه هو الفرد الخاص يعني التخصيص في الافراد لا جميع أفراده أو ما يشملهما وعن الشق الثاني فبإبداء الفارق بالاجماع المدعى في النسخ أولا وبأن التخصيص أغلب وأشيع وأرجح من النسخ لكمال وضوح ندرته وغلبة التخصيص ثانيا وقد يتمسك في إبداء الفرق بأن التخصيص أهون من النسخ لانه دفع لبعض المدلول قبل العمل به والنسخ رفع للمدلول المعمول عليه وقد يوجه ذلك بأن حدوث الحادث محتاج إلى العلة ويكفي في بقائه علة الوجود فدفع حصوله بسبب عدم ثبوت علته أسهل من دفع ما ثبت لعدم إحتياجه في الثبوت إلى علة أخرى وهو مع أنه لا معنى له في أحكام الله تعالى وأفعاله ولا يصعب عليه شئ أبدا وأنه موقوف على إثبات عدم إحتياج البقاء إلى المؤثر الجديد وهو ممنوع وإن حصول ما لم يكن في الواقع والخارج ليس بأقل من بقاء ما ثبت فهو مردود بأنه لا يرجع إلى محصل إذ الاشكال في أن خاص الخبر إذا ورد مع عام الكتاب فهل يقتضي معاملة أهل اللسان في فهم الالفاظ حمله على النسخ والتخصيص وأيهما أرجح وكون أحدهما أصعب في نفس الامر عن الاخر مع عدم أقليته بالنسبة إلى الاخر لا يوجب فهمه من اللفظ وحمله عليه نعم خصوص شيوع التخصيص وأرجحيته يوجب ترجيحه فبطل القول بعدم الفرق بذلك وربما يقال في بيان الفرق بين النسخ والتخصيص ان في النسخ يراد دلالة اللفظ على جميع الازمنة وإن لم يكن وقوع المدلول مرادا بخلاف التخصيص فانه لايراد منه الا البعض اولا فظهر بذلك أنه لا رفع في التخصيص أصلا بخلاف النسخ فإن فيه رفعا في الجملة وفيه أن ذلك تحكم من قائله فإن إمكان إرادة الدلالة في العام و وجود المصلحة في ذلك أيضا قائم إن أريد مجرد الامكان وإن أريد الفعلية في النسخ دون التخصيص فهو أيضا ممنوع لامكان أن يكون المراد في النسخ ايضا الحكم في بعض الازمان مجازا ولكن تأخر بيانه فالفرق بذلك مشكل احتج المفصلون بما يرجع حاصله بعد التحرير إلى أن الخاص ظني والعام قطعي فلا يقاومه إلا مع ظهور ضعف فيه وذلك عند الفرقة الاولى بأن يخصص مرة بدليل قطعي وعند الفرقة الثانية بأن يخصص بمخصص منفصل وذلك لان العام عند الفرقة الاولى يصير بذلك مجازا في الباقي وعند الفرقة الثانية بهذا والدلالة المجازية أضعف من الدلالة الحقيقية كما سيجئ في باب التراجيح وجوابه يظهر مما مر فإن القطعية إنما كانت في المتن لا في الدلالة والتخصيص إنما

٢٤٤

يقع في الدلالة فلا ينافي قطعية المتن وحجة المتوقف تصادم أدلة الطرفين وعدم المرجح وجوابه إنا قد بينا إثبات المرجح قانون إذا ورد عام وخاص متنافيا الظاهر فإما أن يعلم تاريخهما بالاقتران أو تقدم الخاص اوتقدم العام أو يجهل تاريخهما وإن كان بجهالة تاريخ أحدهما فهذه أقسام أربعة واعلم أن مراد الاصوليين بالعام والخاص في هذا المبحث هو العام والخاص المطلقان فإن العامين من وجه لا يمكن أن يكون موضوعا لهذا المبحث لانه لا يقال لهما العام والخاص على الاطلاق بل هما عامان من وجه وخاصان من وجه ولان الادلة المذكورة في هذا المبحث لا تنطبق إلا على الاول كما لا يخفى على من تأملها فقد تراهم يجعلون في طي هذه الادلة الخاص بيانا للعام ويفرعون الكلام فيه على جواز تأخير البيان وهو لا يتم في الثاني إذ كل منهما متصف بما إتصف به الاخر من إستعداد البيانية والمبينة وصيرورة أحدهما بيانا للاخر في بعض الاوقات وتخصيصه للاخر ليس بذاته بل إنما هو بضميمة المرجحات الخارجية التي قدمته على الاخر و أيضا قولهم في الصورة الاتية بنى العام على الخاص إتفاقا أو على الاقوى أو نحو ذلك لا يجري في الثاني إذ لو أريد من بناء العام على الخاص في الثاني بناء كل منهما على الاخير فيلزم تساقطهما جميعا وبطلانهما رأسا كما لا يخفى وإن أريد بناء أحدهما على الاخير فيلزم الترجيح بلا مرجح ولا مرجح في أنفسهما كما هو المفروض أي من حيث (محض)؟ العموم والخصوص والاعتماد على المرجحات الخارجية ليس من جهة بناء العام على الخاص بل من جهة ترجيح أحدهما على الاخر في مادة التعارض وبالجملة المعارضة بين العامين بالمعنى الثاني مثل المعارضة بين المتناقضين لا بد فيه من ملاحظة المرجحات الخارجية في التخصيص يعني بعد ملاحظة المقاومة ونفي رجحان أحدهما على الاخر أولا لاشتراك هذا المعنى بين المعنيين وقد غفل بعض الاعاظم هنا وعمم البحث واستشهد ببعض الشواهد الذي لا يشهد له بشئ ومنشأ إختلاط الامر عليه إختلاط مباحث التخصيص ومبحث كيفية بناء العام على الخاص في بعض الكتب الاصولية وأنت خبير بأنهما مقامان متفاوتان فصل بينهما في كثير من كتب الاصول فمن الشواهد الذي ذكره ان محققي الاصوليين إستدلوا في هذه المسألة على جواز تخصيص الكتاب بالكتاب بآيتي عدة الحامل والمتوفي عنها زوجها مع أن بينهما عموما من وجه و فيه ما لا يخفى إذ ذكر ذلك إبن الحاجب ومن تبعه في مقام بيان جواز تخصيص الكتاب بالكتاب وكلامهم هذا في مقام الرد على الظاهرية حيث منعوا ذلك محتجين بقوله تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والتخصيص بيان فيجب أن يكون بالسنة وأجابوا عن ذلك بالمعارضة بقوله تعالى

٢٤٥

في صفة القرآن تبيانا لكل شئ وبأن معنى البيان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله للآية المخصصة وبأن بيانه مختص بالمشتبه ومع وجود المخصص من الكتاب لا إشتباه ويندفع كلام الظاهرية بمحض إثبات مطلق التخصيص وإن كان بمعاونة المرجح الخارجي وإطلاق التخصيص على قصر أحد العامين من وجه على بعض أفراده بسبب العام الاخر لا يوجب كون مطلق البحث في بناء العام على الخاص بقول مطلق أعم من المقامين كما لا يخفى هذا على مذهب العامة وأما الامامية فلما كان مذهبهما إعتبار أبعد الاجلين فيجمعون بين الآيتين على غير صورة التخصيص المصطلح بأن المراد أن المتوفي عنها زوجها تتربص أربعة أشهر وعشرا إلا إذا كانت حاملا ولم تضع حملها بعد فتصبر حتى تضع وإن الحامل تصبر حتى تضع الحمل إلا إذا كانت متوفى عتها زوجها ولم يبلغ مدة وضعه له أربعة أشهر وعشرا فتصبر بعد الوضع حتى يتم الشهور وهذا ليس معنى التخصيص المصطلح كما لا يخفى على المتدبر البصير و الذي دعاهم إلى ذلك إجماعهم واخبارهم المستفيضة مع أن الظاهر من آية أولات الاحمال المطلقات فلا تعارض وأما العامة فبنوا أمرهم في ذلك أولا على ترجيح عموم آية أولات الاحمال بسبب دلالة اللفظ وإقترانها بالحكمة وغير ذلك ثم خصصوا بها الآية الاخرى وتمام الكلام فيها في الفروع مع أن تمثيل إبن الحاجب (ونظراته)؟ لا يصير حجة على أحد وأما المحققون منا مثل العلامة في التهذيب وغيره فقد مثلوا لجواز التخصيص الكتاب بالكتاب بآية القروء وآية أولات الاحمال وكلامهم هذا ظاهر في العام والخاص المطلقين فإن الظاهر من آية أولات الاحمال المطلقات وهي أخص من آية ذوات القروء مطلقا ومنها أنه استشهد بكلام صاحب المعالمرحمه‌الله في حواشيه على كتاب وسيجئ الاشارة إليه وإلى أنه لا دلالة فيها على المطلوب بوجه وبالجملة لا مسرح لجعل موضوع هذا القانون القدرالمشترك بينهما بوجه فلنرجع إلى تفصيل الكلام في الاقسام الاربعة ونقول القسم الاول وهو ما علم إقترانهما وهو قد يتصور في القول والفعل والفعلين مع إحتمال ارادة القولين المتصلين من دون تراخ أيضا إن جعلنا المقارنة أعم من الحقيقة والحق فيه بناء العام على الخاص من دون نقل خلاف الا عن بعض الحنفية فقالوا إن حكم المقارنة والجهل بالتاريخ واحد وهو ثبوت حكم التعارض في قدر ما يتناولانه فيرجع إلى المرجحات الخارجية وهذا قولهم في المقارنة الحقيقية دون القولين المتصلين عرفا فالخاص المتأخر مخصص عندهم فيها والعام المتأخر ناسخ لنا ما مر مرارا من الفهم العرفي والرجحان النفس الامري والشيوع والغلبة وإحتمال التجوز في الخاص مرجوح بالنسبة إليه وقد يستشكل بأن الاخبار وردت في تقديم ما هو مخالف العامة أو ما هو

٢٤٦

موافق الكتاب ونحو ذلك وهو يقتضي تقديم العام لو كان هو الموافق للكتاب أو المخالف للعام أو نحو ذلك وفيه أن المبحث منعقد لملاحظة العام والخاص من حيث العموم والخصوص لا بالنظر إلى المرجحات الخارجية إذ قد يصير التجوز في الخاص أولى من التخصيص في العام من جهة مرجح خارجي وهو خارج عن المتنازع ومما ظهر لك من إتفاق العلماء إلا من شذ منهم على بناء العام على الخاص في صورة الاقتران من جهة محض العموم و الخصوص يتضح لك بطلان تعميم المبحث بحيث يشمل العام والخاص من وجه لما ذكرنا سابقا القسم الثاني وهو ما علم تقدم العام وتراخي زمان صدور الكلام المشتمل على الخاص فإما أن يكون ورود الخاص بعد حضور وقت العمل (بالعام) فيكون ناسخا لاتخصيصا للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة وقد يستشكل ذلك في اخبارنا المروية عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام فإنه إذا كان الخاص في كلامهم فيلزم وقوع النسخ بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو باطل لانقطاع الوحي بعده وبهذا يظهر إشكال آخر أورده بعضهم أيضا وهو أنه يلزم عدم جواز العمل بأخبار الآحاد المخصصة للكتاب أو الاخبار النبوية رأسا للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة والاول مدفوع بأن لزوم النسخ إنما هو إذا علم أن هذا البيان والتخصيص كان من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد حضور وقت العمل لا مجرد تراخي رواية الامامعليه‌السلام من حيث هو عن زمان العام فإن الائمةعليهم‌السلام حاكون عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا مؤسسون للشريعة فلا بد في لزوم الحكم بالنسخ من إثبات أن الخبر الخاص من حيث أنه ناسخ متأخر عن زمان العمل بالعام وهو غير معلوم بل خلافه معلوم لاتفاقهم ظاهرا على أن الاحكام الكلية بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله باقية إلى يوم القيامة وإن لم يمتنع عقلا ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبر خلفائهعليهم‌السلام بأن الحكم الفلاني باق بعدي إلى الزمان الفلاني ثم ينسخ فعليكم بإجرائه إلى ذلك الحين وإخفاء غايته ثم بيان الغاية عند إنتهاء المدة وبذلك ظهر الجواب عن إشكال لزوم تأخير البيان أيضا والحاصل أن الائمةعليهم‌السلام يظهرون ما وصل إليهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وينشرون ما وقع في زمانه ويبينون ما أراده الله في كتابه وما رام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سنته فحالهم مع الامة كحال الفقيه مع مقلده وقد أشار إلى بعض ما ذكرنا الفاضل المدقق الشيرواني في حاشيته الفارسية على المعالم فعلى هذا فلو فرض أن أحد الرواة سمع العام من إمامهعليه‌السلام وتأخر سماع الخاص عنه عن زمان حضور وقت العمل به من دون مانع ومن دون عذر ظاهر

٢٤٧

فلا بد أن يكون ظهور كونه مكلفا بالعام إلى ذلك الحين من جهة أخرى غير النسخ مثل تقية أو ضرورة أو نحو ذلك علمها الامامعليه‌السلام ولا يعلمها الراوي ولا يلزم بمجرد ذلك القول بالنسخ حتى يلزم المحذور فتأخير بيان الزمان ونهايته أيضا قد يكون من غير جهة النسخ فليفهم ذلك وإن كان ورود الخاص قبل حضور وقت العمل بالعام فالاقوى كونه مخصصا تأخير البيان عن وقت الخطاب كما سنحققه وأما من لا يقول بجوازه فإما يجعله ناسخا إن قال بجواز النسخ قبل حضور وقت العمل أو بجعله كالمتعارضين ويرجع إلى المرجحات الخارجية إن لم يقل بجوازه والقسم الثالث وهو ما علم تقدم الخاص فالاقوى وفاقا لاكثر المحققين ان العام يبنى على الخاص وذهب جماعة منهم السيد والشيخ إلى كونه ناسخا للخاص لنا رجحان التخصيص بما مر وترجيح الراجح واجب واستدل أيضا بأن فيه الجمع بين الدليلين في الجملة فلو عمل بالعام لزم إلغاء الخاص إن كان ورود العام قبل حضور وقت العمل به ونسخه ان كان بعده والتخصيص أولى منهماوفيه أن مجرد الجمع لا يصير دليلا على إختيار التخصيص لامكانه بغيره بأن يرتكب تجوز في جانب الخاص فلا بد من ذكر مرجح التخصيص ووجه إختياره على غيره وقد عرفت أن التخصيص الذي ثبت رجحانه هو التخصيص في أفراد العام لا في أزمانه فلا ينافي ما ذكرنا كون النسخ نوعا من التخصيص أيضا واستدل أيضا بأنا لو لم نخصص العام وألغينا الخاص لزم إبطال القطعي بالظني وهو باطل بالضرورة بيان الملازمة إن دلالة الخاص على مدلوله قطعي ودلالة العام محتمل لجواز أن يراد به الخاص ومرجع هذا الاستدلال إلى الترجيح من جهة قوة الدلالة بسبب النصوصية وإن لم يكن قطعيافي معناه كما أشرنا إليه مرارا ولا بأس به وترك صاحب المعالمرحمه‌الله الاستدلال به وقال في الحاشية إنما عدلنا عنه في الاصل لانه لا يتم إلا في بعض صور المعارضة وهو ما يكون فيه الخاص خاليا من جهة عموم ليكون قطعي الدلالة إذ لو كان له عموم من جهة أخرى لم يكن قطعيا فليتأمل إنتهى والظاهر أنه أراد مما يكون فيه الخاص خاليا من جهة عموم ما كان جزئيا حقيقيا مثل المثال الذي سنذكره فإن الخاص الكلي أيضا عام وظاهر في معناه لا قطعي وحسب الفاضل المدقق أنه أراد بذلك ما كان الخاص أعم من وجه من العام وجعل ذلك شاهدا على دعواه من عموم محل النزاع بل جعله صريحا في ذلك وأنت خبير بما فيه أما أولا فلانه لا وجه لجعل المعارضة بين العام والخاص المطلقين من بعض صور المعارضة مشعرا بقلته بل هو الاغلب وأما ثانيا فلان مقتضى ذلك أن يكون الدليل الذي ذكره في الاصل من

٢٤٨

أن العمل بالعام يقتضي إلغاء الخاص دون العكس جاريا في المعنيين وهو مما لا مساغ له في العام و الخاص من وجه لعدم الفرق بينهما فلنرجع إلى الجواب عما أورده صاحب المعالم على الدليل ونقول ان (لغوية)؟ الخاص لا تنفي نصوصيته وقطعيته بالنسبة إلى فرد ما من الخاص بخلاف العام فإنه لا قطع فيه إلا على دلالته على (فرد ما)؟ من العام مع أن إحتمال التجوز في الجزئي الحقيقي أيضا قائم وكذا في الخاص والعام بالنسبة إلى غير التخصيص من سائر المجازات فالمراد بالقطعية هنا قطعية إرادة فرد ما منه بعد فرض أن المراد هو المدلول الحقيقي في الجملة فلاوجه لترك هذا الدليل في مقام الاستدلال احتج القائل بالنسخ بوجوه الاول أن قول القائل اقتل زيدا ثم لا تقتل المشركين بمثابة أن يقول لا تقتل زيدا ولا عمروا ولا بكرا إلى آخر الافراد ولا شك أن هذا ناسخ فكذا ما هو بمثابته وجوابه المنع عن التساوي فإن التنصيص بمنع التخصيص بخلاف ما إذا كان بلفظ العام وإحتمال غير التخصيص من النسخ وغيره حينئذ مرجوح لما مر مرارا فتعين التخصيص والثاني أن المخصص للعام بيان فكيف يتقدم عليه وجوابه أن المقدم ذات البيان وأما وصف البيانية فهو متأخر وما قيل أن وصف البيانية حينئذ مقارن للعام فهو وهم لان وصف البيانية من حيث هي يتوقف على تقدم ما يحتاج إلى البيان وكيف كان فالبيان بوصف البيانية متأخر عما يحتاج إلى البيان طبعا وإن تقدم عليه وضعا من حيث الذات القسم الرابع وهو ما جهل التأريخ والمعروف من مذهب الاصحاب العمل بالخاص وهو الاقوى لانه لا يخرج عن أحد الاقسام السابقة وقد عرفت في الكل رجحان تقديم الخاص اما من جهة كونه ناسخا لوروده بعد حضور وقت العمل بالعام أو لكونه مخصصا كما مر مفصلا ثم ان الكلام في هذه المقامات إذا كان الخاص مما يجوز نسخ العام به واضح وكذلك فيما لا يجوز مع العلم بالتأريخ ويظهر الحال في الترجيح مما مر في المباحث السابقة وما سيجئ في مبحث النسخ فإطلاق الكلام في هذه المقامات إنما هو بالنظر إلى ملاحظة تقديم كل من العام والخاص على الاخر من حيث العموم (والخصوص) و إلا فيشكل الامر فيما يتفاوت الحال فيه من جهة النسخ والتخصيص في صورة جهل التأريخ فقد يجوز التخصيص دون النسخ كما لو كان العام من الكتاب أو السنة المتواترة والخاص من أخبار الآحاد وجهل التأريخ فالقول بالتقديم العمل بالخاص مطلقا يستلزم تجويزه في صورة ورود الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام في نفس الامر أيضا فيشكل الحكم بتقديم الخاص في صورة جهل التأريخ بقول مطلق وربما يجاب عن هذا الاشكال في الصورة المفروضة بأن الاصل عدم تحقق شرط النسخ وهو حضور وقت العمل فينتفي المشروط فيبقى التخصيص وهو معارض بأن الاصل عدم تحقق شرط التخصيص أيضا فإن

٢٤٩

تحققه في نفس الامر أيضا مشروط بورود الخاص قبل حضور وقت العمل وما قيل أن الاصل تأخرالحادث وهو يقتضي ورود الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام فهو معارض بأن حضور وقت العمل أيضا حادث والاصل تأخره فالتحقيق في الجواب إن أريد تعميم القول بتقديم العمل بالخاص في صورة جهل التأريخ مع كون الخاص مما لا يجوز نسخ العام القطعي به أن يقال أن شيوع التخصيص وغلبته ومرجحاته المتقدمة يقتضي ترجيح التخصيص بمعنى أن الراجح في النظر حصول ما يستلزم التخصيص في نفس الامر لا النسخ بمعنى أن الظاهر أن الخاص ورد قبل حضور وقت العمل ليثبت التخصيص إلحاقا للشئ بالاعم الاغلب وإتباعا لمرجحات التخصيص وأما من يقول بترجيح النسخ على التخصيص فيما لو فرض تقدم الخاص على العام كما نقلنا عن الشيخ والسيد رحمهما الله تعالى فهو أيضا يتوقف في مجهول التأريخ لدوران الخاص بين كونه مخصصا أو منسوخا ويظهر جوابه مما مر ثم أن ثمرة هذا الاشكال وأثر ذلك في أخبار أئمتناعليهم‌السلام غير ظاهرة لعدم ورود المنسوخ في كلامهمعليهم‌السلام كما أشرنا سابقا ولا الناسخ من حيث أنه ناسخ بل ما يؤثر عنهمعليهم‌السلام إنما هو حكاية ما علم من سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعاملاته وبياناته في الكتاب وسنتهصلى‌الله‌عليه‌وآله نعم همعليهم‌السلام ربما يقولون إن هذه الآية نسخت بهذه الاية وأمثال ذلك فلو ثبت باخبارهم شئ فإنما يثبت بها حال ما وقع في زمان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأما الاخبار النبوية فعندنا قليلة جدا وأما الكتاب فقد إدعى السيدرحمه‌الله إن تأريخ نزول آياته مضبوط لا خلاف فيه وذلك في الجميع محل نظر

٢٥٠

الباب الرابع في المطلق والمقيد

قانون المطلق على ما عرفه أكثر الاصوليين هو ما دل على شايع في جنسه أي على حصة محتملة الصدق على حصص كثيرة مندرجة تحت جنس ذلك الحصة وهو المفهوم الكلي الذي يصدق على هذه الحصة وعلى غيرها من الحصص فيدخل فيه المعهود الذهني ويخرج العام منه والجزئي الحقيقي والمعهود الخارجي وهذا التعريف يصدق على النكرة ويظهر من جماعة منهم الشهيد الثانيرحمه‌الله في تمهيد القواعد حيث قال في مقام الفرق بين المطلق والعام أن المطلق هو الماهية لا بشرط شئ والعام هو المهية بشرط الكثرة المستغرقة وصرح بعضهم بالفرق بين المطلق والنكرة وقد بينا ما عندنا في ذلك في مبحث العام والخاص وإن التحقيق إمكان الاعتبارين وصحة الجمع بين التعريفين بملاحظة الحيثيات فراجع ذلك المقام وأما ما ذكره بعضهم في وجه جعل المطلق حصة من الجنس لا نفس الحقيقة من أن الاحكام إنما تتعلق بالافراد لا بالمفهومات فيظهر لك ما فيه مما حققناه في مبحث جواز تعلق التكليف

٢٥١

والاحكام بالطبائع فحينئذ نقول أن البيع مثلا في قوله تعالى أحل الله البيع مطلق وبيع الغرر مقيد وكذلك الماء في مثل خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ والماء القليل المفهوم من قولهعليه‌السلام إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ وكذلك صم ولا تصم في السفر ونحو ذلك وعرفوا المقيد بما دل لا على شايع في جنسه فيدخل فيه المعارف والعمومات ولهم تعريف آخر وهو ما اخرج من شياع مثل رقبة مؤمنة والاصطلاح الشايع بينهم هو ذلك وعلى هذا فالمطلق هو ما لم يخرج عن هذا الشياغ والنسبة بينهما عموم من وجه لصدقهما على هذا الرجل وصدق الاول على زيد دون الثاني والثاني على رقبة مؤمنة دون الاول وكذا بين المطلق والمعنى الثاني لصدقهما على رقبة مؤمنة والاول على رقبة دون الثاني والثاني على هذا الرجل دون الاول إذا عرفت هذا فاعلم أن الاطلاق والتقييد يؤول من وجه إلى التعميم والتخصيص كما سنشير إليه فجميع ما مر في أحكام معارضة العام والخاص وتخصيص العام بالخاص والفرق بين الظني والقطعي وعدمه وأقسام معلومية التأريخ وجهالته وغير ذلك يجري هيهنا أيضا ويزيد هذا المبحث بما سنورده وهو أنه إذا أرود مطلق ومقيد فإما أن يختلف حكمهما بمعنى كون المحكوم به فيهما مختلفين وإن لم يختلف نفس الحكم الشرعي مثل اطعم يتيما وأكرم يتيما هاشميا أو يتحد حكمهما مثل أطعم يتيما أطعم يتيما هاشميا اما على الاول فلا يحمل المطلق على المقيد إجماعا إلا عن أكثر الشافعية على ما نقل عنهم فحملوا اليد في آية التيمم على اليد في آية الوضوء فقيدوها بالانتهاء إلى المرفق لاتحاد الموجب وهو الحدث وهو باطل لانه يرجع إلى إثبات العلة والعمل بالقياس وفيه منع القياس أولا ومنع العلة ثانيا والمختار وهو مختار الاكثرين سواء كانا أمرين أو نهيين أو مختلفين وسواء كان موجبهما أي علة الحكم متحدا أو مختلفا لعدم المقتضي للجمع وإمكان العمل بكل منهما رأسا إلا فيما كان أحدهما مستلزما لعدم الاخر مثل أن يقال إن ظاهرت فأعتق رقبة ولا تملك رقبة كافرة فإن العتق والملك وإن كانا مختلفين لكن العتق موقوف على الملك فالعتق يستلزم الملك بل عدم الملك أيضا يستلزم عدم العتق فحينئذ يقيد المطلق بعدم الكفر فلا يجوز عتق الكافرة بل ولا يصح أيضا وأما على الثاني فإما أن يتحد موجبهما أو يختلف أما الاول فإما أن يكون الحكمان مثبتين أو منفيين أو مختلفين فهذه أقسام ثلاثة الاول مثل أن يقول إن ظاهرت فاعتق رقبة وإن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة ولا خلاف بينهم في وجوب العمل بالمقيد اما من باب البيان أو من باب النسخ والمختار أنه من باب البيان سواء تقدم على المطلق أو تأخر عنه ولكن بشرط عدم حضور وقت العمل إذا علم تقدم المطلق

٢٥٢

فيكون ناسخا فحينئذ فهيهنا مسئلتان الاولى وجوب حمل المطلق على المقيد والثانية كونه بيانا لا نسخا لنا على المقام الاول نظير ما مر في حمل العام على الخاص لشيوع التقييد وشهرته ورجحانه وإنفهامه في العرف فإنه في الحقيقة أيضا نوع من التخصيص كما سنشير إليه واحتج الاكثرون بأنه جمع بين الدليلين لان العمل بالمقيد يستلزم العمل بالمطلق دون العكس وهذا بنفسه لا يتم لامكان الاعتراض بأن الجمع لا ينحصر في ذلك فلا بد من بيان المرجح ولايتم إلا بما ذكرنا وأما سند هذا المنع فقد يقرر بوجوه الاول أنه يمكن الجمع بينهما بحمل المقيد على الاستحباب بمعنى حمل الامر في قوله أعتق رقبة مؤمنة مثلا على الاستحباب فيكون المؤمنة أفضل أفراد الواجب التخييري والثاني أن يحمل الامر فيه على الواجب التخييري بمعنى التخيير المصطلح لا التخييري المستفاد من العقل فيما لو كان المأمور به كليا قابلا لكثيرين فإنه كان مستفادا من الامر بالمطلق بإنضمام حكم العقل أيضا وفيهما أنهما مرجوحان بالنسبة إلى ما ذكرنا لما ذكرنا سيما الاخير وقد يذب عنهما أيضا بأن حمل الامر على الاستحباب مجاز جزما كذا حمله على التخيير بخلاف إستعمال المطلق في المقيد فإنه ليس مجازا مطلقا بل له جهة حقيقة كما صرحوا به وفيه أنه إن أريد بذلك مجرد هذه الملائمة لا كونه مستعملا فيه بعنوان الحقيقة فيما نحن فيه فله وجه وإن أريد أنه مستعمل في المقيد فيما نحن فيه بعنوان الحقيقة في بعض الاحيان ففيه أن هذا الاستعمال ليس إلا الاستعمال المجازي لارادة الخصوصية منه حينئذ وإن لم يتعين عند المخاطب نعم قد يمكن دعوى الحقيقة مع عدم التعيين عند المخاطب إذا اشعر المقام بتعيينه عند المتكلم في مثل جاء رجل من أقصى المدينة وما نحن فيه ليس من هذا القبيل لاستحالة تعليق الحكم على المبهم من الحكيم ولو فرض مثل ذلك وحصل العلم بعد ذلك بسبب القرينة بإراة ذلك فيكون حينئذ بيانا للمجمل يعني يظهر بعد القرينة أنه كان مجملا فيكون هذا من باب المجمل لا المطلق فيكون مجازا في معناه فكيف كان فلا يخرج عن المجازية وإلى هذا ينظر قولهم بكون المقيد والخاص بيانا للمطلق والعام وتقسيمهم المجمل بما له ظاهر وما ليس له ظاهر فعلم أن ذلك خروج عن الظاهر والظاهر هو الحقيقة فهذا الكلام في ترجيح ما اخترناه من المجاز على ما ذكره المانع ولئن سلمنا تساوي الاحتمالين فنقول ان البرائة اليقينية لا تحصل إلا بالعمل بالمقيد كما ذكره العلامةرحمه‌الله في النهاية وقد يعترض عليه بأنه لم يحصل العمل بشغل الذمة مع إحتمال إرادة المجاز من المقيد حتى يجب تحصيل اليقين بالبرائة عنه فلا وجه لوجوب العمل به وفيه أن المكلف به حينئذ هو القدر المشترك بين كونه نفس المقيد أو المطلق ونعلم أنا مكلفون بأحدهما فإشتغال الذمة إنما هو بالمجمل ولا

٢٥٣

يحصل البرائة منه إلا بالاتيان بالمقيد وإنما يتم كلام المعترض لو سلمنا أنا مكلفون بعتق رقبة ما ولكن لا نعلم هل يشترط الايمان أم لا فحينئذ يمكن نفيه بأصل البرائة وليس كذلك بل نقول بعد تعارض المجازين وتصادم الاحتمالين يبقى الشك في أن المكلف به هل هو المطلق أو المقيد وليس هيهنا قدر مشترك يقيني يحكم بنفي الزايد عنه بالاصل لان الجنس الموجود في ضمن المقيد لا ينفك عن الاصل ولا تفارق بينهما فليتأمل والثالث ذكر سلطان العلماءرحمه‌الله أنه يمكن العمل بهما من دون إخراج أحدهما عن حقيقته بأن يعمل بالمقيد ويبقى المطلق على إطلاقه فلا يجب إرتكاب تجوز حتى يجعل ذلك وظيفة المطلق وذلك لان مدلول المطلق ليس صحة العمل بأي فرد كان حتى ينافي مدلول المقيد بل هو أعم منه ومما يصلح للتقييد بل المقيد في الواقع ألاترى أنه معروض للقيد كقولنا رقبة مؤمنة إذ لا شك أن مدلول رقبة في قولنا رقبة مؤمنة هو المطلق وإلا لزم حصول المقيد بدون المطلق مع أنه لا يصلح لاي رقبة كان فظهر أن مقتضى المطلق ليس كذلك وإلا لم يتخلف عنه وفيه أن مدلول المطلق وإن لم يكن ما ذكره ولكن مقتضاه هو ذلك بالوجهين اللذين سنذكرهما فمقتضاه ينافي مقتضى المقيد ولا يمكن الجمع بين مقتضاه ومقتضى المقيد بدون تصرف وإخراج عن الظاهر وقوله بل هو أعم إلخ إن أراد أن مدلول المطلق هو الامر الدائر بين الامرين أعني أي فرد كان على البدل والمقيد فهو باطل جزما لان مدلوله الحصة الشايعة والماهية لا بشرط كما مر وإن أراد أنه معنى عام قابل لصدقه على المعنيين فهو صحيح ولكن مقتضاه صحة العمل بأي فرد كان منه وإن كان بضميمة حكم العقل لان الطبيعة يوجد في ضمن أي فرد يكون والامتثال بها يحصل بالاتيان بأي فرد كان منه وأيضا الاصل برائة الذمة عن التعيين فهو يقتضي التخيير في الافراد ولا ريب أن هذا ينافي مقتضى المقيد والظاهر أن مراد القائل هو الشق الاول من الترديد لانه ذكر في موضع آخر أن المراد من المطلق كرقبة ليس أي فرد كان من أفراد الماهية على البدل بل ربما كان مدلوله معينا في الواقع وإن لم يكن اللفظ مستعملا في التعيين بل هذا أظهر وأكثر في الاخبار نعم في الاوامر يحتمل الاحتمالين فلا يكون التقييد تخصيصا وقرينة على المجاز إنتهى ملخصا وأنت خبير بأن كل ما يتعلق به الحكم الشرعي على سبيل التعيين في الواقع فلا بد أن يكون معرفة المخاطب للتعيين مقصودا فيه من الشارع سواء قارنه ذكر التعيين أو فارقه وسواء كان في صورة الاخبار كقوله تعالى أحل الله البيع أو في صورة الانشاء أمرا كان كأعتق أو نهيا لتمكن الامتثال فذكر لفظة المطلق وارادة المعين الواقعي مجاز جزما نعم ربما يصح ذلك

٢٥٤

في القصص والحكايات مثل قوله تعالى وجاء رجل من أقصى المدينة ومحل النزاع وموضع البحث ليس من هذا القبيل فكلما فرض إستعمال مطلق وإرادة فرد معين واقعي منه ولم يقترن بقرينة فهو حقيقة في بادى النظر ويحصل العلم بكونه مجازا بعد ظهور القرينة والحاصل أن إستعمال المطلق في المقيد حقيقة على وجهين ومجاز على وجه ومأل الوجهين يرجع إلى كون المقصود بالذات الحكم على الكلي و يكون إرادة الفرد مقصودا بالعرض وذلك يحصل في مثل جاء رجل من أقصى المدينة وفي مثل ائتني برجل إذا أراد فردا منه أي فرد يكون ومأل الوجه الاخر إلى ذكر المطلق وإرادة فرد خاص منه إما بإقترانه بما يدل على ذلك أو بإنكشاف ذلك بعد ظهور القرينة وكلامنا إنما هو في الاخير و هو المتداول في مسائل المطلق والمقيد فلو قيل بعد قوله تعالى وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى جاء حبيب النجار يسعى أو جاء (حزقيل)؟ مؤمن آل فرعون يسعى يكون بيانا للمجمل لا تقييدا للمطلق فقد خبط القائل خبطا عظيما واختلط عليه الامر فلا تغفل وقوله ألا ترى أنه معروض للقيد فيه ما لا يخفى إذ لا شك أن مدلول رقبة في قولنا رقبة مؤمنة هو المقيد لا المطلق والمؤمنة قيد للمقيد قوله وإلا لزم حصول المقيد بدون المطلق فيه أنه لا يستلزم ذلك محالا وقبيحا بل هو عين الحق والذي لا يمكن تخلف المقيد عنه إنما هو المفهوم الكلي القدر المشترك بينه وبين غيره من الافراد وهو ليس معنى الرقبة في قولنا رقبة مؤمنة وبالجملة لفظ رقبة وإن كان دالا على المعنى القدر المشترك بين الافراد في الجملة لكنه يقال له المطلق إذا استعمل وحده ويقال له المقيد إذا استعمل مع القيد فلا يلزم من وجود المقيد في الخارج وجود المطلق بل إنما يلزم منه وجود ما وجد في المطلق من المعنى الكلي ثم ان هيهنا كلاما من المحقق البهائيرحمه‌الله في حواشي زبدته في مباحث المفاهيم وهو أنه قال قد يقال ان القائلين بعدم حجية مفهوم الصفة قد قيدوا المطلق بمفهومها في نحو أعتق في الظهار رقبة أعتق في الظهار رقبة مؤمنة فإذا لم يكن مفهوم الصفة حجة عندهم كيف يقيدون به المطلق فما هذا إلا التناقض والجواب أن مفهوم الصفة إما أن يكون في مقابله مطلق كما في المثال المذكور أو لا نحو جاء العالم ففي الثاني ليس مفهوم الصفة حجة عندهم فلا يلزم من الحكم بمجئ العالم نفي مجئ الجاهل إلا إذا قامت قرينة على إرادة ذلك أما الاول فقد أجمع أصحابنا على أن مفهوم الصفة فيه حجة كما نقله العلامة طاب ثراه في نهاية الاصول فالقائلون بعدم حجية مفهوم الصفة يخصون كلامهم بما إذا لم يكن في مقابلها مطلق لموافقتهم في حجية ما إذا كان في المقابل مطلق ترجيحا للتأسيس على التأكيد وقريب من هذا الاعتراض على القائلين بأن الامر

٢٥٥

حقيقة في الوجوب كيف قالوا بأن الامر الوارد عقيب الحظر حقيقة في الاباحة إنتهى أقول ولا خفاء في بطلان الاعتراض ولا وقع لهذا الجواب اما الاعتراض فلان مفهوم قوله اعتق في الظهار رقبة مؤمنة عدم وجوب عتق غير المؤمنة لا حرمة عتق غير المؤمنة فلا ينافي جواز عتق الكافرة وحمل المطلق على المقيد إنما هو من جهة ملاحظة المنطوق لا المفهوم فإن المطلوب إن كان عتق فرد واحد فلاريب أن مع وجوب عتق المؤمنة لا يمكن الامتثال بغيرها وإن كان مطلق الطبيعة فبعد وجود عتق المؤمنة وحصول الامتثال بإيجاد الطبيعة في ضمنه فلا يبقى طلب حتى يحصل الامتثال بغيرها فيكون الاتيان ثانيا حراما فلا منافاة بين القول بعدم حجية المفهوم ووجوب حمل المطلق على المقيد وان أول قوله أعتق رقبة مؤمنة بأن المراد منه أن كفارة الظهار عتق رقبة مؤمنة لا مجرد إيجاب عتق رقبة مؤمنة فهو وإن كان يصحح الاعتراض في الجملة ولكنه لايتم أيضا إذ يكفي في نفي الجواز الغير وحدة المطلوب مع ملاحظة المنطوق ولا حاجة إلى إستفادته من المفهوم نعم يمكن جريان هذا التوهم في العام والخاص المتوافقين في الحكم والنفي والاثبات مثل قولك أكرم بني تميم أكرم بني تميم الطوال فإن نفي وجوب الاكرام في البعض ينافي وجوبه في الكل ولا يجري في المطلق والمقيد لعدم العموم الافرادي في المطلق ولذلك تراهم متفقين في عدم وجوب حمل العام على الخاص ثمة وإنما خصوا الحمل بالعام والخاص (المتنافيي)؟ الظاهر وأما الجواب ففيه أنه يفهم منه قبول التناقض في الجملة وقد ظهر لك بطلانه وإنه لا حاجة إلى التمسك بالاجماع والاجماع لا يثبت حجية المفهوم في الموضع الخاص بل إنما يثبت وجوب العمل بالمقيد والظاهر أن العلامةرحمه‌الله أيضا لم يدع الاجماع إلا على ذلك ولم يحضرني الآن كتاب النهاية لالاحظ وأيضا التمسك بترجيح التأسيس على التأكيد أيضا مما لا يناسب المقام إذ هومما يصلح مرجحا لجميع موارد المفهوم ولا إختصاص له بما نحن فيه وإن قيل انه فيما انحصر فائدة القيد في إعتبار المفهوم فنمنع الانحصار فيما نحن فيه إذ التأسيس يحصل بحمله على إرادة الافضلية ومما ذكرنا يظهر أن ما نحن فيه ليس من قبيل الامر الواقع عقيب الحظر وقد مر التحقيق فيه ولنا على المقام الثاني أنه نوع من التخصيص فان المستفاد من المطلق ومقتضاه ولو بإنضمام العقل إليه حصول الامتثال بأي فرد كان من أفراده فهو عام لكنه على البدل وقد عرفت في العام والخاص أن الخاص مبين لا ناسخ إلا في صورة تقدم العام وحضور وقت العمل فذلك المطلق والمقيد واحتج من قال بكون المقيد ناسخا إذا تأخر عن المطلق والظاهر أنه لا يشترط حضور وقت العمل للنسخ بأن الدلالة

٢٥٦

لا بد أن تكون مقارنة باللفظ فلو كان المقيد بيانا للمطلق لكان المطلق مجازا فيه وهو فرع الدلالة وهي منفية والجواب منع لزوم المقارنة ولا يلزم منه شئ إلا تأخير البيان عن وقت الخطاب و لا دليل على إمتناعه وأجيب أيضا بالنقض بصورة تقدم المقيد فالمطلق الوارد بعده لا بد أن يراد منه المقيد من دون (دلالة و) تقييد الرقبة بالسلامة عندهم أيضا واعترض على الاول بأن تقدم المقيد يصلح قرينة لانتقال الذهن من المطلق إلى المقيد بخلاف العكس وعلى الثاني بمنع تناول الرقبة للناقصة حتى يكون مجازا في السليمة ولو سلم فالمطلق ينصرف إلى الفرد الكامل والشايع الثاني وهو ما كانا منفيين مع إتحاد الموجب حكمه وجوب العمل بما إتفاقا ومثل له الاكثرون بقوله في كفارة الظهار لا تعتق مكاتبا لا تعتق مكاتبا كافرا وأورد عليه بانه من تخصيص العام لا تقييد المطلق فإن النكرة المنفية تفيد العموم وبدله بعضهم بقوله لا تعتق المكاتب لا تعتق المكاتب الكافر مع تقييده ذلك بعدم قصد الاستغراق بل جعله من العهد الذهني وأورد عليه بأن معناه حينئذ لا تعتق مكاتبا ما عن المكاتب على سبيل البدل والاحتمال من غير قصد إلى الاستغراق ويكفي لامتثاله بعدم عتق فرد واحد من المكاتب فقط ويحتمل حينئذ أن قوله لا تعتق مكاتبا كافرا بيان لهذا الفرد المنفي فمن أين يحصل الحكم بعدم إجزاء إعتاق المكاتب أصلا كما قالوا في حكم هذه المسألة سيما مع إعتبار مفهوم الصفة أقول ويمكن دفع الايراد عن مثال الاكثرين بإرادة الجنس فيكون التنوين تنوين التمكن ويصح المثال الثاني أيضا بإرادة الماهية أيضا كما بينا سابقا فلا حاجة إلى جعله من باب العهد الذهني مع أنه أيضا في معنى النكرة ولا يدفع الاشكال مع أن التقييد بعدم قصد الاستغراق لا فايدة فيه إلا أن يراد دفع توهم أن يجعل من قبيل والله لا يحب كل مختال فخور وإلا فاللام داخل على المنفي والنفي إنما يفيد نفي العموم لا عموم النفي فهو أوفق بالمطلق من العام وأما ما ذكره المورد من أن معناه حينئذ إلخ ففيه أنه إن أراد أن مكاتبا ما من المكاتب على سبيل البدل والاحتمال مورد للنهي ومتعلق له مع وصف كونه محتملا فهو عين النكرة المنفية المفيدة للعموم وإن أراد بعد إختيار المكلف تعيينه في ضمن فرد معين فهو ليس معنى هذا اللفظ بل يحتاج إلى تقدير وإضمار ومع ذلك فكيف يكون المقيد بيانا له كما ذكره إذ البيان إنما حصل بإختيار المكلف ذلك الفرد وإن أراد جعله من باب جاء رجل من أقصى المدينة فهو مع فيه مما مر أنه ليس من موضوع المسألة في شئ فيه ان هذا ألصق بالمثال المشهور من هذا المثال فلا وجه للعدول عنه فبالضرورة لا بد أن يكون مراد من بدل المثال بذلك غير هذا نعم يصح

٢٥٧

ما ذكره لو أخرج النهي عن معناه إلى معنى إثباتي مثل أن يراد منه أبق على الرق مكاتبا ما وحينئذ يتم معنى المطلق ويكتفي في الامتثال بعدم عتق فرد واحد إلى آخر ما ذكره لكنك خبير بأنه خارج عن مقاصد الفروع وأغلب موارد الاستعمالات في الشرع والعرف إذ المقصود من أمثال ذلك بيان مورد العتق لا بيان مورد إبقاء الرق فالمقصود بالذات عتق غير المكاتب لا إبقاء الرق للمكاتب مع أن إرادة فرد ما بعد النهي بدون العموم مما يعبد فرضه غالبا أو يصير المعنى حينئذ كون غير ذلك المنفي من الافراد محكوما عليها بذلك الحكم فيكون معنى لا تعتق مكاتبا ما أعتق من عداهم من العبيد وهو وإن كان يتم في مثل هذا المثال لو كان مالكا لمكاتب ولغير مكاتب ولكن كيف يتم في مثل لاتقتلوا الصيد مثلا إذ حينئذ يكون معناه لا تقتلوا صيدا ما إلا أن يخرج أيضا إلى المعنى الاثباتي مثل أن يقال إذا أصبتم صيودا فابقوا منها واحدا ويجوز لكم قتل الباقي وهذا كله خارج عن العرف والعادة ثم ان الحكم بوجوب العمل بالمطلق والمقيد هنا لا يتم إلا بفرضهما عاما وخاصا والظن أن إتفاقهم على ذلك مبني على مثالهم المشهور وإلا فعلى الفرض الذي ذكرنا من إرادة الماهية لا بشرط فيمكن الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد أللهم إلا أن يعتمد على الاجماع في ذلك بمعنى أن يكون ذلك كاشفا من إصطلاح عند أهل العرف متفقا عليه وهو كما ترى وإن أريد الاجماع الفقهي فلا يخفى بعده الثالث وهو ما كانا مختلفين مثل إن ظاهرت فأعتق رقبة وإن ظاهرت فلا تعتق رقبة كافرة فحكمه حمل المطلق على المقيد و وجهه ظاهر مما مر وأما الثاني كإطلاق الرقبة في كفارة الظهار وتقييدها في كفارة القتل فمذهب الاصحاب فيه عدم الحمل ولا فرق بين الاقسام المتصورة فيه من كونهما مثبتين أو منفيين أو مختلفين وإختلف مخالفونا فعن الحنفية المنع عنه مطلقا وعن أكثر الشافعية أنه يحمل عليه إن إقتضاه القياس ووجد شرائطه وعن بعضهم الحمل مطلقا وحججهم واهية لا تليق بالذكر والحق ما إختاره الاصحاب لعدم المقتضي

٢٥٨

الباب الخامس في المجمل والمبين والظاهر والمؤول

قانون المجمل ما كان دلالته غير واضحة بأن يتردد بين معنيين فصاعدا من معانيه وهو قد يكون فعلا وقد يكون قولا أما الفعل فحيث لم يقترن بما يدل على جهة وقوعه من الوجوب والندب وغيرهما كما إذا صلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة ولم يظهر وجهها و أما القول فهو إما مفرد أو مركب أما المفرد فاما إجماله بسبب تردده بين المعاني بسبب الاشتراك اللفظي في أول الامر كالقرء أو بسبب الاعلال كالمختار أو بسبب الاشتراك المعنوي

٢٥٩

وهو فيما لو أراد منه فردا معينا عنده غير معين عند المخاطب وذلك إما في الاخبار مثل جاء رجل من أقصى المدينة وإما في الاوامر والاحكام مثل أن تذبحوا بقرة وأعتق رقبة إذا أريد بها المؤمنة وإلى هذا ينظر قولهم إن الخاص والمقيد بيان لا ناسخ وقولهم فيما سيأتي أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب فيما له ومرادهم مما له ظاهر هو الظاهر على الظاهر وفي النظر الاول ومرادهم بكونه مبينا بالخاص المستلزم لاطلاق المجمل عليه هو المجمل في النظر الثاني فلا يتوهم التناقض بين وصف العام بالمجمل والظاهر والحاصل أن مرادهم بكون العام والمطلق حينئذ مجملا وكون الخاص والمقيد بيانا هو أن الخاص والمقيد يكشفان عن أن مراد المتكلم بالعام والمطلق كان فردا معينا عنده مبهما عند المخاطب وهذا هو الاكثري في الاحكام وإلا فقد يقترن العام والمطلق بقرينة تدل على إرادة مرتبة خاصة من العام وفرد خاص من المطلق ولكنه لم يقترن ببيان تلك المرتبة فذلك مجمل في أول النظر أيضا ولكنه مجاز حينئذ ولا يقال له أنه مما له ظاهر فإن القرينة أخرجته من الظهور في أول النظر أيضا وقد يجعل من الاجمال بإعتبار الاشتراك المعنوي قوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده بإعتبار إمكان صدق الحق على كل واحد من الابعاض مع أن المراد هو العشر لا غير والتحقيق أنه يرجع إلى الاشارة إلى القدر المخرج من المال الذي قدره الشارع مثل الزكاة مثلا فالاجمال بسبب الاشتراك المعنوي إنما هو فيما لو قال أخرج قدرا من مالك و أراد قدرا معينا ولم يبين وأما إذا سمى ذلك القدر بالحق فهيهنا الحق معين لان المراد منه هو القدر المذكور فالاجمال في الحق إنما هو بإعتبار الاجمال في مسماه ومن الاجمال تردد اللفظ بين مجازاته إذا قام قرينة على نفي الحقيقة وتساوت مجازاته وأما المركب فإما أن يكون الاجمال فيه بجملته مثل قوله تعالى أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح المتردد بين الزوج وولي المرئة أو بإعتبار تخصيصه بمخصص مجهول مثل أقتلوا المشركين إلا بعضهم مع إرادة البعض المعين وأحل لكم بهيمة الانعام إلا ما يتلى عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين لجهالة معنى الاحصان فإنه قد يجئ بمعنى الحفظ كما في أحصنت فرجها وقد يجئ بمعنى التزوج وقد يكون إلاجمال بسبب تردد مرجع الضمير بأن يتقدمه شيئان يحتمل رجوعه إلى كل منهما مثل ضرب زيد عمروا وأكرمته ومرجع الصفة مثل زيد طبيب ماهر لاحتمال كون المهارة في الطب أو لزيد مطلقا إذ عرفت هذا فاعلم أن التكليف بالمجمل جايز عقلا واقع شرعا وتوهم لزوم القبح لعدم الافهام فاسد لان ذلك إنما يتم إذا كان وقت الحاجة والفائدة فيه قبل الحاجة الاستعداد والتهيؤ للامتثال

٢٦٠