التقية في الفكر الاسلامي

التقية في الفكر الاسلامي0%

التقية في الفكر الاسلامي مؤلف:
المحقق: مركز الرسالة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 169

التقية في الفكر الاسلامي

مؤلف: السيد ثامر هاشم العميدي
المحقق: مركز الرسالة
تصنيف:

الصفحات: 169
المشاهدات: 29245
تحميل: 6628

توضيحات:

التقية في الفكر الاسلامي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 169 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29245 / تحميل: 6628
الحجم الحجم الحجم
التقية في الفكر الاسلامي

التقية في الفكر الاسلامي

مؤلف:
العربية

3 ـ جوازها في الدماء : تقدم أن أهل البيتعليهم‌السلام صرّحوا بأنّ التقيّة إنّما شرعت لحقن الدم ، وإنّه إذا بلغت التقيّة الدم فلا تقية ، وبهذا أفتى فقهاء الشيعة اقتداءً بأهل البيتعليهم‌السلام .

وقد وافقهم على هذا من فقهاء العامّة مالك بن أنس(1) .

وهو ظاهر المذهب المالكي ، قال ابن العربي المالكي : «قال علماؤنا : المكرَه على اتلاف المال يلزمه الغرم ، وكذلك المكرَه على قتل الغير يلزمه القتل»(2) . وهو أحد قولي الشافعي(3) . وخالف بذلك أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف.

فقال أبو حنيفة : يصح الاكراه على القتل ، ولكن يجب القصاص على المكره ، دون المأمور.

وقال أبو يوسف : يصح الاكراه على القتل ولا يجب القصاص على أحد ، وكان على الآمر دية المقتول في ماله في ثلاث سنين(4) !!

واعترف بهذا الكاساني الحنفي ، قائلاً : «والمكرَه على القتل لا قصاص عليه عند أبي حنيفة وصاحبه محمد ، ولكن يعزر القاتل ، ويجب القصاص على المكرِه.

وعند أبي يوسف لا يجب القصاص لا على المكرِه ولا على المكرَه ،

__________________

(1) تفسير بن جزي الكلبي المالكي : 366.

(2) أحكام القرآن / ابن العربي 3 : 1298.

(3) التفسير الكبير / الرازي الشافعي 20 : 121.

(4) فتاوى قاضيخان 5 : 484. واُنظر : الفرائد البهية في القواعد والفوائد الفقهية / مفتي الشام محمود حمزة : 219 ، ط1 ، دارالفكر ، دمشق / 1406 هـ.

١٦١

وإنّما تجب الدية على الأوّل»(1) .

وقد اعتذر السرخسي الحنفي عن أبي يوسف عن فتياه العجيبة هذه ، فقال : «وكان هذا القول لم يكن في السلف ، وإنّما سبق به أبو يوسف واستحسنه»(2) .

أقول : ومن فروع هذه المسألة عند أبي حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني ، أنه يجوز للرجل أن يتقي في قتل أبيه ، ولا يحرم من ميراثه.

قال الفرغاني الحنفي : «لو أُكرِه الرجل على قتل موروثه بوعيد قتل فَقَتَل ، لا يحرم القاتل من الميراث ، وله أن يقتُل المُكرِه قصاصاً لموروثه في قول أبي حنيفة ومحمد»(3) .

والخلاصة ، إنّ المذهب الحنفي يجوز التقيّة في الدماء!! وهو أحد قولي الشافعي(4) .

4 ـ جوازها في قطع الأعضاء : تصح التقيّة في قطع أعضاء الإنسان ، ولا قصاص في ذلك لا على الآمر ولا على المأمور ، بل تجب الدية عليهما معاً من مالهما عند أبي يوسف(5) !!

__________________

(1) بدائع الصنائع 7 : 175 ـ 191. وكذلك مجمع الأنهر 2 : 431 ـ 433.

(2) المبسوط / السرخسي 24 : 45.

(3) فتاوى قاضيخان 5 : 489.

(4) التفسير الكبير / الرازي 20 : 121.

(5) فتاوى قاضيخان 5 : 486.

١٦٢

والأعجب من كلِّ هذا ، جوازها في قطع الأعضاء تبرعاً من غير اضطرار أو إكراه!!!

إنّه لو أكرَه السلطان رجلاً على أن يقطع يدَ رجُلٍ فقطعها ، ثم قطع يدَه الاُخرى ، أو رجله تطوعاً من غير اكراه من السلطان ، وإنّما قطعها اختياراً ، فهل يجب عليه القصاص فيما قطعه مختاراً أو لا؟

الجواب : لا قصاص عليه ، ولا على السلطان ، بل تجب عليهما الدية من مالهما عند أبي يوسف(1) !!

5 ـ جوازها في هتك الأعراض !! : ومن فتاوى العامّة المخجلة حقاً تجويزهم التقيّة على الإنسان في هتك عرضه وشرفه وناموسه ، وعليه أن يقف ذليلاً وبكل نذالة وهو يرى الاعتداء على شرفه ولا يدفع عنه شيئاً! ففي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي المالكي أنّه إذا أُكرِه الإنسان على تسليم أهله لما لا يحلّ ، أسلمها ، ولم يقتل نفسه دونها ، ولا احتمل أذية في تخليصها(2) .

6 ـ جوازها في قذف المحصنات : تجوز التقيّة في قذف المحصنات عند الجصاص الحنفي(3) وقد زاد على ذلك السرخسي ، جواز الافتراء على المسلم تقية(4) .

__________________

(1) فتاوى قاضيخان 5 : 486.

(2) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي المالكي 10 : 180 وما بعدها في تفسيره الآية 106 من سورة النحل.

(3) أحكام القرآن / الجصاص الحنفي 1 : 127.

(4) المبسوط / السرخسي 24 : 48.

١٦٣

7 ـ جوازها في إتلاف مال المسلم : جوّز الحنفية والشافعية وغيرهم التقيّة في اتلاف مال المسلم لمن يُكرَه على ذلك ، ولا ضمان عليه وإنّما الضمان على من أكرهه(1) .

وأطلق الإمام الزيدي أحمد بن يحيى بن المرتضى القول باباحة مال الغير بشرط الضمان في حال التقيّة(2) .

8 ـ جوازها في شهادة الزور : صرّح السيوطي الشافعي بجواز شهادة الزور عند الاكراه عليها ، فيما لو كانت تلك الشهادة في اتلاف الاموال(3)

كلمة أخيرة عن سعة التقيّة في فقه المذاهب الأربعة :

لقد تركنا الكثير جداً من المسائل التي جوّز فيها فقهاء العامّة التقيّة بغية للاختصار ، كتجويزهم التقيّة مثلاً في : الصدقة ، والاقرار ، والنكاح ، والاجارة ، والمباراة ، والكفالة ، والشفعة ، والعهود ، والتدبير ، والرجعة بعد الطلاق والظهار ، والنذر ، والايلاء ، والسرقة ، وغيرها من الفروع الشرعية(4)

__________________

(1) مجمع الأنهر 2 : 431 ـ 433. والاشباه والنظائر / السيوطي الشافعي 207 ـ 208. والسيل الجرار على حدائق الأزهار / الشوكاني 4 : 265 ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت / 1405 هـ. وقد قيّد بعضهم مثل هذه التقيّة في حالة كون الاكراه عليها بالقتل وهو ما يسمونه بالاكراه الملجيء الذي يكون معتبراً في التصرفات القولية والفعلية ، وفي مثل هذا الحال يكون الضمان على المكرِه ، وأما لو كان الاكراه غير ملجيء وهو ما كان التهديد فيه بما دون القتل فللمكرَه أن يتقي في المثال أيضاً بشرط الضمان.

انظر شرح المجلة / سليم رشيد الباز : 560 المادة 1007 ط3 دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

(2) البحر الزخار 6 : 100.

(3) الأشباه والنظائر / السيوطي : 207 ـ 208.

(4) راجع في ذلك بدائع الصنائع 7 : 175 ـ 191. والمحلّى 8 : 331 ـ 335 مسألة : 1406 وغيرهما مما ذكرناه من مصادر الفقه العامي.

١٦٤

ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات. ومن هنا قال المالكية : «الاكراه ، إذا وقع على فروع الشريعة لا يؤخذ المكره بشيء»(1) .

تصريحهم بجوازها في كلّ شيء :

وهو ما صرّح به موسى جار اللّه التركماني بقوله : «والتقيّة هي : وقاية النفس من اللائمة والعقوية ، وهي بهذا المعنى من الدين ، جائزة في كلِّ شيء»(2) .

وقال أيضاً : «التقيّة في سبيل حفظ حياته ، وشرفه ، وحفظ ماله ، وفي حمايته ، حق من حقوقه واجبة على كلِّ أحد إماماً كان أو غيره» وبهذا وغيره مما مرّ في فصول هذا البحث يتضح أنّه لا مجال لأحد في النقاش بمشروعية التقيّة في الإسلام ، ولا مجال لانكارها بحال من الأحوال ، وان انكارها مرض طبعت عليه قلوب المنافقين ، والحمد للّه ربِّ العالمين.

__________________

(1) أحكام القرآن / ابن العربي 3 : 1177 / 1182.

(2) الوشيعة في نقد عقائد الشيعة / موسى جاراللّه : 72 ، ط1 ، مطبعة الشرق ، مصر / 1355 هـ.

١٦٥
١٦٦

المحتويات

التقية في الفكر الاسلامي..................................................... 1

كلمة المركز :............................................................... 5

المقدِّمة..................................................................... 7

الفصل الأول.............................................................. 11

التقيّة والإكراه.............................................................. 11

تعريف التقيّة :........................................................... 11

وفي الاصطلاح :......................................................... 11

صلة التقيّة بالإكراه :...................................................... 12

الوجه في تقديم بحث الإكراه على التقيّة :.................................... 13

تعريف الإكراه :.......................................................... 14

أركان الاكراه :........................................................... 15

الثاني ـ المُكْرَه........................................................... 16

أنواع الإكراه :............................................................ 17

النوع الأول : الإكراه على الكلام المخالف للحق........................... 17

النوع الثاني : الإكراه على الفعل المحظور................................... 19

حكم ما يُكْرَه عليه :...................................................... 20

الصورة الثانية.......................................................... 22

الصورة الثالثة.......................................................... 22

دور القواعد الفقهية في بيان حكم ما يُكرَه عليه :............................. 23

أوّلاً ـ قاعدة يرتكب أخف الضررين لدفع أعظمهما :....................... 23

صلة القاعدة بالإكراه والتقيّة :..................................... 23

١٦٧

أقسام الضرر تبعا لأسبابه :................................................ 24

ثانيا ـ قاعدة الضرورات تقدّر بقدرها :.................................... 26

صلة القاعدة بالاكراه والتقيّة :..................................... 26

ثالثا ـ قاعدة الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف :........................... 27

رابعا ـ قاعدة لا ضرر ولا ضرار :......................................... 27

خامسا ـ قاعدة الضرورات تبيح المحظورات :................................ 28

الفرق والاتفاق بين الضرورة والاكراه :....................................... 28

أولاً ـ الفرق بين الضرورة والاكراه :........................................ 28

الفرق الأوّل ـ اختلافهما في المسبب :............................... 28

الفرق الثاني ـ اختلافهما في الحكم :................................. 29

ثانياً : الاتفاق بين الضرورة والإكراه :..................................... 29

1 ـ اتّفاقهما في جهة الفاعل :..................................... 29

2 ـ اتّفاقهما في من تترتّب عليه الآثار :............................. 29

3 ـ اتّفاقهما في إباحة بعض المحظورات الشرعية :..................... 30

الفصل الثاني.............................................................. 31

أدلة التقيّة وأصولها التشريعية................................................ 31

المبحث الأول............................................................. 31

أدلة التقيّة من القرآن الكريم................................................ 31

أولاً : الأدلة القرآنية الدالة على التقيّة قبل الإسلام......................... 33

الآية الاُولى : حول تقية أصحاب الكهف........................... 33

ما يشكل به من القرآن الكريم على عدم تقيّتهم :.................. 33

جواب الإشكال :............................................. 34

١٦٨

أوّلاً ـ من القرآن الكريم :................................................... 34

ثانيا ـ من حديث الإمام الصادق عليه‌السلام الصريح بشدّة تقيّتهم :.................. 34

ثالثا ـ من تصريح علماء العامّة بتقيّتهم :..................................... 35

1 ـ تصريح الرازي بتقيّتهم :............................................. 35

2 ـ تصريح القرطبي بتقيّتهم :............................................ 35

الآية الثانية : حول تقية مؤمن آل فرعون.................................. 36

1 ـ ما قاله الماوردي بشأن تقيّة مؤمن آل فرعون :.................... 36

المحتويات.............................................................. 167

١٦٩