كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٢٠

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 351

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 351
المشاهدات: 37253
تحميل: 4848


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37253 / تحميل: 4848
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 20

مؤلف:
العربية

و إنهم يضحكون إن ضحكوا

مني و أبكي أنا من الجوع

و قال آخر:

إذا لبسوا دكن الخزوز و خضرها

و راحوا فقد راحت عليك المشاجب

و روي أن كيسان غلام أبي عبيدة وفد على بعض البرامكة فلم يعطه شيئا فلما وافى البصرة قيل له كيف وجدته قال وجدته مشجبا من حيث ما أتيته وجدته.و يكنون عن الطفيلي فيقولون هو ذباب لأنه يقع في القدور قال الشاعر:

أتيتك زائرا لقضاء حق

فحال الستر دونك و الحجاب

و لست بواقع في قدر قوم

و إن كرهوا كما يقع الذباب

و قال آخر:

و أنت أخو السلام و كيف أنتم

و لست أخا الملمات الشداد

و أطفل حين يجفى من ذباب

و ألزم حين يدعى من قراد

و يكنون عن الجرب بحب الشباب قال الوزير المهلبي:

يا صروف الدهر حسبي

أي ذنب كان ذنبي

علة خصت و عمت

في حبيب و محب

دب في كفيه يا من

حبه دب بقلبي

فهو يشكو حر حب

و شكاتي حر حب

و يكنون عن القصير القامة بأبي زبيبة و عن الطويل بخيط باطل و كانت كنية مروان بن الحكم لأنه كان طويلا مضطربا قال فيه الشاعر:

لحا الله قوما أمروا خيط باطل

على الناس يعطي من يشاء و يمنع

و في خيط باطل قولان أحدهما أنه الهباء الذي يدخل من ضوء الشمس في الكوة

٢٠١

من البيت و تسميه العامة غزل الشمس و الثاني أنه الخيط الذي يخرج من في العنكبوت و تسميه العامة مخاط الشيطان.و تقول العرب للملقو لطيم الشيطان.و كان لقب عمرو بن سعيد الأشدق لأنه كان ملقوا.و قال بعضهم لآخر ما حدث قال قتل عبد الملك عمرا فقال قتل أبو الذبان لطيم الشيطان( وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ اَلظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) .و يقولون للحزين المهموم يعد الحصى و يخط في الأرض و يفت اليرمع قال المجنون:

عشية ما لي حيلة غير أنني

بلقط الحصى و الخط في الدار مولع

أخط و أمحو كل ما قد خططته

بدمعي و الغربان حولي وقع

و هذا كالنادم يقرع السن و البخيل ينكت الأرض ببنانه أو بعود عند الرد قال الشاعر:

عبيد إخوانهم حتى إذا ركبوا

يوم الكريهة فالآساد في الأجم

يرضون في العسر و الإيسار سائلهم

لا يقرعون على الأسنان من ندم

و قال آخر في نكت الأرض بالعيدان:

قوم إذا نزل الغريب بدارهم

تركوه رب صواهل و قيان

لا ينكتون الأرض عند سؤالهم

لتطلب العلات بالعيدان

و يقولون للفارغ فؤاد أم موسى.

٢٠٢

و يقولون للمثري من المال منقرس و ذلك أن علة النقرس أكثر ما تعتري أهل الثروة و التنعم.حكى المبرد قال كان الحرمازي في ناحية عمرو بن مسعدة و كان يجري عليه فخرج عمرو بن مسعدة إلى الشام و تخلف الحرمازي ببغداد فأصابه النقرس فقال:

أقام بأرض الشام فاختل جانبي

و مطلبه بالشام غير قريب

و لا سيما من مفلس حلف نقرس

أ ما نقرس في مفلس بعجيب

و قال بعضهم يهجو ابن زيدان الكاتب:

تواضع النقرس حتى لقد

صار إلى رجل ابن زيدان

علة إنسان و لكنها

قد وجدت في غير إنسان

و يقولون للمترف رقيق النعل و أصله قول النابغة:

رقاق النعال طيب حجزاتهم

يحيون بالريحان يوم السباسب

يعني أنهم ملوك و الملك لا يخصف نعله و إنما يخصف نعله من يمشي و قوله طيب حجزاتهم أي هم أعفاء الفروج أي يشدون حجزاتهم على عفة و كذلك قولهم فلان مسمط النعال أي نعله طبقة واحدة غير مخصوف قال المرار بن سعيد الفقعسي:

وجدت بني خفاجة في عقيل

كرام الناس مسمطة النعال

و قريب من هذا قول النجاشي:

و لا يأكل الكلب السروق نعالنا

و لا ينتقي المخ الذي في الجماجم

٢٠٣

يريد أن نعالهم سبت و السبت جلود البقر المدبوغة بالقرظ و لا تقربها الكلاب و إنما تأكل الكلاب غير المدبوغ لأنه إذا أصابه المطر دسمه فصار زهما.و يقولون للسيد لا يطأ على قدم أي هو يتقدم الناس و لا يتبع أحدا فيطأ على قدمه.و يقولون قد اخضرت نعالهم أي صاروا في خصب و سعة قال الشاعر:

يتايهون إذا اخضرت نعالهم

و في الحفيظة أبرام مضاجير

و إذا دعوا على إنسان بالزمانة قالوا خلع الله نعليه لأن المقعد لا يحتاج إلى نعل.و يقولون أطفأ الله نوره كناية عن العمى و عن الموت أيضا لأن من يموت فقد طفئت ناره.و يقولون سقاه الله دم جوفه دعاء عليه بأن يقتل ولده و يضطر إلى أخذ ديته إبلا فيشرب ألبانها.و يقولون رماه الله بليلة لا أخت لها أي ليلة موته لأن ليلة الموت لا أخت لها.و يقولون وقعوا في سلا جمل أي في داهية لا يرى مثلها لأن الجمل لا سلا له و إنما السلا للناقة و هي الجليدة التي تكون ملفوفة على ولدها.و يقولون صاروا في حولاء ناقة إذ صاروا في خصب.و كانوا إذا وصفوا الأرض بالخصب قالوا كأنها حولاء ناقة.

٢٠٤

و يقولون لأبناء الملوك و الرؤساء و من يجري مجراهم جفاة المحز قال الشاعر:

جفاة المحز لا يصيبون مفصلا

و لا يأكلون اللحم إلا تخذما

يقول هم ملوك و أشباه الملوك لا حذق لهم بنحر الإبل و الغنم و لا يعرفون التجليد و السلخ و لهم من يتولى ذلك عنهم و إذا لم يحضرهم من يجزر الجزور تكلفوا هم ذلك بأنفسهم فلم يحسنوا حز المفصل كما يفعله الجزار و قوله

و لا يأكلون اللحم إلا تخذما

أي ليس بهم شره فإذا أكلوا اللحم تخذموا قليلا قليلا و الخذم القطع و أنشد الجاحظ في مثله:

و صلع الرءوس عظام البطون

جفاة المحز غلاظ القصر

لأن ذلك كله أمارات الملوك و قريب من ذلك قوله:

ليس براعي إبل و لا غنم

و لا بجزار على ظهر وضم

و يقولون فلان أملس يكنون عمن لا خير فيه و لا شر أي لا يثبت فيه حمد و لا ذم.و يقولون ملحه على ركبته أي هو سيئ الخلق يغضبه أدنى شي‏ء قال:

لا تلمها إنها من عصبة

ملحها موضوعة فوق الركب

و يقولون كناية عن مجوسي هو ممن يخط على النمل و النمل جمع نملة و هي قرحة بالإنسان كانت العرب تزعم أن المجوسي إذا كان من أخته و خط عليها برأت قال الشاعر:

و لا عيب فينا غير عرق لمعشر

كرام و أنا لا نخط على النمل

٢٠٥

و يقولون للصبي قد قطفت ثمرته أي ختن و قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:

ما زال عصياننا لله يرذلنا

حتى دفعنا إلى يحيى و دينار

إلا عليجين لم تقطف ثمارها

قد طالما سجدا للشمس و النار

و يقولون قدر حليمة أي لا غليان فيها.و يقولون لمن يصلي صلاة مختصرة هو راجز الصلاة.و قال أعرابي لرجل رآه يصلي صلاة خفيفة صلاتك هذه رجز.و يقولون فلان عفيف الشفة أي قليل السؤال و فلان خفيف الشفة كثير السؤال.و تكني العرب عن المتيقظ بالقطامي و هو الصقر.و يكنون عن الشدة و المشقة بعرق القربة يقولون لقيت من فلان عرق القربة أي العرق الذي يحدث بك من حملها و ثقلها و ذلك لأن أشد العمل كان عندهم السقي و ما ناسبه من معالجة الإبل.و تكني العرب عن الحشرات و هوام الأرض بجنود سعد يعنون سعد الأخبية و ذلك لأنه إذا طلع انتشرت في ظاهر الأرض و خرج منها ما كان مستترا في باطنها قال الشاعر:

قد جاء سعد منذرا بحره

موعدة جنوده بشره

و يكني قوم عن السائلين على الأبواب بحفاظ سورة يوسف ع لأنهم يعتنون بحفظها دون غيرها و قال عمارة يهجو محمد بن وهيب:

تشبهت بالأعراب أهل التعجرف

فدل على ما قلت قبح التكلف

٢٠٦

لسان عراقي إذا ما صرفته

إلى لغة الأعراب لم يتصرف

و لم تنس ما قد كان بالأمس حاكه

أبوك و عود الجف لم يتقصف

لئن كنت للأشعار و النحو حافظا

لقد كان من حفاظ سورة يوسف

و يكنون عن اللقيط بتربية القاضي و عن الرقيب بثاني الحبيب لأنه يرى معه أبدا قال ابن الرومي:

موقف للرقيب لا أنساه

لست أختاره و لا آباه

مرحبا بالرقيب من غير وعد

جاء يجلو علي من أهواه

لا أحب الرقيب إلا لأني

لا أرى من أحب حتى أراه

و يكنون عن الوجه المليح بحجة المذنب إشارة إلى قول الشاعر:

قد وجدنا غفلة من رقيب

فسرقنا نظرة من حبيب

و رأينا ثم وجها مليحا

فوجدنا حجة للذنوب

و يكنون عن الجاهل ذي النعمة بحجة الزنادقة قال ابن الرومي:

مهلا أبا الصقر فكم طائر

خر صريعا بعد تحليق

لا قدست نعمى تسربلتها

كم حجة فيها لزنديق

و قال ابن بسام في أبي الصقر أيضا:

يا حجة الله في الأرزاق و القسم

و عبرة لأولى الألباب و الفهم

تراك أصبحت في نعماء سابغة

إلا و ربك غضبان على النعم

فهذا ضد ذلك المقصد لأن ذاك جعله حجة على الزندقة و هذا جعله حجة على قدرة البارئ سبحانه على عجائب الأمور و غرائبها و أن النعم لا قدر لها عنده سبحانه حيث جعلها عند أبي الصقر مع دناءة منزلته و قال ابن الرومي

٢٠٧

و قينة أبرد من ثلجه

تبيت منها النفس في ضجه

كأنها من نتنها صخة

لكنها في اللون أترجه

تفاوتت خلقتها فاغتدت

لكل من عطل محتجه

و قد يشابه ذلك قول أبي علي البصير في ابن سعدان:

يا ابن سعدان أجلح الرزق في أمرك

و استحسن القبيح بمره

نلت ما لم تكن تمنى إذا ما

أسرفت غاية الأماني عشره

ليس فيما أظن إلا لكيلا

ينكر المنكرون لله قدره

و للمفجع في قريب منه:

إن كنت خنتكم المودة غادرا

أو حلت عن سنن المحب الوامق

فمسخت في قبح ابن طلحة إنه

ما دل قط على كمال الخالق

و يقولون عرض فلان على الحاجة عرضا سابريا أي خفيفا من غير استقصاء تشبيها له بالثوب السابري و الدرع السابرية و هي الخفيفة.و يحكى أن مرتدا مر على قوم يأكلون و هو راكب حمارا فقالوا انزل إلينا فقال هذا عرض سابري فقالوا انزل يا ابن الفاعلة و هذا ظرف و لباقه.و يقولون في ذلك وعد سابري أي لا يقرن به وفاء و أصل السابري اللطيف الرقق.و قال المبرد سألت الجاحظ من أشعر المولدين فقال القائل:

كأن ثيابه أطلعن

من أزراره قمرا

يزيدك وجهه حسنا

إذا ما زدته نظرا

بعين خالط التفتير

في أجفانها الحورا

٢٠٨

و وجه سابري لو

تصوب ماؤه قطرا

يعني العباس بن الأحنف.و تقول العرب في معنى قول المحدثين عرض عليه كذا عرضا سابريا عرض عليه عرض عالة أي عرض الماء على النعم العالة التي قد شربت شربا بعد شرب و هو العلل لأنها تعرض على الماء عرضا خفيفا لا تبالغ فيه.و من الكنايات الحسنة قول أعرابية قالت لقيس بن سعد بن عبادة أشكو إليك قلة الجرذان في بيتي فاستحسن منها ذلك و قال لأكثرنها املئوا لها بيتها خبزا و تمرا و سمنا و أقطا و دقيقا.و شبيه بذلك ما روي أن بعض الرؤساء سايره صاحب له على برذون مهزول فقال له ما أشد هزال دابتك فقال يدها مع أيدينا ففطن لذلك و وصله.و قريب منه ما حكي أن المنصور قال لإنسان ما مالك قال ما أصون به وجهي و لا أعود به على صديقي فقال لقد تلطفت في المسألة و أمر له بصلة.و جاء أعرابي إلى أبي العباس ثعلب و عنده أصحابه فقال له ما أراد القائل بقوله:

الحمد لله الوهوب المنان

صار الثريد في رءوس القضبان

فأقبل ثعلب على أهل المجلس فقال أجيبوه فلم يكن عندهم جواب و قال له نفطويه الجواب منك يا سيدي أحسن فقال على أنكم لا تعلمونه قالوا لا نعلمه فقال الأعرابي قد سمعت ما قال القوم فقال و لا أنت أعزك الله تعلمه فقال ثعلب أراد أن السنبل قد أفرك قال صدقت فأين حق الفائدة فأشار إليهم ثعلب

٢٠٩

فبروه فقام قائلا بوركت من ثعلب ما أعظم بركتك.و يكنون عن الشيب بغبار العسكر و برغوة الشباب قال الشاعر:

قالت أرى شيبا برأسك قلت لا

هذا غبار من غبار العسكر

و قالت آخر و سماه غبار وقائع الدهر:

غضبت ظلوم و أزمعت هجري

وصبت ضمائرها إلى الغدر

قالت أرى شيبا فقلت لها

هذا غبار وقائع الدهر

و يقولون للسحاب فحل الأرض.و قالوا القلم أحد اللسانين و رداءة الخط أحد الزمانتين.قال و قال الجاحظ رأيت رجلا أعمى يقول في الشوارع و هو يسأل ارحموا ذا الزمانتين قلت و ما هما قال أنا أعمى و صوتي قبيح و قد أشار شاعر إلى هذا فقال:

اثنان إذا عدا

حقيق بهما الموت

فقير ما له زهد

و أعمى ما له صوت

و قال رسول الله ص إياكم و خضراء الدمن فلما سئل عنها قال المرأة الحسناء في المنبت السوء و قال ع في صلح قوم من العرب إن بيننا و بينهم عيبة مكفوفة أي لا نكشف ما بيننا و بينهم من ضغن و حقد و دم و قال ع الأنصار كرشي و عيبتي أي موضع سري و كرشي جماعتي.

٢١٠

و يقال جاء فلان ربذ العنان أي منهزما.و جاء ينفض مذرويه أي يتوعد من غير حقيقة.و جاء ينظر عن شماله أي منهزما.و تقول فلان عندي بالشمال أي منزلته خسيسة و فلان عندي باليمين أي بالمنزلة العليا قال أبو نواس:

أقول لناقتي إذ بلغتني

لقد أصبحت عندي باليمين

فلم أجعلك للغربان نهبا

و لم أقل اشرقي بدم الوتين

حرمت على الأزمة و الولايا

و أعلاق الرحالة و الوضين

و قال ابن ميادة:

أبيني أ في يمنى يديك جعلتني

فأفرح أم صيرتني في شمالك

و تقول العرب التقى الثريان في الأمرين يأتلفان و يتفقان أو الرجلين قال أبو عبيدة و الثرى التراب الندي في بطن الوادي فإذا جاء المطر و سح في بطن الوادي حتى يلتقي نداه و الندى الذي في بطن الوادي يقال التقى الثريان.و يقولون هم في خير لا يطير غرابه يريدون أنهم في خير كثير و خصب عظيم فيقع الغراب فلا ينفر لكثرة الخصب.و كذلك أمر لا ينادى وليده أي أمر عظيم ينادى فيه الكبار دون الصغار.و قيل المراد أن المرأة تشتغل عن وليدها فلا تناديه لعظم الخطب و من هذا قول الشاعر يصف حربا عظيمة

٢١١

إذا خرس الفحل وسط الحجور

و صاح الكلاب و عق الولد

يريد أن الفحل إذا عاين الجيش و البارقة لم يلتفت لفت الحجور و لم يصهل و تنبح الكلاب أربابها لأنها لا تعرفهم للبسهم الحديد و تذهل المرأة عن ولدها رعبا فجعل ذلك عقوقا.و يقولون أصبح فلان على قرن أعفر و هو الظبي إذا أرادوا أصبح على خطر و ذلك لأن قرن الظبي ليس يصلح مكانا فمن كان عليه فهو على خطر قال إمرؤ القيس:

و لا مثل يوم بالعظالى قطعته

كأني و أصحابي على قرن أعفرا

و قال أبو العلاء المعري:

كأنني فوق روق الظبي من حذر

و أنشد ابن دريد في هذا المعنى:

و ما خير عيش لا يزال كأنه

محلة يعسوب برأس سنان

يعني من القلق و أنه غير مطمئن.و يقولون به داء الظبي أي لا داء به لأن الظبي صحيح لا يزال و المرض قل أن يعتريه و يقولون للمتلون المختلف الأحوال ظل الذئب لأنه لا يزل مرة هكذا و مرة هكذا و يقولون به داء الذئب أي الجوع.

٢١٢

و عهد فلان عهد الغراب يعنون أنه غادر قالوا لأن كل طائر يألف أنثاه إلا الغراب فإنه إذا باضت الأنثى تركها و صار إلى غيرها.و يقولون ذهب سمع الأرض و بصرها أي حيث لا يدرى أين هو.و تقولون ألقى عصاه إذا أقام و استقر قال الشاعر:

فألقت عصاها و استقر بها النوى

كما قر عينا بالإياب المسافر

و وقع القضيب من يد الحجاج و هو يخطب فتطير بذلك حتى بان في وجهه فقام إليه رجل فقال إنه ليس ما سبق وهم الأمير إليه و لكنه قول القائل و أنشده البيت فسري عنه.و يقال للمختلفين طارت عصاهم شققا.و يقال فلان منقطع القبال أي لا رأي له.و فلان عريض البطان أي كثير الثروة.و فلان رخي اللب أي في سعة.و فلان واقع الطائر أي ساكن.و فلان شديد الكاهل أي منيع الجانب.و فلان ينظر في أعقاب نجم مغرب أي هو نادم آيس قال الشاعر:

فأصبحت من ليلى الغداة كناظر

مع الصبح في أعقاب نجم مغرب

و سقط في يده أي أيقن بالهلكة.و قد رددت يده إلى فيه أي منعته من الكلام.و بنو فلان يد على بني فلان أي مجتمعون.

٢١٣

و أعطاه كذا عن ظهر يد أي ابتداء لا عن مكافأة.و يقولون جاء فلان ناشرا أذنيه أي جاء طامعا.و يقال هذه فرس غير محلفة أي لا تحوج صاحبها إلى أن يحلف أنها كريمة قال:

كميت غير محلفة و لكن

كلون الصرف عل به الأديم

و تقول حلب فلان الدهر أشطره أي مرت عليه صروبه خيره و شره.و قرع فلان لأمر ظنبوبه أي جد فيه و اجتهد.و تقول أبدى الشر نواجذه أي ظهر.و قد كشفت الحرب عن ساقها و كشرت عن نابها.و تقول استنوق الجمل يقال ذلك للرجل يكون في حديث ينتقل إلى غيره يخلطه به.و تقول لمن يهون بعد عز استأتن العير.و تقول للضعيف يقوى استنسر البغاث.و يقولون شراب بأنقع أي معاود للأمور و قال الحجاج يا أهل العراق إنكم شرابون بأنقع أي معتادون الخير و الشر و الأنقع جمع نقع و هو ما استنقع من الغدران و أصله في الطائر الحذر يرد المناقع في الفلوات حيث لا يبلغه قانص و لا ينصب له شرك

٢١٤

حديث عن إمرئ القيس

و نختم هذا الفصل في الكنايات بحكاية رواها أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال أبو الفرج أخبرني محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني ابن عمي قال حدثنا أحمد بن عبد الله عن الهيثم بن عدي قال و حدثني عمي قال حدثنا محمد بن سعد الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن مجالد بن سعيد عن عبد الملك بن عمير قال قدم علينا عمر بن هبيرة الكوفة أميرا على العراق فأرسل إلى عشرة من وجوه أهل الكوفة أنا أحدهم فسرنا عنده فقال ليحدثني كل رجل منكم أحدوثة و ابدأ أنت يا أبا عمرو فقلت أصلح الله الأمير أ حديث حق أم حديث باطل قال بل حديث حق فقلت إن إمرأ القيس كان آلى ألية ألا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية و أربعة و اثنتين فجعل يخطب النساء فإذا سألهن عن هذا قلن أربعة عشر فبينا هو يسير في جوف الليل إذا هو برجل يحمل ابنة صغيرة له كأنها البدر لتمه فأعجبته فقال لها يا جارية ما ثمانية و أربعة و اثنتان فقالت أما ثمانية فأطباء الكلبة و أما أربعة فأخلاف الناقة و أما اثنتان فثديا المرأة فخطبها إلى أبيها فزوجه إياها و شرطت عليه أن تسأله ليلة بنائها عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك و على أن يسوق إليها مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر وصائف و ثلاثة أفراس ففعل ذلك ثم بعث عبدا إلى المرأة و أهدى إليها معه نحيا من سمن و نحيا من عسل و حلة من عصب فنزل العبد على بعض المياه و نشر الحلة فلبسها فتعلقت بسمرة فانشقت و فتح النحيين فأطعم أهل الماء منهما فنقصا ثم قدم على المرأة و أهلها خلوف فسألها عن أبيها و أمها و أخيها و دفع إليها

٢١٥

هديتها فقالت أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدا و يبعد قريبا و أن أمي ذهبت تشق النفس نفسين و أن أخي ذهب يراعي الشمس و أن سماءكم انشقت و أن وعاءيكم نضبا.فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال أما قولها أن أبي ذهب يقرب بعيدا و يبعد قريبا فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه و أما قولها إن أمي ذهبت تشق النفس نفسين فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء و أما قولها إن أخي ذهب يراعي الشمس فإن أخاها في سرح له يرعاه فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به و أما قولها إن سماءكم انشقت فإن البرد الذي بعثت به انشق و أما قولها إن وعاءيكم نضبا فإن النحيين اللذين بعثت بهما نقصا فاصدقني فقال يا مولاي إني نزلت بماء من مياه العرب فسألوني عن نسبي فأخبرتهم أني ابن عمك و نشرت الحلة و لبستها و تجملت بها فتعلقت بسمرة فانشقت و فتحت النحيين فأطعمت منهما أهل الماء فقال أولى لك ثم ساق مائة من الإبل و خرج نحوها و معه العبد يسقي الإبل فعجز فأعانه إمرؤ القيس فرمى به العبد في البئر و خرج حتى أتى إلى أهل الجارية بالإبل فأخبرهم أنه زوجها فقيل لها قد جاء زوجك فقالت و الله ما أدري أ زوجي هو أم لا و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ففعلوا فأكل ما أطعموه فقالت اسقوه لبنا حازرا و هو الحامض فسقوه فشرب فقالت افرشوا له عند الفرث و الدم ففرشوا له فنام فلما أصبحت أرسلت إليه أني أريد أن أسألك فقال لها سلي عما بدا لك فقالت مم تختلج شفتاك قال من تقبيلي إياك فقالت مم يختلج كشحاك قال لالتزامي إياك قالت فمم يختلج فخذاك

٢١٦

قال لتوركي إياك فقالت عليكم العبد فشدوا أيديكم به ففعلوا.قال و مر قوم فاستخرجوا إمرأ القيس من البئر فرجع إلى حيه و ساق مائة من الإبل و أقبل إلى امرأته فقيل لها قد جاء زوجك فقالت و الله ما أدري أ زوجي هو أم لا و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ففعلوا فلما أتوه بذلك قال و أين الكبد و السنام و الملحاء و أبى أن يأكل فقالت اسقوه لبنا حازرا فأتي به فأبى أن يشربه و قال فأين الضريب و الرثيئة فقالت افرشوا له عند الفرث و الدم ففرشوا له فأبى أن ينام و قال افرشوا لي عند التلعة الحمراء و اضربوا لي عليها خباء ثم أرسلت إليه هلم شريطتي عليك في المسائل الثلاث فأرسل إليها أن سلي عما شئت فقالت مم تختلج شفتاك فقال لشربي المشعشعات قالت فمم يختلج كشحاك قال للبسي الحبرات قالت فمم تختلج فخذاك قال لركضي المطهمات فقالت هذا زوجي لعمري فعليكم به فأهديت إليه الجارية.فقال ابن هبيرة حسبكم فلا خير في الحديث سائر الليلة بعد حديث أبي عمرو و لن يأتينا أحد منكم بأعجب منه فانصرفنا و أمر لي بجائزة

٢١٧

476

وَ قَالَ ع فِی کَلَامٍ لَهُ وَ وَلِیَهُم وَالٍ فَأَقَامَ وَ استَقَامَ حَتّی ضَرَبَ الدّینُ بِجِرَانِهِ.

الجران مقدم العنق و هذاالوالی هوعمر بن الخطاب و هذاالکلام من خطبة خطبها فی أیام خلافته طویلة یذکر فیهاقربه من النبی ‑ص واختصاصه له وإفضاءه بأسراره إلیه حتی

قال فیها فاختار المسلمون بعده بآرائهم رجلا منهم فقارب وسدد حسب استطاعته علی ضعف وحد کانا فیه ولیهم بعده وال فأقام واستقام حتی ضرب الدین بجرانه علی عسف وعجرفیة کانا فیه ثم اختلفوا ثالثا لم یکن یملک من أمر نفسه شیئا غلب علیه أهله فقادوه إلی أهوائهم کماتقود الولیدة البعیر المخطوم فلم یزل الأمر بینه و بین الناس یبعد تارة ویقرب أخری حتی نزوا علیه فقتلوه ثم جاءوا بی مدب الدبا یریدون بیعتی.

.وتمام الخطبة معروف فلیطلب من الکتب الموضوعة لهذا الفن.

٢١٨

477

وَ قَالَ ع : يَأْتِي عَلَى اَلنَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ يَعَضُّ اَلْمُوسِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ وَ لَمْ يُؤْمَرْ بِذَلِكَ قَالَ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ( وَ لا تَنْسَوُا اَلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) يَنْهَدُ تَنْهَدُ فِيهِ اَلْأَشْرَارُ وَ يُسْتَذَلُّ تُسْتَذَلُّ اَلْأَخْيَارُ وَ يُبَايِعُ اَلْمُضْطَرُّونَ وَ قَدْ نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ ص عَنْ بَيْعِ اَلْمُضْطَرِّينَ زمان عضوض أي كلب على الناس كأنه يعضهم و فعول للمبالغة كالنفور العقوق و يجوز أن يكون من قولهم بئر عضوض أي بعيدة القعر ضيقة و ما كانت البئر عضوضا فأعضت كقولهم ما كانت جرورا فأجرت و هي كالعضوض.و عض فلان على ما في يده أي بخل و أمسك.و ينهد فيه الأشرار ينهضون إلى الولايات و الرئاسات و ترتفع أقدارهم في الدنيا و يستذل فيه أهل الخير و الدين و يكون فيه بيع على وجه الاضطرار و الإلجاء كمن بيعت ضيعته و هو ذليل ضعيف من رب ضيعة مجاورة لها ذي ثروة و عز و جاه فيلجئه بمنعه الماء و استذلاله الأكرة و الوكيل إلى أن يبيعها عليه و ذلك منهي عنه لأنه حرام محض

٢١٩

478

وَ قَالَ ع : يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَ بَاهِتٌ مُفْتَرٍ قال الرضيرحمه‌الله تعالى : و هذا مثل قوله ع يَهْلِكُ فِيَّ اِثْنَانِ رَجُلاَنِ مُحِبٌّ غَالٍ وَ مُبْغِضٌ قَالٍ قد تقدم شرح مثل هذا الكلام و خلاصة هذا القول أن الهالك فيه المفرط و المفرط أما المفرط فالغلاة و من قال بتكفير أعيان الصحابة و نفاقهم أو فسقهم و أما المفرط فمن استنقص به ع أو أبغضه أو حاربه أو أضمر له غلا و لهذا كان أصحابنا أصحاب النجاة و الخلاص و الفوز في هذه المسألة لأنهم سلكوا طريقة مقتصدة قالوا هو أفضل الخلق في الآخرة و أعلاهم منزلة في الجنة و أفضل الخلق في الدنيا و أكثرهم خصائص و مزايا و مناقب و كل من عاداه أو حاربه أو أبغضه فإنه عدو لله سبحانه و خالد في النار مع الكفار و المنافقين إلا أن يكون ممن قد ثبتت توبته و مات على توليه و حبه.فأما الأفاضل من المهاجرين و الأنصار الذين ولوا الإمامة قبله فلو أنه أنكر إمامتهم

٢٢٠