كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٢٠

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 351

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 351
المشاهدات: 37248
تحميل: 4846


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 351 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37248 / تحميل: 4846
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 20

مؤلف:
العربية

كان الصاحبرحمه‌الله يستهجن قوله عما في سراويلاتها و يقول إن كثيرا من العهر أحسن من هذه العفة و معنى البيت الأول أن هذه الخلال الثلاث تراهن الملاح ضرائر لهن لأنهن يمنعنه عن الخلوة بالملاح و التمتع بهن ثم قال إن هذه الخلال هي التي تمنعه لا الخوف من تبعاتها و قال قوم هذا تهاون بالدين و نوع من الإلحاد و عندي أن هذا مذهب للشعراء معروف لا يريدون به التهاون بالدين بل المبالغة في وصف سجاياهم و أخلاقهم بالطهارة و أنهم يتركون القبيح لأنه قبيح لا لورود الشرع به و خوف العقاب منه و يمكن أيضا أن يريد بتبعاتها تبعات الدنيا أي لا أخاف من قوم هذه المحبوبة التي أنست بها و لا أشفق من حربهم و كيدهم فأما عفة اليد و عفة اللسان فهما باب آخر و قد ذكرنا طرفا صالحا من ذلك في الأجزاء المتقدمة عند ذكرنا الورع.و في الحديث المرفوع لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به حذار ما به البأس.و قال أبو بكر في مرض موته إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأخذ لهم درهما و لا دينارا و أكلنا من جريش الطعام و لبسنا من خشن الثياب و ليس عندنا من في‏ء المسلمين إلا هذا الناضح و هذا العبد الحبشي و هذه القطيفة فإذا قبضت فادفعوا ذلك إلى عمر ليجعله في بيت مال المسلمين فلما مات حمل ذلك إلى عمر فبكى كثيرا ثم قال رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده.قال سليمان بن داود يا بني إسرائيل أوصيكم بأمرين أفلح من فعلهما لا تدخلوا أجوافكم إلا الطيب و لا تخرجوا من أفواهكم إلا الطيب.

٢٤١

و قال بعض الحكماء إذا شئت أن تعرف ربك معرفة يقينية فاجعل بينك و بين المحارم حائطا من حديد فسوف يفتح عليك أبواب معرفته.و مما يحكى من ورع حسان بن أبي سنان أن غلاما له كتب إليه من الأهواز أن قصب السكر أصابته السنة آفة فابتع ما قدرت عليه من السكر فإنك تجد له ربحا كثيرا فيما بعد فابتاع و طلب منه ما ابتاعه بعد قليل بربح ثلاثين ألف درهم فاستقال البيع من صاحبه و قال إنه لم يعلم ما كنت أعلم حين اشتريته منه فقال البائع قد علمت الآن مقدار الربح و قد طيبته لك و أحللتك فلم يطمئن قلبه و ما زال حتى رده عليه.يقال إن غنم الغارة اختلطت بغم أهل الكوفة فتورع أبو حنيفة أن يأكل اللحم و سأل كم تعيش الشاة قالوا سبع سنين فترك أكل لحم الغنم سبع سنين.و يقال إن المنصور حمل إليه بدرة فرمى بها إلى زاوية البيت فلما مات جاء بها ابنه حماد بن أبي حنيفة إلى أبي الحسن بن أبي قحطبة و قال إن أبي أوصاني أن أرد هذه عليك و قال إنها كانت عندي كالوديعة فاصرفها فيما أمرك الله به فقال أبو الحسن رحم الله أبا حنيفة لقد شح بدينه إذ سخت به نفوس أقوام.و قال سفيان الثوري انظر درهمك من أين هو و صل في الصف الأخير.

جابر سمعت النبي ص يقول لكعب بن عجرة لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار أولى به.الحسن لو وجدت رغيفا من حلال لأحرقته ثم سحقته ثم جعلته ذرورا ثم داويت به المرضى.

٢٤٢

عائشة قالت يا رسول الله من المؤمن قال من إذا أصبح نظر إلى رغيفيه كيف يكتسبهما قالت يا رسول الله أما إنهم لو كلفوا ذلك لتكلفوه فقال لها إنهم قد كلفوه و لكنهم يعسفون الدنيا عسفا

حذيفة بن اليمان يرفعه أن قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات كأمثال الجبال فيجعلها الله هباء منثورا ثم يؤمر بهم إلى النار فقيل خلهم لنا يا رسول الله قال إنهم كانوا يصلون و يصومون و يأخذون أهبة من الليل و لكنهم كانوا إذا عرض عليهم الحرام وثبوا عليه

٢٤٣

483

وَ قَالَ ع : اَلْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَ يَنْفَدُ قال و قد روى بعضهم هذا الكلام عن رسول الله ص قد تقدم القول في هذا المعنى و قد تكررت هذه اللفظة بذاتها في كلامه ع.و من جيد القول في القناعة قول الغزي:

أنا كالثعبان جلدي ملبسي

لست محتاجا إلى ثوب الجمال

فالخمول العز و اليأس الغنى

و القنوع الملك هذا ما بدا لي

و قال أيضا:

لا تعجبن لمن يهوى و يصعد في

دنياه فالخلق في أرجوحة القدر

و اقنع بما قل فالأوشال صافية

و لجة البحر لا تخلو من الكدر

٢٤٤

484

وَ قَالَ ع لِزِيَادِ اِبْنِ أَبِيهِ وَ قَدِ اِسْتَخْلَفَهُ لِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ عَلَى فَارِسَ وَ أَعْمَالِهَا فِي كَلاَمٍ طَوِيلٍ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهَاهُ فِيهِ عَنْ تَقْدِيمِ تَقَدُّمِ اَلْخَرَاجِ.اِسْتَعْمِلِ اَلْعَدْلَ وَ اِحْذَرِ اَلْعَسْفَ وَ اَلْحَيْفَ فَإِنَّ اَلْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلاَءِ وَ اَلْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى اَلسَّيْفِ قد سبق الكلام في العدل و الجور و كانت عادة أهل فارس في أيام عثمان أن يطلب الوالي منهم خراج أملاكهم قبل بيع الثمار على وجه الاستسلاف أو لأنهم كانوا يظنون أن أول السنة القمرية هو مبتدأ وجوب الخراج حملا للخراج التابع لسنة الشمس على الحقوق الهلالية التابعة لسنة القمر كأجرة العقار و جوالي أهل الذمة فكان ذلك يجحف بالناس و يدعو إلى عسفهم و حيفهم.و قد غلط في هذا المعنى جماعة من الملوك في كثير من الأعصار و لم يعلموا فرق ما بين السنتين ثم تنبه له قوم من أذكياء الناس فكبسوا و جعلوا السنين واحدة ثم أهمل الناس الكبس و انفرج ما بين السنة القمرية و السنة الخراجية التي هي سنة الشمس انفراجا كثيرا.و استقصاء القول في ذلك لا يليق بهذا الموضع لأنه خارج عن فن الأدب الذي هو موضوع كتابنا هذا

٢٤٥

485

وَ قَالَ ع : أَشَدُّ اَلذُّنُوبِ مَا اِسْتَخَفَّ بِهَا صَاحِبُهَا صَاحِبُهُ عظم المصيبة على حسب نعمة العاصي و لهذا كان لطم الولد وجه الوالد كبيرا ليس كلطمة وجه غير الوالد.و لما كان البارئ تعالى أعظم المنعمين بل لا نعمة إلا و هي في الحقيقة من نعمه و منسوبة إليه كانت مخالفته و معصيته عظمة جدا فلا ينبغي لأحد أن يعصيه في أمر و إن كان قليلا في ظنه ثم يستقله و يستهين به و يظهر الاستخفاف و قلة الاحتفال بمواقعته فإنه يكون قد جمع إلى المعصية معصية أخرى و هي الاستخفاف بقدر تلك المعصية التي لو أمعن النظر لعلم أنها عظيمة ينبغي له لو كان رشيدا أن يبكي عليها الدم فضلا عن الدمع فلهذا قال ع أشد الذنوب ما استخف بها صاحبها

٢٤٦

486

وَ قَالَ ع : مَا أَخَذَ اَللَّهُ عَلَى أَهْلِ اَلْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ اَلْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا تعليم العلم فرض كفاية و

في الخبر المرفوع من علم علما و كتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار و روى معاذ بن جبل عن النبي ص قال تعلموا العلم فإن تعلمه خشية الله و دراسته تسبيح و البحث عنه جهاد و طلبه عبادة و تعليمه صدقة و بذله لأهله قربة لأنه معالم الحلال و الحرام و بيان سبيل الجنة و المؤنس في الوحشة و المحدث في الخلوة و الجليس في الوحدة و الصاحب في الغربة و الدليل على السراء و المعين على الضراء و الزين عند الأخلاء و السلاح على الأعداء.و رئي واصل بن عطاء يكتب من صبي حديثا فقيل له مثلك يكتب من هذا فقال أما إني أحفظ له منه و لكني أردت أن أذيقه كأس الرئاسة ليدعوه ذلك إلى الازدياد من العلم.

٢٤٧

و قال الخليل العلوم أقفال و السؤالات مفاتيحها.و قال بعضهم كان أهل العلم يضنون بعلمهم عن أهل الدنيا فيرغبون فيه و يبذلون لهم دنياهم و اليوم قد بذل أهل العلم علمهم لأهل الدنيا فزهدوا فيه و ضنوا عنهم بدنياهم.و قال بعضهم ابذل علمك لمن يطلبه و ادع إليه من لا يطلبه و إلا كان مثلك كمن أهديت له فاكهة فلم يطعمها و لم يطعمها حتى فسدت

٢٤٨

487

وَ قَالَ ع : شَرُّ اَلْإِخْوَانِ مَنْ تَكَلَّفُ تُكُلِّفَ لَهُ إنما كان كذلك لأن الإخاء الصادق بينهما يوجب الانبساط و ترك التكلف فإذا احتيج إلى التكلف له فقد دل ذلك على أن ليس هناك إخاء صادق و من ليس بأخ صادق فهو من شر الإخوان.و روى ابن ناقيا في كتاب ملح الممالحة قال دخل الحسن بن سهل على المأمون فقال له كيف علمك بالمروءة قال ما أعلم ما يريد أمير المؤمنين فأجيبه قال عليك بعمرو بن مسعدة قال فوافيت عمرا و في داره صناع و هو جالس على آجرة ينظر إليهم فقلت إن أمير المؤمنين يأمرك أن تعلمني المروءة فدعا بآجرة فأجلسني عليها و تحدثنا مليا و قد امتلأت غيظا من تقصيره بي ثم قال يا غلام عندك شي‏ء يؤكل فقال نعم فقدم طبقا لطيفا عليه رغيفان و ثلاث سكرجات في إحداهن خل و في الأخرى مري‏ء و في الأخرى ملح فأكلنا و جاء الفراش فوضأنا ثم قال إذا شئت فنهضت متحفظا و لم أودعه فقال لي إن رأيت أن تعود إلي في يوم مثله فلم أذكر للمأمون شيئا مما جرى فلما كان في اليوم الذي وعدني فيه لقياه

٢٤٩

سرت إليه فاستؤذن لي عليه فتلقاني على باب الدار فعانقني و قبل بين عيني و قدمني أمامه و مشى خلفي حتى أقعدني في الدست و جلس بين يدي و قد فرشت الدار و زينت بأنواع الزينة و أقبل يحدثني و يتنادر معي إلى أن حضرت وقت الطعام فأمر فقدمت أطباق الفاكهة فأصبنا منها و نصبت الموائد فقدم عليها أنواع الأطعمة من حارها و باردها و حلوها و حامضها ثم قال أي الشراب أعجب إليك فاقترحت عليه و حضر الوصائف للخدمة فلما أردت الانصراف حمل معي جميع ما أحضر من ذهب و فضة و فرش و كسوة و قدم إلى البساط فرس بمركب ثقيل فركبته و أمر من بحضرته من الغلمان الروم و الوصائف حتى سعوا بين يدي و قال عليك بهم فهم لك ثم قال إذا زارك أخوك فلا تتكلف له و اقتصر على ما يحضرك و إذا دعوته فاحتفل به و احتشد و لا تدعن ممكنا كفعلنا إياك عند زيارتك إيانا و فعلنا يوم دعوناك

٢٥٠

488

وَ قَالَ ع فِي كَلاَمٍ لَهُ : إِذَا اِحْتَشَمَ اَلْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ قال الرضي يقال حشمه و أحشمه إذا أغضبه و قيل أخجله أو احتشمه طلب ذلك و هو مظنة مفارقته ليس يعني أن الاحتشام علة الفرقة بل هو دلالة و أمارة على الفرقة لأنه لو لم يحدث عنه ما يقتضي الاحتشام لانبسط على عادته الأولى فالانقباض أمارة المباينة.هذا آخر ما دونه الرضي أبو الحسنرحمه‌الله من كلام أمير المؤمنين ع في نهج البلاغة قد أتينا على شرحه بمعونة الله تعالى.و نحن الآن ذاكرون ما لم يذكره الرضي مما نسبه قوم إليه فبعضه مشهور عنه و بعضه ليس بذلك المشهور لكنه قد روي عنه و عزي إليه و بعضه من كلام غيره من الحكماء و لكنه كالنظير لكلامه و المضارع لحكمته و لما كان ذلك متضمنا فنونا من الحكمة نافعة رأينا ألا نخلي هذا الكتاب عنه لأنه كالتكملة و التتمة لكتاب نهج البلاغة.

٢٥١

و ربما وقع في بعضه تكرار يسير شذ عن أذهاننا التنبه له لطول الكتاب و تباعد أطرافه و قد عددنا ذلك كلمة كلمة فوجدناه ألف كلمة.فإن اعترضنا معترض و قال فإذا كنتم قد أقررتم بأن بعضها ليس بكلام له فلما ذا ذكرتموه و هل ذلك إلا نوع من التطويل.أجبناه و قلنا لو كان هذا الاعتراض لازما لوجب ألا نذكر شيئا من الأشباه و النظائر لكلامه فالعذر هاهنا هو العذر هناك و هو أن الغرض بالكتاب الأدب و الحكمة فإذا وجدنا ما يناسب كلامه ع و ينصب في قالبه و يحتذي حذوه و يتقبل منهاجه ذكرناه على قاعدتنا في ذكر النظير عند الخوض في شرح نظيره.و هذا حين الشروع فيها خالية عن الشرح لجلائها و وضوحها و إن أكثرها قد سبقت نظائره و أمثاله و بالله التوفيق

٢٥٢

الحكم المنسوبة

٢٥٣

٢٥٤

الحكم المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب

1 كان كثيرا ما يقول إذا فرغ من صلاة الليل أشهد أن السماوات و الأرض و ما بينهما آيات تدل عليك و شواهد تشهد بما إليه دعوت كل ما يؤدي عنك الحجة و يشهد لك بالربوبية موسوم بآثار نعمتك و معالم تدبيرك علوت بها عن خلقك فأوصلت إلى القلوب من معرفتك ما آنسها من وحشة الفكر و كفاها رجم الاحتجاج فهي مع معرفتها بك و ولهها إليك شاهدة بأنك لا تأخذك الأوهام و لا تدركك العقول و لا الأبصار أعوذ بك أن أشير بقلب أو لسان أو يد إلى غيرك لا إله إلا أنت واحدا أحدا فردا صمدا و نحن لك مسلمون

2 إلهي كفاني فخرا أن تكون لي ربا و كفاني عزا أن أكون لك عبدا أنت كما أريد فاجعلني كما تريد

3 ما خاف امرؤ عدل في حكمه و أطعم من قوته و ذخر من دنياه لآخرته

4 أفضل على من شئت تكن أميره و استغن عمن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره

5 لو لا ضعف اليقين ما كان لنا أن نشكو محنة يسيرة نرجو في العاجل سرعة زوالها و في الآجل عظيم ثوابها بين أضعاف نعم لو اجتمع أهل السماوات و الأرض على إحصائها ما وفوا بها فضلا عن القيام بشكرها

6 من علامات المأمون على دين الله بعد الإقرار و العمل الحزم في أمره و الصدق في قوله و العدل في حكمه و الشفقة على رعيته لا تخرجه القدرة إلى خرق و لا اللين إلى ضعف و لا تمنعه العزة من كرم عفو و لا يدعوه العفو إلى

٢٥٥

إضاعة حق و لا يدخله الإعطاء في سرف و لا يتخطى به القصد إلى بخل و لا تأخذه نعم الله ببطر

7 الفسق نجاسة في الهمة و كلب في الطبيعة

8 قلوب الجهال تستفزها الأطماع و ترتهن بالأماني و تتعلق بالخدائع و كثرة الصمت زمام اللسان و حسم الفطنة و إماطة الخاطر و عذاب الحس

9 عداوة الضعفاء للأقوياء و السفهاء للحلماء و الأشرار للأخيار طبع لا يستطاع تغييره

10 العقل في القلب و الرحمة في الكبد و التنفس في الرئة

11 إذا أراد الله بعبد خيرا حال بينه و بين شهوته و حجز بينه و بين قلبه و إذا أراد به شرا وكله إلى نفسه

12 الصبر مطية لا تكبو و القناعة سيف لا ينبو

13 رحم الله عبدا اتقى ربه و ناصح نفسه و قدم توبته و غلب شهوته فإن أجله مستور عنه و أمله خادع له و الشيطان موكل به

14 مر بمقبرة فقال السلام عليكم يا أهل الديار الموحشة و المحال المقفرة من المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات أنتم لنا فرط و نحن لكم تبع نزوركم عما قليل و نلحق بكم بعد زمان قصير اللهم اغفر لنا و لهم و تجاوز عنا و عنهم

٢٥٦

الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا أحياء و أمواتا و الحمد لله الذي منها خلقنا و عليها ممشانا و فيها معاشنا و إليها يعيدنا طوبى لمن ذكر المعاد و قنع بالكفاف و أعد للحساب

15 إنكم مخلوقون اقتدارا و مربوبون اقتسارا و مضمنون أجداثا و كائنون رفاتا و مبعوثون أفرادا و مدينون حسابا فرحم الله امرأ اقترف فاعترف و وجل فعقل و حاذر فبادر و عمر فاعتبر و حذر فازدجر و أجاب فأناب و راجع فتاب و اقتدى فاحتذى و تأهب للمعاد و استظهر بالزاد ليوم رحيله و وجه سبيله و لحال حاجته و موطن فاقته فقدم أمامه لدار مقامه فمهدوا لأنفسكم على سلامة الأبدان و فسحة الأعمار فهل ينتظر أهل غضارة الشباب إلا حواني الهرم و أهل بضاضة الصحة إلا نوازل السقم و أهل مدة البقاء إلا مفاجأة الفناء و اقتراب الفوت و مشارفة الانتقال و إشفاء الزوال و حفز الأنين و رشح الجبين و امتداد العرنين و علز القلق و قيظ الرمق و شدة المضض و غصص الجرض

16 ثلاث منجيات خشية الله في السر و العلانية و القصد في الفقر و الغنى و العدل في الغضب و الرضا

٢٥٧

17 إياكم و الفحش فإن الله لا يحب الفحش و إياكم و الشح فإنه أهلك من كان قبلكم هو الذي سفك دماء الرجال و هو الذي قطع أرحامها فاجتنبوه

18 إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية و علم كان علمه الناس فانتفعوا به و ولد صالح يدعو له

19 إذا فعلت كل شي‏ء فكن كمن لم يفعل شيئا

20 سأله رجل فقال بما ذا أسوء عدوي فقال بأن تكون على غاية الفضائل لأنه إن كان يسوءه أن يكون لك فرس فاره أو كلب صيود فهو لأن تذكر بالجميل و ينسب إليك أشد مساءة

21 إذا قذفت بشي‏ء فلا تتهاون به و إن كان كذبا بل تحرز من طرق القذف جهدك فإن القول و إن لم يثبت يوجب ريبة و شكا

22 عدم الأدب سبب كل شر

23 الجهل بالفضائل عدل الموت

24 ما أصعب على من استعبدته الشهوات أن يكون فاضلا

25 من لم يقهر حسده كان جسده قبرا لنفسه

26 احمد من يغلظ عليك و يعظك لا من يزكيك و يتملقك

27 اختر أن تكون مغلوبا و أنت منصف و لا تختر أن تكون غالبا و أنت ظالم

28 لا تهضمن محاسنك بالفخر و التكبر

29 لا تنفك المدنية من شر حتى يجتمع مع قوة السلطان قوة دينه و قوة حكمته

٢٥٨

30 إذا أردت أن تحمد فلا يظهر منك حرص على الحمد

31 من كثر همه سقم بدنه و من ساء خلقه عذب نفسه و من لاحى الرجال سقطت مروءته و ذهبت كرامته و أفضل إيمان العبد أن يعلم أن الله معه حيث كان

32 كن ورعا تكن من أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما و لا تكثرن الضحك فإن كثرته تميت القلب و أخرس لسانك و اجلس في بيتك و ابك على خطيئتك

33 إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه و لا يرد القدر إلا الدعاء و لا يزيد في العمر إلا البر و لا يزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه و عن شبابه فيم أبلاه و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه و عما عمل فيما علم

34 في التجارب علم مستأنف و الاعتبار يفيدك الرشاد و كفاك أدبا لنفسك ما كرهته من غيرك و عليك لأخيك مثل الذي عليه لك

35 الغضب يثير كامن الحقد و من عرف الأيام لم يغفل الاستعداد و من أمسك عن الفضول عدلت رأيه العقول

36 اسكت و استر تسلم و ما أحسن العلم يزينه العمل و ما أحسن العمل يزينه الرفق

37 أكبر الفخر ألا تفخر

38 ما أصعب اكتساب الفضائل و أيسر إتلافها

39 لا تنازع جاهلا و لا تشايع مائقا و لا تعاد مسلطا

40 الموت راحة للشيخ الفاني من العمل و للشاب السقيم من السقم و للغلام

٢٥٩

الناشئ من استقبال الكد و الجمع لغيره و لمن ركبه الدين لغرمائه و للمطلوب بالوتر و هو في جملة الأمر أمنية كل ملهوف مجهود

41 ما كنت كاتمه عدوك من سر فلا تطلعن عليه صديقك و اعرف قدرك يستعل أمرك و كفى ما مضى مخبرا عما بقي

42 لا تعدن عدة تحقرها قلة الثقة بنفسك و لا يغرنك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا

43 اتق العواقب عالما بأن للأعمال جزاء و أجرا و احذر تبعات الأمور بتقديم الحزم فيها

44 من استرشد غير العقل أخطأ منهاج الرأي و من أخطأته وجوه المطالب خذلته الحيل و من أخل بالصبر أخل به حسن العاقبة فإن الصبر قوة من قوى العقل و بقدر مواد العقل و قوتها يقوى الصبر

45 الخطأ في إعطاء من لا يبتغي و منع من يبتغي واحد

46 العشق مرض ليس فيه أجر و لا عوض

47 أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب و قائل كلمة الزور و من يمد بحبلها في الإثم سواء

48 الخصومة تمحق الدين

49 الجهاد ثلاثة جهاد باليد و جهاد باللسان و جهاد بالقلب فأول ما يغلب عليه من الجهاد يدك ثم لسانك ثم يصير إلى القلب فإن كان لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا نكس فجعل أعلاه أسفله

٢٦٠