بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 607

  • البداية
  • السابق
  • 607 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32296 / تحميل: 10183
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١

مؤلف:
العربية
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد الأوّل

الشيخ محمد تقي التّستري


١
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

المجلد الأوّل

الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)

٣

المجلد الأوّل

فهرس المطالب ٥

كلمة في حياة المؤلّف ٩

دليل القارئ ١٣

مقدّمة مؤسّسة نهج البلاغة ١٥

مقدّمة المؤلف ١٧

ذكر ما في شرح ابن أبي الحديد من المعايب ٢٣

ردّ المؤلّف على ابن ميثم و السيّد الخوئي ٢٤

وجه تسمية الكتاب ببهج الصّباغة ٤٢

شرح خطبة الرّضيّ ٤٣

ما قال معاوية ردّا لمحفن في فصاحة عليّ عليه السّلام ٥٩

رؤية إبراهيم المهديّ عليّا في المنام و ما جرى بينهما ٦٠

اعترافات الفصحاء بأنّ عليّا عليه السّلام أفصح النّاس ٦٤

حديث من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ٧٣

نقل كلام شارح المعتزليّ في فضائله عليه السّلام ٧٥

نسب الرّضيّ ٩٦

ما قال ابن أبي الحديد في ردّ من نسب النّهج إلى الرّضيّ ٩٩

الإشارة إلى الموارد التي ذكرها المؤرّخون في شجاعته عليه السّلام و قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له :

لا فتى إلاّ عليّ ١٠٩

الإشارة إلى طرف من زهده عليه السّلام ١١١

في أنّه جمعت الاضداد في صفاته عليه السّلام ١١٣

الإشارة إلى كرائم كلامه عليه السّلام ١٢٠

ما نقل عنه عليه السّلام في معنى البلاغة ١٣١

٤

خطبة عمر بالجابية و إيراد القسّ عليه ١٣٥

ما قاله عليه السّلام في جواب من سأله أنّ الحرب أكان بقضاء من اللّه و قدره ؟ ١٣٧

الفضل الأوّل في التّوحيد ١٤٣

العنوان ١ من الخطبة ١ : « الحمد للّه الّذي لا يبلغ مدحته القائلون . . . » ١٤٤

من الخطبة ٩٤ : « الحمد للّه الأوّل فلا شي‏ء قبله . . . » ١٤٤

من الخطبة ٩٢ : « فتبارك اللّه الّذي لا يبلغه بعد الهمم . . . » ١٤٥

العنوان ٢ من الخطبة ١ : « أوّل الدّين معرفته . . . » ١٥٦

العنوان ٣ من الخطبة ١ : « كائن لا عن حدث . . . » ١٦١

العنوان ٤ من الخطبة ٤٩ : « الحمد للّه الّذي بطن خفيّات الأمور . . . » ١٦٦

العنوان ٥ من الخطبة ٦٣ : « الحمد للّه الّذي لم يسبق له حال حالا . . . » ١٧٥

العنوان ٦ من الخطبة ٨٣ : « و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له . . . » ١٨٥ العنوان ٧ من الخطبة ٨٨ : « الحمد للّه المعروف من غير رؤية . . . » ١٨٨

العنوان ٨ من الخطبة ٨٩ : « الحمد للّه الّذي لا يفره المنع و الجمود . . . » ١٩٧

العنوان ٩ من الخطبة ٨٩ : « و لو وهب ما تنفّست عنه معادن الجبال . . . » ٢٠٧

العنوان ١٠ من الخطبة ٨٩ : « و انظر أيّها السّائل ، فما دلّك القرآن عليه . . . » ٢١٠

العنوان ١١ من الخطبة ٨٩ : « هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام . . . » ٢١٥

العنوان ١٢ من الخطبة ٨٩ : « الّذي ابتدع الخلق على غير مثال . . . » ٢٢٢

العنوان ١٣ من الخطبة ٨٩ : « فاشهد أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك . . . » ٢٢٥

العنوان ١٤ من الخطبة ٨٩ : « قدّر ما خلق فألطف تقديره . . . » ٢٣٣

العنوان ١٥ من الخطبة ١٠٦ : « الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه . . . » ٢٤١

العنوان ١٦ من الخطبة ١٠٧ : « كلّ شي‏ء خاضع له . . . » ٢٤٥

العنوان ١٧ من الخطبة ١٣١ : « و انقادت له الدّنيا و الآخرة بازمّتها . . . » ٢٥٤

العنوان ١٨ من الخطبة ١٥٠ : « الحمد للّه الدّالّ على وجوده بخلقه . . . » ٢٥٨

العنوان ١٩ من الخطبة ١٦١ : « الحمد للّه خالق العباد . . . » ٢٦٥

العنوان ٢٠ من الخطبة ١٧٦ : « لا يشغله شأن . . . » ٢٧٥

العنوان ٢١ من الخطبة ١٧٠ : « الحمد للّه الّذي لا توارى عنه سماء سماء . . . » ٢٧٨

٥

العنوان ٢٢ من الخطبة ١٩٦ : « يعلم عجيج الوحوش في الفلوات . . . » ٢٧٩

العنوان ٢٣ من الخطبة ١٧٧ : « . . . أفأعبد ما لا أرى . . . » ٢٨٣

العنوان ٢٤ من الخطبة ١٨٣ : « الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد . . . » ٢٩١

العنوان ٢٥ من الخطبة ١٨٤ : « ما وحّده من كيّفه . . . » ٢٩٨

العنوان ٢٦ من الخطبة ١٩٣ : « الحمد للّه الّذي أظهر من آثار سلطانه . . . » ٣٣٦

العنوان ٢٧ من الخطبة ١٥٣ : « الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف . . . » ٣٣٨

العنوان ٢٨ من الخطبة ١٨٩ : « الحمد للّه الفاشي حمده . . . » ٣٤٢

العنوان ٢٩ من الخطبة ١٨٠ : « الحمد للّه الّذي إليه مصائر الخلق . . . » ٣٤٦

العنوان ٣٠ من الخطبة ١١٠ : « هل تحسّ به إذا دخل منزلا . . . » ٣٦٨

العنوان ٣١ من الخطبة ١٦٥ : « أيّها المخلوق السّويّ . . . » ٣٦٩

العنوان ٣٢ من الخطبة ١٥٨ : « أمره قضاء و حكمة . . . » ٣٧٤

العنوان ٣٣ من الكتاب ٣١ : « و اعلم يا بنيّ أنّه لو كان لربّك شريك . . . » ٣٧٩

العنوان ٣٤ من الحكمة ٢٥٠ : « عرفت اللّه سبحانه بفسخ العزائم و حلّ العقود . . . » ٣٨٣

العنوان ٣٥ الحكمة ٣٥١ : « عند تناهي الشّدّة تكون الفرجة . . . » ٣٨٦

العنوان ٣٦ من الخطبة ٨١ : « الحمد للّه الّذي علا بحوله . . . » ٣٨٨

العنوان ٣٧ الحكمة ١٣ : « من ضيّعه الأقرب أتيح له الأبعد . . . » ٣٩٣

العنوان ٣٨ الحكمة ٨٤ : « بقيّة السّيف أبقى عددا و أكثر ولدا . . . » ٣٩٣

العنوان ٣٩ الحكمة ١٣٩ : « تنزل المعونة على قدر المؤونة . . . » ٣٩٦

العنوان ٤٠ الحكمة ١٤٤ : « ينزل الصّبر على قدر المصيبة . . . » ٣٩٨

العنوان ٤١ الحكمة ١٥ : « تذلّ الامور للمقادير حتّى يكون الحتف في التدبير . . . » ٤٠٠

الحكمة ٤٥٩ : « يغلب المقدار على التّقدير حتّى تكون الآفة في التّدبير . . . » ٤٠٠

العنوان ٤٢ الحكمة ٧ : « أعجبوا لهذا الإنسان ينظر بشحم . . . » ٤٠٤

العنوان ٤٣ الحكمة ٣٠٢ : « ما المبتلى الّذي قد اشتدّ به البلاء بأحوج إلى الدّعاء . . . » ٤٠٩

العنوان ٤٤ من الخطبة ١٩٧ : « إنّ اللّه سبحانه و تعالى لا يخفى عليه ما العباد . . . » ٤١٠

العنوان ٤٥ الحكمة ٢٧٣ : « اعلموا علما يقينا أنّ اللّه لم يجعل للعبد . . . » ٤١٢

العنوان ٤٦ الحكمة ٨٤ : « قد علم السّرائر ، و خبر الضّمائر . . . » ٤١٦

العنوان ٤٧ من الخطبة ٩٩ : « الأوّل قبل كلّ أوّل . . . » ٤١٨

٦

العنوان ٤٨ من الخطبة ١٨١ : « فعظّموا منه سبحانه ما عظّم من نفسه . . . » ٤٢٠

العنوان ٤٩ من الخطبة ١٩٣ : « و اعلموا عباد اللّه أنّه لم يخلقكم عبثا . . . » ٤٢٦

العنوان ٥٠ من الخطبة ٨٩ : « و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها . . . » ٤٣٣

العنوان ٥١ من الخطبة ٨٩ : « عالم السّرّ من ضمائر المضمرين . . . » ٤٣٥

العنوان ٥٢ الحكمة ٤٧٠ : « . . . التّوحيد أن لا تتوهّمه . . . » ٤٤٧

العنوان ٥٣ من الخطبة ٢١٢ : « و اشهد أنّه عدل عدل و حكم فصل » ٤٤٨

الفصل الثاني في خلق السّماء و الأرض و الشّمس و القمر و النّجوم و العرش

و الكرسي ٤٥٩

العنوان ١ من الخطبة ١ : « ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء . . . » ٤٦١

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « و نظم بلا تعليق رهوات فرجها . . . » ٤٧٢

العنوان ٣ من الخطبة ٨٩ : « كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة . . . » ٤٨٩

العنوان ٤ من الخطبة ٢٠٩ : « و كان من اقتدار جبروته . . . » ٥٠٨

العنوان ٥ من الخطبة ١٦٩ : « اللّهمّ ربّ السّقف المرفوع . . . » ٥١٩

العنوان ٦ من الخطبة ١٥٨ : « فمن فرّغ قلبه ، و اعمل فكره . . . » ٥٢٥

الفصل الثّالث في خلق الملائكة ٥٢٩

العنوان ١ من الخطبة ١ : « تمّ فتق ما بين السّماوات العلى . . . » ٥٣١

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « ثمّ خلق سبحانه لإسكان سماواته . . . » ٥٤٥

العنوان ٣ من الخطبة ١٠٧ : « من ملائكة أسكنتهم سماواتك . . . » ٥٦٩

العنوان الرّابع في خلق آدم عليه السّلام ٥٧٣

العنوان ١ من الخطبة ١ : « ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض و سهلها . . . » ٥٧٥

العنوان ٢ من الخطبة ٨٩ : « فلمّا مهّد أرضه ، و أنفذ أمره . . . » ٥٩٤

الفهرس الكامل لموضوعات الكتاب ( لأربعة عشر مجلّدا ) ٥٩٩ المجلد الأول

٧

بسم اللّه الرحمن الرحيم

كلمة في حياة المؤلف

في بلدة تستر فقيه عالم و محقق بارع ، منقطع عن علائق الدنيا و زخارفها متوجها إلى اللّه تعالى . لقد أمضى حياته الشريفة في سبيل إرشاد الناس ، و بثّ المعارف الإسلامية إنّه والدي المعظّم الحاج الشّيخ محمّد تقي الشيخ التّستري ( الشوشتري ) . ولد في النجف الأشرف سنة ( ١٣٢٠ ه ق ) و عاش في تلك البلدة المباركة حتى السنة السابعة من عمره ، فلمّا أتم والده العلامة آية اللّه الحاج الشّيخ محمد كاظم التستري دراساته العلمية الاسلامية عند أساطين العلم و نال درجة الاجتهاد ، عاد الى تستر و التحق بعد قليل والدي بأبيه المحترم مع والدته و خاله في تستر و اشتغل بتعلّم القراءة و الكتابة و القرآن الكريم ، ثمّ واصل دراسته بكلّ جدّ ، فأقبل يدرس العلوم الإسلامية عند أساتذة تلك البلدة ، مثل السيّد حسين النوري و السيّد محمد علي الإمام و السيّد علي أصغر الحكيم ، ثمّ أتمّ دراساته العالية في العلوم الاسلامية عند كبار العلماء مثل السيّد محمّد تقي شيخ الاسلام ، و السيّد مهدي آل طيّب و والده المعظم ، فنال درجة الاجتهاد .

و في سنة ( ١٣١٤ ه ش ) غادر مولده تستر مع عائلته مناهضا رفع

٨

٩

حجاب النساء ، الّذي فرضه رضاشاه البهلوي على ايران ، و أقام في بلدة كربلاء المباركة و واصل دراساته العلمية الإسلامية في العتبات العاليات ، و هناك التحق بالعالم النحرير الجليل المرحوم الحاج الشيخ آقا بزرگ الطهراني و نال منه إجازة نقل الحديث .

و بعد ما عزل رضاشاه عن منصبه عاد الى تستر سنة ( ١٣٢١ ه ش ) و أقام في تلك البلدة و اشتغل بالتدريس و التحقيق و الإرشاد و التأليف . لقد جاء بترجمة لحياته و نشاطاته العلمية العلاّمة النّحرير الشيخ آقا بزرگ الطهراني في كتابه طبقات أعلام الشيعة ١ و هذا نصه :

هو الشيخ محمد تقي بن كاظم بن الشيخ محمد علي بن الشيخ جعفر التستري الشهير ، عالم بارع ولد في النجف ( ١٣٢٠ ه ش ) و نشأ بها على حب العلم و الفضيلة اللّذين ورثهما عن آبائه و عن جدّه الأعلى الشيخ جعفر الغني عن الوصف ، فاشتغل على الأعلام الأفاضل مجدّا مجتهدا حتّى برع و صنّف ،

فله :

١ تحقيق المسائل ( شرح على الروضة البهية ) ٢ .

٢ رسالة سهو النبي صلى اللّه عليه و آله ٣ .

٣ الرّسالة المبصرة في أحوال أبي بصير ٤ .

٤ شرح تنقيح المقال ٥ .

٥ قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام ٦ .

ــــــــــــــــ

( ١ ) طبقات أعلام الشيعة ١ : ٦٥ .

( ٢ ) هذا الكتاب شرح للمعة الدّمشقية في مجلّدات كثيرة ، خرج إلى الآن منها ستّ مجلّدات .

( ٣ ) طبعت هذه الرّسالة في ملحق قاموس الرّجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٤ ) طبعت هذه الرّسالة في ملحق قاموس الرّجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٥ ) طبع هذا الكتاب باسم قاموس الرجال في أربعة عشر مجلّدا .

( ٦ ) طبع هذا الكتاب مرّات عديدة في النجف و بيروت و قم ، و ترجمته باللغة الفارسية و سمّيته ( قضاوت هاى على عليه السّلام ) و طبعت هذه الترجمة أيضا عدّة مرّات .

١٠

٦ الأربعينيات الثلاث ١ .

٧ جوامع أحوال الأئمة عليهم السّلام . و انتهى . و تلوا يذكر بعض ما لم يقف عليها العلاّمة الطهراني ٢ .

٨ بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ، و هو هذا الكتاب الذي بين يديك ٣ .

٩ الأوائل ٤ .

١٠ البدائع ٥ .

١١ آيات بيّنات في حقيقة بعض المنامات ٦ .

١٢ الأخبار الدّخيلة ٧ .

و في الختام أهدي أطيب تحياتي إلى مؤسسة نهج البلاغة التي عنيت بتجديد طبع هذا الكتاب ، ( بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ) و أرجو من اللّه تعالى التوفيق لهذه المؤسسة في سبيل نشر المعارف الإسلامية ، و السلام عليكم و رحمته و بركاته محمد علي شيخ ابن المؤلف ١٠ ٩ ١٣٦٧ ه . ش

ــــــــــــــــ

( ١ ) طبع هذا الكتاب باسم الأربعين حديثا .

( ٢ ) طبعت هذه الرسالة في ملحق قاموس الرجال : الجزء ( ١١ ) .

( ٣ ) طبع في أربعة عشر مجلدا .

( ٤ ) طبع في مطبعة جامعة طهران في مجلد واحد .

( ٥ ) عنيت بطبعه و نشره مكتبة الصدوق .

( ٦ ) عنيت بطبعه و نشره مكتبة الصدوق .

( ٧ ) خرج من الكتاب الى الآن أربع مجلّدات ، عنيت بنشرها مكتبة الصدوق .

١١

دليل القارئ

١ ضمّ « بهج الصّباغة في شرح نهج البلاغة » ( ٦٠ ) فصلا وزّعت على ١٤ مجلّدا حازت تلك الفصول على أسماء خاصّة بها ، و أدرجت وفقا لهيكل ارتاه المؤلّف نفسه .

٢ اشتمل كلّ فصل على عدد من نصوص النّهج المراد شرحها ، كتبت بالغامق ،

و انتظمت استنادا إلى ترابطها الموضوعي بعناوين منحت أرقاما بارزة أعلاها تمثّل تسلسلها في الفصل ، إضافة إلى رقم خاص بين قوسين يشير إلى موقعها في النّهج .

٣ قد تحتوي بعض العناوين على أكثر من نصّ يراد توضيحه فتشترك نصوص العنوان برقم واحد أعلاها ، و يميّز كلّ نصّ برقمه الخاص في نهج البلاغة .

٤ يبتدأ الشّرح باقتطاع كلمات أو فقرات متتالية حسب أولويّتها في النصّ غالبا و تحصر بين قوسين و تميّز بالغامق في أوّل مورد أتت به لشرحها .

٥ غالبا ما يكون الشّرح لغويّا أوّل الأمر ، ثمّ ينطلق منه إلى وقائع تأريخيّة و قصص أدبيّة معزّزة بأنواع الشّواهد شعرا و نثرا .

٦ لم تحصر النصوص المنقولة من غير نهج البلاغة بين قوسين لكثرتها ، و اكتفي لتمييز أوّلها بذكر اسم الكتاب المأخوذة منه و يقع أوّل السّطر في أحيان كثيرة بين قوسين ، و نهايتها بهامش يشير إلى استخراجها و يبدأ النصّ الآخر برأس سطر جديد .

٧ عندما يتمّ شرح كلّ نص من العنوان ينتقل إلى عنوان آخر يليه وفقا لرقم تسلسله في الفصل ، فتشرح نصوصه و ينتقل إلى عنوان بعده ، و هكذا تشرح الفصول متتابعة .

٨ إنّ العبارات التي تقع بين خطّين ، هي عبارات اعتراضيّة توضيحيّة .

٩ أضيف في نهاية كلّ مجلّد فهرست للخطب و الكتب و الحكم الواردة في ذلك المجلّد .

١٠ و ختاما نرجو من القراء الأعزاء أرسال ما لديهم من ملاحظات أو اقتراحات بناءة حول الكتاب . كما نعتذر عن السهو و الخطأ إن وجد .

نتمنى للجميع التسديد و الصواب ، و من اللّه الأجر و الثواب و السّلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته الناشر

١٢

١٣

مقدّمة مؤسسة نهج البلاغة

على مدار ألف سنة مرّت من عمر هذا السّفر القيّم « نهج البلاغة » دوّن عليه أكثر من ( ٣٠٠ ) شرح و ترجمة بأساليب و محتويات علمية و أذواق متباينة ، اختلفت درجة تقبّل القرّاء لها باختلاف تطلّعاتهم و رؤاهم .

و بالرغم من تلك الشروح الكثيرة فقد بقيت امكان متهلهلة فيها ، تشير إلى خلوّها من شرح موضوعي ، إلى أن تصدّي المرحوم العلاّمة آية اللّه الحاج الشيخ محمد تقي التستري لإحكام نسج جديد ، فشرع بكتابة شرح موضوعي نفيس باللّغة العربية في ( ١٤ ) مجلدا ل ( ٦٠ ) موضوعا ،

فجزاه اللّه خير الجزاء ، و شكر مساعيه العلمية الجليلة ، و تغمّده برحمته ، و أسكنه فسيح جنّاته .

إنّ أهميّة الشرح الموضوعي من منظار علمي أمر لا يقبل المناقشة ، لأنّ كل علم إذا لم تبحث قضاياه بهذه المنهجية فسوف تبقى النظرة الواقعية له أو لمؤلف الكتاب عائمة في أمواج من الغموض ، تلك المنهجية التي اتخذها الفقهاء الأفذاذ في رصد و جمع الموارد ذات العلاقة و دراستها ، لابداء آرائهم الدقيقة في المسائل الفقهية الكثيرة .

و تأسيسا على ذلك ينبغي لمن يتطلّع إلى آفاق نظر الإمام عليه السّلام أن يسلك اسلوب الشرح الموضوعي، و يحتوي كل الموارد دراسة و تحليلا ، فليس من الصحيح أن نقتطع كلمة أو كتابا من بين عشرات الكلمات و الكتب ، و نشيّد عليها وجهة نظر المؤلف ، لأنّه لا يمكن بيان كلّ الموارد في جملة واحدة ، بل إنّ تحرّي و تجميع الجزئيات المتقارنة و المتباينة بعين شمولية فاحصة ، و بمطالعة تحليلية دقيقة ، و تعرّف لغة و ثقافة المقال و الكتاب ، تزيح ستارا كثيفا عن الحقيقة ، و تمنح دفقة اطمئنان لعرض مدروس لآراء مؤلفه .

و قد صادقت مؤسسة نهج البلاغة ضمن خططها على مشروع لتفسير نهج البلاغة موضوعيا ، و تقرّر أن تبدأ مجاميع علمية مهامّها في هذا المجال .

فشرعت نخبة من المحققين أعمالها بدقّة و تنسيق متبادل ، لرصد الموضوعات عن طريق نظام

١٤
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الأوّل الشيخ محمّد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

البطاقات التي بلغت ما يقارب ( ٥٠٠٠ ) بطاقة ، استلّ منها ( ٣٠٠ ) عنوان رئيسي و فرعي ، و بعد دراسات و بحوث متعدّدة ، و تصحيح و إكمال موارد النقص ، صدر « نهج البلاغة » المنقّح بإشراف و طبع و نشر مؤسسة نهج البلاغة .

و جدير بالذكر أنّ من المصادر المستفادة في ذلك المشروع هي المجموعة النادرة ل « بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة » ، و إن كانت موضوعاتها منحصرة ب ( ٦٠ ) موضوعا ، إلاّ أنّها تصب في إطار هدفنا العام .

لكنّ لغة تدوين هذا الكتاب هي العربية ، و مقتضيات أهداف المؤسسة ترتبط أوّلا بالذات بالرفد الثّقافي للناطقين باللغة الفارسية ، الأمر الذي دعا إلى ترجمته .

و هنا نرى من الضرورة أن نعرب عن شكرنا لجميع الأخوة الذين ساهموا في إعداد و تنظيم و تهيئة هذه المجموعة النادرة ، و عن تقديرنا لمساعيهم المخلصة ، و تحمّلهم للمصاعب العلمية و الفنيّة باذلين وقتا غاليا لاخراج هذا السفر على أكمل صورة ، إنّ تلك الجهود لوحة رائعة تعبّر عن علاقتهم الوثيقة بسيّد الأولياء ، و حبّهم الكبير لمولى الموحّدين عليه السّلام .

نسأل اللّه أن يتقبّل من الجميع هذا العمل بأحسن القبول ، و أن يكون أمير المؤمنين و إمام العارفين شفيعهم ( يوم لا ينفع مال و لا بنون . إلاّ من أتى اللّه بقلب سليم ) .

و اللّه ولي التوفيق سيد جمال الدين دين پرور رئيس مؤسسة نهج البلاغة

١٥

مقدّمة المؤلّف

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين ، و الصلاة على محمّد و آله الطاهرين .

و بعد فإنّ علماء الإسلام الخاصّ منهم و العامّ ، و إن صنّفوا من الصّدر الأول في كلّ فنّ إلاّ أنّه لم يؤلّف أحد مثل كتاب الشريف الرضيّ هذا ، فإنّ أهمّية كلّ كتاب بمقدار فائدته ، و قيمته بقدر عائدته ، و لم يبلغ بكتابه هذا بعد كتاب اللّه تعالى كتاب ، فإنّه تاليه في الفصاحة و البلاغة ، و في الاشتمال على كلّ نصح و حكمة ، و لقد أجاد من قال فيه :

كتاب كأنّ اللّه رصّع لفظه

بجوهر آيات الكتاب المنزّل

حوى حكما كالدرّ ينطق صادقا

فلا فرق إلاّ أنّه غير منزل

١ و يأتي في العنوان ( ٢٣ ) من الفصل الأوّل خبر أنّ ذعلبا لمّا أجابه أمير المؤمنين عليه السّلام سؤاله « هل رأيت ربّك ؟ » خرّ مغشيا عليه ، ثمّ قال : تاللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب ٢ و يأتي في خطبة المتّقين أنّ همّاما لمّا سمع

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقل البيتين الخوئي في ديباجة شرحه ١ : ٨٠ .

( ٢ ) بهج الصباغة : الفصل ( ١ ) العنوان ( ٢٣ ) .

١٦

كلامه عليه السّلام في وصف أهل التّقوى صعق صعقة كانت نفسه فيها ١ .

و يأتي في العنوان ( ١١ ) من الفصل الثلاثين أنّ قوله عليه السّلام : « إنّ الحقّ لا يعرف بالرّجال » و قوله عليه السّلام : « انظر الى ما قال ، و لا تنظر الى من قال » بلا قيمة ٢ .

و قال الجاحظ : أجمعوا على أنّهم لم يجدوا كلمة أقلّ حرفا ، و لا أكثر ريعا ، و لا أعمّ نفعا ، و لا أحثّ على تبيين ، و لا أهجى لمن ترك التفهّم و قصّر في الافهام من قول علي عليه السّلام : « قيمة كل امرئ ما يحسنه » ٣ .

و قال الخليل : أحثّ كلمة على طلب علم قول عليّ بن أبي طالب عليه السّلام : « قدر كلّ امرئ ما يحسن » ٤ .

و قال الرضيّ في ( خصائصه ) : قوله عليه السّلام : « كلمة حقّ يراد بها باطل » في ردّ قول الخوارج : « لا حكم إلاّ للّه » أبلغ عبارة من أمر الخوارج لما جمعوا من حسن الاعتراء و الشّعار ، و فتح الإبطان و الإضمار ٥ .

و قال أيضا فيه في قوله عليه السّلام : « لم يذهب مالك ما وعظك » : سبحان اللّه ما أقصر هذه الكلمة من كلمة ، و أطول شأو بدرها في مضمار الحكمة ٦ و قال في ( نهج البلاغة ) في قوله عليه السّلام : « فلئن أمر الباطل لقديما فعل » : إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ، و إنّ

ــــــــــــــــ

( ١ ) بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ١٣ ) .

( ٢ ) بهج الصباغة : الفصل ( ٣٠ ) العنوان ( ١١ ) .

( ٣ ) صرح الشارح في العنوان ( ١٦ ) من الفصل الثامن عشر أنّه نقله من كتاب البيان و التّبيين للجاحظ ، و أورد الجاحظ الحديث في ٢ : ٨٠ بلا كلام حوله .

( ٤ ) نقله أبو علي الطوسي في أماليه ٢ : ١٠٨ ، المجلس ١٧ باسناد عن خليل .

( ٥ ) خصائص الأئمة للشريف الرضي : ٨٨ .

( ٦ ) المصدر نفسه .

١٧

حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به ، و فيه مع الحال الّتي وصفنا زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ، و لا يطّلع فجّها إنسان ، و لا يعرف ما أقول إلاّ من ضرب في هذه الصناعة بحقّ ، و جرى فيها على عرق ، و ما يعقلها إلاّ العالمون ١ .

و قال في قوله عليه السّلام : « فإنّ الغاية أمامكم . . . » : إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللّه سبحانه ، و بعد كلام رسوله صلّى اللّه عليه و آله بكلّ كلام لمال به راجحا ، و برّز عليه سابقا . فأمّا قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » فما سمع كلام أقلّ منه مسموعا و لا أكثر محصولا ، و ما أبعد غورها من كلمة و أنقع نطفتها من حكمة ٢ .

و قال في الخطبة ( ٢٨ ) : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزّهد في الدنيا و يضطرّ الى عمل الآخرة لكان هذا الكلام ، و كفى به قاطعا لعلائق الآمال ،

و قادحا زناد الاتّعاظ ، و الازدجار ٣ .

و قال في الخطبة ( ٨٠ ) : إذا تأمّل المتأمّل قوله عليه السّلام : « من أبصر بها بصرّته » وجد تحته من المعنى العجيب و الغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ، و لا يدرك غوره ، و لا سيّما إذا قرن إليه قوله عليه السّلام : « و من أبصر اليها أعمته » فإنّه يجد الفرق بين أبصر بها و أبصر إليها واضحا نيّرا و عجيبا باهرا ٤ .

و قال في قوله عليه السّلام : « لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل . . . » : لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة و حكمة بالغة ، و بصيرة

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ١ : ٤٨ ، الخطبة ( ١٦ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ١ : ٥٨ ، الخطبة ( ٢١ ) .

قال الشريف في خصائص الأئمة : ٨٧ بعد نقل قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » : ما أقلّ هذه الكلمة و أكثر نفعها و أعظم قدرها و أبعد غورها و أسطع نورها .

( ٣ ) نهج البلاغة ١ : ٧٢ .

( ٤ ) نهج البلاغة ١ : ١٣١ .

١٨

لمبصر ، و عبرة لناظر مفكّر ١ .

إلى غير ذلك من كلماتهم في كلامه عليه السّلام ، ممّا لو استقصيت لصارت كتابا ، فللّه درّه في جمعه هذا الكتاب ، فكم اهتدي به من يوم تأليفه إلى يومنا هذا ، و كم يهتدى به إلى الأبد ، مع أنّه أتقن به لغة العرب ، و أمتن به قواعد الأدب ، فشكر اللّه سعيه و أعطاه خير جزاء .

لكنّه عفا اللّه عنه لمّا كان متهالكا على نقل كلّ كلام فصيح منسوب إليه عليه السّلام ، لم يتفطّن أنّ الخصم قد يحتال و يزوّر على لسانه عليه السّلام بتزويق كلامه ، كما ترى ذلك في الخطبة ( ٩٠ و ١٦٦ و ٢٦٦ ) و في نقله الخطبة ( ٦ ) لمّا أشير عليه بأن لا يتّبع طلحة و الزبير ، و قد تكلمنا عنها في موضعها ٢ .

كما أنّه عفا اللّه عنه لمّا كان نظره في اختياره من كلامه عليه السّلام على الكلمة الفصيحة ، فقد يقتصر من نقل كلامه عليه السّلام على مثل الاقتصار على قوله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة ) بدون ( و أنتم سكارى ) ٣ كما تراه في الحكمة ( ٤٦٧ ) ، و قد بحثناها في موضعها ٤ .

كما أنّه عفا اللّه عنه لكون مراجعته الى كتب العامّة و رواياتهم فقط ،

غالبا قد ينقل ما تكذّبه روايات الخاصّة كما تراه في الخطبة ( ٥٧ ) ، و قد

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ٤ : ٣٨ ، الحكمة ( ١٥٠ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ١ : ١٨١ ، الخطبة ( ٩٠ ) شرحها في بهج الصباغة الفصل ( ٣٠ ) العنوان ( ٨ ) . و ٢ : ٨٠ ، الخطبة ( ١٦٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٤ ) و ٢ : ٢٢٢ ، الخطبة ( ٢٢٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٦ ) و ١ : ٤١ ، الخطبة ( ٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٣١ ) العنوان ( ٣ ) .

( ٣ ) الآية بتمامها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون و لا جنبا إلاّ عابري سبيل حتى تغتسلوا و إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم إن اللّه كان عفوّا غفورا ) . النساء : ٤٣ .

( ٤ ) نهج البلاغة ٤ : ١٠٧ ، الحكمة ( ٤٦٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٢٩ ) العنوان ( ٢٧ ) .

١٩

شرحناه في محلّه ١ .

كما أنّه عفا اللّه عنه قد ينسب إليه عليه السّلام ما لغيره ، كما تراه في الحكمة ( ٢٨٩ ) فاتفقت الروايات على أنّه لابنه الحسن عليه السّلام ٢ . و ما تراه في الحكمة ( ٢٢٧ ) فاتفقت الروايات على أنّه عليه السّلام نقله عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ، و قد أوضحناهما في محلّهما ٣ .

كما أنّه قد ينسب إليه عليه السّلام ما روي عنه عليه السّلام في المنام ، كما تراه في الحكمة ( ٤٠٦ ) و قد بحثنا ذلك في محلّه ٤ .

كما أنّه قد ينسب الشي‏ء إلى غير محلّه ، فقال في الكتاب ( ٦٢ ) : و من كتاب له عليه السّلام إلى أهل مصر مع مالك الأشتر . مع أنّه روى الثقفي في ( غاراته ) ، و ابن قتيبة في ( خلفائه ) ، و الكليني في ( رسائله ) ، و ابن جرير الطبريّ في ( مستر شده ) أنّه كانت خطبة له عليه السّلام في التحريض على الجهاد لمّا فتحت مصر و قتل محمّد بن أبي بكر ٥ .

كما أنّه قد يحرّف لعدم تدبّره أو لسقم نسخة مستنده ، فنقل في الكتاب ( ٥٧ ) : « خرجت من حيي هذا » فإنه محرّف : « خرجت مخرجي هذا » . كما شرحناه في محلّه ٦ .

و نقل في الحكمة ( ٣٧١ ) : « و الشرّ جامع لمساوي العيوب » فإنّه محرّف

ــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة ١ : ١٠٥ ، الخطبة ( ٥٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٩ ) العنوان ( ١٥ ) .

( ٢ ) نهج البلاغة ٤ : ٦٩ ، الحكمة ( ٢٨٩ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ١٥ ) .

( ٣ ) نهج البلاغة ٤ : ٥٠ ، الحكمة ( ٢٢٧ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٤٠ ) العنوان ( ٥ ) .

( ٤ ) نهج البلاغة ٤ : ٩٥ ، الخطبة ( ٤٠٦ ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( ٦ ) . العنوان ( ٢٥ ) .

( ٥ ) نهج البلاغة ٣ : ١١٨ ، الكتاب ( ٦٢ ) شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( ٨ ) العنوان ( ١٥ ) ، و الغارات للثقفي ١ : ٣٠٢ ،

و تاريخ الخلفاء و هو كتاب الإمامة و السياسة لا بن قتيبة ١ : ١٥٤ ، و كشف المحجّة لابن طاووس : ١٧٣ نقلا عن رسائل الكليني ، و المسترشد للطبري : ٩٥ .

( ٦ ) نهج البلاغة ٣ : ١١٤ ، شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( ٣ ) العنوان ( ٧ ) .

٢٠

كما قد وجدنا من ذلك في حجج الله المتقدِّمة من عصر وفاة آدمعليه‌السلام إلى حين زماننا هذا منهم المستخفون ومنهم المستعلنون، بذلك جاءت الاثار ونطق الكتاب.

فمن ذلك ما:

حدثنا به أبيرحمه‌الله قال: حدّثنا سعد بن عبد الله قال: حدّثنا أحمد بن - محمّد بن خالد البرقيُّ، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن إسحاق بن جرير، عن عبد الحميد ابن أبى الدِّيلم قال: قال الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : يا عبد الحميد إنَّ لله رسلاً مستعلنين ورسلا مستخفين فإذا سألته بحقِّ المستعلنين فسله بحق المستخفين.

وتصديق ذلك من الكتاب قوله تعالى: «ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليماً »(١) فكانت حجج الله تعالى كذلك من وقت وفاة آدمعليه‌السلام إلى وقت ظهور إبراهيمعليه‌السلام أوصياء مستعلنين ومستخفين، فلمّا كان وقت كون إبراهيمعليه‌السلام ستر الله شخصه وأخفى ولادته، لان الامكان في ظهور الحجّة كان متعذِّراً في زمانه، وكان إبراهيمعليه‌السلام في سلطان نمرود مستترا لامره وكان غير مظهر نفسه، ونمرود يقتل أولاد رعيّته وأهل مملكته في طلبه إلى أن دلّهم إبراهيمعليه‌السلام على نفسه، وأظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغيبة أمدها ووجب إظهار ما أظهره للذي أراده الله في إثبات حجته وإكمال دينه، فلمّا كان وقت وفاة إبراهيمعليه‌السلام كان له أوصياء حججاً لله عزَّ وجلَّ في أرضه يتوارثون الوصيّة كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت كون موسىعليه‌السلام فكان فرعون يقتل أولاد بنى إسرائيل في طلب موسىعليه‌السلام الّذي قد شاع من ذكره وخبر كونه، فستر الله ولادته، ثمّ قذفت به أمّه في اليمِّ كما أخبر الله عزَّ وجلَّ في كتابه «فالتقطه آل فرعون »(٢) وكان موسىعليه‌السلام في حجر فرعون يربيه وهو لا يعرفه، وفرعون يقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه، ثمّ كان من أمره بعد أنَّ أظهر دعوته ودلّهم على نفسه ما قد قصه الله عزَّ وجلَّ في كتابه، فلمّا كان وقت

__________________

(١) النساء: ١٦٤.

(٢) القصص: ٧.

٢١

وفاة موسىعليه‌السلام كان له أوصياء حججاً لله كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور عيسىعليه‌السلام .

فظهر عيسىعليه‌السلام في ولادته، معلناً لدلائله، مظهراً لشخصه، شاهراً لبراهينه، غير مخف لنفسه لان زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك.

ثمَّ كان له من بعده أوصياء حججاً لله عزَّ وجلَّ كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الله عزَّ وجلَّ له في الكتاب: «ما يقال لك إلّا ما قد قيل للرسل من قبلك »(١) ثمّ قال عزَّ وجلَّ: «سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا »(٢) فكان ممّا قيل له ولزم من سنّته على إيجاب سنن من تقدمه من الرُّسل إقامة الاوصياء له كاقامة من تقدّمه لاوصيائهم، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصياء كذلك وأخبر بكون المهديِّ خاتم الأئمّةعليهم‌السلام ، وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، نقلت الاُمّة ذلك بأجمعها عنه، وأنَّ عيسىعليه‌السلام ينزل في وقت ظهوره فيصلي خلفه، فحفظت ولادات الأوصياء ومقاماتهم في مقام بعد مقام إلى وقت ولادة صاحب زمانناعليه‌السلام المنتظر للقسط والعدل، كما أوجبت الحكمة باستقامة التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدمة بالوجود.

وذلك أنَّ المعروف المتسالم بين الخاصِّ والعامِّ من أهل هذه الملّة أنَّ الحسن ابن علىٍّ والد صاحب زمانناعليهما‌السلام قد كان وكلّ به طاغية زمانه إلى وقت وفاته، فلمّا توفّيعليه‌السلام وكل بحاشيته وأهله وحبست جواريه وطلب مولوده هذا أشدَّ الطلب وكان أحد المتوليّين عليه عمّه جعفر أخو(٣) الحسن بن عليٍّ بما ادّعاده لنفسه من الامامة ورجا أن يتمّ له ذلك بوجود ابن أخيه صاحب الزَّمانعليه‌السلام فجرت السنة في غيبته بما جرى من سنن غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدِّمة، ولزم من حكمة غيبةعليه‌السلام ما لزم من حكمة غيبتهم.

__________________

(١) فصلت: ٤٣.

(٢) الاسراء: ٧٧.

(٣) كذا.

٢٢

رد اشكال:

وكان من معارضة خصومنا أن قالوا: ولم أوجبتم في الائمّة ما كان واجباً في الانبياء، فما أنكرتم أنَّ ذلك كان جائزاً في الانبياء وغير جائز في الائمّة فإنَّ الائمّة ليسوا كالانبياء فغير جائز أن يشبه حال الائمّة بحال الانبياء فأوجدونا دليلا مقنعا على أنَّه جائز في الائمّة ما كان جائزاً في الانبياء والرسل فيما شبهتم من حال الائمّة الّذين ليسوا بأشباه الانبياء والرُّسل، وإنما يقاس الشكل بالشكل والمثل بالمثل، فلن تثبت دعواكم في ذلك، ولن يستقيم لكم قياسكم في تشبيهكم حال الائمّة بحال الانبياءعليهم‌السلام إلّا بدليل مقنع.

فأقول - وبالله أهتدي -: أنَّ خصومنا قد جهلوا فيما عارضونا به من ذلك ولو أنّهم كانوا من أهل التمييز والنظر والتفكّر والتدبر باطراح العناد وإزالة العصبيّة لرؤسائهم ومن تقدّم من إسلافهم لعلموا أنَّ كلَّ ما كان جائزاًً في الأنبياء فهو واجبٌ لازم في الائمّة حذو النّعل بالنّعل والقذَّة بالقذة وذلك أنَّ الأنبياء هم أصول الائمّة ومغيضهم(١) والائمّة هم خلفاء الأنبياء وأوصياؤهم والقائمون بحجة الله تعالى على من يكون بعدهم كيلا تبطل حجج الله وحدود (ه و) شرايعه مادام التكليف على العباد قائماً والامر لهم لازماً، ولو وجبت المعارضة لجاز لقائل أن يقول: أنَّ الأنبياء هم حجج الله فغير جائز أن يكون الائمّة حجج الله إذ ليسوا بالانبياء ولا كالانبياء، وله أن يقول أيضا: فغير جائز أن يسمّوا أئمّة لأنّ الأنبياء كانوا أئمّة وهؤلاء ليسوا بأنبياء فيكونوا أئمّة كالانبياء، وغير جائز أيضاً أن يقوموا بما كان يقوم به الرسل من الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك من أبواب الشّريعة إذ ليسوا كالرّسول ولا هم برسل. ثمّ يأتي بمثل هذا من المحال ممّا يكثر تعداده ويطول الكتاب بذكره، فلمّا فسد هذا كله كانت هذه المعارضة من خصومنا فاسدة كفساده.

__________________

(١) المغيض: مجتمع الماء ومدخله في الأرض والمراد بالفارسية (انبياء نسخه أصل وسر چشمهء امامانند). وفى بعض النسخ « ومفيضهم » من الافاضة.

٢٣

ثمَّ نحن نبيّن الان ونوضح بعد هذا كلّه أنَّ التشاكل بين الأنبياء والائمّة بيّنٌ واضٌ فيلزمهم أنّهم حجج الله على الخلق كما كانت الأنبياء حججه على العباد، وفرض طاعتهم لازم كلزوم فرض طاعة الأنبياء، وذلك قول الله عزَّ وجلَّ: «أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول وأولي الأمر منكم »(١) وقوله تعالى: «ولو ردُّوه إلى الرَّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم »(٢) فولاة الامرهم الاوصياء والائمّة بعد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد قرن الله طاعتهم بطاعة الرَّسول وأوجب على العباد من فرضهم ما أوجبه من فرض الرَّسول كما أوجب على العباد من طاعة الرَّسول ما أوجبه عليهم من طاعته عزَّ وجلَّ في قوله: «أطيعوا الله وأطيعوا الرَّسول » ثمّ قال: «من يطع الرَّسول فقد أطاع الله (٣) » وإذا كانت الائمّةعليهم‌السلام حجج الله على من لم يلحق بالرَّسول ولم يشاهده وعلى من خلفه من بعده كما كان الرَّسول حجّة على من لم يشاهده في عصره لزم من طاعة الائمّة ما لزم من طاعة الرَّسول محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد تشاكلوا واستقام القياس فيهم وإن كان الرَّسول أفضل من الائمّة فقد تشاكلوا في الحجّة والاسم والفعل(٤) والفرض، إذ كان الله جل ثناؤه قد سمّى الرُّسل أئمّة بقوله لابراهيم: «إنّي جاعلك للنّاس إماماً »(٥) وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أنَّه قد فضّل الأنبياء والرُّسل بعضهم على بعض فقال تبارك وتعالى: «تلك الرُّسل فضلّنا بعضهم على بعض منهم من كلّم الله - الآية »(٦) وقال: «ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض - الآية »(٧) فتشاكل الأنبياء في النبوَّة وإن كان بعضهم أفضل من بعض، وكذلك تشاكل الأنبياء والاوصياء، فمن قاس حال الائمّة بحال الأنبياء واستشهد بفعل الأنبياء على فعل الائمّة فقد أصاب في قياسه واستقام له استشهاده بالّذي وصفناه من تشاكل الأنبياء والاوصياءعليهم‌السلام .

__________________

(١) النساء: ٥٩.

(٢) النساء: ٨٣.

(٣) النساء: ٨٠.

(٤) في بعض النسخ « والعقل ».

(٥) البقرة: ١١٩.

(٦) البقره: ٢٥٤.

(٧) الاسراء: ٥٦.

٢٤

وجه آخر لاثبات المشاكلة:

ووجه آخر من الدّليل على حقيقة ما شرحنا من تشاكل الائمّة والأنبياءعليهم‌السلام أنَّ الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة »(١) وقال تعالى: «ما آتيكم الرَّسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا »(٢) فأمرنا الله عزَّ وجلَّ أن نهتدي بهدى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونجري الاُمور (الجارية) على حدِّ ما أجراها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قول أو فعل، فكان من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المحقّق لما ذكرنا من تشاكل الأنبياء والائمّة أن قال: « منزلة عليٍّ عليه‌السلام منّي كمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لانبي بعدي » فأعلمنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنَّ عليا ليس بنبي وقد شبهه بهارون وكان هارون نبيّاً ورسولاً ( و ) كذلك شبّهه بجماعة من الأنبياءعليهم‌السلام .

حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكّلرحمه‌الله قال: حدّثنا علىٌ بن الحسين السّعد آباديُّ قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ، عن أبيه محمّد بن خالد قال: حدّثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة الشّيبانيُّ، عن أبيه، عن جدِّه(٣) عن عبد الله ابن عباس قال: كنّا جلوساً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في سِلمه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في فطانته وإلى داود في زهده، فلينظر إلى هذا. قال: فنظرنا فإذا علىُّ بن أبي طالب قد أقبل كأنما ينحدر

__________________

(١) الاحزاب: ٢١.

(٢) الحشر: ٧.

(٣) هارون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني عامى ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، مستقيم الحديث. وابنه عبد الملك عنونه النجاشي وقال: كوفي ثقة عين روى عن أصحابنا ورووا عنه، ولم يكن متحققاً بأمرنا، له كتاب يرويه محمّد بن خالد. وأما أبوه عنترة بن عبد الرحمن فعنونه العسقلاني في النقريب والتهذيب وقال: ذكره ابن حبان في الثقات وذكر ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: أنَّه كوفي ثقة.

٢٥

من صبب(١) ، فإذا استقام أن يشبّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحداً من الائمّة علهيم السلام بالأنبياء والرُّسل استقام لنا أن نشبّه جميع الائمّة بجميع الأنبياء والرُّسل، وهذا دليل مقنعٌ وقد ثبت شكل صاحب زمانناعليه‌السلام في غيبته بغيبة موسىعليه‌السلام وغيره ممّن وقعت بهم الغيبة، وذلك أنَّ غيبة صاحب زماننا وقعت من جهة الطواغيت لعلّة التدبير من الّذي قدَّمنا ذكره في الفصل الأوَّل.

ومما يفسد معارضة خصومنا في نفي تشاكل الأئمّة والأنبياء أنَّ الرُّسل الّذين تقدَّموا قبل عصر نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أوصياؤهم أنبياء، فكلُّ وصيٍّ قام بوصيّة حجّة تقدّمه من وقت وفاة آدمعليه‌السلام إلى عصر نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان نبيّاً، وذلك مثل وصي آدم كان شببث ابنه، وهو هبة الله في علم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان نبيّاً، ومثل وصي نوحعليه‌السلام كان سام ابنه وكان نبيّاً، ومثل إبراهيمعليه‌السلام كان وصيه إسماعيل(٢) ابنه وكان نبيّاً، ومثل موسىعليه‌السلام كان وصيّه يوشع بن نون وكان نبيّاً، ومثل عيسىعليه‌السلام كان وصيّه شمعون الصفا وكان نبيّاً، ومثل داودعليه‌السلام كان وصيه سليمانعليه‌السلام ابنه وكان نبيّاً. وأوصياء نبيّناعليهم‌السلام لم يكونوا أنبياء، لأنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل محمّداً خاتماً لهذه الامم(٣) كرامة له وتفضيلاً، فقد تشاكلت الائمّة والأنبياء بالوصية كما تشاكلوا فيما قدّمنا ذكره من تشاكلهم فالنبيُّ وصيٌّ والامام وصيٌّ، والوصيُّ إمام والنبي إمام، والنبيُّ حجّة والامام حجّة(٤) ، فليس في الاشكال أشبه من تشاكل الائمّة والانبياء.

و كذلك أخبرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتشاكل أفعال الاوصياء فيمن تقدّم وتأخّر من قصّة يوشع بن نون وصيِّ موسىعليه‌السلام مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى وقصّة

____________

(١) أي يرفع رجليه رفعاً بيناً بقوة دون احتشام وتبختر. والصبب: ما انحدر من الأرض أو الطريق.

(٢) في بعض النسخ « اسحاق ».

(٣) في بعض النسخ « لهذا الاسم » أي النبوة.

(٤) في بعض النسخ « والوصي حجّة ».

٢٦

أمير المؤمنينعليه‌السلام وصىّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عائشة بنت أبى بكر، وإيجاب غسل الأنبياء أوصيائهم بعد وفاتهم.

حدثنا عليُّ بن أحمد الدَّقاقرحمه‌الله قال: حدّثنا حمزة بن القاسم قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن الجنيد الرازيُّ قال: حدّثنا أبو عوانة قال: حدّثنا الحسن ابن عليٍّ(١) ، عن عبد الرّزاق، عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرّحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود قال: قلت للنبىّعليه‌السلام : يا رسول الله من يغسّلك إذا متَّ؟ قال: يغسّل كلّ نبيٍّ وصيّه، قلت: فمن وصيك يارسول الله؟ قال: عليُّ بن أبي طالب قلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: ثلاثين سنة، فإنَّ يوشع بن نون وصيُّ موسى عاش بعد موسى ثلاثين سنة، وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسىعليه‌السلام فقالت: أنا أحقُّ منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتليها وأسرها فأحسن أسرها، وأن ابنة أبي بكر ستخرج على عليِّ في كذا وكذا ألفاً من امّتي فتقاتلها فيقتل مقاتليها ويأسرها فيحسن أسرها، وفيها أنزل الله عزَّ وجلَّ: «وقرن في بيوتكنَّ ولا تبرجنَّ تبرُّج الجاهليّة الاولى »(٢) يعنى صفراء بنت شعيب، فهذا الشكل قد ثبت بين الائمّة والأنبياء بالاسم والصفة والنعت والفعل، وكلُّ ما كان جائزاً في الأنبياء فهو جائز يجري في الائمّة حذو النّعل بالنّعل والقذَّة بالقذَّة، ولو جاز أن تجحد إمامة صاحب زماننا هذا لغيبته بعد وجود من تقدّمه من الائمّةعليهم‌السلام لوجب أن تدفع نبوَّة موسى بن عمرانعليه‌السلام لغيبته إذ لم يكن كلًّ الأنبياء كذلك، فلمّا لم تسقط نبوة موسى لغيبتة وصحت

__________________

(١) هو الحسن بن علي الخلال أبو علي - وقيل أبو محمّد - الحلواني نزيل مكة ثقة ثبت يروى عن عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبي بكر الصنعانى، قال أحمد ابن صالح المصرى: قلت لاحمد بن حنبل: رأيت أحدا أحسن حديثاً من عبد الرزاق؟ قال: لا. ويرموه القوم بالتشيع. يروى عن أبيه همام وهو ثقة يروى عن مينا بن أبى مينا الزهري الخزاز مولى عبد الرحمن بن عوف وهو شيعي جرحه العامة لتشيعه. وما في النسخ من الحسين بن علي بن عبد الرزاق، فهو تصحيف.

(٢) الاحزاب: ٣٢.

٢٧

نبوَّته مع الغيبة كما صحّت نبوَّة الأنبياء الّذين لم تقع بهم الغيبة فكذلك صحّت إمامة صاحب زماننا هذا مع غيبته كما صحت إمامة من تقدّمه من الائمّة الّذين لم تقع بهم الغيبة.

وكما جاز أن يكون موسىعليه‌السلام في حجر فرعون يُربيّه وهو لا يعرفه ويقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه فكذلك جائز أن يكون صاحب زماننا موجوداً بشخصه بين النّاس، يدخل مجالسهم ويطأ بسطهم ويمشي في أسواقهم، وهم لا يعرفونه إلى أن يبلغ الكتاب أجله.

فقد روي عن الصّادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنَّه قال: في القائم سنّة من موسى، وسنّة من يوسف، وسنّة من عيسى، وسنّة من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فأمّا سنة موسى فخائف يترقب، وأما سنة يوسف فإنَّ إخوته كانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه، وأما سنة عيسى فالسياحة، وأما سنة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالسيف.

رد اشكال:

فكان من الزِّيادة لخصومنا أن قالوا: ما أنكرتم إذ قد ثبت لكم ما ادَّعيتم من الغيبة كغيبة موسىعليه‌السلام ومن حلّ محله من الائمّة(١) الّذين وقعت بهم الغيبة أن تكون حجّة موسى لم تلزم أحداً إلّا من بعد أنَّ أظهر دعوته ودلَّ على نفسه وكذلك لا تلزم حجّة إمامكم هذا لخفاء مكانه وشخصه حتّى يظهر دعوته ويدل على نفسه [ كذلك ] فحينئذ تلزم حجّته وتجب طاعته، وما بقي في الغيبة فلا تلزم حجّته، ولا تجب طاعته.

فأقول - وبالله أستعين -: إنَّ خصومنا غفلوا عما يلزم من حجّة حجج الله في ظهورهم واستتارهم وقد ألزمهم الله تعالى الحجّة البالغة في كتابه ولم يتركهم سدى في جهلهم وتخبّطهم ولكنّهم كما قال الله عزَّ وجلَّ: «أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها »(٢) أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد أخبرنا في قصّة موسىعليه‌السلام أنَّه كان له شيعة

__________________

(١) في بعض النسخ « من الأنبياء ».

(٢) سوره محمّد (ص): ٢٤.

٢٨

وهم بأمره عارفون وبولايته متمسّكون ولدعوته منتظرون قبل إظهار دعوته، ومن قبل دلالته على نفسه حيث يقول: «ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوِّه فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوِّه »(١) وقال عزَّ وجلَّ حكاية عن شيعة: «قالوا اُوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا - الآية »(٢) فأعلمنا الله عزَّ وجلَّ في كتابه أنَّه قد كان لموسىعليه‌السلام شيعة من قبل أن يظهر من نفسه نبوّة، وقبل أن يظهر له دعوة يعرفونه ويعرفهم بموالاة موسى صاحب الدَّعوة ولم يكونوا يعرفون أنَّ ذلك الشخص هو موسى بعينه، وذلك أنَّ نبوّة موسى إنّما ظهرت من بعد رجوعه من عند شعيب حين سار بأهله من بعد السنين التي رعى فيها لشعيب حتّى استوجب بها أهله فكان دخوله المدينة حين وجد فيها الرَّجلين قبل مسيره إلى شعيب، وكذلك وجدنا مثل نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد عرف أقوامٌ أمره قبل ولادته وبعد ولادته، وعرفوا مكان خروجه ودار هجرته من قبل أن يظهر من نفسه نبوّة، ومن قبل ظهور دعوته وذلك مثل سلمان الفارسيِّرحمه‌الله ، ومثل قُسّ بن ساعدة الاياديِّ، ومثل تبّع الملك، ومثل عبد المطّلب، وأبي طالب، ومثل سيف بن ذي - يزن، ومثل بحيرى الرّاهب، ومثل كبير الرهبان في طريق الشام، ومثل أبي مويهب الراهب، ومثل سطيح الكاهن، ومثل يوسف اليهوديِّ، ومثل ابن حوّاش الحبر المقبل من الشام، ومثل زيد بن عمرو بن نفيل، ومثل هؤلاء كثير ممّن قد عرف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بصفته ونعته واسمه ونسبه قبل مولده وبعد مولده، والاخبار في ذلك موجودة عند الخاصّ والعامّ، وقد أخرجتها مسندة في هذا الكتاب في مواضعها، فليس من حجّة الله عزَّ وجلَّ نبي ولا وصي إلّا وقد حفظ المؤمنون وقت كونه وولادته وعرفوا أبويه ونسبه في كل عصر وزمان حتّى لم يشتبه عليهم شيء من أمر حجج الله عزَّ وجلَّ في ظهورهم وحين استتارهم، وأغفل ذلك أهل الجحود والضّلال والكنود فلم يكن عندهم [ علم ] شيء من أمرهم، وكذلك سبيل صاحب زمانناعليه‌السلام حفظ أولياؤه المؤمنون من أهل

__________________

(١) القصص: ١٥.

(٢) الاعراف: ١٢٩.

٢٩

المعرفة والعلم وقته وزمانه وعرفوا علاماته وشواهد أيّامه(١) وكونه ووقت ولادته ونسبه، فهم على يقين من أمره في حين غيبته ومشهده، وأغفل ذلك أهل الجحود والانكار والعنود، وفي صاحب زمانناعليه‌السلام قال الله عزَّ وجلَّ: «يوم يأتي بعض آيات ربّك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل »(٢) وسئل الصادقعليه‌السلام عن هذه الآية فقال: الايات هم الائمّة، والآية المنتظرة هو القائم المهديُّعليه‌السلام فإذا قام لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسّيف وإن آمنت بمن تقدَّم من آبائهعليهم‌السلام ». حدّثنا بذلك أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير؛ والحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب وغيره، عن الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام .

وتصديق ذلك (أنَّ الايات هم الحجج) من كتاب الله عزَّ وجلَّ قول الله تعالى: «وجعلنا ابن مريم وأمّه آية »(٣) يعني حجّة، وقوله عزَّ وجلَّ لعزير(٤) حين أحياه الله من بعد أنَّ أماته مائة سنة «فانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للنّاس »(٥) يعني حجّة فجعله عزَّ وجلَّ حجّة على الخلق وسمّاه آية. وإنّ النّاس لمّا صحَّ لهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر الغيبة الواقعة بحجّة الله تعالى ذكره على خلقه وضع كثير منهم الغيبة غير موضعها أوّلهم عمر بن الخطّاب فانه قال لما قبض النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والله ما مات محمّد وإنّما غاب كغيبة موسىعليه‌السلام عن قومه وإنّه سيظهر لكم بعد غيبته.

حدثنا أحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ العدل قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن العباس ابن بسّام قال: حدّثنا أبو جعفر محمّد بن يزداد قال: حدّثنا نصر بن سيار بن داود

__________________

(١) في بعض النسخ « وشواهد آياته ».

(٢) الانعام: ١٥٨.

(٣) المؤمنون: ٥٠.

(٤) في بعض النسخ « لارميا ».

(٥) البقرة: ٢٥٩.

٣٠

الاشعريُّ قال: حدّثنا محمّد بن عبد ربّه(١) ، وعبد الله بن خالد السلّولي أنّهما قالا: حدّثنا أبو معشر نجيح المدنيُّ قال: حدّثنا محمّد بن قيس، ومحمد بن كعب القرظيِّ، وعمارة بن غزّية، وسعيد بن أبي سعيد المقبري(٢) ، وعبد الله بن أبي مليكة وغيرهم من مشيخة أهل المدينة قالوا: لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقبل عمر بن الخطاب يقول: والله مامات محمّد وإنّما غاب كغيبة موسى عن قومه وإنّه سيظهر بعد غيبته فما زال يردّد هذا القول ويكرّره حتّى ظنّ النّاس أنَّ عقله قد ذهب، فأتاه أبو بكر وقد اجتمع النّاس عليه يتعجّبون من قوله فقال: اربع على نفسك يا عمر(٣) من يمينك الّتى تحلف بها، فقد أخبرنا الله عزَّ وجلَّ في كتابه فقال: يا محمّد «إنّك ميّت وإنّهم ميّتون (٤) » فقال عمر: وإنّ هذه الآية لفي كتاب الله يا أبا بكر؟ فقال: نعم أشهد بالله لقد ذاق محمّد

__________________

(١) محمّد بن يزداد الرازي قال أبو النضر العياشي: لا بأس به. ونصر بن سيار لم أجد من ذكره وليس هو بنصر بن سيار والى خراسان من قبل هشام بن عبد الملك، ومحمّد بن عبد ربّه الانصاري اجاز التلعكبرى جميع حديثه وكان يروى عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميرى ونظرائهما كما في منهج المقال. وأما عبد الله بن خالد فلم أعرفه.

(٢) أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي - بكسر المهملة وسكون النون - المدني مولى بني هاشم مشهور بكنيته وليس بقوى في الحديث، ومحمّد بن قيس شيخه ضعيف كما في التقريب. وأما محمّد بن كعب القرظي فثقة عالم ولد سنة أربعين على الصحيح ومات سنة ١٢٠ وقيل قبل ذلك. وأما عمارة بن غزية المدني فوثقه أحمد وأبو زرعة وقال يحيى بن معين: صالح وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس، وكان صدوقاً. وأما سعيد بن أبي سعيد فاسمه كيسان المقبري أبو سعد المدنى، والمقبري نسبة إلى مقبرة بالمدينة كان مجاوراً لها فهو ثقة صدوق كما في التهذيب. واما عبد الله بن أبي مليكة فهو عبد الله بن عبيد الله وأبو ملكية بالتصغير ثقة فقيه.

(٣) أي ارفق بنفسك وكف عن هذا القول واليمين.

(٤) الزمر: ٣٠.

٣١

الموت، ولم يكن عمر جمع القرآن(١) .

الكيسانية:

ثم غلطت الكيسانيّة بعد ذلك حتّى ادَّعت هذه الغيبة لمحمّد بن الحنفية - قدَّس الله روحه - حتّى أنَّ السيّد بن محمّد الحميريَّرضي‌الله‌عنه (٢) اعتقد ذلك وقال فيه:

ألا إنَّ الائمّة من قريش

ولاة الامر أربعة سواء

عليٌّ والثلاثة من بنيه

هُمُ أسباطنا والأوصياء(٣)

فسبطٌ سبط إيمان وبرٍّ

وسبطٌ قد حوته كربلاء(٤)

وسبط لا يذوق الموت حتّى

يقود الجيش يقدمه اللّواء(٥)

يغيب فلا يرى عنّا زماناً(٦)

برضوى عنده عسلٌ وماء

 وقال فيه السيّد - رحمة الله عليه - أيضا:

أيا شعب رضوى ما لمن بك لا يرى

فحتّى متى يخفى وأنت قريب

فلو غاب عنّا عمر نوح لا يقنت

منّا النّفوس بأنّه سيؤوب(٧)

__________________

(١) أي لم يقرء أو يحفظ جميع القرآن.

(٢) هو اسماعيل بن محمّد الحميري، سيد الشعراء. كان يقول أولا بامامة محمّد بن الحنفية ثمّ رجع إلى الحق، وأمره في الجلالة والمجد ظاهر لمن تتبع كتب التراجم. قيل: توفى ببغداد سنة ١٧٩ فبعثت الاكابر والشرفاء من الشيعة سبعين كفناً له، فكنفه الرشيد من ماله ورد الاكفان إلى أهلها.

(٣) في « الفرق بين الفرق » لعبد القاهر بن طاهر البغدادي الاسفراييني « هم الاسباط ليس بهم خفاء » وكذا في الملل والنحل للشهرستاني.

(٤) في الفرق « وسبط غيبته كربلاء ». وكذا في اعلام الورى المنقول من كمال الدين.

(٥) في الفرق والملل « يقود الخيل يقدمها اللواء ».

(٦) في الفرق « تغيب لا يرى فيهم زماناً ».

(٧) هذا المصراع في بعض النسخ هكذا « نفوس البرايا أنَّه سيؤوب ».

٣٢

وقال فيه السيّد أيضاً:

ألاحيّ المقيم بشعب رضوى

واهد له بمنزله السّلاما

وقل: يا ابن الوصيِّ فدتك نفسي

أطلت بذلك الجَبَل المقاما

فمرَّ بمعشر والوك منا

وسمّوك الخليفة والاماما

فما ذاق ابن خولة طعم موت

ولاوارت له أرض عظاما

فلم يزل السيّد ضالّاً في أمر الغيبة يعتقدها في محمّد بن الحنفيّة حتّى لقى الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ورأى منه علامات الامامة وشاهد فيه دلالات الوصية، فسأله عن الغيبة، فذكر له أنّها حقٌّ ولكنّها تقع في الثاني عشر من الائمّةعليهم‌السلام وأخبره بموت محمّد بن الحنفيّة وأن أباه شاهد دفنه، فرجع السيّد عن مقالته واستغفر من اعتقاده ورجع إلى الحق عند اتّضاحه له، ودان بالامامة.

حدثنا عبد الواحد بن محمّد العطّار النيسابوريُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا علي بن محمّد قتيبة النيسابوري، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن حيان السراج قال: سمعت السيّد بن محمّد الحميري يقول: كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمّد بن علي - ابن الحنفيّة - قد ضللت في ذلك زماناً، فمن الله علي بالصادق جعفر بن - محمّدعليهما‌السلام وأنقذني به من النّار، وهداني إلى سواء الصراط، فسألته بعد ما صحَّ عندي بالدّلائل التي شاهدتها منه أنَّه حجّة الله علي وعلى جميع أهل زمانه وإنّه الامام الّذي فرض الله طاعته وأوجب الاقتداء به، فقلت له،: يا ابن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائكعليهم‌السلام في الغيبة وصحّة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقالعليه‌السلام : إنَّ الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الائمّة الهداة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوَّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم بالحقِّ بقية الله في الأرض وصاحب الزَّمان، والله لو بقى في غيبته ما بقى نوح في قومه(١) لم يخرج من الدُّنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً. قال السيّد: فلمّا

__________________

(١) في بعض النسخ « في الأرض ».

٣٣

سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام تبت إلى الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي أولها:

فلمّا رأيت النّاس في الدِّين قد غووا

تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا(١)

وناديت باسم الله والله اكبر

وأيقنت أن يعفو ويغفر

ودنت بدين الله ماكنت ديّناً(٢)

به ونهاني سيّد النّاس جعفر

فقلت: فهبني قد تهودت برهة

وإلا فديني دين من يتنصر

وإني إلى الرحمن من ذاك تائب

إني قد أسلمت والله أكبر

فلست بغال ما حييت وراجع

إلى ما عليه كنت اُخفي واظهر

ولا قائل حيّ برضوى محمّد

وإن عاب جهّال مقالي وأكثروا

ولكنّه ممن مضى لسبيله

على أفضل الحالات يقفي ويخبر

مع الطيبين الطاهرين الاُولى لهم

من المصطفى فرعٌ زكيٌ وعنصر

إلى آخر القصيدة، (وهي طويلة) وقلت بعد ذلك قصيدة اخرى:

أيا راكباً نحو المدينة جسرة

عذافرة يطوى بها كلّ سبسب(٣)

إذا ما هداك الله عاينت جعفراً

فقل لوليِّ الله وابن المهذَّب

ألا يا أمين الله وابن أمينه

أتوب إلى الرَّحمن ثمّ تأوَّبي

إليك من الامر الّذي كنت مطنباً(٤)

أحارب فيه جاهداً كلَّ معرب

وما كان قولي في ابن خولة مطنباً

معاندة منّي لنسل المطيب

ولكن روينا عن وصيِّ محمّد

وما كان فيما قال بالمتكذّب

بأنَّ وليَّ الامر يفقد لا يرى

ستيراً(٥) كفعل الخائف المترقّب

__________________

(١) في بعض النسخ « باسم الله والله اكبر ».

(٢) في بعض النسخ « ودنت بدين غير ما كنت دينا ».

(٣) الجسرة: البعير الذى أعيا وغلظ من السير. والعذافرة: العظمة الشديدة من الابل، والناقة الصلبة القوية. والسبب: المفازة، أو الأرض المستوية البعيدة.

(٤) في بعض النسخ « كنت مبطنا ».

(٥) في بعض النسخ « سنين ». وفى بعضها « كمثل الخائف ».

٣٤

فتقسم أموال الفقيد كأنّما

تغيّبه بين الصفيح المنصّب(١)

فيمكث حينا ثمّ ينبع نبعة

كنبعة جدي من الافق كوكب(٢)

يسير بنصر الله من بيت ربّه

على سودد منه وأمر مسبّب(٣)

يسير إلى أعدائه بلوائه

فيقتلهم قتلا كحران مغضب(٤)

فلما روى أنَّ ابن خولة غائب

صرفنا إليه قولنا لم نكذِّب

وقلنا هو المهديُّ والقائم الّذي

يعيش به من عدله كلُّ مجدب

فان قلت لا فالحقُّ قولك والذي

أمرت(٥) فحتمٌ غير ما متعصّب

واشهد ربي أنَّ قولك حجة

على النّاس طرا من مطيع ومذنب

بأنَّ وليَّ الامر والقائم الذي

تطلّع نفسي نحوه بتطرُّب

له غيبة لابدَّ من أن يغيبها

فصلّى علهى الله من متغيّب

فيمكث حيناً ثمّ يظهر حينه(٦)

فيملك من في شرقها والمغرَّب(٧)

بذاك أدين الله سرّاً وجهرة

ولست وإن عوتبت فيه بمعتب(٨)

وكان حيّان السّراج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية، ومتى صح موت

__________________

(١) الصفيح: من أسماء السماء، ووجه كل شيء عريض. والمنصب المرتفع. ولعل المراد بالصفيح هنا موضع بين حنين وأنصاب الحرم. كما يظهر من بعض اللغات.

(٢) كذا وفى بعض نسخ الحديث:

« فيمكث حينا ثمّ يشرق شخصه

مضيئاً بنور العدل اشراق كوكب »

وهكذا في اعلام الورى المنقول من كمال الدين. وليس هذا البيت في ارشاد المفيد ولا كشف الغمة للاربلي.

(٣) في بعض النسخ « وأمر مسيب ».

(٤) فرس حرون: الذى لا ينقاد والاسم الحران.

(٥) في الارشاد وكشف الغمة « تقول فحتم ».

(٦) في الارشاد « يظهر أمره » ولعله هو الصواب.

(٧) في اعلام الورى « فيملاء عدلا كل شرق ومغرب ».

(٨) « بمعتب » خبر ليست. يعنى عتابهم اياى ليس بموقع.

٣٥

محمّد بن عليٍّ ابن الحنفيّة بطل أن تكون الغيبة الّتي رويت في الأخبار واقعة به.

فمما روى في وفاة محمّد بن الحنفيّةرضي‌الله‌عنه (١)

ما حدّثنا به محمّد بن عصامرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكلينيُّ قال: حدّثنا القاسم بن العلاء قال: حدثني إسماعيل بن عليِّ القزوينيُّ قال: حدثني عليُّ بن إسماعيل، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار(٢) قال: دخل حيّان السّراج على الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فقال له: يا حيّان ما يقول أصحابك في محمّد بن الحنفية؟ قال: يقولون: إنَّه حي يرزق، فقال الصادقعليه‌السلام : حدثني أبيعليه‌السلام أنَّه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن غمضه وأدخله حفرته وزوج نسائه وقسم ميراثه، فقال: يا أبا عبد الله إنّما مثل محمّد بن الحنفيّة في هذه الاُمّة كمثل عيسى بن مريم شُبّه أمره للنّاس، فقال الصادقعليه‌السلام : شُبّه أمره على أوليائه أو على أعدائه؟ قال: بل على أعدائه فقال: أتزعم أنَّ أبا جعفر محمّد بن عليِّ الباقرعليهما‌السلام عدوُّ عمّه محمّد بن الحنفية؟ فقال: لا، فقال الصادقعليه‌السلام : يا حيّان إنّكم صدفتم عن أيات الله، وقد قال الله تبار ك وتعالى: «سنجزي الّذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : ما مات محمّد بن الحنفيّة حتّى أقرَّ لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام . وكانت وفاة محمّد بن الحنفيّة سنة أربع وثمانين من الهجرة.

حدثنا أبيرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن - يحيى: عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الصمد بن محمّد، عن حنان بن سدير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: دخلت على محمّد بن الحنفيّة وقد اعتقل لسانه فأمرته بالوصيّة، فلم

__________________

(١) هذا العنوان للمؤلف وموجود في جميع النسخ.

(٢) هو الحسين بن المختار القلانسى الكوفى ثقة واقفى من أصحاب الكاظمعليه‌السلام . وما في بعض النسخ من « جعفر بن مختار » فهو تصحيف، وعلي بن اسماعيل الظاهر هو على بن السندي الثقة. وأما حيان السراج فهو كيساني متعصب.

(٣) الانعام: ١٥٧. والصدف الرجوع عن الشيء.

٣٦

يجب، قال: فأمرت بطست فجعل فيه الرَّمل، فوضع فقلت له: خطَّ بيدك، قال: فخطّ وصيّته بيده في الرَّمل، ونسخت أنا في صحيفة.

ابطال قول الناووسية والواقفة في الغيبة

ثم غلطت الناووسيّة بعد ذلك في أمر الغيبة بعد ما صحَّ وقوعها عندهم بحجّة الله على عباده فاعتقدوها جهلاً منهم بموضعها في الصادق بن محمّدعليهما‌السلام حتّى أبطل الله قولهم بوفاتهعليه‌السلام وبقيام كاظم الغيظ الأوّاه الحليم، الامام أبي إبراهيم موسى ابن جعفرعليهما‌السلام بالامر مقام الصادقعليه‌السلام .

وكذلك ادَّعت الواقفيّة ذلك في موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأبطل الله قولهم باظهار موته وموضع قبره، ثمّ بقيام الرِّضا عليِّ بن موسىعليهما‌السلام بالامر بعده، وظهور علامات الامامة فيه مع ورود النصوص عليه من آبائهعليهم‌السلام .

فمما روى في وفاة موسى بن جعفر عليهما السلام(١)

ما حدّثني به محمّد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا أحمد بن - محمّد بن عمار، قال: حدثني الحسن بن محمّد القطعيُّ، عن الحسن بن علي النخّاس العدل عن الحسن بن عبد الواحد الخزّاز، عن عليِّ بن جعفر، عن عمر بن واقد قال: أرسل إليَّ السنديُّ بن شاهك في بعض اللّيل وأنا ببغداد فاستحضرني فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي، فأوصيت عيالي بما احتجت إليه وقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ثمّ ركبت إليه، فلمّا رآني مقبلاً قال: يا أبا حفص لعلّنا أرعبناك وأفزعناك، قلت: نعم قال: فليس ههنا إلّا خيرٌ، قلت: فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم خبري؟ فقال: نعم ثمّ قال: يا أبا حفص أتدري لم أرسلت إليك؟ فقلت: لا فقال: أتعرف موسى بن جعفر؟ فقلت: اي والله إنّي لاعرفه وبيني وبينه صداقة منذ دهر، فقال: من ههنا ببغداد يعرفه ممّن يقبل قوله؟ فسمّيت له أقواما ووقع في نفسي أنَّهعليه‌السلام قد مات، قال: فبعث إليهم وجاء بهم كما جاء بي، فقال: هل تعرفون قوماً يعرفون موسى بن -

__________________

(١) العنوان من المؤلف.

٣٧

جعفر؟ فسمّوا له قوماً، فجاء بهم، فأصبحنا ونحن في الدّار نيف وخمسون رجلاً ممن يعرف موسى وقد صحبه، قال: ثمّ قام ودخل وصلّينا، فخرج كاتبه ومعه طومارٌ فكتب أسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وخلانا، ثمّ دخل إلى السنديِّ، قال: فخرج السندي فضرب يده إليَّ فقال: قم يا أبا حفص، فنهضت ونهض أصحابنا ودخلنا وقال لي: يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر، فكشفته فرأيته ميتاً فبكيت واسترجعت، ثمّ قال للقوم: انظروا إليه، فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه ثمّ قال: تشهدون كلّكم أنَّ هذا موسى بن جعفر بن محمّد؟ قالوا: نعم نشهد أنَّه موسى بن - جعفر بن محمّد، ثمّ قال: يا غلام اطرح على عورته منديلاً واكشفه، قال: ففعل، فقال: أترون به أثراً تنكرونه؟ فقلنا: لا ما نرى به شيئا ولا نراه إلّا ميتاً، قال: لا تبرحوا حتّى تغسلوه واكفنّه وأدفنه، قال: فلم نبرح حتّى غسّل وكفن وحمل فصلى عليه السنديُّ بن شاهك، ودفناه ورجعنا، فكان عمر بن - واقد يقول: ما أحد هو أعلم بموسى بن جعفرعليهما‌السلام منّي، كيف تقولون: إنَّه حيٌّ وأنا دفنته.

حدثنا عبد الواحد بن محمّد العطّاررحمه‌الله قال: حدّثنا عليُّ بن محمّد بن - قتيبة، عن حمدان بن سليمان النيسابوريِّ، عن الحسن بن عبد الله الصيرفيِّ، عن أبيه قال: توّفي موسى بن جعفرعليهما‌السلام في يد السنديِّ بن شاهك فحملم على نعش ونودي عليه هذا إمام الرّافضة فاعرفوه، فلمّا اتي به مجلس الشرطة أقام أربعة نفر فنادوا الأمن أراد أن ينظر إلى الخبيث بن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج، فخرج سليمان بن - أبي جعفر(١) من قصره إلى الشطِّ فسمع الصياح والضوضاء(٢) فقال لولده وغلمانه: ما هذا؟ قالوا: السنديُّ بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر على نعش، فقال لولده وغلمانه: يوشك أن يفعل به هذا في الجانب الغربيِّ، فإذا عبر به فأنزلوا مع غلمانكم

__________________

(١) هو عم الرشيد أحد أركان الدولة العباسية.

(٢) الضوضاء: الغوغاء وزنا - ومعنى - وأصوات النّاس في الحرب.

٣٨

فخذوه من أيديهم فإنَّ مانعوكم فاضربوهم واخرقوا ما عليهم من السّواد، قال: فلمّا عبروا به نزلوا إليهم فأخذوه من أيديهم وضربوهم وخرقوا عليهم سوادهم ووضعوه في مفرق أربع طرق(١) وأقام المنادين ينادون: الأمن أراد أن ينظر إلى الطيّب بن الطيّب موسى بن جعفر فليخرج، وحضر الخلق وغسّله وحنّطه بحنوط وكفنه بكفّن فيه حبرة استعملت له بألفي وخمسمائة دينار، مكتوباً عليها القرآن كلّه، واحتفى(٢) ومشى في جنازته، متسلّباً مشقوق الجيب إلى مقابر قريش فدفنهعليه‌السلام هناك، وكتب بخبره إلى الرَّشيد، فكتب إلى سليمان بن أبي جعفر: وصلت رحمك يا عمّ وأحسن الله جزاك، والله، ما فعل السّنديُّ بن شاهك - لعنه الله - ما فعله عن أمرنا.

حدثنا أحمد بن زياد الهمدانيُّرضي‌الله‌عنه قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن صدقة العنبريُّ قال: لمّا توّفي أبو إبراهيم موسى ابن جعفرعليهما‌السلام جمع هارون الرَّشيد شيوخ الطالبيّة وبني العباس وسائر أهل المملكة والحكّام وأحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام فقال: هذا موسى بن جعفر قد مات حتف أنفه(٣) وما كان بيني وبينه ما استغفر الله منه في أمره يعني في قتله فانظروا إليه فدخل عليه سبعون رجلاً من شيعته فنظروا إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام وليس به أثر جراحة ولاسمٍّ ولاخنق، وكان في رجله أثر الحنّاء فأخذه سليمان بن أبي جعفر وتولّى غسله وتكفينه واحتفى وتحسّر في جنازته(٤) .

حدثنا جعفر بن محمّد بن مسروررحمه‌الله قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر عن المعلّى بن محمّد البصريِّ قال: حدّثني عليّ بن رباط قال: قلت لعليِّ بن موسى الرِّضاعليهما‌السلام : أنَّ عندنا رجلاً يذكر أنَّ أباكعليه‌السلام حيٌّ وأنّك تعلم من ذلك ما تعلم؟ فقالعليه‌السلام : سبحان الله مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم يمت موسى بن جعفر؟! بلى والله

__________________

(١) يعنى الموضع الذى يتشعب منه الطرق ويقال له بالفارسية (چهار راه).

(٢) أي مشى حافيا بلا نعل. وقوله: « متسلبا » أي بلا رداء ولازينة.

(٣) أي مات من غير قتل ولا ضرب، بل مات بأجله.

(٤) تحسر إي تلهف أو مشى بلا رداء وعمامة.

٣٩

لقد مات وقسمت أمواله ونكحت جواريه.

ادعاء الواقفة الغيبة على العسكري (ع)

ثم ادَّعت الواقفة على الحسن بن عليّ بن محمّدعليهم‌السلام أنَّ الغيبة وقعت به لصحّة أمر الغيبة عندهم وجهلهم بموضعها وأنّه القائم المهديُّ، فلمّا صحت وفاتهعليه‌السلام بطل قولهم فيه وثبت بالاخبار الصحيحة الّتي قد ذكرناها في هذا الكتاب أنَّ الغيبة واقعة بابنهعليه‌السلام دونه.

فمما روى في صحة وفاة الحسن بن على بن محمّد العسكري (ع)(١)

ما حدّثنا به أبي، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رضي الله عنهما - قالا: حدّثنا سعد بن عبد الله، قال: حدّثنا من حضر موت الحسن بن عليّ بن محمّد العسكريِّعليهم‌السلام ودفنه ممّن لا يوقف على إحصاء عددهم ولا يجوز على مثلهم التواطؤ بالكذب. وبعد فقد حضرنا في شعبان سنة ثمان وسبعين ومائتين وذلك بعد مضيِّ أبي محمّد الحسن ابن عليٍّ العسكريِّعليهما‌السلام بثمانية عشرة سنة أو أكثر مجلس أحمد بن عبيد الله بن يحيى ابن خاقان(٢) وهو عامل السّلطان يومئذ على الخراج والضياع بكورة قمّ، وكان من أنصب خلق الله وأشدَّهم عداوة لهم، فجرى ذكر المقيمين من آل أبي طالب بسرَّ - من رأى ومذاهبهم وصلاحهم وأقدارهم عند السّلطان، فقال أحمد بن عبيد الله: ما رأيت ولا عرفت بسرِّ من رأى رجلاً من العلويّة مثل الحسن بن عليّ بن محمّد بن علي الرضاعليهم‌السلام ، ولا سمعت به في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته والسلطان وجميع بني هاشم، وتقديمهم إيّاه على ذوي السنِّ منهم والخطر، وكذلك القواد والوزراء والكتّاب وعوام النّاس فانّي كنت قائماً ذات يوم على رأس ابي وهو يوم مجلسه للنّاس إذ دخل عليه حجابه فقالوا له: إنَّ ابن الرضا على الباب، فقال بصوت عال: ائذنوا له(٣) فدخل رجلٌ أسمر أعينٌ حسن القامة، جميل الوجه، جيّد البدن

__________________

(١) العنوان من المؤلف.

(٢) في أعلام الورى « أحمد بن عبد الله بن يحيى بن خاقان ».

(٣) زاد في الكافي ج ١ ص ٥٠٣ « فتعجبت ممّا سمعت منهم أنهم جسروا يكنون رجلاً على أبي بحضرته ولم يكنّ عنده إلّا خليفة أوولى عهد أو من أمر السلطان أن يكنى ».

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607