تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم

تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم60%

تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 83

تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم
  • البداية
  • السابق
  • 83 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 32145 / تحميل: 5441
الحجم الحجم الحجم
تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم

تاريخ السنّة النبويّة ثلاثون عاماً بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

تقديم

السنة النبوية ثاني مصادر التشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، وحجيتها من أكبر ضروريات الدين بلا أدني نزاع في ذلك بين المسلمين.

ينطلق المولف من هذه البديهية فيبحث في هذا الكتاب ما آلت إليه السنة النبوية الشريفة بعد ثلاثين عاماً على وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، فيثبت أن تدوينها في عهده (صلى الله عليه وآله) كان أمراً مألوفاً يزاوله من قدر عليه من الصحابة، ثم يتتبع مسارها في الحقبة موضوع البحث فيري أنه عرف مرحلتين، ومتّلت ثانيهما مدة تولّي الإمام علي (عليه‌السلام ) الخلافة والقيادة السياسية والاجتماعية والدينية في الأمة (٣٥ هـ - ٤٠ هـ)، ويتبيّن من خلال التتبع التاريخي أن هاتين المرحلتين مختلفتين كلّياً في منهج التعامل مه السنة، ففي أولاهما تمّ، من نحو أول، منع رواية السنة الشريفة وتدوينها بحجة اختلاطها بالقرآن الكريم، ومن نحو ثان كان يجتهد في قبالها في أمور كثيرة.

وفي ثانيتهما كان للإمام علي علاقة أخرى بالسنة يميّزها بعدان، أولها: أولهما: علمه بها علماً شمولياً وتفصيلياً وثانيهما: منهجه

٥

في التعامل معها رواية وتدويناً ما يحلّها في الموقع الذي وصفها الله ورسوله فيه. تودي دورها حاكمة للمصلحة لا محكومة لها.

ويسر مركز الغدير للدراسات الإسلامية أن يقدم هذه الدراسة لقرائة من منطلق الإسهام في خدمة السنة النبوية الشريفة لتأخذ موقعها الصحيح في حياتنا.

ومن الله نستمد العون وبه وحده التوفيق

مركز الغدير للدراسات الإسلامية

بيروت

٦

مدخل في حجّيّة السُنّة

السُنّة النبوية الشريفة - قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وفعله، وتقريره - ثاني مصادر التشريع في الإسلام، بعد القرآن الكريم.

والسُنّة النبويّة بعد ثبوت صدورها عنه صلى الله عليه وآله وسلم، حجّة، وحجّيّتها ضرورية، من ضروريّات الدين، من جحدها فقد كذّب بالدين، وأنكر القرآن الكريم، إذ إنّا لم نعرف أنّ القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى، إلاّ من قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا لم يكن قوله حجّة، فلا أثر للقرآن إذن!!

وإنْ لم تكن السُنّة النبويّة حجّة، فلا معنىً لجميع العبادات والأحكام التي جاء تفصيلها من طريق السُنّة فقط؛ كصورة الصلاة، وأحكام الزكاة والصوم وحدودهما، ومناسك الحجّ، وغيرها من الأحكام التي أمر بها القرآن الكريم، ثمّ جاءت السُنّة بتفصيلها ووضع حدودها وشرائطها!!

فحجّيّة السُنّة النبوية إذن من أكبر ضروريّات الدين، بلا أدنى نزاع في ذلك بين المسلمين(١) ، بل هي بديهيّة لا تخفى على غير المسلمين أيضاً.

____________________

(١) راجع: د. عبد الغني عبد الخالق/ حجّيّة السُنّة: ٢٤٥ - ٣٨٢.

٧

القرآن الكريم يثبت حجّيّة السُنّة، ويُلزِم حفظها واتّباعها:

* قال تعالى:( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ‌ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ‌ رَّ‌حِيمٌ ) (آل عمران ٣/٣١).

* وقال تعالى:( أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّ‌سُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ‌ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُ‌دُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّ‌سُولِ ) (النساء ٤/٥٩).

* وقال تعالى:( مَّن يُطِعِ الرَّ‌سُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ) (النساء ٤/٨٠).

فاتّباع الرسول وإطاعته تشمل اتّباع سُنّته قطعاً، مع اتّباع ما جاء به من القرآن المنزَل عليه من ربّه، واتّباع سُنّته متوقّف على حفظها بداهةً، والردّ إلى الرسول ردٌّ إلى سُنّته، وهو متوقّف بالكامل على حفظها بداهةً.

* وقال تعالى:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّ‌سُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (الحشر ٥٩/٧)

* وقال تعالى:( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ أَمْرً‌ا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَ‌ةُ مِنْ أَمْرِ‌هِمْ ) (الأحزاب: ٣٣/٣٦).

٨

* وقال تعالى:( فَلَا وَرَ‌بِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ‌ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَ‌جًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (النساء ٤/٦٥)

وإنّما يكون حكم الله تعالى بيننا من خلال كتابه الكريم وما أنزله فيه من أحكام، وما يحكم به الكتاب فهو قضاء الله تعالى بيننا، وإلى هذا الأمر الواضح يرجع قبول الإمام عليّعليه‌السلام بتحكيم كتاب الله بينه وبين البغاة..

والأمر هكذا مع السُنّة النبويّة، وقد أُمرنا أن نردّ إليها نزاعاتنا وخلافاتنا، فما حكمت به فهو قضاء رسول الله، وإلى هذا الفهم يرجع أمر الإمام عليّعليه‌السلام لعبد الله بن عبّاس حين بعثه للاحتجاج على الخوارج، حيث أمره أن يحاكمهم إلى سُنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..، وكلّ ذلك، صغيره وكبيره، ماضيه وحاضره، رهن بحفظ السُنّة النبويّة المطهّرة الشريفة.

أمر النبيّ بحفظ السُنّة:

* قال صلى الله عليه وآله وسلم: «نضّر اللهُ امرَأً سمع منّا حديثاً فحفظه حتّى يبلّغه غيره، فرُبّ حامل فقه ليس بفقيه، ورُبّ حامل فقه إلى مَن هو أفقه منه»(٢)

* وكان صلى الله عليه وآله وسلم في بعض خطبه التي شحنها بالأحكام، من أمر ونهي وبيان، يكرّر مراراً قوله: «ألا فليبلّغ الشاهدُ الغائبَ» كما هو ظاهرٌ في خطبته في حجّة الوداع، وفي خطبته بغدير خُمّ.

____________________

(١) سورة النساء ٤: ٦٥.

(٢) جامع بيان العلم: ح ١٦٠ - ١٧٥.

٩

وغير هذا كثير في منزلة السُنّة ولزوم حفظها، وهو بديهيّ أيضاً في شأن ثاني مصادر التشريع، المصدر الذي كانت مهمّته الأُولى التبيين عن المصدر الأوّل - القرآن - وتفصيله، وترجمة أحكامه وتعاليمه في الواقع المُعاش، الأمر الذي لا يمكن إيكاله إلى مصدر آخر غير النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وسُنّته، فحفظ السُنّة شرط حفظ الدين كلّه إذن.

ثمّ عزّز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بلزوم صيانتها من أيّ دخيل في قول أو عمل، فقال:

* «إنّ كذباً علَيَّ ليس ككذبٍ على غيري، مَن يكذب علَيَّ بُني له بيتٌ في النار»(١) .

* «من كذب علَيَّ فليتبوّأ مقعده من النار»(٢) .

* «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رَدٌّ»(٣) .

* «كلُّ محدَث بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة في النار»(٤) .

حصيلة واحدة:

من قراءة لتلك المقدّمات، أيِّ قراءة، وبأيِّ اتّجاه، سوف نتوقّع حصيلة واحدة، وهي أنّ تدوين السُنّة في عهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان أمراً مألوفاً، يزاوله بعض من قدر عليه من الصحابة، وليس أمراً محتملاً وحسب.

____________________

(١) تذكرة الحفّاظ ١/٣.

(٢) متّفق عليه.

(٣) سنن ابن ماجة ١/ ح ١٤.

(٤) متّفق عليه.

١٠

فهل لهذه الحصيلة ما يؤيّدها من الواقع في ذلك العهد، فتكون حقيقةً ثابتة، تستوي عندها قراءتنا لتلك المقدّمات الصحيحة على قوائمها؟!

أم الواقع خلاف ذلك؟! فتبقى تلك المقدّمات الصحيحة نظريّات عائمة ليس لها قرار!

هذا ما نقرأه في بحثنا الأساس الآتي، حيث تداخُلُ الأرقام، وتعانق الأدلّة، ورجوع إلى العهد النبويّ، الأصل، بين فقرة وأُخرى.

تقسيم البحث:

في لحاظ العناصر المشتركة وعوامل التمايز التي تفصل بين الأدوار التاريخية، فقد مرّت السُنّة النبوية في هذه الحقبة المنتخبة في مرحلتين تختلفان كلّياً في منهج التعامل مع السُنّة، وعلى أساس هذا الاختلاف والتمايز المنهجي وقع تقسيم البحث على مرحلتين: مثّلت المرحلة الأُولى خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، فامتدّت ربع قرن بعد الرسول مباشرةً، فيما انحصرت المرحلة الثانية في خمس سنين هي مدّة تولّي الإمام عليّعليه‌السلام الخلافة والزعامة السياسية والاجتماعية والدينية في الأُمّة.

ودراسة كلّ مرحلة تقع في مباحث تؤلّف مجتمعة الصورة الكاملة لتاريخ السُنّة في تلك المرحلة.

١١

المرحلة الأُولى

السُنّة في ربع قرن

نتابعها في مبحثين رئيسين، الأوّل: في التدوين والرواية، والثاني: في الموقع التشريعي.

المبحث الأوّل: التدوين والرواية.

هنا ثلاث علامات فارقة، أجملَها الذهبي، ونفصّلها في نقاط مع مزيد من التوثيق:

الفارقة الأولى: الاحتياط في قبول الأخبار.

قال الذهبي: كان - أبو بكر - أوّل من احتاط في قبول الأخبار.. إنّ (الجدّة) جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث، فقال: ما أجد لكِ في كتاب الله شيئاً، وما علمتُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر لكِ شيئاً! ثمّ سأل الناس، فقام المغيرة فقال: حضرتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيها - أي الجدّة - السدس.

فقال له أبو بكر: هل معك أحد؟

فشهد محمّد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه لها أبو بكر(١) .

هذا الخبر تضمّن فوائد جليلة، كان (الاحتياط في قبول الأخبار)

____________________

(١) تذكرة الحفّاظ ١/٢.

١٢

أوّلها، وثَمَّ فائدتان لم يذكرهما الذهبي، هما:

أ - في عدالة الصحابي:

إنّ هذا الاحتياط كان إزاء رواية الصحابي عن رسول الله مباشرةً، فالمغيرة، الصحابي، كان يروي عن مشاهدة قد يصحبها سماع أيضاً، يقول: «حضرتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيها السدس» ومع ذلك كان أبو بكر يحتاط في قبول روايته، حتّى وجد لها شاهداً حضر ذلك أو سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

وهذا مبدأ متين، منسجم مع ما قرّره النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حفظ السُنّة وصيانتها، وهو مخالف تماماً لمبدأ (عدالة الصحابي) وقبول روايته مطلقاً، وإعفائه من قواعد الجرح والتعديل.

وسوف نجد أنّ موقف أبي بكر هذا قد سلكه عمر، وسلكه عثمان وسلكه عليّعليه‌السلام ، سلكوه جميعاً إزاء رواية الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرةً، ليتّضح من هذا كلّه بما لا شكّ فيه: أنّ مبدأ (عدالة الصحابي) قد وُلد متأخّراً، ولم يكن له أثر حتّى نهاية خلافة عليّعليه‌السلام ، بل وبعدها أيضاً بزمن غير قليل!

قال الخطيب البغدادي في الردّ على من زعم أنّ العدالة هي إظهار الإسلام وعدم الفسق الظاهر: يدلّ على صحّة ما ذكرناه أنّ عمر بن الخطّاب ردّ خبر فاطمة بنت قيس، وقال: «ما كنّا لندع كتاب ربّنا وسُنّة نبيّنا لقول امرأة لا ندري أحفظت أم لا!».

قال: وهكذا اشتهر الحديث عن عليّ بن أبي طالب أنّه قال: «ما

١٣

حدّثني أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ استحلفته» ومعلوم أنّه كان يحدّثه المسلمون(١) . ويستحلفهم مع ظهور إسلامهم، وأنّه لم يكن يستحلف فاسقاً ويقبل خبره، بل لعلّه ما كان يقبل خبر كثير ممّن يستحلفهم مع ظهور إسلامهم وبذلهم له اليمين.

وكذلك غيره من الصحابة، روي عنهم أنّهم ردّوا أخباراً رويت لهم ورواتها ظاهرهم الإسلام، فلم يطعن عليهم في ذلك الفعل، ولا خولفوا فيه، فدلّ على أنّه مذهب لجميعهم، إذ لو كان فيهم من يذهب إلى خلافه لوجب بمستقرّ العادة نقل قوله إلينا(٢) .

إذن فمبدأ (عدالة الصحابة) ليس له عين ولا أثر في عهد الصحابة، وسوف يأتي في الفقرات اللاحقة مزيد من الشواهد الحيّة على ذلك.

ب - في علم الصحابي:

تحدّث المغيرة هنا عن قضاء النبيّ في سهم الجدّة، وكان قد شهده بنفسه، وتحدّث محمّد بن مسلمة عن شهوده ذلك القضاء أيضاً، في حين ما زال ذلك غائباً عن أبي بكر، ونحو هذا قد حصل مع عمر أيضاً، فربّما غابت عنه سُنّة مشهورة، كما في قصّته مع أبي موسى الأشعري حين حدّثه بحديث: «إذا سلّم أحدكم ثلاثاً فلم يُجَب فَلْيَرجِع» فقال له عمر: لتأتينّي على ذلك ببيّنة أو لأفعلنّ بك!!

فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهد إلاّ أصاغرنا! فقام

____________________

(١) أي من الصحابة، فالذي يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينبغي أن تكون له صحبة.

(٢) الكفاية في علم الرواية: ٨١، ٨٣ مختصراً.

١٤

أبو سعيد الخدري فشهد له عند عمر، فقال عمر: خَفِيَ علَيَّ هذا من أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ألهاني الصفق بالأسواق!(١) .

فهذه سُنّة مشهورة كان يتعلّمها أصاغر القوم، وقد خفيت عليه..

وكذا غاب عنه حكم السَقط، حتّى أخبره المغيرة ومحمّد بن مسلمة بقضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(٢) ، وغير ذلك أيضاً.

فهذه نافذة مطلّة على حقيقة واقعة، وهي أنّ الصحابي ليس بوسعه أن يحيط بجميع السُنّة، أقوال النبيّ وأفعاله وتقريراته، فمنها ما يغيب عنه، فلا يشهده، ولا يسمع به بعد ذلك إلاّ في نازلة كهذه.

وأيضاً فهُم في ما يشهدونه على تفاوت كبير في الحفظ والوعي:

قال البراء بن عازب: ما كلّ الحديث سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحدّثنا أصحابنا، وكنّا مشتغلين في رعاية الإبل(٣) .

وقال مسروق - التابعي -: جالستُ أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فكانوا كالإخاذ(٤) ، الإخاذة تروي الراكب، والإخاذة تروي الراكبين، والإخاذة لو نزل بها أهل الأرض لأصدرتهم، وإنّ عبدالله - يعني ابن مسعود - من تلك الإخاذ(٥) …..

ومسروق أيضاً قال: شاممتُ أصحاب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فوجدتُ

____________________

(١) صحيح البخاري - الاعتصام بالكتاب والسُنّة - باب ٢٢ ح ٦٩٢٠، تذكرة الحفّاظ ١/٦.

(٢) صحيح البخاري - الاعتصام بالكتاب والسُنّة - باب ١٣ ح ٦٨٨٧، تذكرة الحفّاظ ١/٧ - ٨.

(٣) المستدرك، وتلخيصه ١/٣٢٦.

(٤) الإخاذ: واحدها إخاذة، وهي الغدير.

(٥) الطبقات الكبرى ٢/٣٤٣.

١٥

علمهم انتهى إلى ستّة: عليّ، وعمر، وعبدالله، وزيد، وأبي الدرداء، وأُبَيّ.. ثمّ شاممتُ الستّة فوجدت علمهم انتهى إلى عليٍ وعبدالله!(١) .

وأنهى غيره علم الصحابة إلى ستّة أيضاً، هم المتقدّمون بأعيانهم إلاّ أبا الدرداء فقد أبدله بأبي موسى الأشعري، ثمّ أنهى علم الستّة إلى عليٍ وعمر(٢) .

وخلاصة القول عند ابن خلدون: إنّ الصحابة كلّهم لم يكونوا أهل فُتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنّما كان ذلك مختصّاً بالحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه ومحكمه، وسائر دلالاته، بما تلقّوه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، أو ممّن سمعه منهم وعن عليتهم، وكانوا يسمّون لذلك: (القرّاء) لأنّ العرب كانوا أُمّة أُمّيّة(٣) .

الفارقة الثانية: المنع من التحديث:

قال الذهبي: إنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال إنّكم تحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه!(٤) .

فهنا أكثر من مشكلة ظاهرة، منها:

____________________

(١) الطبقات الكبرى ٢/٣٥١، سير أعلام النبلاء ١/٤٩٣ - ٤٩٤، تدريب الراوي ٢/١٩٣.

(٢) الطبقات الكبرى ٢/٣٥١.

(٣) مقدّمة ابن خلدون: ٥٦٣ - الفصل السابع من الباب الرابع.

(٤) تذكرة الحفّاظ ١/٢ - ٣.

١٦

أ - ما يعود إلى (عدالة الصحابي) فيعزّز ما ذكرناه آنفاً.

ب - ظهور الاختلاف بين الصحابة في نقل السُنّة، إلى القدر الذي دعا أبا بكر إلى منعهم من ذِكر شيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

لكن هناك من الاختلاف ما لا ضير فيه، كاختلاف اللفظ مع حفظ المعنى تامّاً، كحديث «من كذب علَيَّ فليتبوّأ مقعده من النار» ويُروى «من قال علَيّ ما لم أقل فقد تبوّأ مقعده من النار» فهما شيء واحد وإن اختلف اللفظ، وليس في هذا محذور بلا خلاف، والحديث كلّه قد يكون عرضة لهذا، إذ الغالب أنّ الصحابي إنّما يسمع الحديث من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مرّةً، فإذا نقله من حفظه بعد زمن غير يسير، فهو عرضة لاختلاف اللفظ.

وليس هذا مطّرداً في كلّ الأحوال، فرُبّ لفظ إذا تبدّل بآخَر فقدَ بعضَ دلالاته، أو جاء اللفظ بدلالة زائدة لم تكن من الحديث!

وهناك اختلافات أُخرى خطيرة، مصدرها وهمُ الصحابي أو نسيانه، أو سماعه طرفاً من الحديث فقط، ونحو ذلك، ولقد ردّ كثير من الصحابة اختلافات ظهرت من هذا النوع، فمن ذلك:

* حديث عمر وابن عمر: «إنّ الميت يعذّب ببكاء أهله عليه» فردّته عائشة، فقالت: إنّكم تحدّثون عن النبيّ غير كاذبين، ولكنّ السمع يخطىَ، والله ما حدّث رسول الله أنّ الله يعذِّب المؤمن ببكاء أهله عليه! حسبكم القرآن( وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرَی ) إنّما قال: «إنّه ليعذّب، بخطيئته وذنبه، وإنّ أهله ليبكون عليه».

وقد استدركت عائشة كثيراً على أحاديث ابن عمر وأبي هريرة وأنس ابن مالك وغيرهم، جمعها الزركشي في كتاب أسماه «الإجابة لإيراد ما

١٧

استدركته عائشة على الصحابة».

* وردّ الزبير رجلاً كان يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أنت سمعتَ هذا من رسول الله؟! قال الرجل: نعم.

قال الزبير: هذا وأشباهه ممّا يمنعاني أن أتحدّث عن النبيّ! قد لعمري سمعتَ هذا من رسول الله، وأنا يومئذٍ حاضر، ولكن رسول الله ابتدأ بهذا الحديث فحدّثناه عن رجل من أهل الكتاب، فجئتَ أنتَ بعد انقضاء صدر الحديث، فظننتَ أنّه حديث رسول الله!(١) .

* ومن هذا الصنف ما ذُكر في اختلاط أحاديث أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديثه عن كعب الأحبار!(٢) .

* ومنه قول عمران بن حصين: «والله إنْ كنت لأرى أنّي لو شئت لحدّثتُ عن رسول الله يومين متتابعين، ولكن بطّأني عن ذلك أنّ رجالاً من أصحاب رسول الله سمعوا كما سمعت، وشهدوا كما شهدت، ويحدّثون أحاديث ما هي كما يقولون! وأخاف أن يُشَبَّه لي كما شُبِّه لهم، فأُعلمك أنّهم كانوا يغلطون - وفي رواية: يُخطِئون - لا أنّهم كانوا يتعمّدون»(٣) .

هذه نبذة عن اختلاف الصحابة في الحديث، الذي سيكون سبباً في اختلافات أكبر حين ينتقل إلى المواضيع المستفادة من الحديث، في العقيدة والفقه والتفسير، وغيرها من نواحي المعرفة، وهذه كلّها سوف تكون بلا شكّ محاور نزاع الأجيال اللاحقة، وهذا ما رآه أبو بكر، فلجأ إلى

____________________

(١) محمود أبو ريّة/ أضواء على السُنّة المحمّدية: ١١٦ - ١١٧ عن ابن الجوزي.

(٢) سير أعلام النبلاء ٢/٦٠٦، البداية والنهاية ٨/١١٧، إرشاد الساري ٢/٦٩٠.

(٣) ابن قتيبة/ تأويل مختلف الحديث: ٤٩ - ٥٠.

١٨

قراره الأخير في المنع من الحديث والاكتفاء بالقرآن.

لكن هل كان المنع من رواية الحديث النبوي والرجوع إليه في الفتيا هو الحلّ الأمثل لهذه المشكلة؟!

هذا على فرض كونه من صلاحيّات الخليفة، وأنّ الخليفة مخوّل أن يوقف السُنّة النبوية متى شاء، روايةً وفتيا، وتدويناً أيضاً كما سيأتي!

أمّا إذا كان هذا كلّه فوق الخليفة وصلاحيّاته، فثمّة ما ينبغي التوقّف عنده طويلاً إذن!

ج - والمشكلة الثالثة التي يثيرها حديث أبي بكر، هي: ما سيعقب قرار المنع من ضياع لبعض السنن، كثيراً كان أو قليلاً! خصوصاً حين يمضي الأمر هكذا لعدّة سنين.

* في عهد عمر:

استمرّ هذا المنع من الحديث زمن عمر كلّه، ولم يقتصر حكمه على أبي هريرة وكعب الأحبار اللذين اتّهمهما في الحديث، وتوعّدهما بالطرد إلى ديارهما الأُولى إنْ هما لم يكفّا عن الحديث..

بل سرى إلى رجال من كبار الصحابة، منهم: عبدالله بن مسعود، وأبو الدرداء، وأبو مسعود الأنصاري، فقال لهم: قد أكثرتم الحديث عن رسول الله! فحبسهم في المدينة(١) .

وسرى أيضاً إلى أُمرائه، فقد كان يأخذ عليهم العهد باجتناب الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وربّما بالغ في هذا فمشى مع عمّاله بعض الطريق

____________________

(١) تذكرة الحفّاظ ١/٧.

١٩

يودّعهم، ثمّ يذكر لهم أنّه إنّما خرج معهم لأجل هذه الوصيّة: «إنّكم تأتون أهل قرية لهم دويٌّ بالقرآن كدويّ النحل، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم، جرّدوا القرآن، وأقلّوا الرواية عن رسول الله، وأنا شريككم»!

فلمّا قدم بعضهم العراق، قالوا له: حدّثنا. قال: نهانا عمر(١) .

حتّى توفّي عمر على هذه السيرة سنة ٢٤ هـ.

وهذه السيرة أيضاً جاءت على خلاف الحديث الذي رواه أبو موسى الغافقي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «عليكم بكتاب الله، وسترجعون إلى قومٍ يحبّون الحديث عنّي - أو كلمة تشبهها - فمن حفظ شيئاً فليُحدّث به، ومن قال علَيَّ ما لم أقل فليتبوّأ مقعده من النار» وقال أبو موسى: هذا آخر ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !(٢) .

* وفي عهد عثمان:

خطب الناس، فقال: «لا يحلّ لأحد يروي حديثاً لم يُسمع به في عهد أبي بكر ولا في عهد عمر، فإنّه لم يمنعني أن أُحدّث عن رسول الله أن لا أكون من أوعى أصحابه، إلاّ أنّي سمعته يقول: من قال علَيَّ ما لم أقل فقد تبوّأ مقعده من النار»(٣) .

لكنّ عثمان لم يتّبع شدّة عمر وسيرته في هذا الأمر، فأطلق الصحابة الّذين حبسهم عمر في المدينة، وقد ذكر فيهم مع ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود الأنصاري، ثلاثة آخرون، هم: صادق اللهجة أبو ذرّ،

____________________

(١) تذكرة الحفّاظ ١/٧، المستدرك ١ ح ٣٤٧ وصحّحه الحاكم والذهبي.

(٢) المستدرك وتلخيصه ١/١٩٦ ح ٣٨٥.

(٣) منتخب كنز العمّال ٤/١٧٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٤- وفي ترجمة: إبراهيم بن عبد العزيز، وأنّه مِن أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام ، والراوين عنه.

قال ابن حجر: روى عن أبيه وجعفر الصادق، ذكره عليّ بن الحَكم في رجال الشيعة. لسان الميزان ج١ ص٧٨ رقم ٢١٤.

٥- وفي ترجمة: إبراهيم بن عيسى الخزّاز الكوفي.

قال ابن حجر: ذكره عليّ بن الحَكم وغيره في رجال الشيعة، وقال روى عن الصادق والكاظم. روى عنه الحسن بن محبوب وغيره. لسان الميزان ج ١ ص ٨٨ رقم ٢٥١.

وكيف ما كان، فيظهر أنّ الكتاب موجود عند الذهبي، أو عند ابن حجر الذي لخّص الميزان.

١٨ - عليّ بن مهزيار: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٦٦٢ ): علي بن مهزيار الأهوازي. أبو الحسن، دروقي الأصل، مولى. كان أبوه نصرانيّاً فأسلم.

وقد قيل: إنّ علياً أيضاً أسلم وهو صغير، ومَنّ الله عليه بمعرفة هذا الأمر، وتَفقّه.

وروى عن الرضا وأبي جعفرعليهما‌السلام ، واختصّ بأبي جعفر ( ع )، وتوكّل له، وعظُم محلّه منه، وكذلك أبو الحسن الثالث ( ع )، وتوكّل لهم في

____________________

(١) اُنظر: رجال النجاشي ج٢ ص٧٤ رقم ( ٦٦٢ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥ رقم ٣٧٩، رجال الطوسي ص٣٨١ و٤٠٣ و٤١٧.

٤١

بعض النواحي، وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكلّ خير.

وكان ثقة في روايته، لا يُطعن عليه، صحيحاً اعتقاده(١) .

وقال الطوسي ( ٣٧٩ ): جليل القدر، واسع الرواية، ثقة. له ثلاثة وثلاثون كِتاباً، مثل كتاب الحسين بن سعيد، وزيادة(٢) .

وذكره في أصحاب الإمام الرضا ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة صحيح(٣) ، وفي أص-حاب الإمام الجواد ( ع )(٤) ، وفي أصحاب الإمام الهادي ( ع )، فقال: علي بن مهزيار، أهوازي، ثقة(٥) .

وله مِن كُتُب الرجال:

١ - كتاب المثالب.

٢ - كتاب الأنبياء.

٣ - رسائل عليّ بن أسباط.

٤ - وفاة أبي ذر.

٥ - حديث بدء إسلام سلمان.

١٩ - محمّد العمّي.

قال النجاشي ( ٩٠٢ ): محمّد بن جمهور أبو عبد الله العمّي، ضعيف

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٧٤.

(٢) فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم ص٢٦٥.

(٣) رجال الطوسي ص٣٨١.

(٤) رجال الطوسي ص٤٠٣.

(٥) رجال الطوسي ص٤١٧.

٤٢

في الحديث، فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها مِن عِظمها. روى عن الرضا ( ع )(١) .

وقال الطوسي ( ٦٢٧ ): محمّد بن الحسن بن جمهور العمّي البصري له كُتُب منها:

١ - كتاب صاحب الزمان.

٢ - كتاب وقت خروج القائم ( ع ). ذكرهما الطوسي.

٢٠ - يحيى العلوي العقيقي: وُلد ٢١٤، تُوفّي ٢٧٧ ه-(٢) .

هو: يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أبو الحسين.

مشايخه وتلامذته:

روى يحيى بن الحسن عن الإمام الرضا ( ع )، وعن مشايخ كثيرة ذُكر منهم السمهودي أكثر مِن ثمانين شيخاً، ومنهم: ابن زبالة.

وروى عنه عدد كبير مِن المُحدِّثين، وأهل النَسب والسِيَر منهم: حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن، ومنهم أبو أسحاق إبراهيم بن إسحاق بن

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢٢٥ رقم ٩٠٢.

(٢) اُنظر ترجمته في: رجال النجاشي ج٢ رقم ( ١١٩٠ )، فهرست كُتُب الشيعة للطوسي رقم ( ٨٠٢ و٨٠٣ و٨٠٤)، مجلّة المَجمع العِلمي العراقي ج١١، كما عن مقدّمة المناسك للحربي ص١٦٢، الذريعة ج١ ص٣٤٩ و ج٢ ص٣٧٨، الأعلام للزركلي ج٨ ص١٤٠.

٤٣

إبراهيم الحربي صاحب كتاب ( المناسك ) الذي روى عنه كثيراً في كتابه المناسك.

قال النجاشي ( ١١٩٠ ): العالم الفاضل الصدوق، روى عن الرضاعليه‌السلام صنف كُتُباً، منها: كتاب نَسب آل أبي طالب، كتاب المسجد(١) .

الشيخ الطوسي في الفهرست ترجم ثلاثة أشخاص بعنوان يحيى بن الحسن وهم:

١ - تحت رقم ( ٨٠٣ ): يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، له كتاب المناسك. عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام .

٢ - تحت رقم ( ٨٠٢ ): يحيى بن الحسن العلوي، له كتاب المسجد، تأليفه.

٣ - تحت رقم ( ٨٠٤ ): يحيى بن الحسن، له كتاب نَسب آل أبي طالب.

وممّا تقدّم عن النجاشي أن هؤلاء الثلاثة هُم رجل واحد. وذلك فإنّ كتاب نَسب آل أبي طالب، والمسجد ذكرهما النجاشي ليحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله … ولا يَضرّ كون كتاب المناسك له أيضاً بعدَ أن سَرد اسمه كما سرد اسمه النجاشي.

ويُحتمل أن يكون صاحب كتاب المسجد الذي ذكره الطوسي، وذكر سَنَده إليه، قال أخبرنا جماعة عن التلعكبري عنه. فلعلّ هذا غير المُترجَم.

فإنّ التلعكبري: هارون بن موسى التلعكبري تُوفّي ٣٨٥ه- فيُستبعد أن يروي عن المُترجَم المُتوفّى ٢٧٧ه-.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢ رقم ١١٩٠.

٤٤

ثقافته:

يحيى بن الحسن العلوي ذو ثقافة عالية وواسعة في مُختلف الميادين، يدلّ على ذلك مؤلّفاته في الفِقه، والنَسب، والسيرة، والتاريخ، وعدد مشايخه الذين بلغوا بالعشرات، وقد أخذ عنهم ومِن مُختلف الطبقات.

مؤلّفاته:

١ - المناسك.

٢ - المسجد.

٣ - نَسب آل أبي طالب.

٤ - أخبار المدينة.

كتابه في الرجال:

كتابنَسب آل أبي طالب . الذي ذكره النجاشي والطوسي. وهو أوّل كتاب في نَسب آل أبي طالب.

قال ابن عنبه في عُمدة الطالب عنه:

يحيى النسّابة ابن الحسن بن جعفر الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدينعليهم‌السلام . ويُقال إنّه أوّل مَن جمعَ كتاباً في نَسب آل أبي طالب(١) .

ويحيى هذا هو جدّ أُمراء المدينة، الّذين كانوا يحكمونها في زمن السمهودي المُتوفّى ٩١١ه-، وهو مِن الشيوخ المؤلِّفين، له مِن الكُتُب غير

____________________

(١) عُمدة الطالب ص٣٣١. اُنظر هامش رجال النجاشي ج٢ ص٤١٢.

٤٥

المُتقدّمة كتاب حول المدينة بعنوان: أخبار المدينة.

كتابه في أخبار المدينة:

مِن أوائل الكُتب التي أُلّفت في تاريخ المدينة المُنوّرة - كما تقدّم عن السمهودي - وهو مِن الكُتب المُهمّة جدّاً التي تحدّثت عن تاريخ المدينة بشكل مُفصَّل.

فقد بحث في هجرة الرسول ونزوله قباء، ثمّ استقرار مقامه في بني النجّار، والمِربد، وبناء المسجد، وتحويل القبلة، والمنبر، ومُعتكَف الرسول، وبيوت زوجات النبي، وأبواب المسجد وتوسعته، والدور التي حوله، وزيادة الخُلفاء وخاصّة الوليد، والمؤذِّنين، والحرَس، ومواضع قبر الرسول والخُلفاء، وتجمير المسجد والبلاليع والأبواب والمُصلّى، وقباء، وبعض مساجد المدينة التي صلّى فيه(١) .

وهذا الكتاب قد اعتمده تلميذه أبو إسحاق الحربي المُتوفّى ٢٨٥ ه-، واستفاد منه كثيراً، ونقل عنه في مواضع عديدة مِن كتابه ( المناسك )(٢) .

وكذلك نقل عنه المراغي المُتوفّى ٨١٦ ه- في كتابه ( تحقيق النصرة بتلخيص معالِم دار الهجرة) في مواضع عدّة.

وأكثر مَن نقل عنه السمهودي في كتابه وفاء الوفاء بأخبار دار المُصطفى فقد بَلغت ٢١٠ مِن المواضع.

____________________

(١) مُقدّمة المناسك للحربي ص ١٦٣ عن مقال الدكتور صالح العلي مجلّة المَجمع العِلمي العراقي.

(٢) اُنظر: المناسك للحربي ص ٣٥٩ و٣٦٣ و٣٦٥ و ٣٦٦ و٣٦٧-٣٦٩ و ٣٧١ و٣٧٢ و٣٧٨ و٣٧٩ و٣٨١ و٣٨٣-٣٨٧ و٣٨٩-٣٩٥ و٣٩٧ و٤٠٣ و٤٠٤ و٤٢٥. طبع دار اليمامة بتحقيق حمد الجاسر.

٤٦

ذكره السمهودي له بهذا العنوان في كتابه وفاء الوفاء(١) .

وقد اطّلع السمهودي على عدّة نسخ مِن هذا الكتاب:

١ - النسخة التي رواها ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى العلوي عن المدائني(٢) .

٢ - النسخة التي رواها ابن المؤلّف طاهر بن يحيى العلوي عن أبيه مُباشرة(٣) .

٣ - النسخة التي رواها حفيده الحسن بن محمّد بن يحيى(٤) .

٤ - النسخة التي رواها ابن فارس عن ابن المؤلِّف طاهر بن يحيى عن أبيه يحيى(٥) .

أقدم مَن أرّخ للمدينة:

يقول السمهودي حول أقدم مَن أرّخ للمدينة: وابن زبالة ويحيى عُمدة في ذلك، فإنّهما أقدم مَن أرّخ للمدينة؛ لأنّ ابن زبالة هو محمّد بن الحسن، أحد أصحاب الإمام مالك بن أنس، ويؤخذ مِن كلامه أنّه وضع كتابه في صَفَر سَنَة تسع وتسعين ومائة، وأمّا يحيى فهو مِن أصحاب أصحابه، وكانت وفاته سَنة سبع وسبعين ومائتين عن ثلاث وستّين سَنَة(٦) .

وقال السمهودي أيضاً: وابن زبالة وإن كان ضعيفاً، ولكن اعتضد بموافقة يحيى له، وروايته لكلامه مِن غير تعقيب(٧) .

____________________

(١) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٤ طبع دار الكُتب العِلمية بتحقيق محمّد محيّ الدين، وفي غيره كما عن هامش المناسك للحربي ج١ ص١٧٤ و٢٠٣ وج٢ ص ١٧ و ٤٠١.

(٢) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٠٨.

(٣) وفاء الوفاء ج١ ص٦٨ و٢٤٤ وج٢ ص٢٩٤ و٥٥٤.

(٤) وفاء الوفاء ج١ ص٢٤٥ وج٢ ص٢٩٤.

(٥) وفاء الوفاء ج٢ ص٥٥٥.

(٦) وفاء الوفاء ج١ ص٣٥٢.

(٧) وفاء الوفاء ج١ ص٢٥٢ بواسطة مُقدّمة مناسك الحربي.

٤٧

ومع الأسف إن الكتاب مفقود، ولا يوجد إلاّ ما نُقل عنه فقط.

ولادته ووفاته:

وُلد بالمدينة المُنوّرة سَنة ٢١٤ه-، وبها نشأ، وكَتَب عنها (أخبار المدينة).

تُوفّي في سَنة ٢٧٧ه- عن ٦٣ سَنة، كما عن وفاء الوفاء، ودُفن في مكّة المُكرّمة كما عن أعيان الشيعة.

٢١ - عيسى بن مِهْراَن: القرن الثالث(١) .

هو عيسى بن مهران المستعطف، أبو موسى، وكان يسكن ببغداد. وث-قه محمّد بن جرير الطبري العامّي(٢) . ويظهر أنّه عاش في النصف الثاني مِن المائة الثالثة، حيث روى عنه أبو علي محمّد بن هارون التلعكبري المُتوفّى ٣٣٦ه- بواسطة واحدة.

له مِن الكُتب في علم الرجال:

( كتاب المُحدّثين ) كما ذكره النجاشي، والطوسي، وابن النديم.

____________________

(١) اُنظر ترجمته في رجال النجاشي رقم (٨٠٥)، الفهرست للطوسي رقم (٥٢٠)، الذريعة ج١ ص ١٣٩، مصفى المقال ص ٣٤٥، لسان الميزان ج ٤ ص ٤٠٦ رقم ١٣٤٢، الفهرست لابن النديم ص٣٧٠، رجال الطوسي ص٤٨٧ رقم ( ٦٤ ) مِن حرف العين، فيمن لم يروِ عنهم، قاموس الرجال ج٨ ص٣٣٥ رقم ٥٨٢٨، تاريخ بغداد ج١١ ص١٦٧ رقم ٥٨٦٦، الكامل لابن عدي ج٦ ص٤٥٧ رقم ( ١٤٠٥ ).

ومهران: قيل بكسر الميم وقيل بفتحها.

(٢) لسان الميزان ج٤ ص٤٠٦ رقم ١٣٤٢.

٤٨

٢٢ - إبراهيم بن محمّد الثقفي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

إبراهيم بن محمّد بن سعيد بن هلال … الثقفي أبو إسحاق، أصله كوفيّ وانتقل إلى أصفهان.

قال النجاشي ( ١٨ ): كان زيديّاً أوّلاً، ثم انتقل إلينا.

ويُقال: إنّ جماعة مِن القُميّين - كأحمد بن محمّد بن خالد - وفدوا إليه، وسألوه الانتقال إلى قُم فأبى.

وكان سَبب خروجه مِن الكوفة أنّه عَمل كتاب المعرفة وفيه المناقب والمثالب، فاستعضمه الكوفّيون، وأشاروا إليه بأن يتركه ولا يُخرجه، فقال: أيّ البلاد أبعد مِن الشيعة فقالوا: أصفهان، فحَلف أن لا أروي هذا الكتاب إلاّ بها؛ فانتقل إليها، ورواه بها، ثقة منه بصحّة ما رواه فيه(٢) .

ووث-قه ابن النديم بقوله: مِن الث-قات العُلماء المصنّفين(٣) .

له كُتُب كثيرة في مُختلف المواضيع قرابة خمسين كتاباً ذكرها النجاشي والطوسي.

كُتُبه في عِلم الرجال:

وله في عِلم الرجال خاصّة كُتُب عديدة منها:

١- أخبار المُختار.

٢- كِتاب الرِدّة.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي (١٨) ، الفهرست للطوسي (٣١) ، مصفى المقال ص٨، الذريعة ج١٠ ص٨٢، لسان الميزان ج١ ص١٠٢، قاموس الرجال ج١ ص٢٧٥-٢٨٠ رقم ( ١٨٧ )، الفهرست لابن النديم ص٣٧٢.

(٢) رجال النجاشي ج١ ص٩٠.

(٣) الفهرست لابن النديم ص ٣٧٢.

٤٩

٣- كِتاب مقتل عثمان.

٤- أخبار عمر.

٥- أخبار يزيد.

٦- أخبار ابن الزبير.

٧- أخبار زيد.

٨- كِتاب التوّابين.

٩- أخبار محمّد، وإبراهيم ابني عبد الله.

١٠- كِتاب فضل الكوفة، ومَن نزلها مِن الصحابة.

١١- كِتاب مَن قُتِل مِن آل أبي طالبعليه‌السلام ( آل محمّدعليهم‌السلام ).

١٢ - مقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٣ - قيام الحسن بن عليعليهما‌السلام .

١٤ - مقتل الحسينعليه‌السلام .

توفّي سَنة ٢٨٣ ه-.

٢٣- أحمد العلوي العقيقي: المُتوفّى ٢٨٢ه-(١) .

هو أحمد بن علي بن محمّد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، العلوي العقيقي كان مُقيماً بمكّة.

وهو يروي عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم القُمّي، ويروي عنه ابنه أبو الحسن عليّ بن أحمد العقيقي صاحب الرجال المشهور.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم (١٩٤)، الفهرست للطوسي رقم (٧٣) ، مصفى المقال ص ٥٧، الذريعة ج٣ ص٢٥٣، قاموس الرجال ج١ ص٥٣٧ رقم ( ٤٥٨ ).

٥٠

له في علم الرجال:

كِتاب ( تاريخ الرجال )، كما في رجال النجاشي والفهرست للطوسي.

٢٤- عبد الرحمان المروزي البغدادي: المُتوفّى ٢٨٣ه-(١) .

هو عبد الرحمان بن يوسف بن سعيد خراش المروزي البغدادي، الحافظ.

مدحه والثناء عليه:

قال ابن عدي، سمعت عبدان يقول: قلت لابن خراش حديث ( لا نُورِّث ما تركنا صدقة ).

قال: باطل.

قلت: مَن تتّهم في هذا الإسناد: رواه الزُهري، وأبو الزبير وعِكرمة بن خالد، عن مالك بن أنس بن الحدثان، أتَتَّهِم هؤلاء ؟

قال: لا، إنّما أتّهم مالك بن أوس.

وقال ابن عدي: سمعت عبدان يقول: وحمل ابن خراش إلى بندار جُزأين صنّفهما في مثالب الشيخين؛ فجازاه بألفي درهم …

وقال ابن عدي: وسمعت أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف ب- ( ابن عقدة ) يقول: كان ابن خراش في ( الكوفة ) إذا كُتِب شيئاً مِن باب التشيُّع يقول لي: هذا لا يُنفق إلاّ عندي وعندك يا أبا العبّاس.

وقال ابن عدي: وسمعت عبد الملك بن محمّد أبا نعيم يُثني على ابن خراش هذا، وقال: ما رأيت أحفظ مِنه لا يذكر شيء مِن الشيوخ والأبواب إلاّ مرَّ فيه.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: مصفى المقال ص٢٢٥، الذريعة ج١٠ ص٨٤، لسان الميزان ج٣ ص٤٤٤، تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٧٨ رقم ٥٣٩٨، الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٨ رقم الترجمة ١١٥٥، قاموس الرجال ج٦ ص١٤٨ رقم الترجمة ٤٠٨٤، الميزان للذهبي ج٤ ص٣٢٩ رقم ٥٠١٤.

٥١

وقال ابن عدي: وابن خراش هذا هو أحد مَن يُذكر بحفظ الحديث مِن حُفّاظ العراق، وكان له مَجلسُ مذاكرة لنفسه على حدة، وإنّما ذكر عنه شيء مِن التشيّع كما ذكره عبدان، فأمّا الحديث فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب(١) .

وقال الخطيب: كان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق، والشام، ومصر، وخُراسان، وممَّن يُوصَف بالحفظ والمعرفة، روى عنه العبّاس بن عقدة(٢) .

وقال أبو زرعة محمّد بن يوسف الجُرْجَاني: كان خرّج مثالب الشيخين وكان رافضيّاً، وعن ابن المُنادى أن ابن خراش كان مِن المعدودين المذكورين بالحفظ والفَهم بالحديث والرجال(٣) .

وقال الذهبي: فإنّه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة، والإطلاع الكثير والإحاطة(٤) .

ومع ذلك تحامل عليه، وعلى مذهب التشيُّع لأنّه كان يتشيَّع.

وأنت سمعت، فقد مدحه بعض عُلماء العامّة، كما قد ذمّه آخرون؛ لأنّه ألّف في المثالب، وأنكر حديث ( لا نورِّث ما تركناه صدقة )، ورموه بالتشيُّع والرفض، وهو أحد مشايخ ابن عُقدة.

له في عَلم الرجال:

( كِتاب الجرح والتعديل )

تُوفّي في خمس شهر رمضان ٢٨٣ه-.

____________________

(١) الكامل لابن عدي ج٥ ص٥١٩.

(٢) تاريخ الخطيب ج١٠ ص٣٧٩.

(٣) تاريخ بغداد ج١٠ ص٢٨٠.

(٤) الميزان للذهبي ج٤ ص٣٣٠.

٥٢

٢٥ - عليّ بن الحسن بن فضّال: ولد ٢٠٦ ه - وتُوفّي ٢٩٠ه-(١) .

هو عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال بن عمر بن أيمن ...أبو الحسن.

ذكره الطوسي في أصحاب الإمامين الهُمامين الإمام الهادي والإمام العسكريعليهما‌السلام .

وقال النجاشي ( ٦٧٤ ): كان فقيه أصحابنا بالكوفة، ووجههم، وثقتهم، وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سُمِع منه شيئاً كثيراً، ولم يُعثَر له على زَلّة فيه ولا ما يشينه، وقلّ ما روى عن ضعيف، وكان فطحيّاً، ولم يروِ عن أبيه شيئاً، وقال: كنت أُقابِلُهُ وسنّي ثمان عشرة سَنة، ولا أفهم إذ ذاك الروايات، ولا أستحلُّ أن أرويها عنه.

وروى عن أخَوَيه، عن أبيهما(٢) .

وقد وثذقه الطوسي بقوله: فطحيَّ المذهب، ثقة كوفيّ، كثير العِلم، واسع الأخبار، جيد التصانيف، غير مُعاند، وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّة القائلين بالإثني عشر(٣) .

وقد وث-قه الكشّي قال: سألت أبا النضر محمّد بن مسعود عن جماعة هو منهم، فقال: أمّا عليّ بن الحسن بن فضّال، فما لقيت بالعراق وناحية خُراسان أفقه، ولا أفضل مِن عليّ بن الحسن بالكوفة، ولم يكن كَتَب عن الأئمة -عليهم‌السلام - في كل صِنف إلاّ وقد كان عِنده، وكان أحفظ الناس، غير أنّه كان

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي رقم ( ٦٧٤ )، الفهرست للطوسي ( ٣٩٣ )، رجال الطوسي ص٤١٩ و٤٣٣، مصفى المقال ص٢٧٤، الذريعة ج١٠ ص٩٠، قاموس الرجال ج٧ ص٤١٣ رقم ٥٠٩٢.

(٢) رجال النجاشي ج٢ ص٨٣.

(٣) فهرست كُتُب الشيعة ص ٢٧٢ رقم ( ٣٩٢ ).

٥٣

فطحيّاً يقول بعبد الله بن جعفر، ثم بأبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وكان مِن الث-قات(١) .

وله كُتُب كثيرة منها في الرجال:

١ - (كِتاب الرجال). ذكره النجاشي والطوسي في الفهرست.

٢ - الأصفياء.

٣ - المثالب.

٢٦ - أبان البَجَلي: القرن الثالث(٢) .

أبان بن محمّد البجلي، وهو المعروف بسندي البزّاز، أبو بشر، وهو ابن أخت صفوان بن يحيى. كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفيّين.

وصفوان بن يحيى تُوفّي٢١٠ه-.

والمُترجَم ذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام الذي تُوفّي ٢٥٤ه-.

وقد روى عن خاله صفوان بن يحيى وغيره.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي المُتوفّى٢٧٤ أو ٢٨٠ه-، وعليّ بن الحسن بن عليّ بن فضّال المُتوفّى حدود (٢٩٠ه-)، ومحمّد بن الحسن الصفّار المُتوفّى ٢٩٠ه-.

____________________

(١) قاموس الرجال ج٧ ص٤١٤ عن الكشّي.

(٢) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ١٠ و ٤٩٥ )، والفهرست للطوسي برقم (٣٤٣)، ورجال الطوسي في أصحاب الإمام الهادي ص٤١٦، مُعجَم رجال الحديث ج١ ص١٧١ و ج٨ ص٣١٧، مصفى المقال ص٥، الذريعة ج١٠ ص٨٢، قاموس الرجال ج١ ص١٢٣ رقم الترجمة ٢٩.

٥٤

قال النجاشي ( ٤٩٥ ): وهو ابن أُخت صفوان بن يحيى، كان ثقة، وجهاً في أصحابنا الكوفييّن.

وله كِتاب في عِلم الرجال:

( النوادر عن الرجال ). ذكره النجاشي.

٢٧ - محمّد بن عيسى اليقطيني: القرن الثالث(١) .

قال النجاشي ( ٨٩٧ ): محمّد بن عيسى بن عُبيد بن يقطين بن موسى، مولى أسد بن خزيمة، أبو جعفر.

جليل في أصحابنا ثقة، عين، كثير الرواية، حَسِن التصنيف، روى عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام مُكاتبة ومُشافهة.

ثم عدّد كُتُبه إلى أن ذكر له: كِتاب (الرجال)، وذكر سَنَده إليه.

وذكره الطوسي في أصحاب الرضا والهادي والعسكريعليهم‌السلام مِن رجاله وضعَّفه، وكذلك ذكره في فهرست كُتُب الشيعة ( ٦١٢) وضعَّفه لحُسن ظنّه بابن بأبويه القُمّي، والقُمّي تبعاً لشيخه محمّد بن الحسن بن الوليد. فأصل التضعيف يرجع لابن الوليد، حيث استثناه مِن كِتاب نوادر الحكمة.

إلاّ أنّ الأكثريّة ممَّن تقدّم على ابن الوليد أو تأخّر عنه، مثل الفضل بن شاذان، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي فكُلّهم مُجمعون على جلالة قدره.

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٨٩٧ )، الفهرست للطوسي ( ٦١٢ )، رجال الطوسي ص٣٩٣ في أصحاب الرضا رقم ( ٧٦ ) وص٤٢٢ في أصحاب الهادي رقم ( ١٠ ) وص٤٣٥ في أصحاب العسكري رقم ( ٣٠ ) وص٥١١ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ١١١ )، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٩ رقم ( ٧١٤٥ ) مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص١١٠ - ١٢٠، مصفى المقال ص٤٢١.

٥٥

قال المُحقِّق التستري: وأمّا تحقيق حاله، فأوّل مَن ضعَّفه ابن الوليد، وتبعه ابن بأبويه لحُسن ظنّه به كما يُفهَم مِن كلام ابن نوح، ومِن قول نفسه في صوم فقيهه بأنّ كلّ خَبَر لم يُصحّحه شيخه ابن الوليد ليس عنده بصحيح، وتبع ابن بأبويه الشيخ لحُسن ظنّه به، كما يُفهم مِن تعبير فهرسته المُتقدّم، وحينئذ فكأن المضعِّف منحصر بابن الوليد، ولا يدرى ما رابه فيه - كما قال ابن نوح - بعد كونه على ظاهر العدالة ؟

ولعلّه رابه روايته القدح العظيم في زُرارة، ومحمّد بن مُسلم، ومؤمن الطاق، وأبي بصير، وبريد العجلي، وإسماعيل الجعفي وهُم أجلاّء، وكذلك في المُفضل أو روايته عن يونس، عن الرضاعليه‌السلام جواز الاغتسال والوضوء بماء الورد.

رواه الكافي في ١٢ مِن أخبار باب نوادر طهارته(١) .

وأمّا مَن تقدّم على ابن الوليد، أو مَن عاصره أو مَن تأخّر عنه - غير تابعيه مِن الفضل بن شاذان، وبورق الورع، والقتيبي، وجعفر بن معروف، والكشّي، وابن نوح، والنجاشي - مُجمعون على جلالته، ويكفي في فَضله ثناء مثل الفضل عليه، كما قاله النجاشي(٢) .

إلاّ أنّ المُعتَمد هو قول النجاشي في توثيقه؛ لأنّ سند التض-عيف هو استثناؤه مِن كِتاب ( نوادر الحكمة ).

وقال النجاشي حول ذلك: ورأيت أصحابنا يُنكرون هذا القول، ويقولون: مَن مثل أبي جعفر محمّد بن عيسى سكن بغداد؟!(٣) .

____________________

(١) الكافي ج٣ ص٧٣.

(٢) اُنظر ذلك في قاموس الرجال ج٩ ص٥٠٣.

(٣) رجال النجاشي ج ٢ ص ٢١٩.

٥٦

وقال القتيبي - محمّد بن عليّ بن قتيبة -: كان الفضل ابن شاذانرحمه‌الله يُحب العبيدي، ويُثني عليه، ويمدحه ويميل إليه، ويقول: ليس في أقرانه مِثله، وبحسبك هذا الثناء مِن الفضلرحمه‌الله (١) .

والمُترجَم روى عن أخيه جعفر بن عيسى، والحسن بن عليّ بن يقطين، وصفوان بن يحيى، وعلي بن مهزيار، ومحمّد بن أبي عُمير وغيرهم.

وروى عنه: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وعبد الله بن جعفر الحميري، وعلي بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن الحسن الصفّار وغيرهم.

٢٨ - محمّد بن عمر الواقدي: المولود ١٣٠ه-، والمُتوفّى ٢٠٧ه-(٢)

محمّد بن عمر الواقدي المَدني البغدادي مولى بني هاشم، وقيل مولى بني سهم بن أسلم المؤرّخ المشهور صاحب ( المغازي ) المُنتشر.

تشيعه:

قال ابن النديم في الفهرست: وكان يتشيَّع، حسن المَذهب، يُلزم التقيَّة. وهو الذي روى أنّ عليّاًعليه‌السلام كان مِن مُعجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم كالعصا لموسىعليه‌السلام ، و إحياء الموتى لعيسى بن مريمعليه‌السلام . وذكر تاريخ ولادته ووفاته.

____________________

(١) رجال النجاشي ج٢ ص٢١٩.

(٢) اُنظر ترجمته: الفهرست لابن النديم، أعيان الشيعة ج١٠ ص٣٠-٣٣، مصفى المقال ص٤٢١، تهذيب الكمال ج٢٦ ص١٨٠ رقم ٥٥٠١ وهي ترجمة مُفصّلة، مُعجَم رجال الحديث ج١٧ ص٧٢ وج١ ص٢٧٤، قاموس الرجال ج٩ ص٤٩٢ رقم ( ٧١٢٨ ).

٥٧

كُتبه في الرجال:

١ - كِتاب الطبقات.

٢ - تاريخ الفقهاء.

أقول: تَشيّعه مُحتمل؛ لأنّ أكثر العامّة الّذين ترجموه لم يَنسبوه إلى التشيُّع أو الرفض.

٢٩ - إبراهيم النهاوندي: تُوفّي بعد ٢٦٩ه-.

هو إبراهيم بن إسحاق، أبو إسحاق الأحمري النهاوندي.

قال النجاشي ( ٢٠ ): كان ضعيفاً في حديثه، منهوماً.

وقال الطوسي ( ٩ ): كان ضعيفاً في حديثه، متَّهماً في دينه.

له كُتُب منها في الرجال:

١ - كِتاب مقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام . ذكره النجاشي والطوسي.

٢ - كِتاب نفي أبي ذر عليه الرحمة. ذكره النجاشي.

٣٠ - سعد بن عبد الله الأشعري القُمّي: المُتوفّى سَنة ( ٢٩٩ أو ٣٠٠ أو ٣٠١ ه-)(١) .

قال النجاشي ( ٤٦٥ ): سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري

____________________

(١) اُنظر ترجمته: رجال النجاشي برقم ( ٤٦٥ ) ورقم ( ١٠٧٢ و ١١٧١ )، فهرست كُتُب الشيعة وأُصولهم للطوسي (٣١٦)، رجال الطوسي ص٤٧٥ في مَن لم يروِ عن الأئمّة رقم ( ٦ )، مُعجَم رجال الحديث ج٨ ص٧٤، مصفى المقال ص١٨٦، قاموس الرجال ج٥ ص٥٦ رقم الترجمة ٣١٧٦.

٥٨

القُمّي، أبو القاسم. شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها - إلى أن قال - ولقي مولانا أبا محمّدعليه‌السلام - يعني الإمام العسكريعليه‌السلام -، ثم ذكر كُتُبه ووفاته فقال: تُوفّي سعدرحمه‌الله ٣٠١ه-، وقيل سَنة ٢٩٩ه-.

وقال الطوسي في الفهرست ( ٣١٦ ): جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة. ثم ذكر كُتُبه.

وقال في رجاله في مَن لم يروِ عن الأئمّةعليهم‌السلام : جليل القدر، صاحب تصانيف ذكرناها في الفهرست، روى عنه ابن الوليد وغيره، روى ابن قولويه عن أبيه عنه(١) .

وله في عِلم الرجال:

١ - طبقات الشيعة. ذكره النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيى المعيني برقم (١٠٧٢) وفي ترجمة هيثم بن عبد الله برقم (١١٧١).

٢ - فِرَق الشيعة.

٣ - كِتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وأبي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤ - كِتاب فضل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥ - مناقب رواة الحديث.

٦ - مثالب رواة الحديث. ذكرها النجاشي والطوسي.

٧ - كِتاب فهرست كِتاب ما رواه ( سعد بن عبد الله ). ذكره الطوسي في الفهرست (٣١٦).

____________________

(١) رجال الطوسي ص٤٧٥.

٥٩

القَرنُ الرابع

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83