الامثال في نهج البلاغة

الامثال  في نهج البلاغة0%

الامثال  في نهج البلاغة مؤلف:
الناشر: انتشارات فيروزآبادي
تصنيف: مكتبة اللغة والأدب
الصفحات: 183

الامثال  في نهج البلاغة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمّد الغروي
الناشر: انتشارات فيروزآبادي
تصنيف: الصفحات: 183
المشاهدات: 46220
تحميل: 7022

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 183 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46220 / تحميل: 7022
الحجم الحجم الحجم
الامثال  في نهج البلاغة

الامثال في نهج البلاغة

مؤلف:
الناشر: انتشارات فيروزآبادي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المثل إلى الأحنف من صاحب المستقصي. ثم الملامة أشدّ مراتب العتاب، وهي تخطيء وتصيب.

٦١

الرّاء مَعَ الدّال

18- رُدُّوا الحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاء َ (1) .

قال (عليه السّلام): (رُدُّوا الْحَجَرَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ فَإِنَّ الشَّرَّ لا يَدْفَعُهُ إِلاَّ الشَّرُّ).

قال الشارح:

(هذا مثل قولُهم في المثل : إنّ الحديد بالحديد يفلح (2) . وقال عمرو بن كلثوم:

أَلا لا يَجهَلَنْ أَحَدٌ عَلَينا

فَنَجهَلَ فَوقَ جَهلِ الجاهِلينا

وقال الفند الزّماني:

فَلَمّا صَرَّحَ الشَرُّ

فأمسى وهو عُريانُ

وَلَم يَبقَ سِوى العُدوا

نِ دِنّاهُم كَما دانوا

وَبَعضُ الحِلمِ عِندَ الجَهـ

لِ لِلذِلَّةِ إِذعانُ

وفي الشَّرِّ نجاةٌ حيـ

نَ لا يُنجِيكَ إحسانُ

وقال الأحنف:

وذي ضَغَنٍ أمتُّ القَوْلَ عنه

بحِلْمِي فاسْتَمَرَّ على المَقَالِ

وَمَن يَحلُم وَلَيسَ لَهُ سَفِيهٌ

يُلاقِ المُعْضِلاتِ مِنَ الرِجالِ) (3)

من أمثال متناسبة: (الشرّ بالشرّ ملحق) (4) ، (الشرّ للشرّ خلق) (5) .

____________________

(1) النهج 19: 221، 320/ح.

(2) مجمع الأمثال 1: 11 حرف الهمزة.

(3) شرح النهج 19: 221.

(4) النهج 18: 41.

(5) مجمع الأمثال 1: 366 حرف السين.

٦٢

وقد جاء في صادقيّ: (إن اللعنة إذا خرجت من فيِّ صاحبها تردَّدت فإن وجدت مساغاً وإلاّ رجعت على صاحبها) (1) .

والغرض من ردّ الحجر منع تجاوز الظالم الغاشم بردّ ظلمه إليه، فإنّ الظلم شرّ وشر منه صاحبه كالظالم كما تقدّم المثل (2) . فإذا لم يردّ على المتجاوز تجاوزه ازداد تجاوزاً، وإذا عومل بمثل ما صنع ارتدع. فصبر المظلوم زيادة في ظلم الظالم، ولا ينافيه ما جاء في الصّبر؛ فإن ذلك فيما لم يكن الردّ عليه.

وحمْلُ الحجر على معناه الظاهري لا يمنع من معناه المثلي، أي من ردّ ظلم الظالم إليه.

____________________

(1) السفينة 1: 512 في (لعن).

(2) فاعل الخير خير منه، وفاعل الشرّ شرّ منه.

٦٣

الرّاء مَعَ الفاء

19- الرَّفيقُ قَبلَ الطَّريقِ، وَالجارُ قَبلَ الدّار ِ (1) .

من وصيّته للحسن (عليهما السّلام) المطوّلة، قال فيها: (سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وعَنِ الْجَارِ قَبْلَ الدَّارِ).

وفي المثل: (الرفيق إمّا رحيق أو حريق)، وفي المثل: (جار السوء كلب هارش وأفعى ناهش) (2) .

قوله (عليه السّلام): (الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ) من الأمثال، ذكره بعض الأدباء، منهم الميداني، قال بعد ذكر المثل: (أي حَصِّلِ الرفيق أولاً واخْبُرْهُ، فربَّما لم يكن موافقاً ولم تتمكّن من الاستبدال به) (3) . و[ قال: الميداني ] بعد مثل (الجار ثم الدار) بذكر (ثمّ)، قال: (هذا كقولهم: (الرفيق قبل الطريق) وكلاهما يروي عن النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم). قال أبو عبيد: كان بعض فقهاء أهل الشام يحدّث بهذا الحديث ويقول: معناه إذا أردت شراء دار فسَلْ عن جوارها قبل شرائها) (4) .

ثم الجار نذكر شيئاً من حقوقه لأدنى مناسبة:

اهتمّ الشرع الإسلامي بالجار حتّى قال الإمام (عليه السّلام) في وصيّة له: (واللَّهَ اللَّهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ) (5) ، وقال تعالى: ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ... ) (6) .

____________________

(1) النهج 16: 113، 31/الوصيّة.

(2) شرح النهج 16: 121.

(3) المجمع 1: 303 حرف الراء.

(4) المجمع 1: 172 (حرف الجيم).

(5) النهج 17: 5، 47/الوصيّة.

(6) سورة النساء الآية 36.

٦٤

الجار إمّا قريب أو بعيد، وهما إمّا قريب أو أجنبيّ، فهذه أربعة: فالجار ذو الرحم، قريباً كان أو بعيداً، داخل في ( وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ) . والأجنبي، القريب والبعيد، في ( وَالْجَارِ الْجُنُبِ ) . ( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) هو الذي يصحبك في السفر جنباً إلى جنب.

ثم ليس حسن الجوار كفّ الأذى عنه فقط، بل بتحمّل الأذى والصبر على ما يرى، قال القائل:

ليس حسن الجوار كفّ الأذى

ولكن حسن الجوار الصبر (1)

____________________

(1) ذكرناه في الأمثال النبويّة حرف الجيم.

٦٥

الرّاء مَعَ الكاف

20- رَكِبْنا أعْجازَ الإِبِل وإِنْ طَالَ السُّرى (1) .

والأصل فيه قوله (عليه السّلام): (لَنَا حَقٌّ فَإِنْ أُعْطِينَاهُ وإِلا رَكِبْنَا أَعْجَازَ الإبِلِ وإِنْ طَالَ السُّرَى).

قال الرضي (رحمه الله تعالى): (وهذا القول من لطيف الكلام وفصيحه، ومعناه: أنّا إن لم نعط حقّنا كنّا أذلاّء؛ وذلك أن الرديف يركب عجز البعير، كالعبد والأسير ومن يجري مجراهما).

قال بعض الشرَّاح:

(له تفسيران: أحدهما : أنّ راكب عجز البعير يلحقه مشقّة وضرر، فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا صبرنا على المشقّة والمضرّة كما يصبر راكب عجز البعير. وهذا التفسير قريب مما فسّره الرّضي، و الوجه الثاني: أنّ راكب عجز البعير إنّما يكون إذا كان غيره قد ركب على ظهر البعير، وراكب ظهر البعير متقدّم على راكب عجز البعير، فأراد: أنّا إذا منعنا حقّنا تأخّرنا وتقدّم غيرنا علينا فكنّا كالراكب رديفاً لغيره. وأكّد المعنى على كلا التفسيرين بقوله: (وإِنْ طَالَ السُّرَى)؛ لأنّه إذا طال السُّرى كانت المشقّة على راكب البعير أعظم، وكان الصبر على تأخّر راكب عجز البعير عن الراكب على ظهره أشدّ وأصعب.. قاله يوم الشُّورى) (2) .

وقال آخر:

(عليّ (رضي الله تعالى عنه) قال يوم الشورى: (لنا حقّ إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل وإن طال السُّرى). هذا مثل لركوبه الذلّ والمشقّة وصبره عليه وإن تطاول ذلك، وأصله أن الراكب إذا اِعْرَوْرى

____________________

(1) النهج 18: 132، 22/ح.

(2) المصدر.

٦٦

البعير ركب عجزه من أصل السنام، فلا يطمئنّ ويحتمل المشقّة. وأراد بركوب أعجاز الإبل كونه ردفاً تابعاً، وأنّه يصبر على ذلك وإن تطاول به. ويجوز أن يريد: وإن نمنعه نبذلِ الجهد في طلبه فعل من يضرب في ابتغاء طلبته أكباد الإبل ولا يبالي باحتمال طول السُّرى) (1) .

وهكذا غيرهما من الجمهور، قد خصّصوا كلامه (عليه السّلام) بيوم الشُّورى بعد وفاة عمر واجتماع الجماعة لاختيار واحد من الستّة. وليت شعري لِمَ خصّصوه بذلك؟! وهل كان منْع القوم الإمام (عليه السّلام) عن حق الخلافة من بعد عمر وكان له ولصاحبه الحق وليس له (عليه السّلام) منه نصيب؟! أو خصّصهما الله ورسوله به دونه [ ما ] أو أنّه خاصّ به تقّمصه القوم؟! اختر ما شئت!

____________________

(1) الفائق [ في غريب الحديث، جار الله الزمخشري] 2: 397 - 398.

٦٧

باب السين

٦٨

السّين مَعَ الرّاء

21- سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ (1) .

أحد الأمثال الّتي ضربها في وصيّته لابنه الحسن (عليهما السّلام)، قال فيها:

(وإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلادِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا، وتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا؛ فَقَدْ نَبَّأَكَ اللَّهُ عَنْهَا ونَعَتَتْ نَفْسِهَا وتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوئهَا. فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلابٌ عَاوِيَةٌ وسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ يَهِرُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، ويَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، ويَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا. نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ وأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا ورَكِبَتْ مَجْهُولَهَا " سُرُوحُ عَاهَةٍ بِوَادٍ وَعْثٍ "، لَيْسَ لَهَا رَاعٍ يُقِيمُهَا ولا مُسِيمٌ يُسِيمُهَا...).

وهي وصيّة مطوّلة أخذنا منها ما يربط المثل الجاري.

قال الشارح:

(ثلاثة أمثال محرّكة لمن عنده استعداد، واستقرأني أبو أفرج محمد بن عبّاد (رحمه الله) وأنا يومئذٍ حَدَثٌ هذه الوصيّة، فقرأتها عليه من حفظي، فلمّا وصلت إلى هذا الموضع صاح صيحة شديدة وسقط، وكان جباراً قاسي القلب.

(سُرُوحُ عَاهَةٍ) والسروح: جمع سرح، وهو المال السارح. والعاهة: الآفة.... ووادٍ وعثٍ لا يثبت الحافر والخفّ فيه، بل يغيب فيه ويشقّ على من يمشي فيه) (2) .

أو السروح: الأغنام.

يقول (عليه السّلام) أهل الدّنيا كلاب

____________________

(1) النهج 16: 89 - 90، 31/الوصية.

(2) شرح النهج 16: 90 - 91.

٦٩

عاوية وسباع جائعة يتناهشن على جيف أو أغنام سائمة ترعى، ومعقّلة متحيّرة في أودية لا يثبت فيها خفّ ولا خافر. لا راعي يرعاها، وقد اعتورها الآفات من كلّ جوانبها.

برزت في كلامه (عليه السّلام) حقائق أهل الدّنيا وبوائق ما طالت الأيّام تخفينها، وسوف يحشر الناس على ما هم فيه من صفات الحيوانات كما جاء في تفسير ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) (1) يأتون يوم القيامة على صور ما كانوا يزاولون من صفات الكلاب والسّباع وغيرها.

____________________

(1) سورة التكوير الآية 5.

٧٠

باب الشين

٧١

٧٢

الشّين مَعَ التّاء

22 -

شَتَّانَ مَا يَومي على كُورِها

وَيَومَ حَيّانَ أَخي جَابِر (1)

تمثّل (عليه السّلام) بالبيت في خطبته المعروفة بـ (الشِقْشِقِّية). قال المعتزلي إنّ البيت للأعشى الكبير أعشى قيس، وهو أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل من القصيدة التي قالها في منافرة علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل (2) ، وأوّلها:

شاقَتْكَ مِنْ قَتْلَة أَطْلالُها

بالشَّطِّ فَالوِتْرِ إِلى حاجِرِ

فَرُكنِ مِهراسٍ إِلى مارِدِ

فَقاعِ مَنفوحَةَ ذي الحائِرِ

دارٌ لَها غَيَّرَ آياتِها

كُلُّ مُلِثٍّ صَوبُهُ زاخِرِ

والضمير في كورها في البيت المتمثّل به يعود على الناقة في بيت متقدّم عليه:

وَقَد أُسَلّي الهَمَّ حينَ اِعتَرى

بِجَسرَةٍ دَوسَرَةٍ عاقِرِ

وقد أسلى المهمّ حين اعترى

بجسرة (3) دوسرة عاقر

زَيّافَةٍ بِالرَحلِ خَطّارَةٍ

تُلْوي بِشَرخَي مَيسَةٍ قاتِرِ

وحيّان اسم رجل من بني حنيفة كان سيّداً مطاعاً وذا نعمة وافرة وكان الأعشى ينادمه. وجابر: أخو حيّان أصغر منه ذكره الشاعر للقافية. ومعنى البيت: فرق كبير ما بين سفري على ناقتي وبين يوم حيّان في نعمته الوافرة.

____________________

(1) النهج 1: 162، 3/ط.

(2) شرح النهج 1: 166.

(3) الجسرة العظيمة من الإبل والدوسرة الناقة الضخيمة.

٧٣

يشير (عليه السّلام) به إلى أنّ هناك فرقاً بين يومه في الخلافة مع ما انتقض عليه من الأمر مع يوم عمر حيث ولّها على قاعدة ممهّدة (1) .

وحصيلة ذلك: أنّ الفرق بين راكب الناقة الراقلة به وحيّان المتنعّم بنعمة ناعمة وراحة هو الفرق بيني في خلافتي الّتي انتقض أمرها وبين عمر الذي مهّدت له الأمور كما أراد وأرادها الأوّل، وهذا من دلالات مظلوميّته (عليه السّلام) واغتصاب حقه الثابت؛ فلو كان الأمر على ضوء وصاية النبيّ (صلّى الله عليه وآله) سائراً لما اغتصب حقّ الخلافة منه ولا حقّ إلى يوم القيامة.

____________________

(1) رسالة الإسلام 120 - 121 (عدد 7 - 8).

٧٤

الشّين مَعَ الرّاء

23 - الشَّرُّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ (1) .

قاله (عليه السّلام) في كتاب له كتبه إلى الحارث الهمداني:

(... وإِيَّاكَ ومُصَاحَبَةَ الْفُسَّاقِ فَإِنَّ الشَّرَّ بِالشَّرِّ مُلْحَقٌ...).

قال الشارح:

يقول: (إنّ الطّباع ينزع بعضها إلى بعض فلا تصحبنّ الفسّاق فإنّه ينزع بك ما فيك من طبع الشر إلى مساعدتهم على الفسوق والمعصية وما هو إلاّ كالنّار فإذا لم تجاورها وتمازجها نار كانت إلى الانطفاء والخمود أقرب. وروى (ملحِق) (بكسر الحاء) وقد جاء في الخبر النبويّ: (عذابك بالكفار ملحِق) بالكسر) (2) .

قوله (عليه السّلام): (الشرّ بالشرّ ملحق).

معدود من الأمثال، نظير قولهم: (الشرّ للشرّ خلق) و(الحديد بالحديد يفلح) (3) . والإنسان المغفّل إذا صاحب الفاسق أثّر فسقه فيه وزاد هو في فسقه، وإن لم يكن على حذر منه فلا محالة جاء التأثير وزيادة الفسق بزيادة‌ أفراد الفسّاق، وهو المصاحب، إذ المصاحبة مؤثّرة إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ. وجاء في حديث الإمام السّجاد (عليه السّلام) النهي عن مصاحبة خمسة ومحادثتهم ومرافقتهم في طريق، وهم: الكذّاب والفاسق والبخيل والأحمق والقاطع لرحمه (4) .

____________________

(1) النهج 18: 41، 69/ك.

(2) شرح النهج 18: 50 - 51.

(3) السفينة 2: 8 في (صحب).

٧٥

ونسب إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما يلي:

(عاشرْ أخا ثقةٍ تحظى بصحبته

فالمرءُ مكتسِبٌ من كلّ مصحوبِ

كالرّيح آخذةٌ حين تمرّ به

نَتْنٌ من النتنِ والطيْبُ من الطيبِ) (1)

ومن آثار سوء‌ مصاحبة الفاسق أنّه مظنّة سخط الله (عزّ وجلّ)، وعذابه إذا نزل عمّ من معه. كما كان عكس ذلك مصاحبة المتّقي الذي هو عرضة رحمة الله تعالى، فإنّها إن نزلت عمّت. والفسق هو الخروج عن طاعة الله تعالى الذي هو منشأ الشرور؛ إذ لا يأمن معه من ركوب المعاصي كلّها من الاجتماعيّة وغيرها الّتي تجب الشّرور.

____________________

(1) الديوان المنسوب إليه (عليه السّلام).

٧٦

الشّين مَعَ القاف

24- شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ (1) .

مثل سائر أجاب به الإمام (عليه السّلام) ابن عبّاس عندما سأله استرساله في كلام له من خطبة معروفة بالشقشقيّة لاشتمالها على الشقشقة، وقد ناوله رجل من أهل العراق كتاباً لينظر فيه فقطع (عليه السّلام) الخطبة ولم يعد إليها، فتأسّف ابن عباس عمّا فاته من إكمالها؛ لأنّها تبيّن مواقف الخلفاء الثلاثة مع الإمام (عليه السّلام) والخلال التي لا تليق بمنصب الخلافة. ومن العجيب من ابن أبي الحديد وغيره حيث أوّلوا الكلمات فيها إلى ما لا تنطبق عليه اللغة العربيّة، ومن له أدنى إلمام بها لم يرتب في مراد الإمام (عليه السّلام).

قال النيسابوري: (الشِقشِقة: شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج. وإذا قالوا للخطيب: (ذو شقشقة) فإنّما يشبّه بالفحل) (2) .

وبعضُ مؤلفي كتب الأمثال لم يذكر المثل في كتابه ولا تمثّل الإمام (عليه السّلام) به لئلاّ يواجه مشكلة التأويل لكلامه (عليه السّلام)، وآخرٌ قد ذكر التمثّل به دون أن يزيد عليه، وثالثٌ نفي الخطبة عن أن تكون صادرة عن الإمام (عليه السّلام) فضلاً عن تمثّله به. والمعتزلي ممّن يقول بالصدور ويتصدّى للتأويل، قال:

إن قيل: بيّنوا لنا ما عندكم في هذا الكلام، أليس صريحه دالاًّ على

____________________

(1) النهج 1: 203 ط 3.

(2) مجمع الأمثال 1: 369 حرف الشين.

٧٧

تظليم القوم ونسبتهم إلى اغتصاب الأمر، فما قولكم في ذلك؟ إن حكمتم عليهم بذلك فقد طعنتم فيهم، وإن لم تحكموا عليهم بذلك فقد طعنتم في المتظلّم المتكلّم عليهم؟

قيل: أمّا الإماميّة من الشيعة فتجري هذه الألفاظ على ظواهرها، وتذهب إلى أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) نصّ على أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأنّه غصب حقّه.

وأمّا أصحابنا (رحمهم الله)، فلهم أن يقولوا:... (1) .

فراح يلّقنهم ما يلّفقونه لصرف الظهور.. والحديث ذو شجون.

____________________

(1) شرح النهج 1: 156 - 159.

٧٨

باب الصاد

٧٩

٨٠