حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه10%

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 554

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170546 / تحميل: 5499
الحجم الحجم الحجم
حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الحدائق الناضرة (مجلد ١٣ صفحة ٤٦٤) " وقال ابن أبي عقيل: الاعتكاف عند آل الرسول صلى الله عليه وآله لايكون إلا في المساجد وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة وسائر الامصار في مساجد الجماعات ".

(وصفحة ٤٦٥) " ظاهر جملة من الاصحاب حمل عبارة ابن أبي عقيل على ذلك وهو بعيد عن ظاهرها وإن ظاهرا مطلق المسجد ".

(وصفحة ٤٦٨) " الاظهر عندي أن روايات كل من الطرفين ظاهرة في كل من القولين وإن أخبار أحد الطرفين إنما يخرج مخرج التقية، والظاهر أنها في أخبار القول بالمسجد الجامع وذلك فإن مذهب الشافعي أنه يصح في كل مسجد كما هو ظاهر عبارة ابن أبي عقيل وبه قال مالك أيضا، وقال أحمد لايجوز إلا في مسجد يجمع فيه وبه قال أبوحنيفة وهو قول الشيخ المفيد ومن تبعه، وأما القول بالمساجد الاربعة المتقدمة فلم يسند إلى أحد منهم وبذلك يظهر قوة القول الاول. والله العالم ".

جواهر الكلام (مجلد ١٧ صفحة ١٧٠) " الشرط (الرابع المكان، فلا يصح) الاعتكاف (إلا في مسجد) إجماعا بقسميه ونصوصا مستفيضة أو متواترة، إنما الكلام في تعيينه، فعن ابن أبي عقيل أنه كل مسجد، قال: الاعتكاف عند آل رسول الله صلى الله عليه وآله لا يكون إلا في المساجد، وأفضله المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة، وسائر الامصار مساجد الجماعات.

٣٢١

كتاب الحج: الاستطاعة وأقسام الحج

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ٣٢٦) " عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: " إن عليا عليه السلام، رأى شيخا لم يحج قط، ولم يطق الحج من كبره فأمره أن يجهز رجلا، فيحج عنه ".

وفي معناها أخرى، (عن علي بن حمزة) لكنها غير مستندة إلى الامام عليه السلام. وعليها فتوى الشيخ في النهاية، وابن أبي عقيل في المتمسك. وقال في المبسوط: يستحب الاستنابة، ويعيد إذا زال العذر. وهو أشبه، لانه غير مستقر في الذمة، فلا يتحقق فيه النيابة ".

المعتبر (مجلد ٢ صفحة ٧٩١) " مسألة: إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا، فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل، وكان قارنا، قاله الشيخ، وبه قال ابن أبي عقيل، وقال الشافعي: إذا قضى أفعال عمرته تحلل، سواء ساق هديه، أو لم يسق، وقال أبو حنيفة: إن لم يكن ساق وتحلل، وإن كان ساق (و) لم يتحلل، واستأنف إحراما للحج ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه.

(وصفحة ٨٠٠) " مسألة: قال الشيخ في الخلاف: لايجوز القران بين الحج وعمرة بإحرام واحد، ولا يدخل أفعال العمرة قط في أفعال الحج، محتجا بإجماع الفرقة، وقال ابن أبي عقيل: والعمرة التي تجب مع الحج في حال واحدة، فالقارن وهو الذي يسوق الهدي في

٣٢٢

حج، أو عمرة، ويريد الحج بعد عمرته، فإنه يلزمه إقران الحج مع العمرة، ولا يحل من عمرته حتى يحل من حجه، إذا طاف طواف الزيادة، ولا يجوز قران الحج مع العمرة، إلا لمن ساق الهدي، ولعل مستنده مارواه الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال " أيما رجل قرن بين الحج والعمرة، فلا يصلح أن يسوق هديا قد أشعره، أو قلده " وتأوله الشيخ في التهذيب بتأويل بعيد ليس بمعتمد، ودعواه الاجماع بعيد، مع وجود الخلاف من الاصحاب، وفي الاخبار المنسوبة إلى فضلاء أهل البيت عليهم السلام ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ٢ صفحة ٣٠٦) " مسألة: إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد أحل، وإن كان قد ساق هديا، لم يجز له التحلل وكان قارنا، قاله الشيخ في الخلاف.

وبه قال ابن أبي عقيل، لقوله صلى الله عليه وآله " من لم يكن ساق الهدي فليتحلل "، شرط في التحليل عدم السياق وقال الشافعي يتحلل سواء ساق هديه أو لم يسق، وقال أبوحنيفة: إن لم يكن ساق تحلل، وإن كان ساق لم يتحلل واستأنف إحراما للحج ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه، وهو باطل، لان تجديد الاحرام إنما يمكن مع الاحلال فهو باق على إحرامه فلا وجه لتجديد الاحرام، ولان النبي صلى الله عليه وآله يتحلل وعلل بأنه ساق الهدي، وقال عليه السلام " لا يتحلل سايق الهدي حتى يبلغ الهدي محله ".

(وصفحة ٣١٨) " مسألة: قد بينا أن القارن هو الذي يسوق عند إحرامه بالحج هديا عند علمائنا أجمع، إلا ابن أبي عقيل، فإنه جعله عبارة عمن قرن بين الحج والعمرة في إحرام واحد، وهو مذهب العامة بأسرهم.

تحرير الاحكام (مجلد ١ صفحة ٩٢ ٩٣) " اشترط الشيخ رحمه الله، الرجوع إلى كفاية، فلو ملك الزاد والراحلة والنفقة له ولعياله ذهابا وعودا ولم يكن له كفاية يرجع إليها من مال، أو حرفة، أو صناعة، أو عقار لم يجب الحج، واختاره المفيد، وابن البراج، وأبوالصلاح، ولم يشترط المرتضى ذلك، واختاره ابن أبي عقيل، وهو الاقوى ".

٣٢٣

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣٠٤) " وقال ابن أبي عقيل: المتمتع إذا لم يجد هديا فعليه صيام.

(وصفحة ٣٠٩) " وقال ابن أبي عقيل: ويكره للمتمتع تأخيره يوم النحر ".

(وصفحة ٣١٢) " وقال ابن أبي عقيل: ولابأس أن يحج عن الميت، من لم يحج وأطلق ".

منتهى المطلب (مجلد ٢ صفحة ٦٥٧) " مسألة: اختلف علمائنا في الرجوع إلى كفاية، فاشترط الشيخ رحمه الله في الوجوب، فلو ملك الزاد والراحلة والنفقة ذهابا وعودا ونفقة عياله لم يجب الحج، إلا أن يكون له كفاية يرجع إليها من مال، أو حرفة، أو صناعة، أو عقار، هذا اختيار شيخنا رحمه الله وبه قال المفيد رحمه الله، وابن البراج وأبوالصلاح، وقال السيد المرتضى رحمه الله إنه ليس شرطا وبه قال ابن إدريس، وابن أبي عقيل وأكثر الجمهور، وهو الاقوى.

لنا قوله تعالى " ولله على الناس حج البيت، من استطاع إليه سبيلا " والاستطاعة تتحقق بالزاد والراحلة والنفقة مع الشرايط المتقدمة، فما زاد منفي بالاصل السليم عن المعارض وأيضا مارواه الشيخ في الحسن عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام، عن قول الله عزوجل " لله على الناس حج البيت، من استطاع إليه سبيلا " قال " أن يكون له مايحج به قال قلت من عرض عليه ما يحج به فاستحيا من ذلك، هو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ فقال: نعم من شأنه يستحيي ولو بحج على حمار أبتر..

مايقول الناس؟ قال: قيل له: الزاد والراحلة، قال: فقال: أبوعبدالله عليه السلام قد سئل أبوجعفر عليه السلام عن هذا فقال: هلك الناس إذن، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله، ويستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسئلهم إياه فقد هلكوا إذن فقيل له ما السبيل قال: فقال: السعة في المال اذا كان يحج ببعض، ويبقى ببعض بقوت عياله أليس قد فرض الله

٣٢٤

الزكوة، فلم يجعلها إلا على من ملك مأتي درهم "، والجواب: المنع من الاجماع في صورة الخلاف، وأصل برائة الذمة إنما يصار إليه مع عدم الدليل على الشغل أما مع تحققه فلا وعن الحديث بعدم دلالته على مقصوده إذا قضى مايدل عليه وجود الراحلة والزاد والنفقة له ولعياله أما الرجوع إلى كفاية فلا تعرض للحديث فيه البتة.

مسألة الاسلام ليس شرطا في الوجوب وإن كان شرطا في الصحة ذهب إليه علماؤنا أجمع، وبه قال الشافعي في أحد الوجهين، وفي الآخر أنه شرط وبه قال أبوحنيفة لنا عموم قوله تعالى " لله على الناس حج البيت " والمعارض وهو الكفر لايصلح للمانعية لما بينا في الاصول ان الكفار مخاطبون بالفروع إحتج بأنه غير متمكن من الاداء وبالاسلام يسقط عنه الفرض فلا يحقق في الوجوب ".

(وصفحة ٦٦١) " مسألة قد بينا اصناف الحج وهو ثلاثة، تمتع، وهو أن يحرم بالعمرة المتمتع بها إلى الحل، ثم يحل منها ويأتي بالحج في عامه ذلك، وإفراد، وهو أن يحرم بالحج فإذا قضى مناسكه أحرم بالعمرة المفردة، وقران، وهو أن يفعل كأفعال المفرد، إلا أنه يسوق الهدي في إحرامه فبه يتميز عن المفرد، هذا اختيار علمائنا إلا من ابن أبي عقيل، فإنه جعل القارن من قرن بين الحج والعمرة في إحرام واحد، وهو قول الجمهور كافة، واعتبر ابن أبي عقيل والجمهور أيضا سياق الهدي.

لنا ما رواه الجمهور عن عبدالله بن أحمد بن حنبل بإسناده إلى أبي شيخ قال " كتب في ملاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عند معاويه بن أبي سفيان، فيناشدهم الله في أشياء وكلها قالوا نعم يقول وأنا أشهد ثم قال أنشدكم الله، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن جمع بين حجة وعمرة، قالوا أما هذه فلا، فقال أما إنها معهن يعني مع الامهات، ولكنكم نسيتم " ورواية معاوية وإن لم يكن حجة عندنا، ولكنها حجة عند الخصم، ونحن في مقام الالزام.

ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في القارن " لايكون قران إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام ".

٣٢٥

(وصفحة ٦٨٥) " مسألة: إذا أتم المتمتع أفعال عمرة وقصر فقد أحل، وإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا، قاله الشيخ رحمه الله في الخلاف، وبه قال ابن أبي عقيل.

وقال الشافعي: تحلل سواء ساق هديه أو لم يسق، وقال أبوحنيفة إن لم يكن ساق تحلل، وإن كان ساق لم يتحلل واستأنف إحراما للحج، ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه.

لنا قوله عليه السلام من لم يكن ساق الهدي فليتحلل، شرط في التحلل عدم السياق، وقول أبي حنيفة باطل، لان تجديد الاحرام إنما يكون مع الاحلال، أما المحرم فهو باق على إحرامه فلا وجه لتجديد الاحرام، وإنما يكون مع الاحلال، ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يتحلل وعلل بأنه ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محله.

(وصفحة ٦٨٥) " الرابع قال الشيخ رحمه الله في الخلاف لايجوز القران بين حج وعمرة (في) وإحرام واحد ولايدخل أفعال العمرة قط في أفعال الحج وادعى على ذلك الاجماع وقد خالف الجمهور فيه وزعموا أن القران الذي هو أحد أصناف الحج هذا وإن الرسول صلى الله عليه وآله لبى بحج وعمرة وقال ابن أبي عقيل منا والعمرة التي يجب مع الحج في حالة واحدة فالقارن هو الذي يسوق الهدي في حج أو عمرة ويريد الحج بعد عمرة فإنه يلزمه الحج مع العمرة إلا أن ساق الهدي وقد روى الشيخ في الصحيح عن حماد عن أبي عبدالله عليه السلام قال " أيما رجل فرق بين الحج والعمرة فلا يصلح إلا أن يسوق هديا قد أشعره وقلده " وهذه الرواية يناسب ماقاله ابن أبي عقيل من جواز القران في الاحرام بين الحج والعمرة قال الشيخ في التهذيب المراد في تلبية الاحرام بمعنى إن لم يكن حجة فعمرة وهو يؤيد (..) وفي حديث علي عليه السلام لما أنكر على عثمان مايقوي قول ابن أبي عقيل في قوله عليه السلام لبيك بحجة وعمرة معا وتمكن أن يتمسك الشيخ رحمه الله بأن الاحرام ركن في الحج والعمرة ولا يتعين كما يكون بحجتين ولعمرتين ولا يمكن أن يكون ركنا في الحج والعمرة معا ".

٣٢٦

الدروس (صفحة ٩١) " قال الحسن: القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة، ولا يتحلل منها حتى يتحلل من الحج، فهو عنده بمثابة المتمتع، إلا في سوق الهدي وتأخر التحلل وتعدد السعي، فإن القارن عنده يكفيه سعيه الاول عن سعيه في طواف الزيارة.

" واختلف في جواز التمتع للمكي الافراد إليه مجتمعا بالاجماع، وتبعه في المعتبر، وأسقط الشيخ عن المكي الهدي لو تمتع.

وقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله حج قارنا على تفسيرنا، لا على أن جمع بين الحج والعمرة، والذي رواه الاصحاب والعامة أنه لم يعتمر بعد حجه، فكيف يكون قارنا على تفسير الشيخ. نعم يتم على تفسير الحسن، وابن الجنيد، والجعفي. وصرح الحسن بأنه حج قارنا. وقيل حج متمتعا، ولم يتحلل لمكان السياق فيصير النزاع لفظيا.

(وصفحة ٩٢) " ولا ينعقد الحج وعمرة التمتع إلا في أشهر الحج، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة في الاقرب، للرواية، وفي المبسوط والخلاف وإلى قبلو طوع فجر النحر، وقال الحسن والمرتضى وعشر ذي الحجة.

" لايجوز إدخال حج على حج، ولا عمرة على عمرة، ولا نية حجتين ولا عمرتين، فلو فعل فالبطلان أولى، وقيل ينعقد إحداهما، ولا نية حجة وعمرة معا، إلا على قول الحسن وابن الجنيد ".

(وصفحة ٩٣) " درس: تجب العمرة كالحج بشرايطه، وتجزي المتمتع وأحد قسمي القارن على ما مر في كلام الشيخ، والقارن مطلقا على قول الحسن.

(وصفحة ٩٧) " قال الشيخ في موضع، يستحب أن يقول لبيك بحجة وعمرة معا كما سلف، وروي أيضا عن الصادق عليه السلام وفيه دلالة على قول الحسن وابن الجنيد ".

٣٢٧

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ٦ صفحة ٤٥) " وأما القران فجوز ابن عقيل أن يقترن بين الحج والعمرة في إحرام واحد في حج القران، وجعل القارن عبارة عن ذلك، وهو رأي الجمهور على مانقل، والمشهور عدم الجواز مطلقا، لانهما عبادتان مستقلتان، بل وجوب العمرة على من يجب عليه الحج غير ظاهر، يحتاج إلى الدليل.

(وصفحة ٤٧) " واحتج ابن أبي عقيل بحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في التلبية: لبيك بحجة وعمرة معا ".

وأجيب بمنع الصحة، ويمكن بعدم الصراحة أيضا، إذ لم يظهر قران ولا هدي، ومجرد ذكر هذا الكلام في التلبية لايدل (عليه. ظ) فإنه قد يكون تعبدا، أو لكون الاشعار في العمرة المتمتع بها إلى أنه يأتي بعده بالحج أيضا.

(وصفحة ٤٨) " إنه لايجوز المقارنة في التلبيات والاشارة بالحج والعمرة معا إلا للسائق، كما هو ظاهر هذه الرواية لا بالمعنى الذي قاله ابن أبي عقيل والجمهور من حصر القران في ذلك، فإنه مانفهم له دليلا، وليس هذه دليله.

وبالجملة هذه الرواية ماتدل على مذهب ابن أبي عقيل لاجمالها، فتأمل ".

مدارك الاحكام (مجلد ٧ صفحة ١٦٦) " قوله ووقوعه في أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة، وقيل وعشرة من ذي الحجة، وقيل وتسعة من ذي الحجة، وقيل وإلى طلوع الفجر من يوم النحر. وضابط وقت الانشاء مايعلم أنه يدرك المناسك. اختلف الاصحاب وغيرهم في أشهر الحج، فقال الشيخ في النهاية هي شوال وذو القعدة وذو الحجة، وبه قال ابن الجنيد. ورواه الصدوق في كتاب من لايحضره الفقيه. وقال المرتضى وسلار وابن أبي عقيل شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ".

(وصفحة ١٩٠) " قوله وهل يجوز اختيارا؟ قيل نعم وقيل لا، وهو أكثر. المراد أنه هل يجوز لاهل مكة

٣٢٨

ومن في حكمهم أن يؤدوا فرضهم من حج الاسلام بالتمتع أم لا يجزيهم إلا الافراد أو القران؟ وقد اختلف الاصحاب في ذلك، فذهب الشيخ في أحد قوليه، وابنا بابويه، وابن أبي عقيل، وابن إدريس إلى أن ذلك غير جائز ".

(وصفحة ١٩٢ و١٩٣) " وقال ابن أبي عقيل: القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة، فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ".

" احتج ابن أبي عقيل على مانقل عنه بما روي أن عليا عليه السلام حيث أنكر على عثمان قرن بين الحج والعمرة فقال " لبيك بحجة وعمرة معا لبيك " وبقوله عليه السلام في آخر صحيحة الحلبي المتقدمة " أيما رجل قرن بين الحج والعمرة فلا يصح إلا أن يسوق الهدي قد أشعره وقلده.

والاشعار أن يطعن في سنامها بحديدة حتى يدميها، وإن لم يسق الهدي فليجعلها متعة " وأجاب العلامة في المختلف عن الاول بأنه مروي من طرق الجمهور فلا يكون حجة علينا.

وعن الثاني بما ذكره الشيخ في التهذيب وهو أن قوله عليه السلام " أيما رجل قرن بين الحج والعمرة " يريد به في تلبية الاحرام، لانه يحتاج أن يقول: إن لم يكن حجة فعمرة، ويكون الفرق بينه وبين المتمتع أن المتمتع يقول هذا القول وينوي العمرة قبل الحج ثم يحل بعد ذلك ويحرم بالحج فيكون متمتعا، والسائق يقول هذا القول وينوي الحج، فإن لم يتم له الحج فليجعله عمرة مبتولة ".

(وصفحة ٢٠٦) " وقال ابن أبي عقيل: لايجوز له التمتع، لانه لا متعة لاهل مكة، لقول الله عز وجل " ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " وهو جيد لولا ورود الرواية الصحيحة بالجواز ".

(وصفحة ٢١٢) " قوله: ولايجوز القران بين الحج والعمرة بنية واحدة.

نبه بذلك على خلاف ابن أبي عقيل حيث جوز ذلك وجعله تفسيرا للقران وقال: من هذا شأنه لايحل من عمرته حتى يحل من حجه إذا طاف طواف الزيارة، ولايجوز قران الحج مع العمرة إلا لمن ساق الهدي ".

٣٢٩

مدارك الاحكام (مجلد ٨ صفحة ٤٦٥) " قال ابن أبي عقيل لايجوز عمرتان في عام واحد.

لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال " لايكون عمرتان في سنة " وصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال " العمرة في كل سنة مرة ". وأجاب الشيخ عنهما بالحمل على عمرة التمتع، جمعا بينهما وبين غيرهما من الروايات المتضمنة لان لكل شهر عمرة، وهو حسن ".

الحدائق الناضرة (مجلد ١٤ صفحة ١٢٤) " وإنما الخلاف في أنه هل يشترط في الوجوب الرجوع إلى كفاية من مال أو صناعة أو حرفة أم لا؟ ذهب الاكثر ومنهم المرتضى وابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن إدريس وجملة من المتأخرين إلى الثاني، وذهب الشيخان إلى الاول ونسبه المرتضى رضي الله عنه إلى كثير من أصحابنا، وبه قال أبوالصلاح وابن البراج وابن حمزة، على ما نقله في المختلف، قال: رواه أبوجعفر ابن بابويه في كتاب من لايحضره الفقيه.

وهو ظاهر شيخنا علي بن سليمان البحراني قدس سره في حاشيته على كتاب المختصر، حيث قال: مقتضى قوله تعالى ماجعل عليكم في الدين من حرج اشتراط الرجوع إلى عمل أو ضيعة أو صناعة أو حرفة لمن ليس له سبيل في المعيشة غير ماذكره عادة..

إلى أن قال، أما لو كان بيت مال يعطى منه، أو كان ممن تتيسر له الزكاة والعطايا عادة ممن لم يتحرج من ذلك، فلا يشترط في حقه ".

(وصفحة ٣٥٤) " نقل عن المرتضى وسلار وابن أبي عقيل رضوان الله عليهم أنها شوال وذو القعة وعشرة من ذي الحجة. وعن الشيخ في الجمل وابن البراج: وتسعة من ذي الحجة. وعن الشيخ في الخلاف والمبسوط إلى طلوع الشمس من يوم النحر. وقال ابن إدريس إلى طلوع الشمس من يوم النحر ".

(وصفحة ٣٧٢) " وذهب ابن أبي عقيل إلى أن القارن يلزمه قران الحج مع العمرة ولا يحل من عمرته حتى يحل من حجه، ولا يجوز قران العمرة مع الحج إلا لمن ساق الهدي. ونحوه نقل

٣٣٠

عن الجعفي. وحكى في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال: إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا. فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا. ثم قال: وبه قال ابن أبي عقيل ".

(وصفحة ٣٧٣ ٣٧٥) " وظاهر هذه الكلام موافقة جملة من الاصحاب لابن أبي عقيل في هذه المقالة في الجملة وإن اختلفوا في بعض التفاصيل، مع أنه لم يتعرض أحد منهم لذكر دليل في المقام.

وكيف كان فهذا القول مرغوب عنه للاخبار المتقدمة في البحث الاول.

احتج ابن أبي عقيل على مانقل عنه بما روي " أن عليا عليه السلام حيث أنكر عليه عثمان قرن بين الحج والعمرة فقال: لبيك بحجة وعمرة معا " وبقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي المتقدمة " أيما رجل قرن بين الحج والعمرة فلا يصلح إلا أن يسوق الهدي، إلى آخر الخبر ".

" وحينئذ فبأي معنى فسر قوله " أيما رجل قرن بين الحج والعمرة " فإنه لاينطبق على مذهب ابن أبي عقيل من وجوب تقديم العمرة على الحج وعدم التحلل منها إلا بالتحلل من الحج، فإنه ليس شئ من هذا في حج الافراد.

وبالجملة فإن هذه الرواية كسائر الروايات المتقدمة صريحة الدلالة في أن حج القارن كالمفرد لايتميز عنه إلا بالسياق ". " وأما ماذكره في المختلف في الجواب عن أول دليلي ابن أبي عقيل، من أن الحديث من طريق الجمهور ففيه أن الحديث موجود من طرقنا كما سيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، إلا أنه لا دلالة فيه على ماذكره ابن أبي عقيل بوجه لان الجمع بينهما في التلبية مندوب إليه في أخبارنا في عمرة التمتع لدخولها في الحج، كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى ".

(وصفحة ٤٠٦) " فالمشهور أنه يجوز له التمتع، وذهب إليه الشيخ في جملة من كتبه والمحقق في المعتبر، والعلامة في المنتهى والتذكرة، وغيرهم ونقل عن الحسن بن أبي عقيل عدم جواز التمتع له، لانه لامتعة لاهل مكة لقول الله عزوجل: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والاخبار المتقدمة الصريحة في أنه ليس لاهل مكة متعة

٣٣١

والعلامة في المختلف اقتصر على نقل القولين ولم يرجح شيئا منهما في البين.

احتج الشيخ ومن تبعه بما رواه في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجاج وعبدالرحمن بن أعين قاللا: " سألنا أبا الحسن موسى عليه السلام عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الامصار ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتمتع؟ قال: ماأزعم ان ذلك ليس له، والاهلال بالحج أحب إلي ".

(وصفحة ٤٠٩) " وكيف كان فينبغي أن يعلم ان هذه الرواية لما هي عليه من الاجمال وتطرق الاحتمال لاتصلح لان تخصص بها الآية والروايات المتقدمة الدالة جميعه على أنه لايجوز لاهل مكة التمتع فالقول بما عليه ابن أبي عقيل هو المعتمد.

وبذلك يظهر لك ضعف ما ذكره السيد في المدارك، حيث قال بعد نقل مذهب ابن أبي عقيل والاستدلال له بالآية: وهو جيد لولا ورود الرواية الصحيحة بالجواز فإن فه ان الرواية وإن كانت صحيحة كما هو مطمح نظره ومدار فكره إلا أنها غير صريحة في حج الاسلام، بل لو ادعى عدم الظهور أيضا لكان متجها، فإن بقاء المكي بغير حج الاسلام مدة كونه في مكة أبعد بعيد فكيف تصلح لان تخصص بها الآية والاخبار الواردة بمعناها ".

جواهر الكلام (مجلد ١٧ صفحة ٣٠٨ ٣٠٩) " وكيف كان فهل الرجوع إلى كفاية للمعيشة من صناعة أو مال أو حرفة أو ضيعة أو نحو ذلك شرط في وجوب الحج؟ قيل والقائل الشيخان والحلبيان وابنا حمزة وسعيد وجماعة " نعم يشترط، بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه للاصل والحرج ورواية أبي الربيع الشامي.

سئل أبوعبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل " ولله على الناس حج البيت " الآية فقال، ما يقول الناس؟ قال فقيل، الزاد والراحلة، قال، فقال أبوعبدالله عليه السلام " قد سئل أبوجعفر عليه السلام عن هذا فقال، هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليهم فيسلبهم إياه لقد هلكوا، فقيل له، فما السبيل؟ قال، فقال، السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا يقوت به عياله،أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مأتي درهم " وعن

٣٣٢

بعض النسخ ينطلق إليه كما عن المقنعة روايته " هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لايملك غيرهما أو مقدار ذلك مما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحج بذلك ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذا، فقيل له، فما السبيل عندك؟ فقال، السعة في المال، وهو أن يكون معه مايحج ببعضه ويبقى بعض يقوت به نفسه وعياله "، وخبر الاعمش عن الصادق عليه السلام أيضا في تفسير السبيل هو الزاد والراحلة مع صحة البدن، وأن يكون للانسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه من حجه وغيرهما من بعض الاخبار المرسلة. (وقيل) والقائل المرتضى وابن إدريس وابنا أبي عقيل والجنيد والمتأخرون لا يشترط، بل نسبه غير واحد إلى الاكثر، بل الشهرة عملا بعموم الآية والنصوص لصدق اسمهها بدونه لغة وعرفا وهو الاولى وبذلك ينقطع الاصل ".

(ومجلد ١٨ صفحة ٥٠) " وأفعال القارن وشروطه كالمفرد غير أنه يتميز عنه بسياق الهدي عند احرامه وفاقا للمشهور، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر منصور " الحاج عندنا على ثلاثة أوجه.

حاج متمتع وحاج مفرد للحج وسائق للهدي) والسائق هو القارن، وفي خبره الآخر عن الصادق عليه السلام " لايكون القارن قارنا إلا بسياق الهدي، وعليه طوافان بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد، وليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي ".

وفي خبر معاوية " لايكون قران إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف بعد الحج وهو طواف النساء " إلى أن قال وأما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف الزيارة، وهو طواف النساء، وليس عليه هدي ولا أضحية " وفي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام " إنما نسك الذي يقرن بين الصفا والمروة مثل نسك المفرد وليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت، وصلاة ركعتين خلف المقام، وسعي واحد بين الصفا والمروة، وطواف بالبيت بعد الحج، وقال: أيما رجل قرن بين الحج

٣٣٣

والعمرة فلا يصلح إلا أن يسوق الهدي قد أشعره أو قلده، والاشعار أن يطعن في سنامها بحديد حتى يدميها، وإن لم يسق الهدي فليجعلها متعة " وصحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبدالله عليه السلام " القارن الذي يسوق الهدي عليه طواف بالبيت، وسعي بين الصفا والمروة: وينبغي له أن يشترط مع ربه إن لم تكن حجة فعمرة " إلى غير ذلك من النصوص الظاهرة في اتحاد أفعال القارن والمفرد وعدم الفرق بينهما إلا بسياق الهدي.

خلافا للمحكي عن ابن أبي عقيل من أن القارن معتمر أولا ولا يحل من العمرة حتى يفرغ من الحج، ونزل عليه أخبار حج النبي صلى الله عليه وآله المشتملة على طوافه وصلاة الركعتين وسعيه بين الصفا والمروة حين قدومه مكة وكذا أصحابه ولكن لم يحل هو لانه سائق وأمر غيره ممن لم يسق بالاحلال، وجعلها عمرة " (وصفحة ٥٤) " وأما صحيح الحلبي فقد أطنبوا فيه فحمله الشيخ على إرادة اشتراط إن لم يكن حجة فعمرة من القران مستشهدا عليه بصحيح الفضيل السابق وغيره على غير ذلك، ولكن أحسن مايقال فيه أن " بين " الاولى فيه متعلقه ب‍ " نسك " فيكون المعنى أن الذي يقرن بحجه نسكه بين الصفا والمروة وغيرهما نسك المفرد لايفضل عليه إلا بسياق الهدي، فيكون حينئذ كالاخبار السابقة عليه، وقوله عليه السلام فيه بعد: " أيما رجل " إلى آخره يراد به إنه لايصلح القران بجمع الحج والعمرة، إذ ليس القران إلا أن يسوق الهدي لا كما يصنعه العامة من القران الذي هو الجمع بينهما بإحرام واحد كما حكاه العلامة في التذكرة عن العامة وعن ابن أبي عقيل منا، بل لعل ذلك من معلومات مذهب الامامية، ومن هنا قيل أن مراد ابن أبي عقيل كغيره ممن سمعت بجمعهما العزم على فعلهما وإن كان الاحرام بالعمرة، وإن كان هو أيضا كما ترى مناف لما سمعته من النصوص الدالة على اختصاص جواز ذلك بالتمتع دون القسمين الاخيرين والله العالم ".

(وصفحة ٩٦) " ولا يجوز القران بين الحج والعمرة بنية واحدة بلا خلاف أجده في غير القران، بل وفيه بناء على ما سمعته سابقا من إمكان تأويل كلام ابن أبي عقيل وغيره بما لايرجع إلى ذلك، إلا أن المشهور هنا عده وابن الجنيد مخالفين في مقابلة المشهور القائلين بالمنع ".

٣٣٤

جواهر الكلام (مجلد ١٨ صفحة ٢٠٧) " (ولو أحرم بالحج والعمرة) لم يقع لهما، لانهما لايقعان بنية واحدة وفي إحرام واحد، بل عن الشيخ في الخلاف الاجماع على عدم جواز القران بينهما بإحرام واحد، ولكن هل هي فاسدة لفساد المنوي وإن كان في أشهر الحج كما قربه الفاضل، أو أنه متى فعل ذلك وكان في أشهر الحج كان مخيرا بين الحج والعمرة إذا لم يتعين عليه أحدهما وإلا كان للمتعين وإن كان في غير أشهر الحج تعين للعمرة المفردة كما عن الخلاف والمبسوط، بل في كشف اللثام هو قوي على ما ذكرناه، فإنهما إذا لم يدخلا في حقيقة الاحرام فكأنه نوى أن يحرم ليوقع بعد ذلك النسكين، وليس فيه شئ وإن عزم على إيقاعهما في هذا الاحرام وإن لم يكن في أشهر الحج. وفيه ما لايخفى بعد الاحاطة بما ذكرناه، بل لاينبغي التأمل في البطلان مع فرض ملاحظة المعية التي لا أمر بها.

ومن هنا قال المصنف: لو قيل بالبطلان في الاول ولزوم تجديد النية كان أشبه بأصول المذهب وقواعده، إلا أن ظاهره الصحة في الثاني، ولعله لان الحج لما لم يمكن في غيرها لم يكن التعرض له إلا لغوا محضا بل خطأ، وفيه أن اللغوية أو الخطائية لاتنافي حصول البطلان باعتبار عدم الاتيان بالمأمور به على وجهه، اللهم إلا أن يفرض ملاحظة امتثال أمر كل منهما من غير ملاحظة الاجتماع، فيتجه الصحة في الثاني باعتبار عدم منافاة الضم لصحة المضموم إليه، بخلاف الاول الفاقد للتعيين باعتبار صلاحية الوقت لكل منهما، هذا، وفي المسالك نسبة القول بالصحة في الاول إلى ابن أبي عقيل وجماعة تبعا للكركي، وفيه أن ابن أبي عقيل وإن قال بصحة الاحرام بالحج والعمرة في نية واحدة بشرط سياق الهدي لكن لا يقول بالتخيير، بل يقول بوجوب العمرة أولا ثم الحج، وانه لايحل من العمرة بعد الاتيان بأفعالها وإنما يحل بعد الاتيان بأفعال الحج.

(وصفحة ٢٧٦) " وعن ابن إبي عقيل وحد بيوت مكة عقبة المدنيين والابطح ".

٣٣٥

الفصل بين العمرتين

كشف الرموز (مجلد ١ صفحة ٣٨٨) " وقال في الجمل: وأقل مايكون بين العمرتين عشرة أيام.

وهو في رواية يونس عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن عليه السلام (في حديث) قال " ولكل شهر عمرة، فقلت: يكون أقل؟ قال: يكون لكل (في كل خ) عشرة أيام عمرة "، (الحديث).

ذكره الشيخ في الكتابين، وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه.

والقول الثالث لابن أبي عقيل العماني، تمسكا بما رواه ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " العمرة في كل سنة مرة ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٣١٩) " وقال ابن أبي عقيل: لايجوز عمرتان في عام واحد، قد تأول بعض الشيعة هذا الخبر على معنى الخصوص، فزعمت أنها في المتمتع خاصة، فأما غيره فله أن يعتمر في أي الشهور شاء وكم شاء من العمرة، فإن كان ما تأولوه موجودا في التوقيف (التوقيت) عن السادة آل الرسول عليهم السلام فمأخوذ به، وإن كان غير ذلك من جهة الاجتهاد والظن فذلك مردود عليهم، وراجع في ذلك كله إلى ما قاله الائمة عليهم السلام.

وقال ابن البراج: يستحب أن يعتمر في كل عشر، أو في كل عشرة أيام، وقال أبوالصلاح: وكل منهم (كذا) مرغب بعد تأدية الواجب عليه إلى الاعتماد في كل شهر مرة، أو في كل سنة مرة.

(وصفحة ٣٢٠) " وابن أبي عقيل لما وصف العمرة المفردة قال: فإذا طاف بالبيت وصلى خلف الامام وسعى بين الصفا والمروة قصر، أو حلق، وإن شاء خرج، وإن شاء أقام، ولم يذكر طواف النساء ".

الدروس (صفحة ٩٣) " ويجوز الاتباع بين العمرتين إذا مضى عشرة أيام، لرواية ابن أبي حمزة، وأصح الروايات اعتبار شهر، واعتبر الحسن سنة.

وجوزه المرتضى، وابن إدريس بغير حد لقول النبي صلى الله عليه وآله " العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما".

٣٣٦

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ٧ صفحة ٣٩٦) " قال في المختلف: أجمعت الامامية على جواز العمرة في كل شهر، إلا من ابن أبي عقيل فيجب المصير إليه أخذا بالمتيقن فتأمل فيه ".

الحدائق الناضرة (مجلد ١٦ صفحة ٣١٩ ٣٣٢) " ورابعها ماذهب إليه ابن أبي عقيل من تحريمها في أقل من سنة، قال " لا يجوز عمرتان في عام واحد "، وقد تأول بعض الشيعة هذا الخبر على معنى الخصوص، فزعم أنها في المتمتع خاصة، فأما غيره فله أن يعتمر في أي الشهور شاء، وكم شاء من العمرة.فان يكن ما تأولوه موجودا في التوقيت عن لسان الرسول الله صلى الله عليه وآله فمأخوذ به، وإن كان غير ذلك من جهة الاجتهاد والظن فذلك مردود عليهم وراجع في ذلك كله إلى ما قالته الائمة عليهم السلام. انتهى.

أقول " والذي وقفت عليه من الاخبار المتعلقة بهذه المسألة مارواه في الكافي في الصحيح عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبدالله عليه السلام قال " في كتاب علي عليه السلام: في كل شهر عمرة ".

وعن يونس بن يعقوب في الموثق قال " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول " إن عليا عليه السلام كان يقول " في كل شهر عمرة ".

وعن علي بن ابي حمزة قال " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة أو المرتين أو الاربع، كيف يصنع؟

قال " إذا دخل فليدخل ملبيا وإذا خرج محلا ".

قال " ولكل شهر عمرة ".

فقلت يكون اقل؟

فقال " في كل عشرة أيام عمرة.

ثم قال وحقك لقد كان في عامي هذه السنة ست عمر ".

قلت ولم ذاك؟

قال " كنت مع محمد بن إبراهيم بالطائف. فكان كلما دخل دخلت معه "...

وعلى كل تقدير فالعمل على هذه الروايات الكثيرة أظهر.

وأما مادل على مذهب ابن أبي عقيل من صحاح الحلبي وحريز وزرارة فقد حملها الشيخ ومن تبعه من الاصحاب على عمرة التمتع.

وهو في مقام الجمع غير بعيد، واحتمل المحدث المتقدم ذكره حملها على التقية مستندا إلى الاخبار الدالة على الشهر، وانه مذهب علي عليه السلام وما رواه الصدوق عن ابن بكير عن زرارة قال " سمعت أبا جعفر عليه

٣٣٧

السلام يقول " من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره، إلا من اعتمر في عامه ذلك أو ساق الهدي وأشعره وقلده "...

وقال " وكره العمرة في السنة مرتين الحسن البصري وابن سيرين ومالك والنخعي والمنقول عنهم كما ترى القول بالكراهة والروايات دالة على التحريم ".

وبه قال ابن أبي عقيل. فلا يتم ماذكره من الحمل على التقية. وكيف كان فالاظهر هو ما دلت عليه جملة روايات الشهر.

وأما ماذهب إليه المرتضى وابن إدريس ومن تبعهما فالظاهر أنه ضعيف أما ما استند إليه المرتضى فخبر عامي كما نقله في المنتهى...

عن ابن أبي عقيل انه قال في وصف العمرة المفردة: فإذا طاف بالبيت وصلى خلف المقام وسعى بين الصفا، قصر أو حلق، وإن شاء خرج وإن شاء أقام.

ولم يذكر طواف النساء، وظاهره موافق لما تقدم نقله عن الجعفي والصدوق من أنه ليس في العمرة المبتولة طواف النساء. وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثانية ".

٣٣٨

جملة من أحكام الاحرام

السرائر (مجلد ١ صفحة ٥٢٦) " قال محمد بن إدريس رحمه الله: والاظهر الذي يقتضيه الادلة، وأصول مذهبنا أن الاحرام لاينعقد إلا من الميقات، سواء كان منذورا أو غيره، ولا يصح النذر بذلك أيضا، لانه خلاف المشروع، ولو انعقد بالنذر، كان ضرب المواقيت لغوا، والذي اخترناه، يذهب إليه السيد المرتضى رحمه الله، وابن أبي عقيل، من أصحابنا، وشيخنا أبوجعفر، في مسائل خلافه ".

منتهى المطلب (مجلد ٢ صفحة ٦٦٩) " وعن أبي بصير قال " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لو أن عبدا أنعم الله عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية، فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم "، احتج ابن إدريس بأن الادلة وأصول المذهب يقتضي أن الاحرام لاينعقد إلا من الميقات، سواء كان منذروا أو لم يكن، ولا يصح النذر بذلك لانه خلاف الشرع، ولو انعقد النذر كان ضرب المواقيت لغوا، ثم ينقل هذا المنع عن السيد المرتضى، وابن أبي عقيل والشيخ في الخلاف، والجواب: المنع من كون الادلة يقتضي عدم الانعقاد قبل الميقات مع النذر، وقوله لو انعقد النذر كان ضرب المواقيت لغوا ملازمة غير مسلمة، إذ الفايدة غير منحصرة في ذلك، بل ههنا فوايد أخرى، منها مع تجاوزها من غير إحرام (كذا)، ومنها وجوب الاحرام منها لا قبلها لغير الناذر ".

الدروس (صفحة ١٤٣) " الخامس: لو أحرم الرق بغير إذن سيده حلله من غير هدي، وكذا لو أذن له في نسك فأتى بغيره، وإن كان عدولا إلى الادنى، كما لو أذن له في الحج فاعتمر أو في التمتع فقرن على مذهب ابن أبي عقيل، لانه يسقط عنه سعي الحج عنده لتحقق المخالفة مع احتمال المنع ".

٣٣٩

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ٦ صفحة ٢٢٨) " قال في المنتهى: وادعى الشيخ عليه أي على تحريم انشاء إحرام قبل إكمال الاول الاجماع، وقد خالف الجمهور في ذلك، ونقل خلاف ابن أبي عقيل في ذلك أيضا، وقد تقدم دليل المسألة في بيان أفعال أنواع الحج، فإن الاخبار الصحيحة دلت على وجوب الاحلال بالتقصير للمتمتع، ثم الشروع في إحرام الحج ".

مدارك الاحكام (مجلد ٧ صفحة ٢٤٩) " ونقل عن ابن أبي عقيل أنه قال: غسل الاحرام فرض واجب.

وهو ضعيف، وقد تقدم الكلام في ذلك في باب الاغسال المسنونة ".

(وصفحة ٢٦٨) " أجمع العلماء كافة على أن الواجب التلبيات الاربع خاصة وإنما اختلفوا في كيفيتها، فذهب المصنف رحمه الله إلى أن الواجب: لبيك اللهم لبيك، لبيك لاشريك لك لبيك.

وقال المفيد وابنا بابويه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار يضيف جلى ذلك: إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك ".

(وصفحة ٣٤٠ - ٣٥٦) " واختلف كلام الاصحاب في تفسير الفسوق، فقال الشيخ وابنا بابويه والمصنف وجماعة: إنه الكذب.

وخصه ابن البراج بالكذب على الله تعالى وعلى رسوله والائمة عليهم السلام.

وقال المرتضى وابن الجنيد وجمع من الاصحاب: إنه الكذب والسباب.

وقال ابن أبي عقيل " إنه كل لفظ قبيح ".

إختلف الاصحاب في جواز الادهان بغير الادهان الطيبة كالشيرج والسمن والزيت إختيارا، فمنعه الشيخ في النهاية والمبسوط وجمع من الاصحاب، وسوغه المفيد وسلار وابن أبي عقيل وأبو الصلاح، والمعتمد الاول.

الخامس: اختلف الاصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه، فذهب الاكثر إلى الجواز، بل قال في التذكرة " إنه قول علمائنا أجمع ".

ومنعه ابن أبي عقيل وجعل كفارته إطعام مسكين في يده ".

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554