حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه10%

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 554

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه
  • البداية
  • السابق
  • 554 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 170547 / تحميل: 5499
الحجم الحجم الحجم
حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

حياة ابن ابي عقيل العماني وفقهه

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال : هو كما يعمي المطر ويعمي البحر بزبده ، وأراد كثرة الدعاء لها بالاستسقاء.

وقال الأزهري : كأنه لمّا كثر هذا الحرف في كلامهم حذفوا بعض حروفه المعرفة المخاطب به ، وهذا كقولهم : لا هُمَّ ، وتمام الكلام (اللهُمَّ) ، وكقولك : لَهِنَّكَ ، والأصلُ (للهِ إنَّك)(١) .

وكيف كان فالمقصود أنَّ من عادات العرب أنهم يقولون عند التحيَّة في الغداة : عم صباحاً.

وفي المساء : عم مساءً ، أي : انعم صباحك ومساءك ، من النعومة.

قال امرؤ القيس بن حجر الكندي :

ألا عِمْ صباحاً أیُّها الطَّللُ البالي

وهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ في العُصُرِ الخالي

وقال في (مجمع البحرين) : (اختلفت الأقاويل في معنى (السلام عليك) فمن قائل : معناه (الدعاء) أي : سَلِمتَ من المكاره.

ومن قائل : معناه (اسم الله عليك) ، أي : أنت في حفظه ، كما يقال : (الله معك) ، وإذا قلت : (السلام علينا) ، أو (السلام على الأموات) فلا وجه ؛ لكون المراد به الإعلام بالسلامة ، بل الوجه أن يقال : هو دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدنيا ، ومن عذاب الآخرة ، وضعه الشارع موضع التحيَّة والبشري بالسلامة.

ثم إنه اختار لفظ (السلام) وجعله تحيّةً لما فيه من المعاني ، أو لأنه مطابق للسلام الَّذي هو اسم من أسماء الله تيَّمُناً وتبرُّكاً ، وكان يُحيّى به قبل الإسلام ، ويُحيّی بغيره ، بل كان السلام أقل ، وغيره أكثر وأغلب ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا عليه ومنعوا ما سواه من تحايا الجاهلية.

__________________

(١) لسان العرب ١٢ : ٦٤١.

٢٨١

قالرحمه‌الله : وإيراده على صيغة التعريف أزين لفظاً ، وأبلغ معنی) ، انتهى(١) .

ولعمري إن هذا تبدیل بالأحسن ؛ لأن الحياة إن لم تكن مقرونة بالسلامة لي يعتد بها ، بل لعلَّ الموت خير منها.

[أحكام السلام]

إذا عرفت ذلك فهنا فروع :

الأوَّل : قَدْ عرفت أنَّ السلام من السُّنن الخاصة المؤكّدة ، وردّه فرض ؛ لصيغة الأمر الدالّة على الوجوب في آية التحيَّة(٢) ، المراد بها السلام ظاهراً على ما نصّ عليه أهل اللُّغة ، ودلّ عليه العرف.

قال في (القاموس) : (التحيَّة ، هي : السلام )(٣) .

وفي (لسان العرب) : (والتحيَّة : السلام ، وقد حيَّاهُ تحيَّةً )(٤) .

فلو كانت التحيَّة بغير لفظ السلام كقولك : صبّحك الله بالخير ، أو مسّاك الله بالخير ، لم يجب الردّ كما عليه الأكثر ، واختاره الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(٥) ، وذهب غير واحد من الفقهاء إلى وجوب الرد حينئذ ، منهم الفاضل المقدادرحمه‌الله في (کنز العرفان) ، فقد صرّح بأنه : (ليس المراد بحُيِّيتم في الآية : سلام عليکم ، بل كلّ تحيّة وبِرٍّ وإحسان )(٦) .

__________________

(١) مجمع البحرين ٢ : ٤٠٨.

(٢) وردت آية التحية في سورة النساء آية ٨٦ ، وهي : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾.

(٣) القاموس المحیط ٤ : ٣٢٢.

(٤) لسان العرب ١٤ : ٢١٦.

(٥) العروة الوثقی ٣ : ٢٢ مسألة ٢٧.

(٦) كنز العرفان ١ : ٢٢٣.

٢٨٢

واستند في ذلك إلى ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقينعليهما‌السلام أنه قال : «التحيَّة السلام وغيرُه من البرّ » ، انتهى(١) .

وربّما يُرشد إلى ذلك ما رواه في (المناقب) ، قال أنس : «حيّت جارية للحسنعليه‌السلام بطاقة ريحان ، فقال لها : «أنتِ حُرَّة لوجه الله » ، فقلت له في ذلك؟ فقال : «أدَّبنا الله عزَّ وجلَّ فقال : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ ﴾ الآية ، وكان أحسن منها إعتاقها»»(٢) .

وما عن (الخصال) ، فيما علّم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه ، قال : «إذا عطس أحدكم فسمِّتوه ، قولوا : يرحمك الله ، ويقول : يغفر الله لكم ويرحمكم ، قال الله تعالى : ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم ﴾ الآية»(٣) .

وقولهعليه‌السلام : «وحيَّا كما الله من كاتبين»(٤) .

أقول : لا شكّ في إطلاق التحيَّة قبل الإسلام على ما يشمل السلام وغيره من التحيَّات المعروفة عند الجاهلية كما تقدّم تفصيله ، فلمَّا جاء الإسلام اقتصروا من التحايا على السلام ، وتغلّب فيه الاستعمال كما هو الشائع في العرف وعند أهل البيتعليهم‌السلام من حيث لم يستعملوا سواه ، بل في (الكافي) عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : يُكره للرجل أن يقول : حيّاك الله ، ثُمَّ يسكت حَتَّى يتبعها بالسلام »(٥) .

__________________

(١) تفسیر القمي ١ : ١٤٥.

(٢) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٣ : ١٨٣.

(٣) الخصال : ٦٣٣.

(٤) مصباح المتهجد : ٢١٧ ح ٦٩ / ٣٣١ ضمن دعاء يُقرأ بعد الفجر.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٥.

٢٨٣

فلا ريب في أنَّ إطلاق الآية يحمل على ذلك ، فأمّا الروايات المذكورة المتضمِّنة لإطلاق التحيَّة في الآية الشريفة على غير السلام من أنواع البرّ والإحسان ، فعلی تقدیر صحَّتها يمكن أن يكون ذلك من البطون التي أخبروا بهاعليهم‌السلام ، فلا ينافي كون المراد من ظاهرها خاصَّة السلام.

والحاصل : أنَّه لا يجب ردّ غير السلام من أفراد التحيَّة ، كما قاله الأكثر ؛ للأصل وعدم الدليل الدال على الوجوب ، بل ويظهر من بعض الروايات تخصيص الوجوب بالسلام خاصة ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من بدأ بالكلام قبل السلام ، فلا تجيبوه »(١) .

إذ غير السلام من الأفراد داخل تحت عموم الكلام ، والعجب من المعاصر النوريرحمه‌الله في (شرح نجاة العباد) حيث استظهر عدم الإشكال في وجوب الرد في غير الصلاة ، وجعل محلّ الكلام في حال الصلاة ، مع اعترافه بأنَّ كثيراً من المفسِّرين وأهل اللُّغة فسّروا التحيَّة بالسلام(٢) ، وأنه على هذا لا عموم في الآية الكريمة ، هذا كلُّه في غير حال الصلاة ، وأمّا فيها فالأحوط الرد بقصد الدعاء إذا كان ممَّن يستحق الرد ؛ لما ثبت من جواز الدعاء في الصلاة لنفسه ولغيره وبدون ذلك لا يجوز.

الثاني : يجب ردُّ السلام نطقاً ، ولو كان في حال الصلاة ، وهو المجمع ع بین علمائنا كما في (التذكرة)(٣) ؛ ولإطلاق الأمر بالرد المتناول لحال الصلاة وغيرها ؛ ولأن ترك الجواب إهانة ، ولا يجوز إهانة المؤمن.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد ٢ : ٤١٠.

(٣) تذکرة الفقهاء ٣ : ٣٧٦.

٢٨٤

الثالث : الظاهر من الآية المعقبة بناء التعقيب من قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ وجوب الفورية ، وفي (الجواهر) : (أنه ظاهر الأدلة والفتاوی )(١) .

وفي الحدائق : (أن معناه تعجيله بحيث لا يُعدُّ تاركاً له عرفاً ) ، انتهى(٢) .

ولا فرق في ذلك بين سائر الأحوال حَتَّى حال الصلاة ؛ وذلك لإطلاق الآية ، وعليه فالكلام يقع في مقامين :

المقام الأول : لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في غير حال الصلاة وأخلّ بالفورية ، أو ترکه ساهياً ، فهل يجب عليه إتيانه ثانياً ، وإن عصي فثالثاً ، وهكذا فوراً ففوراً ، أو أنه يسقط الوجوب بفوت الوقت ، أو يبقى الوجوب مُوسَّعاً ، فالساقط الفورية دون الوجوب ، اختار الأول الأردبيليرحمه‌الله في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ نظراً منه إلى مقتضى ظاهر الواجبات الفورية في سائر الموارد ، فإنَّها من قبيل تعدُّد المطلوب ، وأنَّه لو كان المسلم حاضراً وجب عليه الرد دائماً ، ولو غاب يجب عليه قصده أينما كان حَتَّى يرد عليه ، بل احتمل الوجوب في نفسه ، ومع عدم إمكان الوصول إلى المسلِّم وعدم سماعه ؛ إذ ذاك يجب مع إمكانه ، فلا يسقط حينئذ أصل الرد ، وفيه أن الكلّية غير مسلَّمة في الواجبات الفورية ، وليس كلّ واجب فوري يتعدد فيه المطلوب ، بل إنَّما هو فيما إذا استفید فوريتها من الأمر ولو بالقرينة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنَّ فوریته مستفادة من الكيفية المأخوذة في ردِّ التحيَّة عُرفاً ، فهي من أوصاف المأمور به وقيوده ، أعني الرد لا الأمر.

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ١٠٤.

(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ٨١.

(٣) مجمع الفائدة ٣ : ١٢٢.

٢٨٥

وبعبارة اُخرى : إنَّ السلام وردَّه من قبيل الخطاب والجواب المرتبط أحدهما بالآخر ربطاً وضعياً ، نظير القبول الملحوظ فيه الفورية ؛ لربطه بالإيجاب ربطاً وضعياً ؛ ولذا لا يُكتفى بإتيانه في ثاني الحال وثالثه عند التخلُّف في أول الحال إلا بإعادة الإيجاب ثانياً ، وعلى هذا فمتى اُخلّ بالفورية العرفية سقط أصلُ الوجوب ، فعدم الوجوب حينئذ في ثاني الحال وثالثه ؛ لعدم صدق الردِّ عرفاً ، نظير ما لو قال المولى : إذا ركب الأمير فخذ ركابه. فكما أن من المعلوم وجوب المبادرة إلى الأخذ بالركاب حال الرکوب ، أيضاً من المعلوم عدم وجوب الأخذ في ثاني الحال وثالثه ، وما ذلك إلا من حيث فوات الكيفية المطلوبة فيه ، فلا يجب التلافي بعد ذلك لا قضاءً ولا أداءً.

بل لنا اختيار عدم وجوب الردِّ في الحال الثاني حَتَّى مع استفادة الفورية من نفس الأمر ، وهو الحق الحقيق الَّذي عليه أهل التحقيق ؛ إذ الظاهر من الصيغة على القول بدلالتها بنفسها على الفور هو الوجوب في أول الوقت ، والظاهر هو الحجّة وهو تكلیف واحد من قبيل المطلق والمقيَّد ، والحقُّ أنَّ المقيَّد ينتفي بانتفاء قيده ، فلا يبقى تكليف في الوقت الثاني مع الشك فيه ، كما هو مقتضی أصل البراءة ، وثبوت وجوب الموقَّت بعد فوات الوقت خلاف التحقيق ؛ لأن الجنس لا بقاء له بعد انتفاء الفصل كما حُقّق في محلّه.

والحقُّ أنَّ القضاء بفرض جديد فالخطاب غير شامل لثاني الحال ، ووجو مالم يشمله الخطاب غير معقول ، هذا كلّه مضافاً إلى السيرة القطعية وهو اختيار

٢٨٦

الشيخ في (الجواهر) ، وسيدنا الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة)(١) ، وممَّا ذكرنا تعرف ما في الوجه الثالث ، بل هو باطل حَتَّى مع البناء على اختلاف کيفيات الفور ، فبعضها على نحو تعدُّد المطلوب ، وبعضها على نحو وحدة المطلوب ؛ إذ مع الشك في دخول واجب فوري في أحد القسمين بخصوصه لم يكن لنا الحكم بإرادة بقائه في الذمَّة لو انتفت الفورية عمداً أو سهواً ؛ لأنَّ الشك حينئذ في التكليف الزائد المدفوع بالأصل ، ولا مجال للتمسُّك بالاستصحاب ، فإنَّه من قبيل الشكّ السَّببي الَّذي يُقدّم فيه الأصل على المسبَّب قطعاً.

المقام الثاني : فيما لو عصى المكلّف بالتراخي العرفي في أثناء الصلاة ، ففي بطلان ذلك وعدمه وجوه :

الأول : البطلان مطلقاً ؛ وستعرف وجه الإطلاق ، وهو اختيار العلّامة في (التحرير) قالرحمه‌الله : (لو ترك المصلّي ردَّ السلام مع تعيينه عليه ، فالوجه بطلان صلاته) ، انتهى(٢) .

وربّما يُستدل له بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضد الخاص ، أو عدم الأمر به كما هو المنقول عن البهائي(٣) ، وضعفهما ظاهر ، أمّا الأول :

فلمنع الاقتضاء أولاً ، وثانياً وإنْ سلّمنا الاقتضاء فيدل عليه من باب المقدِّمة وبالتبعية ، ولو سلَّمنا دلالة النهي على الفساد في العبادات فهو مخصوص بالنهي

__________________

(١) مجمع الفائدة ٣ : ١١٤ وما بعدها ضمن أحكام السلام ، العروة الوثقى ٣ : ١٥ وما بعدها ضمن مبطلات الصلاة.

(٢) تحرير الأحكام ١ : ٢٦٩.

(٣) تعليقة على معالم الأُصول للقزويني ٣ : ٦٥٦.

٢٨٧

الأصلي لا التبعي ، مع أنَّ بطلان الصلاة ببطلان الجزء لا يتمُّ إلا إذا لم يتدارك فتأمَّل ، ومجرد القراءة المحرَّمة أو الذكر المحرَّم بين الصلاة لا دليل على كونه مبطلاً ، مع أنَّ تخصيص الكلام بالذكر والقراءة لا وجه له ؛ إذ قَدْ يضاد الردّ بعض الأكوان والأفعال كما لو سلّم عليه ومرّ مستعجلاً وتوقَّف إيصال جوابه إلى مشي وحركة ولا يمكن إيصاله برفع الصوت ، فإنَّ الأمر بالردّ يقتضي النهي عن الكون لا عن الذكر والقراءة.

وأمّا عن الثاني ؛ فلأن عدم الأمر بالضد لمانع الاستهجان العرفي أو العقلي لا ينافي المحبوبية الواقعية ، فالصلاة في حال الأمر بالردّ محبوبة وإن لم يمكن الشارع الأمر بها ، فيقصد المصلّي التارك للردّ أمثال المحبوبية الواقعية حينئذ ، وهو من المحقّق في محلّه في الأُصول.

هذا ، وربّما يُدَّعی ظهور النصوص في وجوب الرد في الصلاة ، فيكون کسائر ما يجب في الصلاة من الستر والاستفال ونحوهما ، ولا ينافيه وجوبه قبلها ؛ إذ هو فهم عرفي من اللفظ كالمحرم قبل الصلاة لو فرض مجيء نهي به نحو : لا تنظر إلى الأجنبية في الصلاة. وفيه أنه لاشك في ظهور الأدلَّة في إرادة أنَّ الصلاة لا تمنع من وجوب الردّ ، لا أنّه من واجبات الصلاة.

الثاني : وهو الأظهر عام البطلان مطلقاً كما اختاره الشيخ في (الجواهر) ، والسيد الأُستاذ في (العروة) تبعاً (للدروس) و (البيان) و (الذكری) و (الموجز)

٢٨٨

و (جامع المقاصد) و (فوائد الشرائع) و (الإرشاد) و (المسالك)(١) لما عرفت من بطلان الوجهين المزبورين اللَّذينِ يمكن الاستناد إليهما في القول بالبطلان.

الثالث : التفصيل بين ما لو اشتغل بشيء من الواجب في زمان الترك ، فالمتَّجه بطلان الصلاة وعدمه ، فالصحَّة بتقريب أن التعمُّد بالترك موجب لفساد الجزء المستلزم لفساد الكلّ ، إمّا لاقتضاء الأمر بالشيء والنهي عن الضدّ الخاص ، أو لعدم الأمر به ، فيلزم التشريع المفسد للجزء المستلزم لفساد الكلّ ، بحيث لا يجزي بعد إعادته على الوجه الصحيح ، أو لأنه في مثل المفروض من نحو کلام الآدميين في البطلان ، بخلاف ما لو ترك الردَّ وسكت حَتَّى مضى زمان الرد ، ثُمَّ اشتغل بالقراءة فإنَّه لا يبطل ؛ لعدم المقتضي ، وقد عرفت الجواب عمّا عدا الأخير ، وأمّا عنه فهو أنَّ القرآن قرآن بالنظم والأُسلوب ، وحرمة القراءة ـ على فرض تسليمها ـ لا تلحقه بكلام الآدميين مادام قصده الحكاية لكلام الله التي لا تحقق القرآنية بدونها ، إنْ هو إلّا كقراءة المجنب القرآن.

الرابع : يُستحب إفشاء السلام وتأكيده ، وفيه من الفضل حَتَّى قيل أنه مندوب أفضل من ردِّه الواجب ، ويدلُّ عليه مارواه في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «من التواضع أن تسلّم على من لقيت »(٢) .

فإنَّ التواضع المطلوب لا يحصل عرفاً إلّا بالإفشاء ، وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «كان سلمان رحمه‌الله يقول : افشوا سلام الله ؛ فإن سلام الله لا ينال الظالمين »(١) .

__________________

(١) جواهر الكلام ١١ : ٦٨ في حكم رد السلام ، العروة الوثقی ٣ : ١٦ مسألة ١٦ ، الدروس ١ : ١٨٦ ، البيان : ٩٥ ، ذكرى الشيعة ٤ : ٢٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٥٦.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٦ ح ١٢.

٢٨٩

وفي هذا المعنى أخبار كثيرة.

الخامس : المشهور أنه يجب على الراد إسماع المسلّم تحقيقاً أو تقديراً ، واستدل عليه بالتبادر ، وحكم العرف والعادة ، وبما في الكافي عن ابن القدّاح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه لا يقول : سلّمت فلم يردوا عليّ ، ولعلَّه يكون قَدْ سلّم ولم يُسمِعْهُم ، فإذا ردّ أحدكم فليجهر بردِّه ولا يقول المُسَلّم : سلَّمْتُ فلم يَرُدّوا عليَ »(٢) .

ويدلّ بعمومه على المصلّي وغيره ، وقيل : لا يجب الإسماع ، وهو ظاهر المحقِّق في (المعتبر) والأردبيلي في (شرح الإرشاد)(٣) ؛ لصحيحة منصور عن الصادقعليه‌السلام ، وموثَّقة عمّار الدالَّتينِ على إخفاء الرد ، وهما محمولان على التقية(٤) ، وكذلك رواية محمّد بن مسلم(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٤.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٥ ح ٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٦٣ ، مجمع الفائدة ٣ : ١١٩.

(٤) صحيحة منصور : «وبإسناده عن سعد ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إذا سلَّم عليك الرجل وأنت تصلّي ، قال : تردّ عليه خفياً ، كما قال». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٤ / ٣.

موثقة عمار : «وعنه ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمر بن موسی ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن السلام على المصلّي فقال : إذا سلّم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فردّ عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٨ ح ٩٣٠٥ / ٤).

(٥) محمّد بن الحسن بإسناده ، عن احمد بن محمّد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ابن سالم ، عن محمّد بن مسلم قال : «دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو في الصلاة فقلت : السلام عليك. فقال : السلام عليك. فقلت : كيف أصبحت؟ فسكت ، فلمَّا انصرف ، قلت : أيردّ السلام وهو في الصلاة؟ قال : نعم ، مثل ما قيل له». (وسائل الشيعة ٧ : ٢٦٧ ح ٩٣٠٢ / ١).

٢٩٠

السادس : يتحقق السلام من الجماعة بوقوعه من واحد ، ويحصل الامتثال بالرد من واحد ؛ لأنَّهما من الأُمور الكفاية ، ويدل عليه ما رواه في (الكافي) عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إذا سلّم من القوم واحد أجزأ عنهم ، وإذا رد واحد أجزأ عنهم »(١) .

ونحوه رواية ابن أبي بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وصحيحة عبد الرحمن بن الحجَّاج ، ويترتب عليه أنّه لو سلّم على جماعة منهم المصلّي فردّ الجواب غيره لم يجز له الردّ بعد تمام الردّ ، نعم ، يجوز قبله.

السابع : قال الأستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (لو ردّ السلام صبيٌّ مميِّز ففي كفايته إشكال ، والأحوط ردّ المصلّي بقصد القرآن أو الدعاء)(٢) .

أقول : وجه الإشكال والترديد من عموم قوله تعالى : ﴿فَحَيُّوا ﴾ الشامل المثل الصبي المميِّز ، ولاسيَّما إذا كان ابن عشر سنين ؛ ولأن عبادته شرعية كما يظهر من بعض الأخبار ، ومن أنه مندوب ، ولا يسقط الواجب بالمندوب ، والأقوى الكفاية وسقوط الفرض بالنفل الكثير ، وعليه فلو كان المسلِّم على المصلي صبياً مميِّزاً ، فالأقوى وجوب الرد عليه بعنوان ردّ التحيَّة ، وإن أراد الاحتياط فليقصد القرآن أو الدعاء.

الثامن : إذا كان بعض المسلَّم عليهم مصلياً وبعضهم قاعداً ، فهل يجب الردّ على القاعد أو يتساويان؟ الأظهر التساوي وبردِّ أحدهما يسقط عن الآخر ، ولا يسقط بردِّ من لم يكن مقصوداً بالسلام ؛ لعدم صدق الردِّ عليه.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٤٧ ح ٣.

(٢) العروة الوثقی ٣ : ١٩ مسألة ٢١.

٢٩١

التاسع : إذا سلّم واحد على جماعة يكفي جواب واحد إجماعاً ، كما هو الشأن في سقوط جميع الواجبات الكفائية بعد قيام من به الكفاية ، ولا يعتبر في السقوط قصد المجیب الردّ عن الجميع ، نعم ، قيل باستحباب أجوبة متعدِّدة ولو بعد جواب واحد فيما لم يكن في الصلاة ، ولم يكفِ ردُّ من لم يكن داخلاً في الجماعة لما ذكرناه.

العاشر : عكس السابق ، بأن سلّم جماعة على شخص واحد ، فهل يكتفي بجواب واحد بصيغة الجمع عن سلامهم بحيث يقصد منها جواب واحد الجماعة ، كما يكتفي بجواب واحد في المسألة السابقة ، أو يجب تكرار الجواب ورد المُسَلّمين؟

المنقول عن ظاهر المشهور الثاني ، وهو الحقُّ فإن تعدُّد التحيَّة بتعدُّد المسلّمین موجب لتعدُّد الردّ ، فلا معنى لكفاية ردّ واحد ، ولو كان بصيغة الجمع ؛ ضرورةَ عدم تعدُّد الردّ مع وحدة الصيغة ، ولا فرق في ذلك بين كون المسلّم عليه الواحد في الصلاة أو خارجها ، فيجب عليه التكرار في الجواب حَتَّی حال الصلاة بعدد أشخاص المسلّمين ، كما يجب عليه في خارجها ، وصریح بعض الأعلام في أجوية مسائله هو الاكتفاء بردّ واحد لو قصد بردّه الردّ على الجميع ، وكان المشروع بردّه بعد فراغ الجميع من صيغة السلام ، وهو كما ترى ؛ فإنَّ قصد التعدُّد لا يوجب التعدُّد الواقعي ، وهذا الفرع غير مذكور في العروة.

الحادي عشر : إنما يجب ردّ السلام على من علم بكونه مقصوداً بالتحيَّة خصوصاً أو عموماً ، أمّا لو شك فيه لم يجب ، ولو كان في حال الصلاة لا يجوز له ذلك حين بطلت صلاته ، إلّا أن يقصد بردّه القرآن أو الدعاء.

٢٩٢

الثاني عشر : يجب أن يكون الردّ في أثناء الصلاة بمثل ما سلَّمَ، فلو قال (قیل ـ ظ) : سلام عليکم. يجب أن يقول في الجواب : (سلام عليکم) ، بل الأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع ، نعم ، لا يجب المماثلة إذا زاد قوله : ورحمة الله وبركاته ، كما لا تجب في أمير الصلاة أيضاً ، بل الأحوط إسقاط الزيادة المزبورة في حال الصلاة ، ولو اقتصر المسلّم في سلامه بلفظ (سلام) كما هو المتعارف ما بين كثير من العوام والنسوان ـ سواء كان مكلّفاً أو غير مكلّف ـ قيل بعدم وجوب ردّ مثل هذا السلام بغير الصلاة ، فإن التحيَّة التي وجب ردّها في الشرع إنَّما هي التحيَّة الصحيحة ، وأمَّا في أثناء الصلاة فالظاهر عدم جوازه ؛ لكونه موجباً لفساد الصلاة ، نعم ، ربّما فرق كما في (العروة)(١) بين ما لو كان المسلّم شخصاً عالماً عارفاً بقواعد النحو ، وأنَّ قوله : سلام ، متدأ محذوف الخبر وكان المحذوف منويّاً له ، وجب الردّ حينئذ ، وما لو لم يكن كذلك فلا يجب ، وفيه أن الصحَّة والغلط تابعان للّسان العربي ولا مدخلية الاقتصاد فيهما ، بل ولا العلم والجهل ، وحذف الخبر من الكلام يُعد من اللّسان العربي ، ولا فرق فيه بين العالم ، والجاهل ، والشيخ ، وصاحب الجواهر أوجب ردّ السلام الغلط ؛ لصدق التحيَّة به عرفاً ، وهو الأقرب ، هذا والظاهر أن العامَّة لا يوجبون الاتحاد مطلقاً.

قال الفخر الرازي في تفسيره : (المبتدئ يقول : السلام عليك ، والمجيب يقول : وعليکم السلام ، وهذا هو الترتيب الحسن ) ، انتهي(٢) .

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ١٥ وما بعدها.

(٢) تفسير الرازي ١٠ : ٢١٢.

٢٩٣

ومنه ما يُحکی أنَّ جدّي بحر العلوم (طاب ثراه) مذ كان مجاوراً لبيت الله الحرام دخل عليه رجل من أهل مكَّة من أهل السنَّة وسلّم عليه ، فأجابه السيدرحمه‌الله بقوله : سلام عليکم.

ثُمَّ التفترحمه‌الله إلى أن المماثلة بين السلام وجوابه خلاف مذهب الجمهور ، وكانرحمه‌الله يستعمل التقيَّة معهم ، فأخذ في تدارك المطلب بأن قال للوارد : يا شيخ ، لقد تسالمنا ولم يرد أحدُنا جواب سلام صاحبه ، عليکم السلام ، فاعتقد الشيخ أنَّ السيِّد قصد بقوله : سلام عليکم ، التحيَّة للمبتدئ لا جواب التحيَّة ، والجواب إنَّما هو قوله : عليکم السلام.

الثالث عشر : يُشترط في صحَّة جواب التحيَّة صدوره من المجيب بعد فراغ المحيِّي من تمام الصيغة لعدم صدق الردّ قبل ذلك وهو واضح.

الرابع عشر : قال في (العروة) مقتضي بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلّا لضرورة ، ولكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة(١) .

أقول : روى الصدوقرحمه‌الله في الخصال عن الصادقعليه‌السلام ، عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : «لا تسلّموا على اليهود ، ولا على النصارى ، ولا على المجوس ، ولا على عبدة الأوثان ، ولا على موائد شرب الخمر ، ولا على صاحب الشطرنج والنرد ، ولا على المخنَّث ، ولا على الشاعر الذي يقذف المحصنات ، ولا على المصلّي ؛ وذلك لأنَّ المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنَّ التسليم من المسلّم تطوع

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٥ مسألة ٣٢.

٢٩٤

والرد عليه فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الَّذي في الحمّام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه »(١) .

وإنَّما حُمل النهي هنا على الكراهة جمعاً بينه وبين ما مرّ من الأخبار.

وإذا سلّم أهل الملل من الكفَّار ، فقل في الردّ عليهم : عليك ؛ لما رُوي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال : «لا تبدؤوا أهل الكتاب بالتسليم ، وإذا سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(٢) .

وفي حديث آخر : «إذا سلّم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل : عليك »(٣) .

وفي خبر آخر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنهم سلّموا عليه فردّ عليهم بلفظ : «عليك»(٤) .

وفي خبر آخر تقول في الردّ : «سلام »(٥) .

روی هذه الأخبار في الكافي.

الخامس عشر : قال السيِّد الأُستاذ (طاب ثراه) في (العروة) : (المستفاد من بعض الأخبار أنه يُستحب أن يسلّم الراكب على الماشي ، وأصحاب الخيل على أصحاب البغال ، وهم على أصحاب الحمير ، والقائم على الجالس ، والجماعة القليلة على الجماعة الكثيرة ، والصغير على الكبير.

__________________

(١) الخصال : ٤٨٤ ح ٥٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٤٩ ح ٤.

(٤) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ١.

(٥) الكافي ٢ : ٦٤٨ ح ٦.

٢٩٥

قال : ومن المعلوم أنَّ هذا مستحب في مستحب ، وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضاً)(١) .

هذا تمام الكلام في أحكام السَّلام.

رجع

[تتمة شرح الحديث]

[د] ـ «واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه» : أي حيث تواجهه ولا تحوجه في الخطاب والمواجهة إلى الانحراف لما فيه من صعوبة نظره إليك ، وحرمانك من التشرُّف بنظرك إلى وجهه مع أنه عبادة.

[هـ] ـ «ولا تضجر بطول صحبته » : وفيه مبالغة على لزوم الوقوف عند العلماء ، وترك الإلحاح على السؤال من العالم ، بل اللازم انتظار صدور الكلام منه ، فإذا شرع البيان تصغي إليه بقلبك.

[و] ـ والمقصود من قوله : «فإنَّما مثل العالم مثل النخلة » : التمثيل للإيضاح ، بانَّك كما لا تسارع إلى الصعود على النخلة ولا إلى هزّها قبل أوان اقتطاف ثمرتها ، فكذلك ينبغي لك أن لا تحرِّك العالم ولا تضطره إلى كثرة الكلام ، واتباع السؤال بالسؤال.

[ز] ـ «والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم » : إذ لا ريب أنَّ العالم الرباني الهادي للخلق إلى الحقّ أعظم أجراً من الصائم القائم ، فإنَّ الثاني إنَّما يكفُّ نفسه عن المفطرات والملهيات ، وفي ذلك تفع لنفسه دون غيره ، بخلاف الأول فإنه بعلمه ينقذ الناس من الوقوع في الشبهات والاعتقادات الباطلة ، وكذلك المجاهد

__________________

(١) العروة الوثقی ٣ : ٢٦ مسالة ٣٣.

٢٩٦

الغازي في سبيل الله ، فإنه بمجاهدته مع الكفَّار مدافع عن غلبة الكفَّار على أبدان الخلق ، بخلاف العالم ، فإنه بعلمه مدافع لجنود الجهل عن الاستيلاء على قلوب الضعفاء.

[ح] ـ «ثلم في الإسلام» : قال في (مجمع البحرين) : (الثلمة كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره ، والجمع : ثلم كبرم. وعلَّل ذلك بأنَّهم حصون كحصون سور المدينة ، فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه ) ، انتهى(١) .

ويستعمل متعديّاً ولازماً ؛ ولذا عُديّ بـ(في) في الحديث.

[في العالم العامل]

[ ٨٢] ـ قالرحمه‌الله : (فصل ، ويجب على العالم العمل ، كما يجب على غيره ، لكنَّه في حق العالم آكد ، ومن ثُمَّ جعل الله تعالی ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقاب العاصيات منهن ، ضعف ما لغيرهِنَّ ، وليجعل له حظاً وافراً من الطاعات والقربات ، فإنَّها تفيد النفس ملكةً صالحةً واستعداداً تامّاً لقبول الكمالات)(٢) .

[أ] ـ أقول : إعلم أنَّه كلَّما ازداد العبد معرفة بالله تعالی ازداد خضوعاً له وخوفاً منه ، نظير خدم السلطان وحشمه ، فإنَّهم كلما ازدادوا قرباً من السلطان ازداد خطرهم وثقلت تكاليفهم ؛ لزيادة معرفتهم بشؤون السلطنة وعلو العرش الملوكي ، فما ظنُّك بمالك الملوك ووالي مملكة الوجود ، فإذا كان عالماً لا بدَّ له من العلم بأن الله مطَّلع على الضمائر ، عالم بالسرائر ، رقيب على أعمال عباده ، قائم على كل نفس بما كسبت ، وأن سرّ القلب في حقّه مکشوف ، كما أن ظاهر

__________________

(١) مجمع البحرين ١ : ٣٢٢.

(٢) معالم الدين : ١٨.

٢٩٧

البشرة للخلق مكشوف ، بل أشد من ذلك ، قال الله تعالى : ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ(٢) ، وقال : ﴿إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا(٣) ، فهذه المعومات التي هي من خصائص العلماء ، تقهر قلب العالم على مراعاة جانب الله ، وصرف الهمَّة إليه ، واستغراق قلبه بملاحظة ذلك الجلال منكسراً تحت هيبته ، فلا يبقى فيه متسع الالتفات إلى الغير ، فصار همّه همّاً واحداً ولابد من أن يكفيه الله سائر الهموم ، ومن ثُمَّ جعل الله ثواب المطيعات من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقابهن ضعفاً بما أنهن عالمات بالأحكام الشرعية من حيث معاشرتهن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واختصاصهن بصحبته ، وكسبهن الأخلاق الفاضلة من طول مجاورته ، وكان فعل الواجبات وترك المحرمات في حقّهن آكد من الغير ، وكذلك ثوابهن وعقابهن أكثر من الغير ، فإن الثواب والعقاب يتأكَّدان بتأكُّد الوجوب والحرمة ؛ إذ ربّما يخفّف العقاب عن بعض الجهّال لعذر الجهل ، وكذلك يخفف الثواب لوقوعه من العامل مع قلَّة معرفته فاقداً لشرائط الكمال.

[ب] ـ «وليجعل له حظاً وافراً إلخ » : بأن يجدَّ ويجتهد في العبادة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أفضل الناس من عشق العبادة ، فعانقها وأحبها بقلبه ، وباشرها بجسده وتفرغ لها ، فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا ، على عسر أم على يسر »(٣) .

__________________

(١) سورة العلق : آية ١٣.

(٢) سورة النساء : من آية ١.

(٣) الكافي ٢ : ٨٣ ح ٣ وفيه وفي غيره من المصادر الحديثية أن الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلاحظ.

٢٩٨

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام : مذ سأله بعض أصحابه عن طلب الصّيد ، إلى أن قالعليه‌السلام : «وإنَّ المؤمنَ لفي شُغُلٍ عن ذلك ، شغله طلب الآخرة عن طلب الملاهي »(١) .

وعن کميل بن زياد ، قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا کميل ، إنّه لا تخلو من نعمة الله عزَّ وجلَّ عندك وعافيته ، فلا تخلُ من تحميده ، وتمجيده ، وتسبيحه ، وتقديسه ، وشكره ، وذكره على كلّ حال الخبر»(٢) .

وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام في تفسير قول الله عزَّ وجلَّ : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٣) ، قال : «خلقهم للعبادة »(٤) .

وبالجملة : فإن العالم أولى بهذه من غيره وأحرى.

قال علي بن الحسين : «إنَّ أحقَّ الناس بالاجتهاد ، والورع ، والعمل بما عند الله ويرضاه ، الأنبياءُ وأتباعُهم »(٥) .

والمعروف على قدر المعرفة ، والمراد من المعروف كلّ ما عُرف من طاعة الله والتقرُّب إليه ، فلا ينبغي للعالم أن يَنقُصَ معروفُه عن معرفته.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ١ : ١٢١ ح ١٥١ / ٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٧٣ ضمن وصاياهعليه‌السلام .

(٣) سورة الذاريات : آية ٥٦.

(٤) تفسير العياشي ٢ : ١٦٤ ح ٨٢.

(٥) مستدرك الوسائل ١ : ١٢٥ ح ١٦٣ / ٩.

٢٩٩

الحديث السادس عشر

العلماء رجلان

[ ٨٣] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بالإسناد السالف وغيره ، عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمر بن اُذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يحدِّث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال في كلام له : «العلماء رجلان : رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناجٍ ، وعالمٌ تارك لعلمه فهذا هالِكٌ ، وإنَّ أهل النار ليتأذَّون من ريح العالم التارك لعلمه ، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبداً إلى الله ، فاستجاب له وقبل منه ، فأطاع الله، فأدخله الجنَّة وأدخل الداعي النار بترکه علمه ، واتّباعِه الهوي ، وطول الأمل ، أمّا اتّباعُ الهوى فيصدُّ عن الحق ، وطولُ الأملِ يُنسي الآخرة »(١) .

أقول : أمّا رجال السند فقد تقدّم ذكرهم جميعاً ، وأمّا ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ قال صاحب الوافي : (هذا التقسيم للعلماء الَّذينَ علمهم مقصور على ما يتعلق بالعمل ، کالعالم بالشريعة ، وكالعالم بالأخلاق دون الَّذينَ علمُهم مقصود لذاته ، کالعالم بالمبدأ والمعاد ، فإنّه لا يكون غالباً إلا ناجياً ، وإذا وقع منه زلَّة أو ذنب تذکّر لربه وتاب ، وتضرّع إليه وأناب ) ، انتهى(٢) .

[ب] ـ «آخذ بعلمه » : يعني عامل بمقتضاه من تهذيب الظاهر والباطن عن الأعمال القبيحة ، والأخلاق الرذيلة ، وتحليتهما بالأعمال الحسنة ، والأخلاق الفاضلة.

__________________

(١) معالم الدين : ١٨ ، الكافي ١ : ٤٤ ح ١.

(٢) الوافي ١ : ٢٠٣ ح ١٣٧ / ١ باب استعمال العلم.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

، واعلم أن عليك في دينك بتزويجك إياها غضاضة، وكذا ابنه في المقنع، وزاد قوله وتزويج المجوسية حرام، ولكن إذا كان للرجل أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها، ويعزل عنها، ولا يطلب ولدها.

وقال ابن أبي عقيل: أما المشركات فقوله تعالى " وانكحوا المشركات حتى يؤمن " إلا ما استثنى من عفائف أهل الكتاب، فقال " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " ثم في موضع آخر قال الله عزوجل " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " إلى قوله " أولئك يدعون إلى النار " وذكر مشركي أهل الكتاب فقال: الشرك عند آل الرسول الله صلى الله عليه وآله صنفان، صنف أهل الكتاب، وصنف مجوس عبدة أوثان، وأصنام ونيران، فأما الصنف الذي بدأنا بذكره فقد حرم الله تعالى نكاح نسائهم متعة وإعلانا حتى يسلموا، وأما أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى فلا بأس بنكاح نسائهم متعة وإعلانا، ولا يجمع في نكاح الاعلان منهم الاربع، فما دونهن، فإن نكحهن الرجل متعة جمع بين ما شاء منهن، وطلاقهن وأعدادهن كطلاق الحراير المسلمات، واعدادهن سواء، ويجب لهن من القسمة والنفقات مايجب للمسلمات، إلا الميراث وقال في نكاح الاماء: لايحل تزويج أمة كتابية ولا مشتركة بحال، لقوله تعالى " من فتيانكم المؤمنات ".

(وصفحة ٥٣٤) " اختلف علماؤنا في البكر البالغة الرشيدة، هل لها أن يعقد على نفسها من غير ولي، وتزول ولاية الاب والجد عنها، أم لا؟ فالذي اختاره المفيد في أحكام النساء الجواز، وزوال ولاية الاب والجد عنها في النكاح، وبه قال ابن الجنيد، والسيد المرتضى، وسلار.

وقال في المقنعة: المرأة البالغة يعقد على نفسها للنكاح وذوات الآباء من الابكار، ينبغي لهن أن لايعقدن إلا باذن آبائهن، وإن عقد الاب على ابنته البكر البالغ بغير إذنها أخطأ السنة ولم يكن لها خلافه، وإن انكرت عقده ولم ترض به، لم يكن للاب إكراهها على النكاح، ولم يمض العقد مع كراهتها، وإن عقد عليها وهي صغيرة لم يكن لها عند البلوغ خيار، وإن عقدت على نفسها بعد البلوغ بغير إذن أبيها خالف السنة، وبطل العقد إلا أن يجيزه الاب.

وقال الشيخ في النهاية: لايجوز للبكر البالغ أن يعقد على نفسها نكاح الدوام إلا بإذن أبيها، فإن

٤٤١

عقدت على نفسها بغير إذن أبيها كان العقد موقوفا على رضاء الاب، فإن أمضى مضى، وإن لم يمضه وفسخ كان مفسوخا، ولو عقد الاب عليها من غير استيذان لها مضى العقد، ولم يكن لها خلافه، وإن أبت التزويج، وأظهر الكراهية لم يلتفت إلى كراهيتها، فجعل عليها الولاية، ولم يسوغ لها التفرد بالعقد، وبه قال ابن أبي عقيل.

(وصفحة ٣٥٣) " مسألة: الجد للاب كالاب في ولاية النكاح، سواء كان الاب حيا أو ميتا، وسواء كانت البكر بالغة رشيدة أو لا، وأثبتنا ولاية الاب عليها، إن كانت صغيرة، وهو الظاهر من كلام المفيد، والسيد المرتضى، وسلار، حيث أطلقوا الولاية للجد من غير اشتراط وجود الاب، وبه قال ابن إدريس، وقال الشيخ في النهاية: أن حياة الاب شرط في ولاية الجد على البكر البالغة، والصغيرة، وموته مسقط لولايته عليهما، وبه قال ابن الجنيد، وأبوالصلاح، وابن البراج، والصدوق، وأما ابن أبي عقيل فإنه قال: الولي الذي هوأولى بنكاحهن، هو الاب دون غيره من الاولياء، ولم يذكر للجد ولاية.

" مسألة: المشهور عند علمائنا أنه لاشترط في العقد الولي، ولا الشهود، وقال ابن أبي عقيل نكاح الاعلان نكاح الدايم، لا شرط فيه ولا أجل، ولايجوز إلا بولي مرشد، وشاهدي عدل، وإنما وضعت الشهد في نكاح الاعلان لعلة الميراث، وإيجاب القسم، والنفقات، وهذا لم يلزم الاشهاد في نكاح المتعة، لعدم هذه الخصال بينهما.

" مسألة: المشهور إن عقد النكاح قد يقع موقوفا على الاجازة، كعقد الفضولي في البيع، فلو عقد غير من له الولاية وقف على إجازة مالك الولاية، فإن أجازه مضى، وإن فسخه كان مفسوخا، واختاره السيد المرتضى نقلا مطلقا، ونص المفيد على أن الصغيرة لو زوجها غير أبيها، وجدها لابيها كان العقد موقوفا على رضاها بعد البلوغ، فإذا بلغت فرضيت به وأجازت ثبت، وإن أبته بطل، وكذا قال الشيخ في النهاية، وقال فيها أيضا: لو زوجت البكر البالغ نفسها بغير إذن

٤٤٢

أبيها، كان العقد موقوفا على رضاء الاب، فإن أمضاه مضى، وإن لم يمضه وفسخ كان مفسوخا، فجعل عقد النكاح موقوفا.

وكذا قال ابن أبي عقيل: والصغيرة إن زوجها غير الاب من ساير أوليائها دون البلوغ، فبلغت وأبت فالنكاح باطل، وإن رضيت فالنكاح جايز.

(وصفحة ٥٣٧) " قال ابن أبي عقيل: ولو أن رجلا استأمر أختا له بكرا، في تزويجها برجل سماه لها، فسكتت كان ذلك إذنا له في التزويج، وإقرار منها، فإن زوجها الاخ ثم أنكرت لم يكن لها ذلك، ولزمها النكاح بالسكوت.

(وصفحة ٥٦٤) " قال ابن أبي عقيل: لو نكح متعة إلى أيام مسماه فإن أراد أن ينكحها نكاح الدايم قبل أن تنقضي أيامه منها لم يجز ذلك، لانها لم تملك نفسها وهو أملك بها منها مالم تنقضي أيامها، فشاء‌ت المرأة أن تنكحه من ساعته جاز.

ولو وهب لها أيامه ثم نكحها نكاح إعلان جاز ذلك وهو يعضد قول ابن حمزة لانه قيد بالاعلان.

(وصفحة ٥٦٥) " وقال ابن أبي عقيل: لايحل للحر المسلم عند آل الرسول صلى الله عليه وآله أن يتزوج الامة متعة، ولا نكاح إعلان إلا عند الضرورة، وهو إذا لم يجد مهر حرة وضرت به العزبة، وخاف على نفسه منها الفجور، فإذا كان كذلك حل له نكاح الامة، وإذا كان يجد السبيل إلى تزوج الحرة، ولم يخش على نفسه الزنا يحرم أن يتزوج الامة متعة ولا إعلانا، فإن تزوجها على هذه الحالة، فالنكاح باطل، قال الله تعالى " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات " يعني الحراير " فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " يعني الاماء، ثم قال " ذلك لمن خشي العنت منكم " والعنت الزنا، فأحل تزويج الاماء لمن لايجد طولا أن ينكح الحراير، وحرم نكاحهن على واجدي الطول.

وقد أجاز قوم من العامة تزويج الاماء في حال الضرورة، لو أجدى الطول، ولغير واجدي الطول، وكفى بكتاب الله عزوجل ردا عليهم دون ما سواه ".

٤٤٣

(وصفحة ٥٥٦) " مسألة: إذا اختلفا في الاصابة، فادعاها وانكرت وكانت ثيبا، قال الشيخ في النهاية: كان القول قول الرجل مع يمينه.

وقد روي انها تؤمر بأن تحشو قبلها خلوقا، ثم يأمر الحاكم الرجل بوطيها فإن وطيها فخرج وعلى ذكره أثر الخلوق صدق وكذبت، وإن لم يكن الاثر موجودا صدقت وكذب الرجل، وكذا قال ابن البراج، وهو قول ابن أبي عقيل إلا أنه لم يذكر الرواية.

(وصفحة ٥٦٨) " مسألة: المشهور إباحة الامتين بالعقد للحر، وقال ابن الجنيد: ولا يتزوج أكثر من أمة واحدة، وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، وحجته زوال خوف العنت بها، فالزايد حرام، لفقدان الشرط فقد سبق البحث في ذلك ".

مسالك الافهام (مجلد ١ صفحة ٣٤٤) " قوله والاشهاد والاعلان المشهور بين أصحابنا أن الاشهاد في نكاح الغبطة سنة مؤكدة، وليس بشرط في صحة العقد، وهو مذهب جماعة من علماء العامة، لاصالة عدم الوجوب والاشتراط، وعدم دليل صالح عليه، ولقول الباقر والصادق عليهما السلام " لابأس بالتزويج بغير شهود فيما بينه وبين الله تعالى، وإنما جعل الشهود في تزويج السنة من أجل الولد، ومن أجل المواريث "، وذهب ابن أبي عقيل منا، وجماعة من العامة، إلى اشتراط الاشهاد فيه، فلا ينعقد بدونه.

لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله بطرق متعددة يدل على نفي النكاح بدون الشاهدين.

(وصفحة ٣٥٥) " وقد تقدم مايدل على عدم اشتراط الاشهاد وان ابن أبي عقيل منا خالف فيه استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع امكان حملها على الاستحباب جمعا.

(وصفحة ٣٥٧) " الكلام في ولاية الجد في موضعين، أحدهما في أصل ثبوتها، وهو المشهور بين الاصحاب، بل ادعى عليه في التذكرة الاجماع، وخالف في ذلك ابن أبي عقيل

٤٤٤

فقال: الولي الذي هو أولى بنكاحهن هو الاب دون غيره من الاولياء، ولم يذكر للجد ولاية، والثاني في مرتبته، والمشهور أنه لايشترط في ولايته حياة الاب، ولا موته، بل يثبت له الولاية مطلقا.

(وصفحة ٣٥٨) " وهل يثبت ولايتهما على البكر الرشيدة فيها روايات اظهرها سقوط الولاية عنهما وثبوت الولاية لنفسها في الدائم والمنقطع ولو زوجها احدهما لم يمض عقدها إلا برضاها ومن الاصحاب من اذن لها في الدائم دون المنقطع ومنهم من عكس ومنهم من اسقط امرها معهما فيه وفيه روايات اخرى دالة على شركتها في الولاية الخ.

هذه المسألة من المهمات والفتوى فيها من المشكلات بسبب اختلاف الروايات وقد اضطربت لذلك اقوال الاصحاب فيها وتحرير القول في ذلك: أن الانثى إن كانت صغيرة، أو غير رشيدة، فلا خلاف بين أصحابنا في ثبوت الولاية عليها، وإن كانت ثيبا رشيدة فلا خلاف بين أصحابنا في سقوط الولاية عنها، إلا ما نقل عن الحسن بن أبي عقيل من بقاء الولاية وهو شاذ.

" وإنما الخلاف في استمرار الولاية عليها بالنسبة، إلى نكاح خاصة، وجملة ما ذكره المصنف من الاقوال في ذلك خمسة: الاول: وهو الذي، اختاره جميع المتاخرين، وقبلهم جماعة من القدماء، منهم الشيخ في التبيان، والمرتضى، وابن الجنيد، والمفيد في كتاب أحكام النساء، وسلار، وابن إدريس، سقوط الولاية عنها رأسا، وثبوتها لها مطلقا، الثاني: استمرار الولاية عليها مطلقا، وهو قول الشيخ في النهاية، والصدوق، وجماعة.

الثالث: التشريك بينها وبين الولي، وهو قول أبي الصلاح، والمفيد في المقنعة على اضطراب في عبارته.

الرابع: استمرار الولاية عليها في الدائم دون المتعة، وهو قول الشيخ في كتابي الحديث.

الخامس: عكسه، وهو مجهول القائل، وسئل المصنف حيث نقله هنا قولا عن قائله فلم يجب.

وزاد بعضهم قولا سادسا، وهو أن التشريك في الولاية يكون بين المرأة وأبيها خاصة، دون غيره من الاولياء، ونسبه إلى المفيد.

حجة الاولين أمور: الاول: الآيات الدالة على إضافة النكاح إلى النساء، من غير

٤٤٥

تفصيل، كقوله تعالى " حتى تنكح زوجا غيره، ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " وقوله تعالى " فلا جناح عليهن فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف " وهو مفيد للعموم الشامل لغير المدخول بها، الثاني الروايات فمنها مارواه ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله " الايم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها " والمراد بالايم من لا زوج لها، قال الجوهري الايامي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء، وامرأة أيم بكرا كانت أو ثيبا، والدلالة في الرواية من صدرها وعجزها، وإعادة ذكر البكر مع دخولها في الايم، للتنبيه على اختصاصها بكون سكوتها كافيا عن الجواب اللفظي، ومنها مارواه ابن عباس أيضا من " أن جارية بكرا جاء‌ت إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت إن أبي زوجني من ابن أخ له ليرفع به حسنة وأنا له كارهة فقال صلى الله عليه وآله لها أجيزي ماصنع أبوك فقالت لا رغبة لي فيما صنع أبي، قال فاذهبي فانكحي من شئت، فقالت لا رغبة لي في غير ماصنع أبي ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس للآباء في أمور بناتهم شئ " وهذه الرواية أوضح مافي هذا الباب دلالة لو صح سندها، لانها يفيد استقلالها بالولاية، بخلاف الاولى فإنها لاينفي القول بالتشريك.

" ومنها حسنة الفضلاء الفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وزرارة وبريد عن الباقر عليه السلام قال " المرأة التي ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها، إن تزوجها بغير ولي جايز.

ومنها صحيحة منصور بن حازم عن الباقر عليه السلام قال " تستأمر البكر، ولا ينكح إلا بأمرها ".

ومنها رواية زرارة عن الباقر عليه السلام قال " إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري، وتعتق وتشهد، وتعطي من مالها ما شاء‌ت، فإن أمرها جايز، تزوج إن شاء‌ت بغير إذن وليها، وإن لم تكن كذلك فلايجوز تزويجها إلا بأمر وليها " ومنها رواية أبي مريم عن أبي عبدالله عليه السلام قال " الجارية البكر التي لها الاب لاتتزوج إلا بإذن أبيها، وقال إذا كانت مالكة لامرها تزوجت من شاء‌ت " والدلالة من آخر الحديث، ويحمل أوله على غير المالكة، أو غير البالغة الرشيدة، ليلتئم أول الكلام، وآخره.

ومنها رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السلام قال " تتزوج المرأة من شاء‌ت، إذا كانت مالكة لامرها، فإن

٤٤٦

شاء‌ت جعلت وليا ".

ومنها رواية سعد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال " لا بأس بتزويج البكر، إذا رضيت من غير إذن وليها " الثالث: الاجماع وقد ادعاه المرتضى على هذا القول، والاجماع المنقول بخبر الواحد حجة، كما قرر في الاصول، فكيف بمثل المرتضى.

الرابع أصالة عدم اشتراط إذن الولي في صحة العقد، مؤيدا بأن البلوغ والرشد مناط التصرف، فتخصيص بعض التصرفات دون بعض تحكم، ومن المعلوم أن ولاية المال قد زالت، فتزول ولاية النكاح، والاولى محل وفاق، والملازمة يظهر باشتراط الولايتين بالبلوغ والرشد، وهذا غاية ماتقرر في تصحيح القول الاول.

والاعتراض أما على الاول من وجوه: فيمنع دلالته على موضع النزاع، فإن النساء المحدث عنه بإضافة النكاح عليهن هن المطلقات للعدة، وبعضهن من المطلقات ثلاثا، وذلك يستلزم الدخول بهن، والنزاع في البكر، وإنما تصلح هذه الآيات حجة على المخالف الذاهب إلى أن المرأة مطلقا ليس لها التزويج بغير الولي، لا علي من أسقط الولاية عن الثيب، ويمكن الاعتذار بإمكان فرض طلاق العدة مع بقاء البكارة، بأن يكون قد وطئ في الدبر، ومعه يمكن فرض الطلاق ثلاثا للعدة مع بقاء البكارة، وهو فرض بعيد، إلا أن العموم يتناول مثله، فيصح الاحتجاج به في الجملة.

وأما الروايات فهي بأسرها مشتركة في عدم صحة السند ما عدا الرابعة، أما الاولتان فعاميتان، وأما الثالثة ففيها مع كونها من الحسن لا من الصحيح، مع قصور الدلالة فإن الحكم فيها على من ملكت نفسها، فإدخال البكر فيها عين المتنازع.

وكذا قوله غير المولى عليها، فإن الخصم يدعي كون البكر مولى عليها، فكيف يستدل بها على زوال الولاية عنها، مع مافي متنها من التهافت، فإن قوله غير السفيهة إن كان هو الخبر عن المبتدأ، وهو المرأة، والمولى عليها معطوف على الخبر، فلا وجه للجمع بين الخبر وما عطف عليه، لان السفيهة داخلة في المولى عليها، ومع ذلك فالجملة التي بعدها، وهي قوله إن تزويجها جايز، مرتبط بالجملة الاولى، ومتفرع عليها، فلا وجه لقطعها عنه، وإن كان الخبر عن المبتدأ، هو الجملة الاخيرة، وهي أن تزويجها..

إلى آخره، ويجعل قوله غير السفيهة وما عطف

٤٤٧

عليه بمنزلة الصفة للمرأة المالكة نفسها، ويبقى التقدير المرأة التي ملكت نفسها، الموصوفة بكونها غير سفيهة، ولا مولى عليها يجوز لها التزويج الخ.

يسلم من انقطاع الجملة المقصودة بالذات.

وعلى الاعراب الثاني، يجوز أن يريد بالمالكة نفسها الحرة، ويجعل ملك النفس كناية عنها، وغير السفيهة، والمولى عليها، صفة لها، فكأنه قال: المرأة الحرة التي ليست سفيهة ولا مولى عليها نكاحها جائز الخ.

ويمكن أن يكون فائدة الجمع بين السفيهة والمولى عليها أن الولاية على السفيهة ليست عامة، ومن ثم لايحجر عليها في غير المال، فقد يتوهم منه جواز تزويجها نفسها لذلك، فخصها بالذكر حذرا من توهم خروجها عن المولى عليها، حيث أن الولاية منتفية عنها على بعض الوجوه، وجاء‌ت الجملة الباقية الثانية خبرا عن المبتدأ، مؤكدا بان.

والجملة الاسمية وهذا معنى جيد، يصحح الدلالة ويخرجها عن التهافت، ولو أريد بالمالكة نفسها من ليس عليها ولاية، وجعلت الصفة التي بعدها مؤكدة موضحة للمطلوب أمكن، إلا أن الاول افقد (كذا) ويمكن مع ذلك التخلص من دعوى كون البكر مولى عليها.

وإن الاستدلال بها عين النزاع، بأن يقال أن البكر الرشيدة لما كانت غير مولى عليها في المال صدق سلب الولاية عليها (عنها) في الجملة، فيصدق أن البكر الرشيدة الحرة مالكة نفسها، غير سفيهة، ولا مولى عليها، فيدخل في الحكم، وهو جواز تزويجها الخ.

وهذا حسن أيضا، ولكن يبقى الاستدلال بها موقوفا على أمر آخر، وهو جعل المفرد المعرف مفيدا للعموم، لان المرأة كذلك، والمحقق من الاصوليين على خلافه، ومتى لم تكن عامة لاتدل على المطلوب، لصدق الحكم بامرأة في الجملة موصوفة بذلك، وهو واقع كثيرا.

" وقد أسلفنا عن قريب أن المفرد في هذه المقامات ظاهر في العموم، إذ لولاه لكان الكلام الواقع عن الشارع عاريا عن الفائدة أصلا، إذ لا معنى للحكم بكون إمرأة في الجملة يجوز لها التزويج بغير ولي، فإن ذلك واقع عند جميع المسلمين حتى عند من أثبت الولاية على الثيب، فإنه أسقطها عن المرأة في مواضع.

وبمثل هذا استدلوا على عمومه مثل إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا، ومفتاح الصلاة

٤٤٨

الطهور، وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.

وغير ذلك مما هو كثير، وقد ظهر من جميع ما حققناه أن دلالة هذه الرواية قرينة الامر إلا إنها مشتملة على شبهات كثيرة، لا يقاوم ما سيأتي مما يدل صريحا على ثبوت الولاية من النصوص الصريحة (الصحيحة خ).

وأما الرابعة فهي أوضح سندا، لكن في بلوغها حد الصحة الذي ادعوه عندي نظر، لان في طريقها العباس غير منسوب، إلى أب، وهذا الاسم مشترك بين الثقة والضعيف، وإن كان الاول أكثر.

ويغلب على الظن إرادته وإن كان ذلك غير كاف في الحكم بالصحة لقيام الاحتمال ومع ذلك فهي قاصرة الدلالة على المطلق، فإن استيمار البكر إنما يفيد نفي القول باستقلال الولي لكنه لاينبغي اشتراك الولاية بينهما، وهو أحد الاقوال في المسألة.

وأما رواية زرارة ففي طريقها موسى بن بكير، وهو واقفي ضعيف، وفي دلالتها ماتقدم من أن ملك البكر أمرها عين المتنازع، والتخلص عنه بما قررناه، وبقرينة ذكر التصرفات من البيع والشراء يفيد أن ملك الامر يراد به رفع الحجر عن المال.

والكلام في الرواية السادسة والسابعة كالتي قبلهما متنا وسندا وفي الثانية ضعف السند، وفي الجميع الشك في العموم من حيث أن المحكوم عليه مفرد محلى باللام.

وأما دعوى الاجماع فواقعة في معركة النزاع، فيكفي في فسادها بالنسبة إلى السابقين على المرتضى مخالفة مثل الصدوق، والمفيد، وابن أبي عقيل من أهل الفتوى، وأما أهل الحديث فستعرف أن الصحيح منه دال على خلافه، فكيف ينسب إليهم القول بخلافه.

(وصفحة ٣٥٩) " احتج من اشترط الولي في المرأة مطلقا من العامة ووافقهم ابن أبي عقيل من أصحابنا على ذلك كما وافقهم على اشتراط الاشهاد.

(وصفحة ٣٦١) " الاصح انتفاء ولايتهما عليها للاصل والاخبار الصحيحة كصحيحة عبدالله بن سنان قال سئلت أبا عبدالله عن المرأة الثيب تخطب إلى نفسها " قال نعم هي أملك بنفسها تولي نفسها من شاء‌ت إذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك " وغيرها من الاخبار وهي حجة على ابن أبي عقيل المثبت لولاية الاب عليها استنادا إلى رواية

٤٤٩

عامة عامية ورواياتنا خاصة خاصية وهي مقدمة عند التعارض نعم روى الشيخ عن سعيد بن إسماعيل عن أبيه وهما مجهولان قال سئلت الرضا عليه السلام عن رجل تزوج ببكر أو ثيب لايعلم أبوها إلى قوله قال " لا يكون ذا " وهو مع ضعف السند غير دال على منع الثيب لانه نفي الحكم عن جملة المسئول عنه لا عن حكم الذي من جملته البكر ومع ذلك ليس بصريح في البطلان فيهما ويمكن حمله على الكراهة.

(وصفحة ٣٨١) " وقال ابن أبي عقيل منا وبعض العامة: لاتحرم الامهات إلا بعد الدخول ببناتهن، كالبنات، وجعلوا الدخول المعتبر في الآية متعلقا بالمعطوف والمعطوف عليه جميعا.

ولصحيح جميل بن دراج وحماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام قال " الام والبنت سواء، إذا لم يدخل بها " يعني إذا تزوج المرئة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فإنه إن شاء تزوج أمها وإن شاء ابنتها، وفي معناها أخبار آخر.

(وصفحة ٣٨٢) " وفي حديث علي بن جعفر السابق وقال " تزوج العمة والخالة على ابنة الاخ، وابنة الاخت، ولا تزوج بنت الاخ والاخت على العمة والخالة، إلا برضا منهما، فمن فعل فنكاحه باطل، وفي مقابلة المشهور قولان نادران للاصحاب، أحدهما جواز الجمع مطلقا، ذهب إليه ابن أبي عقيل، وابن الجنيد، على الظاهر من كلاميهما، لا الصريح، ولكن الاصحاب فهموا منهما ذلك.

وعندي في فهمه نظر لانهما أطلقا القول بالجواز، واستدلا بالآية، وهو مذهب الاصحاب ".

شرح اللمعة (مجلد ٥ صفحة ١١٢) " ولا يشترط الشاهدان في النكاح الدائم مطلقا، (ولا الولي في نكاح الرشيدة وإن كان أفضل) على الاشهر، خلافا لابن أبي عقيل حيث اشترطهما فيه، استنادا إلى رواية ضعيفة تصلح سندا للاستحباب، لا للشرطية.

(وصفحة ١٧٧) " (.. لا ابنة المعقود عليها) من غير دخول، فلو فارقها قبل الدخول حل له تزويج

٤٥٠

ابنتها، وهو موضع وفاق، والآية الكريمة صريحة في اشتراط الدخول في التحريم، وأما تحريم الام وإن لم يدخل بالبنت فعليه المعظم، بل كاد يكون إجماعا.

وإطلاق قوله تعالى وأمهات نسائكم " يدل عليه، والوصف بعده بقوله تعالى " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " لا حجة فيه، إما لوجوب عوده إلى الجملة الاخيرة كالاستثناء، أو لتعذر حمله عليهما من جهة إن " من " تكون مع الاولى بيانية، ومع الثانية ابتدائية، والمشترك لا يستعمل في معنييه معا.

وبه مع ذلك نصوص، إلا أنها معارضة بمثلها، ومن ثم ذهب ابن أبي عقيل إلى اشتراط الدخول بالبنت في تحريمها كالعكس.

والمذهب هو الاول ".

الحدائق الناضرة (مجلد ٢٥ صفحة ١١٥) " ونقله في المختلف عن ابن أبي عقيل حيث قال: وقال ابن أبي عقيل لانفقة للمتوفى عنها زوجها سواء كانت حبلى أو غير حبلى، واختاره في المسالك.

والذي وصل إلي من الاخبار في هذا المقام منه مارواه ثقة الاسلام في الصحيح أو الحسن عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في الحبلى المتوفى عنها زوجها " إنها لانفقة لها ".

وعن أبي الصباح الكناني في الحسن عن أبي عبدالله عليه السلام " في المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها هل لها نفقة؟ قال: لا ".

(وصفحة ٤٧٤) " الثالثة: هل يفرق في الزوجة بين الحرة والامة؟ قولان.

فذهب الشيخ في النهاية إلى الفرق بينهما، واختاره ابن البراج في كتابيه ونقله في المختلف عن ابن الجنيد وشيخنا المفيد وابن أبي عقيل من المتقدمين، وهو اختيار العلامة في المختلف وشيخنا في المسالك وسبطه في شرح النافع.

وذهب الشيخ في المبسوط إلى عدم الفرق بينهما فيجب عليهما الحداد معا، واختاره ابن إدريس، وهو ظاهر أبي الصلاح وسلار وابن حمزة، حيث أوجبوا الحداد على المعتدة ولم يفصلوا ".

والاظهر الاول، لما رواه ثقة الاسلام في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال " إن الامة والحرة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة، إلا أن الحرة تحد والامة لا تحد ".

٤٥١

جواهر الكلام (مجلد ٢٩ صفحة ٣٩) " ويستحب أيضا الاشهاد في الدائم، بل لعل تركه مكروه، لقول أبي الحسن عليه السلام في مكاتبة المهلب الدلال " التزويج الدائم لا يكون إلا بولي وشاهدين ".

بل عن أبي عقيل منا وجماعة من العامة وجوب ذلك فيه، وإن ضعف ماذكر دليلا من النصوص المروية من طرق العامة والخاصة، ومن هنا كان المعروف بين الاصحاب خلافه، بل هو من الاقوال الشاذة في هذا الزمان، بل لعله كذلك في السابق أيضا بقرينة ما حكي من الاجماع في الانتصار والناصريات والخلاف والغنية والسرائر والتذكرة على عدم الوجوب، وهو الحجة بعد الاصل والاخبار الكثيرة التي يجب حمل الخبر المزبور في مقابلتها على ما عرفت، بل قول أبي جعفر عليه السلام " إنما جعلت البينة في النكاح من أجل المواريث " يرشد إلى عدم الشرط وأن الامر بذلك للارشاد إلى دفع التهمة وتحقق النسب والميراث.

(وصفحة ١٤٦) وكذا لايشترط عندنا في شئ من الانكحة الدائم والمنقطع والتحليل والملك حضور شاهدين خلافا لما عن العامة ولابن أبي عقيل منا، فاشتراطه في الدائم، لخبر ضعيف موافق للعامة محمول على الاستحباب كما تقدم سابقا، لقصوره عن معارضة ما يقتضي صحة من اطلاق الادلة وغيره من المعتبرة المستفيضة، ولذا حكي الاجماع على خلافه في محكي الانتصار والناصريات والخلاف والغنية والسرائر والتذكرة.

(وصفحة ١٧١) " وما عن ابن أبي عقيل من أن الولي الذي هو أولى بنكاحهن هو الاب دون غيره من الاولياء، لحصر بعض النصوص الولاية فيه مع عدم قدح خلافه في الاجماع، فهو محجوج به، بالنصوص المشتملة على ثبوت الولاية لهما وعلى تقديم الجد عند التعارض المعتضدة بالشهرة والاجماع بقسميه عليه المخصصة بها بعض نصوص الحصر غير صريح في المخالفة، لاحتمال إرادة مايشمل الجد من الاب.

(وصفحة ٢٩٦) " قال حماد بن عثمان: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول " لا رضاع بعد فطام قال

٤٥٢

: قلت: جعلت فداك وما الفطام؟ قال: الحولان اللذان قال الله عز وجل "، وبذلك يعلم المراد من قوله عليه السلام في صحيح البقباق " الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم " لا أن المراد منه اعتبار عدم فطامه قبل الحولين أيضا كما عن الحسن بن أبي عقيل، وإلا كان منافيا لاطلاق الاخبار والفتاوى، بل لم نتحقق خلاف الحسن، لان المحكي عنه اعتبار الفطام ويمكن إرادته سن الفطام، فلا خلاف حينئذ في نشره الحرمة فيهما وإن فطم الصبي.

(وصفحة ٣٩٣) " المسألة الثالثة (قيل) والقائل القديمان والشيخان وابن البراج وغيرهم، بل في كشف اللثام وغيره نسبته إلى أكثر المتقدمين، بل نسبه غير واحد إلى الشهرة، بل عن ابن أبي عقيل نسبته إلى آل الرسول صلوات الله عليهم: انه (لايجوز للحر العقد على الامة إلا بشرطين: عدم الطول، وهو عدم المهر والنفقة، وخوف العنت، وهو المشقة من الترك) لقوله تعالى " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، والله أعلم بايمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب، ذلك لمن خشي العنت منكم، وإن تصبروا خير لكم، والله غفور رحيم " وخبر محمد بن صدقة البصري المروي عن تفسير العياشي قال: سألته عن المتعة أليس هذا بمنزلة الاماء؟ قال " نعم، أما تقرأ قول الله عزوجل ومن لم يستطع " إلى قوله ولا متخذات أخدان؟ فكما لايسع الرجل أن يتزوج الامة وهو يستطيع أن يتزوج الحرة فكذلك لايسع الرجل أن يتمتع بالامة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة " وصحيح ابن مسلم سأل أحدهما عليهما السلام " عن الرجل يتزوج المملوكة، قال لابأس إذا اضطر إليها ".

(وصفحة ٤١٠) " لكن قد يظهر مما في المسالك في المسألة السابقة عدم اعتبار إذن الحرة حينئذ، وفيه أنه مخالف لظاهر الادلة.

نعم يمكن عدم اعتبار إذنها على القولين إذا كانت ليست

٤٥٣

من أهل الاذن لصغر أو جنون، بناء على ظهور اعتبار الاذن في القابلة لذلك، فيبقى غيرها حينئذ على عمومات الحل، مع احتمال العدم، لاطلاق النهي عن نكاح الامة على الحرة، وظهور القابلية إنما هو في المستثنى، فيقتصر عليه في تخصيص المستثنى منه، واحتمال الرجوع إلى إذن الولي لا دليل عليه، إلا إطلاق الولاية الذي لايشمل مثل ذلك قطعا، فلو تجدد لها القابلية بعد النكاح ففي اعتبار إذنها حينئذ في البقاء أو أن لها الخيار في فسخ عقد نفسها خاصة أو مع عقد الامة وجوه، أما الغيبة ونحوها مما يمنع الاستئذان ممن له أهلية الاذن فالظاهر بقاء اعتبار الاذن معها، لاطلاق الادلة.

وعلى كل حال فإن بادر وعقد من دون إذن كان العقد باطلا عند ابني أبي عقيل والجنيد وإدريس والشيخ في محكي التبيان وظاهر المبسوط ".

٤٥٤

في القسم

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٧٩) " مسألة: المشهور أن الامة إذا كانت زوجة كان لها ليلة، وللحرة ليلتان في القسم، وبه قال ابن أبي عقيل.

وظاهر كلام المفيد المنع، فإنه قال وهذا الحكم يعني القسمة في حراير النساء، فأما الاماء وملك اليمين منهن فله أن يقسم عليهن كيف شاء، ويقيم عند كل واحدة منهن ماشاء، وليس عليه للاخرى اعتراض في ذلك بحال، وهذا يوهم أنه لا حق للامة المزوجة في القسم، فإن قصد شيخنا المفيد عدم القسمة صارت المسألة خلافية، وإلا فلا.

(وصفحة ٥٨٠) " مسألة: قال ابن أبي عقيل: ولو أن رجلا له امرأتان، إحداهما مسلمة، والاخرى ذمية، كانت في القسم بهن (بها)، ولو كانت إحداهن متعة والاخرى إعلانا لم يكن للمتعة قسم، ولا نفقة، يأتيها متى شاء.

وقد قيل: إذا كانت له امرأتان متعة وإعلان فله أن يقسم لاحديهن ليلة، وللاخرث ثلاث ليال، لان له أن يتزوج منهن أربعا.

" أما المتعة فالمشهور أنه لا قسمة فيها.

والقايل الذي نقل ابن أبي عقيل عنه ما أظنه أحدا من أصحابنا ".

٤٥٥

في المهر

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٨٦) " عن أبي جعفر عليه السلام: في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات، أو ماتت قبل أن يدخل بها فقال: لها المتعة والميراث، ولا مهر لها (الحديث) فأفتى عليها الشيخ في النهاية، وقال في المبسوط: متى مات أحدهما قبل الفرض فلا مهر، وفي الخلاف: الخلاف في المتعة هل يستحقها؟ قيل: لا، وقيل: نعم، لانها للمطلقة قبل الدخول، ولم يسم لها مهرا، فلها المتعة.

والاول هو اختيار شيخنا والمتأخر وابن أبي عقيل، وبه أقول.

(وصفحة ١٨٧) " قال دام ظله: ولا يستقر بمجرد الخلوة على الاشهر.

أقول: اختلف الروايات في الخلوة المجردة عن الوطئ، هل يستقر بها المهر أم لا؟ روى الاستقرار موسى بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال " إذا تزوج (الرجل خ) المرأة ثم خلى بها، وأغلق (فأغلق خ) عليها بابا، وأرخى سترا ثم طلقها، فقد وجب الصداق، وخلاؤه بها دخول ".

ومثلها روي عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، أن عليا عليه السلام كان يقول " من أغلق (أجاف خ) من الرجال على أهله بابا أو أرخى سترا، فقد وجب عليه الصداق ".

وروى أنه لايستقر يونس بن يعقوب، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال " سمعته يقول: لايوجب المهر إلا الوقاع في الفرج ".

وروى مثله العلاء، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام، متى يجب المهر؟ قال " إذا دخل بها ".

وفي أخرى عن حفص البختري، عن أبي عبدالله عليه السلام، " إذا التقى الختانان، وجب المهر والعدة والغسل ".

وفي رواية أخرى عن يونس عن

٤٥٦

يعقوب، قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام، عن رجل تزوج امرأة، فأدخلت عليه فأغلق الباب وأرخى الستر، ولمس وقبل، ثم طلقها على تلك الحال قال " ليس عليه إلا نصف المهر ".

إذا تقرر هذا، فالاشبه العمل بالروايات الاخيرة، لكونها أشبه بالاصل، وأصح سندا ومطابقة لنص القرآن من قوله تعالى " فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " الآية.

وقد كان ابن أبي عمير يجمع بين الروايات، بأنه متى أرخى الستر، يجب على الحاكم أن يحكم بالظاهر أن المهر كله لازم، ولا يحل لها فيما بينها وبين الله إلا نصف المهر إذا لم يدخل بها، واستحسنه الشيخ في الاستبصار، وأفتى عليه في النهاية، وتردد في الخلاف، واختار أنه لايستقر إلا بالوطئ، وبه يقول المتأخر، وابن أبي عقيل في المتمسك ".

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٤١) " مسألة: المشهور عند علمائنا أن المهر لايتقدر كثرة، ولا قلة، فيجوز العقد على أكثر من مهر السنة أضعافا مضاعفة، ذهب إليه الشيخان، وابن أبي عقيل، والظاهر من كلام الصدوق في المقنع، ونص عليه سلار، وأبو الصلاح، وابن البراج، وابن إدريس.

(وصفحة ٥٤٣) " وقال ابن أبي عقيل: وقد اختلف الاخبار عنهم عليهم السلام في الرجل يطلق المرأة قبل أن يجامعها، وقد دخل بها، وقد مس كل شئ منها، إلا أنه لم يصبها، فروي عنهم في بعض الاخبار أنه إذا أغلق الباب وأرخيت الستور وجب لها المهر كاملا، ووجبت العدة، وفي بعض الاخبار لها نصف المهر، وهذا أولى الخبرين بدلالة الكتاب والسنة، بقولهم، لان الله عزوجل يقول " فإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، وقد فرضتم لهن فريضة فنصف مافرضتم " فأخبر أنه إذا طلقها قبل أن يجامعها، فإن لها نصف المهر، وقد جاء عنهم عليهم السلام ماتحقق هذا في قضائهم في العنين، إن الرجل إذا تزوج المرأة فدخل بها فادعت المرأة أنه لم يصبها وخلا بها، أجله الامام سنة، فإن مضت السنة ولم يصبها فرق بينهما، وأعطيت نصف الصداق، ولا عدة عليها منه، وفي هذا إبطال رواية من روى عنهم عليهم

٤٥٧

السلام أنه إذا أغلق الباب وأرخى الستور وجب المهر كاملا، وهذا العنين قد أغلق الباب وأرخى الستور وأقام معها سنة، لايجب عليه إلا نصف الصداق.

والمسألتان واحدة لافرق بينهما ".

في المتعة

كشف الرموز (مجلد ٢ صفحة ١٥٧) قال دام ظله: لايثبت بالمتعة ميراث.. الخ.

أقول: للاصحاب فيه (ثلاثة خ) أقوال، وقال المرتضى وابن أبي عقيل: لايسقط الارث إلا مع شرط السقوط.

وقال أبوالصلاح: لايثبت بينهما توارث شرط أو لم يشرط، وهو يظهر من كلام ابن بابويه، فإنه قال: لا ميراث بينهما، وعليه المتأخر، وهو أشبه عندي ".

مختلف الشيعة (مجلد ٢ صفحة ٥٤٠) " وقال ابن أبي عقيل: كل امراة كان وليها أولى بنكاحها منها، لم يجز نكاحها متعة إلا بأمر وليها، وكل من كانت أولى بنفسها من وليها، فهي التي تجوز، نكاحها متعة.

(وصفحة ٥٦١) " مسألة: اختلف علماؤنا في التوارث بهذا العقد، فقال ابن أبي عقيل نكاح المتعة أن يتزوج الرجل المرأة بأجر معلوم إلى أجل مسمى، على أن لا ميراث بينهما، ولا نفقة لها، ثم قال بعد كلام طويل: وإذا خلا الرجل بالمرأة فقال لها: أتزوجك متعة، إلى أجل معلوم بكذا من الاجر، ويذكر شرط الميراث (كذا) فإن لم يشترط أن لا ميراث بينهما فمات أحدهما قبل صاحبه، ورثه الآخر وقد روي أن لا ميراث بينهما، اشترطا أو لم يشترطا.

(وصفحة ٥٦٤) " قال ابن أبي عقيل: لو نكح متعة إلى أيام مسماة فإن أراد أن ينكحها نكاح الدايم

٤٥٨

قبل أن تنقضي أيامه منها لم يجز ذلك، لانها لم تملك نفسها وهو أملك بها منها مالم تنقضي أيامها (كذا)، فشاء‌ت المرأة أن تنكحه من ساعته جاز.

ولو وهب لها أيامه ثم نكحها نكاح إعلان جاز ذلك وهو يعضد قول ابن حمزة لانه قيد بالاعلان.

(وصفحة ٥٦٥) " وقال ابن أبي عقيل: لايحل للحر المسلم عند آل الرسول صلى الله عليه وآله أن يتزوج الامة متعة، ولا نكاح إعلان الا عند الضرورة، وهو إذا لم يجد مهر حرة وضرت به العزبة، وخاف على نفسه منها الفجور، فإذا كان كذلك حل له نكاح الامة، وإذا كان يجد السبيل إلى تزوج الحرة، ولم يخش على نفسه الزنا يحرم أن يتزوج الامة متعة ولا إعلانا، فإن تزوجها على هذه الحالة، فالنكاح باطل، قال الله تعالى " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات " (يعني الحراير) " فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " يعني الاماء، ثم قال " ذلك لم خشي العنت منكم " والعنت الزنا، فأحل تزويج الاماء لمن لايجد طولا أن ينكح الحراير، وحرم نكاحهن على واجدي الطول.

وقد أجاز قوم من العامة تزويج الاماء في حال الضرورة، لواجدي الطول، ولغير واجدي الطول، وكفى بكتاب الله عزوجل ردا عليهن دون ما سواه ".

مسالك الافهام (مجلد ١ صفحة ٤٠٥ ٤٠٦) " اختلف العلماء في توارث الزوجين بالعقد المنقطع على أقوال أحدها انه يقتضي التوارث كالدائم حتى لو شرطا سقوطه بطل الشرط كما لو شرط عدمه في الدائم ولا يمنعه إلا موانعه المشهورة ويعبر عنه بان المقتضي للارث هو العقد لا بشرط شئ وهذا قول القاضي ابن البراج ومستنده عموم الآية الدالة على توريث الزوجة وهذه زوجة وإلا لم يحل للحصن في الآية بقوله إلا على ازواجهم أو ماملكت أيمانهم وملك اليمين منتف عنها قطعا فلو لم يثبت الآخر لزم تحريمها ولان الزوجة تقبل التقسيم إليها وإلى الدائمة ومورد التقسيم مشترك بين الاقسام وحينئذ فيدخل في عموم ولكم نصف ماترك أزواجكم ولهن الربع مما تركتم والجمع المضاف للعموم كما سبق ولا يرد منع توريث الذمية والقاتلة فليس بعام المخصوص حجة في الباقي والاخبار الواردة

٤٥٩

بخلاف ذلك مردودة لتعارضها كما ستقف عليه وللطعن في سندها فيسقط وإما لان خبر الواحد لايخصص عموم القران وعليه يترتب حكمها لو شرطا سقوطه فانه كاشتراط عدم إرث الدائم لايصح لانه شرط مخالف لمقتضى العقد والكتاب والسنة ولان كل ما يقتضيه الماهية من حيث هي يستحيل عدمه مع وجودها، لقد كان هذا القول بالسيد المرتضى اشبه وباصوله انسب لكنه عدل عنه لما ظنه من الاجماع على عدمه وثانيها عكسه وهو أن لا توارث فيه من الجانبين سواء شرطا في العقد التوارث وعدمه أو لم يشترطا شيئا منهما وإلى هذا القول ذهب الجماعة منهم أبوالصلاح الحلبي وابن إدريس والعلامة في أحد قوليه وولده فخر الدين والمحقق الشيخ علي ووجههم التمسك بالاصل فان الارث حكم شرعي يتوقف ثبوته على توظيف الشارع ومطلق الزوجية لايقتضي استحقاق الارث فإن من الزوجات من ترث، ومنهم من لا ترث كالذمية، ولما رواه سعيد بن يسار عن الصادق عليه السلام قال: سئلته عن الرجل يتزوج المرأة متعة ولم يشترط الميراث، قال " ليس بينهما ميراث اشترط أو لم يشترط " وهي نص في الباب، وقريب منها رواية جميل بن صالح عن عبدالله بن عمر قال: سئلت أبا عبدالله عليه السلام عن المتعة؟ فقلت ماحدها قال " من حدودها أن لاترثك ولا ترثها " فجعل نفي الميراث من مقتضى الماهية، فوجب أن لايثبت بها توارث مطلقا، أما مع عدم الاشتراط أو مع العدم فواضح، وأما مع اشتراط الارث فلانه شرط ينافيه مقتضى العقد، على مادل عليه الحديث، فوجب أن يكون باطلا ولان الشرط لغير وارث محال، إذ سببية الارث شرعية لا جعلية، ولان الزيادة هنا على نص نسخ لان الله تعالى عين فروض أرباب الفروض بجزء معلق النسبة إلى كل التركة، وكيفية قسمة غيرهم، فلو زاد أو نقص بخبر الواحد، لزم فسخ القرآن بخبر الواحد، وهو غير جايز، وهذا أقصى حجتهم مجتمعة الاطراف، وفيه نظر.

قولهم: الاصل يقتضي عدمه، قلنا: قد ارتفع الاصل بآية إرث الزوجة، وإن كانت داخلة، وبما يأتي من الاخبار إن لم تكن وبأنكم قد أدخلتموها، في عموم الازواج في الاحكام الماضية، إلا ما أخرجه الدليل الخارج.

فتوظيف الشارع حاصل على هذا، قوله: مطلق الزوجية لايقتضي الاستحقاق قلنا: بل يقتضي الاستحقاق، إلا

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554