• البداية
  • السابق
  • 605 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99340 / تحميل: 4091
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 2

مؤلف:
العربية

اَلْأَعْلاَمِ وَ نَيِّرَاتِ اَلْأَحْكَامِ فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ وَ خَازِنُ عِلْمِكَ اَلْمَخْزُونِ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ وَ بَعِيثُكَ بِالْحَقِّ وَ رَسُولُكَ إِلَى اَلْخَلْقِ .

اَللَّهُمَّ اِفْسَحْ لَهُ مَفْسَحاً فِي ظِلِّكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اَللَّهُمَّ وَ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ أَتْمِمْ لَهُ نُورَهُ وَ اِجْزِهِ مِنِ اِبْتِعَاثِكَ لَهُ مَقْبُولَ اَلشَّهَادَةِ وَ مَرْضِيَّ اَلْمَقَالَةِ ذَا مَنْطِقٍ عَدْلٍ وَ خُطَّةٍ فَصْلٍ اَللَّهُمَّ اِجْمَعْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ فِي بَرْدِ اَلْعَيْشِ وَ قَرَارِ اَلنِّعْمَةِ وَ مُنَى اَلشَّهَوَاتِ وَ أَهْوَاءِ اَللَّذَّاتِ وَ رَخَاءِ اَلدَّعَةِ وَ مُنْتَهَى اَلطُّمَأْنِينَةِ وَ تُحَفِ اَلْكَرَامَةِ . من الخطبة ( ١٠٤ ) منها في ذكر النبي صلى اللّه عليه و آله :

حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ وَ أَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ فَهُوَ أَمِينُكَ اَلْمَأْمُونُ وَ شَهِيدُكَ يَوْمَ اَلدِّينِ وَ بَعِيثُكَ نِعْمَةً وَ رَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً .

اَللَّهُمَّ اِقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ وَ اِجْزِهِ مُضَاعَفَاتِ اَلْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اَللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ اَلْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَ أَكْرِمْ لَدَيْكَ مَنْزِلَتَهُ وَ شَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَهُ وَ آتِهِ اَلْوَسِيلَةَ وَ أَعْطِهِ اَلسَّنَاءَ وَ اَلْفَضِيلَةَ وَ اُحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا وَ لاَ نَادِمِينَ وَ لاَ نَاكِبِينَ وَ لاَ نَاكِثِينَ وَ لاَ ضَالِّينَ وَ لاَ مُضِلِّينَ وَ لاَ مَفْتُونِينَ . قال الشريف : « و قد مضى هذا الكلام في ما تقدّم ، إلاّ أنّنا كرّرناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف » .

أقول : نقل الرواية الأولى كتاب ( تنبيه الكبري على أوهام القالي ) راويا له عن الحسن بن حصر عن أبيه عن بعض ولد عليّ عليه السلام عنه عليه السلام ١ ، و كتاب

ـــــــــــــــــ

( ١ ) روى الخطبة أبو علي القالي نفسه بهذا الاسناد في ذيل الأمالي : ١٧٣ ، و الظاهر أنّ نسبته إلى البكري ناقد القالي سهو .

٣٢١

( غريب حديث ابن قتيبة ) نقله عنه ابن أبي الحديد في فصل غريب هذا الكتاب قائلا : إنّ سلامة الكندي قال : كان عليّ عليه السلام يعلّمنا الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ١ . و كتاب ( مناقب ابن الجوزي ) عن الحسن بن عرفة عن سعيد بن عمير عنه عليه السّلام كما نقل ( البحار ) عنه ٢ .

قول المصنّف في الاولى : « و من خطبة له عليه السلام علّم فيها الناس » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ٣ ، و ليست كلمة « الناس » في ( ابن ميثم و الخطّية ) ٤ . و كيف كان ، فقد عرفت أنّ ( غريب ابن قتيبة ) نقل عن سلامة الكندي ، قال : كان علي عليه السلام يعلّمنا الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله هكذا .

« الصلاة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله » قد روي عن النبي نفسه تعليم الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله أيضا ، روى الخطيب في إسماعيل بن زكريا مسندا عنه من الأعمش و مسعر ابن كلام و مالك بن مغول ، كلّهم عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجر عن النبي صلى اللّه عليه و آله في الصلاة عليه : اللّهم صلّ على محمّد و على آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم ، إنّك حميد مجيد . اللّهم بارك على محمّد و على آل محمّد كما باركت على إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ٥ .

و روى في يوسف بن نفس عن عليّ عليه السلام قال : قالوا : يا رسول اللّه كيف نصلّي عليك ؟ قال : قولوا : اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، و بارك على محمّد و على آل محمّد كما باركت على

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٣٦٤ شرح غريب ٩٠٠٠ .

( ٢ ) بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ح ٥ ، و مناقب ابن الجوزي هذا ليس إلاّ تذكرة الخواص ، و الحديث يوجد بعينه في تذكرة الخواص : ١٢٧ .

( ٣ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٥ مثل المصرية أيضا .

( ٤ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥٠ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٥ مثل المصرية أيضا .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦ : ٢١٦ ، و يأتي في العنوان ٣٠ من هذا الفصل تخريج حديث كعب بن عجرة من طرق اخرى .

٣٢٢

آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ١ .

و روى في الحسين بن نصر بأسناده عنه بأسناده عن بريدة الخزاعي ،

قال : قلنا : يا رسول اللّه قد علمنا كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال :

قولوا : اللّهم اجعل صلاتك و رحمتك على محمّد و آل محمّد كما جعلتها على آل إبراهيم إنّك حميد مجيد ٢ .

و روى ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال : و من سرّ آل محمّد عليهم السلام في الصلاة على النبيّ و آله : اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد في الأوّلين ،

و صلّ على محمّد و آل محمّد في الاخرين ، و صلّ على محمّد و آل محمّد في الملأ الأعلى ، و صلّ على محمّد و آل محمّد في المرسلين . اللّهم اعط محمّدا الوسيلة و الشرف و الفضيلة ، و الدرجة الكبيرة . اللّهم إنّي آمنت بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و لم أره ٣ .

قوله عليه السلام : « اللّهم داحي المدحوات » مأخوذ من قوله تعالى : و الأرض بعد ذلك دحاها ٤ ، و في ( النهاية ) في حديث عليّ عليه السلام : اللّهم داحي المدحوّات .

المدحوات : الأرضون ، و روي : المدحيات . يقال : دحى يدحو و يدحي : أي بسط ، و وسّع . و الدحو : رمي اللاّعب بالجوز و الحجر و غيره ، و منه حديث ابن المسيب : سئل عن الدّحو بالحجارة ، فقال : لا بأس به . أي :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١٤ : ٣٠٣ ، و صاحب مسند زيد فيه : ٤٢٩ أيضا ، و فرائد السمطين للجويني ١ : ٢٦ .

ح ٣ ، و ابن عدي و ابن مردويه عنهما الدر المنثور ٥ : ٢١٦ ، ٢١٧ ، و غيرهم عن عليّ عليه السلام .

( ٢ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٨ : ١٤٢ ، و أحمد أيضا في مسنده ٥ : ٣٥٣ ، و ابن منيع في مسنده عنه المطالب العالية ٣ : ٢٢٤ ح ٣٣٢٣ ، و عبد بن حميد و ابن مردويه عنهما الدر المنثور ٥ : ٢١٨ ، عن بريدة الخزاعي ، و في الباب عن أبي سعيد الخدري و أبي حميد الساعدي و أبي مسعود و غيرهم .

( ٣ ) ثواب الأعمال للصدوق : ١٨٧ ح ١ ضمن الحديث

( ٤ ) النازعات : ٣٠ .

٣٢٣

المراماة بها و المسابقة ١ .

و في ( الأساس ) خلق اللّه الأرض مجتمعة ، ثمّ دحاها ، أي : بسطها و مدّها و وسّعها كما يأخذ الخباز الفرزدقة فيدحوها . قال ابن الرومي :

يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر

ثم قال : و باضت النعامة في أدحيّها ، و هو مفرخها ، لأنها تدحوه أي :

تبسطه و توسعه ٢ .

« و داعم » أي : رافع .

« المسموكات » أي : المرتفعات ، و المراد بالمسموكات : السماوات ، كما أنّ المراد بالمدحوّات : الأرضون ، قال تعالى : أأنتم أشدّ خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسوّاها ٣ . و المراد بدعمها : رفعها بقوى هي كالعماد ، قال تعالى : . . . رفع السماوات بغير عمد ترونها . . . ٤ .

« و جابل » أي : خالق . « القلوب على فطرتها » أي : خلقتها .

« شقيّها و سعيدها » و نفس و ما سوّاها فألهمها فجورها و تقواها ٥ .

زاد الحسن بن عرفة في روايته على شقيّها و سعيدها : « و غويّها و رشيدها » ٦ .

« اجعل شرائف صلواتك » أي : عواليها .

« و نوامي بركاتك » أي : متزايداتها ، قال النابغة في المنذر بن المنذر بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ١٠٦ مادة ( دحو ) ، و النقل بالمعنى .

( ٢ ) أساس البلاغة للزمخشري ١٢٧ مادة ( دحو ) .

( ٣ ) النازعات : ٢٧ ٢٨ .

( ٤ ) الرعد : ٢ .

( ٥ ) الشمس : ٧ ٨ .

( ٦ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

٣٢٤

ماء السماء :

إلى صعب المقادة منذريّ

نماه في فروع المجد نام

١ « على محمّد عبدك » سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ٢ ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ٣ .

« و رسولك » و اللّه يعلم إنّك لرسوله ٤ .

« الخاتم لما سبق » من الأنبياء عليهم السلام .

« و الفاتح لما انغلق » من البلايا ، قال تعالى : و يحلّ لهم الطيّبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم ٥ .

« و المعلن الحقّ بالحقّ » زاد في رواية الحسن بن عرفة « الناطق بالصدق » ٦ .

« و الدافع جيشات الأباطيل » التي حصلت من الاجاهلية .

« و الدامغ » دمغ ، أي : شجّ حتّى بلغت الشجّة الدماغ .

« صولات الأضاليل » و في رواية ابن عرفة : « هيشات الأضاليل » ٧ . هاش هيشا ، أي : تحرّك و ماج ، و هو أقرب لفظا ، في الخبر : اختار اللّه تعالى من الأنبياء أربعة للسيف : إبراهيم ، و داود ، و موسى ، و محمّد عليهم السلام .

« كما حمّل » الرسالة .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أساس البلاغة : ٤٧٤ مادة ( نما ) .

( ٢ ) الاسراء : ١ .

( ٣ ) النجم : ١٠ .

( ٤ ) المنافقون : ١ .

( ٥ ) الأعراف : ١٥٧ .

( ٦ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

( ٧ ) انظر بحار الأنوار ٧٧ : ٢٩٧ ، و تذكرة الخواص : ١٢٧ .

٣٢٥

« فاضطلع » أي : قوي على حمله .

« قائما بأمرك » و مجريا له .

« مستوفزا » قال الجوهري : الوفز : العجلة ، و استوفز في قعدته : إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن ١ .

« في مرضاتك » أي : رضاك .

« غير ناكل » أي : غير ممتنع .

« عن قدم » أي : إقدام ، قال الجوهري : مضى قدما ، بعضم الدّال : لم يعرّج ،

و لم ينثن ٢ .

« و لا واه » من : و هي السقاء إذا تخرّق و انشقّ .

« في عزم » و كيف يكون واهيا في عزم و هو أشرف أولي العزم من الرسل ، و طلب منه قريش أن يصرف عن عزمه ، و يملّكوه عليهم ، فقال : لو قدروا أن يجعلوا الشمس في يميني و القمر في يساري ما صرفت عن عزمي .

« واعيا » أي : مستمعا ، و الأصل في الوعي جعل الأذن كالوعاء للمسموع .

« لوحيك » عاملا به .

« حافظا على عهدك » لا كادم عليه السلام ، حيث قال تعالى فيه : و لقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي و لم نجد له عزما ٣ .

« ماضيا على نفاذ أمرك » حتّى قال : أوّل ربا أضعه من ربا الجاهلية ربا عمّي العباس ، و أوّل دم أبطله دم ابن عمّي ربيعة ٤ .

و لمّا استشفع قريش إليه في ترك قطع يد مخزومية سرقت بأسامة

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ٢ : ٨٩٨ مادة ( و فز ) .

( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ٢٠٠٧ مادة ( قدم ) .

( ٣ ) طه : ١١٥ .

( ٤ ) هذه قطعة من خطبة النبي صلى اللّه عليه و آله في حجّة الوداع ، مرّ تخريجه في العنوان ٢٥ من هذا الفصل .

٣٢٦

لكونه حبّه ، قال له : أتشفع في حدّ من حدود اللّه ؟ لا شفاعة في حدّ ١ .

قوله عليه السلام فيهما : « حتّى أورى » من : أوريت الزند : أخرجت ناره .

قوله في الأوّل : « قبس القابس » ، و في الثاني : « قبسا لقابس » في ( النّهاية ) :

القبس : الشعلة من النار ، و القابس : طالب النار ، و منه حديث عليّ عليه السلام : حتّى أورى قبسا لقابس . أي : أظهر نورا من الحقّ لطالبه ٢ .

قوله عليه السلام في الأوّل : « و أضاء الطريق للخابط » في ( النهاية ) : الخابط الّذي يمشي في الليل بلا مصباح فيتحيّر و يضلّ ، و ربما تردّي في بئر ، أو سقط على سبع ٣ .

و في الثاني : « و أنار علما لحابس » قال ابن أبي الحديد : يعني نصب النبيّ صلى اللّه عليه و آله لمن قد حبس ناقته ضلالا ، فهو يخبط لا يدري كيف يهتدي المنهج علما يهتدي به ٤ .

قلت : لم يقل أحد : إنّ معنى الحابس ما قال ، و الصواب : أنّ الحابس بمعنى الراجل الّذي تخلّف عن الركب فتحيّر ، ففي ( النهاية ) في حديث الفتح : أنّه بعث أبا عبيدة على الحبس : هم الرجّالة ، سمّوا بذلك لتحبّسهم عن الركبان ،

و تأخّرهم ، واحدهم حبيس ، فعيل ، بمعنى مفعول ، أو بمعنى فاعل ، كأنّه يروى :

الحبّس ، بتشديد الباء و فتحها ، فان صحّت الرواية ، فلا يكون واحدها إلاّ حابسا كشاهد و شهّد ٥ .

و في الأوّل : « و هديت به القلوب بعد خوضات الفتن » هكذا في ( المصرية ) .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه مسلم بثلاث طرق في صحيحه ٣ : ١٣١٥ ح ٨ ١٠ و غيره ، مرّ تخريجه في العنوان ٢ من هذا الفصل .

( ٢ ) النهاية لابن الأثير ٤ : ٤ مادة ( قبس ) ، و النقل بتقديم و تأخير .

( ٣ ) النهاية لابن الأثير ٢ : ٨ مادة ( خبط ) ، و لكنّه قاله في تفسير كلمة ( خبّاط ) بصيغة المبالغة .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٢٠ .

( ٥ ) النهاية لابن الأثير ١ : ٣٢٩ مادة ( حبس ) .

٣٢٧

و فيها سقط ، ففي ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) : بعد خوضات الفتن و الاثام : « كانوا يئدون البنات ، و كان شغلهم المحاربات و النهبات و الزنا و القمار و شرب المسكرات » .

« و أقام موضحات الأعلام » في كتابة الّذي جاء به من عند اللّه .

« و نيّرات الأحكام » في ما أتى به من السن ، و في باب صيام ثلاثة أيّام ( المقنعة ) روى عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : عرضت عليّ أعمال أمّتي فوجدت في أكثرها خللا و نقصانا ، فجعلت في كلّ فريضة مثليها نافلة ، ليكون من أتى بذلك قد حصلت له الفريضة ، لأنّ اللّه تعالى يستحيي أن يعمل له العبد ، فلا يقبل منه الثلث ، ففرض اللّه تعالى الصلاة في كلّ يوم و ليلة سبع عشرة ركعة ، و سنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله أربعا و ثلاثين ركعة ، و فرض اللّه صيام شهر رمضان في كلّ سنة ،

و سنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صيام ستّين يوما في السنة . . . ١ و مراده من صوم ستّين : صوم شعبان ، و صيام ثلاثة في كلّ عشرة أشهر أخرى .

قوله عليه السلام فيهما : « فهو أمينك المأمون » قال تعالى فيه : و ما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ٢ ، كان صلى اللّه عليه و آله مشتهرا بمحمّد الأمين ، و لمّا تشاحّت قريش في وضع الحجر عند بنائهم البيت ، و كان عبد الدار ، و عدي من قريش ملؤوا جفنة دما و أدخلوا أيديهم في ذلك الدم و تعاقدوا على الموت فسمّوا : لعقة الدم ، و مكثورا أربع ليال على ذلك في التصدّي لوضع الحجر ،

فأصلح بينهم أبو أمية بن المغيرة بحكميّة أوّل داخل ، فكان النبيّ أول داخل ، فلمّا رأوه قالوا : قد رضينا بك يا محمّد الأمين . فأمر بثوب فبسط ، و وضع

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المقنعة للمفيد : ٥٩ .

( ٢ ) النجم : ٣ ٤ .

٣٢٨

الحجر ، ثمّ أمر كلّ فخذ أن يأخذ جانبا ، فرفعوه ، و أخذه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و وضعه ١ .

قوله عليه السّلام في الأوّل : « و خازن علمك المخزون » و عن الصادق عليه السّلام : من مخزون علم اللّه الاتمام في أربعة مواطن : حرم اللّه ، و حرم رسوله ، و حرم أمير المؤمنين عليه السلام ، و حرم الحسين بن علي عليه السلام ٢ .

قوله عليه السلام فيهما : « و شهيدك يوم الدين » أي : يوم القيامة و يوم نبعث في كلّ أمّة شهيدا ٣ ، و جئنا بك على هؤلاء شهيدا ٤ .

و في الأوّل : « و بعيثك بالحقّ » ، و في الثاني : « و بعيثك نعمة » قال الصادق عليه السلام في قوله تعالى : و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ٥ برسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أنقذوا ٦ .

و في الأوّل : « و رسولك إلى الخلق » ، و في الثاني : « و رسولك بالحقّ رحمة » و ما أرسلناك إلاّ كافّة للناس بشيرا و نذير ٧ . و ما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين ٨ .

و في الأوّل : « اللّهم افسح » أي : أوسع .

« له مفسحا في ظلّك » و المراد من ظلّه : لطفه بعباده .

و في الثاني : « اللّهم اقسم له مقسما من عدلك » الّذي لا تضيع أجر عامل لك

ـــــــــــــــــ

( ١ ) سيرة ابن هشام ١ : ١٨٢ ، و الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ٩٤ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٤١ و غيرهم .

( ٢ ) التهذيب للطوسي ٥ : ٣٤٠ ح ١٤٠ ، و الاستبصار ٢ : ٣٣ ح ١ ، و الخصال للصدوق : ٢٥٢ ح ١٢٣ ، و كامل الزيارات لابن قولويه : ٢٤٩ ح ٤ ، ٥ بروايتين .

( ٣ ) النحل : ٨٤ .

( ٤ ) النساء : ٤١ .

( ٥ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٦ ) تفسير العياشي ١ : ١٩٤ ح ١٢٤ ، ١٢٦ بطريقين .

( ٧ ) سبأ : ٢٨ .

( ٨ ) الأنبياء : ١٠٧ .

٣٢٩

و الضحى و الليل إذا سجى ما ودّعك ربّك و ما قلى و للآخرة خير لك من الأولى و لسوف يعطيك ربّك فترضى ١ .

و قوله عليه السّلام فيهما : « و اجزه مضاعفات الخير من فضلك » إنّا أعطيناك الكوثر . فصلّ لربّك و انحر . إنّ شانئك هو الأبتر ٢ .

فيهما : « اللّهمّ أعل على بناء البانين بناءه » هو الّذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون ٣ .

و روى عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّما مثلي و مثل الأنبياء قبلي كرجل بني دارا فأكملها و أحسنها إلاّ موضع لبنة ، فجعل الناس يدخلون و يعجبون بها ،

و يقولون : هلاّ وضعت هذه اللبنة . فأنا اللبنة ، و أنا خاتم النبييّن ٤ .

في الأوّل : « و أكرم لديك منزلته » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : ( منزله ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٥ .

و في الثاني : « و أكرم لديك منزلته » قال الجوهري : النزل : ما يهيّأ للنزيل ٦ .

« و شرّف عندك منزلته » هكذا في ( المصرية ) ٧ ، و الصواب : ( منزله ) ،

و في الدعاء : « وابعثه المقام المحمود » ٨ ، و عنه صلى اللّه عليه و آله : لواء الحمد بيدي » ٩ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الضحى : ١ ٥ .

( ٢ ) الكوثر : ١ ٣ .

( ٣ ) الصف : ٩ .

( ٤ ) صحيح مسلم ٤ : ١٧٩٠ ح ٢٠ ٢٣ ، و سنن الترمذي ٥ : ٥٨٦ ح ٣٦١٣ ، و غيرهما .

( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥١ و شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٦ « منزلته » أيضا .

( ٦ ) صحاح اللغة للجوهري ٥ : ١٨٢٨ مادة ( نزل ) .

( ٧ ) و كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ كما في المصرية .

( ٨ ) نقله في ضمن زيارة ابن طاووس في جمال الأسبوع : ٢٩ بلفظ : « و ابعثه مقاما محمودا » .

( ٩ ) أخرجه الفرات الكوفي في تفسيره : ٢٠٦ ، و الترمذي بطريقين في سننه ٥ : ٥٨٦ ح ٣٦١٣ ، و غيرهما كثيرا لكن في الباب أحاديث قول علي : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله صاحب لواء الحمد ، و حامله علي عليه السّلام . جمع بعض طرقه المجلسي في البحار ٨ : ١ الباب ١٨ .

٣٣٠

يعني : في القيامة .

و في الأوّل : « و أتمم له نوره » الأصل فيه قوله تعالى : يوم لا يخزي اللّه النبيّ و الّذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربّنا أتمم لنا نورنا و اغفر لنا إنّك على كلّ شي‏ء قدير ١ .

« و اجزه من ابتعاثك له » بالرسالة .

« مقبول الشهادة » أي : بجعله مقبول الشهادة .

« و مرضي المقالة » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( مرضيّ المقالة ) بدون واو ، كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ٢ .

« ذا منطق عدل و خطّة فصل » عن غيره ، يقال : هذه خطّة بني فلان ، إذا كانت محدودة ، و المراد : اجعل له امتيازا عن باقي الأنبياء ، عن الكاظم عليه السّلام كان ليهودي دنانير على النبيّ صلى اللّه عليه و آله فتقاضاه ، فقال له : ما عندي ما أعطيك . فقال :

إنّي لا أفارقك حتّى تقضيني . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إذن أجلس معك . فجلس معه حتّى صلّى في ذلك الموضع الظهر و العصر ، و المغرب و العشاء الآخرة ،

و الغداة ، و كان أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه و آله يتهدّدونه و يتوعّدونه ، فنظر اليهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال : ما الّذي تصنعون به ؟ فقالوا : يهودي يحبسك . فقال :

لم يبعثني ربّي بأن أظلم معاهدا و لا غيره . فلمّا علا النهار ، قال اليهودي :

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، و أنّك رسوله ، و شطر مالي في سبيل اللّه ، ما فعلت الّذي فعلت إلاّ لأنظر إلى نعتك في التوراة ، فإنّي قرأت فيها : محمّد بن عبد اللّه مولده بمكّة ، و مهاجره بطيبة ، ليس بفظّ و لا غليظ ، و لا صخّاب ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التحريم : ٨ .

( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٥١ ، لكن في شرح ابن ميثم ٢ : ١٩٦ يوجد الواو أيضا .

٣٣١

و لا متزيّن بالفحش و قول الخنا ١ .

« اللّهم اجمع بيننا و بينه » في الآخرة .

« في برد العيش و قرار النعمة » بلا زوال .

« و منى الشهوات » المنى : جمع المنية .

« و أهواء اللذّات » و فيها ما تشتهيه الأنفس و تلذّ الأعين . . . ٢ .

« و رخاء الدعة » أي : الراحة جنّات عدن يدخلونها يحلّون فيها من أساور من ذهب و لؤلؤا و لباسهم فيها حرير . و قالوا الحمد للّه الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربّنا لغفور شكور . الّذي أحلّنا دار المقامة من فضله لا يمسّنا فيها نصب و لا يمسّنا فيها لغوب ٣ .

« و منتهى الطّمأنينة » بلا اضطراب قلب ، كما يحصل للناس في هذا العالم .

« و تحف الكرامة » منه تعالى للمقرّبين منه ، و عن الرضا عليه السّلام عن آبائه :

قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام : إنّي سألت ربّي فيك خمس خصال فأعطاني ، أمّا أوّلهنّ : فسألت ربّي أن تنشقّ عني الأرض و أنفض التراب عن رأسي و أنت معي ، فأعطاني ، و أمّا الثانية : فسألت ربّي أن يوقفني عند كفّة الميزان و أنت معي ، فأعطاني ، و أمّا الثالثة : فسألت ربّي أن يجعلك حامل اللواء ، و هو لواء اللّه الأكبر ، تحته المفلحون الفائزون في الجنّة ، فأعطاني ، و أمّا الرابعة : فسألت ربّي أن تسقي أمّتي من حوضي ، فأعطاني ، و أمّا الخامسة : فسألت ربّي أن يجعلك قائد أمتي إلى الجنّة ، فأعطاني ٤ ربي ، و الحمد للّه الّذي منّ عليّ بذلك .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أمالي الصدوق : ٣٧٦ ح ٦ المجلس ٧١ عن الكاظم عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الزخرف : ٧١ .

( ٣ ) فاطر : ٣٣ ٣٥ .

( ٤ ) أخرجه صاحب صحيفة الرضا عليه السّلام فيها : ٤٨ ح ٣٣ ، و الصدوق بطريقين في الخصال : ٣١٤ ح ٩٣ ، ٩٤ ، و الخوارزمي في مناقبه : ٢٠٨ ، و الجويني في فرائط السمطين ١ : ١٠٥ ح ٧٥ ، و له شاهد من حديث أبي سعيد الخدري .

٣٣٢

و رواه الخطيب في [ أحمد بن غالب ] مع اختلاف ، و في خبره : و أعطاني أنّك وليّ المؤمنين من بعدي ١ .

قول المصنّف في الثاني : « منها في ذكر النبيّ صلى اللّه عليه و آله » هكذا في ( ابن أبي الحديد ) ٢ ، و لكن في ( ابن ميثم ) ٣ : « الرسول صلى اللّه عليه و آله » .

و قوله عليه السّلام : « و آته » أي : أعطه .

« الوسيلة » و في خبر : الوسيلة : درجته صلى اللّه عليه و آله في الجنّة ، و هي ألف مرقاة ٤ . و يأتي آخر .

« و أعطه السّناء » أي : الضياء .

« و الفضيلة » و في خطبة الوسيلة من خطبه عليه السّلام في غير النهج : أيّها الناس إنّ اللّه جلّ و عزّ و عد نبيّه محمّدا صلى اللّه عليه و آله الوسيلة ، و وعده الحقّ و لن يخلف اللّه وعده ألا و إنّ الوسيلة على درج الجنّة ، و ذروة ذوائب الزلفة ، و نهاية غاية الأمنيّة ، لها ألف مرقاة ، ما بين المرقاة إلى المرقاة حضر الفرس الجواد مائة عام ، و هو ما بين مرقاة درّة إلى مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجدة إلى مرقاة لؤلؤة إلى مرقاة ياقوتة إلى مرقاة زمرّدة إلى مرقاة مرجانة إلى مرقاة كافور إلى مرقاة عنبر إلى مرقاة يلنجوج إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة غمام إلى مرقاة هواء إلى مرقاة نور ، قد أنافت على كلّ الجنان . . . ٥.

« و احشرنا في زمرته » و في خطبة الوسيلة بعد ما مرّة : و رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٤ : ٣٣٩ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ .

( ٣ ) لفظ ابن ميثم في شرحه ٣ : ٣٣ « النبيّ صلى اللّه عليه و آله » أيضا .

( ٤ ) تفسير القمي ٢ : ٣٢٤ ، و البصائر للصفار : ٤٣٦ ح ١١ ، و معاني الأخبار للصفار : ١١٦ ح ١ ، و أماليه : ١٠٢ ح ٤ المجلس ٢٤ في صدر الحديث .

( ٥ ) نقله ضمن خطبة الوسيلة الكليني في الكافي ٨ : ٢٤ ، و لكن لا يوجد في رواية تحف العقول المختصرة فيه : ٩٩ .

٣٣٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

يومئذ قاعد عليها مرتد بريطتين : ريطة من رحمة اللّه ، و ريطة من نور اللّه ، عليه تاج النبوّة ، و إكليل الرسالة ، قد أشرق بنوره الموقف ، و أنا يومئذ على الدرجة الرفيعة ، و هي دون درجته ، و عليّ ريطتان : ريطة من أرجوان النور ، و ريطة من كافور ، و الرسل و الأنبياء قد وقفوا على المراقي ، و أعلام الأزمنة ، و حجج الدهور عن أيماننا ، و قد تجلّلهم حلل النور و الكرامة ، لا يرانا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل إلاّ بهت بأنوارنا ، و عجب من ضيائنا و جلالتنا ١ .

« غير خزايا » أي : غير ذليلين موهونين .

« و لا نادمين » لوقوع تفريط منّا في الدّنيا .

« و لا ناكبين » أي : و لا عادلين عن الطريق .

« و لا ناكثين » أي : و لا ناقضين لعهده .

« و لا ضالّين » عن سبيله .

« و لا مضلّين » هكذا في ( المصرية ) ، و الكلمة زائدة لخلوّ ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ٢ عنها .

« و لا مفتونين » في الدين .

« قال الشريف » هكذا في ( المصرية ) ، و الجملة زائدة ليست من النهج ،

لخلوّ ( الخطّيّة ) عنها ، و إنّما قال : ابن أبي الحديد ٣ عن نفسه في الشّرح : « قال الرّضي » ، كما عن ( ابن ميثم ) ٤ قال : « قال السيّد » .

« و قد مضى هذا الكلام في ما تقدّم » على ما عرفت من موضعه .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نقله في ضمن خطبة الوسيلة الكليني في الكافي ٨ : ٢٥ ، لكن لم يوجد في رواية تحف العقول المختصرة فيه : ٩٩ .

( ٢ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ توجد العبارة أيضا .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩ .

( ٤ ) في شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ « قال الشريف » .

٣٣٤

« إلاّ أنّنا » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( إلاّ أنّا ) كما في الثلاثة ١ .

« كرّرناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف » قد عرفت مجتمعهما و مختلفهما .

هذا ، و له عليه السّلام دعاء آخر في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله نقله البحراني في ( الصحيفة العلوية ) ، و هو : الحمد للّه ربّ العالمين ، و صلّى اللّه على طيّب المرسلين محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب ، المنتجب الفاتق الراتق .

اللّهم فخصّ محمّدا صلى اللّه عليه و آله بالذكر المحمود ، و المنهل المشهود ،

و الحوض المورود .

اللّهم فآت محمّدا صلى اللّه عليه و آله الوسيلة و الرفعة و الفضيلة ، و في المصطفين محبّته ، و في العليين درجته ، و في المقرّبين كرامته .

اللّهم أعط محمّدا صلواتك عليه و آله من كلّ كرامة أفضل تلك الكرامة ،

و من كلّ نعيم أوسع ذلك النعيم ، و من كلّ عطاء أجزل ذلك العطاء ، و من كلّ يسر أنصر ذلك اليسر ، و من كلّ قسم أو فر ذلك القسم ، حتّى لا يكون أحد من خلقك أقرب منه مجلسا ، و لا أرفع منه عندك ذكرا و منزلة ، و لا أعظم عليك حقّا ،

و لا أقرب وسيلة من محمّد صلواتك عليه و آله ، إمام الخير و قائده و الداعي إليه ، و البركة على جميع العباد و البلاد ، و رحمة للعالمين .

اللّهم اجمع بيننا و بين محمّد و آل محمّد صلواتك عليه و آله في برد العيش .

و برد الروح ، و قرار النعمة ، و شهوة الأنفس ، و منى الشهوات ، و نعم اللّذات ، و رخاء الفضيلة ، و شهود الطمأنينة ، و سؤدد الكرامة ، و قوّة العين ،

و نضرة النعيم ، و تمام النعمة ، و بهجة لا تشبه بهجات الدّنيا ، نشهد أنّه قد بلّغ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٢٢٠ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٣٣ « أننّا » أيضا .

٣٣٥

الرسالة و أدّى الأمانة و النصيحة ، و اجتهد للأمّة و أوذي في جنبك ، و اجتهد و جاهد في سبيلك ، و عبدك حتّى أتاه اليقين ، فصلّى اللّه عليه و آله الطيّبين .

اللّهم ربّ البلد الحرام ، و ربّ الركن و المقام ، و ربّ المشعر الحرام ، و ربّ الحلّ و الحرام بلّغ روح محمّد صلى اللّه عليه و آله عنّا السّلام .

الّلهم صلّ على ملائكتك المقرّبين ، و على أنبيائك و رسلك أجمعين ،

و صلّ على الحفظة الكرام الكاتبين ، و على أهل طاعتك من أهل السماوات السبع ، و أهل الأرضين السبع من المؤمنين أجمعين ١ .

هذا ، و في ( المناقب ) عن كتاب ( سحر البلاغة ) في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله :

صلّى اللّه على خير مبعوث ، و أفضل وارث و موروث ، و خير مولود دعا إلى خير معبود ، بشير الرحمة و الثواب ، و مدبّر السطوة و العقاب ، ناسخ كلّ ملّة مشروعة ، و فاسخ كلّ نحلة متبوعة ، حاد بأمّته عن الظلمات إلى النور ،

و أو في بهم إلى الظلّ بعد الحرور ، قد أفرد بالزعامة وحده ، و ختم بأن لا نبيّ بعده أرسله اللّه قمرا منيرا ، و قدرا مبيرا ٢ .

٣٠

الحكمة ( ٣٦١ ) و قال عليه السّلام :

إِذَا كَانَتْ لَكَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ حَاجَةٌ فَابْدَأْ بِمَسْأَلَةِ اَلصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِهِ ص ثُمَّ سَلْ حَاجَتَكَ فَإِنَّ اَللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ حَاجَتَيْنِ فَيَقْضِيَ إِحْدَاهُمَا وَ يَمْنَعَ اَلْأُخْرَى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نقله البحراني السماهيجي في الصحيفة العلوية : ٩٥ ، الدعاء ١١ ، و أخرجه أيضا الطوسي في التهذيب ٣ : ٨٢ ح ١١ ، و رواه المجلسي عن مجلد عتيق في بحار الأنوار ٩٨ : ١٢٧ .

( ٢ ) المناقب لابن شهر آشوب ١ : ١٥٨ .

٣٣٦

« إذا كانت لك إلى اللّه سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة على رسوله صلى اللّه عليه و آله » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( على النبي صلى اللّه عليه و آله ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّيّة ) ١ ، قال ابن أبي الحديد : هذا الكلام على حسب الظاهر الّذي يتعارفه الناس بينهم ، و هو عليه السّلام يسلك هذا المسلك كثيرا ، و يخاطب الناس على قدر عقولهم ، و أمّا باطن الأمر فانّ اللّه تعالى لا يصلّي على النبيّ صلى اللّه عليه و آله لأجل دعائنا إيّاه أن يصلّي عليه ، لأنّ معنى قولنا : « اللّهم صلّ على محمّد » : أكرمه و ارفع درجته . و اللّه سبحانه قد قضى له بالإكرام التّام ، و رفعة الدرجة من دون دعائنا ، و إنّما تعبّدنا نحن بأن نصلّي عليه ، لأنّ لنا ثوابا في ذلك ، لا لأنّ إكرام اللّه تعالى له أمر يستعقبه و يستتبعه دعاؤنا ٢ .

قلت : فعلى ما ذكره يكون دعاؤنا للنبي صلى اللّه عليه و آله لغوا و عبثا ، من حيث الدعاء نظير أن نقول : اللّهم اجعله نبيّا . و حصول ثواب لنا لا يخرجه عن اللغوية في القول ، و ما ذكره من أنّه تعالى قضى له بالإكرام التام ، و رفعة الدرجة مسلّم ،

لكن فوق كلّ إكرام إكرام ، و كلّ درجة درجة .

و في دعاء عرفة للسجّاد عليه السّلام : ربّ صلّ على محمّد و آل محمّد المنتجب المصطفى ، المكرّم المقرّب أفضل صلواتك ، و بارك عليه أتمّ بركاتك ، و ترحّم عليه أمتع رحماتك .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها ، و صلّ عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها ، و صلّ عليه صلاة راضية لا تكون صلاة فوقها .

رب صلّ على محمّد و آله صلاة ترضيه ، و تزيد على رضاه ، و صلّ عليه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) في شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٤٠٢ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٤١٨ « رسوله » أيضا .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٤٠٢ .

٣٣٧

صلاة ترضيك و تزيد على رضاك له ، و صلّ عليه صلاة لا ترضى له إلاّ بها ،

و لا ترى غيره لها أهلا .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة تجاوز رضوانك ، و يتّصل اتّصالها ببقائك ، و لا تنفد كما لا تنفد كلماتك .

ربّ صلّ على محمّد و آله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك و أنبيائك و رسلك و أهل طاعتك ، و تشتمل على صلوات عبادك ، من جنّك و إنسك و أهل إجابتك ، و تجتمع على صلوات كلّ من ذرأت و برأت من أصناف خلقك .

ربّ صلّ عليه و آله صلاة تحيط بكلّ صلاة سالفة و مستأنفة ، و صل عليه و على آله صلاة مرضيّة لك و لمن دونك ، و تنشي‏ء مع ذلك صلوات تضاعف معها تلك الصلوات عندها ، و تزيدها على كرور الأيّام زيادة في تضاعيف لا يعدّها غيرك ١ .

فيلزم على ما قال أن يكون كلّ ذلك ألفاظا لا معاني تحتها .

و تحقيق الجواب : أنّ كلّ شي‏ء وقع و يقع في العالم كان قدرا من اللّه تعالى ، و لكن مع سببه ، و صلواتنا و أدعيتنا من أسباب إكرام اللّه التامّ له صلى اللّه عليه و آله .

و يشهد لما قلنا قول السجّاد عليه السّلام في الصلاة عليه على ما في الصحيفة الثالثة : فارفعه بسلامنا إلى حيث قدّرت في سابق علمك أن تبلّغه إيّاه و بصلاتنا عليه ٢ .

و أمّا ما روى ( مصباح الشيخ ) في الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله بعد عصر يوم الجمعة : « اللّهم إنّ محمّدا صلى اللّه عليه و آله كما وصفته في كتابك حيث تقول : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الصحيفة السجادية : ٢٥١ الدعاء ٤٧ .

( ٢ ) نقله عن الصحيفة الثالثة السيد الأمين من الصحيفة الخامسة : ٣٣ الدعاء ٦ .

٣٣٨

رحيم ١ فاشهد أنّه كذلك ، و أنّك لم تأمر بالصلاة عليه إلاّ بعد أن صلّيت عليه أنت و ملائكتك ، و أنزلت في محكم كتابك : إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ٢ لا لحاجة إلى صلاة أحد من المخلوقين بعد صلاتك عليه ، و لا إلى تزكيتهم إيّاه بعد تزكيتك ، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلى ذلك ، لأنّك جعلته بابك الّذي لا تقبل لمن أتاك إلاّ منه ،

و جعلت الصلاة عليه قربة منك و وسيلة إليك و زلفة عندك ، و دللت المؤمنين عليه ، و أمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بها أثرة لديك و كرامة عليك ، و وكّلت بالمصلّين عليه ملائكتك يصلّون عليه ، و يبلّغونه صلاتهم و تسليمهم . . . » ٣ فلا ينافي ما قلنا ، فإنّه لا يدلّ على أكثر من أنّه إذا لم نصلّ عليه لم يضرّه ، لكفاية صلوات اللّه تعالى عليه برفع درجته ، و إنّما حرمنا نحن من أجر كثير .

ثمّ ظاهر الأخبار وجوب الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله عند ذكر اسمه أو سماعه كوجوبها في الصلاة ، فعن الصادق عليه السّلام : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ دخل النار ، فأبعده اللّه ٤ . و قال صلى اللّه عليه و آله : من ذكرت عنده فنسي الصلاة عليّ خطى‏ء به طريق الجنّة ٥ .

و ورد في ثواب الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله شي‏ء كثير من العامّة ، و الخاصّة ،

روى الطبري في ( ذيله ) عن عمير الأنصاري ، قال : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : من صلّى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التوبة : ١٢٨ .

( ٢ ) الأحزاب : ٥٦ .

( ٣ ) مصباح المتهجد للطوسي : ٣٤٥ عن الصادق عليه السّلام .

( ٤ ) أخرجهما معا الكليني في الكافي ٢ : ٤٩٥ ح ١٩ ، و الصدوق في عقاب الأعمال : ٢٤٦ ح ١ ، و أخرج الأول مستقلا الكليني في الكافي ٤ : ٦٧ ح ٥ ، و الصدوق في الفقيه ٢ : ٥٩ ح ٢ ، و أماليه : ٥٦ ح ٢ المجلس ١٤ ، و الطوسي في التهذيب ٤ : ١٩٢ ح ٤ ، و الثاني مستقلا الكليني في الكافي ٢ : ٤٩٥ ح ٤٠ ، و ابن الأشعث في الأشعثيات : ٢١٥ ، و غيرهم .

( ٥ ) المصدر نفسه .

٣٣٩

عليّ من أمّتي صلاة مخلصا بها من نفسه صلّى اللّه عليه بها عشر صلوات ،

و رفعه بها عشر درجات ، و كتب له بها عشر حسنات ، و محا عنه بها عشر سيّئات ١ .

و عنهم عليهم السّلام : ما في الميزان شي‏ء أثقل من الصلاة على محمّد و آل محمّد ، و إنّ الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به ، فيخرج صلى اللّه عليه و آله الصلاة عليه ، فيضعها في ميزانه ، فيرجح به ٢ .

و الصلاة عليه صلى اللّه عليه و آله في الجمعة آكد ، و في ( سنن أبي داود ) عن أوس بن أوس عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّ من أفضل أيّامكم يوم الجمعة ، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه ، فإنّ صلاتكم معروضة عليّ . فقالوا : يا رسول اللّه و كيف تعرض صلاتنا عليك ، و قد أرمت ( أي : بليت ) ؟ قال : إنّ اللّه حرّم على الأرض أجساد الأنبياء ٣ .

و يكفيه صلى اللّه عليه و آله جلالة قوله تعالى : إنّ اللّه و ملائكته يصلّون على النبيّ يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه و سلّموا تسليما ٤ ، و عن أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : إنّ الآية نزلت في الصلاة عليّ بعد قبض اللّه لي ٥ .

و الصّلاة عليه صلى اللّه عليه و آله وردت في الكتاب و على آله وردت في السنّة .

روى البخاري في صحيحه مسندا عن كعب بن عجرة ، و عن أبي سعيد الخدري ، و عن غيرهما ، قالوا : قال النبي صلى اللّه عليه و آله : قولوا : اللّهم صلّ على محمّد ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٧٢ .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٩٤ ح ١٥ ، عن الباقر أو الصادق عليهما السّلام .

( ٣ ) سنن أبي داود ٢ : ٨٨ ح ١٥٣١ ، و سنن النسائي ٣ : ٩١ ، و سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٥ ح ١٠٨٥ ، و سنن الدارمي ١ : ٣٦٩ ، و مسند أحمد ٤ : ٨ و غيرها .

( ٤ ) الأحزاب : ٥٦ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ٤٥١ ح ٣٨ .

٣٤٠