بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 446

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 446
المشاهدات: 40317
تحميل: 4002


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40317 / تحميل: 4002
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 3

مؤلف:
العربية

القاضي و أجلسه مجلسه ، و قال : أنت المفيد حقّا . فانقبض فرق المخالفين و همهموا ، فقال القاضي : هذا الرّجل أسكتني ، فإن كان عندكم جواب فقولوا حتّى أجلس في مجلسي الأوّل ، فسكتوا و تفرّقوا ، فوصل خبر المناظرة إلى عضد الدّولة فأحضر المفيد ، و سأله عمّا جرى ، فأخبره فأكرمه غاية الاكرام ١ .

قلت : يقال للرّمّاني : نعم ، خبر الغار دراية ، لكنّه دراية عار و شنار ، حيث أوجب حزنه سلب الرّاحة عن النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله حتّى نهاه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ، و خص اللَّه تعالى إنزال السّكينة بنبيّه صلّى اللَّه عليه و آله ، و أخرج صاحبه إشعارا بعدم إيمانه ، حيث إنّه تعالى في آيات اخر أشرك المؤمنين مع نبيّه صلّى اللَّه عليه و آله في إنزال السّكينة عليهم .

و أمّا كون خبر الغدير رواية فيقال له و للقاضي : أهل العالم حتّى غير الملّيين المتواتر عندهم دراية ، و أيّ تواتر فوق هذا الخبر ؟ و قد صنّف في طرقه مجلّدات ضخام و رواه الخصم . و يقال للقاضي : كون خلافة أبي بكر دراية بمعنى : تصديه للأمر أمر لا ينكره أحد ، إلاّ أنّ الكلام في حقّه و باطله ،

و خلافة حصلت بإرادة إحراق جمع ، قال تعالى فيهم : . . . فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم . . . ٢ . لو لم يسلّموا الأمر إليهم معلوم حالها ، إلاّ أنّ إخواننا مثلهم مثل من سأل فقيها : هل تصير امّ الزّوجة زوجة ؟ فقال : لا . قال : نحن فعلناها فصارت . جعلوه خليفة لكن مع تلك الشّنائع و الفظائع .

و أمّا توبة طلحة و الزّبير ، فطلحة لعمر اللَّه كان إلى إزهاق روحه مجدّا في قتال أمير المؤمنين عليه السّلام ، بل مريدا لقتله لو يسّر له ، و الزّبير و إن ترك القتال

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقله النوري في خاتمة المستدرك : ٥٢٠ .

( ٢ ) آل عمران : ٦١ .

٨١

لما ذكّره أمير المؤمنين عليه السّلام قول النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في عمله ، لكنّه لو كان تاب كان الواجب عليه أن يلحق به عليه السّلام و يقاتل معه عليه السّلام ، كما كان الحرّ لمّا تاب من خروجه على الحسين عليه السّلام ، ترك عسكر ابن سعد و لحق به عليه السّلام ، و قاتل معه حتّى قتل . ثمّ ما يقولون في امّهم ، فإنّها أيّ وقت تابت ؟ فكما أنّها لمّا سمعت ببيعة النّاس مع أمير المؤمنين عليه السّلام قالت : ليت السّماء أطبقت على الأرض . و لم يبايع النّاس عليّا و سجدت شكرا لمّا بلغها قتل أمير المؤمنين عليه السّلام و قالت :

فالقت عصاها و استقرّ بها النّوى

كما قرّ عينا بالإياب المسافر

و رحّب بابن ملجم قاتله .

و لعلّهم يقولون : تابت يوم أمرت برمي جنازة سيّد شباب أهل الجنّة الحسن عليه السّلام لئلاّ يدفنوه عند جدّه ؟ قوله عليه السّلام على المتن الأخير : « اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية فإنّ رواة العلم كثير و رعاته قليل » قد عرفت في العنوان السابق أنّ رواية الكليني جعلت هذا الكلام مع اختلاف يسير ، ففي ذاك : « اعقلوا الحقّ » جزء الكلام السّابق هنا على قوله : « هم دعائم الإسلام » ، و أمّا جعل المصنّف قوله : « عقلوا الدّين . . . » . . . جزأه ، فلعلّه في رواية أخرى ، ثمّ بعد اتّحاد مفاده لا يحتاج إلى تكرار شرحه .

١٢

من الخطبة ( ٢٠٥ ) و من كلام له عليه السّلام في بعض أيام صفّين و قد رأى الحسن عليه السّلام يتسرّع إلى الحرب :

اِمْلِكُوا عَنِّي هَذَا اَلْغُلاَمَ لاَ يَهُدَّنِي فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهَذَيْنِ يَعْنِي ؟ اَلْحَسَنَ ؟ وَ ؟ اَلْحُسَيْنَ ع ؟ عَلَى اَلْمَوْتِ لِئَلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ ؟ رَسُولِ اَللَّهِ ص ؟ وَ قَوله عليه السلام امْلكوا عَنّى هَذَا الغُلاَمَ من أَعْلَى الْكَلاَم وَ أَفْ‏صَحه أقول : رواه سبط ابن الجوزي في ( تذكرته ) عن ابن عبّاس قال : كان عليّ عليه السّلام يخاف انقطاع النّسل ، فقال يوم صفّين و قد رأى الحسن و الحسين عليهما السّلام يتسارعان إلى القتال ، و قيل : إنّما رأى الحسين عليه السّلام لا غير ،

ــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٤ : ٤٩٠ ، شرح الحكمة ٤٥٣ .

٨٢

فقال : املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني ، فإنّي أنفس به على الموت . . . ١ .

و في ( الطبري ) في رجوع أمير المؤمنين عليه السّلام عن صفّين قال : فلقيه عبد اللَّه بن وديعة الأنصاري ، فدنا منه و سلّم عليه و سايره ، فقال له : ما سمعت النّاس يقولون في أمرنا ؟ قال : منهم المعجب به ، و منهم الكاره له ، كما قال عزّ و جلّ : . . . و لا يزالون مختلفين . إلاّ من رحم ربّك . . . ٢ . فقال له عليه السّلام : فما قول ذوي الرّأي فيه ؟ قال : أمّا قولهم فيه فيقولون : إنّ عليّا كان له جمع عظيم ففرّقه ، و كان له حصن حصين فهدمه ، فحتى متى يبني ما هدم ؟ و حتى متى يجمع ما فرّق ؟ فلو أنّه كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه ، فقاتل حتّى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك الحزم . فقال عليّ عليه السّلام : أنا هدمت أم هم هدموا ؟ أنا فرّقت أم هم فرّقوا ؟ أمّا قولهم : « إنّه لو كان مضى بمن أطاعه ، إذ عصاه من عصاه ، فقاتل حتّى يظفر أو يهلك ، إذن كان ذلك الحزم » فو اللَّه ما غبي عن رأيي ذلك ، و إن كنت لسخيّا بنفسي عن الدّنيا ، طيّب النفس بالموت ، و لقد هممت بالإقدام على القوم ، فنظرت إلى هذين قد ابتدراني يعني : الحسن و الحسين عليهما السّلام و نظرت إلى هذين قد استقدماني يعني : عبد اللَّه بن جعفر و محمّد بن عليّ فعلمت أنّ هذين إن هلكا انقطع نسل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله من هذه الامّة ، فكرهت ذلك و أشفقت على هذين أن يهلكا ، و قد علمت أن لو لا مكاني لم يستقدما يعني محمّد بن علي و عبد اللَّه بن جعفر و ايم اللَّه لئن لقيتهم بعد يومي هذا لألقينّهم و ليسوا معي في عسكر و لا دار ٣ .

و رواه ( صفّين نصر بن مزاحم ) مفسرا كلامه عليه السّلام بالحسنين عليهما السّلام

ــــــــــــــــ

( ١ ) تذكرة الخواص : ٣٢٤ .

( ٢ ) هود : ١١٨ ١١٩ .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٤ : ٤٤ سنة ٣٧ .

٨٣

فقط ، ففيه : لقد هممت بالإقدام ، فنظرت إلى هذين قد استقدماني ، فعلمت أنّ هذين ان هلكا انقطع نسل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله من هذه الامّة ، فكرهت ذلك و أشفقت على هذين أن يهلكا ، و قد علمت أن لو لا مكاني لم يستقدما يعني : محمّد بن عليّ و عبد اللَّه بن جعفر و ايم اللَّه لئن لقيتهم بعد يومي هذا ، لألقينّهم و ليس هما معي في عسكر و لا دار ١ .

قول المصنف : « و من كلام له عليه السّلام » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب أنّه :

( و قال عليه السّلام ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطّية ) ٢ ، فنقلهم هو الصحيح ، و ان كان مقتضى القاعدة أن يقول : « و من كلام له عليه السّلام » بعد كونه في الباب الأوّل ، ففيه يقول في عناوينه إمّا : « و من خطبة له عليه السّلام » و إمّا : « و من كلام له عليه السّلام » ، و أمّا : « و قال عليه السّلام » ، فتعبيره في الثالث ، مع أنّ المناسب كان نقله في الثّالث ، لكونه كلاما قصيرا يدخل في موضوعه ، دون الأوّل الّذي مبناه على الخطب و الكلم الطوال .

« في بعض أيّام صفّين » ليس هذا الكلام كلّه في نسخة ابن ميثم ٣ .

« و قد رأى الحسن عليه السّلام يتسّرع إلى الحرب » كلمة ( ابنه ) انّما في ( ابن أبي الحديد ) دون ( ابن ميثم و الخطّيّة ) ٤ .

روى الطبري في ( ذيله ) : عن عبد اللَّه بن شداد بن الهاد عن أبيه قال : خرج علينا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هو حامل أحد ابني ابنته الحسن أو الحسين عليهما السّلام ، فتقدّم فوضعه عند قدمه اليمنى ، و سجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله بين ظهراني صلاته سجدة أطالها . قال أبي : فرفعت رأسي من بين النّاس فإذا النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ساجد و إذا الغلام

ــــــــــــــــ

( ١ ) وقعة صفين لابن مزاحم : ٥٣٠ .

( ٢ ) كذا في شرح ابن ميثم ٤ : ١٤ ، لكن لفظ شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٩ مثل المصرية .

( ٣ ) يوجد هذا الكلام في شرح ابن ميثم ٤ : ١٤ أيضا .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٩ و شرح ابن ميثم ٤ : ١٤ .

٨٤

على ظهره ، فعدت فسجدت ، فلمّا انصرف النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله قال النّاس : يا رسول اللَّه لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها ، أفشي‏ء امرت به أو كان يوحى إليك ؟ قال : كلّ ذلك لم يكن ، و لكن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتّى يقضي حاجته ١ .

و في ( نسب قريش مصعب الزبيري ) : ولد الحسن عليه السّلام في سنة ثلاث ،

في النصف من شهر رمضان ، و سمّاه النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله حسنا ، و كان يشبّه بالنّبيّ ،

و ذكر لي عن عبد اللَّه البهي مولى آل الزبير قال : تذاكرنا من أشبه النّاس بالنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ؟ فدخل علينا عبد اللَّه بن الزبير . فقال : أنا احدّثكم بأشبه أهله به و أحبّهم إليه : الحسن ، رأيته يجي‏ء و هو ساجد فيركب رقبته أو قال : ظهره فما ينزّل حتّى يكون هو الّذي ينزل ، و لقد رأيته و هو راكع فيفرج بين رجليه ،

حتّى يخرج من الجانب الآخر ، و قال : إنّه ريحانتي من الدّنيا ، و إنّ ابني هذا السيّد ، و عسى أن يصلح اللَّه به فئتين من المسلمين ، و قال : اللّهمّ إنّي احبّه و احبّ من يحبّه ٢ .

و فيه : و ذكر عن علي بن زيد بن جدعان التّيمي ، قال : حجّ الحسن عليه السّلام خمس عشرة مرّة ، و خرج من ماله للَّه مرّتين ، و قاسم اللَّه ثلاث مرّات ، حتّى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا ، و يعطي خفّا و يمسك خفّا ٣ .

و روى الخطيب في ( سعيد الحصري ) : أنّ أبا هريرة لقي الحسن عليه السّلام فقال له : أرني الموضع الّذي قبّله النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله . فرفع الحسن ثوبه فقبّل سرّته ٤ .

و في ( مروج المسعودي ) : كان عليّ عليه السّلام اعتلّ ، فأمر ابنه الحسن عليه السّلام أن

ــــــــــــــــ

( ١ ) منتخب ذيل المذيل للطبري : ٦٣ ، و مرّ تخريجه في العنوان ٢ من الفصل الثالث .

( ٢ ) نسب قريش للزبيري : ٢٣ و النقل بتصرف .

( ٣ ) نسب قريش للزبيري : ٢٤ .

( ٤ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٩ : ٩٥ .

٨٥

يصلّي بالنّاس يوم الجمعة ، فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ اللَّه لم يبعث نبيّا إلاّ اختار له نقيبا و رهطا و بيتا ، فو الّذي بعث محمّدا صلّى اللَّه عليه و آله بالحقّ نبيّا لا ينتقص من حقّنا أهل البيت أحد إلاّ نقصه اللَّه من عمله مثله ، و لا تكون علينا دولة إلاّ و تكون لنا العاقبة و لتعلمنّ نبأه بعد حين ١ .

و في ( العقد ) : قال معاوية يوما لجلسائه : من أكرم النّاس أبا و امّا و جدّا و جدّة و عمّا و عمّة و خالا و خالة ؟ فقالوا : أمير المؤمنين أعلم . فأخذ بيد الحسن بن علي عليه السّلام و قال : هذا أبوه عليّ بن أبي طالب ، و امّه فاطمة ابنة محمّد ، و جدّه النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و جدّته خديجة ، و عمّه جعفر ، و عمّته امّ هاني بنت أبي طالب ، و خاله القاسم بن محمّد ، و خالته زينب بنت محمّد صلّى اللَّه عليه و آله ٢ .

و روى أبو الفرج في ( مقاتله ) بأسانيد : أنّ الحسنّ عليه السّلام خطب بعد دفن أبيه فقال : لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون بعمل إلى أن قال ثمّ قال : أيّها النّاس من عرفني فقد عرفني ، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمّد صلّى اللَّه عليه و آله ، أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الدّاعي إلى اللَّه عزّ و جلّ بإذنه ،

و أنا ابن السّراج المنير ، و أنا من أهل البيت الّذين أذهب اللَّه عنهم الرّجس و طهّرهم تطهيرا ، و الّذين افترض اللَّه مودّتهم في كتابه . . . ٣ .

و في ( الطبري ) : بايع النّاس الحسن عليه السّلام بالخلافة ، ثمّ خرج بالنّاس حتّى نزل المدائن ، و بعث قيس بن سعد على مقدّمته في اثني عشر ألفا ، و أقبل معاوية في أهل الشّام حتّى نزل مسكن ، فبينا الحسن عليه السّلام في المدائن إذ نادى مناد في العسكر : ألا إنّ قيس بن سعد قد قتل ، فانفروا . فنفروا و نهبوا سرادق

ــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب ٢ : ٤٣١ ، و الآية ٨٨ من سورة ص .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٥ : ٣١٣ و فيه « هالة » بدل « ام هاني » .

( ٣ ) مقاتل الطالبيين : ٣٣ .

٨٦

الحسن عليه السّلام حتّى نازعوه بساطا كان تحته ، و خرج الحسن عليه السّلام حتّى نزل المقصورة البيضاء بالمدائن ، و كان عمّ المختار بن أبي عبيد عاملا على المدائن ، و كان اسمه سعد بن مسعود ، فقال له المختار و هو غلام شاب : هل لك في الغنى و الشرف ؟ قال : و ما ذاك ؟ قال : توثق الحسن و تستأمن به إلى معاوية . فقال له سعد : عليك لعنة اللَّه أثب على ابن بنت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فأوثقه ؟ بئس الرجل أنت . فلمّا رأى الحسن عليه السّلام تفرّق الأمر عنه بعث إلى معاوية يطلب الصلح إلى أن قال فقام الحسن عليه السّلام في أهل العراق فقال : يا أهل العراق إنّه سخا بنفسي عنكم ثلاث : قتلكم أبي ، و طعنكم إيّاي ، و انتها بكم متاعي . فلمّا قدم الكوفة و برأ من جراحته خرج إلى مسجد الكوفة فقال : يا أهل الكوفة اتقوا اللَّه في جيرانكم و ضيفانكم ، و في أهل بيت نبيّكم صلّى اللَّه عليه و آله الّذين أذهب اللَّه عنهم الرجس أهل البيت و طهّرهم تطهيرا . فجعل الناس يبكون ، ثمّ تحمّل عليه السّلام إلى المدينة ١ .

و قال أبو الفرج أيضا : و قيل : إنّ أوّل من بايعه قيس بن سعد ، قال له :

ابسط يدك ابايعك على كتاب اللَّه و سنّة نبيّه و قتال المحلّين . فقال له الحسن عليه السّلام : بل على كتاب اللَّه و سنّة نبيّه صلّى اللَّه عليه و آله ، فإنّ ذلك يأتي من وراء كلّ شرط . فبايعه و سكت ، و بايعه النّاس ٢ .

و روى أبو الفرج بأسانيد عن سفيان بن أبي ليلى قال : أتيت الحسن عليه السّلام حين بايع معاوية ، فوجدته بفناء داره و عنده رهط ، فقلت : السّلام عليك يا مذلّ المؤمنين . فقال : عليك السّلام يا سفيان ، انزل . فنزلت فعقلت راحلتي ، ثمّ أتيته ،

فجلست إليه ، فقال : كيف قلت يا سفيان ؟ فقلت : السّلام عليك يا مذلّ رقاب

ــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ١٢١ سنة ٤٠ و ٤ : ١٢٦ سنة ٤١ متفرّقا .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ١٢١ سنة ٤٠ ، و أمّا قول الشارح : « قال أبو الفرج أيضا » فهو من سهو قلمه الشريف .

٨٧

المؤمنين . فقال : ما جرّ هذا منك إلينا ؟ فقلت : أنت و اللَّه بأبي و امي ، أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، و سلّمت الأمر إلى اللّعين ابن اللّعين ابن آكلة الأكباد ، و معك مائة ألف كلّهم يموت دونك ، و قد جمع اللَّه لك أمر الناس . فقال :

يا سفيان إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به ، و إنّي سمعت عليّا عليه السّلام يقول :

سمعت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقول : لا تذهب الليالي و الأيّام حتّى يجتمع أمر هذه الامّة على رجل واسع السّرم ، ضخم البلعوم ، يأكل و لا يشبع ، و لا ينظر اللَّه إليه ، و لا يموت حتّى لا يكون له في السّماء عاذر ، و لا في الأرض ناصر ، و إنّه لمعاوية ،

و إنّي عرفت أنّ اللَّه بالغ أمره . قال : ثمّ أذّن المؤذّن ، فقمنا على حالب يحلب ناقته ،

فتناول الإناء فشرب قائما ثمّ سقاني ، فخرجنا نمشي إلى المسجد ، فقال لي : ما جاءنا بك يا سفيان ؟ قلت : حبّكم ، و الّذي بعث محمّدا بالهدى و دين الحق . قال :

فأبشر يا سفيان فإنّي سمعت عليّا عليه السّلام يقول : سمعت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ، و من أحبّهم من امتي كهاتين يعني السبّابتين و لو شئت لقلت هاتين يعني السّبّابة و الوسطى إحداهما تفضّل على الاخرى .

أبشر يا سفيان ، فإنّ الدّنيا تسع البرّ و الفاجر ، حتّى يبعث اللَّه إمام الحقّ من آل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله ١ .

و روى ابن بابويه في ( إكماله ) مسندا عن أبي سعيد عقيصا ، قال : لمّا صالح الحسن بن عليّ عليه السّلام معاوية بن أبي سفيان دخل عليه النّاس ، فلامه بعضهم على بيعته . فقال عليه السّلام : و يحكم ما تدرون ما عملت ، و اللَّه الّذي عملت خير لشيعتي ممّا طلعت عليه الشّمس أو غربت ، ألا تعلمون أنّني إمامكم مفترض الطّاعة عليكم ، و أحد سيّدي شباب أهل الجنّة بنصّ من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله عليّ ؟ قالوا : بلى قال : أما علمتم أنّ الخضر لمّا خرق السفينة ، و أقام

ــــــــــــــــ

( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٤ .

٨٨

الجدار ، و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران عليه السّلام ، إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، و كان ذلك عند اللَّه حكمة و صوابا ؟ أما علمتم أنّه ما منّا إلاّ و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، إلاّ القائم الّذي يصلّي روح اللَّه عيسى بن مريم عليه السّلام خلفه ، فإنّ اللَّه عزّ و جلّ يخفي ولادته و يغيّب شخصه لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة ، إذا خرج ذلك التاسع من ولد أخي الحسين عليه السّلام ؟ . . . ١ و روى المدائني : أنّ سفيان بن أبي ليلى لمّا قال للحسن عليه السّلام : السّلام عليك يا مذلّ المؤمنين ، قال له الحسن عليه السّلام : إنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله رفع له ملك بني امّية فنظر إليهم يعلون منبره واحدا فواحدا ، فشقّ ذلك عليه فأنزل تعالى في ذلك قرآنا : . . . و ما جعلنا الرّؤيا التي أريناك إلاّ فتنة للناس و الشّجرة الملعونة في القرآن و نخوّفهم فما يزيدهم إلاّ طغيانا كبيرا ٢ و سمعت أبي عليه السّلام يقول :

سيلي أمر هذه الامّة رجل واسع البلعوم ، كبير البطن ، فسألته من هو ؟ فقال :

معاوية . و قال لي : إنّ القرآن قد نطق بملك بني امية و مدّتهم ، قال تعالى : ليلة القدر خير من ألف شهر ٣ ، قال أبي عليه السّلام : هذه ملك بني اميّة ٤ .

و قال أيضا : قال حجر بن عدي للحسن عليه السّلام لمّا صالح معاوية : لوددت أنّك متّ قبل هذا اليوم و لم يكن ما كان ، إنّا رجعنا راغمين بما كرهنا ، و رجعوا مسرورين بما أحبوا . فتغيّر وجه الحسن عليه السّلام ، و غمز الحسين عليه السّلام حجرا فسكت . فقال الحسن عليه السّلام : يا حجر ليس كلّ النّاس يحبّ ما تحبّ ، و لا رأيه رأيك ، و ما فعلت ما فعلت إلاّ إبقاء عليك ، و اللَّه كلّ يوم في شأن ٥ .

و روى أيضا : أنّ الحسن عليه السّلام قال لرجل لامه على بيعته : خشيت أن

ــــــــــــــــ

( ١ ) كمال الدين للصدوق ١ : ٣١٥ ح ٢ .

( ٢ ) الإسراء : ٦٠ .

( ٣ ) القدر : ٣ .

( ٤ ) نقلها عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ٦ ، ٧ ، شرح الكتاب ٣١ .

( ٥ ) نقلها عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ٦ ، ٧ ، شرح الكتاب ٣١ .

٨٩

يأتي يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون ألفا تشخب أوداجهم دما ، كلّهم يستعدي اللَّه فيم هريق دمه ١ ؟

و قال أيضا : إنّ عليّا عليه السّلام لمّا توفّي خرج ابن عبّاس فقال : إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام توفّي و قد ترك خلفا ، فإن أحببتم خرج إليكم ، و إن كرهتم فلا أحد على أحد . فبكى الناس ، و قالوا : بل يخرج إلينا . فخرج الحسن عليه السّلام ، فخطبهم فقال : أيّها الناس اتّقوا اللَّه فإنّا امراؤكم و أولياؤكم ، و إنّا أهل البيت الّذين قال اللَّه فينا : إنّما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ٢ فبايعوه و كان خرج إليهم و عليه ثياب سود ، ثمّ وجّه عبد اللَّه بن عبّاس و معه قيس بن سعد مقدّمة له في اثني عشر ألفا إلى الشّام ، و خرج هو يريد المدائن ،

فطعن بساباط ، و انتهب متاعه ، و دخل المدائن ، و بلغ ذلك معاوية فأشاعه ،

و جعل أصحاب الحسن عليه السّلام الّذين وجّههم مع عبد اللَّه يتسلّلون إلى معاوية ،

الوجوه و أهل البيوتات ، فكتب عبد اللَّه بذلك إلى الحسن عليه السّلام ، فخطب النّاس و وبّخهم و قال : خالفتم أبي حتّى حكّم و هو كاره ، ثمّ دعاكم إلى قتال أهل الشام بعد التحكيم ، فأبيتم حتّى صار إلى كرامة اللَّه ، ثمّ بايعتموني على أن تسالموا من سالمني و تحاربوا من حاربني ، و قد أتاني أنّ أهل الشرف منكم قد أتوا معاوية و بايعوه ، فحسبي منكم لا تعرّوني من ديني و نفسي .

و أرسل عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب و امّه بنت أبي سفيان إلى معاوية يسأله المسالمة ، و اشترط عليه العمل بكتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، و أن لا يبايع لأحد من بعده ، و أن يكون الأمر شورى ، و أن

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقلها عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ٦ ، ٧ ، شرح الكتاب ٣١ .

( ٢ ) الأحزاب : ٣٣ .

٩٠

يكون النّاس أجمعون آمنين ١ .

و في ( مروج المسعودي ) : و من خطب الحسن عليه السّلام في أيّامه في بعض مقاماته : نحن حزب اللَّه المفلحون ، و عترة رسوله الأقربون ، و أهل بيته الطّاهرون الطّيّبون ، و أحد الثّقلين اللذين خلّفهما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، و الثّاني كتاب اللَّه فيه تفصيل كلّ شي‏ء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ٢ و المعوّل عليه في كلّ شي‏ء ، لا يخطئنا تأويله ، بل نتيقّن حقائقه ، فأطيعونا فإنّا طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة اللَّه و الرّسول و اولي الأمر مقرونة فإن تنازعتم في شي‏ء فردّوه إلى اللَّه و الرسول ٣ ، و لو ردّوه إلى الرّسول و إلى اولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ٤ و احذّركم الإصغاء لهتاف الشّيطان إنّه لكم عدوّ مبين ٥ ، فتكونون كأوليائه الّذين قال لهم : لا غالب لكم اليوم من النّاس و إنّي جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه ، و قال إنّي بري‏ء منكم إنّي أرى ما لا ترون ٦ . فتلقون للرماح أزرا و للسيوف جزرا ،

و للعمد خطأ ، و للسهام غرضا ، ثمّ . . . لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا . . . ٧ .

و روى أبو الفرج عن الشّعبي قال : خطب معاوية بعد ما بويع له فقال : ما اختلفت امّة بعد نبيّها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل حقّها . ثمّ إنّه انتبه فندم .

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ٨ ، شرح الكتاب ٣١ .

( ٢ ) فصلت : ٤٢ .

( ٣ ) النساء : ٥٩ .

( ٤ ) النساء : ٨٣ .

( ٥ ) الأنعام : ١٤٢ .

( ٦ ) الأنفال : ٤٨ .

( ٧ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٤٣١ ، و الآية ١٥٨ من سورة الأنعام .

٩١

فقال : إلاّ هذه الامّة ، فإنّها و إنّها ١ .

و عن أبي إسحاق قال : سمعت معاوية بالنّخيلة يقول : ألا إنّ كلّ شي‏ء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين ، لا أفي به . فقال : و كان و اللَّه غدّارا ٢ .

و عن سعيد بن سويد قال : صلّى بنا معاوية بالنّخيلة الجمعة في الصحن ، ثم خطبنا ، فقال : إنّي و اللَّه ما قاتلتكم لتصلّوا و لا لتصوموا و لا لتحجّوا و لا لتزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، و انّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم ، و قد أعطاني اللَّه ذلك و أنتم كارهون . قال شريك في حديثه : هذا هو التهتّك ٣ .

و عن حبيب بن أبي ثابت قال : لمّا بويع معاوية خطب فذكر عليّا عليه السّلام فنال منه ، و نال من الحسن عليه السّلام ، فقام الحسين عليه السّلام ليرد عليه فأخذ الحسن عليه السّلام بيده فأجلسه ، ثمّ قال : أيّها الذاكر عليّا أنا الحسن و أبي عليّ ، و أنت معاوية و أبوك صخر ( أبو سفيان ) ، و امّي فاطمة ، و امّك هند ، و جدّي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، و جدّك حرب ، و جدّتي خديجة ، و جدّتك قتيلة ، فلعن اللَّه أخملنا ذكرا ،

و ألأمنا حسبا ، و شرّنا قدما ، و أقدمنا كفرا و نفاقا . فقال طوائف من أهل المسجد : آمين ٤ .

و روى المدائني : أنّ معاوية سأل الحسن عليه السّلام بعد الصّلح أن يخطب النّاس فامتنع ، فناشده أن يفعل ، فوضع له كرسي فجلس عليه ، ثمّ قال :

الحمد للَّه الّذي توحّد في ملكه و تفرّد في ربوبيّته ، يؤتي الملك من يشاء ، و ينزعه عمّن يشاء ، و الحمد للَّه الّذي أكرم بنا مؤمنكم ، و أخرج من الشّرك أوّلكم ، و حقن دماء آخركم ، فبلاؤنا عندكم قديما و حديثا أحسن البلاء ، إن شكرتم أو كفرتم أيّها النّاس إنّ ربّ عليّ كان أعلم به حين

ــــــــــــــــ

( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٥ .

( ٢ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٥ .

( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٥ .

( ٤ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٦ .

٩٢

قبضه اليه ، و لقد اختصّه بفضل لم تعتدوا بمثله ، و لم تجدوا مثل سابقته ،

فهيهات هيهات ، طالما قلّبتم له الامور حتّى أعلاه اللَّه عليكم ، و هو صاحبكم و عدوّكم في بدر و أخواتها ، جرّعكم رنقا ، و سقاكم علقا ، و أذلّ رقابكم ،

و أشرقكم بريقكم ، فلستم بملومين على بغضه ، و ايم اللَّه لا ترى امّة محمّد صلّى اللَّه عليه و آله خفضا ما كانت سادتهم و قادتهم بني امّية ، و لقد وجّه اللَّه إليكم فتنة لن تصدروا عنها حتّى تهلكوا ، لطاعتكم طواغيتكم و انضوائكم إلى شياطينكم ، فعند اللَّه أحتسب ما مضى ، و ما ينتظر من سوء دعتكم ، و حيف حكمكم . ثمّ قال : يا أهل الكوفة لقد فارقكم بالأمس سهم من مرامي اللَّه ،

صائل على أعداء اللَّه ، نكال على فجّار قريش ، لم يزل آخذا بحناجرها ، جاثما على أنفاسها ، ليس بالملومة في أمر اللَّه ، و لا بالسّروقة لمال اللَّه ، و لا بالفروقة في حرب أعداء اللَّه ، أعطى الكتاب خواتمه و عزائمه ، دعا فأجابه ، و قاده فاتّبعه ،

لا تأخذه في اللَّه لومة لائم ، فصلوات اللَّه عليه و رحمته . قال : ثم نزل ، فقال معاوية : أخطأ عجل أو كاد ، و أصاب متثبت أو كاد ، ماذا أردت من خطبة الحسن ١ ؟

و روى عن أبي الطفيل قال : قال الحسن عليه السّلام لمعاوية بن خديج : أنت الشاتم عليّا عليه السّلام عند ابن آكلة الأكباد ؟ أما و اللَّه لئن وردت الحوض ، و لن ترده لترينّه مشمّرا عن ساقيه ، حاسرا عن ذراعيه ، يذود عنه المنافقين ٢ .

و عن الأسود بن قيس العبدي قال : قال الحسن عليه السّلام لحبيب بن مسلمة :

ربّ مسير لك في غير طاعة اللَّه . فقال : أمّا مسيري إلى أبيك فليس من ذلك . قال :

بلى و اللَّه ، و لكنّك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك ، و لو كنت إذا فعلت شرّا قلت خيرا ، كان ذلك كما قال

ــــــــــــــــ

( ١ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، ٧ شرح الكتاب ٣١ .

( ٢ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ١٠ ، ٧ شرح الكتاب ٣١ .

٩٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثالث الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

عزّ و جلّ : خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا ١ و لكنّك كما قال سبحانه : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ٢ .

و روى الزّبير بن بكار في ( مفاخراته ) : أنّه اجتمع عند معاوية عمرو بن العاص ، و الوليد بن عقبة ، و عتبة بن أبي سفيان ، و قد كان بلغهم عن الحسن عليه السّلام قوارص ، و بلغه عنه مثل ذلك ، فقالوا لمعاوية : إنّ الحسن قد أحيا أباه ذكره ، و قال فصدّق ، و أمر فاطيع ، و خفقت النّعال خلفه ، و أنّ ذلك لرافعه إلى ما هو أعظم ، و لا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا .

قال معاوية : ما تريدون ؟ قالوا : ابعث إليه فأحضره ، لنسبّه و نسبّ أباه و نعيّره و نوبّخه ، و نخبره أنّ أباه قتل عثمان ، و نقرّره بذلك ، و لا يستطيع أن يغيّر علينا شيئا من ذلك . قال : إن بعثت إليه لأنصفنه منكم . فقال عمرو بن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقّنا أو يربو قوله على قولنا ؟ قال : أمّا إنّي إن بعثت إليه لآمرنه أن يتكلّم بلسانه كلّه . قالوا : مره . قال : أمّا إذا عصيتموني و بعثتم إليه ، و أبيتم إلاّ ذلك فلا تمرّضوا له في القول ، و اعلموا أنّهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ، و لا يلصق بهم العار ، و لكن اقذفوه بحجره ، و قولوا له : إنّ أباك قتل عثمان ، و كره خلافة الخلفاء قبله .

فبعث معاوية إليه . فقال لرسوله : من عنده ؟ فسمّاهم ، فقال الحسن عليه السّلام :

ما لهم خرّ عليهم السّقف من فوقهم و أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ؟ ثمّ قال : يا جارية أبلغيني ثيابي ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك من شرورهم ، و أدرأ بك في نحورهم ، و أستعين بك عليهم ، فاكفنيهم كيف شئت ، و أنّى شئت بحول منك و قوّة ، يا أرحم الراحمين .

ــــــــــــــــ

( ١ ) التوبة : ١٠٢ .

( ٢ ) نقله عن المدائني ابن أبي الحديد في شرحه ٤ : ٧ ، شرح الكتاب ٣١ و الآية ١٤ من سورة المطففين .

٩٤

قال : فلمّا دخل على معاوية أعظمه و أجلسه إلى جانبه و قد ارتاد القوم ،

و خطروا خطران الفحول بغيا في أنفسهم و علوّا ، ثم قال : يا أبا محمّد إنّ هؤلاء بعثوا إليك و عصوني . فقال : سبحان اللَّه ، الدّار دارك و الإذن فيها إليك ، و اللَّه لئن كنت أجبتهم إلى ما أرادوا في أنفسهم إنّي لأستحيي لك من الفحش ، و إن كانوا غلبوك على رأيك إنّي لأستحيي لك من الضّعف ، فأيّهما تقرّ و أيّهما تنكر ؟ أما أني لو علمت بمكانهم جئت بمثلهم من بني عبد المطلب ، و ما لي أن أكون متوحّشا منك و لا منهم ، إنّ وليي اللَّه و هو يتولّى الصالحين ١ .

فقال معاوية : إنّي كرهت أن أدعوك و لكن حملوني على ذلك مع كراهتي له ، و أنّ لك منهم النّصف و منهم ، و إنّما دعوناك لنقرّرك أنّ عثمان قتل مظلوما ،

و أنّ أباك قتله ، فاستمع منهم ثمّ أجبهم ، و لا تمنعك وحدتك و اجتماعهم أن تتكلّم بكلّ لسانك .

فتكلّم عمرو بن العاص و ذكر عليّا فلم يترك شيئا يعيبه به إلاّ قاله ،

و قال : إنّه شتم أبا بكر و كره خلافته ، و امتنع من بيعته ، ثمّ بايعه مكرها ،

و شرك في دم عمر ، و قتل عثمان ظلما ، و ادّعى من الخلافة ما ليس له ، ثمّ ذكر الفتنة يعيّره بها ، و أضاف إليه مساويا ، و قال : إنّكم يا بني عبد المطّلب لم يكن اللَّه ليعطيكم الملك على قتلكم الخلفاء و استحلالكم ما حرّم اللَّه من الدّماء ،

و حرصكم على الملك ، و إتيانكم ما لا يحلّ ، ثمّ إنّك يا حسن تحدّث نفسك أنّ الخلافة صائرة إليك ، و ليس عندك عقل ذلك و لا لبّه ، كيف ترى اللَّه سلبك عقلك ،

و تركك أحمق قريش ، تسخر قريش منك و تهزؤك ، و ذلك لسوء عمل أبيك ،

و إنّما دعوناك لنسبّك و أباك ؟ فأمّا أبوك فقد تفرّد اللَّه به و كفانا أمره ، و أمّا أنت فإنّك في أيدينا نختار فيك الخصال ، و لو قتلناك ما كان علينا إثم من اللَّه ، و لا

ــــــــــــــــ

( ١ ) الأعراف : ١٩٦ .

٩٥

عيب من النّاس ، فهل تستطيع أن تردّ علينا و تكذّبنا ؟ فإن كنت ترى أنّا كذبنا في شي‏ء فأردده علينا في ما قلنا ، و إلاّ فاعلم أنّك و أباك ظالمان .

ثمّ تكلّم الوليد بن عقبة فقال : يا بني هاشم إنّكم كنتم أخوال عثمان ،

فنعم الولد كان لكم ، فعرف حقّكم ، و كنتم أصهاره ، فنعم الصهر كان لكم ،

يكرمكم ، فكنتم أوّل من حسده ، فقتله أبوك ظلما لا عذر له و لا حجّة ، فكيف ترون أنّ اللَّه طلب بدمه و أنزلكم منزلتكم ؟ و اللَّه إنّ بني امية كانوا خيرا لبني هاشم من بني هاشم لبني اميّة ، و إنّ معاوية خير لك من نفسك .

ثمّ تكلّم عتبة بن أبي سفيان ، فقال : يا حسن كان أبوك شرّ قريش لقريش ، أسفكه لدمائها ، أقطعه لأرحامها ، طويل السّيف و اللّسان ، يقتل الحيّ و يعيب الميّت ، و إنّك ممّن قتل عثمان ، و نحن قاتلوك به ، و أمّا رجاؤك الخلافة فلست في زندها قادحا ، و لا في ميزانها راجحا ، و إنّكم يا بني هاشم قتلتم عثمان ، و إنّ في الحقّ أن نقتلك و أخاك به ، فأمّا أبوك فقد كفانا اللَّه أمره و أقاد منه ، و أما أنت فو اللَّه ما علينا لو قتلناك بعثمان إثم و لا عدوان .

ثمّ تكلّم المغيرة بن شعبة فشتم عليّا عليه السّلام و قال : و اللَّه ما أعيبه في قضية يخون ، و لا في حكم يميل ، و لكنّه قتل عثمان .

ثمّ سكتوا فتكلّم الحسن عليه السّلام فحمد اللَّه و أثنى عليه ، و صلّى على رسوله ،

ثمّ قال : أمّا بعد يا معاوية فما هؤلاء شتموني و لكنّك شتمتني ، فحشا ألفته ،

و سوء رأي عرفت به ، و خلقا سيّئا ثبتّ عليه ، و بغيا علينا ، و عداوة منك لمحمّد صلّى اللَّه عليه و آله و أهله ، و لكن اسمع يا معاوية و اسمعوا ، فلأقولنّ فيك و فيهم دون ما فيكم ، انشدكم اللَّه أيّها الرّهط أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم صلّى القبلتين ، و أنت يا معاوية بهما كافر تراهما ضلالة ، و تعبد اللاّت و العزّى غواية ؟ و انشدكم اللَّه هل تعلمون أنّه بايع البيعتين : بيعة الفتح و بيعة الرضوان ، و أنت يا معاوية بإحداهما كافر ، و بالاخرى ناكث ؟ و انشدكم اللَّه هل

٩٦

تعلمون أنّه أوّل النّاس إيمانا ، و أنّك يا معاويه و أباك من المؤلّفة قلوبهم تسرّون الكفر ، و تظهرون الإسلام ، و تستمالون بالأموال ؟ و انشدكم اللَّه ألستم تعلمون أنّ عليّا عليه السّلام كان صاحب راية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يوم بدر ، و أنّ راية المشركين كانت مع معاوية و أبيه ، ثمّ لقيكم يوم احد و يوم الأحزاب و معه راية رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و معك يا معاوية و مع أبيك راية الشرك ، و في كلّ ذلك يفتح اللَّه له ، و يفلج حجّته ، و ينصر دعوته ، و يصدّق حديثه ، و رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في تلك المواطن كلّها عنه راض ، و عليك و على أبيك ساخط ؟ و انشدك اللَّه يا معاوية أتذكر يوم جاء أبوك على جمل أحمر ، و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال : اللّهمّ العن الرّاكب و القائد و السّائق ؟ أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لمّا همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك ؟ و هو :

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا

بعد الّذين ببدر أصبحوا مزقا

خالي و عمّي و عمّ الام ثالثهم

و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

لا تركنن إلى أمر تكلفنا

و الرّاقصات به في مكّة الخرقا

فالموت أهون من قول العداة لقد

حار ابن حرب عن العزّى إذن فرقا

و و اللَّه لما أخفيت من أمرك أكبر ممّا أبديت ، و انشدكم اللَّه أيّها الرهط ألستم تعلمون أنّ عليّا عليه السّلام حرّم على نفسه الشّهوات بين أصحاب النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ،

فأنزل تعالى فيه : يا أيها الّذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلّ اللَّه لكم . . . ١ ؟

و أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة ، فنزلوا من حصنهم فهزموهم ، فبعث عليّا عليه السّلام بالرّاية ، فاستنزلهم على حكم اللَّه و حكم رسوله ،

و فعل في خيبر مثلها ؟

ثمّ قال : يا معاوية أظنّك لا تعلم أنّي أعلم ما دعا به عليك النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله لمّا

ــــــــــــــــ

( ١ ) المائدة : ٨٧ .

٩٧

أراد أن يكتب كتابا إلى بني خزيمة ، فبعث إليك و نهمك إلى أن تموت ؟ و أنتم أيّها الرّهط نشدتكم اللَّه ألا تعلمون أنّ النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردّها :

أوّلها : يوم لقي النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله خارجا من مكّة إلى الطّائف ، يدعو ثقيفا إلى الدّين ، فوقع فيه و سبّه و سفّهه و شتمه و كذّبه و توعّده و همّ أن يبطش به ،

فلعنه اللَّه و رسوله و صرف عنه .

و الثانية : يوم العير ، إذ عرض لها النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و هي جائية من الشّام ،

فطردها أبو سفيان و ساحل بها ، فلم يظفر المسلمون بها ، فلعنه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و دعا عليه ، فكانت وقعة بدر لأجلها .

و الثّالثة : يوم احد ، وقف أبو سفيان تحت الجبل و النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في أعلاه ،

و هو ينادي : « أعل هبل » مرارا فلعنه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله عشر مرّات ، و لعنه المسلمون .

و الرّابعة : يوم جاء بالأحزاب و غطفان و اليهود ، فلعنه النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و ابتهل .

و الخامسة : يوم جاء أبو سفيان في قريش ، فصدّوا النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله عن المسجد الحرام . . . و الهدي معكوفا أن يبلغ محلّه . . . ١ ، و ذلك يوم الحديبيّة ،

فلعن النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أبا سفيان ، و لعن القادة و الأتباع ، و قال : ملعونون كلّهم و ليس فيهم من يؤمن . فقيل : يا رسول اللَّه أفما ترجو الإسلام لأحد منهم ، فكيف باللّعنة ؟ فقال : لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع ، و أمّا القادة فلا يفلح منهم أحد .

و السادسة : يوم الجمل الأحمر .

و السابعة : يوم وقفوا للنّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله في العقبة ، ليستنفروا ناقته ، و كانوا اثني عشر رجلا ، منهم : أبو سفيان . فهذا لك يا معاوية .

ــــــــــــــــ

( ١ ) الفتح : ٢٥ .

٩٨

و أمّا أنت يابن العاص فإنّ أمرك شبرك ، و ضعتك امّك مجهولا من عهر و سفاح ، فتحاكم فيك أربعة من قريش ، فغلب عليك جزارها ألأمها حسبا ،

و أخسّهم منصبا ، ثمّ قام أبوك فقال : أنا شانى‏ء محمّد الأبتر ، فأنزل عزّ و جلّ فيه ما أنزل ، و قاتلت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في جميع المشاهد و هجوته ، و آذيته بمكّة و كدته كيدك كلّه ، و كنت من أشدّ النّاس عداوة له ، و تكذيبا ، ثمّ خرجت مع أصحاب السّفينة تريد النّجاشي ، لتأتي بجعفر و أصحابه إلى أهل مكّة ، فلمّا أخطاك ما رجوت ، و رجعك اللَّه خائبا ، و أكذبك واشيا جعلت حدّك على صاحبك عمارة بن الوليد ، فوشيت به إلى النجاشي حسدا لما ارتكب من حليلتك ، ففضحك اللَّه و فضح صاحبك ، فإنّك عدوّ بني هاشم في الجاهليّة و الإسلام ، ثمّ إنّك تعلم و كلّ هؤلاء الرّهط يعلمون أنّك هجوت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله بسبعين بيتا من الشّعر ، فقال : اللّهمّ إنّي لا أقول الشّعر ، و لا ينبغي لي ، اللّهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة . فعليك إذن من اللَّه ما لا يحصى من اللعن ، و أمّا ما ذكرت من أمر عثمان فأنت شغرت عليه الدّنيا ، ثمّ لحقت بفلسطين ، فلمّا أتاك قتله قلت : أنا أبو عبد اللَّه إذا نكأت قرحة أدميتها ، ما نصرت عثمان حيّا و لا غضبت له مقتولا . ويحك يابن العاص ألست القائل في بني هاشم لمّا خرجت من مكّة إلى النجاشي :

تقول ابنتي أين هذا الرّحيل

و ما السّتر منّي بمستنكر

فقلت ذريني فإنّي امرؤ

اريد النّجاشي في جعفر

لأكويه عنده كيّة

اقيم بها نخوة الأصغر

و شانى‏ء أحمد من بينهم

و أقولهم فيه بالمنكر

و أجري إلى عتبة ١ جاهدا

و لو كان كالذّهب الأحمر

ــــــــــــــــ

( ١ ) قلت : و مراده بعتبة النّجاشي .

٩٩

و لا أنثني عن بني هاشم

و ما اسطعت في الغيب و المحضر

فإن قبل العتب منّي له

و إلاّ لويت له مشفري

فهذا جوابك يا عمرو ، هل سمعته ؟

و أمّا أنت يا وليد ، فو اللَّه ما ألومك على بغض عليّ عليه السّلام و قد جلدك في الخمر ثمانين ، و قتل أباك بين يدي النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله صبرا ، و أنت الّذي سمّاه اللَّه الفاسق ، و سمّى عليّا عليه السّلام المؤمن حيث تفاخرتما ، فقلت له : اسكت يا عليّ ، فأنا أشجع منك جنانا ، و أطول منك لسانا . فقال لك عليّ عليه السّلام : اسكت يا وليد فأنا مؤمن و أنت فاسق . فأنزل تعالى في موافقة قوله عليه السّلام : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ١ . ثمّ أنزل فيك على موافقة قوله عليه السّلام أيضا : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا ٢ و يحك يا وليد مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر فيك و فيه :

أنزل اللَّه و الكتاب عزيز

في عليّ و في الوليد قرآنا

فتبّوى الوليد إذ ذاك فسقا

و عليّ مبوّأ إيمانا

ليس من كان مؤمنا عمرك اللّه

كمن كان فاسقا خوّانا

سوف يدعى الوليد بعد قليل

و عليّ إلى الحساب عيانا

فعليّ يجزى بذاك جنانا

و وليد يجزى بذاك هوانا

و ما أنت و قريش ؟ إنّما أنت علج من أهل صفورية ، و اقسم باللَّه لأنت أكبر في الميلاد ، و أسنّ عمّن تدعى إليه .

قال : و أما أنت يا عتبة ، فو اللَّه ما أنت بحصيف فاجيبك ، و لا عاقل فاحاورك ، و اعاتبك ، و ما عندك خير يرجى و لا شرّ يتّقى ، و ما عقلك و عقل أمتك

ــــــــــــــــ

( ١ ) السجدة : ١٨ .

( ٢ ) الحجرات : ٦ .

١٠٠