شيعة هم اهل السنّة

شيعة هم اهل السنّة0%

شيعة هم اهل السنّة مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 327

شيعة هم اهل السنّة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور محمد التيجاني السماوي
تصنيف: الصفحات: 327
المشاهدات: 73776
تحميل: 3180

توضيحات:

شيعة هم اهل السنّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 327 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73776 / تحميل: 3180
الحجم الحجم الحجم
شيعة هم اهل السنّة

شيعة هم اهل السنّة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لكل هذا اصطفى الله سبحانه من الملائكة رسلا ومن الناس، وشرفهم بمهمة القيادة لعباده وجعلهم أئمة يهدون بأمره. قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ‌ ) ( آل عمران: ٣٣ ). والأئمة الذين اصطفاهم الله سبحانه لختم الرسالة المحمدية، هم أئمة الهدى من عترة النبي وكلهم من آل إبراهيم ذرية بعضها من بعض هؤلاء هم الذين أشار إليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله: « الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش »(١) .

ولكل زمان إمام معلوم، فمن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. والله سبحانه وتعالى إذا اصطفى إماماً طهره وعصمه وعلمه فلا يؤتى الحكمة إلا لأهلها ومستحقيها. وإذا رجعنا إلى أصل الموضوع وهو معرفة الإمام كل ما يحتاج إليه الناس من أحكام الشريعة من خلال النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة والتي تواكب مسيرة البشرية إلى قيام الساعة، فإننا لا نجد في الأمة الإسلامية من ادعى ذلك غير أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الذين صرحوا عديد المرات بأن عندهم الجامعة وهي من إملاء رسول الله وخط علي بن أبي طالب وفيها كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش.

وقد أشرنا إلى هذه الصحيفة الجامعة التي كان يحملها علي معه وقد أشار إليها البخاري ومسلم في صحيحهما ولا يمكن لأي واحد من المسلمين تكذيب ذلك.

وعلى هذا الأساس فإن الشيعة الذين انقطعوا لأئمة أهل البيت حكموا في الشريعة بنصوص القرآن والسنة ولم يضطروا لغيرها وذلك على الأقل طيلة ثلاثة قرون حياة الأئمة الاثني عشر.

____________________

(١) أخرج الحديث البخاري في صحيحه ج ٨ ص ١٢٧ وصحيح مسلم ج ٦ ص ٣ وفي بعض الروايات كلهم من بني هاشم بدلاً من قريش، وسواء أكان من بني هاشم أم من قريش فكلهم من آل إبراهيم كما هو معلوم.

١٤١

أما « أهل السنة والجماعة » فقد اضطروا للاجتهاد والقياس وغير ذلك لفقدان النصوص وجهل أئمتهم من أيام الخلافة الأولى. وإذا كان الخلفاء عندهم قد عمدوا لحرق النصوص النبوية والعمل على منعها وكتمانها. وإن كان كبيرهم يقول: حسبنا كتاب الله، ضارباً بالسنة النبوية عرض الجدار، فمن الطبيعي جداً أن يفتقروا إلى النصوص المبينة لأحكام القرآن نفسه.

فكلنا يعلم بأن أحكام القرآن الظاهرية قليلة جداً وهي في عمومها تفتقر إلى بيان النبي، ولذلك قال تعالى:( وَ أَنْزَلْنَا إِلَيْکَ الذِّکْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) ( النحل: ٤٤ ).

وإذا كان القرآن يفتقر للسنة النبوية لتبين أحكامه ومقاصده. وإذا كان أقطاب « أهل السنة والجماعة » قد أحرقوا السنة المبينة للقرآن، فلم يبق عندهم بعدها نصوص لا لبيان القرآن ولا لبيان السنة نفسها. فلابد والحال هذه أن يعمدوا للاجتهاد والقياس واستشارة العلماء عندهم فيأخذوا بالاستحسان وبما يرون فيه مصلحتهم الوقتية. ومن الطبيعي جداً أن يحتاجوا إلى كل ذلك لفقد النصوص ويضطروا إليه اضطراراً.

١٤٢

والمرجعية عند الشيعة التقليد

لابد لكل مكلف من المسلمين، إذا لم يكن مجتهداً - يمعنى أنه قادر على استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة - أن يقلد مرجعاً جامعاً للشرائط من العلم والعدل والورع والزهد والتقوى وذلك لقوله تعالى:( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) ( النحل: ٤٣ ).

وإذا بحثنا هذا الموضوع نجد الشيعة الإمامية قد واكبوا الأحداث فلم تنقطع عندهم سلسلة المرجعية أبداً من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى يوم الناس هذا. وقد واصل الشيعة تقليد الأئمة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام ، وقد استمر وجود هؤلاء الأئمة أكثر من ثلاثة قرون على نسق واحد فلم يخالف واجد منهم قول الثاني ؛ لأن النصوص الشرعية من الكتاب والسنة كانت هي المتبعة عندهم جميعاً ولم يعملوا بقياس ولا باجتهاد ولو فعلوا لكان الاختلاف عندهم شائعاً، كما وقع لأتباع « أهل السنة والجماعة ».

ويستنتج من هذا أن مذهب « أهل السنة والجماعة » سواء كان حنفياً أم مالكياً أم شافعياً أم حنبلياً، فهو مبني على رأي رجل واحد بعيد عن عصر الرسالة ولا تربطه بالنبي أية صلة. أما مذهب الشيعة الإمامية فهو متواتر عن اثني عشر إماماً من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينقل الابن عن أبيه فيقول أحدهم: حديثي هو حديث أبي وحديث أبي هو حديث جدي وحديث جدي هو حديث أمير المؤمنين علي وحديث علي

١٤٣

هو حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحديث رسول الله هو حديث جبريلعليه‌السلام وهو كلام الله تعالى.

( وَ لَوْ کَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً کَثِيراً ) ( النساء: ٨٢ ). ثم جاءت مرحلة ما بعد غيبة الإمام المعصوم الذي أرجع الناس إلى تقليد العالم الفقيه الجامع للشرائط. وبدأت سلسلة الفقهاء المجتهدين منذ ذلك العهد إلى اليوم تتوالى بدون انقطاع، وفي كل عهد يبرز في الأمة مرجع واحد أو عدة مراجع للشيعة يقلدونهم في أعمالهم حسب الرسائل العملية التي يستبطها كل مرجع من الكتاب والسنة، ولا يجتهد إلا في الأمور المستحدثة التي عرفها هذا القرن بسبب التقدم العلمي والتكنولوجي، كعملية زرع القلب أو أي عضو جسدي من شخص لآخر، أو الحمل الاصطناعي، أو المعاملات البنكية وغير ذلك.

وقد يبرز من بين المجتهدين أعلمهم فيسمى المرجع الأعلى للشيعة أو زعيم الطائفة والحوزة العلمية، والذي يحظى بتقدير واحترام كل المراجع الآخرين. ويقلد الشيعة على مر العصور الفقيه الحي الذي يعيش مشاكل الناس ويهتم بهمومهم فيسألونه ويجيبهم. وبهذا بقي الشيعة في كل العصور يحافظون على المصدرين الأساسيين للشريعة الإسلامية من الكتاب والسنة والنصوص المنقولة عبر الأئمة الاثني عشر من العترة الطاهرة جعلت علماءهم يستغنون عن القياس والقول بالرأي ؛ لأن الشيعة اعتنوا بتدوين السنة النبوية من زمن علي بن أبي طالب الذي كان يحتفظ بالصحيفة الجامعة التي جمعت كل ما يحتاجه الناس إلى يوم القيامة كان الأئمة من ولده يتوارثونها كابراً عن كابر، ويكنزونها كما يكنز الناس الذهب والفضة. وقد نقلنا قول الشهيد آية الله الصدر في رسالته العملية والتي ذكر فيها بأنه لم يعتمد إلا على القرآن والسنة.

١٤٤

وليس ذكرنا للشهيد الصدر إلا مثالاً، وإلا فإن كل مراجع الشيعة بدون استثناء يقولون نفس القول. وبهذا البحث الوجيز في مسألة التقليد الشرعي والمرجعية الدينية يتبين لنا بأن الشيعة الإمامية هم أهل القرآن والسنة النبوية المنقولة مباشرة عن علي « باب مدينة العلم » العالم الرباني والمرشد الثاني للأمة بعد نبيها من كان في القرآن كنفس النبي(١) . فمن جاء للمدينة ودخلها من بابها فقد وصل إلى المعين الصافي وأخذ بالكيل الوافي والعلاج الشافي، وقد استمسك بالعروة الوثقى لا انقصام لها لقوله تعالى:( وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) ( البقرة: ١٨٩ ).

ومن أتى البيوت من غير أبوابها سمي سارقاً فلم يتمكن من الدخول ولم يعرف سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيعاقبه الله على عصيانه.

____________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى: ( قل تعالوا ندع أنفسنا وأنفسكم )، فدعا علي بن أبي طالب: أخرجه مسلم في صحيحه في باب فضائل عليعليه‌السلام .

١٤٥

التقليد والمرجعية عند أهل السنة والجماعة

وإذا بحثنا موضوع التقليد والمرجعية عند « أهل السنة والجماعة » فإننا نتحير لإيجاد علاقة تربط هؤلاء بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكلنا يعلم بأن « أهل السنة والجماعة » يرجعون في التقليد إلى أئمة المذاهب الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل، وكل هؤلاء لا يعرفون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا صاحبوه.

وفي وقت كان الشيعة يقلدون علي بن أبي طالبعليه‌السلام الذي لم يفارق النبي طيلة حياته ومن بعده يقلدون سيدي شباب أهل الجنة الإمام الحسن والإمام الحسين سبطي النبي والإمام علي بن الحسين زين العابدين، وابنه الإمام الباقر وحفيده الإمام الصادقعليهم‌السلام ، لم يكن « لأهل السنة والجماعة » وجود في ذلك العصر ولم يحدثنا التاريخ عنهم اين كانوا ومن هو إمامهم الذي يقلدونه ويرجعون إليه في الأحكام الشرعية من الحلال والحرام، من يوم وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ظهور المذاهب الأربعة ؟

ويظهر بعد ذلك على مسرح الحياة أئمة المذاهب الأربعة واحداً بعد واحد وعلى فترات متفاوتة حسب رغبة الحكام العباسيين كما قدمنا في بحث سابق. ثم يظهر بعد ذلك تكتل يجمع المذاهب الأربعة تحت شعار براق يأخذ بالألباب ويتسمى ب- « أهل السنة والجماعة » ويلتف حوله كل من عادى علياً والعترة الطاهرة وكان من أنصار الخلفاء الثلاثة وكل الحكام من بني أمية وبني العباس، فاعتنق الناس تلك المذاهب طوعاً وكرهاً، لأن الحكام عملوا على تأييدها بوسائل الترغيب والترهيب والناس على دين ملوكهم.

١٤٦

ثم نجد « أهل السنة والجماعة » وبعد موت الأئمة الأربعة يغلقون باب الاجتهاد في وجه علمائهم فلا يسمحون لهم إلا بالتقليد لأولئك الائمة الميتين. ولعل الحكام والأمراء هم الذين أغلقوا عليهم باب الاجتهاد ولم يسمحوا لهم بالنقد والنظر في شؤون الدين خوفاً من التحرر الفكري الذي قد يسبب لهم قلاقل وفتناً قد تهدد مصالحهم وكيانهم.

واصبح « أهل السنة والجماعة » مقيدين لتقليد رجل ميت لم يشاهدوه ولم يعرفوه حتى يطمئنوا لعدالته وورعه وعلمه، وإنما كل ما هنالك أنهم أحسنوا الظن بأسلافهم الذين يروي كل فريق منهم مناقب خيالية في الإمام الذي يتبعه فجاء أغلبها فضائل منامية لا تتعدى أضغاث أحلام أو طيف منام، أو ظناً وأوهاماً، فكل حزب بما لديهم فرحون.

ولو نظر المثقفون من « أهل السنة والجماعة » اليوم إلى المثالب التي رواها أسلافهم أيضاً وتضارب الأقوال في بعضهم حتى وصل بهم الأمر إلى الحروب والتكفير في ما بينهم، لراجعوا موقفهم من أولئك الأئمة ولكانوا من المهتدين.

ثم كيف يقلد المسلم العاقل في هذا الزمان رجلاً لا يعرف من مستحدثات العصر شيئاً، ولا يجيبه إذا سأله عن حل لبعض مشاكله، ومن المؤكد بأن مالكاً وأبا حنيفة وغيرهم سيتبرأون من « أهل السنة والجماعة » يوم القيامة ويقولون: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل هؤلاء الذين لم نعرفهم ولم يعرفونا، وما قلنا لهم يوماً بوجوب تقليدنا.

ولا أدري ماذا سيكون جواب « أهل السنة والجماعة » عندما يسألهم رب العالمين عن الثقلين ؟ ثم يأتي عليهم بالرسول شهيداً، وسوف لن يقدروا على دفع شهادته، ولو تذرعوا بطاعة ساداتهم وكبرائهم. وإذا سألهم: هل وجدتم في كتابي أو في سنة رسولي عهداً أو ميثاقاً أو حجة على اتباع المذاهب الأربعة ؟ ؟ والجواب على هذا معروف ولا يتطلب مزيداً من العلم، فليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله شيء من ذلك، وإنما في كتاب الله وسنة رسوله أمر صريح بالتمسك بالعترة الطاهرة وعدم التخلف عنهم.

١٤٧

ولعلهم سيقولون:( رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَ سَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ‌ ) ( السجدة: ١٢ ) وسكون الرد: كلا، تلك كلمة أنتم قائلوها.

وسيقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يارب، إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً، إنني أوصيتهم بعترتي وبلغتهم ما أمرتني به من مودة قرابتي، فنكثوا بيعتي وقطعوا رحمي، وذبحوا ولدي وأباحوا حرمي، فلا ترزقهم يا رب شفاعتي ).

ومرة أخرى يتبين لنا بأن « أهل السنة والجماعة » لا تربطهم بالرسول صلة ولا مودة، فمن فارق العترة فقد فارق القرآن ومن فارق القرآن فلن تجد له من دون الله وليا ولا نصيرا( وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّکْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَ کَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً ) ( الفرقان: ٢٧ - ٢٩ ).

١٤٨

الخلفاء الراشدون عند الشيعة

هم الأئمة الاثنا عشر من العترة النبوية الطاهرة، أولهم:

* أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وسيد المسلمين ويعسوب الدين أسد الله الغالب علي بن أبي طالبعليه‌السلام باب مدينة العلم الذي حير العقول وبهر النفوس وأنار القلوب ولولاه - بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لما قام للدين عمود.

* والثاني هو الإمام هو محمد الحسن بن عليعليه‌السلام سيد شباب أهل الجنة ريحانة النبي في هذه الأمة، العابد الزاهد الناصح الأمين.

* والثالث هو الإمام أبو عبد الله الحسين بن عليعليه‌السلام سيد شباب أهل الجنة وريحانة النبي في هذه الأمة، سيد الشهداء وذبيح كربلاء الذي بذل مهجته لإصلاح أمة جده.

* والرابع هو الإمام علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام وسيد الساجدين.

* الخامس هو الإمام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام الذي يقر علوم الأولين والآخرين.

* والسادس هو الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام الذي ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفقه منه علماً وعملاً.

١٤٩

* والسابع هو الإمام موسى بن جعفر الكاظمعليه‌السلام سليل النبوة ومعدن العلم.

* والثامن هو الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام الذي أوتي الحكمة في حال صباه.

* والتاسع هو الإمام محمد بن علي الجوادعليه‌السلام إمام الجود والكرم والأخلاق.

* والعاشر هو الإمام علي بن محمد الهاديعليه‌السلام صاحب الفضل والهدى.

* والحادي عشر هو الإمام الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام إمام الزهد والتقوى.

* الثاني عشر هو الإمام محمد بن الحسن المهديعليه‌السلام الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويصلي خلفه ابن مريمعليه‌السلام ويتم الهل به ويفرح به المؤمنون.

فهؤلاء هم أئمة الشيعة وعددهم اثنا عشر إماما فإذا قيل: الشيعة الإمامية، أو الاثنا عشرية، أو الجعفرية كانوا هم المقصودين دون سواهم. فلم يقل أحد من الفرق الإسلامية بإمامتهم غيرهم.

وإذا تتبعنا الآيات القرآنية النازلة بخصوصهم والتي تبين فضلهم وشرف منزلتهم وطيب عنصرهم وطهارة نفوسهم وعظيم شأنهم، كآية المودة وآية إذهاب الرجس والتطهير، وآية المباهلة، وآية الأبرار، وآية الصلاة والتسليم، وغيرها كثير. وإذا تتبعنا الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في فضلهم وتقدمهم على الأمة وأعلميتهم وعصمتهم فإننا سنسلم قطعاً بإمامتهم وأنهم آمان الأمة من الضلالة وسبيلها الوحيد إلى الهداية.

١٥٠

وسيتبين لنا جلياً بأن الشيعة هم الفائزون لأنهم تمسكوا بحبل الله المتين وهو ولاؤهم واستمسكوا بالعروة الوثقى لا انفصام لها وهي مودتهم، وركبوا سفينة النجاة وآمنوا من الغرق والهلاك.

ولذلك نحكم ونجزم بمزيد اليقين والمعرفة بأن الشيعة الإمامية هم أهل السنة المحمدية.( لَقَدْ کُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هٰذَا فَکَشَفْنَا عَنْکَ غِطَاءَکَ فَبَصَرُکَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) ( ق: ٢٢ ).

صدق الله العلي العظيم

١٥١

الخلفاء الراشدون عند أهل السنة والجماعة

هم الخلفاء الأربعة الذين اعتلوا منصة الخلافة بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأهل « السنة والجماعة» يقولون فأفضليتهم على حسب ترتيب خلافتهم وعلى سائر الخلق بعد النبي. هذا ما نسمعه اليوم، وقد عرفنا في ما سبق من أبحاث بأن الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام لم يكن معدوداً عندهم من الخلفاء العاديين فضلاً عن الراشدين، وإنما لحقه في ركب الخلفاء الإمام أحمد بن حنبل في زمن متأخر جداً، وكان قبلها يلعن على منابرهم في كل البلاد الإسلامية والإمبراطورية الأموية.

ولمزيد التحقيق وليطمئن القارئ إلى هذه الحقيقة المؤسفة لابد من لفت نظره إلى ما يأتي:

قد قدمنا أن عبد الله بن عمر هو من أكابر فقهاء « أهل السنة والجماعة » وقد اعتمده مالك في موطأه، والبخاري ومسلم في صحيحهما، وباقي المحدثين عن بكرة أبيهم. فهذا الرجل كان من النواصب الكبار الذين عرفوا ببغضهم الصريح لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ويحدثنا التاريخ أنه رفض البيعة لولي المؤمنين وأسرع يبايع الحجاج اللعين عدو الله ورسوله(١) .

____________________

(١) الحجاج بن يوسف الثقفي المعروف بفسقه وكفره وجرائمه واستهتاره بالذين، أخرج الحاكم في المستدرك ج ٣ ص ٥٥٦ وابن عساكر ج ٤ ص ٦٩ أن الحجاج كان يقول: يزعم ابن مسعود أنه يقرأ قرآنا من عند الله، والله ما هو إلا رجز من رجز الأعراب. وكان يقول: اتقوا الله ما استطعتم فليس فيها مشوبة واسمعوا وأطيعوا لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فإنها المثوبة.

كما أخرج أبن عقيل في كتاب النصائح الكافية ص ٨١ أن الحجاج خطب بالكوفة فذكر الذين يزورون قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة قال: تبا لهم إنما يطوفون بأعواد ورمة بالية، هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك ؟ ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله.

١٥٢

وقد كشف عبد الله بن عمر عن مكنون قلبه واباح بخالص سره، عندما حدث بأنه لا يعد لعليعليه‌السلام فضلاً ولا فضيلة ولا منفية واحدة تجعله على الأقل في المرتبة الرابعة بعد عثمان بن عفان. وقد عرفنا بأنه يفضل أبا بكر وعمر وعثمان فقط، أما عليعليه‌السلام فهو بالنسبة إليه من سوقة الناس إن لم يكن أقلهم عنده، وإليك حقيقة أخرى أخرجها المحدثون والمؤرخون تعرب بصراحة عن نفسية ابن عمر الحاقدة والمبغضة لعلي ولكل الأئمةعليهم‌السلام من عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الطاهرة.

قال عبد الله بن عمر وهو يفسر حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله: ( الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش )، قال عبد الله بن عمر: يكون على هذه الأمة اثنا عشر خليفة وهم:

أبوبكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين، معاوية وابنه ملكا الأرض المقدسة، والسفاح، وسلام، ومنصور، وجابر، والمهدي، والأمين، وأمير العصب، كلهم من بني كعب بن لؤي، كلهم صالح لا يوجج مثله(١) .

إقرأ واعجب أيها القارئ العزيز من هذا الفقيه المعظم عند « أهل السنة والجماعة » كيف يحرف الحقائق ويقلبها فيجعل معاوية وابنه يزيد، والسفاح من أفضل العباد، إذ يقول صراحة: كلهم صالح ولا يوجد مثله !

وقد أعمى بصره الحقد والجهل، كما أعمى بصيرته الحسد والبغض(٢) فلم ير لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام فضلاً ولا فضيلة فيقدم عليه معاوية الطليق وابنه يزيد الزنديق والمجرم السفاح، وما عشت أراك الدهر عجباً !

____________________

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٤٠ كنز العمال ج ٦ ص ٦٧ تاريخ ابن عساكر والذهبي.

(٢) اقرأ ولا تنس قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أخرجه البخاري ومسلم بأن حب علي بن أبي طالب إيمان وبغضه نفاق وإن المنافقين كانوا لا يعرفون زمن النبي إلا ببغضهم لعلي.

١٥٣

فعبد الله بن عمر هو ابن أبيه حقاً والشيء من مأتاه لا يستغرب وكل إناء بالذي فيه ينضح، فأبوه عمل بكل جهوده لإبعاد عليعليه‌السلام عن الخلافة واحتقاره وانتقاصه في أعين الناس.

وهذا ابنه الحاقد البغيض، ورغم وصول عليعليه‌السلام إلى الخلافة بعد مقتل عثمان إذ بايعه المهاجرون والأنصار، نراه امتنع عن مبايعته وعمل بكل جهوده على أطفاء نوره وتأليب الناس عليه لإسقاطه فجعل يحدث ويوهم المسلمين بأن علياًعليه‌السلام لا فضل له وهو كسائر الناس العادين.

وقد خدم عبد الله بن عمر الدولة الأموية وتوج معاوية وابنه يزيد بتاج الخلافة كذباً وافتراء على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعترف بخلافة السفاح والمنصور ولك فساق بني أمية وقدمهم على سيد المسلمين وولي المؤمنين بنص القرآن والسنة ولم يعترف بخلافته رغم وقوعها، إن هذا لشيء عجيب !

ولنا مع ابن عمر لقاء آخر في بحث لاحق لنكشف الستار عنه أكثر، مع أن فيما قدمناه كفاية لإسقاطه من الاعتبار وتجريده من العدالة، وعده في زمرة النواصب الذين أسسوا مذهب « أهل السنة والجماعة » وأصبح عندهم من أكبر الفقهاء والمحدثين.

وأنت إذا جبت الأرض شرقاً وغرباً وصليت في مساجد « أهل السنة والجماعة » قاطبة وتحدثت مع علمائهم فسوف يملأ سمعك قول أئمتهم في كل مناسبة: « عن عبد الله بن عمر رضي اله عنهما ».

١٥٤

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقبل تشريع « أهل السنة والجماعة »

عرفنا مما سبق بأن الشيعة اقتداءً بأئمة أهل البيتعليهم‌السلام لم يعملوا بالرأي ولا بالقياس بل حرموهما، وذلك ؛ لأن النصوص النبوية كانت هي القاضية والحاكمة عندهم، وقد توارثوها كابراً عن كابر، وقد جاء ذكر الصحيفة الجامعة وطولها سبعون ذراعاً وفيها كل ما يحتاجه المسلمون إلى قيام الساعة.

كما عرفنا أيضاً بأن « أهل السنة والجماعة » اضطروا للعمل بالرأي وبالقياس وذلك لعدم وجود النصوص النبوية عندهم وافتقارهم إليها ؛ لأن كبراءهم وساداتهم رفضوها وأحرقوها ومنعوا من تدوينها وكتابتها.

وقد عمد أنصار الاجتهاد والقول بالرأي إلى وضع حديث على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتأييد مذهبهم وتلبيس الحق بالباطل، فقالوا بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث معاذ بن جبل إلى اليمن وسأله: كيف تقضي إذا عرض لك القضاء ؟ فقال معاذ: أقضي بكتاب الله، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن لم تجد في كتاب الله ؟ قال: أقضي بسنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: إن لم تجد في سنة رسوله ؟ فقال معاذ عند ذلك: إن لم أجد أجتهد برأيي.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ذلك: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله. وهذا الحديث باطل ولا يمكن أن يصدر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف يقول النبي لمعاذ: إن لم تجد في كتاب الله وسنة رسوله ؟ والله يقول لرسوله:( وَ نَزَّلْنَا

١٥٥

عَلَيْکَ الْکِتَابَ تِبْيَاناً لِکُلِّ شَيْ‌ءٍ ) ( النحل ٨٩ ). ويقول:( مَا فَرَّطْنَا فِي الْکِتَابِ مِنْ شَيْ‌ءٍ ) ( الأنعام: ٣٨ ) وكذلك قوله:( وَ مَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ( الحشر: ٧ ). وقال أيضاً لرسوله:( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْکُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاکَ ) (النساء: ١٠٥ ). فكيف يقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد هذا لمعاذ: إن لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله ؟ ! وهل هذا إلا اعتراف بأن كتاب الله وسنة رسوله ناقصان ولم يبينا كل الأحكام القضائية ! ولقائل أن يقول: ربما كان هذا الحديث لمعاذ بن جبل في بداية الدعوة ولم يكمل بعد نزول القرآن.

قلنا: لا يصح ذلك، أولاً: لقول معاذ: أحكم بكتاب الله. فدل على أن كتاب الله كامل عندهم.

وإذا أضفنا إليه قوله: أقضي بسنة رسوله، علمنا بما لا شك فيه بأن الحديث وضع في زمن متأخر جداً عندما كثر القول بالاجتهاد مقابل النصوص ؛ لأن مصطلح كتاب الله وسنة رسوله كان يستعمل دائماً فيما بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولا يصح ثانياً لأنه يصبح حجة لكل من جهل أحكام الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يقضي برأيه بما شاء ولا يكلف نفسه معرفة النصوص.

ولا يصح ثالثاُ لقول الله سبحانه:( وَ مَنْ لَمْ يَحْکُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولٰئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ‌ ) ( وَ مَنْ لَمْ يَحْکُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولٰئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ‌ ) ( وَ مَنْ لَمْ يَحْکُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولٰئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‌ ) ( المائدة: ٤٤ - ٤٥ - ٤٧ ).

ولا يصح رابعاً لأن الذي يجهل الأحكام لا يحق له القضاء ولا الإفتاء حتى يعرف حكم الله ورسوله في ذلك. وإذا كان النبي نفسه هو رسول الله وقد أعطاه الله سبحانه حق التشريع للأمة فقال:( وَ مَا کَانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَکُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) ( الأحزاب: ٣٦ )، ومع ذلك فإنه لم يعمل طيلة حياته ولم

١٥٦

يحكم في قضية واحدة برأي ولا بقياس، ولا باجتهاد، بل كان دائماً يتبع النصوص الإلهية التي ينزل بها جبريلعليه‌السلام كلما دعت الحاجة لذلك، والروايات التي تخالف هذا الواقع كلها موضوعة.

ولمزيد الاطمئنان بما قدمناه، إليك الدليل من صحاح « أهل السنة » أخرج البخاري في صحيحه قوله:

« ما كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدري أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأي ولا قياس لقوله تعالى:( بِمَا أَرَاکَ اللَّهُ ) ( النساء: ١٠٥ )(١) .

نعم هذا هو رب العالمين وأحكم الحاكمين يقول لرسول الله:( وَ أَنْزَلْنَا إِلَيْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْکِتَابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْکُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ... ) ( المائدة: ٤٨).

نعم هذا هو القرآن يقول لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْکُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاکَ اللَّهُ... ) ( النساء: ١٠٥ ).

وإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يعمل برأي ولا بقياس بشهادتهم في صحاحهم، فكيف تسنى لهم أن يعملوا بذلك ؟ ! وكيف يخالفون أحكام الله وسنة رسوله ثم يقولون بأنهم « أهل السنة » إنه حقاً أمر عجيب وغريب.

____________________

(١) صحيح البخاري ج ٨ ص ١٤٨ من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ( النساء / ١٠٥ ).

١٥٧

تنبيه لابد منه

إذا تكلمنا في الفصول القادمة عن « أهل السنة والجماعة » فإننا لا نقصد بهم المسلمين المعاصرين فقد لاحظنا في عديد الفقرات بأن هؤلاء أبرياء وليس لهم في ما اقترفه السلف من ذنب ولا إثم وقلنا بأنهم ضحايا الدس والتعتيم التاريخي الذي صاغه الأمويون والعباسيون وأذنابهم لمحق السنة النبوية وإرجاع الأمر إلى الجاهلية.

ولقد كنا منهم نسير في ركبهم ونهتدي بهديهم فمن الله علينا وهدانا إلى سفينة النجاة، وليس لنا إلا التضرع والابتهال إليه سبحانه أن يهدي لذلك كل الأمة الإسلامية حتى لا يبقى إلا الحق. ولقائل أن يقول: إن تناول الصحابة بهذا النقد والتجريح يخدش شعور الأغلبية من المسلمين الذين يعتقدون بعدالتهم جميعاً ويعتبرونهم أفضل الخلق بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنقول بأن المسلمين مطالبون بالاعتقاد في الله وفي رسوله والعمل بما افترضاه والوقوف عند الحدود التي رسماها، ويتوقف نجاة المسلمين بما فيهم الصحابة على ذلك، فمن خرج عن ذلك مصيره إلى النار ولو كان عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو ولده.

وإن تناول البعض من الصحابة بالنقد والتجريح فرضته الأحداث التاريخية التي تفاعلوا معها واختلفوا وكانوا سبب اختلاف الأمة ورزيتها.

١٥٨

عداوة « أهل السنة » لأهل البيت تكشف عن هويتهم

إن الباحث يقف مبهوتاً عندما تصدمه حقيقة « أهل السنة والجماعة » ويعرف بأنهم كانوا أعداء العترة الطاهرة، يقتدون بمن حاربهم ولعنهم وعمل على قتلهم ومحو آثارهم. ولذلك تجد « أهل السنة والجماعة » يوثقون المحدثين إذا كانوا من الخوارج أو من النواصب العثمانية، ويتهمون ويوهنون المحدثين إذا كانوا من شيعة أهل البيت. وإنك تجد ذلك مذكوراً في كتبهم بصراحة عندما يحاولون تكذيب الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضائل علي بن أبي طالبعليه‌السلام ويوهنون راويها بقولهم: وفي سنده فلان وهو رافضي(١) .

ويصححون الأحاديث المكذوبة التي وضعت لتفضيل وتمجيد الخلفاء الآخرين، وإن كان راويها من النواصب ؛ لأن النصب عندهم هو شدة وصلابة في السنة. فهذا ابن حجر يقول عن عبد الله بن إدريس الأزدي المعروف بالنصب: يقول: إنه صاحب سنة وجماعة وكان صلباً في السنة وكان عثمانياً(٢) .

ويقول في عبد الله بن عون البصري: إنه موثق وله عبادة وصلابة في السنة ،

____________________

(١) رافضي بمعنى يتشيع لعلي ويرفض خلافة الذين تقدموه.

(٢) تهذيب التهذيب لابن حجر ج ٥ ص ١٤٥ وكذلك ج ١ ص ٨٢.

١٥٩

وشدة على أهل البدع، قال ابن سعد: وكان عبد الله بن عون البصري عثمانياً(١) .

كما يقول في إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني المعروف ببغضه لعليعليه‌السلام : إنه كان حريزي المذهب أي على مذهب حريز بن عثمان الدمشقي المعروف بالنصب(٢) . قال ابن حيان: إنه كان صلباً في السنة حافظاً للحديث. وتجد الإشارة هنا بأن هذا الناصبي الذي يمدحونه بالصلابة في السنة ويحفظ الحديث، كان يغتن المحدثين على بابه، فيبعث بجارية له ومعها دجاجة في يدها، فتطوف في المدينة، ثم تعود لتقول لسيدها الجوزجاني بأنها لم تجد من يذبح لها الدجاجة، فيصيح عند ذلك قائلاً: سبحان الله ! ! فروجة لا يوجد من يذبحها وعلي يذبح في صحوة من نهار نيفاً وعشرين ألف مسلم !!

وبمثل هذا المكر والدهاء يحاول النواصب أعداء أهل البيت تحريف الناس عن الحق وإضلالهم بمثل هذه الأراجيف الكاذبة حتى يملأوا قلوب المسلمين وخصوصاً المحدثين منهم، حقداً وبغضاً لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ويستبيحوا بذلك سبه وشتمه ولعنه. وإنك لتجد هذه الظاهرة موجودة إلى يوم الناس هذا فرغم ادعاء « أهل السنة والجماعة » في زماننا بأنهم يحبون أهل البيت ويترضون عن سيدنا علي ( كرم الله وجهه ) كما يقولون، إلا أنك عندما تروي حديثاً فيه فضيلة لعليعليه‌السلام تراهم يغمزون ويهزأون، ويرمونك بالتشيع وقول البدع والغلو في الدين.

____________________

(١) المعروف أن العثمانيين هم النواصب الذين يكفرون عليا ويتهمونه بقتل عثمان وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان ابن عم عثمان، فهو رئيسهم وزعيمهم.

(٢) النواصب هم أعداء علي وأهل بيته من الخوراج والقاسطين والناكثين والذين ناصبوا له العداء وحاربوه، وبعد استشهاده عملوا على سبه ولعنه.

١٦٠