شيعة هم اهل السنّة

شيعة هم اهل السنّة0%

شيعة هم اهل السنّة مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 327

شيعة هم اهل السنّة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الدكتور محمد التيجاني السماوي
تصنيف: الصفحات: 327
المشاهدات: 73779
تحميل: 3182

توضيحات:

شيعة هم اهل السنّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 327 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73779 / تحميل: 3182
الحجم الحجم الحجم
شيعة هم اهل السنّة

شيعة هم اهل السنّة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ثانياً: نرى بأن " أهل السنة و الجماعة " على مر التاريخ من يوم عاشوراء إلى يوم الناس هذا، يحتفلون بيوم عاشوراء و يجعلونه عيداً يخرجون فيه زكاة أموالهم و يوسعون فيه علي عيالهم، و يروون بأمه يوم بركات و رحمات.

ولا يكفيهم كل ذلك فتراهم إلى اليوم يشنعون علي الشيعة و ينتقدون بكاءهم علي الحسين، و في بعض البلدان الإسلامية يمنعونهم من إقامة ذكرى العزاء و يهجمون عليهم بالسلاح و يعملون فيهم ضرباً و تقتيلاً بدعوى محاربة البدع. و في الحقيقة هم لا يحاربون البدع بقدر ما يمثلون دور الحكام الأمويين و العباسيين الذين حاولوا جهدهم القضاء على ذكرى عاشوراء ووصل بهم الأمر إلى نبش قبر الحسين و إعفائه و منع الناس من زيارته. فهم إلى الآن يريدون القضاء على إحياء تلك الذكرى خوفاً من أن يعرف الناس، و من يجهلون حقيقة أهل البيت - واقع الأمور فتنكشف بذلك عورات أسيادهم و كبرائهم، و يعرف الناس الحق من الباطل و المؤمن من الفاسق.

و بهذا يتبين لنا مرة أخرى، بأن الشيعة هم أهل السنة النبوية ؛ لأنهم اتبعوا سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى في الحزن و البكاء علي أبي عبد الله الحسين، و ذلك بروايات ثابتة أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى على ولده الحسين عندما أعمله جبريل بمقتله في كربلاء و ذلك قبل الواقعة بخمسين عاماً. و يتبين لنا أيضاً بأن " أهل السنة و الجماعة " يحتفلون بيوم عاشوراء لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية و بني أمية في احتفالهم بذلك اليوم ؛ لأنهم انتصروا فيه على الحسين و أخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، و قطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم.

و التاريخ يحدثنا بأن يزيد و بني أمية، احتفلوا بذلك اليوم احتفالاً كبيراً حتى وصل إليهم رأس الحسين و سبايا أهل البيت ففرحوا بذلك و شمتوا برسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و قالوا في ذلك أشعاراً.

و تقرب إليهم علماء السوء من " أهل السنة و الجماعة " فضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، و أن عاشوراء هم اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، و هو اليوم

٣٠١

الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، و هو اليوم الذي كانت فيه النار برداً و سلاماً على إبراهيم، و هو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن و رد فيه بصر يعقوب، و هو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، و هو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء.

وهذه الروايات كلها يرددها علماء " أهل السنة و الجماعة " و أئمتهم على المنابر حتى اليوم بمناسبة عاشوراء، و هي روايات كلها من وضع الدجالين الذين تزيوا بزي العلماء، و تقربوا إلى الحكام بكل الوسائل، فباعوا آخرتهم بدنياهم فما ربحت تجارتهم و هم في الآخرة من الخاسرين.

و قد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء، فوجد يهود المدينة صياماً، فسأهم عن السبب، قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن أولي بموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء و تاسوعاء لمخالفة اليهود.

و هذا كذب مفضوح إذ أن اليهود يعيشون معنا، و لم نسمح لهم بعيد يصومون فيه يسمونه عاشوراء.

و هل لنا أن نسأل ربنا عز و جل: كيف جعل هذا اليوم مباركاً علي كل أنبيائه و رسله من أدم إلي عيسي، إلا محمد، فقد كان عليه هذا اليوم مصيبة و عزاء و شؤماً إذ قتل فيه ذريته و عترته و ذبحوا ذبح الغنم و أخذت بناته سبايا ؟

والجواب: إنه( لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْأَلُونَ‌ ) ( الأنبياء: ٢٣ )

( فَمَنْ حَاجَّکَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَ أَبْنَاءَکُمْ وَ نِسَاءَنَا وَ نِسَاءَکُمْ وَ أَنْفُسَنَا وَ أَنْفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْکَاذِبِينَ‌ ) ( آل عمران: ٦١ )

٣٠٢

٥ - أهل السنة و الجماعة و الصلاة البتراء

بعدما قدمنا فصل سابق نزول الآية و تفسيرها من قبل الرسول نفسه و تعليمهم كيفية الصلاة الكاملة، و نهيهم عن الصلاة البتراء التي لا يقبلها الله سبحانه، و مع ذلك نجد إصراراً كبيراً من طرف " أهل السنة و الجماعة " على الصلاة البتراء لئلا يذكرون أن محمد ضمن الصلاة، و إذا ما ذكروهم غصباً تراهم يضيفون الصحابة معهم، و إذا قلت أمام أحدهم:صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه يفهم علي الفور بأنك شيعي، و ذلك ؛ لأن الصلاة الكاملة على محمد و آل محمد أصبحت شعاراً للشيعة وحدهم.

و هذه حقيقة لا مرية فيها و قد اعتمدنها شخصياً في بداية البحث فكنت أعرف تشيع الكاتب من قوله بعد ذكر محمد:صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و عندما لا أجد إلا لفظةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعرف أنه سني.

كما أفهم تشيع الكاتب عندما يكتب " عليعليه‌السلام " و لكنه عندما يكتب كرم الله وجهه أعرف بأنه سني. و نري من خلال الصلاة الكاملة بأن الشيعة اقتدوا بالسنة النبوية الشريفة، بينما خالف " أهل السنة و الجماعة " أوامر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و لم يقيموا لها وزناً، فتراهم دائماً يصلون الصلاة البتراء، و إذا ما اضطروا إلى إضافة الآل فأنهم عند ذلك يضيفون معهم الصحابة أجمعين بدون استثناء حتى لا يبقوا لأهل البيت فضلاً ولا خصوصية.

٣٠٣

و هذا كله ناتج عن موقف الأمويين تجاه أهل البيت و العداوة التي كانوا يحملونها لهم حتى وصل بهم الأمر أن أبدلوا الصلاة عليهم بلعنهم على المنابر و حمل الناس على ذلك بوسائل الترهيب و الترغيب.

ف- " أهل السنة و الجماعة " لك يجاورهم في السب و اللعن لأهل البيت، ولو فعلوا ذلك لافتضحوا المسلمين و لعرفوا على حقيقتهم و تبرأ منهم الناس، فتركوا السب و اللعن ولكنهم أضمروا العداوة و البغضاء لأهل البيت و حاولوا بكل جهودهم إطفاء نورهم بأن رفعوا مكانة أعدائهم من الصحابة و اختلقوا لهم فضائل خيالية لا تمت للحق بصلة.

و الدليل على ذلك أنك تجد " أهل السنة و الجماعة " حتى اليوم يقولون شيئاً في معاوية و الصحابة الذين لعنوا أهل البيت طيلة ثمانين عاماً، بل و يترضون عليهم أجمعين، و في الوقت يكفرون أي مسلم ينتقص أحداً منهم ( من الصحابة ) و يكشف عن جرائمه، فيفتون بقتله.

و قد حاول بعض الوضاعين أن يضيف إلى الصلاة الكاملة - التي علمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلي أصحابه - جزءاً أخر ظناً منه بأن ذلك سينقص من مكانة أهل البيت، و فيمتهم فروى بأنه قال: قولوا اللهم صل على محمد و آل محمد و على أزواجه و ذريته. و الباحث يفهم بأن هذا الجزء قد أضيف لكي تلحق عائشة بركب أهل البيت.

و نحن نقول لهم: لو سلمنا جدلا بصحة الرواية، و قلبنا أمهات المؤمنين ضمنها، فإن الصحابة لا دخل لهم فيها و أنا أتحدى أن يأتي أحد المسلمين بدليل من القرآن أو من السنة في هذا المعني، فنجوم السماء أقرب إليه من ذلك.

و القرآن و السنة أمرا كل الصحابة و كل من يأتي بعدهم من المسلمين إلي قيام الساعة بالصلاة على محمد و أل محمد. و هذه وحدها مرتبة عظيمة تقصر عنها كل المراتب و منقبة جليلة لا يلحقهم فيها لاحق.

فأبو بكر و عمر و عثمان و كل الصحابة أجمعين و كل المسلمين في العالم و الذين

٣٠٤

يعدون بمئات الملايين عندما يصلون يقولون في تشهدهم: اللهم صلي على محمد و آل محمد و إذا لم يقولوا ذلك فصلاتهم مردودة لا يقبلها الله سبحانه.

و هذا هوا المعني بالضبط الذي قصده الإمام الشافعي عندما قال:

يكفيكم من عظيم الشأن أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له

و قد اتهم الشافعي بالتشيع من أجل قوله هذا، فإن أذناب الأمويين و العباسيين يتهمون بالتشيع كل من صلى على محمد و آل محمد، أو قال فيهم شعراً أو حدث بفضيلة من فضائلهم.

و على كل حال فالبحث في هذا المجال واسع قد يتكرر في العديد من الكتب، فلا بأس بالإعادة إذا كان فيها إفادة.

و المهم أننا عرفنا خلال هذا الفصل بأن الشيعة هم أهل السنة النبوية و صلاتهم كاملة و مقبولة حتى رأي من خالفهم، و " أهل السنة و الجماعة " خالفوا في ذلك صريح السنة النبوية، و صلاتهم بتراء غير مقبولة حتى على رأي أئمتهم و علمائهم( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْکاً عَظِيماً ) ( النساء: ٥٤ )

٣٠٥

٦ - عصمة النبي و تأثيرها على " أهل السنة و الجماعة "

إن نظرية العصمة مختلف فيها عند المسلمين، و هي في الحقيقة العامل الوحيد الذي يفرض على المسلمين أن يتقبلوا أحكام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدون نقاش ولا جدال، إذا ما اعتفدوا في أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي، فلا يؤمنون بأن أقوال النبي و أحكامه إذا لم تكن قرأناً يتلى، فهي مجرد اجتهاد منه.

أما إذا اعتقدوا هذا الاعتقاد وسلموا بأن الأمر كله الله وليس النبي إلا واسطة للتبليغ والبيان فقط، فهم شيعة و قد اشتهر كثير من الصحابة بهذا الاعتقاد، وعلى رأس هؤلاء الإمام عليعليه‌السلام الذي ما كان يغير من سنة النبي قليلاً و لا كثيراً باعتبارها من وحي الله، فلا يجوز استعمال الرأي و الاجتهاد مقابل أحكام الله سبحان و تعالى.

و أما إذا اعتقدوا أن النبي غير معصوم في أقواله و أفعاله و العصمة لا تختص إلا بالقرآن الكريم و ما يتلى من آياته، و ما عدا ذلك فهو كسائر البشر يخطئ و يصيب، أما إذا قالوا بهذا فإنهم " أهل السنة و الجماعة " الذين يجوزون أن يجتهد الصحابة و العلماء مقابل أقوال و أحكام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يتماشى و المصلحة العامة طبقاً للظروف التي تقتضيها الحال حسب رأي الحاكم في كل زمان.

وإنه غني عن البيان بأن مدرسة الخلفاء الراشدين ( باستثناء الإمام علي ) قد اجتهدوا بآرائهم مقابل السنة النبوية، ثم ذهبوا شوطاً أبعد فاجتهدوا مقابل

٣٠٦

النصوص القرآنية أيضاً، و أصبحت آراؤهم فيما بعد أحكاماً عند " أهل السنة و الجماعة " يعلمون بها و يفرضونها على المسلمين.

و قد تكلمنا عن اجتهادات أبي بكر و عمر و عثمان في كتاب " مع الصادقين " و كذلك في كتاب " فاسألوا أهل الذكر " و قد نفرد لهم كتاباً خاصاً في المستقبل إن شاء الله تعالي.

و قد عرفنا أن " أهل السنة و الجماعة " يضيفون إلى المصدرين الأساسين للتشريع الإسلامي ( القرآن والسنة ) مصادر أخري كثيرة من جملتها سنة الشيخين ( أبي بكر و عمر ) و اجتهاد الصحابي، و هذا ناتج عن اعتقادهم بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن معصوماً، و إنما كان يجتهد رأيه، و كان بعض الصحابة يصوب رأيه و يصلح خطاه.

و بهذا يتبين لنا بأن " أهل السنة و الجماعة " عندما ما يقولون بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس معصوماً، فهم يجوزون بذلك مخالفته و عصيانه من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون ؛ لأن غير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً و عقلاً، و ما دمنا نعتقد بخطئه فلا تلزمنا طاعته، كيف نطيع الخطأ ؟

كما يتبين لنا في المقابل بأن الشيعة عندما يقولون بعصمة النبي المطلقة، فهم يفرضون بذلك طاعته ؛ لأنه معصوم عن الخطأ، فلا تجوز مخالفته و معصيته بأي حال من الأحوال، و من يخالفه أو يعصيه فقد خالف و عصى ربه، و إلى ذلك يشير القرآن الكريم في العديد من الآيات بقوله:( و ما أتاكم الرسول فخذوه ) ( آل عمران: ١٣٢ )، و قوله:( قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْکُمُ اللَّهُ ) ( آل عمران: ٣١ ). إلى آيات كثيرة تفرض على المسلمين طاعة النبي و عدم مخالفته باعتباره معصوماً ولا يبلغ إلا ما أمره به الله سبحانه.

و هذا يفرض بالضرورة أن يكون الشيعة هم أهل السنة النبوية لاعتقادهم

٣٠٧

بعصمتها و وجوب اتباعها. كما يفرض أن يكون " أهل السنة و الجماعة " بعيدين عن السنة النبوية لاعتقادهم بخطئها و جواز مخالفتها.

( کَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ أَنْزَلَ مَعَهُمُ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْکُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ( البقرة: ٢١٣ )

٣٠٨

مع الدكتور الموسوي و " التصحيح "

إلتقيت مجموعة من الشباب المثقف في بين أخ تربطني به وشائج القرابة و الصبا في ضواحي باريس بمناسبة وليمة أقامها لمولد ابنه الذي رزقه الله بعد طول انتظار، ودار الحديث بيننا عن الشيعة و السنة و كان الجميع و أغلبهم من الجزائريين المتحمسين للثورة الإسلامية ينتقدون الشيعة و يرددون تلك الأساطير المعروفة، و اختلفوا فيما بينهم بين مؤيد منصف يقول بأن الشيعة إخوتنا في الدين و مناهض به يصف الشيعة بكل ضلالة و يفضل عليهم النصارى.

و لما تعمقنا في البحث والاستدلال كان بعضهم يهزأ مني و يقول بأنني من المغرورين الذين بهرتهم الثورة الإيرانية، و حاول صديقي إقناعهم بأنني باحث كبير و أطراني أمام الحاضرين، و قال بأنني مؤلف كتب عديدة في هذه المواضيع.

و لكن أحدهم قال بأن لديه الحجة التي ليس بعدها حجة. و سكت الجميع، و تساءلت عن هذه الحجة، فطلب مني الانتظار بضع دقائق و ذهب مسرعاُ إلى بيته المجاور و رجع يحمل بين يديه كتاب " الشيعة و التصحيح " للدكتور موسى الموسوي و ضحكت عندما رأيت الكتاب و قلت: أهذه هي الحجة التي ليس بعدها حجة ؟ التفت إلى الحاضرين و قال:

هذا من أكبر علماء الشيعة و هو مرجع من مراجعهم و له شهادة في الاجتهاد و لأبوه وجده من أكبر علمائهم، ولكنه عرف الحق و نبذ التشيع و أصبح من أهل السنة و الجماعة.

٣٠٩

و أنا واثق من أن الأخ ( و يقصدني ) لو يقرأ هذا الكتاب لما دافع عن الشيعة أبداً ولعرف خفاياهم و انحرافاتهم.

وضحكت مرة أخري و قلت له: و حتى تعرف أني قرأته قراءة باحث فسأعطيك أمام الحاضرين الحجة التي ليس بعدها حجة من الكتاب نفسه الذي جئت به.

قال مع الحاضرين بلهفة: هات نسمع منك.

قلت: أنا لا أتذكر رقم الصفحة ولكن أعرف العنوان و أذكره جيداً و هو: أقوال أئمة الشيعة في الخلفاء الراشدين.

قال: و ما في ذلك ؟

قلت: إبحث عنه و اقرأه أمام الحاضرين و بعدها سأبين لك الحجة.

و أخرج الفقرة و قرأها أمام الحاضرين و ملخصها أن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام كان يفتخر بانتسابه لأبي بكر " الصديق " فيقول " أولدني أبو بكر مرتين " والذين رووا هذه الروايات يروون أيضاً بأن الإمام الصادق كان يعطن في أبي بكر من جهة أخري.

و يعلق الدكتور الموسوي علي هذا بقوله: " فهل يعقل أن يفتخر الإمام الصادق بجده من جهة و يطعن قيه جهة أخري ؟ إن مثل هذا الكلام قد يصدر من السوقي الجاهل و لكنه لا يصدر من إمام ".

و تساءل الجميع، ما الحجة في هذا ؟ ! و قالوا إنه كلام معقول و منطقي.

قلت: أن الدكتور الموسوي استنتج من قول الإمام الصادق: " أولد ني أبو بكر مرتين " بأنه يفتخر بجده مع أنه ليس في هذه العبارة ما يوحي بالمدح و الثناء على أبي بكر، أن الصادق ليس هو حفيد مباشر لأبي بكر و إنما ؛ لأن أمة جدها أبو بكر. و مع العلم بأن الصادق ولد بعد وفاة أبي بكر بسبعين عاماً فلم يره أبداً.

قالوا: لم نفهم قصدك من كل هذا ؟ !

٣١٠

قلت: ما رأيكم فيمن يفتخر بجده المباشر والد أبيه و يقول بأنه أعلم أهل زمانه و لم يعرف التاريخ مثله، ثم يقول بأنه درس و تأدب على يديه، فهل يعقل أن يطعن فيه بعد ذلك، و هل يقبل عاقل أن يفتخر بشخص من جهة ثم يكفره من جهة أخري ؟ !

فقالوا جميعاً: لا يعقل و لا يكون ذلك ابداً.

فقلت: إقرأ إذاً ما جاء فيه أول صفحة من هذا الكتاب الذي بين يديك، فستري بأن الدكتور الموسوي هو ذلك الرجل.

فقرأ: " ولدت و ترعرعت في بيت الزعامة الكبرى للطائفة الشيعية و درست و تأدبت على يد أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم، و هو جدنا الأمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الذي قيل فيه: " أنسى من قبله و أتعب من بعده ".

قلت: الحمد لله الذي أظهر الحجة على لسان الموسوي نفسه و قد حكم على نفسه بنفسه إذ قال فيما قرأتم: هل يعقل أن يفتخر بجده من جهة و يطعن فيه من جهة أخري ؟ و حكم بأن هذا لا يصدر إلا من السوقي الجاهل.

و إن الذي يصف جده بهذه الأوصاف العظيمة التي لم تتوفر لغيره من أفذاذ العلماء، و يدعي بأنه تأدب على يديه و أخذ دروسه و علومه منه، لا يكفره بعد ذلك و يطعن عقيدته، إلا إذا كان سوقياً جاهلاً.

و أطرق الجميع رؤوسهم، وابتهج صديقي صاحب البيت قائلاُ: ألم أقل لكم إن الأخ التيجاني باحث موضوعي و منطقي ؟

و فكر صاحب الكتاب الذي كان يرعد و يزبد و قال: يا أخي، ربما عرف الحق الدكتور الموسوي بعد ما كبر و تعلم فسبحان الله، طلب العلم من المهد إلى للحد.

و أجبت: لو كان الأمر كما تقول لوجب على الدكتور أن يتبرأ من جده و من أستاذه أيضاً الذي أعطاه شهادة الاجتهاد لا أن يفتخر بهما، و يحتج بشهادتهما و هو يكتب في نفس الوقت تكفيرهما من حيث لا يشعر.

٣١١

ولو اردت أن أناقشكم في كل المواضيع التي كتبها لأريتكم العجب العجاب.

وانتهى ذلك اللقاء بعد توضيحات وشروح عن واقع تلك الإشكالات، وكانت له نتائج إيجابية بحمد الله إذ استبصر منهم ثلاثة بعد قراءة كتبي.

وإني أنتهز هذه الفرصة لأقدم للقراء الكرام بعض الصفحات التي كتبتها في هذا الموضوع على عجالة ؛ لأن كتاب « الشيعة والتصحيح » له تأثير في الأوساط التي يتواجد فيها الوهابيون، وبما أن هؤلاء لهم من الأموال والنفوذ في بعض المناطق فقد يؤثرون في بعض الشباب من المسلمين الذين لا يعرفون الشيعة، فيخدعوهم بهذا الكتاب ويمنعونهم من الوصول إلى الأبحاث المفيدة، ومن ثم يقيمون أمامهم حاجزا للوصول إلى الحقيقة المنشودة.

وهؤلاء المعترضون جعلوا حجتهم على الشيعة كتاب « الشيعة والتصحيح » للدكتور موسى الموسوي الذي طبع بالملايين ووزع مجانا في أوساط الشباب المثقف من طرف سلطات معروفة عرف الخاص والعام أهدافها ومراميها.

وقد ظن هؤلاء المساكين أنهم فندوا مذهب الشيعة الإمامية بطبع الكتاب ونشره ؛ لأن مؤلفه « آية الله » الموسوي وهو من الشيعة لتكون الحجة من باب وشهد شاهد من أهلها.

وغفل هؤلاء المساكين عن عدّة أمور لم يحسبوا لها حساباً ولم يقدّروا نتائجها العكسيّة التي عادت عليهم بالوبال. وإني شخصياً لا أكلف نفسي شيئاً من الوقت للردّ على أكاذيب الدكتور موسى الموسوي التي ملأ بها كتابه، وأعتقد أنّ في كتابي « مع الصّادقين » رداً مقنعاً على مفترياته، مع أنه كتب قبل كتابه بوقت قصير ولم يكن مضمونه غلا إظهار معتقدات الشيعة التي ترتكز كلّها على القرآن الكريم والسنّة النبويّة الصّحيحة وإجماع المسلمين بمن فيهم « أهل السنّة والجماعة »، فلم نمرّ على عقيدة واحدة من عقائدهم إلا وأثبتناها في صحاح « أهل السنّة والجماعة ».

فتبين بذلك أنّ كلام الدكتور موسى الموسوي هراء وافتراء لا يقوم على دليل علمي ولا منطق إسلامي وهو طعن على « أهل السنة » قبل الشيعة.

٣١٢

وتبين أيضاً بأن الذين روّجوا له كتابه لا يعرفون من حقائق الإسلام شيئاً وكشفوا بذلك عن عوراتهم وجهلهم. وكلّ ما انتقده مدّعي « التصحيح » من عقائد الشّيعة وشنّع به عليهم موجود بحمد الله في صحاح « أهل السنّة والجماعة ». فالعيب ليس على الشّيعة وإنّما العيب على موسى الموسوي وعلى « أهل السنة والجماعة » الذين لا يعرفون ما يوجد في صحاحهم ومسانيدهم. فالقول بالإمامة والنّص على اثني عشر خليفة كلّهم من قريش ليس هو من اختراعات الشيعة وهو موجود في صحاح « أهل السنة والجماعة ».

والقول بالمهدي وأنه من العترة الطّاهرة يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ليس هو من اختراعات الشيعة إنما هو موجود في صحاح « أهل السنّة والجماعة ».

والقول بأنّ الإمام علي بن أبي طالب هو وصيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس من اختراعات الشّيعة وهو موجود في صحاح « أهل السنّة والجماعة ».

والقول بالتقيّة والعمل بها ليس هو من اختراعات الشيعة، وقد نزل بها القرآن وأثبتتها السنّة النبوية وكل ذلك موجود في صحاح « أهل السنة والجماعة ».

والقول بزواج المتعة وأنها حلال ليس هو من اختراعات الشيعة وإنّما أحلّها الله ورسوله وحرمهاعمر كما هو ثابت في كتب وصحاح « أهل السنة والجماعة ».

والقول بوجوب الخمس في مكاسب الأرباح ليس هو من اختراعات الشيعة، وإنّما أوجبه كتاب الله وسنة رسوله يشهد بذلك صحاح « أهل السنة والجماعة ».

أما زيارة مراقد الأئمة فليس مختصاً بالشيعة فأهل السنّة والجماعة يزورون مراقد الأولياء والصالحين بل ويقيمون لهم مراسم وأفراحاً موسميّة.

والقول بالبداء وأنّ يمحو ما يشاء ويثبت، ليس هو من خيال الشيعة بل هو ثابت في صحاح البخاري.

٣١٣

والقول بجمع الصلاتين في غير ضرورة ليس هو من اختراع الشيعة، بل هو ما جاء في القرآن الكريم و فعله الرسول العظيم كما هو ثابت في صحاح " أهل السنة و الجماعة "

و القول بوجوب السجود على التراب و على الأرض ليس هو من اختراعات الشيعة، بل هو فعل سيد المرسلين و خاتم النبيين يشهد بذلك صحاح " أهل السنة و الجماعة ".

و ما عدا ذلك من الأقوال التي ذكرها الدكتور موسى الموسوي و التي لا يقصد من ورائها إلا التهويل و التهريج كدعاية تحريف القرآن ف- " أهل السنة و الجماعة " أولي بهذه التهمة من الشيعة كما أوضحنا ذلك في كتاب " مع الصادقين ".

و الخلاصة أن كتاب " التصحيح " الذي ألفه الدكتور الموسوي كله يتناقض مع كتاب الله و سنة رسول الله و إجماع المسلمين و ما أوجبه العقل السليم.

فكثير مما أنكره الموسوي هو من ضروريات الدين التي نزل بها الذكر الحكيم و أمر بها الرسول العظيم و أجمع عليها كل المسلمين، و المنكر لها كافر بإجماع المسلمين.

فإن كان يقصد ب- " التصحيح " إبدال تلك العقائد و تلك الأحكام فقد كفر و خرج من ربقة الإسلام و على المسلمين كافة أن يقاوموه.

و إن كان يقصد ب- " التصحيح " إبدال عقائده الشخصية التي يعاني من مركباتها والتي يظهر منها أنه لم يعرف من الشيعة شيئاً، و لعله نقم عليهم إذ حملهم مسؤولية قتل والده الذي ذبح كالكبش ( كما يقول هو في صفحة ٥ من كتابه ) على يد مجرم في لبوس رجل الدين.

فنشأ من صغره بتلك العقدة ناقماً على الشيعة بدون ذنب اقترفوه، و حول وجهه شطر " أهل السنة و الجماعة " و شاركهم في الحقد و البغض لأتباع أهل البيت، بدون الانتماء إليهم فيقي مذبذباً لا إلي هؤلاء فلم يعرف من الشيعة غير ما يردده أعداؤهم من الأكاذيب، و لم يعرف من " أهل السنة و الجماعة " غير صلاة الجمعة و الجماعة ( إن كان يحضرها )

٣١٤

فإذا كان هذا هو المقصود بالتصحيح فما عليه إلا تصحيح عقائده الفاسدة التي خالف بها إجماع الأمة.

و إذا كان الدكتور موسى الموسوي قد نشأ و ترعرع حسب ما يدعي ( في الصفحة الخامسة من كتابه ) و درس و تأدب على يد أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم، و هو جدع الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الذي قيل فيه: " أنسي من قبله و أتعب من بعده "، فلماذا لم يحفظ دروسه و لم يتأدب بآدابه و لم يقتد بهديه و ينهل من علمه، بل نراه في كتابه يهزأ و يسخر من عقائد جده الإمام الأكبر و الزعيم الديني الأوحد الذي عرفه تاريخ الشيعة. فدل بذلك على أنه عاق لوالديه بل تعدى عقوقه إلى تكفير جده و أبويه، و إذا كان الشيعة في نظر الموسوي كافرين فزعيمهم و قائدهم الأكبر إلي الكفر - هو جده ( حاشاه ) - أقرب.

و إنه من العار الذي ليس بعده عار أن يجهل الحفيد موسى ما كتبه جده أبو الحسن الموسويرحمه‌الله في كتابه وسيلة النجاة، ثم يدعي بأنه درس و تأدب على يديه.

و إنه من أكبر العار أن يعرف شاب تونسي يبعد عن النجف آلاف الكيلومترات كتاب وسيلة النجاة للإمام الأكبر أبي الحسن الموسوي الأصفهاني، و يهتدي إلي حقائق أهل البيت من خلاله، بينما لا يعرفه الحفيد الذي تربى و ترعرع فيه بيته و على يديه.

و الذي كتبه الإمام الأكبر السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهانيقدس‌سره في وسيلة النجاة، نقضه حفيده الدكتور موسى الموسوي و سخر منه واعتبره خروجاً عن الإسلام.

و المنطق يقول: إن كانت عقيدة الإمام الأكبر و الزعيم الديني الذي ما عرف تاريخ الشيعة مثله ( كما يعتقد حفيده ) عقيدة صحيحة و سليمة، فعقيدة حفيده كفر و ضلال.

و إن كانت عقيدة الحفيد الدكتور موسى الموسوي هي السليمة و الصحيحة

٣١٥

فعقيدة جده هي الكفر و الضلال، و في هذه الحالة يجب عليه أن يتبرأ منه و لا يفتخر بالانتماء إليه ولا بالرجوع إلي التربية بين يديه، كما بدأ مقدمة كتابه.

و بهذه الحجة و بهذا المنطق أيضاً، يضرب بالشهادة العليا التي نالها موسى الموسوي من أل كاشف الغطاء عرض الجدار.

أولاً: لأن الصورة التي أخرجها في كتابه علي أنها شهادة عليا في الفقه الإسلامي ( الاجتهاد ) ليست إلا إجازة في الروايات، و التي يعطيها المراجع لأغلب الطلاب، و أنا شخصياً عندي منها إجازتان إحداهما: لآية الله العظمي الإمام الخوئي في النجف و الثانية: لآية الله العظمي المرعشي النجفي في قم.

فليست إجازة الرواية شهادة عليا في الفقه الإسلامي كما يدعي الدكتور موسى الموسوي للتمويه على العامة الذين لا يعرفون تنظيم، و مراحل الدراسة في الحوزات العلمية.

ثانياً: لأن حفيد الإمام الأكبر الذي يدعي التصحيح قد خان الأمانة التي ائتمنه عليها أستاذه و معلمه الذي يدعي الموسوي أنه و سمه برتبة الاجتهاد، إذ يقول المرحوم المرجع الديني الأعلى زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف الشيخ محمد الحسين أل كاشف الغطاء في تلك الإجازة التي أخرج الموسوي صورة منها في كتابه: " و قد أجزت له لأهليته أن يروي عني ما صحت لي روايته من مشائخي العظام و أساتذتي الكرام … "

و قد رأينا الموسوي يفند و يسخر من كل ما رواه المرجع الديني الأعلى زعيم الحوزة العلمية آل كاشف الغطاء عن مشائخه العظام و أساتذته الكرام في كتابه " أصل الشيعة و أصولها " والذي ذكر فيه مل معتقدات الشيعة و أحكامهم، فأين كتاب " الشيعة و التصحيح " الذي ألفه التلميذ الخائن من كتاب " أصل الشيعة و أصولها " الذي ألفه المرجع الأعلى كاشف الغطاء.

فإذا كان كاشف الغطاء هو المرجع الديني الأعلى و زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف كما يعترف الموسوي في الصفحة ١٥٨ من كتابه، و إذا كان الموسوي يفتخر علينا بالشهادة العليا التي نالها من حضرته قبل ثلاثين عاماً ،

٣١٦

فلماذا يسخر - الموسوي التلميذ الصغير - من معتقدات أستاذه العظيم الذي علمه و أعطاه شهادة عليا علي حد زعمه ؟

فإن كان المرجع الديني الأعلى و زعيم الحوزة العلمية الشيخ محمد الحسين أل كاشف الغطاء على حق و معتقداته فالموسوي على باطل و معتقداته كلها فاسدة.

و إن كان المرجع الديني الأعلى على باطل و معتقداته غير صحيحة، فيسخر منها الموسوي و يفندها، فيلزمه في هذه الحالة أن لا يكذب على الناس و يموه بأن شهادته العليا في الفقه الإسلامي ( الاجتهاد ) قد حصل عليها من سماحته.

و إذا كانت معتقدات موسى الموسوي هي الصحيحة كما يدعي هو في كتابه فقد كفر جده السيد أبا الحسن الموسوي الأصفهاني الذي يقول عنه و نفسه بأنه أكبر زعيم و قائد ديني عرفه تاريخ التشيع منذ الغيبة الكبرى و حتى هذا اليوم.

كما كفر أستاذه و مانحه الشهادة العليا كاشف الغطاء و كفر ملايين الشيعة من نشأنهم بعد السقيفة إلى يومنا هذا. و إني كما عاهدت ربي أن أتبين في الأمر قبل الحكم عليه عندما قرأت كتاب موسى الموسوي " الشيعة و التصحيح " أقبلت عليه بكل جوارحي علني أدرك فيه ما فاتني و أكمل ما ينقصني، فإذا بي لا أجد فيه إلا الأكاذيب و التناقضات و إنكار ما هو ثابت بنص القرآن والاستهزاء بسنة النبي و مخالفة إجماع المسلمين، و أدركت أن الموسوي لم يكلف نفسه قراءة صحيح البخاري فقء والذي هو أصح الكتب عند " أهل السنة و الجماعة " و الذي يريد الموسوي حسب " تصحيحه " أن ينضم إليهم الشيعة و يتركوا أوامر الله و رسوله، ولو قرأ هذا العالم الفذ ! ! الذي حصل علي الشهادة العليا في الفقه الإسلامي " الاجتهاد " و عمره على ما يبدو عشرون الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة طهران عام ١٩٥٥ ولا تنس أنه ولد في النجف الأشرف عام ١٩٣٠، كما حصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة باريس " السوربون " عام ١٩٥٩.

٣١٧

أقول لو كلف نفسه قراءة صحيح البخاري فقط و هو كتاب موثوق عند " أهل السنة و الجماعة " لما وقع في هذه الورطة التي سوف لا يجد منها مخرجاً إلا بالتوبة النصوحة و الرجوع إلي الله. و ألا سوق لن تنفعه الشهادات العليا وبل الألقاب الخلابة و لا الأنوال المذولة التي تصرف لتفريق المسلمين. قال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ کَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَکُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذِينَ کَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ‌* لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْکُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولٰئِکَ هُمُ الْخَاسِرُونَ‌ ) ( الأنفال: ٣٦ - ٣٧ ).

و على كل حال، فكتابه مليء بالتناقضات التي يتعثر فيها كل باحث و إذا كان الموسوي يرى في نفسه الكفاءة لتصحيح مذهب الشيعة في عقائدهم و أحكامهم، فأنا أدعوه لمقاباته تلفزيونيه و ندوه عليمة يحضرها من يشاء من الباحثين و المحققين ليعرف الناس بعدها من هو المحتاج إلى التصحيح، و هو ما يدعو له القرآن الكريم و ما وصل إليه الكفر الحر في أرقى المجتمعات، حتى يتبين المسلمون أمرهم فلا يكفروا قوماً بجهالة و يصبحوا بعد ذلك نادمين.

( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِينَ‌ ) ( البقرة: ١١١ )

بقي شيء واحد لابد لنا أن ننصف فيه الدكتور الموسوي و هو ما ذكره في " تصحيحه " في ثلاثة عناوين رئيسية:

ضرب القامات في يوم عاشوراء.

الشهادة الثالثة ( علي ولي الله )

الإرهاب

أما ضرب القامات بالسلاسل والزناجيل، فإنه ليس من عقائد الشيعة ولا من الدين و إنما هو من أعمال العوام، و لا يختص بالشيعة وحدهم، فهناك من أهل السنة و الجماعة و من الطريقة العيساوية المعروفة في كل شمال إفريقيا من يفعل اكثر من الشيعة، ولا يقصدون بها حزناً على الحسين ولا على مصاب أهل البيتعليهم‌السلام .

و نحن توافق الدكتور على تصحيحه و نعمل معه لرفع هذه المظاهر عن كل

٣١٨

المسلمين، مادام هناك من علماء الشيعة المخلصين من يحرم ذلك ويسعى لإبطاله كما اعترف بذلك الموسوي نفسه.

أما الشهادة الثالثة ( أشهد أن علياً ولي الله )، فإن الموسوي نفسه يعرف جيداً بأن كل علماء الشيعة يقولون بأنها ليست جزءاً من الأذان، بل إذا جيء بها بنية الوجوب أو بنية أنها جزء من الأذان أو الإقامة بطل الأذان و الإقامة. والموسوي يعرف جيداً هذه الحقيقة، ولكنه يروك التهريج بأية مفردة تخدم هدفه المريب.

أما الإرهاب فنحن نرفضه رفضاً تاماً كما يرفضه الدكتور الموسوي، ولكن كان على الدكتور الموسوي أن لا يلصق هذه التهمة الشنيعة بالشيعة، فموجة الإرعاب التي عرفت في السنوات الأخيرة هي نتيجة حتمية للصراع القائم بين الشرق و الغرب، بين الشمال والجنوب، بين المستكبرين و المستضعفين، بين الغاصبين و المغصوبين.

و لماذا يربط الدكتور الموسوي أعمال الحشاشين بالشيعة ؟ و التاريخ يشهد أن الشيعة استهدفت علي مر التاريخ من كل الفرق و من كل الحكومات و المستعمرين، و مع ذلك كانوا يرفضون الإرهاب بكل أشكاله و ألوانه.

و لماذا لا يتكلم الموسوي عن إرهاب معاوية و ما قام به من اغتيالات في صفوف المسلمين حتى اغتال الإمام الحسن بالسم. و كان يغتال معارضيه من المؤمنين الصادقين بالسم ثم يقول: إن لله جنوداً من عسل.

و هل الحركات الإسلامية في العالم والتي اتصفت بالإرهاب في فلسطين و في مصر والسودان و في تونس و الجزائر و في أفغانستان و غيرها في بلاد الغرب مثل الباسك و الكورس و إيرلندا و غيرها من بلاد العالم، هل هؤلاء من الشيعة ؟

و إذا كان الدكتور الموسوي يقصد بالإرهاب هو خطف الرهائن و تحويل الطائرات و نسفها، فإن المناضلين من الشعب الفلسطيني الذين شردتهم إسرائيل، و طردتهم من بيوتهم هم الذين اختطفوا الرهائن في ملعب مونيخ إبان الألعاب الأولبية لسنة ٧٥ وقتلوا بعض المشاركين من الإسرائيليين و حولوا بعض الطائرات و نسفوها، كل ذلك ليوقظوا ضمير العالم و يعرفوا بقضيتهم و مظلمتهم التاريخية التي لم تعرف البشرية مثلها.

٣١٩

و يشهد الموسوي بأن هؤلاء ليسوا من الشيعة، و إذا كان الدكتور الموسوي يتأثر بوكالات الأنباه الأجنبية التي تحاول جهدها إلصاق هذه التهمة بالشيعة من أجل المواقف السياسية و العداء المفرط الثورة الإسلامية، فإن هذه الأوساط تضع في قائمة الإرهاب الدولي كلا من ليبيا و سوريا و العراق على رأس القائمة، و كل هؤلاء ليسوا من الشيعة ضرورة.

فلماذا يخصص الدكتور الموسوي الشيعة بالإرهاب في كتابه " الشيعة و التصحيح " و هو نفسه يقول في صفحة ١٢٢ بأن الدولة الشيعية الإيرانية ما ولن تستطيع أن تتحدث باسم الشيعة جميعاً، بل و حتى باسم الشيعة في إيران.

و إذا كان الأمر كذلك فعلي الدكتور تصحيح مفاهيمه.

و هكذا و بهذا نكون قد أنصفنا الدكتور الموسوي و بينا الحق من الباطل و الصحيح من السقيم.

و أثبتنا للقراء الكرام بأن عقائد الشيعة الإمامية كلها صحيحة و سليمة ؛ لأنها وليدة القرآن الكريم و السنة النبوية.

و أن ما يحاوله المغرضون و المشاغبون أعداء الله و رسوله و أعداء الإسلام من اتهامات مزيفة، و إشاعات باطلة للطعن بعقائد المتمسكين بالعترة الطاهرة سيبوء بالفشل و يذهب جفاء، قال تعالي:

( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَ أَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْکُثُ فِي الْأَرْضِ کَذٰلِکَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ‌ ) ( الرعد: ١٧ ).

و نسأله سبحانه و تعالي أن يهدينا جميعاً و يوفقنا لما يحب و يرضي و يلهمنا رشدنا، و يرفع مقته و غضبه عنا، و يفرج كربتنا بحضور الحجة المنتظر، و يعجل لنا ظهوره، إنهم يرونه بعيداً و نراه قريباً.

و آخر دعوانا الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أزكى التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا و مولانا محمد و على أله الطيبين الطاهرين.

٣٢٠