الروضة من الكافي الجزء ٨

الروضة من الكافي0%

الروضة من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 311

الروضة من الكافي

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف:

الصفحات: 311
المشاهدات: 46419
تحميل: 5722

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 46419 / تحميل: 5722
الحجم الحجم الحجم
الروضة من الكافي

الروضة من الكافي الجزء 8

مؤلف:
العربية

سألت علي بن الحسين (ع) إبن كم كان علي بن أبي طالب (ع) يوم أسلم؟ فقال: أو كان كافرا قط، إنما كان لعلي (ع) حيث بعث الله عزوجل رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشر سنين ولم يكن يومئذ كافرا ولقد آمن بالله تبارك وتعالى وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسبق الناس كلهم إلى الايمان بالله وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإلى الصلاة بثلاث سنين وكانت أول صلاة صلاها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر ركعتين وكذلك فرضها الله تبارك وتعالى على من أسلم بمكة ركعتين ركعتين وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصليها بمكة ركعتين ويصليها علي (ع) معه بمكة ركعتين مدة عشر سنين حتى هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة وخلف عليا (ع) في امور لم يكن يقوم بها أحد غيره وكان خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة في أول يوم من ربيع الاول وذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول مع زوال الشمس فنزل بقبا فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ثم لم يزل مقيما ينتظر عليا (ع) يصلي الخمس صلوات ركعتين ركعتين وكان نازلا على عمرو بن عوف فأقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له: أتقيم عندنا فنتخذ لك منزلا ومسجدا فيقول: لا إني أنتظر علي بن أبي طالب وقد امرته أن يلحقني ولست مستوطنا منزلا حتى يقدم علي وما أسرعه إن شاء الله، فقدم علي (ع) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيت عمرو بن عوف فنزل معه ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لماقدم عليه علي (ع) تحول من قبا إلى بني سالم بن عوف وعلي (ع) معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس فخط لهم مسجدا ونصب قبلته فصلى بهم فيه الجمعة ركعتين وخطب خطبتين، ثم راح يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها وعلي (ع) معه لا يفارقه، يمشي بمشيه وليس يمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ببطن من بطون الانصار إلا قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم فيقول لهم: خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، فانطلقت به ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واضع لها زمامها حتى انتهت إلى الموضع الذي ترى - وأشار بيده إلى باب مسجد

٢٤١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يصلي عنده بالجنائز - فوقفت عنده وبركت ووضعت جرانها على الارض(١) فنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقبل أبوأيوب مبادرا حتى احتمل رحله فأدخله منزله ونزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي (ع) معه حتى بني له مسجده بنيت له مساكنه ومنزل علي (ع) فتحولا إلى منازلهما.

فقال سعيد بن المسيب لعلي بن الحسين (ع): جعلت فداك كان أبوبكر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه؟ فقال: إن أبا بكر لما قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قبا فنزل بهم ينتظر قدوم علي (ع) فقال له أبوبكر: انهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون إقبالك إليهم(٢) فانطلق بنا ولا تقم ههنا تنتظر عليا فما أظنه يقدم عليك إلى شهر، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلا ما أسرعه ولست أريم(٣) حتى يقدم ابن عمي وأخي في الله عزوجل وأحب أهل بيتي إلي فقد وقاني بنفسه من المشركين، قال: فغضب عند ذلك أبوبكر واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي (ع) وكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في علي (ع) وأول خلاف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فانطلق حتى دخل المدينة وتخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقبا ينتظر عليا (ع).

قال: فقلت لعلى بن الحسين (ع) فمتى زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة من علي (ع) فقال: بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين، قال: علي ابن الحسين (ع): ولم يولد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجةعليها‌السلام على فطرة الاسلام(٤) إلا فاطمةعليها‌السلام وقد كانت خديجة ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبوطالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئم المقام بمكة(٥) ودخله حزن شديد وأشفق على نفسه من كفار قريش فشكا إلى جبرئيل (ع) ذلك، فأوحى الله عزوجل إليه: اخرج

____________________

(١) برك اي يقع على بركه اي صدره. جران البعير بالكسر: مقدم عنقه من مذبحه إلى منخره.

(٢) الاستثراء: الاستبطاء؛ (الصحاح).

(٣) يقال: رام يريم إذا برح وزال من مكانه. (النهاية)

(٤) اي بعد البعثة.

(٥) اي ملله المقام فيها.

٢٤٢

من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر وانصب للمشركين حربا.

فعند ذلك توجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة، فقلت له: فمتى فرضت الصلاة على المسلمين على ماهم عليه اليوم؟ فقال: بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الاسلام وكتب الله عزوجل على المسلمين الجهاد [و] زاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الصلاة سبع ركعات في الظهر ركعتين وفي العصر ركعتين وفي المغرب ركعة وفي العشاء الآخرة ركعتين وأقر الفجر على ما فرضت لتعجيل نزول ملائكة النهار من السماء ولتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء وكان ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة الفجر فلذلك قال الله عزوجل: "( وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کَانَ مَشْهُوداً ) (١) " يشهده المسلمون ويشهده ملائكة النهار وملائكة الليل.

٥٣٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (ع) قال: ما أيسر ما رضي به الناس عنكم، كفوا ألسنتكم عنهم(٢) .

٥٣٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وأبوعلي الاشعري، عن محمد ابن عبدالجبار جميعا، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة قال: كان أبوجعفر (ع) في المسجد الحرام فذكر بني أمية ودولتهم، فقال له بعض أصحابه: إنما نرجو أن تكون صاحبهم وأن يظهر الله عزوجل هذا الامر على يديك، فقال: ما أنا بصاحبهم ولا يسيرني أن أكون صاحبهم إن أصحابهم(٣) أولاد الزنى، إن الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والارض سنين ولا أياما اقصر من سنينهم(٤) وأيامهم إن الله عزوجل يأمر الملك الذي في يده الفلك فيطويه طيا.

٥٣٩ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله (ع) قال: ولد المرداس(٥) من تقرب منهم أكفروه ومن تباعد منهم أفقروه

____________________

(١) الاسراء: ٧٨.

(٢) جملة (كفوا السنتكم عنهم) تفسير (ما رضي به الناس).

(٣) اي من يستأصلهم ويقتلهم اولاد الزنا بني العباس واتباعهم؛ (آت).

(٤) اي بني امية ويحتمل بني العباس واما امر الفلك قد سبق الكلام في مثله؛ (آت).

(٥) ولد المرداس كناية عن العباس وهذا التعبير للتقية والاخفاء والوجه فيه ان عباس بن مرداس السلمى صحابي شاعر فلعل المراد ولد سمى ابن المرداس؛ (آت).

٢٤٣

ومن ناواهم قتلوه(١) ومن تحصن منهم أنزلوه ومن هرب منهم أدركوه، حتى تنقضي دولتهم.

٤٥٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، واحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن عمرو بن أيمن جميعا، عن محسن بن أحمد بن معاذ، عن أبان بن عثمان، عن بشير النبال، عن أبي عبدالله (ع) قال: بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا إذ جاء ته امرأة فرحب بهاوأخذ بيدها وأقعدها ثم قال: إبنة نبي ضيعه قومه، خالد بن سنان(٢) دعاهم فأبوا أن يؤمنوا وكانت نار يقال لها: نار الحدثان(٣) تأتيهم كل سنة فتأكل بعضهم وكانت تخرج في وقت معلوم فقال لهم: إن رددتها عنكم تؤمنون؟ قالوا: نعم، قال: فجاء‌ت فاستقبلها بثوبه فردها ثم تبعها حتى دخلت كهفها ودخل معها وجلسوا على باب الكهف وهم يرون ألا يخرج أبدا فخرج وهو يقول: هذا هذا وكل هذا من ذا(٤) ، زعمت بنو عبس أني لا أخرج وجبيني يندى(٥) ، ثم قال: تؤمنون بي؟ قالوا: لا، قال: فإني ميت يوم كذا وكذا فإذا أنا مت فادفنوني فإنها ستجئ عانة(٦) من حمر يقدمها عير أبتر حتى يقف على قبري فانبشوني وسلوني عما شئتم، فلمامات دفنوه وكان ذلك اليوم إذ جاء‌ت

____________________

(١) ناواهم اي عاداهم.

(٢) ذكروا انه كان في الفترة واختلفوا في نبوته وهذا الخبر يدل على انه كان نبيا وذكر ابنالاثير وغيره هذه القصة نحوا مما في الخبر؛ (آت).

(٣) قال السيوطي في شرح شواهد المغني ناقلا عن العسكري في ذكر اقسام النار: نار الحرتين كانت في بلاد عبس، تخرج من الارض فتؤذي من مر بها وهي التي دفنها خالد بن سنان النبيعليه‌السلام . قال خليد:

كنار الحرتين لها زفير

تصم مسامع الرجل السميع

اقول: لعل الحدثان تصحيف الحرتين؛ (آت).

(٤) اي هذا شأني وإعجازي. و (كل هذا من ذا) اي من الله تعالى وفي نسخة (وكل هذا مؤذ ازعم).

(٥) عبس بالفتح ابو قبيلة من قيس. وقوله: (جبيني يندى) كيرضى اي يبتل من العرق؛ (آت).

(٦) العانة: القطيع من حمر الوحش. والعير بالفتح: الحمار الوحشي وقد يطلق على الاهلي ايضا.

والابتر: المقطوع الذنب؛ (آت).

٢٤٤

العانة اجتمعوا وجاؤوا يريدون نبشه فقالوا: ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته ولئن نبشتموه ليكون سبة عليكم فاتركوه فتركوه(١) .

٥٤١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه يقول: لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح الانصار فخصموهم بحجة علي (ع) قالوا: يا معشر الانصار قريش أحق بالامر منكم لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأبهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الائمة من قريش، قال سلمانرضي‌الله‌عنه : فأتيت عليا (ع) وهو يغسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والله فأخبرته بما صنع الناس وقلت: إن أبا بكر الساعة على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله، فقال لي: يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت: لا أدري، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الانصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبوعبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال: لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قلت: لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجاده شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول: الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان، أبسط يدك، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي (ع):

____________________

(١) قال الجوهري: يقال: هذا الامر صار سبة عليه بالضم اي عارا يسب به انتهى.

اي هذا عار عليكم ان تحبوه ولا تؤمنوا به او هو يسبكم بترك الايمان والكفر او يكون هذا النبش عارا لكم عند العرب فيقولون: نبشوا قبر نبيهم ويؤيده ما ذكره ابن الاثير قال: فارادوا نبشه فكره ذلك بعضهم قالوا: نخاف إن نبشناه ان يسبنا العرب بأنا نبشنا نبينا فتركوه؛ (آت).

(٢) اي غلب هؤلاء الثلاثة على الانصار في المخاصمة بحجة هي تدل على كون الامر لعليعليه‌السلام دونهم لانهم احتجوا عليهم بقرابة الرسول وامير المؤمنين كان اقرب منهم اجمعين وقد احتجعليه‌السلام عليهم بذلك في مواطن (ذكروها)؛ (آت).

(٣) في الاحتجاج للطبرسي: (ما يرضى الناس ان يبايعوه).

(٤) (سجادة) اي أثر سجود. والتشمير: الجد والاجتهاد في العبادة؛ (آت).

٢٤٥

هل تدري من هو؟ قلت: لا ولقد ساء تني مقالته كأنه شامت بموت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ذاك إبليس لعنه الله، أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدا نصب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إياي للناس بغدير خم بأمر الله عزوجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا: إن هذه أمة مرحومة ومعصومة ومالك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم، فأنطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع(١) ويقول: كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عزوجل وطاعته وما أمرهم به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥٤٢ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن سليمان، عن عبدالله بن محمد اليماني، عن مسمع ابن الحجاج(٢) ، عن صباح الحذاء، عن صباح المزني، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: لما أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي (ع) يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه فقالوا: يا سيدهم ومولاهم(٣) ماذا دهاك فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه؟ فقال لهم: فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا فقالوا: يا سيدهم أنت كنت لآدم، فلما قال المنافقون: إنه ينطق على الهوى وقال أحدهما لصاحبه: أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون، يعنون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صرخ إبليس صرخة بطرب، فجمع أولياء ه فقال: أما علمتم أني كنت لآدم من قبل؟ قالوا: نعم قال: آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا

____________________

(١) النخير: صوت الانف. وكسعه كمنعه ضرب دبره بيده او بصدر قدمه وانما كان يفعل ذلك نشاطا وفرحا وفخرا وفرجا ومخرجا وطربا؛ (آت).

(٢) في بعض النسخ (منيع ابن الحجاج) وعلى كلتا النسختين غير مذكور في كتب الرجال.

(٣) اي قالوا: ياسيدنا ويا مولانا وانما غيره لئلا يوهم انصرافه اليهعليه‌السلام وهذا شايع في كلام البلغاء في نقل امر لا يرضى القائل لنفسه كما في قوله تعالى: (ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين) وقوله: (ماذا دهاك) يقال: دهاه إذا اصابته داهنة؛ (آت).

٢٤٦

بالرسول.

فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقام الناس غير علي لبس إبليس تاج الملك و نصب منبرا وقعد في الوثبة(١) وجمع خليلة ورجله ثم قال لهم: اطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الامام.

وتلا أبوجعفر (ع): "( وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‌ ) (٢) " قال أبوجعفر (ع): كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

والظن من إبليس حين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنه ينطق على الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه.

٥٤٣ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما (ع) قال: أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما كئيبا حزينا؟ فقال له: علي (ع) مالي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا؟ فقال: وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه إن بني تيم وبني عدي وبني امية يصعدون منبري هذا، يردون الناس عن الاسلام القهقرى، فقلت: يا رب في حياتي أو بعد موتي؟ فقال: بعد موتك.

٥٤٤ - جميل، عن زرارة، عن أحدهما (ع) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أني أكره أن يقال: إن محمدا استعان بقوم حتى إذا ظفر بعدوه قتلهم لضربت أعناق قوم كثير.

٥٤٥ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبيد الله الدهقان، عن عبدالله بن القاسم، عن ابن أبي نجران، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبدالله (ع) قال: كان المسيح (ع) يقول: إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك لجارحه لا محالة وذلك أن الجارح أراد فساد المجروح والتارك لاشفائه لم يشأ صلاحه فإذا لم يشأ صلاحه فقد شاء فساده اضطرارا فكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا ولا تمنعوها أهلها فتأثموا وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوئ إن رأى موضعا لدوائه وإلا أمسك.

____________________

(١) الوثبة: الوسادة وفي بعض النسخ (الزينة).

(٢) سبأ: ٢٠.

٢٤٧

٥٤٦ - سهل، عن عبيد الله، عن أحمد بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن الرضا (ع) أنا وحسين بن ثوير بن أبي فاختة(١) فقلت له: جعلت فداك إنا كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغيير فادع الله عزوجل أن يرد ذلك إلينا، فقال: أي شئ تريدون تكونون ملوكا؟ أيسرك أن تكون مثل طاهر وهرثمة(٢) وأنك على خلاف ما أنت عليه؟ قلت: لا والله ما يسرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا

____________________

(١) رواه الحسن بن علي بن شعبة الحرانيرحمه‌الله في تحف العقول ص ٤٤٨ وفيه (والحسين بن يزيد) وهو النوفلي المتطبب.

(٢) الطاهر هو ابوالطيب او ابوطلحة طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن ماهان الملقب ب‍ (ذو اليمينين) والي خراسان كان من اكبر قواد المامون والمجاهدين في تثبيت دولته كان جده زريق بن ماهان او باذان مجوسيا فاسلم على يد طلحة الطلحات الخزاعي المشهور بالكرم والي سجستان وكان مولاه ولذلك اشتهر الطاهر بالخزاعي وكان هو الذي سيره المأمون من خراسان إلى محاربة اخيه الامين محمد بن زبيدة ببغداد لما خلع المأمون بيعته وسير الامين علي بن عيسى بن ماهان لدفعه فالتقيا بالري وقتل علي بن عيسى وكسر جيش الامين وتقدم الطاهر إلى بغداد واخذ ما في طريقه من البلاد وحاصر بغداد وقتل الامين سنة ١٩٨ وحمل برأسه إلى خراسان وعقد للمأمون على الخلافة فلما استقل المأمون بالملك كتب اليه وهو مقيم ببغداد وكان واليا عليها بان يسلم إلى الحسن بن سهل جميع ما افتتحه من البلاد وهي العراق وبلاد الجبل وفارس واهواز والحجاز واليمن وان يتوجه هو إلى الرقة وولاه الموصل وبلاد الجزيرة والشام والمغرب فكان فيها إلى ان قدم المأمون بغداد فجاء اليه وكان المأمون يرعاه لمناصحته وخدمته.

ولقبه ذو اليمينين وذلك انه ضرب شخصا بيساره فقده نصفين في وقعه مع علي بن عيسى بن ماهان حتى قال بعض الشعراء: (كلتا يديك يمين حين تضربه) فبعثه إلى خراسان فكان واليا عليها إلى ان توفى سنة ٢٠٧ بمرو وهو الذي أسس دولة آل طاهر في خراسان وماوالاها من سنة ٢٠٥ إلى ٢٥٩ وكان طاهر من اصحاب الرضاعليه‌السلام كان متشيعا وينسب التشيع ايضا إلى بني طاهر كما في مروج الذهب وغيره.

ولد طاهر سنة ١٥٩ في توشنج من بلاد خراسان وله عهد إلىابنه وهو من احسن الرسائل.

وهرثمة هو هرثمة بن اعين كان ايضا من قواد المامون وفي خدمته وكان مشهورا معروفا بالتشيع ومحبا لاهل البيت من اصحاب الرضاعليه‌السلام بل من خواصه واصحاب سره وياخذ نفسه انه من شيعته وكان قائما بمصالحه وكانت له محبة تامة واخلاص كامل لهعليه‌السلام .

٢٤٨

وفضة وأني على خلاف ما أنا عليه، قال: فقال فمن أيسر منكم فليشكر الله، إن الله عزوجل يقول: "( لَئِنْ شَکَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّکُمْ ) (١) " وقال سبحانه وتعالى: "( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُکْراً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّکُورُ ) (٢) " وأحسنوا الظن بالله فإن أبا عبدالله (ع) كان يقول: من حسن ظنه بالله كان الله عند ظنه به ومن رضي بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤونته وتنعم أهله وبصره الله داء الدنيا ودواء ها وأخرجه منها سالما إلى دار السلام.

قال: ثم قال: ما فعل ابن قياما(٣) ؟ قال: قلت: والله إنه ليلقانا فيحسن اللقاء فقال: وأي شئ يمنعه من ذلك، ثم تلا هذه الآية " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم(٤) : قال: ثم قال: تدري لاي شئ تحير ابن قياما؟ قال: قلت: لا، قال: إنه تبع أبا الحسن (ع) فأتاه عن يمينه وعن شماله وهو يريد مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فالتفت إليه أبو الحسن (ع) فقال: ماتريد حيرك الله(٥) قال: ثم قال أرأيت لو رجع إليهم موسى فقالوا: لو نصبته لنا فاتبعناه واقتصصنا أثره، أهم كانوا أصوب قولا أو من قال: " لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى(٦) "؟ قال: قلت: لا بل

____________________

(١) ابراهيم: ٧.

(٢) سبأ: ١٢.

(٣) هو الحسين بن قياما كان رجلا واقفيا خبيثا وقيل برجوعه عن الوقف وعلى اي هو من اصحاب الكاظمعليه‌السلام .

(٤) التوبة: ١١٠. وقال الطبرسيرحمه‌الله اي لا يزال بناء المبنى الذي بنوه شكا في قلوبهم فيما كان من اظهار اسلامهم وثباتا على النفاق.

(٥) انما دعا عليه بالحيرة لما علم في قلبه من الشك والنفاق.( آت)

(٦) شبهعليه‌السلام قصة الواقفية بقصة من عبد العجل حيث ترك موسىعليه‌السلام هارون بينهم فلم يطيعوه وعبدوا العجل ولم يرجعوا بقوله عن ذلك وقالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى وكذا موسى بن جعفرعليه‌السلام خلف الرضاعليه‌السلام بينهم عند ذهابه إلى العراق ونص عليه فلما توفىعليه‌السلام تركوا وصيه ولم يطيعوه واختاروا الوقف عليه وقالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى فإنه غاب ولم يمت؛ (آت).

٢٤٩

من قال: نصبته لنا فاتبعناه واقتصصنا أثره قال: فقال: من ههنا اتي(١) ابن قياما ومن قال بقوله.

قال: ثم ذكر ابن السراج(٢) فقال: إنه قد أقر بموت أبي الحسن (ع) وذلك أنه أوصى عند موته فقال: كل ما خلفت من شئ حتى قميصي هذا الذي في عنقي لورثة أبي الحسن (ع) ولم يقل: هو لابي الحسن (ع) وهذا إقرار(٣) ولكن أي شئ ينفعه من ذلك ومما قال ثم أمسك.

٥٤٧ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال لقمان لابنه: إذاسافرت مع قوم فأكثر استشارتك إياهم في أمرك وامورهم وأكثر التبسم في وجوههم وكن كريما على زادك وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم واغلبهم بثلاث: بطول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورته فإن من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله تبارك وتعالى رأيه ونزع عنه الامانة وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا وإذا أمروك بأمر وسألوك فقل: نعم ولا تقل: لا، فإن لاعي ولؤم وإذا تحيرتم في طريقكم فأنزلوا وإذاشككتم في القصد فقفوا وتؤامروا(٤) وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدون فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عينا للصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى فإن العاقل

____________________

(١) بصيغة المجهول: اي هلك.

(٢) هو احمد بن ابي بشر، كان من الواقفة.

(٣) اي يموت موسى بن جعفرعليه‌السلام حيث لم يقل: ان المال لورثته؛ (آت).

(٤) المؤامرة: المشاورة.

٢٥٠

إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني وإذا جاء وقت صلاة فلا تؤخرها لشئ وصلها واسترح منها فإنها دين وصل في جماعة ولو على رأس زج(١) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٢) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الارض بأحسنا لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الارض وإذا ارتحلت فصل ركعتين وودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بعقة أهلا من الملائكة وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل وعليك بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا وعليكم بالتسبيح مادمت عاملا وعليك بالدعاء مادمت خاليا وإياك والسير من أول الليل وعليك بالتعريس والدلجة(٣) من لدن نصف الليل إلى آخره وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

٥٤٨ - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسين بن يزيد النوفلي(٤) ، عن علي بن داود اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله العلوي قال: حدثني الاسيدي ومحمد بن مبشر أن عبدالله بن نافع الازرق(٥) كان يقول: لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه فقيل له: ولا ولده؟ فقال: أفي ولده عالم؟ فقيل له: هذا أول جهلك

____________________

(١) الزج بالضم: الحديدة في أسفل الرمح ونصل السهم.

(٢) الدبر: قرحة الدابة في ظهرها.

(٣) قال الجوهري: التعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة الاستراحة ثم يرتحلون وقال الجزري: فيه عليكم بالدلجة وهو سير الليل: يقال: ادلج بالتخفيف إذا سار من اول الليل وادلج بالتشديد إذا سار من آخره والاسم منهما الدلجة والدلجة بالضم والفتح اقول: لا يبعد ان يكون المراد بالتعريس هنا النزل اول الليل؛ (آت).

(٤) في بعض النسخ (حسن بن زيد النوفلي).

(٥) الظاهر انه كان هو من الخوارج.

٢٥١

وهم يخلون من عالم؟ ! قال: فمن عالمهم اليوم؟ قيل: محمد بن علي بن الحسين بن علي (عل) قال: فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى المدينة فأستأذن على أبي جعفر (ع)، فقيل له: هذا عبدالله بن نافع، فقال: وما يصنع بي وهو يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار؟ فقال له أبوبصير الكوفي: جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليها (ع) قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه، فقال له أبوجعفر: أتراه جاء‌ني مناظرا؟ قال: نعم، قال: يا غلام اخرج فحط رجاله وقل له: إذا كان الغد فأتنا قال: فلما أصبح عبدالله بن نافع غدا في صناديد أصحابه(١) وبعث أبوجعفر (ع) إلى جميع أبناء المهاجرين والانصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ممغرين وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر(٣) فقال: الحمد لله محيث الحيث(٤) ومكيف الكيف ومؤين الاين(٥) الحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض - إلى آخر الآية - وأشهد أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له] وأشهد أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده ورسوله إجتباه وهداه إلى صراط مستقيم.

الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته واختصنا بولايته، يا معشر أبناء المهاجرين و الانصار من كانت عنده منقبة في علي بن أبي طالب (ع) فليقم وليتحدث قال: فقام الناس فسردوا(٦) تلك المناقب - فقال عبدالله: أنا أروي لهذه المناقب من هؤلاء وإنما

____________________

(١) الصنديد: السيد الشجاع.

(٢) قال الفيروزآبادي: المغرة ويحرك: طين احمر والممغر كمعظم: المصبوغ بها.

(٣) الفلقة بالكسر: القطعة والشقة.

(٤) اي جاعل المكان مكانا بايجاده؛ (آت).

(٥) اي موجد الدهر والزمان فان الاين يكون بمعنى الزمان، يقال: آن اينك اي حان حينك. ذكره الجوهري ويحتمل ان يكون بمعنى المكان لها تاكيدا للاول او بان يكون حيث للزمان، قال ابن هشام: قال الاخفش: وقد ترد حيث للزمان ويحتمل ان يكون حيث تعليلية اي هو علة العلل و وجاعل العلل عللا؛ (آت).

(٦) قال الجوهري: فلان يسرد الحديث سردا إذا كان جيد السياق.

٢٥٢

أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين - حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه " فقال أبوجعفر (ع): ما تقول في هذا الحديث فقال: هو حق لا شك فيه ولكن أحدث الكفر بعد، فقال له أبوجعفر (ع): ثكلتك أمك أخبرني عن الله عزوجل أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم؟ قال ابن نافع: أعد علي فقال له أبوجعفر (ع): أخبرني عن الله جل ذكره أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان أم لم يعلم؟ قال: إن قلت: لا، كفرت قال: فقال: قد علم قال: فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته؟ فقال: على أن يعمل بطاعته(١) ، فقال له أبوجعفر (ع): فقم مخصوما، فقام وهو يقول: حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر، الله أعلم حيث يجعل رسالته.

٥٤٩ - أحمد بن محمد، وعلي بن محمد جميعا، عن علي بن الحسن التيمي، عن محمد بن الخطاب الواسطي، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن حماد الازدي، عن هشام الخفاف فقال قال لي أبوعبدالله (ع): كيف بصرك بالنجوم؟ قال: قلت: ما خلفت بالعراق أبصر بالنجوم مني، فقال: كيف دوران الفلك عندكم؟ قال: فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها(٢) قال: فقال: إن كان الامر على ماتقول فما بال بنات النعش والجدي والفرقدين لا يرون يدورون يوما من الدهر في القبلة؟ قال: قلت: هذا والله شئ لا اعرفه ولا سمعت أحدا من أهل الحساب يذكره، فقال لي: كم السكينة من الزهرة جزء‌ا في ضوئها؟ قال: قلت: هذا والله نجم ماسمعت به ولا سمعت أحدا من الناس يذكره، فقال: سبحان الله فأسقطتم نجما بأسره فعلى ماتحسبون؟ ! ثم قال: فكم الزهرة من القمر جزء ا في ضوئه؟ قال: قلت: هذا شئ لا يعلمه إلا الله

____________________

(١) اي لان يعمل والحاصل ان الله انما يحب من يعمل بطاعته لانه كذلك فكيف يحب من يعلم انه على زعمك الفاسد يكفر ويحبط جميع اعماله؛ (آت).

(٢) كانه زعم ان حركة الفلك في جميع المواضع دحوية؛ (آت).

٢٥٣

عزوجل، قال: فكم القمر جزء ا من الشمس في ضوئها؟ قال: قلت: ما أعرف هذا؟ قال: صدقت، ثم قال: ما بال العسكرين(١) يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه بالظفر، ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النحوس؟ قال: فقلت: لا والله ما أعلم ذلك، قال: فقال: صدقت إن أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم.

خطبة لامير المؤمنينعليه‌السلام

٥٥٠ - علي بن الحسن المودب، عن أحمد بن محمد بن خالد، وأحمد بن محمد(٢) ، عن علي بن الحسن التيمي جميعا، عن إسماعيل بن مهران قال: حدثنى عبدالله بن الحارث، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: خطب أمير المؤمنين (ع) الناس بصفين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: أما بعد فقد جعل الله تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم(٣) ومنزلتي التي أنزلني الله عز ذكره بها منكم ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم والحق أجمل الاشياء في التواصف وأوسعها في التناصف(٤) لا يجري لاحد إلا جرى عليه ولا يجري عليه إلا

____________________

(١) هذا بيان لخطأ المنجمين فان لك منجم يحكم لمن يريد ظفره بالظفر ويزعم ان السعد الذي رآه يتعلق به وهذا لعدم احاطتهم بارتباط النجوم بالاشخاص؛ (آت).

(٢) احمد بن محمد عطف على علي بن الحسن وهو العاصمي والتيمي هو ابن فضال وقل من تفطن لذلك؛ (آت). وفي بعض النسخ (احمد بن محمد بن احمد) وفي بعضها (على بن الحسين المؤدب).

(٣) الذي له عليهم من الحق هو وجوب طاعته وامحاض نصيحته والذي لهم عليه من الحق هو وجوب معدلته فيهم؛ (في).

(٤) التواصف ان يصف بعضهم لبعض والتناصف ان ينصف بعضهم بعضا وانما كان الحق اجمل الاشياء في التواصف لانه يوصف بالحسن والوجوب وكل جميل وانما كان اوسعها في التناصف لان الناس لو تناصفوا في الحقوق لما ضاق عليهما مر من الامور وفي النهج (والحق اوسع الاشياء في التواصف واضيقها في التناصف) وهو اوضع معناه ان الناس كلهم يصفون الحق ولكن لا ينصف بعضهم بعضا (في). وفي بعض النسخ (التراصف) موضع التواصف.

٢٥٤

جرى له ولو كان لاحد أن يجري ذلك له ولا يجري عليه لكان ذلك لله عزوجل خالصا دون خلقه لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه(١) ولكن جعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل كفارتهم(٢) عليه بحسن الثواب تفضلا منه وتطولا بكرمه وتوسعا بما هو من المزيد له أهلا، ثم جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافى(٣) في وجوهها ويوجب بعضها بعضا ولا يستوجب بعضها إلا ببعض(٤) ، فأعظم مما افترض الله تبارك وتعالى من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية وحق الرعية على الوالي فريضة فرضها الله عزوجل لكل على كل فجعلها نظام الفتهم وعزا لدينهم(٥) وقواما لسنن الحق فيهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه وأدى إليها الوالي كذلك عز الحق بينهم فقامت مناهج الدين واعتدلت معالم العدل وجرت على أذلالها السنن(٦) فصلح بذلك الزمان وطاب به العيش وطمع في بقاء الدولة ويئست مطامع الاعداء وإذا غلبت الرعية واليهم وعلا الوالي الرعية اختلفت هنالك الكلمة وظهرت

____________________

(١) اي انواعة المتغيرة المتوالية وفي بعض النسخ (صروف قضائه).

(٢) انما سمى جزاؤه تعالى على الطاعة كفارة لانه يكفر ما يزعمون من ان طاعتهم له تعالى حق لهم عليه يستوجبون به الثواب مع انه ليس كذلك لان الحق له عليهم حيث اقدرهم على الطاعة والهمهم اياها ولهذا سماه التفضل والتطول والتوسع بالانعام الذي هو للمزيد منه اهل لانه الكريم الذي لا تنفد خزائنه بالاعطاء والجود تعالى مجده وتقدس وفي نهج البلاغة (وجعل جزاء‌هم عليه) وعلى هذا فلا يحتاج إلى التكليف؛ (في).

(٣) اي جعل كل وجه من تلك الحقوق مقابلا بمثله، فحق الوالي وهو الطاعة من الرعية مقابل بمثله وهو العدل فيهم وحسن السيرة؛ (آت).

(٤) كما ان الوالي إذا لم يعدل لم يستحق الطاعة؛ (آت).

(٥) فانها سبب اجتماعهم به ويقهرون اعدائهم ويغز دينهم. وقوله: (قواما) اي به يقوم جريان الحق فيهم وبينهم؛ (آت).

(٦) في القاموس: ذل الطريق بالكسر: محجته. وامور الله جارية اذلالها وعلى اذلالها اي مجاريها جمع ذل بالكسر.

٢٥٥

مطامع الجور وكثر الادغال في الدين وتركت معالم السنن(١) فعمل بالهواء وعطلت الآثار وكثرت علل النفوس(٢) ولا يستوحش لجسيم حد عطل ولا لعظيم باطل اثل فهنالك تذل الابرار وتعز الاشرار وتخرب البلاد(٣) وتعظم تبعات الله عزوجل عند العباد فهلم أيها الناس إلى التعاون على طاعة الله عزوجل والقيام بعدله والوفاء بعهده والانصاف له في جميع حقه، فإنه ليس العباد إلى شئ أحوج منهم إلى التناصح في ذلك وحسن التعاون عليه وليس أحد وإن اشتد على رضى الله حرصه وطال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى الله من الحق أهله ولكن من واجب حقوق الله عزوجل على العباد النصيحة له بمبلغ جهدهم والتعاون على إقامة الحق فيهم، ثم ليس امرء وإن عظمت في الحق منزلته وجسمت في الحق فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمله الله عزوجل من حقه ولا لامرئ مع ذلك خسئت به الامور واقتحمته العيون(٤) بدون ما أن يعين على ذلك ويعان عليه وأهل الفضيلة في الحال وأهل النعم العظام أكثر في ذلك حاجة وكل في الحاجة إلى الله عزوجل شرع سواء(٥) .

____________________

(١) الادغال: بكسر الهمزة وهو ان يدخل في الشئ ما ليس منه وهو الابداع والتلبيس او بفتحها جمع الدغل بالتحريك: الفساد؛ (آت).

(٢) قال البحراني: علل النفوس امراضها بملكات السوء كالغل والحسد والعدوات ونحوها و قيل: عللها وجوه ارتكابها للمنكرات فتاتي في كل منكر بوجه ورأي فاسد.

(٣) التأثيل: التأصيل ومجد مؤثل اي مجموع ذو أصل وفي النهج (فعل) مكان اثل.

والتبعة ما يتبع اعمال العباد من العقاب وسوء العاقبة.

(٤) (ولا لامرئ) يعني مع عدم الاستغناء عن الاستعانة وقوله: (خسئت به الامور) يقال: خسئت والكلب خسا طردته وخسأ الكلب بنفسه يتعذى ولا يتعدى. وقد تعدى بالباء اي طردته الامور او يكون بالباء للسببية اي بعدت بسببه الامور؛ (آت). وفي بعض النسخ (حست) بالمهملتين اي اختبرته. واقتحمه: احتقره. وفي النهج (ولا امرؤ وان صغرته النفوس واقتحمته العيون). وقوله: (بدون ما ان يعين) اي باقل من ان يستعان به ويعان والحاصل ان الشريف والوضيع جميعا محتاجون في اداء الحقوق إلى اعانة بعضهم بعضا واستعانة بعضهم ببعض وكل من كانت النعمة عليه اعظم فاحتياجه في ذلك اكثر لان الحقوق عليه اوفر لازدياد الحقوق بحسب ازدياد النعم (في)

(٥) (سواء) بيان لقوله: (شرع) وتاكيد وانما ذكرهعليه‌السلام ذلك لئلا يتوهم انهم يستغنون باعانة بعضهم بعضا عن ربهم تعالى بل هو الموفق والمعين لهم في جميع امورهم ولا يستغنون بشئ عن الله تعالى وانما كلفهم بذلك ليختبر طاعتهم ويثيبهم على ذلك واقتضت حكمته البالغة ان يجري الاشياء باسبابها وهو المسبب لها والقادر على امضائها بلا سبب؛ (آت).

٢٥٦

فأجابه رجل من عسكره لا يدري من هو ويقال: إنه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم ولا بعده.

فقام وأحسن الثناء على الله عزوجل بما أبلاهم وأعطاهم من واجب حقه عليهم والاقرار(١) بكل ما ذكر من تصرف الحالات به وبهم.

ثم قال: أنت أميرنا ونحن رعيتك بك أخرجنا الله عزوجل من الذل وباعزازك أطلق عباده من الغل(٢) .

فاختر علينا وامض اختيارك وائتمر فأمض ائتمارك(٣) فإنك القائل المصدق والحاكم الموفق والملك المخول،(٤) لا نستحل في شئ معصيتك ولا نقيس علما بعلمك، يعظم عندنا في ذلك(٥) خطرك ويجل عنه في أنفسنا فضلك.

فأجابه أمير المؤمنين (ع).

فقال: إن من حق من عظم جلال الله في نفسه وجل موضعه من قبله أن يصغر عنده لعظم ذلك كل ما سواه وإن أحق من كان كذلك لمن عظمت نعمة الله عليه و لطف إحسانه إليه فإنه لم تعظم نعمة الله على أحد إلا زاد حق الله عليه عظما وإن من أسخف حالاة الولاة عند صالح الناس(٦) أن يظن بهم حب الفخر ويوضع أمرهم على الكبر وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني احب الاطراء(٧) واستماع الثناء

____________________

(١) (ابلاهم): انعمهم. (من واجب حقه) يعني من حق امير المؤمنينعليه‌السلام ؛ (في).

(٢) اشار به إلى قوله تعالى: (ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم) اي يخفف عنهم ما كانوا به من التكاليف الشاقة؛ (في).

(٣) من الايتمار بمعنى المشاورة.

(٤) اي الملك الذي اعطاك الله للامرة علينا وجعلنا خدمك وتبعك؛ (آت).

(٥) اي في العلم بان تكون كلمة (في) تعليلية ويحتمل ان يكون اشارة إلى مادل عليه الكلام من اطاعتهعليه‌السلام . والخطر: القدر والمنزلة؛ (آت).

(٦) السخف: رقة العيش ورقة العقل والسخافة رقة كل شئ اي اضعف احوال الولاة عند الرعية ان يكونوا متهمين عندهم بهذا الخصلة المذمومة؛ (آت).

(٧) جال بالجيم من الجولان بالواو. والاطراء: مجاوزة الحد في الثناء.

٢٥٧

ولست بحمد الله كذلك ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء وربما استحلى الناس(٢) الثناء بعد البلاء.

فلا تثنوا علي بجميل ثناء لاخراجي نفسي إلى الله وإليكم(٣) من البقية في حقوق لم أفرغ من أدائها وفرائض لا بد من إمضائها فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة(٤) ولا تخالطوني بالمصانعة ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي ولا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه فلا تكفوا عني مقالة بحق أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق ماأن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي(٥) إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون

____________________

(١) اي تواضعا له تعالى وفي بعض النسخ القديمة (ولو كنت أحب ان يقال ذلك لتناهيت له اغنانا الله وإياكم عن تناول ماهو احق به من التعاظم وحسن الثناء) والتناهي: قبول النهي و الضمير في (له) راجع إلى الله تعالى وفي النهج كما في النسخ المشهورة؛ (آت).

(٢) يقال: استحلاه اي وجده حلوا قال ابن ميثمرحمه‌الله : هذا يجري مجرى تمهيد العذر لمن اثنى عليه، فكأنه يقول: وانت معذور في ذلك حيث رأيتني أجاهد في الله واحث الناس على ذلك ومن عادة الناس ان يستهل الثناء عند ان يبلو بلاء ا حسنا في جهاد او غيره من سائر الطاعات ثم اجاب ان هذا العذر في نفسه بقوله: (ولا تثنوا علي بجميل ثناء) اي لا تثنوا علي لاجل ما ترونه مني من طاعة الله فان ذلك انماهو اخراج لنفسي إلى الله من حقوقه الباقية علي لم افرغ بعد من ادائها وهي حقوق نعمه وفرائضه التي لا بد من المضي فيها وكذلك اليكم من الحقوق التي اوجبها الله علي من النصيحة في الدين والارشاد إلى الطريق الافضل والتعليم لكيفية سلوكه.

(٣) اي لاعترافي بين يدي الله وبمحضر منكم، ان علي حقوقا في ايالتكم ورياستي عليكم لم اقم بها بعد وارجو من الله القيام بها وفي بعض النسخ (من التقية) يعني من ان يتقوني في مطالبة حقوق لكم لم افرغ من ادائها وعلى هذا يكون المراد بمستحلى الثناء الذين يثنيهم الناس اتقاء شرهم وخوفا من بأسهم؛ (في).

(٤) أهل البادرة الملوك والسلاطين. والبادرة: الحدة والكلام الذي يسبق من الانسان في الغضب اي لا تثنوا علي كما يثنى على اهل الحدة من الملوك خوفا من سطوتهم او لا تحتشموا مني كما يحتشم من السلاطين والامراء كترك المسارة والحديث اجلالا وخوفا منهم وترك مشاورتهم او اعلامهم والامراء كترك المسارة والحديث اجلالا وخوفا منهم وترك مشاورتهم او اعلامهم ببعض الامور والقيام بين ايديهم؛ (آت). والمصانعة: الرشوة والمداراة.

(٥) هذا من قبيل هضم النفس، ليس بنفي العصمة مع ان الاستثناء يكفينا مؤونة ذلك؛ (في). وقال المجلسيرحمه‌الله هذا من الانقطاع إلى الله والتواضع الباعث لهم على الانبساط معه بقول الحق وعد نفسه من المقصرين في مقام العبودية والاقرار بان عصمته من نعمه تعالى عليه.

٢٥٨

لرب لا رب غيره، يملك منا ما لا نملك من أنفسنا وأخرجنا مما كنا فيه(١) إلى ماصلحنا عليه فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى وأعطانا البصيرة بعد العمى.

فأجابه الرجل الذي أجابه من قبل.

فقال: أنت أهل ما قلت والله والله فوق ما قلته فبلاؤه عندنا ما لا يكفر(٢) وقد حملك الله تبارك وتعالى رعايتنا وولاك سياسة أمورنا، فأصبح علمنا الذي نهتدي به وإمامنا الذي نقتدي به وأمرك كله رشد وقولك كله أدب، قد قرت بك في الحياة أعيننا و امتلاء‌ت من سرور بك قلوبنا وتحيرت من صفة ما فيك من بارع الفضل(٣) عقولنا ولسنا نقول لك: أيها الامام الصالح تزكية لك ولا نجاوز القصد في الثناء عليك ولم يكن(٤) في أنفسنا طعن على يقينك أو غش في دينك فنتخوف أن تكون احدثت بنعمة الله تبارك وتعالى تجبرا أو دخلك كبر ولكنا نقول لك ما قلنا تقربا إلى الله عزوجل بتوقيرك وتوسعها بتفضيلك وشكر ا بإعظام أمرك، فانطر لنفسك ولنا وآثر أمر الله على نفسك وعلينا، فنحن طوع فيما أمرتنا ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا.

فأجابه أمير المؤمنين (ع).

فقال: وأنا أستشهدكم عند الله على نفسي لعلمكم فيما وليت به من اموركم وعما قليل يجمعني وإياكم الموقف بين يديه والسؤال عما كنا فيه، ثم يشهد بعضنا

____________________

(١) اي من الجهالة وعدم العلم والمعرفة والكمالات التي يسرها الله تعالى لنا ببعثة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ابن ابي الحديد: ليس هذا اشارة إلى خاص نفسهعليه‌السلام لانه لم يكن كافرا فاسلم ولكنه كلام يقوله ويشير به إلى القوم الذين يخاطبهم في افناء الناس فيأتي بصيغة الجمع الداخلة فيها نفسه توسعا؛ (آت).

(٢) اي نعمته عندنا وافرة بحيث لا نستطيع كفرها وسترها او لا يجوز كفرانها وترك شكرها؛ (آت).

(٣) برع في الشئ فاق أقرانه فيه.

(٤) قال المجلسيرحمه‌الله : (لم يكن) على بناء المجهول من كننت الشئ: سترته. او (بفتح الياء وكسر الكاف من وكنت الطائر بيضه يكنه إذا حضنه وفي بعض النسخ (لم يكن) وفي النسخة القديمة (لن يكون).

٢٥٩

على بعض فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا فإن الله عزوجل لا يخفى عليه خافية ولا يجوز عنده إلا مناصحة الصدور في جميع الامور.

فأجابه الرجل ويقال: لم ير الرجل بعد كلامه هذا لامير المؤمنين (ع) فأجابه وقد عال الذي(١) في صدره فقال والبكاء يقطع منطقه وغصص الشجا تكسر صوته إعظاما لخطر مرزئته ووحشة من كون فجيعته(٢) .

فحمد الله وأثنى عليه، ثم شكا إليه هول ما أشفى عليه(٣) من الخطر العظيم و الذل الطويل في فساد زمانه وانقلاب حده(٤) وانقطاع ما كان من دولته ثم نصب المسألة إلى الله عزوجل بالامتنان عليه والمدافعة عنه بالتفجيع وحسن الثناء فقال: يا رباني العباد ويا سكن البلاد(٥) أين يقع قولنامن فضلك وأين يبلغ وصفنا من فعلك وأنى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك فكيف وبك جرت نعم الله علينا و على يدك اتصلت أسباب الخير إلينا، ألم تكن لذل الذليل ملاذا وللعصاة الكفار إخوانا(٦) ؟ فبمن إلا بأهل بيتك وبك أخرجنا الله عزوجل من فظاعة تلك الخطرات؟ أو بمن فرج عنا غمرات الكربات؟(٧) وبمن؟ إلا بكم أظهر الله معالم ديننا واستصلح ما كان فسد من دنيانا حتى استبان بعد الجور ذكرنا(٨) وقرت من رخاء العيش أعيننا لما

____________________

(١) عال بالمهملة اشتد وتفاقم وغلبه وثقل عليه واهمه؛ (في).

(٢) الغصة بالضم: ما اعترض في الحلق وكذا الشجا. والمرزئة: المصيبة وكذا الفجيعة والضميران راجعان إلى امير المؤمنينعليه‌السلام .

(٣) اي اشرف عليه والضمير في قوله: (اليه) راجع إلى الله تعالى.

(٤) الجد: البحث والتفجع والتضرع.

(٥) السكن بالتحريك: كل ما يسكن اليه وفي بعض النسخ (يا ساكن البلاد).

(٦) اي كنت تعاشر من يعصيك ويكفر نعمتك معاشرة الاخوان شفقة منك عليهم او المراد الشفقة على الكفار والعصاة والاهتمام في هدايتهم ويحتمل ان يكون المراد المنافقين الذين كانوا في عسكره وكان يلزمه رعايتهم بظاهر الشرع؛ (آت).

(٧) الفظاعة: الشناعة. وفظاعة تلك الخطرات: شناعتها وشدتها والغمرات الشدائد والمزدحمات.

(٨) قال الجوهري: نعوذ بالله من الحور عد الكور اى من النقصان بعد الزيادة. وفي بعض النسخ (بعد الجور) بالمعجمة.

٢٦٠