• البداية
  • السابق
  • 448 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16553 / تحميل: 5982
الحجم الحجم الحجم
مقاتل الطالبيين

مقاتل الطالبيين

مؤلف:
العربية

الحسن بن معاوية

وممن أخذه ابوجعفر من آل أبي طالب، وحبسه، وضربه بالسوط من أصحاب محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: - الحسن بن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

أمه وأم إخوته: يزيد وصالح ابني معاوية: فاطمة بنت الحسين بن الحسن ابن علي بن أبي طالب وأمها أم ولد.

وخرجوا جميعا مع محمد بن عبدالله.

واستعمل الحسن بن معاوية على مكة.

فلما قتل محمد بن عبدالله أخذه ابوجعفر فضربه بالسوط وحبسه.

فلم يزل في الحبس حتى مات ابوجعفر، فأطلقه المهدي.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء، قال: حدثنا الزبير قال: حدثني عيسى بن عبدالله قال: دخل عيسى بن موسى على المنصور، فقال: ألا أبشرك؟ قال: بماذا؟ قال: ابتعت وجه دار عبدالله بن جعفر من بني معاوية بن عبدالله الحسن ويزيد، وصالح.

فقال له(أتفرح؟) والله ما باعوك إياها إلا ليقووا بثمنها عليك.

فخرج الحسن ويزيد وصالح مع محمد بن عبدالله.

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا الزبير قال: حدثني غسان عن أبيه قال: حدثني محمد بن إسحاق بن القاسم بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب: أن محمد بن عبدالله بعث الحسن، والقاسم بن اسحاق إلى مكة، واستعمل الحسن على مكة، والقاسم على اليمن.

٢٠١

أخبرني عمر العتكي، والجوهري ويحيى بن علي عن عمر بن شبة، عن عبدالله بن إسحاق وهو أخو محمد بن اسحاق الذي روى عنه الزبير قال: حدثني عبدالله بن يزيدبن معاوية بن عبدالله بن جعفر قال: أراد بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر وكانوا خرجوا مع محمد بن عبدالله - أن يظهروا بعد قتله.

فقال أبي للحسن بن معاوية: لا نظهر جميعا، فانا إن فعلنا أخذك جعفر بن سليمان من بيننا.

قال: وجعفر يومئذ على المدينة.

فقال لابد من الظهور.

فقال له: فان كنت فاعلا فدعني أتغيب فانه لا يقدم عليك ما دمت متغيبا.

قال: لا خير في عيش لست فيه.

فلما ظهروا أخذ جعفر بن سليمان الحسن فقال له: أين المال الذي أخذته بمكة؟ وكان أبوجعفر قد كتب إلى جعفر بن سليمان ان يجلد حسنا إن ظفر به.

فلما سأله عن المال قال: أنفقناه فيما كنا فيه وذاك شئ قد عفا عنه أمير المؤمنين.

قال: وجعل جعفر بن سليمان يكلمه، والحسن يبطئ في جوابه فقال له جعفر: أكلمك ولا تجيبني ! قال: ذلك يشق عليك، لا أكلمك من رأسي كلمة أبدا.

قال: فضربه أربعمائة سوط، وحبسه.

فلم يزل محبوسا حتى مات ابوجعفر وقام المهدي فأطلقه وأجازه.

قال ابوزيد: وحدثني عيسى بن عبدالله، قال: لما ضرب جعفر بن سليمان الحسن بن معارية قال: أين كنت؟ فاستعجم عليه فقال له: علي وعلي إن أقلعت عنك أبدا او تخبرني أين كنت.

قال: كنت عند غسان بن معاوية مولى عبدالله بن الحسن.

فبعث جعفر إلى منزل غسان فهرب منه فهدم داره ثم جاء بعد فأمنه.

قال: ولم يكن الحسن عند غسان إنما كان عند نفيس صاحب قصر نفيس: قال أبوزيد: فحدثني عيسى بن عبدالله، قال: لم يزل الحسن بن معاوية

٢٠٢

في حبس جعفر بن سليمان، حتى حج ابوجعفر، فعرضت له حمادة بنت معاوية، فصاحت به: ياأمير المؤمنين، الحسن بن معاوية قد طال حبسه فانتبه له: وقد كان ذهل عنه، فسار به معه حتى وضعه في حبسه ولم يزل محبوسا حتى ولي المهدي.

قال الزبير في خبره الذي أخبرني به الحرمى عن الزبير قال: حدثني عبدالله ابن الحسن بن القاسم: ان الحسن بن معاوية قال لابي جعفر وهو في السجن وقد أتاه نعى أخيه يزيد بن معاوية يستعطفه على ولده:

إرحم صغار بني يزيد إنهم

أيتموا لفقدي لا لفقد يزيد

وارحم كبيرا سنه متهدما

في السجن بين سلاسل وقيود

ولئن أخذت بجرمنا وجزيتنا

لنقتلن به بكل صعيد

أو عدت بالرحم القريبة بيننا

ما جدكم من جدنا ببعيد

قال ابوالفرج علي بن الحسين بن محمد الاصفهاني: ومن مختار مارثي به محمد ابن عبدالله من الشعر، قول غالب بن عثمان الهمداني أنشدنيه عمر بن عبدالله العتكي، عن عمر بن شبة:

يادار هجت لي البكاء فأعولي

حييت منزلة دثرت ودارا

بالجزع من كنفي سويقة أصبحت

كالبرد بعد بني النبي قفارا

الحاملين إذا الحمالة أعجزت

والاكرمين أرومة ونجارا

والممطرين إذا المحول تتابعت

دررا تداولها المحول غزارا

والذائدين إذا المخافة أبرزت

سوق الكواعب ييتدرن حصارا

وثبت نتيلة وثبة بعلوجها

كانت على سلفى نتيلة عارا

فتصلمت ساداتها وتهتكت

حرما محصنة الخدور كبارا

ولغت دماء بني النبي فأصبحت

خضبت بها الاشداق والاظفارا

٢٠٣

لا تسقني بيديك إن لم أبتعث

لبني نتيلة جحفلا جرارا

لجبا يضيق به الفضاء عرمرما

يغش الدكادك قسطلا موارا

فيه بنات بني الصريح ولاحق

قبا تغادر في الخليف مهارا

يخرجن من خلل الغبار عوابسا

يورين في حصب الاماعز نارا

فننال في سلفى نتيلة ثارنا

فيما ينال وندرك الاوتارا

وقال أبوالحجاج الجهني:

بكر النعي بخير من وطئ الحصى

ذي المكرمات وذي الندى والسؤدد

بالخاشع البر الذي من هاشم

أمسى ثقيلا في بقيع الغرقد

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه

أن قام مجتهدا بدين محمد

وقال عبدالله بن مصعب:

سالت دموعك ضلة قد هجت لي

برحاء وجد يبعث الاحزانا

هلا على المهدي وابني مصعب

أذريت دمعك ساكبا تهتانا

ولفقد إبراهيم حين تصدعت

عنه الجموع فواجه الاقرانا

والله ما ولد الحواضن مثله

أمضى وأرفع محتدا ومكانا

وأشد ناهضة وأقول للتي

تتقى مصارع أهلها العدوانا

رزء لعمرك لو يصاب بمثله

ميطان صدع رزء‌ه ميطانا

وقال عبدالله بن مصعب أيضا.أنشدنيه ابن سعيد عن يحيى بن الحسن عن اسماعيل بن يعقوب:

يا صاحبي دعا الملامة واعلما

أن لست في هذا بألوم منكما

٢٠٤

وقفا بقبر ابن النبي وسلما

لا بأس أن تقفا به فتسلما

قبر تضمن خير أهل زمانه

حسبا وطيب سجية وتكرما

(لم يجتنب قصد السبيل ولم يحد

عنه ولم يفتح بفاحشة فما)(1)

بطل يخوض بنفسه غمراتها

لا طائشا رعشا ولا مستسلما

حتى مضت فيه السيوف وربما

كانت حتوفهم السيوف وربما

أضحى بنو حسن أبيح حريمهم

فينا وأصبح نهبهم متقسما

ونساؤهم في دورهن نوائح

سجع الحمام إذا الحمام ترنما

يتوسلون بقتلهم ويرونه

شرفا لهم عند الامام ومغنما

والله لو شهد النبي محمد

صلى الاله على النبي وسلما

إشراع أمته الاسنة لابنه

حتى تقطر من ظباتهم دما

حقا لايقن أنهم قد ضيعوا

تلك القرابة واستحلوا المحرما

وقال إبراهيم بن عبدالله يرثى أخاه:

سأبكيك بالبيض الرقاق وبالقنا

فان بها ما يدرك الطالب الوترا

وإنا أناس لا تفيض دموعنا

على هالك منا ولو قصم الظهرا

ولست كمن يبكي أخاه بعبرة

يعصرها من جفن مقلته عصرا

ولكنني أشفى فؤادي بغارة

ألهب في قطري كتائبها جمرا

____________________

(1) وفي نسخة بعدها:

لو أعظم الحدثان شيئا قبله

بعد النبي به لكنت المعظما

أو كان أمتع بالسلامة قبله

أحدا لكان قصاره أن يسلما

ضحوا بابراهيم خير ضحية

فتصرمت أيامه وتصرما

٢٠٥

عبدالله بن الاشتر

وعبدالله بن الاشتر بن محمد بن عبدالله ابن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وأمه أم سلمة بنت محمد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.

كان عبدالله بن محمد بن مسعدة المعلم أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلد الهند(1)

____________________

(1) ما هنا يخالف ما في الطبري فقد جاء فيه " لما خرج محمد بن عبدالله بالمدينة وإبراهيم بالبصرة وجه محمد بن عبدالله ابنه عبدالله بن محمد الذي يقال له الاشتر في نفر من الزيدية إلى البصرة وأمرهم ان يشتروا مهارة خيل عتاق بها ويمضوا بها معهم إلى السند ليكون سببا له إلى الوصول إلى عمر بن حفص وإنما فعل ذلك به لانه كان فيمن بايعه من قواد أبي جعفر وكان له ميل إلى آل أبي طالب فقدموا البصرة على إبراهيم بن عبدالله فاشتروا منها مهارة وليس في بلاد السند والهنذ شئ أنفق من الخيل العتاق ومضوا في البحر حتى صاروا إلى السند ثم صاروا إلى عمر بن حفص فقالوا: نحن قوم نخاسون ومعنا خيل عتاق فأمرهم ان يعرضوا خيلهم فعرضوا عليه فلما صاروا إليه قال له بعضهم: أدنني منك أذكر لك شيئا، فأدناه منه وقال له: إنا قد جئناك بما هو خير لك من الخيل وما لك فيه خير الدنيا والآخرة.

فأعطنا الامان على خلتين: إما أنك قبلت ما أتيناك به وإما سترت وأمسكت عن أذانا حتى نخرج من بلادك راجعين فأعطاهم الامان فقالوا: ما للخيل أتيناك ولكن هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله بن محمد بن عبدالله ابن حسن بن حسن أرسله ابوه إليك وقد خرج بالمدينة ودعا لنفسه بالخلافة وخرج أخوه إبراهيم بالبصرة وغلب عليها.

فقال: بالرحب والسعة، ثم بايعهم له وأمر به فتوارى عنده ودعا أهل بيته وقواده وكبراء أهل البلد للبيعة، فأجابوه فقطع- الاعلام البيض، والاقبية والقلانس البيض وهيأ لبسته من البياض يصعد فيها إلى المنبر وتهيأ لذلك يوم خميس، فلما كانوا يوم الاربعاء إذا حراقة قد وافت من البصرة فيها رسول لخليد بنت المعارك امرأة عمر بن حفص بكتاب إليه تخبره بقتل محمد بن عبد الله فدخل على عبدالله فأخبره الخبر وعزاه..ثم قال له هاهنا ملك من ملوك السند عظيم المملكة وهو على شركه أشد الناس تعظيما لرسول الله وهو رجل وفي فأرسل إليه فأعقد بينك وبينه عقدا وأوجهك إليه تكون عنده فلست ترام معه، قال افعل ما شئت ففعل ذلك، فصار إليه فأظهر إكرامه وبره برا كثيرا وتسللت إليه الزيدية حتى صار إليه منهم أربعمائة إنسان فكان يركب فيهم فيصيد ويتنزه في هيئة الملوك وآلاتهم..إلخ "

٢٠٦

فقتل بها، ووجه برأسه إلى أبي جعفر المنصور.

ثم قدم بابنه محمد بن عبدالله بن محمد بعد ذلك وهو صغير على موسى بن عبدالله بن الحسن.

وابن مسعدة هذا كان مؤدبا لولد عبدالله بن الحسن.

وفيه يقول إبراهيم ابن عبدالله بن الحسن على سبيل التهكم به:

زعم ابن مسعدة المعلم أنه

سبق الرجال براعة وبيانا

وهو الملقن للحمامة شجوها

وهو الملحن بعدها الغربانا

وكان ابن مسعدة سمع غراباينعق فقال له: أتلحن ويحك ياغراب؟ تقول: غاق غاق.

قيل: فكيف يقول؟ قال: يقول: غاق غاق.

أخبرني عمر بن عبدالله العتكي، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثني عيسى بن عبدالله بن مسعدة قال: لما قتل محمد خرجنا بابنه الاشتر عبدالله بن محمد فأتينا الكوفة ثم انحدرنا إلى البصرة ثم خرجنا إلى السند فلما كان بيننا وبينها أيام نزلنا خانا فكتب فيه:

منخرق الخفين يشكو الوجى

تنكبه أطراف مرو حداد

شرده الخوف فأزرى به

كذاك من يكره حر الجلاد

٢٠٧

قد كان في الموت له راحة

والموت حتم في رقاب العباد

وكتب اسمه تحتها.

ثم دخلنا المنصورة فلم نجد شيئا، فدخلنا قندهار، فأحللته قلعة لا يرومها رائم ولا يطير بها طائر.

وكان والله أفرس من رأيت من عباد الله ما إخال الرمح في يده إلا قلما فنزلنا بين ظهراني قوم يتخلقون بأخلاق الجاهلية، يطرد أحدهم الارنب فتضيف قصر صاحبه، فيمنعها ويقول: أتطلب جاري.

قال: فخرجت لبعض حاجتي وخلفني بعض تجار أهل العراق، فقالوا له: قد بايع لك أهل المنصورة، فلم يزالوا به حتى صار إليها.

فحدثت ان رجلا جاء إلى أبي جعفر فقال له: مررت بأرض السند فوجدت كتابا في قلعة من قلاعها فيه كذا وكذا. فقال له: هو هو.

ثم دعا هشام بن عمرو بن بسطام التغلبي، فقال: اعلم ان الاشتر بأرض السند.

وقد وليتك عليها، فانظر ما أنت صانع.

فشخص هشام إلى السند.فقتله وبعث برأسه إلى أبي جعفر.(1)

____________________

(1) في الطبري " فلما قتل محمد وإبراهيم انتهى خبر عبدالله الاشتر إلى المنصور فبلغ ذلك منه..وكتب إلى عمر بن حفص بولايته على إفريقية وولى على السند هشام بن عمرو التغلبي وأمره ان يكاتب ذلك الملك فان أطاعه وسلم إليه عبدالله بن محمد وإلا حاربه ولما صار هشام إلى السند كره أخذ عبدالله وأقبل يرى الناس انه يكاتب الملك ويرفق به فاتصلت الاخبار بأبي جعفر بذلك فجعل يكتب إليه يستحثه فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السند فوجه إليهم أخاه سفنجافخرج يجر الجيش وطريقه بجنبات ذلك الملك فبينا هو يسير اذا هو برهج قد ارتفع من موكب فظن انه مقدمة للعدو الذي يقصده فوجه طلائعه فرجعت فقالت: ليس هذا عدوك الذي تريد، ولكن هذا عبدالله بن محمد الاشتر العلوي ركب متنزها يسير عل شاطئ مهران فمضى يريده فقال له نصاحه: هذا ابن رسول الله، وقد علمت ان أخاك نركه متعمدا مخافة ان يبوء بدمه ولم يقصدك وإنما خرج متنزها وخرجت تريد غيره، فأعرض عنه فقال: ما كنت لادع أحدايحوزه ولا أدع أحدايحظى بالتقرب إلى المنصور بأخذه وقتله وكان في عشرة فقصد قصده ودمر أصحابه فحمل عليه فقاتله عبدالله وقاتل أصحابه بين يديه حتى قتل وقتلوا جميعا فلم يفلت منهم مخبر وسقط بين القتلى فلم يشعر به وقيل إن أصحابه قذفوه في مهران لما قتل لئلا يؤخذ رأسه فكتب هشام ابن عمرو بذلك كتاب فتح إلى المنصور يخبره انه قصده قصدا، فكتب اليه المنصور يحمد أمره ويأمره بمحاربة الملك الذي آواه وذلك ان عبدالله كان اتخذ جواري وهو بحضرة ذلك الملك فأولد منهن واحدة محمد بن عبدالله وهو ابوالحسن محمد العلوي الذي يقال له ابن الاشتر فحاربه حتى ظفر به وقتله ووجه بأم ولد عبدالله وابنه إلى المنصور فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة يخبره بصحة نسب الغلام وبعث به اليه وأمره ان يجمع آل ابي طالب وان يقرأ عليهم كتابه بصحة نسب الغلام ويسلمه إلى أقربائه "

٢٠٨

قال عيسى: فرأيت رأسه قد بعث به ابوجعفر إلى المدينة، وعليها الحسن ابن زيد فجعلت الخطباء تخطب، وتذكر المنصور وتثني عليه، والحسن بن زيد على المنبر ورأس الاشتر بين يديه وكان في خطبة شبيب بن شيبة ياأهل المدينة: ما مثلكم ومثل أمير المؤمنين إلا كما قال الفرزدق:

ما ضر تغلب وائل أهجوتها

أم بلت حيث تناطح البحران

فتكلم الحسن بن زيد فحض على الطاعة وقال: ما زال الله يكفى أمير المؤمنين من بغاه، وناواه وعاداه وعدل عن طاعته.وابتغى سبيلا غير سبيله.

أخبرني عمر بن عبدالله قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثنا عيسى بن عبدالله قال: حدثني من أثق به عن ابن مسعدة: أن الاشتر وأصحابه أغذوا السير ثم نزلوا فناموا، فبقيت خيلهم في زرع للرهط فخرجوا إليهم فقتلوهم بالخشب، فبعث هشام فأخذ رء‌وسهم فبعث بها إلى أبي جعفر قال عيسى: قال ابن مسعدة: ولم نزل في تلك القلعة أنا ومحمد بن ابن عبدالله بن محمد حتى توفى ابوجعفر، وقام المهدي فقدمت به وبأمه إلى المدينة.

٢٠٩

ابراهيم بن عبدالله بن الحسن

وإبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ويكنى أبا الحسن.

وأمه هند بنت أبي عبيدة.

قال أبوالفرج الاصبهاني: حدثنا يحيى بن علي المنجم قال: سمعت عمر ابن شبة يقول:(إن) إبراهيم بن عبدالله ابوالحسن، وكل ابراهيم في آل بيت أبي طالب كان يكنى أبا الحسن، فأما قول سديف(1) لابراهيم بن عبدالله:

إيها أبا إسحاق هنيتها

في نعم تترى وعيش طويل

أذكر هداك الله وتر الاولى

سير بهم في مصمتات الكبول

فإنما قال ذلك على مجاز الكلام، وما يعرف شكلا للاسماء من الكنى ولضرورته في وزن الشعر إلى ذلك.

وكان إبراهيم بن عبدالله جاريا عل شاكلة أخيه محمد في الدين، والعلم، والشجاعة والشدة.

وكان يقول شيئا من الشعر.

فحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن(العلوي) قال حدثني إسماعيل بن يعقوب، قال: ذكر عبدالله بن الحسن بن إبراهيم: ان جده إبراهيم بن عبدالله قال

____________________

(1) سديف بن ميمون: شاعر مقل من شعراء الحجاز، ومن مخضرمي الدولتين، وكان شديد التعصب لبني هاشم مظهرا لذلك في أيام بني أمية راجع الاغاني 14 - 162.

٢١٠

في زوجته بحيرة بنت زياد الشيبانية:

ألم تعلمي يابنت بكر تشوقي

إليك وأنت الشخص ينعم صاحبه

وعلقت ما لو نيط بالصخر من جوى

لهد من الصخر المنيف جوانبه

رأت رجلا بين الركاب ضجيعه

سلاح ويعبوب فباتت تجانبه

تصد وتستحيى وتعلم أنه

كريم فتدنو نحوه فتلاعبه

فاذهلنا عنها ولم نقل قربها

ولم يقلها دهر شديد تكالبه

عجاريف فيها عن هوى النفس زاجر

إذا اشتبكت أنيابه ومخالبه

أخبرنا عمر(عبدالله) قال: حدثنا عمر بن شبة، قال حدثني عبدالعزيز ابن أبي سلمة العمري، وسعيد بن هريم: ان محمدا وإبراهيم كانا عند أبيهما، فوردت إبل لمحمد فيها ناقة شرود ولا يرد رأسها شئ فجعل إبراهيم يحد النظر إليها فقال له محمد: كأن نفسك تحدثك أنك رادها قال نعم قال: فإن فعلت فهي لك فوثب إبراهيم فجعل يتغير لها ويتستر بالابل، حتى إذا أمكنته جاء‌ها وأخذ بذنبها فاحتملته وأدبرت تمخض بذنبها حتى غاب عن عين أبيه، فأقبل على محمد وقال له: قد عرضت أخاك للهلكة.

فمكث هويا ثم أقبل مشتملا بازاره حتى وقف عليهما.

فقال له محمد: كيف رأيت؟ زعمت أنك رادها وحابسها.

قال: فألقى ذنبها وقد انقطع في يده.

فقال ماأعذر من جاء بهذا.

حدثنا بن علي بن يحيى المنجم قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أبونعيم عن مطهر بن الحرث، قال: أقبلنا مع إبراهيم بن عبدالله من مكة نريد البصرة، فلما كنا على ليلة منها تقدم إبراهيم وتخلفنا عنه ثم دخلنا من غد.

قال ابونعيم: فقلت لمطهر: أمر ابراهيم بالكوفة(ولقيته؟) قال: لا والله ما دخلها(قط) ولقد غاب بالموصل، ثم الانبار، ثم بغداد، والمدائن، والنيل، وواسط.

٢١١

حدثنا يحيى بن علي بن يحيى، قال: حدثنا ابوزيد، قال حدثني بكر ابن كثير، قال: استخفى إبراهيم بن عبدالله عند إبراهيم بن درست بن رباط الفقمي، وعند أبي مروان مولى يزيد بن عمر بن هبيرة، ومعاذ بن عون الله.

حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا ابوزيد قال: حدثني الفضل بن عبدالرحمن بن سليمان بن علي، قال: قال ابوجعفر: غمض علي أمر إبراهيم لما اشتملت عليه طفوف(1) البصرة.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني نصر بن قديد قال: دعا إبراهيم الناس وهو في دار أبي فروة وكان أول من بايعه نميلة بن مرة، وعفو الله بن سفيان وعبدالواحد بن زياد وعمر بن سلمة الهجيمي وعبدالله بن يحيى بن الحصين بن المنذر الرقاشي.

وندبوا الناس إليه، فأجاب بعدهم فتيان العرب منهم: المغيرة بن الفرع ويقال الفزر، حتى ظنوا ان ديوانه قد أحصى أربعة آلاف.

وشهر أمره فتحرك إلى واسط من البصرة في دار أبي مروان مولى بني سليم.

أخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني ابن عفو الله بن سفيان عن أبيه قال أتينا إبراهيم يوما وهو مرعوب فأخبرني ان كتاب اخيه محمد جاء‌ه يخبره انه قد ظهر ويأمره بالخروج(قال) فوجم من ذلك واغتم(له) فجعلت أسهل الامر عليه وقلت: قد اجتمع(لك) أمرك، ومعك المضاء: والطهوي والمغيرة، وأنا وجماعة، نخرج بالليل فنقصد السجن فنفتحه، فتصبح حيت تصبح، ومعك عالم من الناس، فطابت نفسه.

أخبرنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا علي بن الجعد قال: رأيت أهل الكوفة أيام أخذوا بلبس السواد حتى إن البقالين إن كان

____________________

(1) الطفوف: جمع طف وهو ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق والجانب والشاطئ كالطفطاف.

٢١٢

أحدهم ليصبغ الثوب بالانقاس(1) ثم يلبسه.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني جواد بن غالب قال: حدثني العباس بن سلم مولى قحطبة قال: كان ابوجعفر إذا اتهم احدا من اهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم امر(أبي) سلما بطلبه فكان يمهل حتى إذا غسق الليل وهدأ الناس نصب سلما على منزل الرجل فطرقه في بيته فيقتله ويأخذ خاتمه.

قال: فسمعت جميلا مولى(محمد) بن ابي العباس يقول للعباس بن سلم: لو لم يورثك ابوك إلا خواتيم من قتل من اهل الكوفة لكنت ايسر الابناء.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني سهل بن عقيل قال: حدثني ابي قال: كان سفيان بن معاوية بن يزيد بن مهلب قدم إلى إبراهيم على امره وكان سفيان عامل ابي جعفر على البصرة فكان يرسل إلى قائدين قدما عليه يدعيان ابني عقيل، بعثهما ابوجعفر رداء له فيكونان عنده.

فلما وعده ابراهيم ارسل إليهما فاحتبسهما تلك الليلة، حتى خرج فأحاط به وبهما، واخذهم.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا ابوزيد قال: حدثني عمر بن خالد مولى بني ليث قال استلبت وانا غلام دوامة من غلام، فاتبعني وسعيت فدخلت دار ابي مروان فوجدت إبراهيم جالسا في جماعة من اصحابه محتبيا بحمالة سيف - وهي نسعة(2) مدينة عرضها اكثر من إصبع - ورجل قائم على راسه ودابة تعرض عليه وذلك قبل خروجه بشهر فلما كانت الليلة التي خرج فيها سمعنا تكبيرة بعد المغرب بهنيهة، ثم تتابع التكبير وخرجوا حتى صاروا إلى مقبرة بني يشكر،

____________________

(1) في القاموس " الانقاس: جمع نقس بالكسر وهو المداد في الطبري " حدثني ابوالحسن الحذاء قال: أخذ ابوجعفر الناس بالسواد فكنت أراهم يصبغون ثيابهم بالمداد ".

(2) في ط وق " تسعة، لسعة " وفي القاموس " النسع بالكسر: سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال، تشد به الرحال، والقطعة منه نسعة، وسمى نسعا لطوله ".

٢١٣

وفيها قصب يباع، فأقاموا في كل ناحية من المقبرة اطنانا، ثم الهبوا فيها النار: فأضاء‌ت المقبرة.

وجعل اصحابهم الذين كانوا وعدوهم يأتونهم فكلما جاء‌ت طائفة كبروا حتى تم لهم ما ارادوا، ثم مضوا إلى دار الامارة، بعدما ذهبت طائفة من الليل.

حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا نصر ابن قديد قال خرج إبراهيم ليلة الاثنين غرة شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة فصار إلى بني يشكر في أربعة عشر فارسا وفيهم عبدالله بن يحيى بن حصين الرقاشي على برذون له أغرسمند، معتم بعمامة سوداء يساير إبراهيم فوقف في المقبرة مند أول الليل إلى نحو من نصفه ينتظر نميلة، ومن وعده من(شق) بني تميم حتى جاء‌وه.

حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا يونس بن نجدة قال: ألقى أصحاب إبراهيم النار في الرحبة، وأدنى القصر حتى أحرقوه.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا عبدالله بن سنان قال: وجه ابوجعفر جابر بن توبة في جماعة كثيرة، فلما اطاف إبراهيم بدار الامارة وجد دواب جابر وأصحابه وهي سبعمائة فأخذها واستعان بها.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا ابوعاصم النبيل قال: نزل سفيان بن معاوية من دارالامارة ومن معه إبراهيم على الامان فتركهم.

حدثنا يحيى بن علي بن يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عمر بن خالد الليثي قال: دخل الناى دار الامارة فلم يروا فيها إلا مسحا أسود فتقطعه الناس ينتهبونه وخرج إبراهيم إلى المسجد.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني محمد بن مسعر قال: لما دخل إبراهيم دار الامارة فدخلت معهم فنظرت إلى حصير قد القى له في مقدم الايوان وعصفت الريح فقلبته ظهره لبطنه، فتطير الناس لذلك.

وقال

٢١٤

ابراهيم: لا تتطيروا.

ثم جلس عليه مقلوبا وانا أرى الكراهة في وجهه.

حدثنا يحيى(1) قال حدثنا عمر بن خالد ومحمد بن معروف ومحمد بن أبي حرب ان إبراهيم دخل المسجد فبينا هو يتكلم إذ أتاه آت.

فقال: هذا جعفر ومحمد قد أقبلا في مواليهما فصاح ابراهيم بالمضاء والطهوي وقال اذهبا إليهما، فقولا لهما: يقول لكما ابن خالكما: إن أحببتما جوارنا ففي الامن والرحب، لا خوف عليكما، ولا على أحد تؤمنانه، وإن كرهتما جوارنا فحيث شئتما فاذهبا ولا تسفكا بيننا وبينكم دما، وإياكما ان تبدآهما بقتال.

قال عمر بن خالد: فلما كانوا عند دارمية الثقفية، التقوا فتوافقوا فكلمهم المضاء والطهوي وارتفعت الاصوات، فنزع الحسين بنشابة فرمى بها وحمل عليه المضاء فضربه فقطع يده من وسط ذراعه.

وأدبر القوم.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا عبدالله بن المغيرة قال: إنى لجالس على بابكم إذ مر بي جعفر ومحمد ومعهما البغال تحمل النشاب فلم يلبثا ان رجعا والمضاء يتلوهما وفي يده الرمح وهو يقرعهما به قرعا، ويقول: النجاء يابني الاماء فلما بلغنا وقف.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق قال: سمعت سعيد بن المشعر يقول: سمعت محمدا يومئذ يتعزي ويقول أنا الغلام القرشي فلما كشفهم المضاء جعل يقول لمحمد: ياغلام أتعتزي علي أما والله لولا يد كانت لعمك عبدالله بن علي عندي لعلمت.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: لما صار المضاء عند متسع الطريق، وقد مضى عمر بن سلمة حتى خالط جمعهم، فطاعنهم في رحبة محمد ثم انصرف فقال له المضاء: ياأبا حفص ما أحسبك شهدت حربا قط قبل هذه قال: أجل.

قال: فلا تفعل مثل فعلتك فان الجبان إذا اضطررته قاتلك.

____________________

(1) في الخطية " حدثنا يحيى قال حدثنا عمر قال حدثنا عمرو ".

٢١٥

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثنا يونس بن نجدة، قال ابوزيد وحدثني عبدالرحمن بن غياث السراج عن ابيه وعمه: ان إبراهيم وجد في بيت المال الفي الف درهم فقوى بها وفرض القروض خمسين خمسين لكل رجل فكان الناس يقولون: خمسون والجنة.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحكم بن بندويه: ان إبراهيم انفذ المغيرة بن الفزع.

ويقال الفزر إلى الاهواز وعليها محمد بن الحصين فلقيه على(نهر) في فروخ - وبينها وبين الاهواز فرسخان - فقاتله المغيرة فهزمه.

ودخل ابن الحصن الاهواز وتبعه المغيرة فحمل عليه، فانكشفوا ووقفا في الصيارفة.

فتركهم المغيرة ودخل المسجد فصعد المنبر فرموه بالنشاب، فجعل يقع في المسجد.

فخرج إليهم فقاتلهم عند باب ابن الحصين، فولوا منه واتبعهم حتى بلغ الجسر.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا الحسين بن سليم عن ابيه.

ان ابن الحصين انهزم حتى بلغ قنطرة الهندوان فوقف عليها، وأمر ابنه الحكم فنزل فقاتل وراء القنطرة حتى غشيهم الليل فأنفذ ثقله، وانكشف من الليل.

قال: فبلغني ان أبا أيوب المورياني وكان له هوى في ابن الحصين قال لابي جعفر: ياأمير المؤمنين ألم تر إلى ابن الحصين فاء إلى فئة، وبه ثماني عشرة ضربة.

فقيل لابي أيوب: لو نظرت إلى ابن الحصين فلم تر به أثرا ما كنت تصنع؟ قال: لو هم بالنظر إليه ضربته ثماني عشرة ضربة ثم أريته إياه.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال حدثنا بكر بن عبدالله عن مبارك الطبري عن الربيع الحاجب ان إبراهيم لما ظهر بالبصرة وجه ابوجعفر خازم بن خزيمة في أربعة آلاف إلى الاهواز.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني يوسف بن معبد الفريعي قال: حدثني محمد بن خالد بن علي بن سويد قال: لبثنا مع المغيرة

٢١٦

بالاهواز أياما، ثم ذكر لنا ان خازم بن خزيمة قد أظلنا.

فخرج المغيرة فعسكر على شاطئ دجيل وأمر خريم ابن عثمان بقطع الجسر وأخذ السفن مما حوله فتتبعوا السفن فأخذوها حتى ظنوا ان لم يبق منها شئ.

وارتفع خازم إلى قرية لبني، الهجيم يقال لها قرقوب على فرسخ من قصبة الاهواز فعسكر بها في اثني عشر ألف فارس سوى رجالته.

وارتفع المغيرة فعسكر بازائه في خمسمائة فارس وخلف الرجالة في عسكره، واستخلف على الاهوازعفو الله بن سفيان وطلب خازم السفن فلم يجدها فأتاه رجل فقال له: وجه معي خيلا أحدر إليك السفن فمضى به إلى قرية يقال لها دور قطن مما يلي جنديسابور فحدر عليهم سفنا قليلة فأتى بها ليلا فلما واراه الظلام عبر فيها أصحابه حتى أصبح.

فأصبح المغيرة وقد ساواه القوم على شاطئ الدجيل وذلك يوم الاحد، فأصبحنا والريح لنا عليهم فلما صففنا وصفوا لنا انقلبت الريح لهم علينا وعبأ القوم ميمنتهم وميسرتهم وعبأ المغيرة أصحابه فجعل عل ميمنته عصب بن القاسم وعلى ميسرته الترجمان ابن هريمة وصار هو في القلب، فبينما نحن كذلك إذ جاء‌ت عقاب مسفة حتى صدعت صفنا، فتطيرت منها.

حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم قال: حدثنا عمر قال: حدثنا محمد ابن أبي حرب قال: حدثنا المذلق - واسمه عمر بن الضحاك - قال: التمس خازم معبرا فلم يجد فاتخذ طوقا من قصب فعبر عليه ثلاثمائة نفس أو نحوها من أصحابه، وقام هو والمغيرة بازائه وتقدم إلى أصحابه.

ألا تقاتلوا، فلما صاروا مع المغيرة قصدوا له، وتهيأ القوم لقتالهم فنظرت إلى خازم ينتف لحية نفسه، ويصيح بالفارسية ينهاهم عن القتال.

ثم هيأ طوقا آخر فعبر إليهم خمسمائة أو نحوهم، فكنت فيمن عبر في المرة الثانية: فلما اجتمعنا لقيناهم في زهاء ألف فما لبثنا حتى هزمناهم.

حدثنا يحيى بن علي، قال: حدثنا عمر قال: حدثني الحر بن مالك قال:

٢١٧

حدثني واصل بن محمد السعدي عن شبيب بن شبة قال: قال لي خازم بن خزيمة: لله در المغيرة بن الفزع أي رجل هو ما ولدت النساء مثله والله لقد وجهت إليه الاجناد وبعضهم في إثر بعض وإني لانظر إليه وبيني وبينه النهر وإنه ليبول وإلى جنبه فرسه ما معه إلا رعاع من الرعاع، ثم ركب فناوش أصحابي، ثم انكفأ ثم عاود أصحابي، ثم انكفأ، فما زال ذلك دأبه ودأبهم حتى غابوا عن عيني فرجعوا وقد نقصوا ألفا.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثني الحكم بن بندويه قال: حدثني يوسف بن معبد عن محمد بن خالد، قال: صاح المغيرة باصحاب الركب، فلطموا وتترسوا حتى نفذ نشابهم ثم حملوا عليهم فطاعنوا حتى ألقوا في الدجيل من أصحاب خازم خلقا وفصل بين الصفين صهر لخازم بن خزيمة على أخته يدعى عبدويه كردا من أهل خراسان، فدعى للبراز فبرز له المغيرة فبدره عبدويه فضربه فوقعت ضربته على ترس المغيرة فذهب، فترك المغيرة ترسه مع سيفه وضربه على عاتقه فبلغ رئته فرأيت خازم بن خزيمة ينتف لحية نفسه جزعا عليه.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمرقال: حدثني ابن عفو الله بن سفيان قال: سمعت أبي يقول: والله ما ضربت يومئذ بسيف ولقد نظرت أكثر من خمسمائة من أصحاب خازم ألقوا أنفسهم في الماء.

حدثني يحيى بن علي قال: حدثنا أبوزيد عمر بن شبة قال: حدثنا سعيد ابن هريم قال: حدثني الحسن بن لولا وحدثني الخليل بن عمران عن مذعور بن سنان: ان خازما دس رجالا فنزلوا إلى جانب الجبل في الموضع الذي كان فيه.

قال وحدثني يوسف بن معبد عن محمد بن خالد قال: لم يزل المغيرة نازلا بمكانه حتى وافى خازما فبعث طائفة من أصحابه فنزلوا بازائه وأمرهم إذا رأوا غلاما من بعيد ان يصيحوا: نزل خازم الاهواز ليسمع المغيرة ذلك فينهزم ففعلوا وعبر أصحابه في السفن وأمرهم فنصبوا في أعلى السفن الاعلام والرماح وجاء سالم بن

٢١٨

غالب القمي وكان من أصحاب المغيرة، فقال للمغيرة: قد دخل خازم الاهواز، وصاح أولئك القوم الذين كانوا عند الجبل بمثل ذلك وكر المغيرة راجعا، وحمل عليه رجل من أصحاب خازم ليطعنه فعدل المغيرة عن فرسه فأخطأه غير بيعد، ومر به فرسه يركض فنخسه المغيرة بسيفه فظهر القطن من السواد ثم ظهر الدم، وصاح المغيرة أنا ابوالاسود فما مر الرجل إلا يسيرا حتى خر صريعا.

ودخل المغيرة الاهواز وصعد المنبر فجعل يخطب ويسكن الناس، إذ قيل له هذه الاغنام ترمى بالنشاب في سكة باب إزاز فصاح المغيرة بعبد له أسود يدعى كعبويه: " إكفني هؤلاء " فخرج فردهم.

ونزل المغيرة فانحدرنا إلى البصرة، وولى ابوجعفر سالم بن غالب القمي رامهرمز ثوابا على ما قاله للمغيرة.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحسين بن مسلم بن سلمة قال: حدثني أبي قال: جعل خازم للجند ان دخلوها عنوة(ان يبيحها إياهم ثلاثا فدخلوها عنوة) فأذن لهم فيها فدخلوها ليلا فانتهبوها ليلتهم والغد ثم نهاهم.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا عمر قال: حدثني يوسف بن معبد قال: حدثني محمد بن خالد قال: كان دخول المغيرة البصرة منهزما في اليوم الذي جاء فيه مقتل إبراهيم.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر قال: حدثنا الحرث بن مالك بن الخطاب، قال: حدثني عمر بن الخزار قال: قدم المغيرة من الاهواز وسوار جالس في المسجد في السواد فصعد المنبر، فأتى سوار، فأخبر بذلك، فشد قمطره، ثم نهض حتى جاء إلى المنبر فصاح بالمغيرة: انزل فانك جائر، قد قتل صاحبك.

فنزل المغيرة.

حدثنا يحيى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا سهل بن عقيل، قال: حدثني ابوالهيثم رجل من أهل فارس قال: قدم علينا رجل يدعى عمرو بن

٢١٩

شداد في ثلاثين إنسانا من قبل إبراهيم، فذعر منه والي فارس فهرب وخلاه والبلاد فدخلها وأسرع إليه رؤساؤها فلما قتل إبراهيم أتاه نعيه وهو في أقاصي فارس، وبلغ الخبر الرؤساء وهم مقيمون معه فتآمروا به وقالوا: ما يغسل ما عند أبي جعفر علينا إلا توجيه هذا إليه فأتوه، وعلم بما أجمعوا عليه فدعا بالمائدة فجعل يأكل على هنيئة ثم قال لحاجبه: ائذن لهم.

فدخلوا عليه وأخذوا مجالسهم.

فقال: ياغلام: ارحل فجعل القوم يرحلون، والقوم على ثقة انه لا يفوتهم ثم ركبوا يريدون الرجوع إلى أداني فارس وليس معه إلا سبعون رجلا وتبعه عسكر جرار من أهل فارس فسار حتى أظلم وهو يمضي فيصير في ميمنة أصحابه مرة وفي ميسرتهم أخرى ويسر إليهم الخبر، ويعدهم إلى موضع يجتمعون فيه، فيتسللون واحدا واحدا، ولا يعلم أهل فارس لكثرتهم معه، ثم ينسل منهم، ولا يعرف أحدا.

ثم إن عمرا انسل في ليلته، والقوم منحدرون، ولا يعلمون بذهابه، ومضى هو مصعدا، وطلبوه فأعجزهم وأغذ السير حتى أتى كرمان فأوثق واليها وأخذ ما استتم له، ثم سار ليلا إلى البحر فركب السفن، فصار إلى البصرة، واستخفى هو وأصحابه.

حدثنا يحيى بن علي قال: حدثنا أبوزيد، قال: حدثني عبدالرحمن بن إسماعيل قال: حدثني خالدمولى محمد بن إسماعيل قال: شهدت عمرو بن شداد حين أخذ، فأتى به ابن دعلج فأمر بقطع يده فمدها فقطعت ثم مد اليسرى فقطعت، ثم رجله اليمنى فقطعت، ثم مد اليسرى فقطعت وما يقربه أحد ولا يمسه ثم قال له: مد عنقك فمدها فضربه ضارب بسيف كليل فلم يصنع شيئا.

فقال: اطلبوا سيفا صارما فعجل الضارب فنبافلم يصنع شيئا.

فقال عمرو: سيف أصرم من هذا.

فسل ابن دعلج سيفا كان عليه فدفعه إلى رجل فضربه وقال ابن دعلج لعمرو: أنت والله الصارم.

٢٢٠