• البداية
  • السابق
  • 448 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16555 / تحميل: 5983
الحجم الحجم الحجم
مقاتل الطالبيين

مقاتل الطالبيين

مؤلف:
العربية

حدثني رجل، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد قال.

حدثتني إمرأة منا قالت.رأيت الاشعث بن قيس دخل على علي - عليه السلام - فأغلظ له علي، فعرض له الاشعث بأن يفتك به.

فقال له علي عليه السلام.ابا الموت تهددني، فوالله ما ابالي وقعت على الموت، او وقع الموت علي.

حدثني ابوعبيد محمد بن احمد بن المؤمل الصيرفي بهذين الحديثين، عن فضل المصري عن إسماعيل ابن بنت السدي.رجع الحديث إلى مقتل امير المؤمنين.

قال ابومخنف.

فحدثني ابي عن عبدالله بن محمد الازدي، قال.

إني لاصلي تلك الليلة في المسجد الاعظم مع رجال من اهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من اول الليل إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة قياما وقعودا، وركوعا وسجودا، ما يسأمون، إذ خرج علي لصلاة الفجر، فأقبل ينادي.

الصلاة الصلاة فما ادرى انادى ام رايت بريق السيف؟ وسمعت قائلا يقول الحكم لله ياعلي لا لك ولا لاصحابك، ثم رايت بريق سيف آخر ثانيا وسمعت عليا يقول.لا يفوتنكم الرجل.

وقال إسماعيل بن راشد في حديثه، ووافقه في معناه حديث ابي عبدالرحمان السلمي ان شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، وضربه ابن ملجم - لعنه الله - فأثبت الضربة في وسط راسه.

وقال عبدالله بن محمد الازدي في حديثه.وشد الناس عليه من كل ناحية حتى اخذوه.

قال ابومخنف.

فذكرت همدان ان رجلا منهم يكنى ابا ادماء‌من مرهبة اخذه وقال يزيد بن ابي زياد.

اخذه المغيرة بن الحرث بن عبدالمطلب طرح عليه قطيفة ثم صرعه.واخذ السيف من يده وجاء به.

واما شبيب بن بجرة فانه خرج هاربا، فأخذه رجل فصرعه، وجلس على صدره واخذ السيف من يده ليقتله، فراى الناس يقصدون نحوه، فخشى ان يعجلوا عليه ولا يسمعوا منه، فوثب عن صدره وخلاه، وطرح السيف من يده.

٢١

ومضى الرجل هاربا حتى دخل منزله.

ودخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين، فأراد أن يقول: لا فقال نعم.فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.

قال أبومخنف: فحدثني أبي، عن عبدالله بن محمد الازدي، قال: ادخل ابن ملجم لعنه الله على علي، ودخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن سلمت رأيت فيه رأيي، فقال ابن ملجم - لعنه الله - والله لقد ابتعته بألف، وسممته بألف، فإن خانني فأبعده الله.

قال: ونادته أم كلثوم: ياعدو الله قتلت أمير المؤمنين.

قال: إنما قتلت أباك.

قالت ياعدو الله.إني لارجو أن لا يكون عليه بأس.

قال لها: فأراك إنما تبكين عليا.

إذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الارض لاهلكتهم.

قال وأخرج ابن ملجم - لعنه الله - وهو يقول: قال إسماعيل بن راشد في حديثه والشعر لابن أبي مياس الفزاري:

ونحن ضربنا يابنة الخير إذ طغى

أبا حسن مأمونة فتقطرا

هذا البيت لابي مخنف وحده، وزاد اسماعيل هذين البيتين:

ونحن خلعنا ملكه عن نظامه

بضربة سيف إذ علاوتجبرا

ونحن كرام في الصباح أعزة

إذا المرء بالموت ارتدى وتأزرا

قال أبومخنف.فحدثني بعض أصحابنا، عن صالح بن ميثم، عن أخيه عمران قال: لقد رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه الله ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون له: ياعدو الله، ماذا فعلت؟ أهلكت أمة محمد صلى الله عليه وآله، وقتلت خير الناس.وانه لصامت ما ينطق.

قال أبومخنف: وحدثني معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على امير المؤمنين علي وقد أتاه عائدا، فلم يكن له عليه إذن فقال

٢٢

صعصعة للآذان: قل له يرحمك الله ياأمير المؤمنين حيا وميا، فوالله لقد كان الله في صدرك عظيما، ولقد كنت بدات الله عليما، فأبلغه الآذن مقالة صعصعة فقال له علي: قل له وانت يرحمك الله، فلقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة.

قال: وقال رجل يذكر أمر قطام وابن ملجم لعنهما الله وقال محمد بن الحسين الاشناني في حديثه عن المسروقي وهو ابن أبي مياس الفزاري:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة

كمهر قطام من فصيح واعجم

ثلاثة آلاف وعبد وقينة

وضرب علي بالحسام المصمم

ولا مهر أغلى من علي وإن غلا

ولافتك إلا دون فتك ابن ملجم

وأنشدنا حبيب بن نصر المهلبي، قال: أنشدنا الرياشي أحسبه عن أبي عبيدة لعمران بن حطان - لعنه الله - يمدح ابن ملجم لعنه الله وغضب عليهما بقتل أمير المؤمنين عليه السلام.

ياضربة من كمى ما أراد بها

إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

أنى لانكر فيه ثم أحسبه أوفى

البرية عند الله ميزانا

كذب.لعنهما الله وعذبهما.

حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسن بن نصر، قال.

حدثنا زيد بن المعدل، عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال.

حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم وعمرو بن أبي بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني، وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات، وكان من الاربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم، وإن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين - عليه السلام - دعا برئة شاة حارة واستخرج عرقا منها، فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له.

ياامير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فدعا عند ذلك بصحيفة ودواة وكتب وصيته:

٢٣

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما اوصى به امير المؤمنين علي بن أبي طالب.

اوصى بأنه يشهد ان لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله، ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلوات الله وبركاته عليه.

(إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذل امرت وانا اول المسلمين).

اوصيك ياحسن وجميع ولدي واهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا ولا تموتن إلا وانتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله يقول: إصلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة والصيام، وان المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

انظروا إلى ذوي ارحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الايتام فلا تغبوا افواههم بجفوتكم، والله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله ما زال يوصينا بهم حتى ظنناانه سيورثهم.

والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله في الصلاة فانها عماد دينكم.

والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم مابقيتم، فانه إن ترك لم تناظروا وإنه إن خلا منكم لم تنظروا.

والله الله في صيام شهر رمضان فانه جنة من النار.

والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وانفسكم.

والله الله في زكاة اموالكم فانها تطفئ غضب ربكم.

والله الله في امة نبيكم فلا يظلمن بين اظهركم.

والله الله في اصحاب نبيكم فان رسول الله صلى الله عليه وآله اوصى بهم.

والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.

والله الله فيما ملكت ايمانكم فإنها كانت آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وآله

٢٤

إذ قال: أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم.

ثم قال الصلاة الصلاة.

لا تخافوا في الله لومة لائم فانه يكفكم من بغى عليكم وأرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما أمركم الله.

ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولي الامر عنكم وتدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم بالتواضع والتباذل والتبار.

وإياكم والتقاطع والتفرق والتدابر(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب).

حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ فيكم نبيه استودعكم الله خير مستودع وأقرأ عليكم سلام الله ورحمته.

حدثني أحمد بن محمد بن دلان، وأحمد بن الجعد، ومحمد بن جرير الطبري قالوا: حدثنا أبوهشام الرفاعي، قال: حدثنا أبواسامة، قال: حدثني أبوجناب قال: حدثني أبوعون الثقفي، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن الحسن بن علي قال: خرجت أنا وأبي نصلي في هذا المسجد، فقال لي: يابني إني بت الليلة أوقظ أهلي لانها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدرلسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي، فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يارسول الله ماذا لقيت من أمتك من الاود واللدد؟ فقالي: ادع عليهم.

فقلت: " اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، وأبدلهم بي من هو شر لهم مني " وجاء ابن النباح.

فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان فأما أحد فوقعت ضربته في الساق، واما الآخر فأثبتها في رأسه.

قال أبوالفرج الاود العوج، واللدد الخصومات.

حدثني أحمد بن عيسى قال: حدثنا الحسن بن نصر قال: حدثنا زيد بن المعدل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن فضيل بن خديج عن الاسود والكندي والاجلح قالا: توفي أمير المؤمنين علي - عليه السلام - وهو ابن أربع وستين سنة سنة أربعين في ليلة الاحد لاحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان، وولى غسله ابنه الحسن بن علي وعبدالله بن العباس، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها

٢٥

قميص.

وصلى عليه ابنه الحسن وكبر عليه خمس تكبيرات، ودفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.

ودعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم - لعنه الله - فأتى به فأمر بضرب عنقه، فقال له إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع اليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فانظر ما صنع صاحباي بمعاوية فان كان قتله وإلا قتلته ثم أعود اليك.تحكم في بحكمك، فقال له الحسن هيهات.

والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار، ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الاسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.

حدثني أحمد بن سعيد قال حدثنا يحيى بن الحسن العلوي قال: حدثنا يعقوب ابن زيد قال: حدثني ابن أبي عمير عن الحسن بن علي الخلال، عن جده قال: قلت للحسن بن علي: أين دفنتم أمير المؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على مسجد الاشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري.

حدثني محمد بن الحسين الاشناني قال: حدثنا موسى بن عبدالرحمان المسروقي قال: حدثنا عثمان بن عبدالرحمان قال: حدثنا إسماعيل بن راشد بإسناده قال: لما أتى عائشة نعي علي أمير المؤمنين - عليه السلام - تمثلت:

فألقت عصاها واستقرت بها النوى

كما قر عينا بالاياب المسافر

ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فقالت:

فإن يك نائبا فلقد بغاه

غلام ليس في فيه التراب

فقالت لها زينب بنت أم سلمة: ألعلي تقولين هذا؟ فقالت: إذا نسيت فذكروني، قال: ثم تمثلت:

ما زال إهداء القصائد بيننا

اسم الصديق وكثرة الالقاب

حتى تركت كأن قولك فيهم

في كل مجتمع طنين ذباب

قال: وكان الذي جاء‌ها بنعيه سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس بن أبي وقاص

٢٦

هذا أو نحوه.

حدثني محمد بن الحسين الاشناني، قال: حدثنا أحمد بن حازم قال: حدثنا عاصم بن عامر وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا جرير عن الاعمش عن عمرو ابن مرة عن ابي البختري قال: لما أن جاء عائشة قتل علي " ع " سجدت.

قال أبومخنف وقالت أم الهيثم بنت الاسود النخعية ترثى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع ":

ألا ياعين ويحك فاسعدينا

ألا تبكي أمير المؤمنينا

رزئنا خيرمن ركب المطايا

وحبسها ومن ركب السفينا

ومن لبس النعال ومن حذاها

ومن قرأ المثاني والمئينا

وكنا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول الله فينا

يقيم الدين لا يرتاب فيه

ويقضي بالفرائض مستبينا

ويدعو للجماعة من عصاه

وينهك قطع أيدي السارقينا

وليس بكاتم علما لديه

ولم يخلق من المتجبرينا

لعمرأبى لقد أصحاب مصر

على طول الصحابة أوجعونا

وغرونا بأنهم عكوف

وليس كذاك فعل العاكفينا

أفي شهر الصيام فجعتمونا

بخير الناس طرا أجمعينا

ومن بعد النبي فخير نفس

أبوحسن وخير الصالحينا

كأن الناس إذ فقدوا عليا

نعام جال في بلد سنينا

ولو أنا سئلنا المال فيه

بذلنا المال فيه والبنينا

أشاب ذؤابتي وأطال حزني

أمامة حين فارقت القرينا

تطوف بها لحاجتها اليه

فلما استيأست رفعت رنينا

وعبرة أم كلثوم اليها

تجاوبها وقد رأت اليقينا

لا تشمت معاوية بن صخر

فإن بقية الخلفاء فينا

وأجمعنا الامارة عن تراض

إلى ابن نبينا وإلى أخينا

ولا نعطي زمام الامر فينا

سواه الدهر آخر ما بقينا

٢٧

وإن سراتنا وذوي حجانا

تواصو أن نجيب إذا دعينا

بكل مهند عضب وجرد

عليهن الكماة مسومينا

أخبرني عمي الحسن بن محمد، قال: أنشدني محمد بن سعد الكناني لبعض بني عبدالمطلب يرثى أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يعرف اسمه:

يا قبر سيدنا المجن له

صلى الاء‌له عليك ياقبر

ما ضر قبرا أنت ساكنه

أن لايحل بأرضه القطر

فليندين سماح كفك في الثرى

وليورقن بجنبك الصخر

والله لوبك لم أجد أحدا

إلا قتلت، لفاتني الوتر

٢٨

الحسن بن علي عليه السلام

والحسن بن علي بن أبي طالب - عليهما السلام - ويكنى أبا محمد وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وكانت فاطمة تكنى أم أبيها، ذكر ذلك قعنب ابن محرز الباهلي، حدثني بن محمد بن زكريا الصحاف، عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن الحسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد عن أبيه.

وأمها خديجة، تكنى أم هند بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي.

وأمها فاطمة بنت زائدة بن الاصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤى.

وأمهاهالة بنت عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر ابن لؤي.

وأمها العرقة وهي قلابة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب ابن لؤي.

وإنما سميت العرقة لطيب عرقها وعطرها، وكانت مبدنة وكانت إذا عرقت فاحت رائحة الطيب منها فسميت العرقة.

وأمها عاتكة بنت عبدالعزى بن قصي.

وأمها الحظيا وهي ريطة الصغرى بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب ابن لؤي.

وأمها مارية ويقال قيلة بنت حذافة بن جمح.

وأمها ليلى بنت عامر الخياربن غيسان واسمه الحرث بن عبد عمرو بن عمر ابن قوي بن ملكان بن أفصى من خزاعة.

وأمها سلمى بنت سعد بن كعب بن عمرو من خزاعة.

٢٩

وأمها ليلى بنت عابس بن الظرب بن الحرث بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة.

وأمها سلمى بنت لؤي بن غالب.

وأمها ليلى بنت محارب بن فهر.

وأمها عاتكة بنت مخلد بن النضر بن كنانة.

وأمها الوارثة بنت الحرث بن مالك بن كنانة.

وأمها مارية بنت سعد بن زيد مناة بن تميم واسمها أسماء بنت جشم بن بكر ابن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دغمي ابن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.

وتزوجت خديجة - صلوات الله عليها - قبل رسول الله صلى الله عليه وآله رجلين يقال لاحدهما عتيق بن عائذ بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، وولدت له بنتا يقال لها هند.

ثم توفي عنها.

فخلف عليها أبوهالة بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدي بن حرزة بن أسيد بن عمروبن تميم، فولدت له(ابن)؟ يقال له هند، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله، روى عنه الحسن بن علي بن ابي طالب حديث صفة رسول الله صلى الله عليه وآله المشهور، وقال فيه: سألت خالي هند بن أبي هالة عن صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان له وصافا.

وتوفيت خديجة - رضي الله عنها - قبل الهجرة بثلاث سنين، ولها يومئذ خمس وستون سنة.

حدثني بذلك الحسن بن علي، قال: حدثنا الحرث بن محمد قال: حدثنا ابوسعد عن الواقدي.

ودفنت بالحجون.

وكان مولد فاطمة - عليها السلام - قبل النبوة وقريش حينئذ تبني الكعبة وكان تزويج علي بن ابي طالب - إياها في صفر بعد مقدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة، وبنى بها بعد رجوعه من غزوة بدر، ولها يومئذ ثماني عشرة سنة.

حدثني بذلك الحسن بن علي قال: حدثنا الحرث قال: حدثنا ابن سعد عن

٣٠

الواقدي، عن ابي بكر بن عبدالله بن ابي سبرة عن إسحاق بن عبدالله بن ابي فروة عن ابي جعفر بن محمد بن علي.

وكان مولد الحسن في سنة ثلاث من الهجرة.

وكانت وفاته - عليه السلام - بعد عشر سنين خلت من إمارة معاويه، وذلك في سنة خمسين من الهجرة.

وكانت وفاة فاطمة - عليها السلام - بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وآله - بمدة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول: بستة اشهر.

والمقلل يقول: اربعين يوما إلا ان الثابت في ذلك ما روى عن ابي جعفر محمد بن علي انها توفيت بعده بثلاثة اشهر.

حدثني بذلك الحسن بن عبدالله، قال: حدثنا الحرث عن ابن سعد عن الواقدي عن عمرو بن دينار عن ابي جعفر محمد بن علي.

وكان في لسان الحسن بن علي ثقل كالفأفأة.

حدثني به محمد بن الحسين الاشناني قال: حدثنا محمد بن اسماعيل الاحمسي قال: حدثنا مفضل بن صالح عن جابرقال:كانت في لسان الحسن رتة، فقال سلمان الفارسي.اتته من قبل عمه موسى بن عمران - عليه السلام -.

ودس معاوية اليه حين اراد ان يعهد إلى يزيد بعده وإلى سعد بن ابي وقاص سما فماتا منه في ايام متقاربة.

وكان الذي تولى ذلك من الحسن زوجته جعدة بنت الاشعث بن قيس لمال بذله لها معاوية.

وسنذكر الخبر في ذلك.

وقيل.اسمها سكينة، وقيل.شعثاء، وقيل.عائشة.والصحيح في ذلك جعدة.

٣١

ذكر الخبر في بيعته بعد وفاة أمير المؤمنين عليه السلام

وتسليمه الامر إلى معاوية والسبب في وفاته

حدثني احمد بن عيسى العجلي، قال.حدثنا حسين بن نصر، قال.حدثنا زيد بن المعذل، عن يحيى بن شعيب، عن ابي مخنف، قال.

حدثني اشعث بن سوار عن ابي إسحاق السبيعي عن سعيد بن رويم، وحدثني علي بن إسحاق المخرمي واحمد بن الجعد قالا.

حدثنا عبدالله بن عمر مشكدانة قال: حدثنا وكيع عن اسرائيل عن ابي إسحاق عن عمرو بن حبشي وحدثني علي بن إسحاق، قال حدثنا عبد الله بن عمر، قال.

حدثنا عمران بن عيينة عن الاشعث، عن ابي إسحاق موقوفا، وحدثني محمد بن الحسين الخثعمي، قال.

حدثنا عباد بن يعقوب قال.

حدثنا عمرو بن ثابت عن ابي إسحاق عن هبيرة بن بريم، قال.

قال عمرو بن ثابت كنت اختلف إلى ابي إسحاق السبيعي سنة اسأله عن خطبة الحسن بن علي " ع " فلا يحدثني بها، فدخلت اليه في يوم شات وهو في الشمس وعليه برنسه كأنه غول فقال لي.

من أنت؟ فأخبرته، فبكى وقال.

كيف ابوك؟ كيف اهلك؟ قلت.

صالحون قال.في اي شئ تردد منذ سنة؟ قلت.

في خطبة الحسن بن علي " ع " بعد وفاة ابيه.

قال: حدثني هبيرة بن بريم وحدثني محمد بن محمد الباغندي، ومحمد بن حمدان الصيدلاني، قالا.

حدثنا إسماعيل بن محمد العلوي، قال.

حدثني عمي علي ابن جعفر بن محمد، عن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن الحسن عن ابيه، دخل حديث بعضهم في حديث بعض والمعنى قريب، قالوا.

خطب الحسن بن علي بعد وفاة امير المؤمنين علي عليه السلام، فقال.

لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الاولون بعمل، ولا يدركه الآخرون بعمل، ولقد كان يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله فيقيه نفسه، ولقد

٣٢

كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم ولقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لاهله ثم خنقته العبرة فبكى وبكى الناس معه.

ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلى الله عليه وآله، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أناابن الداعي إلى الله عزوجل بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول:(ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا).

فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت.

قال أبومخنف عن رجاله: ثم قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا له وقالوا: ما أحبه إلينا وأحقه بالخلافة فبايعوه ثم نزل عن المنبر.

قال: ودس معاوية رجلا من بني حمير إلى الكوفة، ورجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان اليه بالاخبار، فدل على الحميري عند لحام جرير ودل على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذا وقتلا.

وكتب الحسن إلى معاوية: أما بعد، فإنك دسست إلى الرجال كأنك تحب اللقاء، وما أشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله، وقد بلغني أنك شمت بمالا يشمت به ذوو الحجى، وإنما مثلك في ذلك كما قال الاول:

وقل الذي يبغي خلاف الذي مضى

تجهز لاخرى مثلها فكأن قد

وإنا ومن قد مات منا لكالذي

يروح ويمسي في المبيت ليغتدي

فأجابه معاوية: أما بعد، فقد وصل كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه ولقد علمت بما حدث

٣٣

فلم أفرح ولم أحزن ولم أشمت ولم آس، وإن علي بن أبي طالب كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:

وانت الجواد وانت الذي

إذا ما القلوب ملان الصدورا

جدير بطعنة يوم اللقا

ء تضرب منها النساء النحورا

وما مزيد من خليج البحا

ر يعلو الاكام ويعلو الجسورا

بأجود منه بما عنده

فيعطي الالوف ويعطي البدورا

قال: وكتب عبدالله بن العباس من البصرة إلى معاوية: اما بعد، فإنك ودسك اخا بني فلان إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش مثل الذي، ظفرت به من يمانيتك لكما قال بن الاسكر.

لعمرك إنى والخزاعي طارقا

كنعجة عاد حتفها تتحفر

اثارت عليها شفرة بكراعها

فظلت بها من آخر الليل تنحر

شمت بقوم من صديقك اهلكوا

اصابهم يوم من الدهر اعسر

فأجابه معاوية: اما بعد، فإن الحسن بن علي قد كتب إلى بنحو مما كتبت به، وانبأني بما لم اجز ظنا وسوء راى وإنك لم تصب مثلكم ومثلى ولكن مثلنا ما قاله طارق الخزاعي يجيب امية عن هذا الشعر:

فوالله ما ادري وإني لصادق

إلى اي من يظنني اتعذر

اعنف ان كانت زبينة اهلكت

ونال بني لحيان شر فأنفروا

قال ابوالفرج: وكان اول شئ احدث الحسن انه زاد المقاتلة مائة مائة وقد كان على فعل ذلك يوم الجمل، والحسن فعله على حال الاستخلاف، فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.

وكتب الحسن إلى معاوية مع جندب بن عبدالله الازدي:

٣٤

بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله الحسن امير المؤمنين إلى معاوية بن ابي سفيان، سلام عليك فإني احمد الله الذي لا إله إلا هو، اما بعد: فإن الله تعالى عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة للعالمين، ومنة على المؤمنين وكافة إلى الناس اجمعين " لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين " فبلغ رسالات الله وقام على امرالله حتى توفاه الله غير مقصر ولا وان، حتى اظهر الله به الحق، ومحق به الشرك ونصر به المؤمنين واعز به العرب وشرف به قريشا خاصة، فقال تعالى: " وإنه لذكر لك ولقومك " فلما توفي صلى الله عليه وآله تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته واسرته واوليائه ولا يحل لكم ان تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه، فرأت العرب ان القول كما قالت قريش وان الحجة لهم في ذلك على من نازعهم امر محمد - صلى الله عليه وآله - فأنعمت لهم العرب وسلمت ذلك، ثم حاججنانحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنهم اخذوا هذا الامر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج فلماصرنا اهل بيت محمد واوليائه إلى محاجتهم وطلب النصف منهم باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا فالموعد الله وهو الولي النصير.

وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا صلى الله عليه وآله وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الاسلام فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين ان يجد المنافقون والاحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به او يكون لهم بذلك سبب لما ارادوا به من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يامعاوية على امر لست من اهله لا بفضل في الدين معروف ولا اثر في الاسلام محمود وانت ابن حزب من الاحزاب وابن اعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكن الله خيبك، سترد فتعلم لمن عقبى الدار، تالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد.

إن عليا - رضوان الله عليه - لما مضى لسبيله - رحمة الله عليه - يوم قبض

٣٥

ويوم من الله عليه بالاسلام، ويوم يبعث حيا - ولاني المسلمون الامر بعده فأسأل الله ان لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته وإنما حملني على الكتاب اليك الاعذار فيما بيني وبين الله سبحانه وتعالى في امرك ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم وللمسلمين فيه صلاح فدع التعادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فانك تعلم انى احق بهذا الامر منك عند الله وعند كل اواب حفيظ ومن له قلب منيب واتق الله ودع البغي واحقن دماء المسلمين فوالله مالك من خير في ان تلقى الله من دمائهم بأكثر مما انت لاقيه به فادخل في السلم والطاعة ولاتنازع الامر اهله ومن هو احق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك وتجمع الكلمة وتصلح ذات البين وإن انت ابيت إلا التمادي في غيك نهدت اليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

فكتب اليه معاوية:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالله امير المؤمنين إلى الحسن بن علي، سلام عليك فاني احمد اليك الله الذي لا إله إلا هواما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ماذكرت به رسول الله صلى الله عليه وآله من الفضل وهو احق الاولين والآخرين بالفضل كله قديمه وحديثه وصغيره وكبيره فقد والله بلغ فأدى ونصح وهدى حتى انقذالله به من التهلكة وانار به من العمى وهدى به من الضلالة فجزاه الله افضل ما جزى نبيا عن امته وصلوات الله عليه يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا.

وذكرت وفاة النبي صلى الله عليه وآله وتنازع المسلمين من بعده فرايتك صرحت بتهمة ابي بكر الصديق وعمر الفاروق وابي عبيدة الامين وحواري الرسول صلى الله عليه وآله وصلحاء المهاحر ين والانصار، فكرهت ذلك لك فانك امرؤ عندنا وعند الناس غير ظنين ولا المسئ ولا اللئيم وانا احب لك القول السديد والذكر الجميل إن هذه الامة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا

٣٦

قرابتكم من النبي ولا مكانتكم في الاسلام واهله فرات الامة ان تخرج من هذا الامر لقريش لمكانها من نبيها وراى صلحاء الناس من قريش والانصار وغيرهم من سائر الناس وعامتهم ان يولوا هذا الامر من قريش اقدمها إسلاما واعلمها بالله واحبها له واقواها على امر الله واختاروا ابا بكر وكان ذلك راي ذوي الحجى والدين والفضيلة والناظرين للامة فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة ولم يكونوا بمتهمين ولا فيما اتوا بمخطئين، ولو راى المسلمون فيكم من يغنى غناء‌ه أو يقوم مقامه او يذب عن حريم المسلمين ذبه ما عدلوا بذلك الامر إلى غيره رغبة عنه ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للاسلام واهله فالله يجزيهم عن الاسلام وأهله خيرا وقد فهمت الذي دعوتني اليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وابوبكر بعد النبي صلى الله عليه وآله ولو علمت أنك أضبط مني للرعية واحوط على هذه الامة واحسن سياسة واقوى على جمع الاموال واكيد للعدو لاجبتك إلى ما دعوتني اليه ورأيتك لذلك اهلا ولكني قد علمت أنى أطول منك ولاية واقدم منك لهذه الامة تجربة واكثر منك سياسة واكبر منك سنا، فأنت احق ان تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي ولك الامر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث احببت ولك خراج اي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجيبها لك امينك ويحملها اليك في كل سنة ولك الا يستولي عليك بالاساء‌ة ولا تقضى دونك الامور ولا تعصى في أمر اردت به طاعة الله عزوجل.

اعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء والسلام.

قال جندب: فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له: إن الرجل سائر اليك فابدأ أنت بالمسير حتى تقاتله في ارضه وبلاده وعمله، فاما ان تقدر أنه يتناولك فلا والله حتى يرى يوما اعظم من يوم صفين، فقال: أفعل ثم قعد عن مشورتي وتناسي قولي.

٣٧

قال: وكتب معاوية إلى الحسن بن علي:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فان الله عزوجل يفعل في عباده ما يشاء(لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب) فاحذر ان تكون منيتك على يد رعاع من الناس وايئس من أن تجد فينا غميزة، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت، واجزت لك ما شرطت واكون في ذلك كما قال اعشى بني قيس بن ثعلبة: وإن احد اسدى اليك امانة * فأوف بها تدعى إذا مت وافيا ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى * ولا تجفه إن كان في المال فانيا ثم الخلافة لك من بعدي فأنت اولى الناس بها والسلام.

فأجابه الحسن بن علي:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: وصل إلي كتابك تذكر فيه ما ذكرت، فتركت جوابك خشية البغي عليك وبالله اعوذ من ذلك، فاتبع الحق تعلم أنى من أهله، وعلي اثم ان اقول فأكذب، والسلام.

فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه ثم كتب إلى عماله على النواحي نسخة واحدة:

بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ومن قبله من المسلمين، سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم وقتلة خليفتكم إن الله بلطفه وحسن صنعه اتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله فترك اصحابه متفرقين مختلفين وقد جاء‌تنا كتب اشرافهم وقادتهم يلتمسون الامان لانفسهم وعشائرهم فاقبلوا إلي حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم وجهدكم وحسن عدتكم فقد اصبتم بحمد الله الثأر وبلغتم الامل واهلك

٣٨

الله اهل البغي والعدوان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال: فاجتمعت العساكر إلى معاوية بن ابي سفيان وسار قاصدا إلى العراق وبلغ الحسن خبر مسيره وانه بلغ جسر منبج فتحرك لذلك وبعث حجر بن عدي يأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير ونادى المنادي: الصلاة جامعة فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون فقال الحسن: إذا رضيت جماعة الناس فأعلمني وجاء سعيد بن قيس الهمداني فقال: اخرج فخرج الحسن - عليه السلام - فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: اما بعد: فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها.

ثم قال لاهل الجهاد من المؤمنين(واصبروا إن الله مع الصابرين) فلستم ايها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون إنه بلغني ان معاوية بلغه انا كنا ازمعنا على المسير اليه فتحرك لذلك فاخرجوا - رحمكم الله - إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا.

قال: وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس إياه.

قال: فسكتوا فما تكلم منهم أحد ولا اجاب بحرف.

فلما راى ذلك عدي بن حاتم قال: انا ابن حاتم سبحان الله، ما اقبح هذا المقام؟ الا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم اين خطباء مضر؟ اين المسلمون؟ اين الخواضون من اهل المصر الذين السنتهم كالمخاريق في الدعة فاذا جد الجد فرواغون كالثعالب اما تخافون مقت الله ولاعيبها وعارها.

ثم استقبل الحسن بوجهه فقال: اصاب الله بك المراشد، وجنبك المكاره ووفقك لما يحمد ورده وصدره فقد سمعنا مقالتك وانتهينا إلى امرك وسمعنا منك واطعناك فيما قلت وما رايت وهذا وجهي إلى معسكري فمن احب ان يوافيني فليوافي.

ثم مضى لوجهه فخرج من المسجد ودابته بالباب فركبها ومضى إلى النخيلة وامر غلامه ان يلحقه بما يصلحه، وكان عدي اول الناس عسكرا.

ثم قام قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ومعقل بن قيس الرياحي، وزياد

٣٩

ابن صعصعة التيمي فأنبوا الناس ولاموهم وحرضوهم وكلموا الحسن بمثل كلام عدي ابن حاتم في الاجابة والقبول.

فقال لهم الحسن: صدقتك - رحمكم الله - مما زلت اعرفكم بصدق النية والوفاء بالقول والمودة الصحيحة فجزاكم الله خيرا ثم نزل.

وخرج الناس، فعسكروا ونشطوا للخروج وخرج الحسن إلى معسكره واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب وامره باستحثاث الناس وإشخاصهم اليه فجعل يستحثهم ويخرجهم حتى التأم العسكر.

ثم إن الحسن بن علي سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبدالرحمن فأقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس ثم دعا عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب فقال له: يابن عم إني باعث معك اثنا عشر الفا من فرسان العرب وقراء المصر، الرجل منهم يزن الكتيبة فسر بهم والن لهم جانبك وابسط وجهك وافرش لهم جناحك وادنهم من مجلسك فأنهم بقية ثقة امير المؤمنين صلوات الله عليه وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات ثم تصير إلى مسكن ثم امض حتى تستقبل معاوية فان انت لقيته فاحبسه حتى آتيك فانى في إثرك وشيكا وليكن خبرك عندي كل يوم وشاور هذين، يعني قيس بن سعد وسعيد بن قيس فاذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فان فعل فقاتل فان اصبت فقيس بن سعد على الناس وإن اصيب قيس فسعيد بن قيس على الناس ثم امره بما اراد.

وسار عبيدالله حتى انتهى إلى شينور حتى خرج إلى شاهى ثم لزم الفرات والفالوجة حتى اتى مسكن.

واخذ الحسن على حمام عمر حتى اتى دير كعب ثم بكر فنزل ساباط دون القنطرة فلما اصبح نادى في الناس: الصلاة جامعة فاجتمعوا وصعد المنبر فخطبهم فحمد الله فقال:

٤٠