حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء ٢

حياة أمير المؤمنين عن لسانه0%

حياة أمير المؤمنين عن لسانه مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 491

حياة أمير المؤمنين عن لسانه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة النشر الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 491
المشاهدات: 289927
تحميل: 3657


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 289927 / تحميل: 3657
الحجم الحجم الحجم
حياة أمير المؤمنين عن لسانه

حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و رغبوا عن أحكامه و بعدوا من أنواره و استبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه و كانوا ظالمين،و زعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن اختار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمقامه،و أن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف.

ألا و إن أول شهادة زور وقعت في الإسلام شهادتهم أن صاحبهم مستخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فلما كان من أمر سعد بن عبادة ما كان،رجعوا عن ذلك و قالوا:إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مضى و لم يستخلف،فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطيب المبارك أول مشهود عليه بالزور في الإسلام و عن قليل يجدون غب(١) ما يعملون و سيجدون التالون غب ما أسسه الأولون،و لئن كانوا في مندوحة من المهل(٢) و شفاء من الأجل وسعة من المنقلب و استدراج من الغرور و سكون من الحال و إدراك من الأمل فقد أمهل الله عز و جل شداد بن عاد و ثمود بن عبود و بلعم بن باعور و أسبغ عليهم نعمة ظاهرة و باطنة و أمدهم بالأموال و الأعمار و أتتهم الأرض ببركاتها ليذكروا آلاء الله و ليعرفوا الإهابة له و الإنابة إليه و لينتهوا عن الإستكبار،فلما بلغوا المدة و استتموا الاكلة أخذهم الله عز و جل و اصطلمهم(٣) فمنهم من حصب،و منهم من أخذته الصيحة،و منهم من أحرقته الظلة،و منهم من أودته الرجفة،و منهم من أردته الخسفة( وَ مَا کَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَ لٰکِنْ کَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‌ ) (٤) ،ألا و إن لكل أجل كتابا فإذا بلغ الكتاب أجله لو كشف لك عما هوى إليه الظالمون و آل إليه الأخسرون لهربت إلى الله عز

____________________

(١)الغب- بتشديد الباء-لعاقبة.

(٢)أي:كانوا في سعة من المهلة.

(٣)الاصطلام:الاستيصال.

(٤)العنكبوت: .٤٠

٢٢١

و جل مما هم عليه مقيمون و إليه صائرون.

ألا و إني فيكم أيها الناس كهارون في آل فرعون،و كباب حطة في بني إسرائيل و كسفينة نوح في قوم نوح،إني النبأ العظيم و الصديق الأكبر،و عن قليل ستعلمون ما توعدون،و هل هي إلا كلعقة الآكل و مذقة الشارب و خفقة الوسنان(٢) ،ثم تلزمهم المعرات(١) خزيا في الدنيا و يوم القيامة يردون إلى أشد العذاب،و ما الله بغافل عما يعملون،فما جزاء من تنكب محجته؟و أنكر حجته،و خالف هداته،و حاد عن نوره،و اقتحم في ظلمه،و استبدل بالماء السراب و بالنعيم العذاب و بالفوز الشقاء و بالسراء الضراء و بالسعة الضنك،إلا جزاء اقترافه و سوء خلافه،فليوقنوا بالوعد على حقيقته و ليستيقنوا بما يوعدون،( يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذٰلِکَ يَوْمُ الْخُرُوجِ‌* إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ) (٣) إلى آخر السورة.

*الروضة من الكافي ص ١٨،التوحيد للصدوق ص ٧٢ الرقم ٢٧،تحف العقول ص ٩٢،بحار الأنوار ج ٢٤ ص ١٩ الرقم ٣٣،ج ٧٧ ص ٣٨٢ الرقم .٥

____________________

(١)الوسنان:من أخذته السنة و هو نائم الذي لم يستغرق في النوم.

(٢)المعرة:الاثم و العزم و الأذى.

(٣)ق:٤٢- .٤٤

٢٢٢

١٠-تمام الحجة على الخليفة.

إحتجاج أمير المؤمنينعليه‌السلام على أبي بكر لما كان يعتذر إليه من بيعة الناس له و يظهر الإنبساط له.

عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدهعليهم‌السلام قال:لما كان من أمر أبي بكر و بيعة الناس له و فعلهم بعليعليه‌السلام ،لم يزل أبو بكر يظهر له الإنبساط،و يرى منه‏الإنقباض،فكبر ذلك على أبي بكر و أحب لقاءه و استخراج ما عنده،و المعذرة إليه مما اجتمع الناس عليه،و تقليدهم إياه أمر الامة و قلة رغبته في ذلك و زهده فيه.

أتاه في وقت غفلة و طلب منه الخلوة فقال:يا أبا الحسن،و الله ما كان هذا الأمر عن مواطاة مني و لا رغبة فيما وقعت فيه و لا حرص عليه،و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الامة،و لا قوة لي بمال و لا كثرة العشيرة،و لا استيثار به دون غيري،فمالك تضمر علي ما لم أستحقه منك،و تظهر لي الكراهة لما صرت فيه،و تنظر إلي بعين الشنائة لي؟

قال:فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه،و لا حرصت عليه و لا وثقت بنفسك في القيام به؟»قال:فقال أبو بكر:حديث سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :«إن الله لا يجمع امتي على ضلال»فلما رأيت إجماعهم اتبعت قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،و أحلت أن يكون إجماعهم على خلاف الهدى من الضلال،فأعطيتهم قود الإجابة،و لو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت.فقال عليعليه‌السلام :

«أما ما ذكرت من حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :إن الله لا يجمع امتي على ضلال،أفكنت من الامة أم لم أكن؟»قال:بلى.قالعليه‌السلام :

«و كذلك العصابة الممتنعة عنك،من سلمان،و عمار،و أبي ذر،و المقداد،و ابن عبادة،و من معه من الأنصار؟»قال:كل من الامة.قال عليعليه‌السلام :

«فكيف تحتج بحديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك؟و ليس للامة فيهم طعن و لا في صحبة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله و لصحبته منهم تقصير».

٢٢٣

قال:ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر،و خفت إن قعدت عن الأمر،ان يرجع الناس مرتدين عن الدين،و كان ممارستهم إلي إن أجبتهم أهون مؤونة على الدين و إبقاء له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفارا،و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم و على أديانهم.

فقال عليعليه‌السلام :

«أجل و لكن أخبرني على الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه؟»فقال أبو بكر:بالنصيحة،و الوفاء،و دفع المداهنة،و المحاباة،و حسن السيرة،و إظهار العدل،و العلم بالكتاب و السنة،و فصل الخطاب،مع الزهد في الدنيا و قلة الرغبة فيها،و انتصاف المظلوم من الظالم للقريب و البعيد،ثم سكت.

فقال عليعليه‌السلام :

«و السابقة و القرابة...».

فقال أبو بكر:و السابقة و القرابة.

فقال عليعليه‌السلام :

«أنشدك بالله يا أبا بكر،أفي نفسك تجد هذه الخصال أو في؟».

قال أبو بكر:بل فيك يا أبا الحسن.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا المجيب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ذكران المسلمين أم أنت؟».

قال:بل أنت.قال عليعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا صاحب الأذان لأهل الموسم و الجمع الأعظم للامة بسورة براءة أم أنت؟»قال :بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله يا أبا بكر،أنا وقيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغار(١) أم أنت؟».

____________________

(١)يعبر عنه بحديث الغار،أو حديث الوقاية،أو حديث الفراش،أو حديث ليلة المبيت.

٢٢٤

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا المولى لك و لكل مسلم بحديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير أم أنت؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،ألي الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية الزكاة بالخاتم(١) ،أم لك؟».

قال:بل لك.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،ألي الوزارة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و المثل من هارون من موسى أم لك؟».

قال:بل لك.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أبي برز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و بأهلي و ولدي في مباهلة المشركين،أم بك و بأهلك و ولدك؟»قال:بل بكم.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،ألي و لأهلي و ولدي آية التطهير(٢)

____________________

(١)المائدة: .٥٥

(٢)الاحزاب: .٣٣

٢٢٥

من الرجس أم لك و لأهل بيتك؟».

قال:بل لك و لأهل بيتك.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا صاحب دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و أهلي و ولدي يوم الكساء :«اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار».أم أنت؟».

قال:بل أنت و أهلك و ولدك.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا صاحب آية:( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخَافُونَ يَوْماً کَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) (١) أم أنت؟».قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي ردت له الشمس لوقت صلاته،فصلاها ثم توارت أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الفتى الذي نودي من السماء:لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي،أم أنا؟»

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي حباك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله برايته يوم خيبر،ففتح الله له أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي نفست عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و عن المسلمين بقتل عمرو بن عبدود أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي نفست عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و عن المسلمين بقتل عمر و بن عبد ود أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي ائتمنك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على رسالته إلى الجن فأجابت،أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي طهره الله من السفاح من لدن آدم إلى أبيه،بقول رسول الله:«خرجت أنا و أنت من نكاح لا من سفاح،من لدن آدم إلى عبد المطلب»أم أنت؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي اختارني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و زوجني ابنته فاطمةعليها‌السلام و قال:الله زوجك إياها في السماء أم أنت؟»

____________________

(١)الانسان: .٧

٢٢٦

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا والد الحسن و الحسين سبطيه و ريحانتيه إذ يقول:«هما سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما.أم أنت؟»قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أخوك المزين بالجناحين يطير في الجنة مع الملائكة أم أخي؟».

قال:بل أخوك.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا ضمنت دين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و ناديت في الموسم بإنجاز مواعده أم أنت؟»قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي دعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و الطير عنده يريد أكله يقول :«اللهم إيتني بأحب خلقك إلي و إليك بعدي يأكل معي من هذا الطير»فلم يأته غيري،أم أنت؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي بشرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين،و القاسطين،و المارقين،على تأويل القرآن أم أنت؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي دل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعلم القضاء و فصل الخطاب بقوله:«علي أقضاكم أم أنت؟»قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته،أم أنت؟»قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنا الذي شهدت آخر كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و وليت غسله و دفنه،أم أنت؟»قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي سبقت له القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أم أنا؟».

قال:بل أنت.

٢٢٧

قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي حباك الله بالدينار عند حاجته إليه و باعك جبرئيل،و أضفت محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فأطعمت ولده،أم أنا؟».

قال:فبكى أبو بكر و قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي جعلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على كتفه في طرح صنم الكعبة و كسره حتى لو شئت أن أنال افق السماء لنلتها(١) ،أم أنا؟»

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي قال لك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :«أنت صاحب لواي في الدنيا و الآخرة أم أنا»

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي أمرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بفتح بابه في مسجده عندما أمر بسد أبواب جميع أهل بيته و أصحابه و أحل لك فيه ما أحل الله له أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي قدمت بين يدي نجوى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١)في الخصال:«حتى لو شاء أن ينال افق السماء لنا لها»و هو المناسب لما في صدر الجملة.

٢٢٨

صدقة فناجيته،إذ عاتب الله قوما فقال:( أَ أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاکُمْ صَدَقَاتٍ ) (١) الآية،أم أنا؟»

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله،أنت الذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة:زوجتك أول الناس إيمانا،و أرجحهم إسلاما.في كلام له،أم أنا؟».

قال:بل أنت.قالعليه‌السلام :

«فأنشدك بالله يا أبا بكر،أنت الذي سلمت عليه ملائكة سبع سماوات يوم القليب،أم أنا؟»

قال:بل أنت.

قال:فلم يزلعليه‌السلام يورد مناقبه التي جعل له و رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله دونه و دون غيره،و يقول له أبو بكر:بل أنت.

قالعليه‌السلام :

«فبهذا و شبهه يستحق القيام بامور أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فما الذي غرك عن الله تعالى و عن رسوله و دينه،و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه».

قال:فبكى أبو بكر و قال:صدقت يا أبا الحسن،أنظرني قيام يومي فأدبر ما أنا فيه و ما سمعت منك.

قال:فقال عليعليه‌السلام :

«لك ذلك يا أبا بكر».

*الإحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٣٠٤،الخصال للصدوق ابواب الاربعين الرقم ٣٠ ص ٥٤٨،تاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٣٦،بحار الأنوار ج ٢٩ ص .٣

____________________

(١)المجادلة: .١٣

٢٢٩

١١-الحق لنا دونكم.

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية«...و لما احتج المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلجوا عليهم(١) ،فإن يكن الفلج به فالحق لنا دونكم،و إن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم...».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الكتاب ٢٨ ص ٣٨٧،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٦٢١ الرقم .٣٠

____________________

(١)فلجوا عليهم:أي ظفروا بهم.

٢٣٠

١٢-تكون الخلافة بالصحابة و لا تكون بالصحابة و القرابة؟

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«و اعجباه!أتكون الخلافة بالصحابة و لا تكون بالصحابة و القرابة؟»قال الرضي:و روي له شعر في هذا المعنى:

«فإن كنت بالشورى ملكت امورهم

فكيف بهذا و المشيرون غيب؟

و إن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي و أقرب»

قال ابن أبي الحديد في شرح هذا الكلام:حديثهعليه‌السلام في النثر و النظم المذكورين مع أبي بكر و عمر،أما النثر فإلى عمر توجيهه لأن أبا بكر لما قال لعمر:امدد يدك،قال له عمر:أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها،شدتها و رخائها فامدد انت يدك.فقال عليعليه‌السلام :إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في المواطن كلها،فهلا سلمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك و زاد عليه«بالقرابة» !و اما النظم فموجه إلى أبي بكر،لأن أبا بكر حاج الأنصار في السقيفة،فقال:نحن عترة رسول الله،و بيضته التي تفقأت عنه،فلما بويع احتج على الناس بالبيعة،و أنها صدرت عن أهل الحل و العقد،فقال عليعليه‌السلام :اما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و من قومه،فغيرك أقرب نسبا منك إليه،و اما احتجاجك بالاختيار و رضا الجماعة بك،فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت!

*نهج البلاغة(فيض الاسلام)،الحكمة ١٨١ ص ١١٧٣،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٨ ص ٤١٦،خصائص الائمة للرضي ص ١١١،كتاب التعجب للكراجكي ص ١٣،الديوان المنسوب الى أمير المؤمنينعليه‌السلام ص ١٣٨ الرقم ٨٢،غرر الحكم ج ٢ ص ٧٨٥ الرقم .٦٤

٢٣١

١٣-اما الكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس.

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام أجاب به معاوية:

«...و ذكرت حسدي الخلفاء،و إبطائي عنهم،و بغيي عليهم.فأما البغي فمعاذ الله أن يكون،و أما الإبطاء عنهم و الكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس،لأن الله جل ذكره لما قبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت قريش:منا أمير،و قالت الأنصار:منا أمير.

فقالت قريش:منا محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فنحن أحق بذلك الامر،فعرفت ذلك الأنصار،فسلمت لهم الولاية و السلطان،فإذا استحقوها بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله دون الأنصار،فإن أولى الناس بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أحق بها منهم،و إلا فإن الأنصار أعظم العرب فيها نصيبا،فلا أدري أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا،أو الأنصار ظلموا،بل عرفت أن حقي هو المأخوذ،و قد تركته لهم تجاوز الله عنهم...».

*وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٩٠،العقد الفريد ج ٤ ص ٣٣٦،مناقب الخوارزمي ص ٢٥٣،شرح ابن أبي الحديد ج ١٥ ص ٧٨،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٦٣٢ الرقم .٤٧

٢٣٢

٢٣٣

الفصل الثالث: افتقادهعليه‌السلام المناصرين

١- ليس لي مساعد إلا أهل بيتي.

٢- لم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط.

٣- لو كان لي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة و جعفر لم ابايع كرها.

٤- لو وجدت أربعين رجلا لما كففت يدي.

٥- لو كان لي عدة أصحاب لوط أو عدة أهل بدر...

٦- يا علي إن وجدت فئة تقاتل بهم فاطلب حقك.

٧- إن لي بستة من الأنبياء أسوة.

٢٣٤

١- ليس لي مساعد إلا أهل بيتي.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام في التظلم و التشكي من قريش:

«اللهم إني أستعديك(١) على قريش و من أعانهم،فإنهم قد قطعوا رحمي و أكفؤوا إنائي(٢) ،و أجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري،و قالوا:ألا إن في الحق أن تأخذه،و في الحق أن تمنعه،فاصبر مغموما،أو مت متأسفا.

فنظرت فإذا ليس لي رافد(٣) و لا ذاب(٤) و لا مساعد،إلا أهل بيتي،فضننت(٥) بهم عن المنية،فأغضيت على القذى(٦) ،و جرعت ريقي على الشجا(٧) ،و صبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم،و آلم للقلب من و خز الشفار(٨) ».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ٢١٧ ص ٣٣٦،و الخطبة ٢٦ ص ٦٨،بحار الانوارج ٢٩ ص ٦٠٧ الرقم .٢٢

____________________

(١)أستعديك:استعينك لتنتقم لي.

(٢)اكفاء الإناء:قلبه،مجاز عن تضييع الحق.

(٣)الرافد:المعين.

(٤)الذاب:المدافع.

(٥)ضننت:أي بخلت.

(٦)القذى:ما يقع في العين،و أغضيت على القذى:غضضت الطرف عنه.

(٧)الشجا:ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه،يريد به غصة الحزن.

(٨)جمع شفرة:حد السيف و نحوه و خز الشفار:طعنها الخفيف.

٢٣٥

٢- لم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام في جواب الأشعث بن قيس حين قال:فما يمنعك يابن أبي طالب حين بويع أخو تيم بن مرة و أخو بني عدي بن كعب و أخو بني امية بعدهما أن تقاتل و تضرب بسيفك؟و أنت لم تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق إلا و قد قلت فيها قبل أن تنزل عن منبرك:«و الله إني لأولى الناس بالناس و ما زلت مظلوما منذ قبض الله محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟

فقال له عليعليه‌السلام :

«...فلما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مال الناس إلى أبي بكر فبايعوه و أنا مشغول برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغسله و دفنه.ثم شغلت بالقرآن،فآليت على نفسي أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمعه في كتاب،ففعلت ثم حملت فاطمة و أخذت بيد إبني الحسن و الحسين،فلم أدع أحدا من أهل بدر و أهل السابقة من المهاجرين و الأنصار إلا ناشدتهم الله في حقي و دعوتهم إلى نصرتي فلم يستجب لي من جميع الناس إلا أربعة رهط:سلمان و أبو ذر و المقداد و الزبير،و لم يكن معي أحد من أهل بيتي أصول به و لا أقوي به،أما حمزة فقتل يوم أحد،و أما جعفر فقتل يوم مؤتة،و بقيت بين جلفين جافيين ذليلين حقيرين عاجزين،العباس و عقيل،و كانا قريبي العهد بكفر.

فأكرهوني و قهروني فقلت كما قال هارون لأخيه:/يا بن ام إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني/(١) فلي بهارون اسوة حسنة ولي بعهدرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حجة قوية».

*كتاب سليم بن قيس الحديث ١٢ ص ٦٦٥،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٤٤٩ الرقم ١٠٤،ارشاد القلوب ص ٣٩٤- ٣٩٥،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤١٩ الرقم ٢،و ص .٤٦٨

____________________

(١)الاعراف: .١٥٠

٢٣٦

٣- لو كان لي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة و جعفر لم أبايع كرها.

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى شيعته:

«...و قد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلي عهدا فقال:يا بن أبي طالب لك ولاء امتي،فإن ولوك في عافية و أجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم،و إن اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا.

فنظرت فإذا ليس لي رافد و لا معي مساعد إلا أهل بيتي،فضننت بهم عن الهلاك،و لو كان لي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمي حمزة و أخي جعفر لم ابايع كرها،و لكني بليت برجلين حديثي عهد بالإسلام،العباس و عقيل،فضننت بأهل بيتي عن الهلاك،فأغضيت عيني على القذى،و تجرعت ريقي على الشجا و صبرت على أمر من العلقم،و آلم للقلب من حز الشفار».

*كشف المحجة لثمرة المهجة،الفصل ١٥٥ ص ٢٤٨،بحار الانوار ج ٣٠ ص ١٥ الرقم .١

٢٣٧

٤- لو وجدت أربعين رجلا لما كففت يدي.

و من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام :دار بينه و بين الاشعث بن قيس:

«...يا بن قيس،أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة،إني لو وجدت يوم بويع أخو تيم-لذي عيرتني بدخولي في بيعته-ربعين رجلا كلهم على‏مثل بصيرة الأربعة الذين قد وجدت،لما كففت يدي و لناهضت القوم،و لكن لم أجد خامسا فأمسكت».

قال الاشعث:فمن الاربعة،يا أمير المؤمنين؟قالعليه‌السلام :

«سلمان و أبو ذر و المقداد و الزبير بن صفية قبل نكثه بيعتي،فإنه بايعني مرتين:أما بيعته الاولى التي و فى بها فإنه لما بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من المهاجرين و الأنصار فبايعوني و فيهم الزبير،فأمرتهم أن يصبحوا عند بابي محلقين رؤوسهم عليهم السلاح،فما و فى لي و لا صدقني منهم أحد غير أربعة:سلمان و أبو ذر و المقداد و الزبير.

و أما بيعته الاخرى إياي،فإنه أتاني هو و صاحبه طلحة بعد ما قتل عثمان فبايعاني طائعين غير مكرهين،ثم رجعا عن دينهما مرتدين ناكثين مكابرين معاندين خاسرين،فقتلهما الله إلى النار.و أما الثلاثة- سلمان و أبو ذر و المقداد- فثبتوا على دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله و على ملة إبراهيم حتى لحقوا بالله يرحمهم الله.

يا بن قيس،و الذي فلق الحبة و برأ النسمة،لو أن اولئك الأربعين الذين بايعوا وفوا لي و أصبحوا على بابي محلقين رؤوسهم قبل أن تجب لعتيق في عنقي بيعة لناهضته و حاكمته إلى الله عز و جل.و لو وجدت قبل بيعة عثمان أعوانا لناهضتهم و حاكمتهم إلى الله،فإن إبن عوف جعلها لعثمان و اشترط عليه فيما بينه و بينه أن يردها عليه عند موته،و أما بعد بيعتي إياهم فليس إلى مجاهدتهم سبيل».

*كتاب سليم بن قيس الحديث ١٢ ص ٦٦٨- ٦٦٩،ارشاد القلوب ص ٣٩٧،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤٧٠- .٤٧١

٢٣٨

٥- لو كان لي عدة أصحاب لوط أو عدة أهل بدر...

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في معاتبة أصحابه،خطبها بالمدينة.

«...أيها الامة التي خدعت فانخدعت و عرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت و اتبعت أهواءها و ضربت في عشواء غوايتها و قد استبان لها الحق فصدت عنه،و الطريق الواضح فتنكبته،أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه و شربتم الماء بعذوبته و ادخرتم الخير من موضعه و أخذتم الطريق من واضحه و سلكتم من الحق نهجه،لنهجت بكم السبل و بدت لكم الأعلام و أضاء لكم الإسلام،فأكلتم رغدا و ما عال فيكم عائل و لا ظلم منكم مسلم و لا معاهد،و لكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها و سدت عليكم أبواب العلم،فقلتم بأهوائكم و اختلفتم في دينكم،فأفتيتم في دين الله بغير علم و اتبعتم الغواة فأغوتكم و تركتم الأئمة فتركوكم،فأصبحتم تحكمون بأهوائكم إذا ذكر الامر سألتم أهل الذكر فإذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه،فكيف و قد تركتموه و نبذتموه و خالفتموه(١) ؟رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم و تجدون وخيم ما اجترمتم و ما اجتلبتم(٢) .

و الذي فلق الحبة و برأ النسمة،لقد علمتم أني صاحبكم و الذي به أمرتم،و أني عالمكم و الذي بعلمه نجاتكم،و وصي نبيكم و خيرة ربكم و لسان نوركم و العالم بما يصلحكم،فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم و ما نزل بالامم قبلكم و سيسألكم الله عز و جل عن أئمتكم،معهم‏تحشرون و إلى الله عز و جل غدا تصيرون.

أما و الله لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر و هم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق و تنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق و آخذ بالرفق،اللهم فاحكم بيننا بالحق و أنت خير الحاكمين».

*الكافي ج ٨ ص ٣٢ الرقم ٥،بحار الأنوار ج ٢٨ ص ٢٤١ الرقم .٢٧

____________________

(١)أي:كيف ينفعكم هذا الاقرار و الاذعان و قد تركتم متابعة قائله.

(٢)الاجترام:الاكتساب.و الاجتلاب:جلب الشي‏ء إلى النفس.

٢٣٩

٦- يا علي إن وجدت فئة تقاتل بهم فاطلب حقك.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«و أوصاني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:يا علي إن وجدت فئة تقاتل بهم فاطلب حقك،و إلا فالزم بيتك،فإني قد أخذت لك العهد يوم غدير خم بأنك خليفتي و وصيي،و أولى الناس بالناس من بعدي،فمثلك كمثل بيت الله الحرام،يأتونك الناس و لا تأتيهم».

*بحار الانوار ج ٩٣ ص ١٥،نقله عن تفسير النعماني.

٢٤٠