حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء ٢

حياة أمير المؤمنين عن لسانه0%

حياة أمير المؤمنين عن لسانه مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 491

حياة أمير المؤمنين عن لسانه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة النشر الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 491
المشاهدات: 289957
تحميل: 3657


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 289957 / تحميل: 3657
الحجم الحجم الحجم
حياة أمير المؤمنين عن لسانه

حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لحريص،فقلت:لست عليه حريصا و إنما أطلب ميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،و حقه و أن ولاء أمته لي من بعده،و أنتم أحرص عليه مني إذ تحولون بيني و بينه و تصرفون وجهي دونه بالسيف.

اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي و أضاعوا أيامي و دفعوا حقي و صغروا قدري و عظيم منزلتي،و أجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فاستلبونيه،ثم قالوا:اصبر مغموما أو مت متأسفا،و أيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا و لكنهم لن يجدوا إلى ذلك سبيلا.

و إنما حقي على هذه الأمة كرجل له حق على قوم إلى أجل معلوم،فإن أحسنوا و عجلوا له حقه قبله حامدا،و إن أخروه إلى أجله أخذه غير حامد،و ليس يعاب المرء بتأخير حقه،إنما يعاب من أخذ ما ليس له،و قد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلي عهدا فقال:«يا بن أبي طالب لك ولاء امتي فإن ولوك في عافية و أجمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم،و إن اختلفوا عليك فدعهم و ما هم فيه فإن الله سيجعل لك مخرجا».

فنظرت فإذا ليس لي رافد(١) و لا معي مساعد إلا أهل بيتي فضننت(٢) بهم عن الهلاك،و لو كان لي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمي حمزة و أخي جعفر لم ابايع كرها،و لكني بليت برجلين حديثي عهد بالإسلام،العباس و عقيل،فضننت بأهل بيتي عن الهلاك،فأغضيت عيني على القذى(٣) ،و تجرعت ريقي على الشجى(٤) ،و صبرت على أمر من العلقم(٥) ،و آلم

____________________

(١)الرافد:المعين و المساعد.

(٢)ضننت بهم:بخلت بهم و احتفظت عليهم.

(٣)الإغضاء:غمض جفني العين و تطبيقهما حتى لا يرى شيئا،و القذى:ما يقع في العين من تبن و نحوه.

(٤)الشجى:ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه.

(٥)العلقم:شجر مر بالغ المرارة و يطلقه العرب على كل مر.

٢٨١

‏للقلب من حز الشفار(١) .

و أما أمر عثمان فكأنه علم من القرون الاولى علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي و لا ينسى،خذله أهل بدر،و قتله أهل مصر،و الله ما أمرت و لا نهيت،و لو أنني أمرت كنت قاتلا،و لو أنني نهيت كنت ناصرا،و كان الأمر لا ينفع فيه العيان،و لا يشفي منه الخبر،غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول هو:«خذله من أنا خير منه»و لا يستطيع من خذله أن يقول:«نصره من هو خير مني».و أنا جامع أمره:إستأثر فأساء الأثرة،و جزعتم فأسأتم الجزع،و الله يحكم بينكم و بينه،و الله ما يلزمني في دم عثمان تهمة،ما كنت إلا رجلا من المسلمين المهاجرين في بيتي.

فلما قتلتموه أتيتموني تبايعوني،فأبيت عليكم و أبيتم علي،فقبضت يدي فبسطتموها،و بسطتها فمددتموها،ثم تداككتم(٢) علي تداك الإبل الهيم(٣) على حياضها يوم ورودها،حتى ظننت أنكم قاتلي و أن بعضكم قاتل بعض،حتى انقطعت النعل،و سقط الرداء،و وطئ الضعيف،و بلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن حمل إليها الصغير و هدج(٤) إليها الكبير و تحامل(٥) إليها العليل و حسرت(٦) لها الكعاب(٧) .

فقالوا:بايعنا على ما بويع عليه أبو بكر و عمر،فإنا لا نجد غيرك و لا نرضى إلى بك،بايعنا لا نفترق و لا نختلف،فبايعتكم على كتاب الله و سنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،دعوت الناس إلى بيعتي فمن بايعني طائعا قبلت منه،

____________________

(١)الحز:الوجع و الألم.الشفار:السكاكين العظيمة العريضة.

(٢)التداك و التداكك:التدافع الذي يقع بين المتزاحمين الواردين على شي‏ء واحد.

(٣)الهيم:العطاش.

(٤)هدج- هدجا:مشى في ارتعاش.

(٥)تحامل إلى الأمر:تكلفه على مشقة.

(٦)الحسر:الكشف.

(٧)الكعاب:كل مفصل للعظام و يراد منه هنا:الركبة أو الساق.

٢٨٢

و من أبى تركته،فكان أول من بايعني طلحة و الزبير ...».

*كشف المحجة للسيد بن طاووس،الفصل ١٥٥ ص ٢٣٥،الامامة و السياسة ص ١٧٤،انساب الأشراف ج ١ ص ٤٠٠،الغارات للثقفي ص ١٩٩،المسترشد للطبري ص ٧٧،معادن الحكمة لعلم الهدى ج ١ ص ٣٣،بحار الانوار ج ٣٠ ص .٧

٢٨٣

٢- فعلوا ذلك و أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مشغول.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام في جواب اليهودي الذي سأل عما فيه من خصال الأوصياء و فيما امتحنه الله به،و بيانهعليه‌السلام وقائع ما بعد رحيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقالعليه‌السلام :

«و أما الثانية يا أخا اليهود فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني في حياته على جميع أمته،و أخذ على جميع من حضره منهم البيعة و السمع و الطاعة لأمري،و أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب ذلك،فكنت المؤدي إليهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره إذا حضرته و الأمير على من حضرني منهم إذا فارقته،لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شي‏ء من الأمر في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و لا بعد وفاته،ثم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بتوجيه الجيش الذي وجهه مع اسامة بن زيد عند الذي أحدث الله به من المرض الذي توفاه فيه،فلم يدع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا من أفناء(١) العرب و لا من الأوس و الخزرج و غيرهم من سائر الناس ممن يخاف على نقضه و منازعته و لا أحدا ممن يراني بعين البغضاء ممن قد و ترته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش،و لا من المهاجرين و الأنصار و المسلمين و غيرهم و المؤلفة قلوبهم و المنافقين،لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته،

____________________

(١)أفناء الناس هم الذين لم يعلم ممن هم.و الواحدة:فنو:و في بعض النسخ«أبناء العرب».

(٢)أو عز إليه في كذا:تقدم.

(٣)ركض:عدا مسرعا.

(٤)استقاله البيعة:طلب منه اين يحلها.

(٥)أي:مصروف و ممنوع.

٢٨٤

و لئلا يقول قائل شيئا مما أكرهه،و لا يدفعني دافع من الولاية و القيام بأمر رعيته من بعده،ثم كان آخر ما تكلم به في شي‏ء من أمر امته أن يمضي جيش اسامة و لا يتخلف عنه أحد ممن أنهض معه،و تقدم في ذلك أشد التقدم و أوعز فيه أبلغ الإيعاز(١) و أكد فيه أكثر التأكيد،فلم أشعر بعد أن قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا برجال من بعث أسامة بن زيد و أهل عسكر قد تركوا مراكزهم،و أخلوا مواضعهم و خالفوا أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أنهضهم له و أمرهم به و تقدم إليهم من ملازمة أميرهم و السير معه تحت لوائه حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه،فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره و أقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا(٢) إلى حل عقدة عقدها الله عز و جل لي و رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أعناقهم فحلوها،و عهد عاهدوا الله و رسوله فنكثوه،و عقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم و اختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة في رأي أو استقالة(٣) لما في أعناقهم من بيعتي،فعلوا ذلك و أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مشغول و بتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود(٤) ،فإنه كان أهمها و أحق ما بدئ به منها،فكان هذا يا أخا اليهود أقرح(٥) ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية و فاجع المصيبة،و فقد من لا خلف منه إلا الله تبارك و تعالى،فصبرت عليها إذا أتت بعد أختها على تقاربها و سرعة اتصالها».

ثم التفتعليه‌السلام إلى أصحابه فقال:أليس كذلك؟قالوا:بلى يا أمير المؤمنين فقالعليه‌السلام :

____________________

(١)أو عز إليه في كذا:تقدم.

(٢)ركض:عدا مسرعا.

(٣)استقاله البيعة:طلب منه اين يحلها.

(٤)أي:مصروف و ممنوع.

(٥)قرحه:جرحه.

٢٨٥

«و أما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يلقاني معتذرا في كل أيامه و يلوم غيره ما ارتكبه من أخذ حقي و نقض بيعتي،و يسألني تحليله،فكنت أقول:تنقضي أيامه ثم يرجع إلي حقي الذي جعله الله لي عفوا(١) هنيئا من غير أن احدث في الاسلام مع حدوثه و قرب عهده بالجاهلية حدثا في طلب حقي بمنازعة،لعل فلانا يقول فيها:نعم و فلانا يقول:لا،فيؤول ذلك من القول إلى الفعل،و جماعة من خواص أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعرفهم بالنصح لله و لرسوله و لكتابه و دينه الإسلام يأتوني عودا و بدءا(٢) و علانية و سرا فيدعوني إلى أخذ حقي و يبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلي بذلك بيعتي في أعناقهم،فأقول:رويدا و صبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة و لا إراقة الدماء فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي و طمع في الأمر بعده من ليس له بأهل،فقال كل قوم:منا أمير!و ما طمع القائلون في ذلك إلا لتناول غيري الأمر،فلما دنت وفاة القائم(٣) ،و انقضت أيامه صير الأمر بعده لصاحبه فكانت هذه اخت أختها،و محلها مني مثل محلها،و أخذا مني ما جعله الله لي،فاجتمع إلي من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن مضى و ممن بقي ممن أخره الله من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا في أختها،فلم يعد قولي الثاني قولي الأول صبرا و احتسابا و يقينا و إشفاقا من أن تفنى عصبة تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باللين مرة و بالشدة أخرى بالنذر مرة و بالسيف أخرى،حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في الكر و الفر و الشبع و الري و اللباس و الوطاء

____________________

(١)العفو:السهل المتيسر.

(٢)يقال:رجع عودا على بدء أي:لم يتم ذهابه حتى وصله برجوعه.

(٣)أي:القائم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعني:أبا بكر.

٢٨٦

و الدثار،و نحن أهل بيت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لا سقوف لبيوتنا و لا أبواب و لا ستور إلا الجرائد و ما أشبهها،و لا وطاء(١) لنا و لا دثار(٢) علينا،يتداول الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا،و نطوي الليالي و الأيام جوعا عامتنا،و ربما أتانا الشي‏ء مما أفاءه الله علينا و صيره لنا خاصة دون غيرنا و نحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أرباب النعم و الأموال تألفا منه لهم،فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و لم يحملها على الخطة(٣) التي لا خلاص لها منها دون بلوغها أو فناء آجالها،لأني لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي كانوا مني و في أمري على إحدى منزلتين:إما متبع مقاتل و إما مقتول إن لم يتبع الجميع،و إما خاذل يكفر بخذلانه إن قصر في نصرتي أو أمسك عن طاعتي،و قد علم الله أني منه(٤) بمنزلة هارون من موسى،يحل به في مخالفتي و الإمساك عن نصرتي ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفة هارون و ترك طاعته،و رأيت تجرع الغصص و رد أنفاس الصعداء و لزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب أزيد(٥) لي في حظي و أرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم( وَ کَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) (٦) ،و لو لم أتق هذه الحالة- يا أخا اليهود- ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و من بحضرتك منهم بأني كنت أكثر عددا و أعز عشيرة و أمنع رجالا و أطوع أمرا و أوضح حجة و أكثر في هذا الدين مناقب

____________________

(١)الوطاء:خلاف الغطاء،أي:ما تفترشه.

(٢)الدثار:الثوب الذي يستدفأ به من فوق الشعار،و ما يتغطى به النائم.

(٣)الخطة:الأمر المشكل الذي لا يهتدي إليه.

(٤)أي:من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٥)مفعول رأيت.

(٦)الاحزاب: .٣٨

٢٨٧

‏و آثارا لسوابقي و قرابتي و وراثتي فضلا عن استحقاقي ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها،و البيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها،و لقد قبض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله و إن ولاية الامة في يده و في بيته لا في يد الاولى(١) تناولوها و لا في بيوتهم،و لأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال».

ثم التفتعليه‌السلام إلى أصحابه فقال:أليس كذلك؟

قالوا:بلى يا أمير المؤمنين.

فقالعليه‌السلام :

«و أما الرابعة يا أخا اليهود فإن القائم بعد صاحبه كان يشاورني في موارد الامور فيصدرها عن أمري و يناظرني في غوامضها فيمضيها عن رأيي،لا أعلم أحدا و لا أعلم أحدا و لا يعلمه أصحابي يناظره في ذلك غيري،و لا يطمع في الأمر بعده سواي،فلما ان أتته منيته على فجأة بلا مرض كان قبله و لا أمر كان أمضاه في صحة من بدنه لم أشك أني قد استرجعت حقي(٢) في عافية بالمنزلة التي كنت أطلبها،و العاقبة التي كنت ألتمسها و إن الله سيأتي بذلك على أحسن ما رجوت و أفضل ما أملت،فكان من فعله أن ختم أمره بأن سمى قوما أنا سادسهم و لم يستوني بواحد منهم و لا ذكر لي حالا في وراثة الرسول و لا قرابة و لا صهر و لا نسب،و لا لواحد منهم مثل سابقة من سوابقي و لا أثر من آثاري و صيرها شورى بيننا و صير ابنه فيها حاكما علينا!و أمره أن يضرب أعناق النفر الستة الذين صير الأمر فيهم إن‏لم ينفذوا أمره!و كفى بالصبر على هذا- يا أخا اليهود- صبرا،فمكث القوم أيامهم كلها،كل يخطب لنفسه و أنا ممسك عن أن سألوني عن أمري،فناظرتهم في أيامي و أيامهم و آثاري و آثارهم،و أوضحت لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم و ذكرتهم عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهم و تأكيد ما أكده من البيعة لي في أعناقهم،دعاهم حب الإمارة و بسط الأيدي و الألسن في الأمر و النهي و الركون إلى الدنيا و الإقتداء بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم،فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله و حذرته ما هو قادم عليه و

____________________

(١)أولاء و أولى:اسم موصول،يعني:يد الذين تناولوها.

(٢)قال العلامة المجلسي:أمثال هذا الكلام انما صدر عنهعليه‌السلام بناء على ظاهر الأمر،مع قطع النظر عما كان يعلمه باخبار الله و رسوله.و حاصل الكلام أن حق المقام كان يقتضي أن لا يشك في ذلك.

٢٨٨

صائر إليه،إلتمس مني شرطا أن أصيرها له بعدي!فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء و الحمل على كتاب الله عز و جل و وصية الرسول و إعطاء كل امرئ منهم ما جعله الله له،و منعه ما لم يجعل الله له،أزالها عني إلى ابن عفان طمعا في الشحيح معه فيها،و ابن عفان،رجل لم يستو به و بواحد ممن حضره حال قط فضلا عمن دونهم.لا ببدر التي هي سنا فخرهم و لا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله و من اختصه معه من أهل بيته،ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم و نكصوا على أعقابهم و أحال بعضهم على بعض،كل يلوم نفسه و يلوم أصحابه،ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالأمر ابن عفان حتى أكفروه و تبرؤوا منه،و مشى إلى أصحابه خاصة و سائر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عامة يستقيلهم من بيعته و يتوب إلى الله من فلتته،فكانت هذه يا أخا اليهود أكبر من أختها و أفظع و أحرى أن لا يصبر عليها،فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه و لا يحد وقته،و لم يكن عندي فيها إلا الصبر على ما أمض(١) و أبلغ منها،و لقد أتاني الباقون من الستة من يومهم كل راجع

____________________

(١)أمض:أوجع.

٢٨٩

‏عما كان ركب مني!يسألني خلع ابن عفان و الوثوب عليه و أخذ حقي،و يؤتيني صفقته و بيعته على الموت تحت رايتي أو يرد الله عز و جل علي حقى،فو الله يا أخا اليهود ما منعني إلا الذي منعني من أختيها قبلها و رأيت الإبقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي و آنس لقلبي من فنائها،و علمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبته،فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى و من غاب من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدي(١) ،و لقد كنت عاهدت الله عز و جل و رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنا و عمي حمزة و أخي جعفر و ابن عمي عبيدة على أمر و فينا به لله عز و جل و لرسوله،فتقدمني أصحابي و تخلفت بعدهم لما أراد الله عز و جل،فأنزل الله فينا( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (٢) حمزة و جعفر و عبيدة،و أنا و الله المنتظر يا أخا اليهود و ما بدلت تبديلا.

و ما سكتني عن ابن عفان و حثني على الإمساك عنه إلا أني عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بما لن يدعه حتى يستدعي الأباعد إلى قتله و خلعه فضلا عن الاقارب،و أنا في عزلة،فصبرت حتى كان ذلك لم أنطق فيه بحرف من«لا»و لا«نعم».

ثم أتاني القوم و أنا- علم الله- كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقال الأموال و المرح في الأرض و علمهم بأن تلك ليست لهم عندي،و شديد عادة منتزعة(٣) ،فلما لم يجدوا عندي تعللوا الأعاليل».ثم التفتعليه‌السلام إلى أصحابه فقال:أليس كذلك؟

فقالوا:بلى يا أمير المؤمنين.

*الخصال للصدوق باب السبعة الحديث ٥٨ ص ٣٧١،الاختصاص للمفيد،كتاب محنة أمير المؤمنينعليه‌السلام ص ١٧٠،بحار الانوار ج ٣٨ ص .١٧٣

____________________

(١)الصدي:العطش الشديد.

(٢)الاحزاب: .٢٣

(٣)لعل قوله:«عادة»مبتدأ و«شديد»خبره.أي:انتزاع العادة و سلبها شديد.

٢٩٠

٣- رأيت أن الصبر على هاتا أحجى.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام و هي المعروفة بالشقشقية.

قال ابن عباس:ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال:«أما و الله لقد تقمصها(١) فلان و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا.ينحدر عني السيل،و لا يرقى إلي الطير،فسدلت(٢) دونها ثوبا،و طويت عنها كشحا(٣) و طفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء(٤) ،أو أصبر على طخية(٥) عمياء،يهرم فيها الكبير،و يشيب فيها الصغير،و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه.

فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى(٦) فصبرت و في العين قذى،و في الحلق شجا(٧) ،أرى تراثي نهبا،حتى مضى الأول لسبيله،فأدلى(٨) بها إلى فلان بعده».

ثم تمثل بقول الاعشى:

شتان ما يومي على كورها(٩)

و يوم حيان أخي جابر

____________________

(١)لبسها كالقميص.

(٢)سدل الثوب:أرخاه.

(٣)طوي عنها كشحا:مال عنها.

(٤)الجذاء:المقطوعة.

(٥)طخية:ظلمة.

(٦)أي:ألزم.

(٧)الشجا:ما اعترض في الحلق من عظم و نحوه.

(٨)أدلى بها:ألقى بها.

(٩)الكور:الرحل أو هو مع أداتها.

٢٩١

«فيا عجبا بينا هو يستقيلها(١) في حياته إذ عقدها لاخر بعد وفاته- لشد ما تشطرا ضرعيها(٢) - فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها(٣) ،و يخشن مسها،و يكثر العثار(٤) فيها،و الاعتذار منها،فصاحبها كراكب الصعبة(٥) ،إن أشنق(٦) لها خرم(٧) ،و إن أسلس لها تقحم(٨) ،فمني الناس(٩) - لعمر الله- بخبط(١٠) و شماس(١١) ،و تلون و اعتراض(١٢) ،فصبرت على طول المدة،و شدة المحنة،حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم.

فيالله و للشورى(١٣) !متى اعترض الريب في مع الأول منهم،حتى صرت اقرن إلى هذه النظائر،لكني أسففت(١٤) إذ أسفوا،و طرت إذ طاروا،فصغا(١٥) رجل منهم لضغنه(١٦) ،و مال الآخر لصهره،مع هن وهن(١٧) ،

____________________

(١)أي:يطلب إعفاءه منها.

(٢)تشطر ضرعيها:اقتسماه فأخذ كل منها شطرا.و الضرع للناقة كالثدي للمرأة.

(٣)أي:جرحها،كأنه يقول:خشونتها تجرح جرحا غليظا.

(٤)أي:السقوط و الكبوة.

(٥)الصعبة من الإبل:ما ليست بذلول.

(٦)أشنق البعير و شنقه:كفه بزمامه حتى التصق ذفراه بقادمة الرحل.

(٧)أي:قطع.

(٨)أسلس:أرخى.تقحم:رمى بنفسه في القحمة أي:الهلكة.

(٩)منى الناس:ابتلوا و أصيبوا.

(١٠)خبط:سير على غير هدى.

(١١)الشماس:إباء ظهر الفرس عن الركوب.

(١٢)الاعتراض:السير على غير خط مستقيم.

(١٣)اشارة الى الستة الذين عينهم عمر ليختاروا أحدهم للخلافة.

(١٤)أسف الطائر:دنا من الأرض.

(١٥)صغى:مال.

(١٦)الضغن:الحقد.

(١٧)مع هن وهن:أي أغراض أخرى أكره ذكرها.

٢٩٢

إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه،بين نثيله(١) و معتلفه(٢) ،و قام معه بنو أبيه يخضمون(٣) مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع الى أن انتكث عليه فتله(٤) ،و أجهز عليه عمله(٥) ،و كبت(٦) به بطنته(٧) .

فما راعني إلا و الناس كعرف الضبع(٨) إلي،ينثالون(٩) علي من كل جانب،حتى لقد وطى‏ء الحسنان،و شق عطفاي(١٠) ،مجتمعين حولي كربيضة الغنم(١١) .

فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة(١٢) ،و مرقت اخرى(١٣) ،و قسط آخرون(١٤) ،كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول:( تِلْکَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَ لاَ فَسَاداً وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‌ ) (١٥) .بلى و الله لقد سمعوها و وعوها،و لكنهم حليت الدنيا(١٦) في أعينهم،و راقهم زبرجها(١٧) .

أما و الذي فلق الحبة،و برأ النسمة،لولا حضور الحاضر(١٨) ، و قيام‏

____________________

(١)نافجا حضنيه:رافعا لهما و الحضن:ما بين الإبط و الكشح.النثيل:الروث و قذر الدواب.

(٢)المعتلف:موضع العلف.

(٣)الخضم:أكل الشي‏ء الرطب.

(٤)انتكث عليه فتله:انتقض.

(٥)أي:تمم قتله.

(٦)كبت به:من كبا به الجواد:اذا سقط لوجهه.

(٧)البطنة:البطر و الأشر و التخمة.

(٨)عرف الضبع:ما كثر على عنقها من الشعر.يقال في الكثرة و الازدحام.

(٩)يتتابعون مزدحمين.

(١٠)شق عطفاه:خدش جانباه من الاصطكاك.

(١١)ربيضة الغنم:الطائفة الرابضة من الغنم.

(١٢)نكثت طائفة:نقضت عهدها.أراد أصحاب الجمل.

(١٣)خرجت و فسقت.أراد أصحاب النهروان.

(١٤)قسط آخرون:جاروا.أراد أصحاب الصفين.

(١٥)القصص: .٨٣

(١٦)من حليت المرأة:اذا تزينت بحليها.

(١٧)الزبرج:الزينة من وشي أو جوهر.

(١٨)أراد بالحاضر هنا من حضر لبيعته،فحضوره يلزمه بالبيعة.

٢٩٣

الحجة بوجود الناصر،و ما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا(١) على كظة(٢) ظالم،و لا سغب(٣) مظلوم،لألقيت حبلها على غاربها(٤) ،و لسقيت آخرها بكأس أولها،و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز(٥) ».

قالوا:و قام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته،فناوله كتابا،فأقبل ينظر فيه‏[فلما فرغ من قراءته‏]قال له ابن عباس:

يا أمير المؤمنين لو اطردت خطبتك من حيث أفضيت!فقال:

«هيهات يابن عباس!تلك شقشقة(٦) هدرت(٧) ،ثم قرت(٨) ».

قال ابن عباس:فو الله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنينعليه‌السلام بلغ منه حيث أراد.

*نهج البلاغة(صبحى الصالح)الخطبة ٣ ص ٤٨،علل الشرايع للصدوق ج ١ الباب ١٢٢ الرقم ١٢ ص ١٨١،معاني الاخبار للصدوق ص ٣٦٠،الارشاد للمفيد ج ١ ص ٢٨٧،الامالي للطوسي المجلس ١٣ الحديث ٥٤ ص ٣٧٢،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٤٥١،مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢٥٤،تذكرة الخواص لابن الجوزي ص ١١٧،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ١٥١،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤٩٧ الرقم ١،الغدير ج ٧ ص .٨٣

____________________

(١)ألا يقاروا:ألا يوافقوا مقرين.

(٢)الكظة:ما يعتري الآكل من الثقل و الكرب عند امتلاء البطن بالطعام.و المراد استئثار الظالم بالحقوق.

(٣)السغب:شدة الجوع،و المراد منه هضم حقوقه.

(٤)الغارب:الكاهل،و الكلام تمثيل للترك و إرسال الأمر.

(٥)عفطة العنز:ما تنثره من أنفها.

(٦)الشقشقة:شي‏ء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

(٧)هدرت:أطلقت صوتا كصوت البعير عند إخراج الشقشقة من فيه.

(٨)قرت:سكنت و هدأت.

٢٩٤

٤- كان من نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلي عهد.

روى أن عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ‏فقال :يا أمير المؤمنين إني سائلك لآخذ عنك،و قد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله،ألا تحدثنا عن أمرك هذا،أكان بعهد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو شي‏ء رأيته؟فإنا قد أكثرنا فيك الأقاويل،و أوثقه عندنا ما قبلناه عنك و سمعناه من فيك.إنا كنا نقول:لو رجعت إليكم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينازعكم فيها أحد،و الله ما أدرى إذا سئلت ما أقول؟أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك؟فإن قلت ذلك،فعلام نصبك رسول اللهعليه‌السلام بعد حجة الوداع،فقال:أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه،و إن تك أولى منهم بما كانوا فيه فعلام نتولاهم؟فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«يا عبد الرحمن إن الله تعالى قبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا.و قد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني(١) بأنفي لأقررت سمعا لله و طاعة.و إن أول ما انتقصناه بعده إبطال حقنا في الخمس،فلما رق أمرنا طمعت رعيان(٢) البهم من قريش فينا،و قد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا(٣) قبلته و قمت به و كان إلى أجل معلوم،و كنت كرجل له على الناس حق إلى أجل،فإن عجلوا له ماله أخذه و حمدهم عليه،و إن أخروه أخذه غير محمودين،و كنت كرجل يأخذ السهولة و هو عند الناس حرون(٤) .

و إنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس،فإذا سكت فاعفوني فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم،فكفوا عني ما كففت عنكم».

فقال عبد الرحمن:يا أمير المؤمنين فأنت لعمرك كما قال الأول:

لعمرك لقد أيقظت من كان نائما

و أسمعت من كانت له أذنان

*الأمالي للمفيد المجلس ٢٦ الحديث ٢،الأمالي للطوسي المجلس الأول الحديث ٩ ص ٨،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤٢٩ الرقم ١٦،و ص ٥٨٢ الرقم .١٦

____________________

(١)خزمتموني:من خزم البعير:اذا جعل في جانب منخره الخزامة.

(٢)الرعيان:جمع الراعي.و الراعي:كل من ولي أمر قوم.

(٣)يقال:أعطيته عفوا،أي:بغير مسألة.

(٤)حرون:الشاة السيئة الخلق.

٢٩٥

٥- غفرنا ذلك لهما.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين لما جاء رسل معاوية و ذلك بعد وضع الحرب لحلول شهر محرم الحرام من سنة سبع و ثلاثين.

«أما بعد فإن الله بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فأنقذ به من الضلالة،و نعش(١) به من الهلكة،و جمع به بعد الفرقة،ثم قبضه الله إليه و قد أدى ما عليه،ثم استخلف الناس أبا بكر،ثم استخلف أبو بكر عمر،و أحسنا السيرة،و عدلا في الامة،و قد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا و نحن آل الرسول و أحق بالأمر،فغفرنا ذلك لهما،ثم ولي أمر الناس عثمان فعمل بأشياء عابها الناس عليه،فسار إليه ناس فقتلوه،ثم أتاني الناس و أنا معتزل أمرهم فقالوا لي:بايع،فأبيت عليهم،فقالوا لي:بايع فإن امة لا ترضى إلا بك،و إنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس،فبايعتهم...».

*وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٠١،تاريخ الطبري ج ٣ ص ٨٠،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ٤ ص ٢٣،بحار الانوار ج ٣٢ ص .٤٥٦

____________________

(١)نعشه:تداركه.

٢٩٦

٦- إن الناس آلوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثلاثة.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :«إن الناس آلوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثلاثة:آلوا(١) إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره،و جاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده،قد فتنته الدنيا و فتن غيره،و متعلم من عالم على سبيل هدى من الله و نجاة،ثم هلك من ادعى و خاب من افترى».

*الاصول من الكافي ج ١ ص ٣٣ الرقم .١

____________________

(١)آلوا:رجعوا.

٢٩٧

٧- رجع قوم على الأعقاب.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في بيان وقائع ما بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

«...حتى إذا قبض الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،رجع قوم على الأعقاب،و غالتهم السبل،و اتكلوا على الولائج(١) ،و وصلوا غير الرحم،و هجروا السبب الذي أمروا بمودته.و نقلوا البناء عن رص أساسه،فبنوه في غير موضعه،معادن كل خطيئة،و أبواب كل ضارب في غمرة(٢) ،قد ماروا(٣) في الحيرة،و ذهلوا في السكرة،على سنة من آل فرعون:من منقطع إلى الدنيا راكن،أو مفارق للدين مباين».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ١٥٠ ص ٢٠٩،المسترشد للطبري ص .٧٤

____________________

(١)الولائج:جمع وليجة،و هي البطانة و خاصة الرجل من أهله و عشيرته،و يراد بها دخائل المكر و الخديعة.

(٢)الغمرة:الشدة.

(٣)ماروا:تحركوا و اضطربوا.

٢٩٨

٨- لو كنتم قدمتم من قدم الله و أخرتم من أخر الله...

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في تعبير الامة بما فعلوا،و أنهم لو قدموا من قدمه‏الله و أخروا من أخره الله لاستقامت امور المسلمين.

روى الكليني بإسناده عن أبي عبد الله جعفر ابن محمد الصادقعليه‌السلام قال:قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه:

«الحمد لله الذي لا مقدم لما أخر و لا مؤخر لما قدم».

ثم ضربعليه‌السلام بإحدى يديه على الاخرى،ثم قال:

«يا أيتها الامة المتحيرة بعد نبيها لو كنتم قدمتم من قدم الله و أخرتم من أخر الله و جعلتم الولاية و الوراثة حيث جعلها الله،ما عال(١) ولي الله و لا عال سهم من فرائض الله!!!و لا اختلف اثنان في حكم الله،و لا تنازعت الامة في شي‏ء من أمر الله،إلا و عندنا علمه من كتاب الله،فذوقوا و بال أمركم،و ما فرطتم فيما قدمت أيديكم،و ما الله بظلام للعبيد،و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».

*الكافي ج ٧ ص ٧٨ الحديث .٢

____________________

(١)أي:ما مال عن الحق إلى الباطل.

٢٩٩

٩- لو أن الامة اتبعوني و أطاعوني...

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام قاله لطلحة:

«...ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسر إلي في مرضه مفتاح ألف باب من العلم،يفتح كل باب ألف باب.

و لو أن الامة منذ قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله اتبعوني و أطاعوني لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم رغدا إلى يوم القيامة...».

*كتاب سليم بن قيس الحديث ١١ ص ٦٥٨،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص ٣٥٧،بحار الأنوار ج ٢٦ ص ٦٥ الرقم .١٤٧

٣٠٠