• البداية
  • السابق
  • 40 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 11135 / تحميل: 2756
الحجم الحجم الحجم
الرد على الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

الرد على الفتوى التي أصدرها الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الرد على الفتوى

التي أصدرها الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين أحد أعضاء مجلس الإفتاء الأعلى السعودي وتفنيد مزاعمه وتكذيب فتواه، وإثبات الحق لمن إعتدى عليهم بفتواه تلك وبطلان إدعائه.

١

بسم الله قاصم الجبارين

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسّلام على أشرف الخلق وأعزّ المرسلين محمّد، وعلى أهل بيته الطيّبن، الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

وبعد: فإنّه كلما قام مصلح أو داعي إلى توحيد كلمة المسلمين ولمّ شعثهم، وجمع شملهم وتوحيد صفوفهم ليقفوا أمام الأعداء الغاصبين، والمعتدين المحتلين بزغ قرن للشيطان في بعض الدول الإسلامية يدعوا إلى التفرقه وتمزيق الوحدة وعدم لم شعث المسلمين إمتثالاً للدولار أو عمالة لصاحب الدولار عدو الإسلام والمسلمين أمريكا وربيبتها الصهيونية التي ربتها ولاتزال تتعهدها بعنايتها في قلب الدول الإسلامية

٢

وضداً بالإسلام، وإنكاراً للمسلمين، والعرب إذا كانوا موجودين.

ومع الأسف فهم موزعون لا وجود لهم كما قال أمير المؤمنين والمخلصين حقّاً عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، غير مترادفين ولا متكاتفين واصفاً بذلك هذا الزمان بعينه، وقد ينكر أعداؤه والّذين يدعون معرفته ممّن لا يؤمن بالقرآن ولا بالدين الإسلامي أمثال المسمى بالشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين عضو مجلس الإفتاء الأعلى السعودي الداعي إلى تفريق المسلمين وتمزيق الوحدة، والإلفة التي يدعي لها المصلحون من الدول الإسلامية، وفي هذا الوقت بالذات.

لان وحدة كلمة المسلمين واتحادهم يضر مصلحة الامريكان وربيبتهم الصهيونية المحتلة لبيت المقدس وفلسطين، القبلة الاولى وبلاد المسلمين المغتصبة من عشرات السنين عياناً وبين الدول الإسلامية ووسط الدول العربية اجمعين.

دعاء لتوحيد كلمة المسلمين

ونأمل من الله يوحد كلمة المسلمين ويحكّموا عقولهم وينبذوا أمثال هذا الناعق الظاهر بمظهر رجل الدين من

٣

المسلمين، والمنافق بصفة عضو من ممثلين الدين في الدولة السعودية الظاهرة بمظهر الدولة الإسلامية، والتي تظهر انها تناصر الداعين إلى توحيد كلمة المسلمين، فهنا يجب ان تظهر صحة مظهرها بمحاكمة هذا الجاسوس الّذي يدعي الإسلام زورا.

الرد على الفتوى

وردّاً على هذا المجرم الأثيم ودفاعاً عن الحق واصحابه أردت ان افند مزاعمه وابين له ان ما وصف به الشيعة هو من صفاته وصفاة أمثاله، والمدعين للإسلام زوراً ممن سبقوه بهذه المقالات والاستفتاءات التي هي سبب فرقة المسلمين والتعدي على كراماتهم لما قيل (ان كل اناء بالذي فيه ينضح).

أوّلاً : هذه الصفة التي وصف بها الشيعة وهو والعميل الصهيوني الآخر السائل له بقوله الروافض فإنه وسام شرف للشيعة اذا كانوا من الروافض ويفتخر به كل شيعي لأنه سبب الإعتداء عليهم ودخولهم الجنة بذلك (لأن المعتدى عليه ظلماً وليّه الله وأجره عند الله الجنّة).

فنقول للقائلين لتلك المقالة: أتعلمون من هم الروافض؟ جعلنا الله وجميع الشيعة منهم لأن القائل لايفهم حتى دينه ولا

٤

ما يقوله القرآن الكريم الّذي يدعي انه يعمل به والقرآن برئ منه ومن أمثاله.

فالروافض يا أيّها المفتي قوم فرعون الذين اتبعوا موسىعليه‌السلام ورفضوا أمر فرعون، وعصوه فسموا بهذا الاسم، وهو فخرلهم حيث هددهم، وتوعدهم ولم يبالوا حيث عرفوا الحق واتبعوه، هذا أوّلاً. ‌‌‌

وثانياً : يقول لايحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته وهو هذا حاله ويقر بالشهادتين ويصلّي إلى القبلة ويؤدي الصلوات الخمس المفروضة على المسلمين ويحج ويزكى ويخاف الله. ‌

ويحل ذبح الكافرالناكر للإسلام ويعبد الصليب الخشبة التي لافائدة فيها، وقد وصفه الله في كتابه العزيز: «الذي( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴿42﴾ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّ‌سُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَ‌بَّكَ لَذُو مَغْفِرَ‌ةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ) » فصلت (41 - 43) هذه آية من آيات الله البينات والّذي يعتقد نفسه انه مؤمن بالله وكتابه وآياته وينسب إلى غيره عدم الايمان بكتابه الله وآياته.

فانظر أيّها القارئ من هو المؤمن بالقرآن ومن هو المنافق

٥

الذي يدعي انه مؤمن بالقرآن كذبا.

يقول الله في كتابه العزيز:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِ‌كِينَ فِي نَارِ‌ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ‌ الْبَرِ‌يَّةِ ﴿6﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ‌ الْبَرِ‌يَّةِ ) البينة (6 - 7).

لننظرمن هم شرّ البريّة ومن هم خير البريّة، الّذين ذكرهم الله بكتابه العزيز الّذي يدعوا إلى الفرقة أم الّذي يدعوا إلى الوحدة والذي يأخذ بالقرآن حقّاً أم الّذي يدعّي الأخذ به زوراً ونفاقاً.

ثالثاً : يدعي إنّ الشيعة ينادون الإمام علي بن أبيطالب وغيره من الأنبياء والأوصياء وبهذه المنادات يصبحوا كفرة ويستوجبوا القتل.

فنقول للقائل: إذا كان الّذي ينادي علي بن أبي طالب بالشدّة والرخاء بإسمهعليه‌السلام يكون كافراً أو مرتدّاً فأوّل كافر ومرتد هو وأمثاله لأنّهم ينادون بأسماء أشخاص أقل قدراً من الأمام علي وغيرهعليهم‌السلام ممن قدمهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على من سواهم بالتواتر والاجماع عند

٦

كلّ المسلمين (أو جميع فرق المسلمين) و (في الصحاح الستة).

فمثلاً لو مرضت يا حضرة المفتي وذهب إلى الطبيب فقد اشركت بالله لانك تعتقد ان الطبيب يشفيك إذا مرضت، وإذا وقعت في نهر أو بحر أو أحد وقع في نهر أو بحر واشرف على الغرق والهلاك وهو يعلم ان امامه شخص يحسن السباحة وباستطاعته أن يخلصه من البحر وينجيه من الغرق والموت الموعود به فياترى من ينادي ينتظر الموت أو ينادي ذلك العالم بالسباحة وهو قريب منه ويراه فإذا كان ينادي هذا الشخص ليخلّصه من الغرق فهو مشرك حسب عرف المفتي لأنه نادى شخصاً ولم ينادي الله وحده فالله معه ويراه كيف يستعين بغيره والله تعالى يقول:( وَنَحْنُ أَقْرَ‌بُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِ‌يدِ ) (ق16).

ثمّ لو إن عصابة ما جاءت بهذا المفتي ورمته مكتوف اليدين والرجلين في الصحراء لا يستطيع الحركة ثمّ ذهبوا وتركوه ومر على مقربة منه شخص يستطيع ان يفكه أو يخلصه من أيدي هؤلاء القوم فإذا ناجاه واستنجد به فقد أشرك بالله لأنّه استنجد

٧

بإنسان عادي وطلب منه الخلاص حتّى لو كان ملكه بنفسه.

وعلى هذا فقس يا حضرة المفتي، فالشيعة يذكرون النبي وأهل بيتهعليهم‌السلام لأنّهم هم الّذين جاؤوا بهذا الدين وعرفوا الله منهم وعبدوا الله عن معرفة منهم، فإذا ذكروهم لا يكونوا قد عبدوهم كما يعبد الكفار أنبياء الله فيسجدون لهم.

ولم يكونوا مشركين لأنّهم لم يسجدوا لهم بل يسجدون لله الواحد حسب نصوص القرآن العظيم وإطاعة لمن جاء به لا يطيعون أحداً غيره ولا يسيرون بسيرة أحد سواه لأنّ الله يأمرهم بذلك.

فاقرأ القرآن وتعلم ما فيه واقرأ قول أولاد يعقوب ا فهو في القرآن حيث قالوا لأبيهمعليه‌السلام : «يا أبانا إستغفر لنا ذنوبنا إنّا كنّا خاطئين»، فإنّهم اشركوا بالله حيث طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم؟

رد الطعن في القرآن

رابعاً : أمّا ما قاله من ان الشيعة يطعنون في القرآن العظيم فهذا القول لا حقيقة له وفيه وفي أمثاله فندعوه إلى آيات القرآن إن كان يؤمن هو وأمثاله بالقرآن فليجب على ما سنقوله له وينبئنا بحقيقة ما يدعيه والّذي سنظهر له كذبه بذلك وإفتراءه

٨

على غيره من الناس فإن دعوة الطعن والحذف موجودة في الصحاح الّذي يؤمن بها وبعضها ينسب إلى الخليفة الثاني(1) فإنّه كان يقول بحذف بعض آيات القرآن وإنّه يدعي سورة كبيرة حذفت من القرآن وكان يقول ان هناك سورة انزلت برجم الشيخ والشيخة فإنّه يتعجب لأنّه لم يرها في القرآن.

وأمّا الشيعة فإن منهم العلماء والحكماء والبلغاء والفصحاء وهم موجودون من زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم نر أحداً منهم يستطيع ان يطعن في القرآن بعد أن قال الله جلّ وعلا( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ‌ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر 9.

وأكبر دليل على نفاق المفتي وكذبه بدعواه انه يأخذ بالقرآن لقوله ان الشيعة يعملون بالتقية وهذا نفاق، فنقول له: لو كنت تقرأ القرآن أو تأخذ بآياته لما وقعت فيه وقعت فيما من هذا القول، فان التقية علمهم الله ورسوله إيّاها في كتابه العزيز، فإن كنت تكذب ذلك فانت لا تأخذ بالقرآن وإن كنت تصدقه فإنّك تنسب النفاق إلى صاحب القرآن والعياذ بالله منك ومن أقوالك تلك.

____________________

(1) اعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

٩

فانظر ماذا يقول الله في كتابه العظيم ولماذا يقول جلّ وعلا ذلك:( إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُ‌كُمُ اللَّـهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّـهِ الْمَصِيرُ‌ ) آل عمران/28.

ويقول جلّ من قائل:( إِلَّا مَنْ أُكْرِ‌هَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) النحل / الآية 106.

فنقول لهذا المفتي: أقرأ هذه الآيات من القرآن وأحكم على نفسك بما شئت ثمّ نقول للقارىء غيره أحكم بعلمك، إن كنت عالماً ولا تتبع الهوى.

ويقول أيضاً: ان الشيعة ينسبون إلى الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام التصرف بالكون وهذا كفر وإرتداد لأنّ ذلك من عمل الله.

فنقول لهذا المدّعي للدين والمتصدّي للافتاء بالأمّة الإسلامية اقرأ معي ما أورده لك من القرآن الكريم من التصرّف بالكون الّذي هو من عمل الله أو مشاركة له بعمله كما يقول ذاك الجاهل.

فإن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة والسّلام أحيا الموتى وتصرّف بالكون لأنّه أحيى الموتى بإذن الله.

١٠

وكذلك عيسى بن مريمعليه‌السلام .

وأمّا آصف بن برخيا الّذي جاء بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بلحظة واحدة أيضاً هذا تصرف بالكون.

فهؤلاء بعرف المفتي أرباب من دون الله والذي يؤمن بهؤلاء ويصدق بعملهم فهو مشرك يستحق القتل؟

يا أيّها الجاهل الّذي لا يؤمن بكتاب الله أو لا يعرفه فإن كنت تؤمن بالقرآن فأخبرنا هل أنت تؤمن بهذه الآيات البيّنات التي ذكرها الله بكتابه العزيز أو لا تؤمن؟ فإن كنت تؤمن بالقرآن فيكفيك هذا شاهداً عليك وفاضحاً لا كذوبتك، وإن كنت لا تؤمن بهذه الآيات وآية إنشقاق القمر للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وردّ الشمس للإمام عليعليه‌السلام فلا عتاب عليك.

والّذي تنسبه لغيرك، هو فيك وكفى المؤمنين شرك وشر أمثالك وخلصنا الله منكم أيّها الأشرار المنافقين.

وان ما تقوله عن الشيعة: كفى الله شرهم، فهم ليسوا بشرار ولكن الّذي يحكم بما لا يعلم ويبغي الغوائل بالمؤمنين ويدعو إلى تضعيف المسلمين وتسليط اليد الصهيونية الاثيمة عليهم ويحكم بما لم ينزل الله به سلطاناً فهو الشرير.

١١

وأمّا قوله انّهم لا يأخذون بقول أبي هريرة ويطعنون بالصحابة أمّا انّهم لا يأخذون بأقوال أبي هريرة وغيره فاقرأ كتاب «أبي هريرة وأضواء على السنة المحمدية» لخريج الأزهر الشيخ محمود أبو رية، تعرف ذلك، ونسألك الّذي لا يأخذ بأقوال الّذين هم أبعد الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويأخذ بقول من يقول: قال أبي عن جدّي عن رسول الله عن الله خير أمن يأخذ عن كل حاطب ليل، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.

وأنت تعلم وتقر بأن الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام أعلم الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيترك أعلم الناس ويأخذ من عامة الناس، هذا قول عاقل؟

فإن كنت لا تعلم فراجع الصحاح التي تؤمن بها وبصحتها تعلم ذلك وأمّا الصحابة فان الشيعة يعطون كلّ صحابي حقه ولا يغبنون حق أحد والقرآن أمامهم لا يتعدوا أحكامه ولا يخالفوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويأخذوا بأقوال غيره، فان عمل الرسول وقوله وتقريره حجّة علينا وعلى جميع المسلمين من أحب منهم أو أبى.

وأمّا أنت أيّها المفتي أختر لنفسك أي الثلاثة تكون حسب

١٢

هذه الآيات الكريمة وأعلم موقعك منها.

الأولى: «الآية 44» من سورة المائدة فهي( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُ‌ونَ ) .

أمّا «الآية 45» من سورة المائدة أيضاً فهي:( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُ‌وحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَ‌ةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

وأمّا «الآية 47» منها فهي:( وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) .

فأمّا «الآية 44 - 47»، فإن قلت انها تخاطب اليهود والنصارى فنقول لك: ان المورد لا يخصص الوارد ونحن مع الظاهر من آيات الله وأيضاً «الآية 45» فهي بينهم كيف تحكمون بها كما تدعون.

وإن كنت تفتري علينا وعلى الله فإنّي لم أكن لأردّ على شخص مثلك لولا انني وقعت بين أمرين الرد، وعدمه، وهذا ليس أوّل جواب وأوّل فتوى، فقد سبقك إليها الكثير مثلك والأجوبة كانت أكثر ولكنّك أنت وأمثالك تحرّمون قراءة كتب

١٣

الشيعة فإنّا وقعت في الحيرة، الّذي يمنع عن الرد قول الشاعر أو القائل:

لو ان كل كلب عوى القمته حجراً

لأصبح الصخر مثقالاً بدينار

وربّما يؤدي السكوت إلى قولك: انه عجز ولذا نقول: ان الساكت عن الحق شيطان أخرس.

وقبل ان نختم أقوالنا هذه نقول لك: اطلع على نهج البلاغة إن كنت تفهم القراءة وتؤمن بما يقوله أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فإنّه قال لمن يتبعه ويحبه: انكم ستدعون بعدي إلى سبّي والبراءة مني أمّا السب فسبوني لأنّه لي زكاة ولكم فيه نجاة وأمّا البراءة فلا تتبرأوا منّي فإن ديني من دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي مقالة اُخرى يقول: فمدوا دونها الأعناق، وفي أخرى يقول: ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإسلام. ولو أردت أن أجيب أكثر من هذا لزمني كتابة كتاب ولقد كتبت كتاباً كبيراً وهو أكثر من مجلد نسأل الله أن يوفقنا لاخراجه ويوفق أمثالك لقراءته.

١٤

ونطلب من ملك المملكة العربية السعوديّة أن لا يؤيدكم بهذا بل ينظر في شأنكم ويحكم عليكم بالحكم العادل الّذي تستحقونه ويقطع به لسانك والسنة أمثالك من المنتحلين للإسلام زوراً حتّى يخلص الأمّة الإسلامية من المنافقين أمثالكم الداعين إلى التفرقة بين المسلمين وكفى الله شركم والسلام على من اتبع الهدى وخشى عواقب الردى.

نقض حديث العشرة المبشرة بالجنة

وأمّا حديث العشرة المبشرة بالجنّة الّذي يتضرع به حضرة المفتي وأمثاله من إخواننا المسلمين ويعتمدون عليه ويسلمون في صحّته. وذلك لأنّهم مقلدون لا يحق لهم التحقيق والمعرفة وباب الإجتهاد عندهم مسدود لأن الإجتهاد فقط للقدماء وخاصة أصحاب المذاهب الأربعة أمّا نحن الشيعة فباب الإجتهاد عندنا مفتوح وكل إنسان باستطاعته ان يجتهد حتّى يصبح يعرف خفايا الأحكام من زوايا التاريخ والروايات وتفسير القرآن من الحوادث لا من افواه أصحاب الأهواء والمضللة، الّذين حرفوا الحقائق، وخلقوا رواة افتعلوا روايات حسب أهوائهم وارضاء لحكام عصورهم ليمنحوا الحق لغير أهله ويضللون من يأتي بعدهم ومن جملة ما اختلقه هؤلاء حديث

١٥

العشرة المبشرة بالجنّة فإليك أيّها القارىء التحقيق بهذا الحديث وأنت أحكم بما ترى إن كنت منصفاً وعندك الجرأة على النطق بالحقّ، فنحن سنبرهن لك على ان هذا الحديث مختلق ولا صحة له، وباطل أصلاً. لماذا؟

أوّلاً : لأنّ الراوي لهذا الحديث هو سعيد بن زيد ابن نفيل وهو أحد العشرة المبشرة ومن زكى غيره بتزكية نفسه لم تثبت تزكيته في الشرع الإسلامي كما ان من شهد بشهادة له كفل فيها ان تقبل شهادته فيه إجماعاً وقولاً واحداً.

ثانياً : انه خبر آحاد ورواية الواحد وهو سعيد وحده غير مقبولة ولا يحصل بها القطع بالحق عند الله «تعالى» إذ يقول بكتابه العزيز فشاهدين عادلين. فلا تثبت الشهادة شرعاً إلّا بشهادة عدلين أمّا في الزنا فلا تقوم إلّا بأربعة شهود شهادة حسية. فهذا شيء باطل لا يقوم به الحق.

ثالثاً : ان العقل بطبيعته يحكم حكم قطعياً بامتناع القطع بالجنّة، والأمان من النار لمن لم يكن معصوماً ويجوز عليه إرتكاب المعاصي والآثام. ولمن ليس معصوماً من الظلال: لأنّه مع القطع له بالجنّة في حين انتفاء العصمة عنه يوجب ذلك

١٦

إغراءه بأقتراف الذنوب، وارتكاب المعاصي فيكون نشيطاً في إرتكاب ما تدعوه إليه الطبائع البشرية من الشهوات، لأنه حينئذ يكون في مأمن من العذاب، مطمئناً إلى ما أخبر به من حسن العاقبة والقطع له بالجنّة وحسن الثواب، وذلك واضح البطلان ومستبعد الصواب، ولا يجوز على الحكيم ان يريده، ولا تصح نسبته إليه مطلقاً لقبحه في أولي العقول. ولما ثبت بالإجماع انتفاء العصمة عمّن تضمنه الخبر سوى أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لما تذهب إليه معاشر الإمامية من عصمته مطلقاً وبآية( لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّ‌جْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَ‌كُمْ تَطْهِيرً‌ا ) (1) ، وهذه الآية تثبت له العصمة، ولا نقاش ولا حاجة إلى زيادة الشرح. وآية هل أتى تكفي في ذلك لانها تضمن له الجنّة ولا تثبت لغير المعصوم عن الذنوب، ووقوع غيره ممّن ذكر من ليس بمعصوم عن المعاصي. ثبت بطلان الحديث وعدم صدوره من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ذكر أحاديث الجزع والفزع من ابي بكر وعمر

رابعاً : لو كان الحديث صحيحاً لما وقع الجزع والفزع من أبي بكر وعمر في حياتهما وعند احتضارهما فهذا المتقي الهندي

____________________

(1) الاحزاب: 33.

١٧

يحدّثنا في منتخب كنز العمال (ص 361) بهامش الجزء الرابع من مسند أحمد بن حنبل، وكذلك السيوطي يخبرنا في (ص 41) من تاريخه. وذلك الطبري يحكي لنا في (ص 134) من الرياض النضرة من جزئه الأوّل عن أبي بكر رضي الله عنه انه نظر إلى طائر على شجرة (فقال طوبى لك يا طائر تأكل الثمر وتقع على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك، ولوددت اني شجرة على جانب الطريق مر عليّ جمل فأكلني وأخرجني في بعرة ولم أكن من البشر) وقالوا أيضاً (انه نظر إلى عصفور على شجرة وقال طوبى لك يا عصفور تأكل الثمر وتطير على الشجر وما من حساب ولا عقاب عليك) لوددت اني كبش سمنني أهلي ثمّ ذبحوني فالكوني ثمّ القوني عذرة في الحش ولم اكن من البشر وقالوا أيضاً انه قال ليتني كنت شعرة في جنب عبد مؤمن، وهذا ابن تيمية يحدثنا في منهاجه (ص 120) من جزئه الثالث عن أبي بكر انه قال ليت أمّي لم تلدني ليتني كنت تبنة في لبنة. أمّا عمر بن الخطاب فقد حكى عنه أبو نعيم في حلية الأولياء (ص 52) من جزئه الأوّل انه قال ليتني كنت كبش أهلي يسمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت اسمن ما أكون زارهم بعض

١٨

من يحبّون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديداً ثمّ أكلوني وأخرجوني عذرة ولم أكن بشراً، وهكذا سجله ابن تيمية في منهاجه (ص 131 - 132 من ج 3) معترفاً بصحّة نسبة ذلك إليه، وأخرج البخاري في صحيحه (ص 194 ج 2) في باب مناقب عمر بن الخطاب عن ابن عباس قال: دخلت على عمر لما طعن فرأيته جزعاً فزعاً فقلت لا بأس عليك يا أمير المؤمنين فقال يا ابن عباس لو ان لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله قبل أن اراه. وأنتم ترون مافي هذه التمنيات من الصراحة في بطلان حديث البشارة لهم بالجنّة. وفي القرآن يقول الله «تعالى» لعباده( وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّ‌سُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَ‌فِيقًا ) (النساء/69). ويقول اليعقوبي في تفسير هذه الآية (ص 464) من تفسيره بهامش الجزء الأوّل من تفسير الخازن (انها نزلت في ثوبان) وهكذا صرح به الخازن في تفسيره (ص 464 ج 1) وغيرهما من مفسري السنة وأنت أيّها القارىء أعلم ان ثوبان من أدنى رعايا أبي بكر من حيث الفضل والديانة والصدق والأمانة فليس من الممكن والمعقول ان من وعده الله تعالى بهذه المنزلة السامية

١٩

وبشره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنّة يتمنى ما تمنوا في ما مرّ وفي آية أخرى يقول الله «تبارك وتعالى» واصفاً عباده المؤمنين( يَوْمَ تَرَ‌ى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُ‌هُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) (الحديد/12). ويقول تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ) (الأنبياء/101) ومفهوم الآيتين واضح وهو لا يتّفق مع هذه التمنيات منهم على الإطلاق كما انه تعالى بشر أولياءه المؤمنين فقال عزّ من قائل( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾ لَهُمُ الْبُشْرَ‌ىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَ‌ةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس/62-64. فأين هذا من ذاك، وان القوم لم يصلهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيء ممّا تضمنه الخبر من استحقاقهم الجنّة، وامنهم من عذاب الله على كلّ حال ولم يصدر ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حال من الأحوال ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن ليخبر خبراً كهذا إلّا بآية من كتاب الله إذا الخبر موضوع وواضح البطلان، ولو كان ذلك صحيحاً لاحتج به عثمان عندما حوصر في داره، وكيف اهمل عثمان الإحتجاج عندما استحلوا دمه وقد حرم الله قتل أهل الجنّة ولماذا تمسّك في دفعهم عنه بكلّ ما وصل إليه جهده من

٢٠