إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج0%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج

مؤلف: آية الله السيد علي الحسيني السيستاني
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف:

الصفحات: 415
المشاهدات: 95762
تحميل: 7538

توضيحات:

إيضاح مناسك الحج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 95762 / تحميل: 7538
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

إيضاح مناسك الحج

لسماحة آية الله العظمى

السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الشريف

تأليف

الشيخ أحمد الماحوزي

١

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي

الكير خبث الحديد

وقال الصادقعليه‌السلام :

حجج تترى وعمر تسعى يدفعن عيلة الفقر وميتة السوء

وقالعليه‌السلام :

من حج حجج لم يعذّبه الله أبداً

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم من الآن الى قيام يوم الدين.

وبعد..

فهذا شرح موجز ومختصر لمناسك آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله، وبيان مقتضب لمناشئ الاحتياط والتردد فيه، مع استدلال مفصل في جملة من المسائل والفروع حسب ما تقتضيه الحاجة والضرورة.

وقد أضفت - زيادة على ما في المنسك - جملة من المسائل والأحكام انتخبتها من ملحق مناسك الحج، ولعلها تصل الى ما يقارب من مائة مسألة، وضعت أكثرها في المتن وبعضها القليل في الحاشية، وللتميز بينها وبين ما في أصل المنسك والشرح وضعت

٣

علامة ( * ) أمام كل مسألة وفرع أخذته من الملحق.

وابتدأت باقسام الحج، وحذفت شروط الحج لعدم الابتلاء الكثير بها، واخرّت فصل النيابة والحج المندوب واقسام العمرة الى ما بعد احكام الرمي.

والمقصود من أعاظم تلامذة سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئيقدس‌سره المنوه إليهم في المسائل الاحتياطية، هما:

الاستاذ آية الله الشيخ ميرزا جواد التبريزي دام ظله الشريف.

والاستاذ آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله الشريف.

والمقصود من بعض أعاظم تلامذته أحدهما دام ظلهما.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.

أحمد الماحوزي

غرة شهر شوال لسنة ١٤٢٠

٤

أقسام الحج

مسألة ١: أقسام الحج ثلاثة(١) ، تمتع، وإفراد، وقران.

والاول: فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة عشر فرسخا(٢) .

والاخران: فرض أهل مكة ومن يكون البعد بين أهله ومكة أقل

____________________

(١) نصاً وإجماعاً بين العلماء كافة.

(٢) على المشهور، وهو ثمانية واربعين ميلا ومايقرب من اثنين وتسعين كيلومترا، وفي المبسوط والاقتصاد وروض الجنان والجمل والعقود والغنية والكافي والوسيلة والسرائر والشرائع وغيرها ان البعد المقتضي لذلك هو ستة عشر ميلا - اربعة فراسخ - من كل جانب، وما ذهب اليه المشهور هو الصحيح لدلالة جملة من الروايات الصريحة عليه، مضافا الى ضعف وسقم أدلة الثاني، لذا عدل المحقّق عما في الشرائع وقال: انه قول نادر لاعبرة به.

٥

من ستة عشر فرسخا(١) .

مسألة ٢: لايجزي حج التمتّع عمّن فرضه الإفراد أو القِران، كما لايجزي حج القِران أو الإفراد عمّن فرضه التمتّع(٢) ، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتّع إلى الافراد كما سيأتي.

هذا بالنسبة إلى حجّة الإسلام، وأما بالنسبة الى الحجّ المندوب والمنذور مطلقا والموصى به كذلك من دون تعيين فيتخيّر فيها البعيد والحاضر بين الأقسام الثلاثة، وإن كان الأفضل التمتّع(٣) .

____________________

(١) لقوله تعالى ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) فحاضر المسجد الحرام تكون وظيفته الإفراد او القِران.

وهل البعد بالنسبة الى مكة او المسجد الحرام - كما هو نص الاية - وجهان بل قولان، والاظهر الأول لكون المقصود من المسجد مكة المكرمة، بشهادة قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) ولاريب ان الاسراء كان من مكة باتفاق الكل، مضافا الى قولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة أن المراد من المسجد الحرام مكة المكرمة، فالتوقف في دلالتها باعمال بعض القواعد الاصولية المستحدثة في غير محله ووسوسة زائدة.

(٢) بلا خلاف أصلا قديما وحديثا.

(٣) يدل عليه وعلى ماسبقه الروايات المستفيضة.

٦

مسألة ٣: إذا أقام البعيد في مكة انتقل فرضه الى حج الإفراد أو القِران بعد الدخول في السنة الثالثة، وأما قبل ذلك فيجب عليه حج التمتع، ولافرق في ذلك بين ان تكون استطاعته ووجوب الحج عليه قبل إقامته في مكة أو في أثنائها، كما لافرق فيه بين أن تكون إقامته بقصد التوطن أم لا(١) ، وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكة من الأماكن التي يكون البعد بينها وبين مكّة أقل من ستّة عشر فرسخاً.

____________________

(١) يشهد له إطلاقات النصوص، ففي صحيحة زرارة عن ابي جعفرعليه‌السلام « من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولامتعة له »، وصحيحة ابن يزيد عن الصادقعليه‌السلام «المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الى الحج الى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس له أن يتمتع » وليس في المقام مايستدل على الخلاف إلا الاصل والاجماع المدعى، اما الاول فإطلاق النصوص كافٍ في رفعه، واما الثاني فاثباته دون خرط القتاد.

ووجوب التمتع عليه قبل التوطن او الاقامة لايمنع من انقلاب حكمه لتغير الموضوع، وليس هذا بغريب اذ الصلاة بالنسبة للحاضر تامة فاذا سافر بعد دخول الوقت ينقلب الوجوب من التمام الى التقصير، فالزوال شرط لوجوب أصل الصلاة أما كيفية الاتيان فمرتهن بوقت الاداء، والاستطاعة من هذا النمط فتدبر، والمسألة ذات أربع صور، والتفصيل تجده في « مجمع مناسك الحج ».

٧

مسألة ٤: إذا أقام في مكّة وأراد أن يحج حجّ التمتّع قبل انقلاب فرضه إلى حجّ الإفراد او القِران، قيل: يجوز له أن يحرم لعمرة التمتع من أدنى الحل، ولكنه لايخلو عن إشكال، والأحوط(١) أن يخرج إلى أحد المواقيت فيحرم منه، بل الاحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده، والظاهر أن هذا حكم كل من كان في مكّة وأراد الإتيان بحجَّ التمتّع ولو مستحبا(٢) .

____________________

(١) واستظهر السيد الخوئي وبعض أعاظم تلامذته جواز الاحرام من ادنى الحل وإن كان الاحوط استحبابا ماذكره الماتن دام ظله.

ومنشأ الاشكال اختلاف الروايات، وهي على طوائف ثلاث، الاولى: ان ميقاته مُهلّ أرضه وأهل بلده، والثانية: أحد المواقيت، والثالثة: أدنى الحل، فالاقوال على ذلك ثلاثة.

والذي تميل إليه النفس هو التخيير والحمل على الفضيلة، والاستدلال للاول بالاخبار الآمرة بالرجوع الى ميقات الاهل بالنسبة للجاهل والناسي للاحرام في غير محله، لعدم القطع بنفي الخصوصية اذ لعله لمقام المرور على الميقات بلا احرام، واخبار المواقيت غاية ماتفيد أنها مواقيت لمن رام دخول الحرم للحج والعمرة، وحمل الطائفة الثالثة على صورة التعذر ليس من الجمع العرفي، وندرة العامل بها لايثبت الاعراض اذ لعل منشأه ترجيح غيرها عليها، فما استظهره سيد الفقهاء والمجتهدين في محله والله العالم.

(٢) لاطلاق النصوص.

٨

حجّ التمتّع

مسألة ٥: يتألف هذا الحجّ من عبادتين: تسمى أُولاهما بالعمرة، والثانية بالحجّ، وقد يطلق حج التمتع على الجزء الثاني منهما، ويجب الإتيان بالعمرة فيه قبل الحج.

مسألة ٦: تجب في عمرة التمتّع خمسة أمور:

الامر الاول: الإحرام من أحد المواقيت، وستعرف تفصيلها.

الامر الثاني: الطواف حول البيت.

الامر الثالث: صلاة الطواف.

الامر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.

الامر الخامس: التقصير، وهو قصّ بعض شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، فإذا أتى المكلف به خرج من إحرامه، وحلّت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب الإحرام.

مسألة ٧: يجب على المكلّف أن يتهيّأ لأداء وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام

وواجبات الحج ثلاثة عشر· وهي كما يلي:

١ - الإحرام من مكة، على تفصيل يأتي.

٢ - الوقوف في عرفات من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة

٩

الحرام من بعد مايمضي من زوال الشمس مقدار الإتيان بالغسل واداء صلاتي الظهر والعصر - جمعا - إلى المغرب، وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.

٣ - الوقوف في المزدلفة شطراً من ليلة العيد الى ماقبيل طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.

٤ - رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد فرسخ واحد من مكة تقريباً.

٥ - النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام التشريق.

٦ - الحلق أو التقصير في منى، وبذلك يحل له ماحرم عليه من جهة الإحرام ماعد النساء والطيب، وكذا الصيد على الاحوط.

٧ - طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.

٨ - صلاة الطواف.

٩ - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحل الطيب أيضاً.

١٠ - طواف النساء.

١١ - صلاة طواف النساء، وبذلك تحل النساء أيضاً.

١٢ - المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، بل ليلة الثالثة عشر في بعض الصور كما سيأتي.

١٣ - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضاً فيما إذا بات المكلف هناك على

١٠

الأظهر.

مسألة ٨: يشترط في حج التمتع أمور:

١ - النية(١) ، بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه، فلو نوى غيره أو تردد في نيته(٢) لم يصح حجه.

٢ - ان يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج(٣) ، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.

٣ - ان يكون الحج والعمرة في سنة واحدة(٤) ، فلو أتى بالعمرة وأخّر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع، ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكّة إلى السنة القادمة وبين ان يرجع إلى أهله ثم يعود اليها، كما لافرق بين ان يحل من إحرامه بالتقصير وإن يبقى محرماً إلى السنة القادمة.

____________________

(١) لكون الحج من أعظم العبادات، وهي متقومة بالنية.

(٢) اذ الترديد ينافي النية كما هو واضح.

(٣) نصا واجماعا، قال الله تعالى (الحج أشهر معلومات)·

(٤) بلا خلاف فيه بين العلماء قديما وحديثا، ويشهد له قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة ثم شبكصلى‌الله‌عليه‌وآله أصابعه بعضها في بعض ».

١١

٤ - ان يكون إحرام حجه من نفس مكّة مع الاختيار(١) ، وأفضل مواضعه المقام أو الحجر، وإذا لم يمكنه الإحرام من مكّة - لعذر - أحرم من أي موضع تمكن منه.

٥ - ان يؤدي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن شخص واحد(٢) ، فلو استأجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك، وكذلك لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم يصح.

مسألة ٩: إذا فرغ المكلّف من أعمال عمرة التمتّع لم يجز له الخروج من مكة لغير الحج على الاحوط(٣) ، إلا أن يكون خروجه

____________________

(١) راجع مواقيت الاحرام.

(٢) اذ عمرة التمتع جزء من الحج، فهما جزآن لعمل واحد، فنيابة شخصين لهما بمثابة نيابة شخصين لصلاة الصبح احدهما للركعة الاولى والثاني للركعة الثانية.

وتأمل فيه سيد العروة، واستظهر صحته من خبر محمد بن مسلم حيث قال: سألته عن رجل يحج عن أبيه ايتمتع ؟ قالعليه‌السلام : « نعم المتعة له، والحج عن أبيه »، وعلق عليه سيد المشايخ والأساتذة - الگلپايگاني - لا وجه للتأمل فيه والخبر غير واضح الدلالة مع عدم ظهور عامل به.

(٣) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بعدم الجواز تبعا للمشهور،

=

١٢

لحاجة - وإن لم تكن ضرورية -(١) ولم يخف فوات أعمال الحج،

____________________

=

سواء علم ان الحج يفوته بالخروج او احتمل او علم بعدم الفوت، ولعل منشأ احتياط الماتن دام ظله إختلاف الروايات اذ هي على طوائف ثلاث، طائفة تنهى عن الخروج حتى يحج، واخرى تُجوّز الخروج للحاجة، وثالثة تُجوّز الخروج للاماكن القريبة كالطائف وجدة.

والظاهر كون حرمة الخروج حكماً طريقياً تحفظياً لاداء وجوب الحج فيكون في مورد الخوف وعدم العلم بالرجوع - كما افاد بعض الاساتذة - ويؤيده بل يدل عليه إستبعاد موضوعية الخروج، ولعله مفاد صحيحة علي بن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: « وسألته عن رجل قدم مكة متمتعا فحلّ أيرجع ؟ قال: لايرجع حتى يحرم بالحج ولايجاوز الطائف وشبهها مخافة أن لايدرك الحج، فان أحب أن يرجع الى مكة رجع، وإن خاف أن يفوته الحج مضى على وجهه الى عرفات » فعِلّة المنع هو خوف فوات الحج.

كما يؤيد ذلك مرسل الصدوق عن الصادقعليه‌السلام قال: إذا اراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا ان يعلم أنه لايفوته الحج، وإن علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما » ومرسلات الصدوق لاتقل قيمة عن مرسلات ابن ابي عمير بل لعلها أكثر اعتباراً، والتفصيل في محله.

(١) فيكفي أن تكون حاجة عرفية * والتسوق والنزهة وزيارة

=

١٣

وفي هذه الحالة إذا علم أنه يتمكن من الرجوع الى مكة والإحرام منها للحج فالأظهر جواز خروجه محلا(١) ، وإن لم يعلم بذلك أحرم للحج وخرج لحاجته، والظاهر أنه لايجب عليه حينئذ الرجوع الى مكة، بل له أن يذهب الى عرفات من مكانه(٢) .

____________________

=

الاصدقاء قد تكون في بعض الموارد من مصاديق الحاجة العرفية وقد لاتكون كذلك.

(١) الروايات دالة على جواز الخروج عند الحاجة بشرط الاحرام للحج، نعم قد يستظهر من صحيحة الحلبي وفيها « وما أحب أن يخرج منها إلا محرما ولايتجاوز الطائف، أنها قريبة من مكة » مبغوضية الخروج من غير احرام، إلا انه مع الإلتزام بحرمة الخروج يمكن ان تحمل هذه الرواية على الاماكن القريبة، فيكون هناك تفصيل ثالث في المقام، مضافا الى ان لفظة «ماأحب» ليست متمحضة في الكراهة بل قد تستعمل في الحرمة فلا يكون ظهورها أقوى من ظهور روايات الحرمة.

فإن كان مستند الماتن دام ظله هذه الصحيحة فقد عرفت الخلل في دلالتها، وإن كان الوجه عدم موضوعيةٍ للخروج فاحتياطه في اصل الفرض في غير محله والله العالم.

(٢) كما هو مقتضى صحيحة حماد وفيها « فإن شاء رجع الى مكة... وإن شاء كان وجهه ذلك الى منى »، مؤيدا بقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن جعفر « فإن أحبّ أن يرجع الى مكة رجع، وإن خاف أن يفوته الحج مضى =

١٤

هذا، ولايجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن يترك الحج اختيارا ولو كان الحج استحبابيا(١) ، نعم إذا لم يتمكن من الحج فالاحوط(٢) أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء.

* وإذا كان في عمرة التمتع أو الحج وترك أداء المناسك إلى أن انقضى الوقت المحدد لهما بطل إحرامه، وأما لو كان في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها(٣) .

____________________

= على وجهه إلى عرفات»·

(١) لاطلاق الروايات الدالة على عدم الخروج من مكة بعد العمرة، وكون المعتمر مرتهن بالحج حتى يقضيه كما في جملة من الروايات، ولامقيّد من الاخبار بالحج الواجب.

(٢) ومنشأه ان الروايات الدالة على انقلاب الحج الى عمرة مفردة عند عدم التمكن من الحج هو فيما اذا احرم للحج ولم يتمكن، اما اذا لم يحرم فهو خارج عن فرض الروايات، هكذا أفاد سيد الفقهاء في المعتمد ثم أضاف لكن الاحوط ان يجعل عمرته عمرة مفردة لاحتمال إطلاق أدلة من فاته الموقفان، ولعل فيه مجال للتأمل اذ قول الصادقعليه‌السلام في صحيحة معاوية « أيما حاج سائق للهدي أو مفرد للحج او متمتع بالعمرة الى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل » شامل للمقام بإطلاقه، والله العالم.

(٣) لعدم تقيّدها بوقت معين.

١٥

مسألة ١٠: يجوز للمتمتع أن يخرج من مكة قبل إتمام أعمال عمرته اذا كان متمكنا من الرجوع إليها على الاظهر(١) ، وإن كان الاحوط تركه.

مسألة ١١: المحرّم من الخروج عن مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة إنما هو الخروج عنها الى محل آخر، وأما المحلات المستحدثة التي تعد جزءا من المدينة المقدسة في العصر الحاضر فهي بحكم المحلات القديمة في ذلك، وعليه فلا بأس للحاج أن يخرج إليها بعد الفراغ من عمرته لحاجة أو بدونها.

مسألة ١٢: إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال العمرة من دون إحرام، ففيه صورتان:

الاولى: أن يكون رجوعه قبل مضي الشهر الذي اعتمر فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع الى مكة بدون إحرام، فيحرم منها للحج،

____________________

(١) اذ الروايات الناهية عن الخروج كلها واردة في من أتم عمرته فلا تشمل فيما اذا كان في أثنائها، نعم إطلاق بعض الروايات المرسلة تشمل المقام كمرسل الصدوق عن الصادقعليه‌السلام قال: « إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا أن يعلم أنه لايفوته الحج... » ومثله مرسل أبان، مضافا الى الروايات الدالة على انه مرتهن بالحج ومجرد التلبس بالعمرة يتحقق الارتهان.

١٦

ويخرج الى عرفات.

الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي الشهر الذي اعتمر فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الإحرام بالعمرة للرجوع إليها(١) ·

* فإن كان قاصدا وصل العمرة الثانية بالحج فعليه أن يقصد عمرة التمتع وتكون العمرة الاولى ملغية ولايجب لها طواف النساء(٢) .

مسألة ١٣: من كانت وظيفته حجّ التمتّع لم يجزئه العدول الى غيره من إفراد او قِران(٣) ، ويستثنى من ذلك من دخل في عمرة التمتع ثم ضاق وقته عن إتمامها، فإنه ينقل نيته الى حج الافراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحج(٤) ، وفي حد الضيق المسوّغ لذلك

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة حماد: « ان رجع في شهره دخل بغير احرام، وإن دخل في غير الشهر دخل محرما » وغيرها من الروايات.

(٢) والوجه فيه: ان الوجوب انما يتحقق فيما اذا قصد من اول الامر العمرة المفردة - كما هو فرض الروايات - اما اذا نوى عمرة التمتع وأحل منها وحلت له النساء، فلا دليل على حرمتها ثانياً، فالحكم بالوجوب بحاجة الى دليل.

(٣) حتى وإن كان التمتع استحبابياً.

(٤) بلا خلاف ولااشكال للنصوص المستفيضة المتظافرة، ففي =

١٧

خلاف(١) ، والأظهر وجوب العدول لو لم يتمكن من إتمام أعمال

____________________

= صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف، قال: « يدع العمرة فإذا أتم حجه صنع كما صنعت عايشة ولاهدي عليه » وفي حسنة - بل صحيحة - ابن يقطين قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن الرجل والمرأة يتمتعان بالعمرة إلى الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة، كيف يصنعان ؟ قال: يجعلانها حجة مفردة، وحد المتعة إلى يوم التروية »، وغيرها.

(١) بسبب اختلاف الروايات إذ هي على ست طوائف، الاولى: أن الحد هو غروب الشمس من يوم التروية، والثانية: السحر من ليلة عرفة، والثالثة: ليلة عرفة، والرابعة: ادراك الناس في منى، والخامسة: زوال الشمس من يوم عرفة، والسادسة: خوف فوات الموقف مطلقاً.

واختار سيد الفقهاء والمجتهدين ان الضيق المسوغ للعدول هو خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري بعرفة، تمسكا بصحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي انه طاف وسعي بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف بعرفات، قال: « يدع العمرة فإذا تم حجه صنع كما صنعت عائشة ولاهدي عليه» وفوات الموقف لايتحقق الا بفوات الركن، ودخوله مكة والناس بعرفة لازمه عدم درك الواجب بأكمله عدل او لم يعدل، لكون السير من مكة الى

١٨

عرفات في ذلك الزمان بحاجة الى أكثر من أربع ساعة كما لايخفي.

وبرواية محمد بن سرو قال: كتبت الى ابي الحسن الثالثعليه‌السلام : ماتقول في رجل متمتع بالعمرة الى الحج وافى غداة عرفة وخرج الناس من منى الى عرفات، أعمرته قائمة أو قد ذهبت منه ؟ إلى أي وقت عمرته قائمة إذا كان متمتعاً بالعمرة الى الحج، فلم يواف يوم التروية ولا ليلة التروية، فكيف يصنع؟ فوقععليه‌السلام : ساعة يدخل مكة، إن شاء الله يطوف ويصلي ركعتين، ويسعى ويقصر، ويخرج بحجته ويمضي الى الموقف ويفيض مع الامام » ومن المعلوم انه اذا دخل مكة غداة يوم عرفة لايمكنه درك الوقوف الواجب بأكمله.

وصحيحة يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « لابأس للمتمتع أن لم يحرم من ليلة التروية متى ماتيسر له، مالم يخف فوات الموقفين »، والخدشة في السند لوجود اسماعيل بن مرار مدفوعة لقول ابن الوليد ان كتب يونس بن عبدالرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة معتمد عليها إلا ماينفرد به محمد بن عيس بن عبيد، ومن عمدة من روى كتب وروايات يونس ابن مرار، مضافا الى امكان تبديل السند لتصحيحه فراجع الفهرست والمشيخة للشيخ.

وما ذكره: سيد الفقهاء في المعتمد من كون الصحيحة أجنبية عن المقام بدعوى أنها واردة في انشاء احرام الحج وفي مقام بيان أن احرام الحج غير مؤقت بوقت خاص وإنه يجوز الاحرام له في أي زمان شاء ما لم يخف فوت الموقفين.

وجيه في الجملة: لكن ببركة هذه الصحيحة يظهر قوة مااختاره الماتن

١٩

دام ظله، إذ يجوز للحاج تأخير الاحرام للحج ما لم يستلزم منه فوات الموقفين، ومن الواضح أن الجواز هنا مغيى بعدم فوت الواجب من الوقوف فضلا عن الركن منه، إذ لااحد يقول بجواز التأخير فيما اذا استلزم فوات الواجب من الوقوف.

فقولهعليه‌السلام «مالم يخف فوات الموقفين» ليس بالضرورة خوف فوات الركن، وإنما يختلف بإختلاف الاحكام والموارد، فالتمسك بمثل هذه العبارة - التي هي من فرض الرواة في بقية النصوص - للجزم بان الضيق المسوغ للعدول هو خوف فوات الركن ليس بصحيح، وكون الناس بعرفة - كما في صحيحة الحلبي - ليس بالضرورة أن الزوال قد تحقق بل عادة مايتواجد الناس بها قبل الزوال بكثير.

ويدل أيضاً على ما اختاره الماتن دام ظله صحيحة جميل عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: « المتمتع له المتعة الى زوال الشمس من يوم عرفة وله الحج الى زوال الشمس من يوم النحر » وهي على وفق القواعد، إذ بزوال يوم عرفة يبدأ واجب آخر وبه ينتهي ظرف الواجب السابق.

ومرفوعة سهل عن ابي عبداللهعليه‌السلام في متمتع دخل يوم عرفة، قال: متعة تامة الى ان يقطع التلبية » وقطع التلبية يكون بزوال عرفة، وهذان النصان حاكمان على بقية النصوص، ولايعارضان الطائفة السادسة - كما قدمنا - والفرض في المقام هو منتهى أمد عمرة التمتع، ولاربط له بالوقوف بعرفة، إذ حتى على القول المختار قد لايتسنى للحاج درك الواجب بأكمله من الوقوف كما إذا فرغ قبل الزوال بلحظة او عنده، سيما في الازمنة السابقة.

٢٠