إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج0%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج

مؤلف: آية الله السيد علي الحسيني السيستاني
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف:

الصفحات: 415
المشاهدات: 97252
تحميل: 7721

توضيحات:

إيضاح مناسك الحج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97252 / تحميل: 7721
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

الثانية: أن لايتمكن من الرجوع إلى الميقات، سواء كان خارج الحرم أم كان داخله، متمكناً من الرجوع إلى الحل أم لا، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحجّ(١) وعدم الاكتفاء بالإحرام من غير الميقات ولزوم الإتيان بالحجّ في عام آخر إذا كان مستطيعاً.

مسألة ٣١: إذا ترك الإحرام(٢) من الميقات عن نسيان أو إغماء أو ماشاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم او جهل بالميقات - في غير الفرض المتقدم(٣) - فللمسألة صورٌ أربع:

الصورة الاولى: أن يتمكن من الرجوع الى الميقات، فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك.

الصورة الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع الى الميقات(٤) لكنه أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه حينئذ

____________________

(١) كما هو المشهور وقيل بعدم الخلاف، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

(٢) ويتحقق بترك النية او التلبية، أما لبس الثوبين فهو واجب مستقل وليس شرطا في تحقق الاحرام وسيأتي بيانه.

(٣) في المسألة ٢٨.

(٤) بسبب من الاسباب * ككون الرجوع حرجيا عليه بسبب غلاء اجرة النقل المجحفة بحاله.

٤١

الرجوع الى الخارج والإحرام منه(١) .

والاولي(٢) في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الإحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه(٣) ، وإن كان قد دخل مكة.

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع الى

____________________

(١) تدل عليه صحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم، قال: قال ابي: يخرج الى ميقات اهل أرضه، فان خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه فان استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج »، وصحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام عن رجل مر على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي او جهل فلم يحرم حتى أتي مكة ؟ فقال: يخرج من الحرم ويحرم ويجزيه ذلك.

(٢) بل ظاهر صحيحة معاوية - في الحائض التي لم تحرم جهلا حتى دخلت الحرم - وجوب الرجوع بقدر الإمكان مع عدم الضيق، إلا ان يقال بأن للحائض خصوصية أو ان موردها الجهل دون النسيان.

(٣) كما هو مقتضى صحيحة الحلبي المتقدمة وغيرها.

٤٢

الميقات، والأحوط(١) له في هذه الصورة أن يرجع بالمقدار الممكن ثم يحرم.

وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الاحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل او نسيان(٢) .

مسألة ٣٢: إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها

____________________

(١) ووجهه أن الصحيحة الدالة على الرجوع والابتعاد عن الحرم بالقدر الممكن واردة فيما اذا تحقق الدخول في الحرم، فإسراء الحكم لغيره لعل فيه شائبة القياس، وإن كان يحتمل عدم الخصوصية لدخول الحرم، ولذا لم يتعرض السيد الخوئي لهذا الذيل في مناسكه وكأنه لايستوجبه، لتخصيصه ذلك بالحائض، مضافا الى اطلاق صحيحة ابن سنان وفيها « رجل مر على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتى أتى مكة ؟ فقالعليه‌السلام : يخرج من الحرم ويحرم ويجزيه ذلك ».

وكان الاولى للماتن دام ظله في هذه الصورة الاحتياط استحبابا أو الحكم بالاستحباب كما في الصورة الثانية، فمع تخصيص صحيحة معاوية بالحائض او حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة ابن سنان فالحكم يكون عدم وجوب الرجوع مطلقا لا التبعيض بين صور المسألة، إذ لامدرك آخر للحكم غير صحيحة معاوية، والله العالم.

(٢) لوحدة المناط.

٤٣

بالحكم إلى ان دخلت الحرم، فالأحوط(١) أن تخرج إلى خارج الحرم وتحرم منه إذا لم تتمكن من الرجوع الى الميقات، بل الاحوط(٢) لها - في هذه الصورة - أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم، على أن لايكون ذلك مستلزما لفوات الحج، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك فهي وغيرها على حدٍّ سواء.

مسألة ٣٣: إذا فسدت العمرة - ولو لفساد إحرامها - وجبت إعادتها مع التمكن، ومع عدم الإعادة - ولو من جهة ضيق الوقت - يفسد حجه(٣) ، وعليه الاعادة في سنة أخرى.

مسألة ٣٤: قال جمع من الفقهاء بصحّة العمرة فيما إذا أتى

____________________

(١) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بوجوب الرجوع كغيرها، ولعل منشأ احتياط الماتن مصححة سورة بن كليب قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام خرجت معنا امرأة من أهلنا فجهلت الإحرام فلم تحرم حتى دخلنا مكة، ونسينا أن نأمرها بذلك، قال: فمروها فلتحرم من مكانها، من مكّة او من المسجد » لكنها على الظاهر مقيّد بصورة عدم التمكن من الخروج من الحرم جمعا بينها وبين صحيحة معاوية.

(٢) ظاهر صحيحة معاوية - كما قدمنا - الوجوب.

(٣) لكون الحج والعمرة تمتّعاً عمل واحد، ففساد احدهما فساد للكل.

٤٤

الملكف بها من دون إحرام لجهل او نسيان(١) ، ولكن هذا القول لايخلوا من إشكال، والاحوط - في هذه الصورة - الإعادة على النحو الذي ذكرنه فيما إذا تمكّن منها.

مسألة ٣٥: قد تقدم أن النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأول، فإن كان طريقه منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لايمر بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث إن أغلب الحجاج يردون مطار جدة ابتداءً، وقسم منهم يريدون تقديم أعمال العمرة والحج على الذهاب الى المدينة المنورة، ومن المعلوم أن جدة ليست من المواقيت، ومحاذاتها لأحد المواقيت غير ثابتة، بل المضمأن به عدمها، فلهم أن يختاروا أحد الطرق الثلاثة:

الأول: أن يحرم بالنذر من بلده أو من الطريق قبل المرور جواً

____________________

(١) وهو المشهور شهرة عظيمة، تمسكا بمرسل جميل عن احدهماعليهما‌السلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى، قال: تجزيه نيّته إذا كان قد نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل » ومورده وإن كان الحج إلا انه قد اطلق الحج على عمرة التمتع في جملة من الروايات، والتوقف في السند - بعد عمل المشهور به وكون المرسل جميل والارسال بلفظ بعض اصحابنا ووجود الرواية في الكافي والتهذيب مضافا الى ان الراوي عن جميل ابن ابي عمير - لايخلو من تأمل.

٤٥

على بعض المواقيت، وهذا لاإشكال فيه(١) فيما إذا لم يستلزم الاستظلال من الشمس - كما إذا كان الطيران في الليل - أو الاتقاء من المطر(٢) .

الثاني: أن يمضي من جدة إلى بعض المواقيت أو الى ما يحاذيه فيحرم منه(٣) ، أو يذهب الى مكان يقع خلف أحد المواقيت فيحرم منه بالنذر كـ (رابغ) الذي يقع قبل الجحفة، وهو بلد مشهور يربطه بجدة طريق عام فيسهل الوصول اليه، بخلاف الجحفة التي ربما يصعب الذهاب إليها.

الثالث: أن يحرم من جدّة بالنذر، ويجوز هذا فيما لو علم - ولو اجمالا - بأن بين جدة والحرم موضعا يحاذي أحد المواقيت كما لايبعد ذلك بلحاظ المحاذاة مع الجحفة(٤) ، وأما اذا احتمل وجود

____________________

(١) لصحة الاحرام قبل الميقات بالنذر كما تقدم.

(٢) أما اذا استلزم ذلك فصحة نذر الاحرام قبل الميقات مطلقا محل إشكال، لعدم رجحانه شرعاً.

(٣) لصحة الاحرام من محاذاة المواقيت مطلقا كما مر.

(٤) * فإن الخرائط الجغرافية تبيّن أن جدة بالنظر الى خطوط الطول تقع قبل الجحفة لابعدها وعلى هذا الاساس فالنقطة المحاذية للجحفة تقع في الجنوب الشرقي من جدة.

٤٦

موضع المحاذاة ولم يحرزه فلا يمكنه الإحرام من جدة بالنذر.

نعم، إذا وردها عازما على الذهاب إلى أحد المواقيت أو مابحكمها ثم لم يتيسر له ذلك جاز له الإحرام منها بالنذر أيضا، ولايلزمه في هذه الصورة أن يجدد إحرامه خارج الحرم قبل الدخول فيه على الاظهر(١) .

مسألة ٣٦: تقدّم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجّه من مكة، فلو أحرم من غيرها - عالما عامدا - لم يصحّ إحرامه وإن دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستئناف من مكة مع الإمكان وإلا بطل حجّه.

مسألة ٣٧: إذا نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة وجب عليه العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه - ولو كان في عرفات - وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم(٢) .

____________________

(١) لصحة الاحرام بالنذر، وإن أدنى الحل ليس ميقاتا لعمرة التمتع، ومع عدم القطع بكون جدة خلف الميقات فروايات الناسي والجاهل للاحرام المتقدمة شاملة له بلا ريب، بل يمكن الاستدلال بها على صحة الاحرام بلا حاجة الى النذر في ظرف عدم التمكن من الذهاب الى احد المواقيت او مابحكمها.

(٢) يدل عليه صحيحة علي بن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: سألته

=

٤٧

مسألة ٣٨: نسي إحرام الحجّ ولم يذكر حتى أتى بجميع أعماله صحّ حجه، وكذلك الجاهل(١) .

كيفيّة الإحرام …

* مسألة ٣٩: لايجوز لمن أحرم للعمرة أو الحج أن يعرض عن إحرامه ويترك أداء المناسك، ولو فعل ذلك وكان في عمرة التمتع أو الحج الى ان انقضى الوقت المحدد لهما بطل إحرامه(٢) ، وأما لو كان

____________________

=

عن رجل نسي الإحرام بالحجّ فذكر وهو بعرفات، ماحاله ؟ قال: يقول اللهم على كتابك وسنة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد تم إحرامه، فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتى رجع الى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها فقد تمّ حجه »، اما وجوب الرجوع مع الامكان فلكونه الوظيفة الاولية لاتنتفي إلا بعد تعذرها، مؤيدا ببعض الروايات الواردة في عمرة التمتع لمن دخل الحرم جاهلا او ناسيا.

(١) تشهد له الصحيحة السابقة ومرسل ابن ابي عمير عن جميل عن بعض اصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المشاهد كلها وطاف وسعي، قال: تجزيه نيته إذا كان قد نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل.

(٢) لانقضاء وقتهما، وهل ينتقل الى العمرة المفردة للتحلل، خلاف منشأه التردد في حقيقية الاحرام بين الجزئية والشرطية والاستقلالية والارتباطية كما سيأتي.

٤٨

في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها·

كيفيّة الإحرام

واجبات الإحرام ثلاثة أمور:

الأمر الأول: النّية(١) ؛ ومعنى النيّة أن يعقد العزم على الإتيان

____________________

(١) لعدم تقيّدها بوقت معيّن·

(٢) قد وقع البحث: في أن الاحرام هل هو جزء في الحج أم شرط فيه، وعلى الاول يبطل ببطلان الحج وعلى الثاني لايبطل، لكن يمكن القول بالبطلان حتى على الثاني، فهو ليس من قبيل الوضوء لايبطل ببطلان الصلاة، بل من قبيل الاستقبال في الصلاة، فهو شرط مادام متلبساً باعمال الحج، فإذا بطل الحج انحل الشرط كما تنحل شرطية الاستقبال عند بطلان الصلاة، وقياسه على الوضوء في غير محله لكونه عبادة مستقلة بخلافه.

وهناك بحث آخر: وهو هل أن أعمال الحج - بما فيها الاحرام - ارتباطية كأجزاء الصلاة، أما أنها مستقلة مرتبطة بحسب الوجود والزمان كارتباط حج التمتع بعمرته، فعلى الثاني ترك البعض لايستوجب بطلان البعض الاخر بخلافه على الاول.

=

٤٩

بالحجّ أو العمرة متقربا إلى الله تعالى، ولا يعتبر فيها المعرفة التفصيلية بما يشمل عليه نسكه، بل تكفي المعرفة الإجمالية أيضا، فلو لم يعلم المكلف حين النيّة بتفاصيل مايجب عليه في العمرة - مثلا - كفاه أن يتعلّمه شيئا فشيئا من الرسالة العملية أو ممن يثق به من المعلمين.

____________________

=

وبالجملة: الذي تميل إليه النفس أن الاحرام لايبطل ببطلان الحج والعمرة إذا وقع صحيحاً، بل لابد من المحلل له من عمرة أو حج.

ولو كان كذلك لوجب المصير إليه بمجرد الحصر او الصد او الخوف، فلو كان كتكبيرة الاحرام - كما مثل به جماعة من الاعلام والاعاظم - لتحلل بلا وجوب البعث والذبح أوالطواف والسعي في حج او عمرة لحلية النساء بالنسبة للمحصور، ولوجب بطلانه في الجماع المفسد للحج على القول بأن الحجة الثانية هي الواجبة، مؤيداً بروايات العدول من نسك الى آخر عند العذر كضيق الوقت وغيره، وماسيأتي من عدم اشتراط التعيين للاحرام المشعر بكونه عملا مستقلا لاربط له بنوعية النسك.

نعم ظاهر صحيحة ضريس عنهعليه‌السلام في رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم، فغشيها بعدما أحرمت، قال: يأمرها فتغتسل، ثم تحرم ولاشيء عليه » بطلان الاحرام ببطلان النسك.

وخلاصة المسألة كما ذكر صاحب المدارك قوية الاشكال، فالاحتياط الوجوبي لايترك.

٥٠

ويعتبر فى النية أمور:

١ - القربة والاخلاص كما في سائر العبادات.

٢ - حصولها في مكان خاصّ، وقد تقدم بيانه في بحث المواقيت.

٣ - تعيين المنويّ وإنه الحجّ او العمرة، وإن الحج حج تمتع أو قِران أو إفراد، وإذا كان عن غيره فلا بد من قصد ذلك، ويكفي وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن الغير، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر انطباق المنذور على المأتيّ به، ولايتوقف على قصد كونه حجّا نذرياً مثلاً، كما يكفي في كونه حجة الإسلام انطباق الواجب بالأصالة عليه ولايحتاج الى قصد زائد.

* مسألة ٤٠: إذا رأت المضطربة الدم قبل أن تحرم ولم تدر هل ينقطع عنها قبل يوم عرفة فتنوي التمتع، أم لا ينقطع فتنوي الافراد، يجزيها الإحرام لما يجب عليها في علم الله تعالى(١) .

____________________

(١) لعله لكفاية التعيين الاجمالي، كإهلال عليعليه‌السلام وعدم تعيينه نوعية النسك، وإنما قال: اهلالا كاهلال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وما عن: بعض الفحول من عدم ثبوت انهعليه‌السلام لم يكن عالماً باحرام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بل كان عالما باحرامه واهل كاهلاله.

لايشك فيه: إلا من ضعف ايمانه بهم عليهم افضل الصلاة والسلام، إلا

=

٥١

مسألة ٤١: لايعتبر في صحة النية التلفظ بها وإن كان مستحبا، كما لايعتبر في قصد القربة الإخطار بالبال، بل يكفي الداعي على حد سائر العبادات.

مسألة ٤٢: لايعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرماته - حدوثا وبقاءا - فيصح الإحرام حتى مع العزم على ارتكابها(١) .

____________________

=

أنهمعليهم‌السلام دأبهم أو مأمورون باتباع العلم العادي المستحصل من الاسباب المتعارفة لتنجّز الاحكام الشرعية عليهم والتفصيل في محله فراجع.

فقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صحيحة معاوية بعد أن أمر الناس بالاحلال إلا من ساق هدياً، وقدوم عليعليه‌السلام من اليمن مهلا: وانت ياعلي بما أهللت ؟ قال: قلت يارسول الله: إهلالا كاهلال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كن على إحرامك مثلي، وانت شريكي في هديي » ومثلها صحيحة الحلبي، أنه لاعلم له بذلك بواسطة الاسباب العادية والمتعارفة التي هي مناط تنجّز الاحكام عليهمعليهم‌السلام وعلى غيرهم في هذه النشأة، ولذا زاد في اعلام الورى حينما سئل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً، بم أهللت ياعلي، فقال له: يارسول الله إنك لم تكتب إلي باهلالك، فقلت: إهلالا كاهلال نبيك، فقال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فانت شريكي في حجي ومناسكي وهديي.

(١) ذكرنا في «مجمع مناسك الحج » ان التروك غير دخيلة في حقيقة الاحرام، بل هي احكام مترتبة عليه فلا تؤخذ في حقيقته، فهو ليس كالصوم

=

٥٢

نعم، إذا كان عازما حين الإحرام في العمرة المفردة على أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردد في ذلك، فالظاهر بطلان إحرامه(١) ، وكذلك الحال في الاستمناء على الاحوط(٢) .

وأما لو عزم على الترك حين الاحرام ولم يستمر عزمه، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه(٣) .

____________________

=

المتقوم بالتروك الخاصة.

وقلنا هناك: ان للمسألة صور:

الاولى: هل أن «قصد ترك المحرمات» شرطا في صحة الاحرام أم لا ؟ بمعنى هل يكفي قصد النسك - عمرة مفردة، تمتع، حج مفرد، تمتع - فقط ام لابد من قصد ترك المحرمات، وعلى القول بالاشتراط فهل هو حدوثا واستدامة أم لا ؟

الثانية: مع فرض عدم كون ذلك شرطا، فهل ان قصد ضده وهو «ارتكاب المحرمات» مانعا من صحة الاحرام ام لا ؟ وعلى فرض كونه مانعا فهل هو مطلقا بالنسبة لكل المحرمات ام بعضها، وللاطلاع على بقية فتاوى الاعلام راجع الكتاب المزبور.

(١) لعدم قصد إتمام النسك، اذ الجماع قبل السعي مبطل للعمرة، فالعزم عليه معناه عدم نية الإتمام من أول الامر.

(٢) لوجود الخلاف في مبطلية الاستمناء وسيأتي بيانه.

(٣) لانعقاده صحيحا، فبطلانه بحاجة الى دليل وهو لَيْسٌ.

٥٣

* مسألة ٤٣: إذا أخطأ فاحرم لحج التمتع بدلا عن عمرة التمتع فاتى باعمال العمرة ثم تنبّه الى خطأه لم يضره ذلك.

وكذا اذا كان قاصدا العمرة التي هي وظيفته فتخيل أنها العمرة المفردة لم يضره الخطأ في التطبيق، وإلا أتى بأعمال العمرة المفردة فاذا بقي في مكة الى يوم التروية قاصداً للحج كانت عمرته متعة فيأتي بحج التمتع.

الأمر الثاني: التلبية ؛ وصورتها أن يقول: « لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك » والأحوط الأولى(١) اضافة هذه الجملة «ان(٢) الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ويجوز اضافة

____________________

(١) تشهد له صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام - في حديث - قال: التلبية أن تقول: لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لاشريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبّيك، لبّيك ذا المعارج لبّيك... واعلم أنه لابد من التلبيات الأربع التي كن في أوّل الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد، وبها لبّى المرسلون، وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها.

(٢) حكى العلاّمة في المنتهى عن بعض أهل العربية: ان من قال «إِن» بكسرها فقد عم، ووجهه ظاهر، فان الكسر يقتضي تعميم التلبية وافشاء الحمد مطلقاً، والفتح يقتضي تخصيص التلبية، أي لبيك بسبب ان الحمد لك.

٥٤

«لبيك» إلى آخرها، بان يقول: «لاشريك لك لبيك ».

مسألة ٤٤: على المكلّف ان يتعلم ألفاظ التلبية ويحسن اداءها بصورة صحيحة، كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين اجتزأ بالتلفظ بها ملحونا إذا لم يكن اللحن بحدّ يمنع من صدق التلبية عليها عرفا(١) ، وإلا فالاحوط الجمع بين الاتيان بمرادفها وبترجمتها والاستنابة في ذلك(٢) .

____________________

(١) تشهد له معتبرة مسعدة بن صدقة - والتي رواها الحميري في قرب الاسناد وعلي بن جعفر في كتابه - قال سمعت جعفر بن محمد يقول: إنّك قد ترى من المحرّم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وماأشبه ذلك، فهذا بمنزلة العجم والمحرّم لايراد منه مايراد من العاقل المتكلم الفصيح... الحديث » والمحرّم من لايقدر على القراءة الصحيحة كقول العرب ناقة محرّمة الظهر اذا لم تذلل، ويؤيدها معتبرة السكوني في الاخرس وصحيحة زرارة في الصبي الآتيتان.

(٢) قلت: صريح رواية ياسين الضرير - التي رواها الكليني والشيخ - عن حريز عن زرارة «أن رجلا قدم حاجاً لايحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبداللهعليه‌السلام فأمر له أن يلبى عنه » هو الاستنابه، لكنها ضعيفة سندا عند جماعة من الاعلام لعدم توثيق ياسين، إلا ان تلقي المشهور روايته في تحديد

=

٥٥

مسألة ٤٥: الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التلبية ياتي بها على قدر مايمكنه، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها.

وأما الأخرس الاصم من الأول ومن بحكمه، فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيها بمن يتلفظ بها، مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها

____________________

=

المطاف بالقبول والعمل بها وكونه من مشيخة الصدوق المعتمدين وذكر النجاشي والطوسي له في اصحابنا المصنفين وعدم القدح فيه أصلا، قرائن يستفاد منها حسن حاله.

والعجب من بعض الاعلام اعتبار حال مسعدة بن صدقة وترجيح روايته مع أن حاله كحال ياسين كماهو مقتضى المواد الرجالية، مع إمكان ادعاء أن رواية مسعدة في خصوص الصلاة - وإن كان بعيدا - لكون الاستنابة فيها غير متصورة بخلاف التلبية، مضافا الى أن رواية ياسين مروية في الكتب الاربعة المعتبرة، فاسقاطها لضعف سندها لعل فيه شائبة المجازفة، ويمكن الجمع بين الروايتين بحمل رواية زرارة على عدم صدق التلبية عرفا فعندها تتعين الاستنابة.

وإن كان لايبعد كفاية الاتيان بها مطلقا - حتى مع عدم الصدق العرفي - مع الاشارة بالاصبع كما هو شأن الاخرس، اذ من الواضح لاخصوصية للاخرس فلا مورد للاستنابة، لكن الاحتياط لايترك بالجمع بين الامور المذكورة.

٥٦

أيضا(١) .

مسألة ٤٦: الصبي غير المميز يلبى عنه(٢) ·

مسألة ٤٧: لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته وإحرام الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية.

وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار والتقليد(٣) ، والاشعار مختص بالبُدن والتقليد مشترك بين البُدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى الجمع بين الاشعار والتقليد في البُدن(٤) ،

____________________

(١) لموثقة السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته باصبعه.

(٢) تشهد له صحيحة زرارة عن احدهماعليهما‌السلام « اذا حج الرجل بابنه وهو صغير، فانه يأمره ان يلبي ويفرض الحج فان لم يحسن ان يلبي لبوا عنه ».

(٣) وفاقاً للأكثر، وقد نسبه في الجواهر للمشهور، وتشهد له النصوص الكثيرة، منها صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام « يوجب الإحرام ثلاثة اشياء التلبية والاشعار والتقليد، فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد احرم »، وفي صحيحته الأخرى « والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية ».

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية « البدن تشعر في الجانب

=

٥٧

والأحوط الاولى(١) أن يلبي القارن وإن كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد.

ثم ان الاشعار: هو طعن صفحة سنام البدنة وتلطيخها بالدم ليعلم أنها هدي، والاحوط أن يكون الطعن في الصفحة اليمنى.

نعم، إذا كانت البُدن كثيرة جاز أن يدخل الرجل بين كل بدنتين فيشعر احدهما من الصفحة اليمنى والاخرى من اليسرى(٢) .

والتقليد: هو أن يعلق في رقبة الهدي خيطاً أو سيراً أو نعلا(٣)

____________________

=

الايمن ويقوم الرجل في الجانب الايسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها » المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة الاخرى - وروايات أخر - الدالة على ان موجب الاحرام احد امور ثلاثة: التلبية، والاشعار، والتقليد.

(١) خروجا عن مخالفة علم الهدي والفقيه ابن ادريس من عدم انعقاد الاحرام الا بالتلبية.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة حريز « إذا كانت بدن كثيرة فأردت أن تشعرها، دخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن، ويشعر هذه من الشق الايسر ».

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية « يقلدها نعلا خلقا قد صليت فيه » وقوله في صحيحة زرارة « كان الناس يقلدون الغنم والبقر وانما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط وسير » وعدم ردع الامام مع انه في مقام

=

٥٨

ونحوها ليعلم أنه هدي، ولايبعد كفاية التجليل بدلا عن التقليد(١) ، وهو ستر الهدي بثوب ونحوه ليكون علامة على كونه هدياً.

مسألة ٤٨: لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحة الإحرام(٢) ، فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.

مسألة ٤٩: التلبية وكذا الإشعار والتقليد لخصوص القارن بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يتحقق الإحرام بدونها، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم(٣) وليس عليه كفّارة.

____________________

=

البيان شاهد على شرعيته.

(١) يشهد له قولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها ؟ فقال: لاتبالي أي ذلك فعلت.

(٢) كما هو مقتضى النصوص الكثيرة الصريحة.

(٣) إذ الأثم والكفّارة مترتب على الإحرام، وهو مترتب على النية والتلبية فمع عدم احدهما عدمه، مضافا الى الروايات الدالة على جواز ارتكاب محرمات الإحرام مالم يلب.

ففي صحيحة ابن الحجاج عنهعليه‌السلام في الرجل يقع على أهله بعدما

=

٥٩

مسألة ٥٠: الافضل لمن عقد الإحرام من مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية الى اول البيداء عند آخر ذي الحليفة حين تستوي به الأرض(١) ، وإن كان الاحوط التعجيل بها وتأخير رفع الصوت بها

____________________

=

عقد الاحرام ولم يلبّ ؟ قال: ليس عليه شيء» ومثلها صحيحة البختري، وفي صحيحة النضر بن سويد عن بعض اصحابه قال: كتبت الى ابي ابراهيمعليه‌السلام رجل دخل مسجد الشجرة فصلى واحرم وخرج من المسجد، فبدا له قبل ان يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء، أله ذلك ؟ فكتب: نعم، او: لابأس به » وغيرها من الروايات الكثيرة.

(١) سيأتي من الماتن دام ظله أن الإحرام لاينعقد إلا بالتلبية، وعليه فجواز تأخير التلبية الى آخر ذي الحليفة معناه ان ميقات أهل المدينة هو الوادي لاخصوص المسجد، وهو المستفاد من الجمع بين الروايات ولقد أحسن فيما أفاد حينما قال أن البيداء آخر ذي الحليفة، لاأنها على بعد ميل من ذي الحليفة كما في كثير من المناسك، ولعل منشأ التوهم هو قولهعليه‌السلام في روايات متعددة «حيث المَيْل، الى أول مَيل على يسارك» والمقصود من الميل ليس هو المسافة وإنما الانعطاف والانحناء، فالبيداء عند أول مَيْلٍ من ذي الحليفة باتجاه مكة، بل يمكن دعوى ان ذا الحليفة جزء من البيداء كما هو ظاهر جملة من النصوص.

ففي صحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام قال: من أقام بالمدينة شهراً وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن

٦٠