بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٦

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 601

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 601
المشاهدات: 107376
تحميل: 3969


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 107376 / تحميل: 3969
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد السادس

الشيخ محمد تقي التّستري

١
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

المجلد السادس

الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)

٣

المجلد السادس

تتمة الفصل التاسع

١٨

من الخطبة ( ١٣٦ ) كَأَنِّي بِهِ قَدْ نَعَقَ ؟ بِالشَّامِ ؟ وَ فَحَصَ بِرَايَاتِهِ فِي ضَوَاحِي ؟ كُوفَانَ ؟ فَعَطَفَ عَلَيْهَا عَطْفَ اَلضَّرُوسِ وَ فَرَشَ اَلْأَرْضَ بِالرُّءُوسِ قَدْ فَغَرَتْ فَاغِرَتُهُ وَ ثَقُلَتْ فِي اَلْأَرْضِ وَطْأَتُهُ بَعِيدَ اَلْجَوْلَةِ عَظِيمَ اَلصَّوْلَةِ وَ اَللَّهِ لَيُشَرِّدَنَّكُمْ فِي أَطْرَافِ اَلْأَرْضِ حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ كَالْكُحْلِ فِي اَلْعَيْنِ فَلاَ تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى تَئُوبَ إِلَى اَلْعَرَبِ عَوَازِبُ أَحْلاَمِهَا فَالْزَمُوا اَلسُّنَنَ اَلْقَائِمَةَ وَ اَلْآثَارَ اَلْبَيِّنَةَ وَ اَلْعَهْدَ اَلْقَرِيبَ اَلَّذِي عَلَيْهِ بَاقِي اَلنُّبُوَّةِ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَلشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُسَنِّي لَكُمْ طُرُقَهُ لِتَتَّبِعُوا عَقِبَهُ أقول : قوله : كأنّي به قد نعق بالشام ، و فحص براياته في ضواحي كوفان » كقوله عليه السلام في سابقه : « لكأنّي أنظر إلى ضلّيل قد نقع بالشام ، و فحص براياته في ضواحي كوفان » في إرادة عبد الملك به كما عرفت بل الأصل فيهما واحد .

« فعطف عليها عطف الضروس » أي : ناقة سيّئة الخلق تعضّ حالبها . قال الجوهري : و منه قولهم هي بجنّ ضراسها أي : بحدثان نتاجها ، و إذا كانت

٤

كذلك حامت عن ولدها . قال بشر :

عطفنا لهم عطف الضروس من الملا

بشهباء لا يمشي الضراء رقيبها ١

« و فرش الأرض بالرؤوس » في حربه مع مصعب ، و في حروب عامله الحجّاج مع ابن الأشعث و غيره ، و في من قتله الحجّاج صبرا . فقالوا : قتل في مجلسه مئة ألف غير من قتله في الحروب ، و فعله فعل عبد الملك ، و لمّا انهزم ابن الأشعث بمسكن جعل الحجّاج يقتل من وجد من جنده حتّى قتل أربعة آلاف . فيقال انّ في من قتل عبد اللّه بن شداد ، و بسطام بن مصقلة ، و عمرو بن ضبيعة ، و بشر بن المنذر بن الجارود ، و الحكم بن مخزمة ، و بكير بن ربيعة .

فاتي الحجّاج ، برؤوسهم على ترس فأمر أن يوضع الترس بين يدي مسمع بن مالك . فبكى فقال : أحزنت عليهم ؟ قال : بل جزعت عليهم من النار .

و لمّا كتب مالك بن أسماء بن خارجة و كان الحجّاج حبسه و أمر بسقيه الماء المخلوط بالرماد و الملح إلى أبيه يستشفع فيه إلى الحجّاج قال أبوه :

أ بني فزارة لا تعنّوا شيخكم

ما لي و لزيارة الحجّاج

شبّهته شبلا غداة لقيته

يلقى الرؤوس شواخب الأوداج

تجري الدماء على النطاع كأنّها

راح شمول غير ذات مزاج

و قتل الحجّاج يوم الزاوية من أيامه مع ابن الأشعث أحد عشر ألفا خدعهم بالأمان أمر مناديا فنادى عند الهزيمة ألا لا أمان لفلان و لا فلان فسمّى رجالا من اولئك الأشراف ، و لم يقل الناس آمنون فقالت العامة :

قد آمن الناس كلّهم إلاّ هؤلاء النفر ، فأقبلوا إلى حجرته . فلمّا اجتمعوا أمرهم بوضع أسلحتهم ثمّ أمر بقتلهم و قالوا : بلغ ما قتل الحجّاج صبرا

ــــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة ٢ : ٩٣٩ ، مادة ( ضرس ) .

٥

مئة و عشرين أو ثلاثين ألفا .

« و قد فغرت فاغرته ، و ثقلت في الأرض و طأته ، بعيد الجولة عظيم الصولة » هو كقوله عليه السلام في سابقه : « فإذا فغرت فاغرته ، و اشتدت شكيمته ، و ثقلت في الأرض وطأته » بل الأصل فيهما واحد كما عرفت ، و ان لم ينبّه عليه الرضي رضوان اللّه عليه كما هو دأبه .

« و اللّه ليشرّدنكم » أي : يفرّقنّكم .

« في أطراف الأرض حتّى لا يبقى منكم إلاّ قليل كالكحل في العين » في ( تاريخ الطبري ) : قدم عثمان بن حيان المرّي في سنة ( ٩٤ ) المدينة فأخذ رياح بن عبيد اللّه و منقذ العراقي و فلانا . فبعث بهم في جوامع إلى الحجّاج ، و لم يترك بالمدينة أحدا من أهل العراق تاجرا ، و لا غير تاجر و أمر بهم أن يخرجوا من كلّ بلد ، و قال على المنبر : وجدناكم أهل غش و قد ضوى إليكم من يزيدكم خبالا . أهل العراق أهل الشقاق و النفاق ، و اللّه لا اوتى بأحد منكم آوى أحدا منهم أو أكراه منزلا إلاّ هدمت منزله ، و أنزلت به ما هو أهله ١ .

« حتّى تؤوب » أي : ترجع .

« إلى العرب عوازب أحلامها » من إضافة الصفة أي : ما غاب من عقولها .

فيتفكرون أنّ بني اميّة الّذين اولو الجور ، و الفجور لا يرضى بسلطنتهم ذو شعور فيجتهدون في اضمحلالهم ، و كان بدء ذلك في سنة ( ١٠١ ) أوّل خلافة يزيد بن عبد الملك .

و في ( أخبار الدينوري ) : أوّل من قدم سنة ( ١٠١ ) على محمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس بالحميمة من أرض الشام ، ميسرد العبدي ، و أبو عكرمة السرّاج ، و محمّد بن خنيس ، و حيان العطار . فقالوا له : ابسط يدك نبايعك ، على

ــــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٢٥٨ ، سنة ٩٤ ، و النقل بتلخيص .

٦

طلب هذا السلطان لعل اللّه أن يحيي بك العدل ، و يميت بك الجور . فإنّ هذا وقت ذلك ، و أو انه الّذي وجدناه مأثورا . فقال لهم محمّد : هذا أوّل ما نؤمّل و نرجو من ذلك لانقضاء مئة سنة من التاريخ . فانه لم تنقض مئة سنة على امّة قط إلاّ أظهر اللّه حقّ المحقين ، و أبطل باطل المبطلين لقوله تعالى : أو كالّذي مرّ على قرية و هي خاوية على عروشها قال أنّى يحيي هذه اللّه بعد موتها فأماته اللّه مئة عام ثمّ بعثه ١ فانطلقوا و ادعوا الناس في رفق و ستر . ثمّ وجّه ميسرة و ابن خنيس إلى العراق ، و وجّه أبا عكرمة و حيّانا إلى خراسان . فجعلا يسيران من كورة إلى اخرى يدعوان إلى بيعة محمّد بن عليّ ، و يزهّدانهم في سلطان بني اميّة بخبث سيرتهم ، و عظيم جورهم . ثم قدما عليه و أخبراه أنّهما غرسا بخراسان غرسا يرجوان أن يثمر في أوانه إلى أن قال .

و في خلافة هشام بعث محمّد بن عليّ سليمان بن كثير ، و مالك بن الهيثم و موسى بن كعب ، و خالد بن هيثم ، و طلحة بن زريق . فكانوا يأتون كورة بعد كورة فيدعون الناس إلى أهل بيت نبيّهم ، و يبغّضون إليهم بني اميّة لما يظهر من جورهم و اعتدائهم حتّى استجاب لهم بشر كثير في جميع كور خراسان . . . ٢ .

هذا و قال ابن أبي الحديد : المراد بالعرب هاهنا بنو العباس ، و من اتّبعهم من العرب أيام ظهور الدولة كقحطبة الطائي ، و ابنيه ، و بني زريق و عدادهم في خزاعة ، و غيرهم من العرب من شيعة بني العباس ، و قيل : إنّ أبا مسلم أيضا عربي ٣ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٢٥٩ .

( ٢ ) الأخبار الطوال : ٣٣٤ ، و النقل بتلخيص .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٣٨٩ .

٧

قلت : بل المراد بالعرب في كلامه عليه السلام عرب اليمن و ربيعة فإنّهم كانوا على بني اميّة ، و إنّما كانت مضر مع بني اميّة .

و في ( العقد ) : قال أبو هاشم بن محمّد بن الحنفية لمحمّد بن عليّ بن عبد اللّه بن العباس لمّا حضره الموت : انظر هذا الحي من ربيعة . فألحقهم بهم ( يعني اليمانية ) فإنّهم معهم في كلّ أمر ، و انظر هذا الحيّ من قيس ، و تميم ( و هما من مضر ) فأقصهم إلاّ من عصم اللّه منهم و ذلك قليل . . . ١ .

هذا و عكس نصر بن سيار لكونه من عمّال بني اميّة كلامه عليه السلام فجعل قيام العرب على خلاف بني اميّة ذهاب العقل . فقال مخاطبا لهم :

أبلغ ربيعة في مرو و إخوتهم

فليغضبوا قبل ألاّ ينفع الغضب

و لينصبوا الحرب إنّ القوم قد نصبوا

حربا يحرّق في حافاتها الحطب

ما بالكم تلقحون الحرب بينكم

كأنّ أهل الحجا عن رأيكم غرب

هذا ، و في ( الأغاني ) : اعترض الرشيد قينة فغنّت في قول الشاعر :

ما نقموا من بني اميّة إلاّ أنّهم

يحملون إن غضبوا

و إنّهم سادة الملوك فما

تصلح إلاّ عليهم العرب

فلمّا إبتدأت به تغيّر وجه الرشيد ، و علمت أنّها قد غلطت ، و أنّها إن مرّت فيه قتلت فغنّت .

ما نقموا من بني اميّة إلاّ أنّهم

يجهلون ان غضبوا

و أنّهم معدن النفاق فما

تفسد إلاّ عليهم العرب

ــــــــــــــــــ

( ١ ) العقد الفريد ٥ : ٢٠٥ .

٨

فقال الرشيد ليحيى بن خالد : أ سمعت ؟ قال : تبتاع و تثنى لها الجايزة و تعجل لها الإذن ليسكن قلبها قال : ذلك جزاؤها . فقال لها : قومي فأنت منّي بحيث تحبّين فاغمي على الجارية هذا . و قال البحتري :

فهل لا بني عدي من رشيد

يردّ شريد حلمهما الغريب

و معنى اعترض الرشيد جارية ، في الأوّل جعلها في معرض الابتياع .

١٩

من الخطبة ( ١٤٢ ) آثَرُوا عَاجِلاً وَ أَخَّرُوا آجِلاً وَ تَرَكُوا صَافِياً وَ شَرِبُوا آجِناً كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى فَاسِقِهِمْ وَ قَدْ صَحِبَ اَلْمُنْكَرَ فَأَلِفَهُ وَ بَسِئَ بِهِ وَ وَافَقَهُ حَتَّى شَابَتْ عَلَيْهِ مَفَارِقُهُ وَ صُبِغَتْ بِهِ خَلاَئِقُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ مُزْبِداً كَالتَّيَّارِ لاَ يُبَالِي مَا غَرَّقَ أَوْ كَوَقْعِ اَلنَّارِ فِي اَلْهَشِيمِ لاَ يَحْفِلُ مَا حَرَّقَ أَيْنَ اَلْعُقُولُ اَلْمُسْتَصْبِحَةُ بِمَصَابِيحِ اَلْهُدَى وَ اَلْأَبْصَارُ اَللاَّمِحَةُ إِلَى مَنَارِ اَلتَّقْوَى أَيْنَ اَلْقُلُوبُ اَلَّتِي وُهِبَتْ لِلَّهِ وَ عُوقِدَتْ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ اِزْدَحَمُوا عَلَى اَلْحُطَامِ وَ تَشَاحُّوا عَلَى اَلْحَرَامِ وَ رُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ فَصَرَفُوا عَنِ اَلْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ وَ أَقْبَلُوا إِلَى اَلنَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ وَ دَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَ وَلَّوْا وَ دَعَاهُمُ اَلشَّيْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَ أَقْبَلُوا أقول : « آثروا عاجلا ، و أخرّوا آجلا » قال تعالى : كلاّ بل تحبّون العاجلة و تذرون الآخرة ١ . و مراده عليه السلام بيان سبب اتباع الناس للمتقدمين عليه .

و في ( تاريخ الطبري ) في عنوان بيعة عثمان : قال عليّ عليه السلام :

« إنّ الناس ينظرون إلى قريش ، و قريش تنظر إلى بيتها . فتقول :

إن ولي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا ، و ما كانت في غيرهم

ــــــــــــــــــ

( ١ ) القيامة : ٢٠ ٢١ .

٩

من قريش تداولتموها بينكم » ١ .

و قال عليه السلام لابن عوف لمّا بايع عثمان : « حبوته حبو دهر . ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا . فصبر جميل ، و اللّه المستعان على ما تصفون ، و اللّه ما ولّيت عثمان إلاّ ليردّ الأمر إليك و اللّه كلّ يوم هو في شأن » ٢ .

« و تركوا صافيا ، و شربوا آجنا » أي : غير الصافي ، و في ( تاريخ الطبري ) :

لمّا بايع ابن عوف عثمان قال له المقداد : يا عبد الرحمن أما و اللّه لقد تركته من الذين يقضون بالحق و به يعدلون إلى أن قال .

ما رأيت مثل ما اتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم . إنّي لأعجب من قريش .

إنّهم تركوا رجلا ما إقول أنّ أحدا أعلم ، و لا أقضى منه بالعدل أما و اللّه لو أجد عليه أعوانا ٣ .

و في ( مقاتل أبي الفرج ) : إنّ معاوية أمر الحسن عليه السلام لمّا سلّم الأمر إليه أن يخطب ، و ظنّ أنه سيحصر . فقال الحسن عليه السلام في خطبته : « إنّما الخليفة من سار بكتاب اللّه تعالى و سنة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ليس الخليفة من سار بالجور . ذلك ملك ملك ملكا يتمتّع فيه قليلا ثم تنقطع لذته ، و تبقى تبعته ، و إن أدري لعلّه فتنة لكم و متاع إلى حين ٤ .

« كأنّي أنظر إلى فاسقهم » لا يبعد أن يكون إشارة إلى عبد الملك كقوله في سابقيه : « لكأنّي أنظر إلى ضلّيل قد نقع بالشام » و « كأنّي به قد نعق بالشام » و تأخّره عن قريش كانوا بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و عادوه عليه السلام لا ينافيه . فالكلّ واحد ،

و بواسطتهم وصل كباقي بني اميّة إلى ما وصل .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٣ : ٢٩٨ ، سنة ٢٣ .

( ٢ ) رواه الطبري في تاريخه ٣ : ٢٩٧ ، سنة ٢٣ ، و الجوهري في السقيفة : ٨٥ ، و غيرهما .

( ٣ ) تاريخ الطبري ٣ : ٢٩٧ ، سنة ٢٣ .

( ٤ ) مقاتل الطالبيين : ٤٧ ، و الآية ١١١ من سورة الأنبياء .

١٠

و قال النظام عند قول عبد الملك « ما أنا بالخليفة المستضعف يعني عثمان و لا فلا و لا فلان » : « لو لا هم لما وصلت إلى ما وصلت » ١ .

« و قد صحب المنكر فألفه » في ( تاريخ اليعقوبي ) : منع عبد الملك أهل الشام من الحج ، و ذلك أنّ ابن الزبير كان يأخذهم إذا حجّوا بالبيعة فمنعهم عبد الملك من الخروج . فضجّ الناس ، و قالوا : منعنا من حجّ بيت اللّه ، و هو فرض من اللّه علينا . فقال لهم : هذا ابن شهاب الزهري يحدّثكم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال : لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، و مسجدي ، و مسجد بيت المقدس ، و هو يقوم لكم مقام المسجد الحرام ، و هذه الصخرة الّتي يروي أنّ النبيّ وضع قدمه عليها لما اصعد إلى السماء تقوم لكم مقام الكعبة . فبنى على الصخرة قبة ، و علّق عليها ستور الديباج ، و أقام لها سدنة ، و أخذ الناس بأن يطوفوا حولها كالكعبة ٢ .

« و بسئ به » في ( الصحاح ) : بسأت به بالفتح و الكسر إذا استأنست به ٣ .

« و وافقه حتّى شابت عليه مفارقه » في ( الصحاح ) : « المفرق وسط الرأس كأنّهم جعلوا كلّ موضع منه مفرقا ، و هو الّذي يفرق فيه الشعر ٤ . فقالوا مفارق و شيب المفارق على المنكر كناية عن طول صحابته عليه كقولهم : من دبّ الى شبّ » .

« و صبغت به خلائقه » أي : طبائعه و هو أيضا كناية عن صيرورته كالطبيعة الثانية له كالثوب الّذي يصبغ . فيصير صبغه كلون طبيعي له ، و في ( نسب قريش مصعب الزبيري ) غضب عبد الملك غضبة . فكتب إلى هشام بن

ــــــــــــــــــ

( ١ ) رواه الجاحظ في البيان و التبيين ٢ : ٢٧٣ ، و النقل بالمعنى .

( ٢ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦١ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٣ ) صحاح اللغة ١ : ٣٦ ، مادة ( بسأ ) .

( ٤ ) صحاح اللغة ٤ : ١٥٤١ ، مادة ( فرق ) .

١١

إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة عامله على المدينة أن أقم آل عليّ يشتمون عليا فقيل له : إنّه أمر غير ممكن ١ .

« ثمّ اقبل مزبدا » أي : كبحر يقذف بالزبد .

« كالتيّار » أي : الموج .

« لا يبالي ما غرّق أو كوقع النار في الهشيم » أي : النبات اليابس المتكسّر ،

و الشجرة اليابسة يأخذها الحاطب كيف يشاء .

« لا يحفل » أي : لا يبالي :

« ما حرّق » في ( العقد ) : أنّ عبد الملك لمّا قتل الأشدق غدرا به و أراد أن يخرج إلى الكوفة لقتال مصعب جعل يستفزّ أهل الشام . فيبطئون عليه . فقال له الحجّاج : سلّطني عليهم . ففعل ، فكان لا يمرّ على بيت تخلّف إلاّ حرّقه . فلمّا رأى ذلك أهل الشام أسرعوا إليه فخرج إلى مصعب فقتله ٢ .

« أين العقول المستصبحة بمصابيح » أي : سرج .

« الهدى » حتّى تتبع أهل بيت نبيّه الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس ، و طهّرهم تطهيرا ، و تمتنع من اولئك الأجلاف الفجرة .

هذا و في ( بيان الجاحظ ) : قام أعرابي ليسأل فقال : « أين الوجوه الصباح ،

و العقول الصحاح و الألسن الفصاح ، و الأنساب الصراح ، و المكارم الرباح ،

و الصدور الفساح تعيذني من مقامي هذا » ٣ .

« و الأبصار اللامحة الى منار التقوى » في ( الصحاح ) : لأرينك لمحا باصرا ،

أي : أمرا واضحا ٤ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) نسب قريش : ٤٧ .

( ٢ ) العقد الفريد ٥ : ١٤٨ ، و النقل بالمعنى .

( ٣ ) البيان و التبيين ٣ : ٤٠٧ .

( ٤ ) صحاح اللغة ١ : ٤٠٢ ، مادة ( لمح ) .

١٢

« أين القلوب الّتي وهبت للّه ، و عوقدت على طاعته » و في ( صفّين نصر ) : أنّ عمّار بن ياسر نادى يوم صفّين : « أين من يبغي رضوان ربّه ، و لا يؤوب إلى مال و لا ولد » فأتته عصابة من الناس فقال : « أيّها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الّذين يبغون دم عثمان ، و يزعمون أنه قتل مظلوما ، و اللّه إن كان إلاّ ظالما لنفسه ، الحاكم بغير ما أنزل اللّه ، و قال : أللّهم إنّك تعلم أنّي لو أعلم أنّ رضاك أن أضع ظبة سيفي في بطني ثمّ أنحني عليها حتّى يخرج من ظهري لفعلت . اللّهم إنك تعلم أنّي لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلت . اللّهم و إنّي أعلم ممّا أعلمتني أنّي لا أعمل اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين » ١ .

« إزدحموا على الحطام » اليابس المتكسّر .

« و تشاحّوا » ألشّحّ : البخل مع حرص .

« على الحرام » في ( صفين نصر ) : قام عمّار بصفّين . فقال : امضوا عباد اللّه إلى قوم يطلبون في ما يزعمون بدم الظالم لنفسه ، الحاكم على عباد اللّه بغير ما في كتاب اللّه ، إنّما قتله الصالحون المنكرون للعدوان ، الآمرون بالاحسان .

فقال : هؤلاء الّذين لا يبالون إذا سلمت لهم دنياهم لو درس هذا الدين : لم قتلتموه ؟ فقلنا : لإحداثه . فقالوا : إنّه ما أحدث شيئا ، و ذلك لأنّه مكنّهم من الدنيا فهم يأكلونها و يرعونها ، و لا يبالون لو انهدّت عليهم الجبال ، و اللّه ما أظنّهم يطلبون دمه ، إنّهم ليعلمون أنّه لظالم ، و لكن القوم ذاقوا الدنيا فاستحبّوها و استمرؤوها و علموا لو أنّ الحق لزمهم لحال بينهم و بين ما يرعون فيه منها ،

و لم يكن للقوم سابقة في الإسلام يستحقّون بها الطاعة و الولاية . فخدعوا أتباعهم بأن قالوا : قتل إمامنا مظلوما ، ليكونوا بذلك جبابرة و ملوكا ، و تلك

ــــــــــــــــــ

( ١ ) وقعة صفين : ٣٢٠ و ٣٢٦ ، النقل بتقديم و تأخير .

١٣

مكيدة قد بلغوا بها ما ترون إلى أن قال .

و قال لعمرو بن العاص بعت دينك بمصر تبّا لك و طالما بغيت الإسلام عوجا إلى أن قال .

و قال لعبيد اللّه بن عمر « صرعك اللّه بعت دينك بالدنيا من عدوّ اللّه و عدوّ الإسلام ؟ قال : كلاّ . و لكن أطلب بدم عثمان الشهيد المظلوم ، قال : كلاّ أشهد على علمي فيك أنّك أصبحت لا تطلب بشي‏ء من فعلك وجه اللّه ، و أنك إن لم تقتل اليوم فستموت غدا . فانظر إذا أعطى اللّه على نياتهم ما نيتك ١ ؟

« و رفع لهم علم الجنّة و النار فصرفوا عن الجنّة وجوههم ، و أقبلوا إلى النار بأعمالهم » لكون النار محفوفة بالشهوات كالجنّة بالمكاره . و في ( كامل الجزري ) : قال ابن سيرين : قال عليّ عليه السلام لعمر بن سعد : كيف أنت إذا قمت مقاما تخيّر فيه بين الجنّة و النار فتختار النار ؟ ٢ فخيّره عبيد اللّه بين ردّه عهد الري أو خروجه لقتال الحسين عليه السلام و قتله فاختار الثاني و قال :

أ أترك ملك الريّ و الريّ رغبتي

أم أرجع مذموما بقتل حسين

و في قتله النار الّتي ليس دونها

حجاب و ملك الري قرّة عيني

« دعاهم ربّهم فنفروا و ولّوا » و لا تسمع الصم الدعاء إذا ولّوا مدبرين ٣ كأنّهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة ٤ .

« و دعاهم الشيطان فاستجابوا و أقبلوا » و قال الشيطان لما قضي الأمر إنّ اللّه وعدكم و عد الحقّ و وعدتكم فاخلفتكم ، و ما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني و لوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم و ما

ــــــــــــــــــ

( ١ ) وقعة صفين : ٣١٩ .

( ٢ ) الكامل ٤ : ٢٤٢ ، سنة ٦٦ .

( ٣ ) النمل : ٨٠ .

( ٤ ) المدثر : ٥٠ ٥١ .

١٤

أنتم بمصرخيّ إنّي كفرت بما أشركتمون من قبل ١ .

٢٠

من الخطبة ( ١١٤ ) أَمَا وَ اَللَّهِ لَيُسَلَّطَنَّ عَلَيْكُمْ غُلاَمُ ؟ ثَقِيفٍ ؟ اَلذَّيَّالُ اَلْمَيَّالُ يَأْكُلُ خَضِرَتَكُمْ وَ يُذِيبُ شَحْمَتَكُمْ إِيهٍ ؟ أَبَا وَذَحَةَ ؟ أقول الوذحة الخنفساء و هذا القول يومئ به إلى ؟ الحجاج ؟ و له مع الوذحة حديث ليس هذا موضع ذكره‏أقول : الوذحة : الخنفساء . و هذا القول يومئ به إلى الحجّاج ، و له مع الوذحة حديث ليس هذا موضع ذكره .

أقول : روى ( المسعودي في مروجه ) : عن المنقري عن عبد العزيز بن الخطاب عن فضيل بن مرزوق قال : لمّا غلب بسر بن أرطاة على اليمن ، و كان من قتله لابني عبيد اللّه بن العباس و لأهل مكّة و المدينة و اليمن ما كان ، قام عليّ عليه السلام خطيبا فحمد اللّه و أثنى عليه ، و صلّى على نبيه محمّد صلّى اللّه عليه و آله ثم قال : إنّ بسرا قد غلب على اليمن ، و اللّه ما أرى هؤلاء القوم إلاّ سيغلبون على ما في أيديكم و ما ذلك بحق في أيديهم ، و لكن بطاعتهم ، و استقامتهم لصاحبهم ،

و معصيتكم لي ، تناصرهم و تخاذلكم ، و إصلاح بلادهم و إفساد بلادكم إلى أن قال .

اللّهمّ عجّل عليهم بالغلام الثقفي الذيّال الميّال يأكل خضرتها ، و يلبس فروتها ، و يحكم فيها بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنها ، و لا يتجاوز عن مسيئها و ما كان ولد الحجّاج يومئذ ٢ .

و روى ( ابو الفرج في مقاتله ) ، عن إسماعيل بن موسى من بيت السدي ،

عن عليّ بن مسهر ، عن الأحلج ، عن موسى بن أبي النعمان قال : جاء الأشعث

ــــــــــــــــــ

( ١ ) ابراهيم : ٢٢ .

( ٢ ) مروج الذهب ٣ : ١٤٢ .

١٥

إلى أمير المؤمنين عليه السلام يستأذن عليه فردّه قنبر . فأدمى الأشعث أنفه ، فخرج عليّ عليه السلام و هو يقول : مالي و لك يا أشعث أما و اللّه لو بعبد ثقيف تمرست لا قشعرّت شعيراتك . قيل يا أمير المؤمنين و من غلام ثقيف ؟ قال : غلام يليهم لا يبقي أهل بيت من العرب إلاّ أدخلهم ذلاّ . قيل : يا أمير المؤمنين كم يلي ، و كم يمكث ؟ قال عشرين إن بلغها ١ .

و روى عثمان بن سعيد و قد نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر عن يحيى التيمي عن الأعمش ، عن إسماعيل بن رجاء قال : قام أعشى باهلة و هو يومئذ غلام حدث إلى عليّ عليه السلام و هو يخطب و يذكر الملاحم . فقال : يا أمير المؤمنين ما أشبه هذا الحديث بحديث خرافة . فقال عليّ عليه السلام : إن كنت آثما في ما قلت يا غلام فرماك اللّه بغلام ثقيف ثم سكت فقام رجال فقالوا : و من غلام ثقيف يا أمير المؤمنين ؟ قال : غلام يملك بلدتكم هذه لا يترك للّه حرمة إلاّ انتهكها يضرب عنق هذا الغلام بسيفه . فقالوا : كم يملك يا أمير المؤمنين ؟ قال :

عشرين إن بلغها . قالوا : فيقتل قتلا ام يموت موتا ؟ قال عليه السلام : « بل يموت حتف أنفه بداء البطن يثقب سريره لكثرة ما يخرج من جوفه » .

قال إسماعيل بن رجاء : فو اللّه لقد رأيت بعيني أعشى باهلة ، و قد أحضر في جملة الأسرى الذين اسروا من جيش ابن الأشعث بين يدي الحجّاج فقرعه و وبّخه ، و استنشده شعره الّذي يحرّض فيه ابن الأشعث على الحرب ، ثمّ ضرب عنقه في ذاك المجلس ٢ .

و روى ( الاحتجاج ) : أنّ عباد بن قيس من بكر بن وائل قام إلى عليّ عليه السلام بعد فتح البصرة ، و قال له : جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات . فقال

ــــــــــــــــــ

( ١ ) مقاتل الطالبيين : ٢٠ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٢٠٩ ، شرح الخطبة ٣٧ .

١٦

له أمير المؤمنين عليه السلام : إن كنت كاذبا فلا اماتك اللّه حتّى يدركك غلام ثقيف .

قالوا : و من غلام ثقيف ؟ قال : رجل لا يدع للّه حرمة إلاّ انتهكها : قالوا : أفيموت أو يقتل ؟ فقال عليه السلام : يقتله قاصم الجبارين بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجري من بطنه ١ .

و نقل ( المختلف ) في أحكام البغاة عن العماني قال : إنّ رجلا من عبد القيس قام يوم الجمل . فقال : يا أمير المؤمنين ما عدلت حين تقسم بيننا أموالهم ، و لا تقسم بيننا نساءهم ، و لا أبناءهم . فقال له : إن كنت كاذبا فلا أماتك اللّه حتى تدرك غلام ثقيف ، و ذلك أنّ دار الهجرة حرّمت ما فيها ، و دار الشرك أحلّت ما فيها . فأيّكم يأخذ امّه من سهمه . فقام رجل فقال : و ما غلام ثقيف يا أمير المؤمنين ؟ قال : عبد لا يدع للّه ، حرمة إلاّ هتكها . قال : يقتل أو يموت ؟ قال :

بل يقصمه اللّه قاصم الجبارين ٢ .

و في ( كامل الجزري ) : قال الحسن البصري : سمعت عليّا عليه السلام على المنبر يقول : اللّهمّ ائتمنتهم فخانوني ، و نصحتهم فغشّوني . اللّهمّ فسلّط عليهم غلام ثقيف يحكم في دمائهم و أموالهم بحكم الجاهلية . فوصفه و هو يقول : الزيال مفجّر الأنهار . يأكل خضرتها ، و يلبس فروتها . قال الحسن : هذه و اللّه صفة الحجّاج . قال حبيب بن أبي ثابت قال عليّ عليه السلام لرجل : لا تموت حتّى تدرك فتى ثقيف . قيل له : يا أمير المؤمنين ما فتى ثقيف ؟ قال : ليقالنّ له يوم القيامة إكفنا زاوية من زوايا جهنّم . رجل يملك عشرين أو بعضا و عشرين سنة لا يدع للّه معصية إلاّ ارتكبها حتّى لو لم تبق إلاّ معصية واحدة بينه و بينه باب مغلق لكسره حتّى يرتكبها ٣ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الاحتجاج ١ : ١٦٨ .

( ٢ ) المختلف : ٣٣٧ .

( ٣ ) الكامل ٤ : ٥٨٧ ، سنة ٩٥ .

١٧

« أما و اللّه ليسلّطن عليكم غلام ثقيف » مراده عليه السلام بغلام ثقيف الحجّاج ، و أخبر عليه السلام في موضع آخر بغلام ثقيف آخر ابن عم الحجّاج باسمه و نسبه يوسف بن عمر .

ففي ( إرشاد المفيد ) : قال عليه السلام أيّها الناس إنّي دعوتكم إلى الحقّ فتوليتم عني ، و ضربتكم بالدرّة فأعييتموني . أما إنّه سيليكم من بعدي ولاة لا يرضون منكم بهذا حتّى يعذّبوكم بالسياط و الحديد إنّه من عذّب الناس في الدنيا عذّبه اللّه في الآخرة ، و آية ذلك أن يأتيكم صاحب اليمن حتّى يحلّ بين أظهركم . فيأخذ العمال و عمّال العمال . رجل يقال له يوسف بن عمر ١ . قلت :

و صار الأمر كما ذكر عليه السلام فغضب هشام على خالد القسري عمله على العراق .

فكتب إلى يوسف باليمن بعهده على العراق فقدم و أخذ خالدا و عمّاله . فعذّبهم و صادرهم و مات خالد و عامله بلال بن أبي بردة في عذابه .

و نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر بلفظ آخر . أخبر عليه السلام بالحجاج و يوسف معا بوصفهما فقال : قال عليه السلام : « لقد دعوتكم إلى الحق فتولّيتم ،

و ضربتكم بالدرّة . فما استقمتم و ستليكم ولاة يعذّبونكم بالسياط و الحديد ،

و سيأتيكم غلاما ثقيف أخفش و حصوب يقتلان و يظلمان ، و قليل ما يمكّنان » و قال : الأخفش ضعيف البصر خلقة . و كان الحجّاج كذلك ، و الحصوب القصير الدميم ، و كان يوسف كذلك .

ثمّ كما أنّه عليه السلام أخبر بتسلّط غلام ثقيف و هو الحجّاج في مواضع كثيرة عموما و خصوصا خبرا و دعاء ، و بتسلّطه مع ابن عمّه كما عرفت في موضع كذلك دعا الحسين عليه السلام على قتلته من أهل الكوفه بتسلّط غلام ثقيف أي المختار عليهم لينتقم منهم . فروى ( المناقب ) مسندا عن عبد اللّه بن

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الارشاد : ١٦٩ .

١٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

الحسن أنّه عليه السلام قال لهم في جملة ما قال لهم : « ألا ثمّ لا تلبثون بعدها إلاّ كريث ما يركب الفرس حتّى تدرو بكم الرحى ، عهد عهده إليّ أبي عن جدّي فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم كيدوني جميعا ، و لا تنظرون . إنّي توكّلت على اللّه ربي و ربّكم ما من دابة إلاّ و هو آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء ، و ابعث عليهم سنين كسني يوسف و سلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأسا مصبّرة ، و لا يدع فيهم أحدا إلاّ قتلة بقتلة و ضربة بضربة ينتقم لي و لأوليائي ، و أهل بيتي و أشياعي منهم . فإنّهم غرّونا و كذبونا و خذلونا . . . و رواه ( التحف ) و ( الاحتجاج ) و ( اللهوف ) ١ .

هذا ، و في ( الأغاني ) : قال عبد الملك لا بن الزبير الشاعر الأسدي : انشدني أبياتك فيّ و في الحجّاج و ابن الزبير بعد قتل الحجّاج لابن الزبير و بعثه برأسه إليه فانشده .

كأنّي بعبد اللّه يركب ردعه

و فيه سنان زاعبيّ محرّب

و قد فرّ عنه الملحدون و حلّقت

به و بمن آساه عنقاء مغرب

تولّوا فخلّوه فشال بشلوه

طويل من الاجذاع عار مشذّب

بكفّي غلام من ثقيف نمت به

قريش و ذو المجد التليد معتب

فقال له عبد الملك : لا تقل غلام ، و لكن قل : همام .

و في السير : قدمت لبلى الأخيلية على الحجّاج فأنشدته :

إذا ورد الحجّاج أرضا مريضة

تتبّع أقصى دائها فشفاها

شفاها من الداء العقام الذي فيها

غلام إذا هزّ القناة ثناها

ــــــــــــــــــ

( ١ ) رواه عن كتاب المناقب و هو غير مناقب السروي و أيضا عن التحف و الاحتجاج و اللهوف المجلسي في بحار الأنوار ٤٥ : ٩ ، لكن روى ابن شعبة في تحف العقول : ٢٤٢ ، و ابن طاووس في اللهوف : ٤٣ ، بعضه و روى الطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٣٠٠ ، صدره فقط .

١٩

فقال لها : لا تقولي غلام ، و لكن قولي همام .

و أما ثقيف فاختلف فيها هل هي من بقايا ثمود أو أياد أو هوازن . و في ( كامل المبرد ) : قال الحجّاج على المنبر : تزعمون أنّا من بقايا ثمود . و اللّه تعالى يقول : « و ثمود فما أبقى » ١ .

و قال الحجّاج لأبي العسوس الطائي : أيّ أقدم أنزول ثقيف الطائف أم نزول طيئ الجبلين ؟ فقال له : إن كانت ثقيف من بكر بن هوازن فنزول طيئ قبلها ، و إن كانت ثقيف من ثمود فهي أقدم . فقال له الحجّاج : إتّقني فإنّي سريع الخطفة ٢ .

و قال الشاعر :

فلو لا بنو مروان كان ابن يوسف

كما كان عبدا من عبيد أياد

ثمّ تسلط الحجّاج على أهل العراق كما أخبر عليه السلام كان في سنة ( ٧٥ ) و سبب توليته أنّ المهلب بن أبي صفرة لمّا كان يقاتل الخوارج بالعراق . و كان الناس بطاء عنه ، كتب إلى عبد الملك كما في ( المروج ) إمّا بعثت إليّ بالرجال و إمّا خلّيت بينهم و بين البصرة . فخرج إلى أصحابه . فقال : ويلكم من للعراق ؟

فصمتوا و قام الحجّاج فقال : أنا ، و قال الثانية و الثالثة و يقول الحجّاج : أنا . فقال له في الثالثة : أنت زنبورها . فكتب له عهده فشخص . فلمّا بلغ القادسيّة أمر الجيش أن يقيلوا ، و يروّحوا ، و دعا بجمل عليه قتب . فجلس عليه بغير حشية و لا وطاء و أخذ الكتاب بيده ، و لبس ثياب السفر ، و تعمم بعمامة حتّى دخل الكوفة وحده . فجعل ينادي : الصلاة جامعة ، و ما منهم رجل جلس في مجلسه إلاّ و معه العشرون و الثلاثون و أكثر من أهله و مواليه . فصعد المنبر متلثما

ــــــــــــــــــ

( ١ ) النجم : ٥١ .

( ٢ ) كامل المبرد ٤ : ٢٠١ .

٢٠