بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٦

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 601

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 601
المشاهدات: 108960
تحميل: 4111


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108960 / تحميل: 4111
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية

فبما كسبت أيديكم ١ فقال عليه السلام : كلاّ ما هذا فينا نزلت إنما نزلت فينا ما أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على اللّه يسير . لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم ٢ فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا من الدنيا و لا نفرح بما آتانا منها ٣ .

٦

الحكمة ( ٣٧٧ ) و قال عليه السلام :

لاَ تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ عَذَابَ اَللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اَللَّهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْخاسِرُونَ ٥ ١١ ٧ : ٩٩ وَ لاَ تَيْأَسَنَّ لِشَرِّ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مِنْ رَوْحِ اَللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اَللَّهِ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْكافِرُونَ ١٥ ٢٣ ١٢ : ٨٧ « لا تأمنن على خير هذه الامة » و في الخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : خيركم من أطعم الطعام ، و أفشى السلام ، و صلّى و النّاس نيام ٤ .

« عذاب اللّه لقوله تعالى » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « لقول اللّه سبحانه » كما في ( ابن ميثم و الخطيّة ) ، و لكن في ( ابن أبي الحديد ) : « لقوله سبحانه » ٥ فلا يأمن مكر اللّه أي : تدبيره تعالى في امور عبيده كما يريد إلا القوم الخاسرون لقلّة معرفتهم ، و غفلتهم .

و قد كان الزبير بن العوام في الظاهر من خيار الامّة حتى أنّه دافع يوم

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الشورى : ٣٠ .

( ٢ ) الحديد : ٢٣ .

( ٣ ) تفسير القمي ٢ : ٣٥٢ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٤ ) أخرجه البرقي في المحاسن : ٣٨٧ ح ٢ ، و الصدوق في الخصال ١ : ٩١ ح ٣٢ ، و أخرجه بفرق يسير أبو يعلى في مسنده ، عنه الجامع الصغير ٢ : ١١ ، و الصدوق في عيون الأخبار ٢ : ٦٥ ح ٢٩٠ .

( ٥ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣١٤ ، و اما في شرح ابن ميثم ٥ : ٤٣١ فنحو المصرية .

٣٠١

السقيفة عن أمير المؤمنين عليه السلام حتى كسر عمر سيفه ، و مع كونه من أسد قريش ، كان يعدّ في عداد بني هاشم ، و ازدادت أمواله ، و نشأ ولده عبد اللّه ،

و فتن به ، كما قال تعالى إنّما أموالكم و أولادكم فتنة ١ حتى صار محاربا للّه و لرسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمحاربته أمير المؤمنين عليه السلام ، فقد قال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم :

« حربك حربي ، و حربي حرب اللّه » ٢ و صار سببا لقتل آلاف من المسلمين .

قال ابن أبي الحديد لقائل أن يقول : الآية لا تدلّ على ما أفتى به ، لأن معنى الآية أنّه لا يجوز للعاصي أن يأمن مكر اللّه على نفسه و هو مقيم على عصيانه ،

ألا ترى أن قبلها أ فأمن أهل القرى إلى و هم يلعبون ٣ .

قلت : خصوص المورد لا يخصص عموم العلة ، و أغلب جمل القرآن كالكلام المستقل .

« و لا تيأسن لشرّ هذه الامة » و قد جعل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شرار الامّة طبقات .

و روى ( الكافي ) : أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خطب فقال : ألا أخبركم بشراركم .

قالوا : بلى . قال : الذي يمنع رفده ، و يضرب عبده ، و يتزوّد وحده ، فظنوا أنّ اللّه لم يخلق خلقا هو شرّ من هذا ، فقال : ألا أخبركم بمن هو شرّ من ذلك ؟ قالوا : بلى .

قال المتفحّش اللعّان ، الذي إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم ، و إذا ذكروه لعنوه ٤ .

من روح اللّه أي : رحمته لقوله تعالى : انّه لا ييأس من روح اللّه إلاّ القوم الكافرون باللّه .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الانفال : ٢٨ و التغابن : ١٥ .

( ٢ ) هذا المعنى أخرجه ابن المغازلي في مناقبه : ٥ ح ٧٣ و ٢٣٧ ح ٢٨٥ ، و الصدوق في أماليه : ٨٦ ح ١ المجلس ٢١ ، و الكراجكي في كنز الفوائد : ٢٨١ ، و الخزاز في كفاية الأثر : ١٥٧ في ضمن أحاديث .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٣١٤ . و الآيات ٩٧ ، ٩٨ من سورة الأعراف .

( ٤ ) الكافي ٢ : ٢٩٠ ح ٧ ، و النقل بتقطيع .

٣٠٢

في ( كشكول البهائي ) : قال بعض أصحابه عليه السلام له : هل نسلم على مذهب هذه الامة ؟ فقال : يراه اللّه للتوحيد أهلا و لا تراه للسلام أهلا .

و في ( ذيل الطبري ) : أصاب الزهري دما خطأ ، فخرج و ترك أهله ،

و ضرب فسطاطا و قال : لا يظلّني سقف بيت أبدا ، فمر به علي بن الحسين عليه السلام فقال له : يا ابن شهاب قنوطك أشدّ من ذنبك ، فاتق اللّه و استغفره و ابعث إلى أهله بالديّة و ارجع إلى أهلك و كان يقول علي بن الحسين عليه السلام أعظم الناس علي منة ١ .

و في الخبر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : أن رجلا قال : لا و اللّه لا يغفر اللّه لفلان فقال عزّ و جل : من ذا الذي تألى عليّ أن لا أغفر لفلان ، فإنّي قد غفرت لفلان ،

و أحبطت عمل ذاك القائل ٢ .

و روي : أنّ رجلا كان في بني إسرائيل منهمكا في المعاصي ، فأتى في بعض أسفاره على بئر فإذا كلب قد لهث من العطش فرقّ له ، فأخذ عمامته و شدّها بخفه و استقى الماء و أروى الكلب ، فأوحى اللّه تعالى إلى نبي ذاك الزمان : إنّي قد غفرت ذنبه بشفقته على خلق من خلقي ، فسمع ذلك فتاب .

و روي : أنّ عابدا عبد اللّه ثمانين سنة ثمّ أشرف على امرأة فوقعت في نفسه ، فنزل إليها ، فراودها عن نفسها فطاوعته ، فلمّا قضى منها حاجته طرقه الموت ، فاعتقل لسانه ، فمرّ سائل فأشار إليه أن خذ رغيفا كان في كسائه ، فأحبط اللّه عمل ثمانين سنته بتلك الزنية ، و غفر اللّه له بذلك الرغيف .

و روي : أنّه كان في بني إسرائيل عابد غائظ إبليس ، فاحتال عليه فجاء

ــــــــــــــــــ

( ١ ) منتخب ذيل المذيل : ١١٩ .

( ٢ ) أخرجه أبو علي الطوسي في أماليه ١ : ٥٧ ، جزء ٢ .

٣٠٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

عنده ، و قام إلى الصلاة ليلا و نهارا بدون ملل ، فتعجب العابد و قال له : من أين لك هذه القوة في العبادة ؟ فقال له : لأني زنيت بفلانة الفاجرة ، فانخدع العابد ،

فذهب اليها و قصّ عليها قصّته ، فقالت له : إنّه كان الشيطان فلا تنخدع . فماتت من ليلتها ، فأصبحت ، و اذا على بابها مكتوب احضروا فلانة فانها من أهل الجنّة ، فارتاب الناس و مكثوا ثلاثة أيام لا يدفنونها ، فأوحى تعالى إلى نبيّهم أن ائت فلانة فصلّ عليها و مر الناس أن يصلّوا عليها ، فإنّي أوجبت لها الجنّة بتثبيطها عبدي فلانا عن معصيتي ١ .

و في ( الخصال ) ، عن الصادق عليه السلام : تبع حكيم حكيما سبعمائة فرسخ في سبع كلمات ، فلما لحق به قال له : يا هذا ، ما أرفع من السماء و أوسع من الأرض و أغنى من البحر ، و أقسى من الحجر ، و أشدّ حرارة من النار ،

و أشد بردا من الزمهرير ، و أثقل من الجبال الراسيات ؟ فقال له : الحقّ أرفع من السماء ، و العدل أوسع من الأرض ، و غنى النفس أغنى من البحر ، و قلب الكافر أقسى من الحجر ، و الحريص الجشع أشد حرارة من النار ، و اليأس من روح اللّه أشدّ بردا من الزمهرير ، و البهتان على البرى‏ء أثقل من الجبال الراسيات ٢ و مرّ في فصل الإمامة العامّة قوله عليه السلام : « لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها » ٣ و تلا عقيب ذلك و نريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمّة و نجعلهم الوارثين ٤ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه الكليني في الكافي ٨ : ٣٨٤ ح ٥٨٤ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الخصال ٢ : ٣٤٨ ح ٢١ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) القصص : ٥ .

٣٠٤

٧

الحكمة ( ١٣٥ ) و قال عليه السلام :

مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ اَلزِّيَادَةَ قال ؟ الرضي ؟ و تصديق ذلك كتاب الله قال الله في الدعاء اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ٤ ٦ ٤٠ : ٦٠ و قال في الاستغفار وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللَّهَ يَجِدِ اَللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ١ ١٤ ٤ : ١١٠ و قال في الشكر لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ٥ ٧ ١٤ : ٧ و قال في التوبة إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اَللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ١ ٢١ ٤ : ١٧ أقول : نقلناه في هذا الفصل لكون جملة « و تصديق ذلك » إلى آخرها من كلامه عليه السلام على الأصح دون كونه من كلام الرضي ، و لخلو ابن ميثم الذي نسخته بخط مصنّفه من فقرة « قال الرضي » ١ و ( الخطية ) أيضا خالية منها و ( المصرية ) الاولى أيضا خالية منها ، و انما زادها في الثانية اخذا من ابن أبي الحديد ، لكن ابن أبي الحديد و إن زادها إلاّ انّه قال : في بعض الروايات أن الجملة من كلامه عليه السلام . . . الخ ٢ .

قلت : و لو كانت الجملة من كلام الرضي رضي اللّه عنه عنه لقال : « و تصديق قوله عليه السلام » لا أن يقول : « و تصديق ذلك » ، فان التعبير يشهد بكونه كلامه عليه السلام

ــــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣١٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٣١ .

٣٠٥

ذكره شاهدا و مستندا ، و إنّما توهم من زاد الجملة أنّه كلام الرضي لسوء فهمه فزادها توضيحا لما زعم .

ثم ما نقلناه « و تصديق ذلك كتاب اللّه » إنّما هو في ( المصرية ) ،

و الصواب : « و تصديق ذلك في كتاب اللّه سبحانه » كما في ( ابن ميثم ) الذي نسخته بخط مصنّفه ، و كذا في ( ابن أبي الحديد و الخطية ) ذلك لكن فيهما بدل سبحانه « تعالى » ١ .

ثم نظير ذلك في استشهاده عليه السلام بالآيات ما رواه في ( مهج الدعوات ) علي بن طاووس عن خط ابن الباقلاني النحوي المتكلّم ، قال حدّثني السيّد الأوحد العالم مؤيد الدين شرف القضاة عبد الملك أنّه كان مريضا فجاءه أمير المؤمنين عليه السلام أي في المنام و كأنّه قد نزل من الهواء و قال له « الشفاء » و أمرّ يده على ذراعه الأيمن ثمّ قال له قل ثلاث مرّات « أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، الذين قال لهم النّاس إنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا اللّه و نعم الوكيل ٢ ، أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، و أفوض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصير بالعباد ٣ ، أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، ما يفتح اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها و ما يمسك فلا مرسل له من بعده و هو العزيز الحكيم » ٤ إذا قلت « الّذين قال لهم النّاس » قال تعالى فانقلبوا بنعمة من اللّه و فضل لم يمسسهم سوء ٥ و اذا قلت

ــــــــــــــــــ

( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٣٣١ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٣١٧ .

( ٢ ) آل عمران : ١٧٣ .

( ٣ ) غافر : ٤٤ .

( ٤ ) فاطر : ٢ .

( ٥ ) آل عمران : ١٧٤ .

٣٠٦

و أفوض أمري إلى اللّه قال تعالى فوقاه اللّه سيئات ما مكروا و حاق بآل فرعون سوء العذاب ١ و اذا قلت « ما يفتح اللّه » فهذا الايمان التام الخبر ٢ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) فاطر : ٤٥ .

( ٢ ) مهج الدعوات : ٩٧ .

٣٠٧

الفصل الثاني عشر في قضاياه عليه السلام

٣٠٨

١

الحكمة ( ٢٧٠ ) وَ رُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ ؟ عُمَرَ بْنِ اَلْخَطَّابِ ؟ فِي أَيَّامِهِ حَلْيُ ؟ اَلْكَعْبَةِ ؟ وَ كَثْرَتُهُ فَقَالَ قَوْمٌ لَوْ أَخَذْتَهُ فَجَهَّزْتَ بِهِ جُيُوشَ اَلْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ وَ مَا تَصْنَعُ ؟ اَلْكَعْبَةُ ؟ بِالْحَلْيِ فَهَمَّ ؟ عُمَرُ ؟ بِذَلِكَ وَ سَأَلَ ؟ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ ع ؟ فَقَالَ إِنَّ ؟ اَلْقُرْآنَ ؟ أُنْزِلَ عَلَى ؟ اَلنَّبِيِّ ص ؟ وَ اَلْأَمْوَالُ أَرْبَعَةٌ أَمْوَالُ اَلْمُسْلِمِينَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ اَلْوَرَثَةِ فِي اَلْفَرَائِضِ وَ اَلْفَيْ‏ءُ فَقَسَّمَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَ اَلْخُمُسُ فَوَضَعَهُ اَللَّهُ حَيْثُ وَضَعَهُ وَ اَلصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اَللَّهُ حَيْثُ جَعَلَهَا وَ كَانَ حَلْيُ ؟ اَلْكَعْبَةِ ؟ فِيهَا يَوْمَئِذٍ فَتَرَكَهُ اَللَّهُ عَلَى حَالِهِ وَ لَمْ يَتْرُكْهُ نِسْيَاناً وَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَكَاناً فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَقَرَّهُ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالَ لَهُ ؟ عُمَرُ ؟ لَوْلاَكَ لاَفْتَضَحْنَا وَ تَرَكَ اَلْحَلْيَ بِحَالِهِ « و روي أنّه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي الكعبة و كثرته فقال قوم : لو أخذته فجهّزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر و ما تصنع

٣٠٩

الكعبة بالحلي » أقول : في تاريخ الطبري كان تبّع و قومه أصحاب أوثان يعبدونها ، فأتاه نفر من هذيل فقالوا له : ألا ندلّك على بيت مال قد أغفلته الملوك قبلك فيه اللؤلؤ و الزبرجد و الياقوت و الذهب و الفضة ، قال : بلى ، قالوا : بيت بمكة يعبده أهله و يصلّون عنده و انما أراد الهذليون بذلك هلاكه لما قد عرفوا من هلاك من أراده من الملوك و بغى عنده فلمّا أجمع لما قالوا ، أرسل إلى حبرين من أحبار اليهود كانا أعلم أهل زمانهما و كان خرج بهما معه ، فقالا له :

ما أراد القوم إلاّ هلاكك و هلاك جندك ، و لئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن و ليهلكن من معك من جندك ، قال : فماذا تأمرانني أن أصنع ؟ قالا : ما يصنع أهله تطوف به و تعظّمه و تحلق عنده رأسك ، و تتذلل له حتى تخرج من عنده ،

قال : فما يمنعكما أنتما من ذلك ؟ قالا : أما و اللّه انّه لبيت أبينا إبراهيم ، و لكن أهله حالوا بينه و بيننا بالأوثان التي نصبوا حوله ، و بالدماء التي يهريقون عنده و هم نجس ، فعرف نصحهما ، فقرّب الهذليين فقطع أيديهم و أرجلهم ، ثم مضى حتى قدم مكة و أري في المنام أن يكسو البيت فكساه بالخصف ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ، ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاءة و الوصائل ، فكان تبّع فيما يزعمون أوّل من كساه ، و أوصى به ولاته من جرهم ، و أمرهم بتطهيره و ان لا يقرّبوه دما و لا ميتة و لا ميلاثا و هي الحائض و جعل له بابا و مفتاحا ١ .

( فهمّ عمر بذلك ) : في ( ملاحم ابن طاووس ) نقلا عن فتن نعيم بن حمّاد و هو من رجال العامة في أخبارهم المهدي عليه السلام عن ابن وهب عن إسحاق بن يحيى عن طلحة التميمي عن طاوس قال : ودع عمر البيت ثم قال : و اللّه ما أدري أدع خزائن البيت ، و ما فيه من السلاح و المال ، أم أقسمه في سبيل اللّه ، فقال له

ــــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٥٣١ ، و النقل بتصرف يسير .

٣١٠

علي عليه السلام : امض فلست بصاحبه ، إنما صاحبه منّا شابّ من قريش يقسمه في سبيل اللّه في آخر الزمان ١ .

و أخذ أموال الكعبة بغير حقّ جمع ، منهم ابن الأفطس ، ففي ( تأريخ الطبري ) جلس حسين بن الحسن الأفطس في أول يوم من محرم سنة مائتين بعد تفرّق الحاجّ خلف المقام على نمرقة مثنية ، فأمر بثياب الكعبة التي عليها فجرّدت منها حتى لم يبق من كسوتها شيئا و بقيت حجارة مجرّدة ، ثم كساها ثوبين من قّز رقيق كان أبو السرايا وجّه بها معه ، و عمد إلى ما في خزانة الكعبة من مال فأخذه ، و جعلوا يحكّون الذهب الرقيق الذي في رؤوس أساطين المسجد فيخرج من الاسطوانة بعد التعب الشديد قدر مثقال ذهب أو نحوه ، حتى عمّ ذلك أكثر أساطين المسجد الحرام ، و قلعوا الحديد الذي على شبابيك زمزم ، و من خشب الساج فبيع بالثمن الخسيس ٢ .

و منهم الجنابي القرمطي ، ففي ( صلة تاريخ الطبري ) : سار الجنابي القرمطي في سنة ( ٣١٦ ) إلى مكة فدخلها و أوقع بأهلها عند اجتماع الموسم و اهلال الناس بالحج يقتل المسلمين بالمسجد الحرام و هم متعلقون بأستار الكعبة و اقتلع الحجر و ذهب به و اقتلع أبواب الكعبة و جرّدها من كسوتها ،

و أخذ جميع ما كان فيها من آثار الخلفاء التي زيّنوا بها الكعبة و ذهبوا بدرة اليتيم و كانت فيما ذكر أهل مكة أربعة عشر مثقالا ، و قرن كبش ابراهيم و عصا موسى ملبسين بالذهب مرصّعين بالجوهر ، و طبق و مكبّة من ذهب و سبعة عشر قنديلا كانت بها من فضّة ، و ثلاث محاريب فضّة كانت دون

ــــــــــــــــــ

( ١ ) نقله عن فتن نعيم بن حمّاد ابن طاووس في الملاحم : ٧٢ ، و المقدسي في عقد الدرر : ١٥٤ ، و السيوطي في العرف الوردي : ١٥٤ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٧ : ١٢٤ و ١٢٥ ، سنة ٢٠٠ ، و النقل بتقطيع .

٣١١

القامة منصوبة في صدر البيت ، ثم ردّ الحجر بعد أعوام ، و لم يرد من سائر ذلك شي‏ء .

و قيل إنّ الجنابي صعد إلى سطح الكعبة ليقلع الميزاب و هو من خشب ملبس بالذهب ، فرماه بنو هذيل الأعراب من جبل أبي قبيس بالسهام حتى أزالوه و لم يصل إلى قلعه ١ .

و بعضهم بدّل كسوته و بابه ، ففي ( تاريخ الطبري ) : نزع المهدي سنة ( ١٦٠ ) كسوة الكعبة التي كانت عليها و كساها كسوة جديدة ، و ذلك أنّ حجبة الكعبة رفعوا إليه أنّهم يخافون على الكعبة أن تهدم لكثرة ما عليها من الكسوة ، فأمر أن يكشف عنها ما عليها من الكسوة حتى بقيت مجردّة ، ثم طلى البيت كلّه بالخلوق ، و ذكر أنّهم لمّا بلغوا إلى كسوة هشام وجدوها ديباجا ثخينا جيّدا ، و وجدوا كسوة من كان قبله عامّتها من متاع اليمن ٢ .

و في ( كامل الجزري ) : قلع الخليفة المقتفي في سنة ( ٥٥٢ ) باب الكعبة و عمل عوضه بابا مصفحا بالنقرة المذهبة ، و عمل لنفسه من الباب الأوّل تابوتا يدفن فيه إذا مات ٣ .

« و سأل » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « و سأل عنه » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) ٤ « أمير المؤمنين عليه السلام » في ( تاريخ الخطيب ) ، قال المهدي لشريك القاضي : ما تقول في علي بن أبي طالب ؟ قال : ما قال فيه جدّك العباس و عبد اللّه . قال : و ما قالا فيه ؟ قال : فأما العباس فمات ، و علي عنده أفضل الصحابة ، و قد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عمّا ينزل من النوازل ، و ما

ــــــــــــــــــ

( ١ ) صلة تاريخ الطبري : ٥٩ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٣٦٦ ، سنة ١٦٠ .

( ٣ ) الكامل في التاريخ ١١ : ٢٢٨ ، سنة ٥٥٢ .

( ٤ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٥٨ . لكن في شرح ابن ميثم ٥ : ٣٨١ ، مثل المصرية .

٣١٢

احتاج هو الى أحد حتى لحق باللّه إلى آخر ما فيه ١ .

و كما أشار عليه السلام عليه بعدم تعرّضه لحلي الكعبة كذلك أشار عليه بعدم إقرار بهار كسرى . قال الجزري في ( كامله ) في فتح القادسية : أرسل سعد بن أبي وقاص بعد الفتح في الخمس كلّ شي‏ء أراد أن تعجب منه العرب و أراد إخراج خمس القطيف و هو بهار كسرى فلم تعتدل قسمته ، فقال للمسلمين :

هل تطيب أنفسكم عن أربعة أخماسه فنبعث به الى عمر يضعه حيث يشاء ،

فانا لا نراه ينقسم و هو بيننا قليل و هو يقع من أهل المدينة موقعا ؟ قالوا : نعم ،

فبعثه و هو بساط طوله ستون ذراعا و عرضه ستون ذراعا مقدار جريب ،

كانت الأكاسرة تعدّه للشتاء إذا ذهبت الرياحين شربوا عليه فكأنّهم في رياض ، فيه طرق كالصور ، و فيه فصوص كالأنهار ، أرضها مذهّبة ، و خلال ذلك كالدر و في حافاته كالأرض المزروعة و الأرض المبقلة بالنبات في الربيع ، و الورق من الحرير على قضبان الذهب و زهره الذهب و الفضة و ثمرة الجوهر و أشباه ذلك ، و كانت العرب تسمّيه القطيف ، فقال عمر : أشيروا علي فيه ، فمن بين مشير بقبضه و آخر مفوض إليه ، فقال له علي عليه السلام : لم تجعل علمك جهلا و يقينك شكّا ، انّه ليس لك من الدنيا إلاّ ما أعطيت فأمضيت ، أو لبست فأبليت أو أكلت فأفنيت ، و إنّك إن تبقه على هذا اليوم لم تعدم في غد من يستحق به ما ليس له ؟ فقال : صدقتني و نصحتني ، فقطّعه بينهم فأصاب عليّا عليه السلام منه قطعة لم تكن بأجود تلك القطع ، فباعه بعشرين ألفا ٢ .

و كما أشار عليه السلام على عمر بعدم تعرّض حليّ الكعبة أشار علي بن الحسين عليه السلام على الحجاج بمنعه من هتك تراب البيت .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد ٩ : ٢٩٢ .

( ٢ ) الكامل ٢ : ٥١٨ ، سنة ١٦ ، و أيضا تاريخ الطبري ٣ : ١٣٠ ، سنة ١٦ ، و النقل بتصرف يسير .

٣١٣

و في ( الكافي ) عن أبان بن تغلب : لما هدم الحجاج الكعبة ، فرّق الناس ترابها ، فلما صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها ، خرجت عليهم حيّة فمنعت الناس البناء حتى هربوا ، فأتوا الحجاج فأخبروه ، فخاف أن يكون قد منع بناءها ، فصعد المنبر ثم قال : أنشد اللّه عبدا عنده ممّا ابتلينا به علم لمّا أخبرنا به فقام إليه شيخ فقال : إن يكن عند أحد علم فعند رجل رأيته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى ، فقال الحجاج : من هو ؟ فقال : علي بن الحسين . فقال :

معدن ذلك ، فبعث اليه عليه السلام فأخبره بما كان من منع اللّه إيّاه البناء ، فقال له : إنّك عمدت إلى بناء إبراهيم و إسماعيل عليهما السلام ، فألقيته في الطريق و انهبته كأنّك ترى انّه تراث لك إصعد المنبر و أنشد الناس أن لا يبقى أحد عنده شي‏ء إلاّ ردّه ،

فردّوه ، فلما جمع التراب أتى عليه السلام ، فوضع الأساس و أمرهم أن يحفروا فتغيّبت عنهم الحيّة ، و حفروا حتى انتهوا إلى موضع القواعد ، قال عليه السلام لهم : تنحّوا ،

فتنحّوا فدنا منها فغطّاها بثوبه ، ثم غطّاها بالتراب بيده ثم دعا الفعلة فقال :

ضعوا بناءكم . . . الخبر ١ .

« فقال عليه السلام : إنّ القرآن أنزل على النبي » هكذا في ( المصرية و ابن ميثم و الخطية ) و لكن في ( ابن أبي الحديد ) « على محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم » ٢ « و الأموال أربعة » إن عمر لم يكن يعرف ما يعرفه باقي الصحابة و التابعين .

فقال ابن عبد البر في ( استيعابه ) في عنوان صعصعة : صعصعة هو القائل لعمر حين قسّم المال الذي بعث اليه أبو موسى و كان ألف ألف درهم ،

و فضلت منه فضلة ، فاختلفوا عليه حيث يضعها ، فقام خطيبا و قال : أيّها الناس إنّه قد بقيت لكم فضلة بعد حقوق الناس ، فما تقولون فيها ؟ فقام صعصعة ،

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٤ : ٣٢٢ ح ٨ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٥٨ ، لكن في شرح ابن ميثم ٥ : ٣٨١ ، مثل المصرية .

٣١٤

و هو غلام شاب فقال : إنّما تشاور الناس في ما لم ينزل اللّه فيه قرآنا ، و أما ما أنزل اللّه به القرآن و وضعه مواضعه فضعه في مواضعه التي وضعه اللّه تعالى فيها فقال صدقت ١ .

« أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض » فقال في الطبقة الاولى :

يوصيكم اللّه في أولادكم للذكر مثل حظّ الأنثيين فإن كنّ نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك و إن كانت واحدة فلها النصف و لأبويه لكلّ واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلامّه الثلث فإن كان له إخوة فلامّه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين ٢ .

و قال في الطبقة الثانية : يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد و له أخت فلها نصف ما ترك و هو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك و إن كانوا إخوة رجالا و نساء فللذّكر مثل حظّ الأنثيين يبيّن اللّه لكم أن تضلّوا و اللّه بكلّ شي‏ء عليم ٣ .

و قال جل و علا : و ان كان رجل يورث كلالة أو امرأة و له أخ أو أخت فلكلّ واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضارّ ٤ .

و قال في الطبقة الثالثة : و أولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه ٥ .

و ذكر ميراث الأزواج فقال : و لكم نصف ما ترك أزواجكم إلى قوله

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الاستيعاب ٢ : ١٩٦ .

( ٢ ) النساء : ١١ .

( ٣ ) النساء : ١٧٦ .

( ٤ ) النساء : ١٢ .

( ٥ ) الانفال : ٧٥ .

٣١٥

فلهن الثّمن مما تركتم من بعد وصيّة توصون بها أو دين ١ .

و ذكر إبطال العصبة في مورد البنات و الأخوات التي يقول بها مخالفونا فقال : للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون و للنّساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون ممّا قلّ منه أو كثر نصيبا مفروضا ٢ .

و دلّ على بطلان العول و ورود النقص على البنات و الأخوات دون الأزواج و الآباء و الامهات ، بأن جعل للاولى فريضة واحدة و للأخيرة فريضتان . قال ابن عباس : و أول من أعال عمر فقال ما أدري أيكم قدّم و أيكم أخر ، و لو قدّم من قدّم اللّه و أخّر من أخّر اللّه ما عالت فريضة ، فقيل له : فما قدّم و ما أخّر ؟ فقال : المقدّم فريضة الزوجين و الامهات و المؤخر فريضة البنات و الأخوات . فقيل له : فما منعك أن تشير بهذا على عمر ؟ قال : هبته ٣ .

« و الفي‏ء فقسّمه على مستحقيه » فقال جلّ و علا : و ما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل و لا ركاب و لكن اللّه يسلّط رسله على من يشاء و اللّه على كلّ شي‏ء قدير . ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى فللّه و للرسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ٤ .

و قال تعالى : يا أيها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت اجورهن و ما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك ٥ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) النساء : ١٢ .

( ٢ ) النساء : ٧ .

( ٣ ) أخرجه الكليني في الكافي ٧ : ٧٩ ح ٣ ، و الصدوق في الفقيه ٤ : ١٨٧ ح ٣ ، و في العلل ٢ : ٥٦٨ ح ٤ ، و الطوسي في التهذيب ٩ : ٢٤٨ ، ح ٦ ، و الحاكم في المستدرك ٤ : ٣٤٠ ، و البيهقي في سننه و أبو الشيخ في الفرائض ، عنهما منتخب كنز العمال ٤ : ٢٠٨ .

( ٤ ) الحشر : ٦ ٧ .

( ٥ ) الأحزاب : ٥٠ .

٣١٦

قالوا : أي بالسبي كصفية و جويرية .

« و الخمس فوضعه اللّه حيث وضعه » قال تعالى : و اعلموا أنّ ما غنمتم من شي‏ء فأن للّه خمسه و للرسول ولذي القربى و اليتامى و المساكين ١ .

و الفي‏ء كلّه للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أهل بيته عليهم السلام ، و الغنيمة خمسها له و لهم .

و في ( أدب كتّاب الصولي ) : ولّى عمر السائب قسمة الغنائم بنهاوند لما فتحها اللّه على المسلمين ، فجمع السائب الغنائم فقسّمها ، ثم جاء من دلّه على كنز الفخير جان و كان سفطين من جوهر ، فاستخرجهما فأتى بهما عمر ،

فأمره أن يبيعهما و يقسّم ثمنها بين الذرية و لم يأمره أن يخمسه ، فتبيّن أنّه جعله فيئا و لم يجعله غنيمة ٢ .

و عن كتاب ( خراج أبي يوسف ) أن نجدة بن عامر سأل ابن عباس عن سهم ذي القربى ، فكتب إليه : هو لنا و إن عمر دعانا إلى أن ننكح منه أيّمنا و نقضي به عن مغرمنا و نخدم منه عائلنا ، فأبينا إلاّ أن يسلمه إلينا و أبى ذلك علينا ٣ .

« و الصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها » فقال تعالى : إنّما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلّفة قلوبهم و في الرّقاب و الغارمين و في سبيل اللّه و ابن السبيل ٤ .

« و كان حلي » بالفتح فالسكون و جمعه « حلي » بالضم فالكسر من حلي المرأة « الكعبة فيها يومئذ فتركه اللّه على حاله و لم يتركه نسيانا و لم يخف » بالفتح من خفي « عليه » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « عنه » كما في ( ابن أبي الحديد

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الانفال : ٤١ .

( ٢ ) أدب الكتّاب : ١٩٨ .

( ٣ ) الخراج : ٢٠ .

( ٤ ) التوبة : ٦٠ .

٣١٧

و الخطيّة ) ١ « مكانا فأقرّه » بكسر القاف « حيث أقرّه اللّه و رسوله » .

إنّما أمر عليه السلام بإقرار حليها على حالها ، و أما ما يهدى اليها لا حليا ، فلحاجّ لم يكن له نفقة الرجوع . ففي الكافي : أنّ قوما أقبلوا من مصر فمات منهم رجل فأوصى بألف درهم للكعبة ، فلما قدم الوصي مكة سأل فدلّوه على بني شيبة ،

فأتاهم فأخبرهم فقالوا : قد برئت ذمّتك ادفعها إلينا ، فسأل الناس فدلوه على أبي جعفر الباقر عليه السلام ، فأتاه فسأله فقال : إنّ الكعبة لغنية عن هذا ، انظر إلى من أمّ هذا البيت ، فقطع به أو ذهبت نفقته أو ضلّت راحلته أو عجز أن يرجع إلى أهله فادفعها إليه . فأتى الرجل بني شيبة فأخبرهم بقوله عليه السلام ، فقالوا له : هذا ضالّ مبتدع ليس له علم و لا يؤخذ عنه ، و نحن نسألك لمّا أبلغته عنّا هذا الكلام ،

فأتاه فقال له : زعموا أنّك كذا و كذا و سألوني بالعظيم ألاّ بلّغتك ما قالوا ، قال :

و انا أسألك بما سألوك لمّا آتيتهم فقلت لهم : إنّه يقول إنّ من علمي أن لو ولّيت شيئا من امور المسلمين لقطعت أيديهم ثمّ علقتها في أستار الكعبة ثم أقمتهم على المصطبة ثم أمرت مناديا ينادي : ألا إنّ هؤلاء سرّاق اللّه فاعرفوهم .

و فيه عن الكاظم عليه السلام : جعل رجل جاريته هديا للكعبة ، فقال له أبي عليه السلام :

قوّم الجارية أو بعها ثم مر مناديا يقوم على الحجر فينادي : ألا من قصرت به نفقته أو قطع به أو نفد طعامه فليأت فلان بن فلان ، و مره أن يعطي أولا ، فأوّلا حتى ينفد ثمن الجارية ٢ .

« فقال له » هكذا في ( المصرية ) ، و كلمة « له » زائدة لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) ٣ « عمر لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بحاله »

ــــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٥٨ .

( ٢ ) الكافي ٤ : ٢٤١ و ٢٤٢ ح ١ و ٢ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٣ ) توجد لفظة « له » في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٥٨ ، و شرح ابن ميثم ٥ : ٣٨١ .

٣١٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

و عرف خطأ المشيرين عليه بأخذه .

و ورد شكر عمر له عليه السلام لما أرشده في مواضع اخر في امور شخصه و في امور غيره بألفاظ مختلفة :

منها : ما روي عن الربيع بن زياد و قد نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر قال : قدمت على عمر بمال من البحرين ، فصلّيت معه العشاء ثم سلّمت عليه فقال : ما قدمت به ؟ قلت : خمسمائة ألف . قال : ويحك إنّما قدمت بخمسين ألفا ، قلت : بل خمسمائة الف ، قال : كم يكون ذلك . قلت : مائة ألف و مائة ألف حتى عددت خمسا . فقال : إنّك ناعس ، ارجع إلى بيتك ثم اغد علي ، فغدوت عليه فقال : ما جئت به ؟ قلت : ما قلت لك ، فاستشار الصحابة فيه فأشير عليه بنصب الديوان ، فنصبه و قسّم المال بين المسلمين ففضلت عنده فضلة ، فأصبح فجمع المهاجرين و الأنصار و فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام و قال للناس : ما ترون في فضل ، فضل عندنا من هذا المال ؟ فقال الناس : إنّا شغلناك بولاية امورنا عن أهلك و تجارتك و صنعتك فهو لك ، فالتفت إلى علي عليه السلام فقال : ما تقول أنت ؟ قال : قد أشاروا عليك قال : فقل أنت ، فقال له : لم تجعل يقينك ظنّا .

فلم يفهم عمر ما قال ، فقال له : لتخرجن ممّا قلت . قال : أجل و اللّه لأخرجن منه ،

أتذكر حين بعثك النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ساعيا فأتيت العباس فمنعك صدقته فكان بينكما شي‏ء ، فجئتما إليّ و قلتما : انطلق معنا إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فجئنا اليه فوجدناه خاثرا ، فرجعنا ثم غدونا عليه فوجدناه طيّب النفس ، فأخبرته بالذي صنع العباس فقال لك : يا عمر أما علمت أنّ عمّ الرجل صنو أبيه فذكرنا له ما رأينا من خثوره في اليوم الأول و طيب نفسه في اليوم الثاني ، فقال : إنّكم أتيتم في اليوم الأول و قد بقي عندي من مال الصدقة ديناران ، فكان ما رأيتم من خثوري ، و أتيتم في اليوم الثاني و قد وجّهتهما فذاك الذي رأيتم من طيب نفسي . أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل شيئا و ان تفضّه على فقراء

٣١٩

المسلمين ، فقال عمر : صدقت و اللّه لأشكرن لك الاولى و الأخيرة ١ .

و منها : ما روي عن أبي سعيد الخدري و نقله ابن أبي الحديد في موضع آخر قال : حججنا مع عمر أوّل حجّة حجّها في خلافته ، فلما دخل المسجد الحرام ، دنا من الحجر الأسود فقبّله و استلمه ، و قال : إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ و لا تنفع ، و لو لا أني رأيت النبي قبّلك و استلمك لما قبّلتك و لا استلمتك . فقال له علي عليه السلام : بلى إنّه يضر و ينفع ، و لو علمت تأويل ذلك من كتاب اللّه لعلمت أنّ الذي أقول لك كما أقول ، قال اللّه تعالى : و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى ٢ ، فلما أشهدهم و أقرّوا له أنّه الربّ و أنّهم العبيد كتب ميثاقهم في رقّ ،

ثم ألقمه هذا الحجر ، و إنّ له لعينين و لسانا و شفتين تشهد لمن وافاه بالموافاة ،

فهو أمين اللّه تعالى في هذا المكان . فقال عمر : لا أبقاني اللّه بأرض لست بها يا أبا الحسن ٣ .

و روى الكافي عن الصادق عليه السلام قال : إنّ اللّه تعالى لما أخذ مواثيق العباد أمر الحجر فالتقمها و لذلك يقال « أمانتي أدّيتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة » ٤ .

و منها : ما رواه الكافي عن الصادق عليه السلام : إن امرأة كانت تؤتى ، فبلغ ذلك عمر فبعث إليها فروّعها و أمر أن يجاء بها إليه ، ففزعت المرأة ، فأخذها الطلق فانطلقت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهلّ الغلام ثمّ مات ، فدخل عليه من روعة المرأة و من موت الغلام ، فقال له بعض جلسائه ما عليك من هذا شي‏ء

ــــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٢ : ٩٩ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الاعراف : ١٧٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٢ و ١٠٠ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٤ ) الكافي ٤ : ١٨٤ ح ١ .

٣٢٠