بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٦

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة0%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 601

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

مؤلف: الشيخ محمد تقي التّستري
تصنيف:

الصفحات: 601
المشاهدات: 109002
تحميل: 4113


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 601 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 109002 / تحميل: 4113
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية

في ( الأغاني ) عن المدائني : لمّا مات امية بن الأسكر عاد ابنه كلاب إلى البصرة ، فكان يغزو مع المسلمين ، و يشهد فتوحات كثيرة ، و بقي إلى أيّام زياد ، فولاّه الابلة ، فسمع كلاب يوما عثمان بن أبي العاصي يحدث : أنّ داود نبي اللّه كان يجمع أهله في السحر يقول « ادعوا ربّكم فإنّ السحر ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن إلاّ غفر له ، إلاّ أن يكون عشّارا أو عريفا » ، فلمّا سمع ذلك كلاب كتب إلى زياد فاستعفاه من عمله فأعفاه ١ .

و في ( الاستيعاب ) عن زوجة أبي ذر قالت : لمّا حضرته الوفاة ، بكيت فقال : ما يبكيك ؟ قلت : تموت بفلاة و ليس عندي ثوب يسعك كفنا فقال أبو ذر ،

لجمع نزل عليه : سمعت النبي صلّى اللّه عليه و آله يقول لنفر ، أنا فيهم : ليموتنّ رجل منكم بفلاة من الارض تشهده عصابة من المؤمنين ، و ليس من اولئك النفر أحد إلاّ مات في قرية ، فأنا ذلك الرجل ، و اللّه ما كذبت و لا كذبت و لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي ، لم أكفّن إلاّ في ثوب هو لي أولها ، و إنّي أنشدكم اللّه أن لا يكفّنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا و ليس من اولئك النفر أحد إلا و قد قارف بعض ما قال الافتى من الأنصار فقال الفتى الأنصاري : أنا اكفّنك يا عمّ في ردائي هذا ، و في ثوبين في عيبتي من غزل امّي .

قال : أنت تكفّنني ٢ « أو صاحب عرطبة و هي الطنبور أو صاحب كوبة و هي الطبل » ،

و نقل في ( الكافي ) عن الصادق عليه السلام : إنّ شيطانا يقال له القفندر إذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحا بالبربط ، و دخل عليه الرجال ، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت ثم نفخ فيه نفخة ، فلا يغار

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الأغاني ٢١ : ١٥ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الاستيعاب ١ : ٢١٤ ، و النقل بتلخيص .

٤٢١
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بعد هذا حتى تؤتى نساؤه فلا يغار ١ .

و في ( الفقه الرضوي ) : و إيّاك و الضربة بالصولجان ، فانّ الشيطان يركض معك ، و الملائكة تنفر عنك ٢ .

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله : إنّ اللّه تعالى بعثني هدى و رحمة للعالمين ، و أمرني أن أمحو المزامير و المعازف و الأوتار و الأوثان و أمور الجاهلية الخبر ٣ .

« و قد قيل أيضا أنّ العرطبة : الطبل ، و الكوبة : الطنبور » ، ذهب إليه ابن دريد في ( جمهرته ) ، و قال الجوهري : العرطبة العود ، و قال الزمخشري : الكوبة النرد أو الشطرنج ٤ . و كيف كان ، فمن الغريب أنّ في ابن أبي الحديد كما في نسخته « أو صاحب عرطبة أو صاحب كوبة » بدون نقل تفسير ، فضلا عن نقل خلاف ٥ .

هذا ، و في ( تاريخ الطبري ) عن بشر مولى هشام : أوتي هشام برجل عنده قيان و خمر و بربط فقال : اكسروا الطنبور على رأسه ، و ضربه فبكى ، قال بشر : فقلت له و انا اعزّيه عليك بالصبر . فقال : أتراني أبكي للضرب انما أبكي لاحتقاره للبربط إذ سمّاه طنبورا ٦ .

٩

الخطبة ( ٢١٤ ) و من خطبة له عليه السلام خطبها بصفين :

أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ جَعَلَ اَللَّهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ وَ لَكُمْ عَلَيَّ

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٥ : ٥٣٦ ح ٥ .

( ٢ ) أخرجه صاحب فقه الرضا عليه السلام فيه : ٢٨٤ ، و الصدوق في الفقيه ٤ : ٤٢ ح ٧ ، و زيد النرسي في أصله : ٥١ .

( ٣ ) رواه أبو الفتوح الرازي في تفسيره ، عنه المستدرك ٢ : ٤٥٨ ح ١٦ .

( ٤ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٢٧ و ٣ : ٣٠٧ ، و صحاح اللغة ١ : ١٨٠ ، مادة ( عرطب ) ، و أساس البلاغة : ٤٠٠ ، مادة ( كرب ) .

( ٥ ) يوجد التفسير و ذكر الخلاف في نسختنا من شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٦٥ .

( ٦ ) تاريخ الطبري ٥ : ٥١٦ ، سنة ١٢٥ .

٤٢٢

مِنَ اَلْحَقِّ مِثْلُ اَلَّذِي لِي عَلَيْكُمْ فَالْحَقُّ أَوْسَعُ اَلْأَشْيَاءِ فِي اَلتَّوَاصُفِ وَ أَضْيَقُهَا فِي اَلتَّنَاصُفِ لاَ يَجْرِي لِأَحَدٍ إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ وَ لاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ وَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَ لاَ يَجْرِيَ عَلَيْهِ لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَ لِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى اَلْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ وَ جَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ اَلثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ وَ تَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ اَلْمَزِيدِ أَهْلُهُ ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مِنْ حُقُوقِهِ حُقُوقاً اِفْتَرَضَهَا لِبَعْضِ اَلنَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا وَ يُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَ لاَ يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلاَّ بِبَعْضٍ . وَ أَعْظَمُ مَا اِفْتَرَضَ سُبْحَانَهُ مِنْ تِلْكَ اَلْحُقُوقِ حَقُّ اَلْوَالِي عَلَى اَلرَّعِيَّةِ وَ حَقُّ اَلرَّعِيَّةِ عَلَى اَلْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لِأُلْفَتِهِمْ وَ عِزّاً لِدِينِهِمْ فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ اَلرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ اَلْوُلاَةِ وَ لاَ تَصْلُحُ اَلْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ اَلرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ اَلرَّعِيَّةُ إِلَى اَلْوَالِي حَقَّهُ وَ أَدَّى اَلْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ اَلْحَقُّ بَيْنَهُمْ وَ قَامَتْ مَنَاهِجُ اَلدِّينِ وَ اِعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ اَلْعَدْلِ وَ جَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا اَلسُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ اَلزَّمَانُ وَ طُمِعَ فِي بَقَاءِ اَلدَّوْلَةِ وَ يَئِسَتْ مَطَامِعُ اَلْأَعْدَاءِ . وَ إِذَا غَلَبَتِ اَلرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا أَوْ أَجْحَفَ اَلْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ اِخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ اَلْكَلِمَةُ وَ ظَهَرَتْ مَعَالِمُ اَلْجَوْرِ وَ كَثُرَ اَلْإِدْغَالُ فِي اَلدِّينِ وَ تُرِكَتْ مَحَاجُّ اَلسُّنَنِ فَعُمِلَ بِالْهَوَى وَ عُطِّلَتِ اَلْأَحْكَامُ وَ كَثُرَتْ عِلَلُ اَلنُّفُوسِ فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ وَ لاَ لِعَظِيمِ بَاطِلٍ فُعِلَ فَهُنَالِكَ تَذِلُّ اَلْأَبْرَارُ وَ تَعِزُّ اَلْأَشْرَارُ وَ تَعْظُمُ تَبِعَاتُ اَللَّهِ عِنْدَ اَلْعِبَادِ .

فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذَلِكَ وَ حُسْنِ اَلتَّعَاوُنِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ أَحَدٌ وَ إِنِ اِشْتَدَّ

٤٢٣

عَلَى رِضَا اَللَّهِ حِرْصُهُ وَ طَالَ فِي اَلْعَمَلِ اِجْتِهَادُهُ بِبَالِغٍ حَقِيقَةَ مَا اَللَّهُ أَهْلُهُ مِنَ اَلطَّاعَةِ لَهُ وَ لَكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ اَلنَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ وَ اَلتَّعَاوُنُ عَلَى إِقَامَةِ اَلْحَقِّ بَيْنَهُمْ وَ لَيْسَ اِمْرُؤٌ وَ إِنْ عَظُمَتْ فِي اَلْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ وَ تَقَدَّمَتْ فِي اَلدِّينِ فَضِيلَتُهُ بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اَللَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَ لاَ اِمْرُؤٌ وَ إِنْ صَغَّرَتْهُ اَلنُّفُوسُ وَ اِقْتَحَمَتْهُ اَلْعُيُونُ بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ ع رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِكَلاَمٍ طَوِيلٍ يُكْثِرُ فِيهِ اَلثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَ يَذْكُرُ سَمْعَهُ وَ طَاعَتَهُ لَهُ فَقَالَ ع إِنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ عَظُمَ جَلاَلُ اَللَّهِ فِي نَفْسِهِ وَ جَلَّ مَوْضِعُهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنْ يَصْغُرَ عِنْدَهُ لِعِظَمِ ذَلِكَ كُلُّ مَا سِوَاهُ وَ إِنَّ أَحَقَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَنْ عَظُمَتْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ لَطُفَ إِحْسَانُهُ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَعْظُمْ نِعْمَةُ اَللَّهِ عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ اِزْدَادَ حَقُّ اَللَّهِ عَلَيْهِ عِظَماً وَ إِنَّ مِنْ أَسْخَفِ حَالاَتِ اَلْوُلاَةِ عِنْدَ صَالِحِ اَلنَّاسِ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ حُبُّ اَلْفَخْرِ وَ يُوضَعَ أَمْرُهُمْ عَلَى اَلْكِبْرِ وَ قَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ اَلْإِطْرَاءَ وَ اِسْتِمَاعَ اَلثَّنَاءِ وَ لَسْتُ بِحَمْدِ اَللَّهِ كَذَلِكَ وَ لَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لَتَرَكْتُهُ اِنْحِطَاطاً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ اَلْعَظَمَةِ وَ اَلْكِبْرِيَاءِ وَ رُبَّمَا اِسْتَحْلَى اَلنَّاسُ اَلثَّنَاءَ بَعْدَ اَلْبَلاَءِ فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاءٍ لِإِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِلَيْكُمْ مِنَ اَلتَّقِيَّةِ فِي حُقُوقٍ لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا وَ فَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضَائِهَا فَلاَ تُكَلِّمُونِي بِمَا تُكَلَّمُ بِهِ اَلْجَبَابِرَةُ وَ لاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ اَلْبَادِرَةِ وَ لاَ تُخَالِطُونِي بِالْمُصَانَعَةِ وَ لاَ تَظُنُّوا بِي اِسْتِثْقَالاً فِي حَقٍّ قِيلَ لِي وَ لاَ اِلْتِمَاسَ إِعْظَامٍ لِنَفْسِي فَإِنَّهُ مَنِ اِسْتَثْقَلَ اَلْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوِ اَلْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ كَانَ

٤٢٤

اَلْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَالَةٍ بِحَقٍّ أَوْ مَشُورَةٍ بِعَدْلٍ فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِئَ وَ لاَ آمَنُ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِي إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اَللَّهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي فَإِنَّمَا أَنَا وَ أَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا وَ أَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ اَلضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى وَ أَعْطَانَا اَلْبَصِيرَةَ بَعْدَ اَلْعَمَى فأجابه عليه السلام رجل من أصحابه بكلام طويل ، يكثر فيه الثناء عليه و يذكر سمعه و طاعته له ، فقال عليه السلام :

٤٢٥

أقول : روتها ( روضة الكافي ) مسندة عن الباقر عليه السلام قال : خطب عليه السلام بصفين فحمد اللّه ، و اثنى عليه ، و صلّى على النبي و آله ثمّ قال : أما بعد ، فقد جعل اللّه تعالى لي عليكم حقا بولاية أمركم ، و منزلتي الّتي أنزلني اللّه عزّ ذكره بها منكم ، و لكم علي من الحقّ مثل الّذي لي عليكم ، و الحق أجمل الأشياء في التواصف و أوسعها في التناصف ، لا يجري لأحد الاّ جرى عليه و لا يجري عليه إلاّ جرى له ، و لو كان لأحد أن يجري ذلك له و لا يجري عليه لكان ذلك اللّه عزّ و جلّ خالصا دون خلقه ، لقدرته على عباده ، و لعدله في كل ما جرت عليه ضروب قضائه ، و لكن جعل حقّه على العباد أن يطيعوه و جعل كفّارتهم عليه بحسن الثواب تفضّلا منه و تطوّلا بكرمه و توسعا بما هو من المزيد له أهلا .

ثمّ جعل من حقوقه حقوقا فرضها لبعض الناس على بعض ، فجعلها تتكافي‏ء في وجوهها ، و يوجب بعضها بعضا و لا يستوجب بعضها إلاّ ببعض ، فأعظم ممّا افترض اللّه تعالى من تلك الحقوق حقّ الوالي على الرعيّة و حقّ الرعيّة على الوالي فريضة فرضها اللّه عزّ و جلّ لكلّ على كلّ ، فجعلها نظام ألفتهم ، و عزا لدينهم ، و قواما لسنن الحق فيهم ، فليست تصلح الرعيّة الاّ بصلاح الولاة و لا تصلح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة ، فاذا أدّت الرعية إلى الوالي حقّه و أدّى إليها الوالي كذلك ، عزّ الحقّ بينهم ، فقامت مناهج الدين و اعتدلت معالم العدل ، و جرت على أذلالها السنن ، فصلح بذلك الزمان و طاب به العيش ،

٤٢٦

و طمع في بقاء الدولة و يئست مطامع الأعداء ، و إذا غلبت الرعية و اليهم و الوالي الرعيّة اختلفت هنالك الكلمة ، و ظهرت مطامع الجور ، و كثر الإدغال في الدين و تركت معالم السنن ، فعمل بالهوى ، و عطلت الآثار ، و كثرت علل النفوس ، و لا يستوحش لجسيم حدّ عطل و لا لعظيم باطل اثل ، فهنالك تذل الأبرار و تعزّ الأشرار و تخرب البلاد و تعظم تبعات اللّه عزّ و جلّ عند العباد .

فهلمّ أيّها النّاس إلى التعاون على طاعة اللّه عزّ و جلّ و القيام بعد له و الوفاء بعهده ، و الإنصاف له في جميع حقّه ، فإنّه ليس العباد إلى شي‏ء أحوج منهم إلى التناصح في ذلك و حسن التعاون عليه ، و ليس أحد و ان اشتدّ على رضا اللّه حرصه و طال في العمل اجتهاده ببالغ حقيقة ما أعطى اللّه من الحقّ أهله ، و لكن من واجب حقوق اللّه عزّ و جلّ على العباد ، النصيحة له بمبلغ جهدهم ، و التعاون على إقامة الحقّ فيهم ، ثم ليس أمرؤ و إن عظمت في الحقّ منزلته و جسمت في الحقّ فضيلته بمستغن عن أن يعان على ما حمّله اللّه عزّ و جلّ من حقّه ، و لا لامرئ مع ذلك ، و إن خسئت به الأمور ، و اقتحمته العيون ،

بدون ما أن يعين على ذلك و يعان عليه ، و أهل الفضيلة في الحال و أهل النعم العظام اكثر في ذلك حاجة ، و كلّ في الحاجة إلى اللّه عزّ و جلّ شرع سواء .

فأجابه رجل من عسكره لا يدري من هو ، و يقال إنّه لم ير في عسكره قبل ذلك اليوم و لا بعده : فقام و احسن الثناء على اللّه عزّ و جلّ بما أبلاهم و أعطاهم من واجب حقه عليهم و الاقرار بكل ما ذكر من تصرف الحالات به و بهم ثم قال : أنت أميرنا ، و نحن رعيتك ، بك أخرجنا اللّه عزّ و جلّ من الذل و بإعزازك أطلق عباده من الغل ، فاختر علينا و أمض اختيارك و ائتمر فامض ايتمارك ، فانك القائل المصدّق و الحاكم الموفّق و الملك المخوّل ، لا نستحلّ في شي‏ء من معصيتك و لا نقيس علما بعلمك ، يعظم عندنا في ذلك خطرك ، و يجلّ عنه في أنفسنا فضلك

٤٢٧

فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام : إنّ من حقّ من عظم جلال اللّه في نفسه و جلّ موضعه من قلبه أن يصغر عنده لعظم ذلك كلّ ما سواه ، و إنّ أحقّ من كان كذلك لمن عظمت نعمة اللّه عليه و لطف إحسانه إليه ، فانّه لم تعظّم نعمة اللّه على أحد إلاّ زاد حقّ اللّه عليه عظما ، و إنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح النّاس أن يظنّ بهم حبّ الفخر ، و يوضع أمرهم على الكبر ، و قد كرهت أن يكون جال في ظنكم أنّي أحبّ الإطراء ، و استماع ، الثناء ، و لست بحمد اللّه كذلك ، و لو كنت أحبّ أن يقال ذلك لتركته انحطاطا للّه سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة و الكبرياء و ربّما استحلى الناس الثناء بعد البلاء ، فلا تثنوا علي بجميل ثناء لإخراجي نفسي إلى اللّه و إليكم من البقيّة في حقوق لم أفرغ من أدائها و فرائض لابدّ من إمضائها ، فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة ، و لا تتحفظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة ، و لا تخالطوني بالمصانعة ، و لا تظنّوا بي استثقالا في حقّ قيل لي و لا التماس إعظام لنفسي لما لا يصلح لي ،

فانّه من استثقل الحقّ أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه ، كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ أو مشورة بعدل ، فإنّي لست في نفسي بفوق ما إن أخطي‏ء ، و لا آمن ذلك من فعلي إلاّ أن يكفي اللّه من نفسي ما هو أملك به منّي ، فإنّما أنا و أنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره ، يملك منّا مالا نملك من أنفسنا و أخرجنا مما كنّا فيه إلى ما صلحنا عليه ، فأبدلنا بعد الضلالة بالهدى و أعطانا البصيرة بعد العمى .

فأجابه الرجل الّذي أجابه من قبل ، فقال : أنت أهل ما قلت و اللّه و اللّه فوق ما قلته ، فبلاؤه عندنا ما لا يكفر ، و قد حمّلك اللّه تعالى رعايتنا و ولاّك سياسة أمورنا فأصبحت علمنا الّذي نهتدي به و إمامنا الّذي نقتدي به ، و أمرك كلّه رشد ، و قولك كلّه أدب ، قد قرّت بك في الحياة أعيننا ، و امتلأت من سرور بك قلوبنا ، و تحيّرت من صفة ما فيك من بارع الفضل عقولنا ، و لسنا نقول لك

٤٢٨

« أيها الإمام الصالح » تزكية لك و لا نجاوز القصد في الثناء عليك ، و لم يكن في انفسنا طعن على يقينك أو غشّ في دينك ، فنتخوف أن تكون أحدثت بنعمة اللّه تعالى تجبّرا أو دخلك كبر ، و لكنّا نقول لك ما قلنا تقربا إلى اللّه عزّ و جلّ بتوقيرك و توسّعا بتفضيلك و شكرا باعظام أمرك ، فنظر لنفسك و لنا و آثر أمر اللّه على نفسك و علينا ، فنحن طوع فيما أمرتنا ، ننقاد من الامور مع ذلك فيما ينفعنا .

فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال : و أنا استشهدكم عند اللّه على نفسي لعلمكم فيما ولّيت به من أموركم ، و عمّا قليل يجمعني و إيّاكم الموقف بين يديه و السؤال عمّا كنّا فيه ، ثمّ يشهد بعضنا على بعض ، فلا تشهدوا اليوم بخلاف ما أنتم شاهدون غدا ، فإنّ اللّه عزّ و جلّ لا يخفى عليه خافيه و لا يجوز عنده إلاّ مناصحة الصدور في جميع الامور .

فأجابه الرجل و يقال لم ير الرجل بعد كلامه هذا له عليه السلام فأجابه و قد عال الّذي في صدره ، فقال ، و البكاء يقطع منطقه ، و غصص الشجا تكسر صوته اعظاما لخطر مرزئته ، و وحشته من كون فجيعته ثم نصب في المسألة إلى اللّه عزّ و جلّ بالامتنان عليه . فقال له عليه السلام : يا ربانّي العباد و يا سكن البلاد أين يقع قولنا من فضلك و أين يبلغ وصفنا من فعلك ،

و انّى نبلغ حقيقة حسن ثنائك أو نحصي جميل بلائك ، و كيف و بك جرت نعم اللّه علينا و على يدك اتصلت أسباب الخير إلينا ألم تكن لذل الذليل ملاذا و للعصاة الكفار إخوانا ، فبمن إلاّ بأهل بيتك و بك أخرجنا اللّه عزّ و جلّ من فظاعة تلك الخطرات ؟ أو بمن فرج عنّا غمرات الكربات ، و بمن الا بكم أظهر اللّه معالم ديننا و استصلح ما كان فسد من دنيانا ، حتى استبان بعد الجور ذكرنا و قرّت من رخاء العيش أعيننا ؟ إلى أن قال و لكنّا نبكي من غير إثم لعز هذا السلطان ان يعود ذليلا و للدين و الدنيا أكيلا ، فلا نرى لك خلفا

٤٢٩

نشكو إليه و لا نظيرا نؤمله و لا نقيمه ١ .

« اما بعد ، فقد جعل اللّه لي عليكم حقا بولاية أمركم » جعل تعالى له عليه السلام حقّا عليهم بولايته أمرهم في الظاهر بعد الثلاثة ، في قوله تعالى : أطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و أولي الامر منكم ٢ و في الباطن بعد رسوله صلّى اللّه عليه و آله في قوله تعالى : إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ٣ .

و قد استفاضت الأحاديث و الروايات في كونه عليه السلام هو المراد من قوله :

الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ، لنزول الآية لمّا أعطى عليه السلام خاتمه في ركوع الصلاة للسائل كما رواه الثعلبي و غيره ٤ .

و في قول رسوله صلّى اللّه عليه و آله للناس في حجّة الوداع يوم خم في المتواتر عنه :

ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ فقالوا بلى . فقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ،

اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه ٥ .

« و لكم علي من الحق مثل الّذي لي عليكم » بانصاف مظلومكم من ظالمكم ،

و المثلية إنّما هي باعتبار اصل الحقّ ، فلا تنافي اختلاف الدرجة .

قال تعالى في الأزواج ، النساء و الرجال : و لهنّ مثل الّذي عليهنّ بالمعروف و للرجال عليهنّ درجة و اللّه عزيز حكيم ٦ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٨ : ٣٥٢ ح ٥٥٠ .

( ٢ ) النساء : ٥٩ .

( ٣ ) المائدة : ٥٣ .

( ٤ ) نقله عن الثعلبي و جماعة غيره السروي في مناقبه ٣ : ٢ ٥ ، و السيوطي في الدر المنثور ٢ : ٢٩٣ و ٢٩٤ .

( ٥ ) هذا حديث الغدير المتواتر أخرجه جمع كثير منهم ابن عساكر بطرق جمة في ترجمة علي عليه السلام ٢ : ٥ ٩٠ ح ٥٠٣ ٥٩٣ .

( ٦ ) البقرة : ٢٢٨ .

٤٣٠

« فالحقّ أوسع الأشياء في التواصف و أضيقها في التناصف » هذا الكلام أيضا من كلماته عليه السلام الّتي القليل لم يذكروها فيها ، فكلّ من الناس يصف الحقّ و لا يعمل به إلاّ أقل القليل ، لكن عرفت أن الروضة نقلته « و الحق أجمل الأشياء في التواصف و أوسعها في التناصف » ١ و الجملة الاولى منه عين الاولى من ذاك في المعنى ، و انّما اختلافهما في اللفظ ، فرصف الحق و الاصل فيه رصف الحجارة وصفّه ، و أما الثانية فتختلف معنى ، و لكنّه في نفسه في غاية الجودة ، فكما يصحّ أن يقال أن الحقّ أضيق الأشياء في التناصف ، بجعل فاعل التناصف الواصف الّذي هو أحد من أفراد الرعايا ، كذلك و أوسعها فيه إذا كان فاعل التناصف و إلي الناس .

« لا يجري لأحد إلاّ جرى عليه و لا يجري عليه إلاّ جرى له » حتى أن الحيوانات المملوكة لها حقوق على مالكها ، لو لم يراعها كان مسؤولا عند اللّه تعالى ، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله كما روى ( الفقيه ) للدابة على صاحبها خصال : يبدأ بعلفها إذا نزل ، و يعرض عليها الماء إذا مرّ به ، و لا يضرب وجهها ، و لا يقف على ظهرها ،

و لا يحملها فوق طاقتها ، و لا يكلفها من المشي إلاّ ما تطيق ٢ .

و رأى صلّى اللّه عليه و آله كما روي أيضا ناقة معقولة و عليها جهازها فقال : مروا صاحبها يستعد غدا للخصومة ٣ .

« و لو كان لأحد ان يجري له و لا يجري عليه لكان ذلك خالصا للّه سبحانه دون خلقه » . روى ( الفقيه ) خبرا طويلا في الحقوق عن السجاد عليه السلام و في الخبر ،

حق اللّه الأكبر عليك أن تعبده و لا تشرك به شيئا ، فاذا فعلت ذلك بإخلاص

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٨ : ٣٥٢ .

( ٢ ) الفقيه ٢ : ١٨٧ ح ١ ، و النقل بتلخيص .

( ٣ ) الفقيه ٢ : ١٩١ ح ١ .

٤٣١

جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة .

ثم في الخبر ، ذكر باقي الحقوق ففيه : و حقّ نفسك عليك أن تستعملها بطاعة اللّه تعالى ، و حقّ اللسان إكرامه عن الخناء و تعويده الخير و ترك الفضول الّتي لا فائدة فيها و البرّ بالناس و حسن القول فيهم ، و حق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة و سماع مالا يحل سماعه ، و حقّ البصر أن تغضّه عمّا لا يحلّ لك و تعتبر بالنظر به ، و حقّ يدك ألاّ تبسطها إلى مالا يحلّ لك ، و حقّ رجليك ألاّ تمشي بهما إلى مالا يحلّ لك ، فبهما تقف على الصراط ، فانظر ألاّ تزل بك فتردى في النار ، و حقّ بطنك ألاّ تجعله وعاء للحرام و لا تزيد على الشبع ، و حقّ فرجك أن تحصنه عن الزنا و تحفظه من أن ينظر إليه ، و حقّ الصلاة أن تعلم أنّها وفادة إلى اللّه تعالى و أنت فيها قائم بين يديه عزّ و جلّ ،

فاذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرّع المعظّم لمن كان بين يديه بالسكون و الوقار ، و تقبل عليها بقلبك و تقيمها بحدودها و حقوقها ، و حقّ الحجّ أن تعلم أنّه وفادة إلى ربّك ،

و فرار إليه من ذنوبك ، و قبول توبتك و قضاء الفرض الّذي أوجبه اللّه تعالى عليك ، و حقّ الصوم أن تعلم أنّه حجاب ضربه اللّه تعالى على لسانك و سمعك و بصرك و بطنك و فرجك ليسترك به من النار ، فان تركت الصوم خرقت ستر اللّه عليك ، و حقّ الصدقة أن تعلم أنّها ذخرك عند ربّك و وديعتك الّتي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها و كنت لما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية ،

و تعلم أنّها تدفع البلايا و الأسقام عنك في الدنيا ، و حقّ السلطان أن تعلم أنّك جعلت له فتنة و أنّه مبتلى فيك بما جعل له عليك من السلطان ، و أن عليك ألاّ تتعرّض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة و تكون شريكا له في ما يأتي إليك من سوء ، و حقّ سائسك بالعلم التعظيم له و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و ألاّ ترفع عليه صوتك و لا تجيب احدا يسأله عن شي‏ء حتى

٤٣٢

يكون هو الّذي يجيب ، و لا تحدّث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، و أن تستر عيوبه و تظهر مناقبه و لا تجالس له عدوا و لا تعادي له وليا ، فاذا فعلت ذلك شهدت لك الملائكة بأنّك تعلّمت علمه للّه تعالى لا للنّاس ، و امّا حقّ سائسك بالملك فأن تطيعه و لا تعصيه إلاّ في ما يسخط اللّه تعالى فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، و أمّا حقّ رعيتك بالسلطان فان تعلم أنّهم صاروا رعيتك لضعفهم و قوّتك ، فيجب أن تعدل فيهم و تكون لهم كالوالد الرحيم و تغفر لهم جهلهم و لا تعاجلهم بالعقوبة و تشكره تعالى على ما آتاك من القوة عليهم ، و أمّا حقّ رعيتك بالعلم فان تعلم أنّه تعالى إنّما جعلك قيّما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليمهم و لم تخرق بهم زادك اللّه من فضله ، و إن أنت منعتهم علمك أو خرقت بهم كان حقّا عليه تعالى أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلك ، و أما حقّ الزوجة فان تعلم أنّه تعالى جعلها لك سكنا و أنسا ،

و تعلم أنّ ذلك نعمة من اللّه تعالى عليك فتكرمها و ترفق بها ، و إن كان حقّك عليها أوجب و أنّ لها عليك أن ترحمها لأنّها أسيرك و تطعمها و تكسوها ، و إذا جهلت عفوت عنها ، و أما حقّ أمّك فأن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، و أعطتك من ثمرة قلبها ما لم يعط أحد أحدا و وقتك بجميع جوارحها و لم تبال أن تجوع و تطعمك ، و تعطش و تسقيك ، و تعري و تكسوك ، و تضحى و تظلّك و تهجر النوم لأجلك ، و وقتك الحرّ و البرد و لا تطيق شكرها إلاّ بعونه و توفيقه تعالى ، و أما حقّ أبيك فأن تعلم أنّه أصلك فإنّه لولاه لم تكن ، و إن رأيت في نفسك ما يعجبك فاعلم أنّه أصل النعمة عليك فيه ، و أما حقّ ولدك فان تعلم أنّه منك و مضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره و أنّك مسئول عما وليّته من حسن الأدب ، و أما حقّ اخيك فأن تعلم أنّه يدك و عزّك فلا تتخذه سلاحا على معصية اللّه تعالى و لا عدة للظلم لخلق اللّه تعالى ، و لا تدع نصرته على

٤٣٣

عدوه و النصيحة له ، فإن أطاع تعالى و إلاّ فليكن اللّه تعالى أكرم عليك منه ، و أما حقّ ذي المعروف عليك فأن تذكر معروفه و تخلص له الدعاء في ما بينك و بين اللّه ، ثمّ إن قدرت على مكافأته يوما كافيته و أما حقّ المؤذن فان تعلم أنّه يذكر لك ربّك تعالى و داع إلى حظك و عونك على قضاء ما فرض اللّه عليك ، و أمّا حقّ إمامك في صلاتك فان تعلم أنّه يقلّد السفارة فيما بينك و بين ربّك تعالى ، فان كان نقص كان به دونك و إن كان تماما كنت شريكه ، و أمّا حقّ جليسك فأن تلين له جانبك ، و تنصفه في مجاراة اللفظ و لا تقوم من مجلسك إلاّ باذنه ، و من يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، و تنسى زلاّته و تحفظ خيراته و لا تسمعه إلاّ خيرا ، و أما حقّ جارك فحفظه غائبا و إكرامه شاهدا و نصرته إذا كان مظلوما ، و لا تتّبع له عورة فان علمت عليه سوء سترته عليه ، و إن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته في ما بينك و بينه ، و لا تسلمه عند شدائده و تقيل عثرته و تغفر ذنبه و تعاشره معاشرة كريمة ، و أما حقّ الصاحب فان تصحبه بالفضل و الإنصاف و تكرمه كما يكرمك و لا تدعه يسبقك إلى مكرمة ، فان سبق كافيته و تزجره عمايهمّ به من معصية و كن عليه رحمة لا عذابا ، و أمّا حقّ مالك فأن تأخذه من حلّه و تنفقه في وجهه ، و لا تؤثر على نفسك من لا يحمدك ، فاعمل به بطاعة ربك و لا تبخل فيه فتبوء بالحسرة و الندامة مع التبعة ، و أما حقّ غريمك فان كنت موسرا أعطيته و إن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، و أما حقّ الخصم المدّعي عليك فإن كان صادقا كنت شاهده على نفسك فأوفيته حقّه و إن كان كاذبا رفقت به و لم تسخط ربّك ، و الّذي تدّعي عليه إن كنت محقّا أجملت مقاولته و إن كنت مبطلا اتّقيت اللّه و تركت ، و أما حقّ المستشير فإن علمت لك رأيا أشرت عليه و إلاّ أرشدته إلى من يعلم ،

و حقّ المشير عليك ألاّ تتّهمه إن خالفك في رأيك و إن وافقك حمدت اللّه تعالى ،

و أما حقّ الكبير فتوقيره لسنه و إجلاله في الاسلام قبلك و ترك مقابلته عند

٤٣٤

الخصام ، و لا تسبقه إلى طريق ، و ان جهل عليك احتملته ، و حقّ الصغير رحمته في تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به ، و أما حقّ السائل فاعطاؤه على قدر حاجته ، و حقّ المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر و المعرفة بفضله و إن منع فاقبل عذره ، و حقّ أهل ملّتك فاضمار الرحمة لهم و الرفق بمسيئهم ،

و شكر محسنهم و تحب لهم ما تحب لنفسك ، و تكره لهم ما تكره لنفسك ، و أن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك و شبّانهم بمنزلة إخوتك و عجائزهم بمنزلة أمّك و الصّغار بمنزلة أولادك ، و أمّا حقّ أهل الذّمّة أن تقبل منهم ، ما قبل تعالى منهم و لا تظلمهم ما وفوا اللّه عزّ و جلّ بعهده ١ .

« و لكنه جعل حقّه على العباد أن يطيعوه ، و جعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضّلا منه و توسّعا بما هو من المزيد أهله » من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جآء بالسيئة فلا يجزى إلاّ مثلها ٢ و ما أموالكم و لا أولادكم بالّتي تقربكم عندنا زلفى إلاّ من آمن و عمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضّعف بما عملوا و هم في الغرفات آمنون ٣ .

« ثمّ جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض فجعلها تتكافأ » أي : تتقابل « في وجوهها » .

قال الجاحظ في ( البيان ) : عاتب إعرابي أباه فقال له : إن عظيم حقّك لا يذهب صغير حقي عليك ، و الّذي تمّت إليّ به أمّت بمثله إليك ، و لست أزعم أنا سواء ، و لكنّي أقول لا يحلّ لك الإعتداء ٤ .

« و يوجب بعضه بعضا و لا يستوجب بعضها إلاّ ببعض » في ( كامل المبرد ) :

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الفقيه ٢ : ٣٧٦ ح ١ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الانعام : ١٦٠ .

( ٣ ) سبأ : ٣٧ .

( ٤ ) البيان و التبيين ٣ : ٤٠٦ .

٤٣٥

قال عبد اللّه بن مصعب الزبيري يذكر عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بقلة الإنصاف :

له حقّ و ليس عليه حقّ

و مهما قال فالحسن الجميل

و قد كان الرسول يرى حقوقا

عليه لغيره و هو الرسول

و قيل لعليّ بن الحسين عليه السلام : ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة . فقال : أكره أن آخذ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما لا أعطي مثله ١ .

« و أعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق » و أهمّها « حقّ الوالي على الرعيّة و حقّ الرعيّة على الوالي » حقّهما « فريضة فرضها اللّه سبحانه » أي : أوجبها « لكلّ » من الوالي و الرعيّة « على كلّ » من الوالي و الرعيّة « فجعلها نظاما لألفتهم » في دنياهم « و عزّا لدينهم فليست تصلح الرعية إلاّ بصلاح الولاة » .

قال الحكماء كما في ( العقد ) : إمام عادل ، خير من مطر وابل ٢ .

و قال الأفوه الأودي :

لا تصلح النّاس فوضى لا سراة لهم

و لا سراة إذا جهّالهم سادوا

و البيت لا يبنى إلاّ له عمد

و لا عماد إذا لم ترس أوتاد

و إن تجمع أوتاد و أعمدة

يوما فقد بلغوا الأمر الّذي كادوا

« و لا تصلح الولاة إلاّ باستقامة الرعية » ، في ( العقد ) قال النبي صلّى اللّه عليه و آله : الدّين النصيحة ، الدّين النصيحة ، الدين النصيحة . قالوا : لمن ؟ قال : للّه و لرسوله و لأولي الأمر منكم ، فنصح الإمام و لزوم طاعته فرض واجب ، و أمر لازم ، و لا يتمّ إيمان إلاّ به ، و لا يثبت إسلام إلاّ عليه ٣ .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) كامل المبرد ٥ : ٧٦ و ٧٧ .

( ٢ ) العقد الفريد ١ : ٥ .

( ٣ ) العقد الفريد ١ : ٧ .

٤٣٦
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد السادس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

قلت : هكذا نقل الخبر في ( العقد الفريد ) ، إلاّ أن الظاهر أن الخبر يتمّ عند قول النبي صلّى اللّه عليه و آله ، « و لأولي الأمر منكم » و بعده من كلام الرواة ، خلط بالخبر « فاذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه و أدّى الوالي إليها حقّها عزّ الحق بينهم و قامت مناهج الدين » أي : طرقه الواضحة « و اعتدلت معالم العدل » أي : آثاره و علائمه الدالة عليه « و جرت على أذلالها » أي : مجاريها و طرقها « السنن » أي :

السير « فصلح بذلك الزمان » لارتفاع موادّ الفساد عنه « و طمع في بقاء الدولة و يئست مطامع الأعداء » فان العدوّ إنّما يطمع إذا رأى اختلافا بين الوالي و الرعيّة .

« و إذا غلبت الرعيّة واليها أو أجحف » أي : تعدّى « الوالي برعيّته اختلفت هنالك الكلمة » بين الوالي و الرعيّة .

و في ( العقد ) قالوا : لا يكون الذّمّ من الرعية لراعيها إلاّ لأحد ثلاثة : كريم قصّر به عن قدره فاحتمل بذلك ضغنا ، أو لئيم بلغ به ما لا يستحق فأورثه ذلك بطرا ، أو رجل منع حظه من الإنصاف فشكا تفريطا ١ .

« و ظهرت معالم الجور » في ( العقد ) : إطّلع مروان على ضيعة له بالغوطة ،

فأنكر منها شيئا فقال لوكيله : و يحك إنّي لا ظنّك تخونني قال : أ تظنّ ذلك و لا تستيقنه ؟ قال : و تفعله ؟ قال : نعم و اللّه ، إنّي لأخونك ، و انك لتخون الخليفة ، و ان الخليفة ليخون اللّه ، فلعن اللّه شر الثلاثة ٢ .

« و كثر الإدغال » أي : إدخال الغشّ و الفساد « في الدين و تركت محاجّ » جمع المحّجة أي : جوادّ طرق « السنن » من الشرع « فعمل بالهوى » أي : هوى النفوس « و عطّلت الأحكام » أي : أحكام اللّه « و كثرت علل النفوس » أي : أعذارها الباطلة

ــــــــــــــــــ

( ١ ) العقد الفريد ١ : ٣٢ .

( ٢ ) العقد الفريد ١ : ٢٣ .

٤٣٧

لأعمالهم الجائرة « فلا يستوحش لعظيم حقّ عطل و لا لعظيم باطل فعل » و قد عرفت رواية الروضة « اثّل » ١ أي : اصل ، و هو الأفصح .

و كذلك كان الأمر في أيام المتصدّين للأمر قبله عليه السلام ، فعطّل القصاص و الحدّ عن خالد بن الوليد القاتل لمالك بن نويرة غدرا ، و الزاني بامرأته أيام أبي بكر حتى أنكر ذلك عليه عمر ، و عطّل الثاني الرجم على المغيرة ، مع ثبوت زناه محصنا ، و إنّ منع الشاهد الرابع من إتمام شهادته لهواه فيه ، و أما أيّام الثالث فشنائعه أكثر من أن تحصى ، و لو لم يكن له إلاّ توليته أخاه لأمّه الوليد بن عقبة الفاسق بنصّ القرآن ٢ الكوفة و شربه و صلاته بالناس في سكره الصبح أربعا و تغنّيه في الصلاة و إخراجه لمثل أبي ذر الّذي أمر اللّه نبيّه بحبّه لكفاه .

« فهنالك تذلّ الأبرار » فكان الأبرار كعمّار و نظرائه في أيام عثمان أذلاّء « و تعزّ الأشرار » و كان مروان بن الحكم طريد النبي صلّى اللّه عليه و آله و لعينه و باقي بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن ٣ في أيّام عثمان أعزّاء . و كذلك صار الأمر بعده عليه السلام في أيام معاوية ، فذلّ مثل حجر بن عدي و أصحابه الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر ، و عزّ مثل زياد بن أبيه ، و بسر بن إرطاة ،

و باقي الفجار .

« و تعظم تبعات اللّه عند العباد » و إن أدّى ذلك إلى قتل حجج اللّه كما فعلوا يوم الطف .

و قد عرفت ان ( الروضة ) زيد فيها « و تخرب البلاد » ٤ فنهبوا المدينة

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٨ : ٣٥٤ .

( ٢ ) النظر إلى قوله تعالى في السجدة : ١٨ ، و الحجرات : ٦ .

( ٣ ) النظر إلى قوله تعالى في الاسراء : ٦ .

( ٤ ) الكافي ٨ : ٣٥٤ .

٤٣٨

و قتلوا رجالهم و فجروا بنسائهم .

« فعليكم بالتناصح في ذلك و حسن التعاون عليه » قد عرفت أن ( الروضة ) روته هكذا « فهلمّ أيّها الناس إلى التعاون على طاعة اللّه عزّ و جلّ و القيام بعدله و الوفاء بعهده ، و الإنصاف له في جميع حقّه ، فانه ليس العباد إلى شي‏ء أحوج منهم إلى التناصح في ذلك ، و حسن التعاون عليه » ١ . و منه يظهر أن في رواية المصنف سقطا .

« فليس أحد و ان اشتدّ على رضا اللّه حرصه ، و طال في العمل اجتهاده ، ببالغ حقيقة ما اللّه أهله من الطاعة له ، و لكن من واجب حقوق اللّه على العباد النصيحة بمبلغ جهدهم ، و التعاون على إقامة الحقّ بينهم » فلا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها ،

و قال تعالى : فاتقوا اللّه ما استطعتم ٢ .

و في الخبر عن الزهري قال : دخلت مع علي بن الحسين عليه السلام على عبد الملك ، فاستعظم ما رأى من أثر السجود بين عينيه فقال له : لقد بيّن عليك الاجتهاد و لقد سبق لك من اللّه الحسنى و أنت بضعة من النبي قريب النسب و كيد السبب ، و انك لذو فضل عظيم على أهل بيتك و ذوي عصرك ، و لقد أوتيت من الفضل و العلم و الدين و الورع ما لم يؤته أحد مثلك و لا قبلك إلاّ من مضي من سلفك و أقبل يثنى على و يطريه فقال عليه السلام : كلّ ما وصفته و ذكرته من فضل اللّه سبحانه و تأييده و توفيقه فأين شكره على ما أنعم ، كان النبي صلّى اللّه عليه و آله يقف في الصلاة حتى تورم قدماه ، و يظمأ في الصيام حتى يعصب فوه ، فقيل له صلّى اللّه عليه و آله : ألم يغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك و ما تأخر ؟ فيقول : أفلا أكون عبدا شاكرا ، و اللّه لو تقطعت أعضائي و سالت مقلتاي على صدري أن اقوم للّه تعالى

ــــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي ٨ : ٣٥٤ .

( ٢ ) التغابن : ١٦ .

٤٣٩

بشكر عشر العشير من نعمة واحدة الّتي لا يحصيها العادّون لم أبلغ ، و لو لا أنّ لأهلي علي حقّا ، و لسائر الناس من خاصّهم و عامّهم علي حقوقا لا يسعني إلاّ القيام بها لرميت بطرفي إلى السماء و بقلبي إليه تعالى ثمّ لم أرددهما حتى يقضي اللّه على نفسي ، ثمّ بكى عليه السلام فبكي عبد الملك و قال : شتّان بين من طلب الآخرة و من طلب الدنيا ١ .

« و ليس أمرؤ و إن عظمت في الحقّ منزلته و تقدّمت في الدين فضيلته » كالنبي و الإمام « بفوق أن يعان على ما حمّله اللّه من حقّه » لأنه تعالى أوجب ذلك على عباده .

« و لا أمرؤ و إن صغّرته النفوس و اقتحمته » أي : حقّرته « العيون بدون » أي :

بأنقص « أن يعين على ذلك أو يعان عليه » حيث حثّ تعالى على عمل البرّ :

و تعاونوا على البرّ و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان ٢ .

و قال ابن أبي الحديد : قوله عليه السلام « و ليس أمرؤ » الخ ، مثل قول زيد بن علي لهشام « ليس أحد و إن عظمت منزلته بفوق أن يذكّر باللّه و يحذّر من سطوته ، و ليس أحد و إن صغّرته العيون بدون أن يذكّر باللّه و يخوّف من نقمته » ٣ .

قول المصنف : « فأجابه عليه السلام رجل من أصحابه بكلام طويل يكثر فيه الثناء عليه و يذكر سمعه و طاعته له » قد عرفت من رواية ( الروضة ) أن ذلك الرجل ما عرفوه و لم ير في عسكره عليه السلام قبل ذاك اليوم و لا بعده ، و ان ذاك الرجل أجابه عليه السلام مرّات عديدة في كلّ مرة بكلام يختلف عن سابقه .

ــــــــــــــــــ

( ١ ) رواه ابن طاووس في فتح الابواب ، عنه البحار ٤٦ : ٥٦ ح ١٠ .

( ٢ ) المائدة : ٢ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١١ : ٩٣ ، و النقل بتصرف يسير .

٤٤٠