آداب المتعلّمين

آداب المتعلّمين0%

آداب المتعلّمين مؤلف:
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 149

آداب المتعلّمين

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
تصنيف:

الصفحات: 149
المشاهدات: 74368
تحميل: 7543

توضيحات:

آداب المتعلّمين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 149 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 74368 / تحميل: 7543
الحجم الحجم الحجم
آداب المتعلّمين

آداب المتعلّمين

مؤلف:
الناشر: انتشارات كتابخانه مدرسه علميّه إمام عصر عجّل الله تعالى فرجه - شيراز
العربية

ختم بالخير والظفر، من شهور سنة أربع وخمسين وثمانمائة: العبدُ الفقيرُ إلى رحمة ربّه القدير: محمّد بن عليّ بن عليّ بن محمّد بن طيّ: غفر الله له ولوالديه ...).

وقد قرأ الكاتب النسخة على والده (علي) فكتب الوالدُ - على هامش الموضع المذكور - إنهاءاً، هذا نصّه:

(أنهاه الولدُ العزيزُ محمّد وفّقه الله لكلّ خير، قراءةً وبحثا وشرحا، في مجالس آخرها سلخُ جُمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وثمانمائة، أحسن الله عاقبته).

وكتب العبدُ الفقير إلى الله

عليّ بن عليّ بن محمّد بن طيّ

غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين آمين

وقد ترجم شيخنا العلاّمة الطهراني، لكاتب النسخة (محمّد) في الضياء اللامع (ص١٢٨ - ١٢٩) وذكر هذه النسخة وهذا الإنهاء بعينه، كما ترجم لوالده (عليّ) في ص٩٣-٩٤ ونسبه: الفعقاني العامليّ، وقال في الوالد: إنّه صاحب المسائل الفقهيّة المعروفة ب-(مسائل ابن طيّ) لاحظ الذريعة (٢٠-٣٣١).

لكنّي أشك في اتّحاد كاتب آداب المتعلّمين والنافع، للاختلاف الواضح بين الخطين.

وقد رمزنا إلى هذه النسخة بالحرف (ف).

٢ - مخطوطات مكتبة آية الله المرعشي رحمه الله في قم:

تحتفظ هذه المكتبة الزاخرة بنفائس التراث الإسلامي العظيم بنسخ عديدة من كتابنا هذا، تمّ التعريف بها في فهرسها الكبير الذي ألّفه السيد الحسيني حفظه الله، وقد ذكر أرقامها في كتابه (التراث العربي في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي) الجز الأوّل (ص٢٥-٢٦).

٢١

وقد راجعناها وانتخبنا منها خمس نسخ، وهي:

١ - المرقّمة (٤٦٨٢) وتاريخها سنة (١٠١٢). وقد رمزنا إليها بالحرف (أ).

٢ - المرقّمة (١١٤٥) وتاريخها سنة (١١٠٨). وقد رمزنا إليها بالحرف(ب).

٣ - المرقّمة (٨٣١١) غير مؤرّخة. وقد رمزنا إليها بالحرف (د).

٤ - المرقّمة (٣٦٣٥) وتاريخها سنة (١٢٦٧). وقد رمزنا إليها بالحرف(ع).

٥ - المرقّمة (٦١١٢) وتاريخها سنة (١٠٧٦). وقد رمزنا إليها بالحرف (و).

ولم نفصّل الحديث عن النسخ اكتفأ بما أثبته أخونا سماحة السيّد الحسيني دام فضله في فهرست المكتبة.

ونقدّم هنا شكرنا الجزيل إلى إدارة المكتبة العامرة وعلى رأسها فضيلة السيّد محمود المرعشي، على إتاحته الفرصة لنا بمراجعة النسخ، وتسهيله أمر تصويرها، فبارك الله في هذا الخلف الكريم لذلك السلف العظيم.

٣ - مطبوعة الدكتور يحيى الخشاب:

التي حقّقها وطبعها سنة (١٣٧٦) في مجلة (معهد المخطوطات العربية) في القاهرة، كما ذكرنا.

واعتمد فيها على نسخة مخطوطة مؤرخة بسنة (١٠٤٩) محفوظة في مكتبة جامعة القاهرة، برقم (٢٦١٨٤).

وتقديرا للدكتور المحقّق وعمله، واعتزازا بما كتبه في تمهيده، عن المؤلف

٢٢

والكتاب، فقد أوردنا نصّ هذا التمهيد بعد مقدّمتنا هذه، بعنوان (تمهيد حول المؤلّف والكِتاب).

وقد عنونّا ما نقلناه عن هذه النسخة بِعنوان (الخشاب).

٤ - مخطوطات اُخري:

ووقفنا على نسخ اُخرى للكتاب، لكنّها لا تتمتّع بشي من الميّزات، بل تُشينها الأغلاط الفظيعة والكثيرة، إلاّ أنّا راجعناها - أحيانا - للتأكد ممّا أثبتناه.وعبّرنا عنها ب-(بعض النسخ).

٢ - مقابلته مع كتاب الزرنوجي:

قابلنا نصّ الكتاب بما ذكره الزرنوجي، نظرا إلى اتّحاد عبارتي الكتابين في مواضع كثيرة، وباعتباره أصلا لكتابنا، كما عرفنا.

كما نقلنا من الزرنوجي ما اخترناه من الفوائد المهمّة، والنصوص الحديثيّة،والآثار، وبعض الأشعار الجيّدة.

وعبّرنا عنه ب-(الزرنوجي).

٣ - تخريج الأحاديث:

سعينا في مجال التخريج أنْ نذكر ما وقفنا عليه من مصادر متوفّرة للأحاديث الواردة، وبقدر الوسع.

٤ - دعم مادّة الكتاب:

وحاولنا دعم ما جاء في الكتاب من مَوادّ تربوية، بالتوثيق، والاستشهاد بما وقفنا عليه من أحاديث ونصوص، وشعر منظوم، أخذناها من كتب

٢٣

مشاركة، تأكيدا على ما في الكتاب، وإفادة ممّا في تلك الكتب.

٥ - تفسير الكلمات:

وعمدنا إلى ما كان من الألفاظ غير واضحٍ، ففسّرناه أو ضبطناه بالحركات،ليستعين الطالبُ بذلك على فهم المادّة.

٦ - تقسيم الكتاب:

وقد قسّمنا مجموع النصّ إلى فقرات مستقلّة ورقّمناها، وعنونّاها بعناوين حسب محتواها، لما في ذلك من إسهام في تسهيل حفظها، وضبطها على الخاطر. كما أنّ ذلك يَسَرَ أمْرَ فَهرَسَة الكتاب، اعتمادا على تلك الأرقام، فكان مجموع الفقرات (٦٠) فقرةً.

٦ - كلمةُ شُكْرٍ:

ونقدّم في الختام شكرنا:

إلى وزارة الثقافة والإرشاد الإسلاميّ، على مساعيها القيّمة، بإبداع (اُسبوع الكتاب) في الوطن المقدّس، وإقامة مَعارض الكتب، وإنشاء المكتبات العامّة في المساجد، والمدارس.

ومن أروع أعمالها الإعلان عن المباراة العلميّة في تحقيق مجموعة من رسائل التراث الإسلاميّ، وإحيائها، ذلك الذي دفعنا إلى إخراج هذا الكتاب بهذا الشكل، وتقديمه إلى المجتمع العلمي، في هذه الحُلّة.

وإلى مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، في قم، لالتزامها بتهيئة ما يلزم لتنشيط تلك المباراة، وتوفير أسباب نجاحها، بما في ذلك تهيئة النسخ للمحقّقين.

٢٤

وفّقنا الله لما فيه الخير والهدى وهو المُستعان والحمد لله ربّ العالمين.

حرّر في مدينة قم المقدّسة في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام المصادف ليوم ميلاد الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة (٤١٤١ ه).

وكتب

السيّد محمّد رضا الحسينيّ

الجلاليّ

كان الله له

٢٥

تمهيد حول المؤلف والكتاب

بقلم الدكتور يحيى الخشّاب

اعتزازا بما كتبه الدكتور يحيى الخشاب المصري عن المؤلّف والكتاب، في مقدّمة تحقيقه نثبت نصّه هنا:

الطوسيّ هو أبو جعفر، نصير الدين، محمّد بن محمّد بن حسن:

وُلِدَ في جَهرُوْدِ قُم، سنة (٥٩٧ هج ١٢٠٠ م).

واشتغل في صِباه بالتحصيل والتزوّد من الحكمة، وسافَرَ كثيرا ليتلقّى العلمَ على أهله، ثمّ أقام في طوس فترةً طويلةً حتى نُسبَ إليها.

والطوسي من العلماء الذين اُوتوا دِقّةَ الحسّ ورَهفَ الشعور.

وكان شيعيّا.

وقد رأى ما يجري في عاصمة الخلافة (بغداد) من ضعف الخليفة،وانصرافه إلى لذّاته مع قيانه وجواريه!

٢٦

ومن تناحُر رجال الخليفة، وحقد بعضهم على بعض، وسعاية بعضهم ببعضٍ، وانصرافهم جميعا عن شؤون الدين والدنيا، وكانت مقاليدهما في أيديهم !

ورأى الفِتنة بين السنّة والشيعة تصحو، وأحياء الشيعة تحترق، ومشاهدهم يمسّها التخريب، والخليفةُ ووُزراؤه يرون هذا فلا يحسّون بإدْبار الدنيا عنهم وعن دولتهم، ولا يحاولون درء الأذى عن الرعيّة، أو دفع الشرّ عن الدين.

وخرج الطوسيّ من بلاد الخليفة المستعصم بالله (٦٤٠ -٦٥١) هج(١٢٤٢-١٢٥٨م) عَلّه يستريح إلى بَلَدٍ تُحتَرمُ فيه حريّةُ العقيدة ويأمن فيه الناسُ على أموالهم وعقائدهم.

فسارَ إلى قهستان، حيث كان الإسماعيليةُ يحكمون.

فالتحقَ بخدمة علاء الدين، محمّد بن حسن، وتقرّب من محتشم (أي حاكم) قهستان: ناصر الدين عبد الرحيم - وكان حكّام قهستان يبذلون جهدا كبيرا في أنْ يزيّنوا بلاطهم بالعلماء والاُدباء.

ولكنّ الطوسيّ لم يجدْ لدى الإسماعيلية ما كان يبغي من الأمن والطُمأنينة،فقد وَجدَ نفسه بين قومٍ يحملونه على أنْ يذهبَ في الفكر مذهبَهم، ولم يكن يقدر على مواجهتهم بالحقّ الذي يراه.

وهكذا أحسَ بأنّه استجار من الرمضاء بالنار.

وأدرك أنّ شرّا قريبا يوشك أنْ يقع ببلاد المسلمين، واُولو الأمر عنه لاهونَ

والاُمّة الإسلاميّة - التي أسلمتْ قيادها للخليفة ووزرائه - لا تدري من أمرها شيئا

وهذا التراث الإسلاميّ العظيم - الذي يتمثّل في عشرات الاُلوف من الكتب

٢٧

والرسائل في شتّى العلوم والآداب، والذي يرعاه في تلكم الأيّام عشرات من العلماء - كلّ هذا أصبحَ ولا حامٍ له ولا راعٍ ممّن بيدهم الأمر في العالم الإسلاميّ !

وتقدّمت جحافلُ المغول، في القرن السابع الهجري، مُكْتسحةً العالم الإسلاميّ الشرقي قُطْرا بعد قُطْرٍ.

وكانت شُهرة الطوسيّ، في علم النجوم والرَصَد، قد بلغت مسامع هوْلاكُو،فأرادَ أنْ يكونَ هذا العالِمُ في حاشيته، ليستعينَ بخبرته في النجوم(١) .

وكان الطوسي يعرف ما سَيَحل بالشرق الإسلاميّ من غارات المغول،وكان يعلمُ أنّ البناءَ الذي أقامه العباسيّون قد دَبَ فيه الفناءُ، وأنّ أساسه قد تقوّضَ، ولا سبيل إلى بقائه.

وأدرك أنّه سيدفعُ كثيرا من الشرّ والبلاء عن المسلمين لو بقيَ بجانب ملك المغول الذي لا يعرف الشفقة، وأنّ بقاءه وتعاونه معه خير من فراره منه وتركه وحده يُفني البشرَ، ويقضي على الإسلام.

____________________

(١) لقد استغلّ بعضُ الجهلة - من أعداء الحقّ والعلم - وجود الشيخ المحقّق الطوسيّ أسيرا لدى الجيش المغوليّ، للتهجّم عليه وعلى طائفة الشيعة الذي ينتمي إليها، واتّهامه، بزعم أنّ له يدا في غزو المغول للبلاد الإسلاميّة

لكنّ عظمة الشيخ المحقّق الطوسي، وإنجازاته العظيمة: باستنقاذ التراث الإسلامي من التلف وحفظه في خزانة الكتب في مراغة، واستنقاذه لعشرات العلماء من أبناء الطائفة العامية بالذات من أنْ يُقتلوا على أيدي المغول، وكذلك تأسيسه للرصد في مراغة، ورعايته للعلماء والمحقّقين، تفنّد تلك الاتّهامات الكاذبة، والمزاعم المغرضة.

وقد دافع المنصفون بقوّة وصلابة عن الشيخ العظيم ومواقفه الموفّقة في خدمة العلم والعلماء والحضارة الإسلاميّة.

ومنهم الدكتور مصطفى جواد في مقالته التي ألقاها في الذكرى المئوية السابعة لوفاته، والمنشورة في مجلة دانشكده ادبيات - طهران.

٢٨

ويرى عبّاس إقبال في (تاريخه): أنّ الطوسيّ، علاوةً على مقامه العلميّ،قد أدّى للحضارة الإسلاميّة عملين عظيمين:

أوّلهما: أنّه بذل جُهدا كبيرا للمحافظة على الكتب النفيسة، والاَثار، حتى لا يهلكها المغول، ممّا أتاح له أن يجمع مكتبة تحوي أربعمائة ألف مجلّد.

والثاني: أنّه استخدم نفوذه عند هولاكو، لينقذ من الهلاك كثيرين من أهل العلم والأدب(٢) .

ويُعَد الطوسي أعلمَ أهل زمانه وهو الذي أعاد للحضارة الإسلاميّة بهاءها، وقوّتها في أحلك الظروف السياسيّة وأقساها على القسم الشرقي من العالم الإسلاميّ، وهو لهذا قد استحقّ لَقَبَ (اُستاذ البَشَر).

وله ما يقرب من ثلاثة ومائة كتاب ورسالة ومقالة، في موضوعات وفنون مختلفة، منها خمسة وعشرون كتابا بالفارسيّة(٣) .

وقد فصّل البيان عن كتبه الاُستاذ الدكتور محمّد معين ذاكرا أسماءها، وهي:

في الحكمة النظرية والعملية، والهيئة والنجوم، والرياضيّات، والعلوم الطبيعيّة،والعلوم الدينية، والعلوم المكنونة، وفنون الأدب، والتاريخ، والجغرافية، والتصوّف(٤) .

____________________

(٢) تاريخ مفصل إيران، المجلد الأول (ص٥٠٢).

وانظر: المجدّدون في الإسلام، لعبد المتعال الصعيدي (ص٢٥٩) وتاريخ التمدّن الإسلامي لجورجي زيدان المصري (٢-٢٤٥) ومقالة الدكتور مصطفى جواد في مجلة دانشكده ادبيات، السنة (٣) العدد (٤).

(٣) راجع مقالين للاُستاذين حسين خطيبي، وذبيح الله صفا، في مجلة دانشكده ادبيات - طهران، السنة (٣) العدد (٤) ص ١١ - ٢٩

(٤) مجلة دانشكده ادبيات - طهران، نفس العدد، (ص٣٠-٤٢).

وأوسع ما كتب عن الطوسي، كتاب (أحوال وآثار خواجه نصير الدين الطوسي) تأليف محمّد تقى مدرس رضوي، وقد طبع في طهران - بنياد فرهن إيران سنة ١٣٥٤ ، بالفارسية.

٢٩

ولشهرته الذائعة الصيت في الزيج والرَصَد، طلب منكوقاآن من أخيه هولاكو أنْ يوفد إليه الطوسيَ، حتى يؤسس مرصدا في بلاد المغول، ولكنّ هولاكو لم يُلَب رغبة أخيه وأمر بإقامة المرصد في إيران.

وفي مَراغَة أنشأ الطوسيّ مرصدا عام (٧٥٦ ه - ٨٥٢١ م) وقد أمَدَه هولاكو، و أباقا من بعده، بعونٍ مالي عظيم، منه أوقاف واسعة أتاحَتْ له أنْ يقتنيَ كثيرا من الكتب والاَلات، كما مكّنتْه من الاستعانة بالعلماء المتفرّغين، ليُتمَ (زيج مَراغة). وقد ضَمَنَ كتابه (الزيج الإيلخانيّ) خلاصة ما بذله وصحبُه في هذا السبيل(٥) .

ومن رسائل الطوسي هذه الرسالة [ آداب المتعلّمين ] التي ننشرها اليوم.

وهي مخطوط، باللغة العربية، بمكتبة جامعة القاهرة، عدد أوراقه (٣٥)١١ #١٨كتب بالخطّ النسخ المشكول، وتحت كثير من كلماته ترجمتها، أو شرح لها، بالفارسية، نمرة (٢٦١٨٤).

ويبدو أنّ الناسخ لم يكن يُتقن العربيّة، فقد أكثر من الخطأ في الشكل، وفي الهجاء ولعلّها كانتْ فارسيّةً، وعُرّبَتْ(٦) .

____________________

(٥) انظر مقال الاُستاذ آيدين صاييل اُستاذ تاريخ العلوم في جامعة أنقره، بالفارسية، في مجلة دانشكده المذكورة (ص٥٨-٧٢).

(٦) هذا الاحتمال الذي ذكره - بأن يكونَ أصلُ الكتاب فارسيّا - غريب جدّا، إذْ مجرّدُ الوقوف على مخطوطة واحدة لا يكفى لإطلاق مثل هذا الحكم، ولا يبرّره وجودُ الأغلاط، كما لا يخفي. خصوصا إذا لاحظنا موافقة كثيرٍ من عباراته، لما جاء في كتاب الزرنوجي، الذي لا يُشَك في كونه مؤلَفا عَربيا

٣٠

والرسالة في اثني عشر فصلا:

الفصل الأول: في ماهيّة العلم، وفضله.

الفصل الثاني: في النيّة.

الفصل الثالث: في اختيار العلم، والاُستاذ، والشريك، والثبات.

الفصل الرابع: في الجِدّ، والمواظبة، والهمّة.

الفصل الخامس: في بداية السبق، وقَدَره، وترتيبه.

الفصل السادس: في التوكل.

الفصل السابع: في وقت التحصيل.

الفصل الثامن: في الشفقة، والنصيحة.

الفصل التاسع: في الاستفادة.

الفصل العاشر: في الوَرَع في التعلم.

الفصل الحادي عشر: في ما يورث الحفظ، وما يورث النسيان.

الفصل الثاني عشر: في ما يجلب الرزق، وما يمنع الرزق، وما يزيد في العمر،وما ينقص. والطوسيّ في هذه الرسالة: يتحدّثُ عن الذين أخطأوا طريق العلم، وتركوا شرائطه، فلم يتيسّر لهم التحصيل، مع اجتهادهم، ولم ينتفعوا بثمرات العلم، مع اشتغالهم به.

وهو يشرحُ قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : (طَلَبُ العلم فريضة على كل مُسْلمٍ

٣١

ومُسْلمةٍ) ويبيّن المقصود من العلم.

ثمَ يتحدّثُ عن وجوب التأنّي في اختيار الاُستاذ والتحرّي في اختيار شريك الدرس، والتمعن في اختيار مادّة الدرس.

ويتحدّثُ عن آداب الدرس، فيذكر أنّه لا يجوز للطالب أنْ يجلسَ قريبا من الاُستاذ بغير ضرورةٍ، بل يجبُ أنْ يكونَ بينَهما قَدَرُ القوس، لأنّه أقرب إلى التعظيم.

ويشرحُ الحكمةَ التي تقول: (مَنْ جَدَ وَجَدَ) ويَحُث الطالب على المُثابرَة،والمُواظَبة، والمُطارَحة، والمُناظرَة.

ويدعو إلى التأمل قبل الكلام.

ويبيّنُ الطوسي ما ينبغي على العالم من التفاني في علمه، والإعراض عن الحرص، وجمع المال عن طريق العلم، ويذكر أنّ العلماء في القرون الاُولى للإسلام كانوا يتعلّمون الحِرْفَةَ أوّلا، ثمّ يتعلّمون العلم، حتّى لا يطمعوا في أموال الناس.

ويشرحُ الرأي القائل بطلب العلم من المهد إلى اللحد، وبالاستفادة من تحصيله في كلّ وقتٍ.

ويحث الشباب على الإفادة من الشيوخ، فإنّهم يَبْلُغونَ الأوْجَ حين يتقدّمُ بهم العُمُر، وتتضاعَفُ الفائدةُ من الاستماع إليهم.

وهكذا نجدُ الطوسيَ في رسالته هذه مؤدبا، يدعو إلى نشر العلم، وإلى خير الوسائل التي تؤدّي إلى يُسْر التحصيل، وآداب الدّرس.

انتهى كلام الدكتور الخشاب

٣٢

سطور عن حياة الإمام المحقّق محمّد بن محمّد بن الحسن

نصير الدين الطوسي الشهير ب-(الخواجه)

مولده ووالده:ولد يوم السّبت، الحادي عشر من جمادى الاُولي، عند طلوع الشمس،سنة (سبع وتسعين وخمسمائة) للهجرة النبوية. في ضواحي قم، في موضع يسمى جِهرُود، أو طُوْس.

كان والده (وجيه الدين محمّد بن الحسن) من فضلاء الطائفة في عصره،أخذ علوم الشريعة: الفقه، والحديث، والكلام، من السيّد الإمام فضل الله الراوندي، الكاشاني.

مشايخه:

تربّى المحقّق الطوسي في كنف والده، فأخذ منه علمي الفقه والحديث، كما أخذ من خال أبيه الملقّب بنصير الدين المشتهر بالحديث، ومن خاله - هو -المعروف بنور الدين، وكان فيلسوفا، فأخذ منه المنطق والحكمة.

٣٣

وأخذ في مختلف البلاد التي هاجر إليها من:

مُعين الدين، سالم بن بدران، في الفقه واُصوله.

وأسْعد بن عبد القاهر.

وفَريد الدين النيسابوريّ، الحسن بن محمّد.

وكمال الدين المَوْصِليّ، موسى بن يونس، في الرياضيات والحكمة.

وقُطب الدين المصريّ إبراهيم بن عليّ، في الطبّ.

ومن غيرهم.

هجرته:

وهاجر إلى نيسابور، بوصيّة من والده، وكانت هي الحاضرة العلمية، التي تزخر بالعلماء والمحدّثين والأساتذة الكبار.

وهاجر إلى الريّ، وبغداد، والمَوْصِل، آخذا من أعلامها.

ثمّ عاد إلى طوس، مسقط رأسه.

وهاجر إلى منطقة (قهستان) في غربيّ إيران سنة (٦٢٥) بعد تدهور الأوضاع في المناطق الشرقيّة والوسطى في إيران، على أثر كثافة الهجوم المغولي وعبث عساكره، وكان حاكم المنطقة ناصر الدين عبد الرحيم يهوى العلم ويجلّ العلماء، فاستقرّ المحقّق الطوسيّ هناك.

وطار صيت المحقّق الطوسيّ في علوم الفلسفة والرياضيات، فطلب زعيم الإسماعيلية من الحاكم ناصر الدين إيفاده إليه، فارتحل المحقّق - على كُرْه - إلى قلاع الإسماعيلية، حتى استقرّ في قلعة (أَلَمُوْت) أعظمهما وأحصنها، فظلّ هناك طوال (٢٨) سنة، قضاها على مَضَضٍ، كما أعرب عنه في بعض مؤلّفاته، كخاتمة شرح الإشارات، وقد غزر انتاجه العلمي في تلك الظروف القاسية.

٣٤

وواصلت الزحوف المغولية هجومها الوحشيّ، حتى سقطت القلاع ومنها(ألَمُوت) سنة (٣٥٦) (فأصبح المحقّق الطوسي في قبضة هولاكو) حسب تعبير السيّد الأمين (ولم يَعُد يملك لنفسه الخيار في صحبته).

وفي سنة (٦٥٦) لمابدأالزحف المغولي على بغداد - عاصمة الحكم العباسي-أرسل المحقّق الطوسي كسفير يحاول إقناع الخليفة المغرور بالصلح مع الغزاة الدمويين، فلم يتعقّل الخليفة الموقف، ورفض الحلول المطروحة، فاكتسحت جيوش هولاكو بغداد فسقطت في (٥صفر٦٥٦).

وقام المحقّق الطوسيّ بدَوْر عظيم في هذه الحادثة الأليمة حيث حدّد من تعميقها، وقصّر من أمدها، وأوقف نزف الدماء في الحدود الممكنة، واستنقذ العشرات من نفوس العلماء والأشراف والفضلاء، وأنقذ الاَلاف من كتب التراث التي تعرّضت للحريق والنهب، وحافظ على الاَثار العمرانية من أن تطالها يد العدوان.

وهذه هي الحقيقة المشرّفة التي اعترف بها معاصرو المحقّق والذين شاهدو الأحداث فأرّخوها، كابن الفوطي مؤرّخ بغداد الذي كان فيها قبل الحوادث وعاشرها، ولازم المحقّق بعدها.

إلاّ أنّ شراذم من المزوّرين للتاريخ من أعداء العلم والدين والمستأجَرين الذين يخفّفون عن أسيادهم بوضع اللائمة على الاَخرين سوّدوا صحائف كتبهم باتّهام الإمام المحقّق الطوسي لمجرّد وجوده في يد المغول، وتحت سيطرة هولاكو بالذات، الذي استغلّه المحقّق - بفطنته ودرايته - للقيام بتخفيف الوطأة، ورفع الشدّة بالقدر الممكن.

وبعد ذلك استغلّ المحقّق نفوذه في البلاط، فتولّى إدارة شؤون الأوقاف في البلاد، فزار بغداد، والحلّة، وواسط للوقوف على أوضاعها عن كَثَب.

٣٥

أكاديميّته:

ورجع إلى إيران، وأقنع المغول في إقامة أعظم أكاديميّة علمية في العالم - ذلك اليوم - تحتوي على (الرصد) والمدرسة، والمكتبة، فأسّسها سنة (٦٥٧) وجمع فيها مَنْ تمكّن من علماء البلاد وحتى الفقهاء والاُدباء، لإنعاش العلم تحت كنفه.

واحتوت في مكتبتها على ما يربو على نصف مليون كتاب، جمعها المحقّق من التراث المبعثر، وممّا نهبه المغول من كافة البلاد التي غزوها من ما وراء النهر إلى بغداد.

فكانت (مراغة) التي تعرف برصدها حتى اليوم، مركز هذه الأكاديمية العظيمة.

وفي سنة (٦٦٥) سافر إلى خراسان، ورجع إلى مراغة في (٦٦٧) وسافر إلى العراق سنة (٦٧٢) فأصابه المرض في بغداد، فتوفّي يوم الغدير (١٨ذي الحجة الحرام) من تلك السنة.

ودفن في الحرم الكاظمي الشريف، في مقابر قريش، في الجانب الغربي من تلك البقعة المباركة، وأوصى أن يكتب على قبره: (وَكَلْبُهمْ بَاسِط ذِرَاعَيْه

بِالْوَصِيدِ).

تلامذته:

تلمّذ عند المحقّق الطوسي عشرات من العلماء، وأشهرهم:

قطب الدين الشيرازي محمود بن مسعود، الفيلسوف المفسّر.

والعلامة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهر، الفقيه المحدّث الاُصوليّ الرجالي، الحكيم.

٣٦

مؤلّفاته:

وخلّد المحقّق الطوسي ما يربو على (١٩٠) من المؤلّفات، بين كتاب كبير،ورسالة صغيرة، وتعليقة، وترجمة، وفائدة، ومقالة، وجواب مسألة، ورسالة خاصّة إلى أصحابه.

ومن أشهر مؤلّفاته المتداولة:

- تجريد الاعتقاد: أخصر متن يضمّ العقائد على رأي الشيعة الاثنى عشرية، بأتمّ شكل وأقواه، جامعا للأدلّة والبراهين، ودفع التوهمات والاعتراضات.

وله شروح عديدة واسعة من علمأ الشيعة، والعامة

- تلخيص المحصّل للفخر الرازي: نقد وتهذيب وتنقيح له.

- شرح الإشارات والتنبيهات لابن سينا: وهو من أهمّ شروحه، وأعمقها.

- آداب المتعلّمين: وهو هذا الكتاب الذي نقدّم له.

- جواهر الفرائض :وهو كتاب في الإرث ،وهو الأثر الفقهيّ الوحيد المعهود للمحقق الطوسيّ،وله نسخ في مكتبة السيد المرعشيّ اقدمها برقم (٤٩م).

مكانته:

وقد احتلّ المحقّق الطوسي بنبوغه وجدّه مكانةً سامية بين العلماء الذين وصفوه ب-(الإمام) (الأجل) (الأعظم) (الأفضل) (الفيلسوف) (الأكمل) (المحقّق) (نصير الحقّ والملّة والدين) (مفخر العلماءء والأكابر) (سيّد الحكماء) (خاتم المحقّقين) (أفضل الحكماء والمتكلّمين) (فخر الحكماء) (سلطان العلماء) (وجيه الإسلام والمسلمين) (مولانا المعظّم) (اُستاذ البشر) (الخواجه)(٧) .

____________________

(٧)هذه الكلمة فارسيّة، وتُلفظ (الخاجَه) وتعني: السيّد، الكبير، صاحب العظمة,لاحظ: كتاب صبح الأعشى (ج ٦ص ١٣)

وكتب الباحث اللغوي حبيب زيات المصري بحثاً قيّماً عن هذه الكلمة اصلها وتلفظها وتداولها التاريخي،نشر في مجلة الموسم البيروتيّة ،العدد (٢٣و٢٤) عام ١٤١٦(ص٢٨٣-٢٨٧).

٣٧

نماذج مصوّرة من المخطوطات المعتمدة

١ - بداية نسخة (ف) وهي في مكتبة الفاضل الخونساري برقم (١٣)

٢ - نهاية نسخة (ف) وهي في مكتبة الفاضل الخونساري برقم (١٣)

٣ - بداية نسخة (أ) وهي في المرعشية برقم (٤٦٨٢)

٤ - نهاية نسخة (أ) ويليها في المجموعة بداية كتاب (الأربعين)لوالد البهائي

٥ - بداية نسخة (ب) وهي في المرعشيّة برقم (١١٤٥)

٦ - نهاية نسخة (ب) وهي في المرعشيّة برقم (١١٤٥)

٧ - بداية نسخة (د) وهي في المرعشيّة برقم (٨٣١١)

٨ - نهاية نسخة (د) وهي في المرعشيّة برقم (٨٣١١)

٩ - بداية نسخة (ع) وهي في المرعشيّة برقم (٣٦٣٥)

١٠ - نهاية نسخة (ع) وهي في المرعشيّة برقم (٣٦٣٥)

١١ - بداية نسخة (و) وهي في المرعشيّة برقم (٦١١٢)

١٢- نهاية نسخة (و) وهي في المرعشيّة برقم (٦١١٢)

١٣ - بداية بعض النسخ

١٤ - نهاية بعض النسخ

٣٨

آدَابُ المُتَعَلمِين

بسم الله الرحمن الرحيم

(وبه نستعين)(١)

الحمدُ لله على آلائه، وأشكره على نَعمائه، والصلاةُ على سيّد أنبيائه،

خير أوصيائه.

[١ - المقدّمة ]

وبَعْدُ :

فكثير من طُلاّب العلم لا يتيسَرُ لهم التحصيلُ - وإنِ اجتهدوا - ولا ينتفعُونَ من ثمراته - وإنِ اشتغلوا - لأنّهم أخْطأوا طريقَه، وتركُوا شرائطَه. وكل مَنْ أخطأ الطريقَ، ضَلَ(٢) فلا ينالُ المقْصُودَ.

فأردتُ أنْ اُبَينَ طريقَ التعلم، على سَبيل الاخْتِصارِ، على ما رَأيْتُ

____________________

(١) ما بين القوسين من (ف، د، ع، و).

(٢) زاد في غير (أ، ف، ب) هنا كلمة: (وأضَلَ).

٣٩

في الكُتّابِ(٣) وسَمعتُ من أساتيذي(٤) اُولي العلم.

والله الموفّقُ، والمعينُ.

فاُبيّنُ المقصودَ في فُصُولٍ شَتّى :

____________________

(٣) الكُتّابُ: مدرسة لتعليم الصبيان الكتابةَ والقِرأة، وتحفيظهم القرآن الكريم، جمعه: كتاتيب. وفي الزرنوجي: على ما رأيت في الكُتُب.

(٤)قوله (أساتيذي) ليست في (ف).

٤٠