الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 88116
تحميل: 5160


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88116 / تحميل: 5160
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ابن المنذر (فيه تصحيفٌ) الفهري: هذا شيءٌ قلته مِن عندك؟ أو شيء أمرك به ربّك؟ قال: لا. بل أمرني به ربّي. فقال: أللهمَّ؟ أنزل (كذا في النسخ) علينا حجارةً من السماء. فما بلغ رحله حتى جاءه حجرٌ فأدماه فخرَّ ميِّتاً فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) .(1)

وقال حدَّثنا أبو عبد الله الشيرازي قال: حدَّثنا أبو بكر الجرجاني، قال: حدَّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدَّثنا محمد بن سهل، قال: حدَّثنا زيد بن إسماعيل مولى الأنصار قال: حدّثنا محمد بن أيّوب الواسطي، قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه عليهم السلام: لَمّا نصب رسول الله عليّاً يوم غدير خمّ وقال: مَن كنت مولاه، طار ذلك في البلاد فقدم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم النعمان بن الحرث الفهري فقال: أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وإنّك رسول الله وأمرتنا بالجهاد والحجّ والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها ثمَّ لم ترض حتى نصبتَ هذا الغلام فقلت: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فهذا شيءٌ منك؟ أو أمرٌ من عند الله؟ فقال: والله الذي لا إله إلّا هو أنَّ هذا من الله. فولّى النعمان بن الحرث وهو يقول: أللهمَّ؟ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء. فرماه الله بحجر على رأسه فقتله وأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) . الآيات.

5 - أبو بكر يحيى القرطبي المتوفّى 567 (المترجم 115) قال في تفسيره في سورة المعارج: لـمّا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قال النضر بن الحارث(2) لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمرتنا بالشهادتين عن الله فقبلنا منك، وأمرتنا بالصلاة والزكاة، ثمَّ لم ترض حتى فضَّلتَ علينا ابن عمّك آلله أمرك؟ أم من عندك؟ فقال: والذي لا إله إلّا هو إنّه من عند الله. فولّى وهو يقول: أللهمّ؟ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر

_____________________

= ربعي بن حراش أبو مريم الكوفي المتوفّى 100 / 1 / 4 من رجال الصحيحين قال الذهبي في تذكرته ج 1 ص 60: متفق على ثقته وإمامته والاحتجاج به.

1 - إسناد هذا الحديث صحيح رجاله كلهم ثقات.

2 - هو النضر بن الحارث بن كلدة بن عبد مناف بن كلدار، وفى الحديث تصحيف، إذ النضر أُخذ أسيراً يوم بدر الكبرى، وكان شديد العداوة لرسول الله فأمر بقتله، فقتله أمير المؤمنين صبراً، كما في سيرة ابن هشام 2 ص 286، وتأريخ الطبري 2 ص 286، وتاريخ اليعقوبي 2 ص 34 وغيرها.

٢٤١

علينا حجارةً من السماء. فوقع عليه حجر من السماء فقتله.

6 - شمس الدين أبو المظفّر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفّى 654، رواه في تذكرته ص 19 قال: ذكر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بإسناده أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمّا قال ذلك (يعني حديث الولاية) طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة له فأناخها على باب المسجد(1) ثم عقلها وجاء فدخل في المسجد فجثا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد؟ إنّك أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّك رسول الله فقبلنا منك ذلك، وأنّك أمرتنا أن نصلّي خمس صلوات في اليوم والليلة ونصوم رمضان ونحجّ البيت ونزكّي أموالنا فقبلنا منك ذلك، ثمَّ لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمِّك وفضَّلته على الناس وقلت: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فهذا شيءُ منك أو من الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد احمرَّت عيناه: والله الذي لا إله إلّا هو أنَّه من الله وليس منّي: قالها ثلاثاً. فقام الحرث وهو يقول: اللهمَّ؟ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأرسل من السماء علينا حجارة أو ائتنا بعذاب أليم. قال: فوالله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر فوقع على هامته فخرج من دبره ومات وأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآيات.

7 - الشيخ إبراهيم بن عبد الله اليمنيّ الوصّابي الشافعيّ، روى في كتابه - الإكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - حديث الثعلبي المذكور ص 240.

8 - شيخ الاسلام الحمويني المتوفّى 722. روى في «فرايد السمطين» في الباب الثالث عشر قال: أخبرني الشيخ عماد الدين الحافظ بن بدران بمدينة نابلس فيما أجاز لي أن أرويه عنه، إجازةً عن القاضي جمال الدين عبد القاسم بن عبد الصمد الأنصاري، إجازةً عن عبد الجبار بن محمد الحواري البيهقي، إجازةً عن الإمام أبي الحسن عليّ بن أحمد الواحدي قال: قرأت على شيخنا الأستاذ أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره: أنّ سفيان بن عيينة سُئل عن قوله عزَّ وجلَّ:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) . فيمن نزلت؟ فقال. الحديث إلى آخر لفظ الثعلبي المذكور ص 240.

9 - الشيخ محمد الزرندي الحنفي «المترجم ص 125»، ذكره في كتابيه «معارج

_____________________

1 - لعله مسجد رسول الله بغدير خمّ بقرينة ساير الأحاديث.

٢٤٢

الوصول» و«درر السمطين».

10 - شهاب الدين أحمد دولت آبادي المتوفّى 849، روى في كتابه - هداية السعداء - في الجلوة الثانية من الهداية الثامنة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله. فسمع ذلك واحدٌ من الكفرة من جملة الخوارج(1) فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد؟ هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هذا من عند الله. فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إن كان ما يقوله (محمد) حقّاً فأنزل عليَّ حجراً من السماء. قال فنزل حجرٌ ورضخ رأسه فنزلت: سألَ سائِلٌ.

11 - نور الدين ابن الصباغ المالكيّ المكّي المتوفّى 855. رواه في كتابة الفصول المهمّة ص 26.

12 - السيِّد نور الدين الحسنيّ السمهوديّ الشافعيّ المتوفّى 911 (المترجم ص 133) رواه في جواهر العقدين.

13 - أبو السعود العمادي(2) المتوفّى 982، قال في تفسيره 8 ص 292: قيل: هو (أي سائل العذاب) الحرث بن النعمان الفهري، وذلك أنَّه لَمّا بلغه قول رسول الله عليه السلام في عليّ رضي الله عنه: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. قال: أللهمَّ؟ إن كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء. فما لبث حتّى رماه الله تعالى بحجر فوقع على دماغه فخرج من أسفله فهلك من ساعته.

14 - شمس الدين الشربينيّ القاهريّ الشافعيّ المتوفّى 977 («المترجم ص 135») قال: في تفسيره السراج المنير 4 ص 364: اُختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس: هو النضر بن الحرث. وقيل: هو الحرث بن النعمان. وذلك أنَّه لَمّا بلغه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته الأبطح ثمّ قال:

_____________________

1 - أراد من الخوارج المعنى الأعم من محارب لحجة وقته أو مجابهه برد، نبياً كان أو خليفة.

2 - المولى محمد بن محمد بن مصطفى الحنفي ولد 898 بقرية قريبة من قسطنطينية وأخذ العلم وقلد القضاء والفتيا وتوفي بقسطنطينية مفتياً 982 ترجمه أبو الفلاح في شذرات الذهب 8 ص 398 - 400.

٢٤٣

يا محمد؟ أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّك رسول الله فقبلناه منك، وأن نصلّي خمساً ونزكّي أموالنا فقبلنا منك، وأن نصوم شهر رمضان في كلِّ عام فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، ثمّ لم ترض حتى فضَّلتَ ابن عمِّك علينا، أفهذا شيءٌ منك أم من الله تعالى؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: والذي لا إله إلّا هو ما هو إلّا من الله. فولّى الحرث وهو يقول: أللهمَّ إن كان ما يقول محمدٌ حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله تعالى بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت:( سَأَلَ سَائِلٌ ) . الآيات.

16 - السيِّد جمال الدين الشيرازيّ المتوفّى 1000، قال في كتابه - الأربعين في مناقب أمير المؤمنين -: الحديث الثالث عشر عن جعفر بن محمد عن آبائه الكرام: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمّا كان بغدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد عليٍّ وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، وأدر الحقَّ معه حيث كان. وفي رواية: أللهمَّ؟ أعنه وأعن به، وارحمه وارحم به، وانصره وانصر به. فشاع ذلك وطار في البلاد فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة له. وذكر إلى آخر حديث الثعلبي.

17 - الشيخ زيد الدين المناويّ الشافعيّ المتوفّى 1031 (المترجم ص 138) رواه في كتابه «فيض القدر في شرح الجامع الصغير» 6 ص 218 في شرح حديث الولاية.

18 - السيِّد ابن العيدروس الحسينيّ اليمنيّ المتوفّى 1041 (المترجم ص 138) ذكره في كتابه - العقد النبويّ والسرِّ المصطفويّ -.

19 - الشيخ أحمد بن باكثير المكي الشافعيّ المتوفّى 1047 (المترجم 139) نقله في تأليفه - وسيلة المآل في عدِّ مناقب الآل -.

20 - الشيخ عبد الرّحمن الصفوري، روى في نزهته 2 ص 242 حديث القرطبي.

21 - الشيخ برهان الدين عليّ الحلبيّ الشافعيّ المتوفّى 1044، روى في السيرة الحلبيّة 3 ص 302 وقال: لَمّا شاع قوله صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. في ساير الأمصار وطار في جميع الأقطار بلغ الحرث بن النعمان الفهري فقدم المدينة فأناخ راحلته عند باب المسجد فدخل والنبيُّ جالسٌ وحوله أصحابه فجاء حتى جثا بين يديه، ثمَّ قال:

٢٤٤

يا محمد؟ إلى آخر لفظ سبط ابن الجوزي المذكور ص 221.

22 - السيِّد محمود بن محمد القادريّ المدنيّ، قال في تأليفه -الصراط السويّ في مناقب النبيّ-: قد مرَّ مراراً قوله صلى الله عليه وسلم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. الحديث قالوا: وكان الحارث بن النعمان مسلماً فلمّا سمع حديث: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. شك في نبوَّة النبيِّ ثمّ قال: أللهمّ؟ إن كان ما يقوله محمد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. ثمّ ذهب ليركب راحلته فما مشى نحو ثلث خطوات حتى رماه الله عزَّ وجلَّ بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله فأنزل الله تعالى:( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) الآيات.

23 - شمس الدين الحفني الشافعيّ المتوفّى 1181 (المترجم ص 144) قال: في شرح الجامع الصغير للسيوطي 2 ص 387 في شرح قوله صلّى الله عليه وآله: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. لما سمع ذلك بعض الصحابة قال: أما يكفي رسول الله أن نأتي بالشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة... إلخ. حتى يرفع علينا ابن أبي طالب؟ فهل هذا من عندك أم من عند الله؟ فقال صلّى الله عليه وسلم: والله الذي لا إله إلّا هو أنّه من عند الله. فهو دليلٌ على عظم فضل عليٍّ عليه السلام.

24 - الشيخ محمد صدر العالم سبط الشيخ أبي الرضا، قال في كتابه - معارج العلى في مناقب المرتضى - أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً: أللهم؟ مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فسمع ذلك واحدٌ من الكفرة من جملة الخوارج فجاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد؟ هذا من عندك أو من عند الله؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: هذا من عند الله فخرج الكافر من المسجد وقام على عتبة الباب وقال: إن كان ما يقوله حقّاً فأنزل عليَّ حجراً من السماء، قال: فنزل حجرٌ فرضخ رأسه.

25 - الشيخ محمد محبوب العالم. رواه في تفسيره الشهير بتفسير شاهي.

26 - أبو عبد الله الزرقانيّ المالكيّ المتوفّى 1122، حكاه في [ شرح المواهب اللدنيّة ] 7 ص 13.

27 - الشيخ أحمد بن عبد القادر الحفظيّ الشافعيّ. ذكره في كتابه - ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل -.

٢٤٥

28 - السيِّد محمد بن إسماعيل اليماني المتوفّى 1182، ذكره في كتابه - الروضة النديَّة في شرح التحفة العلويّة -.

29 - السيِّد مؤمن الشبلنجي الشافعيّ المدنيّ، ذكره في كتابه - نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيِّ المختار - ص 78.

30 - الأستاذ الشيخ محمد عبدة المصريّ المتوفّى 1323، ذكره في تفسير المنار ج 6 ص 464 عن الثعلبي، ثمّ استشكل عليه بمختصر ما أورد عليه ابن تيميَّة وستقف على بطلانه وفساده.

( وَإِن تُكَذِّبُوا

فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ

إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ )

«سورة العنكبوت»

٢٤٦

(نظرة في الحديث)

قد عرفت مصافقة التفسير والخبر في سبب نزول الآية الكريمة، ومطابقة النصوص والأسانيد في إثبات الحديث والإخبات إليه، وقد أفرغته الشعراء في بوتقة النظم منذ عهد متقادم كأبي محمد العوني الغسّاني المترجم في شعراء القرن الرابع في قوله:

يقول رسول الله: هذا لأُمّتي

هو اليوم مولىً ربِّ ما قلت فاسمعِ

فقال جحودٌ ذو شقاقٍ منافقٌ

ينادي رسول الله من قلب موجعِ

: أعن ربّنا هذا أم أنت اخترعته

؟ فقال: معاذ الله لست بمدعِ

فقال عدوّ الله: للهمَّ إن يكن

؟ كما قال حقّاً بي عذاباً فأوقعِ

فعوجل من أُفق السماء بكفره

بجندلة فانكبَّ ثاوٍ بمصرعِ

وقال آخر في أرجوزته:

وما جرى لحارث النعمانِ

في أمره من أوضح البرهانِ

على اختياره لأمر الأُمّه

فمن هناك سائهُ وغمَّه

حتى أتى النبيَّ بالمدينةِ

محبنطئاً من شدَّة الضغينةِ

وقال ما قال من المقال

فبآء بالعذاب والنكالِ

ولم نجد من قريب أو مناوءٍ غمزاً فيه أو وقيعةً في نقله مهما وجدوا رجالَ إسناده ثقاتاً فأخبتوا إليه، عدا ما يُؤثر عن ابن تيميّة(1) في منهاج السنَّة ج 4 ص 13 فقد ذكر وجوهاً في إبطال الحديث كشف بها عن سوءته كما هو عادته في كلِّ مسألة تفرَّد بالتحذلق فيها عند مناوئة فِرق المسلمين، ونحن نذكرها مختصرةً ونجيب عنها.

* (الوجه الأوَّل) *: إنَّ قصَّة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة

_____________________

1 - ابن تيمية الداعب على إنكار الضروريات، والمتجري على الوقيعة في المسلمين، وعلى تكفيرهم وتضليلهم، ولذلك عاد غرضاً لنبال الجرح من فطاحل علماء أهل السنة منذ ظهرت مخاريقه وإلى هذا اليوم، وحسبك قول الشوكاني في البدر الطالع 2 ص 260: صرح محمد البخاري الحنفي المتوفّى 841 بتبديعه ثم تكفيره ثم صار يصرح في مجلسه: إن من أطلق القول على ابن تيمية: إنه شيخ الاسلام. فهو بهذا الإطلاق كافر.

٢٤٧

الوداع وقد أجمع الناس على هذا، وفي الحديث: أنَّها لَمّا شاعت في البلاد جائه الحارث وهو بالأبطح بمكّة وطبع الحال يقتضي أن يكون ذلك بالمدينة فالمفتعِل للرواية كان يجهل تاريخ قصّة الغدير.

* (الجواب) *: أوّلاً ما سلف في رواية الحلبي في السيرة، وسبط ابن الجوزي في التذكرة، والشيخ محمد صدر العالم في معارج العلى، من أنَّ مجيئ السائل كان في المسجد - إن أُريد منه مسجد المدينة - ونصَّ الحلبي على أنّه كان بالمدينة، لكن ابن تيميَّة عزب عنه ذلك كلّه، فطفق يهملج في تفنيد الرواية بصورة جزميَّة.

* (ثانياً) * فإنَّ مغاضاة الرجل عن الحقايق اللغويَّة، أو عصبيَّته العمياء التي أسدلت بينه وبينها ستور العمى: ورِّطته في هذه الغمرة، فحسب إختصاص الأبطح بحوالي مكّة. ولو كان يراجع كتب الحديث ومعاجم اللغة والبلدان والأدب لوجد فيها نصوص أربابها بأنَّ الأبطح كلُّ مسيل فيه دقاق الحصى، وقولهم في الإشارة إلى بعض مصاديقه: ومنه بطحاء مكّة. وعَرف أنَّه يطلق على كلِّ مسيل يكون بتلك الصفة، وليسَ حجراً على أطراف البلاد وأكناف المفاوز أن تكون فيها أباطح.

روى البخاري في صحيحه 1 ص 181، ومسلم في صحيحه 1 ص 382 عن عبد الله ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء بذي الحليفة فصلّى بها.

وفي الصحيحين عن نافع: أنَّ ابن عمر كان إذا صدر عن الحجّ أُو العمرة أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة التي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُنيخ بها.

وفي صحيح مسلم 1 ص 382 عن عبد الله بن عمر: أنِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في معرَّسه(1) بذي الحليفة فقيل له: إنَّك ببطحاء مباركة. وفي إمتاع المقريزي وغيره: أنّ النبيَّ إذا رجع من مكّة دخل المدينة من معرَّس الأبطح، فكان في معرَّسه في بطن الوادي فقيل له: إنَّك ببطحاء مباركة.

وفي صحيح البخاري 1 ص 175 عن ابن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي الحليفة حين يعتمر، وفي حجَّته حين حجَّ تحت سمرة في موضع المسجد الذي بذي الحليفة، وكان إذا رجع من غزو - كان في تلك الطريق - أو حجّ أو عمرة هبط ببطن واد

_____________________

1 - التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة.

٢٤٨

فإذا ظهر من بطن أناخ بالبطحاء التي على شفير الوادي الشرقيَّة فعرَّس ثمَّ حتى يصبح وكانَ ثمَّ خليجٌ يصلّي عبد الله عنده، وفي بطنه كثبٌ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ يصلّي فدحا فيه السيل بالبطحاء. الحديث. وفي رواية ابن زبالة: فإذا ظهر «النبيُّ» من بطن الوادي أناخ بالبطحاء التي على شفير الوادي الشرقيَّة.

وفي مصابيح البغوي 1 ص 83: قال القاسم بن محمد: دخلت على عايشة رضي الله عنها فقلت: يا أُمّاه؟ اكشفي لي عن قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة(1) ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.

وروى السمهودي في وفاء الوفاء 2 ص 212 من طريق ابن شبّة والبزّار عن عايشة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنّه قال: بطحان على ترعة من ترع الجنَّة.

وقبل هذه الأحاديث كلِّها ما ورد في حديث الغدير من طريق حذيفة بن أُسيد وعامر بن ليلى قالا: لَمّا صدر رسول الله من حجَّة الوداع ولم يحجّ غيرها أقبل حتى كان بالجحفة نهى عن سمرات متقاربات بالبطحاء أن لا ينزل تحتهن أحدٌ. الحديث، راجع ص 26، 26، 46.

وأمّا معاجم اللغة والبلدان ففي معجم البلدان 2 ص 213: البطحاء في اللغة مسيلٌ فيه دقاق الحصى. والجمع: الأباطح والبطاح على غير قياس - إلى أن قال -: قال أبو الحسن محمد بن عليّ بن نصر الكاتب: سمعت عوّادة تغنّي في أبيات طريح بن إسماعيل الثقفي في الوليد بن يزيد بن عبد الملك وكان من أخواله:

أنت ابن مسلنطح البطاح ولم

تطرق عليك الحنيّ والولج(2)

فقال بعض الحاضرين: ليس غير بطحاء مكّة، فما معنى الجمع؟ فثار البطحاوي العلويّ فقال: بطحاء المدينة، وهو أجلُّ من بطحاء مكّة وجدّي منه، وأنشد له:

وبطحاءُ المدينة لي منزلٌ

فيا حبَّذا ذاك من منزلِ

فقال: فهذان بطحاوان فما معنى الجمع؟ قلنا: العرب تتوسّع في كلامها وشعرها

_____________________

1 - أصله من الشرف: العلو. واللاطئة من لطئ بالأرض: لزق.

2 - الحنى: ما انخفض من الأرض. الولج ج ولاج بالكسر: النواحي. الازقة. ما اتسع من الأودية. أي لم تكن بينهما فيخفى حسبك.

٢٤٩

فتجعل الاثنين جمعاً، وقد قال بعض الناس: إنّ أقل الجمع اثنان، وممّا يؤكد أنها بطحاوان قول الفرزدق:

وأنت ابن بطحاوي قريش فإن تشأ

تكن في ثقيفٍ سيل ذي أدب عفر

«ثمَّ قال»: قلت أنا: وهذا كلّه تعسّفٌ. وإذا صحَّ بإجماع أهل اللغة أنَّ البطحاء: الأرض ذات الحصى فكلُّ قطعة من تلك الأرض بطحاء، وقد سمّيت: قريش البطحاء، وقريش الظواهر. في صدر الجاهليَّة ولم يكن بالمدينة منهم أحد. وأمّا قول الفرزدق وابن نباتة فقد قالت العرب: الرقمتان ورامتان. وأمثال ذلك كثيرٌ تمرُّ في هذا الكتاب قصدهم بها إقامة الوزن فلا اعتبار له.

«البطاح» بالضم: منزل لبني يربوع وقد ذكره لبيد فقال:

تربَّعت الأشراف ثم تصيَّفت

حساء البطاح وانتجعن السلائلا

وقيل: البطاح ماءٌ في ديار بني أسد، وهناك كانت الحرب بين المسلمين وأميرهم خالد بن الوليد وأهل الردَّة، وكان ضرار بن الأزور الأسدي، قد خرج طليعة لخالد ابن الوليد، وخرج مالك بن نويرة طليعة لأصحابه، فالتقيا بالبطاح فقتل ضرار مالكاً فقال أخوه متمِّم يرثيه:

سأبكي أخي ما دام صوت حمامة

توَرَّق في وادي البطاح حماما

وقال وكيع بن مالك يذكر يوم البطاح:

فلمّا أتانا خالدٌ بلوائه

تخطَّت إليه بالبطاح الودايعُ

وقال في ص 215: البطحاء: أصله المسيل الواسع فيه دقاق الحصى. وقال النضر: الأبطح والبطحاء بطن الميثاء والتلعة والوادي. هو التراب السهل في بطونها ممّا قد جرته السيول يقال: أتينا أبطح الوادي وبطحاءه مثله وهو ترابه وحصاه السهل الليّن. والجمع الأباطح، وقال بعضهم: البطحاء كل موضع متَّسع. وقول عمر رضي الله عنه: بطِّحوا المسجد. أي ألقوا فيه الحصى الصغار. وهو موضع بعينه قريب من ذي قار. وبطحاء مكّة وأبطحها ممدودٌ. وكذلك بطحاء ذي الحليفة، قال ابن إسحاق: خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم غازياً فسلك نقب بني دينار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها: ذات الساق، فصلّى تحتها فَثمَّ مسجده، وبطحاء أيضاً مدينة بالمغرب قرب تلمسان.

٢٥٠

بطحان «روي فيه الضم والفتح» واد بالمدينة وهو أحد أوديتها الثلاثة وهي: العقيق، وبطحان: وقتاة، قال الشاعر وهو يقوي رواية من سكن الطاء:

أبا سعيد لم أزل بعدكُم

في كربٍ للشوق تغشاني

كم مجلس ولّى بلذّاته

لم يهنني إذ غاب ندماني

سقياً لسلع ولساحاتها

والعيش في أكناف بطحان

وقال ابن مقبل في قول من كسر الطاء:

عفى بطحان من سليمي فيثرب

فملقى الرمال من منى فالمحصب

وقال أبو زياد: بطحان من مياه الضباب.

وقال في ص 222: البَطيحة بالفتح ثم الكسر وجمعها البطائح، والبطيحة والبطحاء واحد. وتبطّح السيل إذا اتَّسع في الأرض. وبذلك سُميّت بطائح واسط. لأن المياه تبطَّحت فيها أي سالت، واتَّسعت في الأرض، وهي أرضٌ واسعةٌ بين واسط والبصرة، وكانت قديماً قرى متَّصلة وأرضاً عامرة، فاتَّفق في أيّام كسرى أبرويز أن زادت دجلة زيادة مفرطة، وزاد الفرات أيضاً بخلاف العادة، فعجز عن سِّدها فتبطَّح الماء في تلك الديار والعمارات والمزارع فطرد أهلها عنها. الخ.

وقال ابن منظور في لسان العرب 3 ص 236، والزبيدي في تاج العروس ج 2 ص 124 ما ملخَّصه: بطحآء الوادي تراب ليِّن ممّا جرته السيول. وقال ابن الأثير بطحاء الوادي وأبطحه حصاه الليِّن في بطن المسيل، ومنه الحديث: إنَّه صلّى بالابطح يعني أبطح مكّة. قال: هو مسيل واديها. وعن أبي حنيفة: الأبطح لا ينبت شيئاً إنَّما هو بطن المسيل. وعن النضر: البطحاء بطن التلعة والوادي وهو التراب السهل في بطونها ممّا قد جرته السيول. يقال: أتينا أبطح الوادي فنمنا عليه. وبطحاؤه مثله وهو ترابه وحصاه السهل الليّن. وقال أبو عمرو: سُمّي المكان أبطح لأنَّ الماء ينبطح فيه أي يذهب يميناً وشمالاً ج أباطح وبطائح. وفي الصحاح: تبطَّح السيل اتَّسع في البطحاء. وقال ابن سيدة: سال سيلاً عريضاً قال ذو الرمة:

ولا زال من نوء السماك عليكما

ونوء الثريّا وابلٌ متبطِّحُ

وقال لبيد:

٢٥١

يزع الهيام عن الثرى ويمدّه

بطحٌ يهايله عن الكثبان

وقال آخر:

إذا تبطَّحن على المحاملِ

تبطَّح البطّ بجنب الساحلِ

وبطحاء مكّة وأبطحها معروفة لإنبطاحها، بُطحان بالضَّم وسكون الطاء وهو الأكثر قال ابن الأثير في النهاية: ولعلّه الأصحّ. وقال عياض في المشارق: هكذا يرويه المحدِّثون. وكذا سمعناه من المشايخ (والصواب الفتح وكسر الطاء) كقَطران كذا قيَّد القالي في البارع، وأبو حاتم والبكري في المعجم، وزاد الأخير: ولا يجوز غيره. هو أحد أودية المدينة الثلاثة: وهو العقيق وبَطحان وقتاة، وروى ابن الأثير فيه الفتح أيضاً وغيره بالكسر وفي الحديث كان عمر أوّل مَن بطح المسجد وقال: أبطحوه من الوادي المبارك. تبطيح المسجد إلقاء الحصى فيه وتوثيره، وفي حديث ابن الزبير: فأهاب بالناس إلى بطحه أي تسويته. وانبطح الوادي في هذا المكان واستبطح، أي استوسع فيه، ويقال في النسبة إلى بطحان المدينة: البطحانيون. ا هـ(1) .

وقال اليعقوبي في كتاب البلدان ص 84: ومن واسط إلى البصرة في البطائح لأنّه تجتمع فيها عدَّة مياه، ثمَّ يصير من البطائح في دجلة العوراء، ثمّ يصير إلى البصرة فيرسي في شط نهر ابن عمر. ا هـ. ويوم البطحاء: من أيام العرب المعروفة منسوب إلى بطحاء ذي قار، وقعت الحرب فيها بين كسرى وبكر بن وائل.

وهناك شواهد كثيرة من الشعر لمن يُحتجّ بقوله في اللغة العربيَّة، منها ما يُعزى إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من قوله يخاطب به وليد بن المغيرة:

يهدّدني بالعظيم الوليد

فقلت: أنا ابن أبي طالبِ

أنا ابن المبجَّل بالأبطحين

وبالبيت من سلفي غالبِ

وذكر الميبذي في شرحه: أنّه عليه السلام يريد أبطح مكة والمدينة. وقال نابغة بني شيبان(2) في ديوانه ص 104 من قصيدةٍ يمدح بها عبد الملك بن مروان:

_____________________

1 - ولهذه المذكورات شواهد في الصحاح والقاموس والنهاية والصراح والطراز وغيرها من معاجم اللغة.

2 - عبد الله بن المخارق بن سليم.

٢٥٢

والأرض منه جمّ النبات بها

مثل الزرابي للونه صبحُ

وارتدت الأكم من تهاويل ذي

نور عميم والأسهل البطحُ

وللسيِّد الحميري يصف الكوثر الذي يسقي منه أمير المؤمنين عليه السلام شيعته يوم القيامة قوله من قصيدة تأتي في ترجمته في شعراء القرن الثاني:

بطحاؤه مسكٌ وحافاته

يهتزُّ منها مونِقٌ مربعُ

وقال أبو تمام المترجم في شعراء القرن الثالث في المديح في ديوانه ص 68:

قومٌ همُ آمنوا قبل الحمام بها

من بين ساجعها الباكي ونائحها

كانوا الجبال لها قبل الجبال وهم

سالوا ولم يك سيل في أباطحها

وقال الشريف الرضي(1) من قصيدة في ديوانه 1 ص 205:

دعوا ورد ماء لستمُ من حلاله

وحلّوا الروابي قبل سيل الأباطحِ

وله من قصيدة أخرى توجد في ديوانه ص 198 قوله:

متى أرى البيض وقد أمطرت

سيل دم يغلب سيل البطاحْ

ويقول من أخرى ص 194:

قلوب عيش فيك رقُّ نسيمه

كالماء رقَّ على جنوب بطاحِ

وله من أخرى ص 191:

بكلِّ فلاة تقود الجياد

تعثَّر فيها ببيض الأداحي(2)

فيلجم أعناقها بالجبال

وينعل أرساعها بالبطاحِ

وقال مهيار الديلمي(3) في قصيدة كتبها إلى النهرواني يهنِّئه بعقد نكاح:

فما اتَّفق السعدان حتى تكافآ

أعزّ بطون في أعزِّ بطاحِ

ولو قيل: غير الشمس سيقت هديَّة

إلى البدر لم أفرح له بنكاحِ

وله في ديوانه 1 ص 199 من قصيدة كتبها إلى الصاحب أبي القاسم قوله:

فكن سامعاً في كلِّ نادي مسرَّة

شوارد في الدنيا ولسنَ بوارحا

_____________________

1 - أحد شعراء الغدير في القرن الرابع تأتي هناك ترجمته.

2 - الدحية بكسر المهملة: رئيس الجند.

3 - أحد شعراء الغدير في القرن الخامس تأتي هناك ترجمته.

٢٥٣

حوامل أعباء الثناء خفائفاً

صعدن الهضاب أو هبطن الأباطحا

وقال في مستهلّ قصيدة كتبها إلى ناصر الدولة بعمّان:

لمن صاغيات(1) في الجبال طلائحُ

تسيل على نعمان منها الأباطحُ

وقال أبو إسحاق ابن خفاجة الأندلسي المتوفّى 533 من مقطوعة:

فإن أنا لم أشكرك والدار غربة

فلا جادني غاد من المزن رائحُ

ولا استشرفت يوماً إليَّ به الربا

جلالاً ولا هشَّت إليَّ الأباطحُ

وله من قصيدة أخرى في ديوانه ص 37:

تخايل نخوةً بهم المذاكي

وتعسل هزَّةً لهم الرماحُ

لهم هممٌ كما شمخت جبالٌ

وأخلاقٌ كما دمثت بطاحُ

ومن مقطوعة له يصف الكلب والأرنب في ديوانه ص 37:

يجول حيث يكشر عن نصال

مؤلّلة وتحمله رماحُ

وطوراً يرتقي حدب الروابي

وآونة تسيل به البطاحُ

ويقول في قصيدة يهنّئ بها قاضي القضاة:

بشرى كما أسفر وجه الصباحْ

واستشرف الرائد برقاً ألاحْ

وارتجز الرعد بلجّ الندى

رّياً ويحدو بمطايا الرياحْ

فدنَّر الزهرُ متونَ الرُّبى

ودَرهم القطرُ بطونَ البطاحْ

وله من قصيدة يصف معركا قوله:

زحمت مناكبه الأعادي زحمة

بسطتهمُ فوق البطاح بطاحا

وله من أخرى قوله:

غلامٌ كما استخشنت جانب هضبة

ولان على طشّ من المزن أبطح

وللأرَّجاني المتوفّى 544 من قصيدة يمدح بها الوزير شمس الملك في ديوانه ص 80 قوله:

لا غرو إن فاضت دماً مقلتي

وقد غدت ملء فؤادي جراحْ

بل يا أخا الحيِّ؟ إذا زرته

فحيِّ عنّي ساكنات البطاحْ

_____________________

1 - الصاغيات: المائلات.

٢٥٤

ولشهاب الدين المعروف بحيص بيص المتوفّى 574 المدفون في مقابر قريش، في رثاء أهل البيت عليهم السلام عن لسانهم يخاطب مَن ناوئهم، وتجرّأ على الله بقتلهم قوله:

ملكنا فكان العفو منّا سجيَّةً

فلمّا ملكتم سال بالدم أبطحُ

وحلّلتمُ قتل الأسارى وطالما

غدونا عن الأسرا نعفُّ ونصفحُ(1)

وأنتِ جدّ عليم أن مصارع أهل البيت عليهم السلام نوعاً كانت بالعراق في مشهد الطفِّ وغيره، ومنهم مَن قُتل بفخّ من أعمال مكّة غير أنّه واقعٌ بينها وبين المدينة يبعد عنها نحو ستَّة أميال لا في جهة الأبطح الذي هو وادي المحصَّب بمقربة من منى في شرقي مكّة. ولبعضهم يرثي الإمام السبط الشهيد عليه السلام قوله من قصيدة:

وتأنَّ نفسي للربوع وقد غدا

بيت النبيِّ مقطَّع الأطناب

بيتٌ لآل المصطفى في كربلا

ضربوه بين أباطح وروابي

* (الوجه الثاني) *: إنَّ سورة المعارج مكّيَّة بإتفاق أهل العلم فيكون نزولها قبل واقعه الغدير بعشر سنين أو أكثر من ذلك.

* (الجواب) *: إنّ المتيقَّن من معقد الإجماع المذكور هو نزول مجموع السورة مكّيّاً لا جميع آياتها فيمكن أن يكون خصوص هذه الآية مدنيّاً كما في كثير من السور، ولا يرد عليه أنّ المتيقَّن من كون السورة مكّيَّة أو مدنيَّة هو كون مفاتيحها كذلك، أو الآية التي اُنتزع منها اسم السورة، لما قدَّمناه من أنَّ هذا الترتيب هو ما اقتضاه التوقيف لا ترتيب النزول، فمن الممكن نزول هذه الآية أخيرا وتقدّمها على النازلات قبلها بالتوقيف، وإن كنّا جهلنا الحكمة في ذلك كما جهلناها في أكثر موارد الترتيب في الذكر الحكيم، وكم لها من نظير ومن ذلك.

1 - سور العنكبوت فإنَّها مكّيَّة إلّا من أوَّلها عشرة آيات كما رواه الطبري في تفسيره في الجزء العشرين ص 86، والقرطبي في تفسيره 13 ص 323، والشربيني في السراج المنير 3 ص 116.

_____________________

1 - هذه الأبيات خمسها جماعة وشطرتها فممن خمسها السيد راضي بن السيد صالح القزويني المتوفّى سنة 1287، والعلامة الأكبر السيد ناصر بن أحمد بن عبد الصمد الغريفي المتوفّى سنة 1331، والشيخ عبد الحسين بن القاسم الحلي النجفي المعاصر وله تشطيرها أيضاً.

٢٥٥

2 - سور الكهف فإنّها مكّيَّةٌ إلّا من أوَّلها سبع آيات فهي مدنيَّةٌ وقوله:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ) الآية. كما في تفسير القرطبي 10 ص 346، وإتقان السيوطي 1 ص 16.

3 - سورة هود مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ) . كما في تفسير القرطبي 9 ص 1 وقوله:( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ ) كما في السراج المنير 2 ص 40.

4 - سورة مريم مكّيَّةٌ إلّا آية السجدة وقوله:( وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ) . كما في إتقان السيوطي 1 ص 16.

5 - سورة الرعد فإنِّها مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) . وبعض آيها الأُخر أو بالعكس كما نصَّ به القرطبي في تفسيره 9 ص 278، والرازي في تفسيره ج 6 ص 258، والشربيني في تفسيره 2 ص 137.

6 - سورة إبراهيم مكّيَّةٌ إلّا قوله:( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ ) . الآيتين نصّ به القرطبي في تفسيره 9 ص 338، والشربيني في السراج المنير 2 ص 159.

7 - سورة الإسراء مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ إلى قوله:وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا ) . كما في تفسير القرطبي 10 ص 203، والرازي 5 ص 540، والسراج المنير 2 ص 261.

8 - سورة الحج مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّـهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ) . كما في تفسيري القرطبي 12 ص 1، والرازي 6 ص 206، والسراج المنير 2 ص 511.

9 - سورة الفرقان مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـٰهًا آخَرَ ) . كما في تفسير القرطبي 13 ص 1، والسراج المنير 2 ص 617.

10 - سورة النحل مكّيَّةٌ إلّا قوله:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا ) . الآية. إلى آخر السورة، نصّ بذلك القرطبي في تفسيره 15 ص 65، والشربيني في تفسيره 2 ص 205.

11 - سورة القصص مكّيَّةٌ إلّا قوله:( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ ) وقيل: إلّا آية:( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ ) . الآية. كما في تفسيري القرطبي 13

٢٥٦

ص 247، والرازي 6 ص 585.

12 - سورة المدّثر مكّيَّةٌ غير آية من آخرها على ما قيل كما في تفسير الخازن 4 ص 343.

13 - سورة القمر مكّيَّةٌ إلّا قوله:( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) ، قاله الشربيني في السراج المنير 4 ص 136.

14 - سورة الواقعة مكّيَّةٌ إلّا أربع آيات كما في السراج المنير 4 ص 171.

15 - سورة المطففين مكّيَّةٌ إلّا الآية الأولى ومنها انتزع إسم السورة كما أخرجه الطبري في الجزء الثلاثين من تفسيره ص 58.

16 - سورة الليل مكّيَّةٌ إلّا أوّلها ومنها إسم السورة كما في الإتقان 1 ص 17.

17 - سورة يونس مكّيَّةٌ إلّا قوله:( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ ) . الآيتين أو الثلاث أو قوله:( وَمِنْهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ) . كما في تفسير الرازي 4 ص 774، وإتقان السيوطي 1 ص 15، وتفسير الشربيني 2 ص 2.

* (كما أنّ غير واحد من السور المدنيَّة فيها آيات مكّيَّة) *

منها: سورة المجادلة فإنَّها مدنيَّة إلّا العشر الأُول ومنها تسمية السورة كما في تفسير أبي السعود في هامش الجزء الثامن من تفسير الرازي ص 148، والسراج المنير 4 ص 210. ومنها: سورة البلد مدنيَّة إلّا الآية الأولى (وبها تسميتها بالبلد) إلى غاية الآية الرابعة كما قيل في الإتقان 1 ص 17. وسور أخرى لا نطيل بذكرها المجال.

على أنَّ من الجايز نزول الآية مرَّتين كآيات كثير نصَّ العلماء على نزولها مرَّة بعد أُخرى عظةً وتذكيراً، أو اهتماماً بشأنها، أو اقتضاء موردين لنزولها غير مرَّة نظير البسملة، وأوَّل سورة الروم، وآية الروح، وقوله:( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ) . وقوله:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) . إلى آخر النحل. وقوله:( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّـهِ ) . الآية. وقوله:( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ) . وقوله( أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ) . وسورة الفاتحة فإنَّها نزلت مرَّةً بمكّة حين فُرضت الصلاة ومرَّة بالمدينة حين حُوّلت القبلة. ولتثنية نزولها سُمّيت بالمثاني(1)

_____________________

1 - راجع إتقان السيوطي 1 ص 60، وتاريخ الخميس 1 ص 11.

٢٥٧

* (الوجه الثالث) *: إن قوله تعالى:( وَإِذْ قَالُوا اللَّـهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ ) . نزلت عقيب بدر بالإتفاق قبل يوم الغدير بسنين.

* (الجواب) *: كأنَّ هذا الرجل يحسب أنَّ من يروي تلك الأحاديث المتعاضدة يرى نزول ما لهج به الحارث بن النعمان الكافر من الآية الكريمة السابق نزولها وأفرغها في قالب الدعاء، في اليوم المذكور، والقارئ لهاتيك الأخبار جِدُّ عليم بمينه في هذا الحسبان، أو أنَّه يرى حَجراً على الآيات السابق نزولها أن ينطق بها أحد، فهل في هذه الرواية غير أنَّ الرجل المرتدّ (الحارث أو جابر) تفوَّه بهذه الكلمات؟ وأين هو من وقت نزولها؟ فدعها يكن نزولها في بدر أو أُحد. فالرجل أبدى كفره بها كما أبدى الكفّار قبله إلحادهم بها. لكن ابن تيميّة يريد تكثير الوجوه في إبطال الحقِّ الثابت.

* (الوجه الرابع) *: إنَّها نزلت بسبب ما قاله المشركون بمكَّة ولم ينزل عليهم العذاب هناك لوجود النبيِّ صلى الله عليه وسلم بينهم لقوله تعالى:( وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) . وما كان الله معذِّبهم وهم يستغفرون.

* (الجواب) *: لا ملازمة بين عدم نزول العذاب في مكّة على المشركين، وبين عدم نزوله ههنا على الرجل فإنَّ أفعال المولى سبحانه تختلف باختلاف وجوه الحكمة، فكان في سابق علمه إسلام جماعة من أولئك بعد حين، أو وجود مسلمين في أصلابهم، فلو أبادهم بالعذاب النازل لأهملت الغاية المتوخّاة من بعث الرسول صلّى الله عليه وآله. ولَمّا لم ير سبحانه ذلك الوجه في هذا المنتكس على عقبه عن دين الهدى بقيله ذلك، ولم يكن ليولد مؤمنا كما عرف ذلك نوح عليه السلام من قومه فقال: ولن يلدوا إلّا فاجراً كفاراً. قطع جرثومة فساده بما تمنّاه من العذاب الواقع، وكم فرق بين أولئك الذين عومل معهم بالرفق رجاء هدايتهم، وتشكيل أُمَّةٍ مرحومةٍ منهم ومن أعقابهم، مع العلم بأنَّ الخارج منهم عن هاتين الغايتين سوف يُقضى عليه في حروب دامية، أو يأتي عليه الخزي المبير؛ فلا يسعه بثّ ضلالة، أو إقامة عيث. وبين هذا الذي أخذته الشدَّة، مع العلم بأنَّ حياته مثار فتن، ومنزع إلحاد، وما عساه يتوفَّق لهدايته، أو يُستفاد بعقبه. ووجود الرسول صلَّى الله عليه وآله رحمةٌ تدرع العذاب عن الأُمَّة، إلّا أنَّ تمام الرحمة

٢٥٨

أن يكون فيها مكتسح للعراقيل أمام السير في لاحب الطريق المهيع، ولذلك قمَّ سبحانه ذلك الجذم الخبيث، للخلاف عمّا أبرمه النبيُّ الأعظم في أمر الخلافة، كما أنَّه في حروبه ومغازيه كان يجتاح أصول الغيِّ بسيفه الصارم، وكان يدعو على من شاهد عتوَّه، ويأس من إيمانه، فتجاب دعوته.

أخرج مسلم في صحيحه 2 ص 468 بالإسناد عن ابن مسعود: إنَّ قريشاً لَمّا استعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطأوا عن الاسلام قال: أللهمَّ؟ أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف. فأصابتهم سنةٌ فحصت كل شيء حتى أكلوا الجيف والميتة حتى أنّ أحدهم كان يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجوع فذلك قوله:( يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ) . ورواه البخاري 2 ص 125.

وفي تفسير الرازي 7 ص 467: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا على قومه بمكّة لَمّا كذّبوه فقال: أللّهمَّ اجعل سنيهم كسني يوسف. فارتفع المطر واجدبت الأرض وأصابت قريشاً شدَّة المجاعة حتى أكلوا العظام والكلاب والجيف، فكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وهذا قول ابن عبّاس ومقاتل ومجاهد واختيار الفراء والزجاج وهو قول ابن مسعود.

وروى ابن الأثير في النهاية 3 ص 124: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: أللهمَّ؟ اشدد وطأتك على مضر مثل سني يوسف فجهدوا حتى أكلوا العلهز(1) ورواه السيوطي في الخصايص الكبرى 1 ص 257 من طريق البيهقي عن عروة ومن طريقه وطريق أبي نعيم عن أبي هريرة.

وقال ابن الأثير في الكامل 2 ص 27: كان أبو زمعة الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزّى وأصحابه يتغامزون بالنبيِّ صلّى الله عليه وآله دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمى ويثكل ولده فجلس في ظلِّ شجرةٍ فجعل جبريل يضرب وجهه وعينيه ورقة من ورقها وبشوكها حتى عمي.

وقال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مالك بن الطلالة بن عمرو بن غبشان فأشار جبريل إلى رأسه فامتلأ قيحاً فمات.

_____________________

1 - دم كانوا يخلطونه بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه.

٢٥٩

وروى ابن عبد البرّ في الاستيعاب هامش الإصابة 1 ص 218: إنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً فرآه يفعل ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: فكذلك فلتكن. فكان الحكم مختلجاً يرتعش من يومئذ فعيَّره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:

إنَّ اللعين أبوك فارم عظامه

إن ترم ترم مخلِّجاً مجنونا

يمسي خميص البطن من عمل التقى

ويظلُّ من عمل الخبيث بطينا

وروى ابن الأثير في النهاية 1 ص 345 من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر: إنّ الحكم بن أبي العاص بن أميَّة أبا مروان كان يجلس خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإذا تكلَّم اختلج بوجهه فرآه فقال له: كن كذلك. فلم يزل يختلج حتى مات وفي رواية: فضرب به شهرين ثمَّ أفاق خليجاً، أي: صرع، ثمَّ أفاق مُختلجاً(1) قد أُخذ لحمه وقوّته. وقيل: مُرتعشاً.

وروى ابن حجر في الإصابة ص 3451 من طريق الطبراني، والبيهقي في الدلائل، والسيوطي في الخصايص الكبرى 2 ص 79 عن الحاكم وصحَّحه وعن البيهقي والطبراني عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق قال: كان الحكم بن أبي العاص يجلس إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإذا تكلَّم النبيُّ صلى الله عليه وسلم اختلج بوجهه فقال له النبيُّ: كن كذلك. فلم يزل يختلج حتى مات. وروى مثله بطريق آخر.

وفي الإصابة 1 ص 346: أخرج البيهقي من طريق مالك بن دينار: حدَّثني هند بن خديجة زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم: مرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحكم فجعل الحكم يغمز النبيَّ صلى الله عليه وسلم باصبعه فإلتفت فرآه فقال: أللهمَّ؟ اجعله وزغاً. فزحف مكانه.

وفي الإصابة 1 ص 276، والخصايص الكبرى 2 ص 79: ذكر ابن فتحون عن الطبري: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطب إلى الحارث بن أبي الحارثة ابنته جمرة بنت الحارث فقال: إنَّ بها سوء. ولم تكن كما قال، فرجع فوجدها قد برصت.

وفي الخصايص الكبرى 2 ص 78 من طريق البيهقي عن أُسامة بن يزيد قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فكذب عليه فدعا عليه رسول الله فوجد ميتاً قد انشقَّ بطنه ولم

_____________________

1 - الحلج بالمهملة. والخلج بالمعجمة، بمعنى واحد أي الحركة والاضطراب.

٢٦٠