الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء ١

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 88098
تحميل: 5159


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88098 / تحميل: 5159
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب

الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

عاداه. الحديث وقد مرَّ في حادي عشر الشبه وإنَّه رواه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيّاً(1) وإنَّ كثيراً من طرقه صحيحٌ أو حسنٌ، ومرَّ الكلامَ ثمّ على معناه مستوفى. وقال في شرح همزيَّة البوصيري ص 221 في شرح قوله:

وعلي صنو النبي ومن

دين فؤادي وداده والولاء

أي مناصرته والذبُّ عنه والردّ على مَن نازع في خلافته، ولم يبال بوقوع الإجماع عليها وعلى مَن خرجوا عليه ونازعوه الأمر ورموه بما هو برئٌ منه، وذلك عملاً بما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم وهو: أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، إنَّ عليّاً منيَّ وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن بعدي. ولتأكيد الذبِّ عنه لكثرة أعدائه من بني أُميَّة والخوارج الذين بالغوا في سبِّه وتنقيصه مدَّة ألف شهر حتى المنابر خصَّه الناظم بذلك، ولهذا اشتغل جهابذة الحفّاظ ببثِّ فضايله رضي الله عنه نُصحاً للأُمَّة ونصرةً للحق، ومن ثَمَّ قال أحمد: ما جاء لأحد من الفضايل ما جاء لعليٍّ. وقال إسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري: لم يرد في حقِّ أحد من الصحابة بأسانيد الصحاح الحسان أكثر ما ورد في حق عليّ، فمن ذلك ما صحَّ: أنَّ الله تعالى يحبّه وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبّه. بل روى الترمذي: إنه كان أحبَّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلى أن قال: وإنَّ آية المباهلة (سورة آل عمران 60) لَمّا نزلت دعا صلى الله عليه وسلم عليّاً وفاطمة وابنيها وقال: أللهمّ هؤلاء أهلي. وإنّه قال: أنا سيِّد ولد آدم وعليٌ سيِّد العرب. لكن اعترض تصحيح الحاكم لهذا، وإنَّه قال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، رواه ثلاثون صحابيّاً، وإنَّ الله تعالى أمره أن يحبَّ أربعة وأخبره بأنه يحبّهم منهم عليٌّ وإنّه لا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق. وإنَّ من سبَّه فقد سبَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم. وإنَّه يقاتل على (تأويل) القرآن كما قاتل صلى الله عليه وسلم على تنزيله. وإنَّه يهلك فيه اثنان: محبٌّ مفرطٌ: ومبغضٌ مبهتٌ. وإنّ قاتله اللعين ابن ملجم أشقى الآخرين كما أنَّ عاقر الناقة أشقى الأوَّلين.

23 - جمال الدين الحسينيُّ الشيرازيُّ المتوفّى 1000 * قال في (أربعينه) بعد ذكر حديث الغدير ونزول آية سأل سائلٌ في القضيَّة: أصل هذا الحديث سوى قصَّة الحارث تواتر عن أمير المؤمنين عليه السلام، وهو متواترٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيضاً، ورواه

_____________________

1 - هؤلاء هم المشهود لعلي عليه السلام يوم الرحبة لا كل رواة الحديث.

٣٠١

جمعٌ كثيرٌ وجمٌّ غفيرٌ من الصحابة فرواه ابن عبّاس، ثمَّ روى لفظ ابن عبّاس وحذيفة ابن أُسيد الغفاري وحديث الركبان.

24 - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن صلاح الدين الحنفيُّ * قال في [المعتصر من المختصر] ص 413: روى أبو الطفيل واثلة بن الأسقع(1) قال: جمع الناس عليّ بن أبي طالب في الرحبة فقال: اُنشد بالله عزَّ وجلَّ كلَّ امرئ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ يقول ما سمع؟ فقام أناس من الناس فشهدوا: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خمّ: ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وهو قائمٌ ثمَّ أخذ بيد عليٍّ فقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهم؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. قال أبو الطفيل: فخرجت وفي نفسي منه شيء فلقيت زيد بن أرقم فأخبرته فقال: ما تتَّهم أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا يُلتفت إلى مَن أنكر خروج عليٍّ إلى الحجِّ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومروره في طريقه بغدير خمّ، وقال: قدم عليٌّ من اليمن بالبدن، لأنَّه وإن لم يكن معه في خروجه إلى الحجِّ فكان معه في رجوعه على طريقه الذي كان مروره به بغدير خمّ، فيحتمل أنَّه كان هذا الكلام في الرجعة يؤيِّده الحديث الصحيح: إنَّه كان القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير خمّ في رجوعه إلى المدينة من حجَّه عن زيد بن أرقم قال: لَمّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجَّة الوداع ونزل بغدير خمّ أمر بدوحاته فقممن. وذكر الحديث بلفظ زيد المذكور من طريق النسائي ص 30.

25 - الشيخ نور الدين الهرويُّ القاري الحنفيُّ المتوفّى 1014 * قال في [المرقاة شرح المشكاة] ج 5 ص 568 بعد رواية الحديث بطرق شتّى: والحاصل أنَّ هذا حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه، بل بعض الحفّاظ عدَّه متواتراً إذ في رواية لأحمد أنَّه سمعه من النبيِّ ثلاثون صحابيّاً وشهدوا به لعليٍّ لَمّا نوزع أيّام خلافته(2) وقال ص 584: رواه أحمد في مسنده وأقلُّ مرتبته أن يكون حسناً، فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث.

_____________________

1 - كذا في المعتصر والصحيح: أبو الطفيل عامر بن واثلة.

2 - إذا كان بلوغ رواة الحديث ثلثين موجباً لتواتره فكيف به إذا أنهيناهم في هذا الكتاب إلى ما ينيف على المائة صحابياً؟ ثم كيف به إذا أنهاهم الحافظ أبو العلاء العطار إلى مائتين وخمسين طريقاً؟.

٣٠٢

وأبعد من ردَّه بأنَّ عليّاً كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجّ من النبيّ صلى الله عليه وسلم ولعلَّ سبب قول هذا القائل أنَّه وهم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال هذا القول عند وصوله من المدينة إلى غدير خمّ. ثمّ قال (بعضهم): إنَّ زيادة أللهمَّ وال مَن والاه. موضوعةٌ مردودٌ فقد ورد من طرق صحَّح الذهبيُّ كثيراً منها.

26 - زين الدين المناوي الشافعيُّ المتوفّى 1031 * قال في «فيض القدير» 6 ص 218: قال ابن حجر: حديثٌ كثير الطرق جِدّاً قد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاحٌ ومنها حسانٌ. وفي بعضها: قال ذلك يوم غدير خمّ، وزاد البزّار(1) في روايته: أللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وأحبَّ مَن أحبَّه، وأبغض مَن أبغضه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، ولَمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما أخرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص: أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة. وأخرج أيضاً: قيل لعمر: إنك تصنع بعليٍّ شيئاً لا تصنعه بأحد من الصحابة قال: إنَّه مولاي. ثمَّ قال: بعد رواية حديث نزول آية: سألَ سائلٌ بعذابٍ واقع. يوم الغدير: قال الهيثميُّ: رجال أحمد ثقاتٌ. وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح. وقال المصنِّف (السيوطي) حديثٌ متواترٌ.

27 - نور الدين الحلبيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1044، ذكره في «السيرة الحلبيَّة» 3 ص 302 ما مرَّ عن ابن حجر من صحَّة الحديث ووروده بأسانيد صحاحٍ وحسانٍ وعدم الإلتفات إلى القادح في صحَّته، وعدم كون ذيله موضوعاً، ووروده من طرق صحَّح الذهبيُّ كثيراً منها.

28 - الشيخ أحمد بن باكثير المكّيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1047 * قال في «وسيلة المآل في مناقب الآل» بعد رواية الحديث بلفظ حذيفة بن أُسيد، وعامر بن ليلى، وابن عبّاس، والبراء بن عازب: أخرج هذه الرواية البزّار برجال الصحيح عن فطر بن خليفة وهو ثقةٌ. وعن أُم سلمة رضي الله عنها فذكر لفظها ثمَّ لفظ سعد بن أبي وقاص فقال: أخرج الدارقطني في الفضايل عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت أبا بكر رضي الله

_____________________

1 - إضافة هذه الزيادة إلى البزّار فحسب تحكم باطل وقد أخرجها زرافات من الحفاظ كما أوقفناك عليه.

٣٠٣

عنه يقول: عليّ بن أبي طالب عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذي حثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على التمسّك بهم والأخذ بهديهم فإنَّهم نجوم الهدى من اقتدى بهم اهتدى، وخصِّه أبو بكر بذلك رضي الله عنه لأنَّه الإمام في هذا الشأن وباب مدينة العلم والعرفان فهو إمام الأئمّة وعالم الأُمَّة، وكأنَّه أخذ ذلك من تخصيصه صلى الله عليه وسلم له من بينهم يوم غدير خمّ بما سبق، وهذا حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه ولا شكّ ينافيه، ورُوي عن الجمِّ الغفير من الصحابة وشاع واشتهر، وناهيك بمجمع حجَّة الوداع، قال شيخ الإسلام العسقلاني رحمه الله تعالى: حديث مَن كنت مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثيرٌ من أسانيدها صحاحٌ وحسانٌ. ويدلّ على ذلك ما روى أبو الطفيل رضي الله عنه: إنّ عليّاً رضي الله عنه وكرَّم وجهه جمع الناس وهو خليفة في الرحبة موضعٌ بالعراق ثمّ قام فحمد الله وأثنى عليه. إلى آخر اللفظ المذكور ص 176.

29 - الشيخ عبد الحق الدهلويُّ البخاريُّ المتوفّى 1052 * قال في شرح المشكاة ما تعريبه: وهذا الحديث صحيحٌ بلا شك، رواه جمعٌ مثل الترمذي والنسائي وأحمد، وطرقه كثيرة رواه ستَّة عشر صحابيّاً، وفي رواية: سمعه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيّاً وشهدوا به ولعليٍّ لَمّا نوزع أيّام خلافته. وكثيرٌ من أسانيده صحاحٌ وحسانٌ ولا يُلتفت إلى قول مَن تكلّم في صحَّته ولا إلى قول بعضهم: إنَّ زيادة أللهمَّ وال مَن والاه. موضوعٌ لأنَّها رُويت بطرق شتّى صحَّح أكثرها الذهبيُّ. وقال في (لمعاته): هذا حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه، وقد أخرجه جماعة كالترمذي. إلى آخر كلامه المذكور ثمّ قال: كذا قال الشيخ ابن حجر في «الصواعق المحرقة».

30 - الشيخ محمود بن محمد الشيخانيُّ القادريُّ المدنيُّ * قال في (الصراط السويِّ في مناقب آل النبيِّ): ومن تلك الأحاديث الواردة الصحيحة قوله صلى الله عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. أخرجه الترمذي والنسائي والإمام أحمد وغيرهم، وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. ثمَّ روى حديث الرحبة بلفظ سعيد ابن وهب فقال: قال الذهبيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ثمّ ذكر رواية أحمد حديث الرحبة

٣٠٤

عن أبي الطفيل وزيد بن أرقم فقال: قال الحافظ الذهبيُّ: هذا الحديث صحيحٌ غريبٌ(1) ثمّ رواه من طريق أبي عوانة عن أبي الطفيل عن زيد فقال: قال الحافظ الذهبيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ. ثمَّ رواه من طريق الحافظين أبي يعلى والحسن بن سفيان فقال: قال الحافظ الذهبيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ إتَّفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنَّة.

وأمّا ما انفرد به أهل البدع من الإسماعيليّة(2) ببلاد اليمن وخالف به أهل الجمعة والجماعة والسنن فإنَّهم قالوا في قوله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خمّ أي مرجعه من حجَّة الوداع بعد أن جمع أصحابه وكرَّر عليهم قوله: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ ثلثاً وهم يجيبونه بالتصديق والإعتراف، ثمّ رفع يد عليٍّ رضي الله عنه وقال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، واخذل مَن خذله، وانصر مَن نصره، وأدر الحقَّ معه حيث دار: معنى المولى في هذا الحديث: الأولى لا الناصر وغيرهما من المعاني المشتركة، قال المدَّعي من الإسماعيليّة: وإنَّما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ لعليٍّ رضي الله عنه ما لرسول الله من الولاء عليهم وجعل قوله أوَّلا: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ سنداً. وقال المدّعي أيضاً: لو كان المولى بمعنى الناصر والسيِّد وغيرهما لما احتاج إلى جمع الصحابة وإشهادهم، ولا أن يأخذ بيد عليٍّ ويرفعها، لأنَّ ذلك يعرفه كلُّ أحد، ولا يحتاج إلى الدعاء له بقوله: أللهمَّ وال مَن والاه. إلى آخره، وقال المدّعي أيضاً: ولا يكون هذا الدعاء إلّا لإمام معصوم مفترض الطاعة بعده. وبدليل جعله الحقَّ تابعاً لعليٍّ لا متبوعاً له، ولا يكون ذلك إلّا لمن ووجبت طاعته وعصمته. وقال المدَّعي: فصحَّ بهذا إنَّ عليّاً رضي الله عنه هو الوصيُّ وإنَّه نصٌّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنَّ خلافة مَن تقدّمه معصيةٌ. إنتهى افتراء المدَّعي.

أقول: قد مرَّ الأحاديث الصحاح والحسان وليس فيها جميع ما ذكره المدَّعي بل الصحيح ممّا ذكرنا: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. والصحيح ما ذكرناه أيضاً: أللهمَّ

_____________________

1 - ليس لغرابته وجه بالمعنى الاصطلاحي ولا بغيره إلّا كونه في فضل أمير المؤمنين (ع).

2 - سيوافيك في بيان مفاد الحديث أن هذه البرهنة لم تختص بالإسماعيلية، وإنما هي مقتضى الحق الصراح، وقد قال به كل من بري ولاءاً لأمير المؤمنين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله كولائه خلافة عنه.

٣٠٥

وال مَن والاه. والصحيح ما ذكرناه أيضاً: إن الله وليُّ المؤمنين ومَن كنت وليَّه فهذا وليّه، أللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره. والصحيح ممّا ذكرنا أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم للناس: أتعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله؟ قال: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ: وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. والصحيح ممّا ذكرنا أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: كأنّي دُعيت فأجبت وإنّي قد تركت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. ثمَّ قال: إنّ الله مولاي وأنا وليُّ كلِّ مؤمن. ثمّ أخذ بيد عليٍّ فقال: مَن كنت مولاه فهذا وليّه، أللهمَّ، وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. والصحيح ممّا ذكرنا أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم: ألست أولى بكلِّ مؤمن من نفسه؟ قالوا بلى. قال: فإنَّ هذا مولى مَن أنا مولاه، أللهمَّ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه. فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

إنتهى ما هو الصحيح والحسان وليس في ذلك من مخترعات المدَّعي ومفترياته(1) وقد استوعب طرق الأحاديث المذكورة وغيرها ابن عقدة في كتاب مفرد.

31 - السيد محمد البرزنجيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1103 * قال في تأليفه (النواقض): إعلم أنَّ الشيعة يدَّعون أنَّ هذا الحديث نصٌّ جليٌّ في إمامة عليٍّ رضي الله عنه وهو أقوى شبههم. والقدر الذي ذكرناه وهو: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. من دون تلك الزيادة من الحديث صحيحٌ وروي من طرق كثيرة(2) .

32 - ضياء الذين المقبليُّ المتوفّى 1108 * عدَّ حديث الغدير في كتابه - الأبحاث المسدَّدة في الفنون المتعدِّدة - من الأحاديث المتواترة المفيدة للعلم.

وفي تعليق [ هداية العقول إلى غاية السئول ] 2 ص 30: نقل العلامة السيِّد عبد الله

_____________________

1 - لم يأت المدعي إلّا بشيء مما صححه هذا الرجل ولم يزد عليه إلّا بياناً في سرد الاحتجاج به (ولا مناص له من ذلك) فإن كان له نظر في الحجة فلماذا لم يبده؟ وستقف على لباب القول في هذه كلها إنشاء الله تعالى

2 - مرّ الإيعاز إلى نص الحفاظ على صحّة صدر الحديث وذيله وأنهما قويا الاسناد وسيوافيك القول الفصل في (القرائن المعينة) من الكتاب إنشاء الله تعالى.

٣٠٦

ابن علي الوزير في «طبق الحلوى» تاريخه المعروف عن السيِّد محمد إبراهيم: إنَّ حديث مَن كنت مولاه. له مائة وخمسون طريقاً، لكن لم يَعرف كلّ ذلك من حفّاظ الحديث إلّا الأفراد، وقال السيِّد العلامة محمد(1) بن إسماعيل الأمير رحمه الله: إنَّ له مائة وخمسين طريقاً. قال العلامة المقبلي (المترجم ص 142) بعد سرده لبعض طرق هذا الحديث: فإن لم يكن هذا معلوماً فما في الدين معلومٌ. وجعل هذا في الفصول من المتواتر لفظاً وكذلك حديث المنزلة، وأقرَّ الجلال كلام الفصول في تواتر حديث الغدير ولم يسلّمه في حديث المنزلة قال: وإنّما هو (يعني حديث المنزلة) صحيحٌ مشهورٌ لا متواتر(2) .

وقال السيِّد الأمير محمد الصنعاني المذكور في - الروضة النديَّة شرح التحفة العلويَّة -: وحديث الغدير متواترٌ عند أكثر أئمَّة الحديث، قال الحافظ الذهبيُّ في تذكرة الحفّاظ في ترجمة الطبري: ألَّف محمد بن جرير فيه كتاباً. وقال الذهبيُّ: وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. وقال الذهبيُّ في ترجمة الحاكم: فله طرقٌ جيِّدةٌ أفردتها بمصنَّف. قلت: عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاثه، وهو من أئمَّة العلم والتقوى والإنصاف، ومع إنصاف الأئمَّة بتواتره فلا يُملّ بإيراد طرقه بل يُتبرَّك ببعض منها.

33 - الشيخ محمد صدر العالم * قال في - معارج العلى في مناقب المرتضى -: ثمّ اعلم أنَّ حديث الموالاة متواترٌ عند السيوطيِّ رحمه الله كما ذكره في (قطف الأزهار) فأردت أن أسوق طرقه ليتَّضح التواتر فأقول: أخرج أحمد والحاكم عن ابن عبّاس وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة، وأحمد وابن ماجة عن البرآء. والطبراني عن جرير. وأبو نعيم عن جندع الأنصاري. وابن قانع عن حبشي بن جنادة. والترمذي وقال: حسنٌ غريبٌ. والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أو حذيفة بن أُسيد. وابن أبي شيبة والطبراني عن أبي أيوب. وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم والضياء عن سعد بن أبي وقاص. والشيرازي في الألقاب عن عمر. والطبراني عن مالك بن الحويرث. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم

_____________________

1 - أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر تأتي هناك ترجمته.

2 - خفى عليه تواتر حديث المنزلة وأنه من المتفق عليه.

٣٠٧

وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري. وأحمد عن عليٍّ وثلاثة عشر رجلاً. وابن أبي شيبة عن جابر. وأخرج أحمد وابن أبي عاصم في السنَّة عن زاذان بن عمر قال: سمعت عليّاً في الرحبة (فذكر إلى آخر الحديث) ثمَّ قال: وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم (فذكر لفظهما ثمَّ قال): وأخرج الطبراني عن ابن عمر. وابن أبي شيبة عن أبي هريرة واثنى عشر من الصحابة. وأحمد والطبراني والضياء عن أبي أيّوب وجمع من الصحابة. والحاكم عن عليّ وطلحة. وأحمد والطبراني والضياء عن عليّ وزيد بن أرقم وثلاثين رجلاً من الصحابة. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن سعد. والخطيب عن أنس. وأخرج عبد الله بن أحمد وأبو يعلى وابن جرير والخطيب والضياء عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: شهدت عليّاً في الرحبة (فذكر الحديث بتمامه) ثمَّ قال: وأخرج الطبراني عن عمرو بن مرَّة وزيد ابن أرقم معاً. وأخرج الطبراني والحاكم عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم (فذكر الحديث باللفظ الذي أسلفناه) فقال: وأخرج الطبراني عن حُبشي بن جنادة. وأخرج أبو نعيم في فضايل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب.

34 - السيِّد ابن حمزة الحرّانيُّ الدمشقيُّ الحنفيُّ المتوفّى 1120 * روى حديث الغدير في «كتابه البيان والتعريف» 2 ص 136 و230 من طرق الترمذي والنسائي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي، ثمّ قال: قال السيوطي حديثٌ متواترٌ.

35 - أبو عبد الله الزرقانيُّ المالكيُّ المتوفّى 1122 * قال في «شرح المواهب» 7 ص 13 بعد ذكر كلام المصنِّف المذكور ص 300: وخصَّه لمزيد علمه، ودقائق استنباطه وفهمه، وحسن سيرته، وصفاء سريرته، وكرم شيمه، ورسوخ قدمه (إلى أن قال): وللطبراني وغيره بإسناد صحيح: إنَّه صلّى الله عليه وسلم خطب بغدير خمّ وهو موضعٌ بالجحفة برجعة من حجَّة الوداع (فذكر الحديث) وفيه: يا أيّها الناس؟ إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمَّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وأحبَّ مَن أحبَّه، وأبغض مَن أبغضه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله، وأدر الحق معه حيث دار. وزعم بعضٌ أنَّ زيادة: أللهمّ وال... إلخ. موضوعةٌ، مردودةٌ بأنَّ ذلك جاء من طرق صحّح الذهبي كثيراً منها، وروى الدارقطني عن سعد قال: لَمّا

٣٠٨

سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا: أمسيت يا بن أبي طالب؟ مولى كلِّ مؤمن ومؤمنة (ثمّ ذكر حديث نزول آية سألَ سائِلٌ حول القضيَّة وترجم ابن عقدة وأثنى عليه فقال): وهو متواترٌ رواه ستَّة عشر صحابيّاً(1) وفي رواية لأحمد أنَّه سمعه من النبيَّ صلى الله عليه وسلم ثلاثون صحابيّاً وشهدوا به لعلّي لَمّا نوزع أيّام خلافته، فلا إلتفات إلى مَن قدح في صحَّته ولا لمن ردَّه بأن عليّاً كان باليمن لثبوت رجوعه منها وإدراكه الحجَّ معه صلى الله عليه وسلم.

36 - شهاب الدين الحفظيُّ الشافعيُّ، أحد شعراء الغدير في القرن الثاني عشر * قال في - ذخيرة الأعمال في شرح عقد جواهر اللآل -: هذا حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرةٌ. قال الإمام أحمد رحمه الله: وشهد به لعليٍّ ثلاثون صحابيّاً لَمّا نوزع في أيّام خلافته.

37 - ميرزا محمد البدخشي * قال في «نزل الأبرار» ص 21: هذا حديثٌ صحيحٌ مشهورٌ، ولم يتكلّم في صحَّته إلّا متعصِّبٌ جاحدٌ لا اعتبار بقوله، فإنَّ الحديث كثير الطرق جدّاً، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وقد نصَّ الذهبيُّ على كثير من طرقه بالصحَّة، ورواه من الصحابة عددٌ كثيرٌ.

وقال في [ مفتاح النجا في مناقب آل العبا ]: أخرج الحكيم في «نوادر الأُصول» والطبراني بسند صحيح في الكبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أُسيد رضي الله عنه: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خمّ تحت شجرة فقال: يا أيّها الناس؟ قد نبّأني اللطيف الخبير - إلى آخر ما مرَّ ص 27 - فقال: وأخرج أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم رضي الله عنهما - باللفظ الذي أسلفناه ص 30 - ثمَّ قال: وأخرج أحمد عن عليٍّ وأبي أيّوب الأنصاري. وعمرو بن مرَّة. وأبو يعلى عن أبي هريرة. وابن أبي شيبة عنه وعن اثنى عشر من الصحابة. والبزّار عن ابن عبّاس وعمارة وبريدة. والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وأبي أيّوب وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وأنس. والحاكم عن عليّ وطلحة. وأبو نعيم في فضايل الصحابة عن سعد. والخطيب عن أنس رضي الله عنهم - ثمّ ذكر الحديث فقال: وفي رواية أخرى للطبراني عن عمرو بن مرَّة وزيد بن أرقم وحُبشي بن جنادة رضي الله عنهم

_____________________

1 - هذا ما وصلت إليه حيطته وهو يرى تواتر الحديث به. وقد أسلفنا أن رواته من الصحابة تربو على المائة.

٣٠٩

مرفوعاً بلفظ: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، أللهمّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واعن مَن أعانه. وعند ابن مردويه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما مرفوعاً: أللهمّ؟ مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمّ؟ وال مَن والاه، وعاد مَن عاداه، واخذل مَن خذله، وانصر مَن نصره، وأحبَّ مَن أحبَّه، وأبغض مَن أبغضه. وفي أخرى لأبي نعيم في «فضايل الصحابة» عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معاً مرفوعاً: ألا؟ إنَّ الله وليّي وأنا وليُّ كلِّ مؤمن، مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. ولأحمد في رواية أُخرى. ولابن حبّان والحاكم والحافظ أبي بشر إسماعيل بن عبد الله العبدي الإصبهاني المشهور بسمَّويه عن ابن عبّاس عن بريدة (وذكر لفظه) وللطبراني في رواية أُخرى عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) وعند الترمذي والحاكم عن زيد بن أرقم (وذكر لفظه) أقول: هذا حديثٌ صحيحٌ مشهورٌ نصّ الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبيُّ التركمانيُّ الفارقيُّ ثمَّ الدمشقيُّ على كثير من طرقه بالصحَّة. وهو كثير الطرق جدّاً. وقد استوعبها الحافظ أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة في كتاب مفرد. وأخرج أحمد عن أبي الطفيل قال جمع عليٌّ كرَّم الله وجهه الناس في الرحبة (ثمّ ذكر حديث الرحبة).

38 - مفتي الشام العماديُّ الحنفيُّ الدمشقيُّ المتوفّى 1171 * عدَّه في - الصلاة الفاخرة - ص 49 من الأحاديث المتواترة، يرويه كما قال في أوّل كتابه من عشرة مشايخ فأكثر نقلاً عن الترمذي والبزّار وأحمد والطبري وأبي نعيم وابن عساكر وابن عقدة وأبي يعلى.

39 - أبو العرفان الصبّان الشافعيُّ المتوفّى 1206 * قال في (إسعاف الراغبين) في هامش نور الأبصار ص 153 بعد رواية الحديث: رواه عن النبيِّ ثلاثون صحابيّاً، وكثيرٌ من طرقه صحيحٌ أو حسنٌ.

40 - السيِّد محمود الآلوسي البغدادي المتوفّى 1270 * قال في «روح المعاني» 2 ص 249: نعم ثبت عندنا أنَّه صلى الله عليه وسلم قال في حقِّ الأمير هناك (يعني غدير خمّ): مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. وزاد على ذلك كما في بعض الروايات، لكن: لا دلالة(1) في

_____________________

1 - ستقف على دلالته في بيان مفاد الحديث. وإنما الغرض من كلامه هو البخوع لصحة السند.

٣١٠

الجميع على ما يدَّعونه من الإمامة الكبرى والزعامة العظمى. وقال في ج 2 ص 350: قال الذهبيُّ: إنَّه صحيحٌ. ونقل عن الذهبيِّ أيضاً أنَّه قال: إنَّ مَن كنت مولاه. متواترٌ يُتيقَّن أنَّ رسول الله قاله، وأمّا أللهمَّ؟ وال مَن والاه: فزيادةٌ قويَّةُ الإسناد.

41 - الشيخ محمد الحوت البيروتيُّ الشافعيُّ المتوفّى 1276 * قال في «أسنى المطالب» ص 227: حديث: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصحّحوه. ورُوي بلفظ: مَن كنت وليّه فعليٌّ وليّه. ورواه أحمد والنسائي والحاكم وصحّحه.

42 - المولوي ولي الله اللكهنوي * قال في -مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيِّد المرسلين- بعد ذكر الحديث بغير واحد من طرقه ما تعريبه: وليعلم أنّ هذا الحديث صحيحٌ وله طرقٌ عديدةٌ، وقد أخطأ من تكلّم في صحَّته إذ أخرجه جمعٌ من علماء الحديث مثل الترمذي والنسائي، ورواه جمعٌ من الصحابة وشهدوا به لعليٍّ في أيّام خلافته، ثمّ ذكر حديث المناشدة وإصابة الدعوة.

43 - الحافظ المعاصر شهاب الدين أبو الفيض أحمد بن محمد بن الصدّيق الحضرمي * قال في كتابه: «تشنيف الآذان» ص 77: وأمّا حديث: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه. فتواتر عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من رواية نحو ستّين شخصاً لو أوردنا أسانيد الجميع لطال بنا ذلك جدّاً، ولكن: نشير إلى مخرجيها تتميماً للفائدة، ومن أراد الوقوف على طرقها وأسانيدها فليرجع إلى كتابنا في المتواتر فنقول:

رواه أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في السنَّة عن عليٍّ وثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، ورواه النسائي في الخصايص عن عليّ وبضعة عشر رجلاً، ورواه عنه وعن جماعة معه أيضاً الطحاويّ في مشكل الآثار والبزّار في المسند وابن عساكر وآخرون، ورواه ابن راهويه في المسند وابن جرير في تهذيب الآثار وابن أبي عاصم في السنَّة والطحّاوي في مشكل الآثار والمحاملي في الأمالي وابن عقدة والخطيب من حديث ابن عبّاس، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والخصايص وابن ماجة والحسن بن سفيان والدولابي في الكنى وابن عساكر في التاريخ من حديث البراء بن عازب، ورواه أحمد والترمذي والنسائي في الكبرى وابن حبّان في الصحيح والبزار والدولابي في الكنى و

٣١١

الطبراني والحاكم وآخرون عن زيد بن أرقم، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والخصائص وسمَّويه في فوائده وعثمان بن أبي شيبة وابن جرير في التهذيب وابن حبّان والحاكم والطبراني في الصغير وأبو نعيم في الحلية وتاريخ إصبهان والفضايل وابن عقدة وابن عساكر من طرق تبلغ حدَّ التواتر عن بريدة، ورواه أحمد والنسائي في الكبرى والطبراني من حديث أبي أيوب، ورواه الترمذي وابن عقدة والطبراني والدارقطني ومن طريقه ابن عساكر من حديث حذيفة بن أُسيد إلّا أنّه عند الترمذي على الشكّ، ورواه النسائي وابن ماجة وسعيد بن منصور وابن جرير في التهذيب والبزّار وابن عقدة وابن عساكر من حديث سعد بن أبي وقّاص، ورواه ابن أبي شيبة والبزّار في مسنديهما وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن عقدة، ورواه الطبراني في الصغير وابن عقدة وأبو نعيم في الحلية والتاريخ والخطيب وابن عساكر من حديث أنس بن مالك، ورواه الحاكم والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في التاريخ وابن عساكر من حديث أبي سعيد، ورواه عثمان بن أبي شيبة والنسائي في سننهما وابن عقدة وأبو يعلى والطبراني والبانياسي في جزئه وأبو نعيم في تاريخ إصبهان وابن عساكر في تاريخ دمشق من حديث جابر بن عبد الله، ورواه الطبراني من حديث عمرو بن ذي مرّ، ورواه عثمان بن أبي شيبة في سننه وابن عقدة والطبراني وابن عدي ومن طريقه ابن عساكر من حديث ابن عمر، ورواه ابن عقدة والطبراني وابن عساكر من حديث مالك بن الحويرث، ورواه أبو نعيم في الحلية والطبراني وأبو طاهر المخلص وابن قانع وابن عساكر عن حُبشي بن جنادة، ورواه الطبراني وابن عقدة من حديث جرير بن عبد الله البجلي، ورواه البزّار من حديث عمارة، والطبراني وابن عقدة وابن عساكر من حديث عمّار بن ياسر، وابن عساكر من حديث رباح بن الحارث، ومن حديث عمر ابن الخطاب، ومن حديث نُبيط بن شُريط، ورواه ابن عقدة وابن عساكر من حديث سمرة بن جندب، ورواه الطوسي في أماليه من حديث أبي ليلي، ورواه أبو نعيم في الصحابة من حديث جندب الأنصاري، ورواه ابن عقدة في كتاب الموالاة من حديث جماعة بأسانيد متعّددة منهم: حبيب بن بُديل، وقيس بن ثابت، وزيد بن شرحبيل، والعبّاس بن عبد المطلب، والحسن بن علي وأخوه، وعبد الله بن جعفر، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن أبي ثابت، وأبو ذر، وسلمان الفارسي، ويعلى بن مرّة، وخزيمة بن ثابت، وسهل بن حنيف، وأبو

٣١٢

رافع، وزيد بن حارثة، وجابر بن سمرة، وضمرة الأسلمي، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن بسر المازني، وعبد الرحمن بن يعمر الديلمي، وأبو الطفيل، وسعد بن جنادة، وعامر بن عُميرة، وحبَّة بن جوين؛ وأبو أمامة، وعامر بن ليلى، ووحشي بن حرب، وعايشة، وأُم سلمة، ورواه الحاكم من حديث طلحة بن عبيد الله...

( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ

وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿115﴾وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ

عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ )

(سورة الأنعام 115، 116)

٣١٣

محاكمة

حول سند الحديث

( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ )

«سورة المائدة»

لقد أوقفك البحث والتنقيب البالغان على زرافات من علماء الأُمَّة وحفّاظ الحديث ورؤساء المذهب (ألسنَّة والجماعة) رووا حديث الغدير وأخبتوا وسكنوا إليه. وعلى آخرين رووا عنه كلَّ ريبة وشك، وحكموا بصحة أسانيد جمَّة من طرقه، وحسن طرق أُخرى، وقوَّة طايفة منها، وهناك أُمّةٌ من فطاحل العلماء حكموا بتواتر الحديث، وشنّعوا على من أنكر ذلك، ولقد علمت أنَّ من رواه من الصحابة في ما وقفنا على روايته مائة وعشرة صحابيّ، ومرَّ ص 155: أنَّ الحافظ السجستاني رواه عن مائة وعشرين صحابيّاً. وأسلفنا ص 158 عن الحافظ أبي العلاء الهمداني: إنّه رواه بمائتي ووخمسين طريقاً. وعليه فقس رواية التابعين ومن بعدهم في الأجيال المتأخِّرة. فلن تجد فيما يُؤثر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حديثاً يبلغ هذا المبلغ من الثبوت واليقين والتواتر. وقد أفرد شمس الدين الجزري (المترجم ص 129) رسالة في إثبات تواتره ونسب منكره إلى الجهل، فهو كما مرّ ص 307 عن الفقيه ضياء الدين المقبلي: إن لم يكن معلوماً فما في الدين معلومٌ. وص 295 عن العاصمي: حديثٌ تلقَّته الأُمّة بالقبول، وهو موافقٌ بالأُصول. وص 296 عن الغزالي: إنه أجمع الجمهور على متنه. وص 295: إتَّفق عليه جمهور أهل السنَّة. وص 309 عن البدخشي: حديثٌ صحيحٌ مشهورٌ ولم يتكلّم في صحَّته إلّا متعصِّبٌ جاحدٌ لا اعتبار بقوله. وص 297: إنّه حديثٌ متّفقٌ على صحَّته، وإنّ صدره متواترٌ يُتيقّن أنّ رسول الله قاله، وذيله زيادةٌ قويّة الإسناد. وص 311: إنه حديثٌ صحيحٌ قد أخطأ مَن تكلّم في صحّته. وص 310:

٣١٤

إنّه حديثٌ مشهورٌ كثير الطرق جدّاً. وص 310 من قول الآلوسي: نعم ثبت عندنا إنّه صلّى الله عليه وسلّم قاله في حق عليّ. وص 302، حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه. وص 299، 301: إنّه متواترٌ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ومتواترٌ عن أمير المؤمنين أيضاً، رواه الجمّ الغفير، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممن لا إطِّلاع له في هذا العلم (يعني علم الحديث). وص 304: إنّه حديثٌ صحيحٌ لا مرية فيه ولا شكّ ينافيه، ولا يُلتفت إلى قول مَن تكلّم في صحَّته، ولا إلى قول مَن نفى الزيادة. وص 299: إنّه متواترٌ لا يُلتفت إلى مَن قدح في صحّته وصحَّ عن جماعة ممّن يحصل القطع بخبرهم. وص 295 عن الإصبهاني: حديثٌ صحيحٌ ثابتٌ لا أعرف له علّةً، قد رواه نحو مائة نفس منهم العشرة المبشَّرة. إلى كلمات أخرى ذُكرت مفصّلة.

لكن بين ثنايا العصبيَّة ومن وراء ربَوات الأحقادُ حثالةٌ حدى بهم الإنحياز عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى تعكير هذا الصفو وإقلاق تلك الطمأنينة بكلّ جلبة ولَغط، فمن منكر صحّة صدور الحديث(1) معلّلاً بأنَّ عليّاً كان باليمن وما كان مع رسول الله في حجّته تلك. إلى آخر ينكر صحَّة صدر الحديث(2) ويقول: لم يروه أكثر مَن رواه. إلى ثالث يضعِّف ذيله(3) ويقول: لا ريب أنَّه كذبٌ. ورابع يطعن في أصله، ويعتبر الدعاء الملحق به(4) ويقول: لم يخرِّج غير أحمد إلّا الجزء الأخير من قوله صلى الله عليه وسلم أللهمّ؟ وال مَن والاه... إلخ.

وقد عرفت تواتر الجميع والإتّفاق على صحّته ونصوص العلماء على اعتبار هذه كلّها، غير آبهين بكلِّ ما هناك من الصخب واللَغَب، فالإجماع قد سبق المهملجين ولحقهم حتّى لم يبق لهم في مستوى الإعتبار مقيلا.

وهناك مَن يقول تارةً: إنّه لم يروه علمائنا(5) وأُخرى: إنّه لا يصحُّ من طريق

_____________________

1 - حكاه الطحاوي وغيره عن بعض وأجابوا عنه كما سبق ص 294 و300.

2 - التفتازاني في المقاصد ص 290 وقلده بعض من تأخّر عنه.

3 - ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 85.

4 - محمد محسن الكشميري في نجاة المؤمنين.

5 - قاله ابن حزم في المفاضلة بين الصحابة.

٣١٥

الثقات(1) وقلّده بعض مقلّدي المتأخِّرين وقال: لم يذكره الثقات من المحدِّثين(2) وهو بنفسه يقول بتواتره في موضع آخر من كتابه. ونحن لا نقابل البادي والتابع إلّا بالسلام كما أمرنا الله سبحانه بذلك(3) .

وأنا لا أدري أنَّ قِصر الباع لم يدع الباري يعرف علماء أصحابه؟ أو أن يقف على الصحاح والمسانيد؟ أو أنَّه لا يقول بثقة كلِّ أولئك الأعلام؟

فإن كان لا يدري فتلك مصيبةٌ

وإن كان يدري فالمصيبة أعظمُ

وفي القوم من يلوك بين أشداقه أنّه ما أخرجه إلّا أحمد في مسنده(4) وهو مشتملٌ على الصحيح والضعيف. فكأنَّه لم يقف على تأليف غير مسند أحمد، أوأنَّه لم يوقفه السير على الأسانيد الجمَّة الصحيحة والقويَّة في الصحاح والمسانيد والسنن وغيرها، وكأنَّه لم يطّلع على ما أفرده الأعلام بالتأليف حول أحمد ومسنده، أو لم يطرق سمعه ما يقوله السبكي في طبقاته ج 1 ص 201 من أنَّه ألّف (أحمد) مسنده وهو أصلٌ من أُصول هذه الأُمَّة، قال الإمام الحافظ أبو موسى المديني «المترجم ص 116»: مسند الإمام أحمد أصلٌ كبيرٌ ومرجعٌ وثيقٌ لأصحاب الحديث، إنتقى من أحاديث كثيرة ومسموعات وافرة، فجعل إماماً ومعتمداً وعند التنازع ملجأ وومستنداً على ما أخبرنا والدي وغيره بأنَّ المبارك بن عبد الجبار كتب إليهما من بغداد قال: أخبرنا. ثمَّ ذكر السند من طريق الحافظ ابن بطّة إلى أحمد إنّه قال: إنَّ هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجَّة. وقال عبد الله: قلت لأبي: لِمَ كرهت وضع الكتب وقد عملت المسند؟ فقال: عملت هذا الكتاب إماماً إذا اختلف الناس في سنَّة عن رسول الله رجع إليه. وقال: قال أبو موسى المديني: ولم يُخرج إلّا عمَّن ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في أمانته. وقال

_____________________

1 - حكاه عن ابن حزم ابن تيمية في منهاج السنة 4 ص 86.

2 - الهروي سبط ميرزا مخدوم بن عبد الباقي في السهام الثاقبة.

3 - في محكم كتابه بقوله: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.

4 - قاله محمد محسن الكشميري في «نجاة المؤمنين».

٣١٦

أبو موسى: ومن الدليل على أنَّ ما أودعه الإمام أحمد قد احتاط فيه إسناداً ومتناً لم يورد فيه إلّا ما صحَّ سنده. ثمّ ذكر دليل مدَّعاه. إنتهى ملخّصاً.

وكأنّه لم يقف على ما يقول الحافظ الجزري «المترجم ص 129» من قصيدة له يمدح بها الإمام أحمد ومسنده وذكرها في [ المصعد الأحمد في ختم مسند أحمد ] ص 45:

وإنّ كتاب المسند البحر للرضى

فتى حنبل للدين أيّة مُسندِ

حوى من الحديث المصطفى كلَّ جوهر

وجمّع فيه كلَّ درٍّ مُنضَّدِ

فما من صحيحٍ كالبخاريِّ جامعاً

ولا مسندٌ يُلفى كمسند أحمدِ

وهذا الحافظ السيوطي يقول في ديباجة «جمع الجوامع» كما في كنز العمال ج 1 ص 3: وكلُّ ما في مسند أحمد فهو مقبولٌ، فإنَّ الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. فهب أنّا سالمنا الرجل على ما يقول ولكن ما ذنب أحمد؟ وما التبعة على المسند؟ إن كان هذا الحديث من قسم الصحاح من رواياته. على أنَّه ليس من الممكن مسالمته على تخصيص الرواية بأحمد وأولئك رُواته أُمم من الأئمّة أدرجوه في الصحاح والمسانيد وأخرجوه ثقة عن ثقةً ورجال كثير من أسانيده رجال الصحيحين.

وجاء آخر يقول(1) : نقل [حديث الغدير] في غير الكتب الصحاح. ذاهلاً عن أنَّ الحديث أخرجه الترمذي في صحيحه، وابن ماجة في سننه، والدارقطني بعدّة طرق، وضياء الدين المقدسي في المختارة وو و... م - وسمعت في ص 311 قول الشيخ محمد الحوت: رواه أصحاب السنن غير أبي داود ورواه أحمد وصحَّحوه. وأصحابه يقولون: إنّها كتبٌ صحاحٌ فالعز وإليها معلمٌ بالصحَّة.

وبهذا تعرف قيمة قول مَن قدح(2) في صحَته بعدم رواية الشيخين في صحيحيهما وجاء آخرُ يصحّحه ويُثبت حسنه وينقل اتِّفاق جمهور أهل السنَّة عليه ويقول: وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان كما مرَّ ص 304: ونحن نقول: حتى أنّ الحاكم النيسابوري استدرك عليهما كتاباً ضخماً لا يقلُّ عن الصحيحين في الهجم، وصافقه على

_____________________

1 - حسام الدين السهارنپوري في «مرافض الروافض».

2 - القاضي عضد الإيجي في «المواقف» والتفتازاني في «شرح المقاصد».

٣١٧

كثير ممّا أخرجه الذهبيُّ في الملخَّص، وتجد في تراجم العلماء مستدركات أُخرى على الصحيحين.

وهذا الحاكم النيسابوري يقول في المستدرك 1 ص 3: لم يحكما [ يعني البخاري ومسلم ] ولا واحدٌ منهما بأنَّه لم يصحّ من الحديث غير ما أخرجاه. وقد نبغ في عصرنا هذا جماعةٌ من المبتدعة يشمتون برواة الآثار بأنَّ جميع ما يصحّ عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على ألف جزء أو أقلّ أو أكثر منه كلّها سقيمةٌ غير صحيحة.

وقد سألني جماعةٌ من أعيان أهل العلم بهذه المدينة وغيرها أن أجمع كتاباً يشتمل على الأحاديث المرويَّة بأسانيد يحتجُّ محمد بن إسماعيل [ البخاري ] ومسلم بن الحجّاج بمثلها، إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علَّة له فإنَّهما رحمهما الله لم يدَّعيا ذلك لأنفسهما.

وقد خرَّج جماعةٌ من علماء عصرهما ومن بعدهما عليهما أحاديث قد أخرجاها وهي معلولةٌ وقد جهدت في الذبِّ عنها في المدخل إلى الصحيح بما رضيه أهل الصنعة، وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رُواتها ثقاتٌ قد احتجّ بمثلها الشيخان رضي الله عنهما أو أحدهما، وهذا شرط الصحيح عند كافّة فقهاء أهل الإسلام، إنّ الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولةٌ. ا هـ.

وقال الحافظ الكبير العراقي في «فتح المغيث» ص 17 في شرح قوله في ألفيّة الحديث:

ولم يعمّاه ولكن قلَّ ما

عند ابن الأخرم منه قد فاتهما

: أي لم يعمَّ البخاري ومسلم كلّ الصحيح، يريد لم يستوعباه في كتابيهما ولم يلتزما ذلك، وإلزام الدارقطني وغيره إيّاهما بأحاديث ليس بلازم، قال الحاكم في خطبة المستدرك: ولم يحكما ولا واحد منها إنَّه لم يصحّ من الحديث غير ما أخرجاه. ا هـ. قال البخاري: ما أدخلت في كتاب الجامع إلّا ما صحّ وتركت من الصحاح لحال الطول. وقال مسلم: ليس كلّ صحيح وضعته هنا إنّما وضعت هنا ما أجمعوا عليه. يريد ما وجد عنده فيها شرايط المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم. وقال العراقيُّ أيضاً ص 19 في شرح قوله:

٣١٨

وخذ زيادة الصحيح إذ تُنصّْ

صحّته أو من مصنِّف ينصّْ

بجمعه نحو ابن حبّان الزكي

وابن خزيمة وكالمستدرك

لَمّا تقدَّم أنَّ البخاري ومسلماً لم يستوعبا إخراج الصحيح فكأنّه قيل: فمن أين يعرف الصحيح الزايد على ما فيهما؟ فقال: خذه إذ تنصّ صحته. أي حيث ينصّ على صحته إمام معتمد كأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والخطابي والبيهقي في مصنِّفاتهم المعتمدة كذا قيّده ابن الصلاح بمصنّفاتهم ولم أُقيِّده بها بل إذا صحَّ الطريق إليهم أنّهم صحّحوه ولو في غير مصنَّفاتهم، أو صحّحه من لم يشتهر له تصنيفٌ من الأئمّة كيحيى بن سعيد القطّان وابن معين ونحوهما فالحكم كذلك على الصواب، وإنّما قيَّده ابن الصلاح بالمصنّفات لأنّه ذهب إلى أنّه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحِّح الأحاديث فلهذا لم يعتمد على صحّة السند إلى من صحَّحه في غير تصنيف مشهور. ويُؤخذ الصحيح أيضاً من المصنّفات المختصّة بجمع الصحيح فقط كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبّان، وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم، وكذلك ما يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة أو تتمَّة لمحذوف فهو محكومٌ بصحَّته. إنتهى.

ولا يخفى على الباحث أنَّ القرون الأولى لم يكن يوجد فيها شيءٌ من كلِّ هذا اللغط أمام ما أصحر به نبيُّ الإسلام يوم الغدير. نعم كان هناك شرذمةٌ من أهل الحنق والأحقاد على آل الله، وكانوا ينحتون له قضيَّةً شخصيَّةً واقعة بين أمير المؤمنين وزيد بن حارثة، كلّ ذلك تصغيراً لموقعه العظيم في النفوس، إلى أن جاء المأمون الخليفة العبّاسي وأحضر أربعين من فقهاء عصره وناظرهم في ذلك، وأثبت عليهم حقَّ القول في الحديث كما مرّ ص 210، ثمّ في القرن الرابع تلقَّته الأُمّة بالقبول، وأخبت به الحفّاظ الاثبات من دون غمز فيه رادّين عنه قول من يقدح فيه ممَّن لا يُعرف باسمه ورسمه: بأنَّ عليّاً ما كان مع رسول الله في حجَّته تلك كما مرّ ص 295.

وقد أسلفنا لك صريح كلمات الأعلام بإتّفاق جمهور أهل السنَّة على صحَّة الحديث وأقوالهم في تواتره. وهناك أعاظم مشايخ الشيخين (البخاري ومسلم) قد رووه بأسانيد صحاح وحسان، مخبتين إليه وفيهم جمعٌ من الذين يروي عنهم الشيخان بأسانيدهم في

٣١٩

الصحيحين من مشيخة القرن الثالث. ألا؟ وهم:

يحيى بن آدم

المتوفّى 203

شبابة بن سوار

المتوفّى 206

أسود بن عامر

المتوفّى 208

عبدالرزّاق بن همام

" 211

عبد الله بن يزيد

" 212

عبيد الله بن موسى

" 213

حجّاج بن منهال

" 217

فضل بن دكين

" 218

عفان بن مسلم

" 219

عليّ بن عيّاش

" 219

محمد بن كثير

" 223

موسى بن إسماعيل

" 223

قيس بن حفص

" 227

هدبة بن خالد

" 235

عبد الله بن أبي شيبة

" 235

عبيد الله بن عمر

" 235

إبراهيم بن المنذر

" 236

ابن راهويه إسحاق

" 237

عثمان بن أبي شيبة

" 239

قتيبة بن سعيد

" 240

حسين بن حريث

" 244

أبو الجوزاء أحمد

" 246

أبو كريب محمد

" 248

يوسف بن عيسى

" 249

نصر بن عليّ

" 251

محمد بن بشّار

" 252

محمد بن المثنّى

" 252

يوسف بن موسى

" 253

محمد صاعقة

" 255

وغيرهم.(1)

فعدم إخراج البخاري ومسلم هذا الحديث المتَّفق على صحَّته وتواتره والحال هذه لا يكون قدحاً في الحديث إن لم يكن نقصاً في الكتابين ومؤلِّفيهما. وكأنَّ الشيخ محمود القادري فطن بهذا وحاول بقوله المذكور ص 304: وكم حديث صحيح ما أخرجه الشيخان. تقديس ساحة الكتابين ومؤلِّفيهما عن هذا النقص. لا أنَّه أراد إثبات صحَّة الحديث بذلك، كيف؟ وهو يقول؟ إتَّفق على ما ذكرنا جمهور أهل السنَّة.

وغير خافٍ على النابه البصير أنَّ البادي بخلاف الإجماع في ردِّ الحديث هو ابن حزم الأندلسي(2) وهو يقول: إنَّ الأُمّة لا تجتمع على خطأ. ثمَّ تبعه في ذلك ابن تيميّة وجعل قوله مدرك قدحه في الحديث ولم يجد غميزة فيه غيره بيدَ أنّه زاد عليه قوله: نقل عن البخاري وإبراهيم الحرّاني وطائفة من أهل العلم بالحديث أنَّهم طعنوا فيه وضعّفوه. ذاهلاً عن قوله في منهاج السنّة 4 ص 13: إنَّ قصّة الغدير كانت في مرتجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من حجّة الوداع وقد أجمع الناس على هذا. ثمّ قلّدهما من راقه الإنحياز عن الحق الثابت من نظراء التفتازاني والقاضي الايجي والقوشجي و

_____________________

1 - سبقت تراجم هؤلاء جميعاً من ص 82 - 93.

2 - ستقف على الرأي العام فيه بعد تمام المحاكمة.

٣٢٠