الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)0%

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا) مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 447

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

مؤلف: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف:

الصفحات: 447
المشاهدات: 155425
تحميل: 5331

توضيحات:

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 447 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 155425 / تحميل: 5331
الحجم الحجم الحجم
الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام (فقه الرضا)

مؤلف:
العربية

وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي، قال الله تبارك وتعالى:(فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) (1) .

وصوم جزاء الصيد واجب، قال الله تبارك وتعالى:(أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا) (2) .

وأروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: أتدرون كيف يكون عدل ذلك صياماً؟

فقيل له: لا.

فقال: يقوّم الصيد قيمة، ثم يشترى بتلك القيمة ( البر، ثم يكال ذلك )(3) البر أصواعاً فيصوم لكل نصف صاع يوماً.

وصوم النذر واجب.

وصوم الإعتكاف واجب.

وأما الصوم الحرام:

فصوم يوم الفطر، وصوم يوم الأضحى، وثلاثة أيام التشريق.

وصوم يوم الشك، اُمرنا به ونهينا عنه، اُمرنا أن نصومه مع شعبان، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي فيه الشك، فإن لم يكن صام من شعبان شيئاً ينوي به ليلة الشك أنه من صيام شعبان، فإن كان من رمضان أجزأ عنه، وإن كان من شعبان لم يضره.

ولو أن رجلاً صام شهراً تطوعاً في بلد الكفر، فلما أن عرف كان شهر رمضان - و هو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، وصام بأنه من غيره ثم علم بعد ذلك - أجزأ عنه من رمضان، لأن الفرض إنما وقع على شهر بعينه.

وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام.

وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار:

فصوم يوم الجمعة، والخميس، والإثنين وصوم أيام البيض، وصوم ستة أيام من شوال بعد الفطر بيوم، ويوم عرفة، ويوم عاشورا، وكل ذلك صاحبه فيه بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر.

____________________

(1) البقرة 2: 196.

(2) المائدة: 5: 95.

(3) ليس في نسخة « ش ».

٢٠١

وأما صوم الإذن، فإن المرأة لا تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها، والعبد إلا بإذن مولاه، والضعيف لا يصوم إلا بإذن صاحب البيت، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم قال: « من نزل على قوم، فلا يصومن تطوعاً إلا بإذن صاحبهم ».

وأما صوم التأديب، فإنه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديباً، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلا نصف النهار يفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلة أول النهار، ثم قوى بقية يومه اُمر بالإمساك بقية يومه تأديباً وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار، ثم قدم أهله أمر بقية يومه بالإمساك تأديباً، وليس بفرض.

وأما صوم الإباحة، فمن أكل وشرب ناسياً، أو تقيأ من غير تعمد، فقد أباح الله ذلك له، وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض، فإن العامة إختلفت في ذلك، فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لايصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر.

فأما نحن نقول: يفطر في الحالتين جميعاً، فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه في ذلك القضاء، فإن الله تعالى يقول:(وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (1) .

واعلم - رحمك الله - أن الصوم حجاب ضربه الله عز وجل على الألسن، والأسماع و الأبصار، وسائر الجوارح، لماله في عادة من سره(2) وطهارة تلك الحقيقة حتى يستر به من النار.

وقد جعل الله على كل جارحة حقاً للصيام، فمن أدى(3) حقها كان صائماً ومن ترك شيئاً منها نقص من فضل صومه بحسب ما ترك منها.

واعلم أن أول أوقات الصيام وقت الفجر، وآخرة هو الليل، طلوع ثلاثة كواكب ( ترى مع غروب الشمس )(4) وذهاب الحمرة من المشرق، وفي وجوه سواد المحاجز(5) .

____________________

(1) البقرة 2: 185، وقد ورد باختلاف يسير في الفقيه 2: 46|208، والهداية: 48، والمقنع: 55، والخصال: 534، والكافي 4: 83|1، والتهذيب 4: 294|895، وتفسير القمي 1: 185. من بداية باب الصوم.

(2) كذا في نسخة « ض » والبحار 96: 291|13، وفي « ش »: « عبادة من سترة ».

(3) في نسخة « ش »: « اوفى ».

(4) في نسخة « ض »: « لا ترى مع الشمس ». وهي مؤدى نفس عبارة المتن.

(5) في نسخة « ض »: « المحاجر ».

٢٠٢

وأدنى ما يتم به فرض الصوم العزيمة - وهي النية - و ترك الكذب على الله وعلى رسوله، ثم ترك الأكل، والشرب، والنكاح، والإرتماس في الماء، واستدعاء القذف، فإذا تم هذه الشروط - على ما وصفناه - كان مؤدياً لفرض الصوم، مقبولاً منه بمنة الله تعالى(1) .

وما يلزمه من صوم السنة فضل الفريضة، وهو ثلاثة أيام في كل شهر: الأربعاء بين الخميسين، وصوم شعبان، ليتم به نقص الفريضة.

وشهر رمضان ثلاثون يوماً، وتسعة وعشرون يوماً، يصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان(2) والفرض تام فيه أبداً لا ينقص - كما روي - ومعنى ذلك الفريضة فيه الواجبة قد تمت، وهو شهر قد يكون ثلاثين يوماً، أو تسعة وعشرين يوماً.

____________________

(1) ورد مؤداه في الفقيه 2: 67|276، 277، والمقنع: 60، والهداية: 46 عن رسالة أبيه، والتهذيب4: 202. من « وأدنى ما يتم به فرض الصوم... ».

(2) التهذيب 4: 156|432 وفيه تقديم وتأخير.

٢٠٣

30 - باب نوافل شهر رمضان ودخوله

إعلم - يرحمك الله - أن لشهر رمضان حرمة ليست كحرمة سائر الشهور، لما خصه الله به وفضّله، وجعل فيه ليلة القدر، والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر [ ليس ](1) فيها ليلة القدر(2) .

فعليكم بغضّ الطرف وكفّ الجوارح عمّا نهى الله عنه، وتلاوة القرآن، والتسبيح و التهليل، والإكثار من ذكر الله، والصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في الليل والنهار ما استطعتم، ولا تجعلوا يوم صومكم كيوم فطركم(3) ، وإن الصوم جنة من النار(4) .

وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم أنه قال: « من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغض بصره، وكف أذاه، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه » فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقال: « ما أصعب هذا من شرط »(5) .

وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم أنه قال: « نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح »(6) .

____________________

(1) أثبتناه من البحار 96: 380|5 عن فقه الرضاعليه‌السلام .

(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 61|265، والكافي 4: 66|2، والتهذيب 4: 192|547.

(3) ورد مؤداه في الفقيه 1: 67|278، 68|685، والكافي 4: 87|1 و3، والتهذيب 4: 194|554.

(4) الفقيه 2: 45|200، والكافي 4: 62|1 و3.

(5) الفقيه 2: 60|259، والكافي 4: 87|2، والتهذيب 4 195|560.

(6) المقنع: 65، والكافي 4: 64|12، والتهذيب 4: 190|540.

٢٠٤

وقيل: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه(1) .

إتبعوا سنة الصالحين فيما امروا به ونهوا عنه، وصلّوا منه أول ليلة إلى عشرين يمضي منه، من الزيادة على نوافلكم في غيره في كل ليلة عشرين ركعة: ثمانية منها بعد صلاة المغرب، اثنتي عشر بعد العشاء الآخرة.

وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثون ركعة: اثنتان وعشرون بعد العشاء الآخرة، و روي(2) أن الثمان مثبت بعد المغرب لا يزاد، واثنتين وعشرين بعد العشاء الآخرة. و قيل: اثنتي عشرة ركعة منها بعد المغرب، وثماني عشرة ركعة بعد العشاء الاخرة.

وصلوا في ليلة إحدى وعشرين وثلاثة وعشرين مائة ركعة، تقرؤون في كل ركعة ( فاتحة الكتاب ) مرة واحدة، و( قل هو الله أحد ) عشر مرات(3) واحسبوا الثلاثين ركعة من المائة، فإن لم تطق ذلك من قيام صليت وأنت جالس وإن شئت قرأت في كل ركعة مرة مرة ( قل هو الله أحد ).

وإن استطعت أن تحيي هاتين الليلتين إلى الصبح فافعل، فإن فيها فضل كثير والنجاة من النار، وليس سهر ليلتين يكبر فيما أنت تؤمل(4) .

وقد روي أن السهر في شهر رمضان في ثلاث ليال: ليلة تسعة عشر في تسبيح ودعاء بغير صلاة، وفي هاتين الليلتين أكثروا من ذكر الله جل وعزّ والصلاة على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، وفي ليلة الفطر، وأنه ليلة يوفى فيها الأجير أجره.

وأروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: إن الله عزّ وجل يعتق في أول ليلة من شهر رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان العشر الأواخر عتق في ليلة منه مثل ما أعتق في العشرين الماضية، فإذا كان ليلة الفطر أعتق من النار مثل ما أعتق في سائر الشهر(5) .

اجتنبوا شم المسك والكافور والزعفران، ولا تقرب من الأنف، واجتنب المسّ

____________________

(1) الفقيه 2: 45|204، والكافي 4: 65|15.

(2) في نسخة « ش »: « لما روي ».

(3) الفقيه 2: 100|450، من « وصلوا في ليلة ».

(4) ورد مؤداه في الفقيه 2: 88|397، والتهذيب 3: 63|214، من « وصلوا في ليلة ».

(5) ورد مؤداه في الفقيه 2: 60|261، والكافي 4: 67|7، والتهذيب 4: 193|551 من « وأروى عن العالم... ».

٢٠٥

والقبلة والنظر، فإنها سهم من سهام إبليس، واحذر السواك الرطب، وإدخال الماء في فيك للتلذذ في غير وضوء فإن دخل منه شيء في حلقك فقد أفطرت وعليك القضاء.

إجتنبوا الغيبة - غيبة المؤمن - واحذروا النميمة، فإنهما يفطران الصائم(1) .

ولا غيبة للفاجر، وشارب الخمر، واللاعب بالشطرنج، والقمار.

ولا بأس للصائم بالكحل، والحجامة، والدهن، وشم الريحان - خلا النرجس - واستعمال الطيب من البخور وغيره - ما لم يصعد في أنفه - فإنه روي: أن البخور تحفة الصائم.

ولا بأس للصائم أن يتذوق القدر بطرف لسانه، ويزق الفرخ، ويمضغ للطفل الصغير(2) .

أحسنوا إلى عيالكم ووسعوا عليهم، فإنه قد أروي عن العالمعليه‌السلام أنه قال: إن الله لا يحاسب الصائم على ما أنفقه في مطعم ولا مشرب وأنه لا إسراف في ذلك.

إجتهدوا في ليلة الفطر في الدعاء والسهر، وصلّوا ركعتين يقرأ في الركعة الاُولى ( باُم الكتاب ) و( قل هو الله ) ألف مرة، وفي الثانية مرة واحدة(3) ، وقد روي: أربع ركعات، في كل ركعة مائة مرة ( قل هو الله أحد ).

وإذا رأيت هلال شهر رمضان، فلا تشر إليه، ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى الله، وخاطب الهلال وكبر في وجهه، ثم تقول: ربي وربك الله رب(4) العالمين، اللهم أهله علينا بالأمن والأمانة والإيمان، والسلامة والإسلام(5) ، والمسارعة فيما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا عونه وخيره، واصرف عنّا شره وضره وبلاءه وفتنته(6) .

ويستحب أن يتسحر في شهر رمضان ولو بشربة من الماء، وأفضل السحور السويق والتمر، مطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر(7) ، واُحل لك الإفطار إذا بدت ثلاثة أنجم، وهي تطلع مع غروب الشمس(8) .

____________________

(1) ورد مؤداه في الفقيه 2: 67|280، والكافي 4: 87|3، والتهذيب 4: 194|553 من « اجتنبوا الغيبة.... ».

(2) ورد مؤداه في المقنع: 60. من « ولا بأس للصائم بالكحل... ».

(3) ورد مؤداه في الكافي 4: 168. من « إجتهدوا في ليلة الفطر... ».

(4) ليس في نسخة « ض ».

(5) ليس في نسخة « ض ».

(6) الفقيه 2: 62|296 عن رسالة أبيه، الهداية: 45، من « وإذا رأيت هلال شهر رمضان... ».

(7) المقنع: 64، والهداية: 48 باختلاف يسير.

(8) الفقيه 2: 81|358 عن رسالة أبيه، والمقنع: 65.

٢٠٦

فإذا صمته فعليك أن تظهر السكينة والوقار، وليصم سمعك وبصرك عمّا لا يحل النظر إليه، واجتنب الفحش من الكلام.

واتق في صومك خمسة أشياء تفطرك: الأكل، والشرب، والجماع، والإرتماس في الماء، والكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمة(1) .

والخناء(2) من الكلام، والنظر إلى ما لا يجوز - وروي: أن الغيبة تفطر(3) الصائم - وسائر ذلك ينقص الصوم.

وأكثر في هذا الشهر المبارك من قراءة القرآن والصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكثرة الصدقة، وذكر الله في آناء الليل والنهار، وبر الإخوان وإفطارهم معك بما يمكنك، فإنّ في ذلك ثواب عظيم وأجر كبير.

فإن نسيت وأكلت أو شربت، فأتم صومك ولا قضاء عليك(4) .

واغتسل في ليلة تسع عشرة منها، وفي ليلة إحدى وعشرين، وفي ليلة ثلاثة وعشرين، وإن نسيت فلا إعادة عليك(5) .

وكذلك إن احتلمت نهاراً، لم يكن عليك قضاء ذلك اليوم(6) .

وإن أصابتك جنابة في أول الليل، فلا بأس بأن تنام متعمداً وفي نيتك أن تقوم وتغتسل قبل الفجر، فإن غلبك النوم حتى تصبح فليس عليك شيء(7) إلا أن تكون انتبهت في بعض الليل ثم نمت، وتوانيت ولم تغتسل وكسلت، فعليك صوم ذلك اليوم، وإعادة يوم آخر مكانه(8) : وإن تعمدت النوم إلى أن تصبح، فعليك قضاء ذلك اليوم، والكفارة: وهو صوم شهرين متتابعين، أو عتق رقبة، أو أطعام ستين مسكيناً(9) .

____________________

(1) الهداية: 46 عن رسالة أبيه، المقنع: 60، من « واتق في صومك... ».

(2) الخنا: الفحش « الصحاح - خنا - 6: 2332 ».

(3) تحف العقول: 11، من « وروي ».

(4) ورد مؤداه في الفقيه 2: 74|318، والمقنع: 61، والتهذيب 4: 277|838. من « فإن نسيت.... ».

(5) الفقيه 2: 103|461، والتهذيب 4: 196|561 باختلاف في ألفاظه.

(6) ورد مؤداه في الكافي 4: 105|3، وقرب الأسناد: 78.

(7) ورد مؤداه في الفقيه 2: 74|322، والكافي 4: 105|1، والتهذيب 4: 210|608.

(8) ورد مؤداه في الفقيه 2: 75|323، والتهذيب 4: 211|611 - 615، و الاستبصار 2: 86|267 - 271.

(9) ورد مؤداه في التهذيب 4: 212|616 - 618، والاستبصار 2: 87|272 - 274.

٢٠٧

ومن أراد أن يتسحّر فله ذلك إلى أن يطلع الفجر، ولو أن رجلين نظرا فقال أحدهما هذا الفجر قد طلع، وقال الآخر: ما طلع الفجر بعد، حل التسحّر للذي لم يره أنّه طلع، وحرم على الذي يراه أنه طلع(1) .

ولو أن قوماً مجتمعين سألوا أحدهم أن يخرج وينظر هل طلع الفجر؟ ثم قال: قد طلع الفجر، وظن بعضهم أنه يمزح فأكل وشرب، كان عليه قضاء ذلك اليوم(2) .

ولا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين وعليهما القضاء.

ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفة، وعلم أنه قادر على الصوم وهو أبصر بنفسه(3) .

ولا يجوز للمسافر على حال من الأحوال، إلا عادياً أو باغياً والعادي: اللص، والباغي: الذي يبغي الصيد.

فإذا قدمت من السفر وعليك بقية يوم، فأمسك من الطعام و الشراب إلى الليل، فإن خرجت في سفر وعليك بقية يوم فافطر.

وكل من وجب عليه التقصير في السفر فعليه الإفطار، وكل من وجب عليه التمام في الصلاة فعليه الصيام، متى ما أتمّ صام، ومتى ما قصّر أفطر.

والذي يلزمه التمام للصلاة والصوم في السفر: المكاري، والبريد، والراعي، والملاح، والرابح، لأنه عملهم.

وصاحب الصيد إذا كان صيده بطراً فعليه التمام في الصلاة والصوم، وإن كان صيده للتجارة فعليه التمام في الصلاة والصوم. وروى أن عليه الإفطار في الصوم، وإذا كان صيده مما يعود على عياله فعليه التقصير في الصلاة والصوم(4) ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم: « الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله »(5) .

وإن أصابك رمد فلا بأس أن تفطر تعالج عينيك(6) .

____________________

(1) ورد مؤداه في الفقيه 2: 82|365، والكافي 4: 97|7.

(2) الفقيه 2: 83|367، والكافي 4: 97|4، والتهذيب 4: 270|814، باختلاف في ألفاظه.

(3) ورد مؤداه في الفقيه 2: 83|369، والكافي 4: 118|2 و3 و8 من « ويصوم العليل... ».

(4) ورد باختلاف يسير في المقنع: 62، من « فإذا قدمت من السفر... ».

(5) الكافي 5: 88|1 وفيه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(6) ورد مؤداه في الفقيه 2: 84|373، والكافي 4: 118|4 و5، والتهذيب 4: 257|760.

٢٠٨

وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديباً وعليها قضاء ذلك اليوم(1) وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء.

ولا بأس أن يذوق الطباخ المرقة - وهو صائم - بطرف لسانه من غير أن يبتلعه.

ولا بأس بشم الطيب - الا أن يكون مسحوقاً - فإنه يصعد إلى الدماغ(2) .

وقد ذكرنا صوم يوم الشك في أول الباب، ونفسره ثانية لتزداد به بصيرة ويقيناً. وإذا شككت في يوم لا تعلم أنه من شهر رمضان أو من شعبان، فصم من شعبان، فإن كان منه لم يضرك، وإن كان من شهر رمضان جاز لك من رمضان، وإلا فانظر أي يوم صمت من العام الماضي، وعدّ منه خمسة أيام وصم اليوم الخامس.

وقد روي: إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو من ليلة، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين، فإذا رأيت ظل رأسك فيه فلثلاث ليال(3) .

وإذا شككت في هلال شوال وتغيمت السماء فصم ثلاثين يوماً وأفطر، وودع الشهر في آخر ليلة منه، وتقرأ دعاء الوداع.

وإذا كان ليلة الفطر صليت المغرب وسجدت وقلت: يا ذا الطول، ويا ذا الجود، وياذا الحول، يا مصطفي محمد وناصره، صلِّ - يا الله - على محمد وعلى آله وسلم، وأغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته وهو عندك في كتاب مبين، ثم يقول مائة مرة: أتوب إلى الله(4) .

وكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة والغداة ولصلاة العيد والظهر والعصر، كما تكبر أيام التشريق، تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا وأبلانا، والحمد لله بكرة وأصيلاً(5) .

وادفع زكاة الفطر عن نفسك، وعن كل من تعول - من صغير أو كبير، حر وعبد، ذكر وانثى(6) - واعلم أن الله تعالى فرضها زكاة للفطر قبل أن تكثر الأموال فقال:(أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) وإخراج الفطرة واجب على الغني والفقير، والعبد والحر، وعلى الذكران

____________________

(1) المقنع: 64.

(2) الفقيه 2: 70|292 باختلاف يسير.

(3) الفقيه 2: 78|342 و343، والمقنع: 58، والهداية: 45. من « وقد روي... ».

(4) الهداية: 52 باختلاف يسير. من « وإذا كان ليلة الفطر... ».

(5) الفقيه 2: 108|464، والهداية: 52 باختلاف يسير.

(6) المقنع: 66، والهداية: 51.

٢٠٩

والإناث، والصغير والكبير، والمنافق والمخالف، لكل رأس صاع من تمر - وهو تسعة أرطال بالعراقي - أو صاع من حنطة، أو صاع من شعير، أو صاع من زبيب، أو قيمة ذلك. ومن أحب أن يخرج ثمناً فليخرج ( ما بين ثلثي درهم )(1) إلى درهم، والثلثان أقل ما روي، والدرهم أكثر ما روي، وقد روي ثمن تسعة أرطال تمر(2) .

وروي، من لم تستطع يده لإخراج الفطرة، أخذ من الناس فطرتهم، وأخرج ما يجب عليه منها.

ولا بأس بإخراج الفطرة إذا دخل العشر الأواخر، ثم إلى يوم الفطر قبل الصلاة، فإن أخَّرها إلى أن تزول الشمس صارت صدقة.

ولا يدفع الفطرة إلا إلى مستحق، وأفضل ما يعمل به فيها أن تخرج إلى الفقيه ليصرفها في وجوهها، بهذا جاءت الروايات.

والذي يستحب الإفطار عليه يوم الفطر البرّ والتمر، وأروي عن العالمعليه‌السلام : الإفطار على السكر، وروي: أفضل ما يفطر عليه طين قبر الحسينعليه‌السلام (3) .

وروي أن للفطر تشريقاً كتشريق الأضحى، يستحب فيه الذبيحة كما يستحب في الأضحى.

وعليكم بالتكبير يوم العيد، والغدوّ إلى مواضع الصلاة، والبروز إلى تحت السماء والوقوف تحتها، إلى وقت الفراغ من الصلاة والدعاء.

وروي: الفطرة نصف صاع من بر، وسائره صاعاً صاعاً(4) .

ولا يجوز أن يدفع ما يلزمه واحد إلى نفسين، فإن كان لك مملوكاً - مسلماً أو ذمياً - فادفع عنه، وإن ولد لك مولود يوم الفطر قبل الزوال فادفع عنه الفطرة، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه، وكذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال أو بعد فعلى هذا(5) .

ولا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره - وهي الزكاة - الى أن

____________________

(1) في نسخة « ش »: « ما تبين وثلثي درهم » وفي نسخة « ض »، والبحار 96: 107|11، ومستدرك الوسائل 1: 527|2: « مائتين وثلاثين درهماً ». والظاهر ما اثبتناه هو الصواب.

(2) ليس في نسخة « ش ».

(3) ورد مؤداه في الفقيه 2: 113|485 من « والذي يستحب... ».

(4) ورد مؤداه في التهذيب 4: 85|246 من « وروي: الفطرة... ».

(5) الفقيه 2: 116|499، المقنع: 66 باختلاف يسير.

٢١٠

تصلي صلاة العيد، فإن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان(1) .

واعلم أن الغلام يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين - على قدر ما يطيقة - فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر(2) وإذا صام ثلاثة أيام فلا يأخذه بصيام الشهر كله.

وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل أن تصوم من العطش والجوع، أو خافت أن تضر لولدها، فعليهم جميعاً الإفطار، و يتصدق عن كل واحد لكل يوم بمدّ من طعام، وليس عليه القضاء(3) .

وإذا مرض الرجل وفاته صوم شهر رمضان كلّه، ولم يصمه إلى أن يدخل عليه شهر رمضان من قابل، فعليه أن يصوم هذا الذي قد دخل عليه، ويتصدق عن الأول لكل يوم بمد طعام، وليس عليه القضاء إلا أن يكون قد صحّ فيما بين شهرين رمضانين، فإذا كان كذلك ولم يصم، فعليه أن يتصدق عن الأول لكل يوم مداً من طعام، ويصوم الثاني، فإذا صام الثاني قضى الأول بعده.

وإن فاته شهران رمضانان حتى دخل الشهر الثالث وهو مريض، فعليه أن يصوم الذي دخله، ويتصدق عن الأول لكل يوم مداً من طعام، ويقضي الثاني(4) .

فإن أردت سفراً، أو أردت أن تقدم من صوم السنة شيئاً، فصم ثلاثة أيام للشهر الذي تريد الخروج فيه(5) .

وإن أردت قضاء شهر رمضان، فأنت بالخيار، إن شئت قضيتها متتابعاً، وإن شئت متفرقاً، فقد روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « يصوم ثلاثة أيام ثم يفطر »(6) .

وإذا مات الرجل وعليه من صوم شهر رمضان، فعلى وليه أن يقضي عنه، وكذلك إذا فاته في السفر، إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح فلا قضاء عليه، وإذا كان للميت

____________________

(1) الفقيه 2: 118، عن رسالة أبيه، والمقنع: 67، والهداية: 51.

(2) الفقيه 2: 76|329، والمقنع: 61.

(3) المقنع: 61 باختلاف يسير، والمختلف: 245 عن رسالة علي بن بابويه.

(4) المختلف: 240، عن رسالة ابن بابويه، والمقنع: 64.

(5) الفقيه 2: 51، عن رسالة أبيه.

(6) المقنع: 63 باختلاف يسير.

٢١١

وليان فعلى أكبرهما من الرجلين أن يقضي عنه، فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء(1) .

ومن جامع في شهر رمضان أو أفطر، فعليه عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً - لكل مسكين مد من طعام - وعليه قضاء ذلك اليوم، وأنّى له بمثله(2) !

وقد روي رخصة في قبلة الصائم، وأفضل من ذلك أن يتنزه عن مثل هذا، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « اما يستحي أحدكم ألا يصبر يوماً إلى الليل، إنه كان يقال: إن بدو القتال اللّطام » ولو أن رجلا لصق باهله في شهر رمضان وادفق كان عليه عتق رقبة(3) .

ولا بأس بالسواك - للصائم - والمضمضة والإستنشاق، إذا لم يبلع ولا يدخل الماء في حلقه، ولا بأس بالكحل إذا لم يكن مُمَسَّكَاً، وقد روي رخصة المسك، فإنه يخرج على عكرة(4) لسانه.

ولا يجوز للصائم أن يقطر في أذنه شيئاً، ولا يسعط، ولا يحتقن، والمرأة لا تجلس في الماء فإنها تحمل الماء بقبلها، ولا بأس للرجل أن يستنقع فيه ما لم يرتمس فيه.

واعلم أن النذر على وجهين(5) : أحدهما أن يقول الرجل: إن افعل كذا وكذا فللّه عليّ صوم كذا، أو صلاة، أو صدقة، أو حج، أو عتق رقبة، فعليه أن يفي لله بنذره، إذا كان ذلك الشيء، كما نذر فيه.

فإن أفطر يوم صوم النذر، فعليه الكفارة - شهرين متتابعين - وقد روي أن عليه كفارة يمين.

والوجه الثاني من صوم النذر: أن يقول الرجل: إن كان كذا وكذا صمت، أو صليت، أو تصدقت، أوحججت، ولم يقل لله علي كذا وكذا، إن شاء لم يفعل فهو بالخيار(6) .

فمتى وجب على الإنسان صوم شهرين متتابعين، فصام شهراً وصام من الشهر

____________________

(1) الفقيه 2: 98|439، المقنع: 63 باختلاف يسير.

(2) المقنع: 60.

(3) الفقيه 2: 70|297 و298 باختلاف في ألفاظه.

(4) عكرة اللسان: اصله « الصحاح - عكر 2: 756 ».

(5) في نسخة « ش »: « قسمين ».

(6) ورد مؤداه في الفقيه 3: 232|1095، والمقنع: 137، والهداية: 73.

٢١٢

الثاني أياماً ثم أفطر، فعليه أن يبني عليه ولا بأس، وإن صام شهراً أو أقل منه ولم يصم من الشهر الثاني شيئاً عليه أن يعيد صومه - إلا أن يكون قد أفطر لمرض - فله أن يبني على ما صام، لأن الله حبسه(1) .

والرعاف والقلس والقيء لا ينقض الصوم، إلا أن يتقيأ متعمداً.

ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة ولا تطوع، إلا الصوم الذي ذكرناه في أول الباب، من صوم كفارة صيد الحرم، وصوم كفارة الإحلال في الإحرام أن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيام لطلب حاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وصوم الإعتكاف في المسجد الحرام ومسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم ومسجد الكوفة ومسجد المدائن.

ولا يجوز الإعتكاف في غير هؤلاء المساجد الأربعة، والعلة في ذلك أنه لا يعتكف إلا في مسجد جمع فيه إمام عدل، وجمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة والمدينة، وأميرالمؤمنينعليه‌السلام في هذه الثلاثة المساجد، وقد روي في مسجد البصرة(2) .

إذا قضيت صوم شهر رمضان والنذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال، فعليك كفارة مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان(3) ، وقد روي أن عليه إذا أفطر بعد الزوال، إطعام عشرة مساكين - لكل مسكين مد من طعام - فإن لم يقدر عليه صام يوماً بدل يوم، وصام ثلاثة أيام كفارة لما فعل(4) .

وإذا أصبحت يوم الفطر، إغتسل وتطيب وتمشط والبس أنظف ثيابك وأطعم شيئاً من قبل أن تخرج إلى الجبانة، فإذا أردت الصلاة فابرز إلى تحت السماء، وقم على الأرض و لا تقم على غيرها، وأكثر ذكر الله والتضرع إلى الله عزّ وجل وسله أن لا يجعل منك آخر العهد، وبالله التوفيق(5) .

____________________

(1) المقنع: 64 باختلاف يسير.

(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 120|519، والمقنع: 66، والكافي 4: 176|1.

(3) المختلف: 248 عن رسالة علي بن بابويه، والمقنع: 63.

(4) المقنع: 63.

(5) الهداية: 53 باختلاف في ألفاظه.

٢١٣

31 - باب الحج وما يستعمل فيه

إعلم - يرحمك الله - أن الحج فريضة من فرائض الله - جل وعزّ - اللازمة منه، الواجبة على من استطاع إليه سبيلاً، وقد وجب في طول العمر مرة واحدة، ووعد عليها من الثواب الجنة، والعفو من الذنوب، وسمي تاركه كافراً وتوعد على تاركه بالنار، فنعوذ بالله.

وروي أن منادياً ينادي بالحاج إذا قضوا مناسكهم: قد غفر لكم ما مضى، فاستأنفوا العمل(1) .

أروي عن العالمعليه‌السلام أنه لا يقف أحد - من موافق أو مخالف - في الموقف إلا غفر له(2) فقيل لهعليه‌السلام : إنه يقفه الشاري(3) والناصب وغيرهما، فقال: يغفر للجميع، حتى أن أحدهم لو لم يعاود، إلى ما كان عليه، ما وجد شيئاً ممّا تقدم، وكلهم معاود قبل الخروج من الموقف.

وروي أن حجة مقبولة خير من الدنيا بما فيها، وجعله في شهر معلوم، مقرون العمرة، إلى الحج.

فأدنى ما يتم به فرض الحج: الإحرام بشروطه، والتلبية، والطواف، والصلاة عند المقام، والسعي بين الصفا والمروة، والموقفين، وأداء الكفارات، والنسك، والزيارة، وطواف النساء.

والذي يفسد الحج ويوجب الحج من قابل، الجماع للمحرم في الحرم، وما سوى ذلك

____________________

(1) ورد مؤداه في ثواب الأعمال: 71|6، والمحاسن: 64|115.

(2) ورد مؤداه في الفقيه 2: 136|582 و583، وثواب الأعمال: 71|5.

(3) في نسخة « ش » و« ض »: « الشادي » وما أثبتناه من البحار 99: 11|33 عن فقه الرضاعليه‌السلام و الشاري: من دان بدين الشراة وهم الخوارج « القاموس المحيط - شرى - 4: 348 ».

٢١٤

ففيه الكفارات، وهي مثبتة في باب الكفارات.

ثم يجب عليه بالسنة الحج نافلة بقدر اتساعه وصحة جسمه وقوته على السفر، والذي فرض الله على عباده الحج والعمرة - لمن وجد طولاً - فقال(فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) (2) .

والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة الى الحج.

ولا يجوز لأهل مكة وحاضريها التمتع إلى الحج، وليس لهما إلا القران أو الإفراد، لقول الله تبارك وتعالى:(فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ - ثم قال جل وعزّ -ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (3) مكة ومن حولها على ثمانية وأربعين ميلاً، ومن كان خارجاً من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعاً بالعمرة إلى الحج، ولا يقبل الله غيره منه(4) .

فإذا أردت الخروج إلى الحج، فوفر شعرك شهر ذي القعدة وعشرة من ذي الحجة، واجمع أهلك وصلّ ركعتين، ومجد(5) الله عز وجل، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم، وارفع يديك إلى الله وقل: اللهم اني أستودعك اليوم ديني ومالي ونفسي وأهلي وولدي وجميع جيراني وإخواني المؤمنين الشاهد منا والغائب عنا.

فإذا خرجت فقل: بحول الله وقوته أخرج.

فإذا وضعت رجلك في الركاب، فقل: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فإذا استويت على راحلتك، واستوى بك محملك، فقل: الحمد الله الذي ( هدانا إلى الإسلام، ومنَّ علينا بالإيمان، وعلّمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سبحان الذي )(6) سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنّا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين(7) .

وعليك بكثرة الإستغفار، والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله، و

____________________

(1) ورد مضمونه في الففقيه 2: 213|971، والمقنع: 76، والكافي 4: 374|3، والتهذيب 5: 318|1096.

(2) (3) البقرة 2: 196.

(4) الفقيه 2: 203|926، والمقنع: 67، والهداية: 54، من « ولا يجوز لأهل مكة...».

(5) في نسخة « ش »: واحمد.

(6) ما بين القوسين ليس في نسخة « ش ».

(7) الفقيه 2: 311، والمقنع: 67، والهداية: 54 باختلاف يسير.

٢١٥

حسن الخلق، وحسن الصحابة لمن صحبك، وكظم الغيظ، وقلة الكلام، وإياك والمماراة.

فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1) فإنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقت لأهل العراق العقيق، وأوله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، وأوله أفضل.

ووقت لأهل الطائف قرن المنازل.

ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة - وهي مسجد الشجرة -.

ووقت لأهل اليمن يلملم.

ووقت لأهل الشام المهيعة وهي الجحفة(2) .

ومن كان منزله دون هذه المواقيت - ما بينهما وبين مكة - فعليه أن يحرم من منزله(3) ، ولا يجوز الإحرام قبل بلوغ الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلل أو تقيّة، فإذا كان الرجل عليلاً أو اتَّقى، فلا بأس بأن يؤخر الإحرام إلى ذات عرق(4) .

فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ والبس ثيابك، وصلّ ست ركعات، تقرأ فيها ( فاتحة الكتاب ) و( قل هو الله أحد ) و( قل ياأيها الكافرون ) فإن كان وقت صلاة الفريضة فصلّ هذه الركعات قبل الفريضة ثم صلّ الفريضة.

وروي أن أفضل ما يحرم، الإنسان في دبر الصلاة الفريضة، ثم احرم في دبرها ليكون أفضل، وتوجه في الركعة الاُولى منها(5) .

فإذا فرغت فارفع يديك، ومجّد الله كثيراً وصلّ على محمد وآله كثيراً وقل: اللهم اني اُريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج، على كتابك وسنة نبيك صلّى الله عليه و آله وسلم، فإن عرض لي عارض يحبسني، عحلني حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت عليّ، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة(6) .

ثم تلبي سرّاً بالتلبيات الأربع - وهي المفترضات - تقول: لبّيك اللهم لبيك،

____________________

(1) شرط جوابه يأتي في قوله: « فإذا بلغت الميقات فاغتسل أو توضأ ».

(2) الفقيه 2: 312، المقنع: 68، الهداية: 54 باختلاف يسير، من « فإذا بلغت... ».

(3) الفقيه 2: 200|912.

(4) الفقيه 2: 199|907.

(5) الهداية: 55 بإختلاف في ألفاظه.

(6) المقنع: 69، والهداية: 55، والكافي 4: 331|2، والتهذيب 5: 77|253، باختلاف يسير.

٢١٦

لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه الأربعة مفروضات(1) .

وتقول لبّيك ذا المعارج لبّيك، لبّيك تبدئ وتعيد والمعاد اليك لبّيك، لبّيك داعياً إلى دار السلام لبّيك، لبّيك كشاف الكرب العظام لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك، لبّيك عبدك وابن عبيدك بين يديك لبّيك، لبّيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبّيك. وأكثر من ذي المعارج(2) .

واتق في إحرامك: الكذب واليمين الكاذبة والصادقة - وهو الجدال الذي نهاه الله -.

والجدال: قول الرجل: لا والله وبلى والله، فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شيء عليك، وإن جادلت ثلاثاً وأنت صادق فعليك دم شاة وإن جادلت مرة وأنت كاذب فعليك دم شاة، وإن جادلت مرتين كاذباً فعليك دم بقرة، وإن جادلت ثلاثاً وأنت كاذب فعليك بدنة.

واتق الصيد والفسوق وهو الكذب، فاستغفر الله منه، وتصديق بكف طُعَيم.

والرفث: الجماع، فإن جامعت وأنت محرم - في الفرج - فعليك بدنة والحج من قابل. ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تؤدي المناسك ثم تجتمعان، فإذا حججتما من قابل، وبلغتما الموضع الذي واقعتها فرق بينكما حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعان.

فإن أخذتما على غير الطريق الذي كنتما أحدثتما فيه العام الأول، لم يفرق بينكما.

وتلزم المرأة بدنة إذا طاوعت الرجل، فإن أكرهها لزمه بدنتان ولم يلزم المرأة شيء.

فإن كان الرجل جامعها دون الفرج، فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل.

فإن كان الرجل جامعها بعد وقوفه بالمشعر، فعليه دم وليس عليه الحج من

____________________

(1) الفقيه 2: 313.

(2) الفقيه 2: 314، والمقنع: 69، والهداية: 55 بتقديم وتأخير.

٢١٧

قابل(1) .

وإن لبس ثوباً من قبل أن يلبي نزعه من فوق وأعاد الغسل ولا شيء عليه. وإن لبسه بعد ما لبى فينزعه من أسفله وعليه دم شاة، وإن كان جاهلاً فلا شيء عليه(2) .

وإذا لبيت فارفع صوتك بالتلبية، ولب متى ما صعدت اكمة، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو انتبهت من نومك، أو ركبت أو نزلت، وبالأسحار.

فإن أخذت على طريق المدينة، لبيت سراً قبل أن تبلغ الميل الذي على يسار الطريق، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية، ولا تجوز الميل إلا ملبياً(3) .

فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية. وحد بيوت مكة من عقبة المدنيين أو بحذاها، ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة وهو عقبة ذي طوى(4) .

فإذا بلغت الحرم فاغتسل قبل أن تدخل مكة، وامش هنيهة وعليك السكينة والوقار.

فإذا دخلت مكة ونظرت إلى البيت فقل: الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً وهدى للعالمين(5) . ثم ادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار(6) ، وإن كنت مع قوم تحفظ عليهم رحالهم - حتى يطوفوا ويسعوا - كنت أعظمهم ثواباً.

وادخل المسجد من باب بني شيبة فقل: بسم الله وبالله، وعلى ملة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم تطوف بالبيت، وتبدأ بركن الحجر الأسود وقل: أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي لا موافاة، آمنت بالله عز وجل، وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزّى وهبل والأصنام، وعبادة الأوثان والشيطان، وكل ندّ

____________________

(1) الفقيه 2: 212|968 عن رسالة أبيه، والمقنع: 70 باختلاف يسير.

(2) الفقيه 2: 202|924، والمقنع: 70 باختلاف يسير.

(3) الفقيه 2: 314 بتقديم وتأخير.

(4) الفقيه 2: 315، والمقنع: 80، والهداية: 56.

(5) الفقيه 2: 215، المقنع: 80، الهداية: 56 باختلاف يسير. من « فإذا دخلت مكة... ».

(6) الفقيه 2: 315، الكافي 4: 400|6 و401|1، التهذيب 5: 100|327 باختلاف يسير.

٢١٨

يعبد من دون الله جل سبحانه عما يقولون علوّا كبيراً، تطوف أسبوعاً، وتقارب بين خطاك، وتستلم الحجر في كل شوط، فإن لم تقدر عليه فأشر إليه بيدك.

وقل عن باب البيت، سائلك ببابك مسكينك ببابك، عبيدك بفنائك فقيرك نزل بساحتك، تفضل عليه بجنتك(1) .

فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل: اللهم اعتق رقبتي من النار، وادرأ عني شرّ فسقة العرب والعجم، واظللني تحت ظل عرشك، واصرف عني شر كل ذي شر، وشر فسقة الجن والإنس(2) .

وتقول في طوافك: اللهم اني أسألك باسمك الذي يمشي به على ظلل(3) الماش كما يمشي به على جدد الأرض، وباسمك المخزون المكنون عندك، وباسمك العظيم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، أن تصلي على محمد وآل محمد(4) وأن تغفر لي وترحمني، وتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، وموسى كليمك، وعيسى روحك، ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم حبيبك.

فإذا بلغت الركن اليماني فاستلمه فإن فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح(5) ، وتسير منه إلى زاوية المسجد مقابل هذا الركن وتقول: اُصلي عليك يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتقول بين الركن اليماني وبين ركن الحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

فإذا كنت في الشوط السابع، فقف عند المستجار وتعلق بأستار الكعبة، وادع الله كثيراً وألح عليه، وسل حوائج الدنيا والآخرة، فإنه قريب مجيب(6) .

فإذا فرغت من اسبوعك فائت مقام إبراهيم وصلّ ركعتين للطواف، واقرأ فيها ( فاتحة الكتاب ) و( قل يا أيها الكافرون ) و( قل هو الله أحد )(7) .

____________________

(1) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه: 2: 316، والمقنع: 80، والهداية: 57.

(2) الهداية: 57 باختلاف يسير.

(3) ظُلَل: جمع ظُلَّة، وهي أمواج البحر. « لسان العرب - ظلل - 11: 417 ».

(4) الفقيه 2: 317، والهداية: 57.

(5) الفقيه 2: 134|571 من « فإذا بلغت الركن اليماني.... ».

(6) الفقيه 2: 317، والمقنع: 81، والهداية: 58 باختلاف يسير. من « وتقول بين الركن اليماني... ».

(7) الفقيه 2: 318، والمقنع: 81، والهداية: 58.

٢١٩

ثم تخرج إلى الصفا، ما بين الإسطوانتين تحت القناديل، فإنه طريق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصفا، فابتدئ بالصفا وقف عليه وأنت مستقبل البيت، فكبر تسع(1) تكبيرات، واحمد الله، وصلّ على محمد وعلى آله، وادع لنفسك ولوالديك وللمؤمنين.

ثم تنحدر إلى المروة وأنت تمشي، فإذا بلغت حد السعي - وهو الميلين الأخضرين - هرول واسع ملء فروجك، وقل: رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الأعز الأكرم.

فإذا جزت حد السعي، فاقطع الهرولة وامش على السكون والتؤدة والوقار، وأكثر من التسبيح والتكبير والتهليل والتمجيد والتحميد لله، والصلاة على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى تبلغ المروة، فاصعد عليه، وقل ما قلت على الصفا، وأنت مستقبل البيت.

ثم انحدر منها حتى تأتي الصفا، تفعل ذلك سبع مرات، يكون وقوفك على الصفا أربع مرات، وعلى المروة أربع مرات، والسعي ما بينهما سبع مرات، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة.

ثم تقصر من شعر رأسك من جوانبه ( وحاجبيك ومن لحيتك )(2) وقد أحللت من كل شيء أحرمت منه(3) .

ويستحب أن يطوف الرجل بمقامه بمكة ثلاثمائة وستين اُسبوعاً - بعد أيام السنة - فإن لم يقدر عليه طاف ثلاثمائة وستين شوطاً(4) .

فإن سهوت وطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط، فزد عليها ستة أشواط، وصلّ عند مقام إبراهيمعليه‌السلام ركعتي الطواف، ثم اسع [ بين ](5) الصفا والمروة ثم تأتي المقام فصلّ خلفه ركعتي الطواف.

واعلم أن الفريضة هي الطواف الثاني، والركعتين الأُولتين لطواف الفريضة،

____________________

(1) في نسخة « ض »: « بسبع ».

(2) في نسخة « ش »: « أو حاجبيك أو من لحيتك ».

(3) ورد باختلاف في ألفاظه في الفقيه 2: 318، والمقنع: 82، والهداية: 59، ومصباح المتهجد: 624.

(4) الفقيه 2: 55|1236، الكافي 4: 429|14، التهذيب 5: 135|445، والخصال: 602|7.

(5) أثبتناه من البحار99: 207|9 عن فقه الرضاعليه‌السلام .

٢٢٠