الميزان في تفسير القرآن الجزء ١

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 459

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 459
المشاهدات: 153863
تحميل: 6876


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 459 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 153863 / تحميل: 6876
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله الّذي اُنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً ، والصلاة على من جعله شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً، وعلى آله الّذين أذهب عنهم الرجس أهل البيت وطهرّهم تطهيراً.

( مقدمه)

نعرِّف فيها مسلك البحث عن معاني آيات القرآن الكريم في هذا الكتاب بطريق الاختصار.

التفسير (وهو بيان معاني الآيات القرآنيّة والكشف عن مقاصدها ومداليلها) من أقدم الاشتغالات العلميّة الّتي تعهد من المسلمين، فقد شرع تاريخ هذا النوع من البحث والتنقير المسمّى بالتفسير من عصر نزول القرآن كما يظهر من قوله تعالى وتقدّس :( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) الآية البقرة - ١٥١.

وقد كانت الطبقة الاُولى من مفسّري المسلمين جماعة من الصحابة (والمراد بهم غير عليّ عليه السلام، فإنّ له وللأئمّة من ولده نبأ آخر سنتعرّض له) كابن عبّاس وعبدالله بن عُمَر واُبي وغيرهم اعتنوا بهذا الشأن، وكان البحث يومئذ لا يتجاوز عن بيان ما يرتبط، من الآيت بجهاتها الادبيّة وشأن النزول وقليلٍ من الاستدلال بآية على آية وكذلك قليلٌ من التفسير بالروايات المأثورة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القصص ومعارف المبدء والمعاد وغيرها.

وعلى هذا الوصف جرى الحال بين المفسّرين من التابعين كمجاهد وقتادة وابن أبي ليلى والشعبيّ والسديّ وغيرهم في القرنين الأوّلين من الهجرة، فإنّهم لم يزيدوا على طريقة سلفهم من مفسّري الصحابة شيئاً غير أنّهم زادوا من التفسير بالروايات، (وبينها روايات دسّها اليهود أو غيرهم)، فأوردوها في القصص والمعارف الراجعة إلى

٢

الخلقة كابتداء السماوات وتكوين الأرض والبحار وإرم شدّاد وعثرات الأنبياء و تحريف الكتاب واشياء اُخَر من هذا النوع، وقد كان يوجد بعض ذلك في المأثور عن الصحابة من التفسير والبحث.

ثم استوجب شيوع البحث الكلاميّ بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زمن الخلفاء باختلاط المسلمين بالفرق المختلفة من اُمم البلاد المفتوحة بيد المسلمين وعلماء الاديان والمذاهب المتفرّقة من جهة.

ونقل فلسفة يونان إلى العربيّة في السلطنة الاُمويّة أواخر القرن الأوّل من الهجرة، ثمّ في عهد العبّاسيّين، وانتشار البحث العقليّ الفلسفيّ بين الباحثين من المسلمين من جهة اُخرى ثانية.

وظهور التصوّف مقارناً لانتشار البحث الفلسفيّ وتمايل الناس إلى نيل المعارف الدينيّة من طريق المجاهدة والرياضة النفسانيّة دون البحث اللفظيّ والعقليّ من جهة اُخرى ثالثة.

بقاء جمع من الناس وهم أهل الحديث على التعبّد المحض بالظواهر الدينيّة من غير بحث إلّا عن اللفظ بجهاتها الادبيّة من جهة اُخرى رابعة.

أن اختلف الباحثون في التفسير في مسالكهم بعد ما عمل فيهم الانشعاب في لمذاهب ما عمل، ولم يبقى بينهم جامع في الرأي والنظر إلّا لفظ لا إله إلّا الله ومحمّدٌ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختلفوا في معنى الأسماء والصفات والأفعال والسماوات وما فيها الأرض وما عليها والقضاء والقدر والجبر والتفويض والثواب والعقاب وفي الموت وفي البرزخ والبعث والجنّة والنار، وبالجملة في جميع ما تمسّه الحقائق والمعارف الدينيّة ولو بعض المسّ، فتفرّقوا في طريق البحث عن معاني الآيات، وكلّ يَتحفّظُ على متن ما اتّخذه من المذهب والطريقة.

فأمّا المحدّثون، فاقتصروا على التفسير بالرواية عن السلف من الصحابة والتابعين فساروا وجدّوا في السير حيث ما يسير بهم المأثور ووقفوا فيما لم يؤثر فيه شئ ولم يظهر المعنى ظهوراً لايحتاج إلى البحث أخذاً بقوله تعالى:( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ) الآية آل عمران - ٧. وقد أخطاؤا في ذلك فإنّ الله سبحانه

٣

لم يُبطل حجّة العقل في كتابه، وكيف يعقل ذلك وحجيّته إنّما تثبت به ! ولم يجعل حجيّة في أقوال الصحابة والتابعين وأنظارهم على اختلافها الفاحش، ولم يدعُ إلى السفسطة بتسليم المتناقضات والمتنافيات من الأقوال، ولم يندب إلّا إلى التدبّر في آياتة، فرفع به أيّ اختلاف يترائى منها، وجعله هدىً و نوراً و تبياناً لكلّشئ، فما بال النور يستنير بنور غيره ! وما شأن الهدى يهتدى بهداية سواه ! وكيف يتبيّن ما هو تبيان كلّشئ بشئٍ دون نفسه !.

وأمّا المتكلّمون فقد دعاهم الأقوال المذهبيّة على اختلافها أن يسيروا في التفسير على ما يوافق مذاهبهم بأخذ ما وافق وتأويل ما خالف، على حسب ما يجّوزه قول المذهب.

واختيار المذاهب الخاصّة واتخاذ المسالك والآراء المخصوصة وإن كان معلولا لاختلاف الاُنظار العلميّة أو لشئٍ آخر كالتقاليد والعصبيّات القوميّة، وليس هيهنا محلّ الاشتغال بذلك، إلّا أنّ هذا الطريق من البحث أحرى به أن يُسمّى تطبيقاً لا تفسيراً.

ففرقٌ بين أن يقول الباحث عن معنى آية من الآيات: ما ذا يقول القرآن ؟ أو يقول: ما ذا يجب ان نحمل عليه الآية ؟ فانّ القول الأوّل يوجب ان ينسى كلّ أمر نظريّ عند البحث، وأن يتّكى على ما ليس بنظريّ ، والثاني يوجب وضع النّظريّات في المسألة وتسليمها وبناء البحث عليها، ومن المعلوم أنّ هذا النحو من البحث في الكلام ليس بحثاً عن معناه في نفسه.

وأمّا الفلاسفة، فقد عرض لهم ما عرض للمتكلّمين من المفسّرين من الوقوع في ورطة التطبيق وتأويل الآيات المخالفة بظاهرها للمسلّمات في فنون الفلسفة بالمعنى الأعمّ أعني: الرياضيّات والطبيعيّات والآلهيّات والحكمة العمليّة، وخاصّة المشّائين، وقد تأولّوا الآيات الواردة في حقائق ما وراء الطبيعة وآيات الخلقة وحدوث السموات والأرض وآيات البرزخ وآيات المعاد، حتّى أنّهم ارتكبوا التأويل في الآيات الّتي لا تلائم الفرضيّات والاُصول الموضوعة الّتى نجدها في العلم الطبيعيّ: من نظام الأفلاك الكلّية والجزئية وترتيب العناصر والأحكام الفلكيّة والعنصريّة إلى غير ذلك، مع أنّهم

٤

نصّوا على أنّ هذه الأنظار مبتنية على اُصول موضوعة لا بيّنة ولا مبيّنة.

وأما المتصوّفة، فإنّهم لاشتغالهم بالسير في باطن الخلقة واعتنائهم بشأن الآيات الأنفسيّة دون عالم الظاهر وآياته الآفاقيّة اقتصروا في بحثهم على التأويل، ورفضوا التنزيل، فاستلزم ذلك اجتراء الناس على التأويل، وتلفيق جمل شعريّة والإستدلال من كلّ شئ على كلّ شئ، حتّى آل الأمر إلى تفسير الآيات بحساب الجمل وردّ الكلمات إلى الزبر والبينات والحروف النورانيّة والظلمانيّة إلى غير ذلك.

ومن الواضح أنّ القرآن لم ينزل هدى للمتصوّفة خاصّة، ولا أنّ المخاطبين به هم أصحاب علم الأعداد والأوفاق والحروف، ولا أنّ معارفه مبنيّةٌ على أساس حساب الجُمل الّذي وضعه أهل التنجيم بعد نقل النجوم من اليونانيّة وغيرها إلى العربيّة.

نعم قد وردت روايات عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّه أهل البيتعليهم‌السلام كقولهم: انّ للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة ابطن أو إلى سبعين بطناً الحديث.

لكنّهمعليهم‌السلام إعتبروا الظهر كما اعتبروا البطن، واعتنوا بأمر التنزيل كما اعتنوا بشأن التأويل، وسنبيّن في أوائل سورة آل عمران إن شاء الله: أنّ التأويل الّذي يراد به المعنى المقصود الّذي يخالف ظاهر الكلام من اللغات المستحدثة في لسان المسلمين بعد نزول القرآن وانتشار الإسلام، وأنّ الّذي يريده القرآن من لفظ التأويل فيما ورد فيه من الآيات ليس من قبيل المعنى والمفهوم.

وقد نشأ في هذه الأعصار مسلك جديد في التفسير وذلك أنّ قوماً من منتحلي الإسلام في أثر توغّلهم في العلوم الطبيعيّة وما يشابهها المبتنية على الحسّ والتجربة، والاجتماعيّة المبتنية على تجربة الإحصاء، مالوا إلى مذهب الحسّيين من فلاسفة الاُروبة سابقاً، أو إلى مذهب أصالة العمل (لا قيمة للادراكات الاترتب العمل عليها بمقدارٍ يعيّنه الحاجة الحيويّة بحكم الجبر).

فذكروا: أنّ المعارف الدينيّة لا يمكن أن تخالف الطريق الّذي تصدّقه العلوم وهو أن: (لا أصالة في الوجود إلّا للمادّة وخواصّها المحسوسة) فما كان الدين يخبر عن وجوده ممّا يكذّب العلوم ظاهره كالعرش والكرسي واللوح والقلم يجب أن يؤلّ تأويلاً.

٥

وما يُخبر عن وجوده ممّا لا تتعرّض العلوم لذلك كحقائق المعاد يجب أن يوجّه بالقوانين المادّيّة.

وما يتّكي عليه التشريع من الوحي والملك والشيطان والنبوّة والرسالة والإمامة وغير ذلك، إنّما هي اُمور روحيّة، والروح ماديّة ونوع من الخواصّ الماديّة، والتشريع نبوغ خاصّ اجتماعي يُبني قوانينه على الأفكار الصالحة، لغاية إيجاد الاجتماع الصالح الراقي.

ذكروا: أنّ الروايات، لوجود الخليط فيها لا تصلح للاعتماد عليها، إلّا ما وافق الكتاب، وأمّا الكتاب فلا يجوز أن يُبنى في تفسيره على الآراء والمذاهب السابقة المبتنية على الاستدلال من طريق العقل الّذي أبطله العلم بالبناء على الحسّ والتجربة، بل الواجب أن يستقلّ بما يعطيه القرآن من التفسير إلّا ما بيّنه العلم.

هذه جمل ما ذكروه أو يستلزمه ما ذكروه، من اتّباع طريق الحسّ والتجربة، فساقهم ذلك إلى هذا الطريق من التفسير، ولا كلام لنا هيهنا في اُصولهم العلميّة والفلسفيّة الّتي اتّخذوها اصولاً وبنوا عليها ما بنوا.

وإنّما الكلام في أنّ ما اُوردوه على مسالك السلف من المفسّرين (أنّ ذلك تطبيق وليس بتفسير) وارد بعينه على طريقتهم في التفسير، وإن صرّحوا أنّه حقّ التفسير الّذي يفسّر به القرآن بالقرآن.

ولو كانوا لم يحملوا على القرآن في تحصيل معاني آياته شيئاً، فما بالهم يأخذون الأنظار العلميّة مسلّمة لا يجوز التعدّي عنها ؟ فهم لم يزيدوا على ما أفسده السلف اصلاحاً.

وأنت بالتأمّل في جميع هذه المسالك المنقولة في التفسير تجد: انّ الجميع مشتركة في نقص وبئس النقص، وهو تحميل ما أنتجهُ الابحاث العلميّة أو الفلسفيّة من خارج على مداليل الآيات، فتبدّل به التفسير تطبيقاً وسمّي به التطبيق تفسيراً، وصارت بذلك حقائق من القرآن مجازاتٍ، وتنزيل عدّة من الآيات تأويلات.

ولازم ذلك (كما أومأنا إليه في أوائل الكلام) أن يكون القرآن الّذي يعرّف

٦

نفسه (بأنّه هدىً للعالمين ونور مبين وتبيان لكلّ شئ) مهديّاً إليه بغيره ومستنيراً بغيره ومبيّناً بغيره، فما هذا الغير ! وما شأنه ! وبماذا يهدي إليه ! وما هو المرجع والملجاُ إذا اختلف فيه ! وقد اختلف واشتدّ الخلاف.

وكيف كان فهذا الاختلاف لم يولده اختلاف النظر في مفهوم (مفهوم اللفظ المفرد أو الجملة بحسب اللغة والعرف العربيّ) الكلمات أو الآيات، فإنّما هو كلام عربيّ مبين لا يتوّقف في فهمه عربيّ ولا غيره ممّن هو عارف باللغة وأساليب الكلام العربيّ.

وليس بين آيات القرآن (وهي بضع آلاف آية) آيةٌ واحدة ذات اغلاق وتعقيد في مفهومها بحيث يتحيّر الذهن في فهم معناها، وكيف ! وهو أفصح الكلام ومن شرط الفصاحة خلوّ الكلام عن الاغلاق والتعقيد، حتّى أن الآيات المعدودة من متشابه القرآن كالآيات المنسوخة وغيرها، في غاية الوضوح من جهة المفهوم، وإنّما التشابه في المراد منها وهو ظاهر.

وإنّما الاختلاف كلّ الاختلاف في المصداق الّذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظيّة من مفردها ومركّبها، وفي المدلول التصوّريّ والتصديقيّ.

توضيحه: أنّ الاُنس والعادة (كما قيل) يوجبان لنا أن يسبق إلى أذهاننا عند استماع الألفاظ معانيها المادّيّة أو ما يتعلّق بالمادّة فإنّ المادّة هي الّتي تتقلّب فيها اُبداننا وقوانا المتعلّقة بها ما دمنا في الحيوة الدنيويّة، فإذا سمعنا ألفاظ الحيوة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والرضا والغضب والخلق والأمر كان السابق إلى أذهاننا منها الوجودات المادّيّة لمفاهيمها.

وكذا إذا سمعنا ألفاظ السماء والأرض واللوح والقلم والعرش والكرسيّ والملك واجنحته والشيطان وقبيله وخيله ورجله إلى غير ذلك، كان المتبادر إلى افهامنا مصاديقها الطبيعيّة.

وإذا سمعنا: أنّ الله خلق العالم وفعل كذا وعلم كذا وأراد أو يريد أو شاء وأو يشاء كذا قيّدنا الفعل بالزمان حملا على المعهود عندنا.

وإذا سمعنا نحو قوله:( وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) الآية وقوله:( لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا ) الآية

٧

وقوله:( وَمَا عِندَ اللهِ خَيْرٌ ) الآية وقوله:( إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الآية قيدّنا معنى الحضو بالمكان.

وإذا سمعنا نحو قوله:( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ) الآية. أو قوله:( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ ) الآية أو قوله:( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) الآية فهمنا: أنّ الجميع سنخ واحد من الارادة، لما أنّ الأمر على ذلك فيما عندنا، وعلى هذا القياس.

وهذا شأننا في جميع الألفاظ المستعملة، ومن حقّنا ذلك، فإنّ الّذي أوجب علينا وضع ألفاظ إنّما هي الحاجة الاجتماعيّة إلى التفهيم والتفّهم، والاجتماع إنّما تعلّق به الانسان ليستكمل به في الأفعال المتعلّقة بالمادة ولواحقها، فوضعنا الألفاظ علائم لمسميّاتها الّتي نريد منها غايات واغراضا عائدة إلينا.

وكان ينبغي لنا أن نتنبّه: أنّ المسميّات المادّيّة محكومة بالتغيّر والتبدّل بحسب تبدّل الحوائج في طريق التحوّل والتكامل كما أن السراج أوّل ما عمله الانسإن كان إنآء فيه فتيلة وشئٌ من الدهن تشتعل به الفتيلة للاستضائة به في الظلمة، ثمّ لم يزل يتكامل حتّى بلغ اليوم إلى السراج الكهربائيّ ولم يبق من أجزاء السراج المعمول أوّلا الموضوع بإزائه لفظ السراج شئٌ ولا واحدٌ.

وكذا الميزان المعمول أوّلاً ، والميزان المعمول اليوم لتوزين ثقل الحرارة مثلاً. والسلاح المتّخذ سلاحاً أوّل يوم، السّلاح المعمول اليوم إلى غير ذلك.

فالمسميّات بلغت في التغيّر إلى حيث فقدت جميع أجزائها السابقة ذاتاً وصفة والاسم مع ذلك باق، وليس إلّا لأنّ المراد في التسمية إنّما هو من الشئ غايتة، لا شكله وصورته، فما دام غرض التوزين اوالأستضائة أو الدفاع باقياً كان اسم الميزان والسراج والسلاح وغيرها باقياً على حاله.

فكان ينبغي لنا أن نتنبّه بأنّ المدار في صدق الاسم اشتمال المصداق على الغاية والغرض، لا جمود اللفظ على صورة واحدة، فذلك ممّا لا مطمع فيه البتّة، ولكنّ العادة والاُنس منعانا ذلك، وهذا هو الّذي دعى المقلّدة من أصحاب الحديث من الحشويّة والمجسّمة أن يجمدوا على ظواهر الآيات في التفسير وليس في الحقيقة جموداً على الظواهر بل هو جمود على العادة والانس في تشخيص المصاديق.

٨

لكن بين هذه الظواهر أنفسها اُمور تبيّن: أنّ الاتّكاء والاعتماد على الاُنس والعادة في فهم معاني الآيات يشوّش المقاصد منها ويختّل به أمر الفهم كقوله تعالى:( ليس كمثله شئ ) الآية. وقوله:( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) . وقوله:( سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) .

وهذا هو الّذي دعى الناس أن لا يقتصروا على الفهم العاديّ والمصداق المأنوس به الذهن في فهم معاني الآيات كما كان غرض الاجتناب عن الخطاء والحصول على النتائج المجهولة هو الّذي دعى الإنسان إلى أن يتمسّك بذيل البحث العلميّ، وأجاز ذلك للبحث أن يداخل في فهم حقائق القرآن وتشخيص مقاصدة العالية، وذلك على أحد وجهين، أحدهما: أن نبحث بحثاً علميّاً أو فلسفيّاً أو غير ذلك عن مسألة من المسائل الّتي تتعرّض له الآية حتّى نقف على الحقّ في المسألة، ثمّ نأتي بالآية ونحملها عليه، وهذه طريقة يرتضيها البحث النظريّ، غير أنّ القرآن لا يرتضيه كما عرفت، وثانيهما: أن نفسّر القرآن بالقرآن ونستوضح معنى الآية من نظيرتها بالتدبّر المندوب إليه في نفس القرآن، ونشخّص المصاديق ونتعرّفها بالخواصّ الّتي تعطيها الآيات، كما قال تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ ) تبياناً لكّلشئ الآية. وحاشا أن يكون القرآن تبياناً لكّلشئ ولا يكون تبياناً لنفسه، وقال تعالى:( هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ) الآية. وقال تعالى:( إنّا أنزلنا اليكم نوراً مبيناً ) الآية. وكيف يكون القرآن هدىً وبيّنة وفرقاناً ونوراً مبينا للناس في جميع ما يحتاجون ولا يكفيهم في احتياجهم إليه وهو اشدّ الاحتياج ! وقال تعالى:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) الآية. وأيّ جهاد أعظم من بذل الجهد في فهم كتابه ؟ وأيّ سبيل أهدى إليه من القرآن ؟.

والايات في هذا المعنى كثيرة سنستفرغ الوسع فيها في بحث المحكم والمتشابه في أوائل سورة آل عمران.

ثمّ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي علّمه القرآن وجعله معلّماً لكتابه كما يقول تعالى:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَىٰ قَلْبِكَ ) الآية. ويقول:( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) الآية. ويقول:( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) الآية. وعترته واهل بيته الّذين اقامهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا المقام في الحديث المتّفق

٩

عليه بين الفريقين (إنى تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض). وصدّقه الله تعالى في علمهم بالقرآن، حيث قال عزّ من قائل:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) . وقال:( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) الآية قد كانت طريقتهم في التعليم والتفسير هذه الطريقة بعينها على ما وصل إلينا من أخبارهم في التفسير. وسنورد ما تيسّر لنا ممّا نقل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّه أهل بيتهعليهم‌السلام في ضمن أبحاث روائيّة في هذا الكتاب، ولا يعثر المتتّبع الباحث فيها على مورد واحد يستعان فيه على تفسير الآية بحجّة نظريّة عقليّة ولا فرضيّة علميّة.

وقد قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : {فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنّه شافع مشفّع وما حلٌّ مصدّق، من جعله امامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل، وهو كتاب تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمة وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعروف لمن عرف النصفة، فليرع رجل بصره، وليبلغ الصفة نظره ينجو من عطب ويخلص من نشب، فإنّ التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، يحسن التخلّص ويقلّ التربص}. وقال عليّ عليه السلام: (يصف القرآن على ما في النهج) {ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض الخطبة}. هذا هو الطريق المستقيم والصراط السويّ الّذي سلكه معلّموا القرآن وهداته صلوات الله عليهم.

وسنضع ما تيسّر لنا بعون الله سبحانه من الكلام على هذه الطريقة في البحث عن الآيات الشريفة في ضمن بيانات، قد اجتنبنا فيها عن أن نركن إلى حجّة نظريّة فلسفيّة أو إلى فرضيّة علميّة، أو إلى مكاشفة عرفانيّة.

واحترزنا فيها عن أن نضع إلّا نكتة ادبيّة يحتاج إليها فهم الاُسلوب العربيّ أو مقدّمة بديهية أو عمليّة لا يختلف فيها الأفهام.

١٠

وقد تحصّل من هذه البيانات الموضوعة على هذه الطريقة من البحث استفراغ الكلام فيما نذكره:

(١) المعارف المتعلّقة بأسماء الله سبحانه وصفاته من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والوحدة وغيرها، وأمّا الذات فستطلّع أنّ القرآن يراه غنيّاً عن البيان.

(٢) المعارف المتعلّقة بأفعاله تعالى من الخلق والأمر والإرادة والمشيّة والهداية والإضلال والقضاء والقدر والجبر والتفويض والرضا والسخط، إلى غير ذلك من متفرّقات الأفعال.

(٣) المعارف المتعلّقة بالوسائط الواقعة بينه وبين الانسان كالحُجُب واللوح والقلم والعرش والكرسيّ والبيت المعمور والسماء والأرض والملائكة والشياطين والجنّ وغير ذلك.

(٤) المعارف المتعلّقة بالانسان قبل الدنيا.

(٥) المعارف المتعلّقة بالانسان في الدنيا كمعرفة تاريخ نوعه ومعرفة نفسه ومعرفة اصول اجتماعه ومعرفة النبوّة والرسالة والوحي والإلهام والكتاب والدين والشريعة، ومن هذا الباب مقامات الأنبياء المستفادة من قصصهم المحكيّة.

(٦) المعارف المتعلّقة بالانسان بعد الدنيا، وهو البرزخ والمعاد.

(٧) المعارف المتعلّقة بالأخلاق الإنسانيّة، ومن هذا الباب ما يتعلّق بمقامات الاُولياء في صراط العبوديّة من الإسلام والإيمان والإحسان والإخبات والاخلاص وغير ذلك.

وأمّا آيات الأحكام، فقد اجتنبنا تفصيل البيان فيها لرجوع ذلك إلى الفقه.

وقد أفاد هذه الطريقة من البحث ارتفاع التأويل بمعنى الحمل على المعنى المخالف للظاهر من بين الآيات، وأمّا التأويل بالمعنى الّذي يثبته القرآن في مواضع من الآيات، فسترى أنّه ليس من قبيل المعاني.

ثمّ وضعنا في ذيل البيانات متفرّقات من ابحاث روائيّة نورد اما تيسّر لنا ايراده من الروايات المنقولة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين من طرق العامّة والخاصّة، وأمّا الروايات الواردة عن مفسري الصّحابة والتابعين.

١١

فإنّها على ما فيها من الخط والتناقض لا حجّة فيها على مسلم.

وسيطلّع الباحث المتدبّر في الروايات المنقولة عنهمعليهم‌السلام ، أنّ هذه الطريقة الحديثة الّتي بنيت عليها بيانات هذا الكتاب، أقدم الطرق المأثورة في التفسير الّتي سلكها معلّموه سلام الله عليهم.

ثمّ وضعنا ابحاثاً مختلفة، فلسفيّة وعلميّة وتأريخيّة واجتماعيّة وأخلاقية، حسب ما تيسّر لنا من البحث، وقد أثرنا في كلّ بحث قصر الكلام على المقدّمات المسانخة له، من غير تعدّ عن طور البحث.

نسئل الله تعالى السداد والرشاد فانّه خيرمعين وهاد

الفقير إلى الله: محمّد حسين الطباطبائي

١٢

( سورة الحمد وهي سبع آيات)

( سورة الحمد الآيات ١ – ٥)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( ١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ( ٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ( ٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( ٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( ٥)

( بيان)

قوله تعالى: ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) الناس ربّما يعملون عملاً أو يبتدؤن في عمل ويقرنونه باسم عزيز من أعزّتهم أو كبير من كبرائهم، ليكون عملهم ذاك مباركاً بذلك متشرّفاً، أو ليكون ذكرى يذكّرهم به، ومثل ذلك موجود أيضاً في باب التسمية فربّما يسمّون المولود الجديد من الإنسان، أو شيئاً ممّا صنعوه أو عملوه كدار بنوها أو مؤسّسة أسسّوها باسم من يحبّونه أو يعظّمونه، ليبقى الاسم ببقاء المسمّى الجديد، ويبقى المسمّى الأوّل نوع بقاء ببقاء الاسم كمن يسمّى ولده باسم والده ليحيى بذلك ذكره فلا يزول ولا ينسى.

وقد جرى كلامه تعالى هذا المجرى، فابتدأ الكلام باسمه عزّ إسمه، ليكون ما، يتضمنّه من المعنى معلّماً باسمه مرتبطاً به، وليكون أدباً يؤدّب به العباد في الاعمال والافعال والأقوال، فيبتدؤا باسمه ويعملوا به، فيكون ما يعملونه معلّماً باسمه منعوتاً بنعته تعالى مقصوداً لأجله سبحانه فلا يكون العمل هالكاً باطلاً مبتراً، لأنّه باسم الله الّذي لا سبيل للهلاك والبطلان إليه.

وذلك أنّ الله سبحانه يبيّن في مواضع من كلامه: أنّ ما ليس لوجهه الكريم هالك باطل، وأنّه: سيقدم إلى كلّ عمل عملوه ممّا ليس لوجهه الكريم، فيجعله هبائاً منثوراً، ويحبط ما صنعوا ويبطل ما كانوا يعملون، وأنّه لا بقاء لشئٍ إلّا وجهه الكريم فما عمل لوجهه الكريم وصنع باسمه هو الّذي يبقى ولا يفنى، وكلّ أمر من الاُمور إنّما نصيبه من البقاء بقدر ما لله فيه نصيب، وهذا هو الّذي يفيده ما رواه الفريقان عن

١٣

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه قال: { كلّ أمر ذي بال لم يبدأ فيه باسم الله فهو أبتر الحديث }. والأبتر هو المنقطع الآخر، فالأنسب أنّ متعلّق الباء في البسملة ابتدء بالمعنى الّذي ذكرناه وقد ابتدء بها الكلام بما أنّه فعل من الأفعال، فلا محالة له وحدة، ووحدة الكلام بوحدة مدلوله ومعناه، فلا محالة له معنى ذا وحدة، وهو المعنى المقصود إفهامه من إلقاء الكلام، والغرض المحصّل منه.

وقد ذكر الله سبحانه الغرض المحصّل من كلامه الّذي هو جملة القرآن إذ قال تعالى:( قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ ) الآية المائدة ١٥ - ١٦. إلى غير ذلك من الآيات الّتي أفاد فيها: أنّ الغاية من كتابه وكلام هداية العباد، فالهداية جملة هي المبتدئة باسم الله الرّحمن الرحيم، فهو الله الّذي إليه مرجع العباد، وهو الرحمن يبيّن لعباده سبيل رحمته العامّة للمؤمن والكافر، ممّا فيه خيرهم في وجودهم وحياتهم، وهو الرحيم يبيّن لهم سبيل رحمته الخاصّة بالمؤمنين وهو سعادة آخرتهم ولقاء ربّهم وقد قال تعالى:( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) . الاعراف - ١٥٦. فهذا بالنسبة إلى جملة القرآن.

ثمّ إنّه سبحانه كرّر ذكر السورة في كلامه كثيراً كقوله تعالى:( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ) يونس - ٣٨. وقوله:( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ) هود - ١٣. وقوله تعالى:( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ ) التوبة - ٨٦. وقوله:( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ) النور - ١. فبان لنا من ذلك: أنّ لكلّ طائفة من هذه الطوائف من كلامه ( الّتي فصّلها قطعاً قطعاً، وسمّى كلّ قطعة سورة ) نوعاً من وحدة التأليف والتمام، لا يوجد بين أبعاض من سورة ولا بين سورة وسورة، ومن هنا نعلم: أنّ الأغراض والمقاصد المحصّلة من السور مختلفة، وأنّ كلّ واحدة منها مسوقة لبيان معنى خاصّ ولغرض محصّل لا تتمّ السورة إلّا بتمامه، وعلي هذا فالبسملة في مبتدإ كلّ سورة راجعة إلى الغرض الخاصّ من تلك السورة.

فالبسملة في سورة الحمد راجعة إلى غرض السورة و المعنى المحصّل منه، والغرض الّذي يدلّ عليه سرد الكلام في هذه السورة هو حمد الله باظهار العبوديّة له سبحانه بالافصاح

١٤

عن العبادة والاستعانة وسؤال الهداية، فهو كلام يتكلّم به الله سبحانه نيابة عن العبد، ليكون متأدّباً في مقام إظهار العبوديّة بما أدبّه الله به.

وإظهار العبوديّة من العبد هو العمل الّذى يتلبّس به العبد، والأمر ذو البال الّذي يقدم عليه، فالابتداء باسم الله سبحانه الرحمن الرحيم راجع إليه، فالمعنى بإسمك أظهر لك العبوديّة.

فمتعلّق الباء في بسملة الحمد الابتداء ويراد به تتميم الإخلاص في مقام العبوديّة بالتخاطب. وربّما يقال : انّه الاستعانة ولا بأس به ولكنّ الابتداء أنسب لإشتمال السورة على الاستعانة صريحا في قوله تعالى:( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) .

وأمّا الاسم، فهو اللفظ الدالّ على المسمّى مشتقٌ من السمة بمعنى العلامة أو من السمّو بمعنى الرفعة وكيف كان فالّذي يعرفه منه اللّغة والعرف هو اللفظ الدالّ ويستلزم ذلك، أن يكون غير المسمّى، وأمّا الاسم بمعنى الذات مأخوذاً بوصف من أوصافه فهو من الأعيان لا من الألفاظ وهو مسمّى الاسم بالمعنى الأوّل كما انّ لفظ العالم (من اسماء الله تعالى) اسم يدلّ على مسمّاه وهو الذات ماخوذة بوصف العلم وهو بعينه إسم بالنسبة إلى الذات الّذي لا خبر عنه الّا بوصف من اوصافه ونعت من نعوته والسبب في ذلك أنهم وجدوا لفظ الاسم موضوعاً للدالّ على المسمّى من الألفاظ، ثمّ وجدوا أنّ الأوصاف المأخوذة على وجه تحكي عن الذات وتدلّ عليه حالها حال اللفظ المسمّى بالاسم في أنّها تدلّ على ذوات خارجيّة، فسمّوا هذه الأوصاف الدالّة على الذوات أيضاً أسماء فانتج ذلك انّ الاسم كما يكون أمراً لفظيّاً كذلك يكون أمراً عينيّاً، ثمّ وجدوا انّ الدالّ على الذّات القريب منه هو الاسم بالمعنى الثاني المأخوذ بالتحليل، وانّ الاسم بالمعنى الأوّل إنّما يدلّ على الذات بواسطته، ولذلك سمّوا الّذي بالمعنى الثاني إسماً، والّذي بالمعنى الأوّل اسم الاسم، هذا ولكن هذا كلّه أمر أدّى إليه التحليل النظريّ ولا ينبغي أن يحمل على اللغة، فالاسم بحسب اللّغة ما ذكرناه.

وقد شاع النزاع بين المتكلّمين في الصدر الأوّل من الاسلام في أنّ الاسم عين المسمّى أو غيره وطالت المشاجرات فيه، ولكن هذا النوع من المسائل قد اتّضحت اليوم إتّضاحاً يبلغ إلى حدّ الضرورة ولا يجوز الاشتغال بها بذكر ما قيل وما يقال فيها

١٥

والعناية بإبطال ما هو الباطل وإحقاق ما هو الحقّ فيها، فالصفح عن ذلك اُولى.

وأمّا لفظ الجلالة فالله أصله الإله، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال، وإله من أله الرجل ياُله بمعني عبد، أو من أله الرجل أو وله الرجل أي تحيّر، فهو فعال بكسر الفاء بمعنى المفعول ككتاب بمعنى المكتوب سمّي إلهاً لأنّه معبود أو لأنّه ممّا تحيّرت في ذاته العقول، والظاهر أنّه علم بالغلبة، وقد كان مستعملاً دائراً في الألسن قبل نزول القرآن يعرفه العرب الجاهليّ كما يشعر به قوله تعالى:( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) الزخرف - ٨٧، وقوله تعالى:( فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا ) الانعام - ١٣٦.

وممّا يدلّ على كونه علماً أنّه يوصف بجميع الأسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من غير عكس، فيُقال: ألله الرّحمن الرّحيم ويقال: رحم الله وعلم الله، ورزق الله، ولا يقّع لفظ الجلالة صفة لشئ منها ولا يؤخذ منه ما يوصف به شئٌ منها.

ولمّا كان وجوده سبحانه، وهو إله كلّ شئ يهدي إلى إتّصافه بجميع الصفات الكماليّة كانت الجميع مدلولاً عليها به بالالتزام، وصحّ ما قيل إنّ لفظ الجلالة اسم للذات الواجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال وإلّا فهو علم بالغلبة لم تعمل فيه عناية غير ما يدلّ عليه مادّة إله.

واما الوصفان: الرحمن الرحيم، فهما من الرّحمة، وهي وصف انفعالي وتأثّر خاصّ يلمّ بالقلب عند مشاهدة من يفقد أو يحتاج إلى ما يتمّ به أمره فيبعث الانسان إلى تتميم نقصه ورفع حاجته، إلّا انّ هذا المعنى يرجع بحسب التحليل إلى الإعطاء والإفاضة لرفع الحاجة وبهذا المعنى يتّصف سبحانه بالرحمة.

والرحمن، فعلان صيغة مبالغة تدلّ على الكثرة، والرحيم فعيل صفة مشبّهة تدلّ على الثبات والبقاء ولذلك ناسب الرحمن ان يدلّ علي الرحمة الكثيرة المفاضة على المؤمن والكافر وهو الرّحمة العامّة، وعلى هذا المعنى يستعمل كثيراً في القرآن، قال تعالى:( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) طه - ٥. وقال( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ) مريم - ٧٥. إلى غير ذلك، ولذلك أيضاً ناسب الرحيم أن يدلّ على النعمة الدّائمة والرّحمة الثّابتة الباقية الّتي تقاض على المؤمن كما قال تعالى:

١٦

( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الاحزاب - ٤٣. وقال تعالى:( إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة - ١١٧. إلى غير ذلك، ولذلك قيل: ان الرّحمن عامّ للمؤمن والكافر والرّحيم خاصّ بالمؤمن.

وقوله تعالى: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ، الحمد على ما قيل: هو الثناء على الجميل الاختياريّ والمدح اعمّ منه، يقال: حمدت فلاناً أو مدحته لكرمه، ويقال: مدحت اللؤلؤ علي صفائه ولايقال: حمدته على صفائه، واللّام فيه للجنس أو الإستغراق والمال هيهنا واحد.

وذلك انّ الله سبحانه يقول:( ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) غافر - ٦٢. فأفاد أنّ كلّ ما هو شئٌ فهو مخلوق لله سبحانه، وقال:( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) السجدة - ٧ فأثبت الحسن لكلّ شئٍ مخلوق من جهة أنّه مخلوق له منسوب إليه، فالحسن يدور مدار الخلق وبالعكس، فلا خلق إلّا وهو حسن جميل بإحسانه ولا حسن إلّا وهو مخلوق له منسوب إليه، وقد قال تعالى:( هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) الزمر - ٤. وقال:( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ) طه - ١١١. فأنباء أنّه لم يخلق ما خلق بقهر قاهر ولا يفعل ما فعل بإجبار من مجبر بل خلقه عن علم واختيار فما من شئ إلّا وهو فعل جميل اختياريّ له فهذا من جهة الفعل، وأمّا من جهة الاسم فقد قال تعالى:( اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) طه - ٨. وقال تعالى:( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ) الاعراف - ١٨٠. فهو تعالى جميل في أسمائه وجميل في أفعاله، وكلّ جميل منه.

فقد بان انّه تعالى محمود على جميل اسمائه ومحمود على جميل أفعاله، وأنّه ما من حمدٍ يحمده حامد لأمر محمود إلّا كان لله سبحانه حقيقه لأنّ الجميل الّذي يتعلّق به الحمد منه سبحانه، فللّه سبحانه جنس الحمد وله سبحانه كلّ حمد.

ثمّ إنّ الظاهر من السياق وبقرينة الالتفات الّذي في قوله:( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) الآية أنّ السورة من كلام العبد، وأنّه سبحانه في هذه السورة يلّقن عبده حمد نفسه وما ينبغي ان يتأدّب به العبد عند نصب نفسه في مقام العبوديّة، وهو الّذي يؤيّده قوله:( الْحَمْدُ لِلَّهِ )

١٧

وذلك إنّ الحمد توصيف، وقد نزّه سبحانه نفسه عن وصف الواصفين من عباده حيث قال:( سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ ) الصافّات ١٥٩ - ١٦٠. والكلام مطلق غير مقيّد ولم يرد في كلامه تعالى ما يؤذن بحكاية الحمد عن غيره إلّا ما حكاه عن عدّة من أنبيائه المخلصين، قال تعالى في خطابه لنوحعليه‌السلام :( فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) المؤمنون-٢٨. وقال تعالى حكاية عن إبراهيمعليه‌السلام :( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) ابراهيم - ٣٩. وقال تعالى لنبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بضعة مواضع من كلامه:( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) النمل - ٩٣. وقال تعالى حكاية عن داود وسليمانعليه‌السلام :( وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ ) النمل - ١٥. وإلّا ما حكاه عن أهل الجنّة وهم المطهّرون من غلّ الصدور ولغو القول والتأثيم كقوله:( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يونس - ١٠.

وأمّا غير هذه الموارد فهو تعالى وإن حكى الحمد عن كثير من خلقه بل عن جميعهم، كقوله تعالى:( وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) الشورى - ٥ وقوله :( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) الرعد-١٣.

وقوله :( وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) الاسراء - ٤٤. إلّا أنّه سبحانه شفّع الحمد في جميعها بالتسبيح بل جعل التسبيح هو الأصل في الحكاية وجعل الحمد معه، وذلك أنّ غيره تعالى لا يحيط بجمال أفعاله وكمالها كما لا يحيطون بجمال صفاته وأسمائه الّتي منها جمال الأفعال، قال تعالى:( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) طه - ١١٠ فما وصفوه به فقد أحاطوا به وصار محدوداً بحدودهم مقدرّاً بقدر نيلهم منه، فلا يستقيم ما أثنوا به من ثناء إلّا من بعد أن ينزهّوه ويسبحّوه عن ما حدّوه وقدّروه بافهامهم، قال تعالى:( إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل - ٧٤، وأمّا المخلصون من عباده تعالى فقد جعل حمدهم حمده ووصفهم وصفه حيث جعلهم مخلصين له، فقد بان أنّ الّذي يقتضيه أدب العبوديّة أن يحمد العبد ربّه بما حمد به نفسه ولا يتعدّى عنه، كما في الحديث الّذي رواه الفريقان عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : { لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك الحديث } فقوله في أوّل هذه السورة: الحمد لله، تأديب بأدب عبوديّ، ما كان للعبد

١٨

أن يقوله لولا أنّ الله تعالى قاله نيابة وتعليماً لما ينبغي الثناء به.

وقوله تعالى: ( رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ِمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) (وقرا الأكثر ملك يوم الدين) فالرب هو المالك الّذي يدبّر أمر مملوكه، ففيه معنى الملك، ومعنى الملك (الّذي عندنا في ظرف الاجتماع) هو نوع خاصّ من الاختصاص وهو نوع قيام شئ بشئ يوجب صحّة التصرّفات فيه، فقولنا العين الفلانيّة ملكنا معناه: أنّ لها نوعاً من القيام والاختصاص بنا يصحّ معه تصرّفاتنا فيها ولولا ذلك لم تصحّ تلك التصرّفات وهذا في الاجتماع معنى وضعيّ اعتباريّ غير حقيقي وهو مأخوذ من معنى آخر حقيقي نسمّيه أيضاً ملكاً، وهو نحو قيام اجزاء وجودنا وقوانا بنا فإنّ لنا بصراً وسمعاً ويداً ورجلا، ومعنى هذا الملك أنّها في وجودها قائمة بوجودنا غير مستقلّة دوننا بل مستقلّة باستقلالنا ولنا أن نتصرّف فيها كيف شئنا وهذا هو الملك الحقيقيّ.

والّذي يمكن انتسابه إليه تعالى بحسب الحقيقة هو حقيقة الملك دون الملك الاعتباريّ الّذى يبطل ببطلان الاعتبار والوضع، ومن المعلوم أنّ الملك الحقيقيّ لا ينفكّ عن التدبير فإنّ الشئ إذا افتقر في وجوده إلى شئ فلم يستقلّ عنه في وجوده لم يستقلّ عنه في آثار وجوده، فهو تعالى ربّ لما سواه لأنّ الربّ هو المالك المدبّر وهو تعالى كذلك.

واما العالمين: فهو جمع العالم بفتح اللام بمعنى ما يُعلَم به كالقالب والخاتم والطابع بمعنى ما يقلب به وما يختم به، وما يطبع به يطلق على جميع الموجودات وعلى كلّ نوع مؤلّف الأفراد والاجزاء منها كعالم الجماد وعالم النبات وعالم الحيوان وعالم الانسان وعلى كلّ صنف مجتمع الأفراد أيضاً كعالم العرب وعالم العجم وهذا المعنى هو الأنسب لما يؤل إليه عدّ هذه الاسماء الحسنى حتّى ينتهي إلى قوله مالك يوم الدين على أن يكون الدين وهو الجزاء يوم القيمة مختصّا بالانسان أو الإنس والجنّ فيكون المراد بالعالمين عوالم الإنس والجنّ وجماعاتهم ويؤيّده ورود هذا اللفظ بهذه العناية في القرآن كقوله تعالى :( وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران - ٤٢. وقوله تعالى :( لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) فرقان - ١، وقوله تعالى:( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ

١٩

الْعَالَمِينَ ) الاعراف - ٨٠.

وأمّا مالك يوم الدين: فقد عرفت معنى المالك وهو المأخوذ من الملك بكسر الميم، وامّا المَلِك وهو مأخوذ من المُلك بضمّ الميم، فهو الّذي يملك النظام القوميّ وتدبيرهم دون العين، وبعبارة اُخرى يملك الأمر والحكم فيهم.

وقد ذكر لكلّ من القرائتين، ملك ومالك، وجوه من التأييد غير أنّ المعنيّين من السلطنة ثابتان في حقّه تعالى، والّذي تعرفه اللغة والعرف أنّ الملك بضمّ الميم هو المنسوب إلى الزمان يقال: ملك العصر الفلانيّ، ولا يقال مالك العصر الفلانيّ إلّا بعناية بعيدة، وقد قال تعالى: ملك يوم الدين فنسبه إلى اليوم، وقال ايضاً:( لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) غافر - ١٦.

( بحث روائي)

في العيون والمعاني عن الرّضاعليه‌السلام في معنى قوله: بسم الله قالعليه‌السلام : يعني أسم نفسي بسمةٍ من سمات الله وهى العبادة، قيل له: ما السمة ؟ قال العلامة. اقول وهذا المعنى كالمتولّد من المعنى الّذي أشرنا إليه في كون الباء للابتداء فانّ العبد إذا وسم عبادته باسم الله لزم ذلك أن يسم نفسه الّتي ينسب العبادة إليها بسمة من سماته.

وفي التهذيب عن الصادقعليه‌السلام وفي العيون وتفسير العيّاشيّ عن الرّضاعليه‌السلام : أنّها أقرب الى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها.

اقول: وسيجئ معنى الرواية في الكلام على الاسم الاعظم.

وفي العيون عن امير المؤمنينعليه‌السلام : أنّها من الفاتحة وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرؤها ويعدّها آية منها، ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

اقول: وروي من طرق اهل السنّة والجماعة نظير هذا المعنى فعن الدار قطني عن ابي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنّها اُمّ القرآن والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها.

وفي الخصال عن الصادقعليه‌السلام قال: ما لهم ؟ قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها.

٢٠