ليكون مبرّراً نظريّاً وعاملاً نفسيّاً لدى الجماهير يخدم الطّغيان والاتّجاهات العدوانيّة لدى السّياسيّين ورجال الحرب ضدّ أُمّة أخرى، وفي هذه الحالة يعرض التّاريخ للتّزوير والتّحريف.
والتّاريخ حافل بأمثلة عن تسخير التاريخ لغايات غير أخلاقيّة وغير رساليّة في العصور القديمة وفي العصر الحديث.
وللتاريخ في الإسلام - انطلاقاً من هذا الفهم - وظيفة تتّصل بطبيعة الإنسان المسلم وطبيعة المجتمع الإسلامي.
إنّ الإنسان المسلم إنسان أخلاقي يعتنق رسالة عالميّة، والمجتمع الإسلامي مجتمع أخلاقي وذو رسالة عالميّة.
وإذن فالتاريخ ينبغي أنْ يخدم الرّساليّة والأخلاقيّة في علاقات المسلم الداخليّة والخارجيّة، كما ينبغي أنْ يخدم الرّسالة والرّوح الرّساليّة في العالم.
وكلّما حدث في سلوك المسلم أو سلوك الجماعة الإسلاميّة انحراف عن الأخلاقيّة أو انحراف عن الرّوح الرّساليّة في ممارسة الحياة والتعامل مع الآخرين، فإنّ التاريخ يُستعمل - إلى جانب الوسائل التربويّة الأخرى والتنظيميّة - لتصحيح النظرة الخاطئة، وتقويم مسار الفرد والمجتمع.
والقرآن الكريم حافل بالشواهد على هذه الحقيقة نذكر منها شاهداً مميّزاً؛ لأنّه يتضمّن تعبيراً غَدَا مصطلحاً إسلاميّاً في الشّأن التاريخي، هو مصطلح
(أيّام اللّه)
الّذي يعني الأحداث الكبرى في تاريخ كلّ أمّة، سواء أكانت نجاحات كبرى وانتصارات باهرة أو نكبات عظمى وانهيارات مأساويّة.
وقد ورد هذا التعبير
(أيّام اللّه)
في القرآن الكريم مرّة واحدة فقط، ذلك في سياق الآيات الكريمة الّتي تضمّنت بيان تربية وتوجيه نبيّ اللّه
(موسى بن عمران)
سلام اللّه عليه لبني إسرائيل وهدايتهم إلى الإيمان الصحيح، ورفْع مستوى إدراكهم من حالة الجهالة والبدائيّة والمادِّيّة إلى المستوى الإيماني - الحضاري. قال اللّه تعالى:
(
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ