الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 89480
تحميل: 4982


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 89480 / تحميل: 4982
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢ ص ٢٨٨، وقال بعد تقرير إطباق المفسِّرين على نزول الآية في عليٍّ: قول المفسِّرين: إنَّ الآية نزلت في حقِّ عليٍّ رضي الله عنه لا يقتضي إختصاصها به وإقصارها عليه.

٥٥ - السيِّد شريف الجرجاني المتوفّى ٨١٦، في شرح المواقف.

٥٦ - المولى علاء الدين القوشجي المتوفّى ٨٧٩، في شرح التجريد وقال بعد نقل الإتِّفاق عن المفسِّرين على أنَّها نزلت في أمير المؤمنين: وقول المفسِّرين: إنَّ الآية نزلت في حقِّ عليٍّ إلى آخر كلام التفتازاني.

٥٧ - نور الدين إبن الصبّاغ المكيُّ المالكي المتوفّى ٨٥٥، في «الفصول المهمَّة» ١٢٣.

٥٨ - جلال الدين السيوطي الشافعيُّ المتوفّى ٩١١، في «الدرّ المنثور» ٢ ص ٢٩٣ من طريق الخطيب، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وإبن جرير، وأبي الشيخ، و وإبن مردويه عن إبن عبّاس. ومن طريق الطبراني، وإبن مردويه عن عمّار بن ياسر ومن طريق أبي الشيخ والطبراني عن عليٍّ عليه السلام: ومن طريق إبن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وإبن عساكر عن سلمة بن كهيل. ومن طريق إبن جرير عن مجاهد والسدي وعتبة بن حكيم. ومن طريق الطبراني، وإبن مردويه، وأبي نعيم، عن أبي رافع.

ورواه في [أسباب نزول القرآن] ص ٥٥ من غير واحد من هذه الطرق ثمَّ قال: فهذه شواهد يقوي بعضها بعضاً. وذكره في «جمع الجوامع» كما في ترتيبه ٦ ص ٣٩١ من طريق الخطيب عن إبن عبّاس، وص ٤٠٥ من طريق أبي الشيخ وإبن مردويه عن أمير المؤمنين عليه السلام.

٥٩ - الحافظ إبن حجر الأنصاري الشافعيّ المتوفّى ٩٧٤، في «الصواعق» ٢٤.

٦٠ - المولى حسن چلبي في شرح المواقف.

٦١ - المولى مسعود الشرواني في شرح المواقف.

٦٢ - القاضي الشوكاني الصنعاني المتوفّى ١٢٥٠ في تفسيره.

٦٣ - شهاب الدين السيِّد محمود الآلوسيّ الشافعيّ المتوفّى ١٢٧٠، في تفسيره ٢ ص ٣٢٩.

٦٤ - الشيخ سليمان القندوزي الحنفي المتوفّى ١٢٩٣، في «ينابيع المودَّة» ٢١٢.

١٦١

٦٥ - السيِّد محمَّد مؤمن الشبلنجي في «نور الأبصار» ٧٧.

٦٦ - الشيخ عبد القادر بن محمَّد السعيد الكردستاني المتوفّى ١٣٠٤، في [تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام] للتفتازاني ٢ ص ٣٢٩ ط مصر، وتكلّم فيه كبقيَّة المتكلّمين مخبتاً إلى إتِّفاق المفسِّرين على أنَّها نزلت في أمير المؤمنين(١)

وأمّا الكلام في الدلالة فلا يخالج الشكُّ فيها أيَّ عربيٍّ صميم مهما غالط وجدانه، وإنَّما الخلاف فيها نشأ من الدخلاء المتطفِّلين على موائد العربيَّة، وبسط القول يتكفَّله كتب أصحابنا في التفسير والكلام.

لفظ الحديث

عن أنس بن مالك أنَّ سائلاً أتى المسجد وهو يقول: مَن يُقرض المليَّ الوفيِّ وعليٌّ عليه السلام راكعٌ يقول بيده خلفه للسائل أي اخلع الخاتم من يدي. قال رسول الله: يا عمر؟ وجبت. قال: بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله ما وجبت؟! قال: وجبت له الجنَّة والله، وما خلعه من يده حتّى خلعه الله من كلِّ ذنب ومن كلِّ خطيئة. قال: فما خرج أحدٌ من المسجد حتّى نزل جبرئيل بقوله عزَّ وجلَّ:( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) . فأنشأ حسّان بن ثابت يقول:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكلّ بطئٍ في الهدى ومسارعِ

أيذهب مدحي والمحبّين ضايعاً؟!

وما المدح في ذات الإله بضايعِ

فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكعٌ

فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ

بخاتمك الميمون يا خير سيِّدٍ

ويا خير شارٍ ثمَّ يا خير بايعِ

فأنزل فيك الله خير ولايةٍ

وبيَّنها في محكمات الشرايعِ

وهناك ألفاظ أُخرى نقتصر على هذا روماً للإختصار وقد أسلفناه بلفظ أبي ذرّ ج ٢ ص ٥٢.

_____________________

١ - توجد ترجمة كثير من هؤلاء الأعلام في الجزء الأوّل من كتابنا راجع باعتبار القرون.

١٦٢

م

إشكال مزيَّف(١)

قال السيِّد حميد الدين عبد الحميد الآلوسي في كتابه «نثر اللئالي على نظم الأمالي» ص ١٦٩ عند ذكره آية الولاية: إنَّ الآية ليس نزولها في حقّ عليّ خاصّة كما زعموا، بل نزلت في المهاجرين والأنصار، وهو من جملتهم، فإنّ قوله: الّذين صيغة جمع فلا يكون عليٌّ هو المراد وحده.

قال الأميني: كأنَّ الرجل يضرب في قوله هذا على وتر إبن كثير الدمشقي، وينسج على نوله، ويمتح من قليبه، حيث قال في تاريخه حول الآية كما يأتي بُعيد هذا(٢) : ولم ينزل في عليٍّ شيءٌ من القرآن بخصوصيّته... إلخ. وقد عزب عن المغفَّلين أنّ إصدار الحكم على الجهة العامَّة، بحيث يكون مصبّه الطبيعة - حتّى يكون ترغيباً في الاتيان بمثله، أو تحذيراً عن مثله - ثمَّ تقييد الموضوع بما يُخصِّصه بفرد معيَّن حسب الإنطباق الخارجيِّ أبلغ وآكد في صِدق القضيَّة من توجيهه إلى ذلك الفرد رأساً، وما أكثر له من نظير في لسان الذكر الحكيم وإليك نماذج منه:

١ -( الّذِينَ قَالُوا إِنّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ) «آل عمران: ١٨١»

ذكر الحسن: أنّ قائل هذه المقالة هو حيي بن أخطب. وقال عكرمة والسدي ومقاتل ومحمد بن إسحاق: هو فنحاص بن عازوراء. وقال الخازن: هذه المقالة وإن كانت قد صدرت من واحد من اليهود لكنّهم يرضون بمقالته هذه فنسبت إلى جميعهم.

راجع تفسير القرطبي ٤: ٢٩٤، تاريخ إبن كثير ١: ٤٣٤، تفسير الخازن ١: ٣٢٢.

٢ -( وَمِنْهُمُ الّذِينَ يُؤْذُونَ النّبِيّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) «التوبة: ٦١»

نزلت في رجل من المنافقين إمّا في الجلاس بن سويلا، أو: في نبتل بن الحرث أو: عتاب بن قشير، راجع تفسير القرطبي ٨: ١٩٢، تفسير، الخازن ٢: ٢٥٣، الإصابة ٣: ٥٤٩.

_____________________

١ - من هنا إلى آخر البحث من ملحقات الطبعة الثانية.

٢ - عند البحث عن مخاريق كتابه - البداية والنهاية.

١٦٣

٣ -( وَالّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ) «النور: ٣٣» نزلت في صبيح مولى حويطب بن عبد العزّى، قال: كنت مملوكاً لحويطب فسألته الكتابة، ففيَّ أنزلت والذين يبتغون الكتاب. أخرجه إبن مندة وأبو نعيم والقرطبي كما في تفسيره ١٢. ٢٤٤، أسد الغابة ٣: ١١، الإصابة ٢: ١٧٦.

٤ -( إِنّ الّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى‏ ظُلْماً إِنّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً ) «النساء: ١٠»

قال مقاتل بن حبّان: نزلت في مرثد بن زيد الغطفاني. «تفسير القرطبي ٥: ٥٣، الإصابة ٣: ٣٩٧».

٥ -( لَا يَنْهَاكُمُ اللّهُ عَنِ الّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِن دِيَارِكُمْ ) .«الممتحنة: ٨»

نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وذلك: أنّ أمّها قتيلة بنت عبد العزّى قدمت عليها المدينة بهدايا وهي مشركة، فقالت أسماء: لا أقبل منك هديَّة، ولا تدخلي عليّ بيتاً حتّى استأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فسألته فأنزل الله تعالى هذه الآية فأمرها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تدخلها منزلها وأن تقبل هديَّتها وتكرمها وتحسن إليها.

أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وإبن جرير، وإبن أبي حاتم، كما في تفسير القرطبي ١٨: ٥٩، تفسير إبن كثير ٤: ٣٤٩، تفسير الخازن ٤: ٢٧٢.

٦ -( يَا أَيّهَا الرّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الّذِينَ قَالُوا آمَنّا بِأَفْوَاهِهِمْ ) .«المائدة: ٤١»

ذكر المكي في تفسيره: أنّها نزلت في عبد الله بن صوريا. تفسير القرطبي ٦: ١٧٧، الإصابة ٢: ٣٢٦.

٧ -( قَالَ الّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ) .«البقرة: ١١٨»

نزلت في رافع بن حريملة، وأخرج محمد بن إسحاق عن إبن عبّاس قال. قال رافع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا محمد إن كنت رسولاً من الله كما تقول فقل لله فيكلّمنا حتّى نسمع كلامه. فأنزل الله في ذلك الآية، تفسير إبن كثير ١: ١٦١.

١٦٤

٨ -( الّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوّئَنّهُم فِي الدّنْيَا حَسَنَةً ) «النحل: ٤١» أخرج إبن عساكر في تاريخه ٧: ١٣٣ من طريق عبد الرزاق عن داود بن أبي هند: أنّ الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل العامري. وذكره القرطبي في تفسيره ج ١٠: ١٠٧ من جملة الأقوال الواردة فيها.

٩ -( إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّهِ وَأَقَامُوا الصّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ ) «فاطر: ٢٩» نزلت في حصين بن المطلب بن عبد مناف كما في الإصابة ١: ٣٣٦.

١٠ -( وَالْعَصْر إِنّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) . السورة.

عن أُبيّ بن كعب قال: قرأت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة والعصر فقلت: يا رسول الله بأبي وأمّي أفديك ما تفسيرها؟ قال: والعصر قسمٌ من الله بآخر النهار، إنَّ الإنسان لفي خسر: أبو جهل بن هشام. إلّا الذين آمنوا: أبو بكر الصدِّيق. وعملوا الصالحات: عمر ابن الخطاب. وتواصوا بالحقِّ: عثمان بن عفان. وتواصوا بالصبر علي بن أبي طالب. الرياض النضرة ١: ٣٤.

قال الأميني: نحن لا نصافق القوم على هذه التأويلات المحرَّفة المزيَّفة، غير أنّا نسردها لإقامة الحجَّة عليهم بما ذهبوا إليه.

١١ -( إِنّ الّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ ) .«آل عمران: ٧٧» .

نزلت في عيدان بن أسوع الحضرمي، قاله مقاتل في تفسيره. الإصابة ٣: ٥١.

١٢ -( يَاأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) .«النساء: ٥٩» أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التفسير ٧: ٦٠، وأحمد في مسنده ٣٣٧، ومسلم في صحيحه كما في تاريخ إبن عساكر ٧: ٣٥٢، وتفسير القرطبي ٥: ٢٦٠ وغيرهم: أنّها نزلت في عبد الله بن حذافة السهمي.

١٣ -( يَقُولُونَ هَل لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَي‏ءٍ قُلْ إِنّ الأَمْرَ كُلّهُ للّهِ‏ِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم مَا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَي‏ءٌ مَا قُتِلْنَا هاهُنَا ) . «آل عمران: ١٥٤» .

القائل هو عبد الله بن أبي مسلول رأس المنافقين وفيه نزلت الآية، وأخرج إبن

١٦٥

أبي حاتم عن طريق الزبير: أنّها نزلت في معتب بن قشير.

تفسير القرطبي ٤: ٢٦٢، تفسير إبن كثير ١: ٤١٨، تفسير الخازن ١: ٣٠٦.

١٤ -( الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ) «آل عمران: ١٧٣» .

المراد من الناس الأوَّل هو نعيم بن مسعود الأشجعي، قال النسفي في تفسيره(١) : هو جمعٌ أريد به الواحد، أو: كان له أتباع يثبطون مثل تثبيطه. وقال الخازن: فيكون اللفظ عامّاً أُريد به الخاصّ.

وأخرج إبن مردويه بإسناده عن أبي رافع أنّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وجّه عليّاً في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابيٌّ من خزاعة فقال: إنَّ القوم قد جمعوا لكم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، فنزلت فيهم هذه الآية.

تفسير القرطبي ٤: ٢٧٩، تفسير إبن كثير ١: ٤٣٠، تفسير الخازن ١: ٣١٨.

١٥ -( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ ) «النساء: ١٧٦» نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري. وهو المستفتي، وكان يقول: أنزلت هذه الآية فيَّ. تفسير القرطبي ٦: ٢٨، تفسير الخازن ١: ٤٤٧، تفسير النسفي هامش الخازن ١: ٤٤٧.

١٦ -( يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ) . الآية«البقرة ٢١٥» .

نزلت في عمرو بن الجموح وكان شيخاً كبيراً ذا مال فقال: يا رسول الله بماذا نتصدَّق؟! وعلى من نُنفق؟! فنزلت الآية. تفسير القرطبي ٣: ٣٦، تفسير الخازن ١: ١٤٨.

١٧ -( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) .

ذهب القوم إلى أنَّها نزلت في أبي طالب، وقد فصَّلنا القول فيها في الجزء الثامن ص ٣: ٨.

١٨ -( لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادّونَ مَنْ حَادّ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) . «المجادلة ٢٢» .

نزلت في أبي عبيدة الجرّاح حين قتل أباه يوم بدر. أو: في عبد الله بن أُبيّ. تفسير

_____________________

١ - المطبوع في هامش تفسير الخازن ١: ٣١٨.

١٦٦

القرطبي ١٧: ٣٠٧، نوادر الأصول للحكيم الترمذي ص ١٥٧.

١٩ -( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيّئاً) . الآية«التوبة: ١٠٢» .

نزلت في أبي لبابة الأنصاري خاصّة. تفسير القرطبي ٨: ٢٤٢، الروض الأنف ٢: ١٩٦.

٢٠ -( يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ ) «التوبة ٦٢» .

إنّ رجلاً من المنافقين قال: والله إنَّ هؤلاء لخيارنا وأشرافنا، وإن كان ما يقول محمّدٌ حقّاً لهم شرُّ من الحمير. فسمعها رجلٌ من المسلمين فقال: والله إنَّ ما يقول محمّدٌ لحقٌّ ولأنت أشرّ من الحمار، فسعى بها الرجل إلى النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبره فأرسل إلى الرَّجل فدعا، فقال: ما حملك على الذي قلت؟ فجعل يلتعن ويحلف بالله بأنّه ما قال ذلك، وجعل الرَّجل المسلم يقول: أللهمّ صدِّق الصادق، وكذّب الكاذب. فأنزل الله الآية. تفسير القرطبي ٨: ١٩٣، تفسير إبن كثير ٢: ٣٦٦].

١٢ - قال: إنّ الرافضيَّ لا يُمكنه أن يُثبت إيمان عليٍّ وعدالته وأنَّه من أهل الجنّة فضلاً عن إمامته إن لم يُثبت ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان وإلّا فمتى أراد إثبات ذلك لعليٍّ وحده لم تُساعده الأدلَّة، كما أنَّ النصرانيَّ إذا أراد إثبات نبوَّة المسيح دون محمد لم تساعده الأدلَّة. ج ١ ص ١٦٢.

وقال ص ١٦٣: الرّافضة تعجز عن إثبات إيمان عليٍّ وعدالته مع كونهم على مذهب الرافضة، ولا يُمكنهم ذلك إلّا إذا صاروا من أهل السنَّة فإن احتجّوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده فقد تواتر ذلك عن هؤلاء بل تواتر إسلام معاوية ويزيد و خلفاء بني أُميَّة وبني العبّاس وصلاتهم وصيامهم وجهادهم لِلكفّار.

ج - ما عشت أراك الدهر عجبا.

ليت شعري متى احتاج إيمان عليّ وعدالته إلى البرهنة؟! ومتى كفر هو حتّى يؤمن؟ وهل كان في بدء الإسلام للنبيِّ أخٌ ومؤازرٌ غيره؟! على حين أنَّ من سمّاهم لم يسلموا بعدُ، وهل قام الإسلام إلّا بسيفه وسنافه؟؟! وهل هزمت جيوش الشرك إلّا صولته وجولته؟! وهل هتك ستور الشّبه والإلحاد غير بيانه وبرهانه؟! وهل طهَّر الله

١٦٧

الكعبة البيت الحرام عن دنس الأوثان إلّا بيده الكريمة؟! وهل طهَّر الله في القرآن الكريم بيتاً عن الرِّجس غير بيت هو سيِّد أهله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟! وهل كان أحدٌ نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيره بنصّ الذِّكر الحكيم؟! وهل أحدٌ شرى نفسه إبتغاء مرضات الله ليلة المبيت غيره؟! وهل أحدٌ من المؤمنين أولى بهم من أنفسهم كرسول الله غيره؟! لاها الله.

إنّ أحاديث الشيعة في كلِّ هذه متواترة وهي التي ألزمتهم بالإخبات إلى هذه المآثر كلّها غير أنَّهم إذا خاصموا غيرهم إحتجِّوا بأحاديث أهل السنَّة لأنّ الحجَّة تجب أن تكون ملزمةً للخصم من دون حاجة لهم إليها في مقام الثبوت، وهذا طريق الحجاج المطَّرد لا ما يراه علماء القوم فإنَّهم بأسرهم يحتجّون في كلِّ موضوع بكتب أعلامهم و أحاديثهم، وهذا خروجٌ عن أُصول الحجاج والمناظرة.

وليتني أدري ما الملازمة بين إيمان عليٍّ وعدالته وإيمان من ذكرهم، هل يحسبهم وعليّاً أمير المؤمنين نفساً واحدة لا يُتصوّر التبعيض فيها؟! أو يزعم أنَّ روحاً واحدة سرت في الجميع؟! فأخذت بمفعولها من إيمان وكفر، وهل خفيت هذه الملازمة المخترعة وليدة إبن تيميَّة على الصحابة والتابعين الشيعيِّين وبعدهم على أئمَّة الشيعة و علمائهم وأعلامهم في القرون الخالية في حجاجهم ومناشداتهم ومناظراتهم المذهبيَّة المتكثِّرة في الأندية والمجتمعات؟! أو ذهل عنها مخالفوهم في الذبِّ عنهم والمدافعة عن مبدئهم؟!

لم يكن ذلك كلّه، ولكن يروق الرَّجل أن يشبِّه الرافضة بالنصارى، ويقرن بين إيمان عليٍّ عليه السلام وإيمان معاوية الدهاء، ويزيد الفجور؛ والماجنين من جبابرة بني أُميّة، والمتهتِّكين من العبّاسيِّين، وهذا مبلغ علمه ودينه وورعه وأدبه.

١٣ - وفي ج ٢ ص ٩٩ قذف شيخ الأُمَّة نصير الملّة والدين الطوسي وأتباعه والرافضة كلّهم بأنواع من التهتّك والإستهتار من إضاعة الصَّلوات وارتكاب المحرَّمات واستحلالها وعدم التجنّب عن الخمر والفواحش حتّى في شهر رمضان، وتفضيل الشرك بالله على عبادة الله، ويراها حال الرافضة دائماً إلى غيرها ممّا علمت البحّاثة أنّها أكاذيب وطامّات أُريد بها إشاعة الفحشاء في الّذين آمنوا بتشويه سمعتهم، والله تعالى هو

١٦٨

الحكم الفصل يوم تُنصب الموازين، ويُسئل كلّ أحدٍ عمّا لفظه من قول، وما يلفظ من قول إلّا لديه رقيبٌ عتيدٌ.

١٤ - قال: أشهر الناس بالردَّة خصوم أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه وأتباعه كمسيلمة الكذّاب وأتباعه وغيرهم، وهؤلاء تتوّلاهم الرافضة كما ذكر ذلك غير واحد من شيوخهم مثل هذا الإماميّ (يعني العلّامة الحلّي) وغيره ويقولون: إنّهم كانوا على الحقِّ وأن الصّديق قاتلهم بغير حقٍّ ٢ ص ١٠٢.

ج - ليت هناك مُسائلٌ هذا الرَّجل عن مَن أخبره بتولّي الرافضة لمسيلمة و نظرائه، وهم لا يفتأون يُسمّونه بالكذّاب، ويروون الفضايح من أعماله، وكتبهم مفعمةٌ بمخاريقه، وهم لا يحصرون النبوَّة إلّا بخاتمها محمد سيِّد الأنبياء صلوات الله عليه و آله وعليهم ويكفِّرون مَن يدَّعيها غيره.

وليته دلَّنا على أولئك الشيوخ الّذين نقل عنهم ذلك القول المائن، أوَ هل شافهوه بعقيدتهم؟! فلِمَ لم يذكر أسمائهم؟! ولِمَ لم يسمّ أشخاصهم؟! على أنَّه غير مؤتمن في النقل عنهم، وهو لا يزال يتحرّى الوقيعة فيهم. أو أنّه وجده في كتبهم؟! فما هي تلك الكتب؟! وأين هي؟! ولمن هي؟! وأمّا شيخهم الأكبر العلّامة الحلّي فهذه كتبه الكلاميَّة وفي العقايد بين مخطوط ومطبوع ففي أيٍّ منها توجد هذه الفرية؟! نعم لا توجد إلّا في علبة عداء إبن تيميَّة، وفي عيبة مخازيه، أو في كتاب مفترياته أللهمَّ إليك المشتكى.

١٥ - قال: ذكر (العلّامة الحلّي) أشياء من الكذب تدلُّ على جهل ناقلها مثل قوله: نزل في حقِّهم (في حقِّ أهل البيت) هل أتى فإنَّ هل أتى مكيَّةٌ بإتِّفاق العلماء، وعليٌّ إنّما تزوَّج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة، وواد الحسن والحسين بعد نزول هل أتى فقوله: إنَّها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على مَن له علمٌ بنزول القرآن وأحوال هذه السادة الأخيار. ٢ ص ١١٧.

ج - إنَّ الرَّجل لا ينحصر جهله بباب دون باب فهو كما أنَّه جاهلٌ في العقايد جاهلٌ في الفِرَق، جاهلٌ في السيرة، جاهلٌ في الأحكام، جاهلٌ في الحديث، كذلك جاهلٌ في علوم القرآن حيث لم يعلم أوّلاً أنَّ كون السورة مكيَّة لا يُنافي كون بعض

١٦٩

آياته مدنيَّة وبالعكس، وقد اطَّرد ذلك في السورة القرآنيَّة كما مرَّ ج ١ ص ٢٥٥ - ٢٥٨، وهذا معنى قول إبن الحصار: إنّ كلُّ نوع من المكّي والمدنيِّ منه آيات مستثنات(١) .

(وثانياً) إنَّ أوثق الطرق إلى كون السورة أو الآية مكيَّة أو مدنيَّة هو ما تضافر النقل به في شأن نزولها بأسانيد مستفيضة دون الأقوال المنقطعة عن الإسناد وقد أسلفنا في ص ١٠٠ - ١٠٤ من هذا الجزء شطراً مهمّاً ممَّن خرَّج هذا الحديث وأخبت إليه فليس هو من كذب الرافضة حتّى يدلَّ على جهل ناقله، ولا على شيخنا العلّامة الحلّي من تبعة في نقله، فإن كان في نقله شائبةٌ سوء فالعلّامة ومشايخ قومه على شرع سواء.

(وثالثاً) إنَّ القول بأنَّها مكيَّةٌ ليس ممّا اتَّفق عليه العلماء بل الجمهور على خلافه كما نقله الخازن في تفسيره ٤ ص ٣٥٦ عن مجاهد وقتادة والجمهور.

وروى أبو جعفر النحّاس في كتابه «الناسخ والمنسوخ» من طريق الحافظ أبي حاتم عن مجاهد عن إبن عبّاس حديثاً في تلخيص آي القرآن المدنيِّ من المكيِّ وفيه: والمدَّثِّر إلى آخر القرآن إلّا إذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ بربِّ الفلق، وقل أعوذ بربِّ الناس، فإنَّهنَّ مدنيّات، وفيها سورة هل أتى. وقال السيوطي في الإتقان ١ ص ١٥ بعد نقل الحديث: هكذا أخرجه بطوله وإسناده جيِّدٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ من علمآء العربيَّة المشهورين.

وأخرج الحافظ البيهقي في «دلائل النبوة» بإسناده عن عكرمة والحسين بن أبي الحسن حديثاً في المكيِّ والمدنيِّ من السور وعدَّ من المدنيّات هل أتى (الإتقان ١ ص ١٦).

ويروي ابن الضريس في «فضائل القرآن» عن عطا عدَّ سورة الإنسان من المدنيّات، كما في الإتقان ١ ص ١٧.

وعدَّها الخازن في تفسيره ١ ص ٩ من السور النازلة بالمدينة.

وهذه مصاحف الدنيا بأجمعها مخطوطها ومطبوعها تخبرك عن جليَّة الحال فإنّها مجمعةٌ على أنَّها مدنيَّةٌ، فهل الأُمَّة أجمعت فيها على خلاف ما اتَّفق عليه العلماء إن صحَّت

_____________________

١ - الإتقان ١ ص ٢٣.

١٧٠

مزعمة إبن تيميَّة؟ فما منكم من أحد عنه حاجزين، وإنَّه لتذكرةٌ للمتَّقين، وإنّا لنعلم إنَّ منكم مكذِّبين.

(ورابعاً) إنَّ القائلين بأنَّ فيها آية أو آيات مكّيَّة كالحسن وعكرمة و الكلبي وغيرهم مصرِّحون بأنَّ الآيات المتعلّقة بقصَّة الإطعام مدنيَّةٌ.

(وخامساً) لا ملازمة بين القول بمكيَّتها وبين نزولها قبل الهجرة إذ من الممكن نزولها في حجَّة الوداع، بعد صحّة إرادة عموم قوله: وأسيراً. للمؤمن الداخل فيه المملوك كما قاله إبن جُبير، والحسن، والضحّاك، وعكرمة، وعطا، وقتادة، واختاره إبن جرير وجمعٌ آخرون.

١٦ - قال: قوله (يعني العلّامة الحلّي): إيجاب مودَّة أهل البيت بقوله تعالى:( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) . غلطٌ وممّا يدلُّ على هذا أنَّ الآية مكيَّةٌ ولم يكن عليٌّ بعدُ وقد تزوّج بفاطمة ولا ولد لهما أولاده. ٢ ص ١١٨.

وقال في ص ٢٥٠: أمّا قوله (يعني العلّامة): وأنزل الله فيهم:( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) . فهذا كذبٌ فإنَّ هذه الآية في سورة الشورى وهي مكيَّةٌ بلا ريب نزلت قبل أن يتزوَّج عليٌّ بفاطمة، وقبل أن يولد له الحسن الحسين (إلى أن قال): وقد ذكر طائفة من المصنِّفين من أهل السنَّة والجماعة والشيعة من أصحاب أحمد وغيرهم حديثاً عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ هذه الآية لَمّا نزلت قالوا: يا رسول الله؟ مَن هؤلاء؟! قال: عليٌّ وفاطمة وإبناهما. وهذا كذبٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث، وممّا يبيِّن ذلك أنَّ هذه الآية نزلت بمكَّة باتِّفاق أهل العلم فإنَّ سورة الشورى جميعها مكيّةٌ بل جميع ال حميم كلّهن مكّيّات.

ثمَّ فصَّل تاريخ ولادة السبطين الحسنين إثباتاً لإطِّلاعه وعلمه بالتاريخ.

ج - لو لم يكن في كتاب الرَّجل إلّا ما في هذه الجمل من التَّدجيل والتمويه على أجر صاحب الرِّسالة، والقول المزوَّر، والفرية الشائنة، والكذب الصريح، لكفى عليه عاراً وشنارا.

لم يصرِّح أحدٌ بأنَّ الآية مكيَّةٌ فضلاً عن الإتِّفاق المكذوب على أهل العلم، وإنَّما حسب الرجل ذلك من إطلاق قولهم: إنّ السورة مكيَّة. فحقُّ المقال فيه ما

١٧١

قدَّمناه ج ١ ص ٢٥٥ - ٢٥٨ وفي هذا الجزء ص ٦٩ - ١٧١.

ودعوى كون جميع سورة الشورى مكيَّةٌ تُكذِّبها استثنائهم قوله تعالى:( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى‏ عَلَى اللّهِ كَذِباً ) . إلى قوله:( خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) . وهي أربع آيات. واستثناء بعضهم قوله تعالى:( وَالّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ ) . إلى قوله.( مِن سَبِيلٍ ) . وهي عدَّة آيات(١) فضلاً عن آية المودَّة.

ونصَّ القرطبي في تفسيره ١٦ ص ١، والنيسابوري في تفسيره، والخازن في تفسيره ٤ ص ٤٩، والشوكاني في «فتح القدير» ٤ ص ٥١٠ وغيرهم عن إبن عبّاس و قتادة على أنَّها مكيَّةٌ إلّا أربع آيات أوَّلها: قبل لا أسألكم عيه أجراً.

وأمّا حديث إنَّ الآية نزلت في عليٍّ وفاطمة وابناهما وإيجاب مودَّتهم بها فليس مختصّاً بآية الله العلّامة الحلّي ولا بأُمَّته من الشيعة بل أصفق المسلمون على ذلك إلّا شذّاذٌ من حملة الروح الأمويَّة نظراء إبن تيميَّة وإبن كثير، ولم يقف القارئ ولن يقف على شيء من الإتّفاق المكذوب على أهل المعرفة بالحديث، ليت الرَّجل دلَّنا على بعض من أولئك المجمعين، أو على شيءٍ من تآليفهم، أو على نزرٍ من كلماتهم وقد أسلفنا في ج ٢ ص ٣٠٦ - ٣١١ ما فيه بلغةٌ وكفايةٌ نقلاً عن جمع من الحفّاظ والمفسِّرين من أعلام القوم وهم:

الإمام أحمد

إبن مردويه

ألواحدي

ألحسكاني

ألحمّويي

أبو حيّان

إبن الصبّاغ

ألخازن

ألصفوري

إبن المنذر

ألثعلبي

أبو نعيم

محبّ الدين

ألنيسابوري

إبن أبي الحديد

ألكنجي

ألزرقاني

ألصبّان

إبن أبي حاتم

أبو عبد الله الملا

ألبغوي

ألزمخشري

إبن طلحة

ألبيضاوي

ألمناوي

إبن حجر

ألشبلنجي

ألطبري

أبو الشيخ

ألبزّار

إبن عساكر

ألرازي

ألنسفي

ألقسطلاني

ألسمهودي

ألحضرمي

ألطبراني

ألنَّسائي

إبن المغازلي

أبو الفرج

أبو السعود

ألهيثمي

ألزرندي

ألسيوطي

ألنبهاني

_____________________

١ - تفسير الخازن ٥ ص ٩٤، الإتقان ١ ص ٢٧.

١٧٢

وقول الإمام الشافعيِّ في ذلك مشهورٌ قال.

يا أهل بيت رسول الله حبّكمُ

فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ

كفاكمُ من عظيم القدر أنّكمُ

من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ

ذكرهما له إبن حجر في «الصواعق» ٨٧، الزرقاني في شرح «المواهب» ٧ ص ٧، الحمزاوي المالكي في «مشارق الأنوار» ٨٨، الشبراوي في «الإتحاف» ٢٩، الصبّان في الإسعاف ١١٩.

م - وقال العجلوني(١) في «كشف الخفاء» ص ١٩ ج ١: وفي هذا مع زيادة قلت:

لقد حاز آل المصطفى أشرف الفخرِ

بنسبتهم للطّاهر الطيِّب الذِّكرِ

فحبّهمُ فرضٌ على كلِّ مؤمن

أشار إليه الله في محكم الذِّكرِ

ومَن يدَّعي من غيرهم نسبةً له

فذلك ملعونٌ أتى أقبح الوزرِ

وقد خصَّ منهم نسلُ زهراء الأشرف

بأطراف تيجانٍ من السندس الخضرِ

ويُغنيهمُ عن لبس ما خصَّهم به

وجوهٌ لهم أبهى من الشمس والبدرِ

ولم يمتنع من غيرهم لبس أخضر

على رأي من يعزى لأسيوط ذي الخبرِ

وقد صحَّحوا عن غيره حرمة الّذي

رآه مباحاً فاعلم الحكم بالسبرِ]

وأمّا إنّ تزويج عليّ بفاطمة عليهما السَّلام كان من حوادث العهد المدنيِّ، و قد ماشينا الرَّجل على نزول الآية في مكّة فإنَّه لا ملازمة بين إطباق الآية بهما وبأولادهما وبين تقدُّم تزويجهما على نزولها كما لا منافاة بينه وبين تأخّر وجود أولادهما على فرضه، فإنَّ ممّا لا شبهة فيه كون كلّ منهما من قُربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعمومة والنبوَّة، و أمّا أولادهما فكان من المقدَّر في العلم الأزليّ أن يخلقوا منهما، كما أنَّه كان قد قضى بعلقة التزويج بينهما، وليس من شرط ثبوت الحكم بملاك عامّ يشمل الحاضر والغابر وجود موضوعه الفعليِّ بل إنَّما يتسرَّب إليه الحكم مهما وُجد ومتى وُجد وأنّى وُجد.

على أنَّ من الممكن أن تكون قد نزلت بمكّة في حجَّة الوداع وعليٌّ قد تزوَّج بفاطمة وولد الحسنان، ولا ملازمة بين نزولها بمكّة وبين كونه قبل الهجرة. ويرى

_____________________

١ - الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي المتوفّى ١١٦٢ توجد ترجمته في «سلك الدرر» للمرادي.

١٧٣

الذين أوتوا العلم الَّذي أُنزل إليك من ربِّك هو الحقّ.

١٧ - قال: أمّا حديث المؤاخاة (إنَّ عليّاً وأخاه رسول الله) فباطلٌ موضوعٌ، فإنَّ النبيَّ لم يُواخ أحداً ولا آخى بين المهاجرين بعضهم من بعض ولا بين الأنصار بعضهم من بعض، ولكن آخى بين المهاجرين والأنصار كما آخى بين سعد بن الربيع و عبد الرَّحمن بن عوف، وآخى بين سلمان الفارسي وأبي الدرداء كما ثبت ذلك في الصحيح ٢ ص ١١٩.

ج - إنَّ حكم الرَّجل يبطلان حديث المواخاة الثابت بين المسلمين على بكرة أبيهم بكشف عن جهله المطبق بالحديث والسيرة، أو عن حنقه المحتدم على أمير المؤمنين عليه السلام فلا يسعه أن ينال منه إلّا بإنكار فضايله، فكأنَّه آلى على نفسه أن لا يمرَّ بفضيلة إلّا وأنكرها وفنَّدها ولو بالدعوى المجرَّدة. فقد أوضحنا في ص ١١٢ - ١٢٥ أنّ قصَّة المواخاة وقعت بين أفراد الصحابة قبل الهجرة مرّة، وبين المهاجرين والأنصار بعدها مرّة أُخرى، وفي كلٍّ منهما وآخى هو صلّى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام، وحسب الرَّجل ما في فتح الباري ٧ ص ٢١٧ للحافظ إبن حجر العسقلاني قال بعد بيان كون المواخاة مرَّتين وذكر جملة من أحاديثهما: وأنكر إبن تيميَّة في كتاب الردّ(١) على إبن المطهَّر الرافضي في المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبيِّ لعليٍّ قال: لأنَّ المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضاً، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض، فلا معنى لمؤاخاة النبيِّ لأحدٍ منهم ولا لمؤاخاة مهاجريٍّ لمهاجريٍّ. وهذا ردٌّ للنصِّ بالقياس وإغفالٌ عن حكمة المؤاخاة، لأنَّ بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى، فآخى بين الأعلى والأدنى، ليرتفقن الأدنى بالأعلى، ويستعين الأعلى بالأدنى، وبهذا نظر في مؤاخاته لعلّي لأنَّه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمرَّ، وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأنَّ زيداً مولاهم فقد ثبت أخوَّتهما وهما من المهاجرين وسيأتي في عمرة القضاء قول زيد بن حارثة: إنَّ بنت حمزة بنت أخي. وأخرج الحاكم وإبن عبد البرّ بسند حسن عن أبي الشعثاء عن إبن عبّاس: آخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين الزبير و ابن مسعود وهما من المهاجرين (قلت): وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني وإبن تيميَّة يصرِّح بأنَّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك.

_____________________

١ - هو كتاب منهاج السنة الذي نتكلم حوله.

١٧٤

وقصَّة المواخاة الأولى (ثمَّ ذكر حديثها الصحيح من طريق الحاكم الذي أسلفناه).

وذكر العلّامة الزرقاني في شرح «المواهب» ١ ص ٣٧٣ جملةً من الأحاديث والكلمات الواردة في كلتا المرَّتين من المؤاخاة وقال: وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ. ثمَّ أوعز إلى مزعمة إبن تيميَّة وردَّ عليه بكلام الحافظ إبن حجر المذكور. إتَّبعوا ما أُنزل إليكم من ربِّكم ولا تتَّبعوا من دونه أولياء.

١٨ - قال: الحديث الذي ذكر (العلّامة) عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ فاطمة أحصنت فرجها فحرَّمها الله وذرِّيّتها على النّار. كذبٌ بإتِّفاق أهل المعرفة بالحديث. ويظهر كذبه لغير أهل الحديث أيضاً فإنَّ قوله: إنّ فاطمة أحصنت فرجها.. إلخ. باطلُ قطعاً فإنَّ سارة أحصنت فرجها ولم يحرِّم الله جميع ذرِّيَّتها على النار، وأيضاً فصفيّة عمَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحصنت فرجها ومن ذرّيَّتها محسنٌ وظالمٌ، وفي الجملة: اللواتي حصين فروجهنّ لا يًحصي عددهنَّ إلّا الله ومن ذريَّتهنّ البرّ والفاجر والمؤمن والكافر. وأيضاً ففضيلة فاطمة ومزيَّتها ليست بمجرّد إحصان الفرج فإنَّ هذا تشارك فيه فاطمة وجمهور نساء المؤمنين ٢ ص ١٢٦.

ج - عجباً لهذا الرَّجل وهو يحسب أنَّ الإجماعات والإتِّفاقات طوع إرادته، فإذا لم يرقه تأويل آية أو حديث أو مسألة أو اعتقاد يقول في كلٍّ منها للملأ العلمي: اتَّفقوا. فتُلبِّيه الأحياء والأموات، ثمَّ يحتجُّ بإتِّفاقهم. ولعمر الحقِّ لو لم يكن الإنسان منهيّاً عن الكذب ولغو الحديث لما يأتي منهما فوق ما أتى به الرَّجل.

ليت شعري كيف يكون هذا الحديث متَّفقاً على بطلانه وكذبه؟! وقد أخرجته جماعةٌ من الحفّاظ وصحَّحه غير واحدٍ من أهل المعرفة بالحديث، وليته أوعز إلى مَن شذَّ منهم بالحكم بكذبه، ودلَّنا على تآليفهم وكلماتهم، غير أنَّه لم يجد أحداً منهم فكوَّن الإتِّفاق بالإرادة كما قلناه. وقد خرَّجه.

ألحاكم

ألطبراني

ألسيوطي

ألبدخشي.

ألخطيب البغداديّ

إبن شاهين

ألمتّقي الهندي

ألبزّار

أبو نعيم

ألهيثمي

أبو يعلى

ألمحبُّ الطبري

ألزرقاني

ألعقيلي

إبن حجر

ألصبّان

١٧٥

إذا ثبتت صحَّة الحديث فأيُّ وزن يُقام للمناقشة فيه بأوهام وتشكيكات، و استحسانات واهية، واستبعادات خياليَّة؟! كما هو دأب الرَّجل في كلِّ ما لا يرتضيه من فضايل أهل البيت عليهم السَّلام، وأيّ ملازمة بين إحصان الفرج وتحريم الذريَّة على النّار؟! حتّى يُردّ بالنقض بمثل سارة وصفيّة والمؤمنات، غير أنَّ هذه فضيلةٌ اختصَّت بها سيِّدة النساء فاطمة، وكم لها من فضايل تخصّ بها ولم تحظ بمثلها فضليات النساء من سارة إلى مريم إلى حواء وغيرهنَّ، فلا غضاضة إذا تفرَّد ذريَّتها بفضيلة لم يحوها غيرهم، وكم لهم من أمثالها.

وقال العلّامة الزرقاني المالكي في شرح «المواهب» ٣: ٢٠٣ في نفي هذه الملازمة: الحديث أخرجه أبو يعلى والطبراني والحاكم وصحِّحه عن إبن مسعود وله شواهد، وترتيب التحريم على الإحصان من باب إظهار مزيَّة شأنها في ذلك الوصف مع الإلماح ببنت عمران ولمدح وصف الإحصان، وإلّا فهي محرَّمةٌ على النّار بنصّ روايات أُخر(١)

ويؤيَّد هذا الحديث بأحاديث أُخرى منها حديث إبن مسعود: إنَّما سُمِّيت فاطمة لأنَّ الله قد فطمها وذريَّتها عن النّار يوم القيامة(٢) .

وقوله صلّى الله عليه وآله: لفاطمة إنَّ الله غير معذَّبكِ ولا أحد من ولدِك(٣) .

وقوله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ: إنَّ الله قد غفر لك ولذريّتك. راجع ص ٧٨.

وقوله صلّى الله عليه وآله: وعدني ربّي في أهل بيتي: من أقرَّ منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ أنَّه لا يُعذّبهم(٤) .

١٩ - قال: حديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: عليٌّ مع الحقِّ، والحقُّ يدور معه حيث دار، ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض. من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإنَّ هذا الحديث لم يروه أحدٌ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف، وهل

_____________________

١ - يأتي تمام كلام الزرقاني في النقد على كتاب (الصراع بين الإسلام والوثنية).

٢ - تاريخ إبن عساكر، الصواعق ٩٦، المواهب اللدنية كما في شرحه للزرقاني ٣ ص ٢٠٣.

٣ - أخرجه الطبراني بسند رجاله ثقات، وإبن حجر صححه في الصواعق ٩٦، ١٤٠.

٤ - أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١٥٠ وجمع آخرون نظراء الحافظ السيوطي.

١٧٦

يكون أكذب ممّن يروي (يعني العلّامة الحلّي) عن الصحابة والعلماء أنَّهم رووا حديثاً والحديث لا يُعرف عن أحد منهم أصلاً؟ بل هذا من أظهر الكذب، ولو قيل: رواه بعضهم وكان يمكن صحَّته لكان ممكناً وهو كذبٌ قطعاً على النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فإنَّه كلامٌ ينزَّه عنه رسول الله. ١٦٧، ١٦٨.

ج - أمّا الحديث فأخرجه جمعٌ من الحفّاظ والأعلام منهم: الخطيب في التأريخ ج ١٤ ص ٣٢١ من طريق يوسف بن محمد المؤدّب قال: حدَّثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السرّاج: حدَّثنا عبد السَّلام بن صالح: حدَّثنا عليُّ بن هاشم بن البريد عن أبيه عن أبي سعيد التميمي عن أبي ثابت مولى أبي ذرّ قال: دخلت على أُمِّ سلمة فرأيتها تبكي وتذكر عليّاً وقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة.

هذه أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة سيِّدةٌ صحابيَّةٌ، وقد نفى الرجل أن يكون أحد الصحابة قد رواه كما نفى أن يكون أحدٌ من العلماء يرويه إلّا أن يقول: إنّ الخطيب - وهو هو - ليس من العلماء، أو لم يعتبر أُمَّ المؤمنين صحابيَّة، وهذا أقرب إلى مبدأ إبن تيميَّة لأنَّها علويَّة النزعة. علويَّة الروح. علويَّة المذهب.

وحديث أُمّ سلمة سمعه سعد بن أبي وقّاص في دارها قال سمعت: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: عليٌّ مع الحقِّ. أو: الحقُّ مع عليٍّ حيث كان: قاله في بيت أُمّ سلمة فأرسل أحدٌ إلى أُمِّ سلمة فسألها فقالت: قد قاله رسول الله في بيتي. فقال الرجل لسعد: ما كنتَ عندي قطُّ ألوم منك الآن. فقال وَلِمَ؟! قال: لو سمعتُ من النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لم أزل خادماً لعليٍّ حتّى أموت.

أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ ص ٢٣٦ وقال: رواه البزّار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه وبقيَّة رجاله رجال الصحيح.

(قال الأميني): الرَّجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي قد خفي عليه لمكان التصحيف، ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني: إنَّه كان شيخاً صالحاً صدوقاً. كما في خلاصة الكمال ٣١٨، وتهذيب التهذيب ٤ ص ٤٨.

وكيف يحكم الرَّجل بأنَّ الحديث لم يروه أحدٌ من الصَّحابة والعلماء أصلاً

١٧٧

وهذا الحافظ إبن مردويه في «المناقب» والسمعاني في «فضائل الصحابة» أخرجا بالإسناد عن محمد بن أبي بكر عن عايشة أنَّها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ مع عليٍّ لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

وأخرج إبن مردويه في «المناقب» والديلمي في «الفردوس» أنَّه لما عقر جمل عايشة ودخلت داراً بالبصرة أتى إليها محمد بن أبي بكر فسلّم عليها فلم تُكلّمه فقال لها: أُنشدك الله أتذكرين يوم حدّثتيني عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم إنَّه قال: الحقُّ لن يزال مع عليٍّ وعليٌّ مع الحقِّ لن يختلفا ولن يفترقا؟ فقالت: نعم.

وروى إبن قُتيبة في «الإمامة والسّياسة» ١ ص ٦٨ عن محمد بن أبي بكر أنَّه دخل على أُخته عائشة رضي الله عنها قال لها: أما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: عليٌّ مع الحقِّ، والحقُّ مع عليٍّ؟! ثمَّ خرجت تُقاتلينه.

وروى الزمخشري في «ربيع الأبرار» قال: استأذن أبو ثابت مولى عليّ على أُمّ سلمة رضي الله عنها فقالت: مرحباً بك يا أبا ثابت، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال: تبع عليَّ بن أبي طالب. قالت: وُفّقت والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: عليٌّ مع الحقِّ والقرآن، والحقُّ والقرآن مع عليٍّ، ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

وبهذا اللفظ أخرجه أخطب الخطباء الخوارزمي في «المناقب» من طريق الحافظ إبن مردويه. وكذا شيخ الإسلام الحمّويي في «فرائد السمطين» في الباب الـ ٣٧ عن طريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري.

وأخرج إبن مردويه في «المناقب» عن أبي ذرّ أنَّه سُئل عن اختلاف النّاس فقال: عليك بكتاب الله والشيخ عليِّ بن أبي طالب عليه السلام فإنّي سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: عليٌّ مع الحقِّ والحقُّ معه وعلى لسانه، والحقُّ يدور حيثما دار عليٌّ.

ويوقف القارئ على شهرة الحديث عند الصِّحابة احتجاج أمير المؤمنين به يوم الشورى بقوله: أُنشدكم بالله أتعلمون أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: ألحقُّ مع عليٍّ و عليٌّ مع الحقِّ يزول الحقُّ مع عليٍّ كيفما زال؟ قالوا: أللهمَّ نعم(١) .

_____________________

١ - مرّ الكلام في حديث المناشدة ج ١ ص ١٥٩ - ١٦٣.

١٧٨

وهنا نُسأل الرَّجل عن أنَّ هذا الكلام لِماذا لا يُمكن صحَّته؟ أفيه شيءٌ من المستحيلات العقليَّة كاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما؟ أو اجتماع الضدَّين أو المثلين؟ و كأنَّ الرَّجل يزعم أنَّ الحقيقة العلويَّة غير قابلةٍ لأن تدور مع الحقِّ وأن يدور الحقُّ معها. كبرت كلمة تخرج من أفواههم.

وقد مرَّ ج ١ ص ٣٠٥، ٣٠٨ من طريق الطبراني وغيره بإسناد صحيح قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خمّ: أللهمَّ وال من والاه، وعاد من عاداه (إلى قوله): و أدر الحقَّ معه حيث دار(١) :

وصح عنه صلّى الله عليه وآله قوله: رحم الله عليّاً أللهمَّ أدر الحقَّ معه حيث دار(٢) .

وقال الرازي في تفسيره ١ ص ١١١. وأمّا أنَّ عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتَّسمية فقد ثبت بالتواتر، ومَن اقتدى في دينه بعليِّ بن أبي طالب فقد اهتدى والدليل عليه قوله عليه السلام: أللهمَّ أدر الحقَّ مع عليٍّ حيث دار.

وحكي الحافظ الكنجي في «الكفاية» ص ١٣٥، وأخطب خوارزم في «المناقب» ٧٧ عن مسند زيد قوله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ: إنَّ الحقَّ معك والحقُّ على لسانك وفي قلبك وبين عينيك، والإيمان مخالطٌ لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي.

وأخرج غير واحد عن أبي سعيد الخدري عنه صلّى الله عليه وآله إنَّه قال مشيراً إلى عليٍّ: الحقُّ مع ذا، الحقُّ مع ذا(٣) وفي لفظ إبن مردويه عن عايشة عنه صلى الله عليه وآله: الحقُّ مع ذا يزول معه حيثما زال.

وأخرج إبن مردويه والحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩ ص ١٣٤ عن أمِّ سلمة أنَّها كانت تقول: كان عليٌّ على الحقِّ، من اتَّبعه اتَّبع الحقَّ، ومَن تركه ترك الحقَّ، عهداً معهوداً قبل يومه هذا(٤) .

_____________________

١ - وبهذا اللفظ رواه الشهرستاني في نهاية الإقدام ص ٤٩٣.

٢ - مستدرك الحاكم ٣ ص ١٢٥، جامع الترمذي ٢ ص ٢١٣، الجمع بين الصحاح لابن الأثير، كنز العمال ٦ ص ١٥٧، نزل الأبرار ٢٤.

٣ - مسند أبي يعلى، سنن سعيد بن منصور، مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ٧ ص ٣٥ وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.

٤ - في لفظ الهيثمي: عهد معهود.

١٧٩

ومرَّ في ج ١ ص ١٦٦ من طريق شيخ الإسلام الحمّويي قوله صلى الله عليه وآله وسلم في أوصيائه: فإنَّهم مع الحقِّ، والحقُّ معهم لا يُزايلونه ولا يُزايلهم.

وليت شعري هذا الكلام لِماذا يُنزَّه عنه رسول الله صلّى الله عليه وآله ألإشتماله على كلمة إلحاديَّة؟! أو إشراك بالله العظيم؟! أو أمر خارج عن نواميس الدِّين المبين؟!

أنا أقول عنه لِماذا: لأنَّه في فضل مولانا أمير المؤمنين والرَّجل لا يروقه شيءٌ من ذلك. ونعم الحَكَم الله، والخصيم محمد.

ولا يذهب على القارئ أنَّ هذا الحديث عبارةٌ أُخرى لما ثبتت صحَّته عن أُمّ سلمة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: عليٌّ مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتّى يردا عليَّ الحوض(١) .

وكلا الحديثين يرميان إلى مغزى الصحيح المتواتر الثابت عنه صلى الله عليه وآله وسلم من قوله: إنّي تاركٌ أو: مخلّفٌ فيكمِ الثقلين، أو: الخليفتين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض.

فإذا كان ما يراه إبن تيميَّة غير ممكن الصدور عن مبدأ الرِّسالة فهذه الأحاديث كلّها ممّا يغزو مغزاه يجب أن ينزَّه صلّى الله عليه وآله عنها، ولا أحسب أنَّ أحداً يقتحم ذلك الثغر المخوف إلّا مَن هو كمثال إبن تيميَّة لا يُبالي بما يتهوَّر فيه، فدعه وتركاضه، ولا تتَّبع أهواء الذين لا يعلمون.

٢٠ - قال: حديث إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: يا فاطمة؟ إنّ الله يغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ. فهذا كذبٌ منه، ما رووا هذا عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ولا يُعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة، ولا الإسناد معروفٌ عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم لا صحيح ولا حسن. ٢٠ ص ١٧٠

ج - ليتني عرفت هل المقحم للرَّجل في أمثال هذه الورطة جهله المطبق وضيق حيطته عن الوقوف على كتب الحديث؟! ثمَّ إنَّ الرعونة تحدوه إلى تكذيب ما لم يجده

_____________________

١ - مستدرك الحاكم ٣ ص ١٢٤ صححه هو وأقره الذهبي، المعجم الأوسط للطبراني وحسن سنده، الصواعق ٧٤، ٧٥، الجامع الصغير ٢ ص ١٤٠، تاريخ الخلفاء للسيوطي ١١٦، فيض القدير ٤ ص ٣٥٨.

١٨٠