الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٣

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 418

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 418
المشاهدات: 89430
تحميل: 4969


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 418 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 89430 / تحميل: 4969
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 3

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فقاتلوا التي تبغي حتّى تفيئ إلى أمر الله. فوالله ما كنت مع الباغية على العادلة ولا مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لأُقاتل رجلاً قال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنَّه لا نبيَّ بعدي. فقال معاوية: مَن سمع هذا معك؟! فقال: فلان وفلان وأُمّ سلمة. فقال معاوية: أما إنّي لو سمعته منه صلّى الله عليه وسلّم لما قاتلت عليّاً. تاريخ إبن كثير ٨ ص ٧٧].

فإنَّ هذا الذي كان يستعظمه سعدٌ في عداد حديث الراية والتزويج بالصدّيقة الطاهرة، بوحي من الله العزيز الذين هما من أربى الفضائل، ويراه معاوية لو كان سمعه فيه لما قاتل عليّاً ولكان يخدم عليّاً ما عاش، لا بدَّ وأن يكون على حدِّ ما وصفناه حتّى يتسنّى لسعد تفضيله على ما طلعت عليه الشمس أو حمر النعم، ولمعاوية إيجاب الخدمة له، دون الإستخلاف على العايلة لينهض بشئون حياتها كما هو شأن الخدم، أو يُنصب عيناً على المنافقين فحسب، ليتجسَّس أخبارهم كما هو وظيفة الطبقة الواطئة من مستخدم الحكومات.

(الخامسة) : قول سعيد بن المسيِّب بعد ما سمع الحديث عن إبراهيم أو عامر ابني سعد بن أبي وقّاص: فلم أرض فأحببت أن أُشافه بذلك سعداً فأتيته فقلت: ما حديثٌ حدَّثني به إبنك عامر؟ فأدخل أصبعيه في أُذنيه وقال: سمعت من رسول الله وإلّا فاستكَّتا(١) فماذا كان سعيد يستعظمه من الحديث حتّى طفق يستحفي خبره من نفس سعد بعد ما سمعه من إبنه؟! فأكَّد له سعد ذلك التأكيد، غير أنَّه فهم من مؤدّاه ما ذكرناه من العظمة.

(السّادسة) : قول الإمام أبي البسطام شعبة بن الحجّاج في الحديث: كان هارون أفضل أُمَّة موسى عليه السلام فوجب أن يكون عليٌّ عليه السلام أفضل من كلِّ أُمَّة محمد صلّى الله عليه وسلّم صيانةً لهذا النّص الصحيح الصريح كما قال موسى لأخيه هارون: اخلفني في قومي وأصلح.(٢) .

(السّابعة) : قال الطيبي: منّي خبر المبتداء ومن إتِّصاليَّةٌ ومتعلق الخبر

_____________________

١ - أخرجه النسائي في الخصايص بعدة طرق ص ١٥.

٢ - أخرجه الحافظ الكنجي في الكفاية ١٥٠.

٢٠١

خاصٌّ والباء زائدةٌ كما في قوله تعالى:( فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ ) . أي فإن آمنوا إيماناً مثل إيمانكم، يعني أنت متَّصلٌ ونازلٌ منّي بمنزلة هارون من موسى، وفيه تشبيهٌ ووجه الشبه مبهمٌ بيَّنه بقوله: إلّا أنَّه لا نبيَّ بعدي. فعرف أنَّ الأتِّصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوَّة بل من جهة ما دونها وهي الخلافة(١)

وممّا كذَّبه الرَّجل من الحديث قول: وسدّ الأبواب إلّا باب عليٍّ وقال: فإنَّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة. إلخ.

ج - لا أجد لنسبة وضع هذا الحديث إلى الشيعة دافعاً إلّا القحَّة والصلف، و دفع الحقايق الثابتة بالجلبة والسخب، فإنَّ نصب عيني الرَّجل كتب الأئمَّة من قومه وفيها مسند إمام مذهبه أحمد، قد أخرجوه فيها بأسانيد جمَّة صحاح وحسان عن جمع من الصحابة تربو عدَّتهم على عدد ما يحصل به التواتر عندهم منهم:

١ - زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبوابٌ شارعة في المسجد قال: فقال يوماً سدوا هذه الأبواب إلّا باب عليٍّ. قال: فتكلَّم في ذلك الناس قال: فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: أمّا بعد: فانّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ. فقال فيه قائلكم، وأنّي ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكنّي أُمرت بشيءٍ فاتّبعته.

سند الحديث في مسند الإمام أحمد ٤ ص ٣٦٩:

ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم.رجاله رجال الصحيح غير أبي عبد الله ميمون وهو ثقةٌ، فالحديث بنصِّ الحفّاظ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ.

وأخرجه النسائي في السنن الكبرى والخصايص ١٣ عن الحافظ محمد بن بشّار بندار الذي إنعقد الإجماع على الإحتجاج به «قاله الذهبي» بالإسناد المذكور. والحاكم في المستدرك ٣ ص ١٢٥ وصحَّحه. والضياء المقدسي في المختارة ممّا ليس في الصحيحين والكلاباذي في معاني الأخبار كما في القول المسدَّد ١٧. وسعيد بن منصور في سننه. ومحبّ الدين الطبري في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. والخطيب البغدادي من طريق الحافظ محمد بن بشّار. والكنجي في الكفاية ٨٨. وسبط إبن الجوزي في التذكرة ٢٤. و

_____________________

١ - شرح المواهب للعلامة الزرقاني ٣ ص ٧٠.

٢٠٢

إبن أبي الحديد في شرحه ٢ ص ٤٥١. وإبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢. وإبن حجر في القول المسدَّد ص ١٧ وقال: أورده إبن الجوزي في الموضوعات من طريق النسائي وأعلّه بميمون وأخطأ في ذلك خطأً ظاهراً، وميمون وثَّقه غير واحد وتكلّم بعضهم في حفظه، وقد صحَّح له الترمذي حديثاً غير هذا. ورواه في فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ١٥٢، ١٥٧ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٤. والعيني في عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢. والبدخشي في نزل الأبرار وقال: أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والضياء بإسناد رجاله ثقات.

٢ - عبد الله بن عمر بن الخطّاب قال: لقد أوتي إبن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حمر النعم: زوَّجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إبنته فولدت له. وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد. وأعطاه الراية يوم خيبر.

سند الحديث في مسند أحمد ٢ ص ٢٦:

ثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أُسيد عن إبن عمر قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٢٠ رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.

وأخرجه إبن أبي شيبة. وأبو نعيم. ومحبّ الدين في الرياض ٢ ص ١٩٢. و شيخ الإسلام الحمّويي في الفرايد في الباب الـ ٢١. وإبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢، والصواعق ٧٦، وصحَّحه في القول المسدَّد ٢٠ وقال: حديث إبن عمر أعلّه إبن الجوزي بهشام بن سعد هو من رجال مسلم صدوقٌ تكلّموا في حفظه، وحديثه يقوى بالشواهد، ورواه النسائي بسند صحيح. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٣٩١. والبدخشي في نزل الأبرار ص ٣٥ وقال. إسنادٌ جيِّدٌ.

٣ - عبد الله بن عمر بن الخطّاب قال له العلاء بن عرار: أخبرني عن عليٍّ وعثمان. قال، أمّا عليٌّ فلا تسأل عنه أحداً وانظر إلى منزله من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنَّه سدَّ أبوابنا في المسجد وأقرّ بابه.

أخرجه الحافظ النسائي من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال إبن حجر في القول المسدَّد ص ١٨، وفتح الباري ٧ ص ١٢: سندٌ صحيحٌ ورجاله رجال الصحيح إلّا العلاء وهو ثقةٌ وثَّقه يحيى بن معين وغيره.

٢٠٣

وأخرجه الكلاباذي في معاني الأخبار كما في القول المسدَّد ١٨ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. والسيوطي في اللئالي ١ ص ١٨١ عن إبن حجر مع تصحيحه وكلامه المذكور. والبدخشي في نزل الأبرار ٣٥ وصحَّحه مثل ما مرَّ عن إبن حجر.

٤ - ألبراء بن عازب رواه بلفظ زيد بن أرقم المذكور قال أحمد رواه أبو الأشهب (جعفر بن حيّان البصري) عن عوف عن ميمون أبي عبد الله عن البراء. راجع تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٤٢، والإسناد صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.

٥ - عمر بن الخطّاب قال أبو هريرة: قال عمر: لقد اُعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم. قيل: وما هنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله. وسكناه المسجد مع رسول الله، يحلُّ له فيه ما يحلُّ له. والراية يوم خيبر.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١٢٥ وصحَّحه. وأبو يعلى في الكبير. وإبن السّمان في الموافقة. والجزري في أسنى المطالب ١٢ من طريق الحاكم وذكر تصحيحه له. ومحبُّ الدين في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. والخوارزمي في المناقب ص ٢٦١ والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١٢٠. والسيوطي في تاريخ الخلفاء ١١٦، والخصايص الكبرى ٢ ص ٢٣٤. وإبن حجر في الصواعق ص ٧٦.

٦ - عبد الله بن عبّاس قال: إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله أمر بسدِّ الأبواب فسدَّت إلّا باب عليٍّ. وفي لفظ له: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأبواب المسجد فسدَّت إلّا باب عليٍّ.

أخرجه الترمذي في جامعه ٢ ص ٢١٤ عن محمد بن حميد وإبراهيم بن المختار كلاهما عن شعبة عن أبي بلج يحيى بن سليم عن عمرو بن ميمون عن إبن عبّاس. والإسناد صحيحٌ، رجاله كلّهم ثقات.

وأخرجه النسائي في الخصائص ١٣. م - أبو نعيم في الحلية ٤ ص ١٥٣ بطريقين] محبُّ الدين في الرِّياض ٢ ص ١٩٢. الكنجي في الكفاية ٨٧ وقال: حديثٌ حسنٌ عال. سبط إبن الجوزي في تذكرته ٢٥. إبن حجر في القول المسدَّد ١٧. وفي فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. ألحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٣. ألبدخشي في

٢٠٤

نزل الأبرار ٣٥ وقال: أخرجه أحمد والنسائي بإسناد رجاله ثقاتٌ.

٧ - عبد الله بن عبّاس قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ أبواب المسجد غير باب عليٍّ، فكان يدخل المسجد وهو جنبٌ ليس له طريقٌ غيره.

أخرجه النسائي في الخصايص ص ١٤ قال: أخبرنا محمد بن المثنّى قال: حدَّثنا يحيى بن معاذ قال: حدَّثنا أبو وضاح(١) قال: أخبرنا يحيى حدَّثنا عمرو بن ميمون قال: قال إبن عبّاس: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. إلخ. والإسناد صحيحٌ، ورجاله كلّهم ثقات.

ورواه إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢ وقال: رجاله ثقاتٌ. والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١ عن أحمد والنسائي ووثَّق رجاله. ويوجد في نزل الأبرار ٣٥.

وفي لفظ لإبن عبّاس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سدَّوا أبواب المسجد كلّها إلّا باب عليٍّ. أخرجه الكلاباذي في معاني الأخبار. وأبو نعيم وغيرهما.

٨ - عبد الله بن عبّاس قال: قال: رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليٍّ: إنَّ موسى سأل ربَّه أن يُطهِّر مسجده لهارون وذريَّته وإنّي سألت الله أن يُطهِّر لك ولذريَّتك من بعدك، ثمَّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك فاسترجع وقال: سمعاً وطاعةً. فسدَّ بابه. ثمَّ إلى عمر كذلك، ثمَّ صعد المنبر فقال: ما أنا سددت أبوابكم ولا فتحت باب عليٍّ ولكن الله سدَّ أبوابكم وفتح باب عليٍّ. أخرجه النسائي كما ذكره السيوطي.

٩ - عبد الله بن عبّاس قال: لما أخرج أهل المسجد وترك عليّاً قال الناس في ذلك فبلغ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي ولا أنا تركته ولكن الله أخرجكم وتركه، إنّما أنا عبدٌ مأمورٌ، ما أُمرت به فعلتُ إن أتَّبع إلّا ما يوحى إليَّ.

أخرجه الطبراني. والهيثمي في المجمع ٩ ص ١١٥. والحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

١٠ - أبو سعيد الخدري سعد بن مالك قال عبد الله بن الرقيم الكناني: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله بسدِّ الأبواب. الشارعة في المسجد وترك باب عليٍّ.

أخرجه الإمام أحمد عن حجّاج عن فطر عن عبد الله بن الرقيم. قال الهيثمي في المجمع ٩ ص ١١٤: إسنادُ أحمد حسنٌ. ورواه أبو يعلى والبزّار والطبراني في

_____________________

١ - كذا في النسخة والصحيح: أبو عوانة وضاح، وثقة أحمد وأبو حاتم. راجع ج ١: ٧٨.

٢٠٥

الأوسط وزاد: قالوا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا كلّها إلّا باب عليَّ. قال: ما أنا سددت أبوابكم ولكنَّ الله سدَّها.

١١ - سعد بن مالك أبو سعيد الخدري قال: إنَّ عليَّ بن أبي طالب اُعطي ثلاثاً لإن أكون أُعطيت إحداهنَّ أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم غدير خمّ بعد حمد الله والثناء عليه (إلى أن قال): جئ به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر (إلى أن قال): وأخرج رسول الله عمَّه العبّاس وغيره من المسجد فقال له العبّاس: تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتُسكن عليّاً؟! فقال: ما أنا أخرجتكم وأسكنته ولكنَّ الله أخرجكم وأسكنه.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١١٧.

١٢ - أبو حازم الأشجعي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنَّ الله أمر موسى أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا هو وهارون، وإنَّ الله أمرني أن أبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا أنا وعليّ وإبنا عليّ. رواه السيوطي في الخصايص ٢ ص ٢٤٣.

١٣ - جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: سدّوا الأبواب كلّها إلّا باب عليٍّ، وأومى بيده إلى باب عليٍّ.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ٧ ص ٢٠٥. إبن عساكر في تاريخه الكنجي في الكفاية ٨٧. السيوطي في الجمع كما في ترتيبه ٦ ص ٣٩٨.

١٤ - جابر بن سمرة قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب كلّها غير باب عليٍّ. فقال العبّاس: يا رسول الله قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج. قال: ما أمرت بشيء من ذلك فسدّها غير باب عليٍّ قال: وربما مرَّ وهو جنبٌ.

أخرجه الحافظ الطبراني في الكبير، عن إبراهيم بن نائلة الإصبهاني، عن إسماعيل بن عمرو البجلي، عن ناصح، عن سماك بن حرب عن جابر. والإسناد حسنٌ إن لم يكن صحيحاً لمكان ناصح. والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. وإبن حجر في القول المسدَّد ١٨، وفتح الباري ٧ ص ١٢. والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١. و الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤. والبدخشي في نزل الأبرار ص ٣٥.

١٥ - سعد بن أبي وقّاص قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب الشارعة

٢٠٦

في المسجد وترك باب عليٍّ.

أخرجه أحمد في المسند ١ ص ١٧٥، وقال إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١١ أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قويٌّ. وذكره العيني في عمدة القارئ ٧ ص ٥٩٢ وقوّى إسناده.

١٦ - سعد بن أبي وقّاص قال: إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سدَّ أبواب المسجد وفتح باب عليٍّ فقال النّاس في ذلك. فقال: ما أنا فتحته ولكنَّ الله فتحه.

أخرجه أبو يعلى قال: ثنا موسى بن محمد بن حسّان: ثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر بن الطحان: ثنا غسّان بن بُسر الكاهلي عن مسلم عن خيثمة عن سعد.حكاه عنه إبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢ من دون غمز في الإسناد.

١٧ - سعد بن أبي وقاص قال الحارث بن مالك: أبيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت: هل سمعت لعليَّ بن أبي طالب منقبةً؟ قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنودي فينا ليلاً: ليخرج مَن في المسجد إلّا آل رسول الله. فلمّا أصبح أتاه عمّه فقال: يا رسول الله؟ أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام؟! فقال: ما أنا الذي أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام إنَّ الله هو أمر به.

أخرجه النسائي في الخصايص ١٣، وأخرج بإسناد آخر عنه وفيه: إنَّ العبّاس أتى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: سددتَ أبوابنا إلّا باب عليّ؟! فقال: ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها.

١٨ - سعد بن أبي وقّاص قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب إلّا باب عليٍّ فقالوا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا كلّها إلّا باب عليّ. فقال: ما أنا سددت أبوابكم ولكنَّ الله تعالى سدَّها.

أخرجه أحمد والنسائي والطبراني في الأوسط عن معاوية بن الميسرة بن شريج عن الحكم بن عتيبة عن مصعب بن سعد عن أبيه. والإسناد صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.

راجع القول المسدَّد ١٨. فتح الباري ٧ ص ١١ وقال: رجال الرواية ثقاتٌ. إرشاد الساري ٦ ص ٨١ وقال: وقع عند أحمد والنسائي إسنادٌ قويٌّ، وفي رواية الطبراني برجال ثقات، نزل الأبرار ص ٣٤ وقال: أخرجه أحمد والنسائي والطبراني بأسانيد قويّة عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢.

٢٠٧

١٩ - أنس بن مالك قال: لما سدَّ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أبواب المسجد أتته قريشٌ فعاتبوه فقالوا: سددت أبوابنا وتركت باب عليٍّ. فقال: ما بأمري سددتها ولا بأمري فتحتها.

أخرجه الحافظ العقيلي عن محمد بن عبدوس عن محمد بن حميد عن تميم بن عبد المؤمن عن هلال بن سويد عن أنس.

٢٠ - بُريدة الأسلمي قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب فشقَّ ذلك على أصحابه فلمّا بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعى الصلاة جامعة حتّى إذا اجتمعوا صعد المنبر ولم تسمع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحميداً وتعظيماً في خطبة مثل يومئذ فقال. يا أيّها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها بل الله فتحها وسدَّها. ثمَّ قرأ:( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) . فقال رجلٌ: دع لي كوَّةً في المسجد. فأبى وترك باب عليٍّ مفتوحاً، فكان يدخل ويخرج منه وهو جنبٌ. أخرجه أبو نعيم في فضايل الصحابة.

٢١ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: لَمّا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسدِّ الأبواب التي في المسجد خرج حمزة يجرُّ قطيفة حمراء وعيناه تذرفان يبكي فقال: ما أنا أخرجتك وما أنا أسكنته ولكنَّ الله أسكنه. أخرجه الحافظ أبو نعيم في فضايل الصحابة.

٢٢ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيدي فقال: إنَّ موسى سأل ربَّه أن يطهِّر مسجده بهارون، وإنّي سألت ربّي أن يطهِّر مسجدي بك وبذريَّتك ثمَّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك. فاسترجع، ثمَّ قال: سمعاً وطاعة. فسدَّ بابه، ثمَّ أرسل إلى عمر، ثمَّ أرسل إلى العبّاس بمثل ذلك، ثمَّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب عليٍّ، ولكنَّ الله فتح باب عليٍّ وسدَّ أبوابكم.

أخرجه الحافظ البزّار. راجع مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. كنز العمّال ٦ ص ٤٠٨. السيرة الحلبية ٣ ص ٣٧٤.

٢٣ - أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنطلق فمرهم فليسدّوا أبوابهم. فانطلقت فقلت لهم ففعلوا إلّا حمزة فقلت: يا رسول الله؟ فعلوا إلّا حمزة. فقال رسول الله: قل لحمزة: فليحوِّل بابه. فقلت: إنَّ رسول الله يأمرك أن تحوِّل بابك فحوَّله فرجعت إليه وهو قائمٌ يصلّي فقال: ارجع إلى بيتك.

٢٠٨

أخرجه البزَّار بإسناد رجاله ثقات. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ ص ١١٥. والسيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز ٦ ص ٤٠٨ وضعَّفه لمكان حبَّة العرني وقد مرَّ ج ١ ص ٢٤: أنَّه ثقةٌ. والحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

وأنت إذا أحطتَ خُبراً بهذه الأحاديث وإخراج الأئمَّة لها بتلك الطرق الصحيحة وشفعتها بقول إبن حجر في فتح الباري والقسطلاني في إرشاد الساري ٦ ص ٨١ من: إنَّ كلَّ طريق منها صالحٌ للإحتجاج فضلاً عن مجموعها. فهل تجد مساغاً لما يحسبه إبن تيميَّة من أنَّ الحديث من موضوعات الشيعة؟! فهل في هؤلآء أحد من الشيعة؟! أو أنَّ من المحتمل الجائز الذي يرتضيه أصحاب الرَّجل أن يكون في هذه الكتب شيئٌ من موضوعات الشيعة؟! وهل ينقم على الشيعة موافقتهم للقوم في إخراجهم الحديث بطرقهم المختصَّة بهم؟!

وأنا لا أحتمل أنَّ الرَّجل لم يقف على هذه كلّها غير أنَّ الحنق قد أخذ بخناقه فلم يدع له سبيلاً إلّا قذف الحديث بما قذف غير مكترث لما سيلحقه من جرّاء ذلك الإفك من نقد ومناقشة، والمسائلة غداً عند الله أشدّ وأخزى م - وتبعه تلميذه المغفَّل إبن كثير في تفسيره ١: ٥٠١ فقال بعد ذكر [سدّوا كلَّ خوخة في المسجد إلّا خوخة أبي بكر]: ومن روى إلّا باب عليّ كما في بعض السنن فهو خطأ والصّواب ما ثبت في الصحيح].

وقد بلغ من إخبات العلماء إلى حديث سدِّ الأبواب أنَّهم تحرّوا(١) وجه الجمع «وإن لم يكن مرضيّاً عندنا» بينه وبين الحديث الذي أورده في أبي بكر ولم يقذفه أحدٌ غير إبن الجوزي «شقيق إبن تيميَّة في المخاريق» بمثل ما قذفه إبن تيميَّة.

وهناك لأئمَّة القوم وحفّاظهم كلماتٌ ضافية حول الحديث وصحَّته والبخوع له لا يسعنا ذكر الجميع غير أنّا نقتصر منها على كلمات الحافظ إبن حجر قال في فتح الباري ٧ ص ١٢ بعد ذكر ستَّة من الأحاديث المذكورة: هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً وكلُّ طريق منها صالحةٌ للإحتجاج فضلاً عن مجموعها، وقد أورد إبن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص، وزيد بن أرقم،

_____________________

١ - منهم: أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار، إبن كثير في تاريخه، إبن حجر في غير واحد من كتبه، السيوطي في اللئالي، القسطلاني في إرشاد الساري، العيني في عمدة القاري.

٢٠٩

وإبن عمر مقتصراً على بعض طرقه عنهم، وأعلّه ببعض من تكلّم فيه من رواته وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعلّه أيضاً بأنّه مخالفٌ للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر، وزعم أنّه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر - إنتهى - وأخطأ في ذلك خطأ شنيعاً فإنَّه سلك في ذلك ردَّ الأحاديث الصحيحة بتوهّمه المعارضة، مع أنَّ الجمع بين القصَّتين ممكنٌ وقد أشار إلى ذلك البزّار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصَّة عليٍّ، وورد من روايات أهل المدينة في قصَّة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دلَّ عليه حديث أبي سعيد الخدري يعني الذي أخرجه الترمذي: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: لا يحلُّ لأحد أن يطرق هذا المسجد جنباً غيري وغيرك. و المعنى: إنَّ باب عليٍّ كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته بابٌ غيره فلذلك لم يُؤمر بسدِّه، ويُؤيِّد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في «أحكام القرآن» من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يأذن لأحد أن يمرَّ في المسجد وهو جنبٌ إلّا لعليِّ بن أبي طالب لأنَّ بيته كان في المسجد. ومحصَّل الجمع: أنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وقع مرَّتين ففي الأولى اُستثني عليٌّ لما ذُكر. وفي الأخرى اُستثني أبو بكر، ولكن لا يتمّ ذلك إلّا بأن يُحمل ما في قصَّة عليٍّ الباب الحقيقيِّ وما في قصَّة أبي بكر على الباب المجازي والمراد به الخوخة كما صرَّح به في بعض طرقه، وكأنَّهم لَمّا أُمروا بسدِّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأُمروا بعد ذلك بسدِّها، فهذه طريقةٌ لا بأس بها في الجمع بين الحديثين؛ وبها جمع بين الحديثين المذكورين أبو جعفر الطحاوي في «مشكل الآثار» و وهو في أوائل الثلث الثالث منه، وأبو بكر الكلاباذي في «معاني الأخبار» وصرَّح بأنَّ بيت أبي بكر كان له بابٌ من خارج المسجد وخوخة إلى داخل المسجد، وبيت عليٍّ لم يكن له بابٌ إلّا من داخل المسجد. والله أعلم.

وقال في القول المسدِّد ص ١٦. قول إبن الجوزي في هذا الحديث: إنَّه باطلٌ وإنَّه موضوعٌ. دعوى لم يُستدلّ عليها إلّا بمخالفة الحديث الَّذي في الصحيحين، وهذا إقدامٌ على ردِّ الأحاديث الصحيحة بمجرَّد التوهّم، ولا ينبغي الإقدام على الحكم

٢١٠

بالوضع إلّا عند عدم إمكان الجمع، ولا يلزم من تعذّر الجمع في مثل هذا أن يُحكم على الحديث بالبطلان، بل يُتوقَّف فيه إلى أن يظهر لغيره ما لم يظهر له، وهذا الحديث من هذا الباب هو حديثٌ مشهورٌ له طرقٌ متعدِّدة كلُّ طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها ممّا يُقطع بصَّحته على طريقة كثير من أهل الحديث، وأمّا كونه معارضاً لما في الصحيحين فغير مسلّم ليس بينهما معارضة.

وقال في ص ١٩: هذه الطرق المتظافرة بروايات الثقات تدلُّ على أنَّ الحديث صحيحٌ دلالةً قويَّةً وهذه غاية نظر المحدِّث.

وقال في ص ١٩ بعد الجمع بين القضيَّتين: وظهر بهذا الجمع أن لا تعارض فكيف يُدَّعى الوضع على الأحاديث الصحيحة بمجرّد هذا التوهّم، ولو فُتح الباب لردَّ الأحاديث لاُدُّعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان لكن يأبى الله ذلك والمؤمنون. اهـ.

وأمّا ما استصحَّه من حديث الخلّة والخوخة فهو موضوعٌ تجاه هذا الحديث كما قال إبن أبي الحديد في شرحه ٣ ص ١٧: إنَّ سدَّ الأبواب كان لعليٍّ عليه السلام فقلّبته البكريَّة إلى أبي بكر. وآثار الوضع فيه لائحةٌ لا تخفى على المنقِّب.

*(منها)*: أنَّ الأخذ بمجامع هذه الأحاديث يُعطي خبراً بأنَّ سدَّ الأبواب الشارعة في المسجد كان لتطهيره عن الأدناس الظاهريَّة والمعنويَّة فلا يمرُّ به أحدٌ جنباً ولا يجنب فيه أحدٌ. وأمّا ترك بابه صلّى الله عليه وآله وباب أمير المؤمنين عليه السلام فلطهارتهما عن كلِّ رجس ودنس بنصِّ آية التطهير، حتّى أنَّ الجنابة لا تُحدث فيهما من الخبث المعنويِّ ما تُحدث في غيرهما كما يُعطي ذلك التنظير بمسجد موسى الذي سأل ربَّه أن يطهِّره لهارون وذريَّته، أو أنَّ ربَّه أمره أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلّا هو وهارون، وليس المراد تطهيره من الأخباث فحسب فإنَّه حكم كلِّ مسجد.

ويُعطيك خبراً بما ذَكرناه ما مرَّ في الأحاديث من: أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يدخل المسجد وهو جنبٌ(١) وربما مرَّ وهو جنبٌ(٢) وكان يدخل ويخرج منه وهو

_____________________

١ - راجع حديث إبن عبّاس ص ٢٠٥.

٢ - راجع لفظ جابر بن سمرة ص ٢٠٦.

٢١١

جنبٌ(١) وما ورد عن أبي سعيد الخدري من قوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يحلُّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك(٢) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا إنَّ مسجدي حرامٌ على كلِّ حائضٍ من النساء وكلِّ جنبٍ من الرِّجال إلّا على محمد وأهل بيته: عليّ وفاطمة والحسن والحسين(٣) .

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا لا يحلُّ هذا المسجد بجنب ولا لحائض إلّا لرسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين، ألا قد بيَّنت لكم الأسماء أن لا تضلّوا. سنن البيهقي ٧: ٦٥]

وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ: أمّا أنت فإنَّه يحلُّ لك في مسجدي ما يحلُّ لي ويحرم عليك ما يحرم عليَّ. قال له حمزة بن عبد المطلب: يا رسول الله؟ أنا عمّك وأنا أقرب إليك من عليٍّ. قال: صدقت يا عمّ؟ إنَّه والله ما هو عنّي، إنَّما هو عن الله تعالى(٤) .

وقول المطلب بن عبد الله بن حنطب، إنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم لم يكن أذن لأحد أن يمرَّ في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنبٌ إلّا عليّ بن أبي طالب لأنَّ بيته كان في المسجد(٥) .

م - أخرجه الجصّاص بالإسناد فقال: فأخبر في هذا الحديث بحظر النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الاجتياز كما حظر عليهم القعود، وما ذكر من خصوصيَّة عليٍّ رضي الله عنه فهو صحيحٌ، و قول الراوي: لأنَّه كان بيته في المسجد ظنٌّ منه لأنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قد أمر في الحديث الأوَّل بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في

_____________________

١ - راجع ما مرّ عن بريدة الأسلمي ص ٢٠٨.

٢ - أخرجه الترمذي في جامعه ٢ ص ٢١٤، البيهقي في سننه ٧ ص ٦٦، البزار، إبن مردويه، ابن منيع في مسنده، البغوي في المصابيح ٢ ص ٢٦٧، إبن عساكر في تاريخه، محبّ الدين في الرياض ٢ ص ١٩٣، إبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٢، سبط إبن الجوزي في التذكرة ٢٥، إبن حجر في الصواعق، إبن حجر في فتح الباري ٧ ص ١٢، السيوطي في تاريخ الخلفا ١١٥، البدخشي في نزل الأبرار ٣٧. الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٤.

٣ - البيهقي في سننه ٧ ص ٦٥، الحلبي في السيرة ٣ ص ٣٧٥.

٤ - أخرجه أبو نعيم في فضايل الصحابة، ومن طريقه الحموي في الفرايد في ب ٤١.

٥ - أخرجه الجصاص في أحكام القرآن ٢ ص ٢٤٨، والقاضي إسماعيل المالكي في أحكام القرآن كما في القول المسدد لابن حجر ١٩ وقال: مرسل قوي، ويوجد في تفسير الزمخشري ١: ٣٦٦، وفتح الباري ٧ ص ١٢، ونزل الأبرار ٣٧.

٢١٢

المسجد وإنَّما كانت الخصوصيَّة فيه لعليّ رضي الله عنه دون غيره، كما خصّ جعفر بأنَّ له جناحين في الجنَّة دون سائر الشهداء، وكما خصّ حنظلة بغسل الملائكة له حين قُتل جنباً، وخُصّ دحية الكلبي بأنَّ جبريل كان ينزل على صورته، وخُصّ الزبير بإباحة ملبس الحرير لَمّا شكا من أذى القمل، فثبت بذلك أنَّ سائر الناس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير مجتازين. اهـ].

فزبدة المخض من هذه كلّها: إنَّ إبقاء ذلك الباب والإذن لأهله بما أذن الله لرسوله ممّا خصّ به مبتنٍ على نزول آية التطهير النافية عنهم كلَّ نوع من الرَّجاسة، ويشهد لذلك حديث مناشدة يوم الشورى وفيه قال أمير المؤمنين عليه السلام: أفيكم أحد يطهِّره كتاب الله غيري حتّى سدَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه حتّى قام إليه عمّاه حمزة والعبّاس وقالا: يا رسول الله؟ سددت أبوابنا. وفتحت باب عليٍّ. فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم، بل الله فتح بابه وسدَّ أبوابكم؟ فقالوا: لا.

ولم يكن أبو بكر من أهل هذه الآية حتّى أن يُفتح له بابٌ أو خوخةٌ، فالفضل مخصوصٌ بمن طهَّره الكتاب الكريم.

(ومنها): أنّ مقتضى هذه الأحاديث أنَّه لم يبق بعد قصَّة سدِّ الأبواب بابٌ يُفتح إلى المسجد سوى باب الرَّسول العظيم وإبن عمِّه، وحديث خوخة أبي بكر يصرِّح بأنَّه كانت هناك أبوابٌ شارعة وسيوافيك البعد الشاسع(١) بين القصَّتين، وما ذكروه من الجمع بحمل الباب في قصَّة أمير المؤمنين عليه السلام على الحقيقة، وفي قصَّة أبي بكر بالتجوّز بإطلاقه على الخوخة، وقولهم: كأنَّهم(٢) لما أُمروا بسدِّ الأبواب سدّوها وأحدثوا خوخاً يستقربون الدخول إلى المسجد منها فأُمروا بعد ذلك بسدِّها. تبرُّعيٌّ لا شاهد له، بل يُكذِّبه أنَّ ذلك ما كان يتسنّى لهم نصب عين النبيِّ وقد أمرهم بسدِّ الأبواب لأن لا يدخلوا المسجد منها، ولا يكون لهم ممرٌّ به، فكيف يمكنهم إحداث ما هو بمنزلة الباب في الغاية المبغوضة للشارع، ولذلك لم يترك لعمَّيه: حمزة والعبّاس

_____________________

١ - يأتي أنّ الأوّل في أوّل الأمر والآخر في مرضه حين بقي من عمره ثلثة أيّام أو أقل.

٢ - تجد هذه العبارة في فتح الباري ٧ ص ١٢. عمدة القاري ٧ ص ٥٩٢. نزل الأبرار ٣٧.

٢١٣

ممّراً يدخلان منه وحدهما ويخرجان منه، ولم يترك لمن أراد كوَّةً يُشرف بها على المسجد، فالحكم الواحد لا يختلف باختلاف أسماء الموضوع مع وحدة الغاية، وإرادة الخوخة من الباب لا تُبيح المحظور ولا تُغيِّر الموضوع.

(ومنها): ما مرّ ص ٢٠٤ من قول عمر بن الخطّاب في أيّام خلافته: لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب ثلاث خصال لإن تكون لي خصلةٌ منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم. الحديث. ومثله قول عبد الله بن عمر في صحيحته التي أسلفناها بلفظه ص ٢٠٣ فتراهما يعدّان هذه الفضايل الثلاث خاصَّة لأمير المؤمنين لم يحظ بهنَّ غيره، لا سيَّما أنَّ إبن عمر يرى في أوَّل حديثه إنَّ خير الناس بعد رسول الله أبو بكر ثمَّ أبوه لكنَّه مع ذلك لا يشرك أبا بكر مع أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الباب ولا الخوخة.

فلو كان لحديث أبي بكر مقيلٌ من الصحَّة في عصر الصحابة المشافهين لصاحب الرِّسالة صلّى الله عليه وآله والسامعين حديثه لما تأتّى منهما هذا السياق.

على أنَّ هذه الكلمة على فرض صدورها منه صلى الله عليه وآله وسلم صدرت أيّام مرضه فما الفرق بينها وبين حديث الكتف والدواة المرويِّ في الصِّحاح والمسانيد، فلماذا يُؤمن إبن تيميَّة ببعض ويكفر ببعض؟

وشتّان بين حديث الكتف والدواة وبين فتح الخوخة لأبي بكر فإنَّ الأوَّل كما هو المتسالم عليه وقع يوم الخميس، وحديث إبن عبّاس: يوم الخميس وما يوم الخميس. لا يخفى على أيِّ أحد. فأجازوا حوله ما قيل فيه (والنبيُّ يخاطبهم ويقول: لا ينبغي عندي تنازعٌ، دعوني فالَّذي أنا فيه خيرٌ ممّا تدعوني إليه. وأوصى في يومه ذاك بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وإجازة الوفد بنحو ما كان يجيزهم(١) فلم يقولوا في ذلك كلّه ما قيل في حديث الكتف والدواة)

وأمّا حديث سدِّ الخوخات ففي اللمعات: لا معارضة بينه وبين حديث أبي بكر لأنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وفتح باب عليٍّ كان في أوَّل الأمر عند بناء المسجد، والأمر بسدِّ الخوخات إلّا خوخة أبي بكر كان في آخر الأمر في مرضه حين بقي من عمره ثلثة

_____________________

١ - طبقات إبن سعد ٧٦٣.

٢١٤

أو أقل(١) . وقال العيني في عمدة القاري ٧ ص ٥٩: إنّ حديث سدِّ الأبواب كان آخر حياة النبيِّ في الوقت الذي أمرهم أن لا يؤمّهم إلّا أبو بكر. والمتَّفق عليه من يوم وفاة رسول الله صلّى الله عليه وآله يوم الإثنين فعلى هذا يقع حديث الخوخة يوم الجمعة أو السبت وبطبع الحال إنَّ مرضه صلّى الله عليه وآله كان يشتدّ كلّما توغَّل فيه، فما بال حديث الخوخة لم يحظ بقسطٍ ممّا حظي به حديث الكتف والدواة عند المقدِّسين لمن قال قوله فيه؟ أنا أدري لِمَ ذلك، والمنجِّم يدري، والمغفَّل أيضاً يدري، وإبن عبّاس أدرى به حيث يقول: الرزيَّة كلُّ الرزيَّة ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من إختلافهم ولغطهم.

(وممّا كذَّبه إبن تيميَّة من الحديث) قوله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت وليٌّ كلِّ مؤمن بعدي. قال: فإنَّ هذا موضوعٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث.

ج - كان حق المقام أن يقول الرَّجل: إنَّ هذا صحيحٌ باتِّفاق أهل المعرفة، غير أنّه راقه أن يموِّه على صحَّته، ويشوِّههه ببهرجته كما هو دأبه، أفهل يحسب الرَّجل إنَّ من أخرج هذا الحديث من أئمَّة فنِّه ليسوا من أهل المعرفة بالحديث؟ وفيهم إمام مذهبه أحمد بن حنبل أخرجه بإسناد صحيح، رجاله كلّهم ثقاتٌ قال:

حدّثنا عبد الرزَّاق ثنا جعفر بن سليمان حدّثني يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله سريَّة وأمَّر عليها عليَّ بن أبي طالب فأحدث شيئاً في سفره فتعاقد أربعة من أصحاب محمد أن يذكروا أمره إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال عمران: وكنّا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله فسلّمنا عليه قال: فدخلوا عليه فقام رجلٌ منهم فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. فأعرض عنه. ثمَّ قام الثاني فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. فأعرض عنه. ثمَّ قام الثالث فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. ثمَّ قام الرابع فقال: يا رسول الله؟ إنَّ عليّاً فعل كذا وكذا. قال: فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيَّر وجهه وقال: دعوا عليّاً. دعوا عليّاً. دعوا عليّاً: إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن بعدي.

وأخرجه الحافظ أبو يعلى الموصلي عن عبد الله بن عمر القواريري والحسن بن

_____________________

١ - راجع هامش جامع الترمذي ٢ ص ٢١٤.

٢١٥

عمر الحمري والمعلّى بن مهدي كلّهم عن جعفر بن سليمان. وأخرجه إبن أبي شيبة وإبن جرير الطبري وصحَّحه. وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ج ٦ ص ٢٩٤. ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة ٢ ص ١٧١ والبغوي في المصابيح ٢ ص ٢٧٥ ولم يذكر صدره. وإبن كثير في تاريخه ٧ ص ٣٤٤ والسيوطي والمتَّقي في الكنز ٦ ص ١٥٤، ٣٠٠ وصحَّحه. والبدخشي في نزل الأبرار ٢٢.

صورة أخرى

ما تريدون من عليٍّ؟! ما تريدون من عليٍّ؟! ما تريدون من عليٍّ؟! إنَّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليُّ كلِّ مؤمن بعدي.

أخرجه بهذا اللفظ الترمذي في جامعه ٢ ص ٢٢٢ بإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقاتٌ. وكذلك النسائي في الخصايص ٢٣. الحاكم النيسابوري في المستدرك ٣ ص ص ١١١(١) وصحَّحه وأقرَّه الذهبي. أبو حاتم السجستاني. محبّ الدين في الرياض ٢ ص ٧١. إبن حجر في الإصابة ٢ ص ٥٠٩ وقال: إسنادٌ قويٌّ. السيوطي في الجمع كما في ترتيبه ٦ ص ١٥٢. البدخشي في نزل الأبرار ٢٢.

إسناد آخر

أخرج أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بلج عن عمر وبن ميمون عن إبن عبّاس: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعليٍّ: أنت وليُّ كلِّ مؤمن بعدي. تاريخ إبن كثير ٧ ص ٣٤٥، والإسناد كما مرَّ غير مرَّة صحيحٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ.

فإن كان هؤلاء الحفّاظ والأعلام خارجين عن أهل المعرفة بالحديث؟ فعلى إسلام إبن تيميَّة السَّلام. وإن كانوا غير داخلين في الإتِّفاق؟ فعلى معرفته العفاء وإن كان لم يُحط خبراً بإخراجهم الحديث حين قال ما قال؟ فزهٍ بطول باعه في الحديث. وإن لم يكن لا ذاك ولا هذا؟ فمرحباً بصدقه وأمانته على ودايع النبوَّة.

هذه نبذةٌ يسيرةٌ من مخاريق إبن تيميَّة، ولو ذهبنا إلى استيفاء ما في منهاج بدعته من الضَّلالات والأكاذيب والتحكّمات والتقوُّلات فعلينا أن نعيد استنساخ

_____________________

١ - لفظه «ما تريدون من علي» في لفظ الحاكم غير مكررة.

٢١٦

مجلداته الأربع ونردفها بمجلَّدات في ردِّها، ولم أجد بياناً يُعرف عن حقيقة الرَّجل ويُمثِّلها للملأ العلميِّ، غير أنّي أقتصر على كلمة الحافظ إبن حجر في كتابه «الفتاوى الحديثية» ص ٨٦ قال:

إبن تيميَّة عبدٌ خذله الله وأضلَّه وأعماه وأصمَّه وأذلَّه، وبذلك صرَّح الأئمَّة الَّذين بيَّنوا فساد أحواله، وكذب أقواله، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتَّفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الإجتهاد أبي الحسن السبكي وولده التاج والشيخ الإمام العزّ بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعيَّة والمالكيَّة والحنفيَّة، ولم يقصر إعتراضه على متأخِّري الصوفيَّة بل اعترض على مثل عمر بن الخطّاب وعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنهما.

والحاصل: أن لا يُقام لكلامه وزنٌ بل يُرمى في كلِّ وعرٍ وحزن، ويُعتقد فيه أنَّه مبتدعٌ ضالٌّ مضلٌّ غال عامله الله بعدله وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته و فعله. آمين. (إلى أن قال): إنَّه قائلٌ بالجهة وله في إثباتها جزءٌ، ويلزم أهل هذا المذهب الجسميَّة والمحاذاة والإستقرار. أي. فلعلّه في بعض الأحيان كان يصرِّح بتلك اللوازم فنُسبت إليه، سيَّما وممَّن نسب إليه ذلك من أئمَّة الإسلام المتَّفق على جلالته وإمامته وديانته، وإنَّه الثقة العدل المرتضى المحقِّق المدقِّق، فلا يقول شيئاً إلّا عن تثبّت وتحقّق ومزيد إحتياطٍ وتحرٍّ، سيَّما إن نسب إلى مسلم ما يقتضي كفره وردَّته وضلاله وإهدار دمه (الكلام).

( وَيْلٌ لِكُلّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ ( ٧ ) يَسْمَعُ آيَاتِ اللّهِ تُتْلَى‏ عَلَيْهِ

ثُمّ يُصِرّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )

الجاثية ٧، ٨

٢١٧

٧

البداية والنهاية *

لا تنس ما لهذا الكتاب من التولّع في الفرية والتهالك دون القذائف والشتائم والطعن من غير مبرر، وإن رمية كل هاتيك الطامات الشيعة لا غيرهم، وبذلك أخرج كتابه من بساطة التاريخ إلى هملجة التحامل، والنعرات القوميّة والنزول على حكم العاطفة إلى غيرها ممّا يوجب تعكير الصفو، وإقلاق السلام، وتفريق الكلمة.

زد على ذلك محادّته لأهل البيت عليهم السلام ونصبه العداء لهم حتى إذا وقف على فضيلة صحيحة لأحدهم، أو جرى ذكر أو حدىّ منهم. قذف الأولى بالطعن والتكذيب وعدم الصحة، وشّن على الثاني غارة شأواء. كل ذلك بعد نزعته الأمويّة الممقوتة. وإليك نماذج ممّا ذكر.

١ - قال: ذكر إبن إسحق وغيره من أهل السير والمغازي: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آخى بينه «يعني عليّاً» وبين نفسه وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة لا يصحُّ شييءٌ منها لضعف أسانيدها وركَّة بعض متونها قاله في (ج ٧ ص ٢٢٣) وقال في ص ٣٣٥ بعد روايته من طريق الحاكم: قلت: وفي صحَّة هذا الحديث نظرٌ.

ج - إنَّ القارئ إذ ما راجع ما مرّ في ص ١١٢ - ١٢٥ و١٧٤ ووقف هناك على طرق الحديث الكثيرة الصحيحة وثقة رجالها وإطباق الأئمَّة والحفّاظ وأرباب السير على إخراجه وتصحيحه يعرف قيمة كلمة الرَّجل ومحلّه من الصِّدق، ويعلم أن لا وجه للنظر فيه إلّا بواعث إبن كثير وإندفاعه إلى مناوئة أهل البيت الناشئ عن نزعته الأمويَّة، والمتربّي في عاصمة الأمويِّين المتأثِّر بنزعاتهم الأهوائيَّة، لا ينقطع عن الوقيعة في مناقب سيِّد هذه الأُمَّة بعد نبيِّها المتسالم عليها، فدعه وتركاضه مع الهوى

_____________________

* - تأليف الحافظ عماد الدين أبي الفداء إبن كثير الدمشقي ٧٧٤.

٢١٨

٢ - ذكر حديث الطير المتواتر الصحيح الذي خضع لتواتره وصحَّته أئمَّة الحديث ثمَّ تخلّص منه بقوله ص ٣٥٣: وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظرٌ وإن كثرت طرقه والله أعلم.

ج - هذا قلبٌ طبع الله عليه وإلا فما وجه ذلك النظر بعد تمام شرايط الصحَّة فيه؟! وليس من البدع أن يكون أيُّ أحدٍ من الناس أحبَّ الخلق إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وليس لأحد حقّ النَّقد ولا الإعتراض عليه فكيف بمثل أمير المؤمنين عليه السلام الذي لا تُنكر سابقته وفضائله، وهو نفسه وابن عمِّه وأخوه من دون الناس، وزُلفته إليه وقربه منه ومكانته واختصاصه به وتهالكه دون دينه الحنيف كلّها من الواضح الذي لا يُجلّله أيُّ ستار، وسنوقفك على الحديث وطرقه المتكثّرة الصحيحة، ونعرِّفك هناك أنَّ النظر في صحَّته شارة الأمويَّة، وسمة رين القلب، واتِّباع الهوى.

٣ - قال: وما يتوهَّمه بعض العوام بل هو مشهورٌ بين كثير منهم: أن عليّاً هو السّاقي على الحوض: فليس له أصلٌ ولم يجيء من طريق مرضيٍّ يُعتمد عليه، والذي ثبت: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو الذي يسقي النّاس. ٧ ص ٣٥٥.

ج - لا يحسب القارئ أنّ هذا وهمٌ من رأي العوام فحسب، وقد أفك الرجل في حكمه الباتّ، وقد جاء الحديث بطريق مرضيٍّ يُعتمد عليه، وأخرجه الحفّاظ الأثبات مخبتين إليه، راجع الجزء الثاني من كتابنا ص ٣٢١.

٤ - ذكر في ج ٧ ص ٣٣٤ حديثاً صحيحاً بإسناد الإمام أحمد الترمذي في إسلام أمير المؤمنين وإنَّه أوَّل من أسلم وصلّى ثمَّ أردفه بقوله: وهذا لا يصحُّ من أيِّ وجهٍ كان روي عنه. وقد ورد في أنَّه أوَّل من أسلم من هذه الأُمَّة أحاديثٌ كثيرةٌ لا يصحّ منها شيءٌ. إلخ.

ج - ألا مسائلٌ هذا الرَّجل لِمَ لا يصحُّ شيءٌ منها من أيّ وجهٍ كان؟! والطرق صحيحةٌ، والرِّجال ثقاتٌ، والحفّاظ حكموا بصحَّته، وأرباب السِير أطبقوا عليه، وكان من المتسالم عليه بين الصَّحابة الأوَّلين والتابعين لهم: بإحسان.

ونحن لو نقتصر على كلمتنا هذه يحسبها القارئ دعوى مجرِّدة لدة دعوى إبن كثير (أعاذنا الله عن مثلها) وتخفى عليه جليَّة الحال فيهمّنا ذكرُ نزر ممّا يدلُّ على

٢١٩

المدَّعى وإن لم يسعنا إيراد كثير منه روماً للاختصار.

النصوص النبوية

١ - قال صلى الله عليه وآله وسلم: أوَّلكم وارداً - وروداً - على الحوض أوَّلكم إسلاماً عليُّ بن أبي طالب.

أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ ص ١٣٦ وصحَّحه م - والخطيب البغدادي في تاريخه ج ٢ ص ٨١ ويوجد في]. الاستيعاب ٢ ص ٤٥٧. شرح إبن أبي الحديد ٣ ص ٢٥٨.

وفي لفظٍ: أوَّل هذه الأُمّة وروداً على الحوض أوَّلها إسلاماً عليُّ بن أبي طالب، رضي الله عنه السيرة الحلبيَّة ١ ص ٢٨٥. سيرة زيني دحلان ١ ص ١٨٨ هامش الحلبيَّة.

وفي لفظٍ: أوَّل الناس وروداً على الحوض أوَّلهم إسلاماً عليُّ بن أبي طالب مناقب الفقيه إبن المغازلي. مناقب الخوارزمي.

٢ - قال صلّى الله عليه وآله لفاطمة: زوّجتكِ خير أُمَّتي أعلمهم علماً. وأفضلهم حلماً. وأوَّلهم سلماً. راجع ما مرَّ ص ٩٥.

٣ - قال صلّى الله عليه وآله لفاطمة: إنَّه لأوَّل أصحابي إسلاماً. أو: أقدم أُمَّتي سلماً.

حديث صحيحٌ راجع ص ٩٥.

٤ - أخذ صلّى الله عليه وآله بيد عليٍّ فقال: إنَّ هذا أوَّل من آمن بي، وهذا أوَّل من يُصافحني يوم القيامة، وهذا الصدِّيق الأكبر. راجع الجزء الثاني ص ٣١٣، ٣١٤.

٥ - عن أبي أيّوب قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لقد صلّت الملائكة عليَّ وعلى عليٍ سبع سنين لأنّا كنّا نصلّي وليس معنا أحدٌ يُصلّي غيرنا.

مناقب الفقيه ابن المغازلي بإسنادين م - أُسد الغابة ٤: ١٨] مناقب الخوارزمي وفيه: ولِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: لم يكن معي من الرجال غيره. كتاب الفردوس للديلمي. شرح إبن أبي الحديد عن رسالة الإسكافي ٣ ص ٢٥٨. فرايد السمطين ب ٤٧.

٦ - إبن عبّاس قال قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله إنَّ أوَّل من صلّى معي عليٌّ

[فرايد السمطين الباب الـ ٤٧ بأربع طرق].

٧ - معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا عليُّ؟ أخصمك بالنبوَّة ولا نبوَّة

٢٢٠