الميزان في تفسير القرآن الجزء ٣

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 432

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 432
المشاهدات: 80570
تحميل: 5057


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 432 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80570 / تحميل: 5057
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

نفسه، وخلوص قلبه إلى المبدء والمعاد وإشرافه على عالم المعنى والطهارة والتجنّب عن قذارة المادّيّات وثقلها.

وأنت إذا أحسنت التدبّر في قوله تعالى:( إليه يصعد الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه ) الفاطر - ١٠ وضممته إلى ما سمعت إجماله في قوله تعالى: ولكن يريد ليطهّركم الآية وإلى قوله تعالى:( عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا اهتديتم ) المائدة - ١٠٥ وقوله تعالى:( يرفع الله الّذين آمنوا منكم والّذين اُوتوا العلم درجات ) المجادلة - ١١ وما يشابهه من الآيات اتّضح لك الغرض الإلهيّ في تشريع الدين وهداية الإنسان إليه والسبيل الّذي سلكه لذلك فافهم.

و يتفرّع على هذا البيان نتيجة مهمّة: هي أنّ القوانين الاجتماعيّة في الإسلام مقدّمة للتكاليف العباديّة مقصودة لأجلها والتكاليف العباديّة مقدّمة للمعرفة بالله وبآياته فأدنى الإخلال أو التحريف أو التغيير في الأحكام الاجتماعيّة من الإسلام يوجب فساد العبوديّة وفساد العبوديّة يؤدّي إلى اختلال أمر المعرفة.

وهذه النتيجة - على أنّها واضحة التفرّع على البيان - تؤيّدها التجربة أيضاً: فإنّك إذا تأمّلت جريان الأمر في طروق الفساد في شئون الدين الإسلاميّ بين هذه الاُمّة وأمعنت النظر فيه: من أين شرع وفي أين ختم وجدت أنّ الفتنة ابتدأت من الاجتماعيّات ثمّ توسّطت في العباديّات ثمّ انتهت إلى رفض المعارف. وقد ذكّرناك فيما مرّ: أنّ الفتنة شرعت باتّباع المتشابهات وابتغاء تأويلها ولم يزل الأمر على ذلك حتّى اليوم.

ومنها: أنّ الهداية الدينيّة إنّما بُنيت على نفي التقليد عن الناس وركوز العلم بينهم ما أستطيع فإنّ ذلك هو الموافق لغايتها الّتي هي المعرفة وكيف لا ؟ ولا يوجد بين كتب الوحي كتاب ولا بين الأديان دين يعظّمان من أمر العلم ويحرضّان عليه بمثل ما جاء به القرآن والإسلام !

وهذا المعنى هو الموجب لأن يبيّن الكتاب للإنسان حقائق المعارف أوّلاً وارتباط ما شرعه له من الأحكام العمليّة بتلك الحقائق ثانياً. وبعبارة اُخرى أن يفهمّه:

٦١

أنّه موجود مخلوق لله تعالى خلقه بيده ووسّط في خلقه وبقائه ملائكته وسائر خلقه من سماء وأرض ونبات وحيوان ومكان وزمان وما عداها وأنّه سائر إلى معاده وميعاده سيراً اضطراريّاً وكادح إلى ربّه كدحاً فملاقيه ثمّ يجزى جزاء ما عمله، أيما إلى جنّة أيما إلى نار فهذه طائفة من المعارف.

ثمّ يفهّمه أنّ الأعمال الّتي تؤدّيه إلى سعادة الجنّة ما هي وما تؤدّيه إلى شقوة النار ما هي ؟ أي يبيّن له الأحكام العباديّة والقوانين الاجتماعيّة. وهذه طائفة اُخرى.

ثمّ يبيّن له: أنّ هذه الأحكام والقوانين مؤدّية إلى السعادة أي يفهّمه: أنّ هذه الطائفة الثانية مرتبطة بالطائفة الاُولى وأنّ تشريعها وجعلها للإنسان إنّما هو لمراعاة سعادته لاشتمالها على خير الإنسان في الدنيا والآخرة. وهذه طائفة ثالثة.

وظاهر عندك أنّ الطائفة الثانية بمنزلة المقدّمة والطائفة الاُولى بمنزلة النتيجة والطائفة الثالثة بمنزلة الرابط الّذي يربط الثانية بالاُولى ودلالة الآيات على كلّ واحدة من هذه الطوائف المذكورة واضحة ولا حاجة إلى إيرادها.

ومنها: أنّه لمّا كانت عامّة الناس لا يتجاوز فهمهم المحسوس ولا يرقى عقلهم إلى ما فوق عالم المادّة والطبيعة وكان من ارتقى فهمه منهم بالارتياضات العلميّة إلى الورود في إدراك المعاني وكلّيّات القواعد والقوانين يختلف أمره باختلاف الوسائل الّتي يسّرت له الورود في عالم المعاني والكلّيّات كان ذلك موجباً لاختلاف الناس في فهم المعاني الخارجة عن الحسّ والمحسوس اختلافاً شديداً ذا عرض عريض على مراتب مختلفة. وهذا أمر لا ينكره أحد.

ولا يمكن إلقاء معنى من المعاني إلى إنسان إلّا من طريق معلوماته الذهنيّة الّتي تهيّأت عنده في خلال حيوته وعيشته فإن كان مأنوساً بالحسّ فمن طريق المحسوسات على قدر ما رقى إليه من مدارج الحسّ كما يمثّل لذّة النكاح للصبيّ بحلاوة الحلواء وأن كان نائلاً للمعاني الكلّيّة فبما نال وعلى قدر ما نال. وهذا ينال المعاني من البيان الحسّيّ والعقليّ معاً بخلاف المأنوس بالحسّ.

ثمّ إنّ الهداية الدينيّة لا تختصّ بطائفة دون طائفة من الناس بل تعمّ جميع

٦٢

الطوائف وتشمل عامّة الطبقات وهو ظاهر.

وهذا المعنى أعنى اختلاف الأفهام وعموم أمر الهداية مع ما عرفت من وجود التأويل للقرآن هو الموجب أن يساق البيانات مساق الأمثال وهو أن يتّخذ ما يعرفه الإنسان ويعهده ذهنه من المعاني فيبيّن به ما لا يعرفه لمناسبة ما بينهما نظير توزين المتاع بالمثاقيل ولا مسانخة بينهما في شكل أو صورة أو حجم أو نوع إلّا ما بينهما من المناسبة وزناً.

والآيات القرآنيّة المذكورة سابقاً كقوله تعالى:( إنّا جعلناه قرآناً عربيّاً لعلّكم تعقلون وإنّه في اُمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم ) الزخرف - ٤ وما يشابهه من الآيات وإن بيّنت هذا الأمر بطريق الإشارة والكناية لكنّ القرآن لم يكتف بذلك دون أن بيّنه بما ضربه مثلاً في أمر الحقّ والباطل فقال تعالى:( أنزل من السماء ماءاً فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً وممّا يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحقّ والباطل فأمّا الزبد فيذهب جفاءاً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال ) الرعد - ١٧ فبيّن أنّ حكم المثل جار في أفعاله تعالى كما هو جار في أقواله ففعله تعالى كقوله الحقّ إنّما قصد منهما الحقّ الّذي يحويانه ويصاحب كلّاً منهما اُمور غير مقصودة ولا نافعة يعلوهما ويربوهما لكنّها ستزول وتبطل ويبقى الحقّ الّذي ينفع الناس وإنّما يزول ويزهق بحقّ آخر هو مثله وهذا كالآية المتشابهة تتضمّن من المعنى حقّاً مقصوداً ويصاحبه ويعلو عليه بالاستباق إلى الذهن معنى آخر باطل غير مقصود لكنّه سيزول بحقّ آخر يظهر الحقّ الأوّل على الباطل الّذي كان يعلوه ليحقّ الحقّ بكلماته ويبطل الباطل ولو كره المجرمون. والكلام في انطباق هذا المثل على أفعاله الخارجيّة المتقرّرة في عالم الكون كالكلام في أقواله عزّ من قائل.

وبالجملة: المتحصّل من الآية الشريفة: أنّ المعارف الحقّة الإلهيّة كالماء الّذي أنزله الله تعالى من السماء هي في نفسها ماء فحسب من غير تقييد بكمّيّة ولا كيفيّة ثمّ إنّها كالسيل السائل في الاُودية تتقدّر بأقدار مختلفة من حيث السعه والضيق

٦٣

وهذه الأقدار اُمور ثابتة كلّ في محلّه كالحال في اُصول المعارف والأحكام التشريعيّة ومصالح الأحكام الّتي ذكرنا فيما مرّ أنّها روابط تربط الأحكام بالمعارف الحقّة وهذا حكمها في نفسها مع قطع النظر عن البيان اللفظيّ وهي في مسيرها ربّما صحبت ما هو كالزبد يظهر ظهوراً ثمّ يسرع في الزوال وذلك كالأحكام المنسوخة الّتي تنسخه النواسخ من الآيات فإنّ المنسوخ مقتضى ظاهر طباعه أن يدوم لكنّ الحكم الناسخ يبطل دوامه ويضع مكانه حكماً آخر هذا بالنظر إلى نفس هذه المعارف مع قطع النظر عن ورودها في وادى البيان اللفظيّ.

وأمّا المعارف الحقّة من حيث كونها واردة في ظرف اللفظ والدلالة فإنّها بورودها أودية الدلالات اللفظيّة تتقدّر بأقدارها تتشكّل بأشكال المرادات الكلاميّة بعد إطلاقها. وهذه أقدار ثابتة من حيث مراد المتكلّم بكلامه إلّا إنّها مع ذلك أمثال يمثّل بها أصل المعنى المطلق غير المتقدّر ثمّ إنّها بمرورها في الأذهان المختلفة تحمل معاني غير مقصودة كالزبد في السيل لأنّ الأذهان من جهة ما تخزنه من المرتكزات والمألوفات تتصرّف في المعاني الملقاة إليها وجلّ هذا التصرّف إنّما هو في المعاني غير المألوفة كالمعارف الأصليّة ومصالح الأحكام وملاكاتها كما مرّ وأمّا الأحكام والقوانين فلا تصرّف فيها مع قطع النظر عن ملاكاتها فإنّها مألوفة. ومن هنا يظهر أنّ المتشابهات إنّما هي الآيات من حيث اشتمالها على الملاكات والمعارف دون متن الأحكام والقوانين الدينيّة.

ومنها: أنّه تحصّل من البيان السابق: أنّ البيانات اللفظيّة القرآنيّة أمثال للمعارف الحقّة الإلهيّة لأنّ البيان نزّل في هذه الآيات إلى سطح الأفهام العامّة الّتي لا تدرك إلّا الحسّيّات ولا تنال المعاني الكلّيّة إلّا في قالب الجسمانيّات ولمّا استلزم ذلك في إلقاء المعاني الكلّيّة المجرّدة عن عوأرض الأجسام والجسمانيّات أحد محذورين: فإنّ الأفهام في تلقّيها المعارف المرادة منها إن جمدت في مرتبة الحسّ والمحسوس انقلبت الأمثال بالنسبة إليها حقائق ممثّلة وفيه بطلان الحقائق وفوت المرادات والمقاصد. وإن لم تجمد وانتقلت إلى المعاني المجرّدة بتجريد الأمثال عن

٦٤

الخصوصيّات غير الدخيلة لم يؤمن من الزيادة والنقيصة.

نظير ذلك أنّا لو اُلقي إلينا المثل السائر: عند الصباح يحمد القوم السرى أو تمثّل لنا بقول صخر:

أهمّ بأمر الحزم لا أستطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

فإنّا من جهة سبق عهد الذهن بالقصّة أو الأمر الممثّل له نجرّد المثل عن الخصوصيّات المكتنفة بالكلام كالصباح والقوم والسرى ونفهم من ذلك أنّ المراد: أنّ حسن تأثير عمل وتحسين فعله إنّما يظهر إذا فرغ منه وبدا أثره وأمّا هو ما دام الإنسان مشتغلاً به محسّاً تعب فعله فلا يقدّر قدره ويظهر ذلك تجريد ما تمثّل به من الشعر وأمّا إذا لم نعهد الممثّل وجمدنا على الشعر أو المثل خفي عنّا الممثّل وعاد المثل خبراً من الأخبار ولو لم نجمد وانتقلنا إجمالاً إلى أنّه مثل لم يمكنّا تشخيص المقدار الّذى يجب طرحه بالتجريد وما يجب حفظه للفهم وهو ظاهر.

ولا مخلص عن هذين المحذورين إلّا بتفريق المعاني الممثّل لها إلى أمثال مختلفة وتقليبها في قوالب متنوّعة حتّى يفسّر بعضها بعضاً ويوضح بعضها أمر بعض فيعلم بالتدافع الّذي بينهاأوّلا: أنّ البيانات أمثال ولها في ما ورائها حقائق ممثّلة وليست مقاصدها ومرادتها مقصورة على اللفظ المأخوذ من مرتبة الحسّ والمحسوسوثانياً: بعد العلم بأنّها أمثال: يعلم بذلك المقدار الّذي يجب طرحه من الخصوصيّات المكتنفة بالكلام وما يجب حفظه منها للحصول على المرام وإنّما يحصل ذلك بأنّ هذا يتضمّن نفي بعض الخصوصيّات الموجودة في ذلك وذاك نفى بعض ما في هذا.

وإيضاح المقاصد المبهمة والمطالب الدقيقة بإيراد القصص المتعدّدة والأمثال والأمثلة الكثيرة المتنوّعة أمر دائر في جميع الألسنة واللّغات من غير اختصاص بقوم دون قوم ولغة دون لغة وليس ذلك إلّا لأنّ الإنسان يشعر بقريحة البيان مساس حاجته إلى نفي الخصوصيّات الموهمة لخلاف المراد في القصّة الواحدة أو المثل الواحد بالخصوصيّات النافية الموجودة في قصّة اُخرى مناسبة أو مثل آخر مناسب.

فقد تبيّن أنّ من الواجب أن يشتمل القرآن الكريم على الآيات المتشابهة،

٦٥

وأن يرفع التشابه الواقع في آية بالإحكام الواقع في آية اُخرى واندفع بذلك الإشكال باشتمال القرآن على المتشابهات لكونها مخلّة لغرض الهداية والبيان.

وقد ظهر من جميع ما تقدّم من الأبحاث على طولها اُمور:

الأوّل: أنّ الآيات القرآنيّة تنقسم إلى قسمين: محكم ومتشابه وذلك من جهة اشتمال الآية وحدها على مدلول متشابه وعدم اشتمالها.

الثاني: أنّ لجميع القرآن محكمه ومتشابهه تأويلاً وأنّ التأويل ليس من قبيل المفاهيم اللفظيّة بل من الاُمور الخارجيّة نسبته إلى المعارف والمقاصد المبيّنة نسبة الممثّل إلى المثال وأنّ جميع المعارف القرآنيّة أمثال مضروبة للتأويل الّذي عند الله.

الثالث: أنّ التأويل يمكن أن يعلمه المطهّرون وهم راسخون في العلم.

الرابع: أنّ البيانات القرآنيّة أمثال مضروبة لمعارفها ومقاصدها وهذا المعنى غير ما ذكرناه في الأمر الثاني من كون معارفه أمثالاً وقد أوضحناه فيما مرّ.

الخامس: أنّ من الواجب أن يشتمل القرآن على المتشابهات كما أنّ من الواجب أن يشتمل على المحكمات.

السادس: أنّ المحكمات اُمّ الكتاب إليها ترجع المتشابهات رجوع بيان.

السابع: أنّ الإحكام والتشابه وصفان يقبلان الإضافة والإختلاف بالجهات بمعنى أنّ آية ما يمكن أن تكون محكمه من جهة متشابهة من جهة اُخرى فتكون محكمة بالإضافة إلى آية ومتشابهة بالإضافة إلى اُخرى ولا مصداق للمتشابه على الإطلاق في القرآن ولا مانع من وجود محكم على الإطلاق.

الثامن: أنّ من الواجب أن يفسّر بعض القرآن بعضاً.

التاسع: أنّ للقرآن مراتب مختلفة من المعنى مترتّبة طولاً من غير أن تكون الجميع في عرض واحد فيلزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد أو مثل عموم المجاز ولا هي من قبيل اللوازم المتعدّدة لملزوم واحد بل هي معان مطابقيّة يدلّ على كلّ واحد منها اللفظ بالمطابقة بحسب مراتب الأفهام.

٦٦

ولتوضيح ذلك نقول: قال الله تبارك وتعالى:( اتّقوا الله حقّ تقاته ) آل عمران - ١٠٢ فأنبأ أنّ للتقوى الّذي هو الانتهاء عمّا نهى الله عنه والايتمار بما أمر الله به مرتبة هي حقّ التقوى ويعلم بذلك أن هناك من التقوى ما هو دون هذه المرتبة الحقّة فللتقوى الّذي هو بوجه العمل الصالح مراتب ودرجات بعضها فوق بعض.

وقال أيضاً:( أفمن اتّبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون ) آل عمران - ١٦٣ فبيّن أنّ العمل مطلقاً سواء كان صالحاً أو طالحاً درجات ومراتب والدليل على أنّ المراد بها درجات العمل قوله والله بصير بما يعملون ونظير الآية قوله تعالى:( ولكلّ درجات ممّا عملوا وليوفّيهم أعمالهم وهم لا يظلمون ) الأحقاف - ١٩ وقوله تعالى:( ولكلّ درجات ممّا عملوا وما ربّك بغافل عمّا يعملون ) الأنعام - ١٣٢ والآيات في هذا المعنى كثيرة وفيها ما يدلّ على أنّ درجات الجنّة ودركات النار بحسب مراتب الأعمال ودرجاتها.

ومن المعلوم أنّ العمل من أيّ نوع كان هو من رشحات العلم يترشّح من اعتقاد قلبيّ يناسبه وقد استدلّ تعالى على كفر اليهود وعلى فساد ضمير المشركين وعلى نفاق المنافقين من المسلمين وعلى إيمان عدّة من الأنبياء والمؤمنين بأعمالهم وأفعالهم في آيات كثيرة جدّاً يطول ذكرها فالعمل كيف كان يلازم ما يناسبه من العلم ويدلّ عليه.

وبالعكس يستلزم كلّ نوع من العمل ما يناسبه من العلم ويحصّله ويركزه في النفس كما قال تعالى:( والّذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإنّ الله لمع المحسنين ) العنكبوت - ٦٩ وقال تعالى:( واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين ) الحجر - ٩٩ وقال أيضاً:( ثمّ كان عاقبة الّذين أسائوا السوآي أن كذّبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ) الروم - ١٠ وقال:( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) البراءة - ٧٧ والآيات في هذا المعنى أيضاً كثيرة تدلّ الجميع على أنّ العمل صالحاً كان أو طالحاً يولّد من أقسام المعارف والجهالات (وهي العلوم المخالفة للحقّ) ما يناسبه.

وقال تعالى - وهو كالكلمة الجامعة في العمل الصالح والعلم النافع -:( إليه يصعد

٦٧

الكلم الطيّب والعمل الصالح يرفعه ) الفاطر - ١٠ فبيّن أنّ شأن الكلم الطيّب وهو الاعتقاد الحقّ أن يصعد إلى الله تعالى ويقرّب صاحبه منه وشأن العمل الصالح أن يرفع هذا العلم والاعتقاد ومن المعلوم أنّ ارتفاع العلم في صعوده إنّما هو بخلوصه من الشكّ والريب وكمال توجّه النفس إليه وعدم تقسّم القلب فيه وفي غيره (وهو مطلق الشرك) فكلّما كمل خلوصه من الشكّ والخطوات اشتدّ صعوده وارتفاعه.

ولفظ الآية لا يخلو عن دلالة على ذلك فإنّها عبّرت في الكلم الطيّب بالصعود ووصف العمل بالرفع والصعود يقابل النزول كما أنّ الرفع يقابل الوضع وهما أعني الصعود والارتفاع وصفان يتّصف بهما المتحرّك من السفل إلى العلو بنسبته إلى الجانبين فهو صاعد بالنظر إلى قصده العلو واقترابه منه ومرتفع من جهة انفصاله من السفل وابتعاده منه فالعمل يبّعد الإنسان ويفصله من الدنيا والإخلاد إلى الأرض بصرف نفسه عن التعلّق بزخارفها الشاغلة والتشتّت والتفرّق بهذه المعلومات الفانية غير الباقية وكلّما زاد الرفع والارتفاع زاد صعود الكلم الطيّب وخلصت المعرفة عن شوائب الأوهام وقذارات الشكوك ومن المعلوم أيضاً كما مرّ: أنّ العمل الصالح ذو مراتب ودرجات فلكلّ درجة من العمل الصالح رفع الكلم الطيّب وتوليد العلوم والمعارف الحقّة الإلهيّة على ما يناسب حالها والكلام في العمل الطالح ووضعه الإنسان نظير الكلام في العمل الصالح ورفعه وقد مرّ بعض الكلام في ذلك في تفسير قوله تعالى:( إهدنا الصراط المستقيم ) الحمد - ٦.

فظهر أنّ للناس بحسب مراتب قربهم وبعدهم منه تعالى مراتب مختلفة من العمل والعلم ولازمه أن يكون ما يتلقّاه أهل واحدة من المراتب والدرجات غير ما يتلقّاه أهل المرتبة والدرجة الاُخرى الّتي فوق هذه أو تحتها فقد تبيّن أنّ للقرآن معاني مختلفة مترتّبة.

وقد ذكر الله سبحانه أصنافاً من عباده وخصّ كلّ صنف بنوع من العلم والمعرفة لا يوجد في الصنف الآخر كالمخلصين وخصّ بهم العلم بأوصاف ربّهم حقّ العلم قال تعالى:( سبحان الله عمّا يصفون إلّا عباد الله المخلصين ) الصافّات - ١٦٠ وخصّ بهم

٦٨

أشياء اُخر من المعرفة والعلم سيجئ بيانها إنشاء الله تعالى وكالموقنين وخصّ بهم مشاهدة ملكوت السماوات والأرض قال تعالى:( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) الأنعام - ٧٥ وكالمنيبين وخصّ بهم التذكّر قال تعالى:( وما يتذكّر إلّا من ينيب ) المؤمن - ١٣ وكالعالمين وخصّ بهم عقل أمثال القرآن قال تعالى:( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلّا العالمون ) العنكبوت - ٤٣ وكأنّهم اُولوا الألباب والمتدبّرون لقوله تعالى:( أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - ٢٤ ولقوله تعالى:( أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) النساء - ٨٢ فإنّ مؤدّى الآيات الثلاث يرجع إلى معنى واحد وهو العلم بمتشابه القرآن وردّه إلى محكمه وكالمطهّرين خصّهم الله بعلم تأويل الكتاب قال تعالى:( إنّه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسّه إلّا المطهّرون ) الواقعة - ٧٩ وكالأولياء وهم أهل الوله والمحبّة لله وخصّ بهم أنّهم لا يلتفتون إلى شئ إلّا الله سبحانه ولذلك لا يخافون شيئاً ولا يحزنون لشئ. قال تعالى:( ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) يونس - ٦٢ وكالمقرّبين والمجتبين والصدّيقين والصالحين والمؤمنين ولكلّ منهم خواصّ من العلم والإدراك يختصّون بها سنبحث عنها في المحالّ المناسبة لها.

ونظير هذه المقامات الحسنة مقامات سوء في مقابلها ولها خواصّ رديئة في باب العلم والمعرفة ولها أصحاب كالكافرين والمنافقين والفاسقين والظالمين وغيرهم ولهم أنصباء من سوء الفهم وردائة الإدراك لآيات الله ومعارفه الحقّة طوينا ذكرها إيثاراً للاختصار وسنتعرّض لها في خلال أبحاث هذا الكتاب إنشاء الله.

العاشر: أنّ للقرآن اتّساعاً من حيث انطباقه على المصاديق وبيان حالها فالآيه منه لا يختصّ بمورد نزولها بل يجري في كلّ مورد يتّحد مع مورد النزول ملاكاً كالأمثال الّتي لا تختصّ بمواردها الاُول بل تتعدّاها إلى ما يناسبها وهذا المعنى هو المسمّى بجرى القرآن وقد مرّ بعض الكلام فيه في أوائل الكتاب.

٦٩

( بحث روائي)

في تفسير العيّاشيّ: سئل أبوعبدالله (عليه السلام) عن المحكم والمتشابه قال: المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه على جاهله.

اقول: وفيه تلويح إلى أنّ المتشابه ممّا يمكن العلم به.

وفيه أيضاً عنه (عليه السلام): أنّ القرآن محكم ومتشابه: فأمّا المحكم فتؤمن به وتعمل به وتدين، وأمّا المتشابه فتؤمن به ولا تعمل به، وهو قول الله عزّوجلّ: وأمّا الّذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلّا الله والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كلّ من عند ربّنا والراسخون في العلم هم آل محمّد.

اقول: وسيجئ كلام في معنى قوله (عليه السلام): والراسخون في العلم هم آل محمّد.

وفيه أيضاً عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه قال: الناسخ الثابت المعمول به والمنسوخ ما قد كان يعمل به ثمّ جاء ما نسخه، والمتشابه ما اشتبه على جاهله. قال: وفي رواية: الناسخ الثابت، والمنسوخ ما مضى، والمحكم ما يعمل به، والمتشابه ما يشبه بعضه بعضاً.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) في حديث قال: فالمنسوخات من المتشابهات.

وفي العيون عن الرضا (عليه السلام): من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم. ثمّ قال: إنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتّبعوا متشابهها فتضلّوا.

أقول: الأخبار كما ترى متقاربة في تفسير المتشابه، وهي تؤيّد ما ذكرناه في البيان السابق: أنّ التشابه يقبل الارتفاع وأنّه إنّما يرتفع بتفسير المحكم له. وأمّا كون المنسوخات من المتشابهات فهو كذلك كما تقدّم ووجه تشابهها ما يظهر منها من استمرار الحكم وبقائه ويفسّره الناسخ ببيان أنّ استمراره مقطوع. وأمّا ما ذكره (عليه السلام)

٧٠

في خبر العيون: أنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ومحكماً كمحكم القرآن فقد وردت في هذا المعنى عنهم عليهم السلام روايات مستفيضة، والاعتبار يساعده فإنّ الأخبار لا تشتمل إلّا على ما اشتمل عليه القرآن الشريف ولا تبيّن إلّا ما تعرّض له وقد عرفت فيما مرّ: أنّ التشابه من أوصاف المعنى الّذي يدلّ عليه اللفظ وهو كونه بحيث يقبل الانطباق على المقصود وعلى غيره لا من أوصاف اللفظ من حيث دلالته على المعنى نظير الغرابة والإجمال ولا من أوصاف الأعمّ من اللفظ والمعنى.

وبعبارة أخرى: إنّما عرض التشابه لما عرض عليه من الآيات لكون بياناتها جارية مجرى الأمثال بالنسبة إلى المعارف الحقّة الإلهيّة وهذا المعنى بعينه موجود في الأخبار ففيها متشابه ومحكم كما في القرآن وقد ورد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: إنّا معاشر الأنبياء نكلّم الناس على قدر عقولهم.

وفي تفسير العيّاشيّ عن جعفر بن محمّد عن أبيه (عليهما السلام): أنّ رجلاً قال لأميرالمؤمنين (عليه السلام): هل تصف لنا ربّنا نزداد له حبّاً ومعرفة ؟ فغضب وخطب الناس فقال فيما قال: عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته، وتقدّمك فيه الرسول من معرفته، واستضئ من نور هدايته فإنّما هي نعمة وحكمة أوتيتها فخذ ما اُوتيت وكن من الشاكرين، وما كلّفك الشيطان عليه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمّة الهدى أمره فكلّ علمه إلى الله ولا تقدّر عظمة الله واعلم يا عبدالله: أنّ الراسخين في العلم الّذين اختارهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا آمنّا به كلّ من عند ربّنا، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عنه منهم رسوخاً فاقتصر على ذلك ولا تقدّر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين.

أقول: قوله (عليه السلام): واعلم يا عبد الله أنّ الراسخين في العلم إلخ ظاهر في أنّه (عليه السلام) أخذ الواو في قوله تعالى: والراسخون في العلم يقولون للاستيناف دون العطف كما استظهرناه من الآية ومقتضى ذلك أنّ ظهور الآية لا يساعد على كون الراسخين في العلم

٧١

عالمين بتأويله لا أنّه يساعد على عدم إمكان علمهم به فلا ينافي وجود بيان آخر يدلّ عليه كما تقدّم بيانه وهو ظاهر بعض الأخبار عن أئمّه أهل البيت كما سيأتي. وقوله (عليه السلام): الّذين أغناهم الله عن الاقتحام في السدد المضروبة دون الغيوب خبر إنّ والكلام ظاهر في تحضيض المخاطب وترغيبه أن يلزم طريقة الراسخين في العلم بالاعتراف بالجهل فيما جهله فيكون منهم وهذا دليل على تفسيره (عليه السلام) الراسخين في العلم بمطلق من لزم ما علمه ولم يتّعد إلى ما جهله. والمراد بالغيوب المحجوبة بالسدد: المعاني المرادة بالمتشابهات المخفيّة عن الأفهام العامّة ولذا أردفه بقوله ثانياً: فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره ولم يقل بجملة ما جهلوا تأويله فافهم.

وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام): نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله.

أقول: والرواية لا تخلو عن ظهور في كون قوله تعالى: والراسخون في العلم معطوفاً على المستثنى في قوله: وما يعلم تأويله إلّا الله لكن هذا الظهور يرتفع بما مرّ من البيان وما تقدّم من الرواية. ولا يبعد كلّ البعد أن يكون المراد بالتأويل هو المعنى المراد بالمتشابه فإنّ هذا المعنى من التأويل المساوق لتفسير المتشابه كان شائعاً في الصدر الأوّل بين الناس.

وأمّا قوله (عليه السلام): نحن الراسخون في العلم وقد تقدّم في رواية العيّاشيّ عن الصادق (عليه السلام) قوله: والراسخون في العلم هم آل محمّد وهذه الجملة مرويّة في روايات اُخر أيضاً فجميع ذلك من باب الجرى والانطباق كما يشهد بذلك ما تقدّم ويأتى من الروايات.

وفي الكافي أيضاً عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبوالحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) إلى أن قال: يا هشام إنّ الله حكى عن قوم صالحين: أنّهم قالوا: ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب. علموا أنّ القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها إنّه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة ينظرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدّقاً، وسرّه لعلانيته موافقاً لأنّ الله عزّ اسمه لم يدلّ على الباطن الخفيّ من العقل إلّا

٧٢

بظاهر منه وناطق عنه.

أقول: قوله (عليه السلام): لم يخف الله من لم يعقل عن الله في معنى قوله تعالى:( إنّما يخشى الله من عباده العلماء ) . وقوله: (عليه السلام): ومن لم يعقل عن الله إلخ أحسن بيان لمعنى الرسوخ في العلم لأنّ الأمر ما لم يعقل حقّ التعقّل لم ينسدّ طرق الاحتمالات فيه ولم يزل القلب مضطرباً في الإذعان به وإذا تمّ التعقّل وعقد القلب عليه لم يخالفه باتّباع ما يخالفه من الهوى فكان ما في قلبه هو الظاهر في جوارحه وكان ما يقوله هو الّذي يفعله. وقوله: ولا يكون أحد كذلك الخ بيان لعلامة الرسوخ في العلم.

وفي الدرّ المنثور أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبرانيّ عن أنس وأبي أمامة ووائلة بن اسقف وأبي الدرداء أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سئل عن الراسخين في العلم فقال: من برتّ يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه، ومن عفّ بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم.

أقول: ويمكن توجيه الرواية بما يرجع إلى معنى الحديث السابق.

وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام): أنّ الراسخين في العلم من لا يختلف في علمه.

أقول: وهو منطبق على الآية فإنّ الراسخين في العلم قوبل به فيها قوله: الّذين في قلوبهم زيغ، فيكون رسوخ العلم عدم اختلاف العالم وارتيابه.

وفي الدرّ المنثور أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذيّ وابن جرير والطبرانيّ وابن مردويه عن اُمّ سلمه: أنّ رسول الله كان يكثر في دعائه أن يقول: اللّهمّ مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك. قلت: يا رسول الله وإنّ القلوب لتتقلّب ؟ قال نعم ما خلق الله من بشر من بني آدم إلّا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه، الحديث.

أقول: وروي هذا المعنى بطرق عديدة عن عدّة من الصحابة كجابر ونوّاس ابن شمعان وعبد الله بن عمر وأبي هريرة والمشهور في هذا الباب ما في حديث نوّاس: قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن. وقد روى اللفظة (فيما أظنّ) الشريف الرضيّ في المجازات النبويّة.

٧٣

وروي عن عليّ (عليه السلام): أنّه قيل له: هل عندكم شئ من الوحي ؟ قال: لا والّذي فلق الحبّة وبرء النسمة إلّا أن يعطي الله عبداً فهماً في كتابه.

أقول: وهو من غرر الأحاديث وأقلّ ما يدلّ عليه: أنّ ما نقل من أعاجيب المعارف الصادرة عن مقامه العلميّ الّذي يدهش العقول مأخوذ من القرآن الكريم.

وفي الكافي عن الصادق عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (عليه السلام): يا أيّها الناس إنّكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد، ويقرّبان كلّ بعيد ويأتيان بكلّ موعود فأعدّوا الجهاز لبعد المجاز: قال: فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟ فقال: دار بلاغ وانقطاع. فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع، وماحل مصدّق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له تخوم وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب ويخلص من نشب، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات، فعليكم بحسن التخلّص وقلّة التربّص.

أقول: ورواه العيّاشيّ في تفسيره إلى قوله: فليجل جال.

وفي الكافي وتفسير العيّاشيّ أيضاً عن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة ونور من الظلمة، وضياء من الأحداث وعصمة من الهلكة ورشد من الغواية وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة وفيه كمال دينكم وما عدل أحد من القرآن إلّا إلى النار.

أقول: والروايات في هذا المساق كثيرة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة من أهل بيته (عليهم السلام).

٧٤

وفي تفسير العيّاشيّ عن الفضيل بن يسار قال: سألت أباجعفر (عليه السلام) عن هذه الرواية: ما في القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إلّا وله حدّ ولكلّ حدّ مطّلع، يعني بقوله: ظهر وبطن ؟ قال: ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد، يجري كما يجري الشمس والقمر، كلّما جاء منه شئ وقع. قال الله: وما يعلم تأويله، إلّا الله والراسخون في العلم نحن نعلمه.

أقول: الرواية المنقولة في ضمن الرواية هي ما روته الجماعة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بألفاظ مختلفة وإن كان المعنى واحداً كما في تفسير الصافي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إنّ للقرآن ظهراً وبطناً وحدّاً ومطّلعاً. وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً: إنّ للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطناً إلى سبعة أبطن.

وقوله (عليه السلام) منه ما مضى ومنه ما يأتي ظاهره رجوع الضمير إلى القرآن باعتبار اشتماله على التنزيل والتأويل فقوله: يجري كما يجري الشمس والقمر يجري فيهما معاً فينطبق في التنزيل على الجري الّذي اصطلح عليه الأخبار في انطباق الكلام بمعناه على المصداق كانطباق قوله:( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصادقين ) التوبة - ١٢٠ على كلّ طائفة من المؤمنين الموجودين في الأعصار المتأخّرة عن زمان نزول الآية وهذا نوع من الانطباق وكانطباق آيات الجهاد على جهاد النفس وانطباق آيات المنافقين على الفاسقين من المؤمنين وهذا نوع آخر من الانطباق أدقّ من الأوّل وكانطباقها وانطباق آيات المذنبين على أهل المراقبة والذكر والحضور في تقصيرهم ومساهلتهم في ذكر الله تعالى وهذا نوع آخر أدقّ من ما تقدّمه وكانطباقها عليهم في قصورهم الذاتيّ عن أداء حقّ الربوبيّة وهذا نوع آخر أدقّ من الجميع.

ومن هنا يظهرأوّلا: أنّ للقرآن مراتب من المعاني المرادة بحسب مراتب أهله ومقاماتهم وقد صوّر الباحثون عن مقامات الإيمان والولاية من معانيه ما هو أدقّ ممّا ذكرناه.

وثانياً: أنّ الظهر والبطن أمران نسبيّان فكلّ ظهر بطن بالنسبة إلى ظهره وبالعكس كما يظهر من الرواية التالية.

٧٥

وفي تفسير العيّاشيّ عن جابر قال: سألت أباجعفر (عليه السلام) عن شئ من تفسير القرآن، فأجابني ثمّ سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك، كنت أجبت في المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم! فقال: يا جابر إنّ للقرآن بطناً وللبطن بطن، وظهراً وللظهر ظهر. يا جابر وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القران، إنّ الآية تكون أوّلها في شئ، وأوسطها في شئ وآخرها في شئ، وهو كلام متّصل ينصرف على وجوه.

وفيه أيضاً عنه (عليه السلام) في حديث قال: ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم، ثمّ مات اُولئك القوم ماتت الآية لما بقى من القرآن شئ، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره، ما دامت السماوات والأرض، ولكلّ قوم آية يتلونها هم منها من خير أو شرّ.

وفي المعاني عن حمران بن أعين قال: سألت أباجعفر (عليه السلام) عن ظهر القرآن وبطنه فقال: ظهره الّذين نزل فيهم القرآن، وبطنه الّذين عملوا بأعمالهم، يجري فيهم ما نزل في اُولئك.

وفي تفسير الصافي عن عليّ (عليه السلام): ما من آية إلّا ولها أربعة معان، ظاهر وباطن وحدّ ومطّلع، فالظاهر التلاوة والباطن الفهم، والحدّ هو أحكام الحلال والحرام، والمطّلع هو مراد الله من العبد بها.

أقول: المراد بالتلاوة ظاهر مدلول اللفظ بدليل أنّه (عليه السلام) عدّه من المعاني فالمراد بالفهم في تفسيره الباطن ما هو في باطن الظاهر من المعنى والمراد بقوله: هو أحكام الحلال والحرام ظاهر المعارف المتلقّاة من القرآن في أوائل المراتب أو أواسطها في مقابل المطّلع الّذى هو المرتبة العليا والحدّ والمطّلع نسبيّان كما أنّ الظاهر والباطن نسبيّان كما عرفت فيما تقدّم فكلّ مرتبة عليا هي مطّلع بالنسبة إلى السفلى.

والمطّلع إمّا بضمّ الميم وتشديد الطاء وفتح اللام اسم مكان من الاطّلاع أو بفتح الميم واللام وسكون الطاء اسم مكان من الطلوع وهو مراد الله من العبد بها كما ذكره (عليه السلام).

وقد ورد هذه الاُمور الأربعة في النبويّ المعروف هكذا: إنّ القرآن اُنزل على سبعة أحرف، لكلّ آية منها ظهر وبطن ولكلّ حدّ مطّلع. وفي رواية: ولكلّ حدّ ومطّلع.

٧٦

ومعنى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولكلّ حدّ مطّلع على ما في إحدى الروايتين: أنّ لكلّ واحد من الظهر والبطن الّذي هو حدّ مطّلع يشرف عليه هذا هو الظاهر ويمكن أن يرجع إليه ما في الرواية الاُخرى: ولكلّ حدّ ومطّلع بأن يكون المعنى: ولكلّ منهما حدّ هو نفسه ومطّلع وهو ما ينتهى إليه الحدّ فيشرف على التأويل. لكن هذا لا يلائم ظاهراً ما في رواية عليّ (عليه السلام): ما من آية إلّا ولها أربعة معان إلخ إلّا أن يراد أنّ لها أربعة اعتبارات من المعنى وإن كان ربّما انطبق بعضها على بعض.

وعلي هذا فالمتحصّل من معاني الاُمور الأربعة: أنّ الظهر هو المعنى الظاهر البادئ من الآية والباطن هو الّذي تحت الظاهر سواء كان واحداً أو كثيراً قريباً منه أو بعيداً بينهما واسطة والحدّ هو نفس المعنى سواء كان ظهراً أو بطناً والمطّلع هو المعنى الّذي طلع منه الحدّ وهو بطنه متّصلاً به فافهم.

وفي الحديث المرويّ من طرق الفريقين عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اُنزل القرآن على سبعة أحرف.

اقول: والحديث وإن كان مرويّاً باختلاف مّا في لفظه لكنّ معناها مرويّ مستفيضاً والروايات متقاربة معنى روتها العامّة والخاصّة وقد اختلف في معنى الحديث اختلافاً شديداً ربّما اُنهي إلى أربعين قولاً والّذي يهوّن الخطب أنّ في نفس الأخبار تفسيراً لهذه السبعة الأحرف وعليه التعويل.

ففي بعض الأخبار: نزل القرآن على سبعة أحرف، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل. وفي بعضها: زجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال.

وعن عليّ (عليه السلام): أنّ الله أنزل القرآن على سبعة أقسام، كلّ منها كاف شاف وهي أمر وزجر وترغيب، وترهيب وجدل ومثل وقصص.

فالمتعين حمل السبعة الأحرف على أقسام الخطاب وأنواع البيان وهي سبعة على وحدتها في الدعوة إلى الله وإلى صراطه المستقيم. ويمكن أن يستفاد من هذه الرواية حصر أصول المعارف الإلهيّة في الأمثال فإنّ بقيّة السبعة لا تلائمها إلّا بنوع من العناية على ما لا يخفى.

٧٧

( بحث آخر روائي)

في الصافي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار.

أقول: وهذا المعنى رواه الفريقان. وفي معناه أحاديث اُخر رووه عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام).

وفي منية المريد عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوّء مقعده من النار.

أقول: ورواه أبو داود في سننه.

وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: من قال في القرآن بغير علم، جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار.

وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.

أقول: ورواه أبوداود و الترمذيّ والنسائيّ.

وفيه عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: أكثر ما أخاف على اُمّتى من بعدي، رجل يناول القرآن يضعه على غير مواضعه.

وفي تفسير العيّاشيّ عن أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: من فسّر القرآن برأيه إن أصاب لم يؤجر، وإن أخطأ فهو أبعد من السماء.

وفيه عن يعقوب بن يزيد عن ياسر عن الرضا (عليه السلام) قال: الرأي في كتاب الله كفر.

اقول: وفي معناها روايات اُخر مرويّة في العيون والخصال وتفسير العيّاشيّ وغيرها.

قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من فسّر القرآن برأيه الرأي هو الاعتقاد عن اجتهاد وربّما اُطلق على القول عن الهوى والاستحسان وكيف كان لمّا ورد قوله: برأيه مع الإضافة إلى الضمير علم منه أن ليس المراد به النهي عن الاجتهاد المطلق في تفسير القرآن حتّى

٧٨

يكون بالملازمة أمراً بالاتّباع والاقتصار بما ورد من الروايات في تفسير الآيات عن النبيّ وأهل بيته (صلّى الله عليه وعليهم) على ما يراه أهل الحديث على أنّه ينافي الآيات الكثيرة الدالّة على كون القرآن عربيّاً مبيناً والآمرة بالتدبّر فيه وكذا ينافي الروايات الكثيرة الآمرة بالرجوع إلى القرآن وعرض الأخبار عليه.

بل الإضافة في قوله: برأيه تفيد معنى الاختصاص والانفراد والاستقلال بأن يستقلّ المفسّر في تفسير القرآن بما عنده من الأسباب في فهم الكلام العربيّ فيقيس كلامه تعالى بكلام الناس فإنّ قطعة من الكلام من أيّ متكلّم إذا ورد علينا لم نلبث دون أن نعمل فيه القواعد المعمولة في كشف المراد الكلاميّ ونحكم بذلك: أنّه أراد كذا كما نجري عليه في الأقارير والشهادات وغيرهما كلّ ذلك لكون بياننا مبنيّاً على ما نعلمه من اللغة ونعهده من مصاديق الكلمات حقيقة ومجازاً.

والبيان القرآنيّ غير جار هذا المجرى على ما تقدّم بيانه في الأبحاث السابقة بل هو كلام موصول بعضها ببعض في عين أنّه مفصول ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض كما قاله عليّ (عليه السلام) فلا يكفي ما يتحصّل من آية واحدة بإعمال القواعد المقرّرة في العلوم المربوطة في انكشاف المعنى المراد منها دون أن يتعاهد جميع الآيات المناسبة لها ويجتهد في التدبّر فيها كما يظهر من قوله تعالى:( أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) النساء - ٨٢. وقد مرّ بيانه في الكلام على الإعجاز وغيره.

فالتفسير بالرأي المنهيّ عنه أمر راجع إلى طريق الكشف دون المكشوف وبعبارة اُخرى إنّما نهى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن تفهّم كلامه على نحو ما يتفهّم به كلام غيره وإن كان هذا النحو من التفهّم ربّما صادف الواقع. والدليل على ذلك قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الرواية الاُخرى: من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ، فإنّ الحكم بالخطأ مع فرض الإصابة، ليس إلّا لكون الخطأ في الطريق وكذا قوله (عليه السلام) في حديث العيّاشيّ: إن أصاب لم يوجر.

ويؤيّده ما كان عليه الأمر في زمن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّ القرآن لم يكن مؤلّفاً

٧٩

بعد ولم يكن منه إلّا سور أو آيات متفرّقة في أيدي الناس فكان في تفسير كلّ قطعة قطعة منه خطر الوقوع في خلاف المراد.

والمحصّل: أنّ المنهيّ عنه إنّما هو الاستقلال في تفسير القرآن واعتماد المفسّر على نفسه من غير رجوع إلى غيره ولازمه وجوب الاستمداد من الغير بالرجوع إليه وهذا الغير لا محالة إمّا هو الكتاب أو السنّة وكونه هي السنّة ينافي القرآن ونفس السنّة الآمرة بالرجوع إليه وعرض الأخبار عليه فلا يبقى للرجوع إليه والاستعداد منه في تفسير القرآن إلّا نفس القرآن.

ومن هنا يظهر حال ما فسّروا به حديث التفسير بالرأي فقد تشتّتوا في معناه على أقوال:

أحدها: أنّ المراد به التفسير من غير حصول العلوم الّتي يجوز معها التفسير. وهي خمسة عشر علماً على ما أنهاه السيوطيّ في الإتقان: اللغة والنحو والتصريف و الاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والقراءة واُصول الدين واُصول الفقه وأسباب النزول وكذا القصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبيّنة لتفسير المجملات والمبهمات وعلم الموهبة ويعني بالأخير ما أشار إليه الحديث النبويّ: من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم.

الثاني: أنّ المراد به تفسير المتشابه الّذى لا يعلمه إلّا الله.

الثالث: التفسير المقرّر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلاً والتفسير تبعاً فيرد إليه بأيّ طريق أمكن وإن كان ضعيفاً.

الرابع: التفسير بأنّ مراد الله تعالى كذا على القطع من غير دليل.

الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى: وهذه الوجوه الخمسة نقلها ابن النقيب على ما ذكره السيوطيّ في الإتقان وهنا وجوه اُخر نتبعها بها.

السادس: أنّ المراد به هو القول في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذاهب الأوائل من الصحابة والتابعين ففيه تعرّض لسخط الله تعالى.

السابع: القول في القرآن بما يعلم أنّ الحقّ غيره. نقلهما ابن الأنباري.

٨٠