الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٥

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 461

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 461
المشاهدات: 122223
تحميل: 4508


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 461 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 122223 / تحميل: 4508
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 5

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

زيارة حمزة

عمِّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

فيقول وهو في غاية الأدب والإجلال:

ألسَّلام عليك يا عمَّ المصطفى، ألسّلام عليك يا سيِّد الشهداء، ألسَّلام عليك يا أسد الله، ألسَّلام عليك يا أسد رسول الله، رضي الله عنك وأرضاك وجعل الجنَّة منقلبك ومثواك، ألسَّلام عليكم أيّها الشهداء ورحمة الله وبركاته.

قال إبن جبير في رحلته ص ١٥٣: وحول الشهداء [ بجبل اُحد ] تربةٌ حمراء هي التربة التي تنسب إلى حمزة ويتبرَّك الناس بها.

زيارة بقية الشهداء

ثمَّ يتوجَّه إلى قبور الشهداء الباقين - والمشهور من الشّهداء المكرَّمين الذين استشهدوا يوم اُحد وهم سبعون رجلاً - فيقول:

ألسَّلام عليكم بما صبرتم فنعم عُقبى الدّار، ألسَّلام عليكم يا شُهداء، ألسَّلام عليكم يا سعداء، رضي الله عنكم وأرضاكم.

قال الحمزاوي في « كنز المطالب » ص ٢٣٠: ويتوسّل بهم إلى الله في بلوغ آماله لأنّ هذا المكان محلّ مهبط الرَّحمات الربانيّة، وقد قال خير البريَّة عليه الصَّلاة وأزكى التحيَّة: إنَّ لربِّكم في دهركم نفحات ألا فتعرَّضوا لنفحات ربِّكم. ولا شكَّ ولا ريب أنَّ هذا المكان محلُّ هبوط الرَّحمات الإ~لهيَّة فينبغي للزائر أن يتعرَّض لهاتيك النفحات الإحسانيَّة، كيف لا؟ وهم الأحبَّة والوسيلة العظمى إلى الله ورسوله، فجديرٌ لمن توسّل بهم أن يبلغ المنى وينال بهم الدَّرجات العلى، فإنّهم الكرام لا يخيب قاصدهم وهم الأحياء، ولا يُردُّ من غير إكرام زائرهم.

وقال السَّمهودي في « وفاء الوفاء » ٢ ص ١١٣: وقد سرد إبن النجّار أسماءهم فتبعته ليسلّم عليهم من شاء بأسمائهم:

حمزة بن عبد المطلب.

عبد الله بن جحش.

مصعب بن عمير.

عمارة بن زياد.

شماس بن عثمان.

عمرو بن معاذ.

ألحارث بن أنس.

سلمة بن ثابت.

عمر بن ثابت.

ثابت بن وقش.

رفاعة بن وقش.

حسيل بن جابر.

١٦١

صيفي بن قبطي.

الحباب بن قبطي.

عُباد بن سهل.

ألحارث بن أوس.

أياس بن أوس.

عُبيد بن التهان.

حبيب بن زيد.

يزيد بن حاطب.

أبو سفيان بن الحارث.

أنيس بن قتادة.

حنظلة بن أبي عامر.

أبو حيَّة بن مسلمة.

عُبيد الله بن جبير.

أبو سعد بن خيثمة.

عبد الله بن مسلمة.

سُبيع بن حاطب.

عمرو بن قيس.

قيس بن عمرو.

ثابت بن عمرو.

عامر بن مخلد.

أبو هبيرة بن الحارث.

عمرو بن مطرف.

أوس بن ثبت.

أنس بن النضر.

قيس بن مخلد.

عمرو بن أياس.

سليم بن الحارث.

نعمان بن عبد.

خارجة بن زيد.

سعد بن ربيع.

أوس بن الأرقم.

مالك بن سنان.

سعد بن سويد.

علبة بن ربيع.

ثعلبة بن سعد.

نقيب بن فروة.

عبد الله بن عمرو.

ضمرة الجهني.

نوفل بن عبد الله.

عبّاس بن عبادة.

نعمان بن مالك.

ألمحذر بن زياد.

عبادة بن الحسحاس.

رفاعة بن عمرو.

عبد الله بن عمرو.

عمرو بن الجموح.

خلّاد بن عمرو.

أبو أيمن مولى عمرو.

عبيدة بن عمرو.

عنترة مولى عبيدة.

سهل بن قيس.

ذكوان بن عبد قيس.

عُبيد بن المعلّى.

مالك بن نميلة.

ألحارث بن عدي.

مالك بن أياس.

أياس بن عدي.

كيسان مولى بني النجّار.

ومن أراد الوقوف على تفصيل أسماء هؤلاء الشّهداء السّعداء وعرفان اُسرهم فعليه بسيرة إبن هشام ج ٣ ص ٧٥ - ٨١، وللسمهودي في « وفاء الوفاء » ج ٢ ص ١١٤ - ١١٩ حول قبور شهداء اُحد كلمةٌ ضافيةٌ فيها فوائد جمَّة.

٣٣ - قال الكمال بن الهمام محقِّق الحنفيّة: ويزور جبل اُحد نفسه ففي الصحيح: اُحد جبلٌ يحبّنا ونحبّه.

قال الأميني: جعل البخاري في صحيحه في آخر غزوة اُحد باباً في حديث: اُحد يحبّنا ونحبّه.

٣٤ - ويستحبُّ استحباباً مؤكّداً كما قال النووي أن يأتي مسجد قباء وفي يوم السبت أولى، وقال الفاكهي: في السبت فالإثنين فالخميس أولى سيّما صبيحة سابع عشر رمضان لحديث في ذلك. فيصلّي فيه ويقول بعد دعائه بما أحبّ: يا صريخ المستصرخين، يا غياث المستغيثين، يا مفرِّج كرب المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرّين، صلىِّ على

١٦٢

سيِّدنا محمّد وآله واكشف كربي وحزني كما كشفت عن رسولك حزنه وكربه في هذا المقام، يا حنّان يا منّان يا كثير المعروف والإحسان يا دائم النّعم يا أرحم الرّاحمين ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليِّ العظيم.

وقد صحَّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مَن خرج حتّى يأتي هذا المسجد يعني مسجد قباء - فيصلّي فيه كان كعدل عمرة [ ك ج ٣ ص ١٢ ] صحَّحه الحاكم والذهبي. وأخرج الطبراني مرفوعاً: مَن توضّأ فأسبغ الوضوء ثمَّ عمد إلى مسجد قباء لا يريد غيره ولا يحمله على الغدو إلّا الصّلاة في مسجد قباء فصلّى فيه أربع ركعات يقرأ في كلِّ ركعة بامِّ القرآن كان له كأجر المعتمر إلى بيت الله. « مجمع الزوائد » ٤ ص ١١.

٣٥ - ألتبرُّك بما بقي من الآثار النبويَّة والأماكن الشريفة كما في « مراقي الفلاح » وغيرها قال الخطيب الشربيني في « المغني » ١ ص ٤٩٥: يسنُّ أن يأتي سائر المشاهد بالمدينة وهي نحو ثلاثين موضعاً يعرفها أهل المدينة ويسنُّ زيارة البقيع وقباء وأن يأتي بئر أريس فيشرب منها ويتوضَّأ وكذلك بقيَّة الآبار السبعة وقد نظمها بعضهم في بيت فقال:

أريس وغرس رومة وبضاعة

كذا بُصَّة قل بيرحاء مع العهنِ

قال الأميني هذا البيت لأبي الفرج ناصر الدين المراغي وقبله قوله:

إذا رمت آبار النبيِّ بطيبة

فعدَّتها سبعٌ مقالاً بلا وهنِ(١)

٣٦ - قال الفاخوري في الكفاية لذوي العناية ص ١٣٠: ويستحبُّ أن يستصحب معه هديّة من تمر المدينة وماء آبارها من غير تكلّف ولا مفاخرة، وإذا قفل منصرفاً قاصداً وطنه كبّر في طريقه على كلِّ مرتفع ثلاثاً ثمَّ يقول:

لا إ~له إلّا الله وحدَهُ لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ وهو عَلى كل شئٍ قدير، آئبونَ تائبونَ عابدونَ ساجدونَ لربّنا حامدونَ صدق الله وَعدَهُ ونَصَرَ عبده وأعزَّ جنده وهَزَمَ الأحزاب وحدهْ.

وقال الشيخ زاده في « مجمع الأنهر » ١ ص ١٥٨: ثمَّ ينصرف باكياً حزيناً على فراق الحضرة النبويَّة، ومن السنن أن يُكبِّر على كلِّ شرف من الأرض ويقول: آئبون

____________________

١ - يوجد تفصيل الكلام حول هذه الابار فى « وفاء الوفاء » ٢ ص ١١٩ - ١٤٩.

١٦٣

تائبون عابدون. إلخ.

فَهَلْ يَنظرونَ إلّا سنَّة الأوَّلين فلن تجد لسنَّة الله تبديلا

وَلنْ تَجد لِسنّة اللهِ تحويلا

[ فاطر ٤٣ ]

المصادر

أخذنا ما مرَّ من الآداب والزيارات من مناسك أعلام المذاهب الأربعة وكتبهم الفقهيَّة فمن ابتغى الوقوف على تفصيل ما لم نذكر مصدره ممّا ذكره فعليه بما يلي من الكتب.

ألتأليف

ألمؤلِّف

إحياء العلوم ١ ص ٢٤٦

حجَّة الإسلام أبو حامد الغزالي

ألتذكرة

أبو الوفاء إبن عقيل الحنبلي

ألمستوعب

إبن أبي سنينة السامري الحنبلي

ألمدخل ج ١

أبو عبد الله العبدري المالكي

شفاء السقام ٥٢ - ١١٩

تقيُّ الدين السبكي الشافعي

وفاء الوفاء ٢ ص ٤٣١ - ٤٥٥

نور الدين السمهودي الشافعي

ألمواهب اللدنيَّة

أبو العبّاس القسطلاني الشافعي

أسنى المطالب ١ ص ٥٠١

أبو يحيى الأنصاري الشافعي

ألجوهر المنظَّم

إبن حجر الهيثمي الشافعي

مغني المحتاج ١ ص ٤٩٤

ألخطيب الشربيني الشافعي

حسن التوسّل مؤلَّفٌ في الآداب

جمال الدين الفاكهي الشافعي

ألشفاء

ألقاضي عياض المالكي

مراقي الفلاح في خاتمته، مخطوطٌ

أبو البركات الشرنبلالي الحنفي

شرح الشفاء

ألقاضي الخفاجي الحنفي

مجمع الأنهر(١) ١ ص ١٥٦

عبد الرَّحمن شيخ زاده

____________________

١ - فى شرح ملتقى الابحر للشيخ ابراهيم الحلبى المتوفى ٩٥٦.

١٦٤

مفتاح السَّعادة ٣ ص ٧٣

ألمولى أحمد طاش كبرى زاده

شرح المواهب ٨ ص ٢٩٧ - ٣٣٥

أبو عبد الله الزرقاني المالكي

ألحاشية(١) ١ ص ٣٤٨

ألشيخ إبراهيم الباجوري الشافعي

كنز المطالب ١٨٣ - ٢٢٤

ألشيخ حسن العدوي الشافعي

ألكفاية ص ١٢٥ - ١٣١

عبد الباسط الفاخوري المفتي

ألإرشادات السنيَّة ص ٢٦٠

عبد المعطي السقّا الشافعي

ألفقه على المذاهب الأربعة ١

عدَّةٌ من فقهاء المذاهب

____________________

١ - على شرح ابن الغزى فى الفقه الشافعى.

١٦٥

ألحث على زيارة القبور

ورد في السنَّة الصحيحة المتَّفق عليها ألأمر بزيارة القبور والحثّ عليها، وأصفقت آراء أعلام المذاهب الإسلاميَّة على الفتيا بمفاده وانَّها تستحبّ، بل قال بعض الظاهريَّة بوجوبها كما نصَّ عليه غير واحد أخذاً بظاهر الأمر، وإليك جملةٌ من تلك النصوص:

١ - عن بريدة مرفوعاً: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها. وزاد الترمذي فقد أذن الله لنبيِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زيارة قبر امِّه.

أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في سننه وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. والنسائي في السنن ٤ ص ٨٩. والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٤ عن الصحيحين للبخاري ومسلم. والبغوي في مصابيح السنَّة ١ ص ١١٦ وعدَّه من الصِّحاح. والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ ص ١١٨. وابن الدبيع في تيسير الوصول ٤ ص ٢١٠ وقال: أخرجه الخمسة إلّا البخاري.

٢ - عن عبيد الله بن مسعود مرفوعاً في حديث: ألا فزوروا القبور فإنَّها تزهِّد في الدنيا وتذكّر الآخرة. أخرجه إبن ماجة في سننه ١ ص ٤٧٦. وأبو الوليد محمَّد بن عبد الله الأزرقي في أخبار مكّة ٢ ص ١٧٠. والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٥ وصحَّحه. و المنذري في الترغيب والترهيب ٤ ص ١١٨ وقال: إسنادٌ صحيحٌ. والبيهقي في السنن الكبرى ٤ ص ٧٧.

٣ - عن أنس بن مالك مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّها تذكّركم الموت، أخرجه الحاكم في « المستدرك » ١ ص ٣٧٥ وصحّحه.

٤ - عن إبن عبّاس مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي ٣ ص ٥٨.

٥ - عن زيد بن الخطاب في حديث مرفوعاً: إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء منكم أن يزور فليزر. رواه الطبراني في الكبير، ونقله عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨

١٦٦

٦ - عن أبي هريرة مرفوعاً: فزوروا القبور فإنّها تذكّر [ تذكّركم ] الموت. أخرجه مسلم في صحيحه. وأحمد في مسنده ١ ص ٤٤١. وإبن ماجة في السنن ١ ص ٤٧٦. وأبو داود في سننه ٢ ص ٧٢. والنسائي في السنن ٤ ص ٩٠. والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٦. والبيهقي في سننه الكبرى ٤ ص ٧٦. والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ ص ١١٨.

٧ - عن بريدة مرفوعاً: إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وليزدكم زيارتها خيرا.

أخرجه الحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٦ وصحَّحه هو والذهبي. والبيهقي في سننه ٤ ص ٧٦.

٨ - عن أنس بن مالك مرفوعاً: إنِّي نهيتكم عن زيارة القبور فمن شاء أن يزور قبراً فليزره فإنّه يرقُّ القلب، ويدمع العين، ويذكّر الآخرة، ولا تقولوا هجرا.

أخرجه أحمد في مسنده ٣ ص ٢٣٧، ٢٥٠، والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٦ وصحَّحه هو وأقرَّه الذهبي. والبيهقي في سننه الكبرى ٤ ص ٧٧.

٩ - عن زيد بن ثابت مرفوعاً: زوروا القبور ولا تقولوا هجرا.

أخرجه الطبراني في الصغير كما في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨.

١٠ - عن أبي ذر مرفوعاً: زر القبور تذكر بها الآخرة.

أخرجه الحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٧ وقال: حديثٌ رواته عن آخرهم ثقاتٌ. والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ ص ١١٨.

١١ - عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً في حديث: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا ما يسخط الربَّ.

أخرجه البزّار والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨ وقال: رجاله رجال الصحيح.

١٢ - عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً. أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ٤ ص ٧٧.

١٣ - عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: إنّي نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّ فيها عبرة.

١٦٧

أخرجه أحمد في مسنده ٣ ص ٣٨. والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٥ وصحّحه هو والذهبي. والبيهقي في سننه الكبرى ٤ ص ٧٧. والمنذري في الترغيب والترهيب ٤ ص ١١٨ وقال: رواته محتجٌّ بهم في الصَّحيح. والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨ وقال: رجاله رجال الصَّحيح.

١٤ - عن طلحة بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد قبور الشهداء [ إلى أن قال ]: فلمّا جئنا قبور الشهداء قال: هذه قبور إخواننا.

أخرجه أبو داود في سننه ١ ص ٣١٩. والبيهقي في السنن الكبرى ٥ ص ٢٤٩.

١٥ - عن عليّ أمير المؤمنين مرفوعاً في حديث: إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّها تذكّركم الآخرة.

أخرجه أحمد في مسنده ١ ص ١٤٥. والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨. وأخرجه أحمد بلفظ أخصر في المسند ١ ص ٤٥٢ من طريق عبد الله بن مسعود.

١٦ - أخرج أبو الوليد محمّد بن عبد الله الأزرقي في [ أخبار مكّة ] ٢ ص ١٧٠ قال: أخبرني إبن أبي مليكة في حديث رفعه إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ايتوا موتاكم فسلّموا عليهم. أو: صلوا [ شكَّ الخزاعي ] فإنَّ بكم عبرة.

١٧ - عن بريدة مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّ في زيارتها تذكرة. أخرجه أبو داود في سننه ٢ ص ٧٢.

١٨ - عن ثوبان مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها واجعلوا زيارتكم لها صلاةً عليهم واستغفاراً لهم. رواه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨.

١٩ - عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أن يزور قبراً فليزره ولا يقول إلّا خيراً فإنَّ الميِّت يتأذّى ممّا يتأذَّى منه الحيُّ.

ذكره الشيخ شعيب الحريفيش في الروض الفائق في المواعظ والرقائق ١ ص ١٩.

٢٠ - عن جابر مرفوعاً: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها.

أخرجه الخطيب في تاريخه ١٣ ص ٢٦٤.

٢١ - عن اُمّ سلمة مرفوعاً: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنَّ لكم فيها عبرة. أخرجه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ٣ ص ٥٨.

١٦٨

٢٢ - عن عايشة: كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخرج إلى البقيع فيقول: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وآتاكم ما توعدون غداً مؤجَّلون. وإنّا بكم إن شاء الله لاحقون، أللهمّ اغفر لأهل بقيع الغرقد.

أخرجه مسلم في صحيحه. والبيهقي في السنن ٤ ص ٧٩ و ج ٥ ص ٢٤٩. و الشربيني في المغني ١ ص ٣٥٧ وغيرهم.

٢٣ - عن عايشة: إنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن زيارة القبور ثمَّ رخَّص فيها، أحسبه قال: فإنَّها تذكّر الآخرة. أخرجه البزّار والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ ص ٥٨ وقال: رجاله ثقاتٌ.

٢٤ - عن عايشة قالت: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن زيارة القبور ثمَّ قال: زوروها فإنَّ فيها موعظةٌ [أخرجه الخطيب في تاريخه ١٤ ص ٢٢٨ ].

٢٥ - عن عايشة في حديث مرفوعاً: ألا فزوروا إخوانكم وسلّموا عليهم فإنَّ فيهم عبرة. رواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع الهيثمي ٣ ص ٥٨.

٢٦ - كانت فاطمة رضي الله عنها تزور عمِّها حمزة كلَّ جمعة فتصلّي وتبكي عنده. أخرجه البيهقي في سننه ٤ ص ٧٨. والحاكم في المستدرك ١ ص ٣٧٧، و قال: هذا الحديث رواته عن آخرهم ثقاتٌ. ثمَّ قال: وقد استقصيت في البحث عن زيارة القبور تحرِّياً للمشاركة في الترغيب وليعلم الشحيح بذنبه انَّها سنَّةٌ مسنونةٌ وصلّى الله على محمَّد وآله أجمعين.

قال الأميني: وهناك أحاديث اُخرى لم نطل بذكرها المقام توجد في الأضاحي والأشربة من كتب الفقه والحديث.

فليَأتوا بحديثٍ مِثلهِ إنْ كانوا صادقين

[ الطور ٣٤ ]

١٦٩

أدب زوّار القبور

١ - أن يكون الزائر علي طهارة.

٢ - أن يأتي من قِبل رِجلي الميِّت لا من قِبل رأسه.

٣ - أن يستقبل الميت بوجهه عند الزِّيارة.

٤ - أن يزور قائماً ويدعو له كذلك.

٥ - قراءة ما تيسَّر من القرآن ويستحبُّ قراءة يس والتوحيد.

٦ - دعاء الميِّت مستقبلاً القبلة.

٧ - ألجلوس لدى القراءة مستقبل القبلة.

٨ - رشُّ القبر بالماء الطّاهر.

٩ - ألتصدُّق عن الأموات.

١٠ - أن يكون الزّاير حافياً ولا يطأ القبور.

ألقول فى الزيارة

١ - عن عايشة رضي الله عنها مرفوعاً: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتاني جبريل فقال: إنَّ ربَّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: ألسَّلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منّا و المستأخرين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون.

أخرجه مسلم في صحيحه وجمعٌ آخر من الفقهاء والحفّاظ وفي رواية: ألسّلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. أخرجه البيهقي في سننه الكبرى ٤ ص ٧٩.

٢ - عن أبي هريرة رضي الله عنه إنَّ النبيَّ أتى المقبرة فقال: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.

٣ - عن إبن عبّاس قال: مرَّ رسول الله بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: ألسّلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر. رواه الترمذي. والبغوي في المصابيح ١ ص ١١٦.

١٧٠

٤ - عن بريدة قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلّمهم إذا خرجوا المقابر:

ألسَّلام عليكم أهل الدَّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، وأنتم لنا فرطٌ ونحن لكم تبعٌ نسأل الله العافية. سنن البيهقي ٤ ص ٧٩.

٥ - عن مجمع بن حارثة قال: خرج النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جنازة حتّى انتهى إلى المقبرة فقال: ألسّلام على أهل القبور [ ثلاث مرّات ] من كان منكم من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا فرطٌ ونحن لكم تبعٌ، عافانا الله وإيّاكم. مجمع الزوائد ٣ ص ٦٠.

٦ - قال أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب في زيارة قبور بالكوفة: ألسّلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ، ونحن لكم تبعٌ عمّا قليل لاحقُ، أللهمّ أغفر لنا ولهم وتجاوز عنّا وعنهم، طوبى لمن أراد المعاد وعمل الحسنات وقنع بالكفاف ورضي عن الله عزَّ وجلَّ. أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد ٩ ص ٢٩٩. وذكره الجاحظ في البيان والتبيين ٣ ص ٩٩ بلفظ يقرب من هذا.

٧ - كان عليُّ بن أبي طالب « أمير المؤمنين » كرَّم الله وجهه إذا دخل المقبرة قال: ألسَّلام عليكم يا أهل الدِّيار الموحشة والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات، أللهمّ اغفر لنا ولهم، وتجاوز بعفوك عنّا وعنهم، ثمَّ يقول: ألحمد لِلَّه الذي جعل لنا الأرض كفاناً أحياءً وأمواتاً، والحمدُ لِلَّه الذي منها خلقنا، وإليها معادنا، وعليها محشرنا طوبى لمن ذكر المعاد، وعمل الحسنات، وقنع بالكفاف، ورضي عن الله عزَّ وجلَّ.

ألعقد الفريد ٢ ص ٦.

٨ - قال الفيروز آبادي صاحب القاموس في « سفر السّعادة » ص ٥٧: ومن العادات النبويَّة زيارة القبور والدعاء والإستغفار ومثل هذه الزيارة مستحبُّ وقال: إذا رأيتم المقابر فقولوا: ألسَّلام عليكم أهل الدِّيار « إلى آخر ما ذكر » ثمَّ قال: وكان يقرأ وقت الزِّيارة من نوع الدعاء الذي كان يقرؤه في صلاة الميِّت.

٩ - وقف محمّد بن الحنفيَّة على قبر الحسن بن علي « الإمام » رضي الله عنهما فخنقته العبرة ثمَّ نطق فقال: رحمك الله أبا محمّد فلئن عزَّتْ حياتك فلقد هدَّتْ وفاتك، ولنعم الرُّوح روحٌ ضمَّه بدنك، ولنعم البدن بدنٌ ضمَّه كفنك، وكيف لا يكون كذلك وأنت بقيَّة ولد الأنبياء، وسليل الهدى، وخامس أصحاب الكساء، غذتك أكفُّ الحقِّ،

١٧١

ورُبِّيت في حجر الإسلام، فطبت حيّاً وطبت ميّتاً، وإن كانت أنفسنا غير طيّبة بفراقك ولا شاكّة في الخيار لك. ألعقد الفريد ٢ ص ٨.

١٠ - وقف عليُّ بن أبي طالب « أمير المؤمنين » على قبر خباب فقال: رحم الله خباباً لقد أسلم راغباً، وجاهد طائعاً، وعاش مجاهداً، وابتلي في جسمه أحوالاً، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا. ألعقد الفريد ٢ ص ٧.

١١ - قامت عايشة على قبر أبيها أبي بكر الصّديق فقالت: نضر الله وجهك، و شكر صالح سعيك، فقد كنت للدنيا مذلاّ بإدبارك عنها، وللآخرة معزّاً بإقبالك عليها، ولئن كان رزؤك أعظم المصائب بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكبر الأحداث بعده فإنَّ كتاب الله تعالى قد وعدنا بالثواب على الصبر في المصيبة، وأنا تابعة له في الصبر فأقول إنّا لِلَّه وإنّا إليه راجعون، ومستعيضة بأكثر الإستغفار لك، فسلام الله عليك توديع غير قالية لحياتك، ولا رازئة على القضاء فيك. ألمستطرف ٢ ص ٣٣٨.

١٢ - كان الحسن البصري إذا دخل المقبرة قال: أللهمّ ربَّ هذه الأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، ادخل عليها روحاً منك وسلاماً منّا. ألعقد الفريد ٢ ص ٦.

١٣ - قام إبن السمّاك على قبر أبي سليمان داود بن نصير الطائي المتوفّى ١٦٥ فقال: يا داود! كنت تسهر ليلك إذ الناس نائمون، وكنت تسلم إذ الناس يخوضون وكنت تربح إذ الناس يخسرون، حتّى عدَّ فضائله كلّها. صف ٣ ص ٨٢.

هناك ألفاظٌ كثيرةٌ في زيارة القبور لدة ما ذكر نقلت عن الأئمَّة وأعلام المذاهب الأربعة تُنبأنا عن أنَّ الزائر في وسعه أن يزور الميِّت ويدعو له بأيِّ لفظٍ شاء وأراد، وله سرد ما يروقه من مناقبه وفضائله، وذكر ما يوجِّه إليه عطف المولى سبحانه ويستوجب له رحمته، والألفاظ المذكورة في زيارة النبيِّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزيارة الشيخين تثبت ما نرتأيه.

كلمات حول زيارة القبور

لأعلام العامَّة فيها فوائد جمَّة

١ - قال إبن الحاجّ أبو عبد الله العبدري المالكي المتوفّى ٧٣٧ في « المدخل »

١٧٢

١ ص ٢٥٤: وصفة السَّلام على الأموات أن يقول: ألسَّلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات رحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. ثمَّ يقول. أللهمّ اغفر لنا ولهم وما زدت أو نقصت فواسعٌ والمقصود الإجتهاد لهم في الدعاء فإنَّهم أحوج الناس لذلك لإنقطاع أعمالهم، ثمَّ يجلس في قبلة الميّت ويستقبله بوجهه، وهو مخيّر في أن يجلس في ناحية رجليه إلى رأسه أو قبال وجهه ثمَّ يثني على الله تعالى بما حضره من الثناء ثم يُصلّي على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألصَّلاة المشروعة، ثمَّ يدعو للميِّت بما أمكنه، وكذلك يدعو عند هذه القبور عند نازلة نزلت به أو بالمسلمين، ويتضرَّع إلى الله تعالى في زوالها وكشفها عنه وعنهم.

وهذه صفة زيارة القبور عموماً، فإنْ كان الميِّت المزار ممَّن تُرجى بركته فيتوسَّل إلى الله تعالى به، وكذلك يتوسَّل الزائر بمن يراه الميِّت ممَّن تُرجى بركته إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل يبدأ بالتوسّل إلى الله تعالى بالنبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ هو العمدة في التوسّل والأصل في هذا كلّه والمشرِّع له فيتوسَّل بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبمن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه: « أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعبّاس فقال: أللهمّ كنَّا نتوسَّل إليك بنبيِّكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتسقينا، وإنّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبيِّك فاسقنا. فيسقون »

ثمَّ يتوسَّل بأهل تلك المقابر أعني بالصّالحين منهم في قضاء حوائجه ومغفرة ذنوبه، ثمَّ يدعو لنفسه ولوالديه ولمشايخه ولأقاربه ولأهل تلك المقابر ولأموات المسلمين ولأحيائهم وذرِّيَّتهم إلى يوم الدين، ولمن غاب عنه من إخوانه، ويجأر إلى الله تعالى بالدعاء عندهم، ويكثر التوسّل بهم إلى الله تعالى لأنّه سبحانه وتعالى اجتباهم وشرَّفهم وكرَّمهم فكما نفع بهم في الدنيا ففي الآخرة أكثر.

فمن أراد حاجة فليذهب إليهم ويتوسّل بهم فإنَّهم الواسطة بين الله تعالى وخلقه وقد تقّرر في الشَّرع وعلم ما لِلَّه تعالى بهم من الإعتناء وذلك كثيرٌ مشهورٌ، وما زال الناس من العلماء والأكابر كابراً عن كابر مشرقاً ومغرباً يتبرَّكون بزيارة قبورهم ويجدون بركة ذلك حسّاً ومعنىً، وقد ذكر الشيخ الإمام أبو عبد الله بن نعمان رحمه الله في كتابه

١٧٣

المسمّى بسفينة النجاء لأهل الإلتجاء في كرامات الشيخ أبي النجاء في أثناء كلامه على ذلك ما هذا لفظه:

تحقَّق لذوي البصائر والإعتبار أنَّ زيارة قبور الصّالحين محبوبةٌ لأجل التبرُّك مع الإعتبار، فإنَّ بركة الصّالحين جاريةٌ بعد مماتهم كما كانت في حياتهم، والدعاء عند قبور الصّالحين والتشفّع بهم معمولٌ به عند علمائنا المحقِّقين من أئمَّة الدين.

ولا يعترض على ما ذكر من أنَّ مَن كانت له حاجةٌ فليذهب إليهم وليتوسّل بهم بقوله عليه الصَّلاة والسَّلام: « لا تُشدَّ الرِّحال إلّا لثلاثة مساجد: ألمسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى » وقد قال الإمام الجليل أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في كتاب آداب السفر من كتاب الإحياء له ما هذا نصّه: ألقسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة إما لجهاد أو حجّ. إلى أن قال: ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء و قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء، وكلِّ من يتبرَّك بمشاهدته في حياته يتبرَّك بزيارته بعد وفاته، ويجوز شدُّ الرِّحال لهذا الغرض ولا يمنع من هذا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تُشدُّ الرِّحال إلّا لثلاث مساجد: ألمسجد الحرام، ومسجدي، والمسجد الأقصى » لأنَّ ذلك في المساجد لأنّها متماثلةٌ بعد هذه المساجد، وإلَّا فلا فرق بين زيارة الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل وإن كان يتفاوت في الدَّرجات تفاوتاً عظيماً بحسب اختلاف درجاتهم عند الله عزَّ وجلَّ والله تعالى أعلم.

٢ - قال عزُّ الدين الشيخ يوسف الأردبيلي الشافعي المتوفّى ٧٧٦ في « الأنوار لأعمال الأبرار » في الفقه الشافعي ج ١ ص ١٢٤: ويستحبّ للرِّجال زيارة القبور وتكره للنّساء والسنَّة أن يقول: سلامٌ عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله عن قريب بكم لاحقون، أللهمّ لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم، وأن يدنو من القبر كما كان يدنو من صاحبه حيّاً، وأن يقف متوجِّهاً إلى القبر، وأن يقرأ ويدعو فإنَّ الميِّت كالحاضر يُرجى له الرَّحمة والبركة، والدُّعاء عقيب القراءة أقرب إلى الإجابة.

٣ - قال الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم المصري الحنفي المتوفّى ٩٦٩ / ٧٠ في البحر الرائق شرح كنز الدقائق - للإمام النسفي - ج ٢ ص ١٩٥: قال في البدايع:

١٧٤

ولا بأس بزيارة القبور والدُّعاء للأموات إن كانوا مؤمنين، من غير وطئ القبور، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ولعمل الاُمَّة من لدن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يومنا هذا.

وصرَّح في « المجتني » بأنّها مندوبة، وقيل: تحرم على النِّساء، والأصحُّ: أنَّ الرخصة ثابتةٌ لهما، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلّم السَّلام على الموتى: ألسَّلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. ذكره إلى آخره ثمَّ ذكر قراءة القرآن عند القبور وشيئاً من أدب الزيارة.

٤ - أجاب إبن حجر المكّي الهيثمي المتوفّى ٩٧٣ في الفتاوى الكبرى الفقهيَّة ج ٢ ص ٢٤ لَمّا سُئل رضي الله عنه عن زيارة قبور الأولياء في زمن معيّن مع الرِّحلة إليها هل يجوز مع أنَّه يجتمع عند تلك القبور مفاسدٌ كثيرةٌ كاختلاط النساء بالرِّجال وإسراج السّرج الكثيرة وغير ذلك؟ بقوله: زيارة قبور الأولياء قربةٌ مستحبَّة وكذا الرِّحلة إليها، وقول الشيخ أبي محمّد: لا تستحبُّ الرِّحلة إلّا لزيارتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ردّه الغزالي بأنّه قاس ذلك على منع الرِّحلة لغير المساجد الثلاثة مع وضوح الفرق، فإنَّ ما عدا تلك المساجد الثلاثة مستويةٌ في الفضل فلا فائدة في الرِّحلة إليها. وأمّا الأولياء فإنّهم متفاوتون في القرب من الله تعالى ونفع الزائرين بحسب معارفهم وأسرارهم، فكان للرِّحلة إليهم فائدةٌ أيّ فائدة، فمن ثمَّ سنّت الرِّحلة إليهم للرِّجال فقط بقصد ذلك وانعقد نذرها كما بسطت الكلام على ذلك في « شرح العباب » بما لا مزيد على حسنه وتحريره، وما أشار إليه السائل من تلك البدع أو المحرّمات، فالقربات لا تُترك لمثل ذلك بل على الإنسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكنه، وقد ذكر الفقهاء في الطواف المندوب فضلاً عن الواجب انَّه يُفعل ولو مع وجود النساء وكذا الرَّمي، لكن أمروه بالبعد عنهنَّ وكذا الزيارة يفعلها لكن يبعد عنهنَّ وينهي عمّا يراه محرَّماً بل ويُزيله إن قدر كما مرَّ، هذا إن لم تتيَّسر له الزيارة إلّا مع وجود تلك المفاسد، فإن تيسِّرت مع عدم المفاسد، فتارةً يقدر على إزالة كلّها أو بعضها فيتأكّد له الزِّيارة مع وجود تلك المفاسد ليزيل منها ما قدر عليه، وتارةً لا يقدر على إزالة شئ منها فالأولى له الزيارة في غير زمن تلك المفاسد، بل لو قيل: يمنع منها حينئذ لم يبعد. ومن أطلق المنع من الزِّيارة خوف ذلك الإختلاط

١٧٥

يلزمه إطلاق منع نحو الطواف والرَّمي، بل والوقوف بعرفة أو مزدلفة والرَّمي إذا خشي ألإختلاط أو نحوه، فلمّا لم يمنع الأئمّة شيئاً من ذلك مع انَّ فيه اختلاطاً أيّ اختلاط، وإنّما منعوا نفس الإختلاط لا غير فكذلك هنا. ولا تغترُّ بخلاف من أنكر الزِّيارة خشية الإختلاط فإنّه يتعين حمل كلامه على ما فصَّلناه وقرَّرناه وإلّا لم يكن له وجهٌ، وزعم أنَّ زيارة الأولياء بدعةٌ لم تكن في زمن السلف ممنوعٌ، وبتقدير تسليمه فليس كلُّ بدعةٍ يُنهى عنها، بل قد تكون البدعة واجبةً فضلاً عن كونها مندوبة كما صرَّحوا به.

٥ - قال الشيخ محمّد الخطيب الشربيني المتوفّى ٩٧٧ في « المغني » ١ ص ٣٥٧: يسنُّ الوضوء لزيارة القبور كما قاله القاضي حسين في شرح الفروع. ويسلّم الزائر للقبور من المسلمين مستقبلاً وجهه، ويقرأ عنده من القرآن ما تيسَّر، ويدعو له عقب القراءة رجاء الإجابة لأنَّ الدعاء ينفع الميِّت وهو عقب القراءة أقرب إلى الإجابة، وعند الدعاء يستقبل القبلة، وإن قال الخراسانيّون باستحباب استقبال وجه الميِّت، قال المصنِّف: ويستحبُّ الإكثار من الزِّيارة وأن يكثر الوقوف عند قبور أهل الخير والفضل. إنتهى ملخَّصاً.

٦ - قال الملّا علي الهروي القاري الحنفي المتوفّى ١٠١٤ في « المرقاة شرح المشكاة » ٢ ص ٤٠٤ في زيارة القبور: ألأمر فيها للرُّخصة أو الإستحباب وعليه الجمهور: بل ادَّعى بعضهم الإجماع، بل حكى إبن عبد البرّ عن بعضهم وجوبها.

٧ - قال الشيخ أبو البركات حسن بن عمّار بن علي المكنّى بابن الإخلاص الوفائي الشرنبلالي الحنفي المتوفّى ١٠٦٩ في حاشية(١) غرر الأحكام المطبوعة بهامش درر الأحكام ج ١ ص ١٦٨: زيارة القبور مندوبةٌ للرِّجال، وقيل: تحرم على النساء والأصحّ: انَّ الرُّخصة ثابتةٌ لهما، ويستحبّ قراءة يس~ لما ورد: من دخل المقابر فقرأ سورة يس~ خفّف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد ما فيها حسنات.

وقال في « مراقي الفلاح » : فصلٌ في زيارة القبور. ندب زيارتها من غير أن يطأ القبور للرِّجال والنساء. وقيل: تحرم على النساء. والأصحّ انَّ الرُّخصة ثابتةٌ للرِّجال والنساء، فتندب لهنَّ ايضاً على الأصحّ، والسنّة زيارتها قائماً والدُّعاء عندها

____________________

١ - تسمى غنية ذوى الاحكام في بغية الاحكام.

١٧٦

قائماً، كما كان يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخروج إلى البقيع ويقول: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لي ولكم العافية.

ويستحبّ للزائر قراءة سورة يس~ لما ورد عن أنس رضي الله عنه إنّه قال: قال رسول الله: من دخل المقابر فقرأ سورة يس~ [ يعني وأهدى ثوابها للأموات ] خفَّف الله عنهم يومئذ العذاب، ورفعه. وكذا يوم الجمعة يرفع فيه العذاب عن أهل البرزخ، ثمَّ لا يعود على المسلمين وكان له [ أي للقارئ ] بعدد ما فيها [ رواية الزيلعي: مَن فيها من الأموات ] حسنات. وعن أنس: انَّه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله! إنّا نتصدَّق عن موتانا ونحجُّ عنهم وندعوا لهم، فهل يصل ذلك إليهم. فقال: نعم ليصل ذلك إليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا اُهدي إليه. رواه أبو حفص السكيري إلى أن قال: وعن عليّ رضي الله عنه: انَّ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من مرَّ على المقابر فقرأ قل هو الله احد إحدى عشر مرَّة ثمَّ وهب أجرها للأموات اُعطي من الأجر بعدد الأموات. رواه الدارقطني. وأخرج إبن أبي شيبة عن الحسن انَّه قال: من دخل المقابر فقال: أللهمَّ ربَّ هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنةٌ ادخل بها روحاً من عندك وسلاماً منّي. إستغفر له كلُّ مؤمن مات منذ خلق الله آدم. وأخرج إبن أبي الدنيا بلفظ: كتب له بعدد من مات من ولد آدم إلى أن تقوم السّاعة حسنات.

٨ - قال الشّيخ محمَّد أمين الشهير بابن عابدين المتوفّى ١٢٥٣ في « ردّ المحتار على الدُّر المختار » في الفقه الحنفي ج ١ ص ٦٣٠ بعد بيان استحباب زيارة القبور: وتُزار في كلِّ اسبوع كما في « مختارات النوازل » قال في شرح « لباب المناسك » : إلّا أنَّ الأفضل يوم الجمعة والسبت والإثنين والخميس. فقد قال محمَّد بن واسع: ألموتى يعلمون بزوّارهم يوم الجمعة ويوماً قبله ويوماً بعده، فتحصّل أنَّ يوم الجمعة أفضل. ا ه‍. وفيه: يستحبّ أن يزور شهداء جبل اُحد، لما روى إبن أبي شيبة: أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأتي قبور الشهداء باُحد على رأس كلِّ حول، فيقول: ألسَّلام عليكم بما صَبَرتم فنعمَ عُقبى الدّار. والأفضل أن يكون ذلك يوم الخميس متطهّراً مبكراً لئلّا تفوته الظهر بالمسجد النبويِّ.

ا ه-. قلت: استفيد منه ندب الزيارة وإن بعد محلّها، وهل تندب الرِّحلة لها كما اُعتيد

١٧٧

من الرِّحلة إلى زيارة خليل الرَّحمن وأهله وأولاده وزيارة السيّد البدوي وغيره من الاكابر الكرام؟! لم أرَ من صرَّح به من أئمتَّنا، ومنع منه بعض الشافعيَّة إلَّا لزيارتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قياساً على منع الرِّحلة لغير المساجد الثلاث، ورَّده الغزالي بوضوح الفرق. ثمَّ ذكر محصَّل قول الغزالي فقال: قال إبن حجر في فتاواه ولا تُترك لما يحصل عندها من منكرات ومفاسد كاختلاط الرِّجال بالنساء وغير ذلك، لأنَّ القربات لا تُترك لمثل ذلك بل على الانسان فعلها وإنكار البدع بل وإزالتها إن أمكن. قلت ويؤيّده ما مرَّ من عدم ترك اتّباع الجنازة وإن كان معها نساء ونائحات. إلى أن قال:

قال في الفتح: والسنَّة زيارتها قائماً والدعاء عندها قائماً كما كان يفعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخروج إلى البقيع، ويقول: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. وفي شرح « اللباب » للملّا علي القاري: ثمَّ من آداب الزيارة ما قالوا من انَّه يأتي الزائر من قبَل رجلي المتوفّى لا من قبَل رأسه لأنَّه أتعب لبصر الميّت بخلاف الأوَّل لأنَّه يكون مقابل بصره، لكن هذا إذا أمكنه، وإلّا فقد ثبت انَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قرأ أوَّل سورة البقرة عند رأس ميّت وآخرها عند رجليه.

٩ - قال الشيخ إبراهيم الباجوري المتوفّى ١٢٧٧ في حاشيته على شرح إبن الغزِّي ١ ص ٢٧٧: تندب زيارة القبور للرِّجال لتذكر الآخرة، وتكره من النساء لجزعهنّ وقلّة صبرهنَّ، ومحلُّ الكراهة فقط إن لم يشتمل اجتماعهنَّ على محرَّم وإلّا حرم، ويُستثنى من ذلك قبر نبيِّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتندب لهنَّ زيارته، وينبغي كما قال إبن الرفعة: إنَّ قبور الأنبياء والأولياء كذلك، ويندب أن يقول الزائر: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، أللهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. وأن يقرأ ما تيسَّر من القرآن كسورة يس~ و يدعو لهم ويهدي ثواب ذلك لهم، وأن يتصدَّق عليهم وينفعهم ذلك فيصل ثوابه لهم، و يسنُّ أن يقرب من المزور كقربه منه حيّاً. وأن يسلّم عليه من قِبَل رأسه ويكره تقبيل القبر. إلى آخر ما مرّ ص ١٥٤.

١٠ - قال الشيخ عبد الباسط بن الشيخ على الفاخوري المفتي ببيروت في كتابه [ ألكفاية لذوي العناية ] ص ٨٠: يسنّ زيارة القبور للرِّجال وتكره للنساء إلّا القبر

١٧٨

الشريف وكذا قبور بقيّة الأنبياء والصّالحين. ويسنُّ أن يقول الزائر: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السّابقون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. وأن يقرأ ما تيسَّر من القرآن كسورة يس~. وأن يدعو للميِّت بعد القراءة. وأن يقول: أللهمَّ أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان. وأن يقرب من القبر كقربه منه لو كان حيّاً.

١١ - قال الشيخ عبد المعطي السَّقا في « الإرشادات السنيَّة » ص ١١١: زيارة قبور المسلمين مندوبةٌ للرِّجال لخبر مسلم: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانّها تذكّركم الآخرة: أمّا زيارة النساء فمكروهةٌ إن كانت لقبر غير نبيٍّ وعالمٍ و صالحٍ وقريبٍ، أمّا زيارة القبر النبيِّ ومَن ذُكر معه فمندوبةٌ لهنَّ بدون محرم إن كانت القبور داخل البلد، ومع محرم إن كانت خارجة، ومحلّ ندب زيارتهنَّ أو كراهتها إذا أذن لهنَّ الحليل أو الولّي وأمنت الفتنة ولم يترتَّب على اجتماعهنَّ مفسدةٌ كما هو الغالب، بل المحقَّق في هذا الزمان، وإلّا فلا ريبة في تحريمها.ويستحبّ الإكثار من الزِّيارة لتحصيل الإعتبار والعظة وتذكّر الآخرة، وتتأكّد الزِّيارة عشيَّة يوم الخميس ويوم الجمعة بتمامه وبكرة يوم السبت.

وينبغي للزائر أن يقصد بزيارته وجه الله وإصلاح فساد قلبه، وأن يكون على طهارةٍ رجاء قبول دعائه لنفسه وللميِّت، وأن يسلّم على مَن بالمقبرة بقوله: ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين « وذكر إلى آخره » ثمَّ إذا وصل إلى قبر ميِّته قرب منه ووقف مستقبلاً وجهه خاشعاً قائلاً: ألسَّلام عليك.ثمَّ يقرأ عنده ما تيسَّر من القرآن كسورة الفاتحة وسورة يس~ وسورة تبارك وسورة الإخلاص والمعوَّذتين.والأفضل أن يكون وقت القراءة جالسا مستقبل القبلة قاصداً نفع الميِّت بما يتلوه، وأن يُكثر من التصدُّق، وأن يرشَّ القبر بالماء الطاهر، وأن يضع عليه جريداً أخضر ونحوه كالريحان والبرسيم وتتأكّد زيارة الأقارب والدعاء لهم سيّما الوالدين، فقد ورد في الحثِّ على زيارتهما والدعاء لهما أخبارٌ كثيرةٌ صحيحةٌ.

١٢ - قال منصور على ناصف في « التاج الجامع للاُصول في أحاديث الرَّسول » ج ١ ص ٤١٨: ألأمر « في زيارة القبور » للندب عند الجمهور وللوجوب عند إبن حزم ولو مرَّة واحدة في العمر.وقال في ص ٤١٩: زيارة النساء للقبور جائزةٌ بشرط الصبر

١٧٩

وعدم الجزع وعدم التبرُّج، وأن يكون معها زوجٌ أو محرمٌ منعاً للفتنة لعموم الحديث [ الأوّل ] ولقول عايشة: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ إلخ. ولزيارة عايشة لقبر أخيها عبد الرَّحمن فلمّا اعترضها عبد الله قالت: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن زيارة القبور ثمَّ أمر بزيارتها. رواه أحمد وإبن ماجة.

١٣ - قال فقهاء المذاهب الأربعة مؤلِّفوا كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٤٢٤: زيارة القبور مندوبةٌ للإتِّعاظ وتذكّر الآخرة، وتتأكّد يوم الجمعة و يوماً قبلها ويوماً بعدها(١) وينبغي للزائر الإشتغال بالدعاء والتضرّع والإعتبار بالموتى وقراءة القرآن للميِّت فإنَّ ذلك ينفع الميِّت على الأصحِّ، وممّا ورد أن يقول الزائر عند رؤية القبور:

أللهمَّ ربَّ الأرواح الباقية، والأجسام البالية، والشعور المتمزّقة، والجلود المنقطعة، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أنزل عليها روْحاً منك وسلاماً منّي.

وممّا ورد ايضاً أن يقول. ألسَّلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. ولا فرق في الزِّيارة بين كون المقابر قريبة أو بعيدة، بل يندب السفر لزيارة الموتى خصوصاً مقابر الصّالحين: أمّا زيارة قبر النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهي من أعظم القرب. و كما تندب زيارة القبور للرِّجال تندب ايضاً للنساء العجائز اللّاتي لا يخشى منهن الفتنة إن لم تؤدِّ زيارتهنَّ إلى الندب أو النياحة وإلّا كانت محرَّمة.

ألنذور لاهل القبور

إنّ لابن تيميَّة ومن لفَّ لفَّه في المسئلة هثهثةٌ، أتوا فيها بالمهاجر، ورموا مخالفيهم من فرق المسلمين بمهجرات، وقد مرَّ عن القصيمي ص ٩٠ انَّها من شعائر الشيعة الناشئة عن غلوِّهم في أئمتهم وتأليههم لعليٍّ وولده. إن هذا إلّا اختلاق و ليس إلّا الهثّ والهتر، وما شذَّت الشيعة في المسألة عمّا أصفقت عليه الاُمَّة الإسلاميِّة

____________________

١ - الحنابلة قالوا: لا تتأكد الزيارة في يوم دون يوم، والشافعية قالوا: تتأكد من عصر يوم الخميس إلى طلوع شمس يوم السبت، وهذا قول راجح عند المالكية. كذا في هامش الفقه على المذاهب الأربعة.

١٨٠