• البداية
  • السابق
  • 57 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18395 / تحميل: 7758
الحجم الحجم الحجم
تذييل سلافة العصر

تذييل سلافة العصر

مؤلف:
العربية

تذييل

سلافة العصر

للسيد عبدالله الجزائري

تحقيق: السيد هادي باليل الموسوي

المكتبة الادبية المختصة

( ٦ )

١

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

المقدمة

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة على محمّد وآله الطاهرين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يضمّ التراث الأدبي الشيعي كنوزاً وافرةً ثريّة أفرغ فيها حَمَلة العلم والأدب - بصدقٍ ودأب - كل جهودهم الكبيرة التي ما برحت تمتاح من ريّها الأجيال ممّا حفظ لنا - حتى يومنا هذا - كثيراً من الآثار الهامة الذائعة، وتعدُّ سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر للسيد علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني المدني واحدةً من الانجازات الكبيرة في مجال حفظ التراث الشعري الأدبي، معتبَرةً - بحقٍ - جهداً هاماً مستوعباً محيطاً بشكلٍ معجبٍ بكل ما وصلت إليه يراعة المؤلّف المشهور بعلمه وفضله وإحاطته الواسعة، سالكاً فيه مسلك مَن سبقه من كبار مؤرّخي الأدب، مضيفاً ما نتج من فكره الخصب واُسلوبه الفخم وصياغته الآسرة التي ترقى به إلى مصاف كتّاب عصور الأدب الاُولى رغم انّه عاش في النصف الثاني ثم في الربع الأوّل من القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، ولا حاجة أن نشير إلى أنّ المؤلّف الجليل قد أحيى في غمار تراجمه ذكر شعراء كثيرين من الشيعة خاصة، كاد ان يأتي

٥

عليهم النسيان، ممّا جعل كتابه موسوعةً يُرجع إليها ويُعتمد عليها وهو العالم الفاضل والثقة الجدير...

ولقد ترك كتاب سلافة العصر وهجاً ساطعاً ممتداً في القرون اللاحقة فأوحى لغير واحدٍ من رجال الفضيلة ان يستدركوا عليه ما فات مؤلِّفه الفاضل - وهو النزر القليل - ، من تراجم وأحوالٍ لأدباء عصره... وكان ممّن ذيَّل على أصله العلاّمة الجليل السيد عبد الله ابن السيد نور الدين علي ابن السيد نعمة الله الجزائري ذاكراً بعض أعلام الأدباء في مستدركٍ صغيرٍ سرعان ما ندرَ وجوده وصعبَ الحصول عليه حتى عدَّه بعضٌ من الآثار المفقودة ثم قيّض الله له من بعثه مَن رقدته أكثر من مرّةٍ في محاولات لم تستوف، مثيل جهد المحقّق الكاتب الأديب الفاضل السيد هادي باليل الموسوي الذي عثر على تتمّة هامّة للتذييل تسقّطها من مصدرٍ مخطوطٍ فرتّبها وحقّقها وقدّم لها وعلّق عليها بصورتها الماثلة هنا، والمكتبة الأدبية المختصّة التابعة لمكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الاعلى السيد السيستاني - دام ظلّه - إذ تفتح بطبع مثل هذا التذييل المغمور، باب جهودها القابلة لإحياء ما يقع في يديها من آثارٍ وكنوزٍ أدبيةٍ شيعيةٍ تسأل الباري عزّ وجل أن يوفّقها في مسيرتها ويجعل ذلك خالصاً لوجهه الكريم.

المكتبة الأدبية المختصة

محرّم الحرام ١٤٢٠ هـ

٦

ترجمة المؤلف(١) :

هو العلاّمة الجليل المحدّث الفاضل النبيل، الرجالي المحقّق، والفقيه الاُصولي المدقّق، السيد عبد الله ابن السيد نور الدين علي ابن السيد نعمة الله الحسيني الموسوي الجزائري التستري.

وُلد في مدينة تستر في السابع من شعبان سنة ١١١٢ هـ ، وهي سنة وفاة جدّه المحدّث الجزائري الشهير. وكان جدّه المذكور

____________

(١) له ترجمة في كتابه الإجازة الكبيرة (المقدّمة): ٢٢، وفي كتابه تذكرة شوشتر: ٦٠، وفي تحفة العالم:٦٩، وأعيان الشيعة ٣٩|٤١، وطبقات الأعلام للطهراني (القرن الثاني عشر): ٤٥٦، ومصفى المقال في مصنفي علم الرجال: ٢٤٦، وريحانة الأدب ٢|٢٥٤، وسفية البحار ٢|١٣٨، والفوائد الرضوية: ٢٥٦، والكنى والألقاب ٢|٣٣٢، ومعارف الرجال ٢|٨، وروضات الجنات ٤|٢٥٧.

٧

قد تفرّس في هذا المولود المبارك مستقبلاً زاهراً فأهداه بعض كتبه، فكان كما تفرّس فقد تعلّم القراءة والكتابة في سنّ مبكرة (السادسة من عمره)، وبدأ بقراءة المقدّمات كالصرف والنحو والمعاني والبيان على والده فأتمّها بسنتين، ثم انصرف إلى دراسة المعقول والمنقول. وما ان بلغ السادسة عشرة من العمر حتى أصبح متفنّناً في العلوم والمعارف الإسلامية، وكان جلّ اشتغاله قبل ذهابه إلى إصفهان على علماء تستر والحويزة والدورق كما صرّح بذلك في إجازته الكبيرة، منها قوله في ترجمة الشيخ شمس الدين بن صفر البصري: رأيته في الدورق وقرأت عليه أكثر (شرح المطالع) هناك. وقال في ترجمة الشيخ عبد الحسين القاري الحويزي: رأيته في الحويزة كثيراً واستفدت منه. وفي ترجمة الشيخ عبد الله بن ناصر الحويزي الهميلي قال: اجتمعت به في الدورق وكان مدرّساً في مدرستها ثم في الحويزة ثم في تستر واستفدتُ منه.

وأقام في اصفهان مدّة اشتغل فيها على علمائها ثم رحل إلى شيراز في طلب العلم ومنها إلى خراسان حيث زار مرقد الإمام الرضاعليه‌السلام واجتمع بأعلام تلك البلاد، ثمّ رحل إلى آذربيجان والبلاد العثمانية، وكان اهتمامه في هذه الرحلات بتحصيل العلوم وكسب المعارف المتداولة آنذاك أينما حلّ، لأنّه كان حريصاً على ذلك منهمكاً في طلبها من الخاصّة والعامّة، وحتَّى من غير المسلمين.

وكانت له مساهمات في تطوّر الاُمور السياسية في البلاد، ومنها حضوره مؤتمر دشت مغان مع جملةٍ من كبار العلماء لتتويج

٨

الملك الأفشاري نادرشاه الذي أطاح بالحكومة الصفوية وتربّع على عرشها سنة ١١٤٨ هـ ، فأنشأ السيّد المترجَم له خطبةً بليغة بهذه المناسبة، وكان له اتصالات وثيقة وعلاقات طيبة بحكام المنطقة، أعني تستر والحويزة والدورق كما ذكر ذلك في كتابه (تذكرة شوشتر: ١٦٥) وكانوا يجلّونه ويحترمونه. وفي سنة ١١٦٧ هـ ظهرت فتن واضطرابات في البلاد كدّرت خاطره فخرج متوجّهاً نحو العتبات المقدّسة في العراق، وكان طريقه على الدورق فحلّ ضيفاً على زعيمي كعب الشيخين سلمان وعثمان ابني سلطان بن ناصر الكعبي، وقد أشاد بحسن سياستهما وتدبيرهما للاُمور في البلاد. وكان قدس سره قد زار العتبات المقدّسة غير مرّة، منها في سنة ١١٥٣ هـ وحجّ بيت الله الحرام. واسندت إليه جميع المناصب الدينية في بلده تستر بعد وفاة والده سنة١١٥٨ هـ .

إطراء العلماء بالمدح والثناء عليه: أشاد بفضيلته كلّ مَن ذكره من العلماء وأثنوا عليه ثناءً بالغاً منهم الشيخ محمّد حرز الدّين، فقد وصفه بقوله(١) :

عالم، فاضل، فقيه، محقّق في علم الرجال والرّواة، وكان شاعراً لامعاً وكاتباً أديباً، وعدّ من مؤلفاته: الذخيرة الباقية، والذخيرة الأَحمدية، وشرح مفاتيح الأحكام، وشرحاً على النخبة للفاضل الفيض، وأجوبة المسائل النهاوندية، وله ذيل على سلافة

____________

(١) معارف الرجال ٢|٨.

٩

العصر، وله التذكرة أخذنا منها في كتابنا (النوادر) ما يتعلّق بأحوال جدّه السيد نعمة الله، وبعض أحوال السادة المرعشيين، ونسب المشعشعيين وبعض أحوالهم، والتحفة السنيّة في شرح النخبة المحسنيّة، توفي سنة١١٧٣ هـ والجدير بالإشارة هنا ما ذكره الشيخ حرز الدين من تاريخ ولادة المترجَم له، فانّه ذكره في (١٧ شعبان سنة ١١١٤ هـ )، كما جاء في مصفّى المقال أيضاً أنّه ولد سنة ١١١٤ هـ وفي طبقات الأعلام أرّخه بسنة ١١٠٤ هـ ، ولعلّه خطأ في الطبع أو الاستنساخ، والصحيح ما مرّ في صدر المقدّمة والعمدة فيه على ما حقّقه السيد محمّد الجزائري في كتابه (الشجرة المباركة).

وقال السيد محمّد باقر الموسوي الخوانساري في الرّوضات(١) :

كان من علماء زمان الفترة وطغيان الفتنة، بعد اختلال الدولة الصفوية في مملكة ايران المحمية، ماهراً في علم الحديث والفقه وفنون الأدب العربية، وقد ذكر في إجازته (الإجازة الكبيرة) تفصيل أحواله وأحوال والده، وأشار فيها إلى أحوال جملة من مشايخه المعظمين وأفاضل عصره المكرمين مثل المرحوم السيد صدر الدين الرضوي القمّي، والسيد نصر الله الحائري، والمولى أبي الحسن العاملي، وكثير من فضلاء سلسلة المجلسي، وكان وضعها تكملة لكتاب (أمل الآمل) وتداركاً لما فاته من أحوال علمائنا

____________

(١) روضات الجنّات ٤|٢٥٧.

١٠

اللاّحقين له إلى زمانه رحمه الله وله أشعار رائقة وأفكار فائقة وكتب متينة وخزائن ثمينة، ثُمَّ عدّ مؤلفاته.

وقال المحدّث النيسابوري في كتابه (منية المرتاد) الذي صنّفه في تفصيل نفاة الاجتهاد، ومنهم السيد السند العارف السيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله الجزائري التستري قدّس الله أرواحهم الزكية، وهو كجدّه وأَبيه من أجلّة مشايخ المحدّثين... الخ.

نسبه القصير: ذكر السيد المترجَم له نسب جدّه السيد نعمة الله الجزائري في كتابيه (الإجازة) و(التذكرة) قائلاً: رأيتُ صورة نسبه بخطّه في موضعين هكذا: نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن حسين بن أحمد بن محمود بن غياث الدين بن مجد الدين بن نور الدين بن سعد الدين بن عيسى بن موسى بن عبد الله بن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام . واستدرك على هذا النسب بعض النسّابين فقال:

إنّ الفترة الزمنية بين وفاة الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام ووفاة السيد الجزائري تسعمائة وخمسون سنة تقريباً، أي أكثر من تسعة قرون، وقد جرت العادة عند النسّابين أن يعدّوا لكل قرن ثلاثة أجيال، وعليه فإنّ تلك الفترة تحتاج إلى ما يقارب خمساً وعشرين واسطة، وخلص النسّابة المذكور إلى أنّ الصحيح في نسب السّيد الجزائري كما يلي:

السيد نعمة الله ابن السيد عبد الله ابن محمّد ابن الحسين الملقّب بشمس الدين بن محمود بن غيّاث بن أحمد بن علي بن

١١

محمّد بن أحمد بن الرضا بن ابراهيم بن هبة الله بن الطيب بن أحمد بن محمّد بن القاسم بن أبي الفخار محمّد بن علي بن معمّر الضرير بن عبد الله بن أبي عبد الله جعفر الأسود الملقّب بـ ( زنقاح ) بن محمّد المعروف بالنصيبيني بن موسى بن عبد الله العولكاني ابن الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام (١) .

أمّا في ما يخصّ كتابه هذا (تذييل سلافة العصر) فقد ذكره المؤلّف (السيد الجزائري) في إجازته الكبيرة في عداد مؤلّفاته فقال:

(وجزء في تذييل سلافة العصر) للسيد علي خان(٢) ابن ميرزا

____________

(١) بغية الطالب في نسب السادة الغوالب: ١٤٢ و١٤٣.

(٢) هو السيد الجليل علي بن أحمد بن محمّد معصوم الحسيني المدني المولود بالمدينة المنوّرة سنة١٠٥٢ هـ ، ويتصل نسبه بزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، بـ (ست وعشرين واسطة)، اشتغل بالعلم في المدينة، ثم هاجر إلى حيدر آباد الهند سنة ١٠٦٨ هـ وأقام هناك ثماني وأربعين سنة، اُعطي فيها مناصب عسكرية، فلُقّب بـ (خان)، ثم استعفى وحجّ بيت الله الحرام وزار مشهد الإمام الرضاعليه‌السلام ، وورد اصفهان سنة ١١١٧ هـ ثم حلّ بشيراز مدرّساً إلى ان توفّي بها سنة١١١٨ هـ ، أو سنة ١١٢٠ هـ ودُفن في حرم السيد أحمد شاهچراغ ابن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام .

وفي أيام إقامته بالهند، ألّف كتابه (سلافة العصر) سنة ١٠٨١ هـ وذيّله بعد عودته من الهند، فسمّى التذييل (ملحقات السلافة المشحونة بكلّ أدب وظرافة) من أراد الإطّلاع مفصّلاً على أحواله فليراجع مقدّمة كتابه (الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة). =

١٢

أحمد السيد معصوم من أحفاد السيد غيّاث الدين منصور المشهور بـ (استاذ البشر) صاحب المدرسة المنصورية بشيراز، وهو تأليف بديع جمع فيه أعيان المائة الحادية عشرة، لكن فاته منهم جمع كثير وجمّ غفير في أعيان هذه الأقطار، لأنّه ألّفه أيّام إقامته بالهند فلم يحط بأحوال مَن لم يبلغه هناك صيته، وقد تتبّعت أحوال بعض مَن أطّلعت عليه منهم وذكرته على سياق كلامه، فأعجب الوالد بذلك. (الإجازة الكبيرة: ٥٥ طبعة قم سنة ١٤٠٩ هـ ) وأشار إلى هذا التذييل العلاّمة الطهراني في (الذريعة ٤|٥٤)، والسيد محمّد الجزائري في (شجرة مباركة: ٣٥).

كان هذا التذييل نادر الوجود، صعب الحصول، مغموراً في خبايا المكتبات وبطون المجموعات المنسيّة، حتّى عدّه بعض المتتبعين من اُسرة المؤلّف في جملة الكتب المفقودة، عدا عبارات وجيزة نقلها منه المؤلّف نفسه في كتابه (الإجازة الكبيرة). ولعلّ

____________

= أمّا ما يخصّ كتابه (سلافة العصر) فقد ذكر العلاّمة الطهراني في (الذريعة ١٢|٢١٢) ما يلي: سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر، للسيد علي خان بن أحمد المعروف بـ (ابن معصوم المدني) ذكر فيه جملة من أعيان عصره من العامّة والخاصّة، مرتّب على أقسام خمسة: أوّلها في أهل الحرمين، والثاني في أهل الشام ومصر ونواحيها، والثالث في أهل اليمن، والرابع في أهل العجم والبحرين والعراق، والخامس في أهل المغرب وشرع فيه سنة ١٠٨١ هـ وفرغ منه سنة ١٠٨٢ هـ سلك فيه مسلك الثعالبي في (يتيمة الدهر)، والباخرزي في (دمية القصر). أقول: وهو مطبوع طبعة رديئة كثيرة الأغلاط جدير بأن يحقّق ويطبع طبعة جديدة تليق بشأنه.

١٣

سبب خفائه وعدم ظهوره، اختصاره وصغر حجمه؛ إذ انّه لا يتجاوز عشر ورقات من القطع المتوسط. وقد جرت العادة عند الكتّاب والنّساخ قديماً أن يضمّوا الآثار الوجيزة إلى المجموعات المطوّلة في الاستنساخ فيصبح المجموع الكبير طافحاً بالنفائس المتعدّدة المختصرة لكنّها شبه الضائعة؛ إذ لا يدلّ اسم المجموع (إن كان له اسمٌ) على ما فيه من الآثار بالتفصيل، كما انّهم لم يفهرسوا لمحتوياته لا في البداية ولا النهاية، فكم من أثر جليل (كهذا التذييل) أتعب الأدباء والمحقّقين في سبيل العثور عليه، فلم يسعفهم الحظّ في ذلك، بينما هو في مجموع مُهمل ليس له نظام ولا لفصوله ومحتوياته خاصّ من عام، حتى يقيّض الله له مَن يستخرجه فيكون سبباً لإحيائه.

وهكذا كان هذا التذييل، حتى ظهرت له نسخة بخط الفاضل المتتبّع السيد محمّد علي الرَّوضاتي الاصفهاني ادام الله أيام عزّه، وكان قد استنسخها وضمّها إلى كتاب له شرع في تأليفه سنة ١٣٦٥ هـ عن نسخة بخط ابن المؤلّف السيد بهاء الدين محمّد ابن السيد عبد الله الجزائري، الذي كتبها هو عن خطّ والده سنة ١٢٠٠ للهجرة. وهي تضمّ تراجم ستّة من الاُدباء والعلماء على النحو التالي:

١ - السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي.

٢ - السيد شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي.

٣ - ابنه السيد معتوق بن شهاب الدين الموسوي الحويزي.

٤ - الشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي.

٥ - السيد قوام الدين الحسني السيفي القزويني.

١٤

٦ - والد المؤلّف السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله الجزائري.

ثم ظهرت نسخة اُخرى ضمن مجموع مرقّم بـ ٧٣٣٧ في مكتبة آية الله السيد النجفي المرعشي قدس سره في مدينة قم، وهذا المجموع يحتوي على عدّة رسائل كلّها للمؤلّف بخطّ حفيده السيد نعمة الله ابن السيد محمّد هادي ابن السيد عبد الله الجزائري كتبها سنة ١٢١٣ هـ ، إلاّ انّ هذه النسخة تنقص عن نسخة السيد الروضاتي بسقوط ترجمة الشيخ فتح الله بن علوان الدورقي منها. وأخيراً عثرت على مجموع دورقي يشبه الكشكول في محتوياته، ويبدو أنّه ناقصٌ من أوّله وآخره ووسطه وفي ضمنه ترجمتان لعالمَين أديبين في صفحة واحدة قبلها أوراق ساقطة وهما:

١ - السيد علي بن باليل الموسوي الدورقي.

٢ - ابنه السيد ابراهيم ابن السيد علي بن باليل الدورقي، وهذان العالمان ممّن ذكرهما المؤلّف (السيد الجزائري) في إجازته الكبيرة وأشاد بفضلهما وأدبهما، والعبارات والإنشاء في هاتين الترجمتين على غرار عبارات السيد الجزائري في التذييل، لا سيّما وانّ هناك قرائن تدلّ على أنّ الأوراق الساقطة قبل هاتين الترجمتين هو التذييل نفسه، ومن هنا فانّي ألحقتهما بالتذييل المذكور وصدرتهما بالعبارة التالية: (وفي تذييل على سلافة العصر لبعض الاُدباء ما يلي): وكان اعتمادي في إخراجه بهذه الصورة على النسخ المشار إليها، إذ ليس فيها اختلاف كبير عدا بعض التراجم الساقطة كما سبقت الاشارة، وانّ بعضها يكمّل بعضاً.

١٥

كما انّي جعلت العبارات المنقولة منه في (الاجازة الكبيرة) موضع الترجيح فيما إذا اختلفت النسخ المذكورة، وهذا ما تيسّر لي حسب الجهد والاستطاعة والله وليّ التوفيق.

هادي باليل

قم المقدّسة

١٧ رمضان المبارك ١٤١٩ هـ .

١٦

تذييل سلافة العصر

للسيد عبد الله الجزائري

المتوفّى سنة ١١٧٣ هـ

١٧

١٨

١ - السيد اسماعيل ابن السيد سعد الموسوي الحويزي(١) :

نسب يضاهي البدر وحَسَب ينشرح به الصدر، وزهد وإخبات وورع، وفضل بلباس التقوى ادّرع، ومجد وشرف ومنقبة، وفطنة عن أسرار اللاّهوت منقّبة، وكرم حاتمي وشمم هاشمي، وطباع ما زاحمه فيها أحد ولا شاركه، وأخلاق تشهد أنّه فرع تلك الشجرة المباركة، وجدّ لا يشوبه هزل، وجود ما جاراه جواد إلاّ وزلّ، ذو نفس أبيّة، لا يداهن في الاُمور الحسبيّة، وله في القلوب وقع ومهابة، ما رأى من أحدٍ منكراً إلاّ مزّق اهابه.

____________

(١) ذكره في أمل الآمل (٢|٣٤) فقال: عالم فاضل، شاعر محقّق معاصر. (انتهى): وأغلب الظن انّه من السادة المشعشعيين والأقرب من آل أبي لاوي عمومة السيد شهاب الدين بن معتوق الموسوي الحويزي الذي سيأتي ذكره في الرقم الثاني من التذييل.

١٩

وكان رحمه الله منذ حلّ الشباب تميمته، قد عقد على اقتناء المعارف عزيمته، ففارق سكنه وهجر إلى بلاد العجم وطنه، واشتغل على مَن هناك من الجهابذة الطائر ذكرهم في الآفاق، كالملاّ رجب علي والملاّ شمسا الجيلاني وأمثالهما من حكماء الإشراق، إلى أن نبغ بين الأقران والأتراب، والتقط من فرائد فوائدهم ملء الكمّ والجيب والجراب. ثُمَّ رجع إلى أهله وجيرته محموداً في سريرته وسيرته، وكان في عنفوان أمره وريعان عمره قاصر الطرف على الفلسفة والمنطق، لا يلهج بغيرهما ولا ينطق، ولم يتفرّغ للعلوم السّمعية، إلاّ بعد ان أخلق البُردَ القشيب، وخرج من وراء الشباب إلى ذيول المشيب، فأسف حينئذٍ وندم، على تأخير ما أخّر وتقديم ما قدّم.

وقد بلغني من زهده وكرامته قدّس الله روحه، انّه كان في أوقات مجاورته بالحرمين الشريفين قد قلّ ماله، ورثّ حاله، وكان أحد عظماء العرب قد نذر لله مالاً جزيلاً يصرفه في وجوه القرب، فأتاه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الطيف وقال: ائتِ مسجد الخيف، وابغ رجلاً من أولادنا من حليته كذا وكذا فإذا اصبته بالوصف المذكور، فادفع إليه المال المنذور، فانتبه الرجل قرير العين، متأهّباً لقضاء الدين، وتوصّل إلى الموسم، يتخلّل الناس، ويتطلّعهم في الهيئة واللّباس، حتى وقع نظره عليه، فألقى سرّه وصرته إليه، فأنف السيد عن القبول، وقال دعني من هذا الفضول، لعلّك تجد في هذا الجمّ الغفير، أخصّ بهاتيك الصفات، وأحوج إلى هذا المال منّي بكثير، على أنّ

٢٠

الرؤيا ليست بحاجّة ولا لي إلى مالك حاجة.

تُوفّي طاب ثراه في عشر المائة بعد الألف الهجرية بالحويزة، وقبره هناك معروف يُتبرّك به ويُزار، ويخفّف عن زائريه الأوزار، ولا يحضرني من شعره النفيس إلاّ قطعتان من التخميس وهما قوله:

وِصالُ سكّان نجدٍ مُنتهى غرضي

وحبُّهم والهوى نفلي ومُفتَرضي

إِن كان قربُهُمُ وقفاً على حرضي

يا ممرضي بربى نجدٍ أعد مَرضي

عسى يعودون عُوّداي وزوّاري

وقوله:

خلا الرّبعُ من أهل المودّة والوفا

وقد كان قِدماً للكواعبِ مألفا

أيا جارتي ما بالُهُ ربعُهُ عفا

كأنّ لم يَكُنْ بين الحُجُون إِلى الصَّفا

أنيسٌ ولم يسمرْ بمكّةَ سامرُ(١)

***

____________

(١) البيت لمضّاض بن عمرو الجرهمي يقال أنّه كان أبا زوجة النبي اسماعيل الذبيح بن ابراهيم الخليلعليهما‌السلام وانّ جميع أولاد النبي اسماعيلعليه‌السلام من بنت مضّاض بن عمرو وكان مقيماً في الحجاز تابعاً لليمن.

٢١

٢ - السيد شهاب الدين بن أحمد بن زيد بن عبد المحسن بن علي بن محمّد بن فلاح(١) الموسوي الحويزي:

شهاب الشَّرف الثاقب، ودرّي فلك المناقب، نسب أسنى من شمس الرابعة، وحسب أحيا مراتع الأدب ومرابعه، والمدوّن من شعره يناهز عشرة آلاف بيت، يكاد يحيا به الميت، ويعنو لها الفرزدق والكميْت، فمن محاسنها قوله في مطلع قصيدة يمدح بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أنشدها حياله:

هذا العقيقُ وتلكَ شُمُّ رعانهِ

فامزجْ لُجينَ الدَّمع من عقيانهِ

____________

(١) أخطأ المؤلّف في سلسلة نسب المترجم، والصحيح في نسبه انّه: السيد شهاب الدين (المتوفى سنة ١٠٨٧ هـ ) بن السيد احمد بن السيد ناصر بن السيد معتوق (المعروف بحوزي أيضاً) بن السيد لاوي بن السيد حيدر بن السلطان المحسن (المتوفى سنة ٩٠٥ هـ ) بن السيد محمد مهدي الملقّب بالمشعشع (المتوفى سنة ٨٦٦ هـ ) بن السيد فلاح بن السيد هبة الله بن السيد حسن بن السيد علم الدين علي المرتضى النسّابة (المتوفى سنة ٧١٩ هـ ) بن النقيب السيد عبد الحميد (المتوفى حدود سنة ٦٨٤ هـ ) بن العلاّمة الشهير السيد فخار (المتوفى سنة ٦٣٠ هـ ) صاحب كتاب «الحجّة على الذاهب الى تكفير أبي طالب» بن الشريف أبي جعفر مَعَدّ بن السيد فخار بن السيد احمد بن السيد محمد بن السيد أبي الغنائم محمد بن السيد أبي عبد الله الحسين الشيتي بن السيد محمد الحائري بن السيد ابراهيم المجاب بن السيد محمد العابد دفين شيراز بن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام .

ذَكرتُ نسبه بهذه الصورة في كتابِي «الياقوت الأزرق في اعلام الحويزة والدورق» نقلاً عن عدّة مصادر في التراجم والأنساب.

٢٢

وانزل فثمَّ مـعرّسٌ أبداً ترى

فيـه قلوبَ العشقِ مـن رُكبانه

واشمُمْ عبيـرَ ترابهِ والثمْ حصىً

فـي سفحهِ انتثرتْ عُقودُ جُمانه

واعدِلْ بنا نحَو الُمحصَّبِ من مِنى

واحذر رُماة الغَـنج مـ غزلانه

وتوقَّ فيه الطّعنَ إمّا من قنـا

فرسانـهِ أو من قُدودِ حسانه

أكرِمْ به منْ مربعٍ مِنْ وردهِ الـ

ـوجناتُ والقاماتُ من أَغصانه

مغنى إذا غنّـى حَمامُ أراكـهِ

رقصتْ به طـرباً معاطفُ بانه

فلكٌ تنزّلَ فهوَ يُحسب بقعة

أوَما تَرى الأقمـارَ مـن سُكّانه

خضَب النجيـعُ غزالَهُ وهِزَبْره

هـذا بوجنتـه وذا ببنانه

فلَئِنْ جهلتَ الـحتفَ أينَ مـَقرُّهُ

سلني فأنّي عارفٌ بمكانه

هو في الجفون السّـود من فتياتـِه

أو في الجفونِ الـبيض من فتيانه

٢٣

مَن لي برؤية أَوجُهٍ في أوجُهٍ

حجبَ البعادُ شُموسَها بعنانه

بيضٌ إذا لعبت صباً بذيولِها

حَملَ النسيمُ المسكَ في أَردانه

وقوله في مطلع قصيدة اُخرى يمدح بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً:

لا بَرّ في الحُبّ يا أهل الوَفا قسمـي

ولا وَفتْ للعُلى إنْ خُنتُكُمْ ذِمَمي

وإن صبـوتُ إلـى الأغـيارِبَعدَكمُ

فلا ترقَّتْ إلى هاماتها هِممي

وإن خبتْ نارُ وجدي بـالسُّلُوفلا

وَرتْ زنادي ولا أَجرى النُّهى حِكَمي

ولا تعصفر لونـي بالهوى كمداً

إنْ لم يُوَرّده دمعي بعَـدكمْ بدَمي

ولا جنت وردَ جنّات الدُّمى حدقِي

إن لم تزرْكُمْ على شـوكِ القَنا قدَمي

ولا رشفـتُ الحُميّا من مراشفِها

إنْ كان يصفـو فؤادي بعد بُعدِكُمِ

ولا تلذّذتُ في مرّ العذاب بكم

إن كان يعذب إلاّ ذكركمْ بفمي

وقوله أيضاً في مطلع قصيدة اُخرى:

٢٤

حَفَرتْ بسـيفِ الغَنجِ ذمِّةَ مِغـفري

وفَرَتْ برُمـحِ القدِّ درعَ تصبُّري

وجلَتْ لنا من تـحت مسكةِ خالـها

كافورَ فـجرٍ شقَّ ليلَ العنبرِ

وغدت تذُبّ عن الرّضـاب لحاظها

فحمتْ علـينا الحورُ وردَ الكوثر

ودنت إلى فـمها أراقِـمُ فرعِها

فتكفّلت بحفاظ كنزِ الجوهـر

يا حاملَ السيف الصّحيح إذا رنَـتْ

إيّاك ضربـة جَفْنِها المتكسِّر

وتوقّ يا ربَّ القناة الطعـنَ إنْ

حَملت عليك من القوام بأَسمر

برزت فشِمْنا البـرقَ لاحَ ملثّماً

والبـدرَ بين تَقَرْطُقٍ وتخمُّر

وسَعت فمـرّ بنا الغزال مطوَّقاً

والغصـنُ بيـنَ مُوشَّحٍ ومؤزَّر

بأبي مراشفُها التـي قـد لُثِّمتْ

فوقَ الأقاحي بالشقـيق الأحمر

وبمهجتي الرَّوضُ المـقيمُ بِمُقْلةٍ

النُّعاس بها ذهابَ تحيُّر

٢٥

تالله ما ذُكِرَ العقيق وأهلُه

إلاّ وأجراهُ الغـرامُ بمحْجَري

لولاه مـا ذابت فرائدُ عبرتي

بعد الجمود بحرّ نار تذكُّري

روحي الفداءُ لظبية الخـدر ِ التي

بُنـيَ الكَناسُ لها بغـابِ القسور

لم انسَ زورتها ووجنات الدُّجى

تنبـاع ذفراها بمسـكٍ أذفَر

أمّت وقد هـزّ السِّماكُ قناتَهُ

وسطا الضياءُ على الظلام بخنْجر

والقوس معترضٌ أراشت سهمَهُ

بقوادم النَّسريـن أيدي المشتري

طوراً أرى طوقي الذراعَ وتارةً

منها أرى الكفَّ الخضيبَ بمُسوَر

حتى بدا كسرى الصباحَ وأدَبرتْ

قومُ النجاشي عن عساكر قيصر

لما رأت روضَ البنفسجِ قد ذوى

من ليلنا وزهـت رياضُ العُصفر

والنجمُ غارَ على جوادٍ أدهمٍ

والفجرُ أقبلَ فـوقَ صـهوةِ أشقر

٢٦

فزعتْ فضرّست العقيقَ بلؤلؤٍ

سكنتْ فرائدهُ غديرَ السُّكّر

وتنهَّدتْ جزعاً فأثّر كفُّها

في صدرِها فنظرْتُ مالَمْ أنظُر

أقلامَ مـرجانٍ كتبنَ بعنبرٍ

بصحيفة البلُّور خمسـةَ أسطُر

وقوله أيضاً في مطلع قصيدة اُخرى:

سلْ ضاحكَ البرق ليلاً عن ثناياها

فقدْ حكاها فهلْ يروي حكاياها

وهلْ درى كيف ربُّ الحُسن رتَّلها

والجوهرُ الفردُ منهُ كيف جزّاها؟

وما سُقاة الطِّلا تدري إذا ابتسمت

أيَّ الحيا بانَ عند الشّرب أشْهاها

وهل رياض الرُّبا تـدري شقائقُها

في خدّها أيَّ خالٍ فـي سُوَيْداها

وإن رأيتَ بُدور الحـيِّ وهي بهمْ

فحيِّ بالسـرِّ عنّـي وجهَ أحْياها

واقصد لُباناتِ نعمانٍ وجيرتَها

واذكُرْ لبانات قلبي عند لُبناها

عرّج عليها عن الألباب ننشُدها

فإنّنا منـذُ أيامٍ فقدْناهـا

٢٧

وقف على منزلٍ بالخيف نسأله

عن أنفُسٍ وقلوبٍ ثَمَّ مثْواها

مَعاهدٌ كلَّما أمسيتُ غامرَهـا

ليلاً وأصبحتُ مجنوناً بلَيْلاهـا

ومنها:

حتَّى نزلنا على الدّار التـي شَرُفَتْ

بمَن بها ولثـمْنا دُرَّ حصْباها

فعارضتنا بدورٌ مـن فـوارسهـا

تحمي خدورَ شموسٍ منْ عَذاراها

ضِيفَانُهُم غيرَ أنّا لا نُـريدُ قرَىً

إلاّ قلوباً إليهم قد أضفناها

ما كان يجدي ولا يغني السّرى دَنِفاً

لكنَّ حاجـةَ نفسٍ قد قضيْناها

لم نشكُ من محن الدُّنيا إلى أحدٍ

من البريَّة إلاّ كـان إحـداها

وقوله أيضاً في مطلع قصيدة اُخرى:

عُجْ بالعقيق وناد اُسد سُراتِهِ

أسرى قلوبٍ في يَدَي ظَبياتِهِ

وابذِلْ به نقدَ الدُّموع عساهُمُ

أنْ يُطلقوها رُشوةً لقُضاته

٢٨

واسألهُمُ عمّا بهم صنـع الهـوى

لشقائهنَّ به وجـور وُلاته

هامت بواديه القلوبُ فأصبحت

منّا النُّفوسُ تصيحُ فـي ساحاته

إن لـم تُذقنا الموتَ أعينُ عِينِه

كمداً فأصحانا لفـي سكراته

تقضي وينشـرنـا هواهُ كأنّما

نفسُ المسيح يهـبُّ في نفحاته

حَـرَمٌ بأجنحـة النُّسور صيانةً

عضّت كواسـره على بيْضاته

وحمىً به نصبَ الهوى طاغوتَه

فاحـذر به إن جُزْتَ فتنةَ لاته

لم نـدرِ أيُّهما أشدُّ إصابةً

مُقلُ الغوانـي أمْ سهامُ رُماته

وقوله أيضاً من قصيدة اُخرى:

هذا الحمى فانزل على جرعائِهِ

واحذَرْ ظُبا لفتات عِين ظبائِهِ

وانشُدْ به قلباً أضاعتهُ النَّوى

من أضلعي فعساهُ في وعسائه

وسل الأراكَ الغضَّ عن روحٍ شكت

حرَّ الجـوى فلجتْ إلى أفيائه

٢٩

واقصد لُباناتِ الهـوى فلعلَّنا

نقضي لباناتِ الفؤاد التائه

واضمُم إليك خُدودَ أغصان النَّقا

والثمْ ثغورَ الدرِّ مـن حَصْبائه

واسفح بذاك السفحِ حول غديرهِ

دمعاً يُعسجدُ ذوبَ فضّةِ مائـه

سقياً له مـن ملعبٍ بعقولنا

وقلـوبنا لعبتْ يدا أهوائه

مغنىً به تهوى القلوبُ كأنَّما

يُذكي الهوى في الصبِّ بردُ هوائه

نفحاتهُ تبري الضـرير كأنّمـا

ريحُ القميـصِ تهبّ من تلقائه

عهدي بـه ونجومُ أطرافِ القنا

والبيضُ مُشرقةٌ عـلى أحيائه

والاُسدُ تزأرُ فـي سُروج جياده

والعِينُ تبغم فـي حجالِ نسـائه

والطيفُ يطرقـه فيعثر بالرَّدى

تحت الدُّجى فيصـدُّ عن إسرائه

والظلّ تقصـره الصَّبا وتمـدُّه

والطير يُعرِبُ فيـه لحنَ غنائه

وقوله أيضاً في مطلع قصيدة:

٣٠

روتْ عن تراقيها العقودُ عن النَّحرِ

محاسـنَ ترويها النجومُ عـن الفَجرِ

وحدَّثنا عن خالِهـا مِسْكُ صدْغِها

حديثاً رواهُ اللَّيل عن كـُلْفَة البدر

وركَّبَ منها الثَّغرُ أفرادَ جُمْلةٍ

حكاها فَم ُ الإبريق عن حَبَبِ الخمر

ولي مدمعٌ في حُبِّها لو بكى الحَيا

به نبتَ الياقوت فـي صـدفِ الدُّرّ

لقد غصبت منها القرونُ ليالياً

من الدَّهر لولا طولُها قلتُ من عُمري

أما وسُيُـوفٍ للحُتُوف بجفنها

تُجرَّدُ عن غمدٍ وتُغْمَدُ فـي سحْر

وهُدْبٍ تسقَّـى نَبْلُه سمَّ كُحلها

فذبّ بشوك النَّحل عن شَهْدَة الثَّغر

وصِمْنَةُ قُلـبٍ غصّ منها بمِعْصَمٍ

ووسواسُهُ الخنّـاس ينفثُ في صدري

وطوْقُ نُضار يستسـرُّ هلاله

مع الفجرتحت الشَّمس في غسقِ الشِّعر

لفي القلب منّـِي لوعةٌ لـو تجنُّها

حشا المزْن أمسـى قَطْرُها شررَ الجمْر

وهو من صنائع ملوك الحُوَيزة السيد علي خان وبنيه

٣١

وحسين باشا بن علي باشا ابن افراسياب ملك البصرة وذويه، وأكثر أشعاره في مدائحهم؛ إذ درّت عليه أخلاف منائحهم شُكراً لنعمتهم وجزاءً لها، واللُّها تفتح اللَّها(١) .

***

____________

(١) اللها بضّم اللام : العطايا ، وهو جمع اللهوة بالضم : العطية ( قاله ابن الأثير في النهاية ) واللها بفتح اللام : اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى سقف الفم ويستخدم مجازا عن الفم

قال عبد الجليل بن وهبون الشاعر الاندلسي ارتجالاً في مجلس أمير اشبيلية ، أبي القاسم محمد بن عباد المعتمد على الله من امراء المرابطين يذكر سبب مدح المتنبي سيف الدولة الحمداني :

لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما * تجيـد العطايا واللها تفتح اللها

تنبأ عجباً بالقريض ولو درى * بأنك تروي شعره لتألها

٣٢

٣ - السيد معتوق ابن شهاب الدين الموسوي الحويزي(١) :

عتيق ابن عتيق وعريق في الأدب ابن عريق، ذو جِدّ وهزل، وفكاهة وغزل، وخلاعة تُطرِبُ الَّثمالى، وتضحك الثَّكالى، وهو المعتني بشعر أبيه وجمع شتاته وتدوينه وترتيبه بعد وفاته، وذكر في فاتحة الدِّيوان أنّ وفاته كانت يوم الأحد لأربع عشر خلت من شهر شوّال من السنة السابعة والثمانين والألف من الهجرة، وله من العمر يومئذٍ اثنان وستّون سنة، ثم قال: وبقيت بحالةٍ بغَّضت لديّ المقامَ والدَّوام، وحبّبت إليّ الهيام والحِمام:

مكتئباً ذا كبدٍ حرّى

تبكـي عليـه مقلةٌ عبرى

يرفع يُمناهُ إلى ربّه

يشكو وفوق الكبد اليُسرى

يبقى إذا حدّثتهُ بـاهتاً

ونفسُه مـمّا به سكرى

____________

(١) هو معتوق بن شهاب الدين بن احمد بن ناصر بن حوزي المعروف بمعتوق أيضاً وقد عُرِف به حفيده شهاب الدين الشاعر فسُميّ ابن معتوق نسبة إليه وأبا معتوق كنيةً بابنه ومن هُنا عبّر صاحب التذييل في مدحه لمعتوق بن شهاب الدين بقوله: (عتيق ابن عتيق) توريةً. ذكره صاحب كتاب (نشوة السلافة ومَحلّ الإضافة) وأثنى عليه وأورد شيئاً من شعره (توفي سنة ١١١٩هـ).

٣٣

تحسبُهُ مستمعـاً ناصتـاً

وقلبه فـي اُمـَّةٍ اُخـرى

ومن شعره في السيّد علي خان قوله:

مولىً فضائلـه ُ ونائلـهُ

كلٌّ يفوتُ العدَّ والحَصـْرا

وخصيبُ ساحـته وراحـته

يُؤوي الفقير ويطردُ الفقرا

خيرُ الكرامِ ولا مبالغةٌ

فيـه وأفخَرُهُمْ ولا فَخْرا

وهُمُ علـى الإطلاقِ سيِّدُهُمْ

بنوالهِ فهُـمُ له اسرى

لا غـروَ إن نُسِبَتْ إليه مَعا

ليهم وحـاز الحمـدَ والشُكْرا

فهُمُ وإن شـَرُفوا فقدْ وضَعُوا

آلاءَه كـي توصلَ البِرَّا

عَشِقُوا، المديح فكان حـظُّهُمُ

منـه القليـلُ وأتلفـوا الوَفْرا

وتنافسوا فيه لِما علِـموا

أنَّ المديحَ يخلّدُ الذِّكْرا

وأتاهُ إذ وافاهُـمُ خـجِلاً

ممّا أتاهُ يحاول العذْرا

٣٤

يـدري ويعلم أنَّهُ ملِكٌ

مولـىً لـه وبمُلْكـه أحْـرى

فقضى بنائله لقائله

وأحلّه مـن عَرْضه قَصْرا

والقصدُ منهُ أنْ يـدومَ لهُ

الذكرُ الجميلُ ويغْنمَ الأجرا

ما كان فـي الاُولى لـه نظرٌ

إلاّ ومطمحـهُ إلـى الاُخـرى

***

٣٥

٤ - الشيخ فتح الله بن علوان الكعبي الدورقي(١) :

ذو باع في الأدب مديد، ونظرٍ في إدراك اللّطائف حديد، وفهم في مواقع النكات سديد، وكدٍّ في اقتناص المعارف شديد، ويد تلعَب بالمعاني لعب الراح بالعقول، وذهن انطبع فيه فنون المعقول والمنقول، رأيتُه في أواخر عمره وقد غيّره الزَّمان:

إنّ الثمـانين وبلِّغـتُها

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

له كتب منها:

(كتاب زاد المسافر)، في تحرير واقعة البصرة، ذكر في أوّله أحواله، وأنّه وُلد بقبان، ولمّا ترعرع اشتغل على أبيه، ثُمَّ ارتحل إلى شيراز واشتغل على السِّيد نعمة الله والسيد عزيز الله، والشاه ابي الولي وغيرهم.

ثمّ رجع إلى مولده ووُلِّي قضاء البصرة، إذ كانت في تصرّف العجم، وأدرج في كتابه هذا كثيراً من الأدبيات وحرّر فيه البديعيات أكمل تحرير، ومنها: «كتاب الإجادة» في شرح قصيدة السيد علي بن باليل الموسومة بالقلادة، ومطلعها:

رُدّي عَلـيَّ رُقادي أيّها الرُّودُ

علِّي أراك به والبيْنُ مفْقودُ

____________

(١) وُلِد في القبان من توابع مدينة الدورق القديمة سنة ١٠٥٣هـ، وتوفّي سنة ١١٣٠هـ، ذكر في أكثر المعاجم وكتب التراجم.

٣٦

سلك فيه مسلك الصّفدي في شرح لامية العجم، وله كتبٌ اُخرى لم أقف عليها وشعر قليل. توفّي سنة الثلاثين بعد المائة والألف الهجرية رحمة الله عليه.

***

٣٧

٥ - السيد قوام الدين الحسني السيفي القزويني:

قوام المجد العصاميّ وعصامهُ، وذروة الشَّرف السامي وسنامهُ، ومالك ناصية الفضل وعزَّتها، وانسان عينه وقُرَّتِها، وشمس قلادته ودُرَّتها، ومُصرِّفُ أزمَّة النثر والنظم، ومُعيد رُواء الأدب بعدما وهن منه العظم، وأوحده الذي يقطع البلغاء بفريد كلامه، ويلاعب في حلباته بأسنّة أقلامه، إلى علم وسع المعقول والمشروع، وأحاط بالاُصول والفروع، وحلم وكرم وجود، وأخلاق يحقُّ لها السُّجود، وحظّ عظيم من قوّة الارتجال، والتهجّم على أبكار المعاني في الحجال، وهتك الأستار منها والخدور، وافتراش الصُّدور وافتراع البدور، واستخراج اللَّئالي من البحور، وتقليدها في أعناق الحور، وتحلية السواعد منها والنحور، بألفاظٍ أعذب من السيح، وأسجاع أطيب من أنفاس المسيح، وأمّا المُلَحُ والنوادر فهو أبو عذرها، ومبتدىءُ حُلوها ومرِّها.

وكان بينه وبين الوالد أطال الله بقاه من المخالَّة والمصافاة ما بين الخليصَيْن المُتصادقَيْن، والخليلَين المتوافقَين، لا يَرى أحدُهُما فضلاً إلاّ للآخر، ومن شعره إلى الوالد في جواب كتاب:

نور الهداية قـد بـدا من تُستَرا

تأبى فضائُل سيّدي أن تُستَرا

قد جاوز التحريرَ شوقُ لقاءِ مَنْ

فاقت مآثر مجـده أنْ تُسْتَرا

ومن شعره ما كتبه إلى الوالد أيضاً في تعزية:

٣٨

وفـوق مقام الصبـر للمتصبّرِ

مقامُ الرِّضا والشُّكرِ للمُتَبصِّرِ

وقد كنت كثير الشوق إلى لقائه لما أسمعه من الوالد من الإطراء في ثنائه، إلى أن سهّل الله الاجتماع به بقزوين، وقد أنهكه الهرم، وأقعده الهمم، وذلك في عشر الخمسين بعد المائة والألف، فرأيته فوقَ الوصف، وعرضت عليه بأمره كتاب (الذخر الرائع في شرح مفاتيح الشرائع)، فلمّا أجال فيه النظر أخذ القلم وسطر:

بحسبِكَ ذُخْرُ السيِّد الموسويّ في

بيـان مفاتيح الشَّرائعِ كافيَا

ففيه تمـامُ الكشفِ عن مُشْكلاته

بطـرزٍ أنيـق جاء للعيِّ شافيا

وأشرقَ نـورُ الدِّين منه بنعمـةٍ

من اللهِ أبـدى كلَّ ما كانَ خافيا

ثم أمرني بإنشاد شيءٍ من الشعر، فأنشدته قطعات من القصيدة البهائية التي تصرّفت فيها بالتعجيز والتصدير، فاستحسن ذلك غاية الاستحسان وبسط في وصفه اللّسان، وأخذ يحمده لمَن حضر، كأنّه لم يسمع بهذه الصنعة في ما غبر، ثمّ استدنى المحبرة وجعل يكتب ما أنشدته وقد حفظ أكثره، ويعاودني في مواقع الاشتباه، إلى أنّ أكمله وهي:

سرى البرق من نجد فهيّج تذكاري

سوالفُ أنْسَتْها تصاريفُ أَعصارِ

٣٩

تألَّق من بعـد انثناءٍ مُجدّداً

عهوداً بحزوى والعقيق وذي قار

وهيّج مـن أشواقنا كـلّ كامنٍ

واجّج فـي أحشائنـا لاهبَ النَّار

ألا يا لُيَيْلات الغـوير وحـاجر

نعمتِ كأيّام الشبـاب بأنْضار

ويا روضة بالناضرات نديّةً

سُقيت بها من مُدمن المزن مدرار

ويا ساكنـي دار َ الـسَّلام تحيةً

عليكم سلامُ الله من نازح الدَّار

خليليّ ما لـي والـزَّمان كأنّما

عليَّ له ما لـي عليه من الثَّار

يماطلُنـي حتّـَى يُجاحدَ حجَّتي

يطالبني فـي كـلّ آنٍ بأوْتار

فأبْعَدَ أحبابي وأخلى مرابعي

وزحزح عـُوَّادي وبدّد أنصاري

وأوحش اُنسـي بالـعذيب وأهله

وبدّلنـي من كلِّ صفوٍ بأكدار

وعادَل بي مَن كان أقصى مرامه

توسُّد أعتابي ويقفو آثاري

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57