العقائد الإسلامية الجزء ١

العقائد الإسلامية0%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 371

العقائد الإسلامية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مركز المصطفى للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 371
المشاهدات: 117201
تحميل: 5098


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 371 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117201 / تحميل: 5098
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ابن الزبير، عن جابر قال: لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله، فلما نظر جعفر إلى رسول الله حجل إعظاماً منه لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقبل رسول الله بين عينيه وقال: يا حبيبي! أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي وخلقت من الطينة التي خلقت منها يا حبيبي. عق، وأبو نعيم، قال عق غير محفوظ، وقال في الميزان: مكي له مناكير، وقال في المغنى: تفرد عن ابن عيينة بحديث عب. انتهى. ورواه في كنزالعمال ج ١١ ص ٦٦٢، بعدة روايات في بعضها من طينتي وفي بعضها من شجرتي.

- الكافي ج ٢ ص ٢

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله عن رجل عن علي بن الحسينعليهما‌السلام قال: إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين: قلوبهم وأبدانهم، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و (جعل) خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين، قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة. فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه. انتهى. ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ٨٢ وروى في ص ١١٦: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن النضربن شعيب، عن عبدالغفار الجازي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار. وقال: إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره.

قال وسمعته يقول: الطينات ثلاث: طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم من صفوتها، هم الأصل ولهم فضلهم، والمؤمنون الفرع من طين لازب، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم. وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه، ولله المشيئة فيهم.

٨١

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن صالح بن سهل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك من أي شيء خلق الله عزوجل طينة المؤمن؟ فقال: من طينة الأنبياء، فلم تنجس أبداً.

محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد وغيره، عن محمد بن خلف، عن أبي نهشل قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إن الله عز وجل خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، وقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه، ثم تلا هذه الآية: كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون. كتاب مرقوم يشهده المقربون. وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية:كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ . انتهى. ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ١١٦

- الكافي ج ١ ص ٣٨٩

أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن شعيب، عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلك الطينة.... الحديث.

- الكافي ج ١ ص ٤٠٢

أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن منصور بن العباس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن عبد الخالق وأبي بصير قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا أبا محمد.... وإن عندنا سراً من سر الله وعلماً من علم الله أمرنا الله

٨٢

بتبليغه، فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواماً، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريتهعليهم‌السلام ومن نور خلق الله منه محمداً وذريته، وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمداً وذريته، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك لا والله ما احتملوه.... الحديث.

من آيات وروايات عالم الملكوت

قال تعالى:أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ . الأعراف ١٨٤ - ١٨٥

-وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . الأنعام ٧٥ - ٧٧

-قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ للهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ . المؤمنون - ٨٨ - ٨٩

-فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . يس - ٨٣

- نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٢

.... هو القادر الذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه....

- نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٣

٨٣

.... وأرانا من ملكوت قدرته، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته، ما دلنا باضطرار قيام الحجة....

- نهج البلاغة ج ١ ص ١٦٨

ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته، وعمارة الصفيح الأعلى من ملكوته، خلقاً بديعاً من ملائكته ملأ بهم فروج فجاجها، وحشى بهم فتوق أجوائها. وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد. ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الأسماع....

- نهج البلاغة ج ٢ ص ٤٥

الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغاً إلى بلوغ غاية ملكوته....

- مستدرك الوسائل ج ١١ ص ١٨٥

الآمدي في الغرر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين.

- الكافي ج ١ ص ٣٥

عن حفص بن غياث قال: قال لي أبوعبد اللهعليه‌السلام : من تعلم العلم وعمل به وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيماً، فقيل: تعلم لله وعمل لله وعلم لله. انتهى.

وروى نحوه في كنز العمال ج ١٠ ص ١٦٤ وفي سنن الترمذي ج ٤ ص ١٥٥، وروى في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٢٤٨

البراء بن عازب قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين، كان مهيناً في ملكوت السموات. ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلاً أسكنه الله من الفردوس حيث شاء.

٨٤

- وسائل الشيعة ج ١١ ص ٢٧٨

.... ثم قال: وذلك إذا انتهكت المحارم، واكتسب المآثم، وتسلط الأشرار على الأخيار، ويفشو الكذب، وتظهر الحاجة، وتفشو الفاقة، ويتباهون في الناس، ويستحسنون الكوبة والمعازف، وينكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. إلى أن قال: فأولئك يدعون في ملكوت السماء: الأرجاس الأنجاس.... الحديث.

- الكافي ج ١ ص ٩٣

محمد بن أبي عبد الله رفعه قال: قال أبوعبد اللهعليه‌السلام : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملأ عينيك منها فهو كما تقول.

- الكافي ج ١ ص ٢٧٣

علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل: يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي، قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مع الأئمة، وهو من الملكوت.

- الكافي ج ٢ ص ٢٦٣

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى للمساكين بالصبر، وهم الذين يرون ملكوت السماوات والأرض.

- تفسير الإمام العسكري ص ٥١٣

وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين، قوى الله

٨٥

بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومن عليها ظاهرين ومستترين، فرأى رجلاً وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما، فأوحى الله تعالى إليه: يا إبراهيم أكفف دعوتك من عبادي وإمائي.... الحديث. انتهى. وروى نحوه في الكافي ج ٨ ص ٣٠٥ وفي كنز العمال ج ٤ ص ٢٦٩

- علل الشرائع ج ١ ص ١٣١

قالوا حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الأسدي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم عن أبيه، عن ثابت بن دينار قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبى طالبعليه‌السلام عن الله جل جلاله: هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى عن ذلك. قلت: فلم أسرى بنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السموات، وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه....

- علل الشرائع ج ١ ص ١٥

حدثنا علي بن أحمد، عن محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال: حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لأي علة جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل؟ فقالعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى علم أن الأرواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عز وجل، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير نظراً لها ورحمة بها، وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها على بعض في الدنيا، ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة، وكفى بعضها ببعض.

قلت: فقول الله عز وجل: ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ذاك

٨٦

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات، ثم تدلىصلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض، كقاب قوسين أو أدنى.

* *

وقد روت مصادر إخواننا السنة عدداً من الروايات عن عالم الملكوت، كالتي رواها أحمد في مسنده ج ٢ ص ٣٦٣، من حديث المعراج.... فلما نزلت وانتهيت إلى سماء الدنيا فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت من هؤلاء؟ قال: الشياطين يحرفون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض، ولولا ذلك لرأت العجائب.

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ١٧٨

وعن رقبة بن مصقلة قال لما حصر الحسين بن عليرضي‌الله‌عنهما قال: أخرجوني إلى الصحراء لعلي أتفكر أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات، فلما أخرج به قال: اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس عليَّ، وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أن رقبة لم يسمع من الحسن فيما أعلم، وقد سمع من أنس فيما قيل.

من آيات وروايات عالم الخزائن

قال الله تعالى:وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ . الحجر ١٩ - ٢١

- الصحيفة السجادية ج ١ ص ٧١

اللهم يا منتهى مطلب الحاجات، ويا من عنده نيل الطلبات، ويا من لا يبيع نعمه بالأثمان، ويا من لا يكدر عطاياه بالإمتنان، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه،

٨٧

ويا من يرغب إليه ولا يرغب عنه، ويا من لا تفني خزائنه المسائل، ويا من لا تبدل حكمته الوسائل، ويا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين، ويا من لا يعنيه دعاء الداعين....

- مصباح المتهجد ص ٤٦٧

سبحان الحي القيوم، سبحان الدائم الباقي الذي لا يزول، سبحان الذي لا تنقص خزائنه، سبحان من لا ينفد ما عنده، سبحان من لا تبيد معالمه، سبحان من لا يشاور في أمره أحداً، سبحان من لا إله غيره.

- مصباح المتهجد ص ٥٧٨

الحمدلله الفاشي في الخلق أمره وحمده، الظاهر بالكرم مجده، الباسط بالجود يده، الذي لا تنقص خزائنه، ولا تزيده كثرة العطاء إلا كرماً وجوداً، إنه هو العزيز الوهاب.

- مستدرك الحاكم ج ١ ص ٥٢٥

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يدعو: اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً، ولا تشمت بي عدواً حاسداً. اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك. هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.

هذا ما تيسر لنا تتبعه من الأحاديث الدالة على وجود الإنسان في عوالم قبل الدنيا. وفيها بحوث شريفة في عدد هذه العوالم وترتيبها وصفاتها، قلما تعرض المتكلمون والمفسرون لبحثها.

وفيها بحوث أخرى في امتحان الإنسان فيها واختياره الكفر أو الإيمان قبل وصوله إلى عالم الأرض. وقد بحثها المفسرون والمتكلمون في باب الجبر والإختيار، والقضاء والقدر.

٨٨

- قال المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ج ٥ ص ٢٦٠

بيان: إعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار، ولأصحابنارضي‌الله‌عنه م فيها مسالك:

منها، ما ذهب إليه الأخباريون، وهو أنا نؤمن بها مجملاً، ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها، وعن أنها من أي جهة صدرت، ونرد علمها إلى الأئمةعليهم‌السلام .

ومنها، أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة، ولما ذهبت إليه الأشاعرة وهم جلهم، ولمخالفتها ظاهراً لما مر من أخبار الإختيار والإستطاعة.

ومنها، أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون، فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة.

ومنها، أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم، وهذا أمر بين لا يمكن إنكاره، فإنه لا شبهة في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الإستعداد والقابلية، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف، فإن الله تعالى كلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ما أعطاه من الإستعداد لتحصيل الكمالات، وكلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك، ولم يكلفه ما ليس في وسعه، ولم يجبره على شيء من الشر والفساد.

ومنها، أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولاً في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم في ذلك الوقت، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الأخبار السابقة، فلا فساد في ذلك.

ولا يخفى ما فيه وفي كثير من الوجوه السابقة، وترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى، لا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها. (مسألة القضاء والقدر).

ولنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم ومخالفوهم.

فمنها: ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية حيث

٨٩

سئل: ما قوله - أدام الله تأييده - في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهاديةعليهم‌السلام في الأشباح وخلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدمعليه‌السلام بألفي عام، وإخراج الذرية من صلبه على صور الذر، ومعنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

الجواب: وبالله التوفيق، إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها، وتتباين معانيها، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة، وصنفوا فيها كتباً لغوا فيها، وهزئوا فيما أثبتوه منه في معانيها، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق وتخرصوا الباطل بإضافتها إليهم، من جملتها كتاب سموه كتاب (الأشباح والأظلة) نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه. وإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طعن عليه وهو متهم بالغلو، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك.

والصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقاة بأن آدمعليه‌السلام رأى على العرش أشباحاً يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها، فأوحى إليه أنها أشباح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم، وأعلمه أنه لولا الأشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماءً ولا أرضاً. والوجه فيما أظهره الله تعالى من الأشباح والصور لآدم أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم، وجعل ذلك إجلالاً لهم ومقدمة لما يفترضه من طاعتهم، ودليلاً على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم، ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجيبة، ولا أرواحاً ناطقة، لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية، يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة، والنور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم وضياء الحق بحججهم. وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش، وأن آدمعليه‌السلام لما تاب إلى الله عز وجل وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه، وهذا غير منكر في العقول ولا مضاد للشرع المنقول، وقد رواه الصالحون الثقاة المأمونون، وسلم لروايته طائفة

٩٠

الحق، ولا طريق إلى إنكاره، والله ولي التوفيق. انتهى.

ويدل كلام المفيدقدس‌سره أن الغلاة في عصره كانوا استغلوا أحاديث الأشباح والظلال وبنوا عليها أباطيل تخالف مذهب أهل البيتعليهم‌السلام فشنع بسببها الخصوم على المذهب، فنفى المفيد دعوى الخصوم وفي نفس الوقت أثبت أحاديث الأشباح والظلال، ثم فسرها بتفسير يفهمه العوام ولا يثير ثائرة الخصوم.

وقال في هامش الكافي ج ٢ ص ٣:

الأخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين (من الجنة) وخلق الأشقياء من طينة سجين (من النار) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء، وقد أورد عليها: أولاً، بمخالفة الكتاب. وثانياً، باستلزام الجبر الباطل.

أما البحث الأول، فقد قال الله تعالى:هو الذى خلقكم من طين ، وقال:وبدأ خلق الإنسان من طين ، فأفاد أن الإنسان مخلوق من طين، ثم قال تعالى:ولكل وجهة هو مولّيها .. الآية. وقال: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا.. الآية. فأفاد أن للإنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء، وهو متوجه إليها سائر نحوها. وقال تعالى: كما بدأكم تعودون، فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة..الآية. فأفاد أن ما ينتهي إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاء هو ماكان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طيناً، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء، وآخرالسعيد إلى الجنة وآخرالشقي إلى النار، فهما أولهما لكون الآخر هو الأول، وحينئذ صح أن السعداء خلقوا من طينة الجنة والأشقياء خلقوا من طينة النار. وقال تعالى: كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون، كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين.. الآيات. وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ماينتهي اليه أمر الأبرار والفجار من النعمة والعذاب، فافهم.

وأما البحث الثاني، وهو أن أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين

٩١

حتميين للإنسان، ومعه لا يكون أحدهما اختيارياً كسبياً للإنسان وهو الجبر الباطل.

والجواب عنه، أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ماقضى من سعادة وشقاء، فيرجع الإشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حق الإنسان قبل أن يخلق، وإن ذلك يستلزم الجبر. وقد ذكرنا هذا الإشكال مع جوابه في باب المشيئة والإرادة في المجلد الأول من الكتاب ص١٥٠، وحاصل الجواب: أن القضاء متعلق بصدور الفعل عن اختيار العبد فهو فعل اختياري في عين أنه حتمي الوقوع، ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم يختره، حتى يلزم منه بطلان الإختيار. وأما شرح ما تشمل عليه هذه الأخبار تفصيلاً فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر، فليرجع فيه إلى مطولات الشروح والتعاليق والله الهادي.(الطباطبائي) انتهى.

ونختم بالقول:

إن مسألة وجود الإنسان في عوالم قبل عالم الأرض، أوسع مما بحثه المتكلون والفلاسفة، وهي تحتاج إلى تتبع كامل وبحث دقيق في أحاديثها الشريفة، للتوصل إلى عدد تلك العوالم وصفاتها، ولا يبعد أنها تحل كثيراً من المشكلات، ومنها مشكلة الجبر والإختيار، وقد تبين من مجموعها أن أخذ الميثاق تم من الذر المأخوذ من طين آدم كما في بعضها، وفي عالم الظلال كما في بعضها، ومن المحتمل أنه حصل في أكثر من عالم.

كما لا يصح استبعاد أن تكون الذرة إنساناً كاملاً عاقلاً بعد ما سمعنا عن عالم الذرة والجينات.

ولا يصح القول بأن عالم الذر هو عالم الملكوت وإن كان جزء من عالم الملكوت إلا من باب تسمية الجزء باسم الكل. والملكوت كما رأيت في آياته وأحاديثه شامل لعوالم الشهادة والغيب، والبعد عن الله تعالى والحضور، وعالم الذر أو الظلال واحد من عوالم الحضور.

٩٢

الفطرة بمعنى الولادة في الإسلام

- الكافي ج ٨ ص ٣٤٠

قال علي بن الحسين: ولم يولد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من خديجة على فطرة الإسلام إلا فاطمةعليها‌السلام وقد كانت خديجةعليها‌السلام ماتت قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة، فلما فقدهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد وأشفق على نفسه من كفار قريش، فشكا إلى جبرئيلعليه‌السلام ذلك، فأوحى الله عز وجل إليه: أخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة فليس لك اليوم بمكة ناصر، وانصب للمشركين حرباً. فعند ذلك توجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة. انتهى. ورواه في بحار الأنوار ج ١٩ ص ١١٧

- مستدرك الوسائل ج ١١ ص ٥٨

وعن إسماعيل بن موسى، بإسناده عن أبي البختري قال: لما انتهى عليعليه‌السلام إلى البصرة خرج أهلها.... إلى أن قال: فقاتلوهم وظهروا عليهم وولوا منهزمين، فأمر علي منادياً ينادي: لا تطعنوا في غير مقبل، ولا تطلبوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، وما كان بالعسكر فهو لكم مغنم، وما كان في الدور فهو ميراث يقسم بينهم على فرائض الله عز وجل، فقام إليه قوم من أصحابه فقالوا: يا أمير المؤمنين من أين أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا نساءهم؟ فقال: لأن القوم على الفطرة، وكان لهم ولاء قبل الفرقة، وكان نكاحهم لرشدة. فلم يرضهم ذلك من كلامه. فقال لهم: هذه السيرة في أهل القبلة فأنكرتموها، فانظروا أيكم يأخذ عائشة في سهمه؟! فرضوا بما قال، فاعترفوا صوابه وسلموا لأمره. انتهى. ورواه المغربي في شرح الأخبار ج ١ ص ٣٩٥، وروته أيضاً مصادر التاريخ.

٩٣

القول بأنّ مَن ولد في الإسلام فهو من أهل الجنة

- الدر المنثور ج ٢ ص ١١٥

وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب: لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل فاجر، فالتفت رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الناس قال: هل رآه أحد منكم على الإسلام؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله، فصلى عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحثى عليه التراب وقال: أصحابك يظنون أنك من أهل النار، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة. وقال: يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة.

- صحيح مسلم ج ٢ ص ٤

.... فسمع رجلاً يقول الله اكبر، الله اكبر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: على الفطرة ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: خرجت من النار، فنظروا فإذا هو راعي معزى.

- كنز العمال ج ٨ ص ٣٦٦

كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سرية فسمعنا منادياً ينادي: الله اكبر، الله اكبر، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: على الفطرة فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: خرج من النار، فابتدرناه فإذا هو شاب حبشي يرعى غنماً له في واد، فأدرك صلاة المغرب فأذن لنفسه - أبو الشيخ.

- سنن الترمذى ج ٣ ص ٨٧

.... واستمع ذات يوم فسمع رجلاً يقول: الله اكبر، الله اكبر، فقال: على الفطرة، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال خرجت من النار.

٩٤

- مسند أحمد ج ٣ ص ٢٤١

... نحن مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سفر إذ سمع رجلاً يقول الله اكبر، الله اكبر، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: على الفطرة، قال أشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: خرج هذا من النار. انتهى.

وقد صحت الروايات عند اخواننا أن الخليفة عمر قد وسع دائرة شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى تشمل المنافقين بل والكفار، بل صحت رواياتهم بأن مذهب الخليفة عمر أن جهنم تنتهي بعد مدة وينقل أهلها إلى الجنة.. إلخ. وسيأتي ذلك في بحث الشفاعة إن شاء الله تعالى.

الفطرة والنبوّة والشرائع الإلهيّة

- الكافي ج ٨ ص ٤٢٤

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كانت شريعة نوحعليه‌السلام أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها، وأخذ الله ميثاقه على نوح وعلى النبيين أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئاً، وأمر بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعته، فلبث فيهم نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم سراً وعلانية، فلما أبوا وعتوا قال: رب إني مغلوب فانتصر. فأوحى الله عز وجل إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يعملون. فلذلك قال نوحعليه‌السلام : ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً. فأوحى الله عز وجل إليه: أن اصنع الفلك. انتهى. ورواه العياشي في تفسيره ج ٢ ص ١٤٤، ورواه في بحار الأنوار ج ١١ ص ٣٣١

٩٥

- الكافي ج ٢ ص ١٧

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن مروان، جميعاً عن أبان بن عثمان، عمن ذكره عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أعطى محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله شرايع نوح وإبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام : التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد والفطرة الحنفية السمحة لا رهبانية ولا سياحة، أحل فيها الطيبات وحرم فيها الخبائث، ووضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، ثم افترض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام والمواريث والحدود والفرائض والجهاد في سبيل الله، وزاده الوضوء، وفضله بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة والمفصل، وأحل له المغنم والفيء، ونصره بالرعب، وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً، وأرسله كافة إلى الأبيض والأسود والجن والإنس، وأعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم، ثم كلفه ما لم يكلف أحداً من الأنبياء، أنزل عليه سيف من السماء في غير غمد وقيل له: قاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك.

- ورواه في بحار الأنوار ج ٧٢ ص ٣١٧ وقال:

تبيين: قولهعليه‌السلام (شرايع نوح) يحتمل أن يكون المراد بالشرايع أصول الدين ويكون التوحيد والإخلاص وخلع الأنداد بياناً لها، والفطرة الحنيفية معطوفة على الشرايع، وإنما خصعليه‌السلام ما به الإشتراك بهذه الثلاثة، مع اشتراكهعليه‌السلام معهم في كثير من العبادات لاختلاف الكيفيات فيها دون هذه الثلاثة، ولعلهعليه‌السلام لم يرد حصر المشتركات فيما ذكر لعدم ذكر السائل أصول الدين كالعدل والمعاد، مع أنه يمكن إدخالها بعض ما ذكر، لا سيما الإخلاص بتكلف.

ويمكن أن يكون المراد منها الأصول وأصول الفروع المشتركة وإن اختلفت في

٩٦

الخصوصيات والكيفيات، وحينئذ يكون جميع تلك الفقرات إلى قولهعليه‌السلام (وزاده) بياناً للشرايع، ويشكل حينئذ ذكر الرهبانية والسياحة، إذ المشهور أن عدمهما من خصائص نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلا أن يقال المراد عدم الوجوب وهو مشترك، أو يقال إنهما لم يكونا في شريعة عيسىعليه‌السلام أيضاً.

وإن استشكل بالجهاد وأنه لم يجاهد عيسىعليه‌السلام فالجواب أنه يمكن أن يكون واجباً عليه لكن لم يتحقق شرائطه، ولذا لم يجاهد.

ولعل قولهعليه‌السلام (زاده وفضله) بهذا الوجه أوفق.

وكأن المراد بالتوحيد نفي الشريك في الخلق، وبالإخلاص نفي الشريك في العبادة، و خلع الأنداد تأكيد لهما، أو المراد به ترك أتباع خلفاء الجور وأئمة الضلالة أو نفي الشرك الخفي، أو المراد بالإخلاص نفي الشرك الخفي، وبخلع الأنداد نفي الشريك في استحقاق العبادة.

والأنداد: جمع ند، وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره، ويناده أي يخالفه.

والفطرة: ملة الإسلام التي فطر الله الناس عليها، كما مر.

والحنيفية: المائلة من الباطل إلى الحق، أو الموافقة لملة إبراهيمعليه‌السلام قال في النهاية: الحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم، وأصل الحنف الميل، ومنه الحديث بعثت بالحنيفية السمحة السهلة، وفي القاموس: السمحة الملة التي ما فيها ضيق.

- بحار الأنوار ج ٧٦ ص ٦٨

مكا: عن الصادقعليه‌السلام قال: كان بين نوح وإبراهيمعليهما‌السلام ألف سنة، وكانت شريعة إبراهيم بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وهي الحنيفية. وأخذ عليه ميثاقه وأن لا يعبد إلا الله، ولا يشرك به شيئاً، قال: وأمره بالصلاة والأمر والنهي ولم يحكم له أحكام فرض المواريث، وزاده في الحنيفية:

٩٧

الختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار وحلق العانة، وأمره ببناء البيت والحج والمناسك، فهذه كلها شريعتهعليه‌السلام .

معنى الفطرة والصبغة

- تفسير التبيان ج ١ ص ٤٨٥

قوله تعالى:صبغة الله ، معناه فطرة الله في قول الحسن وقتادة وأبي العالية ومجاهد وعطية وابن زيد والسدي.

وقال الفراء والبلخي: إنه شريعة الله في الختان الذي هو التطهير.

وقوله: صبغة الله ، مأخوذ من الصبغ، لأن بعض النصارى كانوا إذا ولد لهم مولود جعلوه في ماء طهور يجعلون ذلك تطهيراً له ويسمونه العمودية، فقيل صبغة الله أي تطهير الله، تطهيركم بتلك الصبغة وهو قول الفراء.

وقال قتادة: اليهود تصبغ أبناءها يهوداً والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، فهذا غير المعنى الأول، وإنما معناه أنهم يلقنون أولادهم اليهودية والنصرانية، فيصبغونهم بذلك لما يشربون قلوبهم منه، فقيل صبغة الله التي أمر بها ورضيها يعني الشريعة، لا صبغتكم.

وقال الجبائي: سمي الدين صبغة لأنه هيئة تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والصلاة وغير ذلك من الآثار الجميلة التي هي كالصبغة، وقال أمية:

في صبغة الله كان إذ نسي الـ

ـعهد وخلى الصواب إذ عزما

- تفسير التبيان ج ٣ ص ٣٣٤

وقوله: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله: اختلفوا في معناه فقال ابن عباس، والربيع بن أنس، عن أنس: إنه الإخصاء، وكرهوا الإخصاء في البهائم، وبه قال سفيان، وشهر بن حوشب، وعكرمة، وأبوصالح. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: فليغيرن دين الله، وبه قال إبراهيم ومجاهد، وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام . قال

٩٨

مجاهد: كذب العبد يعني عكرمة في قوله إنه الإخصاء، وإنما هو تغيير دين الله الذي فطر الناس عليه في قوله:فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم . وهو قول قتادة والحسن والسدي والضحاك وابن زيد.

- وقال الكفعمي في المصباح ص ٣٤٠

الفاطر أي المبتدع لأنه فطر الخلق أي ابتدعهم، وخلقهم من الفطر وهو الشق، ومنه:إذا السماء انفطرت ، أي انشقت، وقوله:تكاد السموات يتفطرن ، أي يتشققن كأنه سبحانه شق العدم بإخراجنا منه، وقوله تعالى:فاطر السموات ، أي مبديء خلقها.

- بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٧٦ - ٢٨١

سن: المحسن بن أحمد، عن أبان الأحمر، عن أبي جعفر الأحول، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: عروة الله الوثقى التوحيد، والصبغة الإسلام.

بيان: قال البيضاوي في قوله تعالى:صبغة الله : أي صبغنا الله صبغته وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، فإنها حلية الإنسان، كما أن الصبغة حلية المصبوغ، أو هدانا هدايته وأرشدنا حجته، أو طهر قلوبنا بالإيمان تطهيره. وسماه صبغة لأنه ظهر أثره عليهم ظهور الصبغ على المصبوغ، وتداخل قلوبهم تداخل الصبغ الثوب، أو للمشاكلة فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه العمودية ويقولون هو تطهير لهم وبه تحقق نصرانيتهم.

- مع: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل:صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ، قال: هي الإسلام.

- شف: من كتاب القاضي القزويني، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن محمد بن سهل، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل:فطرة الله التي فطر الناس عليها ، قال

٩٩

هي التوحيد، وأن محمداً رسول الله، وأن علياً أمير المؤمنين.

- شي: عن زرارة، عن أبي جعفر وحمران، عن أبي عبد اللهعليهما‌السلام قال: الصبغة الإسلام.

شي: عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله:صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ، قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنينعليه‌السلام بالولاية في الميثاق.

- بحار الأنوار ج ١ ص ٢٠٩

ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن أحمد بن محمد، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن حكم بن بهلول، عن ابن همام، عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياًعليه‌السلام يقول لأبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني: يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس إلا النظر فيه وهو صبغة الإسلام، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عز وجل.

بيان: قال الفيروزآبادي: الصبغة بالكسر: الدين والملة، وصبغة الله: فطرة الله، أو التي أمر الله بها محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي الختانة. انتهى.

أقول: المراد بالصبغة هنا الملة أوكل ما يصبغ الإنسان بلون الإسلام من العقائد الحقة، والأعمال الحسنة، والأحكام الشرعية.

وقدرة الله تعالى لعل المراد بها هنا تقدير الأعمال، وتعلق قدرة الله بخلقها، أي علم القضاء والقدر والجبر والإختيار، فإنه قد نهي عن التفكر فيها.

وفي نهج البلاغة: أنه قال أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد سئل عن القدر فقال: طريق مظلم فلا تسلكوه. انتهى.

- بحار الأنوار ج ٦٧ ص ١٣٠

البقرة - ١٣٨:صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ .

الروم - ٣٠:فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ .

١٠٠