الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٦

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 403

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 132337
تحميل: 5744


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132337 / تحميل: 5744
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 6

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الجزء السادس

شعراء الغدير في القرن الثامن

وهم سبعة شعراء

والله المستعان

وفي هذا الجزء أبحاثٌ دينيةٌ قيمةٌ لا منتدح لروّاد

العلم والفضيلة عن الخوض فيها والبحث عنها

١

بسم الله الرحمن الرحيم

سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إلّا ما عَلّمتَنا إنَّكَ أنتَ العَليمُ الحَكِيمُ، وَلَقَدْ جِئناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلناهُ عَلى عِلمٍ هُدىً وَرَحمَةً، وَالّذِينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعلَمُونَ أنَّهُ مُنزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالحَقِّ، وَلا يَرتابُ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالمؤمنونَ، وَما اختَلَفَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ إلّا مِنْ بَعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بَغياً بَينَهُم، وَلَئنِ اتَّبَعتَ أهواءَهُم مِنْ بَعدِ ما جَاءَكَ مِنَ العِلمِ إنَّكَ إذاً لَمِنَ الظّالِمِين، وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلمٍ إنْ يَتَّبعُونَ إلّا الظَنَّ وَإنَّ الظَنَّ لا يُغني مِنَ الحَقِّ شَيئاً، ذَلِك مَبلَغُهُمْ مِنَ العِلمِ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أعلَمُ بمَنِ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُو أَعْلَمُ بِمَنِ اهتَدَى، فالحَمدُ لِلّه الّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَو لا أنْ هَدانا اللَّه، وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الّذِينَ اصطَفى، أُولئِكَ عَلَيهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المهتَدُون.

الأميني

٢

شعراء الغدير

في القرن الثّامن

- ٦٥ -

أبو محمد ابن داود الحلي

المولود ٦٤٧

وإذا نظرتَ إلى خطاب «محمَّد»

يوم «الغدير» إذ استقرَّ المنزلُ

: من كنت مولاه فهذا «حيدر»

مولاه لا يرتاب فيه محصِّلُ

لعرفت نصَّ المصطفى بخلافة

من بعده غرّاء لا يتأوَّلُ

وله من أرجوزة في الإمامة طويلة:

وقد جرت لي قصَّةٌ غريبة

قد نتجت قضيَّةً عجيبة

فاعتبروا فيها ففيها معتبرْ

يغني عن الاغراق في قوس النظرْ

حضرت في بغداد دار علمِ

فيها رجال نظر وفهمِ

في كلِّ يوم لهمُ مجالُ

تدنو به الأوجال والآجالُ

لا بدَّ أن يسفر عن جريح

بصارم الحجَّة أو طريح

لما اطمأنَّت بهم المجالسُ

ووضعت لاماتها الفوارسُ

واجتمع المدرِّسون الأربعة

في خلوة آراؤهم مجتمعة

حضرت في مجلسهم فقالوا:

أنت فقيهٌ وهنا سؤالُ

من ذا ترى أحقّ بالتقدُّمٍ

بعد رسول الله هادي الأُممِ؟

فقلت: فيه نظرٌ يحتاجُ

أن يُترك العناد واللجاجُ

وكلّنا ذوو عقول ونظرْ

وفكرٌ صالحةٌ ومعتبرْ

فلنفرض الآن قضى النبيُّ

واجتمع الدنيُّ والقصيُّ

وأنتمُ مكان أهل العقدِ

والحلِّ بل فوقهمُ في النَّقدِ

٣

فالتزموا قواعد الإنصافِ

فإنَّها من شيم الأشرافِ

لما قضى النبيُّ قال الأكثرُ:

إنَّ أبا بكر هو المؤمَّرُ

وقال قومٌ: ذاك للعبّاسِ

وانقرضوا وقال باقي النّاسِ

: ذاك عليٌّ. والجميع مدَّعي

: أنَّ سواه للمحال يدَّعي

فهل ترون إنَّه لما قضى

نصَّ على خليفةٍ؟ أم فوَّضا

ترتيبه بعدُ إلى الرعايا

ليجمعوا على الإمام رايا؟

فقال منهم واحدٌ: بل نصّا

على أبي بكر بها وخصّا

قال له الباقون: هذا يشكلُ

بما عن الفاروق نحن ننقلُ

من أنَّهُ قال: إن استخلفتُ(١)

فلأبي بكر قد اتَّبعتُ

وإن تركت فالنبيُّ قد ترك

والحقُّ بين الرَّجلين مشترك

وقال: كانت فلتةً بيعتهُ(٢)

فمن يعد حلّت لكم قتلتهُ

وقول سلمان لهم: فعلتم

وما فعلتم إذ له عزلتم

وقالت الأنصار: نستخيرُ

منّا أميراً ولكم أميرُ

فلو يكون نصّ في عتيقِ

للزم الطعن على الفاروق

ثمَّ على سلمان والأنصارِ

وليس ذا بالمذهب المختار

مع أنَّه استقال واستقالته(٣)

دلّت على أن باختيار بيعته

لو أنَّها نصٌّ من الرَّسولِ

لم يك في العالم من مقيلِ

فاجتمع القوم على الإنكارِ

للنصِّ والقول بالإختيارِ

فقلت: لما فوّضت إلينا

أيلزم الأُمَّة أن يكونا

أفضلهم؟ أم ناقصاً مفضولا

لا يستحقُّ الحكم والتأهيلا؟

فاجتمعوا: أن ليس للرعيَّه

إلّا اختيار أفضل البقيَّه

قلت لهم: يا قوم خبِّروني

أعلى صفات الفضل بالتعيين

____________________

١ - راجع الجزء الخامس من كتابنا هذا ص ٣٦٠.

٢ - راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص ٣٧٠.

٣ - مرّ حديث الاستقالة في الجزء الخامس ص ٣٦٨.

٤

فقدّموا السبق إلى الإيمانِ

وهجرة القوم على الأوطانِ

إلى أن يقول فيها:

قلت: دعوني من صفات الفضلِ

فأنتمُ من كلّها في حلِّ

نفرضها كأمة بين نفرْ

قد أحدقوا من حولها وهم زمرْ

وافترق النّاس فقال الأكثرُ

لواحد: خذها فأنت أجدرُ

وقال باقيهم لشخص ثاني:

ليس لها مولى سواك قاني

ثمَّ رأينا الأوَّل المولَّى

ينكر فيها الملك مستقيلا

يقول: ليس لي بها من حقِّ

وذا يقول: أمتي ورقِّي

ويستغيث وله تألّمُّ

على الذي يغصبه ويظلمُ

وكلّ شخص منهما صدِّيقُ

ليس إلى تكذيبه طريقُ

فما يقول الفقهاء فيها

شرعاً أنعطيها لمدَّعيها

أم من يقول ليس لي بحقّ؟

بالله أفتونا بمحض الحقِّ

بُعيد هذا قالت الجماعة:

سمعاً لما ذكرتم وُطاعة

ما عندنا في فضله تردّدُ

وإنَّه المكمّل المؤيَّد

لكنّنا لا نترك الإجماعا

ولا نرى الشّقاق والنزاعا

والمسلمون قطُّ لم يجتمعوا

على ضلالٍ فلهم نتَّبعُ

ثمَّ الأحاديث عن النبيِّ

ناطقة بنصِّه الجليِّ

قلت لهم: دعواكم الإجماعا

ممنوعةٌ إذ ضدّها قد شاعا

وأيّ إجماع هنالك انعقدْ

والصفوة الأبرار ما منهم أحدْ

مثل عليِّ الصنو والعبّاسِ

ثمَّ الزبير هم سُراة النّاس

ولم يكن سعد فتى عباده

ولا لقيس ابنه إراده

ولا أبوذرٌّ ولا سلمانُ

ولا أبوسفيان والنعمانُ

أعني ابن زيد لا ولا المقدادُ

بل نقضوا عليهمُ ما شادوا

وغيرهم ممَّن له اعتبارُ

لم يقنعوا بها ولم يختاروا

فلا يقال: إنّه إجماعُ

بل أكثر الناس له أطاعوا

٥

لكنّما الكثرة ليست حجَّه

بل ربما في العكس كان أوجه

فالله قد أثنى على القليلِ

في غير موضع من التنزيلِ

فسقط الإجماع باليقينِ

إلّا إذا كابرتموا في الدِّينِ

ونصّكم كيف ادَّعيتموهُ؟

وعن قليل قد منعتموهُ

أليس قد قرَّرتم إنَّ النبيّ

مات بلا نصٍّ؟ وليس مذهبي

لكنّني وافقتكم إلزاما

ولم أقل بذلك التزاما

لأنَّني أعلم مثل الشمسِ

نصّ الغدير واضحاً عن لبسِ

وأنتمُ أيضاً نقلتموهُ

كنقلنا لكن رفضتموهُ

إلى آخر الأُرجوزة ذُكر شطرٌ مهمٌّ منها في «أعيان الشيعة» ج ٢٢ ص ٣٤٣.

﴿الشاعر﴾

تقيُّ الدين أبو محمّد الحسن بن عليّ بن داود الحلّي، هو نابغةٌ في الفقه والحديث والرِّجال والعربيّة وفي علوم شتّى، ولم يختلف اثنان في إنَّه من أوحديّي هذه الفرقة الناجية، ومن علمائها الأعلام، وأطراه العلماء في المعاجم والإجازات بكلِّ جميل، وإن تكلّم بعضهم في مقدار اعتبار كتابه المعروف الساير في الرِّجال، فمن معوِّل عليه(١) حاصر لتعويله به، ومن معرض عنه(٢) نهائيّاً، ولكن خير الأُمور أوسطها، وهو نظريَّة أكثر علمائنا من إنَّه كغيره من أصول علم الرِّجال يُعتمد عليه وربما يُنتقد، وأمّا الشعر فقد كان تحدوه إلى نظمه غايات كريمة حيناً بعد حين.

ولد المترجم ٥ جمادى الثانية سنة ٦٤٧، وأخذ العلم من السيّد الحجَّة السيِّد أبي الفضايل أحمد بن طاوس الحلّي المتوفّى ٦٧٣، ويروي عنه وعن جمع آخر من أعلام الطائفة منهم:

١ - المحقِّق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلّي المتوفّى ٦٧٦ وهو أحد مشايخ قرائته.

٢ - الشيخ نجيب الدين أبو زكريّا يحيى بن سعيد الحلّي ابن عمِّ المحقّق المذكور

____________________

١ - كالشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي في درايته.

٢ - كالشيخ عبد الله التستري في شرح التهذيب في شرح الحديث الأول.

٦

المتوفّى ٦٨٩.

٣ - الفيلسوف الأكبر خواجه نصير الدين الطوسي المتوفّى ٦٧٢.

٤ - السيِّد غياث الدين عبد الكريم بن السيِّد أبي الفضايل أحمد بن طاوس الحلّي المذكور المتوفّى ٦٩٣.

٥ - الشيخ سديد الدين يوسف بن علي بن المطهَّر الحلّي والد العلّامة الحلّي.

٦ - الشيخ مفيد الدين محمّد بن جهيم «جهم» الأسدي عدَّه المترجم في رجاله من مشايخه. ويروي عنه من مشايخ الطايفة:

١ - الشيخ رضيُّ الدين أبو الحسن عليُّ بن أحمد المزيدي الحلّي المتوفّى ٧٥٧.

٢ - السيِّد أبو عبد الله محمّد بن القاسم الديباجي الحلّي الشهير بابن معيَّة المتوفّى ٧٧٦.

٣ - الشيخ زين الدين عليُّ بن طراد المطار آبادي المتوفّى بالحلّة ٧٥٤.

تآليفه القيمة

ذكر المترجم في كتابه في الرِّجال لنفسه تآليف قيِّمة وهي:

التحفة السعديَّة. عدَّة الناسك في قضاة المناسك نظماً. تكملة المعتبر

المقتصر من المختصر. اللؤلؤة في خلاف أصحابنا نظماً. كتاب الدرج

كتاب الرايع. الخريدة العذراء في العقيدة الغرّاء نظماً. كتاب الكافي

كتاب في الفقه. الدرّ الثمين في أُصول الدين نظماً. البغية في القضايا

كتاب الرِّجال. عقد الجواهر في الأشباه والنظائر نظماً. كتاب النكت

مختصر الايضاح. مختصر الأسرار الغريبة في النحو. حروف المعجم

اللمعة في الصلاة. حلُّ الإشكال في عقد الأشكال. تحصيل المنافع

الإكليل في العروض. إحكام القضيَّة في أحكام القضيّة. خلاف المذاهب

الرائض في الفرائض. شرح قصيدة السّاوي في العروض. أصول الدين

٢٨ - قرَّة عين الخليل في شرح النظم الجليل لابن حاجب في العروض.

٢٩ - الجوهرة في نظم التبصرة.

لم نقف على تاريخ وفاة المترجم وإنّما فرغ من كتاب رجاله سنة ٧٠٧ وله من

٧

العمر ستّين سنة، ورأى صاحب «رياض العلماء» في مشهد الرضا عليه السلام نسخة من «الفصيح» بخطّ شاعرنا المترجم له في آخرها: كتبه مملوكه حقّاً حسن بن عليّ بن داود غفر له في ثالث عشر شهر رمضان المبارك سنة إحدى وأربعين وسبعمائة حامداً مصلّياً مستغفراً(١) فكان في ٧٤١ حيّاً وله من العمر ٩٤ عاماً.

ومرَّت من شعر المترجم أبياتٌ في رثاء الشيخ شمس الدين محفوظ إبن وشاح الحلّي في ج ٥ ص ٤٤٢.

____________________

١ - روضات الجنات ص ٣٥٧، وفي ط ٣٦١.

٨

القرن الثامن

٦٦

جمال الدين الخلعي

المتوفّى ح ٧٥٠

فاح أريج الرِّياض والشجرِ

ونبَّه الورق راقد السَّحرِ

واقتدح الصّبح زند بهجته

فاشعلت في محاجر الزُّهرِ

وافترَّ ثغر النوّار مبتسماً

لَمّا بكته مدامع المطرِ

واختالت الأرض في غلائلها

فعطّرتنا بنشرها العطرِ

وقامت الورق في الغصون فلم

يبق لنا حاجةٌ إلى الوترِ

ونبَّهتنا إلى مساحب أذ

يال الصّبا بالأصيل والبكرِ

يا طيب أوقاتنا ونحن على

مستشرفٍ شاهقٍ نَدٍ نضرِ

تطلُّ منه على بقاع أنيقا

ت كساها الرَّبيع بالحبرِ

في فتيةٍ ينثر البليغ لهم

وتراً فيهدي تمراً إلى هجرِ

من كلِّ من يشرف الجليس له

معطّر الذّكر طيِّب الخبرِ

فمن جليل صدرٍ ومن شادنٍ

شاد فصيح كطلعة القمرِ

يورد ما جاء في «الغدير» وما

حدَّث فيه عن خاتم النذرِ

ممّا روته الثقات في صحّة

النقل وما أسندوا إلى عمرِ

: قد رقى المصطفى بخمّ على

الأقتاب لا بالونى ولا الحصرِ

إذ عاد من حجَّة الوداع إلى

منزله وهي آخر السفرِ

وقال: يا قوم إنَّ ربِّيَ قد

عاودني وحيه على خطرِ

إن لم أُبلّغ ما قد أُمرت به

وكنت من خلقكم على حذرِ

وقال: إن لم تفعل محوتك من

حكم النبيِّين فاخش واعتبرِ

إن خفت من كيدهم عصمتك فا

ستبشر فإنّي لخَير منتصرِ

٩

أقم عليّاً عليهمُ علماً

فقد تخيّرته من البشرِ

ثمَّ تلا آية البلاغ لهم

والسَّمع يعنو لها مع البصرِ

وقال: قد آن أن أُجيب إلى

داعي المنايا وقد مضى عمري

ألست أولى منكم بأنفسكم؟

قلنا: بلى فاقض حاكماً ومرِ

فقال والناس محدقون به

ما بين مصغٍ وبين منتظر

: مَن كنت مولىً له فحيدرةٌ

مولاه يقفو به على أثري

يا ربّ فانصر من كان ناصره

واخذل عداه كخذل مقتدرِ

فقمت لما عرفت موضعه

من ربِّه وهو خيرة الخيرِ

فقلت: يا خيرة الأنام بخٍ

جاءتك منقادة على قدرِ

أصبحت مولىً لنا وكنت أخاً

فافخر فقد حزت خير مفتخرِ

ويقول فيها:

تالله ما ذنبُ من يقيس إلى

نعلك من قدَّموا بمغتفر

أنكر قومٌ عيد «الغدير» وما

فيه على المؤمنين من نكرِ

حكّمك الله في العباد به

وسرت فيهم بأحسن السِّيرِ

وأكمل الله فيه دينهمُ

كما أتانا في محكم السّور

نعتك في محكم الكتاب وفي

التوراة بادٍ والسّفر والزُّبرِ

عليك عرض العباد تقض على

من شئت منهم بالنفع والضَّررِ

تظمئ قوما عند الورود كما

تروي أُناساً بالورد والصَدرِ

يا ملجأ الخائف اللهيف ويا

كنز الموالي وخير مدَّخرِ

لقّبت بالرفض وهو أشرف لي

من ناصبيٍّ بالكفر مشتهرِ

نعم رفضت الطاغوت والجبت

واستخلصت ودّي للأنجم الزُّهرِ

[القصيدة ٥٦ بيتاً]

وله قوله:

حبَّذا يوم الغديرِ

يوم عيدٍ وسرورِ

إذ أقام المصطفى

من بعده خير أميرِ

١٠

قائلاً: هذا وصيِّي

في مغيبي وحضوري

وظهيري ونصيري و

وزيري ونظيري

وهو الحاكم بعدي

بالكتاب المستنيرِ

والَّذي أظهره الله

على علم الدُّهورِ

والَّذي طاعته فرضٌ

على أهل العصورِ

فأطيعوه تنالوا

القصد من خير ذخيرِ

فأجابوه وقد أخفوا

له علّ الصدورِ

بقبول القول منه

والتَّهاني والحبورِ

يا أمير النَّحل يا من

حبّه عقد ضميري

والَّذي ينقذني من

حرَّ نيران السَّعيرِ

والَّذي مدحته ما عشـ

ـت أُنسي وسميري

والَّذي يجعل في الحشر

إلى الخلد مصيري

لك أخلصت الولا يا صا

حب العلم الغزيرِ

ولمن عاداك منّي كلّما يُخز

يه من شتمٍ ولعنٍ ودحورِ

نال مولاك «الخليعيُّ»

الهنا يوم النشورِ

بتبرِّيه إلى الرَّحمن

من كلِّ كفورِ

وله من قصيدة تناهز واحداً وستِّين بيتاً توجد منها في مجالس المؤمنين ص ٤٦٤ ستَّةٌ وثلثون بيتاً، وذكرت برمَّتها في رياض الجنَّة لسيِّدنا الزنوزي في الرَّوضة الخامسة، وفي غير واحد من المجاميع المخطوطة.

سارت بأنوار علمك السِّيرُ

وحدَّثت عن جلالك السّورُ

والمادحون المخبِّرون غلوا

وبالغوا في ثناك واعتذروا

وعظَّمتك التوراة والصحف الأو

لى وأثنى الإنجيل والزُّبرُ

وأحكم الله في إمامتك الآيات

واستبشرت بك العصرُ

والأنبياء المكرمون وفوا

فيك بما عاهدوا وما غدروا

وذكّر المصطفى فأسمع من

ألقى له السَّمع وهو مدَّكرُ

١١

وجد في نصحهم فما قبلوا

ولا استقاموا له كما أمروا

يقول فيها:

أسماؤك المشرقات في أوجه

القرآن في كلِّ سورة غُررُ

سمّاك ربُّ العباد قسورةً

من حيث فرّوا كأنَّهم حمرُ

والعين والجنب والوجه أنت

والهادي والليل الضّلال معتكرُ

يا صاحب الأمر في يوم الغدير و

قد بخبخ لما ولّيته عمرُ

لو شئت ما مدَّ حبترٌ يده

لها ولا نال حكمها زفرُ

لكن تأنَّيت في الأُمور ولم

تعجل عليهم وأنت مقتدرُ

﴿الشاعر﴾

أبو الحسن جمال الدين عليُّ بن عبد العزيز بن أبي محمَّد الخلعي (الخليعي) الموصلي الحلّي، شاعر أهل البيت عليهم السَّلام المفلق، نظم فيهم فأكثر، ومدحهم فأبلغ، ومجموع شعره الموجود ليس فيه إلّا مدحهم ورثائهم، كان فاضلاً مشاركاً في الفنون قويَّ العارضة، رقيق الشعر سهلة، وقد سكن الحلّة إلى أن مات في حدود سنة ٧٥٠ ودفن بها وله هناك قبرٌ معروفٌ.

وُلد من أبوين ناصبيَّين ذكر القاضي التستري في «المجالس» ص ٤٦٣، وسيِّدنا الزنوري في «رياض الجنة» في الروضة الأولى: أنَّ أمّه نذرت أنَّها إن رُزقت ولداً تبعثه لقطع طريق السابلة من زوّار الإمام السبط الحسين عليه السلام وقتلهم فلمّا ولدت المترجم وبلغ أشدَّه إبتعثته إلى جهة نذرها فلمَّا بلغ إلى نواحي [المسيِّب] بمقربة من كربلاء المشرَّفة طفق ينتظر قدوم الزائرين فاستولى عليه النوم واجتازت عليه القوافل فأصابه القتام الثائر فرأى فيما يراه النائم إنَّ القيامة قد قامت وقد أُمر به إلى النار ولكنَّها لم تمسّه لما عليه من ذلك العثير الطاهر فانتبه مرتدعاً عن نيّته السيِّئة، واعتنق ولاء العترة، وهبط الحائر الشَّريف ردحاً. ا ه‍. ويقال: إنَّه نظم عندئذ بيتين خمَّسهما الشاعر المبدع الحاج مهدي الفلّوجي الحلّي المتوفّى ١٣٥٧ وهما مع التخميس:

أراك بحيرة ملأتك رينا

وشتَّتك الهوى بينا فبينا

فطب نفساً وقر بالله عينا

إذا شئت النَّجاة فزر حسينا

١٢

لكي تلقى الإله قرير عينِ

إذا علم الملائك منك عزما

تروم مزاره كتبوك رسما

وحُرِّمت الجحيم عليك حتما

فإنَّ النار ليس تمسُّ جسما

عليه غبار زوّار الحسينِ

ولقد أخلص في الولاء حتّى تحظّى بعنايات خاصَّة من ناحية أهل البيت عليهم السَّلام ففي «دار السّلام» للعلّامة النوري ص ١٨٧ نقلاً عن كتاب «حبل المتين في معجزات أمير المؤمنين» للسيّد شمس الدين محمّد الرضوي: إنَّ المترجم لما دخل الحرم الحسينيَّ المقدَّس أنشأ قصيدة في الحسين عليه السلام وتلاها عليه وفي أثنائها وقع عليه ستارٌ من الباب الشريف فسمِّي بالخليعي أو الخلعي، وهو يتخلّص بهما في شعره.

وفي «دار السّلام» ص ١٨٣ عن «حبل المتين» المذكور عن المولى محمّد الجيلاني إنَّه جرت مفاخرةٌ بين المترجم وبين إبن حمّاد(١) الشاعر وحسب كلٌّ أنَّ مديحه لأمير المؤمنين عليه السلام أحسن من مديح الآخر فنظم كلٌّ قصيدةً وألقياها في الضّريح العلويِّ المقدَّس محكّمين الإمام عليه السلام فخرجت قصيدة الخليعي مكتوباً عليها بماء الذهب: أحسنت. وعلى قصيدة إبن حمّاد مثله بماء الفضّة. فتأثَّر إبن حمّاد وخاطب أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: أنا محبّك القديم، وهذا حديث العهد بولائك، ثمَّ رأى أمير المؤمنين عليه السلام في المنام وهو يقول له: إنّك منّا وإنّه حديث عهد بأمرنا فمن اللّازم رعايته. ا ه‍ ملخّصاً.

ومن الشعر المترجم قوله في رثاء الحسين السِّبط سلام الله عليه:

أيَّ عذر لمهجة لا تذوبُ

وحشىً لا يشبُّ فيها لهيبُ؟

ولقلبٍ يضيق من ألم الحزن

وعينٍ دموعها لا تصوبُ؟

وابن بنت النبيّ بالطفِّ مطر

وحٌ لقىً والجبين منه تريبُ

حوله من بني أبيه شبابٌ

صرعتهم أيدي المنايا وشبيبُ

وحريم النبيِّ عبرى من الثكل

وحسرى خمارها منهوبُ

____________________

١ - علي بن الحسين بن حماد الليثي الواسطي أحد شعراء أهل البيت وقفنا على شعر غير يسير له فيهم عليهم السلام مدحاً ورثائاً.

١٣

تلك تدعو أخي وتلك تنادي

يا أبي وهو شاخصٌ لا يجيبُ

لهف قلبي وطفله في يديه

يتلظّى والنحر منه خضيبُ

لهف قلبي لأُخته زينب تأو

ي اليتامى ودمعها مسكوبُ

لهف قلبي لفاطم خيفة السَّبي

تخفَّت وقلبها مرعوبُ

لهف قلبي لأُم كلثوم والخدّ

ان منها قد خدَّدتها النّدوبُ

وهي تدعوا يا واحدي يا شقيقي

يا مغيثي قد برَّحتني الخطوبُ

ثمَّ تشكوا إلى النبيِّ ودمع العين

في خدِّها الأسيل صبيبُ

جدُّ يا جدُّ لو ترانا سبايا

قد عرتنا بكربلاء الكروبُ

جدُّ يا جدُّ لم يفد ذلك النصح

وذاك الترهيب والترغيبُ

جدُّ لم تقبل الوصيّة في الأهـ

ـل ولم يُرحم الوحيدُ الغريبُ

يصبح الجاهد البعيد من الحقِّ

قريباً منهم ويُقصى القريبُ

أين عيناك والحسين قتيلٌ

وعليٌّ مغلّلٌ مضروبُ؟

لا ترى سبطك المفدّى طريحاً

عارياً والرِّداء منه سليبُ

لو ترانا نُساق بالذلِّ ما بين

العدى قد قست علينا القلوبُ

لو ترانا حسرى وقد أبرزت منا

وجوه صينت وشقَّت جيوبُ

بأبي الطاهرات تُحدى بهنِّ العيس

بين الملأ وتطوى السّحوبُ

بأبي رأس نجل فاطمة يشهر

ه للعيون رمحٌ كعوبُ

يا بن أزكى الورى نجاراً على

مثلك يستحسن البكا والنحيبُ

هاجفوني لما أصبت به قرحى

وقلبي لما رزيت كئيبُ

أين قلب الشجيِّ والفارغ البا

ل؟ وأين المحقُّ والمستريبُ؟

لا هنا لي عيشي ومبسمك الد

رِّي بادٍ وقد علاه قضيبُ

ليت إنّي فداك لو كان بالعبد

يُفدى المولى الحسيب النسيبُ

سهم بغي الأولى أصابك من

قبلُ ولله عنك سهمٌ مصيبُ

أظهروا فيك حقد بدر ومن قبـ

ـل دُعوا للهدى فلم يستجيبوا

يا بني أحمد إلى مدحكم قلب

(الخليعيِّ) مُستهامٌ طروبُ

١٤

كيف صبر امرء يرى الود في القر

بى وجوباً وإرثكم مغصوبُ

أنتمٌ حجَّة الإله على الخلق

وأنتم للطالب المطلوبُ

بولاكم وبغض أعدائكم تُقبـ

ـل أعمالنا وتُمحى الذنوبُ

شاهت وجوه ذوي النّصب

وشقَّت من النفور القلوبُ

وله رحمه الله تعالى قوله:

سجعت فوق الغصونِ

فاقداتٌ للقرينِ

فاستهلّت سحب أجفا

ني وهزَّتني شجوني

غرّدت لأشجوها شجو

ي ولا حنّت حنيني

لا ولا قلت لها

: يا ورق بالنّوح أسعديني

ما شجى الباكي طروباً

كشجى الباكي الحزينِ

حقَّ لي أبكي دماءً

عوض الدمع الهتونِ

لغريبٍ نازح الدا

ر خليٍّ من معينِ

لتريب الخدّ دامي الـ

ـوجه مرضوض الجبينِ

ومنها:

يا بني طه وياسـ

ين وحم ونونِ

بكم استعصمت من

شرِّ خطوبٍ تعتريني

فإذا خفت. فأنتم

لنجاتي كالسَّفينِ

وعليكم ثقل ميزا

ني وأنتم تنقذوني

فاحشروا العبد «الخليعي»

إلى ذات اليمينِ

وإليكم مدحاً أسنى

من الدرِّ الثمينِ

يا حجاب الله والمـ

ـحميِّ عن رجم الظنونِ

فيك داريت أُناساً

عزموا أن يقتلوني

وتحصّنت بقول الـ

ـصّادق الحَبر الأمينِ

إتّقوا إنَّ التّقى من

دين آبائي وديني

و لأوصافك ورّيت

كلامي و حنيني

١٥

وإلى مدحك أظهر

ت ظهوري وبطوني

وكفاني علمك الشا

هد للسرِّ المصونِ

ومعاذ الله أن

ألوي عن الحبل المتينِ

وأُساوي بين مفضا

لٍ ومفضولِ ضنينِ

بين مَن قال: أقيلو

ني ومَن قال: سلوني

وله يرثي البطل الهاشميَّ الشهيد مسلم بن عقيل سلام الله عليه قوله:

المسلم بن عقيل قام الناعي؟

لما استهلَّت أدمع الأشياعِ

مولى دعاه وليّه وإمامه

فأجاب دعوته بسمعٍ واعِ

حفظ الوداد لذي القرابة فاقتنى

شرفاً على الأهلين والأتباعِ

أفديه من حرٍّ نقيٍّ طاهر

ماض العزيمة ساجدٍ ركّاعِ

أفديه من بطلٍ كميٍّ ماجد

جَمِّ الوفا ندبٍ طويل الباعِ

لهفي لمسلم والرِّماح تنوشه

لا بالجزوع لها ولا المرتاعِ

حتّى إذا ظفرت به عصب الخنا

من بعد معتركٍ وطول نزاعِ

جائوا به نحو اللّعين فغاظه

بالقول من ثبت الجنان شجاعِ

وإلى ابن سعدٍ بالوصيَّة مبطناً

أفضى فأظهرها بلؤم طباعِ

وهوى من القصر المشوم مهلّلاً

ومكبَراً تجلو صدى الأسماعِ

لهفي لسيفٍ من سيوف «محمَّد»

عبث الفلول بحدِّه القطّاعِ

لهفي لمزج شرابه بنجيعه

لهفي لمسقط ثغره اللمّاعِ

لهفي له فوق التّراب مجدَّلاً

دامي الجبين مهشَّم الأضلاعِ

مولاي يا بن عقيل يومك جاعلٌ

حبّ القلوب دريئة الأوجاعِ

جادت معالمك الدُّموع بريِّها

وسقى الحميم بواطن الأبداعِ

وسقى بن عروة هانياً غدق الحيا

فلقد أصاخ إلى نداء الداعي

يا سادةً ما زلت مذ علقت يدي

بهمُ أُحافظ ودَّهم وأُراعي

مولاكم «الخلعيّ» رافع قصَّة

يشكو سموم عقارب وأفاعي

وقفت للمترجم على قصائد كثيرة كلّها في العترة الطاهرة مدحاً ورثائاً لو تجمع

١٦

لجاءت ديواناً فخماً وإليك فهرستها، توجد في مجاميع مخطوطة بالنجف الأشرف وأخرى بالكاظميَّة المشرَّفة:

عدد القصائد مطلع القصائد عدد الأبيات

١ لم أبك عافي دمنة وطلولِ

وشموس ركب آذنت برحيلِ ٢٧

٢ أضرمت نار قلبي المحزونِ

صادحات الحمام فوق الغصونِ ٥٦

٣ طلاب العلى بالسمهريّ المقوَّمِ

وضرب الطلى مرمى إلى كلِّ مغنمِ ٥٠

٤ جعلت النّوح في عاشور دأبي

فزاد أليم وجدي واكتئابي ٣٠

٥ يا عينُ بالدَّمع الغزيرِ

جودي على الطّهر المزورِ ٣١

٦ أرقي لابن النبيِّ

لا لبرق حاجريِّ ٣١

٧ عرِّج على أرض كربلاءِ

وامزج الدَّمع بالدماءِ ٢٣

٨ ذكرت المصارع في كربلا

فزاد بقلبي عظيم البلا ٢٣

٩ ألحاظ ساكنة الخبا

فتكتك أم مقل الظبا؟ ٤٤

١٠ فرط وجدي قد حلالي

ما لعذّالي ومالي؟ ٥١

١١ ليته زار لماما

فاهتدى جفني المناما ٥٩

١٢ زاد همّي وشجوني

وجفا نومي حفوني ٦٦

١٣ طال حزني واكتئابي

فجعلت النّوح دابي ٣٥

١٤ هاج لي نوح الحمام

فرط وجدي وغرامي ٢٩

١٥ ماذا يريد النوى من قلبي العاني؟

أما تناهت صباباتي وأشجاني؟ ٩٠

١٦ أُكفكف دمعي وهو لا يسأم الوكفا

وأُخفي غرامي والصّبابة لا تخفا ٣٥

١٧ سلام الله ذي الحجبِ

على الزوّار في رجبِ ٣٧

١٨ قل ولا تخش في المعاد أثاما

لا سُقى شانئي عليٍّ غماما ٣٧

ويقول فيها:

وتناسى العهد المؤكّد في خمّ

ولم ترع للوصيِّ ذماما

١٩ لم أطل في عرصة الدّمن

وقفة الباكي على السكنِ ٢٥

٢٠ يا زائراً حرم الوصيِّ

الطاهر العلم الإمامِ

١٧

يبغي بزورته الرِّضا

والأمن في يوم الزّحامِ ٣٢

٢١ لم أبك ربعاً للأحبَّة قد خلا

وعفى وغيَّره الجديد وأمحلا ٧٥

توجد هذه القصيدة في (بحار الأنوار) للعلّامة المجلسي ج ١٠ ص ٢٥٨، ووقفنا للمترجم على قصائد في رثاء الإمام السبط الشهيد صلوات الله عليه في مجموعة كبيرة بالكاظميَّة المشرَّفة غير ما سبق فهرستها:

٢٢ يا عين لا لمرابع وخيامِ

أودت بساكنها يد الأيّامِ ٣٨

٢٣ يا عين لا لخلوِّ الرَّبع والدّمنِ

باكي الرَّزايا سوى الباكي على السَّكنِ ٤٤

٢٤ سل جيرة القاطنين ما فعلوا(١)

وهل أقاموا بالحيِّ أم رحلوا؟ ٥٥

٢٥ العين عبرى ودمعها مسفوحُ

والقلب من ألم الأسى مقروحُ ٣٢

٢٦ أعاذلي! ذكر كربلا حزني

فسحّ دمعي كالعارض الهتنِ ٢٩

٢٧ ألا ما لجفني بالسّهاد موكلُّ

وقلبي لأعباء الهوى يتحملُّ؟ ٣٩

٢٨ لم أبك ربعاً دارس العرصاتِ

أضحت معارفه من النّكراتِ ٣٦

٢٩ لم أبك من وقفة على الدّمنِ

ولا لخلٍّ نأى ولا سكنِ ٥١

٣٠ هاج حزني وزاد حرُّ لهيبي

وشجاني ذكر القتيل الغريب ٣٩

٣١ جفونٌ لا تملّ من الهمولِ

وجسمٌ لا يفكُّ من النّحولِ ٤٨

٣٢ ما هاجني ذكر مربع خصبِ

ولا شجاني وجدي ولا طربي ٤٦

٣٣ ما لدمعي لم يطف حرَّ غليلي

للقتيل الظامي؟ وأيّ قتيلِ ٥٨

٣٤ هاج حزني وغليلي

ذكر عطشان قتيلِ ٢٨

٣٥ هجرت مقلتي لذيذ كراها

لمصاب الشَّهيد من آل طاها ٥٢

ووجدت عند الشيخ العلّامة السَّماوي قصائد للمترجم في رثاء الإمام السبط عليه السلام مستهلّها:

٣٦ عذرتك لو تجدي ملامة لوَّمِ

على اللّوم للمضني الكئيب المتيَّمِ ٥٥

٣٧ لست ممَّن يبكي رسوماً محولا

ودياراً أعفى البلا وطلولا ٥٣

____________________

١ - توجد هذه القصيدة والقصيدة الثامنة والعشرون في الجزء الثالث من تحفة الأزهار للسيد ضامن بن شدقم.

١٨

٣٨ جعلت النوح ادمانا

لما نال ابن مولانا ٣٠

٣٩ هو الحمى وبانهُ

لا نفرت غزلانه ٣٧

فمجموع أبيات ما وقفنا عليه من شعر المترجم: «١٦٥٦» بيتاً

لفت نظر:

توجد في «أعيان الشيعة» ج ٢١ ص ٢٤٩ ترجمةٌ تحت عنوان: الشيخ حسن الخليعي، ذُكرت له خمسة أبيات من بائيَّة شاعرنا الخليعي التي أسلفناها برمَّتها مطلعها:

أيّ عذر لمهجة لا تذوبُ

وحشى لا يشبُّ فيها لهيبُ؟

وستَّة وعشرون بيتاً من قصيدته الرّائيَّة في مدح أمير المؤمنين أوَّلها:

سارت بأنوار علمك السِّيرُ

وحدَّثت من جلالك السّورُ

وقد مرَّ أنَّ القاضي ذكر منها في مجالسه للمترجم ستَّة وثلثين بيتاً، واحتمل سيِّد (الأعيان) كون الشيخ حسن هذا ولد مترجمنا أوانَّ النسخة محرَّفة. والصَّواب أنَّ الشعر المنقول هناك المنتزع منه العنوان المذكور كلّه للمترجم له، والحسن محرَّف كنيته أبي الحسن.

١٩

القرن الثامن

٦٧

السريجي الأوالي

المتوفى ٧٥٠ تقريباً

إن لم أفض في المغاني ماء أجفاني؟

فما أفظَّ إذن قلبي وأجفاني؟

وكيف لا يهمل الدَّمع الهتون فتىً

أمسى أسير صبابات وأحزانِ؟

يا ربَّة السجف هلّا كنت قاضيةً

ديناً وأقلعت عن مطلٍ وليّانِ؟

لو كنت في عصر بلقيس لَما خلبت

بلقيس قلب ابن داودٍ سليمانِ

يا قلب كم بالحسان البيض تجعلني

مستهتراً؟ والنّهي عن ذاك ينهاني

ولي بودِّ أمير النَّحل «حيدرة»

شغلٌ عن اللّهو والإطراب ألهاني

هات الحديث سميري عن مناقبه

ودع حديث رُبى نجدٍ ونعمانِ

مُردي الكماة وفتّاك العُتاة و

هطّال الهبات وأمن الخائف الجاني

بنى بصارمه الإسلام إذ هدم

الأصنام أكرم به من هادمٍ بانِ

سائل به يوم أُحد والقليب وفي

بدرٍ وخيبر يا مَن فيه يلحاني

ويوم صفّين والألباب طائشةٌ

وفي حُنين إذا التفَّ الفريقانِ

ويوم عمرو بن ودّ حين جلَّله

عضباً به قربت آجال أقرانِ

وفي «الغدير» وقد أبدى النبيُّ له

مناقباً أرغمت ذا البغظة الشاني

إذ قال: مَن كنت مولاه فأنت له

مولى به الله يهدي كلَّ حيرانِ

أُنزلت منّي كما هارون أُنزل من

موسى ولم يك بعدي مرسلٌ ثاني

وآية الشَّمس إذ رُدَّت مبادرة

غرّاء أقصر عنها كلُّ إنسانِ

وإنَّ في قصَّة الأفعى ومكمنه

في الخفِّ هدياً لذي بغض وارعانِ

وقصَّة الطائر المشويِّ بيِّنةٌ

لكلِّ من حاد عن عمدٍ وشنآنِ

واسأل به يوم وافي ظهر منبره

والناس قد فزعوا من شخص ثعبانِ

٢٠