الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٣

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 443

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 100341
تحميل: 4270


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 100341 / تحميل: 4270
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

بسم الله الرحمن الرحيم

( سورة الأسري مكّيّة و هي مائة و إحدى عشرة آية)

( سورة الإسراء آية ١)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا  إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( ١)

( بيان‏)

السورة تتعرّض لأمر توحيده تعالى عن الشريك مطلقاً و مع ذلك يغلب فيها جانب التسبيح على جانب التحميد كما بدأت به فقيل:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ ) الآية، و كرّر ذلك فيها مرّة بعد مرّة كقوله:( سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يَقُولُونَ ) و قوله:( قُلْ سُبْحانَ رَبِّي ) الآية ٩٣، و قوله:( وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا ) الآية ١٠٨ حتّى أنّ الآية الخاتمة للسورة:( وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً ) تحمد الله على تنزّهه عن الشريك و الوليّ و اتّخاذ الولد.

و السورة مكّيّة لشهادة مضامين آياتها بذلك و عن بعضهم كما في روح المعاني، استثناء آيتين منها و هما قوله:( وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) الآية و قوله:( وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ) الآية و عن بعضهم إلّا أربع آيات و هي الآيتان المذكورتان و قوله:( وَ إِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ ) الآية و قوله:( وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ) الآية.

٢

و عن الحسن أنّها مكّيّة إلّا خمس آيات منها و هي قوله:( وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ ) الآية( وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ ) الآية( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ ) ( أَقِمِ الصَّلاةَ ) ( وَ آتِ ذَا الْقُرْبى ) ‏ الآية.

و عن مقاتل مكّيّة إلّا خمس:( وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) الآية( وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ ) الآية( وَ إِذْ قُلْنا لَكَ ) الآية( وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي ) الآية( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ ) الآية.

و عن قتادة و المعدل عن ابن عبّاس مكّيّة إلّا ثماني آيات و هي قوله:( وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ) الآية إلى قوله:( وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ) الآية.

و لا دلالة في مضامين الآيات على كونها مدنيّة و لا الأحكام المذكورة فيها ممّا يختصّ نزولاً بالمدينة و قد نزلت نظائرها في السور المكّيّة كالأنعام و الأعراف.

و قد افتتحت السورة فيما ترومه من التسبيح بالإشارة إلى معراج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر إسراؤهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و هو بيت المقدّس و الهيكل الّذي بناه داود و سليمانعليهما‌السلام و قدّسه الله لبني إسرائيل.

ثمّ سبق الكلام بالمناسبة إلى ما قدّره الله لمجتمع بني إسرائيل من الرقيّ و الانحطاط و العزّة و الذلّة فكلّما أطاعوا رفعهم الله و كلّما عصوا خفضهم الله و قد أنزل عليهم الكتاب و أمرهم بالتوحيد و نفي الشريك.

ثمّ عطف فيها الكلام على حال هذه الاُمّة و ما اُنزل عليهم من الكتاب بما يشاكل حال بني إسرائيل و أنّهم إن أطاعوا اُثيبوا و إن عصوا عوقبوا فإنّما هي الأعمال يعامل الإنسان بما عمل منها و على ذلك جرت السنّة الإلهيّة في الاُمم الماضين.

ثمّ ذكرت فيها حقائق جمّة من المعارف الراجعة إلى المبدإ و المعاد و الشرائع العامّة من الأوامر و النواهي و غير ذلك.

و من غرر الآيات فيها قوله تعالى( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) الآية ١١٠ من السورة، و قوله:( كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ

٣

وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ) الآية ٢٠ منها، و قوله:( وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها ) الآية ٥٨ منها و غير ذلك.

قوله تعالى: ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا ) إلى آخر الآية سبحان اسم مصدر للتسبيح بمعنى التنزيه و يستعمل مضافاً و هو مفعول مطلق قائم مقام فعله فتقدير( سبحان الله) سبّحت الله تسبيحاً أي نزّهته عن كلّ ما لا يليق بساحة قدسه و كثيراً ما يستعمل للتعجّب لكنّ سياق الآيات إنّما يلائم التنزيه لكونه الغرض من البيان و إن أصرّ بعضهم على كونه للتعجّب.

و الإسراء و السري السير بالليل يقال سرى و أسرى أي سار ليلاً و سرى و أسرى به أي سار به ليلاً و السير يختصّ بالنهار أو يعمّه و اللّيل.

و قوله:( لَيْلًا ) مفعول فيه و يفيد من الفائدة أنّ هذا الإسراء تمّ له بالليل فكان الرواح و المجي‏ء في ليلة واحدة قبل أن يطلع فجرها.

و قوله:( إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) هو بيت المقدّس بقرينة قوله:( الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ ) . و القصا البعد و قد سمّي المسجد الأقصى لكونه أبعد مسجد بالنسبة إلى مكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و من معه من المخاطبين و هو مكّة الّتي فيها المسجد الحرام.

و قوله:( لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) بيان غاية الإسراء و هي إراءة بعض الآيات الإلهيّة - لمكان من - و في السياق دلالة على عظمة هذه الآيات الّتي أراها الله سبحانه كما صرّح به في موضع آخر من كلامه يذكر فيه حديث المعراج بقوله:( لَقَدْ رَأى‏ مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى‏ ) النجم ١٨.

و قوله:( إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) تعليل لإسرائه به لإراءة آياته أي إنّه سميع لأقوال عباده بصير بأفعالهم و قد سمع من مقال عبده و رآى من حاله ما استدعى أن يكرمه هذا الإكرام فيسري به ليلاً و يريه من آياته الكبرى.

و في الآية التفات من الغيبة إلى التكلّم مع الغير في قوله:( بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) ثمّ رجوع إلى الغيبة السابقة و الوجه فيه الإشارة إلى أنّ الإسراء و ما ترتّب عليه من إراءة الآيات إنّما صدر عن ساحة العظمة و الكبرياء و موطن

٤

العزّة و الجبروت فعملت فيه السلطنة العظمى و تجلّى الله له بآياته الكبرى و لو قيل: ليريه من آياته أو غير ذلك لفاتت النكتة.

و المعنى لينزّه تنزيها من أسرى بعظمته و كبريائه و بالغ قدرته و سلطانه بعبده محمّد في جوف ليلة واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و هو بيت المقدّس الّذي بارك حوله ليريه بعظمته و كبريائه آياته الكبرى و إنّما فعل به ذلك لأنّه سميع بصير علم بما سمع من مقاله و رأى من حاله أنّه خليق أن يكرّم هذه التكرمة.

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: جاء جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل بالبراق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ واحد باللجام و واحد بالركاب و سوّى الآخر عليه ثيابه فتضعضعت البراق فلطمها جبرائيل ثمّ قال لها اسكني يا براق فما ركبك نبيّ قبله و لا يركبك بعده مثله.

قال: فرفّت به و رفعته ارتفاعاً ليس بالكثير و معه جبرئيل يريه الآيات من السماء و الأرض. قال: فبينا أنا في مسيري إذ نادى مناد عن يميني: يا محمّد فلم اُجبه و لم ألتفت إليه ثمّ نادى مناد عن يساري: يا محمّد فلم اُجبه و لم ألتفت إليه ثمّ استقبلتني امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كلّ زينة الدنيا فقالت: يا محمّد أنظرني حتّى اُكلّمك فلم ألتفت إليها ثمّ سرت فسمعت صوتا أفزعني فجاوزت فنزل بي جبرئيل فقال: صلّ فصلّيت فقال: تدري أين صلّيت؟ قلت: لا، فقال: صلّيت بطور سيناء حيث كلّم الله موسى تكليما ثمّ ركبت فمضينا ما شاء الله ثمّ قال لي: انزل فصلّ فنزلت و صلّيت فقال لي: تدري أين صلّيت؟ فقلت: لا قال: صلّيت في بيت لحم، و بيت لحم بناحية بيت المقدّس حيث ولد عيسى بن مريم.

ثمّ ركبت فمضينا حتّى انتهينا إلى بيت المقدّس فربطت البراق بالحلقة الّتي

٥

كانت الأنبياء تربط بها فدخلت المسجد و معي جبرئيل إلى جنبي فوجدنا إبراهيم و موسى و عيسى فيمن شاء الله من أنبياء اللهعليه‌السلام فقد جمعوا إليّ و اُقيمت الصلاة و لا أشكّ إلّا و جبرئيل سيتقدّمنا فلمّا استووا أخذ جبرئيل بعضدي فقدّمني و أممتهم و لا فخر.

ثمّ أتاني الخازن بثلاثة أواني إناء فيه لبن و إناء فيه ماء و إناء فيه خمر و سمعت قائلا يقول: إن أخذ الماء غرق و غرقت اُمّته و إن أخذ الخمر غوى و غويت اُمّته و إن أخذ اللبن هدى و هديت اُمّته قال: فأخذت اللبن و شربت منه فقال لي جبرئيل هديت و هديت اُمّتك.

ثمّ قال لي ما ذا رأيت في مسيرك؟ فقلت ناداني مناد عن يميني فقال: أ و أجبته؟ فقلت: لا و لم ألتفت إليه فقال: داعي اليهود لو أجبته لتهوّدت اُمّتك من بعدك ثمّ قال: ما ذا رأيت؟ فقلت: ناداني مناد عن يساري فقال لي: أ و أجبته؟ فقلت: لا و لم ألتفت إليه فقال: ذاك داعي النصارى و لو أجبته لتنصّرت اُمّتك من بعدك. ثمّ قال: ما ذا استقبلك؟ فقلت: لقيت امرأة كاشفة عن ذراعيها عليها من كلّ زينة الدنيا فقالت: يا محمّد أنظرني حتّى اُكلّمك. فقال: أ و كلّمتها؟ فقلت لم اُكلّمها و لم ألتفت إليها فقال: تلك الدنيا و لو كلّمتها لاختارت اُمّتك الدنيا على الآخرة.

ثمّ سمعت صوتا أفزعني، فقال لي جبرئيل: أ تسمع يا محمّد؟ قلت نعم قال: هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنّم منذ سبعين عامّاً فهذا حين استقرّت قالوا فما ضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى قبض.

قال فصعد جبرئيل و صعدت معه إلى السماء الدنيا و عليها ملك يقال له: إسماعيل و هو صاحب الخطفة الّتي قال الله عزّوجلّ:( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ ) و تحته سبعون ألف ملك تحت كلّ ملك سبعون ألف ملك.

فقال: يا جبرئيل! من هذا الّذي معك؟ فقال: محمّد رسول الله قال: و قد بعث؟ قال: نعم ففتح الباب فسلّمت عليه و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي و قال:

٦

مرحباً بالأخ الصالح و النبيّ الصالح، و تلقّتني الملائكة حتّى دخلت السماء الدنيا فما لقيني ملك إلّا ضاحكاً مستبشراً حتّى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقاً منه كريه المنظر ظاهر الغضب فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلّا أنّه لم يضحك و لم أر فيه من الاستبشار ما رأيت من ضحك الملائكة فقلت: من هذا يا جبرئيل فإنّي قد فزعت منه؟ فقال: يجوز أن يفزع منه فكلّنا نفزع منه إنّ هذا مالك خازن النار لم يضحك قطّ، و لم يزل منذ ولّاه الله جهنّم يزداد كلّ يوم غضباً و غيظاً على أعداء الله و أهل معصيته فينتقم الله به منهم، و لو ضحك إلى أحد قبلك أو كان ضاحكاً إلى أحد بعدك لضحك إليك فسلّمت عليه فردّ السلام عليّ و بشّرني بالجنّة.

فقلت لجبرئيل و جبرئيل بالمكان الّذي وصفه الله( مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) أ لا تأمره أن يريني النار؟ فقال له جبرئيل: يا مالك أر محمّداً النار فكشف عنها غطاءها و فتح باباً منها فخرج منها لهب ساطع في السماء و فارت و ارتفعت حتّى ظننت ليتناولني ممّا رأيت فقلت: يا جبرئيل! قل له فليردّ عليها غطاءها فأمره فقال لها: ارجعي فرجعت إلى مكانها الّذي خرجت منه.

ثمّ مضيت فرأيت رجلاً آدماً جسيماً فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا أبوك آدم فإذا هو يعرض عليه ذرّيّته فيقول: روح طيّبة و ريح طيّبة من جسد طيّب ثمّ تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سورة المطفّفين على رأس سبع عشرة آية:( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) إلى آخرها قال: فسلّمت على أبي آدم و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي، و قال: مرحباً بالابن الصالح و النبيّ الصالح المبعوث في الزمن الصالح.

قال: ثمّ مررت بملك من الملائكة جالس على مجلس و إذا جميع الدنيا بين ركبتيه و إذا بيده لوح من نور ينظر فيه مكتوب فيه كتاب ينظر فيه لا يلتفت يمينا و لا شمالاً، مقبلاً عليه كهيئة الحزين فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا ملك الموت دائب في قبض الأرواح فقلت: يا جبرئيل أدنني منه حتّى اُكلّمه فأدناني منه فسلّمت عليه، و قال له جبرئيل: هذا محمّد نبيّ الرحمة الّذي أرسله الله إلى العباد فرحّب

٧

بي و حيّاني بالسلام و قال: أبشر يا محمّد فإنّي أرى الخير كلّه في اُمّتك فقلت: الحمد لله المنّان ذي النعم على عباده ذلك من فضل ربّي و رحمته عليّ فقال جبرئيل: هو أشدّ الملائكة عملاً فقلت: أ كلّ من مات أو هو ميّت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ فقال: نعم. قلت: و تراهم حيث كانوا و تشهدهم بنفسك؟ فقال: نعم. فقال ملك الموت: ما الدنيا كلّها عندي فيما سخّره الله لي و مكّنني عليها إلّا كالدرهم في كفّ الرجل يقلّبه كيف يشاء، و ما من دار إلّا و أنا أتصّفحه كلّ يوم خمس مرّات، و أقول إذا بكى أهل الميّت على ميّتهم: لا تبكوا عليه فإنّ لي فيكم عودة و عودة حتّى لا يبقى منكم أحد فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كفى بالموت طامّة يا جبرئيل فقال جبرئيل: إنّ ما بعد الموت أطمّ و أطمّ من الموت.

قال: ثمّ مضيت فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيّب و لحم خبيث يأكلون اللحم الخبيث و يدعون الطيّب فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الّذين يأكلون الحرام و يدعون الحلال و هم من اُمّتك يا محمّد.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ رأيت ملكاً من الملائكة جعل الله أمره عجيباً نصف جسده النار و النصف الآخر ثلج فلا النار تذيب الثلج و لا الثلج تطفئ النار و هو ينادي بصوت رفيع و يقول: سبحان الّذي كفّ حرّ هذه النار فلا تذيب الثلج و كفّ برد هذا الثلج فلا يطفئ حرّ هذه النار اللّهمّ يا مؤلّف بين الثلج و النار ألّف بين قلوب عبادك المؤمنين فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك وكلّه الله بأكناف السماء و أطراف الأرضين و هو أنصح ملائكة الله لأهل الأرض من عباده المؤمنين يدعو لهم بما تسمع منذ خلق.

و رأيت ملكين يناديان في السماء أحدهما يقول: اللّهمّ أعط كلّ منفق خلفا و الآخر يقول: اللّهمّ أعط كلّ ممسك تلفا.

ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل يقرض اللحم من جنوبهم و يلقى في أفواههم فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: هؤلاء الهمّازون اللمّازون.

ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام ترضخ رؤسهم بالصخر فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟

٨

فقال: هؤلاء الّذين ينامون عن صلاة العشاء.

ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام تقذف النار في أفواههم و تخرج من أدبارهم فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنّما يأكلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً.

ثمّ مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يدر من عظم بطنه فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء الّذين يأكلون الربا لا يقومون إلّا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشيطان من المسّ، و إذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النار غدوّاً و عشيّاً يقولون ربّنا متى تقوم الساعة؟.

قال: ثمّ مضيت فإذا أنا بنسوان معلّقات بثديهنّ فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل فقال: هؤلاء اللواتي يورثن أموال أزواجهنّ أولاد غيرهم. ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اشتدّ غضب الله على امرأة أدخلت على قوم في نسبهم من ليس منهم فاطّلع على عوراتهم و أكل خزائنهم.

ثمّ قال: مررنا بملائكة من ملائكة الله عزّوجلّ خلقهم الله كيف شاء و وضع وجوههم كيف شاء، ليس شي‏ء من أطباق أجسادهم إلّا و هو يسبّح الله و يحمده من كلّ ناحية بأصوات مختلفة أصواتهم مرتفعة بالتحميد و البكاء من خشية الله فسألت جبرئيل عنهم فقال: كما ترى خلقوا إنّ الملك منهم إلى جنب صاحبه ما كلّمه كلمة قطّ و لا رفعوا رؤسهم إلى ما فوقها و لا خفضوها إلى ما تحتها خوفاً من الله و خشوعاً فسلّمت عليهم فردّوا عليّ إيماء برؤسهم لا ينظرون إليّ من الخشوع فقال لهم جبرئيل: هذا محمّد نبيّ الرحمة أرسله الله إلى العباد رسولاً و نبيّاً. و هو خاتم النبيّين و سيّدهم أ فلا تكلّمونه؟ قال: فلمّا سمعوا ذلك من جبرئيل أقبلوا عليّ بالسلام و أكرموني و بشّروني بالخير لي و لاُمّتي.

قال: ثمّ صعدنا إلى السماء الثانية فإذا فيها رجلان متشابهان فقلت: من هذان يا جبرئيل؟ فقال لي: ابنا الخالة يحيى و عيسىعليهما‌السلام فسلّمت عليهما و سلّما عليّ و استغفرت لهما و استغفرا لي و قالا: مرحبا بالأخ الصالح و النبيّ الصالح

٩

و إذا فيها من الملائكة و عليهم الخشوع قد وضع الله وجوههم كيف شاء ليس منهم ملك إلّا يسبّح الله بحمده بأصوات مختلفة.

ثمّ صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل فضل حسنه على سائر الخلق كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا أخوك يوسف فسلّمت عليه و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي، و قال: مرحبا بالنبيّ الصالح و الأخ الصالح و المبعوث في الزمن الصالح، و إذا فيها ملائكة عليهم من الخشوع مثل ما وصفت في السماء الاُولى و الثانية، و قال لهم جبرئيل في أمري ما قال للآخرين و صنعوا فيّ مثل ما صنع الآخرون.

ثمّ صعدنا إلى السماء الرابعة و إذا فيها رجل فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إدريس رفعه الله مكاناً عليّاً فسلّمت عليه و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي، و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السّماوات الّتي عبرناها فبشّروني بالخير لي و لاُمّتي ثمّ رأيت ملكاً جالساً على سرير تحت يديه سبعون ألف ملك تحت كلّ ملك سبعون ألف ملك فوقع في نفس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه هو فصاح به جبرئيل فقال: قم فهو قائم إلى يوم القيامة.

ثمّ صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين لم أر كهلا أعظم منه حوله ثلّة من اُمّته فأعجبني كثرتهم فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا المحبّب في قومه هارون بن عمران فسلّمت عليه و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.

ثمّ صعدنا إلى السماء السادسة و إذا فيها رجل آدم طويل كأنّه من شنوة و لو أنّ له قميصين لنفذ شعره فيهما و سمعته يقول: يزعم بنو إسرائيل أنّي أكرم ولد آدم على الله و هذا رجل أكرم على الله منّي فقلت: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا أخوك موسى بن عمران فسلّمت عليه و سلّم عليّ و استغفرت له و استغفر لي، و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات.

قال: ثمّ صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلّا قالوا:

١٠

يا محمّد احتجم و أمر اُمّتك بالحجامة، و إذا فيها رجل أشمط الرأس و اللحية جالس على كرسيّ فقلت: يا جبرئيل من هذا الّذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله؟ فقال: هذا يا محمّد أبوك إبراهيم و هذا محلّك و محلّ من اتّقى من اُمّتك ثمّ قرأ رسول الله:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) فسلّمت عليه و سلّم عليّ و قال: مرحبا بالنبيّ الصالح و الابن الصالح و المبعوث في الزمن الصالح و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات فبشّروني بالخير لي و لاُمّتي.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : و رأيت في السماء السابعة بحاراً من نور تتلألأ تلألؤها يخطف بالأبصار، و فيها بحار من ظلمة و بحار من ثلج ترعد فكلّما فزعت و رأيت هولا سألت جبرئيل فقال: أبشر يا محمّد و اشكر كرامة ربّك و اشكر الله بما صنع إليك قال: فثبّتني الله بقوّته و عونه حتّى كثر قولي لجبرئيل و تعجّبي.

فقال جبرئيل: يا محمّد تعظّم ما ترى؟ إنّما هذا خلق من خلق ربّك فكيف بالخالق الّذي خلق ما ترى و ما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربّك إنّ بين الله و بين خلقه سبعين ألف حجاب و أقرب الخلق إلى الله أنا و إسرافيل و بيننا و بينه أربعة حجب حجاب من نور و حجاب من الظلمة و حجاب من الغمامة و حجاب من الماء.

قال: و رأيت من العجائب الّتي خلق الله و سخّر على ما أراده ديكاً رجلاه في تخوم الأرضين السابعة و رأسه عند العرش و هو ملك من ملائكة الله تعالى خلقه الله كما أراد رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ثمّ أقبل مصعداً حتّى خرج في الهواء إلى السماء السابعة و انتهى فيها مصعداً حتّى انتهى قرنه إلى قرب العرش و هو يقول: سبحان ربّي حيثما كنت لا تدري أين ربّك من عظم شأنه، و له جناحان في منكبه إذا نشرهما جاوزا المشرق و المغرب فإذا كان في السحر نشر جناحيه و خفق بهما و صرخ بالتسبيح يقول: سبحان الله الملك القدّوس، سبحان الله الكبير المتعال لا إله إلّا الله الحيّ القيّوم و إذا قال ذلك سبّحت ديوك الأرض كلّها و خفقت بأجنحتها و أخذت بالصراخ فإذا سكت ذلك الديك في السماء سكت ديوك الأرض كلّها، و

١١

لذلك الديك زغب أخضر و ريش أبيض كأشدّ بياض ما رأيته قطّ، و له زغب أخضر أيضاً تحت ريشه الأبيض كأشدّ خضرة ما رأيتها قطّ.

قال: ثمّ مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور فصلّيت فيه ركعتين و معي اُناس من أصحابي عليهم ثياب جدد و آخرين عليهم ثياب خلقان فدخل أصحاب الجدد و جلس أصحاب الخلقان.

ثمّ خرجت فانقاد لي نهران نهر يسمّى الكوثر و نهر يسمّى الرحمة فشربت من الكوثر و اغتسلت من الرحمة ثمّ انقاداً لي جميعاً حتّى دخلت الجنّة و إذا على حافتيها بيوتي و بيوت أهلي و إذا ترابها كالمسك، و إذا جارية تنغمس في أنهار الجنّة فقلت: لمن أنت يا جارية؟ فقالت: لزيد بن حارثة فبشّرته بها حين أصبحت، و إذا بطيرها كالبخت، و إذا رمّانها مثل الدليّ العظام، و إذا شجرة لو اُرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمائة سنة، و ليس في الجنّة منزل إلّا و فيه غصن منها فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال: هذه شجرة طوبى قال الله( طُوبى‏ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ ) .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فلمّا دخلت الجنّة رجعت إلى نفسي فسألت جبرئيل عن تلك البحار و هولها و أعاجيبها فقال: هي سرادقات الحجب الّتي احتجب الله تبارك و تعالى بها و لو لا تلك الحجب لهتك نور العرش كلّ شي‏ء فيه.

و انتهيت إلى سدرة المنتهى فإذا الورقة منها تظلّ اُمّة من الاُمم فكنت منها كما قال الله تعالى( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى‏ ) فناداني( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) فقلت أنا مجيبا عنّي و عن اُمّتي:( وَ الْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ (وَ مَلائِكَتِهِ) وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) فقال الله:( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها، لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ ) فقلت:( رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا ) فقال الله لا أؤاخذك، فقلت:( رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ) فقال الله: لا أحملك فقلت:( رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَ اعْفُ عَنَّا وَ اغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ) فقال الله تبارك و تعالى: قد أعطيتك ذلك لك و لاُمّتك، فقال الصادقعليه‌السلام ما وفد

١٢

إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين سأل لاُمّته هذه الخصال.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ربّ أعطيت أنبياءك فضائل فأعطني فقال الله: قد أعطيتك فيما أعطيتك كلمتين من تحت عرشي: لا حول و لا قوّة إلّا بالله، و لا منجا منك إلّا إليك.

قال: و علّمتني الملائكة قولاً أقوله إذا أصبحت و أمسيت: اللّهمّ إنّ ظلمي أصبح مستجيراً بعفوك، و ذنبي أصبح مستجيراً بمغفرتك و ذلّي أصبح مستجيراً بعزّتك، و فقري أصبح مستجيراً بغناك و وجهي الفاني أصبح مستجيراً بوجهك الباقي الّذي لا يفنى، و أقول ذلك إذا أمسيت.

ثمّ سمعت الأذان فإذا ملك يؤذّن لم ير في السماء قبل تلك اللّيلة فقال: الله أكبر الله أكبر فقال الله: صدق عبدي أنا أكبر من كلّ شي‏ء فقال:( أشهد أن لا إله إلّا الله أشهد أن لا إله إلّا الله) فقال الله: صدق عبدي أنا الله لا إله إلّا أنا و لا إله غيري فقال:( أشهد أنّ محمّداً رسول الله أشهد أنّ محمّداً رسول الله) فقال الله: صدق عبدي إنّ محمّداً عبدي و رسولي أنا بعثته و انتجبته فقال:( حيّ على الصلاة حيّ على الصلاة) فقال: صدق عبدي دعا إلى فريضتي فمن مشى إليها راغباً فيها محتسبا كانت له كفّارة لما مضى من ذنوبه فقال:( حيّ على الفلاح حيّ على الفلاح) فقال الله: هي الصلاح و النجاح و الفلاح. ثمّ أممت الملائكة في السماء كما أممت الأنبياء في بيت المقدّس.

قال: ثمّ غشيتني ضبابة فخررت ساجداً فناداني ربّي أنّي قد فرضت على كلّ نبيّ كان قبلك خمسين صلاة و فرضتها عليك و على اُمّتك فقم بها أنت في اُمّتك قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فانحدرت حتّى مررت على إبراهيم فلم يسألني عن شي‏ء حتّى انتهيت إلى موسى فقال: ما صنعت يا محمّد؟ فقلت: قال ربّي: فرضت على كلّ نبيّ كان قبلك خمسين صلاة و فرضتها عليك و على اُمّتك. فقال موسى: يا محمّد إنّ اُمّتك آخر الاُمم و أضعفها و إنّ ربّك لا يزيده شي‏ء و إنّ اُمّتك لا تستطيع أن تقوم بها فارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف لاُمّتك.

١٣

فرجعت إلى ربّي حتّى انتهيت إلى سدرة المنتهى فخررت ساجداً ثمّ قلت: فرضت عليّ و على اُمّتي خمسين صلاة و لا اُطيق ذلك و لا اُمّتي فخفّف عني فوضع عنّي عشراً فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع لا تطيق فرجعت إلى ربّي فوضع عنّي عشراً فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع و في كلّ رجعة أرجع إليه أخّر ساجداً حتّى رجع إلى عشر صلوات فرجعت إلى موسى و أخبرته فقال: لا تطيق فرجعت إلى ربّي فوضع عنّي خمساً فرجعت إلى موسى و أخبرته فقال: لا تطيق فقلت: قد استحيت من ربّي و لكن أصبر عليها فناداني مناد: كما صبرت عليها فهذه الخمس بخمسين كلّ صلاة بعشر، و من همّ من اُمّتك بحسنة يعملها فعملها كتبت له عشراً و إن لم يعمل كتبت له واحدة، و من همّ من اُمّتك بسيّئة فعملها كتبت عليه واحدة و إن لم يعملها لم أكتب عليه.

فقال الصادقعليه‌السلام : جزى الله موسى عن هذه الاُمّة خيراً فهذا تفسير قول الله:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

أقول: و قد ورد ما يقرب ممّا قصّته هذه الرواية في روايات كثيرة جدّاً من طرق الشيعة و أهل السنّة، و قوله في الرواية( رجلاً آدماً) يقال: رجل آدم أي أسمر اللون، و الطامّة هي الأمر الشديد الّذي يغلب ما سواه، و لذلك سمّيت القيامة بالطامّة، و الأكتاف جمع كتف و المراد الأطراف و النواحي، و قوله:( فوقع في نفس رسول الله أنّه هو) أي أنّه الملك الّذي يدبّر أمر العالم و ينتهي إليه كلّ أمر.

و قوله: شنوة بالشين و النون و الواو و ربّما يهمز قبيلة كانوا معروفين بطول القامة، و قوله:( أشمط الرأس و اللحية) الشمط بياض الشعر يخالطه سواد، و الزغب أوّل ما يبدو من الشعر و الريش و صغارهما، و البخت الإبل الخراسانيّ و الدليّ بضمّ الدال و كسر اللام و تشديد الياء جمع دلو على فعول، و الصبابة بفتح الصاد المهملة و الباء الموحّدة الشوق و الهوى الرقيق و بالمعجمة مضمومة الغيم الرقيق.

١٤

و في أمالي الصدوق، عن أبيه عن عليّ عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام قال: لمّا اُسري برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت المقدّس حمله جبرئيل على البراق فأتيا بيت المقدّس و عرض عليه محاريب الأنبياء و صلّى بها و ردّه فمرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجوعه بعير لقريش و إذا لهم ماء في آنية و قد أضلّوا بعيرا لهم و كانوا يطلبونه فشرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذلك الماء و أهرق باقيه.

فلمّا أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لقريش: إنّ الله جلّ جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدّس و أراني آثار الأنبياء و منازلهم، و إنّي مررت بعير لقريش في موضع كذا و كذا و قد أضلّوا بعيراً لهم فشربت من مائهم و أهرقت باقي ذلك فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة منه فاسألوه كم الأساطين فيها و القناديل؟ فقالوا: يا محمّد إنّ هاهنا من قد دخل بيت المقدّس فصف لنا كم أساطينه و قناديله و محاريبه؟ فجاء جبرئيل فعلّق صورة بيت المقدّس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه فلمّا أخبرهم، قالوا: حتّى يجي‏ء العير و نسألهم عمّا قلت، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تصديق ذلك أنّ العير يطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أورق.

فلمّا كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة و يقولون هذه الشمس تطلع الساعة فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق فسألوهم عمّا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا: لقد كان هذا: ضلّ جمل لنا في موضع كذا و كذا، و وضعنا ماء فأصبحنا و قد اُهريق الماء فلم يزدهم ذلك إلّا عتوّا.

أقول: و في معناها روايات اُخرى من طرق الفريقين.

و فيه، بإسناده عن عبدالله بن عبّاس قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا اُسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له النور و هو قوله عزّوجلّ:( جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ) فلمّا انتهى به إلى ذلك قال له جبرئيل: يا محمّد اعبر على بركة الله فقد نوّر الله لك بصرك و مدّ لك أمامك فإنّ هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل غير أنّ لي في كلّ يوم اغتماسة فيه ثمّ أخرج منه

١٥

فأنفض أجنحتي فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلّا خلق الله تبارك و تعالى منها ملكاً مقرّباً له عشرون ألف وجه و أربعون ألف لسان كلّ لسان يلفظ بلغة لا يفقهها اللسان الآخر.

فعبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى انتهى إلى الحجب و الحجب خمس مائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ثمّ قال: تقدّم يا محمّد فقال له: يا جبرئيل و لم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان فتقدّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما شاء الله أن يتقدّم حتّى سمع ما قال الربّ تبارك و تعالى: أنا المحمود و أنت محمّد شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته و من قطعك بتكته انزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إيّاك و أنّي لم أبعث نبيّاً إلّا جعلت له وزيراً و إنّك رسولي و إنّ عليّاً وزيرك.

و في المناقب، عن ابن عبّاس في خبر: و سمع يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوتا( آمنّا بربّ العالمين) قال يعني جبرئيل: هؤلاء سحرة فرعون، و سمع لبيّك اللّهمّ لبيّك قال: هؤلاء الحجّاج، و سمع التكبير قال: هؤلاء الغزاة، و سمع التسبيح قال: هؤلاء الأنبياء.

فلمّا بلغ إلى سدرة المنتهى و انتهى إلى الحجب، قال جبرئيل: تقدّم يا رسول الله ليس لي أن أجوز هذا المكان و لو دنوت أنملة لاحترقت.

و في الإحتجاج، عن ابن عبّاس قال: قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما احتجّ على اليهود: حملت على جناح جبرئيل حتّى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى حتّى تعلّقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش: إنّي أنا الله لا إله إلّا أنا السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر الرؤف الرحيم فرأيته بقلبي و ما رأيته بعيني. الخبر.

و في الكافي، بإسناده عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفرعليه‌السلام في السنة الّتي كان حجّ فيها هشام بن عبدالملك و كان معه نافع مولى عمر بن الخطّاب فنظر نافع إلى أبي جعفرعليه‌السلام في ركن البيت و قد اجتمع إليه الناس فقال نافع:

١٦

يا أميرالمؤمنين من هذا الّذي قد تداكّ عليه الناس؟ فقال: هذا نبيّ أهل الكوفة هذا محمّد بن عليّ فقال: اشهد لآتينّه فلأسألنّه من مسائل لا يجيبني فيها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ أو ابن نبيّ. قال: فاذهب إليه و اسأله لعلّك تخجله.

فجاء نافع حتّى اتّكى على الناس ثمّ أشرف على أبي جعفرعليه‌السلام و قال: يا محمّد بن عليّ إنّي قرأت التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و قد عرفت حلالها و حرامها، و قد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ أو ابن نبيّ. قال: فرفع أبوجعفرعليه‌السلام رأسه و قال: سل عمّا بدا لك.

فقال: أخبرني كم بين عيسى و بين محمّد من سنة؟ قال: اُخبرك بقولي أو بقولك قال: أخبرني بالقولين جميعاً قال: أمّا في قولي فخمسمائة سنة، و أمّا في قولك فستّمائة سنة، قال: فأخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ) من الّذي سأله محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و كان بينه و بين عيسىعليه‌السلام خمسمائة سنة؟.

قال: فتلا أبوجعفرعليه‌السلام هذه الآية:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) فكان من الآيات الّتي أراها الله تبارك و تعالى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث أسري به إلى البيت المقدّس أن حشر الله الأوّلين و الآخرين من النبيّين و المرسلين ثمّ أمر جبرئيل فأذّن شفعا و أقام شفعا، و قال في أذانه حيّ على خير العمل ثمّ تقدّم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بالقوم.

فلمّا انصرف قال لهم: على ما تشهدون؟ ما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له و أنّك رسول الله اُخذ على ذلك عهودنا و مواثيقنا. فقال: نافع: صدقت يا أباجعفر.

و في العلل، بإسناد عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين عليّ بن الحسينعليه‌السلام عن الله جلّ جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى الله عن ذلك قلت: فلم أسرى بنبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السماوات و ما فيها من عجائب صنعه و بدائع خلقه.

١٧

قلت: فقول الله عزّوجلّ:( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) قال: ذاك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثمّ تدلّى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتّى ظنّ أنّه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.

و في تفسير القمّيّ، بإسناده عن إسماعيل الجعفيّ قال: كنت في المسجد الحرام قاعداً و أبوجعفرعليه‌السلام في ناحية فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرّة و إلى الكعبة مرّة ثمّ قال:( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) و كرّر ذلك ثلاث مرّات ثمّ التفت إليّ فقال: أيّ شي‏ء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقيّ؟ قلت: يقولون: أسري به من المسجد الحرام إلى البيت المقدّس. فقال: ليس هو كما يقولون و لكنّه اُسري به من هذه إلى هذه و أشار بيده إلى السماء و قال: ما بينهما حرم.

قال: فلمّا انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلّف عنه جبرئيل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل أ في مثل هذا الموضع تخذلني؟ فقال: تقدّم أمامك فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت ربّي و حال بيني و بينه السبحة قال: قلت: و ما السبحة جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض و أومأ بيده إلى السماء و هو يقول: جلال ربّي جلال ربّي، ثلاث مرّات. قال: يا محمّد قلت: لبّيك يا ربّ قال: فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت: سبحانك لا علم لي إلّا ما علّمتني.

قال: فوضع يده بين ثدييّ فوجدت بردها بين كتفيّ. قال: فلم يسألني عمّا مضى و لا عمّا بقي إلّا علمته فقال: يا محمّد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: في الدرجات و الكفّارات و الحسنات فقال: يا محمّد إنّه قد انقضت نبوّتك و انقطع أكلك فمن وصيّك؟ فقلت: يا ربّ إنّي قد بلوت خلقك فلم أر فيهم من خلقك أحداً أطوع لي من عليّ فقال: و لي يا محمّد فقلت: يا ربّ إنّي قد بلوت خلقك فلم أر من خلقك أحداً أشدّ حبّاً لي من عليّ بن أبي طالب قال: و لي يا محمّد فبشّره بأنّه آية الهدى و إمام أوليائي و نور لمن أطاعني و الكلمة الباقية الّتي ألزمتها المتّقين من أحبّه أحبّني

١٨

و من أبغضه أبغضني مع ما أنّي أخصّه بما لم أخصّ به أحداً فقلت: يا ربّ أخي و صاحبي و وزيري و وارثي فقال: إنّه أمر قد سبق إنّه مبتلى و مبتلى به مع ما أنّي قد نحلته و نحلته و نحلته و نحلته أربعة أشياء عقدها بيده و لا يفصح بما عقدها.

أقول: قولهعليه‌السلام :( و لكنّه اُسري به من هذه إلى هذه) أي من الكعبة إلى البيت المعمور، و ليس المراد به نفي الإسراء إلى بيت المقدّس و لا تفسير المسجد الأقصى في الآية بالبيت المعمور بل المراد نفي أن ينتهي الإسراء إلى بيت المقدّس و لا يتجاوزه فقد استفاضت الروايات بتفسير المسجد الأقصى ببيت المقدّس.

و قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( فرأيت ربّي) أي شاهدته بعين قلبي كما تقدّم في بعض الروايات السابقة و يؤيّده تفسير الرؤية بذلك في روايات اُخر.

و قوله:( و حالت بيني و بينه السبحة) أي بلغت من القرب و الزلفى مبلغا لم يبق بيني و بينه إلّا جلاله، و قوله: فوضع يده بين ثدييّ إلخ كناية عن الرحمة الإلهيّة، و محصّله نزول العلم من لدنه تعالى على قلبه بحيث يزيل كلّ ريب و شكّ.

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و مسلم و ابن مردويه من طريق ثابت عن أنس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اُتيت بالبراق و هو دابّة أبيض طويل فوق الحمار و دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتّى أتيت بيت المقدّس فربطته بالحلقة الّتي يربط بها الأنبياء ثمّ دخلت المسجد فصلّيت فيه ركعتين.

ثمّ خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر و إناء من لبن فاخترت اللّبن فقال جبريل: اخترت الفطرة ثمّ عرج بنا إلى سماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال: جبريل قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحّب بي و دعا لي بخير.

ثمّ عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال جبريل قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة عيسى بن مريم و يحيى بن زكريّا فرحبّا بي و دعوا لي بخير.

١٩

ثمّ عرج بنا إلى السّماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل قيل: و من معك؟ قال محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف و إذا هو قد اُعطي شطر الحسن فرحّب بي و دعا لي بخير.

ثمّ عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه: قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحّب بي و دعا لي بخير.

ثمّ عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: و من معك، قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحّب بي و دعا لي بخير.

ثمّ عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحّب بي و دعا لي بخير.

ثمّ عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: و من معك؟ قال: محمّد، قيل: و قد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسند ظهره إلى البيت المعمور و إذا يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.

ثمّ ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها فيها كآذان الفيلة و إذا ثمرها كالقلال فلمّا غشيها من أمر الله ما غشي تغيّرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى إليّ ما أوحى و فرض عليّ خمسين صلاة في كلّ يوم و ليلة فنزلت حتّى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربّك على اُمّتك؟ قلت: خمسين صلاة قال: ارجع إلى ربّك فاسأله التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك فإنّي قد بلوت بني إسرائيل و خبّرتهم.

فرجعت إلى ربّي فقلت: يا ربّ خفّف عن اُمّتي فحطّ عنّي خمساً فرجعت إلى موسى فقلت: حطّ عنّي خمساً فقال: إنّ اُمّتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى

٢٠