الميزان في تفسير القرآن الجزء ١٣

الميزان في تفسير القرآن0%

الميزان في تفسير القرآن مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 443

الميزان في تفسير القرآن

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 101131
تحميل: 4366


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 101131 / تحميل: 4366
الحجم الحجم الحجم
الميزان في تفسير القرآن

الميزان في تفسير القرآن الجزء 13

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( بحث روائي)

في تفسير البرهان، عن ابن بابويه بإسناده عن جعفر بن محمّد بن عمارة عن أبيه عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام في حديث: إنّ موسى لمّا كلّمه الله تكليماً، و أنزل عليه التوراة، و كتب له في الألواح من كلّ شي‏ء موعظة و تفصيلاً لكلّ شي‏ء، و جعل آية في يده و عصاه، و في الطوفان و الجراد و القمّل و الضفادع و الدم و فلق البحر و غرق الله فرعون و جنوده عملت البشريّة فيه حتّى قال في نفسه: ما أرى الله عزّوجلّ خلق خلقاً أعلم منّي فأوحى الله إلى جبرئيل: أدرك عبدي قبل أن يهلك، و قل له: إنّ عند ملتقى البحرين رجلاً عابداً فاتّبعه و تعلّم منه.

فهبط جبرئيل على موسى بما أمره به ربّه عزّوجلّ فعلم موسى أنّ ذلك لما حدّثته به نفسه فمضى هو و فتاه يوشع بن نون حتّى انتهيا إلى ملتقى البحرين فوجداً هناك الخضر يعبدالله عزّوجلّ كما قال الله في كتابه:( فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ) الحديث.

أقول: و الحديث طويل يذكر فيه صحبته للخضر و ما جرى بينهما ممّا ذكره الله في كتابه في القصّة.

و روى القصّة العيّاشيّ في تفسيره، بطريقين و القمّيّ في تفسيره، بطريقين مسنداً و مرسلاً، و رواه في الدرّ المنثور، بطرق كثيرة من أرباب الجوامع كالبخاريّ و مسلم و النسائيّ و الترمذيّ و غيرهم عن ابن عبّاس عن اُبيّ بن كعب عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

و الأحاديث متّفقة في معنى ما نقلناه من صدر حديث محمّد بن عمارة، و في أنّ الحوت الّذي حملاه حيّ عند الصخرة و اتّخذ سبيله في البحر سربا لكنّها تختلف في اُمور كثيرة إضافتها إلى ما في القرآن من أصل القصّة.

منها ما يتحصّل من‏ رواية ابن بابويه و القمّيّ: أنّ مجمع البحرين من أرض الشامات و فلسطين بقرينة ذكرهما أنّ القرية الّتي ورداها هي الناصرة الّتي تنسب إليها النصارى، و في بعضها أنّ الأرض كانت آذربيجان: و هو يوافق ما في الدرّ المنثور

٣٨١

عن السدّي: أنّ البحرين هما الكرّ و الرسّ حيث يصبّان في البحر و أنّ القرية كانت تسمّى باجروان و كان أهلها لئاما و روي عن اُبيّ: أنّه إفريقيّة، و عن القرظيّ أنّه طنجة، و عن قتادة أنّه ملتقى بحر الروم و فارس.

و منها ما في بعض الروايات أنّ الحوت كان مشويّا و في أكثرها أنّه كان مملوحا.

و منها ما في مرسلة القمّيّ و روايات الشيخين و النسائيّ و الترمذيّ و غيرهم: أنّه كانت عند الصخرة عين الحياة حتّى في رواية مسلم و غيره أنّ الماء كان ماء الحياة من شرب منه خلد و لا يقاربه شي‏ء ميّت إلّا حيّ فلمّا نزلاً و مسّ الحوت الماء حيّ.

الحديث و في غيرها أنّ فتى موسى توضّأ من الماء فقطرت منه قطرة على الحوت فحيّ، و في غيرها أنّه شرب منه و لم يكن له ذلك فأخذه الخضر و طابقه في سفينة و تركها في البحر فهو بين أمواجها حتّى تقوم الساعة و في بعضها أنّه كانت عند الصخرة عين الحياة الّتي كان يشرب منها الخضر و بقيّة الروايات خالية عن ذكرها.

و منها ما في رواية الصحاح الأربع و غيرها: أنّ الحوت سقط في البحر فاتّخذ سبيله في البحر سربا فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق‏ الحديث، و في بعض هذه الروايات أنّ موسى بعد ما رجع أبصر أثر الحوت فأخذ أثر الحوت يمشيان على الماء حتّى انتهيا إلى جزيرة من جزائر العرب، و في حديث الطبريّ عن ابن عبّاس في القصّة: فرجع يعني موسى حتّى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر و يتبعه موسى يقدّم عصاه يفرج بها عنه الماء و يتبع الحوت و جعل الحوت لا يمسّ شيئاً من البحر إلّا يبس حتّى يكون صخرة، الحديث و بعضها خال عن ذلك.

و منها ما في أكثرها أنّ موسى لقي الخضر عند الصخرة، و في بعضها أنّه ذهب من سرب الحوت أو على الماء حتّى وجده في جزيرة من جزائر البحر، و في بعضها وجده على سطح الماء جالساً أو متّكئا.

و منها اختلافها في أنّ الفتى هل صحبهما أو تركاه و ذهبا.

و منها اختلافها في كيفيّة خرق السفينة و في كيفيّة قتل الغلام و في كيفيّة

٣٨٢

إقامة الجدار و في الكنز الّذي تحته لكنّ أكثر الروايات أنّه كان لوحاً من ذهب مكتوباً فيه مواعظ، و في الأب الصالح فظاهر أكثرها أنّه أبوهما الأقرب، و في بعضها أنّه أبوهما العاشر و في بعضها السابع، و في بعضها بينهما و بينه سبعون أبا و في بعضها كان بينهما و بينه سبعمائة سنة، إلى غير ذلك من جهات الاختلاف.

و في تفسير القمّيّ، عن محمّد بن عليّ بن بلال عن يونس في كتاب كتبوه إلى الرضاعليه‌السلام يسألونه عن العالم الّذي أتاه موسى أيّهما كان أعلم؟ و هل يجوز أن يكون على موسى حجّة في وقته؟ فكتب في الجواب: أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر إمّا جالساً و إمّا متّكئاً فسلّم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان الأرض ليس بها سلام.

قال: من أنت؟ قال: أنا موسى بن عمران. قال: أنت موسى بن عمران الّذي كلّمه الله تكليماً؟ قال: نعم. قال: فما حاجتك؟ قال: جئت لتعلّمني ممّا علّمت رشداً. قال: إنّي وكّلت بأمر لا تطيقه، و وكّلت بأمر لا اُطيقه‏ الحديث.

أقول: و هذا المعنى مرويّ في أخبار اُخر من طرق الفريقين.

و في الدرّ المنثور، أخرج الحاكم و صحّحه عن اُبيّ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لمّا لقي موسى الخضر جاء طير فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى: تدري ما يقول هذا الطائر؟ قال: و ما يقول؟ قال: يقول: ما علمك و علم موسى في علم الله إلّا كما أخذ منقاري من الماء.

أقول: و قصّة هذا الطائر وارد في أغلب روايات القصّة.

و في تفسير العيّاشيّ، عن هشام بن سالم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كان موسى أعلم من الخضر.

و فيه، عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان وصيّ موسى يوشع بن نون، و هو فتاه الّذي ذكره في كتابه.

و فيه، عن عبدالله بن ميمون القدّاح عن أبي عبدالله عن أبيهعليهما‌السلام قال: بينما موسى قاعد في ملإ من بني إسرائيل إذ قال له رجل: ما أرى أحداً أعلم بالله منك

٣٨٣

قال موسى: ما أرى فأوحى الله إليه بلى عبدي الخضر فسأل السبيل إليه و كان له الحوت آية إن افتقده، و كان من شأنه ما قصّ الله.

أقول: و ينبغي أن يحمل اختلاف الروايات في علمهما على اختلاف نوع العلم.

و فيه، عن أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله:( فَخَشِينا ) خشي إن أدرك الغلام أن يدعو أبويه إلى الكفر فيجيبانه من فرط حبّهما له.

و فيه، عن عثمان عن رجل عن أبي عبداللهعليه‌السلام :في قول الله:( فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَ أَقْرَبَ رُحْماً ) قال: إنّه ولدت لهما جارية فولدت غلاماً فكان نبيّاً.

أقول: و في أكثر الروايات أنّها ولد منها سبعون نبيّاً و المراد ثبوت الواسطة.

و فيه، عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أباعبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده و ولد ولده و يحفظه في دويرته و دويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله. ثمّ ذكر الغلامين فقال:( وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً ) أ لم تر أنّ الله شكر صلاح أبويهما لهما؟.

و فيه، عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن آبائهعليه‌السلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إنّ الله ليخلف العبد الصالح بعد موته في أهله و ماله و إن كان أهله أهل سوء ثمّ قرأ هذه الآية إلى آخرها( وَ كانَ أَبُوهُما صالِحاً ) .

و في الدرّ المنثور، أخرج ابن مردويه عن جابر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله يصلح بصلاح الرجل الصالح ولده و ولد ولده و أهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم.

أقول: و الروايات في هذا المعنى كثيرة مستفيضة.

و في الكافي، بإسناده عن صفوان الجمّال قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن قول الله عزّوجلّ( وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) فقال: أمّا إنّه ما كان ذهباً و لا فضّة، و إنّما كان أربع كلمات: لا إله إلّا الله، من

٣٨٤

أيقن بالموت لم يضحك، و من أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، و من أيقن بالقدر لم يخش إلّا الله.

أقول: و قد تكاثرت الروايات من طرق الشيعة و أهل السنّة أنّ الكنز الّذي كان تحت الجدار كان لوحاً مكتوباً فيه الكلمات، و في أكثرها أنّه كان لوحاً من ذهب، و لا ينافيه قوله في هذه الرواية:( ما كان ذهباً و لا فضّة) لأنّ المراد به نفي الدينار و الدرهم كما هو المتبادر. و الروايات مختلفة في تعيين الكلمات الّتي كانت مكتوبة على اللوح لكن أكثرها متّفقة في كلمة التوحيد و مسألتي الموت و القدر.

و قد جمع في بعضها بين الشهادتين كما رواه في الدرّ المنثور، عن البيهقيّ في شعب الإيمان عن عليّ بن أبي طالب: في قول الله عزّوجلّ:( وَ كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما ) قال: كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله عجباً لمن يذكر أنّ الموت حقّ كيف يفرح؟ و عجباً لمن يذكر أنّ النار حقّ كيف يضحك؟ و عجباً لمن يذكر أنّ القدر حقّ كيف يحزن؟ و عجباً لمن يرى الدنيا و تصرّفها بأهلها حالاً بعد حال كيف يطمئنّ إليها؟.

٣٨٥

( سورة الكهف الآيات ٨٣ - ١٠٢)

وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ  قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ( ٨٣ ) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ( ٨٤ ) فَأَتْبَعَ سَبَبًا ( ٨٥ ) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا  قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ( ٨٦ ) قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا ( ٨٧ ) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ  وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ( ٨٨ ) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ( ٨٩ ) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا ( ٩٠ ) كَذَٰلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ( ٩١ ) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ( ٩٢ ) حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ( ٩٣ ) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ( ٩٤ ) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ( ٩٥ ) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ  حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا  حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ( ٩٦ ) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ( ٩٧ ) قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي  فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ  وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ( ٩٨ )

٣٨٦

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا( ٩٩) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا( ١٠٠) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا( ١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ  إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا( ١٠٢)

( بيان‏)

الآيات تشتمل على قصّة ذي القرنين، و فيها شي‏ء من ملاحم القرآن.

قوله تعالى: ( وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ) أي يسألونك عن شأن ذي القرنين. و الدليل على ذلك جوابه عن السؤال بذكر شأنه لا تعريف شخصه حتّى اكتفى بلقبه فلم يتعدّ منه إلى ذكر اسمه.

و الذكر إمّا مصدر بمعنى المفعول و المعنى قل سأتلو عليكم منه أي من ذي القرنين شيئاً مذكوراً، و إمّا المراد بالذكر القرآن - و قد سمّاه الله في مواضع من كلامه بالذكر - و المعنى قل سأتلو عليكم منه أي من ذي القرنين أو من الله قرآناً و هو ما يتلو هذه الآية من قوله:( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ ) إلى آخر القصّة، و المعنى الثاني أظهر.

قوله تعالى: ( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَ آتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ سَبَباً ) التمكين الإقدار يقال: مكّنّته و مكّنت له أي أقدرته فالتمكّن في الأرض القدرة على التصرّف فيه بالملك كيفما شاء و أراد. و ربّما يقال: إنّه مصدر مصوغ من المكان بتوهّم أصالة الميم فالتمكين إعطاء الاستقرار و الثبات بحيث لا يزيله عن مكانه أيّ مانع مزاحم.

و السبب الوصلة و الوسيلة فمعنى إيتائه سبباً من كلّ شي‏ء أن يؤتى من كلّ شي‏ء يتوصّل به إلى المقاصد الهامّة الحيويّة ما يستعمله و يستفيد منه كالعقل و العلم

٣٨٧

و الدين و قوّة الجسم و كثرة المال و الجند و سعة الملك و حسن التدبير و غير ذلك و هذا امتنان منه تعالى على ذي القرنين و إعظام لأمره بأبلغ بيان، و ما حكاه تعالى من سيرته و فعله و قوله المملوءة حكمة و قدرة يشهد بذلك.

قوله تعالى: ( فَأَتْبَعَ سَبَباً ) الإتباع اللحوق أي لحق سبباً و اتّخذ وصلة وسيلة يسير بها نحو مغرب الشمس.

قوله تعالى: ( حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً ) تدلّ( حَتَّى ) على فعل مقدّر و تقديره( فسار حتى إذا بلغ) و المراد بمغرب الشمس آخر المعمورة يومئذ من جانب الغرب بدليل قوله:( وَ وَجَدَ عِنْدَها قَوْماً ) .

و ذكروا أنّ المراد بالعين الحمئة العين ذات الحمأة و هي الطين الأسود و أنّ المراد بالعين البحر فربّما تطلق عليه، و أنّ المراد بوجدان الشمس تغرب في عين حمئة أنّه وقف على ساحل بحر لا مطمع في وجود برّ وراءه فرأى الشمس كأنّها تغرب في البحر لمكان انطباق الاُفق عليه قيل: و ينطبق هذه العين الحمئة على المحيط الغربيّ و فيه الجزائر الخالدات الّتي كانت مبدأ الطول سابقاً ثمّ غرقت.

و قرئ( في عين حامية) أي حارّة، و ينطبق على النقاط القريبة من خطّ الاستواء من المحيط الغربي المجاورة لإفريقيّة و لعلّ ذا القرنين في رحلته الغربيّة بلغ سواحل إفريقيّة.

قوله تعالى: ( قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ) القول المنسوب إليه تعالى في القرآن يستعمل في الوحي النبويّ و في الإبلاغ بواسطة الوحي كقوله تعالى:( وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ ) البقرة: ٣٥ و قوله:( وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ ) البقرة: ٥٨، و يستعمل في الإلهام الّذي ليس من النبوّة كقوله:( وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ أَنْ أَرْضِعِيهِ ) القصص: ٧.

و به يظهر أنّ قوله:( قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ ) إلخ لا يدلّ على كونه نبيّاً يوحى إليه لكون قوله تعالى أعمّ من الوحي المختصّ بالنبوّة و لا يخلو قوله:

٣٨٨

( ثُمَّ يُرَدُّ إِلى‏ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ ) إلخ حيث اُورد في سياق الغيبة بالنسبة إليه تعالى من إشعار بأنّ مكالمته كانت بتوسّط نبيّ كان معه فملكه نظير ملك طالوت في بني إسرائيل بإشارة من نبيّهم و هدايته.

و قوله:( إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ) أي إمّا أن تعذّب هؤلاء القوم و إمّا أن تتّخذ فيهم أمراً ذا حسن، فحسنا مصدر بمعنى الفاعل قائم مقام موصوفه أو هو وصف للمبالغة، و قد قيل: إنّ في مقابلة العذاب باتّخاذ الحسن إيماء إلى ترجيحه و الكلام ترديد خبريّ بداعي الإباحة فهو إنشاء في صورة الإخبار، و المعنى لك أن تعذّبهم و لك أن تعفو عنهم كما قيل، لكنّ الظاهر أنّه استخبار عمّا سيفعله بهم من سياسة أو عفو، و هو الأوفق بسياق الجواب المشتمل على التفصيل بالتعذيب و الإحسان( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ) إلخ إذ لو كان قوله:( إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ) إلخ حكماً تخييريّاً لكان قوله:( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ) إلخ تقريراً له و إيذاناً بالقبول و لا كثير فائدة فيه.

و محصّل المعنى: استخبرناه ما ذا تريد أن تفعل بهم من العذاب و الإحسان و قد غلبتهم و استوليت عليهم؟ فقال: نعذّب الظالم منهم ثمّ يردّ إلى ربّه فيعذّبه العذاب النكر، و نحسن إلى المؤمن الصالح و نكلّفه بما فيه يسر.

و لم يذكر المفعول في قوله:( إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ) بخلاف قوله:( إِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً ) لأنّ جميعهم لم يكونوا ظالمين، و ليس من الجائز تعميم العذاب لقوم هذا شأنهم بخلاف تعميم الإحسان لقوم فيهم الصالح و الطالح.

قوله تعالى: ( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى‏ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً ) النكر و المنكر غير المعهود أي يعذّبه عذاباً لا عهد له به، و لا يحتسبه و يترقّبه.

و قد فسّر الظلم بالإشراك. و التعذيب بالقتل فمعنى( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ) أمّا من أشرك و لم يرجع عن شركه فسوف نقتله، و كأنّه مأخوذ من مقابلة( مَنْ ظَلَمَ ) بقوله:( مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ) لكنّ الظاهر من المقابلة أن يكون المراد بالظالم أعمّ ممّن أشرك و لم يؤمن بالله أو آمن و لم يشرك لكنّه لم يعمل

٣٨٩

صالحاً بل أفسد في الأرض، و لو لا تقييد مقابله بالإيمان لكان ظاهر الظلم هو الإفساد من غير نظر إلى الشرك لأنّ المعهود من سيرة الملوك إذا عدلوا أن يطهّروا أرضهم من فساد المفسدين، و كذا لا دليل على تخصيص التعذيب بالقتل.

قوله تعالى: ( وَ أَمَّا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) إلخ( صالِحاً ) وصف اُقيم مقام موصوفه و كذا الحسنى، و( جَزاءً ) حال أو تمييز أو مفعول مطلق و التقدير: و أمّا من آمن و عمل عملاً صالحاً فله المثوبة الحسنى حال كونه مجزيّاً أو من حيث الجزاء أو نجزيه جزاء.

و قوله:( وَ سَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً ) اليسر بمعنى الميسور وصف اُقيم مقام موصوفه و الظاهر أنّ المراد بالأمر الأمر التكليفيّ و تقدير الكلام و سنقول له قولا ميسوراً من أمرنا أي نكلّفه بما يتيسّر له و لا يشقّ عليه.

قوله تعالى: ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ ) إلخ أي ثمّ هيّأ سبباً للسير فسار نحو المشرق حتّى إذا بلغ الصحراء من الجانب الشرقيّ فوجد الشمس تطلع على قوم بدويّين لم نجعل لهم من دونها ستراً.

و المراد بالستر ما يستتر به من الشمس، و هو البناء و اللباس أو خصوص البناء أي كانوا يعيشون على الصعيد من غير أن يكون لهم بيوت يأوون إليها و يستترون بها من الشمس و عراة لا لباس عليهم، و إسناد ذلك إلى الله سبحانه في قوله:( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ ) إلخ إشارة إلى أنّهم لم يتنبّهوا بعد لذلك و لم يتعلّموا بناء البيوت و اتّخاذ الخيام و نسج الأثواب و خياطتها.

قوله تعالى: ( كَذلِكَ وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً ) الظاهر أنّ قوله:( كَذلِكَ ) إشارة إلى وصفهم المذكور في الكلام، و تشبيه الشي‏ء بنفسه مبنيّاً على دعوى المغايرة يفيد نوعاً من التأكيد، و قد قيل في المشار إليه بذلك وجوه اُخر بعيدة عن الفهم.

و قوله:( وَ قَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً ) الضمير لذي القرنين، و الجملة حالية و المعنى أنّه اتّخذ وسيلة السير و بلغ مطلع الشمس و وجد قوماً كذا و كذا في حال أحاط فيها علمنا و خبرنا بما عنده من عدّة و عدّة و ما يجريه أو يجري عليه، و

٣٩٠

الظاهر أنّ إحاطة علمه تعالى بما عنده كناية عن كون ما اختاره و أتى به بهداية من الله و أمر، فما كان يرد و لا يصدر إلّا عن هداية يهتدي بها و أمر يأتمره كما أشار إلى مثل هذا المعنى عند ذكر مسيره إلى المغرب بقوله:( قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ ) إلخ.

فالآية أعني قوله:( وَ قَدْ أَحَطْنا ) إلخ في معناها الكنائي نظيرة قوله:( وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَ وَحْيِنا ) هود: ٣٧، و قوله:( أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) النساء: ١٦٦، و قوله:( وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ ) الجنّ: ٢٨.

و قيل: إنّ الآية لإفادة تعظيم أمره و أنّه لا يحيط بدقائقه و جزئيّاته إلّا الله أو لتهويل ما قاساه ذو القرنين في هذا المسير و أنّ ما تحمّله من المصائب و الشدائد في علم الله لم يكن ليخفى عليه، أو لتعظيم السبب الّذي أتبعه، و ما قدّمناه أوجه.

قوله تعالى: ( ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ) إلى آخر الآية. السدّ الجبل و كلّ حاجز يسدّ طريق العبور و كأنّ المراد بهما الجبلان، و قوله:( وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً ) أي قريباً منهما، و قوله:( لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ) كناية عن بساطتهم و سذاجة فهمهم، و ربّما قيل: كناية عن غرابة لغتهم و بعدها عن اللغات المعروفة عندهم، و لا يخلو عن بعد.

قوله تعالى: ( قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ ) إلخ الظاهر أنّ القائلين هم القوم الّذين وجدهم من دون الجبلين، و يأجوج و مأجوج جيلان من الناس كانوا يأتونهم من وراء الجبلين فيغيرون عليهم و يعمّونهم قتلاً و سبباً و نهباً و الدليل عليه السياق بما فيه من ضمائر اُولي العقل و عمل السدّ بين الجبلين و غير ذلك.

و قوله:( فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً ) الخرج ما يخرج من المال ليصرف في شي‏ء من الحوائج عرضوا عليه أن يعطوه مالا على أن يجعل بينهم و بين يأجوج و مأجوج سدّاً يمنع من تجاوزهم و تعدّيهم عليهم.

قوله تعالى: ( قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ

٣٩١

بَيْنَهُمْ رَدْماً ) أصل( مَكَّنِّي ) مكّنني ثمّ أدغمت إحدى النونين في الاُخرى، و الرّدم السدّ و قيل السدّ القويّ، و على هذا فالتعبير بالردم في الجواب و قد سألوه سدّاً إجابة و وعد بما هو فوق ما استدعوه و أملوه.

و قوله:( قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ ) استغناء من ذي القرنين عن خرجهم الّذي عرضوه عليه على أن يجعل لهم سدّاً يقول: ما مكّنني فيه و أقرّني عليه ربّي من السعة و القدرة خير من المال الّذي تعدونني به فلا حاجة لي إليه.

و قوله:( فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) إلخ القوّة ما يتقوىّ به على الشي‏ء و الجملة تفريع على ما يتحصّل من عرضهم و هو طلبهم منه أن يجعل لهم سدّاً، و محصّل المعنى أمّا الخرج فلا حاجة لي إليه، و أمّا السدّ فإن أردتموه فأعينوني بما أتقوّى به على بنائه كالرجال و ما يستعمل في بنائه - و قد ذكر منها زبر الحديد و القطر و النفخ بالمنافخ - أجعل لكم سدّاً قويّاً.

و بهذا المعنى يظهر أنّ مرادهم بما عرضوا عليه من الخرج الأجر على عمل السدّ.

قوله تعالى: ( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) إلى آخر الآية، الزبر بالضمّ فالفتح جمع زبرة كغرف و غرفة و هي القطعة، و ساوى‏ بمعنى سوّى على ما قيل و قرئ( سوّى ) و الصَّدَفَيْنِ تثنية الصدف و هو أحد جانبي الجبل ذكر بعضهم أنّه لا يقال إلّا إذا كان هناك جبل آخر يوازيه بجانبه فهو من الأسماء المتضائفة كالزوج و الضعف و غيرهما و القطر النحاس أو الصفر المذاب و إفراغه صبّه على الثقب و الخلل و الفرج.

و قوله:( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) أي أعطوني إيّاها لأستعملها في السدّ و هي من القوّة الّتي استعانهم فيها، و لعلّه خصّها بالذكر و لم يذكر الحجارة و غيرها من لوازم البناء لأنّها الركن في استحكام بناء السدّ فجملة( آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) بدل البعض من الكلّ من جملة( فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) أو الكلام بتقدير قال، و هو كثير في القرآن.

و قوله:( حَتَّى إِذا ساوى‏ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا ) في الكلام إيجاز بالحذف

٣٩٢

و التقدير فأعانوه بقوّة و آتوه ما طلبه منهم فبنى لهم السدّ و رفعه حتّى إذا سوّى بين الصدفين قال: انفخوا.

و قوله:( قالَ انْفُخُوا ) الظاهر أنّه من الإعراض عن متعلّق الفعل للدلالة على نفس الفعل و المراد نصب المنافخ على السدّ لإحماء ما وضع فيه من الحديد و إفراغ القطر على خلله و فرجه.

و قوله:( حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ ) إلخ في الكلام حذف و إيجاز، و التقدير فنفخ حتّى إذا جعله أي المنفوخ فيه أو الحديد ناراً أي كالنار في هيئته و حرارته فهو من الاستعارة.

و قوله:( قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ) أي آتوني قطراً اُفرغه و أصبّه عليه ليسدّ بذلك خلله و يصير السدّ به مصمتا لا ينفذ فيه نافذ.

قوله تعالى: ( فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً ) اسطاع و استطاع واحد، و الظهور العلوّ و الاستعلاء، و النقب الثقب، قال الراغب في المفردات،: النقب في الحائط و الجلد كالثقب في الخشب انتهى و ضمائر الجمع ليأجوج و مأجوج. و في الكلام حذف و إيجاز، و التقدير فبنى السدّ فما استطاع يأجوج و مأجوج أن يعلوه لارتفاعه و ما استطاعوا أن ينقبوه لاستحكامه.

قوله تعالى: ( قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) الدكّاء الدكّ و هو أشدّ الدقّ مصدر بمعنى اسم المفعول، و قيل: المراد الناقة الدكّاء و هي الّتي لا سنام لها و هو على هذا من الاستعارة و المراد به خراب السدّ كما قالوا.

و قوله:( قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ) أي قال ذو القرنين - بعد ما بنى السدّ - هذا أي السدّ رحمة من ربّي أي نعمة و وقاية يدفع به شرّ يأجوج و مأجوج عن اُمم من الناس.

و قوله:( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) في الكلام حذف و إيجاز و التقدير

٣٩٣

و تبقى هذه الرحمة إلى مجي‏ء وعد ربّي فإذا جاء وعد ربّي جعله مدكوكاً و سوّى به الأرض.

و المراد بالوعد إمّا وعد منه تعالى خاصّ بالسدّ أنّه سيندكّ عند اقتراب الساعة فيكون هذا ملحمة أخبر بها ذو القرنين، و إمّا وعده تعالى العامّ بقيام الساعة الّذي يدكّ الجبال و يخرّب الدنيا، و قد أكدّ القول بجملة( وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) .

قوله تعالى: ( وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) إلخ ظاهر السياق أنّ ضمير الجمع للناس و يؤيّده رجوع ضمير( فَجَمَعْناهُمْ ) إلى الناس قطعاً لأنّ حكم الجمع عامّ.

و في قوله:( بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) استعارة، و المراد أنّهم يضطربون يومئذ من شدّة الهول اضطراب البحر باندفاع بعضه إلى بعض فيرتفع من بينهم النظم و يحكم فيهم الهرج و المرج و يعرض عنهم ربّهم فلا يشملهم برحمته، و لا يصلح شأنهم بعنايته.

فالآية بمنزلة التفصيل للإجمال الّذي في قول ذي القرنين:( فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) و نظيره قوله تعالى في موضع آخر:( حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ ) الأنبياء: ٩٧. و هي على أيّ حال من الملاحم.

و قد بان ممّا مرّ أنّ الترك في الآية بمعناه المتبادر منه و هو خلاف الأخذ و لا موجب لما ذكره بعضهم: أنّ الترك بمعنى الجعل و هو من الأضداد انتهى.

و الآية من كلام الله سبحانه و ليست من تمام كلام ذي القرنين و الدليل عليه تغيير السياق من الغيبة إلى التكلّم مع الغير الّذي هو سياق كلامه السابق( إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ ) ( قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ ) ، و لو كان من تمام كلام ذي القرنين لقيل: و ترك بعضهم على حذاء قوله:( جَعَلَهُ دَكَّاءَ ) .

و قوله:( وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ ) إلخ هي النفخة الثانية الّتي فيها الإحياء بدليل

٣٩٤

قوله( فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ) .

قوله تعالى: ( الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) تفسير للكافرين و هؤلاء هم الّذين ضرب الله بينهم و بين ذكره سدّاً حاجزاً - و بهذه المناسبة تعرّض لحالهم بعد ذكر سدّ يأجوج و مأجوج - فجعل أعينهم في غطاء عن ذكره و أخذ استطاعة السمع عن آذانهم فانقطع الطريق بينهم و بين الحقّ و هو ذكر الله.

فإنّ الحق إنّما ينال إمّا من طريق البصر بالنظر إلى آيات الله سبحانه و الاهتداء إلى ما تدلّ عليه و تهدي إليه، و إمّا من طريق السمع باستماع الحكمة و الموعظة و القصص و العبر، و لا بصر لهؤلاء و لا سمع.

قوله تعالى: ( أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ ) إلخ الاستفهام للإنكار قال في المجمع: معناه أ فحسب الّذين جحدوا توحيد الله أن يتّخذوا من دوني أرباباً ينصرونهم و يدفعون عقابي عنهم قال: و يدلّ على هذا المحذوف قوله:( إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا ) انتهى.

و هناك وجه ثان منقول عن ابن عبّاس و هو أنّ المعنى أ فحسب الّذين كفروا أن يتّخذوا من دوني آلهة و أنا لا أغضب لنفسي عليهم و لا اُعاقبهم.

و وجه ثالث: و هو أنّ( أَنْ يَتَّخِذُوا ) إلخ مفعول أوّل لحسب بمعنى ظنّ و مفعوله الثاني محذوف، و التقدير أ فحسب الّذين كفروا اتّخاذهم عبادي من دوني أولياء نافعاً لهم أو دافعاً للعقاب عنهم، و الفرق بين هذا الوجه و الوجهين السابقين أنّ( أَنْ ) و صلته قائمة مقام المفعولين فيهما و المحذوف بعض الصلة فيهما بخلاف الوجه الثالث فأن و صلته فيه مفعول أوّل لحسب، و المفعول الثاني محذوف.

و وجه رابع: و هو أن يكون أن و صلته سادّة مسدّ المفعولين و عناية الكلام متوجّهة إلى إنكار كون الاتّخاذا اتّخاذاً حقيقة على معنى أنّ ذلك ليس من الاتّخاذ في شي‏ء إذ الاتّخاذ إنّما يكون من الجانبين و المتّخذون متبرّؤن منهم لقولهم:( سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ ) .

٣٩٥

و الوجوه الأربعة مترتّبة في الوجاهة و أوجهها أوّلها و سياق هذه الآيات يساعد عليه فإنّ هذه الآيات بل عامّة آيات السورة مسوقة لبيان أنّهم فتنوا بزينة الحياة الدنيا و اشتبه عليهم الأمر فاطمأنّوا إلى ظاهر الأسباب فاتّخذوا غيره تعالى أولياء من دونه فهم يظنّون أنّ ولايتهم تكفيهم و تنفعهم و تدفع عنهم الضرّ و الحال أنّ ما سيلقونه بعد النفخ و الجمع يناقض ذلك فالآية تنكر عليهم هذا الظنّ و الحسبان بعد ما كان مآل أمرهم ذلك. ثمّ إنّ إمكان قيام أن و صلته مقام مفعولي حسب و قد ورد في كلامه تعالى كثيراً كقوله:( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا ) الجاثية: ٢١ و غيره يغني عن تقدير مفعول ثان محذوف و قد منع عنه بعض النحاة.

و تؤيّده الآيات التالية:( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا ) إلخ و كذا القراءة المنسوبة إلى عليّعليه‌السلام و عدّة منهم، أ فحسب بسكون السين و ضمّ الباء و المعنى أ فاتّخاذ عبادي من دوني أولياء كاف لهم.

و المراد بالعباد في قوله:( أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ ) كلّ من يعبده الوثنيّون من الملائكة و الجنّ و الكمّلين من البشر.

و أمّا ما ذكره المفسّرون أنّ المراد بهم المسيحعليه‌السلام و الملائكة و نحوهم من المقرّبين دون الشياطين لأنّ الأكثر في مثل هذا اللفظ( عِبادِي ) أن تكون الإضافة لتشريف المضاف.

ففيه أوّلاً أنّ المقام لا يناسب التشريف. و هو ظاهر. و ثانياً أنّ قيد( مِنْ دُونِي ) في الكلام صريح في أنّ المراد بالذين كفروا هم الوثنيّون الّذين لا يعبدون الله مع الاعتراف باُلوهيّته و إنّما يعبدون الشركاء الشفعاء؟ و أمّا أهل الكتاب مثلاً النصارى في اتّخاذهم المسيح وليّاً فإنّهم لا ينفون ولاية الله بل يثبتون الولايتين معاً ثمّ يعدّونهما واحداً فافهم ذلك فالحقّ أنّ قوله:( عِبادِي ) لا يعمّ المسيح و من كان مثله من البشر بل يختصّ بآلهة الوثنيّين و المراد بقوله( الَّذِينَ كَفَرُوا ) الوثنيّون فحسب.

٣٩٦

و قوله:( إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا ) أي شيئاً يتمتّعون به عند أوّل نزولهم الدار الآخرة شبّه الدار الآخرة بالدار ينزلها الضيف و جهنّم بالنزل الّذي يكرم به الضيف النزيل لدى أوّل وروده، و يزيد هذا التشبيه لطفاً و جمالاً ما سيأتي بعد آيتين أنّهم لا يقام لهم وزن يوم القيامة فكأنّهم لا يلبثون دون أن يدخلوا النار، و في الآية من التهكّم ما لا يخفى، و كأنّما قوبل به ما سيحكى من تهكّمهم في الدنيا بقوله:( وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ رُسُلِي هُزُواً ) .

( بحث روائي‏)

في تفسير القمّيّ: فلمّا أخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخبر موسى و فتاه و الخضر قالوا له فأخبرنا عن طائف طاف الأرض: المشرق و المغرب من هو؟ و ما قصّته؟ فأنزل الله:( وَ يَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ) الآيات.

أقول: و قد تقدّم في الكلام على قصّة أصحاب الكهف تفصيل هذه الرواية و روي أيضاً ما في معناه في الدرّ المنثور، عن ابن أبي حاتم عن السدّيّ و عن عمر مولى غفرة.

و اعلم أنّ الروايات المرويّة من طرق الشيعة و أهل السنّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و من طرق الشيعة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام و كذا الأقوال المنقولة عن الصحابة و التابعين و يعامل معها أهل السنّة معاملة الأحاديث الموقوفة في قصّة ذي القرنين مختلفة اختلافاً عجيباً متعارضة متهافتة في جميع خصوصيّات القصّة و كافّة أطرافها و هي مع ذلك مشتملة على غرائب يستوحش منها الذوق السليم أو يحيلها العقل و ينكرها الوجود لا يرتاب الباحث الناقد إذا قاس بعضها إلى بعض و تدبّر فيها أنّها غير سليمة عن الدسّ و الوضع و مبالغات عجيبة في وصف القصّة و أغربها ما روي عن علماء اليهود الّذين أسلموا كوهب بن منبّه و كعب الأحبار أو ما يشعر القرائن أنّه مأخوذ منهم فلا يجدينا و الحال هذه نقلها بالاستقصاء على كثرتها و طولها، و

٣٩٧

إنّما نشير بعض الإشارة إلى وجوه اختلافها، و نقتصر على نقل ما يسلم عن الاختلاف في الجملة:

فمن الاختلاف اختلافها في نفسه فمعظم الروايات على أنّه كان بشراً، و قد ورد(١) في بعضها أنّه كان ملكاً سماويّاً أنزله الله إلى الأرض و آتاه من كلّ شي‏ء سبباً. و في خطط المقريزيّ عن الجاحظ في كتاب الحيوان، أنّ ذا القرنين كانت اُمّه آدميّة و أبوه من الملائكة.

و من ذلك الاختلاف في سمته ففي أكثر الروايات أنّه كان عبداً صالحاً أحبّ الله‏ فأحبّه و ناصح الله فناصحه، و في بعضها(٢) أنّه كان محدّثاً يأتيه الملك فيحدّثه و في بعضها(٣) أنّه كان نبيّاً.

و من ذلك الاختلاف في اسمه ففي بعضها أنّ اسمه(٤) عيّاش، و في بعضها(٥) إسكندر، و في بعضها(٦) مرزيا بن مرزبة اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح،

____________________

(١) رواه في الدرّ المنثور عن الأحوص بن حكيم عن أبيه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و عن الشيرازيّ عن جبير بن نفير عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و عن عدّة عن خالد بن معدان عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و عن عدّة عن عمر بن الخطّاب.

(٢) رواه في الدرّ المنثور عن ابن أبي حاتم و أبي الشيخ عن الباقرعليه‌السلام و في البرهان عن جبرئيل بن أحمد عن الأصبغ بن نباتة عن عليّعليه‌السلام و في نور الثقلين عن اُصول الكافي عن الحارث ابن المغيرة عن أبي جعفرعليه‌السلام .

(٣) رواه العيّاشيّ عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي جعفرعليه‌السلام و رواه في الدرّ المنثور عن أبي الشيخ عن أبي الورقاء عن عليّعليه‌السلام و في هذا المعنى روايات اُخرى.

(٤) كما في تفسير العيّاشيّ عن الأصبغ بن نباتة عن عليّعليه‌السلام ، و في البرهان عن الثماليّ عن الباقرعليه‌السلام .

(٥) كما يظهر من رواية قرب الإسناد للحميري عن الكاظمعليه‌السلام و رواية الدرّ المنثور عن عدّة عن عقبة بن عامر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و روايته أيضاً عن عدّة عن وهب.

(٦) في الدرّ المنثور عن ابن المنذر و ابن أبي حاتم و أبي الشيخ من طريق ابن إسحاق عن بعض من أسلم من أهل الكتاب.

٣٩٨

و في بعضها(١) مصعب بن عبدالله من قحطان و في(٢) بعضها صعب بن ذي المراثد أوّل التبابعة و كأنّه التبّع أبوكرب، و في بعضها(٣) عبدالله بن ضحّاك بن معدّ إلى غير ذلك و هي كثيرة.

و من ذلك الاختلاف في وجه تسميته بذي القرنين ففي بعضها(٤) أنّه دعا قومه إلى الله فضربوه على قرنه الأيمن فغاب عنهم زماناً ثمّ جاءهم و دعاهم إلى الله ثانياً فضربوه على قرنه الأيسر فغاب عنهم زماناً ثمّ آتاه الله الأسباب فطاف شرق الأرض و غربها فسمّي بذلك ذا القرنين، و في بعضها(٥) أنّهم قتلوه بالضربة الاُولى ثمّ أحياه الله‏ فجاءهم و دعاهم فضربوه و قتلوه ثانياً ثمّ أحياه الله و رفعه إلى السماء الدنيا ثمّ أنزله إلى الأرض و آتاه من كلّ شي‏ء سبباً.

و في بعضها(٦) أنّه نبت له بعد الإحياء الثاني قرنان في موضعي الشجّتين و سخّر الله له النور و الظلمة ثمّ لمّا نزل إلى الأرض سار فيها و دعا إلى الله و كان يزأر كالأسد و يبرق و يرعد قرناه و إذا استكبر عن دعوته قوم سلّط عليهم الظلمة فأعيتهم حتّى اضطرّوا إلى إجابتها.

و في بعضها(٧) أنّه كان له قرنان في رأسه و كان يتعمّم عليهما يواريهما بذلك و هو أوّل من تعمّم و قد كان يخفيهما عن الناس و لم يكن يطّلع على ذلك أحد إلّا

____________________

(١) البداية و النهاية.

(٢) البداية و النهاية عن ابن هشام في التيجان.

(٣) في الخصال عن محمّد بن خالد مرفوعاً، و في البداية و النهاية عن زبير بن بكار عن ابن عبّاس.

(٤) في البرهان عن الصدوق عن الأصبغ عن عليّعليه‌السلام ، و في تفسير القمّيّ عن أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام و في الخصال عن أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام .

(٥) في تفسير العيّاشيّ عن الأصبغ عن عليّعليه‌السلام و في الدرّ المنثور عن ابن مردويه من طريق أبي الطفيل عن عليّعليه‌السلام و رواه العيّاشيّ أيضاً و روي أيضاً في روايات اُخر.

(٦) تفسير العيّاشيّ عن الأصبغ عن عليّعليه‌السلام و في الدرّ المنثور عن عدّة عن وهب بن منبه ما في معناه.

(٧) في الدرّ المنثور عن أبي الشيخ عن وهب بن منبه.

٣٩٩

كاتبه و قد نهاه أن يخبر به أحداً فضاق صدر الكاتب بذلك فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثمّ نادى ألا إنّ للملك قرنين فأنبت الله من كلمته قصبتين فمرّ بهما راع فأعجبهما فقطعهما و اتّخذهما مزماراً فكان إذا زمر خرج من القصبتين: ألا إنّ للملك قرنين فانتشر ذلك في المدينة فأرسل إلى الكاتب و استنطقه و هدّده بالقتل إن لم يصدق فقصّ عليه القصّة فقال ذو القرنين هذا أمر أراد الله أن يبديه فوضع العمامة عن رأسه.

و قيل:(١) سمّي ذا القرنين لأنّه ملك قرني الأرض و هما المشرق و المغرب و قيل:(٢) لأنّه رأى في المنام أنّه أخذ بقرني الشمس فعبّر له بملك الشرق و الغرب و سمّي بذي القرنين، و قيل:(٣) لأنّه كان له عقيصتان في رأسه، و قيل(٤) لأنّه ملك الروم و فارس، و قيل(٥) : لأنّه كان له في رأسه شبه قرنين، و قيل(٦) لأنّه كان على تاجه‏ قرنان من الذهب إلى غير ذلك ممّا قيل.

و من ذلك اختلافها في سيره إلى المغرب و المشرق و فيه أشدّ الاختلاف فقد روي(٧) أنّه سخّر له السحاب فكان يركب السحاب و يسير في الأرض غرباً و شرقاً. و روي(٨) أنّه بلغ جبل قاف و هو جبل أخضر محيط بالدنيا منه خضرة السماء. و روي(٩) أنّه طلب عين الحياة فاُشير عليه أنّها في الظلمات فدخلها و في مقدّمته الخضر

____________________

(١) في الدرّ المنثور عن عدّة عن أبي العالية و ابن شهاب.

(٢) في نور الثقلين عن الخرائج و الحرائج عن العسكريعليه‌السلام عن عليّعليه‌السلام .

(٣) في الدرّ المنثور عن الشيرازيّ عن قتادة.

(٤) في الدرّ المنثور عن عدّة عن وهب.

(٥) المصدر السابق.

(٦) نقله في روح المعاني.

(٧) في عدّة من روايات العامّة و الخاصّة الموردة في الدرّ المنثور و البرهان و نور الثقلين و البحار.

(٨) في البرهان عن جميل عن الصادقعليه‌السلام و في الدرّ المنثور عن عبد بن حميد و غيره عن عكرمة.

(٩) في تفسير القمّيّ عن عليّعليه‌السلام و في تفسير العيّاشيّ عن هشام عن بعض آل محمّدعليه‌السلام و في الدرّ المنثور عن ابن أبي حاتم و غيره عن الباقرعليه‌السلام .

٤٠٠